العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة النور

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2 جمادى الأولى 1434هـ/13-03-2013م, 09:31 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي تفسير سورة النور [ من الآية (62) إلى الآية (64) ]

{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَىٰ أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّىٰ يَسْتَأْذِنُوهُ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ۚ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (62) لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا ۚ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا ۚ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63) أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (64)}


روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- أسباب نزول الآية رقم (62)
- أسباب نزول الآية رقم (63)
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18 رجب 1434هـ/27-05-2013م, 06:02 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (62) )

قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثني عبد المجيد، عن ابن جريج، عن مكحول أنه قال في قول الله: {وإذا كانوا معه على أمرٍ جامعٍ لم يذهبوا حتى يستأذنوه}، قال: كانت الجمعة من تلك الأمور الجامعة التي يستأذن الرجل فيها، قال: إذا كان ذلك وضع الرجل يده اليسرى على أنفه، ثم يأتي فيشير بيده اليمنى إلى الإمام فيشير إليه الإمام فيذهب.
وحدثني عبد المجيد، عن أبيه، عن يزيد بن جابر بذلك). [الجامع في علوم القرآن: 1/48-49]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): ({لا يستأذنك الّذين يؤمنون باللّه واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم واللّه عليمٌ بالمتّقين (44) إنّما يستأذنك الّذين لا يؤمنون باللّه واليوم الآخر وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون}؛
فنسختها الآية التي في النور: {فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم واستغفر لهم اللّه إنّ الله غفورٌ رحيمٌ}). [الجامع في علوم القرآن: 3/75] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الزهري في قوله تعالى {وإذا كانوا معه على أمر جامع} قال هو الجمعة {إذا كانوا معه فيها لم يذهبوا حتى يستأذنوه}.
قال معمر وقال الكلبي كان ذلك مع رسول الله فأما اليوم فإن إذنه أن يأخذ بأنفه وينصرف). [تفسير عبد الرزاق: 2/66]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّما المؤمنون الّذين آمنوا باللّه ورسوله وإذا كانوا معه على أمرٍ جامعٍ لم يذهبوا حتّى يستأذنوه إنّ الّذين يستأذنونك أولئك الّذين يؤمنون باللّه ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم واستغفر لهم اللّه إنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ}.
يقول تعالى ذكره: ما المؤمنون حقّ الإيمان، إلاّ الّذين صدّقوا اللّه ورسوله. {وإذا كانوا معه} يقول: وإذا كانوا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، {على أمرٍ جامعٍ} يقول: على أمرٍ يجمع جميعهم من حربٍ حضرت، أو صلاةٍ اجتمع لها، أو تشاورٍ في أمرٍ نزل؛ {لم يذهبوا} يقول: لم ينصرفوا عمّا اجتمعوا له من الأمر، حتّى يستأذنوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {إنّما المؤمنون الّذين آمنوا باللّه ورسوله وإذا كانوا معه على أمرٍ جامعٍ لم يذهبوا حتّى يستأذنوه} يقول: إذا كان أمر طاعةٍ للّه.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ قال: قال ابن عبّاسٍ قوله: {وإذا كانوا معه على أمرٍ جامعٍ} قال: أمرٍ من طاعة اللّه عامٍّ.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا محمّد بن بكرٍ، قال: أخبرنا ابن جريجٍ، قال: سأل مكحولاً الشّاميّ إنسانٌ وأنا أسمع، ومكحولٌ، جالسٌ مع عطاءٍ، عن قول اللّه، في هذه الآية: {وإذا كانوا معه على أمرٍ جامعٍ لم يذهبوا حتّى يستأذنوه} فقال مكحولٌ: في يوم الجمعة، وفي زحفٍ، وفي كلّ أمرٍ جامعٍ، قد أمر أن لا يذهب أحدٌ في يوم جمعةٍ حتّى يستأذن الإمام، وكذلك في كلّ جامعٍ، ألا ترى أنّه يقول: {وإذا كانوا معه على أمرٍ جامعٍ}؟.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثني ابن عليّة قال: أخبرنا هشام بن حسّان، عن الحسن، قال: كان الرّجل إذا كانت له حاجةٌ والإمام يخطب، قام فأمسك بأنفه، فأشار إليه الإمام أن يخرج. قال: فكان رجلٌ قد أراد الرّجوع إلى أهله، فقام إلى هرم بن حيّان وهو يخطب، فأخذ بأنفه، فأشار إليه هرمٌ أن يذهب. فخرج إلى أهله فأقام فيهم، ثمّ قدم؛ قال له هرمٌ: أين كنت؟ قال: في أهلي؟ قال: أبإذنٍ ذهبت؟ قال: نعم، قمت إليك وأنت تخطب، فأخذت بأنفي، فأشرت إليّ أن اذهب، فذهبت. فقال: أفاتّخذت هذا دغلاً؟ أو كلمةً نحوها. ثمّ قال: اللّهمّ أخّر رجال السّوء إلى زمان السّوء.
- حدّثني الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الزّهريّ، في قوله: {وإذا كانوا معه على أمرٍ جامعٍ} قال: هو الجمعة إذا كانوا معه، لم يذهبوا حتّى يستأذنوه.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {إنّما المؤمنون الّذين آمنوا باللّه ورسوله وإذا كانوا معه على أمرٍ جامعٍ لم يذهبوا حتّى يستأذنوه} قال: الأمر الجامع حين يكونون معه في جماعة الحرب أو جمعةٍ. قال: والجمعة من الأمر الجامع، لا ينبغي لأحدٍ أن يخرج إذا قعد الإمام على المنبر يوم الجمعة إلاّ بإذن سلطانٍ إذا كان حيث يراه أو يقدر عليه، ولا يخرج إلاّ بإذنٍ. وإذا كان حيث لا يراه ولا يقدر عليه ولا يصل إليه، فاللّه أولى بالعذر.
وقوله: {إنّ الّذين يستأذنونك أولئك الّذين يؤمنون باللّه ورسوله} يقول تعالى ذكره: إنّ الّذين لا ينصرفون يا محمّد إذا كانوا معك في أمرٍ جامعٍ، عنك إلاّ بإذنك لهم، طاعةً منهم للّه ولك، وتصديقًا بما أتيتهم به من عندي؛ أولئك الّذين يصدّقون اللّه ورسوله حقًّا، لا من خالف أمر اللّه وأمر رسوله، فينصرف عنك بغير إذنٍ منك له، بعد تقدّمك إليه أن لا ينصرف عنك إلاّ بإذنك.
وقوله: {فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم} يقول تعالى ذكره: فإذا استأذنك يا محمّد الّذين لا يذهبون عنك إلاّ بإذنك في هذه المواطن لبعض شأنهم يعني لبعض حاجاتهم الّتي تعرض لهم فأذن لمن شئت منهم في الانصراف عنك لقضائها. {واستغفر لهم} يقول: وادع اللّه لهم بأن يتفضّل عليهم بالعفو عن تبعات ما بينه وبينهم. {إنّ اللّه غفورٌ} لذنوب عباده التّائبين، {رحيمٌ} بهم أن يعاقبهم عليها بعد توبتهم منها). [جامع البيان: 17/384-387]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (إنّما المؤمنون الّذين آمنوا باللّه ورسوله وإذا كانوا معه على أمرٍ جامعٍ لم يذهبوا حتّى يستأذنوه إنّ الّذين يستأذنونك أولئك الّذين يؤمنون باللّه ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم واستغفر لهم اللّه إنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ (62)
قوله تعالى: إنّما المؤمنون الّذين آمنوا باللّه
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى، حدّثني ابن لهيعة عن عطاءٍ عن سعيدٍ قوله: آمنوا باللّه يعنى بتوحيد اللّه ورسوله يعنى يصدّقون بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه نبيٌّ ورسولٌ.
قوله تعالى: وإذا كانوا معه على أمرٍ جامع
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو نعيمٍ عن سفيان عن سالمٍ الأفطس عن سعيد بن جبيرٍ وإذا كانوا معه على أمرٍ جامعٍ لم يذهبوا حتّى يستأذنوه قال: في الحرب ونحوه.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو توبة، ثنا سويد بن عبد العزيز عن ثابت بن العجلان، عن سعيد بن جبيرٍ وابن أبي مليكة في قوله: وإذا كانوا معه على أمر جامع الآية قال: يعنى: في الجهاد والجمعة والعيدين.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا مسدّدٌ، ثنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ في قوله وإذا كانوا معه على أمرٍ جامعٍ لم يذهبوا حتّى يستأذنوه قال: ذلك في الغزو والجمعة. وإذن الإمام يوم الجمعة أن يشير بيده.
- أخبرنا العبّاس بن الوليد بن مزيدٍ البيروتيّ قراءةً، أخبرني محمّد بن شعيب بن شابور، حدّثني عثمان بن عطاءٍ عن أبيه، وأمّا أمرٍ جامعٍ فأمرٌ عامٌّ.
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب، إليّ، حدّثني أبي، حدّثني عمّي عن أبيه عن جدّه، عن ابن عبّاسٍ قوله: إنّما المؤمنون الّذين آمنوا باللّه ورسوله وإذا كانوا معه على أمرٍ جامعٍ لم يذهبوا حتى يستأذنوه يقول: إذا أمر طاعةٍ للّه- وروى عن قتادة والضّحّاك نحو ذلك.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن علي، ثنا محمد ابن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ عن مقاتل بن حيّان قوله: وإذا كانوا معه على أمرٍ جامعٍ يقول على أمر طاعةٍ يجتمعون عليها، نحو الجمعة، والنّحر والفطر، والجهاد، وأشباه ذلك ممّا ينفعهم اللّه به.
قوله تعالى: لم يذهبوا حتّى يستأذنوه
- حدّثنا الحسن بن محمّد بن الصّبّاح، ثنا حجّاج بن محمّدٍ أنبأ ابن جريجٍ وعثمان بن عطاءٍ، عن عطاءٍ، عن عبد اللّه بن عبّاسٍ قال: لا يستأذنك الّذين يؤمنون باللّه واليوم الآخر.. إلى قوله: يتردّدون فنسختها الآية الّتي في سورة النّور إنّما المؤمنون الّذين آمنوا باللّه ورسوله وإذا كانوا معه على أمرٍ جامعٍ لم يذهبوا حتّى يستأذنوه.
- قرئ على يونس بن عبد الأعلى، أنبأ ابن وهبٍ قال: وحدّثني ابن جريجٍ عن مكحولٍ أنّه قال في قول اللّه: وإذا كانوا معه على أمرٍ جامعٍ لم يذهبوا حتّى يستأذنوه قال: كانت الجمعة من تلك الأمور الجامعة الّتي يستأذن الرّجل فيها قال: إذا كان ذلك وضع الرّجل يده اليسرى على أنفه، ثمّ يأتي فيشير بيده اليمنى إلى الإمام، فيشير إليه الإمام، فيذهب.
- قرئ على يونس بن عبد الأعلى، أنبأ ابن وهبٍ، حدّثني عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي روّادٍ عن أبيه، عن يزيد بن جابرٍ بذلك.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، أنبأ أصبغ قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيدٍ في قول اللّه: وإذا كانوا معه على أمرٍ جامعٍ لم يذهبوا حتّى يستأذنوه قال: الأمر الجامع حين يكونون معه في جماعة الحرب أو جمعةٍ، قال:
والجمعة من الأمر الجامع، لا ينبغي لأحدٍ أن يخرج إذا قعد الإمام على المنبر يوم الجمعة إلا بإذن السّلطان إذا كان حين يراه الإمام أو يقدر عليه، ولا يخرج إلا بإذنه، فإذا كان حين لا يراه ولا يقدر عليه ولا يصل إليه فاللّه أولى بالعذر.
قوله تعالى: إنّ الّذين يستأذنونك
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد الله، حدثني ابن لهيعة عطاء عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: أولئك يعنى الّذين فعلوا ما ذكر في هذه الآية وفي قوله: يؤمنون باللّه ورسوله يعنى يصدّقون بتوحيد اللّه.
قوله تعالى: فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم
- حدّثنا الحسن بن محمّد بن الصّبّاح، ثنا حجّاج بن محمّدٍ، أنبأ ابن جريجٍ وعثمان بن عطاءٍ، عن عطاءٍ، عن عبد اللّه بن عبّاسٍ لا يستأذنك الّذين يؤمنون باللّه واليوم الآخر إلى قوله يتردّدون فنسختها هذه الآية الّتي في سورة النّور فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم فجعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بأعلى النظرين، من غزا عزا في فضيلةٍ، ومن قعد قعد في غير حرجٍ إن شاء اللّه.
قوله تعالى: واستغفر لهم اللّه إنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاءٌ بن دينارٍ عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: إنّ اللّه غفورٌ لما كان منهم رحيمٌ بهم بعد التّوبة). [تفسير القرآن العظيم: 8/2652-2654]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا شيبان عن قتادة في قوله فأذن لمن شئت منهم قال رخص له ههنا بعد ما قال له عفا الله عنك لم أذنت لهم). [تفسير مجاهد: 445]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم واستغفرلهم الله إن الله غفور رحيم * لاتجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم.
أخرج ابن إسحاق، وابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن عروة ومحمد بن كعب القرظي قالا: لما أقبلت قريش عام الاحزاب نزلوا بمجمع الاسيال من بئر رومة بالمدينة قائدها أبو سفيان وأقبلت غطفان حتى نزلوا بتغمين إلى جانب أحد وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر وضرب الخندق على المدينة وعمل فيه وعمل المسلمون فيه وابطأ رجال من المنافقين وجعلوا يورون بالضعيف من العمل فيتسللون إلى أهليهم بغير علم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا اذن وجعل الرجل من المسلمين إذا نابته النائبة من الحاجة التي لابد منها يذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويستأذنه في اللحوق لحاجته فيأذن له فإذا قضى حاجته رجع فأنزل الله في أولئك المؤمنين {إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع} إلى قوله {والله بكل شيء عليم} النور الآية 64). [الدر المنثور: 11/125]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه} قال: ذلك في الغزو والجمعة واذن الامام يوم الجمعة: ان يشير بيده). [الدر المنثور: 11/126]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي عن مكحول في قوله {وإذا كانوا معه على أمر جامع} قال: إذا جمعهم لأمر حزبهم من الحرب ونحوه لم يذهبوا حتى يستأذنوه). [الدر المنثور: 11/126]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية قال: هي في الجهاد والجمعة والعيدين). [الدر المنثور: 11/126]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {على أمر جامع} قال: من طاعة الله). [الدر المنثور: 11/126]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر عن ابن سيرين قال: كان الناس يستأذنون في الجمعة ويقولون: هكذا ويشيرون بثلاث أصابع، فلما كان زياد كثر عليه فاغتم فقال: من أمسك على أذنه فهو أذنه). [الدر المنثور: 11/126-127]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مكحول في الآية قال: يعمل بها الآن في الجمعة والزحف). [الدر المنثور: 11/127]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور عن إسماعيل بن عياش قال: رأيت عمرو بن قيس السكوني يخطب الناس يوم الجمعة فقام إليه أبو المدله اليحصبي في شيء وجده في بطنه فأشار إليه عمرو بيده أي انصرف فسألت عمرا وأبا المدله فقال: هكذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعون). [الدر المنثور: 11/127]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك في قوله {لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله} قال: كان لا يستأذنه إذا غزا إلا المنافقون، فكان لا يحل لاحد أن يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يتخلف بعده إذا غزا ولا تنطلق سرية إلا بإذنه ولم يجعل الله للنبي صلى الله عليه وسلم أن يأذن لاحد حتى نزلت الآية {إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع} يقول: أمر طاعة {لم يذهبوا حتى يستأذنوه} فجعل الإذن إليه يأذن لمن يشاء، فكان إذا جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس لأمر يأمرهم وينهاهم صبر المؤمنون في مجالسهم وأحبوا ما أحدث لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يوحي إليه وبما أحبوا وكرهوا فإذا كان شيء مما يكره المنافقون خرجوا يتسللون يلوذ الرجل بالرجل يستتر لكي لا يراه النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال الله تعالى: ان الله تعالى يبصر الذين يتسللون منكم لواذا). [الدر المنثور: 11/131-132]

تفسير قوله تعالى: (لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قال أمرهم الله أن يفخموه ويشرفوه). [تفسير عبد الرزاق: 2/66]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {لا تجعلوا دعاء الرّسول بينكم كدعاء بعضكم بعضًا قد يعلم اللّه الّذين يتسلّلون منكم لواذًا فليحذر الّذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنةٌ أو يصيبهم عذابٌ أليمٌ}.
يقول تعالى ذكره لأصحاب نبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: {لا تجعلوا} أيّها المؤمنون {دعاء الرّسول بينكم كدعاء بعضكم بعضًا}.
واختلف أهل التّأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: نهى اللّه بهذه الآية المؤمنين أن يتعرّضوا لدعاء الرّسول عليهم، وقال لهم: اتّقوا دعاءه عليكم، بأن تفعلوا ما يسخطه فيدعو لذلك عليكم فتهلكوا، فلا تجعلوا دعاءه كدعاء غيره من النّاس، فإنّ دعاءه موجبةٌ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ،، قوله: {لا تجعلوا دعاء الرّسول بينكم كدعاء بعضكم بعضًا} دعوة الرّسول عليكم موجبةٌ، فاحذروها.
وقال آخرون: بل ذلك نهي من اللّه أن يدعوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بغلظٍ وجفاءٍ، وأمرٌ لهم أن يدعوه بلينٍ وتواضعٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {كدعاء بعضكم بعضًا} قال: أمرهم أن يدعوا يا رسول اللّه، في لينٍ وتواضعٍ، ولا يقولوا: يا محمّد، في تجهّمٍ.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ قوله: {لا تجعلوا دعاء الرّسول بينكم كدعاء بعضكم بعضًا} قال: أمرهم أن يدعوه: يا رسول اللّه، في لينٍ وتواضعٍ.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {لا تجعلوا دعاء الرّسول بينكم كدعاء بعضكم بعضًا} قال: أمرهم أن يفخّموه ويشرّفوه.
وأولى التّأويلين في ذلك بالصّواب عندي التّأويل الّذي قاله ابن عبّاسٍ، وذلك أنّ الّذي قبل قوله: {لا تجعلوا دعاء الرّسول بينكم كدعاء بعضكم بعضًا} نهي من اللّه المؤمنين أن يأتوا من الانصراف عنه في الأمر الّذي يجمع جميعهم ما يكرهه، والّذي بعده وعيدٌ للمنصرفين عنه بغير إذنه عنه، فالّذي بينهما بأن يكون تحذيرًا لهم سخطه أن يضطرّه إلى الدّعاء عليهم أشبه من أن يكون أمرًا لهم بما لم يجر له ذكرٌ من تعظيمه وتوقيره بالقول والدّعاء.
وقوله: {قد يعلم اللّه الّذين يتسلّلون منكم لواذًا} يقول تعالى ذكره: إنّكم أيّها المنصرفون عن نبيّكم بغير إذنه، تستّرًا وخفيةً منه، وإن خفي أمر من يفعل ذلك منكم على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فإنّ اللّه يعلم ذلك، ولا يخفى عليه، فليتّق من يفعل ذلك منكم الّذين يخالفون أمر اللّه في الانصراف عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلاّ بإذنه، أن تصيبهم فتنةٌ من اللّه، أو يصيبهم عذابٌ أليمٌ، فيطبع على قلوبهم، فيكفروا باللّه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا الحكم بن بشيرٍ، قال: حدّثنا عمرو بن قيسٍ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، في قول اللّه: {قد يعلم اللّه الّذين يتسلّلون منكم لواذًا} قال: كانوا يستتر بعضهم ببعضٍ، فيقومون، فقال: فليحذر الّذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنةٌ، قال: يطبع على قلبه، فلا يأمن أن يظهر الكفر بلسانه فتضرب عنقه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {قد يعلم اللّه الّذين يتسلّلون منكم لواذًا} قال: خلافًا.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {قد يعلم اللّه الّذين يتسلّلون منكم لواذًا} قال: هؤلاء المنافقون الّذين يرجعون بغير إذن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: اللّواذ: يلوذ عنه، ويروغ ويذهب بغير إذن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم. {فليحذر الّذين يخالفون عن أمره} الّذين يصنعون هذا، {أن تصيبهم فتنةٌ أو يصيبهم عذابٌ أليمٌ}. الفتنة هاهنا: الكفر.
واللّواذ: مصدر لاوذت بفلانٍ ملاوذةً ولواذًا، ولذلك ظهرت الواو، ولو كان مصدرًا للذت لقيل: لياذًا، كما يقال: قمت قيامًا، وإذا قيل: قاومتك، قيل: قوامًا طويلاً.
واللّواذ: هو أن يلوذ القوم بعضهم ببعضٍ، يستتر هذا بهذا، وهذا بهذا، كما قال الضّحّاك.
وقوله: {أو يصيبهم عذابٌ أليمٌ} يقول: أو يصيبهم في عاجل الدّنيا عذابٌ من اللّه موجعٌ، على صنيعهم ذلك، وخلافهم أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقوله: {فليحذر الّذين يخالفون عن أمره} وأدخلت (عن) لأنّ معنى الكلام: فليحذر الّذين يلوذون عن أمره ويدبرون عنه معرضين). [جامع البيان: 17/388-391]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (لا تجعلوا دعاء الرّسول بينكم كدعاء بعضكم بعضًا قد يعلم اللّه الّذين يتسلّلون منكم لواذًا فليحذر الّذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنةٌ أو يصيبهم عذابٌ أليمٌ (63)
قوله تعالى: لا تجعلوا دعاء الرسول
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث، أنبأ بشر بن عمارة عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ في قوله: لا تجعلوا دعاء الرّسول بينكم كدعاء بعضكم بعضًا قال: وكانوا يقولون: يا محمّد يا أبا القاسم، فنهاهم اللّه عن ذلك إعظامًا لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: فقالوا: يا نبيّ اللّه يا رسول اللّه.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو نعيمٍ الأحول عن إسرائيل، عن سالمٍ الأفطس عن سعيد بن جبيرٍ لا تجعلوا دعاء الرّسول بينكم كدعاء بعضكم بعضًا قال: لا تقولوا: يا محمّد، قولوا: يا رسول اللّه، يا نبيّ اللّه بأبي أنت وأمّي.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قوله: كدعاء بعضكم بعضًا أمرهم أن يدعوا: يا رسول اللّه، في لينٍ وتواضعٍ، ولا يقولوا يا محمّد في تجهم.
- حدثنا محمد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ عن قتادة قوله: لا تجعلوا دعاء الرّسول بينكم كدعاء بعضكم بعضًا أمر اللّه عزّ وجلّ أن يهاب نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأن يبجّل وأن يعظّم وأن يسوّد.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ عن مقاتل بن حيّان قوله لا تجعلوا دعاء الرّسول بينكم كدعاء بعضكم بعضًا يقول: لا تسمّوه إذا دعوتموه يا محمّد ولا تقولوا: يا ابن عبد اللّه، ولكن شرّفوه فقولوا: يا رسول اللّه، يا نبيّ اللّه.
والوجه الثّاني:
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي، حدّثني، عمّي حدّثني، أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ في قوله: لا تجعلوا دعاء الرّسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا يقول: دعوة الرّسول عليكم موجبةٌ فاحذروها- وروى عن عطيّة العوفيّ نحو ذلك.
- حدّثنا الحسين، بن السّكن البصريّ ببغداد، ثنا أبو زيدٍ النّحويّ، ثنا قيسٌ عن عاصمٍ عن الحسن قال: لا تجعلوا دعاء الرّسول إذا دعي كدعاء بعضكم بعضا.
قوله تعالى: قد يعلم اللّه الّذين يتسلّلون منكم لواذًا
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ عن قتادة قوله: قد يعلم اللّه الّذين يتسلّلون منكم لواذًا عن نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وعن كتابه.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن أبي حمّادٍ، ثنا مهران عن سفيان قد يعلم اللّه الّذين يتسلّلون منكم قال من الصّفّ في القتال.
قوله تعالى: لواذًا
- حدّثنا الحسين بن الحسن، ثنا إبراهيم بن عبد اللّه الهرويّ، أنبأ حجّاجٌ عن ابن جريجٍ عن مجاهدٍ لواذًا قال: خلافًا.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ عن مقاتل بن حيّان قوله: قد يعلم اللّه الّذين يتسلّلون منكم لواذًا هم المنافقون كان يثقل عليهم الحديث في يوم الجمعة ويعنى بالحديث الخطبة ليلوذون ببعض أصحاب محمّدٍ حتّى يخرجوا من المسجد، وكان لا يصلح للرّجل أن يخرج من المسجد إلا بإذنٍ من النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، في يوم الجمعة بعد ما يأخذ في الخطبة وكان، إذا أراد أحدهم الخروج أشار بأصبعه إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فيأذن له من غير أن يتكلّم الرّجل، لأنّ الرّجل كان إذا تكلّم والنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يخطب بطلت جمعته.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قوله: قد يعلم اللّه الّذين يتسلّلون منكم لواذًا قال: كانوا إذا كانوا معه في جماعةٍ لاذ بعضهم بعضهم حتّى يتغيّبوا عنه فلا يراهم.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن أبي حمّادٍ، ثنا مهران عن سفيان قد يعلم اللّه الذين يتسللون منكم لواذا قال: فرارا.
قوله تعالى: فليحذر الّذين يخالفون عن أمره
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ عن مقاتل بن حيّان قوله: فليحذر الّذين يخالفون عن أمره يعنى المنافقين.
- حدّثنا أبي، ثنا عليّ بن محمّدٍ الطّنافسيّ، ثنا أبو عليٍّ عبد الصّمد ابن صبيحٍ عن الحسن بن صالحٍ قال: إنّى لخائف على ما ترك المسح على الخفّين أن يكون داخلا في هذه الآية فليحذر الّذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنةٌ
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، أنبأ أصبغ قال: سمعت ابن زيدٍ في قول اللّه: فليحذر الّذين يخالفون عن أمره الّذين يصنعون هذا.
قوله تعالى: أن تصيبهم فتنةٌ
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ عن مقاتلٍ قوله: أن تصيبهم فتنةٌ يعنى بالفتنة: الكفر- وروى عن السّدّيّ وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم نحو ذلك.
قوله تعالى: أو يصيبهم عذابٌ أليمٌ
- وبه عن مقاتل بن حيّان أو يصيبهم عذابٌ أليمٌ يعنى القتل في الدّنيا). [تفسير القرآن العظيم: 8/2654-2657]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قال أمرهم أن يقولوا يا رسول الله في لين وتواضع ولا يقولوا يا محمد في تجهم). [تفسير مجاهد: 445]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن المبارك بن عبد الله عن ابن جريج في قوله لواذا يعني خلافا). [تفسير مجاهد: 446]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال مجاهدٌ لواذًا خلافًا وصله الطّبريّ من طريقه واللّواذ مصدر لاوذت). [فتح الباري: 8/447]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس في قوله {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا} قال: كانوا يقولون: يا محمد، يا أبا القاسم، فنهاهم الله عن ذلك إعظاما لنبيه صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا نبي الله يا رسول الله). [الدر المنثور: 11/127]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس في قوله {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا} يعني كدعاء أحدكم إذا دعا أخاه باسمه ولكن وقروه وعظموه وقولوا له: يا رسول الله، ويا نبي الله). [الدر المنثور: 11/128]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الغني بن سعيد في تفسيره وأبو نعيم في تفسيره عن ابن عباس في قوله {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا} يريد ولا تصيحوا به من بعيد: يا أبا القاسم، ولكن كما قال الله في الحجرات {إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله} الحجرات الآية 3). [الدر المنثور: 11/128]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال: أمرهم الله ان يدعوه: يا رسول الله، في لين وتواضع ولا يقولوا: يا محمد، في تجهم). [الدر المنثور: 11/128]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال: أمر الله أن يهاب نبيه وان يبجل وان يعظم وان يفخم ويشرف). [الدر المنثور: 11/128]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في الآية قال: لا تقولوا يا محمد، ولكن قولوا يا رسول الله.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير والحسن، مثله). [الدر المنثور: 11/128-129]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم} يقول: دعوة الرسول عليكم موجبة فاحذرها). [الدر المنثور: 11/129]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور عن الشعبي في الآية قال: لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم على بعض). [الدر المنثور: 11/129]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان في قوله {قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا} قال: هم المنافقون، كان يثقل عليهم الحديث في يوم الجمعة - ويعني بالحديث الخطبة - فيلوذون ببعض الصحابة حتى يخرجوا من المسجد وكان لا يصلح للرجل أن يخرج من المسجد إلا بإذن من النّبيّ صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة بعدما يأخذ في الخطبة وكان إذا أراد أحدهم الخروج أشار بأصبعه إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فيأذن له من غير أن يتكلم الرجل لأن الرجل منهم كان إذا تكلم والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب بطلت جمعته). [الدر المنثور: 11/129]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو داود في مراسيله عن مقاتل قال: كان لا يخرج أحد لرعاف أو أحداث حتى يستأذن النّبيّ صلى الله عليه وسلم يشير إليه بأصبعه التي تلي الإبهام فيأذن له النّبيّ صلى الله عليه وسلم يشير إليه بيده وكان من المنافقين من يثقل عليه الخطبة والجلوس في المسجد فكان إذا استأذن رجل من المسلمين قام المنافق إلى جنبه يستتر به حتى يخرج فأنزل الله {قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا} ). [الدر المنثور: 11/129-130]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا} قال: يتسللون عن نبي الله وعن كتابه وعن ذكره). [الدر المنثور: 11/130]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {لواذا} قال: خلافا). [الدر المنثور: 11/130]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن سفيان {قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا} قال: يتسللون من الصف في القتال {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة} قال: أن يطبع على قلوبهم). [الدر المنثور: 11/130]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن بن صالح قال: إني لخائف على من ترك المسح على الخفين أن يكون داخلا في هذه الآية {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} ). [الدر المنثور: 11/130]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن يحيى بن أبي كثير قال: نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يقاتلوا ناحية من خيبر فانصرف الرجال عنهم وبقي رجل فقاتلهم فرموه فقتلوه فجيء به إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: أبعد ما نهينا عن القتال فقالوا: نعم، فتركه ولم يصل عليه). [الدر المنثور: 11/130-131]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق عن مجاهد قال: أشد حديث سمعناه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قوله في سعد بن معاذ في أمر القبر، ولما كانت غزوة تبوك قال لا يخرج معنا إلا رجل مقو فخرج رجل على بكر له صعب فصرعه فمات فقال الناس: الشهيد الشهيد، فأمر النّبيّ صلى الله عليه وسلم بلالا ان ينادي في الناس لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة ولا يدخل الجنة عاص). [الدر المنثور: 11/131]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق عن زيد بن أسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لاصحابه ذات يوم وهو مستقبل العدو: لا يقاتل أحد منكم فعمد رجل منهم ورمي العدو وقاتلهم فقتلوه فقيل للنبي صلى الله عليه وسلم اسشتهد فلان فقال: أبعد ما نهيت عن القتال قالوا: نعم، قال لا يدخل الجنة عاص). [الدر المنثور: 11/131]

تفسير قوله تعالى: (أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (64) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ألا إنّ للّه ما في السّموات والأرض قد يعلم ما أنتم عليه ويوم يرجعون إليه فينبّئهم بما عملوا واللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ}.
يقول تعالى ذكره: {ألا إنّ للّه} ملك جميع ما في {السّموات والأرض} يقول: فلا ينبغي لمملوكٍ أن يخالف أمر مالكه فيعصيه، فيستوجب بذلك عقوبته. يقول: فكذلك أنتم أيّها النّاس، لا يصلح لكم خلاف ربّكم الّذي هو مالككم، فأطيعوه، وأتمروا لأمره ولا تنصرفوا عن رسوله إذا كنتم معه على أمرٍ جامعٍ إلاّ بإذنه.
وقوله: {قد يعلم ما أنتم عليه} يقول: قد يعلم ربّكم ما أنتم عليه من طاعتكم إيّاه فيما أمركم ونهاكم من ذلك.
- كما حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {قد يعلم ما أنتم عليه} صنيعكم هذا أيضًا.
{ويوم يرجعون إليه} يقول: ويوم يرجع إلى اللّه الّذين يخالفون عن أمره. {فينبّئهم} يقول: فيخبرهم حينئذٍ، {بما عملوا} في الدّنيا، ثمّ يجازيهم على ما أسلفوا فيها، من خلافهم على ربّهم. {واللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ} يقول: واللّه ذو علمٍ بكلّ شيءٍ عملتموه أنتم وهم وغيركم، وغير ذلك من الأمور، لا يخفى عليه شيءٌ، بل هو محيطٌ بذلك كلّه، وهو موفٍّ كلّ عاملٍ منكم أجر عمله يوم ترجعون إليه). [جامع البيان: 17/392-393]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ألا إنّ للّه ما في السّماوات والأرض قد يعلم ما أنتم عليه ويوم يرجعون إليه فينبّئهم بما عملوا واللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ (64)
قوله تعالى: ألا إنّ للّه ما في السماوات والأرض
- حدّثنا عليّ بن طاهرٍ، ثنا محمّد بن العلا يعني أبا كريب، ثنا عثمان ابن سعيدٍ الزّيّات، ثنا بشر بن عمارة عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ قال: قال جبريل عليه السّلام: يا محمّد للّه الخلق كلّه، السّماوات كلّهنّ ومن فيهنّ، والأرضون كلّهنّ ومن فيهنّ، وما بينهم ممّا يعلم وممّا لا يعلم.
قوله تعالى: قد يعلم ما أنتم عليه
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ عن قتادة ألا إنّ للّه ما في السماوات والأرض قد يعلم ما أنتم عليه قال: ما كان قومٌ قطّ على أمرٍ ولا حالٍ إلا كانوا بعين اللّه وإلا كان عليهم شاهدٌ من اللّه عزّ وجلّ.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، أنبأ أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيدٍ في قوله تعالى: قد يعلم ما أنتم عليه صنيعكم هذا.
قوله تعالى: ويوم يرجعون إليه
- حدّثنا عصام بن روّادٍ العسقلانيّ، ثنا آدم، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ عن الرّبيع عن أبي العالية يرجعون إليه قال: يرجعون إليه بعد الحياة.
قوله تعالى: فينبّئهم بما عملوا واللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، ثنا عبد اللّه بن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه عزّ وجلّ: واللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ). [تفسير القرآن العظيم: 8/2657-2658]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {واللّه بكلّ شيءٍ} [النور: 64].
- عن عقبة بن عامرٍ قال: «رأيت رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - قرأ هذه الآية في خاتمة سورة النّور وهو جاعل إصبعيه تحت عينيه يقول: بكلّ شيءٍ بصيرٌ. قلت: هكذا وقع، فإن كانت قراءةً شاذّةً، وإلّا فالتّلاوة بكلّ شيءٍ عليمٌ».
رواه الطّبرانيّ، وفيه ابن لهيعة وهو سيّئ الحفظ وفيه ضعفٌ، وبقيّة رجاله ثقاتٌ). [مجمع الزوائد: 7/84]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ألا إن لله ما في السموات والأرض قد يعلم ما أنتم عليه ويوم يرجعون إليه فينبئهم بما عملوا والله بكل شيء عليم.
أخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله {قد يعلم ما أنتم عليه} الآية، قال: ما كان قوم قط على أمر ولا على حال إلا كانوا بعين الله وإلا كان عليهم شاهد من الله). [الدر المنثور: 11/132]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد في فضائله والطبراني بسند حسن عن عقبة بن عامر قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ هذه الآية، يعني خاتمة سورة النور، وهو عاجل أصبعيه تحت عينيه يقول، (والله بكل شيء بصير) والله أعلم). [الدر المنثور: 11/132]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23 رجب 1434هـ/1-06-2013م, 05:48 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (62)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {إنّما المؤمنون الّذين آمنوا باللّه ورسوله وإذا كانوا معه على أمرٍ جامعٍ} [النور: 62] الجمعة، والعيدين، والاستسقاء، وكلّ شيءٍ تكون فيه الخطبة.
{لم يذهبوا حتّى يستأذنوه إنّ الّذين يستأذنونك أولئك الّذين يؤمنون باللّه ورسوله} [النور: 62] أي: مخلصين غير منافقين.
{فإذا استأذنوك لبعض شأنهم} [النور: 62] كما أمر اللّه عن الغائط والبول.
{فأذن لمن شئت منهم} [النور: 62] وقد أوجب اللّه على النّبيّ والإمام بعده أن يأذن لهم ولكن زاد اللّه بذلك إكرام النّبيّ عليه السّلام وإعظام منزلته.
فإذا كانت لرجلٍ حاجةٌ قام حيال الإمام وأمسك بأنفه وأشار بيده.
قال: {واستغفر لهم اللّه إنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ} [النور: 62] قال يحيى: وسمعت سعيدًا يذكر عن قتادة أنّها نسخت الآية في براءةٍ: {عفا اللّه عنك لم أذنت لهم حتّى يتبيّن لك الّذين صدقوا وتعلم الكاذبين} [التوبة: 43] وهي عنده في الجهاد، لأنّ المنافقين كانوا يستأذنونه في المقام عن الغزو بالعلل، فرخّص اللّه للمؤمنين أن يستأذنوا إذا كان لهم عذرٌ.
وقال مجاهدٌ: {وإذا كانوا معه على أمرٍ جامعٍ} [النور: 62] على أمر طاعةٍ، وهو واحدٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/466]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله:
{وإذا كانوا معه على أمرٍ جامعٍ...}

كان المنافقون يشهدون الجمعة مع النبي صلى الله عليه وسلم فيذكّرهم ويعيبهم بالآيات التي تنزل فيهم، فيضجرون من ذلك. فإن خفي لأحدهم القيام قام). [معاني القرآن: 2/261]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وإذا كانوا معه على أمرٍ جامعٍ} يريد: يوم الجمعة، {لم يذهبوا حتّى يستأذنوه}: لم يقوموا إلا بإذنه.
ويقال: بل نزل هذا في حفر الخندق، وكان قوم يتسلّلون منه بلا إذن). [تفسير غريب القرآن: 309]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إنّما المؤمنون الّذين آمنوا باللّه ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتّى يستأذنوه إنّ الّذين يستأذنونك أولئك الّذين يؤمنون باللّه ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم واستغفر لهم اللّه إنّ اللّه غفور رحيم}
قال بعضهم كان ذلك في الجمعة، فهو - واللّه أعلم - أن اللّه عزّ وجل أمر المؤمنين إذا كانوا مع نبيّه - صلى الله عليه وسلم - فيما يحتاج فيه إلى الجماعة، نحو الحرب للعدو، أو ما يحضرونه مما يحتاج إلى الجمع فيه، لم يذهبوا حتى يستأذنوه.
وكذلك ينبغي أن يكونوا مع أئمّتهم لا يخالفونهم ولا يرجعون عنهم في جمع من جموعهم إلا بإذنهم، وللإمام أن يأذن، وله أن لا يأذن، على قدر ما يرى من الحظّ في ذلك لقوله تعالى: {فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم}فجعل المشيئة إليه في الإذن.
(واستغفر لهم اللّه) أي استغفر لهم بخروجهم عن الجماعة إذا رأيت أنّ لهم عذرا). [معاني القرآن: 4/55]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه}
قال سعيد بن جبير إذا حزبهم أمر من حرب أو غيرها استأذنوه قبل أن يذهبوا
وقال مجاهد هذا في الغزو ويوم الجمعة
وقال قتادة والضحاك وإذا كانوا معه على أمر جامع أي على أمر طاعة
قال أبو جعفر قول سعيد بن جبير أولاها أي إذا احتاج الإمام إلى جمع المسلمين لأمر يحتاج إلى اجتماعهم فيه فالإمام مخير في الإذن لمن رأى الإذن له
فأما إذا انتقض وضوءه يوم الجمعة فلا وجه لمقامه في المسجد ولا معنى لاستئذانه الإمام في ذلك لأنه لا يجوز له منعه). [معاني القرآن: 4/564-563]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله تعالى: {فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم}
قال قتادة وقد قال سبحانه: {عفا الله عنك لم أذنت لهم} فنسخت هذه يعني التي في سورة النور التي في سورة براءة). [معاني القرآن: 4/565-564]

تفسير قوله تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {لا تجعلوا دعاء الرّسول بينكم كدعاء بعضكم بعضًا} [النور: 63] تفسير ابن مجاهدٍ عن أبيه قال: أمرهم أن يدعوه يا رسول اللّه في لينٍ وتواضعٍ ولا يقولوا: يا محمّد.
وقال قتادة: أمر اللّه أن يهاب نبيّه، وأن يعظّم ويسوّد، وأمروا أن يجيبوه لما دعاهم إليه من الجهاد والدّين.
[تفسير القرآن العظيم: 1/466]
قوله: {قد يعلم اللّه الّذين يتسلّلون منكم لواذًا} [النور: 63] سعيدٌ عن قتادة قال: أي عن نبيّ اللّه وعن كتابه وذكره.
وقال مجاهدٌ: خلفًا يعني التّخلّف، أي: فرارًا من الجهاد في سبيل اللّه.
يعني المنافقين يلوذ بعضهم ببعضٍ استتارًا من النّبيّ حتّى يذهبوا.
قال: {فليحذر الّذين يخالفون عن أمره} [النور: 63] عن أمر اللّه، يعني المنافقين.
{أن تصيبهم فتنةٌ} [النور: 63] بليّةٌ.
يقول: فليحذروا أن تصيبهم فتنةٌ، بليّةٌ.
{أو يصيبهم عذابٌ أليمٌ} [النور: 63] أي: يستخرج اللّه ما في قلوبهم من النّفاق حتّى يظهروه شركًا فيصيبهم بذلك العذاب الأليم، القتل). [تفسير القرآن العظيم: 1/467]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله:
{قد يعلم اللّه الّذين يتسلّلون منكم...}

أي يستتر (هذا بهذا) وإنّما قالوا: لو إذا لأنها مصدر لاوذت، ولو كانت مصدراً للذت لكانت لياذاً أي لذت لياذاً، كما تقول: قمت إليه قياماً، وقامتك قواماً طويلا. وقوله: {لاّ تجعلوا دعاء الرّسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً} يقول: لا تدعوه يا محمد كما يدعو يعضكم بعضاً. لكن وقّروه فقولوا: يا نبيّ الله يا رسول الله يا أبا القاسم). [معاني القرآن: 2/261]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {لواذاً} مصدر " لاوذته " من الملاوذة). [مجاز القرآن: 2/69]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {الّذين يخالفون عن أمره} مجازه يخالفون أمره سواء، وعن زائدة). [مجاز القرآن: 2/69]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {لواذا}: ملاوذة). [غريب القرآن وتفسيره: 275]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لا تجعلوا دعاء الرّسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً} يعني: فخّموه وشرفوه، وقولوا: يا رسول اللّه، ويا نبي اللّه، ونحو هذا. ولا تقولوا: يا محمد، كما يدعو بعضكم بعضا بالأسماء.
{قد يعلم اللّه الّذين يتسلّلون منكم لواذاً} أي من يستتر بصاحبه في استلاله، ويخرج. يقال: لاذ فلان بفلان، [إذا استتر به].
و«اللواذ»: مصدر «لاوذت به»، فعل اثنين ولو كان مصدرا ل «لذت» لكان «لياذا». هذا قول الفراء). [تفسير غريب القرآن: 309]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (و(عن) تزاد قال تعالى: {يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ}). [تأويل مشكل القرآن: 251]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والفتنة: الإشراك والكفر والإثم، كقوله: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ}، أي: شرك.
وقال: {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} يعني الشرك.
وقال: {أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا} أي: في الإثم.
وقال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ}، أي: كفر وإثم). [تأويل مشكل القرآن: 473] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {لا تجعلوا دعاء الرّسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم اللّه الّذين يتسلّلون منكم لواذا فليحذر الّذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}
أي لا تقولوا: يا محمد كما يقول أحدكم لصاحبه، ولكن قولوا يا رسول الله ويا نبي اللّه بتبجيل وتوقير وخفض صوت.
أعلمهم اللّه عزّ وجلّ فضل النبي عليه السلام على سائر البريّة في المخاطبة.
وقوله: (قد يعلم اللّه الّذين يتسلّلون منكم لواذا).
أظهرت الواو في (لواذا) على معنى لاوذت لواذا، ومعنى لواذا ههنا الخلاف - أي، يخالفون خلافا، ودليل ذلك قوله: {فليحذر الّذين يخالفون عن أمره}.
فأمّا مصدر لذت فقولك: لذت به لياذا). [معاني القرآن: 4/56-55]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا}
قال مجاهد قولوا يا رسول الله في رفق ولين ولا تقولوا يا محمد بتجهم
وقال قتادة أمروا أن يفخموه ويشرفوه
ويروى عن ابن عباس كان يقول دعوة الرسول عليكم واجبة فاحذروها وهذا قول حسن لكون الكلام متصلا لأن الذي قبله والذي بعده نهي عن مخالفته أي لا تتعرضوا لما يسخطه فيدعو عليكم فتهلكوا ولا تجعلوا دعاءه كدعاء غيره من الناس). [معاني القرآن: 4/566-565]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا}
قال مجاهد أي خلافا
وقيل حيادا كما تقول لذت من فلان أي حدت عنه
وقيل لواذا في سترة ولذت من فلان تنحيت عنه في سترة
قال أبو جعفر وهذه الأقوال متقاربة
وقول مجاهد يدل عليه فليحذر الذين يخالفون عن أمره
و{لواذ} مصدر لاوذ فأما لاذ فمصدره لياذ
وزعم أبو عبيدة أن قوله: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره}
معناه يخالفون أمره
قال أبو جعفر وهذا القول خطأ على مذهب الخليل وسيبويه لأن عن وعلى لا يفعل بهما ذلك أي لا يزادان، وعن في موضعها غير زائدة
والمعنى يخالفون بعد ما أمر كما قال الشاعر:
نؤوم الضحى لم تنتطق عن تفضل
وحقيقة عن ههنا إن شئت خلافهم أن تأمر فخلافهم عن أمره وهذا مذهب الخليل وسيبويه كذا قالا في قوله جل وعز: {ففسق عن أمر ربه} ). [معاني القرآن: 4/567-566]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا}: أي يتسللون ويمضون). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 169]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لِوَاذًا}: ملاوذة وتستراً). [العمدة في غريب القرآن: 221]

تفسير قوله تعالى: {أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (64)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ألا إنّ للّه ما في السّموات والأرض قد يعلم ما أنتم عليه} [النور: 64] من النّفاق، يعني المنافقين.
{ويوم يرجعون إليه} [النور: 64] يقول للنّبيّ: يوم يرجع المنافقون إليه يوم القيامة.
{فينبّئهم بما عملوا} [النور: 64] من النّفاق والكفر.
{واللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ} [النور: 64]
- ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيبٍ، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامرٍ الجهنيّ قال: رأيت رسول اللّه وهو يقرأ هذه الآية، خاتمة النّور، فجعل إصبعه تحت عينه فقال: بكلّ شيءٍ بصيرٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/467]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 23 رجب 1434هـ/1-06-2013م, 06:28 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (62) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال في قوله تعالى: {وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} قال: إذا اجتمعوا على أمر من أمر الدين لم يتفرقوا إلا عن إذنه). [مجالس ثعلب: 57]

تفسير قوله تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (يقال: هذا قوام الأمر وملاكه لا غيرُ، وتقول: فلانٌ حسنُ القوامِ؛ مفتوحٌ، تريد بذلك الشطاط، لا يكون إلا ذاك، وقوام إذا كان اسمًا لم تنقلب واوه ياءً من أجل الكسرة، لأنها متحركة، إلا أن يكون جمعًا قد كانت الواو في واحده ساكنةً، فتنقلب في الجمع، لأن حركتها لعلةٍ، تقول: سوطٌ وسياطٌ وثوبُ وثيابٌ وحوضٌ وحياضٌ؛ فإن كانت الواو في الواحد متحركةً ثبتت في الجمع، نحو طويل وطوال، وكذلك فعالٌ إذا كان مصدرًا صح إذا صح فعله، واعتل إذا اعتل فعله، فما كان مصدرًا لـ«فاعلتَ» فهو فعالٌ صحيحٌ، تقول: قاولتهُ قوالاً، ولاوذته لواذًا، كقوله تعالى: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا}، أي ملاوذة، وإذا كان مصدر فَعَلْتُ اعتل لاعتلال الفعل فقلت: قمت قيامًا، ونمتُ نيامًا، ولذتُ لياذًا، وعذتُ عياذًا). [الكامل: 2/839-840]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
ظلت ضباع مجيراتٍ يلذن بهم = وألحموهن منهم أي إلحام
يلذن بهم أي: يدرن حولهم يقال لاذ به يلوذ لوذًا ولواذًا). [شرح المفضليات: 510]

تفسير قوله تعالى: {أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (64) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 25 ذو القعدة 1439هـ/6-08-2018م, 12:54 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 25 ذو القعدة 1439هـ/6-08-2018م, 12:55 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 25 ذو القعدة 1439هـ/6-08-2018م, 12:56 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَىٰ أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّىٰ يَسْتَأْذِنُوهُ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ۚ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (62)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {إنّما المؤمنون الّذين آمنوا باللّه ورسوله وإذا كانوا معه على أمرٍ جامعٍ لم يذهبوا حتّى يستأذنوه إنّ الّذين يستأذنونك أولئك الّذين يؤمنون باللّه ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم واستغفر لهم اللّه إنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ (62)}
{إنّما} في هذه الآية للحصر، اقتضى ذلك المعنى؛ لأنه لا يتم إيمان إلا بأن يؤمن المرء باللّه ورسوله، وبأن يكون من الرسول سامعا غير معنت في أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم يريد أمرا فيريد هو إفساده بزواله في وقت الجمع ونحو ذلك.
و«الأمر الجامع» يراد به ما للإمام حاجة إلى جمع الناس فيه لإذاعة مصلحة، فأدب الإسلام اللازم في ذلك -إذا كان الأمر حاضرا- ألا يذهب أحد لعذر إلا بإذنه، فإذا ذهب بإذن ارتفع عنه الظن السيّء، والإمام الذي يرتقب إذنه في هذه الآية هو إمام الإمرة، وقال مكحول والزهراوي: الجمعة من «الأمر الجامع»، وإمام الصلاة ينبغي أن يستأذن إذا قدمه إمام الإمرة، إذا كان يرى المستأذن، ومشى بعض الناس دهرا على استئذان إمام الصلاة، وروي أن هرم بن حيان كان يخطب، فقام رجل فوضع يده على أنفه، وأشار إلى هرم بالاستئذان فأذن له، فلما قضيت الصلاة كشف عن أمره أنه إنما ذهب لغير ضرورة، فقال هرم: اللهم أخر رجال السوء لزمان السوء.
وظاهر الآية إنما يقتضي أن يستأذن أمير الإمرة الذي هو في مقعد النبوة؛ فإنه ربما كان له رأي في حبس ذلك الرجل لأمر من أمور الدين، فأما إمام الصلاة فقط فليس ذلك إليه؛ لأنه وكيل على جزء من أجزاء الدين للذي هو في مقعد النبوة.
[المحرر الوجيز: 6/413]
ثم أمر تبارك وتعالى نبيه أن صلى الله عليه وسلم أن يأذن لمن عرف منه صحة العذر وهم الذين يشاء.
وروي أن هذه الآية نزلت في وقت حفر رسول الله صلى الله عليه وسلم خندق المدينة، وذلك أن بعض المؤمنين كان يستأذن لضرورة، وكان المنافقون يذهبون دون استئذان، فأخرج الله تعالى الذين لا يستأذنون عن صنيفة المؤمنين، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يأذن للمؤمن الذي لا تدعوه ضرورة إلى حبسه، وهو الذي يشاء، ثم أمره بالاستغفار لصنفي المؤمنين من أذن له ومن لم يؤذن له، وفي ذلك تأنيس للمؤمنين ورأفة بهم). [المحرر الوجيز: 6/414]

تفسير قوله تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا ۚ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا ۚ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ألا إن لله ما في السماوات والأرض قد يعلم ما أنتم عليه ويوم يرجعون إليه فينبئهم بما عملوا والله بكل شيء عليم}
هذه الآية مخاطبة لجميع معاصري رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمرهم الله تعالى ألا يجعلوا مخاطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في النداء كمخاطبة بعضهم لبعض، فإن سيرتهم كانت التداعي بالأسماء، وعلى غاية البداوة وقلة الاهتمام، فأمرهم الله تعالى في هذه الآية وفي غيرها أن يدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم بأشرف أسمائه، وذلك هو مقتضى التوقير والتعزيز، فالمبتغي في الدعاء أن يقول: يا رسول الله، ويكون ذلك بتوقير وخفض صوت وبر، وألا يجري ذلك على عادتهم بعضهم في بعض، قاله مجاهد وغيره.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: المعنى في هذه الآية إنما هو: لا تحسبوا دعاء الرسول عليكم كدعاء بعضكم على بعض، أي: دعاؤه عليكم مجاب.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ولفظ الآية يدفع هذا المعنى، والأول أصح.
[المحرر الوجيز: 6/414]
ثم أخبرهم الله تعالى أن المتسللين منهم لواذا قد علمهم، واللواذ: الروغان والمخالفة، وهو مصدر "لاوذ" وليس بمصدر "لاذ"؛ لأنه كان يقال له: "لياذا"، ذكره الزجاج وغيره.
ثم أمرهم بالحذر من عذاب الله تعالى ونقمته إذا خالفوه عن أمره، وقوله تعالى: {يخالفون عن أمره} معناه: يقع خلافهم بعد أمره، وهذا كما تقول: كان المطر عن ريح، و"عن" هي لما عدا الشيء، و"الفتنة" في هذا الموضع: الإخبار والرزايا في الدنيا، أو بالعذاب الأليم في الآخرة، ولا بد للمنافقين من أحد هذين). [المحرر الوجيز: 6/415]

تفسير قوله تعالى: {أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (64)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: "ألا إن" استفتح الكلام وأخبر أن الله تعالى له ما في السموات والأرض ملكا وخلفا، ثم أخبرهم أنه قد علم ما أهل الأرض والسماء عليه، وخص بالذكر منهم المخاطبين لأن ذلك موضع الحجة عليهم، وهم به أعني، وقوله: {ويوم يرجعون} يجوز أن يكون معمولا لقوله: "يعلم"، ويجوز أن يكون التقدير: والعلم الظاهر لكم -أو نحو هذا- يوم، فيكون النصب على الظرف. وقرأ الجمهور: "يرجعون" بضم الياء وفتح الجيم، وقرأ يحيى بن يعمر، وابن أبي إسحاق، وأبو عمرو: "يرجعون" بفتح الياء وكسر الجيم.
وقال عقبة بن عامر الجهني: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية خاتمة النور فقال: "والله بكل شيء بصير"، وباقي الآية بين). [المحرر الوجيز: 6/415]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 14 محرم 1440هـ/24-09-2018م, 06:05 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 14 محرم 1440هـ/24-09-2018م, 06:07 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (62) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إنّما المؤمنون الّذين آمنوا باللّه ورسوله وإذا كانوا معه على أمرٍ جامعٍ لم يذهبوا حتّى يستأذنوه إنّ الّذين يستأذنونك أولئك الّذين يؤمنون باللّه ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم واستغفر لهم اللّه إنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ (62)}.
وهذا أيضًا أدبٌ أرشد اللّه عباده المؤمنين إليه، فكما أمرهم بالاستئذان عند الدّخول، كذلك أمرهم بالاستئذان عند الانصراف -لا سيّما إذا كانوا في أمرٍ جامعٍ مع الرّسول، صلوات اللّه وسلامه عليه، من صلاة جمعةٍ أو عيدٍ أو جماعةٍ، أو اجتماعٍ لمشورةٍ ونحو ذلك -أمرهم اللّه تعالى ألّا ينصرفوا عنه والحالة هذه إلّا بعد استئذانه ومشاورته. وإنّ من يفعل ذلك فهو من المؤمنين الكاملين.
ثمّ أمر رسوله -صلوات اللّه وسلامه عليه -إذا استأذنه أحدٌ منهم في ذلك أن يأذن له، إن شاء؛ ولهذا قال: {فأذن لمن شئت منهم واستغفر لهم اللّه إنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ}.
وقد قال أبو داود: حدّثنا أحمد بن حنبل ومسدّد، قالا حدّثنا بشرٌ -هو ابن المفضّل -عن عجلان عن سعيدٍ المقبريّ، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلّم، فإذا أراد أن يقوم فليسلّم، فليست الأولى بأحقّ من الآخرة".
وهكذا رواه التّرمذيّ والنّسائيّ، من حديث محمّد بن عجلان، به. وقال التّرمذيّ: حسنٌ). [تفسير ابن كثير: 6/ 88]

تفسير قوله تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({لا تجعلوا دعاء الرّسول بينكم كدعاء بعضكم بعضًا قد يعلم اللّه الّذين يتسلّلون منكم لواذًا فليحذر الّذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنةٌ أو يصيبهم عذابٌ أليمٌ (63)}.
قال الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: كانوا يقولون: يا محمّد، يا أبا القاسم، فنهاهم اللّه عزّ وجلّ، عن ذلك، إعظامًا لنبيّه، صلوات اللّه وسلامه عليه قال: فقالوا: يا رسول اللّه، يا نبيّ اللّه. وهكذا قال مجاهدٌ، وسعيد بن جبير.
وقال قتادة: أمر اللّه أن يهاب نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وأن يبجّل وأن يعظّم وأن يسود.
وقال مقاتل [بن حيّان] في قوله: {لا تجعلوا دعاء الرّسول بينكم كدعاء بعضكم بعضًا} يقول: لا تسمّوه إذا دعوتموه: يا محمّد، ولا تقولوا: يا بن عبد اللّه، ولكن شرّفوه فقولوا: يا نبيّ اللّه، يا رسول اللّه.
وقال مالكٌ، عن زيد بن أسلم في قوله: {لا تجعلوا دعاء الرّسول بينكم كدعاء بعضكم بعضًا} قال: أمرهم اللّه أن يشرّفوه.
هذا قولٌ. وهو الظّاهر من السّياق، كما قال تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا} [البقرة: 104]، وقال {يا أيّها الّذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النّبيّ ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعضٍ أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون} إلى قوله: {إنّ الّذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون ولو أنّهم صبروا حتّى تخرج إليهم لكان خيرًا لهم} [الحجرات: 2-5]
فهذا كلّه من باب الأدب [في مخاطبة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم والكلام معه وعنده كما أمروا بتقديم الصّدقة قبل مناجاته]
والقول الثّاني في ذلك أنّ المعنى في: {لا تجعلوا دعاء الرّسول بينكم كدعاء بعضكم بعضًا} أي: لا تعتقدوا أنّ دعاءه على غيره كدعاء غيره، فإنّ دعاءه مستجابٌ، فاحذروا أن يدعو عليكم فتهلكوا. حكاه ابن أبي حاتمٍ، عن ابن عبّاسٍ، والحسن البصريّ، وعطيّة العوفي، واللّه أعلم.
وقوله: {قد يعلم اللّه الّذين يتسلّلون منكم لواذًا} قال مقاتل بن حيّان: هم المنافقون، كان يثقل عليهم الحديث في يوم الجمعة -ويعني بالحديث الخطبة -فيلوذون ببعض الصّحابة -أصحاب محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم -حتّى يخرجوا من المسجد، وكان لا يصلح للرّجل أن يخرج من المسجد إلّا بإذنٍ من النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في يوم الجمعة، بعدما يأخذ في الخطبة، وكان إذا أراد أحدهم الخروج أشار بإصبعه إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فيأذن له من غير أن يتكلّم الرّجل؛ لأنّ الرّجل منهم كان إذا تكلّم والنّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم -يخطب، بطلت جمعته.
قال السّدّي كانوا إذا كانوا معه في جماعةٍ، لاذ بعضهم ببعضٍ، حتّى يتغيّبوا عنه، فلا يراهم.
وقال قتادة في قوله: {قد يعلم اللّه الّذين يتسلّلون منكم لواذًا}، يعني: لواذًا [عن نبيّ اللّه وعن كتابه.
وقال سفيان: {قد يعلم اللّه الّذين يتسلّلون منكم لواذًا} قال: من الصّفّ. وقال مجاهدٌ في الآية: {قد يعلم اللّه الّذين يتسلّلون منكم لواذًا}] قال: خلافًا.
وقوله: {فليحذر الّذين يخالفون عن أمره} أي: عن أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، سبيله هو ومنهاجه وطريقته [وسنّته] وشريعته، فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله، فما وافق ذلك قبل، وما خالفه فهو مردود على قائله وفاعله، كائنًا ما كان، كما ثبت في الصّحيحين وغيرهما، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو ردّ".
أي: فليحذر وليخش من خالف شريعة الرّسول باطنًا أو ظاهرًا {أن تصيبهم فتنةٌ} أي: في قلوبهم، من كفرٍ أو نفاقٍ أو بدعةٍ، {أو يصيبهم عذابٌ أليمٌ} أي: في الدّنيا، بقتلٍ، أو حد، أو حبسٍ، أو نحو ذلك.
قال الإمام أحمد: حدّثنا عبد الرّزّاق، حدّثنا معمر، عن همّام بن منبّه قال: هذا ما حدّثنا أبو هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "مثلي ومثلكم كمثل رجلٍ استوقد نارًا، فلمّا أضاءت ما حولها. جعل الفراش وهذه الدّوابّ اللّاتي [يقعن في النّار] يقعن فيها، وجعل يحجزهنّ ويغلبنه ويتقحّمن فيها". قال: "فذلك مثلي ومثلكم، أنا آخذٌ بحجزكم عن النّار هلمّ عن النّار، فتغلبوني وتقتحمون فيها". أخرجاه من حديث عبد الرّزّاق). [تفسير ابن كثير: 6/ 88-90]

تفسير قوله تعالى: {أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (64) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ألا إنّ للّه ما في السّموات والأرض قد يعلم ما أنتم عليه ويوم يرجعون إليه فينبّئهم بما عملوا واللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ (64)}.
يخبر تعالى أنه مالك السموات والأرض، وأنه عالم غيب السموات والأرض، وهو عالمٌ بما العباد عاملون في سرّهم وجهرهم، فقال: {قد يعلم ما أنتم عليه} و"قد" للتّحقيق، كما قال قبلها: {قد يعلم اللّه الّذين يتسلّلون منكم لواذًا}، وقال تعالى: {قد يعلم اللّه المعوّقين منكم والقائلين لإخوانهم هلمّ إلينا} [الأحزاب: 18]. وقال تعالى: {قد سمع اللّه قول الّتي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى اللّه واللّه يسمع تحاوركما إنّ اللّه سميعٌ بصيرٌ} [المجادلة: 1]، وقال: {قد نعلم إنّه ليحزنك الّذي يقولون فإنّهم لا يكذّبونك ولكنّ الظّالمين بآيات اللّه يجحدون} [الأنعام: 33]، وقال: {قد نرى تقلّب وجهك في السّماء [فلنولّينّك قبلةً ترضاها]} [البقرة:144] فكلّ هذه الآيات فيها تحقيق الفعل بـ"قد"، كما يقول المؤذّن تحقيقًا وثبوتًا: "قد قامت الصّلاة، قد قامت الصّلاة" فقوله تعالى: {قد يعلم ما أنتم عليه} أي: هو عالمٌ به، مشاهدٌ له، لا يعزب عنه مثقال ذرّةٍ، كما قال تعالى: {وتوكّل على العزيز الرّحيم الّذي يراك حين تقوم * وتقلّبك في السّاجدين * إنّه هو السّميع العليم} [الشّعراء: 217-220]. وقال: {وما تكون في شأنٍ وما تتلو منه من قرآنٍ ولا تعملون من عملٍ إلا كنّا عليكم شهودًا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربّك من مثقال ذرّةٍ في الأرض ولا في السّماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتابٍ مبينٍ} [يونس: 61]، وقال تعالى: {أفمن هو قائمٌ على كلّ نفسٍ بما كسبت} [الرّعد: 33] أي: هو شهيدٌ على عباده بما هم فاعلون من خيرٍ وشرٍّ. وقال تعالى: {ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرّون وما يعلنون [إنّه عليمٌ بذات الصّدور]} [هودٍ: 5]، وقال تعالى: {سواءٌ منكم من أسرّ القول ومن جهر به ومن هو مستخفٍ باللّيل وساربٌ بالنّهار} [الرّعد:10]، وقال تعالى: {وما من دابّةٍ في الأرض إلا على اللّه رزقها ويعلم مستقرّها ومستودعها كلٌّ في كتابٍ مبينٍ} [هودٍ: 6]، وقال: {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البرّ والبحر وما تسقط من ورقةٍ إلا يعلمها ولا حبّةٍ في ظلمات الأرض ولا رطبٍ ولا يابسٍ إلا في كتابٍ مبينٍ} [الأنعام: 59].والآيات والأحاديث في هذا كثيرةٌ جدًّا.
وقوله: {ويوم يرجعون إليه} أي: ويوم ترجع الخلائق إلى اللّه -وهو يوم القيامة - {فينبّئهم بما عملوا} أي: يخبّرهم بما فعلوا في الدّنيا، من جليلٍ وحقيرٍ، وصغيرٍ وكبيرٍ، كما قال تعالى: {ينبّأ الإنسان يومئذٍ بما قدّم وأخّر} [القيامة: 13]. وقال: {ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين ممّا فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرًا ولا يظلم ربّك أحدًا} [الكهف: 49]. ولهذا قال هاهنا: {ويوم يرجعون إليه فينبّئهم بما عملوا واللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ} والحمد للّه ربّ العالمين، ونسأله التمام).[تفسير ابن كثير: 6/ 90]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:30 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة