العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > التفسير اللغوي > جمهرة التفسير اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 شعبان 1431هـ/18-07-2010م, 03:15 PM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي التفسير اللغوي لسورة المؤمنون

التفسير اللغوي لسورة المؤمنون

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13 محرم 1432هـ/19-12-2010م, 08:55 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 1 إلى 35]

{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11) وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (15) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ (16) وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ (17) وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ (18) فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (19) وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآَكِلِينَ (20) وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (21) وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (22) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (23) فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آَبَائِنَا الْأَوَّلِينَ (24) إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ (25) قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (26) فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (27) فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (28) وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (29) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ (30) ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آَخَرِينَ (31) فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (32) وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآَخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33) وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (34) أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (35)}

تفسير قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {قد أفلح المؤمنون} [المؤمنون: 1] قد سعد المؤمنون، والسّعداء أهل الجنّة.
سعيدٌ عن قتادة قال: ذكر لنا أنّ كعبًا قال: لم يخلق اللّه بيده إلا ثلاثةً، خلق آدم بيده، وكتب التّوراة بيده، وغرس الجنّة بيده ثمّ قال لها: تكلّمي، فقالت: {قد أفلح المؤمنون} [المؤمنون: 1] المعلّى بن هلالٍ ذكره بإسنادٍ قال: إنّ اللّه خلق الجنّة بيده، فجعل لبنة ذهبٍ، ولبنة فضّةٍ، وملاطها المسك، ثمّ جعل فيها ما جعل ثمّ نظر فيها فقال: {قد أفلح المؤمنون} [المؤمنون: 1]، ثمّ أغلق بابها فليس يعلم ما فيها ملكٌ مقرّبٌ ولا نبيٌّ مرسلٌ.
قال: فالّذي يوجد من برد السّحر وطيبه فهو ما يخرج من خلل الباب). [تفسير القرآن العظيم: 1/392]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(قوله تعالى: {قد أفلح المؤمنون}

أي قد نالوا البقاء الدائم في الخير، ومن قرأ قد أفلح المؤمنون.
كان معناه: قد أصيروا إلى الفلاح.
ويروى عن كعب الحبر: أن الله عزّ وجلّ لم يخلق بيده إلا ثلاثة أشياء، خلق آدم - صلى الله عليه وسلم - بيده وخلق جنّة عدن بيده، وكتب التوراة بيده،
فقال لجنّة عدن تكلمي فقالت {قد أفلح المؤمنون} لما رأت فيها من الكرامة لأهلها،
و{المؤمنون} المصدّقون بما أتى من عند اللّه، وبأنه واحد لا شريك له.
وأن محمدا - صلى الله عليه وسلم - نبيّه). [معاني القرآن: 4/6-5]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( من ذلك قول الله جل وعز: {قد أفلح المؤمنون} أي قد نالوا الفلاح وهو دوام البقاء في الجنة). [معاني القرآن: 4/441]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {قَدْ أَفْلَـحَ}: قد فـاز). [العمدة في غريب القرآن: 215]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {الّذين هم في صلاتهم خاشعون} [المؤمنون: 2] عثمان، عن عمرٍو، عن الحسن قال: الخشوع: الخوف الثّابت في القلب.
عثمان، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ قال: الخشوع: غضّ البصر وخفض الجناح.
وقال مجاهدٌ: كان أهل العلم يكرهون إذا قام الرّجل في صلاته أن يعبث بشيءٍ من هكذا يديه، أو يلتفت، أو يهتمّ بشيءٍ من أمر الدّنيا.
[تفسير القرآن العظيم: 1/392]
- المسعوديّ، عن قتادة، عن أبي مجلزٍ، عن أبي عبيدة أنّ عبد اللّه بن مسعودٍ كان إذا قام في الصّلاة خفض فيها بصره، ويديه وصوته.
خداشٌ، عن هشام بن حسّان، عن محمّد بن سيرين قال: كانوا يلتفتون في صلاتهم حتّى نزلت هذه الآية، فغضّوا أبصارهم.
فكأنّ أحدهم ينظر إلى موضع سجوده.
وقال الحسن: {الّذين هم في صلاتهم خاشعون} [المؤمنون: 2] أي خائفون). [تفسير القرآن العظيم: 1/393]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {في صلاتهم خاشعون} أي لا تطمح أبصارهم ولا يلتفتون مكبون). [مجاز القرآن: 2/55]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( وقوله عزّ وجلّ: {الّذين هم في صلاتهم خاشعون}
أصل الخشوع في اللغة الخضوع والتواضع، ودليل ذلك قوله: {وخشعت الأصوات للرّحمن فلا تسمع إلّا همسا}.
وقال الحسن وقتادة: خاشعون خائفون.
وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا وقف في صلاته رفع بصره نحو السماء، فلما نزلت (الّذين هم في صلاتهم خاشعون) جعل نظره موضع سجوده). [معاني القرآن: 4/6]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {الذين هم في صلاتهم خاشعون}
قال إبراهيم وقتادة الخشوع في القلب قال إبراهيم وهو السكون
وقال قتادة وهو الخوف وغض البصر في الصلاة
قال مجاهد هو السكون
والخشوع عند بعض أهل اللغة في القلب والبصر كأنه تفريغ القلب للصلاة والتواضع باللسان والفعل
قال أبو جعفر وقول مجاهد وإبراهيم في هذا حسن وإذا سكن الإنسان تذلل ولم يطمح ببصره ولم يحرك يديه فأما وضع البصر موضع السجود فتحديد شديد
وقد روى عن علي عليه السلام الخشوع أن لا يلتفت في الصلاة
وحقيقته المنكسر قلبه إجلالا لله ورهبة منه ليؤدي ما يجب عليه). [معاني القرآن: 4/442-441]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {والّذين هم عن اللّغو معرضون} [المؤمنون: 3] واللّغو: الباطل.
وهو تفسير السّدّيّ.
ويقال: الكذب.
وهو واحدٌ، وهو الشّرك). [تفسير القرآن العظيم: 1/393]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {اللّغو}: باطل الكلام والمزاح). [تفسير غريب القرآن: 296]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {والّذين هم عن اللّغو معرضون}
اللغو كل لعب وهزل، وكلّ معصية فمطّرحة ملغاة، وهم الذين قد شغلهم الجد فيما أمرهم اللّه به عن اللغو). [معاني القرآن: 4/6]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {والذين هم عن اللغو معرضون}
قال الحسن عن المعاصي
قال أبو جعفر واللغو عند أهل اللغة ما يجب أن يلغى
أي يطرح ويترك من اللعب والهزل والمعاصي
أي شغلهم الجد عن هذا). [معاني القرآن: 4/443-442]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {اللَّغْوِ}: باطل الكلام). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 163]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {اللَّغْوِ}: الباطـل). [العمدة في غريب القرآن: 215]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {والّذين هم للزّكاة فاعلون} [المؤمنون: 4] يؤدّون الزّكاة المفروضة). [تفسير القرآن العظيم: 1/393]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {والّذين هم للزّكاة فاعلون}

معنى {فاعلون} مؤتون). [معاني القرآن: 4/6]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {والذين هم للزكاة فاعلون} أي مؤدون
ومدح الله جل وعز من أخرج من ماله الزكاة وإن لم يخرج منها غيرها). [معاني القرآن: 4/443]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {والّذين هم لفروجهم حافظون} [المؤمنون: 5] من الزّنا). [تفسير القرآن العظيم: 1/393]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
( {والّذين هم لفروجهم حافظون}

أي يحفظون فروجهم عن المعاصي). [معاني القرآن: 4/6]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {إلا على أزواجهم} [المؤمنون: 6] إن شاء تزوّج واحدةً، وإن شاء تزوّج اثنتين، وإن شاء ثلاثًا، وإن شاء أربعًا، لا يحلّ له ما فوق ذلك.
قوله: {أو ما ملكت أيمانهم} [المؤمنون: 6] يطأ بملك يمينه كم شاء.
قال: {فإنّهم غير ملومين} [المؤمنون: 6] في أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم، لا لوم عليهم في ذلك، أي لا إثم عليهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/393]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {والّذين هم لفروجهم حافظون...}

{إلاّ على أزواجهم...}
المعنى: إلاّ من أزواجهم اللاتي أحلّ الله من الأربع لا تجاوز.
وقوله: {أو ما ملكت أيمانهم} (ما) في موضع خفض. يقول: ليس عليهم في الإماء وقت، ينكحون ما شاءوا. فذلك قوله: حفظوا فروجهم إلاّ من هذين {فإنّهم غير ملومين} فيه. يقول: غير مذنبين). [معاني القرآن: 2/231]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {إلّا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنّهم غير ملومين}
موضع " ما " خفض ودخلت " على " ههنا لأن المعنى أنهم يلامون في إطلاق ما حظر عليهم، (إلّا على أزواجهم فإنهم لا يلامون على ما أحلّ لهم من تزوج أربع، ومن ملك اليمين، والمعنى أنهم يلامون على ما سوى أزواجهم وملك أيمانهم). [معاني القرآن: 4/6]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {والذين هم لفروجهم حافظون* إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين}
قال الفراء أي إلا من اللاتي أحل الله جل وعز لهم الأربع لا تجاوزه
{أو ما ملكت أيمانهم} في موضع خفض معطوفة على أزواجهم وما مصدر أي ينكحون ما شاءوا من الإماء حفظوا فروجهم إلا من هذين). [معاني القرآن: 4/444-443]

تفسير قوله تعالى: {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {فمن ابتغى وراء ذلك} [المؤمنون: 7] وراء أزواجه أو ما ملكت يمينه.
{فأولئك هم العادون} [المؤمنون: 7] الزّناة تعدّوا الحلال إلى الحرام.
وكان قتادة يقول: من تعدّى الحلال أصاب الحرام.
وقال السّدّيّ: {فأولئك هم العادون} [المؤمنون: 7] أي: فأولئك هم المعتدون، أي: الظّالمون أنفسهم بركوب المعصية). [تفسير القرآن العظيم: 1/393]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
( {فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون}
أي: فمن طلب ما بعد ذلك.
{فأولئك هم العادون} ومعنى {العادون} الجائرون الظالمون الذين قد تعدّوا في الظلم). [معاني القرآن: 4/7]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون}
أي: فمن طلب سوى أربع نسوة وما ملكت يمينه فأولئك هم العادون أي الجائرون إلى ما لا يحل الذين قد تعدوا). [معاني القرآن: 4/444]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {فمن ابتغى وراء ذلك} أي: فمن طلب سوى ذلك). [ياقوتة الصراط: 373]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {فأولئك هم العادون} أي: العاصون). [ياقوتة الصراط: 373]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {والّذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون} [المؤمنون: 8] يؤدّون الأمانة ويوفون بالعهد). [تفسير القرآن العظيم: 1/393]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
( {والّذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون}

ويقرأ لأمانتهم واحدا وجمعا.
{وعهدهم راعون}ىأي: يقومون على حفظ أمانتهم وعهدهم، يرعون ذلك، وأصل الرّعي في اللغة القيام على إصلاح ما يتولّاه الراعي من كل شيء تقول: الإمام يرعى رعيته،
والقيّم بالغنم يرعى غنمه، وفلان يرعى ما بينه وبين فلان، أي يقوم على إصلاح ما بينه وبينه). [معاني القرآن: 4/7]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون} أي :حافظون
يقال رعيت الشيء أي قمت بصلاحه ومنه فلان يرعى ما بينه وبين فلان). [معاني القرآن: 4/444]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {والّذين هم على صلواتهم يحافظون} [المؤمنون: 9] يحافظون على الصّلوات الخمس.
قال قتادة: على وضوئها، ومواقيتها، وركوعها، وسجودها.
- سعيدٌ وهمّامٌ، عن قتادة، عن حنظلة الكاتب أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: " من حافظ على الصّلوات الخمس، على وضوئهنّ ومواقيتهنّ وركوعهنّ وسجودهنّ، وعلم أنّه حقٌّ للّه عليه دخل الجنّة، أو قال: وجبت له الجنّة ".
[تفسير القرآن العظيم: 1/393]
وقال سعيدٌ: حرّم على النّار). [تفسير القرآن العظيم: 1/394]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
( {والّذين هم على صلواتهم يحافظون}

{والّذين هم على صلاتهم}وصلواتهم يقرأ أن جميعا.
{يحافظون} معناه يصلونها لوقتها، والمحافظة على الصلوات أن تصلّى في أوقاتها.
فأمّا الترك فداخل في باب الخروج عن الدّين.
والذين وصفوا بالمحافظة هم الذين يرعون أوقاتها). [معاني القرآن: 4/7]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {والذين هم على صلواتهم يحافظون}
قال مسروق أي يصلونها لوقتها
وليس من جهة الترك لأن الترك كفر). [معاني القرآن: 4/445-444]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {أولئك هم الوارثون} [المؤمنون: 10] ليس من واحدٍ إلا قد أعدّ اللّه له منزلًا وأهلًا في الجنّة، فإن أطاع اللّه صار إلى ما أعدّ له، وإن عصى اللّه صرف اللّه ذلك المنزل عنه فأعطاه المؤمن، ما أعدّ اللّه للمؤمنين، فورّث المؤمنين تلك المنازل والأزواج.
فهو قوله: {أولئك هم الوارثون} [المؤمنون: 10] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/394]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
( {أولئك هم الوارثون}

أي من وصف بما جرى من الإيمان والعمل بما يلزم المؤمن أولئك هم الوارثون). [معاني القرآن: 4/7]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {أولئك هم الوارثون}
يقال إنما الوارث من ورث ما كان لغيره فكيف يقال لمن دخل الجنة وارث
ففي هذا أجوبة يستغنى عن ذكرها بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم
روى الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {أولئك هم الوارثون} قال ليس من أحد إلا له منزلان منزل في الجنة ومنزل في النار،
فإن هو أدخل النار ورث أهل الجنة منزله فذلك قوله تعالى: {أولئك هم الوارثون} ). [معاني القرآن: 4/445]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {الّذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون} [المؤمنون: 11] والفردوس اسمٌ من أسماء الجنّة في تفسير الحسن.
قال يحيى: وبلغني أنّها بالرّوميّة.
سعيدٌ، عن قتادة، عن أنس بن مالكٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: هي ربوة الجنّة، وأوسطها، وأفضلها.
- إبراهيم بن محمّدٍ، عن صالحٍ مولى التّوأمة، عن أبي هريرة قال: الفردوس: جبلٌ في الجنّة تفجّر منه أنهار الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 1/394]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {الفردوس...}

قال الكلبيّ: هو البستان بلغة الروم. ... وهو عربي أيضاً. العرب تسمي البستان الفردوس). [معاني القرآن: 2/231]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أولئك هم الوارثون * الّذين يرثون الفردوس} قال مجاهد: هو البستان المخصوص بالحسن، بلسان الرّوم).
[تفسير غريب القرآن: 296]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( ثم قال: {هم فيها خالدون} فأنث. ذهب إلى الجنة). [تفسير غريب القرآن: 296]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {الّذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون } [معاني القرآن: 4/7]
روي أن اللّه - جل ثناؤه - جعل لكل امرئ بيتا في الجنّة وبيتا في النّار فمن عمل عمل أهل النّار ورث بيته من الجنّة من عمل عمل أهل الجنّة، ومن عمل عمل أهل الجنّة ورث بيته من النار من عمل عمل أهل النّار، والفردوس: أصله رومي أعرب وهو البستان، كذلك جاء في التفسير.
وقد قيل إنّ الفردوس يعرفه العرب، وسمّى الموضع الذي فيه كرم فردوسا.
قال أبو إسحاق: روينا عن أحمد بن حنبل رحمه الله في كتابه " كتاب التفسير "، وهو ما أجازه لي عبد الله ابنه عنه أن اللّه عزّ وجلّ، بنى جنّة الفردوس لبنة من ذهب ولبنة من فضة، وجعل جبالها المسك الأذفر.
وروينا عن غيره أن اللّه - جلّ ثناؤه - كنس جنّة الفردوس بيده، وبناها لبنة من ذهب مصفّى ولبنة من مسك مذرّى، وغرس فيها من جيّد الفاكهة وجيّد الريحان). [معاني القرآن: 4/8]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {الذين يرثون الفردوس هو فيها خالدون}
في حديث سعيد عن قتادة عن أنس مرفوعا والفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها
ثم قال هم فيها خالدون فأنث على معنى الجنة). [معاني القرآن: 4/446]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولقد خلقنا الإنسان من سلالةٍ من طينٍ} [المؤمنون: 12] قال: والسّلالة النّطفة تنسلّ من الرّجل، وكان بدء ذلك من طينٍ.
خلق اللّه آدم من طينٍ، ثمّ جعل نسله بعد من سلالةٍ من ماءٍ مهينٍ، ضعيفٍ يعني النّطفة). [تفسير القرآن العظيم: 1/394]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {من سلالةٍ...}

والسّلالة التي تسلّ من كلّ تربة). [معاني القرآن: 2/231]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" ولقد خلقنا الإنسان من سلالةٍ من طينٍ " مجازها الولد والنطفة قالت بنت النعمان بن بشير الأنصارية:


وهل كنت إلاّ مهرةً عربيّة=سلالة أفراسٍ تجلّلها بغل
فإن نتجت مهراً كريماً فبالحرى=وإن يك إقرافٌ فمن قبل الفحل
تقول لزوجها روح بن زنباع الجذامي.
ويقال: سليلة وقال:
يقذفن في اسلائها بالسلايل
وقال حسان:
فجاءت به عضب الأديم غضنفراً=سلالة فرج كان غير حصين
ويقال لبن غضنفر أي خائر غليظ والأسد سمي غضنفر لكثافته وعظم هامته وأذنيه، والغضنفر الغليظ من اللبن ومن كل شيء). [مجاز القرآن: 2/56-55]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {من سلالة من ماء مهين}: (السلالة) صفوة الماء (الماء المهين) النطفة). [غريب القرآن وتفسيره: 264]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {من سلالةٍ} قال قتادة: استلّ آدم من طين، وخلقت ذريته من ماء مهين.
ويقال للولد: سلالة أبيه، وللنّطفة: سلالة، وللخمر: سلالة.
ويقال: إنما جعل آدم من سلالة، لأنه سلّ من كل تربة). [تفسير غريب القرآن: 296]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله تعالى: {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين}
سلالة: فعالة. فخلق اللّه آدم - عليه السلام - من طين). [معاني القرآن: 4/8]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين}
قال قتادة استل آدم صلى الله عليه وسلم من طين وقال غيره إنما قيل لآدم سلالة لأنه سل من كل تربة
ويقال للولد سلالة أبيه
وهو فعالة من أنسل وفعالة تأتي للقليل من الشيء نحو القلامة والنخالة
وقد قيل إن السلالة إنما هي نطفة آدم صلى الله عليه وسلم كذا قال مجاهد
وهو أصح ما قيل فيه ولقد خلقنا ابن آدم من سلالة آدم وآدم هو الطين لأنه خلق منه). [معاني القرآن: 4/447-446]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {سُلَالَةٍ}: أي استل آدم من الطين، وخلقت ذريته من ماءِ مهين. يقال للولد (سلالة أبيه) ). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 163]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {سُلاَلَـةٍ}: صفو الماء). [العمدة في غريب القرآن: 215]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ثمّ جعلناه نطفةً في قرارٍ مكينٍ} [المؤمنون: 13] الرّحم). [تفسير القرآن العظيم: 1/394]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله عزّ وجلّ: {ثمّ جعلناه نطفة في قرار مكين}

على هذا القول يعني ولد آدم.
وقيل من سلالة من طين، من منيّ آدم - صلى الله عليه وسلم - وسلالة: القليل فيما ينسل. وكل مبنى على فعالة، يراد به القليل.
فمن ذلك الفضالة والنّخالة والقلامة. فعلى هذا قياسه). [معاني القرآن: 4/8]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ويدل على ذلك قوله عز وجل: {ثم جعلناه نطفة في قرار مكين}
ولم يصر في قرار مكين إلا بعد خلقه في صلب الفحل
وقوله تعالى: {ثم جعلناه نطفة في قرار مكين} يراد ولده ثم خلقنا النطفة علقة وهي واحدة العلق وهو الدم قبل أن ييبس
فخلقنا العلقة مضغة، المضغة القطعة الصغيرة من اللحم مقدار ما يمضغ كما يقال غرفة لمقدار ما يغرف وحسوة لمقدار ما يحسى). [معاني القرآن: 4/447]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (النُّطْفَةُ): الماء المهين). [العمدة في غريب القرآن: 215]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ثمّ خلقنا النّطفة علقةً فخلقنا العلقة مضغةً} [المؤمنون: 14] يكون في بطن أمّه نطفةً أربعين ليلةً، ثمّ علقةً أربعين ليلةً، ثمّ يكون مضغةً أربعين ليلةً.
قال: فخلقنا المضغة عظمًا يعني جماعة العظام في قراءة من قرأها: عظمًا.
وهي تقرأ: عظامًا يعني جماعة العظام عظمًا عظمًا.
{فكسونا العظام} [المؤمنون: 14] وبعضهم يقرأها العظم.
{لحمًا} [المؤمنون: 14] وهي مثل الأولى.
قال: {ثمّ أنشأناه خلقًا آخر} [المؤمنون: 14] أبو سهلٍ، عن أبي هلالٍ الرّاسبيّ، عن قتادة قال: أنبت عليه الشّعر.
[تفسير القرآن العظيم: 1/394]
سعيدٌ عن قتادة: قال أنبت به الشّعر.
قال قتادة: وقال الحسن: الرّوح.
وفي تفسير عمرٍو عن الحسن: ذكرًا وأنثى.
وقال الكلبيّ: الرّوح وهو في بطن أمّه.
وقال ابن مجاهدٍ عن أبيه: حين استوى به الشّباب.
قال: {فتبارك اللّه} [المؤمنون: 14] وهو من باب البركة كقوله: {فتعالى اللّه} [المؤمنون: 116] قوله: {أحسن الخالقين} [المؤمنون: 14] إنّ العباد قد يخلقون، يشبّهون بخلق اللّه، ولا يستطيعون أن ينفخوا فيه الرّوح.
- الرّبيع بن صبيحٍ، عن الحسن قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " المصوّرون يعذّبون يوم القيامة ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم ".
- أبو أميّة بن يعلى الثّقفيّ، عن سعيدٍ المقبريّ، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " قال اللّه: من أظلم ممّن يخلق كخلقي، فليخلقوا ذبّانًا أو ذرّةً، أو بعوضةً ".
- حمّادٌ، عن عبد الرّحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «إنّ أشدّ النّاس عذابًا يوم القيامة الّذين يضاهون بخلق اللّه».
- حمّادٌ، عن عليّ بن زيدٍ، عن أنس بن مالكٍ أنّ عمر بن الخطّاب قال: " وافقني ربّي، أو وافقت ربّي في أربعٍ، قال لمّا نزلت: {ولقد خلقنا الإنسان من سلالةٍ من طينٍ} [المؤمنون: 12] إلى آخر الآية قلت: تبارك اللّه أحسن الخالقين.
فقال رسول اللّه: يا عمر لقد ختمها اللّه بما قلت.
وقلت: يا رسول اللّه، لو اتّخذنا من مقام إبراهيم مصلًّى.
فأنزل اللّه: {واتّخذوا من مقام إبراهيم مصلًّى} [البقرة: 125] قلت: يا رسول اللّه، لو حجبت النّساء فإنّه يدخل عليهنّ الصّالح وغيره، فأنزل اللّه آية الحجاب.
وكان بين
[تفسير القرآن العظيم: 1/395]
نبيّ اللّه وبين نسائه شيءٌ فقلت: لتنتهنّ أو ليبدّلنّه اللّه أزواجًا خيرًا منكنّ، فأنزل اللّه: {عسى ربّه إن طلّقكنّ أن يبدله أزواجًا خيرًا منكنّ} [التحريم: 5). [تفسير القرآن العظيم: 1/396]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فكسونا العظام لحماً...}

و (العظم) وهي في قراءة عبد الله {ثم جعلنا النطفة عظماً وعصباً فكسوناه لحماً} فهذه حجّة لمن قال: عظماً وقد قرأها بعضهم (عظما).
وقوله: {ثمّ أنشأناه خلقاً آخر} يذهب إلى الإنسان وإن شئت: إلى العظم والنطفة والعصب، تجعله كالشيء الواحد). [معاني القرآن: 2/232]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ثمّ خلقنا النّطفة علقةً فخلقنا العلقة مضغةً فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثمّ أنشأناه خلقاً آخر فتبارك اللّه أحسن الخالقين}
وقال: {أحسن الخالقين} لأن الخالقين هم الصانعون.
وقال الشاعر:
* وأراك تفري ما خلقت وبعض القوم يخلق ثم لا يفري *). [معاني القرآن: 3/12]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {علقةً} واحدة العلق، وهو الدم.
و(المضغة) اللّحمة الصغيرة. سميت بذلك لأنها بقدر ما يمضغ، كما قيل غرفة، بقدر ما يغرف.
{ثمّ أنشأناه خلقاً آخر} أي خلقناه بنفخ الروح فيه خلقا آخر). [تفسير غريب القرآن: 296]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ثمّ خلقنا النّطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثمّ أنشأناه خلقا آخر فتبارك اللّه أحسن الخالقين}
{فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما} وتقرأ على أربعة أوجه:
أحدها ما ذكرنا. وتقرأ: (فخلقنا المضغة عظما فكسونا العظم لحما)
ويقرأ: (فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظم لحما)
ويقرأ: (فخلقنا المضغة عظما فكسونا العظام لحما).
والتوحيد والجمع ههنا جائزان، لأنه يعلم أن الإنسان ذو عظام، فإذا ذكر على التوحيد فلأنه يدلّ على الجمع، ولأنّه معه اللحم، ولفظه لفظ الواحد، فقد علم أن العظم يراد به العظام.
وقد يجوز من التوحيد إذا كان في الكلام دليل على الجمع ما هو أشدّ من هذا قال الشاعر:
في حلقكم عظم وقد شجينا
يريد في حلوقكم عظام.
وقوله عزّ وجلّ: {ثمّ أنشأناه خلقا آخر}.
فيه ثلاثة أقوال:
قيل جعل ذكرا أو أنثى، وقيل نفخ فيه الروح، وقيل أنبت عليه الشعر.
ويروى أن عمر كان عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين نزلت هذه الآية، فقال عمر: فتبارك الله أحسن الخالقين، فقال - صلى الله عليه وسلم - لعمر إن الله قد ختم بها الآية). [معاني القرآن: 4/9-8]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {فخلقنا المضغة عظاما}
ويقرأ عظما وهو واحد يدل على جمع لأنه قد علم أن للإنسان عظاما فكسونا العظام لحما ويجوز العظم على ذلك
وقوله جل وعز: {ثم أنشأناه خلقا آخر} روى عطاء عن ابن عباس والربيع بن أنس، عن أبي العالية وسعيد عن قتادة، عن الحسن وعلي بن الحكم،
عن الضحاك في قوله: {ثم أنشأناه خلقا آخر} قالوا نفخ فيه الروح
وروى هشيم عن منصور عن الحسن {ثم أنشأناه خلقا آخر} قال ذكرا وأنثى
وروي عن الضحاك قال الأسنان وخروج الشعر
قال أبو جعفر وأولى ما قيل فيه أنه نفخ الروح فيه لأنه يتحول عن تلك المعاني إلى أن يصير إنسانا
والهاء في أنشأناه تعود على الإنسان أو على ذكر العظام والمضغة والنطفة أي أنشأنا ذلك وقوله: {ثم إنكم بعد ذلك لميتون}
ونقول في هذا المعنى لمائتون). [معاني القرآن: 4/449-448]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (15)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ثمّ إنّكم بعد ذلك} [المؤمنون: 15] بعدما ينفخ فيه الرّوح.
{لميّتون} [المؤمنون: 15] إذا جاء أجله). [تفسير القرآن العظيم: 1/396]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {بعد ذلك لميّتون...}

تقرأ (لميتون) و(لمائتون) وميّتون أكثر، والعرب تقول لمن لم يمت: إنك ميّت عن قليلٍ ومائت. ولا يقولون للميت الذي قد مات، هذا مائت؛ إنما يقال في الاستقبال،
ولا يجاوز به الاستقبال. وكذلك يقال: هذا سيّد قومه اليوم، فإذا أخبرت أنه يكون سيّدهم عن قليل قلت: هذا سائد قومه عن قليلٍ وسيّد. وكذلك الطمع،
تقول: هو طامع فيما قبلك غداً. فإذا وصفته بالطمع قلت: هوطمع. وكذلك الشريف، تقول: إنه لشريف قومه، وهو شارف عن قليل.
وهذا الباب كلّه في العربية على ما وصفت لك). [معاني القرآن: 2/232]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ثمّ إنّكم بعد ذلك لميّتون}
ويجوز لمائتون، ويجوز لميتون.
وأجودها (لميّتون)، وعليها القراءة.
وجاءت مائتون لأنها لما يستقبل). [معاني القرآن: 4/9]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ (16)}

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ (17)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق} [المؤمنون: 17] تفسير مجاهدٍ سبع سمواتٍ، طبقةً طبقةً بعضها فوق بعضٍ كقوله: {ألم تروا كيف خلق اللّه سبع سمواتٍ طباقًا} [نوح: 15] طبقةً، بعضها فوق بعضٍ.
قوله: {وما كنّا عن الخلق غافلين} [المؤمنون: 17] أن ننزّل عليهم ما يحييهم وما يصلحهم من هذا المطر). [تفسير القرآن العظيم: 1/396]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق...}

يعني السموات كلّ سماء طريقة {وما كنّا عن الخلق غافلين} عمّا خلقنا (غافلين) يقول: كنا له حافظين). [معاني القرآن: 2/232]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {سبع طرائق} مجازها أن كل شيء فوق شيء فهو طريقة من كل شيء والمعنى هنا السموات لأن بعضهن فوق بعض).
[مجاز القرآن: 2/56]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {سبع طرائق} سبع سموات كل سماء طريقة. ويقال: هي الأفلاك كلّ واحد طريقة. وإنما سميت طرائق بالتّطارق،
لأن بعضها فوق بعض. يقال: طارقت الشيء، إذا جعلت بعضه فوق بعض. يقال: ريش طرائق). [تفسير غريب القرآن: 296]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق وما كنّا عن الخلق غافلين}
يعنى به سبع سموات، فكل واحدة طريقة.
{وما كنّا عن الخلق غافلين}، أي لم نكن لنغفل عن حفظهنّ، كما قال: {وجعلنا السّماء سقفا محفوظا}.
وجائز أن يكون {وما كنّا عن الخلق غافلين} أي : إنا لحفظنا إيّاهم خلقنا هذا الخلق). [معاني القرآن: 4/9]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق}
قال أبو عبيدة أي سبع سموات وحكى غيره أنه يقال طارقت الشيء أي جعلت بعضه فوق بعض فقيل للسموات طرائق لأن بعضها فوق بعض). [معاني القرآن: 4/450-449]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ (18)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وأنزلنا من السّماء ماءً بقدرٍ} [المؤمنون: 18] عاصم بن حكيمٍ، عن سليمان التّيميّ، عن الحسن بن مسلمٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: ما عامٌ بأكثر من عامٍ مطرًا.
أو قال: ما من عامٍ، ولكنّ اللّه يصرّفه حيث شاء.
وقرأ هذه الآية: {ولقد صرّفناه بينهم} [الفرقان: 50]
- الخليل بن مرّة عن عمرٍو أنّ عليًّا قال: إنّ هذا الرّزق يتنزّل من السّماء كقطر المطر إلى كلّ نفسٍ بما كتب اللّه لها.
- عمّارٌ، عن المسعوديّ أنّ عبد اللّه بن مسعودٍ قال: كلّ النّخل ينبت في مستنقع الماء الأوّل إلا العجوة فإنّها من الجنّة.
قال: {فأسكنّاه في الأرض} [المؤمنون: 18] قال الكلبيّ: يعني الأنهار، والعيون، والرّكيّ، يعني الآبار.
{وإنّا على ذهابٍ به} [المؤمنون: 18] على أن نذهب بذلك الماء.
{لقادرون} [المؤمنون: 18] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/396]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
( {وأنزلنا من السّماء ماء بقدر فأسكنّاه في الأرض وإنّا على ذهاب به لقادرون}

ويروى أن أربعة أنهار من الجنة، دجلة والفرات وسيحان وجيحان.
ومعنى {فأسكنّاه في الأرض} جعلناه ثابتا فيها لا يزول). [معاني القرآن: 4/10]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض}
معنى فأسكناه في الأرض جعلناه فيها ثابتا
كما روي أربعة أنهار من الجنة في الدنيا الفرات ودجلة وسيحان وجيحان
قرئ على أبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن يونس، عن جامع بن سوادة قال: حدثنا سعيد بن سابق، قال: حدثنا مسلمة بن علي، عن مقاتل بن حيان، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أنزل الله جل وعز من الجنة خمسة أنهار سيحون وهو نهر الهند، وجيحون وهو نهر بلخ، ودجلة والفرات وهما نهرا الفرات، والنيل وهو نهر مصر، أنزلهما الله جل وعز من غير واحدة من عيون الجنة في أسفل درجة من درجاتها على جناحي جبريل صلى الله عليه وسلم فاستودعها الجبال وأجراها في الأرض وجعل فيها منافع للناس من أصناف معايشهم وذلك قوله جل وعز: {وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض} فإذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج أرسل الله جل وعز جبريل عليه السلام فرفع من الأرض القرآن والعلم وهذه الأنهار الخمسة فيرفع ذلك إلى السماء وذلك قوله تعالى: {وإنا على ذهاب به لقادرون} فإذا رفعت هذه الأشياء من الأرض إلى السماء فقد أهلها خير الدين والدنيا والآخرة). [معاني القرآن: 4/451-450]

تفسير قوله تعالى: {فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (19)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {فأنشأنا لكم به} [المؤمنون: 19] خلقنا لكم به، أي أنبتنا لكم به، بذلك الماء.
[تفسير القرآن العظيم: 1/396]
{جنّاتٍ من نخيلٍ وأعنابٍ لكم فيها} [المؤمنون: 19] في تلك الجنّات.
{فواكه كثيرةٌ} [المؤمنون: 19] يعني أنواع الفاكهة.
{ومنها تأكلون} [المؤمنون: 19] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/397]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ومنها تأكلون} [المؤمنون: 19] يعني لحومها). [تفسير القرآن العظيم: 1/397]

تفسير قوله تعالى: {وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآَكِلِينَ (20)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وشجرةً تخرج من طور سيناء} [المؤمنون: 20] وهي الزّيتونة.
والطّور: الجبل وسيناء: الحسن، كقوله {وطور سينين} [التين: 2] الجبل الحسن في تفسير قتادة.
يعني جبل بيت المقدس.
وقال ابن مجاهدٍ عن أبيه، سيناء: المبارك، أي الجبل المبارك، طور سينين.
قوله: {تنبت بالدّهن} [المؤمنون: 20] وقال ابن مجاهدٍ عن أبيه: تثمر به.
{وصبغٍ للآكلين} [المؤمنون: 20]
- عثمان، عن زيد بن أسلم قال: قال رسول اللّه: «الزّيت شجرةٌ مباركةٌ فائتدموا به وادّهنوا»). [تفسير القرآن العظيم: 1/397]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وشجرةً تخرج من طور سيناء...}

وهي شجرة الزيتون {تنبت بالدّهن} وقرأ الحسن (تنبت بالدهن) وهما لغتان يقال نبتت وأنبتت؛ كقول زهير:
رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم =قطيناً لهم حتّي إذا أنبت البقل
(ونبت) وهو كقولك: مطرت السماء وأمطرت. وقد قرأ أهل الحجاز. (فاسر بأهلك) موصولة من سريت. وقراءتنا {فأسر بأهلك} (من أسريت)
وقال الله {سبّحان الذي أسرى بعبده ليلاً} (وهو أجود) وفي قراءة عبد الله (تخرج الدهن).
وقوله: {وصبغٍ لّلآكلين} يقول: (الآكلون يصطبغون بالزيت. ولو كان (وصبغا) على (وصبغاً أنبتناه) فيكون). بمنزلة قوله: {إنّا زيّنّا السماء الدنيا بزينةٍ الكواكب وحفظاً}.
وذلك أن الصّبغ هو الزيت بعينه. ولو كان خلافه لكان خفضاً لا يجوز غيره. فمن ذلك أن تقول: مررت بعبد الله ورجلا ما شئت من رجل، إذا جعلت الرجل من صفة عبد الله نصبته. وإن كان خلافه خفضته لأنك تريد: مررت بعبد الله وآخر.
وقرأ أهل الحجاز (سيناء) بكسر السّين والمدّ، وقرأ عاصم وغيره (سيناء) ممدودةً مفتوحة السّين. والشجرة منصوبة بالردّ على الجنات، ولوكانت مرفوعة إذ لم يصحبها الفعل كان صواباً. كمن قرأ {وحورٌ عينٌ} أنشدني بعضهم:
ومن يأت ممشانا يصادف غنيمة =سواراً وخلخالاً وبردٌ مفوّف
كأنة قال: ومع ذلك برد مفوّف. وأنشدني آخر:
هزئت حميدة أن رأت بي رتّة =وفماً به قصم وجلدٌ أسود
كأنه قال: ومع ذلك جلد أسود). [معاني القرآن: 2/234-232]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {تنبت بالدّهن} مجازه تنبت الدهن والباء من حروف الزوائد وفي آية آخرى: {ومن يرد فيه بإلحادٍ} مجازه يريد فيه إلحاداً،
قال الراجز:
نحن بنو جعدة أصحاب الفلج=نضرب بالبيض ونرجو بالفرج
أي نرجو الفرج). [مجاز القرآن: 2/57-56]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {طور سيناء} الطور الجبل قال العجاج:
داني جناحيه من الطّور فمرّ
و " سيناء " اسم). [مجاز القرآن: 2/57]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وشجرةً تخرج من طور سيناء تنبت بالدّهن وصبغٍ لّلآكلين}
وقال: {وشجرةً تخرج} على "فأنشأنا جنّاتٍ" {وشجرةً} ). [معاني القرآن: 3/12]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {طور سيناء}: الطور الجبل، وسيناء اسم وسيناء أيضا). [غريب القرآن وتفسيره: 264]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وصبغٍ للآكلين} مثل الصّباغ. كما يقال: دبغ ودباغ لبس ولباس). [تفسير غريب القرآن: 296]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( والباء تزاد في الكلام، والمعنى إلقاؤها.
كقوله سبحانه: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ} ). [تأويل مشكل القرآن: 248] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدّهن وصبغ للآكلين}
(شجرة) منصوب، عطف على قوله: {فأنشأنا لكم به جنّات} أي، وأنشأنا لكم به شجرة.
ويقرأ (من طور سيناء) بفتح السين، وبكسر السين، والطور الجبل، وقيل إن سيناء حجارة، وهو - واللّه أعلم - اسم لمكان.
فمن قال سيناء، فهو على وصف صحراء، لا ينصرف، ومن قال سيناء - بكسر السين - فليس في الكلام على وزن فعلاء على أن الألف للتأنيث، لأنه ليس في الكلام ما فيه ألف التأنيث على وزن فعلاء، وفي الكلام نحو علباء منصرف.
إلا أن سيناء ههنا اسم للبقعة فلا ينصرف.
قوله: {تنبت بالذهن}
يقال نبت الشجر وأنبت في معنى واحد، قال زهير:
رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم قطينا لهم حتى إذا أنبت البقل
ومعنى {تنبت بالدّهن} أي: تنبت وفيها دهن ومعها دهن كما تقول: جاءني زيد. بالسيف، تريد جاءني ومعه السيف.
وقوله تعالى: {وصبغ للآكلين} يعنى: بها الزيتون). [معاني القرآن: 4/11-10]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وشجرة تخرج من طور سيناء}
المعنى وأنشأنا شجرة
قال أبو عبيدة الطور الجبل وسيناء اسم
وقال الضحاك سيناء الحسن
قال أبو جعفر والمعروف أن سينا اسم الموضع
ثم قال جل وعز: {تنبت بالدهن}
ويقرأ تنبت بالدهن
وفيه ثلاثة أقوال
أحدها أن الباء زائدة وهذا مذهب أبي عبيدة كما قال الشاعر:
هن الحرائر لا ربات أحمرة = سوء المحاجر لا يقرأن بالسور
وقيل الباء متعلقة بالمصدر الذي دل عليه الفعل فقيل نبت وأنبت بمعنى كما قال الشاعر:
أيت ذوي الحاجات حول بيوتهم = قطينا لهم حتى إذا أنبت البقل
وهذا القول مذهب الفراء وأبي إسحاق ومعنى تنبت بالدهن وتنبت بالدهن عندهما واحد
والمعنى تنبت ومعها الدهن كما تقول جاء فلان بالسيف أي ومعه السيف
ثم قال جل وعز: {وصبغ للآكلين}
وصبغ وصباغ بمعنى واحد
قال قتادة يعني الزيتون). [معاني القرآن: 4/453-451]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {طُورِ سِينَـاءَ}: جبل، موضع). [العمدة في غريب القرآن: 216]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (21)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإنّ لكم في الأنعام لعبرةً} [المؤمنون: 21] الآية.
{نسقيكم ممّا في بطونها} [المؤمنون: 21] يعني اللّبن.
{ولكم فيها منافع كثيرةٌ} [المؤمنون: 21] في ألبانها، وظهورها، وكلّ ما ينتفع به منها). [تفسير القرآن العظيم: 1/397]

تفسير قوله تعالى: {وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (22)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وعليها} [المؤمنون: 22] أي وعلى الإبل.
{وعلى الفلك} [المؤمنون: 22] السّفن.
{تحملون} [المؤمنون: 22] وقد يقال إنّها سفن البرّ.
وقد قال في آيةٍ أخرى: {وآيةٌ لهم أنّا حملنا ذرّيّتهم في الفلك المشحون {41}
[تفسير القرآن العظيم: 1/397]
وخلقنا لهم من مثله ما يركبون {42}} [يس: 41-42].
وقال في آيةٍ أخرى: {وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون} [الزخرف: 12] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/398]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (23)}

تفسير قوله تعالى: {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آَبَائِنَا الْأَوَّلِينَ (24)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا اللّه ما لكم من إلهٍ غيره أفلا تتّقون {23} فقال الملأ الّذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشرٌ مثلكم} [المؤمنون: 23-24] يقوله بعضهم لبعضٍ.
{يريد أن يتفضّل عليكم} [المؤمنون: 24] بالرّسالة وما له عليكم من فضلٍ.
{ولو شاء اللّه لأنزل ملائكةً} [المؤمنون: 24] ولو أنزل ملائكةً لآمنّا.
{ما سمعنا بهذا في آبائنا الأوّلين} [المؤمنون: 24] أنّ رجلًا ادّعى النّبوّة). [تفسير القرآن العظيم: 1/398]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ (25)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {إن هو إلا رجلٌ به جنّةٌ} [المؤمنون: 25] جنونٌ.
{فتربّصوا به حتّى حينٍ} [المؤمنون: 25] قال بعضهم: حتّى يموت، وقال بعضهم: حتّى يستبين جنونه). [تفسير القرآن العظيم: 1/398]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {جنّةٌ...}

هو الجنون. وقد يقال للجن الجنّة، فيتّفق الاسم والمصدر.
وقوله: {فتربّصوا به حتّى حينٍ} لم يرد بالحين حين موقّت. وهو في المعني كقولك. دعه إلى يوم ولم ترد: إلى يوم معلوم واحدٍ من ذي قبل: ولا إلى مقدار يوم معلوم.
إنما هو كقولك إلى يوم مّا). [معاني القرآن: 2/234]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( (الجنة): والجنون واحد). [غريب القرآن وتفسيره: 265]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله: {إن هو إلّا رجل به جنّة فتربّصوا به حتّى حين}
{جنّة} في معنى جنون، والجنّة اسم للجن). [معاني القرآن: 4/11]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إن هو إلا رجل به جنة}جنة أي جنون
فتربصوا به حتى حين قال الفراء ليس يراد بالحين وقت بعينه إنما هو كما تقول دعه إلى يوم ما). [معاني القرآن: 4/454]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (26)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قال} [المؤمنون: 26] نوحٌ: {ربّ انصرني بما كذّبون} [المؤمنون: 26] وقال في آيةٍ أخرى: {مغلوبٌ فانتصر} [القمر: 10] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/398]

تفسير قوله تعالى: {فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (27)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا وفار التّنّور فاسلك فيها من كلٍّ زوجين اثنين} [المؤمنون: 27] وقد فسّرنا ذلك كلّه في سورة هودٍ.
قوله: {فاسلك فيها} [المؤمنون: 27] أي: فاحمل فيها.
{من كلٍّ زوجين اثنين} [المؤمنون: 27] من كلّ صنفين اثنين.
يزيد بن إبراهيم والحسن بن دينارٍ، عن محمّد بن سيرين قال: نبّئت أنّ بعض أمراء المؤمنين سأل صاحبًا لكعبٍ: هل سمعت كعبًا يقول في الطّلاء شيئًا؟
[تفسير القرآن العظيم: 1/398]
قال: نعم سمعته يقول: لمّا هبط نوحٌ من السّفينة أعطي مثالًا، فجعل ينظر فيه وجعل يأمرهم أن يخرجوا، فأخرجوا حتّى بقي حبلتان من عنبٍ.
فجاء الرّسول فقال: لا أجدهما.
فأمره، فرجع فقال: لا أجدهما، ثمّ أمره فرجع فقال: لا أجدهما: فقام قائمًا واستقبله ملكٌ أو جبريل فقال له: ارجع فقد ذهب بهما الشّيطان، وقد ذهب من يجيء بهما.
فجيء بالحبلتين وبالشّيطان فقال لنوحٍ: إنّه شريكك فأحسن شركه.
فقال: لي الثّلثان وله الثّلث.
فقيل: إنّه شريكك فأحسن شركه.
قال: لي النّصف وله النّصف.
فقيل: إنّه شريكك فأحسن شركه فقال: لي الثّلث وله الثّلثان فقيل: أحسنت وأنت محسانٌ، تأكله عنبًا، وتأكله زبيبًا، وتشربه عصيرًا وتطبخه حتّى يذهب ثلثاه ثمّ تشربه.
قوله: {وأهلك} [المؤمنون: 27] أي: واحمل فيها أهلك.
{إلا من سبق عليه القول منهم} [المؤمنون: 27] ابنه الّذي غرق.
والقول: الغضب.
{ولا تخاطبني} [المؤمنون: 27] أي: ولا تراجعني). [تفسير القرآن العظيم: 1/399]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {فاسلك فيها من كلّ زوجين اثنين} مجازها فاجعل واحمل وفي آية أخرى {ما سلككم في سقر}

قال عدي بن زيد:
وكنت لزاز خصمك لم أعرّد= وقد سلكوك في يوم عصيب
وبعضهم يقول اسلك بالألف قال:
حتى إذا أسلكوهم في قتائدة=شلأ كما تطرد الجمالة الشردا).
[مجاز القرآن: 2/57]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فاسلك فيها} أي أدخل فيها. يقال: سلكت الخيط في الإبرة وأسلكته). [تفسير غريب القرآن: 297]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَاسْلُكْ}: أي: أدخل). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 163]

تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (28)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {في الّذين ظلموا إنّهم مغرقون {27} فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك} [المؤمنون: 27-28] كان معه امرأته وثلاثٌ هكذا بنين له: سامٌ، وحامٌ، ويافث، ونساؤهم.
فجميع من كان في السّفينة ثمانيةٌ.
{فقل الحمد للّه الّذي نجّانا من القوم الظّالمين} [المؤمنون: 28] المشركين.
وقال في آيةٍ أخرى: {وقال اركبوا فيها بسم اللّه مجراها ومرساها إنّ ربّي لغفورٌ رحيمٌ} [هود: 41] عثمان عن قتادة قال: قد بيّن اللّه لكم ما تقولون إذا ركبتم في البرّ، وما تقولون إذا ركبتم في البحر.
إذا ركبتم في البرّ قلتم: {سبحان الّذي سخّر لنا هذا وما كنّا له مقرنين {13} وإنّا إلى ربّنا لمنقلبون {14}} [الزخرف: 13-14] وإذا ركبتم في البحر قلتم: {بسم اللّه مجراها ومرساها إنّ ربّي لغفورٌ رحيمٌ} [هود: 41] وقال سعيدٌ عن قتادة: يعلّمكم كيف تقولون إذا ركبتم، فإذا ركبتم قلتم عند الرّكوب: {سبحان الّذي سخّر لنا هذا} [الزخرف: 13] و{بسم اللّه مجراها ومرساها} [هود: 41]، وعند
[تفسير القرآن العظيم: 1/399]
النّزول: {ربّ أنزلني منزلا مباركًا وأنت خير المنزلين} [المؤمنون: 29] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/399]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {فإذا استويت أنت ومّن معك على الفلك} مجازه إذا علوت على السفينة وفي آية أخرى: {على العرش استوى} أي: علا وقال آخرون: حتى إذا كنت أنت ومن معك في الفلك " لأن " في " و " على " واحد كقوله " ولأصلّبنّكم في جذوع النّخل " أي على جذوع النخل
والفلك هاهنا السفينة،
وقد يقع على الواحد والجميع بلفظ واحد). [مجاز القرآن: 2/58-57]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فقل الحمد لله} مرفوع لأنه حكاية يأمره أن يلفظ بهذا اللفظ ولم يعملوا فيه " قل خيرا " فينصبونه). [مجاز القرآن: 2/58]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {الفلك}: السفن، الواحد والجمع فيه سواء). [غريب القرآن وتفسيره: 265]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الفُلْـكُ}: السفن). [العمدة في غريب القرآن: 216]

تفسير قوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (29)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (وقال سعيدٌ عن قتادة: يعلّمكم كيف تقولون إذا ركبتم، فإذا ركبتم قلتم عند الرّكوب: {سبحان الّذي سخّر لنا هذا} [الزخرف: 13] و{بسم اللّه مجراها ومرساها} [هود: 41]، وعند
[تفسير القرآن العظيم: 1/399]
النّزول: {ربّ أنزلني منزلا مباركًا وأنت خير المنزلين} [المؤمنون: 29] ابن مجاهدٍ عن أبيه قال: {منزلا مباركًا} [المؤمنون: 29] لنوحٍ حين نزل من السّفينة.
قال يحيى: وسمعت النّاس إذا نزلوا منزلا قالوا هذا القول). [تفسير القرآن العظيم: 1/400]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {وقل ربّ أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين}

تقرأ منزلا ومنزلا جميعا، فالمنزل اسم لكل ما نزلت فيه، والمنزل المصدر بمعنى الإنزال، يقول: أنزلته إنزالا ومنزلا ويجوز منزلا، ولم يقرأ بها - فلا تقرأن بها -.
على معنى نزلت نزولا ومنزلا). [معاني القرآن: 4/11]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وقل رب أنزلني منزلا مباركا}
منزل وإنزال واحد والمنزل موضع النزول والمنزل بمعنى النزول كما تقول جلس مجلسا والمجلس الموضع الذي يجلس فيه). [معاني القرآن: 4/454]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ (30)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {إنّ في ذلك لآياتٍ} [المؤمنون: 30] من أمر قوم نوحٍ وغرقهم {لآياتٍ} [المؤمنون: 30] لمن بعدهم {وإن كنّا لمبتلين} [المؤمنون: 30] بالدّين، يعني ما أرسل به الرّسل من عبادته.
وهو تفسير الحسن). [تفسير القرآن العظيم: 1/400]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) :
( {لمبتلين} أي: لمختبرين). [ياقوتة الصراط: 373]


تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آَخَرِينَ (31)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ثمّ أنشأنا من بعدهم} [المؤمنون: 31] من بعد نوحٍ.
{قرنًا آخرين} [المؤمنون: 31] يعني عادًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/400]

تفسير قوله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (32)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {فأرسلنا فيهم رسولا منهم} [المؤمنون: 32] يعني هودًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/400]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآَخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {أن اعبدوا اللّه ما لكم من إلهٍ غيره أفلا تتّقون {32} وقال الملأ من قومه الّذين كفروا وكذّبوا بلقاء الآخرة وأترفناهم في الحياة الدّنيا} [المؤمنون: 32-33] وسّعنا الدّنيا عليهم، أي في الرّزق). [تفسير القرآن العظيم: 1/400]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ويشرب ممّا تشربون...}

المعنى ممّا تشربون منه. وجاز حذف (منه) لأنك تقول: شربت من مائك. فصارت (ما تشربون) بمنزلة شرابكم. ولوحذفت (من) (تأكلون) "منه" كان صواباً). [معاني القرآن: 2/234]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وأترفناهم في الحياة الدّنيا} مجازه وسعنا عليهم فأترفوا فيها وبغوا ونظروا فكفروا وأعجبوا قال العجاج:
وقد أراني بالديار مترفا). [مجاز القرآن: 2/58]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {أترفناهم}: وسعنا عليهم معايشهم). [غريب القرآن وتفسيره: 265]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وأترفناهم في الحياة الدّنيا} وسّعنا عليهم حتى أترفوا، والتّرفه [منه]، ونحوها: التّحفة، كأن المترف هو الذي يتحف). [تفسير غريب القرآن: 297]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وأترفناهم في الحياة الدنيا} [معاني القرآن: 4/454]
معناه وسعنا عليهم حتى صاروا يؤتون بالترفه وهي مثل التحفة). [معاني القرآن: 4/455]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَأَتْرَفْنَاهُمْ}: أي وسع عليهم حتى أترفوا والمترف: المنعم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 163]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أَتْرَفْنَـاهم}: نعّمناهم). [العمدة في غريب القرآن: 216]

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (34)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {ما هذا إلا بشرٌ مثلكم يأكل ممّا تأكلون منه ويشرب ممّا تشربون {33} ولئن أطعتم بشرًا مثلكم} [المؤمنون: 33-34] فيما يدعوكم إليه.
{إنّكم إذًا لخاسرون} [المؤمنون: 34] يعني لعجزةٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/400]

تفسير قوله تعالى: {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (35)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {أيعدكم} [المؤمنون: 35] يقوله بعضهم لبعضٍ على الاستفهام.
{أنّكم إذا متّم وكنتم ترابًا وعظامًا أنّكم مخرجون} [المؤمنون: 35] مبعوثون.
أي قد وعدكم ذلك، تكذّبون بالبعث). [تفسير القرآن العظيم: 1/400]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أيعدكم أنّكم إذا متٌّم وكنتم تراباً وعظاماً أنّكم مّخرجون...}

أعيدت (أنكم) مرّتين ومعناهما واحد. إلاّ أن ذلك حسن لمّا فرقت بين (أنكم) وبين خبرها بإذا. وهي في قراءة عبد الله {أيعدكم إذا متم وكنتم تراباً وعظاماً أنكم مخرجون} وكذلك تفعل بكل اسمٍ أوقعت عليه (أن) بالظنّ وأخوات الظنّ، ثم اعترض عله الجزاء دون خبره. فإن شئت كرّرت اسمه، وإن شئت حذفته أوّلا وآخراً. فتقول: أظنّ أنك إن خرجت أنك نادم. فإن حذفت (أنك) الأولى أو الثانية صلح. وإن ثبتتا صلح. وإن لم تعرض بينهما بشيء لم يجز. فخطأٌ أن تقول أظن أنك أنك نادم إلاّ أن تكرّر كالتوكيد). [معاني القرآن: 2/235-234]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {أيعدكم أنّكم إذا متّم وكنتم ترابا وعظاما أنّكم مخرجون* هيهات هيهات لما توعدون}
وهذا جواب الملأ من قوم ثمود.
فأمّا " أنّكم " الأولى، فموضعها نصب على معنى أيعدكم بأنكم إذا متم، وموضع " أنّ " الثانية عند قوم كموضع الأولى، وإنما ذكرت توكيدا.
فالمعنى على هذا القول: أيعدكم أنكم تخرجون إذا متم، فلما بعد ما بين أن الأولى والثانية بقوله: {إذا متّم وكنتم ترابا وعظاما} أعيد ذكر " أنّ "،
كما قال عزّ وجلّ: {ألم يعلموا أنّه من يحادد اللّه ورسوله فأنّ له نار جهنّم} المعنى فله نار جهنم.
هذا على مذهب سيبويه، وفيها قولان آخران أجودهما أن تكون أن الثانية وما عملت فيه في موضع رفع ويكون المعنى أيعدكم أنكم إخراجكم إذا متم.
فيكون أنكم مخرجون في معنى إخراجكم، كأنّه قيل: أيعدكم أنكم إخراجكم وقت موتكم وبعد موتكم، ويكون العامل في " إذا " إخراجكم، على أن " إذا " ظرف،
والمعنى أنكم يكون إخراجكم إذا متم.
الثالث أن يكون إذا العامل فيها " متم "، فيكون المعنى إنكم متى متم يقع إخراجكم، فيكون خبر إنّ مضمرا، والقولان الأولان جيدان.
ويجوز : أيعدكم أنكم إذا متّم أنكم مخرجون، ولم يقرأ بها فلا تقرأنّ بها. ويكون المعنى في يعدكم يقول لكم ولكنها لا تجوز في القراءة لأنّ القراءة سنة). [معاني القرآن: 4/12-11]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون}
قال سيبويه وهما جاء مبدلا من هذا الباب قوله تعالى: {أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون}
يذهب إلى أن أن الثانية مبدلة من الأولى وأن المعنى عنده أيعدكم أنكم مخرجون إذا متم
قال سيبويه وكذلك أريد بها وجئ ب أن الأولى لتدل على وقت الإخراج
والفراء والجرمي وأبو العباس يذهبون إلى أن الثانية مكررة للتوكيد لما طال الكلام كان تكريرها حسنا
والأخفش يذهب إلى أن الثانية في موضع رفع بفعل مضمر دل عليه إذا والمعنى أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما يحدث إخراجكم كما تقول اليوم القتال والمعنى عنده اليوم يحدث القتال ويقع القتال
قال الفراء وفي قراءة ابن مسعود أيعدكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما إنكم مخرجون
قال أبو إسحاق ويجوز أيعدكم إنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما إنكم مخرجون لأن معنى أيعدكم أيقول لكم). [معاني القرآن: 4/456-455]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13 محرم 1432هـ/19-12-2010م, 09:00 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 36 إلى 56]

{هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (36) إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (37) إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (38) قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (39) قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ (40) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (41) ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُونًا آَخَرِينَ (42) مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (43) ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (44) ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (45) إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ (46) فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ (47) فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ (48) وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (49) وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آَيَةً وَآَوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ (50) يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (51) وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52) فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (53) فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (54) أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ (56)}


تفسير قوله تعالى: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (36)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {هيهات هيهات لما توعدون} [المؤمنون: 36] سعيدٌ عن قتادة قال: تباعد البعث في أنفس القوم، أي لا يبعثون.
يقوله بعضهم لبعضٍ). [تفسير القرآن العظيم: 1/400]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {هيهات هيهات لما توعدون...}

لو لم تكن في (ما) اللام كان صوباً. ودخول اللام عربيّ. ومثله في الكلام هيهات لك، وهيهات أنت منّا، وهيهات لأرضك. قال الشاعر:

فأيهات أيهات العقيق ومن به=وأيهات وصل بالعقيق نواصله

فمن يدخل اللام رفع الاسم. ومعنى هيهات بعيد كأنه قال: بعيد (ما توعدون) وبعيد العقيق وأهله. ومن أدخل اللام قال هيهات أداة ليست بمأخوذة من فعلٍ بمنزلة بعيد وقريب، فأدخلت لها اللام كما يقال: هلمّ لك إذ لم تكن مأخوذة من فعلٍ. فإذا قالوا: أقبل لم يقولوا: أقبل لك؛ لأنه يحتمل ضمير الاسم.
فإذا وقفت على هيهات وقفت بالتاء في كلتيهما لأنّ من العرب من يخفض التاء، فدلّ ذلك على أنها ليست بهاء التأنيث فصارت بمنزلة دراك ونظار. ومنهم من يقف على الهاء لأنّ من شأنه نصبها فيجعلها كالهاء. والنصب الذي فيهما أنهما أداتان جمعتا فصارتا بمنزلة خمسة عشر. وإن قلت إنّ كل واحدة مستغنية بنفسها يجوز الوقوف عليها فإن نصبها كنصب قوله: (قمت ثمّت جلست)، وبمنزلة قول الشاعر:
ما ويّ بل ربّتما غارةٍ=شعواء كاللذعة بالميسم

فنصب هيهات بمنزلة هذه الهاء التي في ربّت؛ لأنها دخلت على ربّ وعلى ثمّ. وكانا أداتين، فلم يغيّرهما عن أداتهما فنصبا. ... واختار الكسائي الهاء، وأنا أقف على التاء).
[معاني القرآن: 2/235-236]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {هيهات هيهات لما توعدون}
يقرأ بفتح التاء وبكسر التاء، ويجوز هيهات هيهات - بالتنوين – ويجوز هيهاتا هيهاتا، فأما الفتح والكسر بغير تنوين فكثيرتان في القراءة، وذكرهما القراء والنحويون، وقد قرئت بالكسر والتنوين، فأما التنوين والفتح فلا أعلم أحدا قرأ بهما، فلا تقرأنّ بها.
فأمّا الفتح فالوقف فيه بالهاء. تقول هيهاه هيهاه - إذا فتحت ووقفت بعد الفتح، فإذا فتحت وقفت على التاء سواء عليك كنت تنوّن في الأصل أو كنت ممن لا ينوّن.
فمن فتحها - وموضعها الرفع وتأويلها البعد لما توعدون - فلأنها بمنزلة الأصوات، وليست مشتقة من فعل فبنيت هيهاه كما بنيت ذيّه وذيّه.
فإذا كسرت جعلتها جمعا وبنيتها على الكسر.
قال سيبويه: هي بمنزلة علقاه.
يعني في تأنيثها.
ومن جعلها جمعا فهي بمنزلة قول العرب: استأصل اللّه عرقاتهم وعرقاتهم. فالذي يقول: عرقاتهم - بالكسر، جعلها جمعا، وواحدها كأنّه عرقة وعرق، وواحد هيهات على هذا اللفظ، وأن لم يكن حاله واحدا: هيهة.
فإن هذا تقديره - وإن لم ننطق به.
وأما عرقات فقد تكلم بواحدها.
يقال عرق وعرقاة وعرقة وعرقان.
وإنما كسر في الجمع لأنّ تاء الفتح في الجمع كسر تقول: مررت بالهندات، وكذلك رأيت الهندات.
ويقال أيهات في معنى هيهات. ويقال هيهات ما قلت وهيهات لما قلت، فمن قال هيهات ما قلت فمعناه البعد ما قلت، ومن قال: هيهات لما قلت فمعناه البعد لقولك،
وأنشدوا:
فأيهات أيهات العقيق ومن به=وأيهات خل بالعقيق نواصله
فأمّا من نوّن هيهات فجعلها نكرة، ويكون المعنى: بعد لما توعدون). [معاني القرآن: 4/13-12]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {هيهات هيهات لما توعدون}
قال قتادة أي للبعث
قال أبو جعفر العرب تقول هيهات هيهات لما قلت وهيهات ما قلت فمن قال هيهات لما قلت فتقديره البعد لما قلت ومن قال هيهات ما قلت فتقديره البعيد ما قلت
وفي هيهات لغات ليس هذا موضع ذكرها). [معاني القرآن: 4/456-457]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( (هيهات هيهات لما توعدون) أي: بعيدا بعيدا). [ياقوتة الصراط: 373]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (37)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {إن هي إلا حياتنا الدّنيا نموت ونحيا} [المؤمنون: 37] أي نموت ونولد). [تفسير القرآن العظيم: 1/400]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) :
( ثم قال جل وعز: {إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا}

يقال كيف قالوا نموت ونحيا وهم لا يقرون بالبعث
ففي هذا أجوبة
أ-منها في الآية تقديم وتأخير والمعنى ما هي إلا حياتنا الدنيا نحيا فيها ونموت كما قال تعالى: {واسجدي واركعي}
ب-ومنها أن المعنى نموت ويحيا أولادنا
ج-وجواب ثالث وهو أن يكون المعنى نكون مواتا أي نطفا ثم نحيا في الدنيا). [معاني القرآن: 4/458-457]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (38)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {وما نحن بمبعوثين {37} إن هو إلا رجلٌ} [المؤمنون: 37-38] يعنون هودًا.
{افترى على اللّه كذبًا} [المؤمنون: 38] يزعم أنّ اللّه أرسله.
[تفسير القرآن العظيم: 1/400]
{وما نحن له بمؤمنين} [المؤمنون: 38] أي: بمصدّقين). [تفسير القرآن العظيم: 1/401]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (39)}

تفسير قوله تعالى: {قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ (40)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {قال ربّ انصرني بما كذّبون {39} قال} [المؤمنون: 39-40] اللّه.
{عمّا قليلٍ} [المؤمنون: 40] أي: عن قليلٍ.
والميم والألف صلة في الكلام.
وهو تفسير السّدّيّ.
قال: {ليصبحنّ نادمين} [المؤمنون: 40] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/401]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {عمّا قليلٍ} مجازه عن قليل وما من حروف الزوائد فلذلك جروه ،

وفي آية أخرى {إنّ الله لا يستحي أن يضرب مثلاً ما بعوضةً فما فوقها} والعرب قد تفعل ذلك،
قال النابغة:
قالت ألا ليت ما هذا الحمام لنا=إلى حمامتنا ونصفه فقد
ويقال في المثل: ليت ما من العشب خوصة). [مجاز القرآن: 2/58]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (و(ما) قد تزاد، كقوله: {قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ}
و{أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}). [تأويل مشكل القرآن: 252]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: (قال عمّا قليل ليصبحنّ نادمين)
معناه عن قليل، و " ما " زائدة بمعنى التوكيد، كأنّ معناه: عن قليل ليصبحن نادمين حقّا). [معاني القرآن: 4/13]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قال عما قليل ليصبحن نادمين}
والمعنى عن قليل وما زائدة للتوكيد). [معاني القرآن: 4/458]

تفسير قوله تعالى: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (41)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {فأخذتهم الصّيحة بالحقّ} [المؤمنون: 41] تفسير الحسن: الصّيحة: العذاب.
{فجعلناهم غثاءً} [المؤمنون: 41] كالشّيء البالي في تفسير المعلّى عن أبي يحيى عن مجاهدٍ.
وقال بعضهم: مثل النّبات إذا صار غثاءً، فتهشّم بعد إذ كان أخضر.
قال: {فبعدًا للقوم الظّالمين} [المؤمنون: 41] المشركين). [تفسير القرآن العظيم: 1/401]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فجعلناهم غثاء...}

كغثاء الوادي يبّساً بالعذاب). [معاني القرآن: 2/236]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فجعلناهم غثاءً} وهو ما أشبه الزبد وما ارتفع على السيل وما أشبه ذلك مما لا ينتفع به في شيء). [مجاز القرآن: 2/59]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فجعلناهم غثاءً} أي هلكى كالغثاء، وهو ما علا السّيل من الزّبد [والقمش] لأنه يذهب ويتفرق).
[تفسير غريب القرآن: 297]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (فأخذتهم الصّيحة بالحقّ فجعلناهم غثاء فبعدا للقوم الظّالمين * ثمّ أنشأنا من بعدهم قرونا آخرين}
الغثاء الهالك والبالي من ورق الشجر الذي إذا جرى السيل رأيته مخالطا زبده). [معاني القرآن: 4/13]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فجعلناهم غثاء}
والمعنى فأهلكناهم وفرقناهم
والغثاء ما علا الماء من ورق الشجر والقمش لأنه يتفرق ولا ينتفع به). [معاني القرآن: 4/458]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {غُثَاء}: أي كغثاء السيل وهو الزبد الذي يذهب ويضمحل). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 163]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُونًا آَخَرِينَ (42)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ثمّ أنشأنا من بعدهم} [المؤمنون: 42] من بعد الهالكين). [تفسير القرآن العظيم: 1/401]

تفسير قوله تعالى: {مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (43)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قرونًا آخرين {42} ما تسبق من أمّةٍ أجلها} [المؤمنون: 42-43] يعني الوقت الّذي يهلكها فيه.
{وما يستأخرون} [المؤمنون: 43] عن الوقت ساعةً ولا يستقدمون من قبل الوقت). [تفسير القرآن العظيم: 1/401]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (44)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ثمّ أرسلنا رسلنا تترا} [المؤمنون: 44] قال قتادة: متتابعةً أي تباعًا بعضهم على إثر بعضٍ.
{كلّ ما جاء أمّةً رسولها} [المؤمنون: 44] الّذي أرسل إليها.
{كذّبوه فأتبعنا بعضهم بعضًا} [المؤمنون: 44] يعني العذاب الّذي أهلكهم به، أمّةً بعد أمّةٍ حين كذّبوا رسلهم.
{وجعلناهم أحاديث} [المؤمنون: 44] لمن بعدهم.
{فبعدًا لقومٍ لا يؤمنون} [المؤمنون: 44] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/401]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ثمّ أرسلنا رسلنا تترى...}

أكثرالعرب على ترك التنوين، تنزل بمنزلة تقوى ومنهم من نوّن فيها وجعلها ألفا كألف الإعراب، فصارت في تغيّر واوها بمنزلة التراث. والتجاه. وإن شئت جعلت بالياء منها كأنها أصليّة فتكون بمنزلة المعزى تنوّن ولا تنوّن ويكون الوقوف عليها حينئذٍ بالياء وإشارةٍ إلى الكسر. وإن جعلتها ألف إعراب لم تشر لأنك لا تشير إلى ألفات الإعراب بالكسر، ولا تقول رأيت زيدي ولا عمري). [معاني القرآن: 2/236]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ثمّ أرسلنا رسلنا تترى} أي بعضهم في أثر بعض ومنه قولهم: جاءت كتبه تترى، والوجه أن لا ينون فيها لأنها تفعل وقوم قليل ينونون فيه لأنهم يجعلونه اسماً ومن جعله اسماً في موضع تفعل لم يجاوز به ذلك فيصرفه). [مجاز القرآن: 2/59]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وجعلناهم أحاديث} أي يتمثل بهم في الشر ولا يقال في الخير: جعلته حديثاً). [مجاز القرآن: 2/59]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {تترى}: بعضها على إثر بعض تحري ولا تجري). [غريب القرآن وتفسيره: 265]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ثمّ أرسلنا رسلنا تترا} أي تتابع بفترة بين كل رسولين وهو من التّواتر. والأصل وتري. فقلبت الواو كما قلبوها في التّقوي، والتّخمة، والتّكلان.
{وجعلناهم أحاديث} أخبارا وعبرا). [تفسير غريب القرآن: 297]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ثمّ أرسلنا رسلنا تترا كلّ ما جاء أمّة رسولها كذّبوه فأتبعنا بعضهم بعضا وجعلناهم أحاديث فبعدا لقوم لا يؤمنون}
ويقرأ تترى، ويجوز تتري غير منوّية بالكسر، ولم يقرأ به فلا تقرأنّ به.
من قرأ بالتنوين فمعناه وترا فأبدل التاء من الواو كما قالوا تولج وهو من ولج، وأصله وولج، وكما قال الشاعر:
فإن يكن أمسى البلى تيقوري
أي: وقاري، وهو فيعول من الوقار. وكما قالوا: تجاه وإنما هو وجاه من المواجهة، ومن قال تترى بغير تنوين فإنما جعلها على فعلى بألف التأنيث فلم ينون، ومعنى تترى من المواترة، وقال الأصمعي معنى واترت الخبر اتبعت بعضه بعضا وبين الخبرين هنيّة.
وقال غيره: المواترة المتابعة، وأصل كل هذا من الوتر، وهو الفرد، وهو أن جعلت كل واحد بعد صاحبه فردا فردا). [معاني القرآن: 4/14-13]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ثم أرسلنا رسلنا تترى}
قال أبو عبيدة أي بعضها في إثر بعض
قال أبو جعفر وهذا قول أكثر أهل اللغة إلا الأصمعي فإنه قال تترى من واترت عليه الكتب أي بينها مهلة
وتترى الأصل فيه من الوتر وهو الفرد فمن قال تترى بالتنوين فالأصل عنده وترا ثم أبدل من الواو تاء كما يقال تالله بمعنى والله
ومن قرأ تترى بلا تنوين فالمعنى عنده كهذا إلا أنه جعلها ألف تأنيث
ويقال تتر كما يقال وتر
والمعنى أرسلناهم فردا فردا إلا أنه قد روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ثم أرسلنا رسلنا تترى قال يقول يتبع بعضها بعضا
وقوله جل وعز: {وجعلناهم أحاديث}
قال أبو عبيدة أي مثلنا بهم ولا يقال في الخير جعلته حديثا). [معاني القرآن: 4/460-458]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تَتْرَا}: متتابعين). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 164]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تَتَرَى}: بعضها في إثر بعض). [العمدة في غريب القرآن: 216]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (45)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ثمّ أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطانٍ مبينٍ} [المؤمنون: 45] أي وحجّةٌ بيّنةٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/401]

تفسير قوله تعالى: {إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ (46)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({إلى فرعون وملئه} [المؤمنون: 46] يعني قومه.
{فاستكبروا} [المؤمنون: 46] عن عبادة اللّه.
{وكانوا قومًا عالين} [المؤمنون: 46] مشركين.
[تفسير القرآن العظيم: 1/401]
وقال الحسن: في الاستكبار في الأرض على النّاس). [تفسير القرآن العظيم: 1/402]

تفسير قوله تعالى: {فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ (47)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا} [المؤمنون: 47] أي: أنصدّق بشرين مثلنا، فلو كانا ملكين لآمنّا بهما.
يعنون موسى وهارون.
{وقومهما} [المؤمنون: 47] يعنون بني إسرائيل.
{لنا عابدون} [المؤمنون: 47] وكانوا قد استعبدوا بني إسرائيل، ووضعوا عليهم الجزية.
وليس يعني أنّهم يعبدوننا). [تفسير القرآن العظيم: 1/402]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {لنا عابدون} أي داينون مطيعون، وكل من دان لملك فهو عابد له ومنه سمي أهل الخبرة العباد). [مجاز القرآن: 2/59]


تفسير قوله تعالى: {فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ (48)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {فكذّبوهما فكانوا من المهلكين} [المؤمنون: 48] فأهلكهم اللّه بالغرق). [تفسير القرآن العظيم: 1/402]

تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (49)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولقد آتينا موسى الكتاب} [المؤمنون: 49] التّوراة.
{لعلّهم يهتدون} [المؤمنون: 49] لكي يهتدوا). [تفسير القرآن العظيم: 1/402]

تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آَيَةً وَآَوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ (50)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وجعلنا ابن مريم وأمّه آيةً} [المؤمنون: 50] قال قتادة: خلق لا والد له، آيةً، ووالدته ولدته من غير رجلٍ، آيةً.
وقال السّدّيّ: {آيةً} [المؤمنون: 50] عبرةً.
قوله: {وآويناهما إلى ربوةٍ ذات قرارٍ ومعينٍ} [المؤمنون: 50] سعيدٌ عن قتادة قال: الرّبوة هي بيت المقدس.
قال يحيى: ذكر لنا أنّ كعبًا كان يقول: هي أدنى الأرض إلى السّماء، ثمانية عشر ميلًا.
المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ قال: بقعةٌ في مكانٍ مرتفعٍ يقرّ فيه الماء.
وتفسير ابن مجاهدٍ عن أبيه: الرّبوة المستوية.
وهو نحو حديث المعلّى.
سعيدٌ عن الحسن قال: الرّبوة دمشق.
نعيم بن يحيى، عن يحيى بن سعيدٍ، عن سعيد بن المسيّب قال: هي دمشق.
وقال: {ذات قرارٍ} [المؤمنون: 50] يعني المنازل، والمعين: الماء الّذي أصله من العيون، الظّاهر الجاري.
وقال الكلبيّ: المعين، الجاري وغير الجاري، إذا نالته الدّلاء.
[تفسير القرآن العظيم: 1/402]
شريكٌ، عن جابرٍ، عن عكرمة قال: الماء المعين: الظّاهر.
سعيدٌ عن قتادة قال: {ذات قرارٍ ومعينٍ} [المؤمنون: 50] ذات ثمرٍ كثيرٍ وماءٍ جارٍ هكذا). [تفسير القرآن العظيم: 1/403]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وآويناهما إلى ربوةٍ...}

الربوة: ما ارتفع من الأرض. وقوله: {ذات قرارٍ} منبسطة
وقوله: {ومعينٍ}: الماء الظاهر والجاري. ولك أن تجعل المعين مفعولا من العيون، وأن تجعله فعيلاً من الماعون ويكون أصله المعن. ... (المعن الاستقامة)، وقال عبيد بن الأبرص:
واهية أو معين معنٍ=أو هضبة دونها لهوب).
[معاني القرآن: 2/237-236]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وآويناهما إلى ربوةٍ} تقديره أفعلنا وأوى وهو على تقدير عوى ومعناه ضممنا وربوة يضم أولها ويكسر وهي النجوة من الأرض ومنها قولهم: فلان في ربوة من قومه، أي عز وشرف وعدد.
{ذات قرار ومعينٍ} أي تلك الربوة لها ساحةٌ وسعةٌ أسفل منها وذات معين أي ماء جار طاهر بينهم). [مجاز القرآن: 2/59]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {ربوة}: يقال فلان في ربوة قومه أي في عز قومه وعددهم. والربوة النشز أيضا.
{ذات قرار}: مستوية.
{ومعين}: قالوا الظاهر وقالوا المعين الجاري). [غريب القرآن وتفسيره: 266-265]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وجعلنا ابن مريم وأمّه آيةً} أي علما ودليلا.
و{الرّبوة} الارتفاع. وكلّ شيء ارتفع أو زاد، فقد ربا، ومنه الرّبا في البيع.
{ذات قرارٍ} يستقرّ بها للعمارة.
{ومعينٍ} ماء ظاهر. يقال: هو مفعول من العين. كأن أصله معيون. كما هو يقال: ثوب مخيط، وبرّ مكيل). [تفسير غريب القرآن: 297]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وجعلنا ابن مريم وأمّه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين}
ولم يقل آيتين، لأن المعنى فيهما آية واحدة، ولو قيل آيتين لجاز لأنهما قد كان في كل واحد منهما ما لم يكن في ذكر ولا أنثى، من أن مريم ولدت من غير فحل،
ولأن عيسى روح من اللّه ألقاه إلى مريم ولم يكن هذا في ولد قط.
وقوله: {وآويناهما إلى ربوة}.
في ربوة ثلاث لغات ربوة، وربوة، وربوة، وفيها وجهان آخران، رباوة.
ورباوة. وهو عند أهل اللغة المكان المرتفع وجاء في التفسير أنه يعني بربوة هنا بيت المقدس، وأنه كبد الأرض وأنه أقرب الأرض إلى السماء.
وقيل يعني به دمشق، وقيل فلسطين والرحلة.
وكل ذلك قد جاء في التفسير.
وقوله عزّ وجلّ: {ذات قرار ومعين} أي ذات مستقر، و " معين " ماء جار من العيون. وقال بعضهم يجوز أن يكون " فعيلا " من المعن، مشتقا من الماعون.
وهذا بعيد لأن المعن في اللغة الشيء القليل، والماعون هو الزكاة، وهو فاعول من المعن، " وإنما سمّيت الزكاة بالشيء القليل، لأنه يؤخذ من المال ربع عشره، فهو قليل من كثير.
قال الراعي:
قوم على التّنزيل لمّا يمنعوا=ماعونهم ويبدّلوا التّنزيلا).
[معاني القرآن: 4/15-14]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وجعلنا ابن مريم وأمه آية}
قال قتادة ولدته من غير أب
قال أبو جعفر ولم يقل آيتين لأن الآية فيهما واحدة
ويجوز أن يكون مثل قوله تعالى: {والله ورسوله أحق أن يرضوه}
وقوله تعالى: {وآويناهما إلى ربوة}
روى إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس في قوله جل وعز: {وآويناهما إلى ربوة} قال نبئت أنها دمشق
قال أبو جعفر وكذا المعروف من قراءة ابن عباس إلى ربوة ويقال ربوة بفتح الراء ويقال رباوة بفتح الراء والألف وقرأ بها الأشهب العقيلي ويقال رباوة بالألف وضم الراء ويقال رباوة بكسر الراء ومعناه المرتفع من كل شيء
ومعنى الربوة ما ارتفع من الأرض يقال ربا إذا ارتفع وزاد ومنه الربا في البيع
وقد اختلف في معنى هذا الحرف
فقال ابن عباس ما ذكرناه
وكذلك روى يحيي بن سعيد عن سعيد بن المسيب
{وآويناهما إلى ربوة} قال: دمشق.
وروى معمر عن قتادة قال بيت المقدس
وقال كعب الأحبار بيت المقدس أقرب إلى السماء بثمانية عشر ميلا
وقال وهب بن منبه مصر
وروى سالم الأفطس عن سعيد بن جبير وآويناهما إلى ربوة قال النشز من الأرض
وقال الضحاك ما ارتفع من الأرض
وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الربوة ههنا الرملة
فأما ابن زيد فقال إلى ربوة من ربى مصر قال وليس الربى إلا بمصر والماء حين يرسل تكون الربى عليها القرى ولولا
الربى غرقت تلك القرى
قال أبو جعفر والصواب أن يقال إنها مكان مرتفع ذو استواء وماء ظاهر
ثم قال تعالى: {ذات قرار ومعين}
قال قتادة ذات ماء وثمار
وروى سالم عن سعيد بن جبير {ذات قرار} مستوية و{معين} ماء ظاهر.
وروى علي بن الحكم عن الضحاك ومعين قال الماء الجاري
قال أبو جعفر معنى ذات قرار في اللغة يستقر فيها والذي قال سعيد بن جبير حسن
ومعين فيه ثلاث تقديرات :
1-إحداهن أن يكون مفعولا
قال أبو إسحاق هو الماء الجاري في العيون
فالميم على هذا زائدة كزيادتها في مبيع
وكذلك الميم زائدة في قول من قال إنه الماء الذي يرى بالعين
2- وقيل إنه فعيل بمعنى مفعول
قال علي بن سليمان يقال معن الماء إذا جرى وكثر فهو معين وممعون قال وأنشدني محمد بن يزيد بيتا لم يحفظ منه إلا قوله:
وماء ممعون ...
قال ويقول معين ومعن كما يقال رغيف ورغف
3 - والقول الثالث حدثناه محمد بن الوليد عن أحمد بن يحيي عن ابن الأعرابي قال معن الماء يمعن معونا جرى وسهل وأمعن أيضا وأمعنته أنا ومياه معنان). [معاني القرآن: 4/465-460]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (الربوة): المرتفع من الأرض، وكل شيء ارتفع وزاد فقد ربا، ومنه الربا المحرم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 164]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (الرَّبْوَةُ): ما ارتفع من الأرض.
{ذَاتِ قَرَارٍ}: مستويـة.
(وَالمَعِيـنُ): الماء الجاري على وجه الأرض). [العمدة في غريب القرآن: 216]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (51)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {يا أيّها الرّسل كلوا من الطّيّبات} [المؤمنون: 51] يعني الحلال من الرّزق.
وهو تفسير السّدّيّ.
{واعملوا صالحًا إنّي بما تعملون عليمٌ} [المؤمنون: 51] هكذا أمر اللّه الرّسل). [تفسير القرآن العظيم: 1/403]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {يا أيّها الرّسل كلوا من الطّيّبات...}

أراد النبي فجمع كما يقال في الكلام للرجل الواحد: أيّها القوم كفّوا عنا أذاكم. ومثله {الذين قال لهم الناس إنّ الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم} الناس واحد (معروف كان رجلاً من أشجع يقال له نعيم ابن مسعود) ). [معاني القرآن: 2/237]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يا أيّها الرّسل كلوا من الطّيّبات} خوطب به النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، وحده على مذهب العرب في مخاطبة الواحد خطاب الجمع). [تفسير غريب القرآن: 297]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقوله: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا}، يريد النبي، صلّى الله عليه وسلم، وحده).
[تأويل مشكل القرآن: 282]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {يا أيّها الرّسل كلوا من الطّيّبات واعملوا صالحا إنّي بما تعملون عليم}
أي كلوا من الحلال، وكل مأكول حلال مستطاب فهو داخل في هذا.
وإنّما خوطب بهذا رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - فقيل يا أيّها الرسل، وتضمن هذا الخطاب أن الرسل جميعا كذا أمروا.
وروي أن عيسى عليه السلام كان يأكل من غزل أمّه، وأطيب الطيبات الغنائم). [معاني القرآن: 4/15]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا}
قال أبو إسحاق هذا مخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم ودل الجمع على أن الرسل كلهم كذا أمروا أي كلوا من الحلال). [معاني القرآن: 4/465]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإنّ هذه أمّتكم} [المؤمنون: 52] ملّتكم.
{أمّةً واحدةً} [المؤمنون: 52] ملّةٌ واحدةٌ.
وقال قتادة: دينكم دينٌ واحدٌ يعني الإسلام، والشّريعة مختلفةٌ.
قال: {لكلٍّ جعلنا منكم شرعةً ومنهاجًا} [المائدة: 48] وقال السّدّيّ: يعني ملّتكم ملّةٌ واحدةٌ، يعني الإسلام.
قال: {وأنا ربّكم فاتّقون} [المؤمنون: 52] أن تعبدوا غيري.
وقال السّدّيّ: {فاتّقون} [المؤمنون: 52] يعني فاعبدون). [تفسير القرآن العظيم: 1/403]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وإنّ هذه أمّتكم...}

قرأها عاصم والأعمش بالكسر على الاستئناف وقرأها أهل الحجاز والحسن (وأنّ هذه أمّتكم) والفتح على قوله: {إني بما تعملون عليم} وعليم بأن هذه أمتكم.
فموضعها خفض لأنها مردودة على (ما) وإن شئت كانت منصوبة بفعل مضمر كأنك قلت: واعلم هذا). [معاني القرآن: 2/237]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وإنّ هذه أمّتكم أمّةً واحدةً وأنا ربّكم فاتّقون}
قال: {وإنّ هذه أمّتكم أمّةً واحدةً} فنصب {أمّةً واحدةً} على الحال. وقرأ بعضهم {أمّتكم أمّةٌ واحدةٌ} على البدل ورفع {أمّةٌ واحدةٌ} على الخبر). [معاني القرآن: 3/12]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وإنّ هذه أمّتكم أمّةً واحدةً} أي دينكم دين واحد، وهو الإسلام.
والأمة تنصرف [علي وجوه] قد بينتها في «تأويل المشكل»). [تفسير غريب القرآن: 298]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والأمّة: الدّين، قال تعالى: {إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} أي: على دين.
قال النابغة:
حلفتُ فَلَمْ أتركْ لنفسكَ رِيبَةً = وهل يَأْثَمَن ذُو أُمَّةٍ وهو طائعُ؟
أي: ذو دين.
والأصل أنه يقال للقوم يجتمعون على دين واحد: أمة، فتقام الأمة مقام الدين، ولهذا قيل للمسلمين: أمّة محمد، صلّى الله عليه وسلم، لأنهم على أمر واحد،
قال تعالى: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً}. مجتمعة على دين وشريعة.
وقال الله عز وجل: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً}، أي: مجتمعة على الإسلام). [تأويل مشكل القرآن: 446] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وإنّ هذه أمّتكم أمّة واحدة وأنا ربّكم فاتّقون}
أي فاتقون لهذا.
وقد فسرنا في سورة الأنبياء كل ما يجوز في نظير هذه الآية.
وجملة تأويلها أن دينكم دين واحد، وهو الإسلام). [معاني القرآن: 4/15]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وأن هذه أمتكم أمة واحدة}
المعنى {وأن} أي ولأن دينكم دين واحد وهو الإسلام فاتقون). [معاني القرآن: 4/465]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً}: أي دينكم دين واحد وهو الإسلام). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 164]

تفسير قوله تعالى: {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (53)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {فتقطّعوا أمرهم بينهم} [المؤمنون: 53] يعني دينهم الإسلام الّذي أمر اللّه به نبيّهم.
{زبرًا} [المؤمنون: 53] فدخلوا في غيره.
وهو تفسير السّدّيّ.
وقال الحسن: {زبرًا} [المؤمنون: 53] قطعًا.
وقال مجاهدٌ: قطعًا.
وهم أهل الكتاب.
[تفسير القرآن العظيم: 1/403]
نا سعيدٌ عن قتادة قال: {فتقطّعوا أمرهم بينهم زبرًا} [المؤمنون: 53] قال: كتبًا.
قال سعيدٌ: وقال الحسن: تقطّعوا كتاب اللّه بينهم فحرّفوه، وبدّلوه كتابًا كتبوه على ما حرّفوا.
قال يحيى: وهي تقرأ على وجهين: زبرًا مثل قراءة مجاهدٍ، وزبرًا مثل قراءة قتادة.
فمن قرأها: زبرا قال: قطعًا، ومن قرأها: زبرا قال: كتبًا.
وهي كقوله: {من الّذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعًا} [الروم: 32] : فرقًا وهذا هو مقرأ الحسن وغيره.
وكان عليّ بن أبي طالبٍ وغيره يقرؤها: فارقوا دينهم وكانوا شيعًا.
قال: {كلّ حزبٍ} [المؤمنون: 53] كلّ قومٍ منهم.
{بما لديهم} [المؤمنون: 53] بما عندهم ممّا اختلفوا فيه.
{فرحون} [المؤمنون: 53] يقول: راضون.
تفسير السّدّيّ.
- حدّثني حمّاد بن سلمة، عن أبي غالبٍ، عن أبي أمامة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «تفرّقت بنو إسرائيل على سبعين فرقةً، فرقةٌ واحدةٌ في الجنّة وسائرها في النّار، ولتفترقنّ هذه الأمّة على إحدى وسبعين، واحدةٌ في الجنّة وسائرهم في النّار».
- وحدّثني خالدٌ، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسارٍ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " لتتبعنّ سنّة من كان
[تفسير القرآن العظيم: 1/404]
قبلكم ذراعًا بذراعٍ وشبرًا بشبرٍ حتّى لو سلكوا جحر ضبٍّ لسلكتموه.
قالوا يا رسول اللّه: اليهود والنّصارى؟ قال: فمن؟ " حدّثني خداشٌ، عن محمّد بن عمرٍو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم مثله غير أنّه قال: لدخلتموه.
نا عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم مثله). [تفسير القرآن العظيم: 1/405]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فتقطّعوا أمرهم بينهم...}:

فرّقوه. تفرّقوا يهود ونصارى. من قال {زبراً}
أراد: قطعاً مثل قوله: {آتوني زبر الحديد} والمعنى في زبر وزبر واحدٌ. والله أعلم. وقوله: {كلّ حزبٍ بما لديهم فرحون} يقول: معجبون بدينهم. يرون أنهم على الحقّ).
[معاني القرآن: 2/237-238]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {زبراً } أي قطعاً، ومن قرأها زبرا - بفتح الباء - فإنه يجعل واحدتها زبرة كزبرة الحديد: القطعة). [مجاز القرآن: 2/60]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {زبرا}: الزبر الكتب. واحدها زبور ومن قال زبر فواحدها زبرة أي قطعا كزبر الحديد). [غريب القرآن وتفسيره: 266]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فتقطّعوا أمرهم بينهم} أي اختلفوا في دينهم.
{زبراً} بفتح الباء جمع زبرة، وهي القطعة. ومن قرأ «زبرا» فإنه جمع زبور، أي كتبا). [تفسير غريب القرآن: 298]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والفرح: الرضا، لأنه عن المسرة يكون، قال الله تعالى: {كلّ حزبٍ بما لديهم فرحون} أي: راضون، وقال: {فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ} أي رضوا). [تأويل مشكل القرآن: 491] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والأمر: الدّين، قال الله تعالى: {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ}، أي دينهم.
وقال تعالى: {حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ}). [تأويل مشكل القرآن: 515] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وأعلم اللّه - عزّ وجلّ - أن قوما جعلوا دينهم أديانا فقال:
{فتقطّعوا أمرهم بينهم زبرا كلّ حزب بما لديهم فرحون} ويقرأ زبرا، فمن قرأ زبرا فتأويله جعلوا دينهم كتبا مختلفة جمع زبور وزبر، ومن قرأ زبرا أراد قطعا). [معاني القرآن: 4/16-15]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم خبر أن قوما فرقوا أديانهم فقال جل وعز: {فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا} قال قتادة أي: كتبا
قال الفراء أي: صاروا يهود ونصارى
وقرأ الأعمش فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا وهو جمع زبرة أي قطعا وفرقا
ثم قال جل وعز: {كل حزب بما لديهم فرحون} أي معجبون). [معاني القرآن: 4/466]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الزُّبُـرُ}: الكتب جمع زبور). [العمدة في غريب القرآن: 216]

تفسير قوله تعالى: {فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (54)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {فذرهم في غمرتهم} [المؤمنون: 54] في غفلتهم.
وقال قتادة: في ضلالتهم.
{حتّى حينٍ} [المؤمنون: 54] يعني إلى آجالهم.
تفسير السّدّيّ.
وهي منسوخةٌ نسخها القتال). [تفسير القرآن العظيم: 1/405]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فذرهم في غمرتهم حتّى حينٍ...}:
في جهالتهم). [معاني القرآن: 2/238]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {فذرهم في غمرتهم حتّى حين}
ويجوز في غمراتهم، ومعناه في عمايتهم وحيرتهم.
ومعنى: {حتّى حين}.
أي إلى حين يأتيهم ما وعدوا به من العذاب). [معاني القرآن: 4/16]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {فذرهم في غمرتهم حتى حين}
قال قتادة في غمرتهم أي في جهالتهم
حتى حين قال مجاهد حتى الموت). [معاني القرآن: 4/467-466]

تفسير قوله تعالى: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {أيحسبون أنّما نمدّهم به} [المؤمنون: 55] نا عاصم بن حكيمٍ أنّ مجاهدًا قال: أي: نزيدهم، نملي لهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/405]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (وقال ابن مجاهدٍ عن أبيه: {نمدّهم} [المؤمنون: 55] نعطيهم.
وهو تفسير السّدّيّ). [تفسير القرآن العظيم: 1/405]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أيحسبون أنّما نمدّهم به من مّالٍ وبنين...}

(ما) في موضع الذي، وليست بحرف واحدٍ). [معاني القرآن: 2/238]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {أيحسبون أنّما نمدّهم به من مال وبنين * نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون}
(نسارع) - بالنون - يسارع - بالياء - ويسارع على ما لم يسم فاعله.
وتأويله أيحسبون أن إمداد اللّه لهم بالمال والبنين مجازاة لهم؛ وإنّما هو استدراج من اللّه لهم، و " ما " في معنى الذي، المعنى أيحسبون أن الّذي نمدهم به من مال وبنين. والخبر معه محذوف المعنى نسارع لهم به في الخيرات، أي أيحسبون إمداد ما نسارع لهم به.
فأمّا من قرأ يسارع فعلى وجهين، أحدهما لا يحتاج إلى إضمار، المعنى: أيحسبون أن إمدادنا لهم يسارع لهم في الخيرات، ويجوز أن يكون على معنى يسارع اللّه لهم به في الخيرات،
فيكون مثل نسارع، ومن قرأ يسارع لهم في الخيرات يكون على معنى يسارع الإمداد لهم في الخيرات وعلى معنى نسارع لهم في الخيرات، فيكون تقوم مقام ما لم يسمّ لهم،
ويكون مضمرا معه به. كما قلنا). [معاني القرآن: 4/16]

تفسير قوله تعالى: {نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ (56)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({من مالٍ وبنين {55} نسارع لهم في الخيرات} [المؤمنون: 55-56] أي: لذلك نمدّهم بالمال والولد يعني المشركين.
{بل لا يشعرون} [المؤمنون: 56] أنّا لا نعطيهم ذلك مسارعةً لهم في الخيرات، وأنّهم يصيرون إلى النّار، أي: وأنّ ذلك شرٌّ لهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/405]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {نسارع لهم...}

يقول: أيحسبون أن ما نعطيهم في هذه الدنيا من الأموال والبنين أنا جعلناه لهم ثوابا. ثم قال {بل لاّ يشعرون} أنّما هو استدارج منّا لهم). [معاني القرآن: 2/238]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {نسارع لهم في الخيرات} أي نسرع. يقال: سارعت إلى حاجتك وأسرعت). [تفسير غريب القرآن: 298]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: (أيحسبون أنّما نمدّهم به من مال وبنين *نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون}
(نسارع) - بالنون - يسارع - بالياء - ويسارع على ما لم يسم فاعله.
وتأويله أيحسبون أن إمداد اللّه لهم بالمال والبنين مجازاة لهم؛ وإنّما هو استدراج من اللّه لهم، و " ما " في معنى الذي، المعنى أيحسبون أن الّذي نمدهم به من مال وبنين. والخبر معه محذوف المعنى نسارع لهم به في الخيرات، أي أيحسبون إمداد ما نسارع لهم به.
فأمّا من قرأ يسارع فعلى وجهين، أحدهما لا يحتاج إلى إضمار، المعنى: أيحسبون أن إمدادنا لهم يسارع لهم في الخيرات، ويجوز أن يكون على معنى يسارع اللّه لهم به في الخيرات،
فيكون مثل نسارع، ومن قرأ يسارع لهم في الخيرات يكون على معنى يسارع الإمداد لهم في الخيرات وعلى معنى نسارع لهم في الخيرات، فيكون تقوم مقام ما لم يسمّ لهم،
ويكون مضمرا معه به. كما قلنا). [معاني القرآن: 4/16] (م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين * نسارع لهم في الخيرات}
الخبر محذوف والمعنى نسارع لهم به وهذا قول أبي إسحاق
ولهشام الضرير فيه قول وهو أن ما هي الخيرات فصار المعنى نسارع لهم فيه بغير حذف أيحسبون أن ما نمدهم به من مال وبنين مجازاة لهم وخير
وقرأ عبد الرحمن بن أبي بكرة (يسارع لهم في الخيرات) بالياء وكسر الراء
وهذا يجوز أن يكون على غير حذف أي يسارع لهم الإمداد
ويجوز أن يكون فيه حذف ويكون المعنى يسارع الله لهم به في الخيرات). [معاني القرآن: 4/468-467]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 13 محرم 1432هـ/19-12-2010م, 09:04 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 57 إلى 83]

{إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (57) وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ (59) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61) وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (62) بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ (63) حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ (64) لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ (65) قَدْ كَانَتْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ (66) مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ (67) أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آَبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (68) أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (69) أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (70) وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ (71) أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (72) وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (73) وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ (74) وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (75) وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ (76) حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (77) وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (78) وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (79) وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (80) بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ (81) قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (82) لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآَبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (83)}

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (57)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {إنّ الّذين هم من خشية ربّهم مشفقون} [المؤمنون: 57] خائفون). [تفسير القرآن العظيم: 1/405]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({والّذين هم بآيات ربّهم} [المؤمنون: 58] القرآن). [تفسير القرآن العظيم: 1/405]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ (59)}

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({يؤمنون {58} والّذين هم بربّهم لا يشركون {59} والّذين يؤتون ما آتوا} [المؤمنون: 58-60] ممدّدةٌ.
{وقلوبهم وجلةٌ} [المؤمنون: 60] خائفةٌ.
{أنّهم إلى ربّهم راجعون} [المؤمنون: 60] حدّثني أبو الأشهب، عن الحسن قال: كانوا يعملون ما عملوا من أعمال البرّ ويخافون ألا ينجيهم ذلك من عذاب ربّهم.
نا سعيدٌ عن قتادة قال:.....
على خوفٍ من اللّه جلّ وعزّ ويعلمون أنّهم راجعون إلى ربّهم.
وحدّثني المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ قال: يعملون ما عملوا من الخير وهم يخافون ألا يقبل منهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/406]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: وحدّثني عبد الرّحمن بن أبي بكر بن أبي مليكة القرشيّ المكّيّ ابن أخي عبد اللّه بن أبي مليكة، عن عبد اللّه بن أبي مليكة، عن ابن عبّاسٍ وعائشة أنّهما كانا يقرآن هذا الحرف: والّذين يؤتون ما أتوا، خفيفةً بغير مدٍّ، أي: يعملون ما عملوا ممّا نهوا عنه {وقلوبهم وجلةٌ} [المؤمنون: 60] خائفةٌ أن يؤخذوا به). [تفسير القرآن العظيم: 1/406]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {والّذين يؤتون ما آتوا...}

الفرّاء على رفع الياء ومدّ الألف في (آتوا) ... حدثني مندل قال حدثني عبد الملك عن عطاء عن عائشة أنها قرأت أو قالت ما كنا نقرأ إلاّ {يأتون ما أتوا} وكانوا أعلم بالله من أن توجل قلوبهم. ... يعني به الزكاة تقول: فكانوا أتقى لله من أن يؤتوا زكاتهم وقلوبهم وجلة.
وقوله: {وّقلوبهم وجلةٌ أنّهم}: وجلة من أنهّم. فإذا ألقيت (من) نصبت. وكل شيء في القرآن حذفت منه خافضًا فإن الكسائيّ كان يقول: هو خفض على حاله.
وقد فسّرنا أنه نصب إذا فقد الخافض). [معاني القرآن: 2/238]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {يؤتون ما أتوا}: يعطون ما أعطوا). [غريب القرآن وتفسيره: 266]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {والّذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنّهم إلى ربّهم راجعون}
ويقرأ يأتون ما أتوا - بالقصر - وكلاهما جيّد بالغ، فمن قرأ (يؤتون ما آتوا) فإن معناه يعطون ما أعطوا وهم يخافون ألا يتقبل منهم. قلوبهم خائفة لأنهم إلى ربّهم راجعون،
أي لأنهم يوقنون بأنهم راجعون إلى اللّه - عز وجل -.
ومن قرأ (يأتون ما أتوا) أي يعملون من الخيرات ما يعملون وقلوبهم خائفة.
يخافون أن يكونوا مع اجتهادهم مقصرين). [معاني القرآن: 4/17-16]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون} إلى قوله جل وعز: {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة}
قال عبد الرحمن بن سعيد الهمذاني عن عائشة رضي الله عنها قالت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة} أهو الرجل يزني،
أو يسرق أو يشرب الخمر فقال لا يا ابنة الصديق ولكنه الرجل يصلي ويصوم ويتصدق ويخاف ألا يتقبل منه
وروى ابن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس في قوله جل وعز: {والذين يؤتون ما آتوا} قال يعطون ما أعطوا
قال أبو جعفر هكذا روي هذا وهكذا معنى يؤتون يعطون ولكن المعروف من قراءة ابن عباس والذين يأتون ما أتوا وهي القراءة المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن عائشة
ومعناها يعملون ما عملوا كما روي في الحديث). [معاني القرآن: 4/469-468]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {أنهم إلى ربهم راجعون}
قال الفراء المعنى من أنهم
وقال أبو حاتم المعنى لأنهم إلى ربهم راجعون). [معاني القرآن: 4/470-469]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يؤتـون}: يعطـون). [العمدة في غريب القرآن: 216]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {أولئك يسارعون في الخيرات} [المؤمنون: 61] في الأعمال الصّالحة.
وقال الحسن: أي فيما افترض اللّه عليهم، يعني: {إنّ الّذين هم من خشية ربّهم مشفقون {57} والّذين هم بآيات ربّهم يؤمنون {58} والّذين هم بربّهم لا يشركون {59} والّذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلةٌ أنّهم إلى ربّهم راجعون {60}} [المؤمنون: 57-60]، قوله: {وهم لها سابقون} [المؤمنون: 61]، {وهم لها} [المؤمنون: 61] للخيرات، مدركون في تفسير الحسن.
وقال بعضهم: {لها سابقون} [المؤمنون: 61] بها سابقون أي بالخيرات). [تفسير القرآن العظيم: 1/406]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أولئك يسارعون في الخيرات...}

يبادرون بالأعمال {وهم لها سابقون} يقول: إليها سابقون. وقد يقال {وهم لها سابقون} أي سبقت لهم السّعادة). [معاني القرآن: 2/238]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون}
وقال: {هم لها سابقون} يقول: من أجلها). [معاني القرآن: 3/12]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون}
وجائز يسرعون في الخيرات، ومعناه معنى يسارعون.
يقال أسرعت، وسارعت في معنى واحد، إلا أن سارعت أبلغ من أسرعت.
وقوله: (وهم لها سابقون).
فيه وجهان أحدهما معناه إليها سابقون، كما قال: (بأنّ ربّك أوحى لها)
أي أوحى إليها.
ويجوز: (وهم لها سابقون) أي من أجل اكتسابها، كما تقول: أنا أكرم فلانا لك، أي من أجلك). [معاني القرآن: 4/17]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال تعالى: {أولئك يسارعون في الخيرات}
قال أبو جعفر سارع وأسرع بمعنى واحد
ثم قال جل وعز: {وهم لها سابقون}
فيه ثلاثة أقوال :
1 - المعنى وهم إليها سابقون كما قال بأن ربك أوحى لها أي أوحى إليها وأنشد سيبويه:

تجانف عن جو اليمامة ناقتي = وما قصدت من أهلها لسوائكا

2 - وقيل معنى وهم لها، من أجلها؛ أي من أجل اكتسابها كما تقول أنا أكرم فلانا لك أي من أجلك
3 - وقيل لما قال وهم لها سابقون دل على السبق كأنه قال سبقهم لها). [معاني القرآن: 4/471-470]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( (وهم لها سابقون) أي: إليها سابقون). [ياقوتة الصراط: 374]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (62)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولا نكلّف نفسًا إلا وسعها} [المؤمنون: 62] : إلا طاقتها.
قوله: {ولدينا} [المؤمنون: 62] أي: وعندنا.
{كتابٌ ينطق بالحقّ وهم لا يظلمون} [المؤمنون: 62]
- حدّثني نعيم بن يحيى، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عبّاسٍ قال: أوّل ما خلق اللّه القلم فقال: اكتب.
قال: ربّ ما أكتب قال: ما هو كائنٌ.
قال: فجرى القلم بما هو كائنٌ إلى يوم القيامة.
قال: فأعمال العباد تعرض كلّ يوم اثنين وخميسٍ، فيجدونه على ما في الكتاب.
قال يحيى: وسمعت بعضهم يزيد فيه: تلا ابن عبّاسٍ هذه الآية: {هذا كتابنا ينطق عليكم بالحقّ إنّا كنّا نستنسخ ما كنتم تعملون} [الجاثية: 29] ثمّ قال: ألستم قومًا عربًا؟ هل تكون النّسخة إلا من كتابٍ؟). [تفسير القرآن العظيم: 1/407]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {ولا نكلّف نفسا إلّا وسعها ولدينا كتاب ينطق بالحقّ وهم لا يظلمون}

ويجوز: ولا يكلّف نفسا إلا وسعها، ولم يقرأ بها ولو قرئ بها لكانت النون أجود - لقوله عزّ وجلّ: (ولدينا كتاب ينطق بالحقّ) ). [معاني القرآن: 4/17]

تفسير قوله تعالى: {بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ (63)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {بل قلوبهم في غمرةٍ من هذا} [المؤمنون: 63] قال قتادة: يقول في غفلةٍ من هذا، ممّا ذكر من أعمال المؤمنين في الآية الأولى.
{ولهم} [المؤمنون: 63] يعني المشركين.
{أعمالٌ من دون ذلك} [المؤمنون: 63] دون أعمال المؤمنين هي شرٌّ من أعمال المؤمنين.
{هم لها عاملون} [المؤمنون: 63] لتلك الأعمال.
وتفسير مجاهدٍ: {في غمرةٍ من هذا} [المؤمنون: 63] يعني القرآن.
{ولهم أعمالٌ من دون ذلك} [المؤمنون: 63] : خطايا من دون ذلك، من دون الحقّ.
وبعضهم يقول: أعمالٌ لم يعملوهم، سيعملونها.
- نا بحرٌ السّقّاء، عن الزّهريّ، عن سعيد بن المسيّب أنّ عمر بن
[تفسير القرآن العظيم: 1/407]
الخطّاب قال: يا رسول اللّه أنعمل لما قد فرغ منه أو لما نأتنف؟ قال: «لا، بل اعمل لما قد فرغ منه».
قال: ففيم العمل إذًا؟ قال: «اعملوا فكلٌّ لا ينال إلا بعملٍ».
قال: هذا حين نجتهد.
- نا درست، عن يزيد بن أبانٍ الرّقاشيّ أنّ عمر بن الخطّاب قال: يا رسول اللّه ما العمل اليوم، أشيءٌ مستأنفٌ أم شيءٌ قد فرغ منه؟ قال: «قد فرغ منه».
قال: ففيم العمل اليوم؟ فقال: كلّ عبدٍ موتًّى لما خلق له.
حدّثني حمّاد بن سلمة، عن ثابتٍ البنانيّ، عن مطرّف بن عبد اللّه بن الشّخّير قال: لم تكلوا إلى القدر وإليه تصيرون). [تفسير القرآن العظيم: 1/408]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ولهم أعمالٌ مّن دون ذلك هم لها عاملون...}

يقول: أعمال منتظرة ممّا سيعملونها، فقال {مّن دون ذلك} ). [معاني القرآن: 2/239]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {بل قلوبهم في غمرةٍ من هذا} أي في غطاء وغفلة.
{ولهم أعمالٌ من دون ذلك هم لها عاملون} قال قتادة: ذكر اللّه.
{الّذين هم من خشية ربّهم مشفقون والّذين هم بآيات ربّهم يؤمنون} ثم قال للكفار {بل قلوبهم في غمرةٍ من هذا} ثم رجع إلى المؤمنين فقال: {ولهم أعمالٌ من دون ذلك}
أي من دون الأعمال التي عدّد {هم لها عاملون}.
{يجأرون}: أي يضجّون ويستغيثون باللّه). [تفسير غريب القرآن: 298]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون}
يجوز أن يكون " هذا " إشارة إلى ما وصف من أعمال البرّ في قوله: {إنّ الّذين هم من خشية ربّهم مشفقون} - إلى قوله {يسارعون في الخيرات}.
أي قلوب هؤلاء في عماية من هذا، ويجوز أن يكون " هذا " إشارة إلى الكتاب، المعنى بل قلوبهم في غمرة من الكتاب الذي ينطق بالحق.
وأعمالهم محصاة فيه.
قوله: {ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون}.
أخبر اللّه - عزّ وجلّ - بما سيكون فيهم، فأعلم أنهم سيعملون أعمالا تباعد من الله غير الأعمال التي ذكروا بها). [معاني القرآن: 4/18-17]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {بل قلوبهم في غمرة من هذا}
أي في غفلة وغطاء متحيرة
ويقال غمره الماء إذا غطاه ونهر غمر يغطي من دخله ورجل غمر تغمره آراء الناس
وقيل غمرة لأنها تغطي الوجه ومنه دخل في غمار الناس في قول من قاله معناه فيما يغطيه من الجمع
وقوله من هذا فيه قولان:
أحدهما أن مجاهد قال بل قلوبهم في عماية من القرآن فعلى قول مجاهد هذا إشارة إلى القرآن
وقال قتادة وصف أهل البر فقال: {والذين هم من خشية ربهم مشفقون} والذين ... والذين.
ثم وصف أهل الكفر فقال بل قلوبهم في غمرة من هذا فالمعنى على قول قتادة من هذا البر
ثم قال تعالى: {ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون}
فيه قولان:
أحدهما أن الحسن قال ولهم أعمال ردية لم يعملوها وسيعملونها
قال مجاهد أي لهم خطايا لا بد أن يعملوها
وقال قتادة رجع إلى أهل البر فقال ولهم أعمال من دون ذلك قال أي سوى ما عدد). [معاني القرآن: 4/473-471]

تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ (64)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {حتّى إذا} [المؤمنون: 64] يعني: فلمّا في تفسير السّدّيّ.
{أخذنا مترفيهم بالعذاب} [المؤمنون: 64] يعني أبا جهلٍ وأصحابه الّذين قتلوا يوم بدرٍ.
نزلت هذه الآية قبل ذلك بمكّة.
قال: {إذا هم يجأرون} [المؤمنون: 64] قال قتادة: يجزعون). [تفسير القرآن العظيم: 1/408]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (وقال الحسن: {يجأرون} [المؤمنون: 64] يصرخون إلى اللّه بالتّوبة فلا يقبل منهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/408]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {يجأرون...}:

يضجّون. وهو الجؤار). [معاني القرآن: 2/239]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إذا هم يجأرون} أي يرفعون أصواتهم كما يجأر الثور، قال عدي بن زيد:
إنّني والله فاسمع حلفي=بأبيل كلما صلّى جأر).
[مجاز القرآن: 2/60]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {حتّى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون}
وقال: {إذا هم يجأرون} من"جأر" "يجأر" "جؤاراً" و"جأراً"). [معاني القرآن: 3/12-13]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {يجأرون}: يرفعون أصواتهم). [غريب القرآن وتفسيره: 266]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {حتّى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون}
أي: يضجّون، والعذاب الذي أخذوا به السيف، يقال جأر يجأر جؤارا، إذا ضجّ). [معاني القرآن: 4/18]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون}
قال قتادة أي يجزعون
وحكى أهل اللغة جأر يجأر إذا رفع صوته
قال مجاهد والضحاك العذاب الذي أخذوا به السيف
قال مجاهد يوم بدر). [معاني القرآن: 4/473]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَجْأَرُونَ}: يضجون ويستغيثون بالله). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 164]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَجْأَرُونَ}: يرفعون أصواتهم). [العمدة في غريب القرآن: 216]

تفسير قوله تعالى: {لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ (65)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {لا تجأروا اليوم} [المؤمنون: 65] لا تجزعوا اليوم.
قال قتادة: ذكر لنا أنّها نزلت في الّذين قتل اللّه يوم بدرٍ.
{إنّكم منّا لا تنصرون} [المؤمنون: 65] أي: لا يمنعكم منّا أحدٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/408]

تفسير قوله تعالى: {قَدْ كَانَتْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ (66)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {قد كانت آياتي تتلى عليكم} [المؤمنون: 66] يعني القرآن.
[تفسير القرآن العظيم: 1/408]
{فكنتم على أعقابكم تنكصون} [المؤمنون: 66] قال ابن مجاهدٍ عن أبيه: أي تستأخرون عن الإيمان). [تفسير القرآن العظيم: 1/409]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {على أعقابكم تنكصون...}

وفي قراءة عبد الله (على أدباركم تنكصون) يقول: ترجعون وهو النكوص). [معاني القرآن: 2/239]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" فكنتم على أعقابكم تنكصون " يقال لمن رجع من حيث جاء: نكص فلان على عقبيه). [مجاز القرآن: 2/60]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون}
وقال: {على أعقابكم تنكصون} و{تنكصون} مثل {يعكفون} و{يعكفون} ). [معاني القرآن: 3/13]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {على أعقابكم تنكصون}: ترجعون). [غريب القرآن وتفسيره: 266]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {على أعقابكم تنكصون} أي ترجعون القهقري). [تفسير غريب القرآن: 298]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون} (تنكصون) أي: ترجعون). [معاني القرآن: 4/18]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قد كانت آياتي تتلى عليكم} قال الضحاك: قبل أن تعذبوا بالقتل
ثم قال تعالى: {فكنتم على أعقابكم تنكصون} قال مجاهد: تستأخرون). [معاني القرآن: 4/474]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تَنْكِصُون}: ترجعـون). [العمدة في غريب القرآن: 216]

تفسير قوله تعالى: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ (67)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {مستكبرين به} [المؤمنون: 67] بالحرم.
{سامرًا تهجرون} [المؤمنون: 67] حدّثني أبو الأشهب، عن الحسن قال: مستكبرين بحرمي، تهجرون رسولي.
وفي تفسير عمرٍو عن الحسن في قوله: {سامرًا} [المؤمنون: 67] يقول: قد بلغ من أمانكم أنّ سامركم يسمر بالبطحاء، يعني سمر اللّيل، والعرب تقتل بعضها بعضًا، وتسيء بعضها بعضًا، وأنتم في ذلك تهجرون كتابي ورسولي.
وقال الكلبيّ: وأنتم سمرًا حول البيت.
قال يحيى: مقرأ الكلبيّ في هذا الحرف: سمّرا.
نا سعيدٌ عن قتادة قال: {مستكبرين به} [المؤمنون: 67] بالحرم، يعني: أهل مكّة.
{سامرًا} [المؤمنون: 67] سامرهم لا يخاف شيئًا، كانوا يقولون: نحن أهل الحرم فلا نقرب، لما أعطاهم اللّه من الأمن.
{تهجرون} [المؤمنون: 67] تتكلّمون بالشّرك والبهتان في حرم اللّه.
نا عاصم بن حكيمٍ أنّ مجاهدًا قال: {سامرًا} [المؤمنون: 67] : مجلسًا.
قال: وحدّثني المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ قال: هو منكر القول، وهجر القول). [تفسير القرآن العظيم: 1/409]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {مستكبرين به...}

(الهاء للبيت العتيق) تقولون: نحن أهله، وإذا كان الليل وسمرتم هجرتم القرآن والنبيّ فهذا من الهجران، أي تتركونه وترفضونه. وقرأ ابن عباس (تهجرون) من أهجرت. والهجر أنهم كانوا يسبّون النبي صلى الله عليه وسلم إذا خلوا حول البيت ليلاً. وإن قرأ قارئ (تهجرون) يجعله كالهذيان، يقال: قد هجر الرجل في منامه إذا هذي، أي إنكم تقولون فيه ما ليس فيه ولا يضرّه فهو كالهذيان). [معاني القرآن: 2/239]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {سامراً تهجرون} مجازه: تهجرون سامراً وهو من سمر الليل، قال ابن أحمر:
من دونهم إن جئتهم سمراً=عزف القيان ومجلسٌ غمر
وسامر في موضع " سمار " بمنزل طفل في موضع أطفال). [مجاز القرآن: 2/60]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {السامر}: من السمر.
{تهجرون}: تهذون كما يقال هجر الرجل في منامه إذا هذي. وقرئت تهجرون أي تقولون الهجر وهو الفحش من القول. قد أهجرت يا هذا أي قلت فحشا). [غريب القرآن وتفسيره: 267]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {مستكبرين} يعني بالبيت تفخرون به، وتقولون: نحن أهله وولاته.
{سامراً} أي متحدثين ليلا.
و(السّمر): حديث الليل. وأصل السّمر: الليل. قال ابن أحمر:
من دونهم إن جئتهم سمرا
أي ليلا. ويقال: هو جمع سامر. كما يقال: طالب وطلب وحارس وحرس. ويقال: هذا سامر الحيّ، يراد المتحدثون منهم ليلا. وسمر الحي.
(تهجرون) تقولون هجرا من القول. وهو اللغو منه والهذيان. وقرأ ابن عباس: «تهجرون» - بضم التاء وكسر الجيم - وهذا من الهجر وهو السّب والإفحاش في المنطق.
يريد سبهم النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ومن اتبعه). [تفسير غريب القرآن: 299-298]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {مستكبرين به سامرا تهجرون} منصوب على الحال، وقوله " به " أي بالبيت الحرام، يقولون: البيت لنا.
وقوله: {سامرا} بمعنى " سمّرا " ويجوز سمّارا، والسامر الجماعة الذين يتحدّثون ليلا.
وإنما سُمُّوا سُمّارا من السّمر، وهو ظل القمر، وكذلك السّمرة مثشقة من هذا.
وقوله: (تهجرون) أي : تهجرون القرآن، ويجوز تهجرون: تهذون. وقرئت: تهجرون أي تقولون الهجر، وقيل كانوا يسبون النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ويجوز أن تكون الهاء للكتاب.
ويكون المعنى فكنتم على أعقابكم تنكصون مستكبرين بالكتاب.
أي يحدث لكم بتلاوته عليكم استكبار، ويجوز تنكصون، ولا أعلم أحدا قرأ بها). [معاني القرآن: 4/19-18]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {مستكبرين به}
قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك والحسن وأبو مالك مستكبرين بالحرم
قال أبو مالك لأمنهم والناس يتخطفون حولهم
قال أبو جعفر وقيل مستكبرين بالقرآن أي يحضرهم عند قراءته استكبار
والقول الأول أولى
والمعنى إنهم يفتخرون بالحرم فيقولون نحن أهل حرم الله عز وجل
ثم قال تعالى: {سامرا تهجرون}
قال أبو العباس يقال للجماعة يجتمعون للحديث سامر وسمار فسامر كما تقول باقر لجماعة البقر وجامل لجماعة الجمال
أي يجتمعون للسمر وأكثر ما يستعمل سامر للذين يسمرون ليلا
قال أبو العباس وأصل هذا من قولهم لا أكلمه السمر والقمر أي الليل والنهار
وقال الثوري يقال لظل القمر السمر
قال أبو إسحاق ومنه السمرة في اللون ويقال له الفخت ومنه فاخته
قال أبو جعفر وفي قوله: {تهجرون} قولان:
1 - قال الحسن تهجرون نبي وكتابي
2 - وقال غيره تهجرون تهذون يقال هجر المريض يهجر هجر إذا هذى
وقرأ ابن عباس تهجرون بضم التاء وكسر الجيم
وقال: يسمرون برسول الله صلى الله عليه وسلم ويقولون الهُجر.
وقال عكرمة تهجرون تشركون
وقال الحسن تسبون النبي صلى الله عليه وسلم
وقال مجاهد تقولون القول السيئ في القرآن
قال أبو جعفر هذه الأقوال متقاربة يقال أهجر يهجر إذا نطق بالفحش وقال الخنى والاسم منه الهجر ومعناه أنه تجاوز ومنه قيل الهاجرة إنما هو تجاوز الشمس من المشرق إلى المغرب
وقرأ أبو رجاء سمارا وهو جمع سامر كما قال الشاعر:
قالت سباك الله إنك فاضحي = ألست ترى السمار والناس أحوالي).
[معاني القرآن: 4/477-474]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ}: أي بالبيت العتيق، تفخرون به.
{تَهْجُرُونَ}: من الهجر، في قراءة من ضم التاء: وهو السب والإفحاش في المنطق، في سب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن فتح التاء أراد: يهذون ويخلطون.
يقال: أهجر إذا أفحش في لفظه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 164]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {سَامِـراً}: من السمر.
{تَهْجُرونَ}: تهـذون). [العمدة في غريب القرآن: 217]

تفسير قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آَبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (68)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {أفلم يدّبّروا القول} [المؤمنون: 68] يعني القرآن.
[تفسير القرآن العظيم: 1/409]
{أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأوّلين} [المؤمنون: 68] أي: لم يأتهم إلا ما أتى آباءهم الأوّلين.
وقال السّدّيّ: {أم جاءهم ما لم يأت} [المؤمنون: 68] يعني الّذي لم يأت آباءهم الأوّلين، وهو واحدٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/410]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {أفلم يدّبّروا القول} أي يتدبّروا القرآن).
[تفسير غريب القرآن: 299]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {أفلم يدبروا القول} أي القرآن). [معاني القرآن: 4/477]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (69)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {أم لم يعرفوا رسولهم} [المؤمنون: 69] أي: الّذي أرسلهم إليهم، يعني محمّدًا.
{فهم له منكرون} [المؤمنون: 69] سعيدٌ عن قتادة قال: بل يعرفون وجهه ونسبه). [تفسير القرآن العظيم: 1/410]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أم لم يعرفوا رسولهم...}
أي: نسب رسولهم). [معاني القرآن: 2/239]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (70)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {أم يقولون به جنّةٌ} [المؤمنون: 70] أي بمحمّدٍ جنونٌ.
أي قد قالوا ذلك.
قال اللّه: {بل جاءهم بالحقّ} [المؤمنون: 70] القرآن.
{وأكثرهم للحقّ كارهون} [المؤمنون: 70] يعني جماعة من لم يؤمن منهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/410]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
(" به جنّةٌ " مجازها مجاز الجنون وهما واحد).
[مجاز القرآن: 2/57]


تفسير قوله تعالى: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ (71)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولو اتّبع الحقّ أهواءهم} [المؤمنون: 71] أهواء المشركين.
{لفسدت} [المؤمنون: 71] يعني لهلكت.
{السّموات والأرض ومن فيهنّ} [المؤمنون: 71] وتفسير الحسن: لو كان الحقّ في أهوائهم، لوقعت أهواؤهم على هلاك السّموات والأرض ومن فيهنّ.
وقال بعضهم: الحقّ هاهنا: اللّه، كقوله: {وتواصوا بالحقّ} [العصر: 3] يعني بالحقّ: اللّه {وتواصوا بالصّبر} [العصر: 3] على فرائضه.
قال: {بل أتيناهم بذكرهم} [المؤمنون: 71] : بشرفهم، شرفٌ لمن آمن به.
قال الحسن وقتادة: يعني القرآن، أنزلنا عليهم فيه ما يأتون، وما يتّقون، وما يحرّمون، وما يحلّون.
{فهم عن ذكرهم} [المؤمنون: 71] عمّا بيّنّا لهم.
{معرضون} [المؤمنون: 71] وقال قتادة: معرضون عن القرآن.
[تفسير القرآن العظيم: 1/410]
وقال السّدّيّ: {بل أتيناهم بذكرهم} [المؤمنون: 71] : بشرفهم {فهم عن ذكرهم} [المؤمنون: 71] يعني عن شرفهم {معرضون} [المؤمنون: 71] قال يحيى: سمعت سفيان الثّوريّ يذكر في هذه الآية: {لقد أنزلنا إليكم كتابًا فيه ذكركم} [الأنبياء: 10] : فيه شرفكم). [تفسير القرآن العظيم: 1/411]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ولو اتّبع الحقّ أهواءهم...}

يقال: إن الحقّ هو الله. ويقال: إنه التنزيل، لو نزل بما يريدون {لفسدت السّماوات والأرض ومن فيهنّ} قال الكلبيّ (ومن فيهنّ) من خلقٍ.
وفي قراءة عبد الله (لفسدت السّموات والأرض وما بينهما) وقد يجوز في العربيّة أن يكون ما فيها ما بينهما لأن السماء كالسقف على الأرض،
وأنت قائل: في البيت كذا وكذا، وبين أرضه وسمائه كذا وكذا، فلذلك جاز أن تجعل الأرض والسّماء كالبيت.
وقوله: {بل أتيناهم بذكرهم}: بشرفهم). [معاني القرآن: 2/239]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {بل أتيناهم بذكرهم} أي بشرفهم). [تفسير غريب القرآن: 299]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (قال: {بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ} أي أتيناهم بشَرَفِهم). [تأويل مشكل القرآن: 147]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولو اتّبع الحقّ أهواءهم لفسدت السّماوات والأرض ومن فيهنّ بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون}
جاء في التفسير أن الحق هو اللّه - عزّ وجلّ - ويجوز أن يكون الحق الأول في قوله: (بل جاءهم بالحق) التنزيل، أي بالتنزيل الذي هو الحق.
ويكون تأويل: {ولو اتّبع الحقّ أهواءهم} أي لو كان التنزيل بما يحبّون لفسدت السّماوات والأرض.
وقوله: {بل أتيناهم بذكرهم}.
أي بما فيه فخرهم وشرفهم، ويجوز أن يكون بذكرهم، أي بالذكر الذي فيه حظ لهم لو اتبعوه). [معاني القرآن: 4/19]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولو اتبع الحق أهواءهم}
روى سفيان عن إسماعيل عن أبي صالح ولو اتبع الحق قال الله عز وجل
وقيل المعنى بل جاءهم بالقرآن ولو اتبع القرآن أهواءهم أي لو نزل بما يحبون لفسدت السموات والأرض ومن فيهن
ثم قال الله تعالى: {بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون}
روى معمر عن قتادة بذكرهم قال بالقرآن
قال أبو جعفر والمعنى على قوله بل آتيناهم بما لهم فيه ذكر ما يوجب الجنة لو اتبعوه
وقيل الذكر ههنا الشرف). [معاني القرآن: 4/479-478]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بِذِكْرِهِمْ}: بشرفهم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 164]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (72)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {أم تسألهم خرجًا} [المؤمنون: 72] قال قتادة: أم تسألهم على ما أتيتهم به جعلا، أي إنّك لا تسألهم عليه أجرًا.
قال: {فخراج ربّك خيرٌ} [المؤمنون: 72] أجر ربّك أي ثوابه في الآخرة خيرٌ من أجرهم لو أعطوك في الدّنيا أجرًا.
قال: {وهو خير الرّازقين} [المؤمنون: 72] وقد يجعل اللّه رزق العباد بعضهم من بعضٍ، يرزق اللّه إيّاهم، يقسّم رزق هذا على يدي هذا {وهو خير} [المؤمنون: 72] أفضل {الرّازقين} [المؤمنون: 72].
وهو تفسير السّدّيّ.
- عبد الرّحمن بن يزيد الشّاميّ، عن عثمان بن حيّان، عن أمّ الدّرداء قالت: ما بال أحدكم يقول: اللّهمّ ارزقني، وقد علم أنّ اللّه لا يمطر عليه من السّماء دنانير ولا دراهم، وإنّما يرزق بعضكم من بعضٍ، فمن ساق اللّه إليه رزقًا فليقبله، وإن لم يكن إليه محتاجًا فليعطه في أهل الحاجة من إخوانه، وإن كان محتاجًا استعان به على حاجته، ولا يردّ على اللّه
رزقه الّذي رزقه.
- الخليل بن مرّة، عن عمران القصير قال: لقيت مكحولًا بمكّة، فأعطاني شيئًا فانقبضت عنه فقال: خذه فإنّي سأحدّثك فيه بحديثٍ.
فقلت: حدّثني به فإنّه أحبّ إليّ منه.
فقال: أعطى رسول اللّه عمر شيئًا، فكأنّه انقبض عن أخذه، فقال له رسول اللّه: «إذا أتاك اللّه بشيءٍ لم تطلبه ولم تعرض له فخذه، فإن كنت محتاجًا إليه فأنفقه، وإن لم تكن إليه محتاجًا فضعه في أهل الحاجة».
- ابن لهيعة، عن عبد اللّه بن هبيرة، عن قبيصة بن ذؤيبٍ أنّ عمر بن الخطّاب دفع إلى عبد اللّه بن سعدٍ، رجلٍ من قريشٍ، ألف دينارٍ، فقال: لا إرب لي بها يا أمير المؤمنين، ستجد من هو أحوج إليها منّي.
فقال خذها، فإنّما قلت لي كما قلت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: «يا عمر، ما أتاك من عطاءٍ غير مشرفةٍ له نفسك ولا سائلةٍ فاقبله» ). [تفسير القرآن العظيم: 1/411]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أم تسألهم خرجاً...}

يقول: على ما جئت به، يريد: أجراً، فأجر ربّك خير). [معاني القرآن: 2/240]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أم تسألهم خرجاً} أي أتاوة وغلةً كخرج العبد إلى مولاه، أو الرعية إلى الوالي، والخرج أيضاً من السحاب، ومنه يرى اشتق هذا أجمع، قال أبو ذؤيب:
إذا همّض بالإقلاع هبّت له الصّبا=وأعقب نوءٌ بعدها وخروج
قال أبو عمرو الهذلي: إنما سمي خروجاً الماء يخرج منه). [مجاز القرآن: 2/61]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أم تسألهم خرجاً} أي خراجا، فهم يستثقلون ذلك.
{فخراج ربّك خيرٌ} أي رزقه). [تفسير غريب القرآن: 299]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (أم تسألهم خرجا فخراج ربّك خير وهو خير الرّازقين}
أي (أم تسألهم) على ما أتيتهم به أجرا.
ويقرأ: {خراجا فخراج ربّك خير}.
ويجوز {خراجا فخراج ربّك خير} ). [معاني القرآن: 4/19]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير}
قال الحسن خرجا أي أجزأ
قال أبو حاتم الخراج الجعل والخراج العطاء إن شاء الله أو نحو ذلك). [معاني القرآن: 4/479]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (73)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإنّك لتدعوهم إلى صراطٍ مستقيمٍ} [المؤمنون: 73] إلى دينٍ مستقيمٍ، وهو الطّريق إلى الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 1/412]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ (74)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإنّ الّذين لا يؤمنون بالآخرة} [المؤمنون: 74] يعني بالبعث يوم القيامة.
وهو تفسير السّدّيّ.
{عن الصّراط لناكبون} [المؤمنون: 74] لجائرون في تفسير قتادة.
وقال الحسن: تاركون له.
وقال الكلبيّ: معرضون عنه.
قال يحيى: وهو واحدٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/412]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {لناكبون...}

يقول: لمعرضون عن الدين. والصراط ها هنا الدين). [معاني القرآن: 2/240]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( " عن الصّراط لنا كبون " أي لعادلون، يقال نكب عنه، ويقال: نكب عن فلان، أي عدل عنه،
ويقال: نكب عن الطريق، أي عدل عنه). [مجاز القرآن: 2/61]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({لناكبون}: عادلون. نكب عنه ينكب نكوبا أي عدل عنه). [غريب القرآن وتفسيره: 267]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {عن الصّراط لناكبون} أي عادلون، يقال: نكب عن الحق: أي عدل عنه). [تفسير غريب القرآن: 299]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وإنّ الّذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصّراط لناكبون}
معناه لعادلون عن القصد). [معاني القرآن: 4/19]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون}
روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال يقول عن الصراط لناكبون عن الحق لعادلون
قال أبو جعفر والصراط في اللغة الطريق المستقيم
ويقال نكب عن الحق إذا عدل عنه
والمعنى إنهم عن القصد لعادلون). [معاني القرآن: 4/480-479]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( (لناكبون) أي: لعادلون). [ياقوتة الصراط: 374]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لَنَاكِبُونَ}: أي عادلون). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 164]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لَنَاكِبُون}: عادلـون). [العمدة في غريب القرآن: 217]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (75)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضرٍّ} [المؤمنون: 75] يعني أهل مكّة، وذلك حيث أخذوا بالجوع سبع سنين حتّى أكلوا الميتة والعظام، وأجهدوا حتّى جعل أحدهم يرى ما بينه وبين السّماء دخانًا {فارتقب يوم تأتي السّماء بدخانٍ مبينٍ} [الدخان: 10] نزلت هذه قبل أن يؤخذوا بالجوع، ثمّ أخذوا بالجوع فقال اللّه وهم في ذلك الجوع: {ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضرٍّ للجّوا في
طغيانهم} [المؤمنون: 75] في ضلالتهم.
{يعمهون} [المؤمنون: 75] يتمادون في تفسير الحسن.
وقال قتادة: يلعبون). [تفسير القرآن العظيم: 1/412]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ (76)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولقد أخذناهم بالعذاب} [المؤمنون: 76] يعني ذلك الجوع في السّبع السّنين.
{فما استكانوا لربّهم وما يتضرّعون} [المؤمنون: 76] يقول: لم يؤمنوا.
وقد سألوا أن يرفع ذلك عنهم فيؤمنوا فقالوا: {ربّنا اكشف عنّا العذاب} [الدخان: 12] وهو ذلك الجوع {إنّا مؤمنون} [الدخان: 12] فكشف عنهم فلم يؤمنوا). [تفسير القرآن العظيم: 1/412]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {ولقد أخذناهم بالعذاب} يريد: نقض الأموال والثمرات.

{فما استكانوا لربّهم} أي ما خضعوا). [تفسير غريب القرآن: 299]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربّهم وما يتضرّعون}
أي ما تواضعوا. والذي أخذوا به الجوع). [معاني القرآن: 4/19]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون}
ولقد أخذناهم بالعذاب أي بالخوف ونقص الأموال والأنفس
فما استكانوا لربهم أي فما خضعوا). [معاني القرآن: 4/480]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ}: أي نقص الأموال والثمرات.
{فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ}: فما خضعوا لربهم وما تضرعوا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 164]

تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (77)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {حتّى إذا فتحنا عليهم بابًا ذا عذابٍ شديدٍ} [المؤمنون: 77] يعني يوم بدرٍ، القتل بالسّيف.
نزلت بمكّة قبل الهجرة، فقتلهم اللّه يوم بدرٍ.
قال: {إذا هم فيه مبلسون} [المؤمنون: 77] يائسون). [تفسير القرآن العظيم: 1/412]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ)
: ( {مبلسون}: المبلس: المنقطع به السيء الظن).
[غريب القرآن وتفسيره: 267]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {حتّى إذا فتحنا عليهم باباً ذا عذابٍ شديدٍ} يعني الجوع.
{إذا هم فيه مبلسون} أي يائسون من كل خير). [تفسير غريب القرآن: 299]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {حتّى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون}قيل السيف والقتل.
(إذا هم فيه مبلسون) المبلس الساكن المتحيّر). [معاني القرآن: 4/20-19]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد}
قيل يعني الجوع وقيل السيف
إذا هم فيه مبلسون أي متحيرون يائسون من الخير). [معاني القرآن: 4/480]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ}: يعني الجوع). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 165]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ}: أي: يائسون من كل خير). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 165]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (المُبْلِـسُ): المتحيّر المنقطع عن حجته). [العمدة في غريب القرآن: 217]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (78)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وهو الّذي أنشأ لكم} [المؤمنون: 78] خلق لكم.
{السّمع والأبصار والأفئدة} [المؤمنون: 78] يعني سمعهم، وأبصارهم، وأفئدتهم.
[تفسير القرآن العظيم: 1/412]
{قليلا ما تشكرون} [المؤمنون: 78] أقلّكم من يشكر، أي يؤمن). [تفسير القرآن العظيم: 1/413]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (79)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وهو الّذي ذرأكم في الأرض} [المؤمنون: 79] خلقكم في الأرض.
{وإليه تحشرون} [المؤمنون: 79] يوم القيامة). [تفسير القرآن العظيم: 1/413]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (80)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {وهو الّذي يحيي ويميت وله اختلاف اللّيل والنّهار أفلا تعقلون} [المؤمنون: 80] يقوله للمشركين يذكر نعمته عليهم.
يقول: فالّذي أنشأ لكم السّمع والأبصار والأفئدة، ويحيي ويميت، وله اختلاف اللّيل والنّهار، قادرٌ على أن يحيي الموتى). [تفسير القرآن العظيم: 1/413]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وله اختلاف اللّيل والنّهار...}

يقول: هو الذي جعلهما مختلفين، كما تقول في الكلام: لك الأجر والصلة أي إنك تؤجر وتصل). [معاني القرآن: 2/240]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( قوله تعالى: {وله اختلاف الليل والنهار}
قال الفراء معنى وله اختلاف الليل والنهار هو خالقها كما تقول لك الأجر والصلة). [معاني القرآن: 4/481-480]

تفسير قوله تعالى: {بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ (81)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {بل قالوا مثل ما قال الأوّلون} [المؤمنون: 81] ثمّ أخبر بذلك القول فقال: {قالوا أئذا متنا وكنّا ترابًا وعظامًا أئنّا لمبعوثون {82} لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل} [المؤمنون: 82-83] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/413]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (82)}

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآَبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (83)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (ثمّ أخبر بذلك القول فقال: {قالوا أئذا متنا وكنّا ترابًا وعظامًا أئنّا لمبعوثون {82} لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل} [المؤمنون: 82-83] أي وعدنا أن نبعث نحن وآباؤنا فلم نبعث.
كقوله: {فأتوا بآبائنا إن كنتم صادقين} [الدخان: 36] قوله: {إن هذا إلا أساطير الأوّلين} [المؤمنون: 83] كذب الأوّلين وباطلهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/413]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 13 محرم 1432هـ/19-12-2010م, 09:06 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 84 إلى آخر السورة]

{قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89) بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (90) مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91) عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (92) قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ (93) رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (94) وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ (95) ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ (96) وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (98) حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (101) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (103) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (104) أَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (105) قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ (106) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107) قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ (108) إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (109) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ (110) إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ (111) قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (112) قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ (113) قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (114) أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116) وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (117) وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (118)}


تفسير قوله تعالى: {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (فأمر اللّه نبيّه أن يقول لهم: {قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون {84} سيقولون للّه} [المؤمنون: 84-85] أي: فإذا قالوا ذلك فـ {قل أفلا تذكّرون} [المؤمنون: 85] فتؤمنوا وأنتم تقرّون أنّ الأرض ومن فيها للّه). [تفسير القرآن العظيم: 1/413]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {قل لّمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون...}

{سيقولون للّه...}
هذه لا مسألة فيها؛ لأنه قد استفهم بلام فرجعت في خبر المستفهم. وأمّا الأخريان فإنّ أهل المدينة وعامّة أهل الكوفة يقرءونها (لله)، (لله) وهما في قرءة أبيّ كذلك (لله) (لله) (لله) ثلاثهنّ. وأهل البصرة يقرءون الأخريين (الله)، (الله) وهو في العربيّة أبين؛ لأنه مردود مرفوع؛ ألا ترى [أن] قوله: {قل من ربّ السّموات} مرفوع لا خفض فيه، فجرى جوابه على مبتدأ به. وكذلك هي في قراءة عبد الله (لله) (الله). والعلّة في إدخال اللام في الأخريين في قول أبيّ وأصحابه أنك لو قلت لرجل: من مولاك؟ فقال: أنا لفلانٍ، كفاك من أن يقول: مولاي فلان. فلمّا كان المعنيان واحداً أجرى ذلك في كلامهم. أنشدني بعض بني عامر:

وأعلم أنني سأكون رمساً =إذا سار النواجع لا يسير
(يعني الرمس)
فقال السّائلون لمن حفرتم =فقال المخبرون لهم: وزير
فرفع أراد: الميت وزير). [معاني القرآن: 2/241-240]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون لله}
هذه الآية لا اختلاف فيها واللتان بعدها يقرؤهما أبو عمرو سيقولون الله
وأكثر القراء يقرءون سيقولون لله
فمن قرأ (سيقولون الله) جاء بالجواب على اللفظ
ومن قرأ {سيقولون لله} جاء به على المعنى كما يقال لمن هذه الدار فيقول لزيد على اللفظ وصاحبها زيد على المعنى
ومن صاحب هذه الدار فيقول زيد على اللفظ ولزيد فيجزئك عن ذلك
ويجوز في الأولى {سيقولون الله} في العربية). [معاني القرآن: 4/482-481]

تفسير قوله تعالى: {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (فأمر اللّه نبيّه أن يقول لهم: {قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون {84} سيقولون للّه} [المؤمنون: 84-85] أي: فإذا قالوا ذلك فـ {قل أفلا تذكّرون} [المؤمنون: 85] فتؤمنوا وأنتم تقرّون أنّ الأرض ومن فيها للّه). [تفسير القرآن العظيم: 1/413] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
( (قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون * سيقولون للّه قل أفلا تذكّرون}

هذه (للّه) لا اختلاف بين القرّاء فيها، ولو قرئت اللّه لكان جيدا.
فأما اللّتان بعدها فالقراءة فيهما سيقولون (اللّه) و (للّه).
فمن قرأ (سيقولون اللّه) فهو على جواب السؤال، إذا قال: (من رب السّماوات السبع)، فالجواب اللّه، وهي قراءة أهل البصرة، ومن قرأ (للّه) فجيد أيضا، لو قيل من صاحب هذه الدار فأجيب زيد لكان هذا جوابا على لفظ السؤال.
ولو قلت في جواب من صاحب هذه الدار: لزيد، جاز.
لأن معنى " من صاحب هذه الدار " - لمن هذه الدار). [معاني القرآن: 4/20]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86)}

تفسير قوله تعالى: {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قل من ربّ السّموات السّبع وربّ العرش العظيم {86} سيقولون للّه} [المؤمنون: 86-87] فإذا قالوا ذلك فـ {قل أفلا تتّقون} [المؤمنون: 87] وأنتم تقرّون أنّ اللّه خالق هذه الأشياء وربّها.
وقد كان مشركو العرب يقرّون بهذا). [تفسير القرآن العظيم: 1/413]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قل من بيده ملكوت كلّ شيءٍ} [المؤمنون: 88] أي ملك كلّ شيءٍ.
قال ابن مجاهدٍ عن أبيه: خزائن كلّ شيءٍ.
{وهو يجير} [المؤمنون: 88] من يشاء فيمنعه فلا يوصل إليه.
{ولا يجار عليه} [المؤمنون: 88] أي من أراد أن يعذّبه لم يستطع أحدٌ منعه). [تفسير القرآن العظيم: 1/413]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {قل من بيده ملكوت كلّ شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون}

أي هو يجير من عذابه ولا يجير عليه أحد من عذابه.
وكذلك هو يجير من خلقه ولا يجير عليه أحد). [معاني القرآن: 4/20]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وهو يجير ولا يجار عليه} أي وهو يجير من عذابه ومن خلقه ولا يجير عليه أحد من خلقه).
[معاني القرآن: 4/482]

تفسير قوله تعالى: {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({إن كنتم تعلمون {88} سيقولون للّه} [المؤمنون: 88-89] فإذا قالوا ذلك فـ {قل فأنّى
[تفسير القرآن العظيم: 1/413]
تسحرون} [المؤمنون: 89] عقولكم.
فشبّههم بقومٍ مسحورين، ذاهبةً عقولهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/414]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فأنّى تسحرون...}:

تصرفون. ومثله تؤفكون. أفك وسحر وصرف سواء). [معاني القرآن: 2/241]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({قل فأنّى تسحرون}أي فكيف تعمون عن هذا وتصدون عنه وتراه من قوله: سحرت أعيينا عنه فلم ينصره). [مجاز القرآن: 2/61]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فأنّى تسحرون} أي تخدعون وتصرفون عن هذا). [تفسير غريب القرآن: 299]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {سيقولون للّه قل فأنّى تسحرون}
معنى تسحرون، وتؤفكون: تصرفون عن القصد والحق). [معاني القرآن: 4/20]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قل فأنى تسحرون} معنى فأنى تسحرون فأنى تصرفون عن الحق). [معاني القرآن: 4/482]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَأَنَّى تُسْحَرُونَ}: أي تخدعون وتصرفون عن الحق). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 165]

تفسير قوله تعالى: {بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (90)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (ثمّ قال: {بل أتيناهم بالحقّ} [المؤمنون: 90] : القرآن.
أنزله اللّه على النّبيّ.
وهي تقرأ على وجهٍ آخر: {بل أتيناهم} يا محمّد {بالحقّ}: بالقرآن). [تفسير القرآن العظيم: 1/414]

تفسير قوله تعالى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {وإنّهم لكاذبون {90} ما اتّخذ اللّه من ولدٍ} [المؤمنون: 90-91] وذلك لقول المشركين: إنّ الملائكة بنات اللّه.
{وما كان معه من إلهٍ} [المؤمنون: 91] وذلك لما عبدوا من الأوثان، اتّخذوا مع اللّه آلهةً.
قال: {إذًا لذهب كلّ إلهٍ بما خلق} [المؤمنون: 91] يقول: لو كان معه آلهةٌ: {إذًا لذهب كلّ إلهٍ بما خلق} [المؤمنون: 91] {ولعلا بعضهم على بعضٍ} [المؤمنون: 91] لطلب بعضهم ملك بعضٍ حتّى يعلو عليه، كما يفعل ملوك الدّنيا.
{سبحان اللّه عمّا يصفون} [المؤمنون: 91] ينزّه نفسه عمّا يكذبون). [تفسير القرآن العظيم: 1/414]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وما كان معه من إلهٍ إذاً لّذهب كلّ اله...}

إذاً جواب لكلام مضمر. أي لو كانت معه آلهة {إذاً لّذهب كلّ اله بما خلق} يقول: لاعتزل كلّ إله بخلقه، {ولعلا بعضهم} يقول: لبغي بعضهم على بعض ولغلب بعضهم بعضاً).
[معاني القرآن: 2/241]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :(وقوله تعالى:(ما اتّخذ اللّه من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كلّ إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان اللّه عمّا يصفون}
{إذا لذهب كلّ إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض} أي طلب بعضهم مغالبة بعض.
{سبحان اللّه} معناه تنزيه اللّه وتبرئته من السوء، ومن أن يكون إله غيره تعالى عن ذلك علوا كبيرا). [معاني القرآن: 4/20]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من أله إذا لذهب كل إله بما خلق}
في الكلام حذف أي لو كانت معه آلهة لانفرد كل إله بخلقه.
{ولعلا بعضهم على بعض} أي لغالب بعضهم بعضا). [معاني القرآن: 4/483-482]

تفسير قوله تعالى: {عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (92)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {عالم الغيب} [المؤمنون: 92] الغيب هاهنا في تفسير الحسن: ما لم يجئ من غيب الآخرة.
{والشّهادة} [المؤمنون: 92] : ما أعلم العباد.
{فتعالى} [المؤمنون: 92] ارتفع اللّه.
{عمّا يشركون} [المؤمنون: 92] يرفع نفسه عمّا قالوا). [تفسير القرآن العظيم: 1/414]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {عالم الغيب والشّهادة...}

وجه الكلام الرفع على الاستئناف. الدليل على ذلك دخول الفاء في قوله: {فتعالى} ولو خفضت لكان وجه الكلام أن يكون (وتعالى) بالواو؛ لأنه إذا خفض إنما أراد: سبحان الله عالم الغيب والشهادة وتعالى. فدلّ دخول الفاء أنه أراد: هو عالم الغيب والشهادة فتعالى؛ ألا ترى أنك تقول: مررت بعبد الله المحسن وأحسنت إليه. ولو رفعت (المحسن) لم يكن بالواو؛ لانك تريد: هو المحسن فأحسنت إليه. وقد يكون الخفض في (عالم) تتبعه ما قبله وإن كان بالفاء؛ لأنّ العرب قد تستأنف بالفاء كما يستأنفون بالواو). [معاني القرآن: 2/241]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ (93)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {قل} [المؤمنون: 93] يا محمّد.
{ربّ إمّا ترينّي ما يوعدون} [المؤمنون: 93] من العذاب). [تفسير القرآن العظيم: 1/414]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) :
( وقوله جل وعز: {قل ربي إما تريني ما يوعدون رب فلا تجعلني في القوم الظالمين}

النداء معترض والمعنى إما تريني ما يوعدون فلا تجعلني في القوم الظالمين). [معاني القرآن: 4/483]

تفسير قوله تعالى: {رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (94)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({ربّ فلا تجعلني في القوم الظّالمين} [المؤمنون: 94] لا تهلكني معهم إن أريتني ما يوعدون). [تفسير القرآن العظيم: 1/414]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ربّ فلا تجعلني...}

هذه الفاء جوابٌ للجزاء لقوله: {إمّا ترينّي} اعترض النداء بينهما كما: تقول إن تأتني يا زيد فعجّل. ولو لم يكن قبله جزاء لم يجزأن تقول: يا زيد فقم، ولا أن تقول يا ربّ فاغفر لي؛ لأنّ النداء مستأنف، وكذلك الأمر بعده مستأنف لا تدخله الفاء ولا الواو. لا تقول: يا قوم فقوموا، إلا أن يكون جواباً لكلام قبله، كقول قائل: قد أقيمت الصّلاة،
فتقول: ياهؤلاء فقوموا. فهذا جوازه). [معاني القرآن: 2/241]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قل ربّ إمّا ترينّي ما يوعدون * ربّ فلا تجعلني في القوم الظّالمين}[معاني القرآن: 4/20]
الفاء جواب الشرط شرط الجزاء، وهو اعتراض بين الشرط والجزاء، المعنى إمّا تريني ما يوعدون فلا تجعلني يا ربّ في القوم الظالمين، أي إن نزلت بهم النقمة يا ربّ فاجعلني خارجا عنهم.
ويجوز " فلا تجعلنّي " ولم يقرأ بها). [معاني القرآن: 4/21]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قل ربي إما تريني ما يوعدون رب فلا تجعلني في القوم الظالمين}
النداء معترض والمعنى إما تريني ما يوعدون فلا تجعلني في القوم الظالمين). [معاني القرآن: 4/483] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ (95)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وإنّا على أن نريك ما نعدهم} [المؤمنون: 95] من العذاب). [تفسير القرآن العظيم: 1/414]

تفسير قوله تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ (96)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({لقادرون {95} ادفع بالّتي هي أحسن السّيّئة} [المؤمنون: 95-96] يقول: ادفع بالعفو والصّفح القول القبيح والأذى.
تفسير السّدّيّ.
[تفسير القرآن العظيم: 1/414]
قال يحيى: وذلك قبل أن يؤمر بقتالهم.
{نحن أعلم بما يصفون} [المؤمنون: 96] بما يكذبون). [تفسير القرآن العظيم: 1/415]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {ادفع بالّتي هي أحسن} [أي] الحسنى من القول. قال قتادة: سلّم عليه إذا لقيته).
[تفسير غريب القرآن: 299]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ادفع بالتي هي أحسن السيئة}
قال مجاهد وعطاء وقتادة يعني السلام إذا لقيته فسلم عليه). [معاني القرآن: 4/483]

تفسير قوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وقل ربّ أعوذ بك من همزات الشّياطين} [المؤمنون: 97] وهو الجنون). [تفسير القرآن العظيم: 1/415]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {من همزات الشّياطين} وهمز الشيطان غمزه الإنسان وقمعه فيه).
[مجاز القرآن: 2/61]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {همزات الشياطين}:واحدها همزة. والهمز واللمز والغمز والطعن على الرجل.
وقال المفسرون الهمز: الموتة التي تأخذ الإنسان). [غريب القرآن وتفسيره: 267]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( و{همزات الشّياطين} نخسها وطعنها. ومنه قيل [للغائب: همزة] كأنه يطعن وينخس إذا عاب). [تفسير غريب القرآن: 300]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وقل ربّ أعوذ بك من همزات الشّياطين}
واحد الهمزات همزة، وهو مسّ الشيطان، ويجوز أن يكون نزغات الشيطان، ونزغ الشيطان وسوسته حتى يشغل عن أمر اللّه تعالى). [معاني القرآن: 4/21]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين}
أصل الهمز النخس والدفع وقيل فلان همزة كأنه ينخس من عابه فهمز الشيطان مسه ووسوسته). [معاني القرآن: 4/484]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( (همزات الشياطين) أي: غمزات الشياطين ووساوسها). [ياقوتة الصراط: 374]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {هَمَزَاتِ}: وسوسة). [العمدة في غريب القرآن: 217]

تفسير قوله تعالى: (وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (98)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وأعوذ بك ربّ أن يحضرون} [المؤمنون: 98] فأطيع الشّيطان، فأهلك، أمره اللّه أن يدعو بهذا). [تفسير القرآن العظيم: 1/415]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {وأعوذ بك ربّ أن يحضرون}

ويجوز " وأعوذ بك ربّ أن يحضرون " ولم يقرأ بها فلا تقرأنّ بها.
ويجوز وأعوذ بك ربّي أن يحضرون، ويجوز ربّي.
فهذه أربعة أوجه.
ولا ينبغي أن يقرأ إلا بواحد، وهو الذي عليه الناس.. ربّ بكسر الباء وحذف الياء، والياء حذفت للبداء والمعنى وأعوذ بك يا ربّ.
من قال ربّ بالضم فعلى معنى يا أيها الربّ ومن قال ربّي فعلى الأصل. كما قال يا عبادي فاتّقون). [معاني القرآن: 4/21]

تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {حتّى إذا جاء أحدهم الموت قال ربّ ارجعون} [المؤمنون: 99] قال الحسن: ليس أحدٌ من خلق اللّه ليس للّه بوليٍّ إلا وهو يسأل اللّه الرّجعة إلى الدّنيا عند الموت بكلامٍ يتكلّم به، وإن كان أخرس لم يتكلّم في الدّنيا بحرفٍ قطّ، وذلك إذا استبان له أنّه من أهل النّار سأل اللّه الرّجعة ولا يسمعه من يليه). [تفسير القرآن العظيم: 1/415]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال يحيى: وأخبرني رجلٌ من أهل الكوفة عن السّدّيّ قال: إنّ الكافر إذا نزل به الموت وعاين حسناته قليلةً وسيّئاته كثيرةً، نظر إلى ملك الموت من قبل أن يخرج من الدّنيا، فتمنّى الرّجعة وصدّق بما كذّب به، فعند ذلك يقول: {ربّ ارجعون} [المؤمنون: 99] يعني إلى الدّنيا {لعلّي أعمل صالحًا فيما تركت} [المؤمنون: 100] يقول اللّه: {كلّا} [المؤمنون: 100] يعني لا يرجع إلى الدّنيا). [تفسير القرآن العظيم: 1/416] (م)

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {قال ربّ ارجعون...}

فجعل الفعل كأنه لجميع وإنما دعا ربه. فهذا ممّا جرى على ما وصف الله به نفسه من قوله: {وقد خلقناك من قبل} في غير مكان من القرآن. فجرى هذا على ذلك).
[معاني القرآن: 2/241-242]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه أن يخاطب الواحد بلفظ الجميع:
كقوله سبحانه: {قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ}، وأكثر من يخاطب بهذا الملوك، لأنّ من مذاهبهم أن يقولوا: نحن فعلنا. بقوله الواحد منهم يعني نفسه، فخوطبوا بمثل ألفاظهم.
يقول الله عز وجل: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} [يوسف: 3]، و{إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49].
ومن هذا قوله عز وجل: {عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ} [يونس: 83]، وقوله: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ} [هود: 14]، وقوله: {فَأْتُوا بِآَبَائِنَا} [الدخان: 36]).
[تأويل مشكل القرآن: 294-293]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (حتّى إذا جاء أحدهم الموت قال ربّ ارجعون}
يعني به الذين ذكروا قبل هذا الموضع. ودفعوا البعث فأعلم أنه إذا حضر أحدهم الموت {قال ربّ ارجعون * لعلّي أعمل صالحا فيما تركت}.
وقوله: (ارجعون) وهو يريد اللّه - عزّ وجلّ - وحده، فجاء الخطاب في المسألة على لفظ الإخبار لأن الله عزّ وجلّ قال: {إنّا نحن نحيي ونميت}.[معاني القرآن: 4/21]
وهو وحده يحيي ويميت. وهذا لفظ تعرفه العرب للجليل الشأن يخبر عن نفسه بما يخبر به الجماعة، فكذلك جاء الخطاب في (ارجعون).
وقوله: (كلّا) ردع وتنبيه). [معاني القرآن: 4/22]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون}
يعني المذكورين الذين لا يؤمنون بالبعث
قال رب ارجعون ولم يقل ارجعن فخاطب على ما يخبر الله جل وعز به عن نفسه كما قال: {إنا نحن نحي الموتى} وفيه معنى التوكيد والتكرير). [معاني القرآن: 4/484]

تفسير قوله تعالى: {لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({لعلّي أعمل صالحًا فيما تركت} [المؤمنون: 100] فيما صنعت.
قال اللّه: كلا لست براجعٍ إلى الدّنيا، وهي مثل قوله: {وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول ربّ لولا أخّرتني إلى أجلٍ قريبٍ فأصّدّق وأكن من الصّالحين} [المنافقون: 10] ثمّ قال: {كلّا إنّها كلمةٌ هو قائلها} [المؤمنون: 100] هذه الكلمة: {قال ربّ ارجعون {99} لعلّي أعمل صالحًا فيما تركت} [المؤمنون: 99-100]
- خالدٌ وإبراهيم بن محمّدٍ، عن صفوان بن سليمٍ، عن سليمان بن عطاءٍ، عن رجلٍ من بني حارثة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إذا حضر الإنسان الموت جمع كلّ شيءٍ له كان يمنعه من الحقّ، فجعل بين عينيه».
في حديث خالدٍ، وفي حديث إبراهيم: كلّ شيءٍ كان يمنعه من حقّه فجعل بين يديه، فعند ذلك يقول: {قال ربّ ارجعون {99} لعلّي أعمل صالحًا فيما تركت} [المؤمنون: 99-100]). [تفسير القرآن العظيم: 1/415]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال يحيى: وأخبرني رجلٌ من أهل الكوفة عن السّدّيّ قال: إنّ الكافر إذا نزل به الموت وعاين حسناته قليلةً وسيّئاته كثيرةً، نظر إلى ملك الموت من قبل أن يخرج من الدّنيا، فتمنّى الرّجعة وصدّق بما كذّب به، فعند ذلك يقول: {ربّ ارجعون} [المؤمنون: 99] يعني إلى الدّنيا {لعلّي أعمل صالحًا فيما تركت} [المؤمنون: 100] يقول اللّه: {كلّا} [المؤمنون: 100] يعني لا يرجع إلى الدّنيا.
ثمّ استأنف فقال: {كلّا إنّها كلمةٌ هو قائلها} [المؤمنون: 100] ولا يسمع بها بنو آدم.
ونحو ذلك مثل قول فرعون في سورة يونس.
[تفسير القرآن العظيم: 1/415]
قوله: {ومن ورائهم برزخٌ إلى يوم يبعثون} [المؤمنون: 100] فطر بن خليفة قال: سألت مجاهدًا عن هذه الآية فقال: ما بين الموت إلى البعث.
سعيدٌ عن قتادة: قال: أهل القبور في البرزخ، وهو الحاجز بين الدّنيا والآخرة.
وقال السّدّيّ: البرزخ ما بين النّفختين). [تفسير القرآن العظيم: 1/416]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ومن ورائهم برزخٌ...}

البرزخ من يوم يموت إلى يوم يبعث. وقوله: {وجعل بينهما برزخاً} يقول حاجزاً. والحاجز والمهلة متقاربان في المعنى، وذلك أنك تقول: بينهما حاجز، أن يتزاورا، فتنوي بالحاجز المسافة البعيدة، وتنوي الأمر المانع، مثل اليمين والعداوة. فصار المانع في المسافة كالمانع في الحوادث، فوقع عليهما البرزخ). [معاني القرآن: 2/242]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ومن ورائهم برزخٌ} أي أمامهم وقدامهم، قال الشاعر:
أترجو بنو مروان سمي وطاعتي=وقومى تميم والغلاة ورائيا


وما بين كل شيئين برزخ وما بين الدنيا والاخرة برزخ، قال:
ومقدار ما بيني وبينك برزخ). [مجاز القرآن: 2/62]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( (البرزخ): الحاجز ما بين الشيئين. البرزخ ما بين الدنيا والآخرة {فجعل بينهما برزخا}: يعني بين العذب والملح حاجز
حجز بينهما. ومنه {بينهما برزخ لا يبغيان}: أي حاجز لا يبغي هذا على هذا). [غريب القرآن وتفسيره: 268]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( و(البرزخ) ما بين الدنيا والآخرة [وكل شيء بين شيئين] فهو برزخ.
ومنه قوله في البحرين: {وجعل بينهما برزخاً} [ الفرقان: 53] أي حاجزا). [تفسير غريب القرآن: 300]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون}
{يوم} مضاف إلى {يبعثون} لأن أسماء الزمان تضاف إلى الأفعال والبرزخ في اللغة الحاجز، وهو ههنا ما بين موت الميت وبعثه). [معاني القرآن: 4/22]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {كلا إنها كلمة هو قائلها}كلا ردع وزجر وتنبيه
ثم قال جل وعز: {ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون}
قال أبو عبيدة أي من أمامهم
قال مجاهد البرزخ حجاب بين الموت والرجوع إلى الدنيا
قال الضحاك هو ما بين الدنيا والآخرة
قال أبو جعفر والعرب تسمي كل حاجز بين شيئين برزخا كما قاله سبحانه: {بينهما برزخ لا يبغيان}
وقوله جل وعز: {فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم ولا يتساءلون}
قال أبو عبيدة هو جمع صورة
قال أبو جعفر يذهب إلى أن المعنى فإذا نفخ في صور الناس الأرواح وهذا غلط عند أهل التفسير واللغة
روى أبو الزعراء عن عبد الله بن مسعود فإذا نفخ في الصور قال في القرن
روى عطية عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(( كيف أنعم وقد التقم صاحب القرن القرن وحنى جبهته وأصغى سمعه ينتظر متى يؤمر، قال المسلمون: يا رسول الله فما نقول قال: قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل عليه توكلنا))
لا يعرف أهل اللغة في جمع صورة إلا صورا ولو كان جمع صورة لكان ثم نفخ فيها إلا على بعد من الكلام
قال أبو جعفر وهذه الآية مشكلة لأنه قال جل وعز: {فلا أنساب بينهم ولا يتساءلون} وقال في موضع آخر: {واقبل بعضهم على بعض يتساءلون}
والجواب عن هذا وهو معنى قول عبد الله بن عباس وان خالف بعض لفظه والمعنى واحد أنه إذا نفخ في الصور أول نفخة تقطعت الأرحام وصعق من في السموات ومن في الأرض وشغل بعض الناس عن بعض بأنفسهم فعند ذلك لا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون
قال أبو جعفر ومعنى يومئذ
في قوله: {فلا أنساب بينهم يومئذ} كما تقول أنا اليوم كذا أي في هذا الوقت لا تريد وقتا بعينه). [معاني القرآن: 4/487-484]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (والبرزخ): ما بين الدنيا والآخرة وكل شيء بين الشيئين فهو برزخ). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 165]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (البَرْزَخُ): الحـاجز). [العمدة في غريب القرآن: 217]

تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (101)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {فإذا نفخ في الصّور} [المؤمنون: 101] والصّور: قرنٌ.
وقد فسّرنا ذلك قبل هذا الموضع.
{فلا أنساب بينهم يومئذٍ ولا يتساءلون} [المؤمنون: 101]
- سعيدٌ، عن قتادة، عن الحسن قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " ثلاثة مواطن لا يسأل فيها أحدٌ أحدًا: إذا وضعت الموازين حتّى يعلم أيثقل ميزانه أم يخفّ، وإذا تطايرت الكتب حتّى يعلم أيأخذ كتابه بيمينه أم بشماله، وعند الصّراط حتّى يعلم أيجوز الصّراط أم لا يجوز ".
وفي تفسير عمرٍو عن الحسن أنّ أنسابهم يومئذٍ قائمةٌ معروفةٌ قال: {يوم يفرّ المرء من أخيه {34} وأمّه وأبيه {35}} [عبس: 34-35] قال يحيى: وسمعت بعض الكوفيّين يقول: {يبصّرونهم} [المعارج: 11] أي يرونهم.
يقول: يعرفونهم في مواطن، ولا يعرفونهم في مواطن.
وقال الحسن: {فلا أنساب بينهم} [المؤمنون: 101] يتعاطفون عليها كما كانوا يتعاطفون عليها في الدّنيا، {ولا يتساءلون} [المؤمنون: 101] عليها أن يحمل بعضهم عن بعضٍ كما كانوا يتساءلون في الدّنيا بأنسابهم.
كقول الرّجل أسألك باللّه وبالرّحم). [تفسير القرآن العظيم: 1/416]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله تعالى: {فإذا نفخ في الصّور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون (101)}

قيل: هذا في النفخة الأولى ويجوز أن يكون بعد النفخة الثانية والصور، جاء في التفسير أنه قرن ينفخ فيه فيبعث الناس في النفخة الثانية،
قال عز وجلّ (ثمّ نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون).
وقال أهل اللغة كثير منهم: الصور جمع صورة، والذي جاء في اللغة جمع صورة صور، وكذلك جاء في القرآن: {وصوّركم فأحسن صوركم}، ولم يقرأ أحد فأحسن صوركم،
ولو كان أيضا جمع صورة لقال أيضا: ثم نفخ فيها أخرى، لأنك تقول: هذه صور، ولا تقول هذا صور إلا على ضعف فهو على ما جاء في التفسير.
فأما قوله: {ولا يتساءلون}.
وقال في موضع - آخر: {وقفوهم إنّهم مسئولون}
وقال في موضع آخر {وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون}
فيقول القائل: كيف جاء " ولا يتساءلون "
وجاء {وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون}.
فإن يوم القيامة مقداره خمسون ألف سنة، ففيه أزمنة وأحوال.
وإنما قيل يومئذ كما تقول: نحن اليوم بفعل كذا وكذا، وليس تريد به في يومك إنما تريد نحن في هذا الزمان، " فيوم " تقع للقطعة من الزمان.
وأمّا {فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جانّ} فلا يسأل عن ذنبه ليستفهم، قد علم اللّه عزّ وجلّ ما سلف منهم.
وأما قوله: {وقفوهم إنّهم مسئولون} فيسألون سؤال توبيخ لا سؤال استفهام كما قال: (وإذا الموءودة سئلت * بأيّ ذنب قتلت}.
وإنما تسأل لتوبيخ من قتلها.
وكذلك قوله: {أأنت قلت للنّاس اتّخذوني وأمّي إلهين من دون اللّه}.
فما يسأل عنه يوم القيامة تقرير وتوبيخ، واللّه - عزّ وجلّ - قد علم ما كان، وأحصى كبير ذلك وصغيره). [معاني القرآن: 4/23-22]

تفسير قوله تعالى: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون} [المؤمنون: 102] : السّعداء، وهم أهل الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 1/416]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (103)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({ومن خفّت موازينه فأولئك الّذين خسروا أنفسهم} [المؤمنون: 103] أن يغنموها فصاروا
[تفسير القرآن العظيم: 1/416]
في النّار.
قال: {في جهنّم خالدون} [المؤمنون: 103] لا يخرجون منها ولا يموتون). [تفسير القرآن العظيم: 1/417]

تفسير قوله تعالى: {تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (104)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({تلفح وجوههم النّار وهم فيها كالحون} [المؤمنون: 104] قال يحيى: وبلغني عن ابن مسعودٍ قال: مثل الرّأس المشيط.
- قال: وأخبرني صاحبٌ لي، عن يحيى بن عبد اللّه المدنيّ، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه: «شفته السّفلى ساقطةٌ على صدره، والعليا قالصةٌ قد غطّت وجهه».
- حاجب بن عمر، عن عمّه الحكم بن الأعرج، عن أبي هريرة قال: يعظّم الكافر في النّار مسيرة سبع ليالٍ، ضرسه مثل أحدٍ، شفاههم عند صدرهم، سودٌ، زرقٌ، حبنٌ، مفتوحون، يتهافتون في النّار، ويقول: هل امتلأت؟ وتقول: هل من مزيدٍ؟ حتّى يضع الرّحمن قدمه فيها فتقول: ربّ قط قط). [تفسير القرآن العظيم: 1/417]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {تلفح وجوههم النّار وهم فيها كالحون}

يلفح وينفح في معنى واحد، إلا أن اللفح أعظم تأثيرا.
{وهم فيها كالحون} والكالح الذي قد تشمّرت شفته عن أسنانه، نحو ما ترى من رؤوس الغنم إذا مسّتها النار فبرزت الأسنان وتشمرت الشفاه). [معاني القرآن: 4/23]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون}
روى أبو الأحوص عن عبد الله بن مسعود قال الكالح الذي قد بدت أسنانه وتقلصت شفته كالرأس المشيط بالنار). [معاني القرآن: 4/488-487]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وهم فيها كالحون} أي: قد كشروا عن الأسنان، حتى تبنت من الشدة). [ياقوتة الصراط: 375-374]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (105)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذّبون} [المؤمنون: 105] يقول لهم ذلك في النّار). [تفسير القرآن العظيم: 1/417]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ (106)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قالوا ربّنا غلبت علينا شقوتنا} [المؤمنون: 106] تفسير ابن مجاهدٍ عن أبيه: الّتي كتبت علينا.
{وكنّا قومًا ضالّين} [المؤمنون: 106]
- فطرٌ عن أبي الطّفيل قال: سمعت عبد اللّه بن مسعودٍ يقول: الشّقيّ من شقي في بطن أمّه، والسّعيد من وعظ بغيره.
قال يحيى: وقد ذكرنا الحديث عن النّبيّ عليه السّلام أنّه يكتب في بطن أمّه شقيًّا أو سعيدًا في غير هذه السّورة). [تفسير القرآن العظيم: 1/417]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {قالوا ربّنا غلبت علينا شقوتنا...}

... حدثني شريك عن أبي إسحاق (وقيس) عن أبي إسحاق، وزهير ابن معاوية أبو خيثمة الجعفيّ، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن مسعود أنه قرأ (شقاوتنا) بألف وفتح الشين. قيل للفراء أأخبرك زهير؟ فقال:
يا هؤلاء إني لم أسمع من زهير شيئاً. وقرأ أهل المدينة وعاصم (شقوتنا) وهي كثيرة.
أنشدني أبو ثروان:
كلّف من عنائه وشقوته=بنت ثماني عشرةٍ من حجّته
... لولا عبد الله ما قرأتها إلا (شقوتنا) ). [معاني القرآن: 2/242]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قالوا ربّنا غلبت علينا شقوتنا وكنّا قوما ضالّين}
وتقرأ شقاوتنا، والمعنى واحد.
(وكنّا قوما ضالّين) أقرّوا بذلك). [معاني القرآن: 4/23]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا}
قال مجاهد أي التي كتبت علينا). [معاني القرآن: 4/488]

تفسير قوله تعالى: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ربّنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنّا ظالمون} [المؤمنون: 107]
- سعيدٌ، عن قتادة، عن أبي أيّوب، عن عبد اللّه بن عمرٍو أنّ أهل جهنّم يدعون مالكًا فلا يجيبهم أربعين عامًا، ثمّ يردّ عليهم: {إنّكم ماكثون} [الزخرف: 77] ثمّ ينادون
[تفسير القرآن العظيم: 1/417]
ربّهم: {ربّنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنّا ظالمون} [المؤمنون: 107]، فيسكت عنهم قدر عمر الدّنيا مرّتين، ثمّ يردّ عليهم: {اخسئوا فيها ولا تكلّمون} [المؤمنون: 108] فواللّه ما نبس القوم بعدها بكلمةٍ وما هو
إلا الزّفير والشّهيق.
فشبّه أصواتهم بأصوات الحمير: أوّلها زفيرٌ، وآخرها شهيقٌ.
أبو أميّة، عن سليمان التّيميّ أنّ أهل النّار يدعون خزنة أهل النّار أربعين سنةً، ثمّ يكون جوابهم إيّاهم: ألم تأتكم رسلكم بالبيّنات؟ {قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلالٍ} [غافر: 50] ثمّ ينادون مالكًا فلا يجيبهم مقدار ثمانين سنةً.
ثمّ يكون جواب مالكٍ إيّاهم: {إنّكم ماكثون} [الزخرف: 77].
ثمّ يدعون ربّهم: {ربّنا أخرجنا منها} [المؤمنون: 107]، فلا يجيبهم مقدار الدّنيا مرّتين، ثمّ يكون جوابه إيّاهم: {اخسئوا فيها ولا تكلّمون} [المؤمنون: 108] ثمّ إنّما هو الزّفير والشّهيق). [تفسير القرآن العظيم: 1/418]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ (108)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {اخسئوا فيها} [المؤمنون: 108] تفسير الحسن والسّدّيّ: اصغروا فيها، الخاسئ عندهما الصّاغر.
وتفسير قتادة: الخاسئ: الّذي لا يتكلّم، ليس إلا الزّفير والشّهيق). [تفسير القرآن العظيم: 1/418]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) :
( {قال اخسئوا فيها ولا تكلّمون}

وقال: {اخسئوا فيها} لأنّها من "خسأ" "يخسأ" تقول: "خسأته" فـ"خسأ"). [معاني القرآن: 3/13]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قال اخسئوا فيها ولا تكلّمون}
معنى {اخسئوا} تباعدوا تباعد سخط.
يقال خسأت الكلب أخسؤه إذا زجرته ليتباعد). [معاني القرآن: 4/24]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قال اخسؤوا فيها ولا تكلمون}
يقال خسأته إذا باعدته بانتهار). [معاني القرآن: 4/488]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (109)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {إنّه كان فريقٌ من عبادي} [المؤمنون: 109] يعني المؤمنين.
{يقولون ربّنا آمنّا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الرّاحمين} [المؤمنون: 109] أفضل من رحم.
وقد جعل اللّه الرّحمة في قلب من يشاء، وذلك من رحمة اللّه وهو أرحم من خلقه.
- الصّلت بن دينارٍ، عن أبي عثمان النّهديّ، عن سلمان الفارسيّ قال: إنّ اللّه خلق يوم خلق السّموات والأرض مائة رحمةٍ، كلّ رحمةٍ منها طباقها السّموات والأرض، فأنزل منها رحمةً واحدةً فيها تتراحم الخليقة، حتّى ترحم البهيمة بهيمتها، والوالدة ولدها، حتّى إذا كان يوم القيامة جاء بتلك التّسع والتّسعين الرّحمة، ونزع تلك الرّحمة من قلوب الخليقة فكمّلها
مائة رحمةٍ، ثمّ نصبها بينه وبين خلقه.
فالخائب من خيب من تلك المائة الرّحمة). [تفسير القرآن العظيم: 1/418]

تفسير قوله تعالى: {فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ (110)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {فاتّخذتموهم سخريًّا} [المؤمنون: 110] يقوله لأهل النّار.
{حتّى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون} [المؤمنون: 110] كانوا يسخرون بأصحاب الأنبياء، يضحكون منهم.
وقوله: {حتّى أنسوكم ذكري} [المؤمنون: 110] ليس يعني أنّ أصحاب الأنبياء أنسوهم ذكر اللّه فأمروهم ألا يذكروه، ولكنّ جحودهم، واستهزاءهم، وضحكهم منهم هو الّذي أنساهم ذكر اللّه، كقول الرّجل: أنساني فلانٌ كلّ شيءٍ، وفلانٌ غائبٌ عنه، بلغه عنه أمرٌ فشغل ذلك قلبه.
وهي كلمةٌ عربيّةٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/419]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {سخريّاً...}

و{سخريّا}. قد قرأ بهما جميعاً. والضمّ أجود. قال الذين كسروا ماكان من السخرة فهو مرفوع، وما كان من الهزؤ فهو مكسور.
وقال الكسائي: سمعت العرب تقول: بحر لجّي ولجّي، ودريّ ودريّ منسوب إلى الدّرّ، والكرسي والكرسي. وهو كثير. وهو في مذهبه بمنزلة قولهم العصي والعصيّ والأسوة والإسوة).
[معاني القرآن: 2/243]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فاتّخذتموهم سخريّاً} مكسورة الأولى لأنه من قولهم: يسخر منه، وبعضهم يضم أوله، لأنه يجعله من السخرة والتسخر بهم).
[مجاز القرآن: 2/62]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {سخريا}: من السخرية و{سخريا}: من السخرة). [غريب القرآن وتفسيره: 268]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فاتّخذتموهم سخريًّا} - بكسر السين - أي تسخرون منهم وسخريا - بضمها - تسخّرونهم، من السّخرة
{حتّى أنسوكم ذكري} أي شغلكم أمرهم عن ذكري). [تفسير غريب القرآن: 300]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فاتّخذتموهم سخريّا حتّى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون}
الأجود إدغام الدال في التاء لقرب المخرجين، وإن شئت أظهرت.
لأن الدال من كلمة والتاء من كلمة، والدال بينها وبين التاء في المخرج شيء من التباعد، وليست الذال من التاء بمنزلة الدال من التاء.
والتاء والطاء من مكان واحد، وهي من أصول الثنايا العلا وطرف اللسان. والذال من أطراف الثنايا العلا ودوين طرف اللسان.
وقوله: (سخريّا). يقرأ بالضم والكسر، وكلاهما جيّد، إلا أنهم قالوا إن بعض أهل اللغة قال: ما كان من الاستهزاء فهو بالكسر، وما كان من جهة التسخير فهو بالضم،
وكلاهما عند سيبويه والخليل واحد، والكسر لإتباع الكسر أحسن). [معاني القرآن: 4/24]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري}
قال الحسن وقتادة وأبو عمرو بن العلاء وهذا معنى ما قالوا السخري بالضم ما كان من جهة السخرة والسخري بالكسر ما كان من الهزؤ). [معاني القرآن: 4/489-488]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {سُخْرِيًّا}: من ضم السين فهو من السخرة وهي الاستخدام، ومن كسر السين جعله من السخرية وهي الهزء، وهما لغتان من الاستخدام، فعلى القول الأول لا يجوز أن تقرأ الذي في الزخرف إلا بالضم، بمعنى الاستخدام جميعاً، وجماعة القراء فيه على الضم بمعنى الاستخدام). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 165]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {سخْرِيّـاً}: من السخرة). [العمدة في غريب القرآن: 217]

تفسير قوله تعالى: {إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ (111)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {إنّي جزيتهم اليوم بما صبروا} [المؤمنون: 111] في الدّنيا.
{أنّهم هم الفائزون} [المؤمنون: 111] ذلك جزاؤهم {أنّهم} [المؤمنون: 111] أي بأنّهم {هم الفائزون} [المؤمنون: 111].
وهي تقرأ على وجهٍ آخر: إنّي جزيتهم اليوم الجنّة بما صبروا في الدّنيا.
ثمّ قال: {أنّهم هم الفائزون} [المؤمنون: 111] وقوله: {الفائزون} [المؤمنون: 111] النّاجون من النّار، فازوا من النّار إلى الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 1/419]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أنّهم هم الفائزون...}

كسرها الأعمش على الاستئناف، ونصبها من سواه على: إني جزيتهم الفوز بالجنّة، فأنّ في موضع نصب. ولوجعلتها نصباً من إضمار الخفض جزيتهم لأنهم هم الفائزون بأعمالهم في السّابق). [معاني القرآن: 2/243]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إنّي جزيتهم اليوم بما صبروا أنّهم هم الفائزون}
الكسر أجود لأن الكسر على معنى إني جزيتهم بما صبروا، ثم أخبر فقال: إنهم هم الفائزون: والفتح جيّد بالغ، على معنى: (إني جزيتهم لأنهم هم الفائزون،
وفيه وجه آخر: يكون المعنى جزيتهم الفوز، لأن معنى (أنّهم هم الفائزون). فوزهم، فيكون المعنى جزيتهم فوزهم). [معاني القرآن: 4/24]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون} أي لأنهم ويجوز أن يكون المعنى إني جزيتهم الفوز).
[معاني القرآن: 4/489]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (112)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {قال كم لبثتم} [المؤمنون: 112] يقوله لهم في الآخرة.
{في الأرض عدد سنين} [المؤمنون: 112] أي كم عدد السّنين الّتي لبثتم في الأرض؟ يريد بذلك أن يعلمهم قلّة بقائهم كان في الدّنيا، فتصاغرت الدّنيا عندهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/419]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {قال كم لبثتم...}

قراءة أهل المدينه {قال كم لبثتم} وأهل الكوفه {قل كم لبثتم} ). [معاني القرآن: 2/243]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين} [معاني القرآن: 4/24]
" كم " في موضع نصب بقوله: (لبثتم)، و (عدد سنين) منصوب بـ " كم " ويجوز كم لبثتم في الأرض مشدد التاء.
وكذلك يجوز في الجواب). [معاني القرآن: 4/25]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ (113)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قالوا لبثنا يومًا أو بعض يومٍ} [المؤمنون: 113] وذلك لتصاغر الدّنيا عندهم.
{فاسأل العادّين} [المؤمنون: 113] : الملائكة.
تفسير مجاهدٍ.
وقال قتادة: الحسّاب الّذين كانوا يحسبون آجالنا، مثل قوله: {إنّما نعدّ لهم عدًّا} [مريم: 84] الأنفاس، وهي آجالهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/419]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {لبثنا يوماً أو بعض يومٍ...}

أي لا ندري (فاسأل) الحفظة هم العادّون). [معاني القرآن: 2/243]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فسئل العادّين} أي الحسّاب). [تفسير غريب القرآن: 300]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل العادّين}
(لبثنا) و (لبثنا)
وقوله: {فاسأل العادّين} أي فاسأل الملائكة الذين يحفظون عدد ما لبثنا) ). [معاني القرآن: 4/25]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل العادين}
قال مجاهد {فاسأل العادين} الملائكة
وقال قتادة أي الحساب). [معاني القرآن: 4/490-489]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (114)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قال إن لبثتم إلا قليلا} [المؤمنون: 114] إنّ لبثكم في الدّنيا في طول ما أنتم لابثون في النّار كان قليلًا وهو كقوله: {وتظنّون} [الإسراء: 52] أي في الآخرة {إن لبثتم} [المؤمنون: 114] في الدّنيا {إلا قليلا} [المؤمنون: 114].
[تفسير القرآن العظيم: 1/419]
قوله: {لو أنّكم كنتم تعلمون} [المؤمنون: 114] أي لو كنتم علماء لم تدخلوا النّار.
والمشركون هم الّذين لا يعلمون كقوله: {كذلك يطبع اللّه على قلوب الّذين لا يعلمون} [الروم: 59]، وأشباه ذلك.
وقال في المؤمنين: {وقال الّذين أوتوا العلم ويلكم ثواب اللّه خيرٌ لمن آمن وعمل صالحًا} [القصص: 80] وأشباه ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1/420]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) :
( {قال إن لّبثتم إلاّ قليلاً لّو أنّكم كنتم تعلمون}

وقال: {إن لّبثتم إلاّ قليلاً} أي: ما لبثتم إلاّ قليلا. وفي حرف ابن مسعود (إن لّبثتم لقليلاً). وقال الشاعر:
هبلتك أمّك إن قتلت لمسلماً = وجبت عليك عقوبة المتعمّد).
[معاني القرآن: 3/13]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال إن لبثتم إلّا قليلا لو أنّكم كنتم تعلمون} معناه: ما لبثتم إلا قليلا). [معاني القرآن: 4/25]

تفسير قوله تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({أفحسبتم أنّما خلقناكم عبثًا} [المؤمنون: 115] لغير بعثٍ ولا حسابٍ.
{وأنّكم إلينا لا ترجعون} [المؤمنون: 115] وهو على الاستفهام.
أي قد حسبتم ذلك، ولم نخلقكم عبثًا، إنّما خلقناكم للبعث والحساب). [تفسير القرآن العظيم: 1/420]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {أفحسبتم أنّما خلقناكم عبثا وأنّكم إلينا لا ترجعون}

(ترجعون) و (ترجعون). [معاني القرآن: 4/25]

تفسير قوله تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {فتعالى اللّه} [المؤمنون: 116] من قبل العلوّ.
{الملك الحقّ} [المؤمنون: 116] اسمان من أسماء اللّه.
{لا إله إلا هو ربّ العرش الكريم} [المؤمنون: 116] على اللّه.
وبعضهم يقرؤها: الكريم، بالرّفع يقول: اللّه الكريم.
مثل هذا الحرف: {ذو العرش المجيد} [البروج: 15] أي: الكريم على اللّه، على مقرأ من قرأها بالجرّ.
ومن قرأها بالرّفع يقول: اللّه المجيد، أي الكريم.
وتفسير السّدّيّ بالرّفع، يعني اللّه تبارك وتعالى يتجاوز ويصفح). [تفسير القرآن العظيم: 1/420]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
(الكريم: الشريف الفاضل...، وقال: {رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} أي: الشريف الفاضل).
[تأويل مشكل القرآن: 494]


تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (117)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ومن يدع مع اللّه إلهًا آخر لا برهان له به} [المؤمنون: 117] : لا حجّة له به.
تفسير مجاهدٍ.
وكان قتادة يقول: لا بيّنة له به بأنّ اللّه أمره أن يعبد إلهًا من دونه.
{فإنّما حسابه} [المؤمنون: 117] يعني فإنّما جزاؤه على ربّه.
وهو تفسير السّدّيّ.
[تفسير القرآن العظيم: 1/420]
وقال يحيى: فإنّما حساب ذلك الّذي يدعو مع اللّه إلهًا آخر.
{إنّه لا يفلح الكافرون} [المؤمنون: 117] وقال قتادة: يقول: ذلك حساب الكافرين عند اللّه أنّهم لا يفلحون، وهم أهل النّار.
وهي تقرأ على وجهٍ آخر: {فإنّما حسابه عند ربّه} [المؤمنون: 117] أن يدخله النّار.
ثمّ قال: {إنّه لا يفلح الكافرون} [المؤمنون: 117] كلامٌ مستقبلٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/421]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال يحيى: قول ابن عبّاسٍ والحسن: قوله في القرآن كلّه: {لا برهان له} [المؤمنون: 117] لا حجّة له.
وقول قتادة في القرآن كلّه: {لا برهان له} [المؤمنون: 117] لا بيّنة له.
تمّت السّورة). [تفسير القرآن العظيم: 1/421]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
({لا برهان} لا بيان).
[مجاز القرآن: 2/62]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لا برهان له به} أي لا حجّة له به ولا دليل). [تفسير غريب القرآن: 300]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ومن يدع مع اللّه إلها آخر لا برهان له به فإنّما حسابه عند ربّه إنّه لا يفلح الكافرون}
{فإنّما حسابه عند ربّه إنّه لا يفلح الكافرون} التأويل حسابه عند ربّه فإنه لا يفلح الكافرون والمعنى الذي له عند ربّه أنه لا يفلح - وجائز أنه لا يفلح الكافرون بفتح أنّ،
ويجوز أن يكون (فإنّما حسابه عند ربّه) فيجازيه عليه كما قال:
{ثمّ إنّ علينا حسابهم} ). [معاني القرآن: 4/25]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به}
قال مجاهد أي لا بينة له به). [معاني القرآن: 4/490]

تفسير قوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (118)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وقل ربّ اغفر وارحم وأنت خير الرّاحمين} [المؤمنون: 118] يعني وأنت أفضل من يرحم.
وهو تفسير السّدّيّ.
أمر اللّه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بهذا الدّعاء). [تفسير القرآن العظيم: 1/421]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:47 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة