العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة طه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2 جمادى الآخرة 1434هـ/12-04-2013م, 08:48 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير سورة طه [ من الآية (131) إلى الآية (135) ]

{وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (131) وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132) وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى (133) وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آَيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى (134) قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى (135}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 2 جمادى الآخرة 1434هـ/12-04-2013م, 08:52 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (131) )
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا أبو أسامة، عن هشام بن عروة، قال: قال لنا أبي: إذا رأى أحدكم شيئًا من زينة الدّنيا وزهرتها فليأت أهله فليأمرهم بالصّلاة وليصطبر عليها، فإنّ اللّه، قال لنبيّه صلى الله عليه وسلم: {ولا تمدّنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجًا منهم} ثمّ قرأ إلى آخر الآية). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 403]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولا تمدّنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجًا منهم زهرة الحياة الدّنيا لنفتنهم فيه ورزق ربّك خيرٌ وأبقى}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: ولا تنظر إلى ما جعلنا لضرباء هؤلاء المعرضين عن آيات ربّهم وأشكالهم متعةً في حياتهم الدّنيا، يتمتّعون بها، من زهرة عاجل الدّنيا ونضرتها {لنفتنهم فيه} يقول: لنختبرهم فيما متّعناهم به من ذلك، ونبتليهم، فإنّ ذلك فانٍ زائلٌ، وغرورٌ وخدعٌ تضمحلّ {ورزق ربّك} الّذي وعدك أن يرزقكه في الآخرة حتّى ترضى، وهو ثوابه إيّاه {خيرٌ} لك ممّا متّعناهم به من زهرة الحياة الدّنيا {وأبقى} يقول: وأدوم، لأنّه لا انقطاع له ولا نفاذ.
وذكر أنّ هذه الآية نزلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، من أجل أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بعث إلى يهوديٍّ يستسلف منه طعامًا، فأبى أن يسلّفه إلاّ برهنٍ
ذكر الروايه ذلك:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن موسى بن عبيدة، عن يزيد بن عبد اللّه بن قسيطٍ، عن أبي رافعٍ، قال: أرسلني رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى يهوديٍّ يستسلفه، فأبى أن يعطيه إلاّ برهنٍ، فحزن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فأنزل اللّه: {ولا تمدّنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجًا منهم زهرة الحياة الدّنيا}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا محمّد بن كثيرٍ، عن عبد اللّه بن واقدٍ، عن يعقوب بن زيدٍ، عن أبي رافعٍ، قال: نزل برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ضيفٌ: فأرسلني إلى يهوديٍّ بالمدينة أستسلفه، فأتيته، فقال: لا أسلفه إلاّ برهنٍ، فأخبرته بذلك، فقال: " إنّي لأمينٌ في أهل السّماء وفي أهل الأرض، فاحمل درعي إليه " فنزلت: {ولقد آتيناك سبعًا من المثاني والقرآن العظيم} وقوله: {ولا تمدّنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجًا منهم زهرة الحياة الدّنيا} إلى قوله: {والعاقبة للتّقوى}.
ويعني بقوله: {أزواجًا منهم} رجالاً منهم أشكالاً، وبزهرة الحياة الدّنيا: زينة الحياة الدّنيا.
- كما: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {زهرة الحياة الدّنيا} أي زينة الحياة الدّنيا.
ونصب زهرة الحياة الدّنيا على الخروج من الهاء الّتي في قوله به من {متّعنا به} كما يقال: مررت به الشّريف الكريم، فنصب الشّريف الكريم على فعل مررت، وكذلك قوله: {إلى ما متّعنا به أزواجًا منهم زهرة الحياة الدّنيا} تنصب على الفعل بمعنى: متّعناهم به زهرةً في الحياة الدّنيا وزينةً لهم فيها، وذكر الفرّاء أنّ بعض بني فقعسٍ أنشده:
أبعد الّذي بالسّفح سفح كواكبٍ = رهينة رمسٍ من ترابٍ وجندل
فنصب رهينة على الفعل من قوله: " أبعد الّذي بالسّفح "، وهذا لا شكّ أنّه أضعف في العمل نصبًا من قوله: {متّعنا به أزواجًا منهم} لأنّ العامل في الاسم الذى هو رهينة، حرفٌ خافضٌ لا ناصبٌ.
وبنحو الّذي قلنا في معنى قوله {لنفتنهم فيه ورزق ربّك خيرٌ وأبقى}، قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {لنفتنهم فيه} قال: لنبتليهم فيه {ورزق ربّك خيرٌ وأبقى} ممّا متّع به هؤلاء من هذه الدّنيا). [جامع البيان: 16/213-216]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا الحسن بن يعقوب، ثنا محمّد بن عبد الوهّاب، أنبأ جعفر بن عونٍ، أنبأ مسعرٌ، حدّثني علقمة بن مرثدٍ، عن المغيرة اليشكريّ، عن المعرور بن سويدٍ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ رضي اللّه عنه، قال: قالت أمّ حبيبة بنت أبي سفيان: اللّهمّ متّعني بزوجي رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، وبأبي سفيان وبأخي معاوية. فقال لها رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «إنّك دعوت اللّه لآجالٍ معلومةٍ، وأرزاقٍ مقسومةٍ، وآثارٍ مبلوغةٍ لا يعجّل شيءٌ منها قبل حلّه، ولا يؤخّر شيءٌ منها بعد حلّه فلو دعوت اللّه أن يعافيك أو سألت اللّه أن يعيذك أو يعافيك من عذاب النّار أو عذاب القبر لكان خيرًا أو لكان أفضل» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/413]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني أبو بكرٍ أحمد بن إسحاق، أنبأ الحسن بن عليّ بن زيادٍ، ثنا عبد العزيز بن عبد اللّه الأويسيّ، حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن عبيد بن عميرٍ، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة رضي اللّه عنها، أنّها قالت: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «فتنة القبر فيّ فإذا سئلتم عنّي فلا تشكّوا» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/414]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال أبو بكر بن أبي شيبة: ثنا وكيع بن الجراح، عن موسى بن عبيدة عن يزيد بن عبد اللّه، عن أبي رافعٍ قال: "نزل بالنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ضيفٌ فبعثني إلى يهوديٍّ فقال: قل له: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول لك: بعنا أو أسلفنا إلى رجبٍ. فقلت له فقال: واللّه لا أبيعه ولا أسلفه إلّا برهنٍ. فرجعت إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فأخبرته، فقال: أما والله إن باعني أو أسلفني لقضيته إنّي لأمينٌ في السّماء أمينٌ في الأرض، اذهب بدرعي الحديد. فذهبت بها، فنزلت هذه الآية تعزيةً عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم (ولا تمدّنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجًا منهم) .
رواه إسحاق بن راهويه وأبو يعلى الموصليّ، كلاهما من طريق موسى بن عبيدة به، وتقدم في كتاب....). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/245]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال أبو بكرٍ: حدثنا وكيعٌ، عن موسى بن عبيدة، عن يزيد بن عبد اللّه، هو ابن قسيطٍ، عن أبي رافعٍ رضي الله عنه قال: نزل بالنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ضيفٌ، فبعثني صلّى اللّه عليه وسلّم إلى يهوديٍّ فقال: قل له: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول لك: بعنا أو أسلفنا إلى رجبٍ. فقلت له.
فقال: واللّه لا أبيعه ولا أسلفه إلّا برهنٍ فرجعت إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فأخبرته فقال صلّى اللّه عليه وسلّم: أما واللّه إنّه لو باعني أو أسلفني لقضيته. إنّي أمينٌ في السّماء. أمينٌ في الأرض. اذهب بدرعي الحديد. فذهبت بها فنزلت هذه الآية تعزيةً للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {ولا تمدّنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجًا منهم} ). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/53]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن زاهويه والبزار وأبو يعلى، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والخرائطي في مكارم الأخلاق وأبو نعيم في المعرفة عن أبي رافع قال: أضاف النّبيّ صلى الله عليه وسلم ضيفا ولم يكن عند النّبيّ صلى الله عليه وسلم ما يصلحه فأرسلني إلى رجل من اليهود أن بعنا أو أسلفنا دقيقا إلى هلال رجب، فقال: لإ إلا برهن، فأتيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: أما والله إني لأمين في السماء أمين في الأرض ولو أسلفني أو باعني لأديت إليه اذهب بدرعي الحديد فلما أخرج من عنده حتى نزلت هذه الآية {ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم} كأنه يعزيه عن الدنيا). [الدر المنثور: 10/264]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله: {ولا تمدن عينيك} الآية، قال: تعزية لرسول الله صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 10/264]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن ما أخوف ما أخاف عليكم ما يفتح الله لكم من زهرة الدنيا، قالوا: وما زهرة الدنيا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بركات الأرض). [الدر المنثور: 10/264]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {زهرة الحياة الدنيا} قال: زينة الحياة الدنيا {لنفتنهم فيه} قال: لنبتليهم فيه {ورزق ربك خير وأبقى} قال: مما متع به هؤلاء من زهرة الدنيا). [الدر المنثور: 10/264-265]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {ورزق ربك خير وأبقى} يقول: رزق الجنة). [الدر المنثور: 10/265]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج المرهبي في فضل العلم عن زياد الصدعي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من طلب العلم تكفل الله برزقه). [الدر المنثور: 10/265]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج المرهبي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من غدا في طلب العلم أظلت عليه الملائكة وبورك له في معيشته ولم ينقص من رزقه وكان عليه مباركا). [الدر المنثور: 10/265]

تفسير قوله تعالى: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132) )
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا أبو أسامة، عن هشام بن عروة، قال: قال لنا أبي: إذا رأى أحدكم شيئًا من زينة الدّنيا وزهرتها فليأت أهله فليأمرهم بالصّلاة وليصطبر عليها، فإنّ اللّه، قال لنبيّه صلى الله عليه وسلم: {ولا تمدّنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجًا منهم} ثمّ قرأ إلى آخر الآية). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 403](م)

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأمر أهلك بالصّلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقًا نحن نرزقك والعاقبة للتّقوى}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: {وأمر} يا محمّد {أهلك بالصّلاة واصطبر عليها} يقول: واصطبر على القيام بها، وأدائها بحدودها أنت. {لا نسألك رزقًا} يقول: لا نسألك مالاً، بل نكلّفك عملاً ببدنك، نؤتيك عليه أجرًا عظيمًا وثوابًا جزيلاً {نحن نرزقك}. يقول: نحن نعطيك المال ونكسبكه، ولا نسألكه.
وقوله: {والعاقبة للتّقوى} يقول: والعاقبة الصّالحة من عمل كلّ عاملٍ لأهل التّقوى والخشية من اللّه دون من لا يخاف له عقابًا، ولا يرجو له ثوابًا.
وبنحو الّذي قلنا في قوله {وأمر أهلك بالصّلاة واصطبر عليها} قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني أبو السّائب، قال: حدّثنا حفص بن غياثٍ، عن هشام بن عروة، قال: كان عروة إذا رأى ما عند السّلاطين دخل داره، فقال: {ولا تمدّنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجًا منهم زهرة الحياة الدّنيا لنفتنهم فيه ورزق ربّك خيرٌ وأبقى وأمر أهلك بالصّلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقًا نحن نرزقك والعاقبة للتّقوى} ثمّ ينادي: الصّلاة الصّلاة، يرحمكم اللّه.
- حدّثنا أبو كريبٍ قال، حدّثنا عثّامٌ، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أنّه كان إذا رأى شيئًا من الدّنيا جاء إلى أهله، فقال: الصّلاة {وأمر أهلك بالصّلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقًا}.
- حدثنا العباس بن عبد العظيم، قال: حدّثنا جعفر بن عون، قال: أخبرنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: كان يبيت عند عمر بن الخطاب من غلمانه أنا ويرفأ، وكانت له من الليل ساعة يصليها، فإذا قلنا لا يقوم من الليل كما كان يقوم يكون أبكر ما كان قياما، وكان إذا صلى من الليل ثم فرغ قرأ هذه الآية {وأمر أهلك بالصّلاة واصطبر عليها}..... الآية.
- حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه عن عمر مثله). [جامع البيان: 16/216-217]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {وأمر أهلك بالصّلاة} [طه: 132].
- عن عبد اللّه بن سلامٍ قال: «كان النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - إذا نزل بأهله الصّيف أمرهم بالصّلاة، ثمّ قرأ وأمر أهلك بالصّلاة واصطبر عليها» - الآية.
رواه الطّبرانيّ في الأوسط، ورجاله ثقاتٌ). [مجمع الزوائد: 7/67]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 132.
أخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {وأمر أهلك بالصلاة} قال: قومك). [الدر المنثور: 10/265]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان الثوري في قوله: {لا نسألك رزقا} قال: لا نكلفك بالطلب). [الدر المنثور: 10/265-266]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عروة أنه كان إذا دخل على أهل الدنيا فرأى من دنياهم طرفا فإذا رجع إلى أهله فدخل الدار قرأ {ولا تمدن عينيك} إلى قوله: {نحن نرزقك} ثم يقول: الصلاة، الصلاة رحمكم الله). [الدر المنثور: 10/266]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه، وابن عساكر، وابن النجار عن أبي سعيد الخدري قال: لما نزلت {وأمر أهلك بالصلاة} كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يجيء إلى باب علي صلاة الغداة ثمانية أشهر يقول: الصلاة رحمكم الله (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (الأحزاب آية 33) ). [الدر المنثور: 10/266]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد في الزهد، وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن ثابت قال: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا أصابت أهله خصاصة نادى أهله بالصلاة: صلوا، صلوا، قال ثابت: وكانت الأنبياء إذا نزل بهم أمر فزعوا إلى الصلاة). [الدر المنثور: 10/266-267]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق في المصنف، وعبد بن حميد عن معمر عن رجل من قريش قال: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا دخل على أهله بعض الضيق في الرزق أمر أهله بالصلاة ثم قرأ {وأمر أهلك بالصلاة} الآية). [الدر المنثور: 10/267]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور، وابن المنذر والطبراني في الأوسط وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإيمان بسند صحيح عن عبد الله بن سلام قال: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا نزلت بأهله شدة أو ضيق أمرهم بالصلاة وتلا {وأمر أهلك بالصلاة} الآية). [الدر المنثور: 10/267]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج مالك والبيهقي عن أسلم قال: كان عمر بن الخطاب يصلي من الليل ما شاء الله أن يصلي حتى إذا كان آخر الليل أيقظ أهله للصلاة ويقول لهم: الصلاة، الصلاة، ويتلو هذه الآية: {وأمر أهلك بالصلاة}). [الدر المنثور: 10/267]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن هشام بن عروة قال: قال لنا أبي: إذا رأى أحدكم شيئا من زينة الدنيا وزهرتها فليأت أهله وليأمر أهله بالصلاة وليصطبر عليها فإن الله قال لنبيه: {ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم} وقرأ إلى آخر الآية). [الدر المنثور: 10/267]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في وله {والعاقبة للتقوى} قال: هي الجنة، والله أعلم). [الدر المنثور: 10/268]

تفسير قوله تعالى: (وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى (133) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقالوا لولا يأتينا بآيةٍ من ربّه أولم تأتهم بيّنة ما في الصّحف الأولى}.
يقول تعالى ذكره: قال هؤلاء المشركون الّذين وصف صفتهم في الآيات قبل: هلاّ يأتينا محمّدٌ بآيةٍ من ربّه، كما أتى قومه صالحٌ بالنّاقة وعيسى بإحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص. يقول اللّه جلّ ثناؤه: أولم يأتهم بيان ما في الكتب الّتي قبل هذا الكتاب من أنباء الأمم من قبلهم الّتي أهلكناهم لمّا سألوا الآيات فكفروا بها لمّا أتتهم كيف عجّلنا لهم العذاب، وأنزلنا بهم بأسنا بكفرهم بها، يقول: فماذا يؤمّنهم إن أتتهم الآية أن يكون حالهم حال أولئك.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {أولم تأتهم بيّنة ما في الصّحف الأولى} قال: التّوراة والإنجيل.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ عن ابن جريجٍ عن مجاهدٍ مثله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {أولم تأتهم بيّنة ما في الصّحف الأولى} الكتب الّتي خلت من الأمم الّتي يمشون في مساكنهم). [جامع البيان: 16/218]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله بينة ما في الصحف الأولى قال يعني التوراة والإنجيل). [تفسير مجاهد: 406]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 133 - 135.
أخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {أو لم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى} قال: التوراة والإنجيل). [الدر المنثور: 10/268]

تفسير قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آَيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى (134) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولو أنّا أهلكناهم بعذابٍ من قبله لقالوا ربّنا لولا أرسلت إلينا رسولاً فنتّبع آياتك من قبل أن نذلّ ونخزى}.
يقول تعالى ذكره: ولو أنّا أهلكنا هؤلاء المشركين الّذين يكذّبون بهذا القرآن من قبل أن ننزّله عليهم، ومن قبل أن نبعث داعيًا يدعوهم إلى ما فرضنا عليهم فيه بعذابٍ ننزّله بهم بكفرهم باللّه، لقالوا يوم القيامة، إذا وردوا علينا، فأردنا عقابهم: ربّنا هلاّ أرسلت إلينا رسولاً يدعونا إلى طاعتك {فنتّبع آياتك} يقول: فنتّبع حجّتك وأدلّتك وما تنزّله عليه من أمرك ونهيك من قبل أن نذلّ بتعذيبك إيّانا ونخزى به.
- كما: حدّثني الفضل بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو قتيبة سلم بن قتيبة، عن فضيل بن مرزوقٍ، عن عطيّة العوفيّ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: " يحتجّ على اللّه يوم القيامة ثلاثةٌ: الهالك في الفترة، والمغلوب على عقله، والصّبيّ الصّغير، فيقول المغلوب على عقله: لم تجعل لي عقلاً أنتفع به، ويقول الهالك في الفترة: لم يأتني رسولٌ ولا نبيّ، ولو أتاني لك رسولٌ أو نبيّ لكنت أطوع خلقك لك. وقرأ: {لولا أرسلت إلينا رسولاً} ويقول الصّبيّ الصّغير: كنت صغيرًا لا أعقل " قال: " فترفع لهم نارٌ ويقال لهم: ردوها " قال: " فيردها من كان في علم اللّه أنّه سعيدٌ، ويتلكّأ عنها من كان في علم اللّه أنّه شقيّ، فيقول: إيّاي عصيتم، فكيف برسلي لو أتتكم؟ "). [جامع البيان: 16/219]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية قال: الهالك في الفترة والمعتوه والمولود يقول: رب لم يأتني كتاب ولا رسول، وقرأ هذه الآية {ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا} الآية). [الدر المنثور: 10/268]

تفسير قوله تعالى: (قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى (135) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل كلٌّ مّتربّصٌ فتربّصوا فستعلمون من أصحاب الصّراط السّويّ ومن اهتدى}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل يا محمّد: كلّكم أيّها المشركون باللّه متربّصٌ يقول: منتظرٌ لمن يكون الفلاح، وإلى ما يئول أمري وأمركم متوقّفٌ ينتظر دوائر الزّمان {فتربّصوا} يقول: فترقّبوا وانتظروا، {فستعلمون من أصحاب الصّراط السّويّ} يقول: فسيعلمون من أهل الطّريق المستقيم المعتدل الّذي لا اعوجاج فيه إذا جاء أمر اللّه وقامت القيامة، أنحن أم أنتم؟ {ومن اهتدى} يقول: وستعلمون حينئذٍ من المهتدي الّذي هو على سنن الطّريق القاصد غير الجائر عن قصده منّا ومنكم.
وفي " من " من قوله: {فستعلمون من أصحاب الصّراط السّويّ} والثّانية من قوله: {ومن اهتدى} وجهان: الرّفع، وترك أعمال تعلمون فيهما، كما قال جلّ ثناؤه: {لنعلم أيّ الحزبين أحصى} والنّصب على أعمال تعلمون فيهما، كما قال جلّ ثناؤه: {واللّه يعلم المفسد من المصلح} ). [جامع البيان: 16/220]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {أصحاب الصراط السوي} قال: العدل). [الدر المنثور: 10/268]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 2 جمادى الآخرة 1434هـ/12-04-2013م, 08:55 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (131)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولا تمدّنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجًا منهم} [طه: 131] تفسير مجاهدٍ يعني: الأغنياء.
{زهرة الحياة الدّنيا} [طه: 131] قال قتادة: زينة الحياة الدّنيا.
أمره أن يزهد في الدّنيا.
{لنفتنهم فيه} [طه: 131] قال قتادة: لنبتليهم.
قال يحيى: لنختبرهم فيه.
- حدّثني خالد بن حيّان، عن عبد الرّحمن بن ثوبان قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " خصلتان من كانتا فيه كتبه اللّه شاكرًا صابرًا، ومن لم تكونا فيه لم يكتبه اللّه شاكرًا ولا صابرًا: من نظر إلى من فوقه في الدّين
[تفسير القرآن العظيم: 1/294]
ومن دونه في الدّنيا، فاقتدى بهما، كتبه اللّه شاكرًا صابرًا.
ومن نظر إلى من فوقه في الدّنيا، ودونه في الدّين فاقتدى بهما، لم يكتبه اللّه شاكرًا ولا صابرًا ".
- نا الحسن بن دينارٍ عن الحسن قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «خير الرّزق الكفاف، اللّهمّ اجعل رزق آل محمّدٍ كفافًا».
قوله: {ورزق ربّك} [طه: 131] في الجنّة.
{خيرٌ} [طه: 131] من الدّنيا.
{وأبقى} [طه: 131] لا نفاد لذلك الرّزق.
سعيدٌ عن قتادة قال: {ورزق ربّك خيرٌ وأبقى} [طه: 131] ممّا متّع به هؤلاء من زهرة الحياة الدّنيا). [تفسير القرآن العظيم: 1/295]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ولا تمدّنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجاً مّنهم...}

يريد: رجالاً منهم.
وقوله: {زهرة الحياة الدّنيا} نصبت الزهرة على الفعل متعناهم به زهرةً في الحياة وزينةً فيها. و(زهرةً) وإن كان معرفةً فإن العرب تقول: مررت به الشريف الكريم.
وأنشدني بعض بني فقعسٍ:
أبعد الذي بالسّفح سفح كواكبٍ =رهينة رمسٍ من تراب وجندل
فنصب الرهينة بالفعل، وإنما وقع على الاسم الذي هو الرهينة خافض فهذا أضعف من (متّعنا) وأشباهه). [معاني القرآن: 2/196]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {زهرة الحياة الدّنيا} أي زينة الدنيا وجمالها). [مجاز القرآن: 2/30]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {لنفتنهم فيه} أي لنبلوهم فيه). [مجاز القرآن: 2/33]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {زهرة الحياة الدنيا}: زينتها وجمالها.
{لنفتنهم فيه}: لنختبرهم). [غريب القرآن وتفسيره: 252]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وزهرة الحياة} أي زينتها. وهو من زهرة النبات وحسنة.
{لنفتنهم} أي لنختبرهم). [تفسير غريب القرآن: 283]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {ولا تمدّنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدّنيا لنفتنهم فيه ورزق ربّك خير وأبقى}
أي رجالا منهم.
{زهرة الحياة الدّنيا}.و(زهرة) جميعا - بفتح الهاء وتسكينها - و (زهرة) منصوب بمعنى متعنا لأن معناه جعلنا لهم الحياة الدنيا زهرة.
{لنفتنهم فيه}أي لنجعل ذلك فتنة لهم). [معاني القرآن: 3/381،380]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ}: لنختبرهم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 154]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لِنَفْتِنَهُمْ}: لنختبرهم). [العمدة في غريب القرآن: 205]

تفسير قوله تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وأمر أهلك بالصّلاة} [طه: 132] وأهله في هذا الموضع: أمّته.
{واصطبر عليها لا نسألك رزقًا} [طه: 132] قال بعضهم: لا نسألك على ما أعطيناك من النّبوّة رزقًا.
وتفسير الحسن في الّتي في الذّاريات: {ما أريد منهم من رزقٍ} [الذاريات: 57] أن يرزقوا أنفسهم.
قال يحيى: فإن كانت هذه عند الحسن مثلها فهو: {لا نسألك رزقًا} [طه: 132] أن ترزق نفسك وهو أعجب إليّ.
قال يحيى: {نحن نرزقك والعاقبة للتّقوى} [طه: 132] أي: لأهل التّقوى.
والعاقبة: الجنّة كقوله: {والآخرة عند ربّك للمتّقين} [الزخرف: 35] قوله: {وقالوا لولا} [طه: 133] هلا). [تفسير القرآن العظيم: 1/295]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {لا نسألك رزقاً...}

أجراً على ذلك. وكذلك قوله: {ورزق ربّك} يريد: وثواب ربك). [معاني القرآن: 2/196]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وأمر أهلك بالصّلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقاً نّحن نرزقك والعاقبة للتّقوى}
وقال: {للتّقوى} لأهل التقوى وفي حرف ابن مسعود {وإن العاقبة للتّقوى} ). [معاني القرآن: 3/6]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لا نسألك رزقاً} أي لا نسألك رزقا لخلقنا، ولا رزقا لنفسك). [تفسير غريب القرآن: 283]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى (133)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {يأتينا بآيةٍ من ربّه} [طه: 133] قال اللّه: {أولم تأتهم بيّنة ما في الصّحف الأولى} [طه: 133] التّوراة والإنجيل كقوله: {النّبيّ الأمّيّ الّذي يجدونه مكتوبًا عندهم في التّوراة
[تفسير القرآن العظيم: 1/295]
والإنجيل} [الأعراف: 157].
قال مجاهدٌ: التّوراة والإنجيل.
وقال قتادة: الكتب قبله.
وهو واحدٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/296]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله عزّ وجلّ: {وقالوا لولا يأتينا بآية من ربّه أولم تأتهم بيّنة ما في الصّحف الأولى}

معناه هلّا يأتينا بآية من ربّه، وقد أتتهم البينات والآيات ولكنهم طلبوا أن يقترحوا هم ما يؤيدون من الآيات). [معاني القرآن: 3/381]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آَيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى (134)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولو أنّا أهلكناهم بعذابٍ من قبله} [طه: 134] من قبل القرآن.
{لقالوا ربّنا لولا} [طه: 134] هلا.
{أرسلت إلينا رسولا فنتّبع آياتك من قبل أن نذلّ ونخزى} [طه: 134] في العذاب). [تفسير القرآن العظيم: 1/296]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أنّا أهلكناهم بعذابٍ مّن قبله...}

من قبل الرسول (لقالوا) كيف أهلكنا من قبل أن أرسل إلينا رسولٌ. فالهاء لمحمّد صلى الله عليه وسلم. ويقال إن الهاء للتنزيل. وكلٌّ صوابٌ). [معاني القرآن: 2/197]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {ولو أنّا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربّنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتّبع آياتك من قبل أن نذلّ ونخزى}
{من قبل أن نذلّ ونخزى}يجوز فيها يذل ويخزى). [معاني القرآن: 3/381]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى (135)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه تبارك وتعالى للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {قل كلٌّ متربّصٌ} [طه: 135] نحن وأنتم.
وكان المشركون يتربّصون بالنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أن يموت، وكان النّبيّ عليه السّلام يتربّص بهم أن يجيئهم العذاب.
قال اللّه: {فستعلمون من أصحاب الصّراط السّويّ} [طه: 135] الطّريق العدل المستقيم إلى الجنّة.
وقال السّدّيّ: {الصّراط السّويّ} [طه: 135] يعني: الدّين العدل، وهو الإسلام.
{ومن اهتدى} [طه: 135] أي: فستعلمون أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم والمؤمنين كانوا على الصّراط السّويّ، وهو طريق الجنّة، وأنّهم ماتوا على الهدى). [تفسير القرآن العظيم: 1/296]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فستعلمون من أصحاب الصّراط السّويّ ومن اهتدى...}

من ومن في موضع رفع. وكلّ ما كان في القرآن مثله فهو مرفوع إذا كان بعده رافع. مثل قوله: {فستعلمون من هو في ضلالٍ مبينٍ} ومثله {لنعلم أي الحزبين أحصى}
ومثله {أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلالٍ مبين} ولو نصب كان صواباً، يكون بمنزلة قول الله {اللّه يعلم المفسد من المصلح} .
وقوله: {فستعلمون من أصحاب الصّراط السّويّ} الذين لم يضلّوا {ومن اهتدى} ممّن كان ضالاً فهدى). [معاني القرآن: 2/197]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {قل كلّ متربّص فتربّصوا فستعلمون من أصحاب الصّراط السّويّ ومن اهتدى}
{فستعلمون من أصحاب الصّراط السّويّ}
" من " في موضع رفع، ولا يجوز أن يعمل فيها {فستعلمون}، لأن معناه معنى التسوية، المعنى فستعلمون أصحاب الصراط السوي نحن أم هم،
فلم يعمل (فستعلمون) لأن لفظ الكلام لفظه لفظ الاستفهام.
ومعنى {أصحاب الصّراط السّويّ} أصحاب الطريق المستقيم، ويجوز من أصحاب الصراط السّوي ومن اهتدى.
{ومن اهتدى} أي فسيعلمون من أصحاب الطريقة السُّوءَى ومن المهتدي). [معاني القرآن: 3/381]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {الصراط السوي} أي: المستوي المستقيم). [ياقوتة الصراط: 356]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {ومن اهتدى} أي: ومن آمن). [ياقوتة الصراط: 356]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 2 جمادى الآخرة 1434هـ/12-04-2013م, 09:10 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (131) }
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (والزهرة زهرة الدنيا غضارتها وحسنها). [إصلاح المنطق: 429]

تفسير قوله تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132) }

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى (133) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آَيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى (134) }

تفسير قوله تعالى: {قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى (135) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 10:14 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 10:15 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 10:18 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (131)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى وقالوا لولا يأتينا بآية من ربه أولم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى}
قال بعض الناس: سبب هذه الآية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل به ضيف فلم يكن عنده شيء، فبعث إلى يهودي ليسلفه شعيرا، فأبى اليهودي إلا برهن، فبلغ الرسول ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: والله إني لأمين في السماء وأمين في الأرض، فرهنه درعه، فنزلت الآية في ذلك.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا معترض أن يكون سببا؛ لأن السورة مكية والقصة المذكورة مدنية في آخر عمر النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه مات ودرعه مرهونة بهذه القصة التي ذكرت، وإنما الظاهر أن الآية متناسقة مع ما قبلها، وذلك أن الله تعالى وبخهم على ترك الاعتبار بالأمم السابقة، ثم توعدهم بالعذاب المؤجل، ثم أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بالاحتقار لشأنهم والصبر على أقوالهم والإعراض عن أموالهم وما في أيديهم من الدنيا؛ إذ ذلك منصرم عنهم، صائر بهم إلى خزي.
[المحرر الوجيز: 6/146]
وقوله تعالى: {ولا تمدن عينيك} أبلغ من "ولا تنظر"، لأن الذي يمد بصره إنما يحمله على ذلك حرص مقترن، والذي ينظر قد لا يكون ذلك معه، و"الأزواج": الأنواع، فكأنه قال: إلى ما متعنا به أقواما منهم وأصنافا، وقوله: {زهرة الحياة الدنيا} شبه نعم هؤلاء الكفار بالزهر، وهو ما اصفر من النور، وقيل: الزهر: النور جملة؛ لأن الزهر له منظر ثم يضمحل، فكذلك حال هؤلاء، ونصب "زهرة" يجوز أن يكون بإضمار فعل تقديره: جعلناه زهرة، ويجوز أن ينصب على الحال، وذلك أن تعريفها ليس بمحض. وقرأت فرقة: "زهرة" بالتنوين، وقرأت فرقة: "زهرة" بالهاء مسكنة، وفرقة: "زهرة" بفتح الهاء. ثم أخبر تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن ذلك إنما هو ليختبرهم به، ويجعله فتنة لهم وأمرا يجازون عليه بالسوء لفساد تقلبهم فيه، ورزق الله تعالى الذي أحله للمتقين من عباده خير وأبقى، أي: ورزق الدنيا خير، ورزق الآخرة أبقى، وبين أنه خير من رزق الدنيا). [المحرر الوجيز: 6/147]

تفسير قوله تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أمره تبارك وتعالى بأن يأمر أهله بالصلاة ويمتثلها معهم ويصطبر عليها ويلازمها، وتكفل هو برزقه، لا إله إلا هو، وأخبره أن العاقبة لأولى التقوى وفي حيزها، فثم نصر الله في الدنيا ورحمته في الآخرة، وهذا الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، ويدخل في عمومه جميع أمته، وروي أن عروة بن الزبير رضي الله عنه كان إذا رأى شيئا من أخبار السلاطين وأحوالهم بادر إلى منزله فدخله وهو يقرأ هذه الآية ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى، ثم ينادي: الصلاة الصلاة يرحمكم الله، ويصلي، وكان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه
[المحرر الوجيز: 6/147]
يوقظ أهل داره لصلاة الليل ويصلي ويتمثل بهذه الآية. وقرأ الجمهور: "نحن نرزقك" بضم القاف، وقرأت فرقة: "نحن نرزقك" بسكونها). [المحرر الوجيز: 6/148]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى (133)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخبر تعالى عن طوائف من الكفار قالوا عن محمد صلى الله عليه وسلم: {لولا يأتينا بآية من ربه} أي بعلامة مما اقترحناها عليه، أو بما يبهر ويضطر.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ورسل الله تعالى إنما اقترنت معهم آيات معرضة للنظر، محفوفة بالبراهين العقلية، ليضل من سبق في علم الله ضلاله، ويهتدي من سبق في هداه، فوبخهم الله تعالى بقوله: {أولم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى} يعني التوراة، أعظم شاهد وأكبر آية له. وقرأ نافع، وأبو عمرو، وحفص عن عاصم: "تأتهم" على لفظة "بينة"، وقرأ الباقون وأبو بكر عن عاصم: "يأتهم" بالياء على المعنى، وقرأت فرقة: "بينة ما في الصحف" بالإضافة إلى "ما"، وقرأت فرقة: "بينة" بالتنوين، و"ما" بدل على هذه القراءة، وقرأت فرقة: "بينة ما" بالنصب، و"ما" على هذه القراءة - فاعلة بـ "تأتي"، وقرأ الجمهور: "في الصحف" بضم الحاء، وقرأت فرقة: "في الصحف" بسكونها). [المحرر الوجيز: 6/148]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آَيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى (134)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى قل كل متربص فتربصوا فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى}
أخبر الله تعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أنه لو أهلك هذه الأمة الكافرة قبل إرساله إليهم محمدا صلى الله عليه وسلم لقامت لهم حجة وقالوا: لولا أرسلت إلينا رسولا الآية. وروى أبو سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: يحتج على الله تعالى يوم القيامة ثلاثة: الهالك في الفترة، والمغلوب على عقله، والصبي الصغير، فيقول المغلوب على عقله: رب، لم لم تجعل لي عقلا؟ ويقول الصبي نحوه، ويقول الهالك في
[المحرر الوجيز: 6/148]
الفترة: يارب، لم لم ترسل إلي رسولا؟ ولو جاءني لكنت أطوع خلقك لك، قال: فترفع لهم نار، ويقال لهم: ردوها، قال: فيردها من كان في علم الله أنه سعيد، ويكع عنها الشقي، فيقول الله تبارك وتعالى: إياي عصيتم، فكيف برسلي لو أتتكم؟".
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
أما الصبي والمغلوب على عقله فبين أمرهما، وأما صاحب الفترة فليس ككفار قريش قبل النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن كفار قريش وغيرهم ممن علم وسمع عن نبوة ورسالة في أقطار الأرض فليس بصاحب فترة، والنبي صلى الله عليه وسلم قد قال للرجل الذي سأله عن أبيه: أبي وأبوك في النار، ورأى عمرو بن لحي في النار، إلى غير هذا مما يطول ذكره، وإنما صاحب الفترة يفرض أنه آدمي لم يصل إليه أن الله تعالى بعث رسولا ولا دعا إلى دين، وهذا قليل الوجود، اللهم إلا أن يشذ في أطراف الأرض المنقطعة عن العمران، والذل والخزي مقترنان بعذاب الآخرة). [المحرر الوجيز: 6/149]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى (135}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أمر الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أن يتوعدهم ويحملهم ونفسه على التربص وانتظار الفرج، و"التربص": التأني، و"الصراط": الطريق. وقرأت فرقة: "من أصحاب الصراط السوي"، وقرأت فرقة: "الصراط السواء"، فكأن هذه الآية قسمت الفريقين،
[المحرر الوجيز: 6/149]
أي: ستعلمون هذا من هذا، وقرأت فرقة: "الصراط السوا" بشد الواو وفتحها، وقرأت فرقة: "الصراط السوؤى" بضم السين وهمزة على الواو، على وزن فعلى. و"من اهتدى" معناه: رشد). [المحرر الوجيز: 6/150]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 9 محرم 1440هـ/19-09-2018م, 06:48 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 9 محرم 1440هـ/19-09-2018م, 06:52 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (131)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولا تمدّنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجًا منهم زهرة الحياة الدّنيا لنفتنهم فيه ورزق ربّك خيرٌ وأبقى (131) وأمر أهلك بالصّلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقًا نحن نرزقك والعاقبة للتّقوى (132)}
يقول تعالى لنبيّه محمّدٍ صلوات اللّه وسلامه عليه: لا تنظر إلى هؤلاء المترفين وأشباههم ونظرائهم، وما فيه من النّعم فإنّما هو زهرةٌ زائلةٌ، ونعمةٌ حائلةٌ، لنختبرهم بذلك، وقليلٌ من عبادي الشّكور.
وقال مجاهدٌ: {أزواجًا منهم} يعني: الأغنياء فقد آتاك [اللّه] خيرًا ممّا آتاهم، كما قال في الآية الأخرى: {ولقد آتيناك سبعًا من المثاني والقرآن العظيم * لا تمدّنّ عينيك إلى ما متّعنا به أزواجًا منهم} [الحجر: 87، 88]، وكذلك ما ادّخره اللّه تعالى لرسوله في الدّار الآخرة أمرٌ عظيمٌ لا يحدّ ولا يوصف، كما قال تعالى: {ولسوف يعطيك ربّك فترضى} [الضّحى: 5] ولهذا قال: {ورزق ربّك خيرٌ وأبقى}.
وفي الصّحيح: أنّ عمر بن الخطّاب لمّا دخل عليّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم في تلك المشربة الّتي كان قد اعتزل فيها نساءه، حين آلى منهم فرآه متوسّدًا مضطجعًا على رمال حصيرٍ وليس في البيت إلّا صبرة من قرظ، وأهب معلّقةٌ، فابتدرت عينا عمر بالبكاء، فقال رسول اللّه: " ما يبكيك ؟ ".
فقال: يا رسول اللّه، إنّ كسرى وقيصر فيما هما فيه، وأنت صفوة اللّه من خلقه؟ فقال: "أوفي شكٍّ أنت يا ابن الخطّاب؟ أولئك قومٌ عجّلت لهم طيّباتهم في حياتهم الدّنيا ".
فكان صلوات اللّه وسلامه عليه أزهد النّاس في الدّنيا مع القدرة عليها، إذا حصلت له ينفقها هكذا وهكذا، في عباد اللّه، ولم يدّخر لنفسه شيئًا لغدٍ.
قال ابن أبي حاتمٍ: أنبأنا يونس، أخبرني ابن وهبٍ، أخبرني مالكٌ، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيدٍ؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال: " إن أخوف ما أخاف عليكم ما يفتح اللّه من زهرة الدّنيا ". قالوا: وما زهرة الدّنيا يا رسول اللّه؟ قال: " بركات الأرض ".
وقال قتادة والسّدّيّ: زهرة الحياة الدّنيا، يعني: زينة الحياة الدّنيا.
وقال قتادة {لنفتنهم فيه} لنبتليهم). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 326-327]

تفسير قوله تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وأمر أهلك بالصّلاة واصطبر عليها} أي: استنقذهم من عذاب اللّه بإقام الصّلاة، واصطبر أنت على فعلها كما قال تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارًا} [التّحريم: 6].
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا أحمد بن صالحٍ، حدّثنا ابن وهبٍ أخبرني هشام بن سعدٍ، عن زيد بن أسلم، عن أبيه: أن عمر بن الخطّاب كان يبيت عنده أنا ويرفأ، وكان له ساعةٌ من اللّيل يصلّي فيها، فربّما لم يقم فنقول: لا يقوم اللّيلة كما كان يقوم، وكان إذا [استيقظ أقام] -يعني أهله -وقال: {وأمر أهلك بالصّلاة واصطبر عليها}.
وقوله: {لا نسألك رزقًا نحن نرزقك} يعني إذا أقمت الصّلاة أتاك الرّزق من حيث لا تحتسب، كما قال تعالى: {ومن يتّق اللّه يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب} [الطّلاق: 2، 3]، وقال تعالى: {وما خلقت الجنّ والإنس إلا ليعبدون * ما أريد منهم من رزقٍ وما أريد أن يطعمون * إنّ اللّه هو الرّزّاق ذو القوّة المتين} [الذّاريات: 56-58] ولهذا قال: {لا نسألك رزقًا نحن نرزقك} وقال الثّوريّ: {لا نسألك رزقًا} أي: لا نكلّفك الطّلب. وقال ابن أبي حاتمٍ [أيضًا] حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، حدّثنا حفص بن غياثٍ، عن هشامٍ، عن أبيه؛ أنّه كان إذا دخل على أهل الدّنيا، فرأى من دنياهم طرفًا فإذا رجع إلى أهله، فدخل الدار قرأ: {ولا تمدّنّ عينيك} إلى قوله: {نحن نرزقك} ثمّ يقول: الصّلاة الصّلاة، رحمكم اللّه.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا عبد اللّه بن أبي زيادٍ القطواني، حدّثنا سيّار، حدّثنا جعفرٌ، عن ثابتٍ قال: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إذا أصابه خصاصةٌ نادى أهله: " يا أهلاه، صلّوا، صلّوا ". قال ثابتٌ: وكانت الأنبياء إذا نزل بهم أمرٌ فزعوا إلى الصّلاة.
وقد روى التّرمذيّ وابن ماجه، من حديث عمران بن زائدة، عن أبيه، عن أبي خالدٍ الوالبيّ، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " يقول اللّه تعالى: يا ابن آدم تفرّغ لعبادتي أملأ صدرك غنًى، وأسدّ فقرك، وإن لم تفعل ملأت صدرك شغلًا ولم أسدّ فقرك ".
وروى ابن ماجه من حديث الضّحّاك، عن الأسود، عن ابن مسعودٍ: سمعت نبيّكم صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: " من جعل الهموم همًّا واحدًا همّ المعاد كفاه اللّه همّ دنياه. ومن تشعّبت به الهموم في أحوال الدّنيا لم يبال اللّه في أيّ أوديته هلك ".
وروي أيضًا من حديث شعبة، عن عمر بن سليمان عن عبد الرّحمن بن أبانٍ، عن أبيه، عن زيد بن ثابتٍ: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: " من كانت الدّنيا همّه فرّق اللّه عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدّنيا إلّا ما كتب له. ومن كانت الآخرة نيّته، جمع له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدّنيا وهي راغمةٌ ".
{والعاقبة للتّقوى} أي: وحسن العاقبة في الدّنيا والآخرة، وهي الجنّة، لمن اتّقى اللّه.
وفي الصّحيح: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال: " رأيت اللّيلة كأنّا في دار عقبة بن رافعٍ وأنّا أتينا برطبٍ [من رطب] ابن طاب، فأوّلت ذلك أنّ العاقبة لنا في الدنيا والرفعة وأن ديننا قد طاب "). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 327-328]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى (133)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وقالوا لولا يأتينا بآيةٍ من ربّه أولم تأتهم بيّنة ما في الصّحف الأولى (133) ولو أنّا أهلكناهم بعذابٍ من قبله لقالوا ربّنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتّبع آياتك من قبل أن نذلّ ونخزى (134) قل كلٌّ متربّصٌ فتربّصوا فستعلمون من أصحاب الصّراط السّويّ ومن اهتدى (135)}.
يقول تعالى مخبرًا عن الكفّار في قولهم: {لولا} أي: هلّا {يأتينا} محمّدٌ {بآيةٍ من ربّه} أي: بعلامةٍ دالّةٍ على صدقه في أنّه رسول اللّه؟ قال اللّه تعالى: {أولم تأتهم بيّنة ما في الصّحف الأولى} يعني: القرآن العظيم الّذي أنزله عليه اللّه وهو أمّيٌّ، لا يحسن الكتابة، ولم يدارس أهل الكتاب، وقد جاء فيه أخبار الأوّلين، بما كان منهم في سالف الدّهور، بما يوافقه عليه الكتب المتقدّمة الصّحيحة منها؛ فإنّ القرآن مهيمنٌ عليها، يصدّق الصّحيح، ويبيّن خطأ المكذوب فيها وعليها. وهذه الآية كقوله تعالى في سورة "العنكبوت": {وقالوا لولا أنزل عليه آياتٌ من ربّه قل إنّما الآيات عند اللّه وإنّما أنا نذيرٌ مبينٌ * أولم يكفهم أنّا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إنّ في ذلك لرحمةً وذكرى لقومٍ يؤمنون} [العنكبوت: 50، 51] وفي الصّحيح عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: " ما من نبيٍّ إلّا وقد أوتي من الآيات ما آمن على مثله البشر، وإنّما كان الّذي أوتيته وحيًا أوحاه اللّه إليّ، وإنّي لأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة ".
وإنّما ذكر هاهنا أعظم الآيات الّتي أعطيها، عليه السّلام، وهو القرآن، وله من المعجزات ما لا يحدّ ولا يحصر، كما هو مودعٌ في كتبه، ومقرّرٌ في مواضعه).[تفسير القرآن العظيم: 5/ 329]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آَيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى (134)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى: {ولو أنّا أهلكناهم بعذابٍ من قبله لقالوا ربّنا لولا أرسلت إلينا رسولا} أي: لو أنّا أهلكنا هؤلاء المكذّبين قبل أن نرسل إليهم هذا الرّسول الكريم، وننزّل عليهم هذا الكتاب العظيم لكانوا قالوا: {ربّنا لولا أرسلت إلينا رسولا} قبل أن تهلكنا، حتّى نؤمن به ونتّبعه؟ كما قال: {فنتّبع آياتك من قبل أن نذلّ ونخزى}، يبيّن تعالى أنّ هؤلاء المكذّبين متعنّتون معاندون لا يؤمنون {ولو جاءتهم كلّ آيةٍ حتّى يروا العذاب الأليم} [يونس: 97]، كما قال تعالى: {وهذا كتابٌ أنزلناه مباركٌ فاتّبعوه واتّقوا لعلّكم ترحمون * أن تقولوا إنّما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنّا عن دراستهم لغافلين أو تقولوا لو أنّا أنزل علينا الكتاب لكنّا أهدى منهم فقد جاءكم بيّنةٌ من ربّكم وهدًى ورحمةٌ فمن أظلم ممّن كذّب بآيات اللّه وصدف عنها سنجزي الّذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون} [الأنعام: 155-157] وقال: {وأقسموا باللّه جهد أيمانهم لئن جاءهم نذيرٌ ليكوننّ أهدى من إحدى الأمم فلمّا جاءهم نذيرٌ ما زادهم إلا نفورًا} [فاطرٍ: 42] وقال: {وأقسموا باللّه جهد أيمانهم لئن جاءتهم آيةٌ ليؤمننّ بها قل إنّما الآيات عند اللّه وما يشعركم أنّها إذا جاءت لا يؤمنون ونقلّب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أوّل مرّةٍ ونذرهم في طغيانهم يعمهون} [الأنعام: 109، 110]).[تفسير القرآن العظيم: 5/ 329]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى (135)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى {قل} أي: يا محمّد لمن كذّبك وخالفك واستمرّ على كفره وعناده {كلٌّ متربّصٌ} أي: منّا ومنكم {فتربّصوا} أي: فانتظروا، {فستعلمون من أصحاب الصّراط السّويّ} أي: الطّريق المستقيم، {ومن اهتدى} إلى الحقّ وسبيل الرّشاد، وهذا كقوله تعالى {وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضلّ سبيلا} [الفرقان: 42]، {سيعلمون غدًا من الكذّاب الأشر} [القمر: 26]). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 330]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:26 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة