العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة طه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2 جمادى الآخرة 1434هـ/12-04-2013م, 07:01 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير سورة طه [ من الآية (71) إلى الآية (76) ]

{قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (71) قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72) إِنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (73) إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا (74) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا (75) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (76)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 2 جمادى الآخرة 1434هـ/12-04-2013م, 07:03 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (71) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({في جذوع} [طه: 71] : «أي على جذوع النّخل»). [صحيح البخاري: 6/95]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (وقوله في جذوع النّخل وخطبك ومساس ولننسفنه في اليم نسفا وكلّه كلام أبي عبيدة). [فتح الباري: 8/433]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (في جذوع أي على جذوع
أشار به إلى قوله تعالى: {ولأصلبنكم في جذوع النّخل} (طه: 71) وأشار به إلى أن كلمة: في، بمعنى: على، كما في قوله تعالى: {أم لهم سلّم يستمعون فيه} (الطّور: 38) أي: عليه). [عمدة القاري: 19/57]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({في جذوع} أي على جذوع النخل) وضع حرفًا موضع آخر ومن تعدي صلب بفي قوله:
وقد صلبوا العبديّ في جذع نخلة = فلا عطشت شيبان إلا بأجدعا
وهو مذهب كوفي وقال البصريون ليست في بمعنى على ولكن شبه تمكنهم تمكن من حواه الجذع واشتمل عليه بتمكن الشيء الموعى في وعائه ولذا قيل في جذوع وهذا على طريق المجاز أي استعمال في موضع على وهو أول من صلب وسقط قوله النخل لغير أبي ذر). [إرشاد الساري: 7/236]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {قال آمنتم له قبل أن آذن لكم} يقول جلّ ثناؤه: وقال فرعون للسّحرة: أصدّقتم وأقررتم لموسى بما دعاكم إليه من قبل أن أطلق ذلك لكم {إنّه لكبيركم} يقول: إنّ موسى لعظيمكم {الّذي علّمكم السّحر}.
- كما حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق،
قال: حدّثت عن وهب بن منبّهٍ، قال: لمّا قالت السّحرة: {آمنّا بربّ هارون وموسى} قال لهم فرعون، وأسف ورأى الغلبة والبيّنة: {آمنتم له قبل أن آذن لكم إنّه لكبيركم الّذي علّمكم السّحر} أي لعظيمٌ السّحّار الّذي علّمكم.
وقوله: {فلأقطّعنّ أيديكم وأرجلكم من خلافٍ} يقول: فلأقطّعنّ أيديكم وأرجلكم مخالفًا بين قطع ذلك، وذلك أن يقطع يمنى اليدين ويسرى الرّجلين، أو يسرى اليدين، ويمنى الرّجلين، فيكون ذلك قطعًا من خلافٍ، وكان فيما ذكر أوّل من فعل ذلك فرعون، وقد ذكرنا الرّواية بذلك.
وقوله: {ولأصلّبنّكم في جذوع النّخل} يقول: ولأصلّبنّكم على جذوع النّخل، كما قال الشّاعر:
هم صلبوا العبديّ في جذع نخلةٍ = فلا عطست شيبان إلاّ بأجدعا
يعني على جذع نخلةٍ، وإنّما قيل: في جذوع، لأنّ المصلوب على الخشبة يرفع في طولها، ثمّ يصير عليها، فيقال: صلب عليها.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ولأصلّبنّكم في جذوع النّخل} لمّا رأى السّحرة ما جاء به عرفوا أنّه من اللّه فخرّوا سجّدًا، وآمنوا عند ذلك، قال عدوّ اللّه: {فلأقطّعنّ أيديكم وأرجلكم من خلافٍ} الآية.
- حدّثنا موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال فرعون: {فلأقطّعنّ أيديكم وأرجلكم من خلافٍ ولأصلّبنّكم في جذوع النّخل}.
فقتلهم وقطّعهم كما قال عبد اللّه بن عبّاسٍ حين قالوا: {ربّنا أفرغ علينا صبرًا وتوفّنا مسلمين} وقال: كانوا في أوّل النّهار سحرةً، وفي آخر النّهار شهداء.
وقوله: {ولتعلمنّ أيّنا أشدّ عذابًا وأبقى} يقول: ولتعلمنّ أيّها السّحرة أيّنا أشدّ عذابًا لكم، وأدوم، أنا أو موسى). [جامع البيان: 16/114-116]

تفسير قوله تعالى: (قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البيّنات والّذي فطرنا فاقض ما أنت قاضٍ إنّما تقضي هذه الحياة الدّنيا (72) إنّا آمنّا بربّنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السّحر واللّه خيرٌ وأبقى}.
يقول تعالى ذكره: قالت السّحرة لفرعون لمّا توعّدهم بما توعّدهم به: {لن نؤثرك} فنتّبعك ونكذّب من أجلك موسى {على ما جاءنا من البيّنات} يعني من الحجج والأدلّة على حقيقة ما دعاهم إليه موسى {والّذي فطرنا} يقول: قالوا: لن نؤثرك على الّذي جاءنا من البيّنات، وعلى الّذي فطرنا. ويعني بقوله: {فطرنا} خلقنا، فالّذي من قوله: {والّذي فطرنا} خفض عطفاً على قوله: {ما جاءنا} وقد يحتمل أن يكون قوله: {والّذي فطرنا} خفضًا على القسم، فيكون معنى الكلام: لن نؤثرك على ما جاءنا من البيّنات واللّه.
وقوله: {فاقض ما أنت قاضٍ} يقول: قالوا: فاصنع ما أنت صانعٌ، واعمل بنا ما بدا لك {إنّما تقضي هذه الحياة الدّنيا} يقول: إنّما تقدر أن تعذّبنا في هذه الحياة الدّنيا الّتي تفنى.
ونصب الحياة الدّنيا على الوقت وجعلت إنّما حرفًا واحدًا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: حدّثت عن وهب بن منبّهٍ، {لن نؤثرك على ما جاءنا من البيّنات والّذي فطرنا} أي على اللّه على ما جاءنا من الحجج مع نبيةٍ {فاقض ما أنت قاضٍ} أي اصنع ما بدا لك {إنّما تقضي هذه الحياة الدّنيا} التى ليس سلطانٌ إلاّ فيها، ثمّ لا سلطان لك بعده). [جامع البيان: 16/116-117]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 72 - 76.
أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عكرمة: أن سحرة فرعون كانوا تسعمائة فقالوا لفرعون: إن يكونا هذان ساحران فإنا نغلبهم فإنه لا أسحر منا وإن كان من رب العالمين فلما كان من أمرهم {خروا سجدا} أراهم الله في سجودهم منازلهم التي إليها يصيرون فعندها قالوا: {لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات} إلى قوله: {والله خير وأبقى} ). [الدر المنثور: 10/219-220]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن القاسم بن أبي بزة قال: لما وقعوا سجدا رأوا أهل النار وأهل الجنة وثواب أهليهما فقالوا: {لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات} ). [الدر المنثور: 10/220]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (73) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {إنّا آمنّا بربّنا ليغفر لنا خطايانا} يقول تعالى ذكره: إنّا أقررنا بتوحيد ربّنا، وصدّقنا بوعده ووعيده. وأنّ ما جاء به موسى حقٌّ {ليغفر لنا خطايانا} يقول: ليعفو لنا عن ذنوبنا فيسترها علينا. {وما أكرهتنا عليه من السّحر} يقول: ليغفر لنا ذنوبنا، وتعلّمنا ما تعلّمناه من السّحر، وعملنا به الّذي أكرهتنا على تعلّمه والعمل به.
وذكر أنّ فرعون كان أخذهم بتعليم السّحر.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني موسى بن سهلٍ، قال: حدّثنا نعيم بن حمّادٍ، قال: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن أبي سعدٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، في قول اللّه تبارك وتعالى: {وما أكرهتنا عليه من السّحر} قال: غلمانٌ دفعهم فرعون إلى السّحرة، تعلّمهم السّحر بالفرما.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وما أكرهتنا عليه من السّحر} قال: أمرهم بتعلّم السّحر، قال: تركوا كتاب اللّه، وأمروا قومهم بتعلم السّحر {وما أكرهتنا عليه من السّحر} قال: أمرتنا أن نتعلّمه.
وقوله: {واللّه خيرٌ وأبقى} يقول: واللّه خيرٌ منك يا فرعون جزاءً لمن أطاعه، وأبقى عذابًا لمن عصاه وخالف أمره.
- كما: حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، {واللّه خيرٌ وأبقى} خيرٌ منك ثوابًا، وأبقى عقابًا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي معشرٍ، عن محمّد بن كعبٍ، ومحمّد بن قيسٍ، في قول اللّه: {واللّه خيرٌ وأبقى} قالا: خير منك إن أطيع، وأبقى منك عذابًا إن عصي). [جامع البيان: 16/117-118]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وما أكرهتنا عليه من السحر} قال: أخذ فرعون أربعين غلاما من بني إسرائيل فأمر أن يعلموا السحر بالعوماء وقال: علموهم تعليما لا يغلبهم أحد في الأرض، قال ابن عباس: فهم من الذين قالوا: {إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر} ). [الدر المنثور: 10/220]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي في قوله: {والله خير وأبقى} قال: خير منك أن أطيع وأبقى منك عذابا إن عصي). [الدر المنثور: 10/220]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا (74) )
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {إنّه من يأت ربّه مجرمًا، فإنّ له جهنّم لا يموت فيها ولا يحيى}
- أخبرنا محمّد بن عبد الأعلى، حدّثنا خالدٌ، حدّثنا عثمان: أنّ أبا نضرة، حدّثهم، عن أبي سعيدٍ الخدريّ: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: " يجمع النّاس عند جسر جهنّم، وإنّ عليه حسكًا وكلاليب، ويمرّ النّاس، قال: فيمرّ منهم مثل البرق، وبعضهم مثل الفرس المضمّر، وبعضهم يسعى، وبعضهم يمشي، وبعضهم يزحف، والكلاليب تخطفهم، والملائكة بجنبتيه: اللهمّ سلّم سلّم، والكلاليب تخطفهم، قال: فأمّا أهلها الّذين هم أهلها فلا يموتون ولا يحيون، وأمّا أناسٌ يؤخذون بذنوبٍ وخطايا يحترقون فيكونون فحمًا، فيؤخذون ضباراتٍ ضباراتٍ، فيقذفون على نهرٍ من الجنّة، فينبتون كما تنبت الحبّة في حميل السّيل " قال: قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «هل رأيتم الصّبغاء؟ بعد يؤذن لهم فيدخلون الجنّة»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/184]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّه من يأت ربّه مجرمًا فإنّ له جهنّم لا يموت فيها ولا يحيى (74) ومن يأته مؤمنًا قد عمل الصّالحات فأولئك لهم الدّرجات العلى}.
يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل السّحرة لفرعون: {إنّه من يأت ربّه} من خلقه {مجرمًا} يقول: مكتسبًا الكفر به {فإنّ له جهنّم} يقول: فإنّ له جهنّم مأوًى ومسكنًا، جزاءً له على كفره {لا يموت فيها} فتخرج نفسه {ولا يحيا} فتستقرّ نفسه في مقرّها فتطمئنّ، ولكنّها تتعلّق بالحناجر منهم). [جامع البيان: 16/119]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج مسلم وأحمد، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فأتى على هذه الآية {إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أهلها الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون وأما الذين ليسوا بأهلها فإن النار تميتهم إماتة ثم يقوم الشفعاء فيشفعون فيؤتى بهم ضبائر على نهر يقال له الحياة أو الحيوان فينبتون كما ينبت القثاء في حميل السيل والله أعلم). [الدر المنثور: 10/221]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني عن أبي الدرداء عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث من كن فيه لم ينل الدرجات العلى: من تكهن أو استقسم أو رده من سفره طيرة). [الدر المنثور: 10/221]

تفسير قوله تعالى: (وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا (75) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {ومن يأته مؤمنًا} يقول: ومن يقدم على ربه موحّدًا لا يشرك به {قد عمل الصّالحات} يقول: قد عمل ما أمره به ربّه، وانتهى عمّا نهاه عنه {فأولئك لهم الدّرجات العلى} يقول: فأولئك الّذين تلك صفتهم لهم درجات الجنّة العلى). [جامع البيان: 16/119]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن أبي الدرداء سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من كان وصلة لأخيه إلى سلطان في مبلغ بر أو مدفع مكروه رفعه الله في الدرجات). [الدر المنثور: 10/221]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المبارك في الزهد وأبو نعيم في الحلية عن عون بن عبد الله قال: إن الله ليدخل خلقا الجنة فيعطيهم حتى يملوا وفوقهم ناس في {الدرجات العلى} فإذا نظروا إليهم عرفوهم فيقول: يا ربنا إخواننا كنا معهم فبم فضلتهم علينا فيقال: هيهات، إنهم كانوا يجوعون حين تشبعون ويظمؤون حين تروون ويقومون حين تنامون ويستحصون حين تختصون فيه قال: {يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى} فأقام هرون فيمن معه من المسلمين مخافة أن يقول له موسى: {فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي} وكان له سامعا مطيعا). [الدر المنثور: 10/221-222]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد في الزهد عن ابن عمير قال: إن الرجل وعبده يدخلان الجنة فيكون عبده أرفع درجة منه فيقول: يا رب هذا كان عبدي في الدنيا فيقال: إنه كان أكثر ذكرا لله تعالى منك.
وأخرج أبو داود، وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أهل الدرجات العلى ليراهم من تحتهم كما ترون الكوكب الذري في أفق السماء وأن أبا بكر وعمر منهم وأنعما). [الدر المنثور: 10/222]

تفسير قوله تعالى: (جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (76) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {جنّات عدنٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكّى}.
يقول تعالى ذكره: {ومن يأته مؤمنًا قد عمل الصّالحات فأولئك لهم الدّرجات العلى} ثمّ بيّن تلك الدّرجات العلى ما هي، فقال: هنّ {جنّات عدنٍ} يعني: جنّات إقامةٍ لا ظعن عنها ولا نفاد لها ولا فناء {تجري من تحتها الأنهار} يقول: تجري من تحت أشجارها الأنهار {خالدين فيها} يقول: ماكثين فيها إلى غير غايةٍ محدودةٍ، فالجنّات من قوله {جنّات عدنٍ} مرفوعةٌ بالرّدّ على الدّرجات.
- كما: حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، في قوله: {ومن يأته مؤمنًا قد عمل الصّالحات فأولئك لهم الدّرجات العلى} قال: عدنٌ.
وقوله: {وذلك جزاء من تزكّى} يقول: وهذه الدّرجات العلى الّتي هي جنّات عدنٍ على ما وصف جلّ جلاله ثواب من تزكّى، يعني: من تطهّر من الذّنوب، فأطاع اللّه فيما أمره، ولم يدنّس نفسه بمعصيته فيما نهاه عنه). [جامع البيان: 16/119-120]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 2 جمادى الآخرة 1434هـ/12-04-2013م, 07:07 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (71)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {فألقي السّحرة سجّدًا قالوا آمنّا بربّ هارون وموسى {70} قال} [طه: 70-71] فرعون.
{آمنتم له} [طه: 71] فرعون يقوله على الاستفهام، أصدقتموه؟ {قبل أن آذن لكم} [طه: 71] أي: قد فعلتم.
[تفسير القرآن العظيم: 1/266]
{إنّه لكبيركم} [طه: 71] في السّحر.
{الّذي علّمكم السّحر} [طه: 71] وقال السّدّيّ: يعني لعالمكم في علم السّحر، ولم يكن أكبرهم في السّنّ.
{فلأقطّعنّ أيديكم وأرجلكم من خلافٍ} [طه: 71] اليد اليمنى والرّجل اليسرى.
{ولأصلّبنّكم في جذوع النّخل} [طه: 71] يعني: على جذوع النّخل.
وهو تفسير السّدّيّ.
{ولتعلمنّ أيّنا أشدّ عذابًا وأبقى} [طه: 71] أنا أو موسى). [تفسير القرآن العظيم: 1/267]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فلأقطّعنّ أيديكم وأرجلكم مّن خلافٍ...}

ويصلح في مثله من الكلام عن وعلى والباء.
وقوله: {ولأصلّبنّكم في جذوع النّخل} يصلح (على) في موضع (في) وإنما صلحت (في) لأنه يرفع في الخشبة في طولها فصلحت (في) وصلحت (على) لأنه يرفع فيها فيصير عليها، وقد قال الله {واتّبعوا ما تتلو الشّياطين على ملك سليمان} ومعناه في ملك سليمان. وقوله: {أشدّ عذاباً وأبقى} يقول: وأدوم). [معاني القرآن: 2/187،186]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" لكبيركم " أي معلمكم قال أبو عبيدة سمعت بعض المكيين قال يقول: الغلام لمستأجره كبيرى). [مجاز القرآن: 2/23]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" في جذوع النّخل " أي على جذوع النخل، قال:
هم صلبوا العبدي في جذع نخلةٍ=فلا عطست شيبان إلّا بأجدعا).
[مجاز القرآن: 2/24،23]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): («في» مكان «على»
قوله تعالى: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}، أي على جذوع النخل.
قال الشاعر:
وهم صلبوا العبديَّ في جذعِ نَخْلَةٍ = فلا عطَسَت شيبانُ إلا بأجْدَعا
وقال عنترة:
بَطَل كَأَنَّ ثيابه في سَرْحَةٍ = يُحْذَى نِعَالَ السِّبْتِ لَيْسَ بِتَوْأَمِ
أي على سرحة مِن طُوله). [تأويل مشكل القرآن: 567]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنّه لكبيركم الّذي علّمكم السّحر فلأقطّعنّ أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلّبنّكم في جذوع النّخل ولتعلمنّ أيّنا أشدّ عذابا وأبقى}
{ولأصلّبنّكم في جذوع} معناه على جذوع النخل، ولكنه جاز أن تقع " في " ههنا لأنه في الجذع على جهة الطول، والجذع مشتمل عليه فقد صار فيه.
قال الشاعر:
وهم صلبوا العبديّ في جذع نخلة=فلا عطست شيبان إلا بأجدعا
قوله: {ولتعلمنّ أيّنا أشدّ عذابا وأبقى} " أيّ " رفعت لأنها وضعت موضع الاستفهام، ولا يعمل ما قبل " أيّ " فيها لأن ما قبلها خبر وهي استفهام، فلو عمل فيها لجاز أن يعمل فيما بعد الألف في قولك: قد علمت أزيد في الدار أم عمرو). [معاني القرآن: 3/368]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البيّنات والّذي فطرنا} [طه: 72] وعلى الّذي فطرنا.
{فاقض ما أنت قاضٍ إنّما تقضي هذه الحياة الدّنيا} [طه: 72] يقولون افعل في أمرنا ما أنت فاعلٌ {إنّما تقضي هذه الحياة الدّنيا} [طه: 72] يعني إنّما تفعل في هذه الحياة.... ). [تفسير القرآن العظيم: 1/267]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {قالوا لن نّؤثرك على ما جاءنا من البيّنات والّذي فطرنا...}

فالذي في موضع خفض: وعلى الذي. ولو أرادوا بقولهم {والذي فطرنا} القسم بها كانت خفضاً وكان صواباً، كأنهم قالوا: لن نؤثرك والله.
وقوله: {فاقض ما أنت قاضٍ}: افعل ما شئت. وقوله: {إنّما تقضي هذه الحياة الدّنيا} إنما حرف واحد، لذلك نصبت {الحياة} ولو قرأ قارئ برفع (الحياة) لجاز، يجعل (ما) في مذهب الذي كأنه قال: إن الذي تقضيه هذه الدنيا). [معاني القرآن: 2/187]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فاقض ما أنت قاضٍ} مجازه: اصنع ما أنت صانع وأنفذ ما أنت منفذ فقد قضي قضاؤك، وقال أبو ذؤيب:
وعليهما مسرودتان قضاهما= داود أو صنع السوابغ تبّع
أي صنعهما وأحكمهما). [مجاز القرآن: 2/24]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إنّما تقضى هذه الحياة الدّنيا} وله موضع آخر في معنى إنما تخلف هذه الحياة الدنيا، كقولك قضيت سفري). [مجاز القرآن: 2/24]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {قالوا لن نّؤثرك على ما جاءنا من البيّنات والّذي فطرنا فاقض ما أنت قاضٍ إنّما تقضي هذه الحياة الدّنيا}
وقال: {لن نّؤثرك على ما جاءنا من البيّنات والّذي فطرنا} يقول: {لن نؤثرك على الّذي فطرنا} ). [معاني القرآن: 3/5]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {فاقض ما أنت قاض}: اصنع ما أنت صانع). [غريب القرآن وتفسيره: 248]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إنّما تقضي هذه الحياة الدّنيا} أي إنما يجوز أمرك فيها). [تفسير غريب القرآن: 280]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البيّنات والّذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنّما تقضي هذه الحياة الدّنيا}
موضع الذي خفض، المعنى لن نؤثرك على اللّه، ويجوز أن يكون " الّذي " خفضا على القسم، ويكون المعنى لن نؤثرك على ما جاءنا من البيّنات واللّه، أي نحلف باللّه.
قوله: {فاقض ما أنت قاض}.
أي: اصنع ما أنت صانع، قال أبو ذؤيب:
وعليهما مسرودتان قضاهما= داود أو صنع السّوابغ تبّع
وقوله عزّ وجلّ: {إنّما تقضي هذه الحياة الدّنيا}.
القراءة بالنصب - الحياة الدّنيا - ويجوز إنما تقضي هذه الحياة الدنيا بالرفع، تأويله أن الذي تقضيه متاع الحياة الدنيا، ولا أعلم أحدا قرأها بالرفع). [معاني القرآن: 3/369،368]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَاقْضِ}: فاصـنَع.
{ما أنتَ قاضٍ}: ما أنت صانع). [العمدة في غريب القرآن: 202]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (73)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {إنّا آمنّا بربّنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السّحر واللّه خيرٌ وأبقى} [طه: 73] خيرٌ ممّا دعوتنا إليه وأبقى.
وقال بعضهم: منك يا فرعون وأبقى.
سعيدٌ، عن قتادة قال: كانوا أوّل النّهار سحرةً وآخره شهداء). [تفسير القرآن العظيم: 1/267]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وما أكرهتنا عليه من السّحر...}

ما في موضع نصب مردودة على معنى الخطايا. وذكر في التفسير أن فرعون كان أكره السّحرة على تعلّم السّحر). [معاني القرآن: 2/187]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إنّا آمنّا بربّنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السّحر واللّه خير وأبقى}
{وما أكرهتنا عليه من السّحر}
موضع " ما " نصب، المعنى لتغفر لنا خطايانا وإكراهك إيانا على السحر.
ويروى أن فرعون أكرههم على تعلم السحر.
ومعنى: {واللّه خير وأبقى}.
أي الله خير لنا منك وأبقى عذابا لأنهم قالوا هذا له جواب قوله: {ولتعلمنّ أيّنا أشدّ عذابا وأبقى} ). [معاني القرآن: 3/369]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا (74)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {إنّه من يأت ربّه مجرمًا} [طه: 74] مشركًا.
{فإنّ له جهنّم لا يموت فيها ولا يحيى} [طه: 74] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/267]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
( {نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ}
.

قوله: {تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ} أي توفي عليها وتشرف، ويقال: طلع الجبل واطّلع عليه: إذا علا فوقه.
وخصّ الأفئدة، لأنّ الألم إذا صار إلى الفؤاد مات صاحبه. فأخبرنا أنهم في حال من يموت وهم لا يموتون.
وهو كما قال: {فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا} يريد أنه في حال من يموت وهو لا يموت). [تأويل مشكل القرآن: 419] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا (75)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ومن يأته مؤمنًا قد عمل الصّالحات فأولئك لهم الدّرجات العلى} [طه: 75]
- حدّثني إسماعيل بن مسلمٍ، عن أبي المتوكّل النّاجيّ قال: قال رسول اللّه
[تفسير القرآن العظيم: 1/267]
صلّى اللّه عليه وسلّم: " الدّرجة في الجنّة فوق الدّرجة كما بين السّماء والأرض، وإنّ العبد ليرفع بصره فيلمع له برقٌ يكاد أن يختطف بصره، فيفزع لذلك فيقول: ما هذا؟ فيقال: هذا نور أخيك فلانٍ، فيقول: أخي فلانٌ، كنّا في الدّنيا نعمل جميعًا، وقد فضّل عليّ هكذا، فيقال له: إنّه كان
أحسن منك عملًا، قال: ثمّ يجعل في قلبه الرّضى حتّى يرضى ".
- قال يحيى: وبلغني عن ليث بن أبي سليمٍ، عن عبد اللّه بن عبيد بن عميرٍ عن ابن عمر قال: إنّ أسفل أهل الجنّة درجةً، للّذي ينظر في ملكه مسيرة ألف سنةٍ وإنّ أرفع أهل الجنّة درجةً للّذي ينظر إلى اللّه غدوةً وعشيًّا). [تفسير القرآن العظيم: 1/268]

تفسير قوله تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (76)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {جنّات عدنٍ} [طه: 76] وقد فسّرناه في سورة مريم.
{تجري من تحتها الأنهار} [طه: 76] وقد فسّرنا الأنهار أيضًا في غير هذا الموضع.
{خالدين فيها} [طه: 76] لا يموتون ولا يخرجون منها.
{وذلك جزاء من تزكّى} [طه: 76] يعني: من آمن.
وهو في قول قتادة: من عمل صالحًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/268]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 2 جمادى الآخرة 1434هـ/12-04-2013م, 07:10 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (71) }
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): (
وإذا أخندف بالمنازل من منى = طار القبائل ثم كل مطير
...
بالمنازل يريد في المنازل لأن حروف الصفات يدخل بعضها على بعض فجاء بالباء وإنما أراد في وهذا جائر كثير من القرآن والشعر قال الله تعالى: {لأصلبنكم في جذوع النخل} ). [نقائض جرير والفرزدق: 913]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (قال الله تبارك وتعالى: {ولأصلبنكم في جذوع النخل} يريد على جذوع النخل). [الغريب المصنف: 3/694]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب القسم

اعلم أن للقسم أدواتٍ توصل الحلف إلى المقسم به؛ لأن الحلف مضمر مطرحٌ لعلم السامع به؛ كما كان قولك: يا عبد الله محذوفاً منه الفعل لما ذكرت لك.
وكذلك كل مستغنىً عنه فإن شئت أظهرت الفعل؛ كما أنك تقول: يا زيد عمراً، أي: عليك عمراً: وتقول: الطريق يا فتى، أي ظل الطريق، وترى الرامي قد رمى، فنسمع صوتاً فتقول: القرطاس والله، أي: أصبت.
وإن شئت قلت: خل الطريق، ويا زيد عليك عمراً، وأصبت القرطاس يا فتى.
وكذلك قوله عز وجل: {بل ملة إبراهيم} إنما هو: اتبعوا؛ وذلك لأنه جواب قوله: {كونوا هوداً أو نصارى}.
فهكذا القسم في إضمار الفعل وإظهاره. وذلك قوله: أحلف بالله لأفعلن. وإن شئت قلت: بالله لأفعلن. والباء موصلة؛ كما كانت موصلة في قولك: مررت بزيد. فهي والواو تدخلان على كل مقسم به؛ لأن الواو في معنى الباء؛ وإنما جعلت مكان الباء، والباء هي الأصل؛ كما كان في مررت بزيد، وضربت بالسيف يا فتى؛ لأن الواو من مخرج الباء، ومخرجهما جميعاً من الشفة، فلذلك أبدلت منها؛ كما أبدلت من رب في قوله:
وبلدٍ ليس به أنيس
لأنها لما أبدلت من الباء دخلت على رب لما أشرحه لك في بابها؛ كما تدخل الإضافة بعضها على بعض. فمن ذلك قوله عز وجل: {يحفظونه من أمر الله} أي: بأمر الله. وقال: {ولأصلبنكم في جذوع النخل} أي: على. وقال: {أم لهم سلمٌ يستمعون فيه} أي: يستمعون عليه. وقال الشاعر:
هم صلبوا العبدي في جذع نخلةٍ = فلا عطست شيبان إلا بأجذعـا
وقال الآخر:
إذا رضيت على بنو قشيرٍ = لعمر الله أعجبني رضاها
أي عني. وقال الآخر:
غدت من عليه تنفض الطل بعد ما = رأت حاجب الشمس استوى فترفعا
وسنفرد باباً لما يصلح فيه الإبدال وما يمتنع عنه إن شاء الله.
تقول والله لأفعلن، وتالله لأفعلن وتبدل التاء من الواو، ولا تدخل من المقسم به إلا في الله وحده. وذلك قوله {وتالله لأكيدن أصنامكم}؛ وإنما امتنعت من الدخول في جميع ما دخلت فيه الباء، والواو؛ لأنها لم تدخل على الباء التي هي الأصل، وإنما دخلت على الواو الداخلة على الباء؛ فلذلك لم تتصرف.
فأما إبدالها من الواو فنحن نذكره مفسراً في التصريف. ألا ترى أنك تقول: هذا أتقى من هذا، والأصل أوقى، لأنه من وقيت. وكذلك تراث. إنما هو وراث، لأنه من ورثت. وتجاهٌ فعال من الوجه. وكذلك تخمة من الوخامة. وهذا أكثر من أن يحصى أو يؤتى بجميعه، ونحن نستقصي شرحه في باب التصريف إن شاء الله.
واعلم أنك إذا حذفت حروف الإضافة من المقسم به نصبته؛ لأن الفعل يصل فيعمل، فتقول: الله لأفعلن؛ لأنك أردت أحلف الله لأفعلن. وكذلك كل خافض في موضع نصب إذا حذفته وصل الفعل، فعمل فيما بعده؛ كما قال الله عز وجل: {واختار موسى قومه سبعين رجلاً} أي من قومه. وقل الشاعر:
أستغفر الله ذنباً لست محصيه = رب العباد إليه الوجه والعمل
أي من ذنب. وقال الشاعر:
أمرتك الخير فافعل ما أمرت به = فقد تركتك ذا مالٍ وذا نـشـب
فتقول: الله لأفعلن. وكذلك كل مقسم به.
واعلم أن للقسم تعويضاتٍ من أدواته تحل محلها، فيكون فيها ما يكون في أدوات القسم وتعتبر ذلك بأنك لا تجمع بينها وبين ما هي عوضٌ منه. فإن جاز الجمع بين شيئين فليس أحدهما عوضاً عن الآخر؛ ألا ترى أنك تقول: عليك زيداً، وإنما المعنى: خذ زيداً، وما أشبهه من الفعل. فإن قلت: عليك لم تجمع بينها وبين فعل آخر لأنها بدل من ذلك الفعل). [المقتضب: 2/317-321] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قوله:
سبي الحماة وابهتي عليها
إنما يريد: ابهتيها، فوضع ابهتي في موضع اكذبي فمن ثم وصلها بعلى.
والذي يستعمل في صلة الفعل اللام، لأنها لام الإضافة، تقول: لزيد ضربت ولعمرو أكرمت والمعنى: عمرًا أكرمت، وإنما تقديره: إكرامي لعمرو، وضربي لزيد، فأجرى الفعل مجرى المصدر، وأحسن ما يكون ذلك إذا تقدم المفعول، لأن الفعل إنما يجيء وقد عملت اللام. كما قال الله جل وعز: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيا تَعْبُرُونَ}. وإن أخر المفعول فهو عربي حسن، والقرآن محيط بجميع اللغات الفصيحة، قال الله جل وعز: {وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ} والنحويون يقولون في قوله جل ثناؤه: {قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ}: إنما هو: ردفكم. وقال كثير:
أريد لأنسى ذكرها فكأنما = تمثل لي ليلى بكل سبيل
وحروف الخفض يبدل بعضها من بعض، إذا وقع الحرفان في معنى في بعض المواضع، قال الله جل ذكره: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}، أي على ولكن الجذوع إذا أحاطت دخلت في، لأنها للوعاء، يقال: فلان في النخل. أي قد أحاط به. قال الشاعر:
هم صلبوا العبدي في جذع نخلة = فلا عطست شيبان إلا بأجدعا
وقال الله جل وعز: {أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ} أي عليه. وقال تبارك وتعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} أي: بأمر الله. وقال ابن الطثرية:
غدت من عليه تنفض الطل بعدما = رأت حاجب الشمس استوى فترفعا
وقال الآخر:
غدت من عليه بعدما تم خمسها = تصل وعن قيض بزيزاء مجهل
أي من عنده.
وقال العامري:
إذا رضيت علي بنو قشير = لعمر الله أعجبني رضاها
وهذا كثير جدًا). [الكامل: 2/999-1001] (م)

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72) }

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (73) }

تفسير قوله تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا (74) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (والإضافة نحو قولك: هو أفضلهم عبداً، وعلى التمرة مثلها زبداً. فإن قال قائل: فهل يكون المضمر مقدماً?. قيل: يكون ذاك إذا كان التفسير له لازماً. فمن ذلك قولك: إنه عبد الله منطلقٌ. وكان زيدٌ خيرٌ منك؛ لأن المعنى: إن الحديث أو إن الأمر عبد الله منطلقٌ، وكان الحديث زيد خير منك، ولهذا باب يفرد بتفسيره. قال الله عز وجل: {إنه من يأت ربه مجرماً} أي: إن الخبر.
و منها قولك في إعمال الأول والثاني: ضربوني، وضربت إخوتك؛ لأن الذي بعده من ذكره الأخوة يفسره فكذلك هذا. قال الله عز وجل: {بئس للظالمين بدلاً} وقال: {نعم العبد إنه أواب}، لأنه ذكر قبل فكذلك جميع هذا). [المقتضب: 2/142-143]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا (75) }

تفسير قوله تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (76) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 17 ذو القعدة 1439هـ/29-07-2018م, 09:08 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 17 ذو القعدة 1439هـ/29-07-2018م, 09:09 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 17 ذو القعدة 1439هـ/29-07-2018م, 09:15 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (71)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ ابن كثير، وحفص عن عاصم، وورش عن نافع: "آمنتم" على الخبر، وقرأ نافع، وأبو عمرو، وابن عامر، "أأمنتم" بهمزتين. وقوله: {قبل أن آذن لكم} مقاربة منه وبعض إذعان. وقوله: {من خلاف} يريد قطع اليد اليمنى مع الرجل الشمال، وقوله: {في جذوع النخل} اتساع من حيث هو مربوط في الجذع، وليست على حد قولك: زيد في
[المحرر الوجيز: 6/111]
الدار، ويصلح في هذا المعنى "على" من حيث هو مربوط في أعلاها، وليست على حد قولك: ركبت على الفرس، وقوله: "أينا" يريد نفسه ورب موسى عليه السلام، وقال الطبري: يريد نفسه وموسى عليه السلام، والأول أذهب مع مخرفة فرعون). [المحرر الوجيز: 6/112]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى}
قال السحرة لفرعون لما تدعوهم: لن نؤثرك، أي: لن نفضلك ونفضل السلامة منك على ما رأينا من حجة الله تعالى وآياته المبينات وعلى الذي فطرنا، هذا على قول جماعة إن الواو في قوله: "والذي" عاطفة، وقالت فرقة: هي واو القسم، و"فطرنا" معناه: خلقنا واخترعنا، فافعل يا فرعون ما شئت، وإنما قضاؤك في هذه الحياة الدنيا، والآخرة من وراء ذلك لنا بالنعيم ولك بالعذاب.
وهؤلاء السحرة اختلف الناس هل نفذ فيهم وعيد فرعون؟ فقالت طائفة: صلبهم على الجذوع كما قال، فأصبح القوم سحرة وأمسوا شهداء بلطف الله وبرحمته، وقالت فرقة: إن فرعون لم يفعل ذلك، وقد كان الله تعالى وعد موسى عليه السلام أنه ومن معه الغالبون.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا كله محتمل، وصلب السحرة وقطع أيديهم لا يدفع في أن موسى عليه السلام ومن معه غلب إلا بظاهر العموم، والانفصال عن ذلك بين). [المحرر الوجيز: 6/112]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (73)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: {وما أكرهتنا عليه من السحر}، قالت فرقة: أرادوا ما ضمهم إليه من معارضة موسى عليه السلام وحملهم عليه من ذلك، وقالت فرقة: بل كان فرعون قديما يأخذ ولدان الناس بتعليم السحر ويجبرهم على ذلك، فأشار السحرة إلى ذلك. وقولهم: {والله خير وأبقى} رد على قوله: {أينا أشد عذابا وأبقى}). [المحرر الوجيز: 6/112]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا (74)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيا ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلا جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى}
قالت فرقة: هذه الآية بجملتها من كلام السحرة لفرعون على جهة الموعظة له والبيان فيما فعلوه. وقالت فرقة: بل هي من كلام الله تبارك وتعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم تنبيها على قبح ما فعل فرعون، وحسن ما فعل السحرة، وموعظة وتحذيرا. قد تضمنت القصة المذكورة مثاله. والمجرم الذي اكتسب الجرائم والخطايا. وقوله: {لا يموت فيها ولا يحيا} مختص بالكافر، فإنه معذب عذابا ينتهي به إلى الموت، ثم لا يجهز عليه فيستريح، بل يعاد جلده ويجدد عذابه، فهو لا يحيى حياة هنية. وأما من يدخل النار من المؤمنين بالمعاصي فهم قبل أن تخرجهم الشفاعة في غمرة قد قاربوا الموت، إلا أنهم لا يجهز عليهم ولا يجدد عذابهم، فهذا فرق ما بينهم وبين الكفار، وفي الحديث الصحيح أنهم يماتون إماتة، وهذا هو معناه، لأنه لا يموت في الآخرة). [المحرر الوجيز: 6/113]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا (75)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و "الدرجات العلى" هي القرب من الله تعالى). [المحرر الوجيز: 6/113]

تفسير قوله تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (76)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"تزكى" معناه: أطاع الله وأخذ بأزكى الأمور. وتأمل التكسب في لفظة "تزكى" فإنه بين). [المحرر الوجيز: 6/113]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 4 محرم 1440هـ/14-09-2018م, 09:08 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 4 محرم 1440هـ/14-09-2018م, 09:12 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (71)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنّه لكبيركم الّذي علّمكم السّحر فلأقطّعنّ أيديكم وأرجلكم من خلافٍ ولأصلّبنّكم في جذوع النّخل ولتعلمنّ أيّنا أشدّ عذابًا وأبقى (71) قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البيّنات والّذي فطرنا فاقض ما أنت قاضٍ إنّما تقضي هذه الحياة الدّنيا (72) إنّا آمنّا بربّنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السّحر واللّه خيرٌ وأبقى (73)}.
يقول تعالى مخبرًا عن كفر فرعون وعناده وبغيه ومكابرته الحقّ بالباطل، حين رأى ما رأى من المعجزة الباهرة والآية العظيمة، ورأى الّذين قد استنصر بهم قد آمنوا بحضرة النّاس كلّهم وغلب كلّ الغلب -شرع في المكابرة والبهت، وعدل إلى استعمال جاهه وسلطانه في السّحرة، فتهدّدهم وأوعدهم وقال {آمنتم له} أي: صدّقتموه {قبل أن آذن لكم} أي: وما أمرتكم بذلك، وافتتّم عليّ في ذلك. وقال قولًا يعلم هو والسّحرة والخلق كلّهم أنّه بهت وكذبٌ: {إنّه لكبيركم الّذي علّمكم السّحر} أي أنتم إنّما أخذتم السّحر عن موسى، واتّفقتم أنتم وإيّاه عليّ وعلى رعيّتي، لتظهروه، كما قال في الآية الأخرى: {إنّ هذا لمكرٌ مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون} [الأعراف 123].
ثمّ أخذ يتهدّدهم فقال: {فلأقطّعنّ أيديكم وأرجلكم من خلافٍ ولأصلّبنّكم في جذوع النّخل} أي: لأجعلنّكم مثلةً [ولأقتلنّكم] ولأشهّرنّكم.
قال ابن عبّاسٍ: فكان أوّل من فعل ذلك. رواه ابن أبي حاتمٍ.
وقوله: {ولتعلمنّ أيّنا أشدّ عذابًا وأبقى} أي أنتم تقولون: إنّي وقومي على ضلالةٍ، وأنتم مع موسى وقومه على الهدى. فسوف تعلمون من يكون له العذاب ويبقى فيه). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 304]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (فلمّا صال عليهم بذلك وتوعّدهم، هانت عليهم أنفسهم في اللّه عزّ وجلّ، و {قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البيّنات} أي: لن نختارك على ما حصل لنا من الهدى واليقين. {والّذي فطرنا} يحتمل أن يكون قسمًا، ويحتمل أن يكون معطوفًا على البيّنات.
يعنون: لا نختارك على فاطرنا وخالقنا الّذي أنشأنا من العدم، المبتدئ خلقنا من الطّين، فهو المستحقّ للعبادة والخضوع لا أنت.
{فاقض ما أنت قاضٍ} أي: فافعل ما شئت وما وصلت إليه يدك، {إنّما تقضي هذه الحياة الدّنيا} أي: إنّما لك تسلّط في هذه الدّار، وهي دار الزّوال ونحن قد رغبنا في دار القرار). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 304]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (73)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إنّا آمنّا بربّنا ليغفر لنا خطايانا} أي: ما كان منّا من الآثام، خصوصًا ما أكرهتنا عليه من السّحر لنعارض به آية اللّه تعالى ومعجزة نبيّه.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا نعيم بن حمّادٍ، حدّثنا سفيان بن عيينة، عن أبي سعيدٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {وما أكرهتنا عليه من السّحر} قال: أخذ فرعون أربعين غلامًا من بني إسرائيل فأمر أن يعلّموا السّحر بالفرما، وقال: علّموهم تعليمًا لا يعلمه أحدٌ في الأرض. قال ابن عبّاسٍ: فهم من الّذين آمنوا بموسى، وهم من الّذين قالوا: {[إنّا] آمنّا بربّنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السّحر}.
وكذا قال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم.
وقوله: {واللّه خيرٌ وأبقى} أي: خيرٌ لنا منك {وأبقى} أي: أدوم ثوابًا ممّا كنت وعدتنا ومنّيتنا. وهو روايةٌ عن ابن إسحاق، رحمه اللّه.
وقال محمّد بن كعبٍ القرظي: {واللّه خير} أي: لنا منك إن أطيع، {وأبقى} أي: منك عذابًا إن عصي.
وروي نحوه عن ابن إسحاق أيضًا:
والظّاهر أنّ فرعون -لعنه اللّه- صمّم على ذلك وفعله بهم، رحمهم اللّه؛ ولهذا قال ابن عبّاسٍ وغيره من السّلف: أصبحوا سحرةً، وأمسوا شهداء). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 305]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا (74)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إنّه من يأت ربّه مجرمًا فإنّ له جهنّم لا يموت فيها ولا يحيا (74) ومن يأته مؤمنًا قد عمل الصّالحات فأولئك لهم الدّرجات العلا (75) جنّات عدنٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكّى (76)}.
الظّاهر من السّياق أنّ هذا من تمام ما وعظ به السّحرة لفرعون، يحذّرونه من نقمة اللّه وعذابه الدّائم السّرمديّ، ويرغّبونه في ثوابه الأبديّ المخلّد، فقالوا: {إنّه من يأت ربّه مجرمًا} أي: يلقى اللّه يوم القيامة وهو مجرمٌ، {فإنّ له جهنّم لا يموت فيها ولا يحيا} كقوله: {لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفّف عنهم من عذابها كذلك نجزي كلّ كفورٍ} [فاطرٍ: 36]، وقال: {ويتجنّبها الأشقى * الّذي يصلى النّار الكبرى * ثمّ لا يموت فيها ولا يحيا} [الأعلى: 11-13]، وقال تعالى: {ونادوا يامالك ليقض علينا ربّك قال إنّكم ماكثون} [الزّخرف: 77].
وقال الإمام أحمد بن حنبلٍ: حدّثنا إسماعيل، أخبرنا سعيد بن يزيد، عن أبي نضرة، عن أبي سعيدٍ الخدريّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أمّا أهل النّار الّذين هم أهلها، فإنّهم لا يموتون فيها ولا يحيون ولكنّ [النّاس] تصيبهم النّار بذنوبهم، فتميتهم إماتةً، حتّى إذا صاروا فحمًا، أذن في الشّفاعة، جيء بهم ضبائر، ضبائر، فبثّوا على أنهار الجنّة، فيقال: يا أهل الجنّة، أفيضوا عليهم فينبتون نبات الحبّة تكون في حميل السيل"
فقال رجلٌ من القوم: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان بالبادية.
وهكذا أخرجه مسلمٌ في كتابه الصّحيح من رواية شعبة وبشر بن المفضّل، كلاهما عن أبي مسلمة سعيد بن يزيد به.
وقال ابن أبي حاتمٍ: ذكر عن عبد الوارث بن عبد الصّمد بن عبد الوارث قال: حدّثنا أبي حدّثنا حيّان، سمعت سليمان التّيميّ، عن أبي نضرة، عن أبي سعيدٍ؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خطب فأتى على هذه الآية: {إنّه من يأت ربّه مجرمًا فإنّ له جهنّم لا يموت فيها ولا يحيا}، قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "أمّا أهلها الّذين هم أهلها، فلا يموتون فيها ولا يحيون، وأمّا الّذين ليسوا من أهلها، فإنّ النّار تمسّهم، ثمّ يقوم الشّفعاء فيشفعون، فتجعل الضّبائر، فيؤتى بهم نهرًا يقال له: الحياة -أو: الحيوان- فينبتون كما ينبت القثّاء في حميل السّيل"). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 305-306]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا (75)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ومن يأته مؤمنًا قد عمل الصّالحات} أي: ومن لقي ربّه يوم المعاد مؤمن القلب، قد صدق ضميره بقوله وعمله، {فأولئك لهم الدّرجات العلا} أي: الجنّة ذات الدّرجات العاليات، والغرف الآمنات، والمساكن الطّيّبات.
قال الإمام أحمد: حدّثنا عفّان، أنبأنا همّام، حدّثنا زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسارٍ، عن عبادة بن الصّامت، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "الجنّة مائة درجةٍ، ما بين كلّ درجتين كما بين السّماء والأرض، والفردوس أعلاها درجةً ومنها تخرج الأنهار الأربعة، والعرش فوقها، فإذا سألتم اللّه فاسألوه الفردوس".
ورواه التّرمذيّ، من حديث يزيد بن هارون، عن همّامٍ، به.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا سليمان بن عبد الرّحمن الدّمشقيّ، أخبرنا خالد بن يزيد بن أبي مالكٍ، عن أبيه قال: كان يقال: الجنّة مائة درجةٍ، في كلّ درجةٍ مائة درجةٍ، بين كلّ درجتين كما بين السّماء والأرض، فيهنّ الياقوت والحليّ، في كلّ درجةٍ أميرٌ، يرون له الفضل والسّؤدد.
وفي الصّحيحين: "أنّ أهل علّيّين ليرون من فوقهم كما ترون الكوكب الغابر في أفق السّماء، لتفاضل ما بينهم". قالوا: يا رسول اللّه، تلك منازل الأنبياء؟ قال: "بلى والّذي نفسي بيده، رجالٌ آمنوا باللّه وصدقوا المرسلين".
وفي السّنن: "وإنّ أبا بكرٍ وعمر لمنهم وأنعما"). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 306-307]

تفسير قوله تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (76)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {جنّات عدنٍ تجري} أي: إقامةٌ وهو بدلٌ من الدّرجات العلى، {[تجري من تحتها الأنهار] خالدين فيها} أي: ماكثين أبدًا، {وذلك جزاء من تزكّى} أي: طهّر نفسه من الدّنس والخبث والشّرك، وعبد اللّه وحده لا شريك له، وصدّق المرسلين فيما جاءوا به من خبر وطلب). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 307]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:49 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة