العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الحج

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19 ذو القعدة 1439هـ/31-07-2018م, 08:28 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19 ذو القعدة 1439هـ/31-07-2018م, 08:37 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير}
المعنى: واذكر إذ بوأنا، و"بوأ" هي تعدية بالتضعيف، و"باء" معناه: رجع، فكأن المبوئ يرد المبوأ إلى المكان، واستعملت اللفظة بمعنى "سكن"، ومنه قوله تعالى: {نتبوأ من الجنة}، وقال الشاعر:
كم صاحب لي صالح بوأته بيدي لحدا
واللام في قوله تعالى: "إبراهيم" قالت فرقة: هي زائدة، وقالت فرقة: "بوأنا"
[المحرر الوجيز: 6/235]
نازلة منزلة فعل يتعدى باللام كنحو جعلنا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والأظهر أن يكون المفعول الأول بـ "بوأنا" محذوفا تقديره: الناس أو العالم، ثم قال: "لإبراهيم"، بمعنى: له كانت هذه الكرامة وعلى يديه بوئوا.
و "البيت" هو الكعبة، وكان -فيما روي- قد جعله الله تعالى متعبدا لآدم عليه السلام، ثم درس بالطوفان وغيره، فلما جاءت مدة إبراهيم عليه السلام أمره الله تعالى ببنائه، فجاء إلى موضعه وجعل يطلب أثرا، فبعث الله ريحا فكشف له عن أساس آدم فرتب قواعده عليه.
وقوله تعالى: {أن لا تشرك بي شيئا} هي مخاطبة لإبراهيم عليه السلام في قول الجمهور حكيت لنا، بمعنى قيل له: " ألا تشرك بي شيئا "، وقرأ عكرمة: "أن لا يشرك بي" بالياء على معنى نقل معنى القول الذي قيل له، قال أبو حاتم: ولا بد من نصب الكاف على هذه القراءة، بمعنى: لئلا يشرك.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
يحتمل أن تكون "أن" في قراءة الجمهور مفسرة، ويحتمل أن تكون مخففة من الثقيلة.
وفي الآية طعن على من أشرك من قطان البيت، أي: هذا كان الشرط على أبيكم فمن بعد وأنتم، فلم تفوا بل أشركتم، وقالت فرقة: الخطاب من قوله: {أن لا تشرك} لمحمد صلى الله عليه وسلم، وأمر بتطهير البيت والأذان بالحج.
[المحرر الوجيز: 6/236]
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والجمهور على أن ذلك لإبراهيم عليه السلام، وهو الأصح.
و "تطهير البيت" عام في الكفر والبدع وجميع الأنجاس والدماء وغير ذلك، و"القائمون" هم المصلون، وذكر الله تعالى من أركان الصلاة أعظمها وهي: القيام والركوع والسجود). [المحرر الوجيز: 6/237]

تفسير قوله تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ جمهور الناس: "وأذن" بشد الذال، وقرأ الحسن بن أبي الحسن، وابن محيصن: "وآذن" بمدة وتخفيف الذال، وتصحف هذا على ابن جني؛ فإنه حكى عنهما "وأذن" على أنه فعل ماض وأعرب عن ذلك بأن جعله عطفا على "بوأنا". وروي أن إبراهيم عليه السلام لما أمر بالأذان بالحج قال: يا رب وإذا ناديت فمن يسمعني؟ فقيل له: ناد يا إبراهيم، فعليك النداء وعلينا البلاغ، فصعد على أبي قبيس -وقيل: على حجر المقام - ونادى: أيها الناس، إن الله قد أمركم بحج هذا البيت فحجوا، واختلفت الروايات في ألفاظه عليه السلام، واللازم أن يكون فيها ذكر البيت والحج، وروي أنه يوم نادى أسمع كل من يحج إلى يوم القيامة في أصلاب الرجال، وأجابه كل شيء في ذلك الوقت من جماد وغيره: لبيك اللهم لبيك، فجرت التلبية على ذلك، قاله ابن عباس وابن جبير.
وقرأ جمهور الناس: "بالحج" بفتح الحاء، وقرأ ابن أبي إسحاق في كل القرآن بكسرها، و"رجالا" جمع راجل كتاجر وتجار، [وصاحب وصحاب]، وقرأ عكرمة، وابن عباس، وأبو مجلز، وجعفر بن محمد: "رجالا" بضم الراء وشد الجيم، ككاتب وكتاب. وقرأ عكرمة أيضا، وابن أبي إسحق: "رجالا" بضم الراء وتخفيف
[المحرر الوجيز: 6/237]
الجيم، وهو قليل في أبنية الجمع، ورويت عن ابن مجاهد، وقرأ مجاهد: "رجالى" على وزن فعالى، فهو مثل كسالى.
و "الضامر"، قالت فرقة: أراد بها الناقة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وذلك أنه يقال: ناقة ضامر، ومنه قول الأعشى:
عهدي بها في الحي قد درعت ... هيفاء مثل المهرة الضامر
فيجيء قوله تعالى: "يأتين" مستقيما على هذا التأويل. وقالت فرقة: "الضامر" كل ما اتصف بذلك من جمل أو ناقة وغير ذلك.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا هو الأظهر، لكنه يتضمن معنى الجماعات أو الرفاق، فيحسن لذلك قوله: "يأتين". وقرأ أصحاب ابن مسعود رضي الله عنه: "يأتون"، وهي قراءة ابن أبي عبلة، والضحاك.
وفي تقديم "رجالا" تفضيل للمشاة في الحج، قال ابن عباس رضي الله عنهما: ما آسى على شيء فاتني إلا أن أكون حججت ماشيا، فإني سمعت الله تعالى يقول: "يأتونك رجالا"، وقال ابن أبي نجيح: حج إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ماشيين، واستدل بعض العلماء بسقوط ذكر البحر من هذه الآية على أن فرض الحج بالبحر ساقط.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
قال مالك في الموازية: لا أسمع للبحر ذكرا.
[المحرر الوجيز: 6/238]
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا تأنس، لا أنه يلزم من سقوط ذكر البحر سقوط الفرض، وذلك أن مكة ليست في ضفة بحر فيأتيها الناس بالسفن، ولا بد لمن ركب البحر أن يصير في إتيان مكة إما راجلا وإما على ضامر، فإنما ذكرت حالتا الوصول، وإسقاط فرض الحج بمجرد[عدم الذكر] البحر ليس بالكثير ولا بالقوي، فأما إذا اقترن به عدو أو خوف أو هول شديد أو مرض يلحق شخصا ما فمالك والشافعي وجمهور الناس على سقوط الوجوب في ذلك، وأنه ليس بسبيل يستطاع، وذكر صاحب كتاب (الاستظهار) في هذا المعنى كلاما ظاهره أن الوجوب لا يسقطه شيء من هذه الأعذار.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا ضعيف.
و "الفج": الطريق الواسعة، و"العميق" معناه: البعيد، وقال الشاعر
إذا الخيل جاءت من فجاج عميقة ... يمد بها في السير أشعث شاحب). [المحرر الوجيز: 6/239]

تفسير قوله تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و "المنافع" في هذه الآية: التجارة في قول أكثر المتأولين، ابن عباس رضي الله عنهما وغيره، وقال أبو جعفر محمد بن علي: أراد الأجر ومنافع الآخرة، وقال مجاهد بعموم الوجهين.
وقوله تعالى: "اسم الله"، يصح أن يريد بالاسم هاهنا المسمى، بمعنى: ويذكروا الله، على تجوز في هذه العبارة، إلا أن يقصد ذكر القلوب، ويحتمل أن يريد بالاسم التسميات، وذكر الله تعالى إنما هو بذكر أسمائه، ثم يذكر القلب السلطان والصفات، وهذا كله على أن يكون الذكر بمعنى حمده وتقديسه شكرا على نعمته في
[المحرر الوجيز: 6/239]
الرزق، ويؤيده قوله عليه السلام: إنها أيام أكل وشرب وذكر الله، وذهب قوم إلى أن المراد ذكر اسم الله تعالى على النحر والذبح، وقالوا: إن في ذكر الأيام دليلا على أن الذبح في الليل لا يجوز، وهو مذهب مالك وأصحاب الرأي. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: "الأيام المعلومات" هي أيام العشر ويوم النحر وأيام التشريق، وقال ابن سيرين: هي أيام العشر فقط، وقالت فرقة: بل أيام التشريق، ذكره القتيبي، وقالت فرقة فيها مالك وأصحابه: بل الأيام المعلومات يوم النحر، ويومان بعده، وأيام التشريق الثلاثة هي المعدودات، فيكون يوم النحر معلوما لا معدودا، واليومان بعده معلومان ومعدودات والرابع معدود لا معلوم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وحمل هؤلاء على هذا التفصيل أنهم أخذوا "ذكر اسم الله" هنا على الذبح للأضاحي والهدي وغيره، فاليوم الرابع لا يضحى فيه عند مالك وجماعة، وأخذوا التعجل والتأخر بالنفر في الأيام المعدودات، فتأمل هذا يبن لك قصدهم، ويظهر أن تكون المعلومات والمعدودات بمعنى، أي تلك الأيام الفاضلة كلها، ويبقى أمر الذبح وأمر الاستعجال لا يتعلق بمعدود ولا بمعلوم، وتكون فائدة قوله: "معلومات" و"معدودات" التحريض على هذه الأيام وعلى اغتنام فضلها؛ إذ ليست كغيرها، فكأنه قال: هي مخصوصات فلتغتنم.
وقوله، تعالى: "فكلوا" ندب، واستحب أهل العلم للرجل أن يأكل من هديه أو ضحيته مع التصدق بأكثرها، مع تجويزهم الصدقة بالكل وأكل الكل، و"البائس": الذي قد مسه ضر الفاقة وبؤسها، يقال: بأس الرجل يبؤس، وقد يستعمل فيمن نزلت به نازلة دهر وإن لم تكن فقرا، ومنه قوله عليه السلام: لكن البائس
[المحرر الوجيز: 6/240]
سعد بن خولة، والمراد في هذه الآية أهل الحاجة). [المحرر الوجيز: 6/241]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه وأحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور حنفاء لله غير مشركين به ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق}
اختلفت القراءة في سكون اللام في قوله تعالى: {ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا} وفي تحريك جميع ذلك بالكسر، وفي تحريك "ليقضوا" وتسكين الاثنين، وقد تقدم في قوله تعالى: {فليمدد بسبب إلى السماء} توجيه جميع ذلك.
و "التفث" ما يفعله المحرم عند حله من تقصير شعر وحلقه وإزالة شعث ونحوه من إقامة الخمس من الفطرة حسب الحديث وفي ضمن ذلك قضاء جميع مناسكه إذ لا يقضى التفث إلا بعد ذلك. وقرأ عاصم وحده -في رواية أبي بكر -: "وليوفوا" بفتح الواو وشد الفاء، و"وفى" و"أوفى" لغتان مستعملتان في كتاب الله تعالى و"أوفى" أكثر. و"النذور"
[المحرر الوجيز: 6/241]
ما معهم من هدي وغيره، و"الطواف" المذكور في هذه الآية هو طواف الإفاضة الذي هو من واجبات الحج، قال الطبري: لا خلاف بين المتأولين في ذلك. قال مالك: هو واجب يرجع تاركه من وطنه إلا أن يطوف طواف وداع فإنه يجزيه منه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ويحتمل بحسب الترتيب أن تكون الإشارة إلى طواف الوداع إذ المستحسن أن يكون ولا بد، وقد أسند الطبري عن عمرو بن أبي سلمة قال: سألت زهيرا عن قوله تعالى: {وليطوفوا بالبيت العتيق} فقال: هو طواف الوداع. وقال مالك في الموطأ: واختلف المتألون في وجه صفة البيت بالعتيق، فقال مجاهد، والحسن: العتيق: القديم، يقال: سيف عتيق، وقد عتق الشيء.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا قول يعضده النظر؛ إذ هو أول بيت وضع للناس، إلا أن ابن الزبير قال: سمي عتيقا لأن الله تعالى أعتقه من الجبابرة بمنعه إياه منهم، وروي في هذا حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا نظر مع الحديث. وقالت فرقة: سمي عتيقا لأنه لم يملك موضعه قط، وقالت فرقة: سمي عتيقا لأن الله تعالى يعتق فيه رقاب المذنبين من العذاب.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا يرده التصريف. وقيل: سمي عتيقا لأنه أعتق من غرق الطوفان، قاله ابن
[المحرر الوجيز: 6/242]
جبير، ويحتمل أن تكون "العتيق" صفة مدح تقتضي جودة الشيء، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: حملت على فرس عتيق الحديث، ونحوه قولهم: كلام حر). [المحرر الوجيز: 6/243]

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13 محرم 1440هـ/23-09-2018م, 06:54 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 13 محرم 1440هـ/23-09-2018م, 06:57 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإذ بوّأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئًا وطهّر بيتي للطّائفين والقائمين والرّكّع السّجود (26) وأذّن في النّاس بالحجّ يأتوك رجالا وعلى كلّ ضامرٍ يأتين من كلّ فجٍّ عميقٍ (27)}.
هذا فيه تقريعٌ وتوبيخٌ لمن عبد غير اللّه، وأشرك به من قريشٍ، في البقعة الّتي أسسّت من أوّل يومٍ على توحيد اللّه وعبادته وحده لا شريك له، فذكر تعالى أنّه بوأ إبراهيم مكان البيت، أي: أرشده إليه، وسلّمه له، وأذن له في بنائه.
واستدلّ به كثيرٌ ممّن قال: "إنّ إبراهيم، عليه السّلام، هو أوّل من بنى البيت العتيق، وأنّه لم يبن قبله"، كما ثبت في الصّحيح عن أبي ذرٍّ قلت: يا رسول اللّه، أيّ مسجدٍ وضع أوّل؟ قال: "المسجد الحرام". قلت: ثمّ أيّ؟ قال: "بيت المقدس". قلت كم بينهما؟ قال: "أربعون سنةً".
وقد قال اللّه تعالى: {إنّ أوّل بيتٍ وضع للنّاس للّذي ببكّة مباركًا وهدًى للعالمين. فيه آياتٌ بيّناتٌ مقام إبراهيم} الآية [آل عمران: 96، 97]، وقال تعالى: {وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهّرا بيتي للطّائفين والعاكفين والرّكّع السّجود} [البقرة: 125].
وقد قدّمنا ذكر ما ورد في بناء البيت من الصّحاح والآثار، بما أغنى عن إعادته هاهنا.
وقال تعالى هاهنا: {أن لا تشرك بي} أي: ابنه على اسمي وحدي، {وطهّر بيتي} قال مجاهدٌ وقتادة: من الشّرك، {للطّائفين والقائمين والرّكّع السّجود} أي: اجعله خالصًا لهؤلاء الّذين يعبدون اللّه وحده لا شريك له.
فالطّائف به معروفٌ، وهو أخصّ العبادات عند البيت، فإنّه لا يفعل ببقعةٍ من الأرض سواها، {والقائمين} أي: في الصّلاة؛ ولهذا قال: {والرّكّع السّجود} فقرن الطّواف بالصّلاة؛ لأنّهما لا يشرعان إلّا مختصّين بالبيت، فالطّواف عنده، والصّلاة إليه في غالب الأحوال، إلّا ما استثني من الصّلاة عند اشتباه القبلة وفي الحرب، وفي النّافلة في السّفر، واللّه أعلم).[تفسير ابن كثير: 5/ 413]

تفسير قوله تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وأذّن في النّاس بالحجّ} أي: ناد في النّاس داعيًا لهم إلى الحجّ إلى هذا البيت الّذي أمرناك ببنائه. فذكر أنّه قال: يا ربّ، وكيف أبلغ النّاس وصوتي لا ينفذهم؟ فقيل: ناد وعلينا البلاغ.
فقام على مقامه، وقيل: على الحجر، وقيل: على الصّفا، وقيل: على أبي قبيس، وقال: يا أيّها النّاس، إن ربّكم قد اتّخذ بيتًا فحجّوه، فيقال: إنّ الجبال تواضعت حتّى بلغ الصّوت أرجاء الأرض، وأسمع من في الأرحام والأصلاب، وأجابه كلّ شيءٍ سمعه من حجر ومدر وشجرٍ، ومن كتب اللّه أنّه يحجّ إلى يوم القيامة: "لبّيك اللّهمّ لبّيك".
هذا مضمون ما روي عن ابن عبّاسٍ، ومجاهدٍ، وعكرمة، وسعيد بن جبير، وغير واحدٍ من السّلف، واللّه أعلم.
أوردها ابن جرير، وابن أبي حاتمٍ مطوّلة .
وقوله: {يأتوك رجالا وعلى كلّ ضامرٍ يأتين من كلّ فجٍّ عميقٍ} قد يستدلّ بهذه الآية من ذهب من العلماء إلى أنّ الحجّ ماشيًا، لمن قدر عليه، أفضل من الحجّ راكبًا؛ لأنّه قدّمهم في الذّكر، فدلّ على الاهتمام بهم وقوّة هممهم وشدّة عزمهم، والّذي عليه الأكثرون أنّ الحجّ راكبًا أفضل؛ اقتداءً برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فإنّه حجّ راكبًا مع كمال قوّته، عليه السّلام.
وقوله: {يأتين من كلّ فجٍّ} يعني: طريقٍ، كما قال: {وجعلنا فيها فجاجًا سبلا} [الأنبياء: 31].
وقوله: {عميقٍ} أي: بعيدٍ. قاله مجاهدٌ، وعطاءٌ، والسّدّيّ، وقتادة، ومقاتل بن حيّان، والثّوريّ، وغير واحدٍ.
وهذه الآية كقوله تعالى إخبارًا عن إبراهيم، حيث قال في دعائه: {فاجعل أفئدةً من النّاس تهوي إليهم} [إبراهيم: 37] فليس أحدٌ من أهل الإسلام إلّا وهو يحنّ إلى رؤية الكعبة والطّواف، فالنّاس يقصدونها من سائر الجهات والأقطار). [تفسير ابن كثير: 5/ 414]

تفسير قوله تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم اللّه في أيّامٍ معلوماتٍ على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير (28) ثمّ ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطّوّفوا بالبيت العتيق (29)}.
قال ابن عبّاسٍ: {ليشهدوا منافع لهم} قال: منافع الدّنيا والآخرة؛ أمّا منافع الآخرة فرضوان اللّه، وأمّا منافع الدّنيا فما يصيبون من منافع البدن والرّبح والتّجارات. وكذا قال مجاهدٌ، وغير واحدٍ: إنّها منافع الدّنيا والآخرة، كقوله: {ليس عليكم جناحٌ أن تبتغوا فضلا من ربّكم} [البقرة: 198].
وقوله: {ويذكروا اسم اللّه [في أيّامٍ معلوماتٍ] على ما رزقهم من بهيمة الأنعام} قال شعبة [وهشيم] عن [أبي بشرٍ عن سعيدٍ] عن ابن عبّاسٍ: الأيام المعلومات: أيام العشر، وعلّقه البخاريّ عنه بصيغة الجزم به. ويروى مثله عن أبي موسى الأشعريّ، ومجاهدٍ، وعطاءٍ، وسعيد بن جبيرٍ، والحسن، وقتادة، والضّحّاك، وعطاءٍ الخراسانيّ، وإبراهيم النّخعي. وهو مذهب الشّافعيّ، والمشهور عن أحمد بن حنبلٍ.
وقال البخاريّ: حدّثنا محمّد بن عرعرة، حدّثنا شعبة، عن سليمان، عن مسلمٍ البطين، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "ما العمل في أيامٍ أفضل منها في هذه" قالوا: ولا الجهاد في سبيل اللّه؟ قال: "ولا الجهاد في سبيل اللّه، إلّا رجلٌ، يخرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيءٍ".
ورواه الإمام أحمد، وأبو داود، والتّرمذيّ، وابن ماجه. وقال التّرمذيّ: حديثٌ حسنٌ غريبٌ صحيحٌ. وفي الباب عن ابن عمر، وأبي هريرة، وعبد اللّه بن عمرٍو، وجابرٍ.
قلت: وقد تقصّيت هذه الطّرق، وأفردت لها جزءًا على حدته، فمن ذلك ما قال الإمام أحمد: حدّثنا عفّان، أنبأنا أبو عوانة، عن يزيد بن أبي زيادٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عمر قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "ما من أيامٍ أعظم عند اللّه ولا أحبّ إليه العمل فيهنّ، من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهم من التّهليل والتّكبير والتّحميد" وروي من وجهٍ آخر، عن مجاهدٍ، عن ابن عمر، بنحوه. وقال البخاريّ: وكان ابن عمر، وأبو هريرة يخرجان إلى السّوق في أيام العشر، فيكبّران ويكبّر النّاس بتكبيرهما.
وقد روى أحمد عن جابرٍ مرفوعًا: إنّ هذا هو العشر الّذي أقسم اللّه به في قوله: {والفجر وليالٍ عشرٍ} [الفجر: 1، 2].
وقال بعض السّلف: إنّه المراد بقوله: {وأتممناها بعشرٍ} [الأعراف: 142].
وفي سنن أبي داود: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يصوم هذا العشر.
وهذا العشر مشتملٌ على يوم عرفة الّذي ثبت في صحيح مسلمٍ عن أبي قتادة قال: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن صيام يوم عرفة، فقال: "أحتسب على اللّه أن يكفّر السّنة الماضية والآتية".
ويشتمل على يوم النّحر الّذي هو يوم الحجّ الأكبر، وقد ورد في حديثٍ أنّه أفضل الأيام عند اللّه.
وبالجملة، فهذا العشر قد قيل: إنّه أفضل أيام السّنة، كما نطق به الحديث، ففضّله كثيرٌ على عشر رمضان الأخير؛ لأنّ هذا يشرع فيه ما يشرع في ذلك، من صيامٍ وصلاةٍ وصدقةٍ وغيره، ويمتاز هذا باختصاصه بأداء فرض الحجّ فيه.
وقيل: ذاك أفضل لاشتماله على ليلة القدر، الّتي هي خيرٌ من ألف شهرٍ.
وتوسّط آخرون فقالوا: أيام هذا أفضل، وليالي ذاك أفضل. وبهذا يجتمع شمل الأدلّة، واللّه أعلم.
قولٌ ثانٍ في الأيام المعلومات: قال الحكم، عن مقسم، عن ابن عبّاسٍ: الأيام المعلومات: يوم النّحر وثلاثة أيامٍ بعده. ويروى هذا عن ابن عمر، وإبراهيم النّخعي، وإليه ذهب أحمد بن حنبلٍ في روايةٍ عنه.
قولٌ ثالثٌ: قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا علي بن المدينيّ، حدّثنا يحيى بن سعيدٍ، حدّثنا ابن عجلان، حدّثني نافعٌ؛ أنّ ابن عمر كان يقول: الأيام المعلومات والمعدودات هنّ جميعهنّ أربعة أيامٍ، فالأيام المعلومات يوم النّحر ويومان بعده، والأيام المعدودات ثلاثة أيام يوم النّحر.
هذا إسنادٌ صحيحٌ إليه، وقاله السّدّيّ: وهو مذهب الإمام مالك بن أنسٍ، ويعضّد هذا القول والّذي قبله قوله تعالى: {على ما رزقهم من بهيمة الأنعام} يعني به: ذكر اللّه عند ذبحها.
قولٌ رابعٌ: إنّها يوم عرفة، ويوم النّحر، ويومٌ آخر بعده. وهو مذهب أبي حنيفة.
وقال ابن وهبٍ: حدّثني ابن زيد بن أسلم، عن أبيه أنّه قال: المعلومات يوم عرفة، ويوم النّحر، وأيام التّشريق.
وقوله: {على ما رزقهم من بهيمة الأنعام} يعني: الإبل والبقر والغنم، كما فصّلها تعالى في سورة الأنعام وأنّها {ثمانية أزواجٍ} الآية [الأنعام: 143].
وقوله {فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير} استدلّ بهذه الآية من ذهب إلى وجوب الأكل من الأضاحيّ وهو قولٌ غريبٌ، والّذي عليه الأكثرون أنّه من باب الرّخصة أو الاستحباب، كما ثبت أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا نحر هديه أمر من كلّ بدنةٍ ببضعةٍ فتطبخ، فأكل من لحمها، وحسا من مرقها.
وقال عبد اللّه بن وهبٍ: [قال لي مالكٌ: أحبّ أن يأكل من أضحيّته؛ لأنّ اللّه يقول: {فكلوا منها}: قال ابن وهبٍ] وسألت اللّيث، فقال لي مثل ذلك.
وقال سفيان الثّوريّ، عن منصورٍ، عن إبراهيم: {فكلوا منها} قال: كان المشركون لا يأكلون من ذبائحهم فرخّص للمسلمين، فمن شاء أكل، ومن شاء لم يأكل. وروي عن مجاهدٍ، وعطاءٍ نحو ذلك.
قال هشيم، عن حصين، عن مجاهدٍ في قوله {فكلوا منها}: هي كقوله: {وإذا حللتم فاصطادوا} [المائدة: 2]، {فإذا قضيت الصّلاة فانتشروا في الأرض} [الجمعة: 10].
وهذا اختيار ابن جريرٍ في تفسيره، واستدلّ من نصر القول بأنّ الأضاحيّ يتصدّق منها بالنّصف بقوله في هذه الآية: {فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير}، فجزّأها نصفين: نصفٌ للمضحّي، ونصفٌ للفقراء.
والقول الآخر: أنّها تجزّأ ثلاثة أجزاءٍ: ثلثٌ له، وثلثٌ يهديه، وثلثٌ يتصدّق به؛ لقوله في الآية الأخرى: {فكلوا منها وأطعموا القانع والمعترّ} [الحجّ: 36] وسيأتي الكلام عليها عندها، إن شاء اللّه، وبه الثّقة.
وقوله: {البائس الفقير}، قال عكرمة: هو المضطرّ الّذي عليه البؤس، [والفقير] المتعفّف.
وقال مجاهدٌ: هو الّذي لا يبسط يده. وقال قتادة: هو الزّمن. وقال مقاتل بن حيّان: هو الضّرير). [تفسير ابن كثير: 5/ 414-417]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ثمّ ليقضوا تفثهم}: قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: هو وضع [الإحرام] من حلق الرّأس ولبس الثّياب وقصّ الأظفار، ونحو ذلك. وهكذا روى عطاءٌ ومجاهدٌ، عنه. وكذا قال عكرمة، ومحمّد بن كعبٍ القرظي.
وقال عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: {ثمّ ليقضوا تفثهم} قال: التّفث: المناسك.
وقوله: {وليوفوا نذورهم}، قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: يعني: نحر ما نذر من أمر البدن.
وقال ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ: {وليوفوا نذورهم}: نذر الحجّ والهدي وما نذر الإنسان من شيءٍ يكون في الحجّ.
وقال إبراهيم بن ميسرة، عن مجاهدٍ: {وليوفوا نذورهم} قال: الذّبائح.
وقال ليث بن أبي سليمٍ، عن مجاهدٍ: {وليوفوا نذورهم} كلّ نذرٍ إلى أجلٍ.
وقال عكرمة: {وليوفوا نذورهم}، قال: [حجّهم.
وكذا روى الإمام ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا ابن أبي عمر، حدّثنا سفيان في قوله: {وليوفوا نذورهم} قال:] نذر الحجّ، فكلّ من دخل الحجّ فعليه من العمل فيه: الطواف بالبيت وبين الصّفا والمروة، وعرفة، والمزدلفة، ورمي الجمار، على ما أمروا به. وروي عن مالكٍ نحوٌ هذا.
وقوله: {وليطّوّفوا بالبيت العتيق}: قال مجاهدٌ: يعني: الطّواف الواجب يوم النّحر.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا موسى بن إسماعيل، حدّثنا حمّادٌ، عن أبي حمزة قال: قال لي ابن عبّاسٍ: أتقرأ سورة الحجّ؟ يقول اللّه: {وليطّوّفوا بالبيت العتيق}، فإنّ آخر المناسك الطّواف بالبيت.
قلت: وهكذا صنع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فإنّه لمّا رجع إلى منى يوم النّحر بدأ يرمي الجمرة، فرماها بسبع حصياتٍ، ثمّ نحر هديه، وحلق رأسه، ثمّ أفاض فطاف بالبيت. وفي الصّحيح عن ابن عبّاسٍ أنّه قال: أمر النّاس أن يكون آخر عهدهم بالبيت الطّواف، إلّا أنّه خفّف عن المرأة الحائض.
وقوله: {بالبيت العتيق}: فيه مستدلٌّ لمن ذهب إلى أنّه يجب الطّواف من وراء الحجر؛ لأنّه من أصل البيت الّذي بناه إبراهيم، وإن كانت قريشٌ قد أخرجوه من البيت، حين قصرت بهم النّفقة؛ ولهذا طاف رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من وراء الحجر، وأخبر أنّ الحجر من البيت، ولم يستلم الرّكنين الشّاميّين؛ لأنّهما لم يتمّما على قواعد إبراهيم العتيقة؛ ولهذا قال ابن أبي حاتمٍ:
حدّثنا أبي، حدّثنا ابن أبي عمر العدني، حدّثنا سفيان، عن هشام بن حجر، عن رجلٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: لمّا نزلت هذه الآية: {وليطّوّفوا بالبيت العتيق}، طاف رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من ورائه.
وقال قتادة، عن الحسن البصريّ في قوله: {وليطّوّفوا بالبيت العتيق} [قال]: لأنّه أوّل بيتٍ وضع للنّاس. وكذا قال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم.
وعن عكرمة أنّه قال: إنّما سمّي البيت العتيق؛ لأنّه أعتق يوم الغرق زمان نوحٍ.
وقال خصيف: إنّما سمّي البيت العتيق؛ لأنّه لم يظهر عليه جبّارٌ قطّ.
وقال ابن أبي نجيح وليثٌ عن مجاهدٍ: أعتق من الجبابرة أن يسلّطوا عليه. وكذا قال قتادة.
وقال حمّاد بن سلمة، عن حميدٍ، عن الحسن بن مسلمٍ، عن مجاهدٍ: لأنّه لم يرده أحدٌ بسوءٍ إلّا هلك.
وقال عبد الرّزّاق، عن معمر، عن الزّهريّ، عن ابن الزّبير قال: إنّما سمّي البيت العتيق؛ لأنّ اللّه أعتقه من الجبابرة.
وقال التّرمذيّ: حدّثنا محمّد بن إسماعيل وغير واحدٍ، حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، أخبرني اللّيث، عن عبد الرّحمن بن خالدٍ، عن ابن شهابٍ، عن محمّد بن عروة، عن عبد اللّه بن الزّبير قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّما سمّي البيت العتيق؛ لأنّه لم يظهر عليه جبّارٌ".
وكذا رواه ابن جريرٍ، عن محمّد بن سهلٍ النّجّاريّ، عن عبد اللّه بن صالحٍ، به. وقال: إن كان صحيحًا وقال التّرمذيّ: هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ، ثمّ رواه من وجهٍ آخر عن الزّهريّ، مرسلًا). [تفسير ابن كثير: 5/ 417-419]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:17 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة