العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > التفسير اللغوي > جمهرة التفسير اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 شعبان 1431هـ/18-07-2010م, 03:24 PM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي التفسير اللغوي لسورة سبأ

التفسير اللغوي لسورة سبأ

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13 ذو القعدة 1431هـ/20-10-2010م, 09:48 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 1 إلى 9]

{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآَخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (1) يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (3) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (5) وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (6) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (7) أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ (8) أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (9)}

تفسير قوله تعالى:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآَخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (1)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {الحمد للّه} حمد نفسه وهو أهل الحمد.
{الّذي له ما في السّموات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم} [سبأ: 1] في أمره، أحكم كلّ شيءٍ.
{الخبير} بخلقه). [تفسير القرآن العظيم: 2/744]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: ( {الحمد للّه الّذي له ما في السّماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير (1)}

واللّه المحمود في الدّنيا والآخرة، وحمده في الآخرة يدل عليه قول أهل الجنة: {الحمد للّه الّذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوّأ من الجنّة حيث نشاء) أي أورثنا أرض الجنة.}.). [معاني القرآن: 4/239]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (من ذلك قوله جل وعز: {الحمد لله الذي له ما في السموات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة}
وهو قوله جل وعز: {وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين}
ثم قال تعالى: {وهو الحكيم الخبير}
روى معمر , عن قتادة قال: (حكيم في أمره , خبير في خلقه).). [معاني القرآن: 5/391]

تفسير قوله تعالى: {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({يعلم ما يلج في الأرض} [سبأ: 2] من المطر.
{وما يخرج منها} [سبأ: 2] من النّبات.
{وما ينزل من السّماء} [سبأ: 2] من المطر، وغير ذلك.
{وما يعرج فيها} [سبأ: 2]، أي: وما يصعد، ما تصعد به الملائكة.
{وهو الرّحيم الغفور} [سبأ: 2] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/744]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)

: ({يعلم ما يلج في الأرض}: أي: يدخل , ويغيب فيها , قال طرفة:

رأيت القوافي يتّلجن موالجاً= تضايق عنها أن تولجّأ الإبر.). [مجاز القرآن: 2/142]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({ما يلج في الأرض}: يدخل فيها). [غريب القرآن وتفسيره: 305]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {ما يلج في الأرض}: أي: يدخل.

{وما يعرج فيها} : أي: يصعد.). [تفسير غريب القرآن: 353]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السّماء وما يعرج فيها وهو الرّحيم الغفور (2)}
أي : ما يدخل في الأرض , وما يخرج منها, ما يدخل في الأرض من قطر وغيره، وما يخرج منها من زرع وغيره.
{وما ينزل من السّماء وما يعرج فيها}:ما يصعد فيها، يقال : عرج يعرج إذا صعد، والمعارج: الدّرج من هذا، ويقال: عرج يعرج، إذا صار ذا عرج، وعرج يعرج إذا غمز من شيء أصابه.). [معاني القرآن: 4/239]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها}
أي: ما يدخل فيها من قطر , وغيره , وما يخرج منها من نبات وغيره .
{وما ينزل من السماء , وما يعرج فيها } : من عرج يعرج إذا صعد.). [معاني القرآن: 5/392]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( { يَلِجُ}: يدخل. , و{يَعْرُجُ}: أي: يصعد). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 195]

قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَلِجُ}: يخرج). [العمدة في غريب القرآن: 245]
تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (3)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وقال الّذين كفروا لا تأتينا السّاعة} [سبأ: 3] القيامة.
{قل بلى وربّي لتأتينّكم عالم الغيب} [سبأ: 3] من قرأها بالرّفع رجع إلى قوله: {الّذي له ما في السّموات وما في الأرض} [سبأ: 1] إلى قوله: {وهو الرّحيم الغفور} [سبأ: 2]...
{عالم الغيب} [سبأ: 3] ومن قرأها بالجرّ: {عالم الغيب} [سبأ: 3] يقول: {بلى وربّي}
[تفسير القرآن العظيم: 2/744]
[سبأ: 3]...
{عالم الغيب} [سبأ: 3] وفيها تقديمٌ.
والغيب في تفسير الحسن في هذا الموضع، ما لم يكن.
قال: {لتأتينّكم} [سبأ: 3] السّاعة.
{لا يعزب عنه} [سبأ: 3] لا يغيب عنه.
{مثقال ذرّةٍ} وزن ذرّةٍ، لا يغيب عنه علم ذلك، أي: ليعلم ابن آدم أنّ عمله الّذي عليه الثّواب والعقاب لا يغيب عن اللّه منه مثقال ذرّةٍ.
{ولا أصغر من ذلك ولا أكبر} [سبأ: 3] قال: {إلا في كتابٍ مبينٍ} [سبأ: 3] وقد فسّرنا ذلك في حديث ابن عبّاسٍ أنّ أوّل ما خلق اللّه القلم، فقال: اكتب قال: ربّ ما أكتب؟ قال: ما هو كائنٌ، فجرى القلم بما هو كائنٌ إلى يوم القيامة، فأعمال العباد تعرض في كلّ يوم اثنين وخميسٍ فيجدونه على ما في الكتاب). [تفسير القرآن العظيم: 2/745]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)


: (قوله: {علاّم الغيب...}

قال رأيتها في مصحف عبد الله : {علاّم} على قراءة أصحابه, وقد قرأها عاصم : {عالم الغيب}خفضاً في الإعراب من صفة الله., وقرأ أهل الحجاز:{عالم الغيب}رفعا على الاستئناف إذ حال بينهما كلام؛ كما قال: {ربّ السموات والأرض وما بينهما الرحمن} فرفع, والاسم قبله مخفوض في الإعراب, وكلّ صواب.
وقوله: {لا يعزب عنه} , و{يعزب} , لغتان قد قرئ بهما, والكسر أحبّ إليّ.). [معاني القرآن: 2/351]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({لا يغرب عنه مثقال ذرّة }: أي : لا يشذ , ولا يغيب مثقال ذرة , أي : زنة ذرة.). [مجاز القرآن: 2/142]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({لا يعزب عنه}: لا يبعد، {مثقال ذرّةٍ} : أي: وزن ذرة، وهي: النملة الحمراء الصغيرة.). [تفسير غريب القرآن: 353]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({وقال الّذين كفروا لا تأتينا السّاعة قل بلى وربّي لتأتينّكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرّة في السّماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلّا في كتاب مبين (3)}
الساعة التي يبعث فيها الخلق، المعنى : أنهم قالوا: لا نبعث.
فقال اللّه تعالى:{قل بلى وربّي لتأتينّكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرّة}
بالخفض في {عالم} : صفة للّه عزّ وجلّ، ويقرأ بالرفع من وجهين:
أحدهما : الابتداء، ويكون المعنى: عالم الغيب لا يعزب عنه.
ويكون:{ لا يعزب عنه}: هو خبر عالم الغيب, ويرفع على جهة المدح للّه عزّ وجلّ.
المعنى : هو عالم الغيب , ويجوز النصب , ولم يقرأ به على معنى : اذكر عالم الغيب، ويقرأ علّام الغيوب , وعلّام الغيب جائز.
ويقرأ : {لا يعزب عنه} بكسر الزاي، يقال: عزب عني يعزب , ويعزب إذا غاب.). [معاني القرآن: 4/240]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب}
أي: بلى , وربي عالم الغيب لتأتينكم .
ثم قال جل وعز: {لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض}
روى أبو يحيى , عن مجاهد, عن ابن عباس : {لا يعزب} : (لا يغيب).
وقرأ يحيى بن وثاب :{لا يعزب} : وهي لغة معروفة يقال: عزب يعزب , ويعزب إذا بعد , وغاب.). [معاني القرآن: 5/392-393]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {يعزب}: أي: يبعد). [ياقوتة الصراط: 413]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({لا يَعْزُبُ}: لا يبعد.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 195]


تفسير قوله تعالى: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ليجزي الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات} [سبأ: 4] يجزيهم الجنّة.
{أولئك لهم مغفرةٌ} [سبأ: 4] لذنوبهم.
{ورزقٌ كريمٌ} [سبأ: 4] الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 2/745]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):


(الكريم: الشريف الفاضل...، والكريم: الكثير الكرم، قال الله تعالى: {وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} أي: كثير). [تأويل مشكل القرآن: 494] (م)

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( {ليجزي الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات أولئك لهم مغفرة ورزق كريم (4)}

اللام دخلت جوابا , لقوله:{قل بلى وربي لتأتينكم}: للمجازاة , أي : من أجل المجازاة بالثواب , والعقاب.
وقوله: {أولئك لهم مغفرة ورزق كريم}: بيّن اللّه أن جزاءهم المغفرة , وهي التغطية على الذنوب.).[معاني القرآن: 4/240]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (5) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {والّذين سعوا} [سبأ: 5] عملوا.
{في آياتنا معاجزين} [سبأ: 38] تفسير الحسن: يظنّون أنّهم سبقونا حتّى لا نقدر عليهم فنبعثهم ونعذّبهم، كقوله: {وما كانوا سابقين} [العنكبوت: 39].
تفسير الكلبيّ: {معاجزين} [سبأ: 5] يثبّطون النّاس عن الإيمان بآياتنا ولا يؤمنون بها.
وقال السّدّيّ: {سعوا} عملوا {في آياتنا} في القرآن {معاجزين} مبطئين، يعني: يثبّطون النّاس، عن الإيمان بالقرآن.
[تفسير القرآن العظيم: 2/745]
قوله عزّ وجلّ: {أولئك لهم عذابٌ من رجزٍ} [سبأ: 5] والرّجز، العذاب.
{أليمٌ} موجعٌ، لهم عذابٌ من عذابٍ موجعٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/746]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)


: (وقوله: {عذابٌ مّن رّجزٍ أليمٍ...}

قراءة القراء بالخفض, ولو جعل نعتاً للعذاب , فرفع لجاز؛ كما قرأت القراء : {عاليهم ثياب سندسٍ خضرٍ} , و{خضرٌ} , وقرءوا : {في لوح محفوظٍ} للّوح , و{محفوظٌ} للقرآن, وكلّ صواب.). [معاني القرآن: 2/351-352]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({والذّين سعوا في آياتنا معاجزين }: أي: مسابقين, سعوا: كذبوا.). [مجاز القرآن: 2/142]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({معاجزين}: مشاقين {فليس بمعجز في الأرض} أي فائت و{معجزين} فائتين، ومن قال {معجزين} فهو مبطئين).[غريب القرآن وتفسيره: 305]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {معاجزين}: أي : مسابقين, يقال: ما أنت بمعاجزي، أي : بمسابقي. وما أنت بمعجزي، أي: سابقي , فائتي.). [تفسير غريب القرآن: 353]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال: {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ} [الحج: 51 وسبأ: 5]، أي جدّوا في ذلك). [تأويل مشكل القرآن: 510] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله جل وعلا : {والّذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك لهم عذاب من رجز أليم (5)}
ويقرأ : {معاجزين}, ومعاجزين في معنى : مسابقين، ومن قرأ معجّزين : فمعناه : أنهم يعجّزون من آمن بها، ويكون في معنى : مثبّطين ,وهو معنى : تعجيزهم من آمن بها.

وقوله: {أولئك لهم عذاب من رجز أليم}:{أليم} : بالخفض : نعت للزجر، {أليم}:نعت للعذاب.). [معاني القرآن: 4/241]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {والذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك لهم عذاب من رجز أليم}
قال قتادة : (ظنوا أنهم يعجزون الله جل وعز , ولن يعجزوه).
قال أبو جعفر : يقال عاجزة , وأعجزه إذا غالبه ,وسبقه , ومن قرأ :{معجزين } : أراد مثبطين المؤمنين , كذا قاله ابن الزبير.). [معاني القرآن: 5/393]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مُعَاجِزِينَ}: محاربين.). [العمدة في غريب القرآن: 245]


تفسير قوله تعالى: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (6)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال عزّ وجلّ: {ويرى الّذين أوتوا العلم} [سبأ: 6]، يعني: ويعلم الّذين أوتوا العلم، وهو تفسير السّدّيّ.
قال يحيى: يعني: المؤمنين.
{الّذي أنزل إليك من ربّك} [سبأ: 6] القرآن.
{هو الحقّ} [سبأ: 6] يعلمون أنّه هو الحقّ.
{ويهدي} [سبأ: 6] ويعلمون أنّ القرآن يهدي.
{إلى صراط} [سبأ: 6] إلى طريق.
{العزيز} الّذي ذلّ له كلّ شيءٍ.
{الحميد} المستحمد إلى خلقه، الّذي استوجب عليهم أن يحمدوه، والطّريق إلى الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 2/746]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)


: (وقوله: {ويرى الّذين...}

{يرى}في موضع نصب, معناه: ليجزي الذين، وليرى الذين (قرأ الآية), وإن شئت استأنفتها فرفعتها، ويكون المعنى : مستأنفاً ليس بمردود على كي.
وقوله: {ويرى الّذين أوتوا العلم} نصبت (العلم) لخروجه ممّا لم نسمّ فاعله, ورفعت {الذين} بـ (يرى), وإنما معناه: ويرى الذين أوتوا التوراة: عبد الله بن سلام , وأصحابه من مسلمة أهل الكتاب.
وقوله: {هو الحقّ} : (هو) عماد للذي, فتنصب {الحقّ} إذا جعلتها عماداً, ولو رفعت {الحقّ} على أن تجعل (هو) اسماً , كان صواباً. أنشدني الكسائيّ:
ليت الشباب هو الرجيع على الفتى = والشيب كان هو البدئ الأوّل
فرفع في (كان) , ونصب في (ليت) , ويجوز النصب في كلّ ألف ولام، وفي أفعل منك وجنسه, ويجوز في الأسماء الموضوعة للمعرفة؛ إلا أنّ الرفع في الأسماء أكثر.
تقول: كان عبد الله هو أخوك، أكثر من: كان عبد الله هو أخاك.
قال الفراء: يجيز هذا ولا يجيزه غيره من النحويّين, وكان أبو محمّد هو زيدٌ كلام العرب الرفع, وإنما آثروا الرفع في الأسماء لأن الألف واللام أحدثتا عماداً لما هي فيه, كما أحدثت (هو) عماداً للاسم الذي قبلها, فإذا لم يجدوا في الاسم الذي بعدها ألفاً ولاماً ,’ اختاروا الرفع وشبّهوها بالنكرة؛ لأنهم لا يقولون إلاّ كان عبد الله هو قائم, وإنما أجازوا النصب في أفضل منك وجنسه لأنه لا يوصل فيه إلى إدخال الألف واللام، فاستجازوا إعمال معناهما , وإن لم تظهر, إذ لم يمكن إظهارها, وأما قائم فإنك تقدر فيه على الألف واللام، فإذا لم تأت بهما جعلوا هو قبلها اسماً ليست بعمادٍ إذ لم يعمد الفعل بالألف واللام , قال الشاعر:
أجدّك لن تزال نجي همٍّ = تبيت الليل أنت له ضجيع). [معاني القرآن: 2/352-353]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال تعالى: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} [سبأ: 6] أي: يعلم). [تأويل مشكل القرآن: 499]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله تعالى: {ويرى الّذين أوتوا العلم الّذي أنزل إليك من ربّك هو الحقّ ويهدي إلى صراط العزيز الحميد (6)}

ههنا علماء اليهود الذين آمنوا بالنبي عليه السلام، منهم : كعب الأحبار , وعبد اللّه بن سلام.
أي : وليرى، وموضع " يرى، عطف على قوله: (ليجزي) , و(الحقّ) منصوب, خبر ليرى الذي , و " هو " ههنا : فصل يدل على أن الذي بعدها ليس بنعت، ويسميه الكوفيون العماد.

" لا تدخل " هو " عمادا إلا في المعرفة وما أشبهها، وقد بيّنّا ذلك فيما مضى, والرفع جائز في قوله :{هو الحق} ). [معاني القرآن: 4/241]


تفسير قوله تعالى:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (7)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وقال الّذين كفروا} قاله بعضهم لبعضٍ.
{هل ندلّكم} ألا ندلّكم.
{على رجلٍ} يعنون محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم.
{ينبّئكم} [سبأ: 7] يخبركم.
{إذا مزّقتم كلّ ممزّقٍ إنّكم لفي خلقٍ جديدٍ} [سبأ: 7] إذا متّم وتفرّقت عظامكم وكانت رفاتًا إنّكم لمبعوثون خلقًا جديدًا، إنكارٌ للبعث). [تفسير القرآن العظيم: 2/746]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)


: (وقوله: {وقال الّذين كفروا هل ندلّكم...}

العرب تدغم اللام عند النون إذا سكنت اللام , وتحركت النون, وذلك أنها قريبة المخرج منها, وهي كثيرة في القراءة, ولا يقولون ذلك في لامٍ قد تتحرّك في حال؛ مثل : ادخل, وقل؛ لأن (قل) قد كان يرفع وينصب ويدخل عليه الجزم، وهل وبل وأجل مجزومات أبداً، فشبّهن إذا أدغمن بقوله: {النار} , إذا أدغمت اللام من النار في النون منها, وكذلك قوله: {فهل ترى لهم من باقيةٍ}: تدغم اللام عند التاء من بل وهل وأجل, ولا تدغم على اللام التي قد تتحرّك في حال, وإظهارهما جائز؛ لأن اللام ليست بموصولة بما بعدها؛ كاتّصال اللام من النار وأشباه ذلك.
وإنما صرت أختار :{هل تستطيع} و{بل نظنّكم} فأظهر؛ لأنّ القراءة من المولّدين مصنوعة لم يأخذوها بطباع الأعراب، إنما أخذوها بالصنعة.
فالأعرابيّ ذلك جائز له لما يجرى على لسانه من خفيف الكلام وثقيله, ولو اقتست في القراءة على ما يخفّ على ألسن العرب فيخففون ,, أو يدغمون لخفّفت .
قوله: {قل أي شيء أكبر شهادةً}, فقلت: أيشٍ أكبر شهادة، وهو كلام العرب, فليس القراءة على ذلك، إنما القراءة على الإشباع والتمكين؛ ولأن الحرف ليس بمتّصل مثل الألف واللام: ألا ترى أنك لا تقف على الألف واللام ممّا هي فيه.
فلذلك لم أظهر اللام عند التاء وأشباهها, وكذلك قوله: {اتّخذتم} و{عذت بربّي وربّكم} تظهر وتدغم, والإدغام أحبّ إليّ لأنها متّصلة بحرف لا يوقف على ما دونه.
فأمّا قوله: {بل ران على قلوبهم} , فإن اللام تدخل في الراء دخولاً شديداً، ويثقل على اللسان إظهارها فأدغمت, وكذلك فافعل بجميع الإدغام, فما ثقل على اللسان إظهاره فأدغم، وما سهل لك فيه الإظهار فأظهر , ولا تدغم.
وقوله: {لفي خلقٍ جديدٍ...} ). [معاني القرآن: 2/353-354]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وقال الّذين كفروا هل ندلّكم على رجلٍ ينبّئكم إذا مزّقتم كلّ ممزّقٍ إنّكم لفي خلقٍ جديدٍ}
قال: {ينبّئكم إذا مزّقتم كلّ ممزّقٍ إنّكم لفي خلقٍ جديدٍ} , فلم يعمل : {ينبئكم} ؛ لأن {إنكم} موضع ابتداء لمكان اللام كما تقول: "أشهد إنّك لظريفٌ".). [معاني القرآن: 3/32]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وقال الّذين كفروا هل ندلّكم على رجل ينبّئكم إذا مزّقتم كلّ ممزّق إنّكم لفي خلق جديد (7)}
هذا قول المشركين الذين لا يؤمنون بالبعث، يقول بعضهم لبعض: هل ندلكم على محمد الذي يزعم أنكم مبعوثون بعد أن تكونوا عظاما وترابا ورفاتا .
وفي هذه الآية نظر في العربية لطيف, ونحن نشرحه إن شاء اللّه.
(إذا) في موضع نصب بـ (مزّقتم) , ولا يمكن أن يعمل فيها (جديد) لأن ما بعد (أن) لا يعمل فيما قبلها.
والتأويل : هل ندلكم على رجل يقول لكم إنكم إذا مزقتم , تبعثون؟!, ويكون " إذا " بمنزلة " إن " الجزاء، يعمل فيها الذي يليها.
قال قيس بن الخطيم:
إذا قصرت أسيافنا كان وصلها= خطانا إلى أعدائنا فنضارب
المعنى يكون وصلها، الدليل على ذلك جزم " فنضارب ".
ويجوز أن يكون العامل في " إذا " مضمرا، يدل عليه :{إنّكم لفي خلق جديد}
ويكون المعنى : هل ندلكم على رجل ينبئكم يقول لكم إذا مزقتم , بعثتم، إنكم لفي خلق جديد؟!, كما قالوا: {أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون}
فإذا يجوز أن تكون منصوبة بفعل يدل عليه :{ إنا لمبعوثون } , ولا يجوز { أنكم لفي خلق جديد } بالفتح، لأن اللام إذا جاءت لم يجز إلا كسر إن.). [معاني القرآن: 4/241-242]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقال قتادة في قوله جل وعز: {وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق}
أي : إذا أكلتكم الأرض , وصرتم عظاما ورفاتا , إنكم لفي خلق جديد , أي : ستحيون , وتبعثون.). [معاني القرآن: 5/393-394]


تفسير قوله تعالى: {أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ (8)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({أفترى على اللّه كذبًا أم به جنّةٌ} [سبأ: 8]، أي: جنونٌ.
[تفسير القرآن العظيم: 2/746]
قال: {بل الّذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب} [سبأ: 8] في الآخرة.
{والضّلال البعيد} [سبأ: 8] في الدّنيا {البعيد} [سبأ: 8] الّذي لا يصيبون به خيرًا في الدّنيا ولا الآخرة.
وقال بعضهم: البعيد من الهدى.
وقال السّدّيّ: {في العذاب والضّلال البعيد} [سبأ: 8]، يعني: الشّقاء الطّويل). [تفسير القرآن العظيم: 2/747]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)


: ({أفترى على اللّه كذباً...}

هذه الألف استفهام, فهي مقطوعة في القطع والوصل؛ لأنها ألف الاستفهام، ذهبت الألف التي بعدها لأنها خفيفة زائدة تذهب في اتّصال الكلام، وكذلك قوله: {سواءٌ عليهم أستغفرت لهم} , وقوله: {أستكبرت} , قرأ الآية محمد بن الجهم، وقوله: {أصطفى البنات على البنين} , ولا يجوز أن تكسر الألف ها هنا؛ لأن الاستفهام يذهب.
فإن قلت: هلاّ إذا اجتمعت ألفان طوّلت , كما قال {آلذكرين} , {آلآن}؟ .
قلت: إنما طوّلت الألف في الآن , وشبهه ؛ لأن ألفها كانت مفتوحةً، فلو أذهبتها لم تجد بين الاستفهام والخبر فرقاً، فجعل تطويل الألف فرقاً بين الاستفهام والخبر، وقوله: {أفترى} كانت ألفها مكسورة وألف الاستفهام مفتوحة , فافترقا، ولم يحتاجا إلى تطويل الأل.). [معاني القرآن: 2/354]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({أفترى على اللّه كذباً أم به جنّةٌ بل الّذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضّلال البعيد}
وقال: {أفترى على اللّه كذباً} , فاللألف قطع لأنها ألف الاستفهام , وكذلك ألف الوصل إذا دخلت عليها ألف الاستفهام.).
[معاني القرآن: 3/33]


تفسير قوله تعالى: {َفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (9)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {أفلم يروا} [سبأ: 9] ينظروا.
{إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السّماء والأرض} [سبأ: 9]، يعني: {ما بين أيديهم} [سبأ: 9] أمامهم، {وما خلفهم} [سبأ: 9] وراءهم، وهو تفسير السّدّيّ.
قال يحيى: حيثما قام الإنسان فإنّ بين يديه من السّماء والأرض مثل ما خلفه منها.
قال: {إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفًا من السّماء} [سبأ: 9] والكسف القطعة، والكسف مذكّرٌ، والقطعة مؤنّثةٌ، والمعنى على القطعة.
قال: {إنّ في ذلك لآيةً} لعبرةً.
{لكلّ عبد منيبٍ} [سبأ: 9] وهو المقبل إلى اللّه بالإخلاص له). [تفسير القرآن العظيم: 2/747]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)


: (وقوله: {أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم مّن السّماء والأرض...}

يقول: أما يعلمون أنهم حيثما كانوا , فهم يرون بين أيديهم من الأرض والسّماء مثل الذي خلفهم، وأنهم لا يخرجون منها, فكيف يأمنون أن نخسف بهم الأرض , أو نسقط عليهم من السّماء عذاب.). [معاني القرآن: 2/355]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفاً من السّماء}: أي: قطعاً، واحدتها : كسفة، على تقدير : سدرة وسدر.). [مجاز القرآن: 2/142]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({كسفاً من السّماء}: قطعة. و«كسفا»: قطعا، جمع كسفة). [تفسير غريب القرآن: 353]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السّماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السّماء إنّ في ذلك لآية لكلّ عبد منيب (9)}
أي: ألم يتأمّلوا , ويعلموا أن الذي خلق السماء والأرض قادر على أن يبعثهم، وقادر أن يخسف بهم الأرض , أو يسقط السماء عليهم كسفا.
وقوله عزّ وجلّ: {إنّ في ذلك لآية لكلّ عبد منيب}:أي : إن في ذلك علامة تدلّ من أناب إلى اللّه , ورجع إليه , وتأمّل ما خلق على أنه قادر على أن يحيي الموتى.). [معاني القرآن: 4/242]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم أعلمهم أن الذي خلق السموات والأرض يقدر على ذلك , وعلى أن يعجل لهم العقوبة فقال: {أفلم يروا إلى ما بين أيديهم ومن خلفهم وما السماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء} أي : قطعة .
{إن في ذلك لآية لكل عبد منيب}, قال قتادة : أي: تائب.). [معاني القرآن: 5/394]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {منيب}:أي: تائب.). [ياقوتة الصراط: 413]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13 ذو القعدة 1431هـ/20-10-2010م, 09:52 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 10 إلى 14]

{وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10) أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (11) وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (12) يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13) فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (14)}

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولقد آتينا داود منّا فضلا} [سبأ: 10] النّبوّة.
{يا جبال} [سبأ: 10] قلنا يا جبال.
{أوّبي معه} [سبأ: 10] المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ، قال: سبّحي معه.
{والطّير} [سبأ: 10] وهو قوله: {وسخّرنا مع داود الجبال يسبّحن والطّير} [الأنبياء: 79].
قال: {وألنّا له الحديد} [سبأ: 10] ألانه اللّه له فكان يعمله بلا نارٍ ولا مطرقةٍ، بأصابعه الثّلاث كهيئة الطّين بيده). [تفسير القرآن العظيم: 2/747]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {يا جبال أوّبي معه والطّير...}

اجتمعت القراء الذين يعرفون على تشديد : {أوّبي}, ومعناه: سبّحي, وقرأ بعضهم : {أوبي معه}: من آب يؤوب , أي: تصرّفي معه, و{والطّير}: منصوبة على جهتين: إحداهما أن تنصبها بالفعل بقوله: {ولقد آتينا داوود منّا فضلاً}, وسخّرنا له الطير, فيكون مثل قولك: أطعمته طعاماً وماء، تريد: وسقيته ماءً, فيجوز ذلك, والوجه الآخر بالنداء؛ لأنك إذا قلت: يا عمرو والصلت أقبلا، نصبت الصّلت لأنه إنما يدعى بيا أيّها، فإذا فقدتها كان كالمعدول عن جهته فنصب, وقد يجوز رفعه على أن تيبع ما قبله,.
ويجوز رفعه على: أوّبي أنت والطير, وأنشدني بعض العرب في النداء إذا نصب لفقده يأيّها:
ألا يا عمرو والضحّاك سيرا = فقد جاوزتما خمر الطريق
الخمر: ما سترك من الشجر , وغيرها , وقد يجوز نصب , الضحّاك , ورفعه, وقال الآخر:
= يا طلحة الكامل وابن الكامل =
والنعت يجري في الحرف المنادى، كما يجرى المعطوف: ينصب ويرفع، ألا ترى أنك تقول: إن أخاك قائم وزيد، وإن أخاك قائم وزيدا , فيجرى المعطوف في إنّ بعد الفعل مجرى النعت بعد الفعل.
وقوله: {وألنّا له الحديد}: أسيل له الحديد، فكان يعمل به ما شاء كما يعمل بالطين.). [معاني القرآن: 2/355]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ولقد آتينا داود منّا فضلاً }:أي: أعطينا.
{يا جبال أوّبي معه }: مجازه مجاز المختصر الذي فيه ضمير: وقلنا جبال أوّبى معه، والتأويب أن يبيت في أهله , قال سلامة بن جندل:
يومان يوم مقاماتٍ وأنديةٍ= ويوم سير إلى الأعداء تأويب
أي: رجوع.
{والطّير } نصب من مكانين أحدهما فيما زعم يونس عن أبي عمرو على قوله: {وسخّرنا له الطير }, والآخر على قول النحويين: يا زيد أقبل والصلت، نصب لأنه لا يحسن النداء فيما فيه ألف ولام , فنصب على إعمال ضمير فعل , كأنه قال: وأعنى الصلت.). [مجاز القرآن: 2/143]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({أوبي معه}: سبحي معه وأصله من الرجوع). [غريب القرآن وتفسيره: 305]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يا جبال أوّبي معه}: أي :سبحي, وأصله: التأويب في السير، وهو: أن تسير النهار كله، وتنزل ليلا, قال ابن مقبل:
لحقنا بحي أوبوا السير بعد ما دفعنا شعاع الشمس، والطرف يجنح

كأنه أراد: أوبي النهار كله بالتسبيح إلى الليل). [تفسير غريب القرآن: 353]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال: {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ} [سبأ: 10] أي سبّحن معه). [تأويل مشكل القرآن: 113] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {ولقد آتينا داوود منّا فضلا يا جبال أوّبي معه والطّير وألنّا له الحديد (10)}


المعنى : فقلنا : يا جبال أوّبي معه، وتقرأ: أوبي معه، على معنى : عودي في التسبيح معه كلما عاد فيه.

ومن قرأ : {أوّبي معه}, فمعناه رجعي معه، يقال: آب , يؤوب إذا رجع، وكل: ومعنى: رجّعي معه سبّحي معه , ورجّعي التسبيح معه.
والطير , والطّير، فالرفع من جهتين.
إحداهما : أن يكون نسقا على ما في: {أوّبي}, المعنى : يا جبال رجّعي التسبيح أنت , والطير، ويجوز : أن يكون مرفوعا عل البدل.
المعنى: يا جبال , ويا أيها الطير : {أوّبي معه}
والنصب من ثلاث جهات:
أن يكون عطفا على قوله: { ولقد آتينا داود منا فضلا والطير }:أي : وسخرنا له الطي, حكى ذلك أبو عبيدة , عن أبي عمرو بن العلاء، ويجوز أن يكون نصبا على النداء.
المعنى: يا جبال أوّبي معه , والطير، كأنّه قال دعونا الجبال والطير، فالطير معطوف على موضع الجبال في الأصل، وكل منادى - عند البصريين كلهم - في موضع نصب.
وقد شرحنا حال المضموم في النداء، وأن المعرفة مبني على الضم.
ويجوز أن يكون " والطير " نصب على معنى " مع " كما تقول: قمت وزيدا، أي قمت مع زيد، فالمعنى : (أوّبي معه) , ومع الطير.
وقوله عز وجل: {وألنّا له الحديد (10) أن اعمل سابغات وقدّر في السّرد واعملوا صالحا إنّي بما تعملون بصير (11)}
أي: جعلناه ليّن.).[معاني القرآن: 4/243]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولقد آتينا داود منا فضلا يا جبال أوبي معه}
{يا جبال أوبي معه}: أي: قلنا .
قال سعيد بن جبير , ومجاهد , وقتادة , والضحاك , وأبو ميسرة : (أوبي : أي: سبحي) .
وقرأ الحسن , وابن أبي إسحاق: (أولي معه) .
والمعروف في اللغة : أنه يقال آب يئوب إذا رجع , وعاد , فيكون معنى : أوبي , أي : عودي معه في التسبيح .
و أوبي في كلام العرب على معنيين
أحدهما : على التكثير من أوبي , فيكون معنى : أوبي على هذا : رجعي معه في التسبيح .
الثاني: ويقال أوب إذا سار نهارا , فيكون معنى : أوبي على هذا : سيري معه.
وقوله جل وعز: {وألنا له الحديد}
قال قتادة : ألان الله جل وعز له الحديد , فكان يعمله بغير نار
وقال الأعمش : ألين له الحديد حتى صار مثل الخيوط.).[معاني القرآن: 5/396]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {أوببي}: أي: سبحي.). [ياقوتة الصراط: 413]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أَوِّبِي}: أي سبحي، وأصله أن يسير بالنهار , وينزل الليل , فكأنها أمرت بالتسبيح بالنهار.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 195]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أَوِّبِي}: سبحي.). [العمدة في غريب القرآن: 245]


تفسير قوله تعالى: {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (11)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {أن اعمل سابغاتٍ} [سبأ: 11] وهي الدّروع.
{وقدّر في السّرد} [سبأ: 11] تفسير مجاهدٍ: لا تصغّر المسمار، وتعظّم الحلقة فيسلس , ولا تعظّمه وتصغّر الحلقة، فتنقسم الحلقة.
قال يحيى: وبلغنا أنّ لقمان حضر داود عند أوّل درعٍ عملها، فجعل يتفكّر فيما يريد بها، ولا يدري ما يريد بها، فلم يسأله حتّى إذا فرغ منها داود قام فلبسها فقال لقمان: الصّمت حكمةٌ وقليلٌ فاعله.
قال: {واعملوا صالحًا إنّي بما تعملون بصيرٌ {11}). [تفسير القرآن العظيم: 2/748]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله عزّ وجلّ : {أن اعمل سابغاتٍ...}

الدروع .
{وقدّر في السّرد} يقول: لا تجعل مسمار الدرع دقيقاً , فيقلق، ولا غليظاً , فيقصم الحلق.). [معاني القرآن: 2/356]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ أن أعمل سابغات}
أي : دروعاً واسعة طويلة.
{وقدّر في السرد }: يقال: درعٌ مسرودة , أي: مسمورة الحلق، قال أبو ذؤيب:
وعليهما مسرودتان قضاهما= داود أو صنع السوابغ تبّع
مثل: دسار السفينة , ةوهو ما خرز به من كنبارٍ أو ليفٍ, ويقال: دسره بالرمح , إذا طعنه.). [مجاز القرآن: 2/143]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ((السابغات): الدروع الواسعة.
{والسرد}: الثقب). [غريب القرآن وتفسيره: 305]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( (السابغات): الدروع الواسعة.



{وقدّر في السّرد}: أي : في النسج، أي: لا تجعل المسامير دقاقا , فتقلق، ولا غلاظا , فتكسر الحلق. ومنه قيل لصانع حلق الدروع: سراد , وزراد.

تبدل من السين : الزاي، كما يقال: سراط , وزراط.
والسّرد: الخرز أيضا, قال الشماخ:
= كما تابعت سرد العنان الخوارز =
ويقال للإثفي: مسرد , وسراد.). [تفسير غريب القرآن: 353-354]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عز وجل: {وألنّا له الحديد (10) أن اعمل سابغات وقدّر في السّرد واعملوا صالحا إنّي بما تعملون بصير (11)}
أي: جعلناه ليّنا.
وأوّل من عمل الدروع : داود، وكان ما يستجنّ به من الحديد إنما كان قطع حديد نحو هذه الجواشن.
و" أن " ههنا، في تأويل التفسير كأنّه قيل: وألنا له الحديد , أن أعمل سابغات، بمعنى قلنا له: اعمل سابغات، ويكون في معنى لأن يعمل سابغات.
وتصل إن بلفظ الأمر، ومثل هذا من الكلام أرسل إليه أن قم إليّ، أي: قال قم إلى فلان، ويكون بمعنى : أرسل إليه بأن يقوم إلى فلان.
ومعنى {سابغات}: دروع سابغات , فذكر الصفة لأنها تدل على الموصوف، ومعنى السابغ :الذي يغطي كل شيء يكون عليه حتى يفضل.
{وقدّر في السّرد}:السّرد في اللغة تقدمة شيء إلى شيء تأتي به منسّقا بعضه في إثر بعض , متتابعا , فمنه سرد فلان الحديث، وقيل في التفسير: السّرد السّمر , السّتر , والخلق , وقيل : هو أن لا يجعل المسمار غليظاً, والثقب دقيقاً، ولا يجعل المسمار دقيقاً، والثقب واسعاً, فيتقلقل , وينخلع , وينقصف.
قدّر في ذلك : أي:أجعله على القصد , وقدر الحاجة.
والذي جاء في التفسير : غير خارج عن اللغة لأن السّمر تقديمك طرف الحلقة إلى طرفها الآخر، وزعم سيبويه أن قول العرب: رجل سرنديّ : مشتق من السّرد، وذلك أن معناه : الجريء. قال: والجريء الذي يمضي قدما.
وتفسير: {وألنّا له الحديد}: جعلناه ليّنا كالخيوط يطاوعه حتى عمل الدروع). [معاني القرآن: 4/243-245]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {أن اعمل سابغات وقدر في السرد}
قال قتادة : أي: دروعا سابغات .
قال أبو جعفر : يقال : سبغ الثوب , والدرع, وغيرهما إذا غطى كل ما هو عليه, وفضل منه .
ثم قال: {وقدر في السرد}
قال قتادة: السرد المسمار الذي في حلق الدرع
قال أبو جعفر : وقال ابن زيد : السرد: الحلق .
والسرد في اللغة : كل ما عمل متسقا متتابعا , يقرب بعضه من بعض , ومنه سرد الكلام.
قال سيبويه: ومنه : رجل سرندي , أي: جرئ , قال: لأنه يمضي قدماً.
قال أبو جعفر : ومنه قيل للذي يصنع الدروع : زراد, وسراد .
فالمعنى , وهو قول مجاهد : وقدر المسامير في حلق الدرع حتى تكون بمقدار لا يغلظ المسمار , وتضيق الحلقة , فتفصم الحلقة , ولا توسع الحلقة , وتصغر المسمار , وتدقه , فتسلس الحلقة.). [معاني القرآن: 5/396-398]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {السَابِغَاتٍ}: الدروع الواسعات , {السَّرْدِ}: الثقب.). [العمدة في غريب القرآن: 245]


تفسير قوله تعالى: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (12) }

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({ولسليمان الرّيح} [سبأ: 12]، أي: وسخّرنا لسليمان الرّيح.
{غدوّها شهرٌ ورواحها شهرٌ} [سبأ: 12] أبو أميّة، عن الحسن، قال: كانت تحمل سليمان الرّيح من إصطخر إلى كابل، ومن الشّام إلى إصطخر.
وحدّثني قرّة بن خالدٍ، عن الحسن، قال: كان يغدو من بيت المقدس، فيقيل إصطخر، فيروح منها فتكون روحته إلى كابل.
وفي تفسير عمرٍو، عن الحسن، قال: كان سليمان إذا أراد أن يركب جاءت الرّيح فوضع سرير مملكته عليها، ووضعت الكراسيّ والمجالس على الرّيح، وجلس على سريره، وجلس وجوه أصحابه على منازلهم في الدّين عنده من الجنّ والإنس، والجنّ يومئذٍ ظاهرةٌ للإنس، رجالٌ أمثال الإنس إلا إنّهم أدمٌ، يحجّون جميعًا ويصلّون جميعًا، ويعتمرون جميعًا، والطّير ترفرف على رأسه ورءوسهم، والشّياطين حرسه لا يتركون أحدًا يتقدّم بين يديه، وهو قوله:
[تفسير القرآن العظيم: 2/748]
{وحشر لسليمان جنوده من الجنّ والإنس والطّير فهم يوزعون} [النمل: 17] فهم يدفعون ألا يتقدّمه منهم أحدٌ.
وقال قتادة: وزعةٌ يرد أولاهم على أخراهم، وهو واحدٌ.
{وأسلنا له عين القطر} [سبأ: 12] المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ، قال: الصّفر سالت له مثل الماء.
قال: {ومن الجنّ من يعمل بين يديه} [سبأ: 12] له تفسير ابن مجاهدٍ، عن أبيه.
{بإذن ربّه} [سبأ: 12] بالسّخرة الّتي سخّرها اللّه له.
قال: {ومن يزغ منهم عن أمرنا} [سبأ: 12] عن طاعة اللّه وعن عبادته.
{نذقه من عذاب السّعير} [سبأ: 12] في الآخرة، ولم يكن يتسخّر منهم، ويستعمل في هذه الأشياء، ولا يصفّد في الأصفاد، أي: ولا يسلسل في السّلاسل منهم إلا الكافر فإذا تابوا فآمنوا حلّهم من تلك الأصفاد.
وقال بعضهم: {نذقه من عذاب السّعير} [سبأ: 12] جعل معه ملكٌ بيده سوطٌ من عذاب السّعير، فإذا خالف سليمان أحدٌ منهم ضربه الملك بذلك السّوط). [تفسير القرآن العظيم: 2/749]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {ولسليمان الرّيح...}

منصوبة على: وسخّرنا لسليمان الريح, وهي منصوبة في الأنبياء : {ولسليمان الرّيح عاصفةً} : أضمر: وسخّرنا - والله أعلم - , وقد رفع عاصم - فيما أعلم -{ولسليمان الرّيح} لمّا لم يظهر التسخير , أنشدني بعض العرب:
ورأيتم لمجاشعٍ نعماً= وبني أبيه جاملٌ رغب
يريد: ورأيتم لبني أبيه، فلمّا لم يظهر الفعل رفع باللام.
وقوله: {غدوّها شهرٌ ورواحها شهرٌ}: يقول: غدوّها إلى انتصاف النهار مسيرة شهر , وروحتها كذلك.
وقوله: {وأسلنا له عين القطر}:مثل : {وألنّا له الحديد}, والقطر: النحاس). [معاني القرآن: 2/356]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ولسليمان الرّيح}: منصوبة، عمل فيها :{ وسخّرنا لسليمان الريح }
{ غدوّها شهرٌ ورواحها شهرٌ }: مجازه مجاز المختصر , المضمر فيه: غدوها , كأنه غدوها مسيرة شهرٍ , ورواحها مسيرة شهر.
{ وأسلنا له عين القطر}: أي : أجرينا , وأذنبنا , أسلنا.). [مجاز القرآن: 2/143]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({وأسلنا له}: أذبنا له). [غريب القرآن وتفسيره: 306]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وأسلنا له}: أذبنا له, يقال: سال الشيء وأسلته, والقطر: النحاس.). [تفسير غريب القرآن: 354]


قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {ولسليمان الرّيح غدوّها شهر ورواحها شهر وأسلنا له عين القطر ومن الجنّ من يعمل بين يديه بإذن ربّه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السّعير (12)}

النصب في الريح هو الوجه , وقراءة أكثر القراء، على معنى : وسخّرنا لسليمان الريح، ويجوز الرفع ,ولسليمان الريح غدوها شهر.
والرفع على معنى ثبتت له الريح، وهو يؤول في المعنى إلى معنى سخرنا الريح، كما أنك إذا قلت: للّه الحمد , فتأويله : استقر لله الحمد، وهو يرجع إلى معنى : أحمد اللّه الحمد.
وقوله: {غدوّها شهر ورواحها شهر}
أي: غدوها مسيرة شهر، وكذلك: رواحها.
وكان سليمان يجلس على سريره هو, وأصحابه فتسير بهم الريح بالغداة : مسيرة شهر، وتسير بالعشي : مسيرة شهر.
{وأسلنا له عين القطر}:القطر : النحاس، وهو الصّفر، فأذيب مذ ذاك , وكان قبل سليمان لا يذوب.
{ومن الجنّ من يعمل بين يديه}:موضع " من " نصب، المعنى : سخرنا له من الجن من يعمل.
ويجوز أن يكون موضع " من " رفعا.
ويكون المعنى فيما أعطيناه : من الجنّ {من يعمل بين يديه بإذن ربه}: أي : بأمر ربّه.
{ومن يزغ منهم عن أمرنا}: أي : من يعدل.).[معاني القرآن: 4/245-246]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وأسلنا له عين القطر}
قال قتادة : أسال الله جل وعز له عينا من نحاس , أي : حتى سالت , وظهرت , فكان يستعملها فيما يريد .
قال الأعمش : سيلت له كما يسيل الماء , وقيل : لم يذب النحاس لأحد قبله.). [معاني القرآن: 5/398]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الْقِطْر}: النحاس.{أَسَلْنَا}: أذبنا.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 195]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وأَسَلْنَا}: أذبنا , {الْقِطْرِ}: النحاس.). [العمدة في غريب القرآن: 246]


تفسير قوله تعالى: {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13) }

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {يعملون له ما يشاء من محاريب} [سبأ: 13] والمحاريب في تفسير الحسن: المساجد، وفي تفسير مجاهدٍ: دون القصور، وفي تفسير الكلبيّ: المساجد والقصور.
{وتماثيل} [سبأ: 13] الصّور في تفسير الحسن، قال: ولم تكن يومئذٍ محرّمةً، وتفسير مجاهدٍ: أنّها تماثيل من نحاسٍ.
قال: {وجفانٍ} [سبأ: 13] وصحافٍ، في تفسير مجاهدٍ.
{كالجواب} [سبأ: 13]
[تفسير القرآن العظيم: 2/749]
المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ، قال: كالحياض، وهو تفسير الحسن.
قال: {وقدورٍ راسياتٍ} [سبأ: 13] عظامٍ، تفسير مجاهدٍ.
وتفسير السّدّيّ: {راسياتٍ} [سبأ: 13]، يعني: ثابتاتٍ في الأرض، عظامٍ تنقر من الجبال بأثافيّها لا تحوّل عن أماكنها.
حدّثني قرّة بن خالدٍ، عن عطيّة العوفيّ قال: أمر سليمان ببناء بيت المقدس، فقالوا له: زوبعة الشّيطان له عينٌ في جزيرةٍ من البحر يردها كلّ سبعة أيّامٍ يومًا، فأتوها فنزحوها ثمّ صبّوا فيها خمرًا، فجاء لورده، فلمّا أبصر الخمر قال في كلامٍ له: ما علمت أنّك إذا شربك صاحبك لممًا تظهرين عليه عدوّه، في أساجيع له، لا أذوقك اليوم، فذهب ثمّ رجع لظمإٍ آخر، فلمّا
رآها قال كما قال أوّل مرّةٍ، ثمّ ذهب فلم يشرب، حتّى جاء لظمئه لإحدى وعشرين ليلةً، فقال: ما علمت أنّك لتذهبين الهمّ في سجعٍ له، فشرب منها، فسكر فجاءوا إليه فأروه خاتم السّخرة، فانطلق معهم إلى سليمان،
[تفسير القرآن العظيم: 2/750]
فأمرهم بالبناء، فقال زوبعة: دلّوني على بيض الهدهد، فدلّ على عشّه، فأكبّ عليه جمجمةً، يعني: زجاجةً فجاء الهدهد فجعل لا يصل إليه، فانطلق فجاء
بالماس الّذي يثقب به الياقوت، فوضعه عليها فقطّ الزّجاجة نصفين، ثمّ ذهب ليأخذه، فأزعجوه فجاء بالماس إلى سليمان، فجعلوا يستعرضون الجبال كأنّما يخطّون، أي: في نواحيها، في نواحي الجبل في طينٍ.
قال: {اعملوا آل داود شكرًا} [سبأ: 13] قال بعضهم: توحيدًا.
وقال بعضهم: لمّا نزلت لم يزل إنسانٌ منهم قائمًا يصلّي.
قال: {وقليلٌ من عبادي الشّكور} [سبأ: 13]، أي: أقلّ النّاس المؤمن). [تفسير القرآن العظيم: 2/751]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {يعملون له ما يشاء من مّحاريب وتماثيل...}

ذكر : أنها صور الملائكة والأنبياء، كانت تصوّر في المساجد , ليراها الناس , فيزدادوا عبادةً, والمحاريب: المساجد.
وقوله: {وجفانٍ}: وهي القصاع الكبار , {كالجواب}: الحياض التي للإبل .
{وقدورٍ رّاسيات} يقول: عظام لا تنزل عن مواضعها.). [معاني القرآن: 2/356]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ محاريب "} : واحدها: محراب , وهو مقدم : كل مسجد , ومصلى , وبيتٍ , قال وضاح اليمن:
ربّة محرابٍ إذا جئتها= لم ألقها أو أرتقي سلمّا
{ وجفانٍ كالجواب }: واحدتها جابية , وهي الحوض الذي يجيء فيه الماء , قال:
فصبّحت جابيةً صهارجا= كأنه جلد السماء خارجا
{وقدورٍ راسياتٍ}: عظام, ويقال: ثابتات دائمات، قال زهير:
وأين الذين يحضرون جفانه= إذا قدّمت ألقوا عليها المراسيا
أي : أثبتوا عليها.). [مجاز القرآن: 2/144]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ((كالجوابي): الجابية الحوض يجبى فيه أي يجمع فيه.
{راسيات}: ثابتات). [غريب القرآن وتفسيره: 306]
قَالَ عَبْدُاللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنُ قُتَيْبَةَ الدِّينَورِيُّ(ت: 276هـ): ({محاريب}: مساجد.
و{الجوابابي}: الحياض, جمع جابية , قال الشاعر:


تروح على آل المحلق جفنة =كجابية الشيخ العراقي تفهق

{وقدورٍ راسياتٍ}: ثوابت في أماكنها تترك لعظمها , ولا تنقل.
يقال: رسا الشيء - إذا ثبت - فهو يرسو, ومنه قيل : للجبال: رواس.). [تفسير غريب القرآن: 354]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :( ثم بيّن ما كانوا يعملون بين يديه , فقال:{يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داوود شكرا وقليل من عبادي الشّكور (13)}
المحراب: الذي يصلّى فيه، وأشرف موضع في الدار , وفي البيت , يقال له: المحراب.
{وجفان كالجواب}: أكثر القرّاء على الوقف بغير يا , وكان الأصل الوقف بالياء، إلا أن الكسرة تنوب عنها، وكانت بغير ألف ولام الوقف عليها بغير ياء.
تقول: هذه جواب، فأدخلت الألف واللام وترك الكلام على ما كان عليه قبل دخولهما.
والجوابي : جمع جابية، والجابية: الحوض الكبير.
قال الأعشى:
= كجابية السيج العراقي تفهق=
أن يعملوا له جفانه كالحياض العظام التي يجمع فيها الماء.
{وقدور راسيات}: ثابتات.
{اعملوا آل داوود شكرا}
{ شكرا } منتصب على وجهين:
أحدهما : اعملوا للشكر، أي : اشكرواالله على ما آتاكم. ويكون {اعملوا آل داوود شكرا} على معنى : اشكروا شكرا.). [معاني القرآن: 4/246-247]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل}
روى أبو هلال , عن قتادة قال : {محاريب}: (مساجد) , وكذلك قال : الضحاك .
قال مجاهد : (المحاريب دون القصور) .
والمحاريب في اللغة : كل موضع مشرف , أو شريف .
ثم قال جل وعز: {وتماثيل} , قال الضحاك : (أي: صوراً).
قال مجاهد : (تماثيل , أي: من نحاس , ثم قال جل وعز: {وجفان كالجواب وقدور راسيات}).
قال مجاهد : (الجوابي حياض الإبل).
قال أبو جعفر : الجابية في اللغة : الحوض الذي يجبى فيه الشيء , أي: يجمع .
ومنه قول الأعشى:
نفى الذم عن آل المحلق جفنة = كجابية الشيخ العراقي تفهق
ويروي : كجابية الشيح
قال مجاهد : {راسيات }: (أي: عظام) .
وقال سعيد بن جبير : (راسيات تفرغ إفراغا , ولا تحمل).
وقال قتادة :{راسيات} , (أي: ثابتات ).
ثم قال جل وعز: {اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور}
قال عطاء بن يسار : (صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما المنبر فتلا :{اعملوا آل داود شكرا }, فقال :((ثلاث من أوتيهن فقد أوتي مثل ما أوتي آل داود , العدل في الغضب والرضى , والقصد في الفقر والغنى , وخشية الله جل وعز في السر والعلانية .))).
قال مجاهد لما قال الله جل وعز: {اعملوا آل داود شكرا} . (قال داود لسليمان صلى الله عليهما : إن الله جل وعز قد ذكر الشكر , فاكفني صلاة النهار , أكفك صلاة الليل .
قال : لا أقدر
قال : فاكفني )
قال الفاريابي : أراه قال : (إلى صلاة الظهر , قال: نعم ), فكفاه
وقال الزهري:{ اعملوا آل داود شكرا }, (أي: قولوا : الحمد لله) .
وروي , عن عبد الله بن عباس قال: (شكراً على ما أنعم به عليكم).). [معاني القرآن: 2/398-402]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ({من محاريب}: أي: من غرف, {اعملوا آل داود شكرا}: أي: قولوا: لا إله إلا الله.). [ياقوتة الصراط: 414]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَّحَارِيبَ}: مساجد, {الْجَوَابِي}: الحياض، جمع جابية, {رَّاسِيَاتٍ}: أي : ثوابت , لا تتحرك لعظمها.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 196]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (الْجَوَابِي): الحياض.). [العمدة في غريب القرآن: 246]


تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (14) }َ

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {فلمّا قضينا عليه الموت} [سبأ: 14] تفسير السّدّيّ: يعني: فلمّا أنزلنا عليه الموت.
قال: {ما دلّهم على موته إلا دابّة الأرض} [سبأ: 14] وهي الأرضة في تفسير مجاهدٍ.
{تأكل منسأته} [سبأ: 14] والمنسأة العصا، في تفسير مجاهدٍ.
ذكره عاصم بن حكيمٍ، والمعلّى بن هلالٍ، وهي بالحبشة.
مكث حولا وهو متوكّئٌ على عصاه، لا يرى الجنّ والإنس إلا أنّه حيٌّ على حاله الأوّل، لتعظم الآية بمنزلة ما أذهب اللّه من عملهم تلك الأربعين اللّيلة الّتي غاب عنها سليمان عن ملكه حيث خلفه ذلك الشّيطان في ملكه، وكان موته فجأةً وهو متوكّئٌ على عصاه حولا لا يعلمون أنّه مات، وذلك أنّ الشّياطين كانت
[تفسير القرآن العظيم: 2/751]
تزعم للإنس أنّهم يعلمون الغيب، فكانوا يعملون له حولا لا
يعلمون أنّه مات.
قال عزّ وجلّ: {فلمّا خرّ} [سبأ: 14] سقط لمّا أكلت الأرضة العصا خرّ سليمان فقال: {فلمّا خرّ تبيّنت الجنّ} [سبأ: 14] للإنس.
{أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين} [سبأ: 14] في تلك السّخرة، في تلك الأعمال في السّلاسل تبيّن للإنس أنّ الجنّ لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين). [تفسير القرآن العظيم: 2/752]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {تأكل منسأته...}

همزها عاصم والأعمش, وهي العصا العظيمة التي تكون مع الراعي: أخذت من نسأت البعير: زجرته , ليزداد سيره؛ كما يقال: نسأت اللبن إذا صببت عليه الماء , وهو النّسيء, ونسئت المرأة إذا حبلت, ونسأ الله في أجلك , أي : زاد الله فيه، ولم يهمزها أهل الحجاز , ولا الحسن, ولعّلهم أرادوا لغة قريش؛ فإنهم يتركون الهمز.
وزعم لي أبو جعفر الرؤاسيّ: أنه سأل عنها أبا عمرٍو , فقال: {منساته} بغير همزٍ، فقال أبو عمرو: لأني لا أعرفها فتركت همزها, ولو جاء في القراءة: من ساته فتجعل (ساةً) حرفاً واحداً فتخفضه بمن.
قال الفراء: وكذلك حدثني حبّان , عن الكلبيّ , عن أبي صالح , عن ابن عبّاس أنه قال: (تأكل من عصاه).
والعرب تسمّي رأس القوس السّية، فيكون من ذلك، يجوز فتحها وكسرها، يعني : فتح السين، كما يقال: إنّ به لضعةً وضعة، وقحة وقحة من الوقاحة , ولم يقرأ بها أحد علمناه.
وقوله: {دابّة الأرض}: الأرضة.
وقوله: {فلمّا خرّ} : سليمان, فيما ذكر أكلت العصا فخرّ, وقد كان الناس يرون أنّ الشياطين تعلم السرّ يكون بين اثنين , فلمّا خرّ تبيّن أمر الجن للإنس أنهم لا يعلمون الغيب، ولو علموه : ما عملوا بين يديه , وهو ميّت. و(أن) في موضع رفعٍ: {تبيّن}.
{أن لو كانوا}, وذكر عن ابن عبّاس أنه قال: (بيّنت الإنس الجن)ّ، ويكون المعنى: تبيّنت الإنس أمر الجن؛ لأن الجن، إذا تبيّن أمرها للإنس , فقد تبيّنها الإنس، ويكون (أن) حينئذٍ في موضع نصب بتبيّنت. فلو قرأ قارئ : تبّينت الجنّ أن لو كانوا بجعل الفعل للإنس , ويضمر هم في فعلهم , فينصب الجنّ يفعل الإنس , وتكون (أن) مكرورة على الجنّ , فتنصبها.). [معاني القرآن: 2/356-357]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({تأكل منسأته }: وهي العصا أوصلها من نسأت بها الغنم وهي من الهمز الذي تركت العرب الهمزة من أسمائها. ينسأ بها الغنم أي يسوقها، قال طرفة بن العبد:
وعنس كألواح الإران نسأتها= على لاحبٍ كأنه ظهر برجد
نسأتها: نسقتها ويهمزون الفعل منها كما تركوا همزة النبي والبرية والخابية وهي من أنبأت ومن برأت وخبأت قال:
إذا دببت على المنساة من كبرٍ= فقد تباعد عنك اللّهو والغزل
وبعضهم يهمزها فيقول منسأة، قال:
أمن أجل حبلٍ لا أباك ضربته= بمنسأةٍ قد جرّ حبلك أحبلا.
{ فلمّا خرّ تبيّنت الجنّ أن لّو كانوا يعلمون الغيب }: مجازه مجاز المختصر الذي فيه ضمير لأن { تبينت } في موضع ": أبانت الجن للناس أن لو كانوا يعلمون الغيب لما كانوا في العذاب , وقد مات سليمان صلى الله عليه ".). [مجاز القرآن: 2/145-146]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({منسأته}: عصاه التي ينسأ بها الغنم. يقال نسأت الغنم إذا سقتها. تهمز ولا تهمز في القراءة). [غريب القرآن وتفسيره: 306]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( (المنسأة): العصا. وهي مفعلة، من نسأت الدابة: إذا سقتها , قال الشاعر:



إذا دببت على المنسأة من كبر= فقد تباعد عنك اللهو والعزل

وقال الآخر:
وعنس كألواح الإران نسأت= ها إذا قيل للمشبوبتين هماهما
{فلمّا خرّ}: سقط، {تبيّنت الجنّ أن لو كانوا يعلمون الغيب}: كان الناس يرون الشياطين تعلم كثيرا من الغيب والسر، فلما خر سليمان , تبينت الجن، أي: ظهر أمرها.
ثم قال: {أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين}.
وقد يجوز أن يكون {تبيّنت الجنّ}: أي : علمت , وظهر لها العجز, وكانت تسترق السمع، وتلبس بذلك على الناس أنها تعلم الغيب، فلما خرّ سليمان زال الشك في أمرها، كأنها أقرت بالعجز.
وفي مصحف عبد اللّه: {تبينت الإنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب}.). [تفسير غريب القرآن: 354-355]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {فلمّا قضينا عليه الموت ما دلّهم على موته إلّا دابّة الأرض تأكل منسأته فلمّا خرّ تبيّنت الجنّ أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين (14)}
المنسأة : العصا، وإنما سمّيت منسأة لأنها ينسأ بها , ومعنى : ينسأ بها : يطرد بها, ويؤخر بها، فلما توفي سليمان توفي , وهو متكئ عليها - على عصاه - , فلم يعلم الجنّ بموته حتى أكلت الأرضة العصا حتّى خرّ.
{فلمّا خرّ تبيّنت الجنّ}:موته، المعنى : {أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين}
المعنى : لأنهم لو كانوا يعلمون ما غاب عنهم ما عملوا مسخرين, إنّما عملوا , وهم يظنون أنه حيّ يقف على عملهم.
وقال بعضهم : تبينت الإنس الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب.
ويجوز أن يكون تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب، والجن تتبيّن أنها لا تعلم الغيب، فكانت توهم أنها تعلم الغيب , فتبيّنت أنه قد بأن للناس أنّها لا تعلم، كما تقول للذي يدعي عندك الباطل , إذا تبينت له: قد بينت أن الذي يقول باطل، وهو لم يزل يعلم ذلك , ولكنك أردت أن توبخه , وأن تعلمه أنك قد علمت بطلان قوله.). [معاني القرآن: 4/247]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته}
قال عبد الله بن مسعود : (أقام حولا حتى أكلت الأرضة عصاه , فسقط, فعلم أنه قد مات) .
وقال علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس : (المنسأة: العصا).
قال أبو جعفر : قيل للعصا : منسأة , لأنه يؤخر بها الشيء , ويساق بها , قال طرفة:
أمون كألواح الإران نسأتها = على لاحب كأنه ظهر برجد
وقوله جل وعز: {فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين}
قال قتادة : (كانت الجن تخبر الإنس : أنهم يعلمون الغيب , فلما مات سليمان صلى الله عليه وسلم , ولم تعلم به الجن , تبينت الجن للإنس أنهم لا يعلمون الغيب , وهذا أحسن ما قيل في الآية ).
والمعنى : تبين أمر الجن , ويدل على صحته الحديث المرفوع.
روى إبراهيم بن طهمان , عن عطاء , عن السائب , عن سعيد بن جبير ,عن ابن عباس , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((كان سليمان نبي الله إذا صلى , رأى شجرة نابتة بين يديه فيسألها: ما اسمك ؟ , فإن كانت لغرس غرست , وإن كانت لدواء كتبت ,.
فبينما هو يصلي ذات يوم , إذا شجرة نابتة بين يديه , فقال : ما اسمك ؟.
فقالت : الخرنوب.
قال : لأي شيء أنت ؟.
قالت: لخراب أهل هذا البيت .
قال : اللهم عم على الجن موتي حتى يعلم الإنس أن الجن لا يعلمون الغيب , فنحتها عصا , فتوكأ عليها حولا لا يعلمون , فسقطت , فعلمت الإنس أن الجن لا يعلمون الغيب , فنظروا مقدار ذلك , فوجدوه سنة , فشكرت الجن للأرضة .)).
قال قتادة : وفي مصحف عبد الله بن مسعود :{تبينت الإنس أن لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين}
ومن قرأ : {تبينت الجن }: أراد: تبينت الإنس الجن.). [معاني القرآن: 5/402-405]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {منسأته}: أي: عصاه, {فلما خر}: أي: سقط.). [ياقوتة الصراط: 414]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {المِنسَأَة}:العصا.
{تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ}: أي: علمت الإنس عجز الجن , وأنها لا تعلم شيئاً، إذ بقيت في السخرة مدة , وسليمان عليه السلام ميت, قيل: معناه تبين الجن في أن لا علم لهم، فظهر للناس قلة علمهم، إذ لم يعلموا بموت سليمان عليه السلام حتى خر, وفي حرف عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :{تبينت الأنس أن الجن} .). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 196]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مِنسَأَتَهُ}: عصاه.). [العمدة في غريب القرآن: 246]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 13 ذو القعدة 1431هـ/20-10-2010م, 09:58 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 15 إلى 23]

{لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آَيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (16) ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (17) وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آَمِنِينَ (18) فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (19) وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (20) وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآَخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (21) قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (22) وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (23)}

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آَيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {لقد كان لسبإٍ في مسكنهم} [سبأ: 15] كانوا باليمن، وهي في تفسير الحسن وقتادة أرضٌ.
وقال الحسن: لقد تبيّن لأهل سبإٍ كقوله: {واسأل القرية} [يوسف: 82]، أي: أهل القرية.
- وحدّثني ابن لهيعة، عن عبد اللّه بن هبيرة، عن علقمة بن وعلة أنّه سمع ابن عبّاسٍ يقول: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن سبإٍ أرضٌ، أم امرأةٌ، أم رجلٌ؟ فقال: " بل هو رجلٌ ولد عشرةً، فباليمن منهم ستّةٌ، وبالشّام أربعةٌ، فأمّا اليمانيّون: فمذحجٌ، وحمير، وكندة، وأنمارٌ، والأزد والأشعريّون، وأمّا الشّاميّون: فلخمٌ، وجذامٌ، وعاملة، وغسّان ".
قال: {لقد كان لسبإٍ في مسكنهم آيةٌ} [سبأ: 15] ثمّ أخبر بتلك الآية فقال: {جنّتان} [سبأ: 15] وتفسير الحسن: فيها تقديمٌ: لقد كان لسبإٍ في مساكنهم جنّتان فوصفهما ثمّ قال: {آيةٌ}.
[تفسير القرآن العظيم: 2/752]
قوله عزّ وجلّ: {عن يمينٍ وشمالٍ} [سبأ: 15] جنّةٌ عن يمينٍ وجنّةٌ عن شمالٍ.
{كلوا من رزق ربّكم واشكروا له بلدةٌ طيّبةٌ} [سبأ: 15]، أي: هذه بلدةٌ طيّبةٌ.
{وربٌّ غفورٌ} [سبأ: 15] لمن آمن). [تفسير القرآن العظيم: 2/753]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقرأ قوله: {لقد كان لسبإٍ في مسكنهم...}

يحيى : {في مسكنهم}, وهي لغة يمانيّة فصيحة, وقرأ حمزة : {في مسكنهم}, وقراءة العوامّ : ({مساكنهم}: يريدون: منازلهم, وكلّ صواب.
والفراء يقرأ قراءة يحيى.
وقوله: {آيةٌ جنّتان عن يمينٍ وشمالٍ} : والمعنى: عن أيمانهم وشمائلهم, والجنتان مرفوعتان , لأنهما تفسير للآية, ولو كان أحد الحرفين منصوباً بكان , لكان صواباً.
وقوله: {واشكروا له}: انقطع ها هنا الكلام , {بلدةٌ طيّبةٌ} : هذه بلدة طيّبة ليست بسبخة.). [معاني القرآن: 2/357-358]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ لقد كان لسبأٍ في مساكنهم }: ينون " سبأ " بعضهم , لأنه يجعله اسم أبٍ , ويهمزه، وبعضهم لا ينون فيه , يجعله اسم أرض.). [مجاز القرآن: 2/146]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({لقد كان لسبإٍ في مسكنهم آيةٌ جنّتان عن يمينٍ وشمالٍ كلوا من رّزق ربّكم واشكروا له بلدةٌ طيّبةٌ وربٌّ غفورٌ}
وقال: {بلدةٌ طيّبةٌ} : أي : على هذه بلدةٌ طيّبةٌ.). [معاني القرآن: 3/33]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ:{لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنّتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربّكم واشكروا له بلدة طيّبة وربّ غفور (15)}
ويقرأ { مسكنهم }: بفتح الكاف وكسرها، ويقرأ : مساكنهم , ويقرأ : لسبأ - بالفتح وترك الصرف - , ولسبأ. فمن فتح وترك الصرف , فلأنه جعل سبأ اسم قبيلة، ومن صرف وكسر ونوّن , جعل سبأ اسما للرجل , واسما للحيّ , وكل جائز حسن.
{آية جنّتان}:{آية}: رفع اسم كان، و{جنّتان}: رفع على نوعين، على أنه بدل من آية , وعلى إضمار كأنّه لما قيل آية، قيل الآية : جنّتان، والجنتان : البستانان.
فكان لهم بستانان، بستان يمنة، وبستان يسرة.
{كلوا من رزق ربّكم واشكروا له}
المعنى قيل لهم: كلوا من رزق ربّكم , واشكروا له.
وقوله عزّ وجلّ: {بلدة طيّبة}:على معنى : هذه بلدة طيبة, {وربّ غفور}:على معنى : واللّه ربّ غفور.). [معاني القرآن: 4/248]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال}
يروى : أن سبأ : اسم رجل , فيكون على هذا اسما للقبيلة فيمن لم يصرف , وقيل :هو اسم موضع .
ثم قال تعالى: {جنتان عن يمين وشمال}
أي: جنة عن اليمين , وجنة عن اليسار , وقوله جل وعز: {بلدة طيبة ورب غفور}
والمعنى : هذه بلدة طيبة , والله رب غفور.). [معاني القرآن: 5/405-406]

تفسير قوله تعالى: {فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (16) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({فأعرضوا} [سبأ: 16] عمّا جاءت به الرّسل.
{فأرسلنا عليهم سيل العرم} [سبأ: 16]
حدّثني شريكٌ، عن أبي إسحاق الهمدانيّ، عن عمرو بن شرحبيل قال: والعرم بلسان العرب: المسنّاة.
قال يحيى: هذا الّذي يسمّونه الجسر يحبس به الماء، وكان سدًّا قد جعل في موضع الوادي تجتمع فيه المياه.
وذكروا أنّه إنّما نقبه دابّةٌ يقال له الخلد، ليس له عينان، له نابان يحفر بهما الأرض.
وفي تفسير مجاهدٍ أنّ ذلك السّيل الّذي أرسل عليهم من العرم كان ماءً أحمر أتى اللّه به من حيث شاء هو شقّ السّدّ وهدمه، وحفر بطن الوادي عن الجنّتين، فارتفعتا وغار عنهما الماء فيبستا.
وفي تفسير عمّارٍ، عن أبي هلالٍ الرّاسبيّ، عن قتادة أنّه كان لهم وادٍ
[تفسير القرآن العظيم: 2/753]
يمتلئ كلّ عامٍ لسقي جنّاتهم فلمّا أعرضوا أرسل اللّه عليهم دابّةً يقال لها الجرذ، فحفر السّدّ فسال الماء، فغرقت جنّاتهم وأراضيهم.
قال عزّ وجلّ: {وبدّلناهم بجنّتيهم جنّتين ذواتي أكلٍ} [سبأ: 16] والأكل الثّمرة.
{ذواتي أكلٍ خمطٍ} [سبأ: 16] المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ، قال: والخمط هو الأراك، وأكله البرير.
قال: {وأثلٍ وشيءٍ من سدرٍ قليلٍ {16}} [سبأ: 16] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/754]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {سيل العرم...}

كانت مسنّاة : كانت تحبس الماء على ثلاثة أبواب منها، فيسقون من ذلك الماء من الباب الأول، ثم الثاني، ثم الآخر، فلا ينفد حتى يثوب الماء من السّنة المقبلة, وكانوا أنعم قوم عيشاً, فلمّا أعرضوا , وجحدوا الرسل , بثق الله عليهم المسنّاة، فغرّقت أرضهم , ودفن بيوتهم الرمل، ومزّقوا كل ممزّقٍ، حتى صاروا مثلا عند العرب, والعرب تقول: تفرقوا أيادي سبا , وأيدي سباً .
قال الشاعر:
عيناً ترى النّاس إليها نيسبا = من صادرٍ وواردٍ أيدي سبا
يتركون همزها لكثرة ما جرى على ألسنتهم , ويجرون سبا، ولا يجرون: من لم يجر ذهب إلى البدلة, ومن أجرى جعل سبا رجلاً , أو جبلاً، ويهمز. وهو في القراءة كثير بالهمز , لا أعلم أحداً ترك همزه, أنشدني:
الواردون وتيم في ذرى سبأ = قد عضّ أعناقهم جلد الجواميس
وقوله: {ذواتي أكلٍ} : يثقّل الأكل, وخفّفه بعض أهل الحجاز, وقد يقرأ بالإضافة , وغير الإضافة.
فأمّا الأعمش وعاصم بن أبي النجود فثقّلا ولم يضيفا فنوّنا.
وذكروا في التفسير : أنه البرير , وهو ثمر الأراك, وأمّا الأثل فهو الذي يعرف، شبيه بالطرفاء، إلا أنه أعظم طولاً.
وقوله: {وشيءٍ مّن سدرٍ قليلٍ}
قال الفراء: ذكروا أنه السّمر , واحدته : سمرة.). [معاني القرآن: 2/358-359]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({سيل العرم }: واحدها عرمة , وهو بناء مثل المشار : يحبس به الماء ببناء, فيشرف به على الماء في وسط الأرض , ويترك فيه سبيل للسفينة , فتلك العرمات , واحدها عرمة , والمسار بلسان العجم , قال الأعشى:
وفي ذاك للمؤتسى إسوةٌ= ومأرب قفًّى عليها العرم
رخامٌ بناه لهم حميرٌ= إذا جاش دفّاعه لم يرم
أي: حبسه , وقال آخر:
من سبأ الحاضرين مأرب إذ= يبنون من دون سيله العرما.
{ أكلٍ خمطٍ }: والخمط كل شجرة ذي شوك , والأكل : هو الجنني.). [مجاز القرآن: 2/147]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({سيل العرم}: واحدها عرمة وهي السكر للأرض المرتفعة حتى يعلوها الماء. وهي المسناة.
{الأكل}: كل ما اجتنى.
{الخمط}: كل شجرة ذات شوكة). [غريب القرآن وتفسيره: 307]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({ العرم}: المسناة, واحدها: عرمة , قال الشاعر:
من سبأ الحاضرين مأرب، إذ = يبنون من دون سيله العرما
{الأكل}: الثمر.
{الخمط}: شجر العضاه, وهي: كل شجرة ذات شوك.
وقال قتادة: الخمط: الأراك، وبريره: أكله.
و{الأثل}: شبيه بالطرفاء ، إلا أنه أعظم منها.). [تفسير غريب القرآن: 355-356]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدّلناهم بجنّتيهم جنّتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل (16)}: المعنى: أعرضوا عن أمر الله.
{فأرسلنا عليهم سيل العرم}: والعرم فيه أقوال , قال أبو عبيدة : جمع عرمة، وهي السّكر , والمسنّاة .
وقيل : العرم: اسم الوادي، وقيل : العرم : ههنا : اسم الجرذ الذي ثقب السّكر عليهم، وهو الذي يقال ل: ه الخلد.
وقيل: العرم : المطر الشديد، وكانوا في نعمة , وكانت لهم جنان يمنة ويسرة، وكانت المرأة تخرج على رأسها الزّبيل , فتعمل بيديها , وتسير بين ذلك الشجر , فيسقط في زبيلها ما تحتاج إليه من ثمار ذلك الشجر، فلم يشكروا, فبعث اللّه عليهم جرذا، وكان لهم سكر فيه أبواب، يفتحون ما يحتاجون إليه من الماء، فثقب ذلك الجرذ حتى نقب عليهم , فغرّق تينك الجنتين.
{وبدّلناهم بجنّتيهم}:آي : بهاتين الجنتين الموصوفتين.
{جنّتين ذواتي أكل خمط}:وأكل خمط الضمّ والإسكان في الكاف جائزان، ويقرأ : ذواتي أكل خمط , وذواتي أكل خمط.
ومعنى خمط: يقال الكل نبت قد أخذ طعما من مرارة حتى لا يمكن أكله خمط.
وفي كتاب الخليل : الخمط شجر الأراك , وقد جاء في التفسير : أن الخمط الأراك , وأكله ثمره.
قال الله عزّ وجلّ: {تؤتي أكلها كلّ حين}.). [معاني القرآن: 4/248-249]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم}
أي: فأعرضوا عن أمر الله جل وعز , وشكره , فأرسلنا عليهم سيل العرم.
قال عطاء : (العرم : اسم الوادي).
وقيل : هو الجرذ الذي أرسل عليهم .
روى علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس : (العرم : الشديد).
وقيل : هو المطر العرم , أي : الشديد.
وقال قتادة : (أرسل الله عليهم جرذا , فهدم عرمهم , يريد بالعرم : السكر , قال : فغرق جناتهم , وخرب أرضهم عقوبة لهم).
وهذا أعرف ما قيل في معنى : العرم .
يقال للسكر : عرمة , وجمعه عرم , سمي بذلك لشدته , ومنه قيل فلان عارم , قال الشاعر:
= إذ يبنون من دون سيله العرما =
وقوله جل وعز: {وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتى أكل خمط}
الأكل : الثمر
قال أبو مالك , ومجاهد , وقتادة , والضحاك : (الخمط : الأراك) , وكذا قال الخليل .
قال أبو عبيدة : الخمط : كل شجرة فيها مرارة : ذات شوك .
وقال القتبي في أدب الكاتب يقال : للحامضة : خمطة , ويقال الخمطة التي أخذت شيئا من الريح , وأنشد:
عقار كماء النيء ليست بخمطة = ولا خلة يكوي الشروب شهابها.). [معاني القرآن: 5/406-409]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الْعَرِمِ}: المسناة، واحدها عرمة.
{والأُكُل}: الثمر.
{والخمط}: شجر العضاة، وهي : ذات الشوكة. وقيل: هو الأراك شبيه بالطرفاء.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 196]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الْعَرِمِ}: الوادي , {الخَمْطٍ}: شجر فيه الشوك , {الأُكُلٍ}: كل ما اجتنى.). [العمدة في غريب القرآن: 246]
تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (17)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي} [سبأ: 17]، أي: يعاقب.
{إلا الكفور} [سبأ: 17] تفسير مجاهدٍ أنّهم لمّا أعرضوا عمّا جاءت به الرّسل، ابتلاهم اللّه فغيّر ما بهم ثمّ أهلكهم اللّه بعد ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 2/754]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وهل نجازي إلاّ الكفور...}

هكذا قرأه يحيى , وأبو عبد الرحمن أيضاً, والعوامّ: {وهل يجازى إلاّ الكفور}
وقوله: {ذلك جزيناهم} , موضع (ذلك) نصب بـ : {جزيناهم}.
يقول القائل: كيف خصّ الكفور بالمجازاة , والمجازاة للكافر وللمسلم , وكلّ واحد؟ .
فيقال: إن جازيناه بمنزلة كافأناه، والسّيئة للكافر بمثلها، وأمّا المؤمن فيجزى لأنه يزاد , ويتفضّل عليه , ولا يجازى.
وقد يقال: جازيت : في معنى جزيت، إلا أنّ المعنى في أبين الكلام على ما وصفت لك؛ ألا ترى أنه قد قال: {ذلك جزيناهم}, ولم يقل {جازيناهم} , وقد سمعت جازيت في معنى جزيت , وهي مثل عاقبت , وعقبت، الفعل : منك وحدك, وبناؤهايعني: فاعلت على أن تفعل , ويفعل بك.). [معاني القرآن: 2/359]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وهل نجازي إلّا الكفور} قال طاوس: يجازي , ولا يغفر له، والمؤمن لا يناقش الحساب.). [تفسير غريب القرآن: 356]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلّا الكفور (17)}
" ذلك " في موضع نصب، المعنى : جزيناهم ذلك بكفرهم.
{وهل نجازي إلّا الكفور}:وتقرأ : وهل يجازى، ويجوز: وهل يجازي إلّا الكفور، وهذا مما يسال عنه.
يقال: اللّه عز وجل يجازي الكفور , وغير الكفور.
والمعنى: في هذه الآية أن المؤمن تكفر عنه السيئات، والكافر يحبط عمله , فيجازى بكل سوء يعمله , قال اللّه عز وجل:{الّذين كفروا وصدّوا عن سبيل
اللّه أضلّ أعمالهم}
وقال: {ذلك بأنّهم اتّبعوا ما أسخط اللّه وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم (28)}: فأعلم جلّ وعزّ أنه يحبط عمل الكافر، وأعلمنا أن الحسنات يذهبن السيئات، وأن المؤمن تكفر عنه سيّئاته حسناته.). [معاني القرآن: 4/249-250]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور}
قال طاووس : هو المناقشة في الحساب , (( من نوقش عذب .)).
قال أبو جعفر : ويبين لك صحة هذا ما رواه أيوب , عن ابن أبي مليكة , عن عائشة : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((من حوسب عذب .))
قالت : قلت : فإن الله يقول :{فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيراً.}
فقال: (( إنما ذاك العرض , ولكن من نوقش الحساب عذب.)).
قال أبو جعفر : المعنى : أن المؤمن يكفر عنه سيئاته , والكافر يحبط عمله , ويجازى , كما قال جل وعز: {أضل أعمالهم} .). [معاني القرآن: 5/409-410]

تفسير قوله تعالى:{وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آَمِنِينَ (18)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وجعلنا بينهم وبين القرى} [سبأ: 18] رجع إلى قصّة ما كانوا فيه من حسن عيشهم قبل أن يهلكهم، فقال: {وجعلنا بينهم} [سبأ: 18]، أي: وكنّا {وجعلنا بينهم وبين القرى الّتي باركنا فيها} [سبأ: 18]، يعني: أرض الشّام.
{قرًى ظاهرةً} [سبأ: 18]، أي: متّصلةً ينظر بعضها إلى بعضٍ.
{وقدّرنا فيها السّير} [سبأ: 18] يصبحون في منزلٍ وقريةٍ وماءٍ، ويمسون في
[تفسير القرآن العظيم: 2/754]
منزلٍ وقريةٍ وماءٍ في تفسير الحسن.
وفي تفسير الكلبيّ: {وقدّرنا فيها السّير} [سبأ: 18] المقيل والمبيت {سيروا فيها ليالي وأيّامًا آمنين} [سبأ: 18] وكانوا يسيرون مسيرة أربعة أشهرٍ في أمانٍ لا يحرّك بعضهم بعضًا ولو لقي الرّجل قاتل أبيه لم يحرّكه.
أبو سهلٍ، عن أبي هلالٍ، عن قتادة، قال: وكانت المرأة تمشي ومكتلها على رأسها، وهي تغزل بيديها، وإنّ مكتلها ليمتلئ من الثّمار من غير أن تجنيه). [تفسير القرآن العظيم: 2/755]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وقدّرنا فيها السّير...}

جعل ما بين القرية إلى القري: ة نصف يومٍ، فذلك : تقديره للسير.).[معاني القرآن: 2/359]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وقدّرنا فيها السّير}: أي: جعلنا ما بين القرية , والقرية مقدارا واحدا). [تفسير غريب القرآن: 356]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {وجعلنا بينهم وبين القرى الّتي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدّرنا فيها السّير سيروا فيها ليالي وأيّاما آمنين (18)}
هذا عطف على قوله: {لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنّتان}
{وجعلنا بينهم وبين القرى الّتي باركنا فيها قرى ظاهرة}: فكانوا لا يحتاجون من وادي سبأ إلى الشام إلى زاد.
وقيل : القرى التي باركنا فيها بيت المقدس، وقيل : أيضا الشام, فكانت القرى إلى كل هذه المواضع من وادي سبأ متصلة.
{وقدّرنا فيها السّير}: جعلنا مسيرهم بمقدار , حيث أرادوا أن يقيموا حلّوا بقرية آمنين). [معاني القرآن: 4/250]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة}
قال الحسن : بين اليمن والشام , قال: القرى التي باركنا فيها : الشام .
قال قتادة: قرى ظاهرة على الطريق متصلة.
وقال مجاهد : يردون كل يوم على ماء , ثم قال جل وعز: {وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين}
قال قتادة : يغدون, ويقيلون في قرية, ويروحون ويبيتون في قرية , يسيرون غير خائفين , ولا جياع , ولا ظماء , وإن كانت المرأة لتمر , وعلى رأسها مكتلها , فلا ترجع إلا وهو ملآن ثمرا من غير اجتناء , قال : فبطروا النعمة : فقالوا : ربنا باعد بين أسفارنا.). [معاني القرآن: 5/411]

تفسير قوله تعالى: {فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ(19)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {فقالوا ربّنا باعد بين أسفارنا} [سبأ: 19] تفسير الحسن: إنّهم ملّوا النّعمة كما ملّت بنو إسرائيل المنّ والسّلوى.
وفي تفسير الكلبيّ: إنّهم قالوا لرسلهم حين ابتلوا حين كذّبوهم: قد كنّا نأتي عليكم وأرضنا عامرةٌ، خير أرضٍ، فكيف اليوم وأرضنا خرابٌ.
وبعضهم يقرأها: ربّنا باعد، وبعضهم يقرأها: بعّد وبعضهم يقرأها: بعد قال اللّه: {وظلموا أنفسهم} [سبأ: 19] بشركهم.
{فجعلناهم أحاديث} [سبأ: 19] لمن بعدهم.
{ومزّقناهم كلّ ممزّقٍ} [سبأ: 19] بدّدنا عظامهم وأوصالهم فأكلهم التّراب.
{إنّ في ذلك}، أي: في إهلاك القرية، ومن فيها من أهلها.
[تفسير القرآن العظيم: 2/755]
{لآياتٍ لكلّ صبّارٍ} [سبأ: 19] على أمر اللّه.
{شكورٍ} لنعمة اللّه وهو المؤمن). [تفسير القرآن العظيم: 2/756]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {ربّنا باعد بين أسفارنا...}: قراءة العوامّ.

وتقرأ على الخبر : {ربّنا بعّد بين أسفارنا} , و{باعد} , وتقرأ على الدعاء : {ربّنا بعّد} , وتقرأ : {ربّنا بعد بين أسفارنا} : تكون {بين} في موضع رفعٍ, وهي منصوبة, فمن رفعها جعلها بمنزلة قوله: {لقد تقطّع بينكم} .). [معاني القرآن: 2/359-360]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ ربّنا باعد بين أسفارنا}, مجازه : مجاز الدّعاء , وقرأه قوم:{ربنا بّعّد بين أسفارنا}, {ومزّقناهم كلّ ممّزّقٍ}: أي : قطعناهم , وفرقناهم.). [مجاز القرآن: 2/147]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فجعلناهم أحاديث}: أي عظة , ومعتبراً, {ومزّقناهم كلّ ممزّقٍ} : أي: فرقناهم في كل وجه, ولذلك , قالت العرب للقوم إذا أخذوا في وجوه مختلفة: تفرقوا أيدي سبأ, «وأيدي»: بمعنى: مذاهب وطرق.). [تفسير غريب القرآن: 356]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقولهم: وأين قوله: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آَيَاتِهِ} من قوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}.
ولم يرد الله في هذا الموضع معنى الصبر والشكر خاصة، وإنما أراد: إن في ذلك لآيات لكل مؤمن. والصبر والشكر أفضل ما في المؤمن من خلال الخير، فذكره الله عز وجل في هذا الموضع بأفضل صفاته.
وقال في موضع آخر: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ}.
وفي موضع آخر: {لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} و{لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} و{إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} يعني: المؤمنين.
ومثله قوله تعالى في قصة سبإ: {وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}. وهذا كما تقول: أن في ذلك لآية لكل موحّد مصلّ، ولكلّ فاصل تقيّ. وإنما تريد المسلمين). [تأويل مشكل القرآن: 75] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( {فقالوا ربّنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم فجعلناهم أحاديث ومزّقناهم كلّ ممزّق إنّ في ذلك لآيات لكلّ صبّار شكور (19)}
{ربّنا بعّد بين أسفارنا}:ويقرأ : {ربّنا باعد بين أسفارنا}, ويقرأ :{ ربّنا بعّد بين أسفارنا} ويقرأ ربنا بالنصب, بعد بين أسفارنا , برفع بين , ويقرأ: بين أسفارنا، ويقرأ: ربّنا باعد بين أسفارنا.
{وظلموا أنفسهم)}:فمن قرأ : بعد بين أسفارنا , برفع بين، فالمعنى : بعد ما يتصل بسفرنا.
ومن قرأ : بعد بين أسفارنا , فالمعنى : بعد ما بين أسفارنا، وبعد سيرنا بين أسفارنا، ومن قرأ : باعد , فعلى وجه المسألة، ويكون المعنى : أنهم سئموا الرّاحة , وبطروا النعمة، كما قال قوم موسى: {ادع لنا ربّك يخرج لنا ممّا تنبت الأرض }, إلى قوله: {الذي هو أدنى بالّذي هو خير.}

{ومزّقناهم كلّ ممزّق}: أي : فرقناهم في البلاد ؛ لأنهم لما أذهب الله بجنتيهم , وغرق مكانهم , تبدّدوا في البلاد , فصارت العرب تتمثل بهم في الفرقة , فتقول: تفرقوا أيدي سبأ، وأيادي سبأ , قال الشاعر:
= من صادر أو وارد أيدي سبا=
وقال كثير:
أيادي سبا يا عز ما كنت بعدكم= فلم يحل للعينين بعدك منظر.). [معاني القرآن: 4/251]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (قال الله جل وعز: {وظلموا أنفسهم فجعلناهم أحاديث}
وقرأ عبد الله بن عباس , وابن الحنفية : {ربنا باعد بين أسفارنا} , قال ابن عباس : (شكوا ربهم جل وعز) .
وقرأ يحيى بن يعمر , وعيسى : {ربنا بعد بين أسفارنا }.
وقرأ سعيد بن أبي الحسن أخو الحسين :{ربنا بعد بين أسفارنا }
والقراءة الأولى أبين , وأهل التفسير : يقولون بطروا النعمة , وأخبر الله جل وعز أنه عاقبهم على ذلك إلا أنه يجوز أن يكونوا .
قالوا : هذا بعدما باعد الله جل وعز بين أسفارهم , أو يكونوا لبطرهم , استبعدوا القريب.
وكانت العرب تضرب بهم المثل , فتقول تفرقوا أيدي سبأ , وأيادي سبأ , أي : مذاهب سبأ , وطرقها.). [معاني القرآن: 5/412]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَمَزَّقْنَاهُمْ}: فرقناهم.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 196]


تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (20)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولقد صدّق عليهم إبليس ظنّه} [سبأ: 20]، يعني: جميع المشركين.
{فاتّبعوه إلا فريقًا من المؤمنين} [سبأ: 20] وذلك أنّه كان يطيف بجسد آدم قبل أن ينفخ فيه الرّوح، فلمّا رأوه أجوف عرف أنّه لا يتمالك، ثمّ وسوس بعد إلى آدم، فأكل من الشّجرة، فقال في نفسه: إنّ نسل هذا سيكون مثله في الضّعف، فلذلك قال: {لأحتنكنّ ذرّيّته إلا قليلا} [الإسراء: 62] وقال: {فبعزّتك لأغوينّهم أجمعين} [ص: 82] قال: {ولا تجد أكثرهم شاكرين} [الأعراف: 17] وأشباه ذلك.
وبعضهم يقول: إنّ إبليس قال: خلقت من نارٍ، وخلق آدم من طينٍ، والنّار تأكل الطّين، فلذلك ظنّ أنّه سيضلّ عامّتهم.
وحدّثني سليمان بن أرقم، عن الحسن أنّه كان يقرأ هذا الحرف ولقد صدق عليهم إبليس ظنّه، أي: ولقد صدق عليهم ظنّ إبليس فيها تقديمٌ، ثمّ قال: ظنّ ظنّه ولم يقل ذلك بعلمٍ، يقول: فصدق ظنّه فيهم.
قرّة بن خالدٍ، عن عبد اللّه بن القاسم: ولقد صدق عليهم إبليس ظنّه.
وكان مجاهدٌ يقرأها: {ولقد صدّق عليهم إبليس ظنّه} [سبأ: 20] يقول: صدّق إبليس ظنّه فيهم حيث جاء أمرهم على ما ظنّ). [تفسير القرآن العظيم: 2/756]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {ولقد صدّق عليهم إبليس ظنّه...}

نصبت الظن , بوقوع التصديق عليه, ومعناه أنه قال : {فبعزّتك لأغوينّهم أجمعين إلاّ عبادك منهم المخلصين}, قال الله : صدّق عليهم ظنّه لأنه إنما قاله بظنّ لا بعلمٍ.

وتقرأ : {ولقد صدق عليهم إبليس ظنّه} , نصبت الظن على قوله: ولقد صدق عليهم في ظنّه.
ولو قلت: ولقد صدق عليه إبليس ظنّه , ترفع إبليس والظنّ , كان صواباً على التكرير: صدق عليهم ظنّه، كما قال : {يسألونك عن الشهر الحرام قتالٍ فيه} : يريد: عن قتالٍ فيه، وكما قال {ثمّ عموا وصمّوا كثيرٌ منهم} , ولو قرأ قارئ :ولقد صدق عليهم إبليس ظنّه : يريد: صدقه ظنّه عليهم , كما تقول صدقك ظنّك الظنّ يخطئ ويصيب.). [معاني القرآن: 2/360]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ولقد صدّق عليهم إبليس ظنّه }: مخفف , ومثقل , ومجازه : أنه وجد ظنه بهم صادقاً.). [مجاز القرآن: 2/147]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولقد صدّق عليهم إبليس ظنّه}: وذلك أنه قال: لأضلنهم , ولأغوينهم , ولأمنينهم, ولآمرنهم بكذا، فلما اتبعوه وأطاعوه, صدق ما ظنه، أي: فيهم, وقد فسرت هذا في كتاب «المشكل»). [تفسير غريب القرآن: 356]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({ولقد صدّق عليهم إبليس ظنّه فاتّبعوه إلّا فريقا من المؤمنين (20)}
{ولقد صدق عليهم إبليس ظنّه}: ويقرأ : {ولقد صدّق عليهم إبليس ظنّه}:برفع إبليس , ونصب الظن.
وصدقه في ظنه : أنه ظن بهم إذا أغواهم : اتبعوه , فوجدهم كذلك , فقال:
{فبعزّتك لأغوينّهم أجمعين (82) إلّا عبادك منهم المخلصين}:فمن قال :{صدّق} نصب الظن لأنه مفعول به، ومن خفّف فقال: " صدق " نصب الظنّ مصدرا .
على معنى : صدق عليهم إبليس ظنّا ظنّه، وصدق في ظنه.
وفيها وجهان آخران: أحدهما :{ولقد صدق عليهم إبليس ظنه}: ظنه بدل من إبليس، كما قال تعالى: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه.}
ويجوز :{ولقد صدّق عليهم إبليس ظنّه}, على معنى : صدق ظن إبليس باتباعهم إيّاه , وقد قرئ بهما.). [معاني القرآن: 4/251-452]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه} : وهي قراءة الهجهاج , ويجوز :{ولقد صدق عليهم إبليس ظنه في ظنه }.
روى عن ابن عباس أنه قال: (قال إبليس : خلقت من نار , وخلق آدم صلى الله عليه من طين ضعيفا , لأحتنكن ذريته إلا قليلاً).
ويروى : أنه قال : قد أعويت آدم على موضعه وعلمه , فأنا على ولده أقدر , فصدق ظنه.
ويبين هذا قوله تعالى: {ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين}
وقوله جل وعز: {لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين}: فإنما قال : هذا ظنا , فصدق ظن.ه
ومن قرأ : صدق : صير الظن مفعولا
ومن رفع الظن , ونصب إبليس أراد: ولقد صدق ظن إبليس حين اتبعوه.). [معاني القرآن: 5/413-414]


تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآَخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (21)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وما كان له عليهم من سلطانٍ} [سبأ: 21] كقوله: {فإنّكم} [الصافات: 161]، أي: يا بني إبليس {فإنّكم وما تعبدون {161} ما أنتم عليه بفاتنين {162}} [الصافات: 161-162] لستم بمضلّي أحدٍ {إلا من هو صال الجحيم} [الصافات: 163].
قال يحيى: حدّثني به أبو الأشهب، عن الحسن.
قال: {إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة} [سبأ: 21] وهذا علم الفعال.
{ممّن هو منها} [سبأ: 21] من الآخرة.
{في شكٍّ} [سبأ: 21] وإنّما جحد المشركون الآخرة ظنًّا منهم، وذلك منهم على الشّكّ.
قال: {وربّك على كلّ شيءٍ حفيظٌ} [سبأ: 21] حتّى يجازيهم في الآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 2/757]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وما كان له عليهم مّن سلطانٍ...}

يضلّهم به حجّة، إلاّ أنّا سلّطناه عليهم , لنعلم من يؤمن بالآخرة.

فإن قال قائل: إنّ الله يعلم أمرهم بتسليط إبليس , وبغير تسليطه.
قلت: مثل هذا كثير في القرآن, قال الله : {ولنبلونّكم حتّى نعلم المجاهدين منكم والصّابرين}, وهو يعلم المجاهد, والصّابر بغير ابتلاء، ففيه وجهان: أحدهما : أنّ العرب تشترط للجاهل إذا كلّمته بشبه هذا شرطاً تسنده إلى أنفسها , وهي عالمة؛ ومخرج الكلام كأنه لمن لا يعلم. , من ذلك أن يقول القائل: النّار تحرق الحطب فيقول الجاهل: بل الحطب يحرق النار.
ويقول العالم: سنأتي بحطب , ونارٍ لنعلم أيّهما يأكل صاحبه , فهذا وجه بيّن.
والوجه الآخر : أن تقول : {لنبلونّكم حتّى نعلم} معناه: حتى نعلم عنكم , فكأن الفعل لهم في الأصل, ومثله مما يدلّك عليه قوله: {وهو الذي يبدأ الخلق ثمّ يعيده هو أهون عليه}: عندكم يا كفرة؛ ولم يقل: {عندكم}: يعني: وليس في القرآن: {عندكم}, وذلك معناه, ومثله قوله: {ذق إنّك أنت العزيز الكريم} , عند نفسك إذ كنت تقوله في دنياك., ومثله ما قال الله لعيسى: {أأنت قلت للنّاس}: وهو يعلم ما يقول وما يجيبه به؛ فردّ عليه عيسى , وهو يعلم أن الله لا يحتاج إلى إجابته, فكما صلح أن يسأل عمّا يعلم , ويلتمس من عبده ونبيّه الجواب , فكذلك يشرط من فعل نفسه ما يعلم، حتى كأنه عند الجاهل لا يعلم.). [معاني القرآن: 2/361]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ إلاّ لنعلم من يؤمن بالآخرة }: مجازه: إلاّ لنميز.). [مجاز القرآن: 2/147]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وما كان له عليهم مّن سلطان إلاّ لنعلم من يؤمن بالآخرة ممّن هو منها في شكٍّ وربّك على كلّ شيءٍ حفيظٌ}
وقال: {إلاّ لنعلم}: على البدل , كأنه قال: ما كان ذلك الابتلاء إلاّ لنعلم.). [معاني القرآن: 3/33]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (20) وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآَخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ}.
تأويله: أن إبليس لما سأل الله تبارك وتعالى النّظرة فأنظره قال: لأغوينّهم ولأضلّنّهم ولأمنّينّهم ولآمرنّهم فليبتّكنّ آذان الأنعام ولآمرنّهم فليغيّرنّ خلق الله ولأتّخذنّ منهم نصيبا مفروضا وليس هو في وقت هذه المقالة مستيقنا أنّ ما قدّره الله فيهم يتمّ، وإنما قاله ظانا، فلما اتبعوه وأطاعوه، صدق ما ظنّه عليهم أي فيهم، ثم قال الله: وما كان تسليطنا إيّاه إلا لنعلم من يؤمن، أي المؤمنين من الشاكين.
وعلم الله تعالى نوعان:
أحدهما: علم ما يكون من إيمان المؤمنين، وكفر الكافرين، وذنوب العاصين، وطاعات المطيعين قبل أن تكون.
وهذا علم لا تجب به حجة ولا تقع عليه مثوبة ولا عقوبة.
والآخر: علم هذه الأمور ظاهرة موجودة فيحق القول ويقع بوقوعها الجزاء.
فأراد جل وعز: ما سلطناه عليهم إلا لنعلم إيمان المؤمنين ظاهرا موجودا، وكفر الكافرين ظاهرا موجودا.
وكذلك قوله سبحانه: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}، أي يعلم جهاده وصبره موجودا يجب له به الثواب). [تأويل مشكل القرآن: 311-312] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (السلطان: الملك والقهر، قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي} . وقال: {وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ}). [تأويل مشكل القرآن: 504] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)


: (وقوله جلّ وعزّ: {وما كان له عليهم من سلطان إلّا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممّن هو منها في شكّ وربّك على كلّ شيء حفيظ (21)}



أي: ما كان له عليهم من حجة , كما قال: {إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطان}
{إلّا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممّن هو منها في شك}:أي: إلا لنعلم ذلك علم وقوعه منهم، وهو الذي يجازون عليه, واللّه يعلم الغيب , ويعلم من يؤمن ممن يكفر قبل أن يؤمن المؤمن , ويكفر الكافر , ولكن ذلك لا يوجب ثوابا ولا عقابا، إنما يثابون ويعاقبون بما كانوا عاملين.). [معاني القرآن: 4/252]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وما كان له عليهم من سلطان}: أي : من حجة إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة , أي: ما امتحناهم به إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة علم شهادة , فأما علم الغيب , فالله جل وعز عالم به قبل أن يكون.). [معاني القرآن: 5/414]

تفسير قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكوَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (22)}ٍ
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {قل ادعوا الّذين زعمتم من دون اللّه} [سبأ: 22] يعني أوثانهم، زعمتم أنّهم آلهةٌ.
{لا يملكون} [سبأ: 22] لا تملك تلك الآلهة.
{مثقال ذرّةٍ} [سبأ: 22] وزن ذرّةٍ.
{في السّموات ولا في الأرض وما لهم فيهما} [سبأ: 22] في السّموات والأرض.
{من شركٍ} [سبأ: 22] ما خلقوا شيئًا ممّا فيهما، وما خلقهما وما فيهما إلا اللّه.
{وما له منهم} [سبأ: 22]، أي: وما للّه منهم من أوثانهم.
{من ظهيرٍ} [سبأ: 22] من عوينٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/757]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ( { من ظهيرٍ }: أي: من معين.).
[مجاز القرآن: 2/147]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قل ادعوا الّذين زعمتم من دون اللّه لا يملكون مثقال ذرّة في السّماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير (22)}

يعني : أن الذين يزعمون أنهم شركاء الله من الملائكة , وغيرهم , لا شرك لهم , ولا معين للّه عزّ وجلّ فيما خلق.). [معاني القرآن: 4/252]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وما له منهم من ظهير}
قال أبو عبيدة : من ظهير , أي: من معين.). [معاني القرآن: 5/415]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ({من ظهير}: أي: معين). [ياقوتة الصراط: 415]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ظَهِيرٍ}: معين.). [العمدة في غريب القرآن: 247]


تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (23)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولا تنفع الشّفاعة عنده} [سبأ: 23] عند اللّه.
{إلا لمن أذن له} [سبأ: 23] لا يشفع الشّافعون إلا للمؤمن، تشفع
[تفسير القرآن العظيم: 2/757]
الملائكة والنّبيّون والمؤمنون، ليس، يعني: أنّهم يشفعون للمشركين، فلا يشفّعون.
وحديث الحسن بن دينارٍ، عن الحسن، قال: أهل الكبائر لا شفاعة لهم، قال: {ولا يشفعون إلا لمن ارتضى} [الأنبياء: 28].
وقال: {ولا يملك الّذين يدعون من دونه الشّفاعة إلا من شهد بالحقّ وهم يعلمون} [الزخرف: 86] وقلوبهم مخلصةٌ بشهادة لا إله إلا اللّه، يعلمون أنّها الحقّ، وقال: {فما تنفعهم شفاعة الشّافعين} [المدثر: 48]، أي: أنّ الشّافعين لا يشفعون لهم، إنّما يشفعون للمؤمنين.
قوله عزّ وجلّ: {حتّى إذا فزّع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربّكم قالوا الحقّ وهو العليّ} [سبأ: 23] لا أعلى منه.
{الكبير} لا أكبر منه.
قرّة بن خالدٍ، عن عبد اللّه بن القاسم مولى أبي بكرٍ الصّدّيق أنّه كان يقرأها {حتّى إذا فزّع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربّكم قالوا الحقّ وهو العليّ الكبير} [سبأ: 23] إنّ أهل السّموات لم يسمعوا الوحي فيما بين عيسى إلى أن بعث اللّه محمّدًا، فلمّا بعث اللّه جبريل بالوحي إلى محمّدٍ سمع أهل السّموات صوت الوحي مثل جرّ السّلاسل على الصّخور أو الصّفا، فصعق أهل السّموات مخافة أن تكون السّاعة، فلمّا فرغ من الوحي، وانحدر جبريل جعل كلّما مرّ بأهل سماءٍ فزّع عن قلوبهم، فسأل بعضهم بعضًا، فسأل أهل كلّ سماءٍ الّذي فوقهم إذا جلّي عن قلوبهم: {ماذا قال ربّكم} [سبأ: 23] فيقولون: {الحقّ}، أي: هو الحقّ {وهو العليّ} [سبأ: 23]، أي: لا أعلى منه {الكبير} [سبأ: 23] لا أكبر منه.
[تفسير القرآن العظيم: 2/758]
حمّادٌ، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي وائلٍ، عن مسروقٍ أنّه كان يقرأها حتّى إذا فزع عن قلوبهم.
حمّادٌ، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ مثله.
محمّد بن معبدٍ، عن سليمان التّيميّ قال: يسمعون مثل جرّ السّلاسل على الصّخور أو الصّفا.
وحدّثني أبو أميّة، عن حميد بن هلالٍ، عن أبي الضّيف عن كعبٍ قال: إنّ أقرب الملائكة إلى اللّه إسرافيل، فإذا أراد اللّه أمرًا أن يوحيه جاء اللّوح حتّى يصفّق جبهته، فيرفع رأسه، فينظر فإذا الأمر مكتوبٌ، فينادي جبريل فيلبّيه فيقول: أمرت بكذا، أمرت بكذا، فلا يهبط جبريل من سماءٍ إلى سماءٍ إلا فزع أهلها مخافة السّاعة حتّى يقول جبريل: الحقّ من عند الحقّ، فيهبط على النّبيّ عليه السّلام فيوحي إليه.
قرّة بن خالدٍ، والحسن بن دينارٍ، ويزيد بن إبراهيم، عن الحسن أنّه كان يقرأها: حتّى إذا فزع عن قلوبهم إذا تجلّى عن قلوبهم في حديث يزيد بن إبراهيم.
وقال ابن مجاهدٍ، عن أبيه: {حتّى إذا فزّع
[تفسير القرآن العظيم: 2/759]
عن قلوبهم} [سبأ: 23] كشف عنهم الغطاء يوم القيامة.
وحدّثني المعلّى، عن أبي يحيى القتّات، عن مجاهدٍ: {حتّى إذا فزّع عن قلوبهم} [سبأ: 23] قال: حتّى إذا رأوا الحقّ لم ينفعهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/760]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {إلاّ لمن أذن له...}

أي : لا ينفع شفاعة ملكٍ مقرّبٍ , ولا نبيّ حتى يؤذن له في الشفاعة, ويقال: حتى يؤذن له فيمن يشفع، فتكون (من) للمشفوع له.

وقوله: {حتّى إذا فزّع} : قراءة الأعمش, وعاصم بن أبي النجود , وأبي عبد الرحمن السّلميّ , وأهل المدينة.
وقراءة الحسن البصري: {فرّغ}, وقراءة مجاهد : {حتّى إذا فزّع)}, يجعل الفعل لله .
وأما قول الحسن : فمعناه حتى إذا كشف الفزع عن قولبهم , وفرّغت منه, فهذا وجه.
ومن قال : {فزّع }, أو:{ فزّع }, فمعناه أيضاً: كشف عنه الفزع , (عن) تدلّ على ذلك , كما تقول: قد جلّي عنك الفزع.
والعرب تقول للرجل: إنه لمغلّب , وهو غالب، ومغلّب , وهو مغلوب.
فمن قال: مغّلب للمغلوب , يقول: هو أبداً مغلوب, ومن قال: مغلّب ,, وهو غالب, أراد قول الناس: هو مغلّب.
والمفزّع يكون جباناً , وشجاعاً , فمن جعله شجاعاً , قال: بمثله تنزل الأفزاع, ومن جعله جباناً , فهو بيّن, أراد: يفزع من كلّ شيء.
وقوله: {قالوا الحقّ} : فالمعنى في ذلك أنه كان بين نبيّنا , وبين عيسى صلى الله عليهما وسلم فترة، فلمّا نزل جبريل على محمدٍ عليهما السّلام بالوحي , ظنّ أهل السموات أنه قيام السّاعة, فقال بعضهم: {ماذا قال ربّكم}: فلم يدروا، ولكنهم قالوا: قال الحقّ. ولو قرئ {الحقّ} بالرفع أي هو الحقّ كان صواباً, ومن نصب أوقع عليه القول: قالوا : قال الحقّ.). [معاني القرآن: 2/361-362]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({حتّى إذا فزّع عن قلوبهم }: أي:أذهب عن قلوبهم.
{ قالوا ماذا قال ربّكم قالوا الحقّ }: منصوب لأنه مختصر , كأنه: قالوا: قال ربنا الحق، وقد رفعه لبيد , ولا أظنه إلا احتياجاً إلى القافبة , قال:
ألا تسألان المرء ماذا يحاول= أنحبٌ فيقضي أم ضلالٌ وباطل.).[مجاز القرآن: 2/148]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({ولا تنفع الشّفاعة عنده إلاّ لمن أذن له حتّى إذا فزّع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربّكم قالوا الحقّ وهو العليّ الكبير}
وقال: {لمن أذن له} ؛ لأن في المعنى لا يشفع إلا لمن له أذن له.
وقال: {قالوا الحقّ}: إن شئت رفعت , وإن شئت نصبته.). [معاني القرآن: 3/33]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({فزع عن قلوبهم}: قال نفس عنها ورفة وجلي، ومن قرأها بالراء والغين فمعناه أخرج ما فيها من خوف ففرعت منه). [غريب القرآن وتفسيره: 307-308]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({حتّى إذا فزّع عن قلوبهم}: خفف عنها الفزع, ومن قرأ: {فزع } : أراد منها الفزع.). [تفسير غريب القرآن: 356-357]


قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ولا تنفع الشّفاعة عنده إلّا لمن أذن له حتّى إذا فزّع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربّكم قالوا الحقّ وهو العليّ الكبير (23)}
{أذن له}: بضم الهمزة , وفتحها، ويكون المعنى : لمن أذن له.
أي، لمن أذن الله له أن يشفع، ويجوز إلا لمن أذن أن يشفع له , فيكون " من " للشافعين، ويجوز أن يكون للمشفوع لهم, والأجود أن يكون للشافعين، لقوله: {حتّى إذا فزّع عن قلوبهم}.

لأن الذين فزع عن قلوبهم ههنا الملائكة، وتقرأ :{حتى إذا فزّع عن قلوبهم } - بفتح الفاء - , وقرأ الحسن: {حتّى إذا فرغ عن قلوبهم} - بالراء غير المعجمة وبالغين المعجمة - , ومعنى : {فزع }: كشف الفزع عن قلوبهم , و{فزّع عن قلوبهم }: كشف الله الفزع عن قلوبهم، وقراءة الحسن: فرّغ , ترجع إلى هذا المعنى ؛ لأنهما فرغت من الفزع.
وتفسير هذا أن جبريل عليه السلام كان لما نزل إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - بالوحي , ظنت الملائكة أنه نزل لشيء من أمر الساعة , فتفزعت لذلك، فلما انكشف عنها الفزع: {قالوا ماذا قال ربّكم}.: فسألت : لأي شيء ينزل جبريل؟, {قالوا الحقّ}:أي : قالوا : قال الحق.
ولو قرئت:{ قالوا الحقّ }: لكان وجها, يكون المعنى : قالوا هو الحق.). [معاني القرآن: 4/253]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له}
يجوز أن يكون المعنى : إلا لمن أذن له أن يشفع , وأن يكون للمشفوع.
والأول أبين : لقوله تعالى: {حتى إذا فزع عن قلوبهم}
وقرأ ابن عباس : حتى إذا فزع عن قلوبهم , أي: فزع الله عز وجل عن قلوبهم , يقال: فزعته : أزلت عنه الفزع.
والمعروف من قراءة الحسن:{حتى إذا فرغ عن قلوبهم }:أي: فرغ منها الفزع
قال عكرمة : سمعت أبا هريرة يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(( إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها , خضعاناً لله جل وعز , فيسمع كالسلسلة على الصفوان , فيقولون : ماذا قال ربكم ؟.
فيقال: للذي قال الحق , وهو العلي الكبير )), وذكر الحديث.
وقال عبد الله بن مسعود : (( تسمع الملائكة في السماء للوحي صوتا كصوت الفولاذ على الصفا , فيخرون على جباههم , فإذا جلي عنهم , قالوا للرسل: ماذا قال ربكم ؟.
فيقولون: الحق , الحق .)).
وقال قتادة: لما كانت الفترة بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم , فنزل الوحي خرت الملائكة سجدا , {حتى إذا فزع عن قلوبهم }, أي : جلي.
قالوا : {ماذا قال ربكم قالوا الحق}. ). [معاني القرآن: 5/415-417]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ}: أي: خفف عنها الفزع.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 196]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({فُزِّعَ}: نفس.). [العمدة في غريب القرآن: 247]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 13 ذو القعدة 1431هـ/20-10-2010م, 10:03 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 24 إلى 45]

{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (25) قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (26) قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (28) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (29) قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ (30) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآَنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ (32) وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (33) وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (34) وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (35) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (36) وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آَمِنُونَ (37) وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (38) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (39) وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (40) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ (41) فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (42) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (43) وَمَا آَتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (44) وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آَتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (45)}

تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {قل من يرزقكم من السّموات والأرض} [سبأ: 24] يقول للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل للمشركين.
ثمّ قال: {قل اللّه وإنّا أو إيّاكم} [سبأ: 24]، أي: أنّ أحد الفريقين نحن وأنتم {لعلى هدًى أو في ضلالٍ مبينٍ} [سبأ: 24] وقال ابن مجاهدٍ، عن أبيه {لعلى هدًى} [سبأ: 24] أحد الفريقين، أي: فنحن على الهدى، وأنتم في ضلالٍ مبينٍ، وهي كلمةٌ عربيّةٌ يقول الرّجل لصاحبه: إنّ أحدنا لصادقٌ، يعني: نفسه، وكقوله: إنّ أحدنا لكاذبٌ، يعني: صاحبه، وكان هذا بمكّة وأمر المسلمين يومئذٍ ضعيفٌ). [تفسير القرآن العظيم: 2/760]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وإنّا أو إيّاكم لعلى هدًى...}

قال المفسّرون معناه: {وإنا لعلى هدىً وأنتم في ضلالٍ مبين}: معنى (أو) : معنى الواو عندهم, وكذلك هو في المعنى, غير أن العربيّة على غير ذلك: لا تكون (أو) بمنزلة الواو, ولكنها تكون في الأمر المفوّض، كما تقول: إن شئت فخذ درهماً أو اثنين، فله أن يأخذ واحداً أو اثنين، وليس له أن يأخذ ثلاثةً.
وفي قول من لا يبصر العربيّة , ويجعل (أو) بمنزلة الواو يجوز له أن يأخذ ثلاثة؛ لأنه في قولهم بمنزلة قولك: خذ درهماً واثنين, والمعنى في قوله: {وإنّا أو إيّاكم}: إنا لضالون أو مهتدون، وإنكم أيضاً لضالون أو مهتدون، وهو يعلم أن رسوله المهتدي , وأن غيره الضّال: الضالون, فأنت تقول في الكلام للرجل: إن أحدنا لكاذب , فكذّبته تكذيباً غير مكشوف, وهو في القرآن وفي كلام العرب كثير: أن يوجّه الكلام إلى أحسن مذاهبه إذا عرف؛ كقولك: والله لقد قدم فلان , وهو كاذب , فيقول العالم: قل: إن شاء الله , أو قل فيما أظنّ , فيكذّبه بأحسن من تصريح التكذيب، ومن كلام العرب أن يقولوا: قاتله الله, ثم يستقبحونها، فيقولون: قاتعه وكاتعه, ويقولون جوعاً , دعاء على الرجل، ثم يستقبحونها , فيقولون: جوداً، وبعضهم: جوساً, ومن ذلك قولهم: ويحك وويسك، إنما هي ويلك إلاّ أنها دونها بمنزلة ما مضى.). [معاني القرآن: 2/362]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ وإنا وإيّاكم لعلى هدًى أو في ضلالٍ مّبين }: مجازه: إنا لعلى هدى وإياكم إنكم في ضلال مبين ؛ لأن العرب تضع " أو " في موضع واو الموالاة قال:
أثعلبة الفوارس أو رياحا= عدلت بهم طهيّة والخشابا
يعنى : أثعلبة , ورياحا, وقال: قوم قد يتكلم بهذا من لا يشك في دينه وقد علموا أنهم على هدى , وأولئك في ضلال مبين , فيقال : هذا , وإن كان كلاماً واحداً على وجه الاستهزاء , يقال هذا لهم، قال أبو الأسود:
يقول الأرذلون بنو قشير= طوال الدهر ما تنسى عليا
بنو عمّ النبيّ وأقربوه= أحبّ الناس كلّهم إليّا
فإن يك حبّهم رشداً أصبه= ولست بمخطئ إن كان غيّا). [مجاز القرآن: 2/148]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({قل من يرزقكم مّن السّماوات والأرض قل اللّه وإنّا أو إيّاكم لعلى هدًى أو في ضلالٍ مّبينٍ}
وقال: {وإنّا أو إيّاكم لعلى هدًى}: فليس هذا لأنه شك , ولكن هذا في كلام العرب على أنه هو المهتدي, وقد يقول الرجل لعبده "احدنا ضاربٌ صاحبه" , فلا يكون فيه إشكال على السامع : أن المولى هو الضارب.). [معاني القرآن: 3/33]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وإنّا أو إيّاكم لعلى هدىً أو في ضلالٍ مبينٍ} هذا: كما تقول: أحدنا على باطل، وأنت تعلم أن صاحبك على الباطل، وأنك على الحق.
وقال أبو عبيدة: «معناها» إنك لعلى هدى، وإنكم لفي ضلال مبين».). [تفسير غريب القرآن: 357]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومن هذا الباب قول الله عز وجل: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}. والمعنى: إنّا لضالّون أو مهتدون، وإنكم أيضا لضالون، أو مهتدون، وهو جل وعز يعلم أن رسوله المهتدي وأن مخالفه الضالّ، وهذا كما تقول للرّجل يكذبك ويخالفك: إنّ أحدنا لكاذب. وأنت تعنيه، فكذّبته من وجه هو أحسن من التصريح، كذلك قال الفرّاء). [تأويل مشكل القرآن: 269]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قل من يرزقكم من السّماوات والأرض قل اللّه وإنّا أو إيّاكم لعلى هدى أو في ضلال مبين (24)}
روي في التفسير : أن المعنى : وإنا لعلى هدى , وإنكم لفي ضلال مبين، وهذا في اللغة غير جائز , ولكنه في التفسير : يؤول إلى هذا المعننى , إنا لعلى هدى, أو في ضلال مبين, أو إنكم لعلى هدى , أو في ضلال مبين، وإنكم لعلى هدى , أو في ضلال مبين.

فهذا كما يقول القائل: إذا كانت الحال تدل على أنه صادق أحدنا صادق، وأحدنا كاذب، والمعنى: أحدنا صادق , أو كاذب.
ويؤول معنى الآية إلى: إنا لما أقمنا من البرهان , لعلى هدى، وإنكم لفي ضلال مبين.). [معاني القرآن: 4/253]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين}
المعنى : وإنا لعلى هدى , أو في ضلال مبين , أو إياكم لعلى هدى , أو في ضلال مبين , ثم حذف .
وهذا على حسن المخاطبة , والتقرير , أي: قد ظهرت البراهين , وتبين الحق كما يقال : قد علمت أينا الكاذب.
قال قتادة: {ثم يفتح بيننا }: (أي: يقضي بيننا)). [معاني القرآن: 5/418]


تفسير قوله تعالى: {قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (25) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال عزّ وجلّ: {قل لا تسألون عمّا أجرمنا ولا نسأل عمّا تعملون} [سبأ: 25] كقوله: {قل إن افتريته فعليّ إجرامي وأنا بريءٌ ممّا تجرمون} [هود: 35].
وكقوله: {وإن كذّبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون ممّا أعمل وأنا بريءٌ ممّا تعملون} [يونس: 41] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/760]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (26) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قل يجمع بيننا ربّنا} [سبأ: 26] يوم القيامة.
{ثمّ يفتح بيننا بالحقّ} [سبأ: 26]، يعني: ثمّ يقضي بيننا ربّنا الحقّ.
{وهو الفتّاح} [سبأ: 26]، يعني: القاضي.
{العليم} وهو تفسير السّدّيّ). [تفسير القرآن العظيم: 2/760]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({ ثمّ يفتح بيننا بالحقّ }: أي يحكم بيننا.).
[مجاز القرآن: 2/149]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({ثمّ يفتح بيننا بالحقّ}: أي: يقضي, ومنه قوله تعالى: {وأنت خير الفاتحين} , أي : القضاة.). [تفسير غريب القرآن: 357]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{قل يجمع بيننا ربّنا ثمّ يفتح بيننا بالحقّ وهو الفتّاح العليم (26)}: معنى يفتح: يحكم، وكذلك الفتاح: الحاكم.). [معاني القرآن: 4/254]


تفسير قوله تعالى:{قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {قل أروني الّذين ألحقتم به شركاء} [سبأ: 27] جعلتموهم شركاءه فعبدتموهم، يعني: أوثانهم ما نفعوكم وأجابوكم به.
[تفسير القرآن العظيم: 2/760]
كلا لستم بالّذين تأتون بما نفعوكم وأجابوكم به إذ كنتم تدعونهم، أي: لم ينفعوكم ولم يجيبوكم ولا ينفعونكم ولا أنفسهم، ثمّ استأنف الكلام فقال: {بل هو اللّه} [سبأ: 27] الّذي لا شريك له ولا ينفع إلا هو.
{العزيز} الّذي ذلّت له الخلائق.
{الحكيم} الّذي أحكم كلّ شيءٍ في تفسير الحسن.
وتفسير قتادة {الحكيم} في أمره , وهو واحدٌ). [تفسير القرآن العظيم: 2/761]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
(وقال عز وجل: {ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ} أي: يقضي، {وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} : أي خير القضاة.
وقال أعرابي لآخر ينازعه: بيني وبينكم الفتاح، يعني الحاكم.
وقال ابن عباس في قول الله تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} (كنت أقرؤها ولا أدري ما هي، حتى تزوجت بنت مشرح فقالت: فتح الله بيني وبينك، أي حكم الله بيني وبينك)). [تأويل مشكل القرآن: 492-493] (م)

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله - جلّ وعزّ -:{قل أروني الّذين ألحقتم به شركاء كلّا بل هو اللّه العزيز الحكيم (27)}
المعنى ألحقتموهم به، ولكنه حذف لأنه في صلة الذين.

وقوله:{كلّا بل هو اللّه العزيز الحكيم}: معنى (كلّا) ردع وتنبيه، المعنى: ارتدعوا عن هذا القول , وتنبّهوا عن ضلالتكم، بل هو اللّه الواحد الذي ليس كمثله شيء.). [معاني القرآن: 4/254]

تفسير قوله تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (28)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وما أرسلناك إلا كافّةً للنّاس} [سبأ: 28] إلى جماعة الخلق، الجنّ والإنس {بشيرًا} [سبأ: 28] بالجنّة.
{ونذيرًا} من النّار.
{ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون} أنّهم مبعوثون ومجازون). [تفسير القرآن العظيم: 2/761]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({وما أرسلناك إلاّ كافّة للنّاس}: أي: إلا عاماً.).
[مجاز القرآن: 2/149]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({إلّا كافّةً للنّاس}: أي : عامة.). [تفسير غريب القرآن: 357]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله - عزّ وجلّ -: {وما أرسلناك إلّا كافّة للنّاس بشيرا ونذيرا ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون (28)}
معنى كافة الإحاطة في اللغة، والمعنى أرسلناك جامعا للناس في الإنذار والإبلاغ، فأرسل اللّه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى العرب والعجم، وقال: ((أنا سابق العرب إلى الإسلام، وصهيب سابق الروم وبلال سابق الحبشة وسلمان سابق الفرس))، أي الرسالة عامة، والسابقون من العجم هؤلاء). [معاني القرآن: 4/254]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وما أرسلناك إلا كافة للناس}
قال مجاهد: (أي إلى الناس جميعا).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أرسلت إلى كل أحمر وأسود))). [معاني القرآن: 5/418]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {إلا كافة}: أي: جماعة الخلق من الثقلين من الجن والإنس من قوله: {يا معشر الجن والإنس}.). [ياقوتة الصراط: 415]


تفسير قوله تعالى:{وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (29)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ويقولون}، يعني: المشركين.
{متى هذا الوعد إن كنتم صادقين} [سبأ: 29] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/761]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({متى هذا الوعد }: والوعيد , والميعاد واحد.).
[مجاز القرآن: 2/149]

تفسير قوله تعالى:{قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ (30)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {قل لكم ميعاد يومٍ لا تستأخرون عنه ساعةً ولا تستقدمون} [سبأ: 30].
كانوا يسألون النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم متى هذا العذاب الّذي تعذّبنا به؟ وذلك منهم استهزاءٌ وتكذيبٌ، فهذا جوابٌ لقولهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/761]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {قل لّكم مّيعاد يومٍ...}
ولو قرئت: ميعادٌ يوم, ولو كانت في الكتاب (يوماً) بالألف لجاز، تريد: ميعاد في يوم.). [معاني القرآن: 2/362]


تفسير قوله تعالى:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآَنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وقال الّذين كفروا لن نؤمن} [سبأ: 31] لن نصدّق.
{بهذا القرءان ولا بالّذي بين يديه} [سبأ: 31] يعنون التّوراة والإنجيل.
إنّ اللّه أمر المؤمنين أن يصدّقوا بالقرآن والتّوراة وبالإنجيل أنّها من عند اللّه، ولا يعمل بما فيها إلا ما وافق القرآن.
قال يحيى: وبلغنا أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان إذا نزل في القرآن شيءٌ ممّا ذكر في التّوراة والإنجيل عمل به، فإذا نزل في القرآن ما
[تفسير القرآن العظيم: 2/761]
ينسخه تركه، وقد نزل في القرآن شيءٌ ممّا في التّوراة والإنجيل ولم ينسخ في القرآن , مثل قوله: {وكتبنا عليهم فيها أنّ النّفس بالنّفس} [المائدة: 45] إلى آخر الآية، فنحن نعمل بها لأنّها لم تنسخ، فجحد مشركو العرب القرآن والتّوراة والإنجيل في قوله: {وقال الّذين كفروا لن نؤمن بهذا القرءان ولا بالّذي بين يديه} [سبأ: 31].
وقال الحسن: قد كان كتاب موسى حجّةً على مشركي العرب، قال: {قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا} [القصص: 48] موسى ومحمّدٌ عليهما السّلام، وقال سعيد بن جبيرٍ: موسى وهارون: {وقالوا إنّا بكلٍّ كافرون} [القصص: 48] قال اللّه: {قل فأتوا بكتابٍ من عند اللّه هو أهدى منهما أتّبعه إن كنتم صادقين} [القصص: 49].
قال: {ولو ترى إذ الظّالمون} [سبأ: 31] المشركون.
{موقوفون عند ربّهم} [سبأ: 31] يوم القيامة.
{يرجع بعضهم إلى بعضٍ القول يقول الّذين استضعفوا} [سبأ: 31] وهم السّفلة.
{للّذين استكبروا} [سبأ: 31] وهم الرّؤساء والقادة في الشّرك.
وقال السّدّيّ: {يقول الّذين استضعفوا} [سبأ: 31]، يعني: الأتباع من الكفّار، {للّذين استكبروا} [سبأ: 31]، يعني: الكبراء والقادة في الكفر.
{لولا أنتم لكنّا مؤمنين {31}). [تفسير القرآن العظيم: 2/762]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {لن نّؤمن بهذا القرآن ولا بالّذي بين يديه...}: التوراة: لمّا قال أهل الكتاب: صفة محمّد في كتابنا : كفر أهل مكة بالقرآن , وبالذي بين يديه: الذي قبله التوراة.).
[معاني القرآن: 2/362]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وقال الّذين كفروا لن نّؤمن بهذا القرآن ولا بالّذي بين يديه ولو ترى إذ الظّالمون موقوفون عند ربّهم يرجع بعضهم إلى بعضٍ القول يقول الّذين استضعفوا للّذين استكبروا لولا أنتم لكنّا مؤمنين}
وقال: {يرجع بعضهم إلى بعضٍ القول} : لأنك تقول: {قد رجعت إليه القول}.). [معاني القرآن: 3/34]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{وقال الّذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالّذي بين يديه ولو ترى إذ الظّالمون موقوفون عند ربّهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الّذين استضعفوا للّذين استكبروا لولا أنتم لكنّا مؤمنين (31)}
يعنون : لا نؤمن بما أتى به محمد - صلى الله عليه وسلم - ولا بالكتب المتقدّمة.). [معاني القرآن: 4/254]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه}
قال أبو إسحاق : يعني : الكتب المتقدمة , وهم كفار العرب.). [معاني القرآن: 5/418]


تفسير قوله تعالى: (قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ (32) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قال الّذين استكبروا} [سبأ: 32]، يعني: الكبراء والقادة في الكفر.
{للّذين استضعفوا}، يعني: الأتباع.
{أنحن صددناكم} [سبأ: 32] على الاستفهام.
{عن الهدى} [سبأ: 32]، يعني: عن الإيمان، وهو تفسير السّدّيّ.
{بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين} [سبأ: 32] مشركين). [تفسير القرآن العظيم: 2/762]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (33) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {وقال الّذين استضعفوا للّذين استكبروا} [سبأ: 33] أبو حفصٍ، عن عمرٍو، عن الحسن: قال الّذين استضعفوا: بنو آدم، للّذين استكبروا: الشّياطين.
{وقال الّذين استضعفوا للّذين استكبروا بل مكر اللّيل والنّهار} [سبأ: 33]، أي: بل مكركم باللّيل والنّهار، أي: كذبكم وكفركم.
{إذ تأمروننا أن نكفر باللّه} [سبأ: 33] في تفسير الحسن.
وتفسير الكلبيّ: {بل مكر اللّيل والنّهار} [سبأ: 33] بل قولكم لنا باللّيل والنّهار.
{إذ تأمروننا أن نكفر باللّه ونجعل له أندادًا} [سبأ: 33]، يعني: أوثانهم عدلوها باللّه فعبدوها دونه.
قال: {وأسرّوا النّدامة} [سبأ: 33] في أنفسهم يوم القيامة.
{لمّا رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الّذين كفروا هل يجزون إلا} [سبأ: 33] على الاستفهام.
{ما كانوا يعملون}، أي: أنّهم لا يجزون إلا ما كانوا يعملون). [تفسير القرآن العظيم: 2/763]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {بل مكر اللّيل والنّهار...}
المكر ليس لليل , ولا للنهار، إنما المعنى: بل مكركم بالليل والنهار, وقد يجوز أن نضيف الفعل إلى الليل والنهار، ويكونا كالفاعلين، لأن العرب تقول: نهارك صائم، وليلك نائم، ثم تضيف الفعل إلى الليل والنهار، وهو في المعنى للآدميّين، كما تقول: نام ليلك، وعزم الأمر، إنما عزمه القوم, فهذا مما يعرف معناه , فتتّسع به العرب.). [معاني القرآن: 2/363]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ونجعل له أنداداً }: أي: أضداد، واحده ند وضد , قال حسان بن ثابت:
أتهجوه ولست له بندّ= فشرّكما لخيركما الفداء.
{ هل يجزون إلا ما كانوا يعملون}: مجازها هاهنا مجاز الإيجاب وليس باستفهام، مجازه: ما يجزون إلا ما كانوا يعلمون.). [مجاز القرآن: 2/149]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وقال الّذين استضعفوا للّذين استكبروا بل مكر اللّيل والنّهار إذ تأمروننا أن نّكفر باللّه ونجعل له أنداداً وأسرّوا النّدامة لمّا رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الّذين كفروا هل يجزون إلاّ ما كانوا يعملون}
وقال: {بل مكر اللّيل والنّهار} : أي: هذا مكر اللّيل والنهار, والليل والنهار لا يمكران بأحد , ولكن يمكر فيهما , كقوله: {مّن قريتك الّتي أخرجتك} : وهذا من سعة العربية.). [معاني القرآن: 3/34]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {بل مكر اللّيل والنّهار} أي : مكركم في الليل والنهار.
{وأسرّوا النّدامة} : أي: أظهروها يقال: أسررت الشيء: أخفيته، وأظهرته, وهو من الأضداد.). [تفسير غريب القرآن: 357]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقوله: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} أي مكركم في الليل والنهار). [تأويل مشكل القرآن: 210]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله:{وقال الّذين استضعفوا للّذين استكبروا بل مكر اللّيل والنّهار إذ تأمروننا أن نكفر باللّه ونجعل له أندادا وأسرّوا النّدامة لمّا رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الّذين كفروا هل يجزون إلّا ما كانوا يعملون (33)}


{بل مكر اللّيل والنّهار}: معناه : بل مكركم في الليل والنهار.

{ونجعل له أندادا}: أشباها.
{وأسرّوا النّدامة لمّا رأوا العذاب}: أسروها بينهم, أقبل بعضهم يلوم بعضا، ويعرّف بعضهم بعضا الندامة.). [معاني القرآن: 4/255]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {بل مكر الليل والنهار}
روى معمر , عن قتادة: (أي : بل مكركم بالليل والنهار) .
وقرأ سعيد بن جبير : {بل مكر الليل والنهار }: (من الكرور) .
وقرأ راشد : وهو الذي كان ينظر في المصاحف وقت الحجاج : {بل مكر الليل والنهار }
والمعنى : وقت مكر الليل , والنهار.). [معاني القرآن: 5/419]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ}: أي: أظهروها , وهو من الأضداد.).[تفسير المشكل من غريب القرآن: 197]


تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (34)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وما أرسلنا في قريةٍ من نذيرٍ} [سبأ: 34] من نبيٍّ ينذرهم عذاب الدّنيا وعذاب الآخرة.
{إلا قال مترفوها} [سبأ: 34] جبابرتها في تفسير قتادة، والمترفون أهل السّعة والنّعمة.
{إنّا بما أرسلتم به كافرون} [سبأ: 34] فاتّبعهم على ذلك السّفلة، فجحدوا كلّهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/763]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({ إلاّ قال مترفوها }: كفارها المتكبرون.)..
[مجاز القرآن: 2/149]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {المترفون}: المتكبرون.) [تفسير غريب القرآن: 357]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وما أرسلنا في قرية من نذير إلّا قال مترفوها إنّا بما أرسلتم به كافرون (34)}
مترفوها : أولو التّرفة , وهم رؤساؤها , وقادة الشرّ , ويتبعهم السّفلة.). [معاني القرآن: 4/255]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون}
أي: رؤساؤها , ومتكبروها , وقادتتها.). [معاني القرآن: 5/419]


تفسير قوله تعالى: (وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (35) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادًا} [سبأ: 35] قالوا ذلك للأنبياء والمؤمنين يعيّرونهم بالفقر وبقلّة المال.
{وما نحن بمعذّبين} [سبأ: 35] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/763]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (36)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {قل إنّ ربّي يبسط الرّزق لمن يشاء ويقدر} [سبأ: 36]، أي: ويقتّر عليه
[تفسير القرآن العظيم: 2/763]
الرّزق، فأمّا المؤمن فذلك نظرٌ من اللّه له.
قال: {ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون} [سبأ: 36]، يعني: جماعة المشركين لا يعلمون). [تفسير القرآن العظيم: 2/764]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({قل إنّ ربّي يبسط الرّزق لمن يشاء ويقدر }:يبسط: يوسع ويكثر , " ويقدر " من قول الله: " قدر عليه رزقه ".).
[مجاز القرآن: 2/149]

تفسير قوله تعالى:{وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الغُرُفَاتِ آَمِنُونَ (37)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وما أموالكم ولا أولادكم} [سبأ: 37] يقوله للمشركين.
{بالّتي تقرّبكم عندنا زلفى} [سبأ: 37] والزّلفى القرابة.
لقولهم للأنبياء والمؤمنين: نحن أكثر أموالا وأولادًا منكم.
- يحيى، عن بعض أصحابه، عن الحسن، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ اللّه لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قولكم وإلى أعمالكم».
قال: {إلا} استثنى.
{من آمن}، أي: ليس القربة عندنا إلا لمن آمن.
{وعمل صالحًا} فإنّ ذلك يقرّب إلى اللّه، وهو تفسير السّدّيّ.
قال: {فأولئك لهم جزاء الضّعف} [سبأ: 37] عاصم بن حكيمٍ أنّ مجاهدًا قال: تضعيف الحسنات، كقوله: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} [الأنعام: 160] ثمّ نزل بعد ذلك بالمدينة {مثل الّذين ينفقون أموالهم في سبيل اللّه كمثل حبّةٍ أنبتت سبع سنابل في كلّ سنبلةٍ مائة حبّةٍ واللّه يضاعف لمن يشاء} [البقرة: 261] ثمّ صارت بعد في الأعمال الصّالحة كلّها، الواحد سبع مائةٍ.
- وحدّثني أبو أميّة، عن الحسن، أو حمّاد بن سلمة، عن يونس بن عبيدٍ، عن
[تفسير القرآن العظيم: 2/764]
الحسن أو كلاهما، عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: لأن أعلم أنّه تقبّلت منّي تسبيحةٌ واحدةٌ أحبّ إليّ من الدّنيا وما فيها.
- عثمان بن أبي إسحاق الهمدانيّ، عن مخارق بن أحمد قال: دخلت على أبي ذرٍّ فرأيته يصلّي، يكثر الرّكوع والسّجود، فقلت له في ذلك فقال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «من ركع ركعةً أو سجد سجدةً دخل الجنّة وكتب اللّه له بها حسنةً».
- أبو أميّة، عن يحيى بن سعيدٍ، عن أبي الزّبير، عن معاذ بن جبلٍ قال: إنّ الرّجل إذا أماط الأذى عن الطّريق كتب اللّه له حسنةً، ومن كتب له حسنةً دخل الجنّة.
قال يحيى: وبلغني عن سعيد بن جبيرٍ، قال: من كتب اللّه له حسنةً دخل الجنّة.
{وهم في الغرفات} [سبأ: 37]، يعني: غرف الجنّة.
{آمنون} من النّار، ومن الموت، ومن الخروج منها، ومن الأحزان ومن الأسقام). [تفسير القرآن العظيم: 2/765]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {زلفى إلاّ من آمن...}
(من) في موضع نصب بالاستثناء, وإن شئت أوقعت عليها التقريب، أي: لا تقرّب الأموال إلاّ من كان مطيعاً, وإن شئت جعلته رفعاً، أي: ما هو إلا من آمن.
ومث:{لا ينفع مالٌ ولا بنون إلاّ من أتى الله بقلبٍ سليمٍ}, وإن شئت جعلت (من) في موضع نصبٍ بالاستثناء, وإن شئت نصباً بوقوع ينفع, وإن شئت رفعاً فقلت: ما هو إلا من أتى الله بقلبٍ سليمٍ.
وقوله: {وما أموالكم ولا أولادكم بالّتي} : إن شئت جعلت (الّتي) جامعة للأموال والأولاد؛ لأن الأولاد يقع فيها (الّتي) , فلما أن كانا جمعاً صلح للّتي أن تقع عليهما, ولو قال: (باللتين) كان وجهاً صواباً, ولو قال: باللّذين كما تقول: أمّا العسكر والإبل فقد أقبلا.
وقد قالت العرب: مرّت بنا غنمان سودان، فقال: غنمان: ولو قال: غنم لجاز, فهذا شاهد لمن قال (بالتي), ولو وجّهت (التي) إلى الأموال, واكتفيت بها من ذكر الأولاد صلح ذلك، كما قال مرّار الأسدي:
نحن بما عندنا وأنت بما = عندك راضٍ والرأي مختلف
وقال الآخر:
إني ضمنت لمن أتاني ما جنى = وأبي وكان وكنت غير غدور
ولم يقل: غير غدورين, ولو قال: وما أموالكم ولا أولادكم بالذين يذهب بها إلى التذكير للأولاد لجاز.
وقوله: {لهم جزاء الضّعف}: لو نصبت بالتنوين الذي في الجزاء كان صواباً, ولو قيل: {لهم جزاء الضّعف} , ولو قلت: جزاءٌ الضّعف كما قال: {بزينةٍ الكواكب} , {وهم في الغرفات}, و{الغرفة}.). [معاني القرآن: 2/363-364]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ وما أموالكم ولا أولادكم بالّتي تقرّبكم عندنا زلفى }: مجاز " زلفى " بما يقع على الجميع , وعلى الواحد سواء, وزلفى: قربى ومجازه مجاز المشركين يخبر عن أحدهما بلفظ الواحد منهما , ويكف عن الآخر , وقد دخل معه في المعنى , فمجازها: وما أموالكم بالتي تقربكم إلينا زلفى , ولا أولادكم أيضاً , فالخبر بلفظ أحدهما , وقد دخل معه في المعنى : ولو جمع خبرهما , لكان مجازه: وما أموالكم
ولا أولادكم بالذين يقربونكم عندنا زلفى ؛ لأن العرب إذا أشركوا بين الآدميين, والموات غلب تقدم فعل الآدميين على فعل الموات.). [مجاز القرآن: 2/150]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وما أموالكم ولا أولادكم بالّتي تقرّبكم عندنا زلفى إلاّ من آمن وعمل صالحاً فأولئك لهم جزاء الضّعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون}
وقال: {تقرّبكم عندنا زلفى}, و "زلفى" ههنا اسم المصدر , كأنه أراد: بالتي تقرّبكم عندنا إزلافا.). [معاني القرآن: 3/34]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({زلفى}: منزلة). [غريب القرآن وتفسيره: 308]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {تقرّبكم عندنا زلفى} أي : قربي , ومنزلة عندنا.


{فأولئك لهم جزاء الضّعف بما عملوا}: لم يرد فيما يرى أهل النظر - واللّه اعلم - أنهم يجازون على الواحد بواحد مثله، ولا اثنين, وكيف يكون هذا، واللّه يقول : {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها}, وخيرٌ منها؟!.

ولكنه أراد لهم جزاء التضعيف. وجزاء التضعيف إنما هو مثل يضم إلى مثل، إلى ما بلغ. وكأن «الضعف»: الزيادة، أي لهم جزاء الزيادة.
ويجوز أن يجعل «الضعف» في معنى الجمع، أي لهم جزاء الأضعاف, ونحوه: {عذاباً ضعفاً في النّار}: أي: مضعف.). [تفسير غريب القرآن: 357-358]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ :{وما أموالكم ولا أولادكم بالّتي تقرّبكم عندنا زلفى إلّا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضّعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون (37)}
ولم يقل باللتين , ولا باللذين , ولا باللاتي، وكل ذلك جائز، ولكن الذي في المصحف : التي، والمعنى : وما أموالكم بالتي تقربكم , ولا أولادكم بالذين يقربونكم , ولكنه حذف اختصارا وإيجازا, وقد شرحنا مثل هذا.
وقوله{إلا من آمن وعمل صالحا}: موضع " من " نصب بالاستثناء على البدل من الكاف والميم.
على معنى : ما يقرب إلا من آمن وعمل صالحا، أي: ما تقرب الأموال إلا من آمن , وعمل بها في طاعة اللّه.
{فأولئك لهم جزاء الضّعف بما عملوا}:الضعف ههنا يحتاج إلى تفسير , ولا أعلم أحدا فسّره تفسيرا بيّنا.
وجزاء الضعف ههنا عشر حسنات، تأويله: فأولئك لهم جزاء الضعف الذي أعلمناكم مقداره، وهو قوله: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها}
فيه أوجه في العربية، فالذي قرئ به خفض الضعف بإضافة الجزاء إليه، ويجوز :{فأولئك لهم جزاء الضّعف}: على معنى : فأولئك لهم الضعف جزاء، المعنى: في حال المجازاة، ويجوز فأولئك لهم جزاء الضعف على نصب الضعف, المعننى: فأولئك لهم أن نجازيهم الضعف.
ويجوز رفع الضعف من جهتين:
على معنى : فأولئك لهم الضعف على أن الضعف بدل من الجزاء، فيكون مرفوعا على إضمار هو، فأولئك لهم جزاء، كأنّه قال ما هو فقال: الضعف.
ويجوز النصب في الضعف على مفعول ما لم يسم فاعله على معنى : فأولئك لهم أن يجازوا الضعف.
والقراءة من هذه الأوجه كلها خفض الضعف , ورفع جزاء.). [معاني القرآن: 4/255-256]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى}
المعنى : وما أموالكم بالتي تقربكم , ولا أولادكم بالذين يقربونكم , ثم حذف وقوله جل وعز: {فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا}
أي : جزاء الضعف الذي أعلمناكموه , وهو قوله تعالى: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} .). [معاني القرآن: 5/420]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {زلفى}:أي: قربى.). [ياقوتة الصراط: 415]


تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (38) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {والّذين يسعون} [سبأ: 38] يعلمون.
{في آياتنا معاجزين} [سبأ: 38] تفسير الكلبيّ: {معاجزين} [سبأ: 38] يبطّئون النّاس عن آياتنا، أي: عن الإيمان بها ويجحدون بها.
وتفسير الحسن: يظنّون أنّهم يسبقونا حتّى لا نقدر عليهم فنعذّبهم، قال: {أولئك في العذاب محضرون} [سبأ: 38] مدخلون في تفسير الكلبيّ.
وتفسير قتادة: محضرون في العذاب، وهو واحدٌ). [تفسير القرآن العظيم: 2/765]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (39)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {قل إنّ ربّي يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده ويقدر له} [سبأ: 39] وهي مثل الأولى.
قال: {وما أنفقتم من شيءٍ} [سبأ: 39]، أي: في طاعة اللّه وهو تفسير السّدّيّ.
{فهو يخلفه وهو خير الرّازقين} [سبأ: 39] ليس، يعني: أنّه إذا أنفق شيئًا أخلف له مثله ولكن يقول الخلف كلّه من اللّه أكثر ممّا أنفق أو أقلّ، ليس يخلف النّفقة ويرزق العباد إلا اللّه.
وقال السّدّيّ: {فهو يخلفه} [سبأ: 39]، يعني: في الآخرة، أي: أن يخلفوا خيرًا في الآخرة ويعوّضكم من الجنّة.
سفيان الثّوريّ، عن الحسن، قال يحيى: أراه ابن سعدٍ عن مجاهدٍ، قال: إذا كان في يدي أحدكم ما يقيمه، فليقتصد ولا يتأوّل هذه الآية: {وما أنفقتم من شيءٍ فهو يخلفه} [سبأ: 39] قال يحيى: وبلغني عن مجاهدٍ، قال: لا ينفق أحدكم كلّ ما في يديه، يتأوّل هذه الآية: {وما أنفقتم من شيءٍ فهو يخلفه} [سبأ: 39].
سفيان، عن عمرو بن قيسٍ الملائيّ، عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ قال: {وما أنفقتم من شيءٍ فهو يخلفه} [سبأ: 39] في غير سرفٍ ولا تقتيرٍ.
- وحدّثني إبراهيم بن محمّدٍ، عن خارجة بن عبد الملك بن كعب بن مالكٍ، عن أبيه، عن جدّه، أنّه لمّا تيب عليه جاء بماله كلّه إلى النّبيّ صدقةً فقال له رسول
[تفسير القرآن العظيم: 2/766]
اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أمسك عليك الشّطر فهو خيرٌ لك»). [تفسير القرآن العظيم: 2/767]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ)
: (وقوله جل وعز: {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه}
روى المنهال , عن سعيد بن جبير قال : في غير سرف , ولا تقتير , أي: فالله جل وعز يخلفه بالثواب.).[معاني القرآن: 5/420-421]


تفسير قوله تعالى:{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (40)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ويوم يحشرهم جميعًا} [سبأ: 40]، يعني: المشركين وما عبدوا.
{ثمّ يقول للملائكة أهؤلاء إيّاكم كانوا يعبدون} [سبأ: 40] يجمع اللّه يوم القيامة بين الملائكة ومن عبدها فيقول للملائكة: {أهؤلاء إيّاكم كانوا يعبدون} [سبأ: 40] على الاستفهام وهو أعلم بذلك منهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/767]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (وقال السّدّيّ: {أهؤلاء إيّاكم كانوا يعبدون} [سبأ: 40]، يعني: يطيعون في الشّرك). [تفسير القرآن العظيم: 2/767]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({ويوم يحشرهم جميعاً ثمّ يقول للملائكة أهؤلاء إيّاكم كانوا يعبدون }: مجاز الألف ها هنا مجاز الإيجاب , والإخبار , والتقرير , وليست بألف الاستفهام بل هي تقرير للذين عبدوا الملائكة , وأبسٌ لهم , قال جرير:
ألستم خير من ركب المطايا= وأندى العالمين بطون راح.). [مجاز القرآن: 2/150]


تفسير قوله تعالى: {قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ (41) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قالت الملائكة: سبحانك ينزّهون اللّه عمّا قال المشركون.
{أنت وليّنا من دونهم} [سبأ: 41]، أي: أنّا لم نكن نواليهم على عبادتهم إيّانا.
{بل كانوا يعبدون الجنّ} [سبأ: 41] عاصم بن حكيمٍ أنّ مجاهدًا قال: الشّياطين.
قال يحيى: أي: الشّياطين من الجنّ هي الّتي دعتهم إلى عبادتنا ولم ندعهم إلى عبادتنا، فهم بطاعتهم الشّياطين عابدون لهم كقوله: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشّيطان} [يس: 60] وكقوله: {إن يدعون من دونه إلا إناثًا وإن يدعون إلا شيطانًا مريدًا} [النساء: 117] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/767]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {قالوا سبحانك أنت وليّنا من دونهم بل كانوا يعبدون الجنّ} [سبأ: 41]، يعني: يطيعون الشّياطين في عبادتهم إيّانا.
قال: {أكثرهم}، يعني: المشركين.
{بهم} بالشّياطين.
{مؤمنون} مصدّقون بما وسوس إليهم من عبادة من عبدوا فعبدوهم.
وقوله عزّ وجلّ: {أكثرهم} جماعتهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/767]

تفسير قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (42) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {فاليوم}، يعني: يوم القيامة.
{لا يملك بعضكم لبعضٍ نفعًا ولا ضرًّا} [سبأ: 42] الشّياطين والكفّار.
{ونقول للّذين ظلموا} [سبأ: 42] أشركوا.
{ذوقوا عذاب النّار الّتي كنتم بها تكذّبون} [سبأ: 42] وهم جميعًا قرناء في النّار: الشّياطين ومن أضلّوا، يلعن بعضهم بعضًا، ويبرأ بعضهم من البعض). [تفسير القرآن العظيم: 2/768]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (43) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وإذا تتلى عليهم آياتنا بيّناتٍ} [سبأ: 43] القرآن.
{قالوا ما هذا} [سبأ: 43] يعنون محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم.
{إلا رجلٌ يريد أن يصدّكم عمّا كان يعبد آباؤكم وقالوا ما هذا} [سبأ: 43]، أي: القرآن.
{إلا إفكٌ} [سبأ: 43] كذبٌ.
{مفترًى} [سبأ: 43] افتراه محمّدٌ.
قال اللّه: {وقال الّذين كفروا للحقّ} [سبأ: 43] للقرآن.
{لمّا جاءهم إن هذا إلا سحرٌ مبينٌ} [سبأ: 43] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/768]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا آَتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (44)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وما آتيناهم من كتبٍ يدرسونها} [سبأ: 44] يقرءونها بما هم عليه من الشّرك.
{وما أرسلنا إليهم قبلك من نذيرٍ} [سبأ: 44] كقوله: {لتنذر قومًا ما أتاهم من نذيرٍ من قبلك} [القصص: 46] من أنفسهم، يعني: قريشًا.
قال الحسن: وكان موسى عليهم حجّةً). [تفسير القرآن العظيم: 2/768]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وما آتيناهم مّن كتبٍ يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك مّن نّذيرٍ...}

أي : من أين كذّبوا بك , ولم يأتهم كتاب , ولا نذيرٌ بهذا.). [معاني القرآن: 2/364]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جلّ وعزّ: {وما آتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير (44)}
يعنى به : مشركو العرب بمكة لم يكونوا أصحاب كتب , ولا بعث بنبي قبل محمد صلى الله عليه وسلم .). [معاني القرآن: 4/256]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير}
أي: لم يكونوا أهل كتاب , ولم يبعث إليهم نبي قبل محمد صلى الله عليه وسلم.). [معاني القرآن: 5/421]


تفسير قوله تعالى: {وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آَتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (45)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وكذّب الّذين من قبلهم} [سبأ: 45] من قبل قومك يا محمّد، يعني: من أهلك من الأمم السّالفة.
قال: {وما بلغوا} [سبأ: 45]، أي: وما بلغ هؤلاء.
{معشار} [سبأ: 45]، أي: عشر.
{ما آتيناهم} [سبأ: 45] من الدّنيا، يعني: الأمم السّالفة، وقال في آيةٍ أخرى: {كالّذين من قبلكم كانوا أشدّ منكم قوّةً وأكثر أموالا وأولادًا} [التوبة: 69].
[تفسير القرآن العظيم: 2/768]
الحسن بن دينارٍ، عن الحسن، قال: {وما بلغوا معشار ما آتيناهم} [سبأ: 45] قال: ما عملوا بعشر ما أمروا به.
قال: {فكذّبوا رسلي} [سبأ: 45] فأهلكتهم.
{فكيف كان نكير} [سبأ: 45]، أي: عقابي، على الاستفهام، أي: كان شديدًا، يحذّرهم أن ينزل بهم مثل ما نزل بهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/769]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وكذّب الّذين من قبلهم...}
وما بلغ أهل مكّة معشار الذين أهلكنا من القوّة في الأجسام , والأموال, ويقال: ما بلغوا معشار ما آتيناهم في العدّة, والمعشار في الوجهين العشر.). [معاني القرآن: 2/364]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وما بلغوا معشار ما آتيناهم }:أي : عشر ما أعطيناهم, { فكيف كان نكير}: أي : تغييري , وعقوبتي.). [مجاز القرآن: 2/150]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({وكذّب الّذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم فكذّبوا رسلي فكيف كان نكير}
وقال: {معشار ما آتيناهم}: أي: عشره, ولا يقولون: هذا في سوى العشر.).[معاني القرآن: 3/34]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({معشار ما آتيناهم}: عشره). [غريب القرآن وتفسيره: 308]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({وما بلغوا معشار ما آتيناهم} : أي: عشره.


{فكيف كان نكير}: أي: إنكاري, وكذلك: {فستعلمون كيف نذير}: أي: إنذاري , وجمعه: نكر ونذر.). [تفسير غريب القرآن: 358]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وكذّب الّذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم فكذّبوا رسلي فكيف كان نكير (45)}
أي : عشر الذي آتينا من قبلهم من القوة , والقدرة.
{فكذّبوا رسلي فكيف كان نكير}: حذفت الياء، المعنى : فكيف كان نكيري، لأنه آخر آية.). [معاني القرآن: 4/256]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم}
قال قتادة : (أي : كذب الذين قبل هؤلاء , وما بلغ هؤلاء معشار ما أوتي أولئك , كانوا أجلد وأقوى , وقد أهلكوا) .
قال أبو جعفر : معشار : بمعنى عشر , ونظير هذه الآية قوله تعالى: {ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه} ). [معاني القرآن: 5/421-422]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {معشار}: أي: عشرا واحدا.). [ياقوتة الصراط: 415]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مِعْشَار}: عشر.). [العمدة في غريب القرآن: 247]


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 13 ذو القعدة 1431هـ/20-10-2010م, 10:06 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 46 إلى آخر السورة]

{قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (46) قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (47) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (48) قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ (49) قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (50) وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (51) وَقَالُوا آَمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (52) وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (53) وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ (54)}

تفسير قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شدِيدٍ (46)}َ
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {قل إنّما أعظكم بواحدةٍ} [سبأ: 46] بلا إله إلا اللّه، يقوله للمشركين.
سعيدٌ، عن قتادة، قال: {أن تقوموا للّه مثنى وفرادى ثمّ تتفكّروا ما بصاحبكم من جنّةٍ} [سبأ: 46] قال: أن تقوموا للّه واحدًا واحدًا، واثنين اثنين، ثمّ تتفكّروا، ما بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم من جنونٍ.
{إن هو إلا نذيرٌ لكم} [سبأ: 46] من العذاب.
وقال ابن مجاهدٍ، عن أبيه: {مثنى وفرادى} [سبأ: 46] واحدٌ واثنان.
قال: {بين يدي عذابٍ شديدٍ} [سبأ: 46] جهنّم أرسل اللّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم نذيرًا {بين يدي عذابٍ شديدٍ} [سبأ: 46]، يعني: عذاب جهنّم.
- حدّثني أبو الأشهب، عن الحسن والمبارك، عن الحسن، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّما مثلي ومثل السّاعة كهاتين فما فضل إحداهما على الأخرى» وجمع بين أصبعين: الوسطى والسّبّابة). [تفسير القرآن العظيم: 2/769]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {قل إنّما أعظكم بواحدةٍ...}

أي: يكفيني منكم أن يقوم الرجل منكم وحده، أو هو , وغيره، ثم تتفكروا ك هل جرّبتم على محمدٍ كذباً , أو رأوا به جنوناً؛ ففي ذلك ما يتيقنون أنه بني.) [معاني القرآن: 2/364]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ مثنى وفرادى}: اثنين اثنين , وفرداً فرداً , ولا ينون في مثنى، زعم النحويون لأنه صرف عن وجهه.). [مجاز القرآن: 2/150]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({مثنى}: أي : اثنين اثنين، {وفرادى}:واحدا واحدا.
ويريد بـ «المثنى»: أن يتناظروا في أمر النبي صلّى اللّه عليه وسلّم، وبـ «فرادي»: أن يفكروا, فإن في ذلك، ما دلهم على أن النبي صلّى اللّه عليه وعلى آله وسلّم ليس بمجنون , ولا كذاب.). [تفسير غريب القرآن: 358]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقوله سبحانه: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ}.
تأويله أنّ المشركين قالوا: إن محمدا مجنون وساحر، وأشباه هذا من خرصهم، فقال الله جل وعز لنبيه صلّى الله عليه وسلم: قل لهم: اعتبروا أمري بواحدة، وهي أن تنصحوا لأنفسكم، ولا يميل بكم هوىّ عن حق، فتقوموا لله وفي ذاته، مقاما يخلو فيه الرجل منكم بصاحبه فيقول له: هلمّ فلنتصادق، هل رأينا بهذا الرجل جنّة قط أو جرينا عليه كذبا؟ فهذا موضع قيامهم مثنى.
ثم ينفرد كل واحد عن صاحبه فيفكّر وينظر ويعتبر. فهذا موضع قيامهم فرادى.
فإنّ في ذلك ما دلهم على أنه نذير.
وكل من تحير في أمر قد اشتبه عليه واستبهم، أخرجه من الحيرة فيه: أن يسأل ويناظر، ثم يفكّر ويعتبر). [تأويل مشكل القرآن: 312-313]


قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله عزّ وجلّ: {قل إنّما أعظكم بواحدة أن تقوموا للّه مثنى وفرادى ثمّ تتفكّروا ما بصاحبكم من جنّة إن هو إلّا نذير لكم بين يدي عذاب شديد (46)ِ} أي : أعظكم بأن توحدوا الله , وأن تقولوا لا إله إلا اللّه مخلصا , وقد قيل : واحدة في الطاعة، والطاعة تتضمّن التوحيد والإخلاص.


المعنى:

فأنا أعظكم بهذه الخصلة الواحدة أن تقوموا، أي: لأن تقوموا.
{أن تقوموا للّه مثنى وفرادى}:أي :أعظكم بطاعة اللّه لأن تقوموا للّه منفردين ومجتمعين.
{ثمّ تتفكّروا ما بصاحبكم من جنّة}:المعنى : ثم تتفكروا فتعلموا أن النبي صلى الله عليه وسلم ما هو بمجنون كما تقولون، والجنّة الجنون.
{إن هو إلّا نذير لكم بين يدي عذاب شديد}:أي : ينذركم أنكم إن عصيتم , لقيتم عذابا شديدا.). [معاني القرآن: 4/256-257]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى}
قال قتادة : (أي: واحدة أعظكم بها أن تقوموا لله, وهذا وعظهم) .
والمعنى على قول قتادة : إنما أعظكم بخصلة واحدة, ثم بينها فقال:{ أن تقوموا لله مثنى وفرادى }.
وقال مجاهد : {بواحدة}: (بطاعة الله جل وعز , وقيل : بتوحيده) .
والمعنى على هذا : لأن تقوموا لله مثنى وفرادى , ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة .
أي : يقوم أحدكم وحده , ويشاور غيره , فيقول : هل علمت أن هذا الرجل كذب قط , أو سحر , كهن , أو شعر,ثم تتفكروا بعد ذلك, فإنه يعلم أن ما جاء به من عند الله جل وعز .
ويقال:إن من تحير في أمر,ثم شاور فيه ثم فكر بعد ذلك تبين له الحق,واعتبر.). [معاني القرآن: 5/423]


تفسير قوله تعالى:{قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (47)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {قل ما سألتكم} [سبأ: 47] عليه، أي: على القرآن.
{من أجرٍ فهو لكم} [سبأ: 47] كقوله: {قل ما أسألكم عليه من أجرٍ وما أنا من المتكلّفين} [ص: 86] وأشباه ذلك.
وقال السّدّيّ: قل ما، يعني: الّذي سألتكم من أجرٍ فهو لكم.
{إن أجري} [سبأ: 47] إن جزائي، إن ثوابي.
{إلا على اللّه وهو على كلّ شيءٍ شهيدٌ} [سبأ: 47] شاهدٌ على كلّ شيءٍ، وشاهد كلّ شيءٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/770]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
(قال الله تعالى لنبيه عليه السلام: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}.

قال ابن عباس: (يريد لا أسألكم على ما أتيتكم به من الهدى أجرا إلا أن تودّوني في القرابة منكم. وكانت لرسول الله، صلّى الله عليه وسلم، ولادات كثيرة في بطون قريش). وقال الله عز وجل: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} .
قال ابن عباس: قالت قريش: يسألنا أن نودّه في القرابة وهو يشتم آلهتنا ويعيبها؟! فأنزل الله تعالى: {قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ}). [تأويل مشكل القرآن: 450] (م)

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلّا على اللّه وهو على كلّ شيء شهيد (47)}
معناه : ما سألتكم من أجر على الرسالة أؤدّيها إليكم، والقرآن الذي أتيتكم به من عند الله - فهو لكم - , وتأويله أني إنما أنذركم , وأبلّغكم الرسالة , ولست أجرّ إلى نفسي عرضا من أعراض الدنيا.
{إن أجري إلّا على اللّه}:أي: إنما أطلب ثواب الله بتأدية الرسالة، والياء في " أجري " مسكنة ومفتوحة والأجود الفتح ؛ لأنها اسم فيبنى على الفتح.). [معاني القرآن: 4/257]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قل ما سألتكم من أجر فهو لكم}
أي : ما سألتكم من أجر على تأدية الرسالة , ودعائكم إلى القبول , فهو لكم.). [معاني القرآن: 5/423-424]


تفسير قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (48)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {قل إنّ ربّي يقذف بالحقّ} [سبأ: 48] ينزّل الوحي.
{علّام الغيوب} [سبأ: 48] غيب السّماء والأرض، غيب السّماء ما ينزل منها من المطر وغيره، وغيب الأرض ما يخرج منها من النّبات وغيره). [تفسير القرآن العظيم: 2/770]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {علاّم الغيوب...}

رفعت (علاّم) : وهو الوجه؛ لأن النعت إذا جاء بعد الخبر رفعته العرب في إنّ، يقولون: إن أخاك قائم الظريف, ولو نصبوا كان وجهاً, ومثله : {إنّ ذلك لحقٌّ تخاصم أهل النّار} , لو قرئ نصباً كان صواباً، إلا أن القراءة الجيّدة الرّفع.). [معاني القرآن: 2/364]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({قل إنّ ربّي يقذف بالحقّ علاّم الغيوب}: أي : يأتي بالحق.
{ أنّى لهم }: أي: كيف لهم , وأين؟.). [مجاز القرآن: 2/150]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {يقذف بالحقّ}: أي: يلقيه إلى أنبيائه صلوات اللّه عليهم.). [تفسير غريب القرآن: 358]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ : {قل إنّ ربّي يقذف بالحقّ علّام الغيوب (48)}
بكسر الغين , ويجوز علام الغيوب بالنصب، فمن نصب , فعلام الغيوب صفة لربّي.
المعنى : قل إن ربي علام الغيوب يقذف بالحق , ومن رفع " علام الغيوب " فعلى وجهين:
أحدهما : أن يكون صفة على موضع أن ربي؛ لأن تأويله قل ربي علّام الغيوب يقذف بالحق، وإنّ مؤكدة.
ويجوز الرفع على البدل مما في تقذف، المعنى : قل إن ربي يقذف هو بالحق علام الغيوب، ومعنى :{يقذف بالحق } :أي : يأتي بالحق , ويرمي بالحق، كما قال جلّ وعزّ :{بل نقذف بالحقّ على الباطل فيدمغه} .). [معاني القرآن: 4/257-258]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب}
{يقذف بالحق }: أي : يأتي به .
قال قتادة : (الحق , أي: بالقرآن)). [معاني القرآن: 5/424]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَقْذِفُ بِالْحَقِّ}: أي: يلقيه إلى أنبيائه.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 197]


تفسير قوله تعالى: {قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ (49)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قل جاء الحقّ وما يبدئ الباطل وما يعيد} [سبأ: 49] سعيدٌ، عن قتادة، قال: الباطل إبليس قال: أي: وما يخلق إبليس أحدًا ولا يبعثه). [تفسير القرآن العظيم: 2/770]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ({وما يبدئ الباطل}: أي الشيطان، {وما يعيد}.).
[تفسير غريب القرآن: 358]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قل جاء الحقّ وما يبدئ الباطل وما يعيد (49)}
أي: قل جاء أمر اللّه الذي هو الحق، وما يبدئ الباطل.
" ما " في موضع نصب على معنى : وأيّ شيء يبدئ الباطل , وأيّ شيء يعيد.
والأجود أن يكون " ما " نفيا على معنى : ما يبدئ الباطل , وما يعيد.
والباطل ههنا: إبليس.
المعنى : وما يعيد إبليس , وما يفيد، أي: لا يخلق , ولا يبعث.
واللّه - عزّ وجلّ - الخالق , والباعث.
ويجوز أن يكون الباطل : صاحب الباطل , وهو إبليس.). [معاني القرآن: 4/258]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد}
أي : وأي شيء يبدئ الباطل , ويجوز أن تكون ما نافية .
قال قتادة : (الباطل : الشيطان, ما يخلق أحدا , ولا يبعثه)). [معاني القرآن: 5/424-425]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ}: أي: الشيطان، أي : ما يبدئ خلق أحد , ويعيده بعد موته، كما يفعل الله جل ذكره.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 197]


تفسير قوله تعالى: (قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (50) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {قل إن ضللت فإنّما أضلّ على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إليّ ربّي إنّه سميعٌ قريبٌ} [سبأ: 50]، أي: فأنتم الضّالّون وأنا على الهدى، وهو نحو قوله: {وإنّا أو إيّاكم لعلى هدًى أو في ضلالٍ مبينٍ} [سبأ: 24] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/770]


تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (51)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولو ترى إذ فزعوا} [سبأ: 51] تفسير عمرٍو، عن الحسن: {إذ فزعوا} [سبأ: 51]، يعني: النّفخة الأولى الّتي يهلك اللّه بها كفّار آخر هذه الأمّة.
{فلا فوت} [سبأ: 51] لا يفوت أحدٌ منهم دون أن يهلك بالعذاب.
[تفسير القرآن العظيم: 2/770]
{وأخذوا من مكانٍ قريبٍ} [سبأ: 51] النّفخة الآخرة.
قال الحسن: وأيّ شيءٍ أقرب من أن كانوا في بطن الأرض فإذا هم على ظهرها، وبعضهم يقول: {وأخذوا من مكانٍ قريبٍ} [سبأ: 51] من تحت أرجلهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/771]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ( {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت}: أي: عند البعث، {وأخذوا من مكانٍ قريبٍ}: أي : قريب على اللّه، يعني : القبور.).
[تفسير غريب القرآن: 358]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (51) وَقَالُوا آَمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (52) وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (53) وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ}.
كان الحسن- رضي الله عنه- يجعل الفزع يوم القيامة إذا بعثوا من القبور. يقول: ولو ترى يا محمد فزعهم حين لا فوت، أي لا مهرب ولا ملجأ يفوتون به ويلجأون إليه. وهذا نحو قوله: {فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ}، أي نادوا حين لا مهرب.

{وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ}، يعني القبور). [تأويل مشكل القرآن: 330]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله:{ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب (51)}: هذا في وقت بعثهم.



وقوله: {فلا فوت}: أي : فلا فوت لهم، لا يمكنهم أن يفوتوا.
{وأخذوا من مكان قريب}:في التفسير: من تحت أقدامهم.

ويجوز فلا فوت، ولا أعلم أحدا قرأ بها ؛فإن لم تثبت بها رواية فلا تقرأنّ بها، فإن القراءة سنّة.). [معاني القرآن: 4/258]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت}
قال الضحاك : (هذا في الدنيا)
قال سعيد بن جبير : (يخسف بهم بالبيداء , فلا يسلم منهم إلا رجل واحد , يخبر الناس بخبر أصحابه) .
قال قتادة : (هذا في الدنيا إذا رأوا بأس الله جل وعز).
وقال الحسن : (هذا إذا خرجوا من قبورهم) .
قال أبو جعفر : هذه الآية مشكلة , والمعنى على القول الأول .
إذا فزعوا في الدنيا حين نزل بهم الموت , أو غيره من بأس الله , كما قال جل وعز: {فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا}
والمعنى على قول الحسن : (إذا فزعوا حين خروجهم من قبورهم , فلا فوت يصلون إليه , ولا ملجأ , ولا مهرب).
كما قال قتادة : (ولات حين مناص).
وقوله جل وعز: {وأخذوا من مكان قريب}
أي : قريب على الله جل وعز , أي: لأنهم حيث كانوا فهم من الله قريب ,لا يبعدون عنه .
وقيل : ولو ترى الكفار إذ فزعوا يوم القيامة من مكان قريب
أي : من جهنم , فأخذوا , فقذفوا فيها.). [معاني القرآن: 5/425-427]


تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا آَمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (52)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وقالوا آمنّا به} [سبأ: 52] بالقرآن.
قال اللّه: {وأنّى لهم التّناوش} [سبأ: 52] وكيف لهم تناول التّوبة.
{من مكانٍ بعيدٍ {52}). [تفسير القرآن العظيم: 2/771]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وحيل بينهم وبين ما يشتهون} [سبأ: 54] وهذا تبعٌ للكلام الأوّل: {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكانٍ قريبٍ {51} وقالوا آمنّا به وأنّى لهم التّناوش من مكانٍ بعيدٍ {52}} [سبأ: 51-52] من الآخرة في الدّنيا، في تفسير مجاهدٍ.
وقال ابن مجاهدٍ، عن أبيه: التّناوش التّناول). [تفسير القرآن العظيم: 2/771] (م)
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (وحدّثني عثمان، عن عمرٍو، عن الحسن، قال: {وأنّى لهم التّناوش} [سبأ: 52]، أي: أنّى لهم الإيمان.
وحدّثني المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ، قال: {وأنّى لهم التّناوش من مكانٍ بعيدٍ} [سبأ: 52] وأنّى لهم الرّدّ على الدّنيا وليس بحين الرّدّ). [تفسير القرآن العظيم: 2/772]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وأنّى لهم التّناوش...}

قرأ الأعمش , وحمزة , والكسائيّ بالهمز : يجعلونه من الشيء البطيء من نأشت من النئيش، قال الشاعر:
= وجئت نئيشا بعد ما فاتك الخبر
وقال آخر:= وقد حدثت بعد الأمور أمور
وقد ترك همزها أهل الحجاز , وغيرهم، جعلوها من نشته نوشا , وهو التناول: وهما متقاربان، بمنزلة ذمت الشيء , وذأمته , أي : عبته, وقال الشاعر:
فهي تنوش الحوض نوشاً من علا = نوشاً به تقطع أجواز الفلا
وتناوش القوم في القتال : إذا تناول بعضهم بعضاً, ولم يتدانوا كل التداني, وقد يجوز همزها , وهي من نشت لانضمام الواو، يعني التناوش مثل قوله: {وإذا الرسل أقّتت} .). [معاني القرآن: 2/365]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" التّناوش " : يجعله من لم يهمزه " من نشت تنوش " , وهو التناول , قال غيلان:
= فهي تنوش الحوض نوشاً من علا
ومن همزة جعله من " نأشت إليه " , وهو من بعد المطلب , قال رؤبة:
أقمحني جار أبي الخاموش= إليك ناشي القدر النّؤوش). [مجاز القرآن: 2/150-151]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({أنى}: في معنى كيف.
{التناؤش}: من همز فهي من ناشئة أي أخذته من بعد وقالوا هو الطلب بعد الفوت. ومن لم يهمز فمأخوذ من نشئت أنوش نوشا أي تناولت). [غريب القرآن وتفسيره: 308]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وأنّى لهم التّناوش}: أي: تناول ما أرادوا بلوغه، وإدراك ما طلبوا من التوبة.


{من مكانٍ بعيدٍ}: من الموضع الذي تقبل فيه التوبة.
والتناوش : يهمز ولا يهمز, يقال: نشت ونأشت، كما يقال: ذمت الرجل وذأمته، أي: عبته.

وقال أبو عبيدة: نأشت: طلبت, واحتج بقول رؤبة:
= إليك نأش القدر النؤوش
وقال: «يريد طلب القدر المطلوب» , وقال الأصمعي: «أراد تناول القدر لنا بالمكروه».). [تفسير غريب القرآن: 358-359]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وَقَالُوا آَمَنَّا بِهِ} أي بمحمد، صلى الله عليه.
{وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ} والتناوش: التناول، أي كيف لهم بنيل ما يطلبون من الإيمان في هذا الوقت الذي لا يقال فيه كافر ولا تقبل توبته؟.
وقوله: {مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}ٍ يريد بعد ما بين مكانهم يوم القيامة، وبين المكان الذي تتقبّل فيه الأعمال). [تأويل مشكل القرآن: 330-331]


قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{وقالوا آمنّا به وأنّى لهم التّناوش من مكان بعيد (52)}
{وقالوا آمنّا}: في الوقت الذي قال اللّه جل وعلا فيه:{لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل}


والتناؤش : التناول، أي : فكيف لهم أن يتناولوا ما كان مبذولا لهم , وكان قريبا منهم، فكيف يتناولونه حين بعد عنهم.

ومن همز , فقال: التناؤش، فلأن واو التناؤش مضمومة, وكل واو مضمومة ضمّتها لازمة، إن شئت أبدلت منها همزة , وإن شئت لم تبدل نحو قولك أدور وتقاوم، وإن شئت قلت: أدؤر وتقاؤم فهمزت.

ويجوز أن يكون التناؤش من النّيّش: وهي الحركة في إبطاء , فالمعنى : من أين لهم أن يتحركوا فيما لا حيلة لهم فيه.). [معاني القرآن: 4/258-259]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد}
قال مجاهد : (وقالوا: آمنا به , أي : بالله جل وعز)
وقال قتادة : (أي : بمحمد صلى الله عليه وسلم).
{وأنى لهم التناوش من مكان بعيد}
قال الحسن وأبو مالك : (أي, التوبة) .
قال مجاهد : (التناوش : التناول) .
قال قتادة : (التناوش : تناول التوبة) .
قال أبو جعفر : هذا أبينها , يقال ناش ينوش إذا تناول , وأنشد النحويون:
= فهي تنوش الحوض نوشا من علا
ويقال : تناوش القوم : إذا تناول بعضهم بعضا , ولم يقربوا كل القرب .
والمعنى : ومن أين لهم تناول التوبة من مكان بعيد ؟!, أي: يبعد منه تقبل التوبة .
وقرأ الكوفيون : التناؤش بالهمز , وأنكره بعض أهل اللغة , قال : لأن النأشا: لبعد فكيف يكون , وأنى لهم البعد من مكان بعيد .
قال أبو جعفر : وهو يجوز أن تهمز الواو لانضمامها , ويكون بمعنى الأول .
وروى أبو إسحاق , عن التميمي , عن ابن عباس :{وأنى لهم التناوش }
قال الرد : (سألوه , وليس بحين رد) .
قال مجاهد : ({من مكان بعيد}: ما بين الآخرة , والدنيا) .
قال أبو جعفر : هذا يرجع إلى الأول.). [معاني القرآن: 5/427-430]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {التناوش} بلا همز: التناول، و{التَّنَاؤُش} بالهمز: أي : التأخير.). [ياقوتة الصراط: 416]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {التَّنَاوُشُ}: أي: لا تناول ما أرادوا بلوغه من التوبة والرجوع، وما يشتهون من الإيمان.).[تفسير المشكل من غريب القرآن: 197]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({التَّنَاؤُشُ}: الأخذ من بعيد, {التناوش}: التناول.). [العمدة في غريب القرآن: 247]


تفسير قوله تعالى:{وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (53)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وقد كفروا به من قبل} [سبأ: 53]، أي: كيف لهم التّوبة وليس بالحين الّذي تقبل منهم فيه التّوبة قد فاتهم ذلك، وقال في آيةٍ أخرى: {فلم يك ينفعهم إيمانهم لمّا رأوا بأسنا} [غافر: 85] عذابنا.
- حدّثني عثمان، عن أبي إسحاق الهمدانيّ، عن رجلٍ من بني تميمٍ قال: سألت ابن عبّاسٍ عن قوله: {وأنّى لهم التّناوش من مكانٍ بعيدٍ} [سبأ: 52] فقال: يسألون الرّدّ وليس بحين الرّدّ.
وحدّثنا الحسن بن دينارٍ، عن الحسن، قال: إذا فزعوا من قبورهم، يعني: النّفخة الآخرة {وأخذوا من مكانٍ قريبٍ} [سبأ: 51].
قال: {ويقذفون بالغيب من مكانٍ بعيدٍ} [سبأ: 53] كذّبوا بالبعث وهو اليوم الّذي عندهم بعيدٌ لأنّهم لا يقرّون به). [تفسير القرآن العظيم: 2/771]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من مكانٍ بعيدٍ} [سبأ: 53] الحسن بن دينارٍ، عن الحسن، قال: كذّبوا بالسّاعة، وكذّبوا بالبعث، وافتروا على اللّه.
وتفسير مجاهدٍ: قولهم ساحرٌ، وكاهنٌ، وهو شاعرٌ). [تفسير القرآن العظيم: 2/772]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من مّكانٍ بعيدٍ}

يقولون : ليس بنبيّ , وقد باعدهم الله أن يعلموا ذلك لأنه لا علم لهم، إنما يقولون بالظن وبالغيب , أن ينالوا , أنه غير نبيّ.). [معاني القرآن: 2/365]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ويقذفون بالغيب}: أي: بالظن أن التوبة تنفعهم).). [تفسير غريب القرآن: 359]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ}، أي بمحمد، صلّى الله عليه وسلم. يقول: كيف ينفعهم الإيمان به في الآخرة وقد كفروا به في الدنيا؟.
{وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ}، أي بالظنّ أن التوبة تنفعهم.
{مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}، أي بعيد من موضع تقبّل التوبة). [تأويل مشكل القرآن: 331]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من مكان بعيد (53)}
أي: كانوا يرجمون , ويرمون بالغيب، وترجيمهم : أنهم كانوا يظنون أنهم لا يبعثون.).[معاني القرآن: 4/259]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من مكان بعيد}

أي : قد كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم في الدنيا حين لا ينفعهم إيمانهم, ويقذفون بالغيب .
قال قتادة: (أي : بالظن , قال : يقولون لا بعث , ولا جنة , ولا نار) .
قال مجاهد: {ويقذفون بالغيب من مكان بعيد}: (قولهم : هو ساحر , وهو كاهن , وهو شاعر)). [معاني القرآن: 5/430]


تفسير قوله تعالى: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ (54) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وحيل بينهم وبين ما يشتهون} [سبأ: 54] وهذا تبعٌ للكلام الأوّل: {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكانٍ قريبٍ {51} وقالوا آمنّا به وأنّى لهم التّناوش من مكانٍ بعيدٍ {52}} [سبأ: 51-52] من الآخرة في الدّنيا، في تفسير مجاهدٍ.
وقال ابن مجاهدٍ، عن أبيه: التّناوش التّناول). [تفسير القرآن العظيم: 2/771]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وحيل بينهم وبين ما يشتهون} [سبأ: 54] الإيمان فلا يقبل منهم عند ذلك.
وقال مجاهدٌ: من مالٍ أو ولدٍ أو زهرةٍ.
وقال بعضهم: {ما يشتهون} [سبأ: 54] رجوعهم إلى الدّنيا.
قال: {كما فعل بأشياعهم من قبل} [سبأ: 54] أشياعهم على منهاجهم ودينهم الشّرك لمّا كذّبوا رسلهم جاءهم العذاب، فآمنوا عند ذلك، فلم يقبل منهم، وهو قوله: {فلمّا رأوا بأسنا قالوا آمنّا باللّه وحده وكفرنا بما كنّا به مشركين} [غافر: 84] قال اللّه: {فلم يك ينفعهم إيمانهم لمّا رأوا بأسنا} [غافر: 85] عذابنا {سنّة اللّه الّتي قد خلت} [غافر: 85] مضت {في عباده} [غافر: 85]
المشركين، إنّهم إذا كذّبوا الرّسل أهلكهم اللّه بعذاب الاستئصال ولا يقبل منهم الإيمان عند نزول العذاب، وآخر عذاب كفّار هذه الأمّة إلى النّفخة الأولى بالاستئصال، بها يكون هلاكهم.
وقال السّدّيّ: {كما فعل بأشياعهم من قبل} [سبأ: 54]، يعني: أهل ملّتهم.
قال: {إنّهم كانوا} قبل أن يجيئهم العذاب.
[تفسير القرآن العظيم: 2/772]
{في شكٍّ مريبٍ} [سبأ: 54] من الرّيبة وذلك أنّ جحودهم بالقيامة، وبأنّ العذاب لا يأتيهم إنّما ظنٌّ منهم، فهو منهم شكٌّ ليس عندهم بذلك علمٌ). [تفسير القرآن العظيم: 2/773]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({ كما فعل بأشياعه من قبل }: يقال: شيعة : والجميع شيع , ثم جمعوا شيعاً , فقالوا: أشياع.).
[مجاز القرآن: 2/151]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وحيل بينهم وبين ما يشتهون}: من الإيمان, وهذا مفسر في «تأويل المشكل» بأكثر من هذا التفسير.). [تفسير غريب القرآن: 359]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} من الإيمان. كما فعل بأشياعهم، أي بأشباههم من الأمم الخالية.
وكان غير الحسن يجعل الفزع عند نزول بأس الله من الموت أو غيره، ويعتبره بقوله في موضع آخر: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ}). [تأويل مشكل القرآن: 331]


قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل إنّهم كانوا في شكّ مريب (54)}
المعنى : من الرجوع إلى الدنيا، والإيمان.
{كما فعل بأشياعهم من قبل}: أي : بمن كان مذهبه مذهبهم.

{إنّهم كانوا في شكّ مريب}: فقد أعلمنا اللّه جلّ وعزّ أنه يعذب على الشّكّ.
وقد قال قوم من الضلّال أن الشاكّين لا شيء عليهم، وهذا كفر ونقض للقرآن لأن اللّه جلّ وعزّ قال: {وما خلقنا السّماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظنّ الّذين كفروا فويل للّذين كفروا من النّار (27)}.). [معاني القرآن: 4/259]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وحيل بينهم وبين ما يشتهون}


قال الحسن : (وحيل بينهم , وبين الإيمان لما رأوا العذاب , يعني : قبول الإيمان) .
قال مجاهد : (حيل بينهم , وبين زهرة الدنيا ولذتها , وأموالهم , وأولادهم) .

{كما فعل بأشياعهم من قبل }: قال مجاهد: (أي بالكفار قبلهم).
إنهم كانوا في شك مريب , فأخبر جل وعز أنه يعذب على الشك.). [معاني القرآن: 5/431]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:41 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة