العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > التفسير اللغوي > جمهرة التفسير اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 شعبان 1431هـ/18-07-2010م, 03:28 PM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي التفسير اللغوي لسورة فصلت

التفسير اللغوي لسورة فصلت

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19 ذو القعدة 1431هـ/26-10-2010م, 06:51 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 1 إلى 18]

{حم (1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (4) وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آَذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ (5) قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (6) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (7) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (8) قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ ذ (12) فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ (13) إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (14) فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (15) فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ (16) وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (17) وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (18) }

تفسير قوله تعالى: {حم (1)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {حم (1) تنزيل من الرّحمن الرّحيم (2)}
{تنزيل} رفع بالابتداء، وخبره {كتاب فصّلت آياته}, هذا مذهب البصريين.
وقال الفرّاء : يجوز أن يكون {تنزيل} مرتفعا بـ {حم} ، ويجوز أن يرتفع بإضمار هذا المعنى , هذا تنزيل من العزيز الرحيم، أي : هو تنزيل). [معاني القرآن: 4/379]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( من ذلك قوله جل وعز: {حم تنزيل من الرحمن الرحيم}
, الخبر عند البصريين {كتاب فصلت آياته} ). [معاني القرآن: 6/241] (م)

تفسير قوله تعالى: {تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {حم (1) تنزيل من الرّحمن الرّحيم (2)}
{تنزيل} رفع بالابتداء، وخبره :{كتاب فصّلت آياته}, هذا مذهب البصريين.
وقال الفرّاء يجوز أن يكون {تنزيل} مرتفعا بـ {حم}، ويجوز أن يرتفع بإضمار هذا المعنى , هذا تنزيل من العزيز الرحيم، أي : هو تنزيل). [معاني القرآن: 4/379] (م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (من ذلك قوله جل وعز: {حم تنزيل من الرحمن الرحيم} , الخبر عند البصريين {كتاب فصلت آياته} ). [معاني القرآن: 6/241] (م)

تفسير قوله تعالى: {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قوله عز وجل: {كتابٌ فصّلت آياته قرآناً عربيّاً...}.
تنصب قرآنا على الفعل، أي: فصلت آياته كذلك، ويكون نصبا على القطع؛ لأن الكلام تام عند قوله: {آياته}.
ولو كان رفعا على أنه من نعت الكتاب كان صوابا, كما قال في موضع آخر: {كتابٌ أنزلناه إليك مباركٌ}، وكذلك قوله: {بشيراً ونذيراً} فيه ما في: {قرآنا عربيا}). [معاني القرآن: 3/11-12]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({كتابٌ فصّلت آياته قرآناً عربيّاً لّقومٍ يعلمون}
قال: {كتابٌ فصّلت آياته}, فالكتاب: خبر المبتدأ أخبر به: أن التنزيل كتاب . ثم قال: {فصّلت آياته قرآناً عربيّاً} : شغل الفعل بالآيات حتى صارت بمنزلة الفاعل , فنصب القرآن). [معاني القرآن: 4/5]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({قرآنا عربيّا لقوم يعلمون (3)}: نصب{قرآنا} على الحال.
المعنى: بينت آياته قرآنا، أي: بينت آياته في حال جمعه عربيا.
{لقوم يعلمون} : أي: بيّنا لمن يعلم.). [معاني القرآن: 4/379]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (من ذلك قوله جل وعز: {حم (1) تنزيل من الرحمن الرحيم}
الخبر عند البصريين : {كتاب فصلت آياته}
وقال بعض الكوفيين : هذا كتاب فصلت آياته , أي: أنزلت متفرقة .
وقال الحسن : {فصلت}: بالوعيد.
وقال مجاهد : {فصلت}: فسرت .
وقال قتادة : بين حلالها وحرامها , والطاعة والمعصية.
ثم قال جل وعز: {قرآنا عربيا لقوم يعلمون} : قرآنا عربيا , أي: في حال الاجتماع,{ لقوم يعلمون}: أي: لمن يعلم العربية .
{بشيرا ونذيرا}: نعت للقرآن).[معاني القرآن: 6/241-241]

تفسير قوله تعالى:{بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (4)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({بشيراً ونذيراً فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون * وقالوا قلوبنا في أكنّةٍ ممّا تدعونا إليه وفي آذاننا وقرٌ ومن بيننا وبينك حجابٌ فاعمل إنّنا عاملون}
وقوله: {بشيراً ونذيراً} حين شغل عنه, وإن شئت جعلته نصبا على المدح ؛ كأنه حين أقبل على مدحه , فقال : "ذكرنا , قرآناً , عربيّاً , بشيراً, ونذيراً", أو "ذكرناه قرآناً عربيّاً", وكان فيما مضى من ذكره دليل على ما أضمر). [معاني القرآن: 4/6]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({بشيرا ونذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون (4)}
{بشيرا ونذيرا} : من صفته.). [معاني القرآن: 4/379]

تفسير قوله تعالى:{وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آَذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ (5)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ومن بيننا وبينك حجابٌ...}.
يقول: بيننا , وبينك فرقة في ديننا، فاعمل في هلاكنا , إننا عاملون في ذلك منك، ويقال: فاعمل لما تعلم من دينك , فإننا عاملون بديننا). [معاني القرآن: 3/12]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : (وقال: {ومن بيننا وبينك حجابٌ} : معناه - والله أعلم - "وبيننا وبينك حجابٌ" , ولكن دخلت "من" للتوكيد). [معاني القرآن: 4/6]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({أكنة}: واحدها كنان).[غريب القرآن وتفسيره: 328]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({وفي آذاننا وقرٌ}: أي : صمم). [تفسير غريب القرآن: 388]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وقالوا قلوبنا في أكنّة ممّا تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل إنّنا عاملون (5)
(وقالوا قلوبنا في أكنّة}: في غلف، أي ما تدعونا إليه لا يصل إلى قلوبنا ؛ لأنها في أغطية، , وواحد الأكنة : كنان.
(وفي آذاننا وقر): أي صمم , وقفل يمنع من الاستماع لقولك , أي: نحن في ترك القبول منك , بمنزلة من لا يستمع قولك.
{ومن بيينا وبييك حجاب} : أي حاجز في النحلة , والدّين.
وهو مثل {قلوبنا في أكنة}: إلا أن معنى هذا: أنا لا نجامعك في مذهب.
{فاعمل إنّنا عاملون}: أي على مذهبنا، وأنت عامل على مذهبك.
ويجوز : أن يكون فاعمل في إبطال مذهبنا , إنا عاملون في إبطال أمرك). [معاني القرآن: 4/379-380]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه} : أي: في أغطية , أي: ليست تعي ما تقول.
, والوقر : الصمم.
ثم قال جل وعز: {ومن بيننا وبينك حجاب فأعمل إننا عاملون} : حجاب, أي: حاجز.
وهو يزيد على معنى:{ قلوبنا في أكنة }, لأن معنى قلوبنا في أكنة , أي: ليس نجيبك إلى شيء مما تدعونا إليه , ثم قال:{ فاعمل إننا عاملون}: أي: فاعمل في هلاكنا , فإنا عاملون على مثل ذلك.
ويجوز: أن يكون المعنى , فاعمل بدينك , فإننا عاملون بديننا). [معاني القرآن: 6/242-243]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أَكِنَّةٍ}: أوعية). [العمدة في غريب القرآن: 264]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (7)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لا يؤتون الزّكاة...}.
والزكاة في هذا الموضع: أن قريشا كانت تطعم الحاج وتسقيهم، فحرموا ذلك من آمن بمحمد صلى الله عليه؛ فنزل هذا فيهم، ثم قال: وفيهم أعظم من هذا كفرهم بالآخرة.). [معاني القرآن: 3/12]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وويل للمشركين (6) الّذين لا يؤتون الزّكاة وهم بالآخرة هم كافرون (7)}
أي: لا يرونها واجبة عليهم، ولا يعطونها). [معاني القرآن: 4/380]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة}
قيل: أي: لا يؤمنون .
وقال قتادة : الزكاة فطرة الإسلام , فمن أداها برئ ونجا , ومن لم يؤدها هلك.).[معاني القرآن: 6/243-244]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (8)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({غير ممنون}: غير مقطوع وقالوا غير محسوب). [غريب القرآن وتفسيره: 328]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون}
قال مجاهد: أي: غير محسوب.
قال أبو جعفر : يقال : مننت الشيء , فهو ممنون , ومنين إذا قطعته كما قال:
فترى خلفها من الرجع = والوقع منينا كأنه أهباء
يعني بالمنين : الغبار المنقطع الضعيف
ويجوز أن يكون : المنون , يمن به.). [معاني القرآن: 6/244]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {غير ممنون}: أي: غير مقطوع، وغير ممنون، أي: لا يمن عليهم). [ياقوتة الصراط: 453]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مَمْنُونٍ}: مقطوع.). [العمدة في غريب القرآن: 264]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({قل أإنّكم لتكفرون بالّذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أنداداً ذلك ربّ العالمين}
وأما قوله: {خلق الأرض في يومين} , ثم قال: {أربعة أيّامٍ} , فإنما يعني: أن هذا مع الأول أربعة أيام , كما تقول "تزوّجت أمس امرأةً، واليوم اثنتين", وإحداهما التي تزوجتها أمس.
قال: {ووصّينا الإنسان بوالديه} , يقول: "بخيرٍ"). [معاني القرآن: 4/6]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({قل أئنّكم لتكفرون بالّذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك ربّ العالمين (9)}
لو أراد جل وعلا أن يخلقها في لحظة لفعل , ولكان ذلك سائغا في قدرته، ولكنه أحب أن يبصر الخلق وجوه الأناة , والقدرة على خلق السّماوات والأرض في أيام كثيرة , وفي لحظة واحدة , لأن المخلوقين كلهم , والملائكة المقربين لو اجتمعوا على أن يخلقوا مثقال ذرّة منها ما خلقوا.
وجاء في التفسير : أن ابتداء خلق الأرض كان في يوم الأحد , واستقام خلقها في يوم الاثنين.).[معاني القرآن: 4/380]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين}
روى سفيان , عن أبي سعيد , عن عكرمة, عن ابن عباس , وابن أبي ذيب , عن سعيد بن أبي سعيد, عن أبيه , عن عبد الله بن سلام قالا, وهذا معنى قولهما : ابتدأ الله جل وعز بخلق الأرضين يوم الأحد , فخلق سبع أرضين في يوم الأحد ويوم الاثنين , ثم جعل فيها رواسي من فوقها , وبارك فيها , وقدر فيها أقواتها ؛ أرسى الجبال , وشق الأنهار , وغرس الأشجار , وجعل المنافع في يومين يوم الثلاثاء , ويوم الأربعاء , ثم استوى إلى السماء , فخلقها سبع سموات في يوم الخميس , ويوم الجمعة .
قال ابن عباس: (ولذلك سميت يوم الجمعة ؛ لأنه اجتمع فيها الخلق).
قال عبد الله بن سلام: (قضاهن سبع سموات في آخر ساعة من يوم الجمعة , ثم خلق فيها آدم على عجل , وهي الساعة التي تقوم فيها القيامة) .
قال أبو جعفر : معنى : {وبارك فيها }: على قولهما: شق أنهارها , وغرس أشجارها.
وقيل : معنى :{بارك فيها}: أكثر فيها من الأوقات
وقيل معناه كما يقال: باركت عليه , أي قلت : بورك فيك.). [معاني القرآن: 6/244-246]

تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وقدّر فيها أقواتها...}.
وفي قراءة عبد الله: وقسم فيها أقواتها، جعل في هذه ما ليس في هذه ليتعايشوا , ويتجروا.
وقوله: {سواء لّلسّائلين...}
نصبها عاصم وحمزة، وخفضها الحسن، فجعلها من نعت الأيام، وإن شئت من نعت الأربعة، ومن نصبها جعلها متصلة بالأقوات، وقد ترفع كأنه ابتداء، كأنه قال: ذلك سواء للسائلين، يقول : لمن أراد علمه). [معاني القرآن: 3/12-13]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (قوله: { وقدّر فيها أقواتها }: واحدها قوت , وهي الأرزاق , وما احتيج إليه.
{ في أربعةٍ أيّامٍ سواءً للسّائلين}: مجاز نصبها مجاز المصدر). [مجاز القرآن: 2/196]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({قل أإنّكم لتكفرون بالّذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أنداداً ذلك ربّ العالمين}
وأما قوله: {خلق الأرض في يومين} , ثم قال: {أربعة أيّامٍ} : فإنما يعني: أن هذا مع الأول : أربعة أيام , كما تقول : "تزوّجت أمس امرأةً، واليوم اثنتين", وإحداهما التي تزوجتها أمس.
قال: {ووصّينا الإنسان بوالديه} : يقول: "بخيرٍ"). [معاني القرآن: 4/6] (م)
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدّر فيها أقواتها في أربعة أيّامٍ سواء لّلسّائلين}
وأمّا من نصب {سواء لّلسّائلين} فجعله مصدرا , كأنه قال "استواءً" , وقد قرئ بالجرّ , وجعل اسما للمستويات , أي: في أربعة أيّامٍ تامّةٍ). [معاني القرآن: 4/6]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({أقواتها}: واحدها قوت). [غريب القرآن وتفسيره: 328]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({وقدّر فيها أقواتها}: جمع قوت، وهو: ما أوتيه ابن آدم لأكله ومصلحته {سواءً للسّائلين}, قال قتادة: من سأل فهو كما قال اللّه.). [تفسير غريب القرآن: 388]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدّر فيها أقواتها في أربعة أيّام سواء للسّائلين (10)}
{وبارك فيها وقدّر فيها أقواتها}: في الثلاثاء , والأربعاء , فصارت الجملة أربعة أيّام، فذلك قوله: {وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدّر فيها أقواتها في أربعة أيّام} : أي: في تتمة أربعة أيّام.
{سواء للسّائلين} : وسواء، ويجوز الرفع. فمن خفض جعله صفة للأيّام.
المعنى : في أربعة أيام مستويات، ومن - نصب فعلى المصدر، على معنى استوت , سواء، واستواء.
ومن رفع : فعلى معنى : هي سواء.
ومعنى {للسّائلين}, معلق بقوله: {وقدّر فيها أقواتها} : لكل محتاج إلى القوت.
وإنما قيل : {للسّائلين}: لأن كلّا يطلب القوت , ويسأله.
ويجوز أن يكون للسائلين لمن سأل في كم خلقت السماوات والأرضون؛ فقيل: خلقت الأرض في أربعة أيام سواء , لا زيادة فيها , ولا نقصان , جوابا لمن سأل). [معاني القرآن: 4/380-381]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (قال عكرمة في قوله تعالى: {وقدر فيها أوقاتها}
جعل اليماني باليمن , والسابري بسابور
قال أبو جعفر : فالمعنى على هذا جعل فيها ما يتعايش به , ويتجر فيه.
وقيل: أقواتها ما يتقوت , ويؤكل.
وقول ابن عباس , وابن سلام , يحتمل المعنيين , والله أعلم.
ثم قال جل وعز: {في أربعة أيام سواء للسائلين}
المعنى: في تتمة أربعة أيام , سواء : أي: استوت , استواء.
وقال الفراء : هو متعلق بقوله: {وقدر فيها أقواتها} سواء
وقرأ الحسن سواء بالخفض , أي: في أربعة أيام مستوية تامة .
وبالإسناد الأول عن ابن عباس في قوله تعالى: {للسائلين} , قال : (من سألك, فقال لك: في كم خلق الله السموات والأرض ؟., فقل له : في هذا).
قال أبو جعفر : فالمعنى على هذا القول جوابا للسائلين .
وفيه قول آخر : وهو أن المعنى : وقدر فيها أقواتها للسائلين , أي: للمحتاجين , أي لمن سأل ؛ لأن الناس يسألون أقواتهم , وهذا مذهب ابن زيد , قال: قدر ذلك , أي: قدر مسائلهم علم ذلك). [معاني القرآن: 6/246-248]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَقْوَاتَهَا}: جمع قوت.). [العمدة في غريب القرآن: 264]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {قالتا أتينا...}.
جعل السماوات والأرضين كالثّنتين ,كقوله: {وما خلقنا السّماء والأرض وما بينهما} , ولم يقل: وما بينهن، ولو كان كان صوابا.
وقوله: {أتينا طائعين...}.
ولم يقل: طائعتين، ولا طائعياتٍ., ذهب به إلى السماوات ومن فيهن، وقد يجوز: أن تقول، وإن كانتا اثنتين: أتينا طائعين، فيكونان كالرجال لمّا تكلمتا). [معاني القرآن: 3/13]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ قالتا أتينا طائعين }: هذا مجاز الموات , والحيوان الذي يشبه تقدير فعله بفعل الآدميين). [مجاز القرآن: 2/196]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ثمّ استوى إلى السّماء}:أي: عمد لها.). [تفسير غريب القرآن: 388]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ثمّ استوى إلى السّماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين (11)}
معنى استوى : عمد إلى السماء , وقصد.
{قالتا أتينا طائعين} : على الحال منصوب، وإنما قيل طائعين دون طائعات، لأنّهنّ جرين مجرى ما يعقل ويميز، كما قيل في النجوم: {وكل في فلك يسبحون}
وقد قيل :{قالتا أتينا} : أي، نحن , ومن فينا طائعين.
ومعنى {طوعا أو كرها} على معنى : أطيعا لما أمرت طوعا، , بمنزلة أطيعا الطاعة , أو تكرها إكراها). [معاني القرآن: 4/381]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ثم استوى إلى السماء}
دل على أن خلق السماء بعد خلق الأرض , وقد قال : في موضع آخر , والأرض بعد ذلك دحاها .
ففي هذا أجوبة.
روى هارون بن عنترة , عن أبيه , عن ابن عباس قال: (خلق الله الأرض أول , ثم خلق السماء , ثم دحا الأرض , والماء بعد ذلك) قال: (دحا , أي: بسط) .
وقيل المعنى : ثم أخبركم بهذا , كما قال جل وعز: {ثم كان من الذين آمنوا} , وهو في القرآن كثير.
وقيل: ثم ههنا بمعنى الواو , وهذا لا يصح , ولا يجوز , والجوابان حسنان جيدان.
وقوله جل وعز: {فقال لها وللأرض ائتنا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين}
في هذا أجوبة:
- منهما أن الله جل وعز جعل فيهما ما يميزان , ويجيبان عما قيل لهما .
- وقال محمد بن يزيد هذا إخبار عن الهيئة , أي: صارتا في هيئة من قال : أي هو كما قال : امتلأ الحوض , وقال: قطني , أي: حسبي , أي: صار في هيئة من يقول
وقيل : أخبرنا الله عز وجل بما نعرف من سرعة الإجابة , وقد علمنا أنه ليس شيء أسرع من أن يقال للإنسان افعل , فيقول: قد فعلت.
فاخبر الله جل وعز عن إجابة السموات والأرض إلى أمره جل وعز
فأما قوله تعالى: {طائعين} , ولم يقل طائعات , فقال فيه الفراء معناه : أتينا بمن فينا طائعين.
قال أبو جعفر : الأحسن في هذا , وهو مذهب جله النحويين : أنه جل وعز لما أخبر عنها بأفعال ما يعقل , جاء فيها بما يكون لمن يعقل كما في قوله تعالى: {والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين} , فأما الكسائي فأجاز في كل شيء أن يجمع بالواو , والنون , والياء , والنون , لا يعرج عليه). [معاني القرآن: 6/248-251]

تفسير قوله تعالى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ (12)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فقضاهنّ...}.
يقول: خلقهن، وأحكمهن, وقوله: {وأوحى في كلّ سماء أمرها...}.
يقول: جعل في كل سماء ملائكة , فذلك أمرها). [معاني القرآن: 3/13]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ وزيّنّا السّماء الدّنيا بمصابيح وحفظاً }: مجاز نصبها كنصب المصادر). [مجاز القرآن: 2/196]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({فقضاهنّ سبع سماواتٍ في يومين وأوحى في كلّ سماء أمرها وزيّنّا السّماء الدّنيا بمصابيح وحفظاً ذلك تقدير العزيز العليم}
وقال: {وزيّنّا السّماء الدّنيا بمصابيح وحفظاً} , كأنه قال "وحفظناها حفظاً" ؛ لأنه حين قال: "زينّاها بمصابيح" , قد أخبر أنه نظر في أمرها , وتعاهدها , فذا يدل على الحفظ , كأنه قال: "وحفظناهاً حفظاً"). [معاني القرآن: 4/6-7]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({فقضاهنّ سبع سماواتٍ}، أي صنعهن وأحكمهن. قال أبو ذؤيب:
وعليهما مسرودتان قضاهما داود= أو صنع السوابغ تبع
أي: صنعهما داود , وتبع.
{وأوحى في كلّ سماءٍ أمرها} : أي : جعل في كل سماء ملائكة.). [تفسير غريب القرآن: 388]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقوله: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ}، أي صنعهن). [تأويل مشكل القرآن: 441]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( ({فقضاهنّ سبع سماوات في يومين وأوحى في كلّ سماء أمرها وزيّنّا السّماء الدّنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم (12)}
{فقضاهن}: فخلقهنّ , وصنعهنّ.
قال أبو ذؤيب:
وعليهما مسرودتان قضاهما = داود أو صنع السّوابغ تبّع
معناه : عملهما , وصنعهما.
{وأوحى في كل سماء أمرها} : قيل : ما يصلحها، وقيل : ملائكتها.
{وزيّنّا السّماء الدّنيا بمصابيح وحفظا} : معناه : وحفظناها من استماع الشياطين بالكواكب حفظا , فقال: {قل أئنّكم لتكفرون} بمن هذه قدرته , {وتجعلون له أندادا}:أي: أصناما تنحتونها بأيديكم.
{ذلك تقدير العزيز العليم} : أي , الذي هذه صفته , وله هذه القدرة ربّ العالمين). [معاني القرآن: 4/382]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فقضاهن سبع سموات في يومين} : فقضاهن , أي: أحكمهن , كما قال الشاعر:
وعليهما مسرودتان قضاهما = داود أو صنع السوابغ تبع
وقوله جل وعز: {وأوحى في كل سماء أمرها}
روى ابن أبي نجيح , عن مجاهد قال: ما أمر , وما أراده .
وروى سعيد , عن قتادة قال : خلق شمسها , وقمرها , ونجومها , وأفلاكها .
قال أبو جعفر : القولان متقاربان , وكأن المعنى -والله أعلم -: وأوحى في كل سماء إلى الملائكة بما أراد من أمرها.
ثم قال جل وعز: {وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا}
أي : وحفظناها حفظا من الشياطين بالكواكب
والمعنى : أئنكم لتكفرون بمن هذه قدرته , وتجعلون له أمثالا مما تنحتون بأيديكم.).[معاني القرآن: 6/251-253]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ({قضاهن}: أي: فخلقهن.).[ياقوتة الصراط: 453]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ (13)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والصاعقة: العذاب، كقوله: {أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ}). [تأويل مشكل القرآن: 501]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم قال: {فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود (13)}
أي: فإن لم يقبلوا رسالتك بعد هذه الإبانة , ويوحدوا اللّه: {فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود}
أي: أنذرتهم بأن ينزل بكم ما نزل بمن كفر من الأمم قبلكم). [معاني القرآن: 4/382]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود}
أي: فإن أعرضوا عن التوحيد وما جئت به , فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود , أي: أنذرتكم أن ينزل بكم عذاب كما نزل بهم إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم , يعني: من جاء قبلهم كما قال تعالى: {مصدقا لما بين يديه} , ثم قال :{ ومن خلفهم} , فيه قولان:
أحدهما: أن المعنى , ومن بعد كونهم
والقول الآخر: أن يكون الضمير يعود على الرسل). [معاني القرآن: 6/253-254]

تفسير قوله تعالى: {ِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (14)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إذ جاءتهم الرّسل من بين أيديهم ومن خلفهم ...}.
أتت الرسل آباءهم، ومن كان قبلهم ومن خلفهم يقول: وجاءتهم أنفسهم رسل من بعد أولئك الرسل، فتكون الهاء والميم في {خلفهم} للرسل، وتكون لهم تجعل من خلفهم لما معهم). [معاني القرآن: 3/13]

تفسير قوله تعالى: { فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (15)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم قصّ قصة كفرهم , والسبب في عتوّهم , وإقامتهم على ضلالتهم فقال:
{فأمّا عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحقّ وقالوا من أشدّ منّا قوّة}
فأرسل اللّه عليهم ريحا صرصرا , فقال: { فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيّام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدّنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون (16) } .).[معاني القرآن: 4/382] (م)

تفسير قوله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ (16)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ريحاً صرصراً...}.: باردة تحرق كما تحرق النار.
وقوله: {في أيّامٍ نّحساتٍ...}.
العوام على تثقيلها لكسر الحاء، وقد خفف بعض أهل المدينة: {نحسات}.
قال: و قد سمعت بعض العرب ينشد:
أبلغ جذاما ولخما أن إخوتهم = طيا وبهراء قوم نصرهم نحس
وهذا لمن ثقّل، ومن خفّف بناه على قوله: {في يوم نحسٍ مستمرٍّ} ). [معاني القرآن: 3/13-14]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({فأرسلنا عليهم ريحاً صرصراً }: الشديدة الصوت العاصف، وقال ابن ميادة:
أشاقك المنزل والمحضر= أودت به ريدانه صرصر.
{ نحسأتٍ }: ذوات نحوس, أي: مشايم). [مجاز القرآن: 2/197]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({فأرسلنا عليهم ريحاً صرصراً في أيّامٍ نّحساتٍ لّنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدّنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون}
وقال: {في أيّامٍ نّحساتٍ} , وهي لغة من قال: نحس , و{نحسات} لغة من قال "نحس"). [معاني القرآن: 4/7]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({ريحا صرصرا}: شديدة الصوت.
{نحسات}: ذات نحوس، مشائيم). [غريب القرآن وتفسيره: 328]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( (الريح الصرصر): الشديدة.
{في أيّامٍ نحساتٍ} : قال قتادة: نكدات مشئومات, قال الشاعر:
فسيروا بقلب العقرب اليوم= إنه سواء عليكم بالنحوس وبالسعد) [تفسير غريب القرآن: 388]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم قصّ قصة كفرهم , والسبب في عتوّهم , وإقامتهم على ضلالتهم فقال:
{ فأمّا عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحقّ , وقالوا من أشدّ منّا قوّة} , فأرسل اللّه عليهم ريحا صرصرا , فقال: {فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيّام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدّنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون (16)}
{نحسات} : ويروى نحسات.
قال أبو عبيدة: الصرصر الشديدة الصوت.
وجاء في التفسير الشديدة البرد، ونحسات مشئومات واحدها نحس.
ومن قرأ نحسات فواحدها نحس، قال اللّه عزّ وجلّ :-
{في يوم نحس مستمرّ (19) } .). [معاني القرآن: 4/382-382]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا}
روى ابن أبي نجيح , عن مجاهد قال : (شديدة السموم).
وروى معمر, عن قتادة قال : (باردة) .
قال أبو جعفر : قول قتادة أبين , وكذا قال عطاء ؛ لأن صرصرا مأخوذ من: صر , والصر في كلام العرب : البرد , كما قال الشاعر:-
لها غدر كقرون النساء = ركبن في يوم ريح وصر
وليس القولان بمتناقضين , لأنه يروى : أنها كانت ريحا باردة تحرق كما تحرق النار .
وقد قال أبو عبيدة : صرصر : شديدة الصوت عاصف
وقد روي , عن مجاهد: شديدة الشؤم.
ثم قال جل وعز: {في أيام نحسات}
قال مجاهد : أي : مشائيم , وقال قتادة : مشئومات , نكدات.). [معاني القرآن: 6/255]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : {ريحا صرصرا}:أي: باردة. {نحسات:}: أي: مشائيم). [ياقوتة الصراط: 454]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {صَرْصَرًا}: شديد الصوت , {نَّحِسَاتٍ}: ميشومات). [العمدة في غريب القرآن: 264]

تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (17)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وأمّا ثمود فهديناهم...}.
القراءة برفع ثمود، قرأ بذلك عاصم، وأهل المدينة والأعمش. إلا أن الأعمش كان يجرى ثمود في كل القرآن إلا قوله: {وآتينا ثمود النّاقة}، فإنه كان لا ينون، لأنّ كتابه بغير ألف. ومن أجراها جعلها اسماً لرجل أو لجبل، ومن لم يجرها جعلها اسماً للأمة التي هي منها قال: وسمعت بعض العرب يقول: تترك بني أسد وهم فصحاء، فلم يجر أسد، وما أردت به القبيلة من الأسماء إلى تجرى فلا تحرها، وإجراؤها أجود في العربية مثل قولك: جاءتك تميمٌ بأسرها، وقيس بأسرها، فهذا مما يجري، ولا يجري مثل التفسير في ثمود وأسد.
وكان الحسن يقرأ: "وأمّا ثمود فهديناهم" بنصب، وهو وجه، والرفع أجود منه، لأنّ أمّا تطلب الأسماء، وتمتنع من الأفعال، فهي بمنزلة الصلة للاسم، ولو كانت أمّا حرفا يلي الاسم إذا شئت، والفعل إذا شئت كان الرفع والنصب معتدلين مثل قوله: {والقمر قدّرناه منازل}، ألا ترى أنّ الواو تكون مع الفعل، ومع الاسم؟ فتقول: عبد الله ضربته وزيداً تركته؛ لأنك تقول: وتركت زيدا، فتصلح في الفعل الواو كما صلحت في الاسم، ولا تقول: أمّا ضربت فعبد الله، كما تقول: أمّا عبد الله فضربت، ومن أجاز النصب وهو يرى هذه العلة فإنه يقول: خلقة ما نصب الأسماء أن يسبقها لا أن تسبقه. وكل صواب.
وقوله: {فهديناهم...}.
يقول: دللناهم على مذهب الخير، ومذهب الشر كقوله: {وهديناه النّجدين}.: الخير، والشر...
- حدثني قيس , عن زياد بن علاقة , عن أبي عمارة, عن علي بن أبي طالب أنه قال في قوله: {وهديناه النّجدين}: الخير، والشر.
قال أبو زكريا: وكذلك قوله: {إنّا هديناه السّبيل إمّا شاكراً وإمّا كفوراً}.
والهدى على وجه آخر : الذي هو الإرشاد بمنزلة قولك: أسعدناه، من ذلك قوله: {أولئك الّّذين هدى اللّه فبهداهم اقتده} في كثير من القرآن.). [معاني القرآن: 3/14-15]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({العذّاب الهون }:أي: الهوان). [مجاز القرآن: 2/197]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({الهون}: أي الهوان). [غريب القرآن وتفسيره: 329]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({وأمّا ثمود فهديناهم}: أي : دعوناهم, ودللناهم.
{العذاب الهون}: أي : الهوان). [تفسير غريب القرآن: 388-389]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ثم يصير الإرشاد بمعان، كقوله: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ}، أي بيّنا لهم). [تأويل مشكل القرآن: 444]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وأمّا ثمود فهديناهم فاستحبّوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون (17)}
الجيّد إسقاط التنوين، ويقرأ ثمود - بالتنوين - ويجوز ثمودا بالنصب.
بفعل مضمر الذي ظهر تفسيره.
ومعنى {هديناهم}: قال قتادة : بينّا لهم طريق الهدى , وطريق الضلالة.
{فاستحبّوا العمى على الهدى}: الاختيار رفع ثمود على الابتداء والخبر، وهذا مذهب جميع النحويين.
اختيار الرفع، وكلهم يجيز النصب.
وقوله عزّ وجلّ : {فأخذتهم صاعقة العذاب الهون}
فالهون,والخزي:الذي يهينهم ويخزيهم). [معاني القرآن: 4/383]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى}
روى علي بن أبي طلحة,عن ابن عباس قال: (بينا لهم).
قال أبو جعف: بينا لهم الخير والشر ,قال سبحانه: {إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا}, وكما قال تعالى: {وهديناه النجدين}
قال علي بن أبي طالب: الخير والشر, و{الهون}: الهوان). [معاني القرآن: 6/255-256]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وأما ثمود فهديناهم}: أي: بينا لهم.).[ياقوتة الصراط: 454]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الْعَذَابِ الْهُونِ}أي: الهوان). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 217]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({الْهُونِ}: الهوان). [العمدة في غريب القرآن: 264]
تفسير قوله تعالى: {وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (18) }


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 19 ذو القعدة 1431هـ/26-10-2010م, 06:55 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 19 إلى 29]

{وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19) حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21) وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ (24) وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (25) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26) فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (27) ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (28) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ (29) }

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فهم يوزعون...}.
فهي من وزعت، ومعنى وزعته: حبسته وكففته، وجاء في التفسير: يحبس أولهم على آخرهم حتى يدخلوا النار.
قال: وسمعت بعض العرب يقول: لأبعثن عليكم من يزعكم , ويحكمكم من الحكمة التي للدابة.
قال: وأنشدني أبو ثروان العكلي:
فإنكما إن تحكماني وترسلا =عليّ غواة الناس إيبا وتضلعاً
فهذا من ذلك، إيب: من أبيت وآبي).
[معاني القرآن: 3/15-16]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ يوزعون } : يدفعون مجازها يفعلون من وزعت). [مجاز القرآن: 2/197]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({يوزعون}: يحبس أولهم عل آخرهم). [غريب القرآن وتفسيره: 329]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: ({ويوم يحشر أعداء اللّه إلى النّار فهم يوزعون (19)}
يقرأ إلى النار - بفتح النون والتفخيم - , وقراءة أبي عمرو - إلى النار - على الإمالة إلى الكسر - , وإنّما يختار ذلك مع الراء - يعني الكسر - لأنها حرف فيه تكرير، فلذلك آثر أبو عمر الكسر.
{فهم يوزعون} : جاء في التفسير يحبس أوّلهم على آخرهم، وأصله من وزعته إذا كففته، وقال الحسن البصري حين ولي القضاء: لا بدّ للناس من وزعة.
أي: لا بد لهم من أعوان يكفّون الناس عن التعدّي).
[معاني القرآن: 4/383]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون}
قال أبو الأحوص , وأبو رزين , ومجاهد , وقتادة , أي: يحبس أولهم على آخرهم .
قال أبو الأحوص : فإذا تكاملت العدة , بدئ بالأكابر , فالأكابر جرما
قال أبو جعفر يقال: وزعه, يزعه , ويزعه إذا كفه , ومنه لما يزع السلطان أكثر مما يزع القرآن , ومنه لا بد للناس من وزعة.).
[معاني القرآن: 6/256-257]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يُوزَعُونَ}: أولهم على آخرهم). [العمدة في غريب القرآن: 264]

تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {سمعهم وأبصارهم وجلودهم...}.
الجلد ها هنا - والله أعلم - الذّكر، وهو ما كنى عنه كما قال:
{ولكن لا تواعدوهنّ سرًّا} : يريد: النكاح, وكما قال: {أو جاء أحدٌ منكم من الغائط} : والغائط: الصحراء، والمراد من ذلك: أو قضى أحد منكم حاجةً). [معاني القرآن: 3/16]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وجلودهم} : كناية عن الفروج). [تفسير غريب القرآن: 389]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({حتّى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون (20)}
جاء في التفسير :
{جلودهم}: كناية عن الفرج، المعنى شهدت فروجهم بمعاصيهم.). [معاني القرآن: 4/384]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون}
قال الفراء الجلد ههنا والله أعلم الذكر كني عنه كما قال تعالى:
{أو جاء أحد منكم من الغائط} , والغائط : الصحراء.
قال أبو جعفر , وقال غيره : هو الجلد بعينه .
وروى أبو الأحوص ,عن عبد الله بن مسعود قال :
(يجادل المنافق عند الميزان , ويدفع الحق , ويدعي الباطل , فيختم على فيه , ثم تستنطق جوارحه فتشهد عليه , ثم يطلق عنه , فيقول بعدا لكن , وسحقا , إنما كنت أجادل عنكن). ). [معاني القرآن: 6/257-258]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({والجلود} : كناية عن الفروج). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 217]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وقالوا لجلودهم لم شهدتّم علينا قالوا أنطقنا اللّه الّذي أنطق كلّ شيءٍ وهو خلقكم أول مرّةٍ وإليه ترجعون}
وقال:
{قالوا أنطقنا اللّه الّذي أنطق كلّ شيءٍ} : فجاء اللفظ بهم مثل اللفظ في الإنس لما خبّر عنهم بالنطق والفعل كما قال: {يا أيّها النّمل ادخلوا مساكنكم} لما عقلن , وتكلمن صرن بمنزلة الإنس في لفظهم, وقال الشاعر:
فصبّحت والطّير لم تكلّم = جابيةً طمّت بسيلٍ مفعم).
[معاني القرآن: 4/7]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (
{وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا اللّه الّذي أنطق كلّ شيء وهو خلقكم أوّل مرّة وإليه ترجعون (21)}:أي: جعلنا اللّه شهودا.). [معاني القرآن: 4/384]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء} : هذا تمام الكلام , ثم قال: {وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون} .).[معاني القرآن: 6/258]

تفسير قوله تعالى:{ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وما كنتم تستترون...}.
يقول: لم تكونوا تخافون أن تشهد عليكم جوارحكم فتستتروا منها، ولم تكونوا لتقدروا على الاستتار، , ويكون على التعبير: أي لم تكونوا تستترون منها.
وقوله:
{ولكن ظننتم...}.
في قراءة عبد الله : مكان
{ولكن ظننتم}، ولكن زعمتم، والزعم، والظن في المعنى واحد، وقد يختلفان). [معاني القرآن: 3/16]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وروى ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قوله تعالى: {وما كنتم تستترون} :قال: تتقون
قال أبو جعفر : المعنى وما كنتم تستترون من أن يشهد عليكم سمعكم.
قال عبد الله بن مسعود:
(كنت مستترا بأستار الكعبة , فجاء ثقفي , وقرشيان , كثير شحم بطونهم , قليل فقه قلوبهم , فتحدثوا بينهم بحديث ,فقال أحدهم : أترى الله يسمع ما نقول ؟.
فقال الآخران: يسمعنا إذا جهرنا , ولا يسمعنا إذا خافتنا.
وقال الآخر: إن كان يسمعنا إذا جهرنا , فهو يسمعنا إذا خافتنا.فأنزل الله جل وعز: {وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم إلى قوله وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين})
وروى بهز بن حكيم, عن أبيه , عن جده , عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى:
{أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم}: قال: ((تدعون يوم القيامة مفدمة أفواهكم بفدام , فأول ما يبين عن الإنسان فخذه, وكفه)).). [معاني القرآن: 6/259-260]

تفسير قوله تعالى: {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):وقوله: {وذلكم ظنّكم الّذي ظننتم بربّكم...}.
"ذلكم" في موضع رفع بالظن، وجعلت "أرداكم" في موضع نصب، كأنك قلت: ذلكم ظنكم مردياً لكم.
وقد يجوز أن تجعل الإرداء هو الرافع في قول من قال: هذا عبد الله قائم , يريد: عبد الله هذا قائم، وهو مستكره، ويكون أرداكم مستأنفا لو ظهر اسما لكان رفعا , مثل قوله في لقمان:
{الم، تلك آيات الكتاب الحكيم، هدًى ورحمةٌ}، قد قرأها حمزة كذلك، وفي قراءة عبد الله: {أألد وأنا عجوزٌ وهذا بعلي شيخٌ} ، وفي ق: {هذا ما لديّ عتيدٌ} : كل هذا على الاستئناف؛ ولو نويت الوصل كان نصبا، قال: وأنشدني بعضهم:
من يك ذا بتٍّ فهذا بتّي
=
مقيّظٌ مصيّف مشتّي
=
جمعته من نعجات ست)
[معاني القرآن: 3/17]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ( {وأرداكم}: أهلككم.). [تفسير غريب القرآن: 389]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وذلكم ظنّكم الّذي ظننتم بربّكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين (23)}
{وذلكم ظنّكم} : مرفوع بخبر الابتداء، و {أرداكم}: خبر ثان.
ويجوز أن يكون :
{ظنّكم} , بدلا من (ذلكم), ويكون المعنى : وظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم, ومعنى {أرداكم} : أهلككم.). [معاني القرآن: 4/384]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين} : أي, حين ظننتم أنه لا يسمعكم
وفي الحديث , عن النبي صلى الله عليه وسلم :(( قال الله : أنا عند ظن عبدي بي )).
ومعنى :
{أرداكم} : أهلككم.). [معاني القرآن: 6/260]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَرْدَاكُمْ}: أي, أهلككم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 217]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ (24)}
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فإن يصبروا فالنار مثوى لهم وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين} : والنار مثوى لهم , صبروا أو لم يصبروا , ففي هذا جوابان.
أحدهما : أن المعنى فإن يصبروا في الدنيا على أعمال أهل النار , كما قال سبحانه:
{فما أصبرهم على النار} , {فالنار مثوى لهم وإن يستعتبوا في النار}
وقيل : وإن يستعتبوا في الدنيا , وهم مقيمون على كفرهم.
والجواب الآخر : فإن يصبروا في النار , أو يجزعوا, فالنار مثوى لهم , ويكون
قوله: {وإن يستعتبوا} : يدل على الجزع , لأن المستعتب جزع). [معاني القرآن: 6/260-261]

تفسير قوله تعالى: {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (25)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وقيّضنا لهم قرناء فزيّنوا لهم مّا بين أيديهم وما خلفهم...}.: من أمر الآخرة، فقالوا: لا جنة، ولا نار، ولا بعث، ولا حساب، وما خلفهم من أمر الدنيا فزينوا لهم اللذات، وجمع الأموال، وترك النفقات فيه وجوه البر، فهذا ما خلفهم.
وبذلك جاء التفسي: وقد يكون ما بين أيديهم ما هم فيه من أمر الدنيا، وما خلفهم من أمر الآخرة).
[معاني القرآن: 3/17]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وقيّضنا لهم قرناء فزيّنوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم وحقّ عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجنّ والإنس إنّهم كانوا خاسرين (25)}
{وقيّضنا} :وسببنا من حيث لا يحتسبون.
{لهم قرناء}.. الآية: يقول زينوا لهم أعمالهم التي يعملونها ويشاهدونها.
{وما خلفهم} : وما يعزمون أن يعملوه). [معاني القرآن: 4/384]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم}
قال مجاهد يعني الشياطين
قال أبو جعفر معنى قيضت له كذا سببته له من حيث لا يحتسب
ثم قال جل وعز: {فزينوا لهم ما بين أيديهم}
أي ما يعملونه من المعاصي وما خلفهم وما عزموا على أن يعملوه). [معاني القرآن: 6/261-262]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وقيضنا لهم}:أي: مثلنا لهم). [ياقوتة الصراط: 454]

تفسير قوله تعالى:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {والغوا فيه...}.
قاله كفّار قريش، قال لهم أبو جهل: إذا تلا محمد صلى الله عليه القرآن فالغوا فيه الغطوا، لعله يبدّل , أو ينسى فتغلبوه).
[معاني القرآن: 3/17]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وقال الّذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلّكم تغلبون}
وقال:
{لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه}:أي: لا تطيعوه. كما تقول "سمعت لك",وهو - والله أعلم - على وجه "لا تسمعوا القرآن".
وقال:
{والغوا فيه}:لأنها من "لغوت","يلغا",مثل "محوت" "يمحا",وقال بعضهم:{والغوا فيه},وقال:"لغوت" "تلغو",مثل "محوت","تمحو",وبعض العرب يقول: "لغي","يلغى":وهي قبيحة قليلة,ولكن "لغي بكذا وكذا":أي: أغري به,فهو يقوله,ونصنعه). [معاني القرآن: 4/7-8]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {والغوا فيه}: الغطوا فيه.)[تفسير غريب القرآن: 389]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وقال الّذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلّكم تغلبون (26)}
أي: عارضوه بكلام لا يفهم,يكون ذلك الكلام لغوا، يقال: لغا يلغو لغوا، ويقال:لغي يلغى لغوا,إذا تكلم باللغو، وهو الكلام الذي لا يحصّل,ولا تفهم حقيقته).
[معاني القرآن: 4/384]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه}
وقرأ عيسى, وابن أبي إسحاق:
والغوا بضم الغين
حكى الكسائي: لغا يلغو,وعلى هذا:
والغوا فيه , وحكى:لغا يلغى,ولغي يلغى,والمصدر على هذا مقصور
روى داود بن الحصين,عن عكرمة,عن ابن عباس قال: (
كان النبي صلى الله عليه وسلم بمكة إذا قرأ رفع صوته, فتطرد قريش عنه الناس, ويقولون:{ لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون } , وإذا خافت بقراءته, لم يسمع من يريد, فأنزل الله جل وعز: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا}).
وروى ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله:
{والغوا فيه}, قال: بالمكاء , والتصفيق , والتخليط على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ , كانت قريش تفعله .
قال أبو جعف: ر اللغو في اللغة ما لا يعرف له حقيقة , ولا يحصل معناه , فمعنى :{ والغوا فيه }: أي : عارضوه باللغو.).
[معاني القرآن: 6/262-263]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (28)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ذلك جزاء أعداء اللّه النّار}، ثم قال: {لهم فيها دار الخلد...}.
وهي النار بعينها، وذلك صواب لو قلت: لأهل الكوفة منها دار صالحة، والدار هي الكوفة، وحسن حين قلت : بالدار, والكوفة هي والدار , فاختلف لفظاهما، وهي في قراءة عبد الله:
{ذلك جزاء أعداء الله النار دار الخلد}: فهذا بيّن لا شيء فيه، لأن الدار هي النار). [معاني القرآن: 3/17]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : {ذلك جزاء أعداء اللّه النّار لهم فيها دار الخلد جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون}, {ذلك جزاء أعداء اللّه النّار} : رفع على الابتداء , كأنه تفسيرا للجزاء.). [معاني القرآن: 4/8]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ذلك جزاء أعداء اللّه النّار لهم فيها دار الخلد جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون (28)}
{ذلك جزاء أعداء اللّه النّار} : : هذا يدل على رفعه.
قوله:
{فلنذيقنّ الّذين كفروا عذابا شديدا}: المعنى ذلك العذاب الشديد , جزاء أعداء اللّه.
{النّار} : رفع بدل من: {جزاء أعداء اللّه} , وإن شئت رفعت {النّار} على التفسير، كأنّه قيل : ما هو؟, فقيل هي النار.
{لهم فيها دار الخلد}: أي لهم في النار دار الخلد، والنار هي الدار، كما تقول: لك في هذه الدار : دار السرور، وأنت تعني الدار بعينها, كما قال الشاعر:
أخو رغائب يعطيها ويسألها = يأبى الظّلامة منه النّوفل الزّفر)
[معاني القرآن: 4/384-385]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ذلك جزاء أعداء الله النار لهم فيها دار الخلد}
المعنى ذلك العذاب الشديد جزاء أعداء الله ثم بين الجزاء فقال النار لهم فيها دار الخلد
والنار هي دار الخلد والعرب تفعل هذا على التوكيد كما قال:
أخو رغائب بعطيها ويسألها = يأبى الظلامة منه النوفل الزفر
وهو هو كما يقال لك : في هذا المنزل دار واسعة , وهو الدار .
ولا يجوز عند الكوفيين حتى يخالف لفظ الثاني لفظ الأول , تقول على قولهم في هذا: المنزل منزل حسن , على أن الثاني الأول , وهو عند البصريين كله جيد.
وفي قراءة عبد الله بن مسعود:
{ ذلك جزاء أعداء الله النار دار الخلد} ). [معاني القرآن: 6/263-264]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ (29) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ربّنا أرنا الّذين أضلاّنا من الجنّ والإنس...}.
يقال: إن الذي أضلهم من الجن إبليس ,و من الإنس قابيل الذي قتل أخاه يقول: هو أول من سنّ الضلالة من الإنس.).
[معاني القرآن: 3/17-18]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({ربّنا أرنا الّذين أضلّانا من الجنّ والإنس نجعلهما تحت أقدامنا}, يقال: إبليس , وابن آدم الذي قتل أخاه، فسن القتل.). [تفسير غريب القرآن: 389]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وقال الّذين كفروا ربّنا أرنا اللّذين أضلّانا من الجنّ والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين (29)}
(أرنا): بكسر الراء وبإسكانها - لثقل الكسرة كما قالوا في فخذ فخذ، ومن كسر فعلى الأصل، والكسر أجود لأنه في الأصل أرئنا - فحذفت الهمزة وبقيت الكسرة دليلا عليها , والكسر أجود.
ومعنى الآية فيما جاء من التفسير: أنه يعني بهما ابن آدم قابيل الذي قتل أخاه، وإبليس، فقابيل من الإنس وإبليس من الجنّ.
ومعنى:
{نجعلهما تحت أقدامنا}: أي:يكونان - في الدّرك الأسفل). [معاني القرآن: 4/385]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقال الذين كفروا ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا}
قال حبة العرني,وعقبة الفزاري:سئل علي بن أبي طالب عليه السلام عن قوله جل وعز:
{أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس}.
فقال: (
هما: إبليس الأبالسة, وابن آدم الذي قتل أخاه). و كذلك روي عن ابن مسعود وابن عباس). [معاني القرآن: 6/265]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أَرِنَا الَّلذَيْنِ أَضَلَّانَا}: قيل:هما إبليس,وابن آدم الذي قتل أخاه). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 217]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 19 ذو القعدة 1431هـ/26-10-2010م, 07:01 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 30 إلى 44]

{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32) وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (36) وَمِنْ آَيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (37) فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ (38) وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آَيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آَمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (40) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ (43) وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (44)}

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {تتنزّل عليهم الملائكة...}.
عند الممات يبشرونهم بالجنة، وفي قراءتنا {ألاّ تخافوا}, وفي قراءة عبد الله :
{لا تخافوا} : بغير أن على مذهب الحكاية.). [معاني القرآن: 3/18]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({إنّ الّذين قالوا ربّنا اللّه ثمّ استقاموا تتنزّل عليهم الملائكة ألاّ تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنّة الّتي كنتم توعدون}
وقال:
{ألاّ تخافوا}: يقول: بأن لا تخافوا). [معاني القرآن: 4/8]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إنّ الّذين قالوا ربّنا اللّه ثمّ استقاموا} : أي آمنوا، ثم استقاموا على طاعة اللّه.
قال النبي - صلّى اللّه عليه وعلى آله وسلم -:
«استقيموا، ولن تحصوا»). [تفسير غريب القرآن: 389]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {إنّ الّذين قالوا ربّنا اللّه ثمّ استقاموا تتنزّل عليهم الملائكة ألّا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنّة الّتي كنتم توعدون (30)}
أي: وحدوا اللّه، واستقاموا: عملوا بطاعته , ولزموا سنة نبيّه.
{تتنزّل عليهم الملائكة} : بشراء يبشرونهم عند الموت , وفي وقت البعث فلا تهولهم أهوال القيامة). [معاني القرآن: 4/385]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا}
قال مجاهد وإبراهيم: قالوا لا إله إلا الله , ثم استقاموا.
روي عن أبي بكر الصديق أنه قال لهم :
(ما معنى :{ ثم استقاموا}؟).
فقالوا: لم يعصوا الله .
فقال :
(لقد صعبتم الأمر , إنما هو استقاموا على ألا يشركوا بالله شيئا) .
وقال مجاهد وإبراهيم :
{ ثم استقاموا } : لم يشركوا.
وقال الزهري قال: عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
{ ثم استقاموا} : على طاعة الله عز وجل , ولم يروغوا روغان الثعلب .
وروى معمر , عن قتادة:
{ ثم استقاموا }, قال: على طاعة الله.
قال أبو جعفر : في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم:
«استقيموا , ولن تحصوا» : أي: استقيموا على أمر الله , وطاعته.
ثم قال جل
وعز: {تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا}
قال مجاهد : تتنزل عليهم الملائكة عند الموت أن لا تخافوا ولا تحزنوا.
روى سفيان , عن زيد بن اسلم قال:
(لا تخافوا ما أمامكم من العذاب , ولا تحزنوا على ما خلفكم من عيالكم وضيعتكم, فقد خلفتم فيها بخير) .
وفي قراءة ابن مسعود:
{ تتنزل عليهم الملائكة لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون }
قال زيد بن اسلم:
(يقال لهم هذا عند الموت).).[معاني القرآن: 6/265-267]

تفسير قوله تعالى: {نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({نزلاً مّن غفورٍ رّحيمٍ}, وقال: {نزلاً} لأنه شغل {لكم} بـ {ما تشتهي أنفسكم} حتى صارت بمنزلة الفاعل , وهو معرفة , وقوله: {نزلاً} ينتصب على "نزّلنا نزلا" نحو قوله: {رحمةً مّن رّبّك}). [معاني القرآن: 4/8]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({نزلًا من غفورٍ رحيمٍ}:أي: رزقا.). [تفسير غريب القرآن: 389]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {نزلا من غفور رحيم (32)} : معناه : وأبشروا بالجنة تنزلونها نزلا.
قال أبو الحسن الأخفش:
{نزلا} منصوب من وجهين:
-أحدهما: أن يكون منصوبا على المصدر، على معنى : لكم فيها ما تشتهي أنفسكم أنزلناه نزلا.
- ويجوز أن يكون منصوبا على الحال , على معنى : لكم فيها ما تشتهي أنفسكم منزلا نزلا، كما تقول : جاء زيد مشيا , في معنى : جاء زيد ماشيا.).
[معاني القرآن: 4/385-386]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({نُزُلًا}: أي رزقاً.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 217]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ومن أحسن قولا ممّن دعا إلى اللّه وعمل صالحا وقال إنّني من المسلمين (33)}
{ومن أحسن قولا} : منصوب على التفسير , كما تقول : زيد أحسن منك وجها، وجاء في التفسير : أنه يعنى به محمد - صلى الله عليه وسلم - لأنه دعا إلى توحيد اللّه، وجاء أيضا في التفسير , عن عائشة وغيرها: أنها نزلت في المؤذنين.). [معاني القرآن: 4/386]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا}
في معناه ثلاثة أقوال:
- فمذهب الحسن: أنها عامة لجميع المؤمنين .
- وروى هشيم , عن عوف, عن ابن سيرين في قوله تعالى:
{ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله} , قال : ذلك النبي صلى الله عليه وسلم , أي: دعا إلى توحيد الله .
- وقال محمد بن نافع : قالت عائشة :
(نزلت في المؤذنين {ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا})) [معاني القرآن: 6/267-268]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ كأنّه وليٌّ حميم }: الحميم القريب). [مجاز القرآن: 2/197]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({ولا تستوي الحسنة ولا السّيّئة ادفع بالّتي هي أحسن فإذا الّذي بينك وبينه عداوةٌ كأنّه وليٌّ حميمٌ} , وقال: {ولا تستوي الحسنة ولا السّيّئة} , وقد يجوز؛ لأنك تقول: "لا يستوي عبد الله ولا زيدٌ" إذا أردت: لا يستوي عبد الله وزيدٌ" لأنهما جميعاً لا يستويان. وإن شئت قلت : أن الثانية زائدة تريد: لا يستوي عبد الله وزيدٌ.
فزيدت لا توكيدا كما قال:
{لّئلاّ يعلم أهل الكتاب} : أي: لأن يعلم, وكما قال: {لا أقسم بيوم القيامة}). [معاني القرآن: 4/9]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({ولي حميم}: الحميم القريب). [غريب القرآن وتفسيره: 329]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ولا تستوي الحسنة ولا السّيّئة ادفع بالّتي هي أحسن فإذا الّذي بينك وبينه عداوة كأنّه وليّ حميم (34)}
و" لا " زائدة مؤكدة، المعنى لا تستوي والسيئة.
{ادفع بالّتي هي أحسن} : معناه : ادفع السيئة بالتي هي أحسن.
{كأنّه وليّ حميم} : الحميم القريب). [معاني القرآن: 4/386]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة} : لا زائدة للتوكيد .
ثم قال جل وعز:
{ادفع بالتي هي أحسن}
قال عطاء , ومجاهد : تقول إذا لقيته : سلام عليكم .
ويروى , عن ابن عباس في قوله:
{ادفع بالتي هي أحسن}
قال:
(هما الرجلان متقاولان , فيقول أحدهما لصاحبه: يا صاحب كذا وكذا , فيقول له الآخر : إن كنت صادقا علي فغفر الله لي , وإن كنت كاذبا فغفر الله لك) .
وحدثنا بكر بن سهل قال : حدثنا أبو صالح , عن معاوية , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس:
{ ادفع بالتي هي أحسن }, قال: (أمر الله جل وعز المؤمنين بالصبر عند الغضب , والحلم , والعفو عند الإساءة, فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله من الشيطان , وخضع لهم عدوهم , كأنه ولي حميم)). [معاني القرآن: 6/268-269]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الحَمِيمٌ} : القريب).[العمدة في غريب القرآن: 264]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وما يلقّاها إلاّ الّذين صبروا...}.
يريد ما يلقّى دفع السيئة بالحسنة إلاّ من هو صابر، أو ذو حظ عظيم، فأنّثها لتأنيث الكلمة، ولو أراد الكلام فذكر , كان صوابا).
[معاني القرآن: 3/18]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وما يلقّاها إلّا الّذين صبروا وما يلقّاها إلّا ذو حظّ عظيم (35)}
أي: ما يلقى مجازاة هذا , أي: وما يلقى هذه الفعلة
{إلّا الّذين صبروا}: أي: إلّا الّذين يكظمون الغيظ.
{وما يلقّاها إلّا ذو حظّ عظيم} : الحظ ههنا الجنّة، أي وما يلقاها إلا من وجبت له الجنة.
ومعنى :
{ذو حظّ عظيم} , أي: حظّ عظيم في الخير.). [معاني القرآن: 4/386]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم}
قال: يقول الذين أعد الله لهم الجنة .
روى معمر , عن قتادة :
{كأنه ولي حميم }, قال: قريب.
ثم قال جل وعز:
{وما يلقاها إلا الذين صبروا}
أي :وما يلقى هذه الفعلة غلا الذين يكظمون الغيظ , وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم , أي: من الخير .
وروى معمر, عن قتادة قال :الحظ العظيم: الجنة).
[معاني القرآن: 6/270]

تفسير قوله تعالى:{وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (36)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإمّا ينزغنّك من الشّيطان نزغٌ...}.
يقول: يصدنّك عن أمرنا إياك , يدفع بالحسنة السيئة , فاستعذ بالله , تعّوذ به.).
[معاني القرآن: 3/18]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وإمّا ينزغنّك من الشّيطان نزغ فاستعذ باللّه إنّه هو السّميع العليم (36)}
يقول: إن نزغك من الشيطان ما يصرفك به عن الاحتمال , فاستعذ باللّه من شرّه , وامض على حلمك.).
[معاني القرآن: 4/387]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله}
أي: إن عرض لك الشيطان ليصدك عن الحلم , فاستعذ بالله منه , واحلم).
[معاني القرآن: 6/270-271]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (37)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لا تسجدوا للشّمس ولا للقمر واسجدوا للّه الّذي خلقهنّ...}: خلق الشمس , والقمر , والليل , والنهار، وتأنيثهن في قوله: {خلقهن}؛ لأن كل ذكر من غير الناس وشبههم , فهو في جمعهمؤنث تقول: مرّ بي أثواب فابتعتهن، وكانت لي مساجد فهدمتهن , وبنيتهن , يبنى على هذا). [معاني القرآن: 3/18]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ومن آياته اللّيل والنّهار والشّمس والقمر لا تسجدوا للشّمس ولا للقمر واسجدوا لله الّذي خلقهن }: أي: خلق الليل , والنهار, والشمس , والقمر, فلما انتهى الكلام إلى الشمس والقمر, وهم يعبدان , نهى عن عبادتهما, وأمر بعبادة الذي خلقهما , وخلق الليل والنهار , فصار هاهنا جميعاً , وجميع الحيوان ذكراً كان أو مؤنثاً , أو ذكراً مع مؤنث يخرج إلى التأنيث.). [مجاز القرآن: 2/197]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ومن آياته اللّيل والنّهار والشّمس والقمر لا تسجدوا للشّمس ولا للقمر واسجدوا للّه الّذي خلقهنّ إن كنتم إيّاه تعبدون (37)}
أي: من علاماته التي تدلّ على أنه واحد.
وقوله:
{واسجدوا للّه الّذي خلقهن} : وقد قال: الليل , والنهار , والقمر, وهي مذكرة.
وقال:
{خلقهنّ} : والهاء , والنون يدلان على التأنيث، ففيها وجهان:
أحدهما : أن ضمير غير ما يعقل على لفظ التأنيث، تقول: هذه كباشك فسقها، وإن شئت فسقهن، وإنّما يكون " خلقهم " لما يعقل لا غير، ويجوز أن يكون
{خلقهنّ} راجعا على معنى الآيات ؛ لأنه قال: ومن آياته هذه الأشياء {واسجدوا للّه الّذي خلقهنّ}.). [معاني القرآن: 4/387]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن}
أي: ومن علاماته التي تدل على قدرته , ووحدانيته الليل والنهار, والشمس والقمر , لا تسجدوا للشمس ولا للقمر , واسجدوا لله الذي خلقهن.
ويجوز أن يكون المعنى : واسجدوا لله الذي خلق الليل والنهار , والشمس والقمر.
ويجوز أن يكون المضمر يعود على الشمس والقمر ؛ لأن الاثنين جميع .
ويجوز أن يكون يعود على معنى الآيات.).
[معاني القرآن: 6/271-272]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ (38)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( { فإن استكبروا فالّذين عند ربّك يسبّحون له باللّيل والنّهار وهم لا يسأمون (38)}
هذه خطاب لمحمد - صلى الله عليه وسلم - , و
{الّذين} ههنا يعنى به الملائكة، فالمعنى فإن استكبروا ولم يوحّدوا اللّه , ويعبدوه , ويؤمنوا برسوله؛ فالملائكة {يسبّحون له باللّيل والنّهار}.
{وهم لا يسأمون}: لا يملّون.).[معاني القرآن: 4/387]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {فإن استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسامون}
أي: فإن استكبروا عن أن يوحدوا الله , ويتبعوك ؛ فالذين عند ربك, أي: فالملائكة الذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار , وهم لا يسأمون , أي: لا
يملون.). [معاني القرآن: 6/272]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {اهتزّت وربت...}.
زاد ريعها، وربت، أي: أنها تنتفخ، ثم تصدّع عن النبات).
[معاني القرآن: 3/18]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({اهتزّت} :أي: اهتزت بالنبات، {وربت}: علت ,وانتفخت.). [تفسير غريب القرآن: 389]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم زادهم في الدلالة فقال:{ومن آياته أنّك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزّت وربت إنّ الّذي أحياها لمحي الموتى إنّه على كلّ شيء قدير (39)}
أي: متهشمة متغيرة، وهو مثل هامدة.
{فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزّت وربت}:ويقرأ وربأت بالهمز، ومعنى ربت عظمت، ومعنى ربأت :ارتفعت ؛ لأن النبت إذا همّ أن يظهر ارتفعت له الأرض). [معاني القرآن: 4/386-387]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم زادهم في الدلالة فقال جل وعز: {ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة}
قال قتادة: أي: غبراء متهشمة.
ثم قال جل وعز:
{فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت}
قال مجاهد: اهتزت , أي: بالنبات.
قال أبو جعف:ر يقال: اهتز الإنسان , أي: تحرك, ومنه قوله:-
تراه كنصل السيف يهتز للندى = إذا لم تجد عند امرئ السوء مطمعا
ثم قال: وربت , قال مجاهد :أي: ارتفعت , لتنبت.
قال أبو جعفر: قرأ أبو جعفر : يزيد بن القعقاع , وخالد :
{وربأت}, معناه : عظمت من الربيئة.). [معاني القرآن: 6/273]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آَيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آَمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (40)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({اعملوا ما شئتم }: لم يأمرهم بعمل الكفر , إنما هو توعدٌ.).[مجاز القرآن: 2/197]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه أن يأتي الكلام على لفظ الأمر وهو تهديد: كقوله: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ}). [تأويل مشكل القرآن: 280]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله -عزّ وجلّ -: {إنّ الّذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النّار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنّه بما تعملون بصير (40)}
{يلحدون} بفتح الياء والحاء، وتفسير:{يلحدون}: يجعلون الكلام على غير جهته، ومن هذا اللّحد لأنه الحفر في جانب القبر، يقال لحد , وألحد، في معنى واحد.
{اعملوا ما شئتم} : لفظ هذا الكلام لفظ أمر، ومعناه الوعيد والتهدد، وقد بيّن لهم المجازاة على الخير والشر). [معاني القرآن: 4/388]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا}
قال مجاهد: المكاء , وما ذكر معه.
وقال قتادة: الإلحاد :التكذيب .
قال أبو جعفر : أصل الإلحاد: العدول عن الشيء , والميل عنه , ومنه اللحد ؛ لأنه جانب القبر.
فمعنى : ألحد في آيات الله : مال عن الحق فيها , أي: جعلها على غير معناها .
وقوله جل وعز:
{أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة} .
{ أفمن يلقى في النار }: أبو جهل بن هشام {خيرأم من يأتي آمنا يوم القيامة } : عمار بن ياسر.
ثم قال:
{ اعملوا ما شئتم } وقد بين جل وعز ذلك .
قال مجاهد: هذا على الوعيد.).
[معاني القرآن: 6/273-274]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {يلحدون في آياتنا}: أي: يميلون عليها وفيها بالطعن.
{اعملوا ما شئتم}: هو تهديد ووعيد، كما تقول للعدو: اعمل ما شئت فإني أكافئك، فكذلك: {اعملوا ما شئتم}.). [ياقوتة الصراط: 454-455]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّ الّذين كفروا بالذّكر لمّا جاءهم...}.
يقال: أين جواب إنّ؟ , فإن شئت جعلته :
{أولئك ينادون من مكانٍ بعيدٍ}, وإن شئت كان في قوله: {وإنّه لكتابٌ عزيزٌ...} , {لاّ يأتيه الباطل...}، فيكون جوابه معلوماً فيترك، وكأنه أعرب الوجهين وأشبهه بما جاء في القرآن.). [معاني القرآن: 3/19]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({إنّ الّذين كفروا بالذّكر لمّا جاءهم وإنّه لكتابٌ عزيزٌ}
وقال:
{إنّ الّذين كفروا بالذّكر لمّا جاءهم} , فزعم بعض المفسرين أن خبره : {أولئك ينادون من مّكان بعيدٍ}, وقد يجوز أن يكون على الإخبار التي في القرآن يستغنى بها كما استغنت أشياء عن الخبر إذ طال الكلام , وعرف المعنى نحو قوله: {ولو أنّ قرآناً سيّرت به الجبال} , وما أشبهه.
وحدثني شيخ من أهل العلم قال: سمعت عيسى بن عمر يسأل عمرو بن عبيد :
{إنّ الّذين كفروا بالذّكر لمّا جاءهم} , أين خبره؟.
فقال عمرو:
معناه في التفسير : نّ الّذين كفروا بالذّكر لمّا جاءهم} , كفروا به ,{وإنّه لكتابٌ عزيزٌ}.
فقال عيسى:
جاء يا أبا عثمان. ). [معاني القرآن: 4/9]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم}
قال قتادة: أي: بالقرآن.
قال أبو جعفر , وفي الخبر قولان:
أحدهما: أن المعنى: إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم , أولئك ينادون من مكان بعيد .
والقول الآخر: أن الخبر محذوف , أي: هلكوا .
وهذا القول الاختيار عند النحويين جميعا فيما علمت
وقوله:
{وإنه لكتاب عزيز}: أي: قاهر لا يقدر أحد أن يأتي بمثله). [معاني القرآن: 6/274-275]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّ الّذين كفروا بالذّكر لمّا جاءهم...}.
يقال: أين جواب إنّ؟ , فإن شئت جعلته :
{أولئك ينادون من مكانٍ بعيدٍ}, وإن شئت كان في قوله: {وإنّه لكتابٌ عزيزٌ...}{لاّ يأتيه الباطل...}، فيكون جوابه معلوماً فيترك، وكأنه أعرب الوجهين وأشبهه بما جاء في القرآن). [معاني القرآن: 3/19] (م)
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لاّ يأتيه الباطل من بين يديه...}، يقول: التوراة والإنجيل لا تكذبه وهي من بين يديه , {ولا من خلفه}، يقول: لا ينزل بعده كتاب يكذبه.). [معاني القرآن: 3/19]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه}:قالوا: لا يستطيع الشيطان أن يبطل منه حقا، ولا يحق منه باطلا). [تفسير غريب القرآن: 389]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وإنّه لكتاب عزيز (41) لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد (42)}
فيه وجهان:
أحدهما: أن الكتب التي تقدمت لا تبطله , ولا يأتي بعده كتاب يبطله.
والوجه الثاني: أنه محفوظ من أن ينقص منه , فيأتيه الباطل من بين يديه , أو يزاد فيه , فيأتيه الباطل من خلفه.
والدليل على هذا قوله:
{إنّا نحن نزّلنا الذّكر وإنّا له لحافظون (9) }.) . [معاني القرآن: 4/388]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه}
في معناه أقوال:
- فمن أحسنها : أن المعنى لا يأتيه الشيطان من بين يديه ,فينتقص منه , ولا من خلفه فيزيد فيه
قال مجاهد: الباطل: الشيطان.
وقال الحسن: حفظ الله القرآن من الشيطان , فلا يقدر أن يزيد فيه , ولا ينقص منه .قال الحسن :
{إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون }.
وروى معمر , عن قتادة في قوله تعالى:
{لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه} , قال: لا يقدر الشيطان أن يبطل منه حقا , ولا يحق فيه باطل.ا
قال أبو جعفر : معنى : يحق فيه باطلا , يزيد فيه باطلا , فيصير حقا , فهذا قول.
ب- وقيل معنى:
{ لا يأتيه الباطل من بين يديه} : لا يبطله كتاب قبله , ولا يأتي بعده كتاب فيبطله , وهذا قول الفراء: أي: لا يوجد فيه باطل من إحدى الجهتين.
ج- وقيل معنى :
{لا يأتيه الباطل من بين يديه}: من قبل أن يتم نزوله , {ولا من خلفه } : من بعد تمام نزوله
, ويكون أيضا من بين يديه بعد نزوله كله , ومن خلفه قبل تمامه.
د- وقيل المعنى :لا يأتيه الباطل قبل أن ينزل ؛ لأن الأنبياء وقد بشرت به ,’ فلم يقدر الشيطان على أن يدحض ذلك , ولا من خلفه بعد أن أنزل
هـ- وقيل معنى :
{ من بين يديه ولا من خلفه} : على التكثير , أي: لا يأتيه الباطل البتة.). [معاني القرآن: 6/276-277]

تفسير قوله تعالى: {مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ (43) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {مّا يقال لك إلاّ ما قد قيل للرّسل من قبلك...}.
جزع صلى الله عليه وسلم من تكذيبهم إياه، فأنزل الله جل وعز عليه: ما يقال لك من التكذيب إلا كما كذب الرسل من قبلك).
[معاني القرآن: 3/19]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ما يقال لك إلّا ما قد قيل للرّسل من قبلك}: تعزية له صلى اللّه عليه وسلم , وتسلية: أي: قد قيل للرسل قبلك: ساحر وكذاب، كما قيل لك). [تفسير غريب القرآن: 389]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ما يقال لك إلّا ما قد قيل للرّسل من قبلك إنّ ربّك لذو مغفرة وذو عقاب أليم (43)}
أي: تكذيبك كما كذب الرسل من قبلك، وقيل لهم كما يقول الكفار لك، ثم قال:
{إنّ ربّك لذو مغفرة} : المعنى لمن آمن بك, {وذو عقاب أليم}: لمن كذبك.). [معاني القرآن: 4/388-389]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك}
قال أبو صالح: أي: من الأذى .
وقوله تعالى:
{إن ربك لذو مغفرة} :أي: لمن آمن بك , وذو عقاب أليم , أي: لمن كذبك). [معاني القرآن: 6/277-278]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ}: أي: قد قيل
لهم: ساحر , وكذاب, فعزى الله تبارك تعالى بذلك نبيه صلى الله عليه وسلم).
[تفسير المشكل من غريب القرآن: 217-218]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (44)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قرأ الأعمش وعاصم: {أأعجميٌّ وعربيٌّ...} :استفهام، وسكنا العين، وجاء التفسير: أيكون هذا الرسول عربياً , والكتاب أعجمي؟.
وقرأ الحسن بغير استفهام:
{أعجمي وعربي}, كأنه جعله من قيلهم: يعني الكفرة، أي: هلاّ فصلت آياته منها عربي يعرفه العربي، وعجمي يفهمه العجمي، فأنزل الله عز وجل: {قل هو للّذين آمنوا هدًى وشفاء...}.
وقرأها بعضهم:
{أعجمي وعربي}: يستفهم, وينسبه إلى العجم.
وقوله:
{وهو عليهم عمًى...}
حدثنا الفراء قال: وحدثني غير واحد منهم أبو الأحوص , ومندل , عن موسى بن أبي عائشة , عن سليمان بن قتّة , عن ابن عباس أنه قرأ: عمٍ.
وقوله:
{أولئك ينادون من مّكانٍ بعيدٍ...}.
تقول للرجل الذي لا يفهم قولك: أنت تنادي من بعيد، تقول للفهم: إنك لتأخذ الشيء من قريب. وجاء في التفسير: كأنما ينادون من السماء , فلا يسمعون).
[معاني القرآن: 3/20]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({ولو جعلناه قرآناً أعجميّاً لّقالوا لولا فصّلت آياته أأعجميٌّ وعربيٌّ قل هو للّذين آمنوا هدًى وشفاء والّذين لا يؤمنون في آذانهم وقرٌ وهو عليهم عمًى أولئك ينادون من مّكان بعيدٍ}
وقال:
{ولو جعلناه قرآناً أعجميّاً لّقالوا لولا فصّلت آياته أأعجميٌّ وعربيٌّ} , يقول: {هلاّ فصّلت آياته أأعجميٌّ} : يعني القرآن , {وعربيٌّ}: يعني النبي صلى الله عليه وسلم , وقد قرئت من غير استفهام , وكلٌّ جائز في معنى واحد.). [معاني القرآن: 4/9-10]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({ولو جعلناه قرآناً أعجميًّا لقالوا لولا فصّلت آياته}: أي هلّا فصلت آياته، أي أنزلت مفصلة بالآي!. كأن التفصيل للسان العرب!.
ثم ابتدأ فقال:
{ءأعجميٌّ وعربيٌّ}!؟ حكاية عنهم, كأنهم يعجبون , فيقولون: أكتاب أعجمي ونبي عربي؟ , كيف يكون هذا؟!, فكان ذلك أشد لتكذيبهم.
{أولئك ينادون من مكانٍ بعيدٍ}: لقلة أفهامهم, يقال للرجل الذي لا يفهم: أنت تنادي من مكان بعيد! .). [تفسير غريب القرآن: 389-390 ]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ولو جعلناه قرآنا أعجميّا لقالوا لولا فصّلت آياته أأعجميّ وعربيّ قل هو للّذين آمنوا هدى وشفاء والّذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد (44)}
(ولو جعلناه قرآنا أعجميّا لقالوا لولا فصّلت): أي : بيّنت.
{أأعجميّ وعربي} : وتقرأ
{أأعجميّ} بهمزتين و {أعجميّ}بهمزة واحدة , وبهمزة بعدها مخففة تشبه الألف، ولا يجوز أن يكون ألفا خالصة لأن بعدها العين وهي ساكنة.
وتقرأ أعجمي وعربي - بهمزة واحدة , وفتح العين.
وقرأ الحسن: أعجمى بهمزة , وسكون العين.
والذي جاء في التفسير : أن المعنى
{ولو جعلناه قرآنا أعجميّا لقالوا لولا} : هلّا بينت آياته، أقرآن أعجميّ , ونبيّ عربي.
فمن قرأ
{آأعجمي} فهمزة وألف فإنه منسوب إلى اللسان الأعجم، تقول: هذا رجل أعجمي إذا كان لا يفصح إن كان من العجم أو من العرب، وتقول: هذا رجل عجمي إذا كان من الأعاجم، فصيحا كان أم غير فصيح، ومثل ذلك: هذا رجل أعرابي إذا كان من أهل البادية، وكان جنسه من العرب أو من غير العرب، والأجود في القرآن أعجمي بهمزة وألف على جهة النسبة إلى الأعجم، ألا ترى قوله: {ولو جعلناه قرآنا أعجميّا}, ولم يقرأ أحد عجميّا.
فأمّا قراءة الحسن : أعني
{أعجمى } بإسكان العين , لا على معنى الاستفهام , ولكن على معنى: هلّا بيّنت آياته، فجعل بعضه بيانا للعجم , وبعضه بيانا للعرب، وكل هذه الأوجه الأربعة سائغ في العربية , وعلى ذلك تفسيره.
وقوله عزّ وجلّ:
{قل هو للّذين آمنوا هدى وشفاء} :يعني: القرآن.
{والّذين لا يؤمنون في آذانهم وقر} : أي هم في ترك القبول بمنزلة من في أذنه صمم.
{وهو عليهم عمى} , ويقرأ {وهو عليهم عم} بكسر الميم والتنوين، ويجوز {وهو عليهم عمي} بإثبات الياء وفتحها، ولا يجوز إسكان الياء وترك التنوين.
{أولئك ينادون من مكان بعيد} : يعني من قسوة قلوبهم, يبعد عنهم ما يتلى عليهم). [معاني القرآن: 4/389-390]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته}:أي: بينت.
قال أبو جعفر: أصل هذا: أن التفصيل لا يكون إلا للعرب , وهم أصحاب البيان .
ثم قال جل وعز:
{أعجمي وعربي}
قال سعيد بن جبير: أي: أقرآن أعجمي , ونبي عربي ؟!.
قال قتادة: أي: لو جعلنا القرآن أعجميا ؛ لأنكروا ذلك , وقالوا: أعرب مخاطبون بالعجمية, فكان ذلك أشد لتكذيبهم.
وقرأ ابن عباس , والحسن , وأبو الأسود :
{أعجمي} بغير استفهام , والعين ساكنة , والمعنى على هذه القراءة : لولا فصلت آياته , فكان منها أعجمي تفهمه العجم , وعربي تفهمه العرب , ويكون {أعجمي } بدلا من آياته , وحكي أنه قرئ {أعجمي} على أن الأصل عجمي دخلت عليه ألف الاستفهام .
قال أبو جعفر , قال أبو إسحاق: الأعجمي الذي لا يفصح كان من العرب أو من العجم, والعجمي الذي ليس من العرب كان فصيحا أو غير فصيح.
قال أبو جعفر : والقراءة الأخرى بعيدة ؛ لأنهم قد أجمعوا على
قوله: {ولو جعلناه قرآنا أعجميا} .
وقوله جل وعز:
{والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى}
وقر : أي: صمم على التمثيل , وهو عليهم عمى.
قال قتادة: القرآن , وقيل : الوقر عليهم عمى.
وقرأ ابن عباس , ومعاوية , وعمرو بن العاص
{وهو عليهم عمي } على أنه فعل ماض , وحكي: { وهو عليهم عم }.
ثم قال جل وعز:
{أولئك ينادون من مكان بعيد}
حكى أهل اللغة : أنه يقال للذي يفهم : أنت تسمع من قريب , ويقال للذي لا يفهم: أنت تنادى من مكان بعيد , أي: كأنه ينادي من موضع بعيد منه , فهو لا يسمع النداء ولا يفهمه .
ومذهب الضحاك: أنهم ينادون يوم القيامة بأقبح أسمائهم من مكان بعيد ؛ ليكون ذلك أشد عليهم في الفضيحة والتوبيخ.).
[معاني القرآن: 6/279-281]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {من مَّكَانٍ بَعِيدٍ}: لقلة أفهامهم وبعدها.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 218]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 19 ذو القعدة 1431هـ/26-10-2010م, 07:05 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 45 إلى آخر السورة]

{وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (45) مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (46) إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آَذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (47) وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (48) لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ (49) وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ (50) وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ (51) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (52) سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54)}

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (45)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا كلمة سبقت من ربّك لقضي بينهم وإنّهم لفي شكّ منه مريب (45)}
{ولولا كلمة سبقت من ربّك} : الكلمة : وعدهم الساعة، قال عزّ وجلّ: {بل السّاعة موعدهم} ). [معاني القرآن: 4/390]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ومعنى قوله جل وعز: {ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم} : أنهم قد أخروا إلى مدة يعلمها الله , وأنه لا يعالجهم بالهلاك.).[معاني القرآن: 6/281-282]

تفسير قوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (46)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربّك بظلّام للعبيد (46)}
{ومن أساء فعليها}: أي: على نفسه.
ويدل على أن الكلمة ههنا الساعة قوله:
{إليه يرد علم السّاعة} ). [معاني القرآن: 4/390]

تفسير قوله تعالى: {إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آَذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (47)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وما تخرج من ثمرةٍ مّن أكمامها...}.
قشر الكفرّاة كم، وقرأها أهل الحجاز:
{وما تخرج من ثمراتٍ}.
وقوله:
{قالوا آذنّاك...}: هذا من قول الآلهة التي كانوا يعبدونها في الدنيا, قالوا: أعلمناك ما منا من شهيد بما قالوا). [معاني القرآن: 3/20]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ من أكمامها }:أي: أوعيتها واحدها كمّة وهو ما كانت فيه وكمٌ وكمّة واحد وجمعها أمام وأكمّة). [مجاز القرآن: 2/198]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({من أكمامها}: أوعيتها، واحدها كمة). [غريب القرآن وتفسيره: 329]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وما تخرج من ثمراتٍ من أكمامها}: أي: من المواضع التي كانت فيها مستترة, وغلاف كل شيء: كمته. وإنما قيل: كم القميص، من هذا.
{قالوا آذنّاك}: أعلمناك, هذا من قول الآلهة التي كانوا يعبدون في الدنيا, {ما منّا من شهيدٍ} : لهم بما قالوا وادعوه فينا.). [تفسير غريب القرآن: 390]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ : {وما تخرج من ثمرات من أكمامها وما تحمل من أنثى ولا تضع إلّا بعلمه ويوم يناديهم أين شركائي قالوا آذنّاك ما منّا من شهيد (47)}
{وما تخرج من ثمرات من أكمامها} : نحو خروج الطلع من قشره.
{ويوم يناديهم أين شركائي} : المعنى أين قولكم أن لي شركاء، واللّه - جل وعلا - واحد لا شريك له.
وقد بين ذلك في قوله: {أين شركائي قالوا آذنّاك ما منّا من شهيد}

{آذناك}: أعلمناك ما منا من شهيد لهم.). [معاني القرآن: 4/390-391]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إليه يرد علم الساعة وما تخرج من ثمرات من أكمامها}
روى ابن أبي نجيح , عن مجاهد قال : (حين تطلع) .
وقال غيره : هي الطلعة تخرج من قشرها.
قال أبو جعفر : القول الأول أعم , أي : وما تخرج من ثمرة من غلافها الذي كانت فيه , وذلك أول ما تطلع , وغلاف كل شيء كمه , وقوله جل وعز:
{ويوم يناديهم أين شركائي} , أي: على زعمكم , {قالوا آذناك}:و هذا من قول الآلهة, أي: أعلمناك , يقال: آذنته , فأذن, أي: أعلمته فعلم , والأصل في هذا من الأذن , أي : أوقعته في أذنه ومنه:
=آذنتنا ببينها أسماء
ومنه قوله جل وعز: {ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن} : : اعملوا ما شئتم ثم اعتذروا منه , فإنه يعذركم , ويقبل ما تعلمونه به , ومنه الأذان , إنما هو إعلام بالصلاة , ثم قال تعالى: {ما منا من شهيد} : أي : ما منا من شهد أن لك شريكا , ثم قال جل وعز: {وظنوا ما لهم من محيص} : وظنوا , أي: وأيقنوا.). [معاني القرآن: 6/282-283]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {من أكمامها}:أي: من أغطيتها, {قَالُوا آذَنَّك}: أي: أعلمناك.). [ياقوتة الصراط: 455]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مِّنْ أَكْمَامِهَا}: أي: من المواضع التي كانت فيه مستترة , وغلاف كل شيء: كمه.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 218]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({أَكْمَامِهَا}: أوعيتها.). [العمدة في غريب القرآن: 265]

تفسير قوله تعالى: {وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (48) }
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ من مّحيصٍ }: يقال: حاص عنه : حاد عنه.). [مجاز القرآن: 2/198]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وضلّ عنهم مّا كانوا يدعون من قبل وظنّوا ما لهم مّن مّحيصٍ}
وقال:
{وظنّوا ما لهم مّن مّحيصٍ} , أي: فاستيقنوا، لأن ماههنا حرف , وليس باسم , والفعل لا يعمل في مثل هذا ؛ فلذلك جعل الفعل ملغى.). [معاني القرآن: 4/10]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({من محيص}: يقال حاص عنه أي حاد عنه).[غريب القرآن وتفسيره: 329]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({وضلّ عنهم ما كانوا يدعون من قبل وظنّوا ما لهم من محيص (48)}ْ
{وظنّوا ما لهم من محيص} : أي: أيقنوا.). [معاني القرآن: 4/391]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مَّحِيصٍ}: مهرب، ملجأ). [العمدة في غريب القرآن: 265]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ (49)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لاّ يسأم الإنسان من دعاء الخير...}., وفي قراءة عبد الله: {من دعاء بالخير} ). [معاني القرآن: 3/20]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ يئوسٌ } : فعول: من يئست, {قنوطٌ } : فعول من قنط , ومجازهما واحد.). [مجاز القرآن: 2/198]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {لا يسأم الإنسان من دعاء الخير وإن مسّه الشّرّ فيئوس قنوط (49)} : لا يمل الخير الذي يصيبه، وإذا اختبر بشيء من الشر يئس وقنط). [معاني القرآن: 4/391]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز:
{لا يسأم الإنسان من دعاء الخير وإن مسه الشر فيؤوس قنوط} :أي: لا يمل من أن يصيبه الخير , وفي قراءة عبد الله :{من دعاء بالخير
وإن مسه الشر}: أي : إن مسه شيء يسير من الشر يئس ,وقنط.). [معاني القرآن: 6/284]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يَسْأَمُ}: يمل.). [العمدة في غريب القرآن: 265]

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ (50)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ولئن أذقناه رحمة منّا من بعد ضرّاء مسّته ليقولنّ هذا لي وما أظنّ السّاعة قائمة ولئن رجعت إلى ربّي إنّ لي عنده للحسنى فلننبّئنّ الّذين كفروا بما عملوا ولنذيقنّهم من عذاب غليظ (50)}
{ولئن أذقناه رحمة منّا من بعد ضرّاء مسّته ليقولنّ هذا لي} : أي: هذا واجب لي، بعملي استحققته، وهذا يعني به الكافرون، ودليل ذلك قوله:{وما أظنّ السّاعة قائمة ولئن رجعت إلى ربّي إنّ لي عنده للحسنى}
يقول: إني لست أوقن بالبعث وقيام الساعة، فإن كان الأمر على ذلك إن لي عنده للحسنى).
[معاني القرآن: 4/391]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ليقولن هذا لي وما أظن الساعة قائمة}
قال مجاهد :أي بعملي , وأنا حقيق بهذا , وهذا يراد به الكافر , ألا ترى أن بعده
{وما أظن الساعة قائمة}.
وقوله تعالى:
{ولئن رجعت إلى ربي} :أي: على قولك.).[معاني القرآن: 6/284]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ (51)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فذو دعاء عريضٍ...}: يقول: ذو دعاء كثير : إن وصفته بالطول , والعرض فصواب). [معاني القرآن: 3/20]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({أعرض ونأى بجانبيه }: أي: تباعد عني.). [مجاز القرآن: 2/198]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فذو دعاءٍ عريضٍ} :أي كثير, إن وصفته بالطول , أو بالعرض، جاز في الكلام).[تفسير غريب القرآن: 390]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسّه الشّرّ فذو دعاء عريض (51)}
ويقرأ (ناء) , والمعنى متقارب، يقول: إذا كان في نعمة تباعد عن ذكر اللّه , ودعائه.
{وإذا مسّه الشّرّ فذو دعاء عريض} : وعريض ههنا كبير, وكذلك لو كان ذو دعاء طويل , كان معناه : كبير.). [معاني القرآن: 4/390-391]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه}
أي: تباعد , ولم يدعن.ا
وقرأ أبو جعفر يزيد بن القعقاع:
{ أعرض وناء بجانبه } الألف قبل الهمزة
فيجوز : أن يكون معناه : من ناء إذا نهض , ويجوز أن يكون على قلب الهمز بمعنى الأول .
وقوله جل وعز:
{وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض} أي: كبير.
يقال له : دعاء عريض , وطويل , بمعنى واحد.).
[معاني القرآن: 6/285]

تفسير قوله تعالى: {سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أولم يكف بربّك...}.: أنه إن شئت جعلت أنّ في موضع خفض على التكرير: أو لم يكف بربك بأنه على كل شيء شهيد، وإن شئت جعلته رفعا على قولك: أو لم يكف بربك شهادته على كل شيء، والرفع أحبّ إليّ). [معاني القرآن: 3/21]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {سنريهم آياتنا في الآفاق} : قال مجاهد: فتح القرى، {وفي أنفسهم}: فتح مكة.). [تفسير غريب القرآن: 390]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتّى يتبيّن لهم أنّه الحقّ أولم يكف بربّك أنّه على كلّ شيء شهيد (53)}
أي : سنريهم الأعلام التي تدل على التوحيد في الآفاق، وواحدها أفق.
يقول: سنريهم آثار من مضى قبلهم ممن كذب الرسل من الأمم , وآثر خلق اللّه في كل البلاد ,
{وفي أنفسهم}: من أنهم كانوا نطفا , ثم علقا , ثم مضغا , ثم عظاما كسيت لحما، ثم نقلوا إلى التمييز والعقل، , وذلك كله دليل على أن الذي فعله واحد , ليس كمثله شيء.
{أولم يكف بربّك أنّه على كلّ شيء شهيد} : ويجوز " إنّه "، والقراءة " أنّه " بالفتح, وموضع {بربّك} في المعنى رفع,
المعنى : أولم يكف ربك
وموضع
{أنه} نصب، وإن شئت كان رفعا.
المعنى في النصب : أو لم يكف ربك بأنه على كل شيء شهيد.
ومن رفع فعلى البدل، المعنى أولم يكف أن ربّك على كل شيء شهيد، أي أولم يكفهم شهادة ربّك.
, ومعنى الكفاية ههنا أنه قد بين لهم ما فيه كفاية في الدلالة على توحيده , وبينت رسله.).
[معاني القرآن: 4/392]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق}
أي: في آفاق الدنيا , وتقلب أحوالها , وفي أنفسهم مثل ذلك.
قال مجاهد :
{في الآفاق }: فتح القرى , {وفي أنفسهم }: فتح مكة.
وقوله جل وعز:
{أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد}
المعنى: أو لم يكفهم بربك , أي: أو لم يكفهم ربك بما دلهم به على توحيد الله جل وعز مما فيه كفاية لهم ؛ لأنه على كل شيء شهيد .
ويجوز أن يكون المعنى أنه له على كل شيء شاهد بأنه محدث , وإذا شهده جازى عليه.).
[معاني القرآن:6/285-287]

تفسير قوله تعالى: {أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54) }
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ مريةً }: ومرية , أي: امتراء.). [مجاز القرآن: 2/198]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ألا إنّهم في مريةٍ} :أي: في شك.). [تفسير غريب القرآن: 390]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({ألا إنّهم في مرية من لقاء ربّهم ألا إنّه بكلّ شيء محيط (54)}: في شك.
(ألا) كلمة يبتدأ بها ينبّه بها المخاطب توكيدا يدلّ على صحة ما بعدها.
{ألا إنّه بكلّ شيء محيط}: أي : عالم بكل شيء علما يحيط بما ظهر , وخفي).[معاني القرآن: 4/392]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم} :أي: في شك , وقرأ الحسن: في مرية .
{ألا إنه بكل شيء محيط }:أي: قد أحاط بعلم الغيب , والشهادة جل وعز.). [معاني القرآن: 6/287]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ({في مرية}: أي: في شك.). [ياقوتة الصراط: 456]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:36 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة