العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة النمل

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 3 جمادى الأولى 1434هـ/14-03-2013م, 09:26 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي تفسير سورة النمل [ من الآية (27) إلى الآية (35) ]

{قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27) اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (32)قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33) قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34) وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (35)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19 رجب 1434هـ/28-05-2013م, 10:15 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27) )

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين (27) اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثمّ تولّ عنهم فانظر ماذا يرجعون}.
يقول تعالى ذكره: {قال} سليمان للهدهد: {سننظر} فيما اعتذرت به من العذر، واحتججت به من الحجّة لغيبتك عنّا، وفيما جئتنا به من الخير {أصدقت} في ذلك كلّه {أم كنت من الكاذبين} فيه). [جامع البيان: 18/44]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين (27)
قوله تعالى: قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان بن صالحٍ، ثنا الوليد، ثنا زهير بن محمّدٍ قال: قال سليمان سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين). [تفسير القرآن العظيم: 9/2870]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين} قال: لم يصدقه ولم يكذبه). [الدر المنثور: 11/357]

تفسير قوله تعالى: (اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثمّ تولّ عنهم فانظر ماذا يرجعون}.
فاختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك؛ فقال بعضهم: معناه: اذهب بكتابي هذا، فألقه إليهم، فانظر ماذا يرجعون، ثمّ تولّ عنهم منصرفًا إليّ، فقال: هو من المؤخّر الّذي معناه التّقديم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: فأجابه سليمان، يعني أجاب الهدهد لمّا فرغ: {قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين (27) اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم} وانظر ماذا يرجعون، ثمّ تولّ عنهم منصرفًا إليّ. وقال: وكانت لها كوّةٌ مستقبلة الشّمس ساعة تطلع الشّمس تطلع فيها فتسجد لها، فجاء الهدهد حتّى وقع فيها فسدّها، واستبطأت الشّمس، فقامت تنظر، فرمى بالصّحيفة إليها من تحت جناحه، وطار حتّى قامت تنظر الشّمس.
قال أبو جعفرٍ: فهذا القول من قول ابن زيدٍ يدلّ على أنّ الهدهد تولّى إلى سليمان راجعًا، بعد إلقائه الكتاب، وأنّ نظره إلى المرأة ما الّذي ترجع وتفعل كان قبل إلقائه كتاب سليمان إليها.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم، ثمّ تولّ عنهم، فكن قريبًا منهم، وانظر ماذا يرجعون؛ قالوا: وفعل الهدهد، وسمع مراجعة المرأة أهل مملكتها، وقولها لهم: {إنّي ألقي إليّ كتابٌ كريمٌ (29) إنّه من سليمان، وإنّه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم} وما بعد ذلك من مراجعة بعضهم بعضًا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن بعض أهل العلم، عن وهب بن منبّهٍ، قوله: {فألقه إليهم ثمّ تولّ عنهم} أي كن قريبًا {فانظر ماذا يرجعون}.
وهذا القول أشبه بتأويل الآية، لأنّ مراجعة المرأة قومها، كانت بعد أن ألقي إليها الكتاب، ولم يكن الهدهد لينصرف وقد أمر بأن ينظر إلى مراجعة القوم بينهم ما يتراجعونه قبل أن يفعل ما أمره به سليمان). [جامع البيان: 18/44-46]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم
- حدّثنا أبي، ثنا موسى بن إسماعيل، قال: قال حمّاد بن سلمة، فحدّثني عطاء بن السّائب، عن مجاهدٍ قال: فذكر ما ذكر الله في كتابه فكتب سليمان الكتاب، فأخذ بمنقاره فأتى بهوها فجعل يدور فيه فقالت: ما رأيت حينًا منذ رأيت هذا الطّير في بهوي، فألقى الكتاب إليها فأخذته فإذا فيه إنّه من سليمان وإنّه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم ألا تعلوا عليّ وأتوني مسلمين
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا سويد بن سعيدٍ، ثنا عليّ بن مسهرٍ، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ أصدقت أم كنت من الكاذبين اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم وكتب معه بكتابٍ فقال: اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم فانطلق بالكتاب، حتّى إذا توسّط عرشها ألقى الكتاب إليها.
- حدّثنا أبي، ثنا عبد العزيز بن منيبٍ، ثنا أبو معاذٍ النّحويّ، عن عبيد بن سليمان، عن الضّحّاك قوله: اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم فمضى الهدهد بالكتاب حتّى إذا حاذى بالملكة وهي على عرشها ألقى إليها بالكتاب.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم قال: ذكر لنا أنّها امرأةٌ من أهل اليمن كانت في بيت مملكةٍ يقال لها بلقيس بنت شرحبيل، فهلك قومها فملكت، وأنّها كانت إذا رقدت غلّقت الأبواب وأوت إلى فراشها، أتاها الهدهد حتّى دخل كوّة بيتها فقذف الصّحيفة على بطنها وبين ثدييها، فأخذت الصّحيفة فقرأتها
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عن يزيد بن رومان اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثمّ توّل عنهم قال: فأخذ الهدهد الكتاب برجله، فانطلق به حتّى أتاها، وكانت لها كوّةٌ في بيتها إذا طلعت الشّمس نظرت إليها فسجدت لها، فأتى الهدهد الكوّة فسدّها بجناحيه حتّى إذا ارتفعت الشّمس ولم تعلم ألقى الكتاب من الكوّة فوقع عليها في مكانها الّذي هي فيه، فأخذته وكانت امرأةً لبيبةً أديبةً ببيتٍ لملكٍ لم يملك إلا لبقايا ملك من مضى، من أهلها قد سست وحسنت حتّى أحكمها ذلك، وكانت ودينها ودين قومها فيما ذكر لي الزّنديقيّة.
قوله تعالى: ثمّ تولّ عنهم فانظر ماذا يرجعون
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا سويد بن سعيدٍ، ثنا عليّ بن مسهرٍ، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ ثمّ تولّ عنهم يقول: كن قريبًا منهم فانظر ماذا يرجعون
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان بن صالحٍ، ثنا الوليد، ثنا زهير بن محمّدٍ في قول اللّه: فألقه إليهم ثمّ تولّ عنهم يقول: تنحّ عنهم ناحيةً). [تفسير القرآن العظيم: 9/2870-2871]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {اذهب بكتابي هذا} قال: كتب معه بكتاب فقال {اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثم تول عنهم} يقول: كن قريبا منهم {فانظر ماذا يرجعون} فانطلق بالكتاب حتى إذا توسط عرشها ألقى الكتاب إليها فقرأه عليها فإذا فيه {إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم} ). [الدر المنثور: 11/357-358]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبه في المصنف، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن عبد الله بن شداد قال: كان سليمان عليه السلام إذا أراد أن يسير وضع كرسيه فيأتي من أراد من الإنس والجن ثم يأمر الريح فتحملهم ثم يأمر الطير فتظلهم، فبينا هو يسير اذ عطشوا فقال: ما ترون بعد الماء قالوا: لا ندري، فتفقد الهدهد وكان له منه منزلة ليس بها طير غيره فقال {ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين (20) لأعذبنه عذابا شديدا} وكان عذابه إذا عذب الطير نتفه ثم يجففه في الشمس {أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين} يعني بعذر بين، فلما جاء الهدهد استقبلته الطير فقالت له: قد أوعدك سليمان فقال لهم: هل استثنى فقالوا له: نعم، قد قال: إلا أن يجيء بعذر بين، فجاء بخبر صاحبة سبأ فكتب معه إليها (بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا علي وائتوني مسلمين) فأقبلت بلقيس فلما كانت على قدر فرسخ قال سليمان {أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك} فقال سليمان: أريد أعجل من ذلك، فقال الذي عنده علم من الكتاب {أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك} فأتى بالعرش في نفق في الأرض يعني سرب في الأرض قال سليمان: غيروه، فلما جاءت {قيل أهكذا عرشك} فاستنكرت السرعة ورأت العرش {قالت كأنه هو}، قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته {لجة} ماء {وكشفت عن ساقيها} فإذا هي امرأة شعراء فقال سليمان: ما يذهب هذا فقال بعض الجن: أنا أذهبه، وصنعت له النورة، وكان أول ما صنعت النورة وكان اسمها بلقيس). [الدر المنثور: 11/383-384] (م)

تفسير قوله تعالى: (قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قالت يا أيّها الملأ إنّي ألقي إليّ كتابٌ كريمٌ (29) إنّه من سليمان وإنّه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم (30) ألاّ تعلوا عليّ وأتوني مسلمين}.
يقول تعالى ذكره: فذهب الهدهد بكتاب سليمان إليها، فألقاه إليها؛ فلمّا قرأته قالت لقومها: {يا أيّها الملأ إنّي ألقي إليّ كتابٌ كريمٌ}.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن بعض، أهل العلم، عن وهب بن منبّهٍ، قال: كتب سليمان؛ يعني مع الهدهد: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، من سليمان بن داود، إلى بلقيس بنت ذي سرحٍ وقومها، أمّا بعد، فلا تعلوا عليّ وأتوني مسلمين، قال: فأخذ الهدهد الكتاب برجله، فانطلق به حتّى أتاها، وكانت لها كوّةٌ في بيتها إذا طلعت الشّمس نظرت إليها، فسجدت لها، فأتى الهدهد الكوّة فسدّها بجناحيه حتّى ارتفعت الشّمس ولم تعلم، ثمّ ألقى الكتاب من الكوّة، فوقع عليها في مكانها الّذي هي فيه، فأخذته.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو سفيان، عن معمرٍ، عن قتادة، قال: بلغني أنّها امرأةٌ يقال لها بلقيس، أحسبه قال: ابنة شراحيل، أحد أبويها من الجنّ، مؤخّر أحد قدميها كحافر الدّابّة، وكانت في بيت مملكةٍ، وكان أولو مشورتها ثلاث مائةٍ واثني عشر كلّ رجلٍ منهم على عشرة آلافٍ، وكانت بأرضٍ يقال لها مأرب، من صنعاء على ثلاثة أيّامٍ؛ فلمّا جاء الهدهد بخبرها إلى سليمان بن داود، كتب الكتاب وبعث به مع الهدهد، فجاء الهدهد وقد غلّقت الأبواب، وكانت تغلق أبوابها وتضع مفاتيحها تحت رأسها، فجاء الهدهد فدخل من كوّةٍ، فألقى الصّحيفة عليها، فقرأتها، فإذا فيها: {إنّه من سليمان وإنّه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم. ألاّ تعلوا عليّ وأتوني مسلمين} وكذلك كانت تكتب الأنبياء لا تطنب، إنّما تكتب جملاً.
- قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: لم يزد سليمان على ما قصّ اللّه في كتابه: {إنّه}، و{إنّه}.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم} فمضى الهدهد بالكتاب، حتّى إذا حاذى الملكة وهي على عرشها ألقى إليها الكتاب.
وقوله: {قالت يا أيّها الملأ إنّي ألقي إليّ كتابٌ كريمٌ} والملأ: أشراف قومها. يقول تعالى ذكره: قالت ملكة سبأ لأشراف قومها: {يا أيّها الملأ إنّي ألقي إليّ كتابٌ كريمٌ}.
واختلف أهل العلم في سبب وصفها الكتاب بالكريم، فقال بعضهم: وصفته بذلك لأنّه كان مختومًا.
وقال آخرون: وصفته بذلك لأنّه كان من ملكٍ فوصفته بالكرم لكرم صاحبه. وممّن قال ذلك ابن زيدٍ.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {إنّي ألقي إليّ كتابٌ كريمٌ} قال: هو كتاب سليمان حيث كتب إليها). [جامع البيان: 18/46-48]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قالت يا أيّها الملأ إنّي ألقي إليّ كتابٌ كريمٌ (29)
قوله تعالى: يا أيّها الملأ
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يحيى بن سعيدٍ القطّان، عن سفيان الثّوريّ، عن عطاء بن السّائب، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ في صاحبة سليمان وكان تحتها ألف قيلٍ كلّ قيلٍ على مائة ألفٍ.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان بن صالحٍ، ثنا الوليد، ثنا زهير بن محمّدٍ قال: ثمّ قالت يا أيّها الملأ تريد قومها.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عن يزيد بن رومان، قال: فلمّا قرأت سمعت كتابًا ليس من كتب الملوك الّتي كانت قبلها، فبعثت إلى المقاولة من أهل اليمن.
قوله تعالى: إنّي ألقي إليّ كتابٌ كريمٌ
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا سويد بن سعيدٍ، ثنا عليّ بن مسهرٍ، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: فانطلق بالكتاب حتّى إذا توسّط عرشها، ألقى الكتاب إليها فقرئ عليها فإذا فيه إنّه من سليمان وإنّه بسم اللّه الرحمن الرحيم
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامرٌ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ إنّي ألقي إليّ كتابٌ كريمٌ فانطلق الهدهد، فارتفع حتّى تغيّب في السّماء حذاها، ثمّ أرسل الكتاب فوقع في حجرها، فلمّا رأته ظنّت أنّه من عند اللّه ودلّت قبل أن تقرأه فقالت: إنّي ألقي إليّ كتابٌ كريمٌ
- ذكر أبي، ثنا القاسم بن محمّد بن الحارث المروزيّ، ثنا عبدان، عن أبي حمزة، عن عطاء بن السّائب، عن مجاهدٍ، عن ابن عباس يا أيّها الملأ إنّي ألقي إليّ كتابٌ كريمٌ قال: فلمّا ألقى الكتاب إليها سقط في خلدها أنّه كتابٌ كريمٌ أشفقت منه فقالت لملأها يا أيّها الملأ إنّي ألقي إليّ كتابٌ كريم
قوله تعالى: كريم
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبى، ثنا الحمّانيّ، ثنا عمرو بن محمّد بن العنقزيّ، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ في قوله: إنّي ألقي إليّ كتابٌ كريمٌ قال: مختومٌ.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، ثنا زهير بن محمّدٍ في قول اللّه: إنّي ألقي إليّ كتابٌ كريمٌ أشفقت منه تريد مختوم، وكذلك الملوك تختم كتبها لا تجيز بينها كتابًا إلا بخاتمٍ.
الوجه الثّاني:
- أخبرنا موسى بن هارون الطّوسيّ فيما كتب إليّ، ثنا الحسين بن محمّدٍ المروزيّ، ثنا شيبان، عن قتادة في قوله: إنّي ألقي إليّ كتابٌ كريمٌ قال: يقول حسنٌ ما فيه). [تفسير القرآن العظيم: 9/2871-2872]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة قال: كانت صاحبة سبأ إذا رقدت غلقت الابواب وأخذت المفاتيح فوضعتها تحت رأسها، فلما غلقت الابواب وآوت إلى فراشها جاءها الهدهد حتى دخل من كوة بيتها فقذف الصحيفة على بطنها بين فخذيها فأخذت الصحيفة فقرأتها فقالت {يا أيها الملأ إني ألقي إلي كتاب كريم} تقول: حسن ما فيه). [الدر المنثور: 11/358]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس {إني ألقي إلي كتاب كريم} قال: مختوم). [الدر المنثور: 11/358]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد في قوله {كتاب كريم} قال: تريد مختوم، وكذلك الملوك تختم كتبها، لا تجيز بينها كتابا إلا بخاتم). [الدر المنثور: 11/358]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة قال لم يكن الناس يكتبون إلا باسمك اللهم حتى نزلت إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم). [تفسير عبد الرزاق: 2/81]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري عن غير واحد عن الشعبي أن النبي كتب أول ما كتب باسمك اللهم حتى نزلت بسم الله مجراها ومرساها فكتب بسم الله ثم نزلت ادعوا الله أو ادعوا الرحمن فكتب بسم الله الرحمن حتى نزلت إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم فكتب بسم الله الرحمن الرحيم). [تفسير عبد الرزاق: 2/81]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله {إنّه من سليمان وإنّه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم} كسرت (إنّ) الأولى والثّانية على الرّدّ على {إنّي} من قوله: {إنّي ألقي إليّ كتابٌ كريمٌ}. ومعنى الكلام: قالت: يا أيّها الملأ إنّي ألقي إليّ من سليمان وإنّه). [جامع البيان: 18/48]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (إنّه من سليمان وإنّه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم (30)
قوله تعالى: إنّه من سليمان
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان بن الأشعث، ثنا الحسين بن عليّ بن مهران، ثنا عامر، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ إنّي ألقي إليّ كتابٌ كريمٌ إنّه من سليمان فلمّا فتحته وجدته من سليمان، فقالت: هو من عند سليمان وفيه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عن يزيد بن رومان إنّه من سليمان وإنّه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
قال كتب معه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم من سليمان بن داود إلى بلقيس بن ذي شرحٍ وقومها.
قوله تعالى: وإنّه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عمر بن أيّوب الموصليّ، عن جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كان يكتب باسمك اللّهمّ حتّى نزلت إنّه من سليمان وإنّه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم فقالت العرب: وما الرّحمن الرّحيم فأنزل اللّه عزّ وجلّ قل ادعوا اللّه أو ادعوا الرّحمن أيًّا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى
- حدّثنا عليّ بن الحسن الهسنجانيّ، ثنا مسدّدٌ، ثنا ابن أبي عديٍّ، عن داود بن أبي هند، عن الشّعبيّ قال: كان أهل الجاهليّة يكتبون باسمك اللّهمّ فكتب النّبيّ- صلّى اللّه عليه وسلّم- ولم يسمّ اللّه فلمّا نزلت قل ادعوا اللّه أو ادعوا الرّحمن كتب بسم اللّه الرّحمن الرّحيم فكتبها النّبيّ- صلّى اللّه عليه وسلّم-.
- حدّثنا أبو هارون الخرّاز، ثنا عبد اللّه بن الجهم، ثنا عمرو بن أبي قيسٍ، عن حصين بن عبد الرّحمن السّلميّ، عن مجاهدٍ قال: لم يكن في كتاب سليمان إلى صاحبة سبأٍ إلا ما روي في القرآن إنّه من سليمان وإنّه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
- حدّثنا أبي، ثنا هارون بن الفضل أبو يعلى الحنّاط، ثنا أبو يوسف، عن سلمة بن صالحٍ، عن عبد الكريم أبو أميّة، عن ابن بريدة، عن أبيه قال: كنت أمشي مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: إنّي أعلم آيةً لم تنزل على نبيٍّ قبلي بعد سليمان بن داود قال: فقلت يا رسول اللّه أيّ آيةٍ قال: سأعلّمكها قبل أن أخرج من المسجد قال: فانتهى إلى الباب فأخرج إحدى قدميه فقلت: نسي ثمّ التفت إليّ فقال: إنّه من سليمان وإنّه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم). [تفسير القرآن العظيم: 9/2872-2873]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {بسم اللّه الرّحمن الرّحيم} [النمل: 30].
- عن بريدة قال: «قال رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -: " لا تخرج من المسجد حتّى أعلّمك آيةً من سورةٍ لم تنزل على أحدٍ قبلي غير سليمان بن داود ". فخرج النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - حتّى بلغ أسكفّة الباب قال: " بأيّ شيءٍ تستفتح صلاتك وقراءتك؟ "، قلت: ببسم اللّه الرّحمن الرّحيم، قال: " هي هي "، ثمّ أخرج رجله الأخرى».
رواه الطّبرانيّ في الأوسط، وفيه عبد الكريم أبو أميّة وهو ضعيفٌ، وفيه من لم أعرفهم). [مجمع الزوائد: 7/86-87]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم} قال: لم يزد زعموا على هذا الكتاب على ما قص الله). [الدر المنثور: 11/358-359]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن رومان قال: كتب بسم الله الرحمن الرحيم، من سليمان بن داود إلى بلقيس بنت ذي شرح وقومها). [الدر المنثور: 11/359]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد: إن سليمان بن داود كتب إلى ملكة سبأ، بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله سليمان بن داود إلى بلقيس ملكة سبأ السلام على من أتبع الهدى، اما بعد: فلا تعلوا علي وأتوني مسلمين). [الدر المنثور: 11/359]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال: لم يكن في كتاب سليمان إلى صاحبة سبأ إلا ما تقرأون في القرآن {إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم} ). [الدر المنثور: 11/359]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة {إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم (30) ألا تعلوا علي} يقول: لا تخالفوا علي {وأتوني مسلمين} قال: وكذلك كانت الأنبياء تكتب جميلا، يطلبون ولا يكثرون). [الدر المنثور: 11/359]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم من طريق سفيان بن منصور قال: كان يقال كان سليمان بن داود أبلغ الناس في كتاب وأقله كلاما، ثم قرأ {إنه من سليمان} ). [الدر المنثور: 11/360]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن سعد، وابن أبي شيبه، وابن أبي حاتم عن الشعبي قال: كان أهل الجاهلية يكتبون باسمك اللهم، فكتب النّبيّ صلى الله عليه وسلم أول ما كتب: باسمك اللهم، حتى نزلت {بسم الله مجراها ومرساها} فكتب {بسم الله} ثم نزلت {ادعوا الله أو ادعوا الرحمن} الرحمن الآية 110 فكتب {بسم الله الرحمن} ثم أنزلت الآية التي في {طس} {إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم} فكتب {بسم الله الرحمن الرحيم} ). [الدر المنثور: 11/360]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد في فضائله عن الحرث العكلي قال: قال لي الشعبي: كيف كان كتاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم إليكم قلت: باسمك اللهم فقال: ذاك الكتاب الاول كتب النّبيّ صلى الله عليه وسلم (باسمك اللهم) فجرت بذلك ما شاء الله ان تجري ثم نزلت {بسم الله مجراها ومرساها} فكتب (بسم الله) فجرت بذلك ما شاء الله ان تجري ثم نزلت {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن} فكتب (بسم الله الرحمن) فجرت بذلك ما شاء الله أن تجري ثم نزلت {إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم} فكتب بذلك). [الدر المنثور: 11/360-361]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران، أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يكتب (باسمك اللهم) حتى نزلت {إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم} ). [الدر المنثور: 11/361]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر عن قتادة قال: لم يكن الناس يكتبون إلا (باسمك اللهم) حتى نزلت {إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم} ). [الدر المنثور: 11/361]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو داود في مراسيله عن أبي مالك قال: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يكتب (باسمك اللهم) فلما نزلت {إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم} كتب (بسم الله الرحمن الرحيم) ). [الدر المنثور: 11/361]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد في فضائله، وابن أبي شيبه عن سعيد بن المسيب قال: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر والنجاشي أما بعد: فتعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ان لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فان تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون) فلما أتى كتاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم إلى قيصر فقرأه قال: إن هذا الكتاب لم أره بعد سليمان بن داود (بسم الله الرحمن الرحيم) ). [الدر المنثور: 11/361-362]

تفسير قوله تعالى: (أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله {ألاّ تعلوا عليّ وأتوني مسلمين} يقول: ألقي إليّ كتابٌ كريمٌ ألاّ تعلوا عليّ.
ففي (أن) وجهان من العربيّة: إن جعلت بدلاً من (الكتاب) كانت رفعًا بما رفع به (الكتاب) وبدلاً منه؛ وإن جعل معنى الكلام: إنّي ألقي إليّ كتابٌ كريمٌ أن لا تعلو عليّ كانت نصبًا بتعلّق الكتاب بها.
وعني بقوله: {ألاّ تعلوا عليّ} أن لا تتكبّروا ولا تتعاظموا عمّا دعوتكم إليه.
- كما حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ألاّ تعلوا عليّ} أن لا تتمنّعوا من الّذي دعوتكم إليه؛ إن امتنعتم جاهدتكم. فقلت لابن زيدٍ: {ألاّ تعلوا عليّ} أن لا تتكبّروا عليّ؟ قال: نعم؛
قال: وقال ابن زيدٍ: {ألاّ تعلوا عليّ وأتوني مسلمين} ذلك في كتاب سليمان إليها.
وقوله: {وأتوني مسلمين} يقول: وأقبلوا إليّ مذعنين للّه بالوحدانيّة والطّاعة). [جامع البيان: 18/48-49]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ألّا تعلوا عليّ وأتوني مسلمين (31)
قوله تعالى: ألا تعلوا عليّ
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: ألّا تعلوا عليّ ألا تخالفوا عليّ.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامرٌ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ ألا تعلوا عليّ يقول: لا تجرئوا علي وأتوني مسلمين.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن أبي حمّادٍ، ثنا مهران، عن سفيان ألا تعلوا عليّ يقول: لا تأبوا عليّ.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان بن صالحٍ، ثنا الوليد، ثنا زهير بن محمّدٍ في قول اللّه: ألا تعلوا عليّ يقول: لا تعصوني.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، أنبأ أصبغ قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول اللّه: ألا تعلوا قال: تمتنعوا من الّذي دعوتكم إليه إن امتنعتم جاهدتكم قيل له: ألا تعلوا عليّ ألا تتكبّروا عليّ، قال: نعم.
قوله تعالى: وأتوني مسلمين
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ مسلمين يقول: موحّدين.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، ثنا زهير بن محمّدٍ وأتوني مسلمين يقول: مخلصين.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن أبي حمّادٍ، ثنا مهران، عن سفيان في قوله: وأتوني مسلمين قال: طائعين.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: ألا تعلوا عليّ وأتوني مسلمين قال: وكذلك كان يكتب الأنبياء جملا لا يسهبون، ولا يكثرون.
- حدّثنا أحمد بن عصامٍ الأنصاريّ، ثنا مؤمّلٌ، ثنا سفيان، عن منصورٍ قال كان يقال: كان سليمان بن داود أبلغ النّاس في كتابٍ، وأقلّه إملاءً ثمّ قرأ: إنّه من سليمان وإنّه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، ألا تعلوا عليّ وأتوني مسلمين). [تفسير القرآن العظيم: 9/2873-2874]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة {إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم (30) ألا تعلوا علي} يقول: لا تخالفوا علي {وأتوني مسلمين} قال: وكذلك كانت الأنبياء تكتب جميلا، يطلبون ولا يكثرون). [الدر المنثور: 11/359] (م)

تفسير قوله تعالى: (قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (32) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قالت يا أيّها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعةً أمرًا حتّى تشهدون (32) قالوا نحن أولو قوّةٍ وأولو بأسٍ شديدٍ والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين}.
يقول تعالى ذكره: قالت ملكة سبأ لأشراف قومها: {يا أيّها الملأ أفتوني في أمري} تقول: أشيروا عليّ في أمري الّذي قد حضرني من أمر صاحب هذا الكتاب الّذي ألقي إليّ، فجعلت المشورة فتيا.
وقوله: {ما كنت قاطعةً أمرًا حتّى تشهدون} تقول: ما كنت قاضيةً أمرًا في ذلك حتّى تشهدون، فأشاوركم فيه.
- كما حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: دعت قومها فتشاورتهم: أيّها الملأ {أفتوني في أمري ما كنت قاطعةً أمرًا حتّى تشهدون} يقول في الكلام: ما كنت لأقطع أمرًا دونك ولا كنت لأقضي أمرًا، فلذلك قالت: {ما كنت قاطعةً أمرًا} بمعنى: قاضيةً). [جامع البيان: 18/49-50]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قالت يا أيّها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعةً أمرًا حتّى تشهدون (32)
قوله تعالى: قالت يا أيّها الملأ أفتوني في أمري
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا سويد بن سعيدٍ، ثنا عليّ بن مسهرٍ، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قالت يا أيّها الملأ أفتوني في أمري قال: فجمعت رؤوس مملكتها فشاورتهم فقالت إنه ألقي إليّ كتابٌ كريمٌ لأنّها شاورتهم في أمرها فأجمع رأيهم ورأيها على أن يغزوه.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان بن صالحٍ، ثنا الوليد، ثنا زهير بن محمّدٍ في قوله: أفتوني في أمري تقول: أشيروا برأيكم.
قوله تعالى: ما كنت قاطعةً أمرًا حتّى تشهدون
- وبه عن زهير بن محمّدٍ في قوله: ما كنت قاطعةً أمرًا حتّى تشهدون تريد حتّى تشيرون). [تفسير القرآن العظيم: 9/2875]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري} قال: جمعت رؤوس مملكتها فشاورتهم في أمرها فاجتمع رأيهم ورأيها على أن يغزوه، فسارت حتى إذا كانت قريبه قالت: أرسل إليه بهدية فإن قبلها فهو ملك أقاتله وان ردها تابعته فهو نبي، فلما دنت رسلها من سليمان علم خبرهم فأمر الشياطين فهيئوا له ألف قصر من ذهب وفضة، فلما رأت رسلها قصور ذهب قالوا: ما يصنع هذا بهديتنا وقصوره ذهب وفضة فلما دخلوا بهديتها قال: أتهدونني بمال ثم قال سليمان {أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين} فقال كاتب سليمان: ارفع بصرك، فرفع بصره، فلما رجع إليه طرفه إذا هو بسريرها {قال نكروا لها عرشها} فنزع عنه فصوصه ومرافقه وما كان عليه من شيء فقيل لها {أهكذا عرشك قالت كأنه هو} وأمر الشياطين: فجعلوا لها صرحا من قوارير ممردا وجعل فيها تماثيل السمك فقيل لها {ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها} فإذا فيها الشعر، فعند ذلك أمر بصنعة النورة فقيل لها {إنه صرح ممرد من قوارير قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين} ). [الدر المنثور: 11/362-363]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد في قوله {أفتوني في أمري} تقول: أشيروا علي برأيكم {ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون} تريد: حتى تشيروا). [الدر المنثور: 11/363]

تفسير قوله تعالى: (قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {قالوا نحن أولو قوّةٍ وأولو بأسٍ شديدٍ} يقول تعالى ذكره: قال الملأ من قوم ملكة سبأ، إذ شاورتهم في أمرها وأمر سليمان: نحن ذوو القوّة على القتال، والبأس الشّديد في الحرب، والأمر أيّتها الملكة إليك في القتال وفي تركه، فانظري من الرّأي ما ترين، فمرينا نأتمر لأمرك.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: {قالوا نحن أولو قوّةٍ وأولو بأسٍ شديدٍ} عرضوا لها القتال، يقاتلون لها، والأمر إليك بعد هذا، {فانظري ماذا تأمرين}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مجاهدٍ، قال: كان مع ملكة سبأ اثنا عشر ألف قيولٍ، مع كلّ قيولٍ مائة ألفٍ.
- حدّثنا عمرو بن عليٍّ، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن عطاء بن السّائب، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: كان مع بلقيس مائة ألف قيلٍ، مع كلّ قيلٍ مائة ألفٍ.
- قال: حدّثنا وكيعٌ، قال: حدّثنا الأعمش، قال: سمعت مجاهدًا يقول: كانت تحت يد ملكة سبأ اثنا عشر ألف قيولٍ؛ والقيول بلسانهم: الملك تحت يد كلّ ملكٍ مائة ألف مقاتلٍ). [جامع البيان: 18/50-51]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: قالوا نحن أولوا قوّةٍ
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا سويد بن سعيدٍ، ثنا عليّ بن مسهرٍ، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: نحن أولوا قوة قال فاجمع رأيهم ورأيها على أن تغزوه فخرجت وتركت سريرها في بيوتٍ بعضها في أثر بعضٍ.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان بن صالحٍ، ثنا الوليد، ثنا زهير بن محمّدٍ في قول اللّه: قالوا نحن أولوا قوّةٍ قالوا: نحن اثنا عشر ألف ملكٍ مع كلّ ملكٍ اثنا عشر ألف مستلمٍ في السّلاح.
- حدّثنا أبي، ثنا عمرو بن رافعٍ، ثنا عبد الرّحمن بن مفرا، عن الأعمش، عن مجاهدٍ قال: كان تحت يدي ملكة سبأٍ اثنا عشر ألف قيولٍ تحت يدي كلّ قيولٍ مائه ألف مقاتلٍ، وهم الّذين قالوا نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد
قوله تعالى: وأولوا بأسٍ شديدٍ
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، أنبأ أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيدٍ في قول اللّه وأولوا بأسٍ شديدٍ عرضوا لها القتال يقاتلون لها.
- حدّثنا العبّاس بن الوليد، أخبرني أبي، قال: بلغني في قول اللّه: نحن أولوا قوّةٍ وأولوا باسٍ شديدٍ نحن اثنا عشر ألف أسوارٍ، مع كلّ واحدٍ من الأسوار اثنا عشر ألف مستلمٍ، والمستلم صاحب السّلاح، فمن يحصي جيش هؤلاء كم كانوا. قال العبّاس، فذهبت أحصي كم كانوا فإذا هم ألف ألف ومائتي ألفٍ قال أبي: وقد كان، ثمّ أعجب من هذا بلغني أنّ ذا القرنين كان إذا خرج غازيًا تبعه من كلّ صنف الفعال سبعون ألف، وخرج نحو هذا الجبل فنزل فعسكره عرض هذا الجبل، قال: ومن ورائه ملكه فبلغها مقيمةً، فخرجت في عسكرها فأحاطت بالجبل وبعسكر ذي القرنين.
قوله تعالى: والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين
- حدّثنا أبي، ثنا أبو الرّبيعٍ الزّهرانيّ، ثنا حمّاد بن زيدٍ قال:، ثنا أيّوب قال: سمعت الحسن يقول: وسئل عن هذه الآية: والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين قال: ولو أمرهم علجةً تضطرب ثدياها). [تفسير القرآن العظيم: 9/2875-2876]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري} قال: جمعت رؤوس مملكتها فشاورتهم في أمرها فاجتمع رأيهم ورأيها على أن يغزوه، فسارت حتى إذا كانت قريبه قالت: أرسل إليه بهدية فإن قبلها فهو ملك أقاتله وان ردها تابعته فهو نبي، فلما دنت رسلها من سليمان علم خبرهم فأمر الشياطين فهيئوا له ألف قصر من ذهب وفضة، فلما رأت رسلها قصور ذهب قالوا: ما يصنع هذا بهديتنا وقصوره ذهب وفضة فلما دخلوا بهديتها قال: أتهدونني بمال ثم قال سليمان {أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين} فقال كاتب سليمان: ارفع بصرك، فرفع بصره، فلما رجع إليه طرفه إذا هو بسريرها {قال نكروا لها عرشها} فنزع عنه فصوصه ومرافقه وما كان عليه من شيء فقيل لها {أهكذا عرشك قالت كأنه هو} وأمر الشياطين: فجعلوا لها صرحا من قوارير ممردا وجعل فيها تماثيل السمك فقيل لها {ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها} فإذا فيها الشعر، فعند ذلك أمر بصنعة النورة فقيل لها {إنه صرح ممرد من قوارير قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين} ). [الدر المنثور: 11/362-363] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: كان تحت يدي ملكة سبأ اثنا عشر ألف قيول تحت يدي كل قيول مائة ألف مقاتل وهم الذين قالوا {نحن أولوا قوة وأولو بأس شديد} ). [الدر المنثور: 11/363]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة قال: ذكر لنا أنه كان أولو مشورتها ثلاثمائة واثنى عشر رجلا، كل رجل منهم على عشرة آلاف من الرجال). [الدر المنثور: 11/363-364]

تفسير قوله تعالى: (قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34) )
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] لمّا جاء الرّسل إلى لوطٍ تبعهم أهل قريته وكان لهم جمال فلم يقولوا لهم شيئا فلمّا دخلوا على لوطٍ ورأوا موجدة لوطٍ عليهم وما قد دخله من خشيتهم قالوا: {إنّا رسل ربّك لن يصلوا إليك} فلمّا دنوا أخذوا التّراب فرموهم به ففقئوا أعينهم فذلك قوله: {فطمسنا أعينهم} فرجعوا إلى أصحابهم وهم يقولون: سحر سحرونا فقال لوطٌ للرّسل الآن، الآن يعني هلاكهم فقالوا: {إنّ موعدهم الصّبح} فقال ابن عباس ثلاثة أحرفٍ في القرآن لا يحفظون ألا ترى أنّه قول اللّه: {أليس الصبح بقريب} والحرفان الآخران ثمّ أتبعهم {إنّ الملوك إذا دخلوا قريةً أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذله} قال الله: {وكذلك يفعلون} وقولٌ ليوسف: {ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب وأنّ اللّه لا يهدي كيد الخائنين} فقال له ملكٌ من الملائكة ولا حين هممت قال: {وما أبرئ نفسي} فرجع فرفع جبريل عليه السّلام القرية بجناحه فدحدها وما فيها حتّى أسمع أهل السّماء الدّنيا أصواتهم ثمّ قلبها ثمّ تتبّع من شذّ منهم بالحجارة [الآية: 81]). [تفسير الثوري: 131-132] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قالت إنّ الملوك إذا دخلوا قريةً أفسدوها وجعلوا أعزّة أهلها أذلّةً، وكذلك يفعلون}.
يقول تعالى ذكره: قالت صاحبة سبأ للملأ من قومها، إذ عرضوا عليها أنفسهم لقتال سليمان، إن أمرتهم بذلك: {إنّ الملوك إذا دخلوا قريةً} عنوةً وغلبةً {أفسدوها} يقول: خرّبوها {وجعلوا أعزّة أهلها أذلّةً} وذلك باستعبادهم الأحرار، واسترقاقهم إيّاهم؛ وتناهى الخبر منها عن الملوك في هذا الموضع، فقال اللّه: {وكذلك يفعلون} يقول تعالى ذكره: وكما قالت صاحبة سبأ تفعل الملوك، إذا دخلوا قريةً عنوةً.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ، في قوله: {وجعلوا أعزّة أهلها أذلّةً} قال أبو بكرٍ: هذا عنوةً.
- حدّثنا أبو هشامٍ الرّفاعيّ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ، قال: حدّثنا الأعمش، عن مسلمٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {إنّ الملوك إذا دخلوا قريةً أفسدوها} قال: إذا دخلوها عنوةً خرّبوها.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: {قالت إنّ الملوك إذا دخلوا قريةً أفسدوها وجعلوا أعزّة أهلها أذلّةً} قال ابن عبّاسٍ: يقول اللّه: {وكذلك يفعلون} ). [جامع البيان: 18/51-52]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قالت إنّ الملوك إذا دخلوا قريةً أفسدوها وجعلوا أعزّة أهلها أذلّةً وكذلك يفعلون (34)
قوله تعالى: قالت إنّ الملوك إذا دخلوا قريةً
- حدّثنا سهل بن بحرٍ العسكريّ، ثنا أبو هشامٍ الرّفاعيّ، ثنا أبو بكر بن عيّاشٍ، ثنا الأعمش، عن مسلمٍ، عن ابن عبّاسٍ إنّ الملوك إذا دخلوا قريةً قال: إذا أخذوها عنوةً.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عن يزيد بن رومان قالت إنّ الملوك إذا دخلوا قريةً أي عنوةً.
قوله تعالى: أفسدوها
- حدّثنا سهل بن بحرٍ، ثنا أبو هشامٍ، ثنا أبو بكر بن عيّاشٍ، ثنا الأعمش، عن مسلمٍ، عن ابن عبّاسٍ قوله: أفسدوها قال: أخربوها.
قوله تعالى: وجعلوا أعزّة أهلها
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان بن صالحٍ، ثنا الوليد، ثنا زهير بن محمّدٍ في قول اللّه عزّ وجلّ: وجعلوا أعزّة أهلها أذلّةً قال: بالسيف.
قوله تعالى: وكذلك يفعلون
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن الدّشتكيّ، حدّثني أبي، عن أبيه، عن أشعث بن إسحاق، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: قالت بلقيس إنّ الملوك إذا دخلوا قريةً أفسدوها وجعلوا أعزّة أهلها أذلّةً قال: يقول الرّبّ تبارك وتعالى: وكذلك يفعلون). [تفسير القرآن العظيم: 9/2876-2877]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها} قال: إذا أخذوها عنوة أخربوها). [الدر المنثور: 11/364]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد في قوله {وجعلوا أعزة أهلها أذلة} قال: بالسيف). [الدر المنثور: 11/364]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: قالت بلقيس {إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة} قال: يقول الرب تبارك وتعالى {وكذلك يفعلون} ). [الدر المنثور: 11/364]

تفسير قوله تعالى: (وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (35) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن ثابت البناني في قوله تعالى وإني مرسلة إليهم بهدية قال أهدت له صفائح الذهب في أوعية الديباج فلما بلغ ذلك سليمان أمر الجن فموهوا له الآجر بالذهب ثم أمر به فألقي في الطريق فلما جاءوا رأوه ملقى في الطريق وفي كل مكان قالوا قد جئنا نحمل شيئا نراه هاهنا ملقى ما يلتفت إليه فصغر في أعينهم ما جاءوا به). [تفسير عبد الرزاق: 2/81]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإنّي مرسلةٌ إليهم بهديّةٍ فناظرةٌ بم يرجع المرسلون (35) فلمّا جاء سليمان قال أتمدّونن بمالٍ فما آتاني اللّه خيرٌ مّمّا آتاكم بل أنتم بهديّتكم تفرحون (36) ارجع إليهم فلنأتينّهم بجنودٍ لاّ قبل لهم بها ولنخرجنّهم منها أذلّةً وهم صاغرون}.
ذكر أنّها قالت: إنّي مرسلةٌ إلى سليمان، لتختبره بذلك وتعرفه به، أملكٌ هو، أم نبيّ؟ وقالت: إن يكن نبيًّا لم يقبل الهديّة، ولم يرضه منّا إلاّ أن نتّبعه على دينه، وإن يكن ملكًا قبل الهديّة وانصرف.
ذكر الرّواية عمّن قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قالت: {وإنّي مرسلةٌ إليهم بهديّةٍ فناظرةٌ بم يرجع المرسلون} قال: وبعثت إليه بوصائف ووصفاء، وألبستهم لباسًا واحدًا حتّى لا يعرف ذكرٌ من أنثى، فقالت: إن زيّل بينهم حتّى يعرف الذّكر من الأنثى، ثمّ ردّ الهديّة فإنّه نبيّ، وينبغي لنا أن نترك ملكنا، ونتّبع دينه، ونلحق به.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وإنّي مرسلةٌ إليهم بهديّةٍ} قال: بجوارٍ لباسهم لباس الغلمان، وغلمانٌ لباسهم لباس الجواري.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قولها: {وإنّي مرسلةٌ إليهم بهديّةٍ} قال: مائتي غلامٍ ومائتي جاريةٍ.
- قال ابن جريجٍ، قال مجاهدٌ: قوله: {بهديّةٍ} قال: جوارٍ ألبستهنّ لباس الغلمان، وغلمانٌ ألبستهم لباس الجواري.
- قال ابن جريجٍ: قال: قالت: فإن خلّص الجواري من الغلمان، وردّ الهديّة فإنّه نبيّ، وينبغي لنا أن نتّبعه.
- قال ابن جريجٍ، قال مجاهدٌ: فخلّص سليمان بعضهم من بعضٍ، ولم يقبل هديّتها.
- قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا سفيان، عن معمرٍ، عن ثابتٍ البنانيّ، قال: أهدت له صفائح الذّهب في أوعية الدّيباج؛ فلمّا بلغ ذلك سليمان أمر الجنّ فموّهوا له الآجرّ بالذّهب، ثمّ أمر به فألقي في الطّرق؛ فلمّا جاءوا فرأوه ملقًى ما يلتفت إليه، صغر في أعينهم ما جاءوا به.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {إنّ الملوك إذا دخلوا قريةً أفسدوها} الآية، وقالت: إنّ هذا الرّجل إن كان إنّما همّته الدّنيا فسنرضيه، وإن كان إنّما يريد الدّين فلن يقبل غيره {وإنّي مرسلةٌ إليهم بهديّةٍ فناظرةٌ بم يرجع المرسلون}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن بعض أهل العلم، عن وهب بن منبّهٍ، قال: كانت بلقيس امرأةً لبيبةً أديبةً في بيت ملكٍ، لم تملك إلاّ لبقايا من مضى من أهلها، إنّه قد سيّست وساست حتّى أحكمها ذلك، وكان دينها ودين قومها فيما ذكر الزّنديقيّة؛ فلمّا قرأت الكتاب سمعت كتابًا ليس من كتب الملوك الّتي كانت قبلها، فبعثت إلى المقاولة من أهل اليمن، فقالت لهم: {يا أيّها الملأ إنّي ألقي إليّ كتابٌ كريمٌ. إنّه من سليمان، وإنّه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم. ألاّ تعلوا عليّ وأتوني مسلمين} إلى قوله {بم يرجع المرسلون} ثمّ قالت: إنّه قد جاءني كتابٌ لم يأتني مثله من ملكٍ من الملوك قبله، فإن يكن الرّجل نبيًّا مرسلاً فلا طاقة لنا به ولا قوّة، وإن يكن الرّجل ملكًا يكاثر، فليس بأعزّ منّا ولا أعدّ. فهيّأت هدايا ممّا يهدى للملوك، ممّا يضنّون به، فقالت: إن يكن ملكًا فسيقبل الهديّة ويرغب في المال، وإن يكن نبيًّا فليس له في الدّنيا حاجةٌ، وليس إيّاها يريد، إنّما يريد أن ندخل معه في دينه، ونتّبعه على أمره، أو كما قالت.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {وإنّي مرسلةٌ إليهم بهديّةٍ} بعثت بوصائف ووصفاء، لباسهم لباسٌ واحدٌ، فقالت: إن زيّل بينهم حتّى يعرف الذّكر من الأنثى، ثمّ ردّ الهديّة فهو نبيٌّ، وينبغي لنا أن نتّبعه، وندخل في دينه؛ فزيّل سليمان بين الغلمان والجواري، وردّ الهديّة، فقال {أتمدّونن بمالٍ، فما آتاني اللّه خيرٌ ممّا آتاكم}.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: كان في الهدايا الّتي بعثت بها وصائف ووصفاء يختلفون في ثيابهم لتمييز الغلمان من الجواري، قال: فدعا بماءٍ، فجعل الجواري يتوضّأن من المرفق إلى أسفل، وجعل الغلمان يتوضّئون من المرفق إلى فوقٍ. قال: وكان أبي يحدّثنا هذا الحديث
- حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا مروان بن معاوية، قال: حدّثنا إسماعيل، عن أبي صالحٍ: {وإنّي مرسلةٌ إليهم بهديّةٍ} قال: أرسلت بلبنةٍ من ذهبٍ، وقالت: إن كان يريد الدّنيا علمته، وإن كان يريد الآخرة علمته.
وقوله: {فناظرةٌ بم يرجع المرسلون} تقول: فأنظر بأيّ شيءٍ من خبره وفعله في هديّتي الّتي أرسلها إليه ترجع رسلي، أبقبولٍ وانصرافٍ عنّا، أم بردّ الهديّة والثّبات على مطالبتنا باتّباعه على دينه؟
وأسقطت الألف من ما في قوله {بم} وأصله: (بما)، لأنّ العرب إذا كانت ما بمعنى أيٍّ، ثمّ وصلوها بحرفٍ خافضٍ أسقطوا ألفها تفريقًا بين الاستفهام وغيره، كما قال جلّ ثناؤه {عمّ يتساءلون}، و{قالوا فيم كنتم}، وربّما أثبتوا فيها الألف، كما قال الشّاعر:
علاما قام يشتمنا لئيمٌ = كخنزيرٍ تمرّغ في رماد
وقالت: {وإنّي مرسلةٌ إليهم} وإنّما أرسلت إلى سليمان وحده على النّحو الّذي بيّنّا في قوله: {على خوفٍ من فرعون وملئهم} ). [جامع البيان: 18/52-56]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وإنّي مرسلةٌ إليهم بهديّةٍ فناظرةٌ بم يرجع المرسلون (35)
قوله تعالى: وإني مرسلة إليهم بهدية
[الوجه الأول]
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد النّرسيّ، ثنا يزيد بن زريعٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة، قوله: وإنّي مرسلةٌ إليهم بهديّةٍ قال: قالت إنّي باعثةٌ إليهم بهديّةٍ فمصانعتهم بها، عن ملكي إن كانوا أهل دنيا، قال: فبعثت إليهم بلبنةٍ من ذهبٍ في حريرةٍ وديباجٍ، وروي، عن سعيد بن جبيرٍ وأبي صالحٍ نحو حديث ابن عبّاسٍ.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيدٍ القطّان، ثنا شبابة حدّثني ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: وإنّي مرسلة إليهم بهدية قال: جواري لباسهنّ الغلمان، وغلمانٌ لباسهنّ الجواري.
- حدّثنا زيد بن إسماعيل الصّائغ، ثنا سعيد بن سليمان، ثنا عبّادٌ، عن سفيان بن حسينٍ، عن يعلى بن مسلمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ قوله: وإنّي مرسلةٌ إليهم بهديّةٍ قال: أرسلت إليهم ثمانين من وصيفٍ ووصيفةٍ، وحلقت رؤوسهم كلّهم وقالت: إن عرف الغلمان من الجواري فهو نبيّ، وإن لم يعرف الغلمان من الجواري فليس بنبيٍّ، فدعا بوضوءٍ فقال: توضّئوا فجعل الغلام يأخذ من مرفقيه إلى كفّه وجعلت الجارية تأخذ من كفّها إلى مرفقيها فقال: هؤلاء جوارٍي وهؤلاء غلمانٌ.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، ثنا زهير بن محمّدٍ في قول اللّه عزّ وجلّ: وإنّي مرسلةٌ إليهم بهديّةٍ فإن يكن هذا الرّجل نبيًّا لم يقبل هديّتي ولا طاقة لكم بقتاله، وإن يكن ملكًا من الملوك قبل هديّتكم وقويتم على قتاله، فبعثت بثمانين غلامًا، ومائتي جاريةٍ لبّست الغلمان لباس الجواري وحلقت رؤوس الجواري، ولبّستهم لباس الغلمان.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن عليّ بن حمزة، وعليّ بن زنجة قالا، ثنا عليّ بن الحسين، عن الحسين، عن يزيد النّحويّ، عن عكرمة قوله: وإنّي مرسلةٌ إليهم بهديّةٍ قال: الهديّة وصفًا ووصائف ولبنةٌ من ذهبٍ.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان بن الأشعث، ثنا الحسين بن عليّ بن مهران، ثنا عامر بن الفرات، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: وإنّي مرسلةٌ إليهم بهديّةٍ فناظرةٌ بم يرجع المرسلون وقالت: إن هو قبل الهديّة فهو ملكٌ فقاتلوه دون ملككم، وإن لم يقبل الهرية فهو نبيّ لا طاقة لكم بقتاله فبعثت إليه بهديّةٍ غلمانٍ في هيئة الجواري وحليتهم وجواري في هيئة الغلمان ولباسهم، وبعثت إليه بلبناتٍ من ذهبٍ وبخرزةٍ مثقوبةٍ مختلفةٍ، وبعثت إليه بقدحٍ، فلمّا جاء سليمان الهديّة أمر الشّياطين فموّهوا لبن المدينة وحيطانها ذهبًا وفضّةً، فلمّا رأى ذلك رسلها قالوا: أين نذهب اللّبنات في أرض هؤلاء وحيطانهم ذهبٌ وفضّةٌ، فحبسوا اللّبنات وأدخلوا عليه ما سوى ذلك وقالوا: أخرج لنا الغلمان من الجواري فأمرهم فتوضؤوا، فأخرج من الجواري الغلمان.
أمّا الجارية فأفرغت على يدها، وأمّا الغلام فاغترف وقالوا أدخل لنا في هذه الخرزة خيطًا، فدعا بالدّسّاس فربط فيه خيطًا، فأدخله فيها، فجال فيها، واضطرب حتّى خرج من جانبه الآخر وقالوا، املأ لنا هذا القدح ماءً ليس من الأرض ولا من السّماء فأمر بالخيل، فأجريت حتّى أزبدت مسح عرقها، فجعلوه فيه حتّى ملأه وخرجت حين بعثت الهديّة تريد القتال.
الوجه الثّالث:
- حدّثنا عليّ بن الحسين، عن عليّ بن رنجة، ثنا عليّ بن الحسين، عن الحسين بن واقدٍ، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: وإنّي مرسلةٌ إليهم بهديّةٍ قال: كانت الهديّة جوهرًا.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، ثنا سعيد بن بشيرٍ، عن قتادة إن الهديّة هذه لمّا جاءت سليمان ميّز بين الغلمان والجواري وفضلهم بالوضوء، فغسل الغلمان ظهور السّواعد قبل بطونها، وغسلت الجواري بطون السّواعد قبل ظهورها.
- أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، أنبأ عبد الرّزّاق ، أنبأ معمرٌ، عن ثابتٍ البنانيّ في قوله: وإنّي مرسلةٌ إليهم بهديّةٍ قال: أهدت له صحائف الذّهب في أوعية الدّيباج، فلمّا بلغ ذلك سليمان أمر الجنّ فموّهوا له الآجرّ بالذّهب، ثمّ أمر به فألقي في الطّريق، فلمّا جاءوا رأوه ملقًى في الطّريق في كلّ مكانٍ، فقالوا جئنا نحمل شيئًا نراه ملقًى هاهنا، فالتّفت إليه فصغر في أعينهم ما جاءوا به.
- حدّثنا أبي، ثنا نصر بن عليٍّ، أخبرنا أبي، عن خالد بن قيسٍ، عن قتادة في قوله: وإنّي مرسلةٌ إليهم بهديّةٍ قال: رحمها اللّه إن كانت لعاقلةً في إسلامها وشركها، قد علمت أنّ الهديّة تقع موقعًا من النّاس.
قوله تعالى: فناظرةٌ بم يرجع المرسلون
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا سويد بن سعيدٍ، ثنا عليّ بن مسهرٍ، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: فصارت حتّى إذا كانت قريبة قالت: أرسل إليه بهدية فإن قبلها فهو ملكا أقاتله، وإن ردّها تابعته فهو نبيّ، فلمّا دنت رسلها من سليمان خرّبها، فأمر الشّياطين فموّهوا له ألف قصرٍ من ذهبٍ وفضّةٍ فلمّا رأت رسلها قصور ذهبٍ وفضّةٍ، قالوا: ما يصنع هذا بهديّتنا، وقصوره ذهبٌ وفضّةٌ
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا إبراهيم بن موسى، أنبأ ابن أبي زائدة، أنبأ ابن أبي خالدٍ، عن أبي صالحٍ وإنّي مرسلةٌ إليهم بهديّةٍ قال: أهدي له آنيةٌ أو لبنةٌ أو قال: آنيةٌ من ذهبٍ تجربةً، قالت: إن كان يريد علمت فقال سليمان: أتمدّونن بمالٍ
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بن هاشمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عن يزيد بن رومان وإنّي مرسلةٌ إليهم بهديّةٍ فناظرةٌ بم يرجع المرسلون. ثمّ قالت: إنّه قد جاءني كتابٌ لم يأتني مثله من ملكٍ من الملوك قبله فإن يكن الرّجل نبيًّا مرسلا فلا طاقة لنا به ولا قوّة لنا به، وإن يكن الرّجل ملكًا يكابر فليس بأعزّ منّا، ولا أعدّ فهيّأت له هدايا ممّا تهدي للملوك ممّا يضنّون به فقالت: إن يكن ملكًا فسيقبل الهديّة ويرغب في المال، وإن يكن نبيًّا فليس له في الدّنيا حاجةً وليس إيّاها يريد إنّما يريد أن يدخل معه في دينه ويتبع على أمره). [تفسير القرآن العظيم: 9/2877-2880]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وإني مرسلة إليهم بهدية قال أرسلت بجوار لباسهن لباس الغلمان وبغلمان لباسهم لباس الجواري). [تفسير مجاهد: 471]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري} قال: جمعت رؤوس مملكتها فشاورتهم في أمرها فاجتمع رأيهم ورأيها على أن يغزوه، فسارت حتى إذا كانت قريبه قالت: أرسل إليه بهدية فإن قبلها فهو ملك أقاتله وان ردها تابعته فهو نبي، فلما دنت رسلها من سليمان علم خبرهم فأمر الشياطين فهيئوا له ألف قصر من ذهب وفضة، فلما رأت رسلها قصور ذهب قالوا: ما يصنع هذا بهديتنا وقصوره ذهب وفضة فلما دخلوا بهديتها قال: أتهدونني بمال ثم قال سليمان {أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين} فقال كاتب سليمان: ارفع بصرك، فرفع بصره، فلما رجع إليه طرفه إذا هو بسريرها {قال نكروا لها عرشها} فنزع عنه فصوصه ومرافقه وما كان عليه من شيء فقيل لها {أهكذا عرشك قالت كأنه هو} وأمر الشياطين: فجعلوا لها صرحا من قوارير ممردا وجعل فيها تماثيل السمك فقيل لها {ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها} فإذا فيها الشعر، فعند ذلك أمر بصنعة النورة فقيل لها {إنه صرح ممرد من قوارير قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين} ). [الدر المنثور: 11/362-363] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه في المصنف، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وإني مرسلة إليهم بهدية} قال: أرسلت بلبنة من ذهب فلما قدموا إذا حيطان المدينة من ذهب فذلك قوله {أتمدونن بمال} ). [الدر المنثور: 11/364]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة قال: قالت اني باعثة إليهم بهدية فمصانعتهم بها عن ملكي أن كانوا أهل دنيا، فبعثت إليهم بلبنة من ذهب في حرير وديباج فبلغ ذلك سليمان فأمر بلبنة من ذهب فصنعت ثم قذفت تحت أرجل الدواب على طريقهم تبول عليها وتروث فلما جاء رسلها واللبنة تحت أرجل الدواب صغر في أعينهم الذي جاؤا به). [الدر المنثور: 11/364-365]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ثابت البناني قال: أهدت له صفائح الذهب في أوعية الديباج، فلما بلغ ذلك سليمان أمر الجن فموهوا له الآجر بالذهب ثم أمر به فالقى في الطريق، فلما جاؤا ورأوه ملقى في الطريق وفي كل مكان قالوا: جئنا نحمل شيئا نراه ههنا ملقى ما يلتفت إليه، فصغر في أعينهم ما جاؤا به). [الدر المنثور: 11/365]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وإني مرسلة إليهم بهدية} قال: جوار لباسهن لباس الغلمان وغلمان لباسهن لباس الجواري). [الدر المنثور: 11/365]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: أرسلت بثمانين من وصيف ووصيفة وحلقت رؤوسهم كلهم وقالت: إن عرف الغلمان من الجواري فهو نبي وان لم يعرف الغلمان من الجواري فليس بنبي.
فدعا بوضوء فقال: توضؤا، فجعل الغلام يأخذ من مرفقيه إلى كفيه وجعلت الجارية تأخذ من كفها إلى مرفقها فقال: هؤلاء جوار وهؤلاء غلمان). [الدر المنثور: 11/365-366]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن عكرمة قال: كانت هدية بلقيس لسليمان مائتي فرس على كل فرس غلام وجارية، الغلمان والجواري على هيئة واحدة لا يعرف الجواري من الغلمان ولا الغلمان من الجواري، على كل فرس لون ليس على الآخر، وكانت أو هديتهم عند سليمان وآخرها عندها). [الدر المنثور: 11/366]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال: الهدية، وصفان ووصائف ولبنة من ذهب). [الدر المنثور: 11/366]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: كانت الهدية، جواهر). [الدر المنثور: 11/366]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال: إن الهدية لما جاءت سليمان بين الغلمان والجواري امتحنهم بالوضوء، فغسل الغلمان ظهور السواعد قبل بطونها وغسلت الجواري بطون السواعد قبل ظهورها). [الدر المنثور: 11/366]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه عن السدي قال: قالت: إن هو قبل الهدية فهو ملك فقاتلوه دون ملككم وان لم يقبل الهدية فهو نبي لا طاقة لكم بقتاله، فبعثت إليه بهدية، غلمان في هيئة الجواري وحليهم وجوار في هيئة الغلمان ولباسهم وبعثت إليه بلبنات من ذهب وبخرزة مثقوبة مختلفة وبعثت إليه بقدح وبعثت إليه تعلمه، فلما جاء سليمان الهدية أمر الشياطين فموهوا لبن المدينة وحيطانها ذهبا وفضة فلما رأى ذلك رسلها قالوا: أين نذهب باللبنات في أرض هؤلاء وحيطانهم ذهب وفضة فحسبوا اللبنات وأدخلوا عليه ما سوى ذلك وقالوا: أخرج لنا الغلمان من الجواري، فأمرهم فتوضأوا.
وأخرج الغلمان من الجواري، اما الجارية فافرغت على يدها وأما الغلام فاغترف وقالوا: ادخل لنا في هذه الخرزة خيطا، فدعا بالدساس فربط فيه خيطا فأدخله فيها فجال فيها واضطرب حتى خرج من الجانب الآخر، وقالوا: املأ لنا هذا القدح بماء ليس من الأرض ولا من السماء ابن عباس فأمر بالخيل فأجريت حتى إذا اربدت مسح عرقها فجعله فيه حتى ملأه، فلما رجعت رسلها فأخبروها: إن سليمان رد الهدية، وفدت إليه وأمرت بعرشها فجعل في سبعة أبيات وغلقت عليها فأخذت المفاتيح، فلما بلغ سليمان ما صنعت بعرشها {قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين} ). [الدر المنثور: 11/366-367]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 24 رجب 1434هـ/2-06-2013م, 10:54 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27) }

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين} [النمل: 27] قال الحسن: فابتلي، أي: فاختبر منه ذلك، فوجده صادقًا}). [تفسير القرآن العظيم: 2/541]

تفسير قوله تعالى: (اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثمّ تولّ عنهم} [النمل: 28] يقول: ثمّ انصرف عنهم.
{فانظر ماذا يرجعون} [النمل: 28] سعيدٌ، عن قتادة، قال: ذكر لنا أنّها امرأةٌ من أهل اليمن كانت في بيت مملكةٍ، يقال لها بلقيس ابنة شرحبيل، فهلك قومها، فملكت.
- قال يحيى: وحدّثني المبارك، عن الحسن، عن أبي بكرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «لن يفلح قومٌ تملكهم امرأةٌ».
سعيدٌ، قال قتادة: وأنّها كانت إذا رقدت غلّقت الأبواب، وأخذت المفاتيح فوضعتها تحت رأسها، فلمّا غلّقت الأبواب وآوت إلى فراشها أتاها الهدهد حتّى دخل من كوّة بيتها، فقذف الصّحيفة على بطنها أو بين ثدييها، فأخذت الصّحيفة فقرأتها فـ {قالت يا أيّها الملأ إنّي ألقي إليّ كتابٌ كريمٌ} [النمل: 29] أي:
[تفسير القرآن العظيم: 2/541]
حسنٌ، حسنٌ ما فيه، تفسير السّدّيّ}). [تفسير القرآن العظيم: 2/542]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ثمّ تولّ عنهم فانظر...}

يقول القائل: كيف أمره أن يتولّى عنهم وقد قال {فانظر ماذا يرجعون} وذلك في العربيّة بيّن أنه استحثّه فقال: اذهب بكتابي هذا وعجّل ثم أخّر {فانظر ماذا يرجعون} ومعناها التقديم. ويقال: إنه أمر الهدهد أن يلقى الكتاب ثم يتوارى عنها ففعل: ألقى الكتاب وطار إلى كوّة في مجلسها. والله أعلم بصواب ذلك). [معاني القرآن: 2/291]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {اذهب بّكتابي هذا فألقه إليهم ثمّ تولّ عنهم فانظر ماذا يرجعون}
قال: {ثمّ تولّ عنهم فانظر ماذا يرجعون} فـ{ثمّ تولّ عنهم} مؤخرة لأن المعنى "فألقه إليهم فانظر ماذا يرجعون ثمّ تولّ عنهم"). [معاني القرآن: 3/20]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وفي قوله تعالى: (اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثمّ تولّ عنهم فانظر ماذا يرجعون)
(ألقه إليهم ثمّ تولّ عنهم) - خمسة أوجه:
فالقهي إليهم بإثبات الياء - وهو أكثر القراءة، ويجوز فألقه - إليهم بحذف الياء وإثبات الكسرة، لأن أصله فألقيه إليهم.
فحذفت الياء للجزم، أعني ياء ألقيه، ويجوز فالقهو إليهم بإثبات الواو.
ويجوز فألقه إليهم بالضمّ، وحذفت الواو، وقد قرئ فألقه إليهم بإسكان الهاء، فأمّا إثبات الياء فهو أجودها فألقهي، فإن الياء التي تسقط للجزم قد سقطت قبل الهاء، لأن الأصل فألقيه إليهم، ومن حذف الياء وترك الكسرة بعد الهاء فلأنّه كان إذا أثبت الياء في قولك أنا ألقيه إليهم كان الاختيار حذف الياء التي بعد الهاء.
وقد شرحنا ذلك في قوله (يؤدّه إليك) شرحا كافيا.
ومن قرأ (فألقهو إليهم) ردّه إلى أصله، والأصل إثبات الواو مع هاء الإضمار. تقول ألقيتهو إليك.
ومعنى قولنا إثبات الواو والياء أعني في اللفظ ووصل الكلام، فإذا وقفت وقفت بهاء، وإذا كتبت كتبت بهاء. ومن قرأ بحذف الواو وإثبات الضمة فذلك مثل حذف الياء وإثبات الكسرة، ومن أسكن الهاء فغالط، لأن الهاء ليست بمجزومة ولها وجه من القياس، وهو أنه يجري الهاء في الوصل على حالها في الوقف، وأكثر ما يقع هذا في الشعر أن تحذف هذه الهاء وتبقي كسرة.
قال الشاعر:
فإن يك غثا أو سمينا فإنني=سأجعل عينيه لنفسه مقنعا
وقوله تعالى: (ثمّ تولّ عنهم فانظر ماذا يرجعون)
فيه قولان:
قال بعضهم: كل معناه التقديم والتأخير، معناه اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم فانظر ماذا يرجعون ثم تول عنهم،
وقال هذا لأنّ رجوعه من عندهم والتولي عنهم بعد أن ينظر ما الجواب.
وهذا حسن، والتقديم والتأخير كثير في الكلام، وقالوا معنى (ثمّ تولّ عنهم) تول عنهم مستترا من حيث لا يرونك، فانظر ماذا يردون من الجواب). [معاني القرآن: 4/117-116]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثم تول عنهم فانظر ماذا يرجعون}
قيل المعنى فألقه إليهم فانظر ماذا يرجعون ثم تول عنهم
وقيل إنما أدبه بأدب الملوك أي فألقه إليهم ولا تقف منتظرا ولكن تول ثم ارجع). [معاني القرآن: 5/128]

تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّي ألقي إليّ كتابٌ كريمٌ...}
جعلته كريماً ؛ لأنه كان مختوما، كذلك حدّثت، ويقال: وصفت الكتاب بالكرم لقومها ؛ لأنها رأت كتاب ملكٍ عندها ، فجعلته كريماً لكرم صاحبه،
ويقال: إنها قالت{كريم} قبل أن تعلم أنه من سليمان، وما يعجبني ذلك لأنها كانت قارئةً ، قد قرأت الكتاب قبل أن تخرج إلى ملئها.). [معاني القرآن: 2/291]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ألقي إليّ كتابٌ كريمٌ} : أي: شريف: بشرف صاحبه، ويقال: بالخاتم). [تفسير غريب القرآن: 324]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الكريم: الشريف الفاضل، وقال:{إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ}أي شريف لشرف كاتبه، ويقال: شريف بالختم)
[تأويل مشكل القرآن: 494]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {قالت يا أيّها الملأ إنّي ألقي إليّ كتاب كريم}
فمضى الهدهد ، فألقى الكتاب إليهم ، فسمعها تقول: {يا أيها الملأ}، فحذف، هذا لأن في الكلام دليلاً عليه.
ومعنى : {كتاب كريم}: حسن ما فيه ). [معاني القرآن: 4/117]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قالت يا أيها الملأ}
في الكلام حذف ، والمعنى : فذهب، فألقاه إليهم ، فسمعها تقول :{يا أيها الملأ إني ألقي إلي كتاب كريم }
قيل : قالت كريم ؛ لكرم صاحبه ، وشرفه ، وقيل: لأنه كان مختوماً.
وقيل : قالت كريم من أجل ما فيه ، وكان فيه : بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله سليمان إلى بلقيس :{ألا تعلوا علي وائتوني مسلمين }، وكانت كتب الأنبياء مختصرة ، واحتذى الناس عليه : من عبد الله .
قال عاصم ، عن الشعبي قال: كتب النبي صلى الله عليه وسلم أربعة كتب ، كان يكتب باسمك اللهم ، فلما نزلت :{بسم الله مجريها ومرساها }، كتب بسم الله ،
فلما نزلت :{قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن }، كتب بسم الله الرحمن ، فلما نزلت :{إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم }، كتب بسم الله الرحمن الرحيم .
قال عاصم : قلت للشعبي : أنا رأيت كتاب النبي صلى الله عليه وسلم فيه بسم الله الرحمن الرحيم ، فقال: ذاك الكتاب الثالث.). [معاني القرآن: 5/127-129]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {كتاب كريم }، قال: كان مختوماً.). [ياقوتة الصراط: 392]


تفسير قوله تعالى: (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّه من سليمان وإنّه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم...}
مكسورتان أعني إنّ وإنّ. ولو فتحتا جميعاً كان جائزاً، على قولك: ألقي إليّ أنه من سليمان وأنّه بسم الله الرحمن الرحيم فموضعهما رفع على التكرير على الكتاب: ألقي إليّ أنه من سليمان وإن شئت كانتا في موضع نصب لسقوط الخافض منهما. وهي في قراءة أبيّ (وأن بسم الله الرحمن الرحيم) ففي ذلك حجّة لمن فتحهما؛ لأنّ (أن) إذا فتحت ألفها مع الفعل أو ما يحكى لم تكن إلاّ مخفّفة النون.
وقوله: {ألاّ تعلوا...}
فألفها مفتوحة لا يجوز كسرها. وهي في موضع رفع إذا كررتها على {ألقي} ونصب على: ألقي إليّ الكتاب بذا، وألقيت الباء فنصبت. وهي في قراءة عبد الله (وإنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم) فهذا يدلّ على الكسر؛ لأنها معطوفة على: إني ألقي إليّ وإنه من سليمان. ويكون في قراءة أبيّ أن تجعل (أن) التي في بسم الله الرحمن الرحيم هي (أن) التي في قوله: {أن لا تعلوا عليّ} كأنها في المعنى. ألقي إليّ أن لا تعلوا عليّ. فلمّا وضعت في (بسم الله) كرّرت على موضعها في {أن لا تعلوا} كما قال الله {أيعدكم أنّكم إذا متّم وكنتم تراباً وعظاماً أنّكم} فأنكم مكررة ومعناها واحد والله أعلم. ألا ترى أن المعنى: أيعدكم أنكم مخرجون إذا كنتم تراباً وعظاماً). [معاني القرآن: 2/292-291]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {إنّه من سليمان وإنّه بسم اللّه الرحمن الرّحيم}
وقال: {إنّه من سليمان وإنّه بسم اللّه الرحمن الرّحيم} على {إنّي ألقي إليّ كتابٌ} {إنّه من سليمان} و{وإنّه بسم اللّه} و"بسم الله" مقدمة في المعنى). [معاني القرآن: 3/20]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ومعنى (كتاب كريم) حسن ما فيه، ثم بيّنت ما فيه فقالت:
(إنّه من سليمان وإنّه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم (30) ألّا تعلوا عليّ وأتوني مسلمين (31)
فهذا ما كان في الكتاب، وكتب الأنبياء صلوات اللّه عليهم جارية على الإيجاز والاختصار، وقد روي أن الكتاب كان من عبد اللّه سليمان إلى بلقيس بنت سراحيل، وإنما كتب الناس من عبد اللّه احتذاء بسليمان). [معاني القرآن: 4/117-118]

تفسير قوله تعالى: (أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({ألّا تعلوا عليّ} [النمل: 31]، أي: لا تمتنعوا عليّ.
{وأتوني مسلمين} [النمل: 31] وقال بعضهم في الأمر: ألا تخلّفوا عنّي {وأتوني مسلمين} [النمل: 31].
قال: وكذلك كانت تكتب الأنبياء جملا لا يطنبون ولا يكثرون.
قوله عزّ وجلّ: {وأتوني مسلمين} [النمل: 31] تفسير قتادة، يعني: الإسلام.
وتفسير الكلبيّ: وأتوني مقرّين بالطّاعة، أي: مستسلمين ليس، يعني: الإسلام}). [تفسير القرآن العظيم: 2/542]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ألاّ تعلوا...}

فألفها مفتوحة لا يجوز كسرها. وهي في موضع رفع إذا كررتها على {ألقي} ونصب على: ألقي إليّ الكتاب بذا، وألقيت الباء فنصبت. وهي في قراءة عبد الله (وإنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم) فهذا يدلّ على الكسر؛ لأنها معطوفة على: إني ألقي إليّ وإنه من سليمان. ويكون في قراءة أبيّ أن تجعل (أن) التي في بسم الله الرحمن الرحيم هي (أن) التي في قوله: {أن لا تعلوا عليّ} كأنها في المعنى. ألقي إليّ أن لا تعلوا عليّ. فلمّا وضعت في (بسم الله) كرّرت على موضعها في {أن لا تعلوا} كما قال الله {أيعدكم أنّكم إذا متّم وكنتم تراباً وعظاماً أنّكم} فأنكم مكررة ومعناها واحد والله أعلم. ألا ترى أن المعنى: أيعدكم أنكم مخرجون إذا كنتم تراباً وعظاماً). [معاني القرآن: 2/292-291]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ألّا تعلوا عليّ} من «العلو» أي: لا تتكبروا). [تفسير غريب القرآن: 324]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ومعنى (ألّا تعلوا عليّ) ألا تترفعوا عليّ وإن كنتم ملوكا). [معاني القرآن: 4/118] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (وكتبوا: (أَوْ لا أَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ) بزيادة ألف.
وكذلك (وَلا أَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ) بزيادة ألف بعد لام ألف.
وهذا أكثر في المصحف من أن نستقصيه). [تأويل مشكل القرآن: 56-58]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ألا تعلوا علي وائتوني مسلمين}
أي أن لا تتكبروا
ويجوز أن يكون المعنى بأن لا تعلوا علي أي كتب بترك العلو
ويجوز على مذهب الخليل وسيبويه أن تكون أن بمعنى أي مفسرة كما قال وانطلق الملأ منهم أن امشوا
ويجوز أن يكون المعنى إني ألقي إلي أن لا تعلوا علي). [معاني القرآن: 5/130]

تفسير قوله تعالى: (قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (32) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {قالت يا أيّها الملأ أفتوني في أمري} [النمل: 32] استشارتهم.
{ما كنت قاطعةً أمرًا حتّى تشهدون {32}}). [تفسير القرآن العظيم: 2/542]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {يا أيّها الملأ أفتوني...}

جعلت المشورة فتيا. وذلك جائز لسعة العربية.
وقوله: {ما كنت قاطعةً أمراً} وفي قراءة عبد الله (ما كنت قاضيةً أمراً) والمعنى واحد تقول لا أقطع أمراً دونك، ولا أقضي أمراً دونك). [معاني القرآن: 2/292]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (قالت يا أيّها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتّى تشهدون)
أي بيّنوا لي ما أعمل، والملأ وجوه القوم، الذين هم ملاء بما يحتاج إليه). [معاني القرآن: 4/118]
تفسير قوله تعالى: {قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({قالوا نحن أولو قوّةٍ} [النمل: 33] يعني: عددًا كثيرًا، في تفسير السّدّيّ.
{وأولو بأسٍ شديدٍ} [النمل: 33]، يعني: القتال.
{والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين} [النمل: 33] سعيدٌ عن قتادة، قال: ذكر لنا أنّه كان لها ثلاث مائةٍ وثلاثة4 عشر رجلا هم أهل مشورتها، كلّ رجلٍ منهم على عشرة آلافٍ.
قال يحيى: فجميعهم ثلاثة آلاف ألفٍ ومائة ألفٍ وثلاثون ألفا}). [تفسير القرآن العظيم: 2/542]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والبأس: الشدّة بالقتال، قال الله تعالى: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا}
وقال تعالى: {نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ} وقال: {بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ} وقال: {وَحِينَ الْبَأْسِ}). [تأويل مشكل القرآن: 505] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قالوا نحن أولو قوّة وأولو بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين}
ويروى أنه كان معها ألف قيل والقيل الملك، ومع كل قيل ألف رجل، وقيل مائة ألف رجل، وأكثر الرواية مائة ألف رجل.
وقوله: (حتى تشهدون).
بكسر النون، ولا يجوز فتح النون لأن أصله حتى (تشهدونني) فحذفت النون الأولى للنّصب وبقيت النون والياء للاسم، وحذفت الياء لأنّ الكسرة تدل عليها، ولأنه آخر آية،
ومن فتح النون فلاحن، لأنّ النون إذا فتحت فهي نون الرفع، وليس هذا من التي ترفع فيه حتى.
ويجوز أنه من سليمان وأنه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، بفتح الألف فيكون موضع أن الرفع على معنى: ألقي إليّ أنه من سليمان.
ويجوز أن تكون (أن) في موضع نصب على معنى كتاب كريم لأنه من سليمان ولأنه بسم اللّه الرحمن الرحيم.
فأمّا (ألّا تعلوا عليّ) فيجوز أن يكون أن في موضع رفع وفي موضع نصب، فالنصب على معنى كتاب بأن لا تعلوا علي أي كتب بترك العلو، ويجوز على معنى: ألقي إليّ ألّا تعلوا عليّ، وفيها وجه آخر حسن على معنى قال لا تعلوا عليّ.
وفسر سيبويه والخليل " أنّ " أن، في هذا الموضع في تأويل أي، على معنى أي لا تعلوا عليّ، ومثله من كتاب الله عزّ وجلّ:
{وانطلق الملأ منهم أن امشوا}
وتأويل أي ههنا تأويل القول والتفسير، كما تقول فعل فلان كذا وكذا، أي إني جواد كأنك قلت: يقول إني جواد). [معاني القرآن: 4/119-118]

تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {قالت إنّ الملوك إذا دخلوا قريةً أفسدوها} [النمل: 34] تفسير السّدّيّ، يعني: خرّبوها.
{وجعلوا أعزّة أهلها} [النمل: 34] عظماءها في الشّرف.
[تفسير القرآن العظيم: 2/542]
{أذلّةً} [النمل: 34] قال اللّه: {وكذلك يفعلون} [النمل: 34] }). [تفسير القرآن العظيم: 2/543]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {قالت إنّ الملوك إذا دخلوا قريةً...}

جواب لقولهم {نحن أولو قوّةٍ وأولو بأسٍ شديدٍ} فقالت: إنهم إن دخلوا بلادكم أذلوكم وأنتم ملوك. فقال الله {وكذلك يفعلون} ). [معاني القرآن: 2/292]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه أن يتصل الكلام بما قبله حتى يكون كأنه قول واحد وهو قولان:
نحو قوله: {إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً}، ثم قال: {وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ}، وليس هذا من قولها، وانقطع الكلام عند قوله: {أَذِلَّةً}،
ثم قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ}.
وقوله: {الْآَنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ}، هذا قول المرأة، ثم قال يوسف: {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ}،
أي ليعلم الملك أني لم أخن العزيز بالغيب.
وقوله: {يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا}، وانقطع الكلام، ثم قالت الملائكة: {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ}.
وقوله حكاية عن ملأ فرعون: {يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ}
هذا قول الملأ، ثم قال فرعون: {فَمَاذَا تَأْمُرُونَ}). [تأويل مشكل القرآن: 295-294] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قالت إنّ الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزّة أهلها أذلّة وكذلك يفعلون}معناه إذا دخلوها عنوة عن قتال وغلبة.
(وكذلك يفعلون) هو من قول اللّه عزّ وجلّ - واللّه أعلم - لأنها هي قد ذكرت أنّهم يفسدون فليس في تكرير هذا منها فائدة). [معاني القرآن: 4/119]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها} أي: إذا دخلوها عنوة
ويقال لكل مدينة يجتمع الناس فيها قرية من قريت الشيء أي جمعته
وقوله جل وعز: {وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون}
يجوز أن يكون {وكذلك يفعلون} من قول الله جل وعز ويجوز أن يكون من قولها). [معاني القرآن: 5/130-131]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( (أعزة أهلها أذلة): انقطع كلامها هي،
فقال الله - جل وعز: (وكذلك يفعلون) ثم رجع إلى الإخبار عنها فقال: (وإني مرسلة إليهم بهدية) ). [ياقوتة الصراط:392-393]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (35)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وإنّي مرسلةٌ إليهم بهديّةٍ فناظرةٌ بم يرجع المرسلون} [النمل: 35] أي رسلي، إن قبل هديّتنا فهو من الملوك، وليس من أهل النّبوّة كما ينتحل.
سعيدٌ عن قتادة: قال: قالت: {وإنّي مرسلةٌ إليهم بهديّةٍ} [النمل: 35] فمصانعتهم بها عن الملك إن كانوا أهل دنيا، فبعثت إليهم بلبنةٍ من ذهبٍ في حريرةٍ وديباجٍ.
فبلغ ذلك سليمان، فأمر بلبنةٍ من ذهبٍ، فصيغت، ثمّ قذفت تحت أرجل الدّوابّ على طريقهم، تبول عليها وتروث عليها، فلمّا جاء رسلها فرأوا اللّبنة تحت أرجل الدّوابّ صغر في أعينهم الّذي جاءوا به.
وتفسير مجاهدٍ أنّها بعثت إليه بجوارٍ قد ألبستهنّ لبسة الغلمان، وغلمانٍ قد ألبستهنّ لبس الجواري، فخلّص سليمان بعضهم من بعضٍ، ولم يقبل هديّتها}). [تفسير القرآن العظيم: 2/543]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وإنّي مرسلةٌ إليهم بهديّةٍ فناظرةٌ بم يرجع المرسلون...}

نقصت الألف من قوله (بم) لأنها في معنى بأيّ شيء يرجع المرسلون وإذا كانت (ما) في موضع (أيّ) ثم وصلت بحرفٍ خافضٍ نقصت الألف من (ما) ليعرف الاستفهام من الخبر.
ومن ذلك قوله: {فيم كنتم} و{عمّ يتساءلون} وإن أتممتها فصواب. وأنشدني المفضّل:
إنا قتلنا بقتلانا سراتكم=أهل اللواء ففيما يكثر القيل
وأنشدني المفضّل أيضاً:
على ما قام يشتمنا لئيمٌ =كخنزير تمرّغ في رماد
وقوله: {إليهم بهديّةٍ} وهي تعني سليمان كقوله: {على خوفٍ من فرعون وملئهم} وقالت {بم يرجع المرسلون} وكان رسولها - فيما ذكروا - امرأةً واحدةٍ فجمعت وإنما هو رسول، لذلك قال {فلمّا جاء سليمان} يريد: فلما جاء الرسول سليمان، وهي في قرءة عبد الله (فلما جاءوا سليمان) لما قال {المرسلون} صلح {جاءوا} لأن المرسل كان واحداً.
يدلّ على ذلك قول سليمان {ارجع إليهم} ). [معاني القرآن: 2/293]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه جمع يراد به واحد واثنان:
كقوله: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} واحد واثنان فما فوق.
وقال قتادة في قوله تعالى: {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ} كان رجل من القوم لا يمالئهم على أقاويلهم في النبي صلّى الله عليه وسلم، ويسير مجانبا لهم، فسماه الله طائفة وهو واحد.
وكان «قتادة» يقول في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ} هو رجل واحد ناداه: يا محمد، إنّ مدحي زين، وإنّ شتمي شين.
فخرج إليه النبي، صلّى الله عليه وسلم
فقال: «ويلك، ذاك الله جل وعز» ونزلت الآية.
وقوله سبحانه: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ}، أي أخوان فصاعدا.
قوله سبحانه: {وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ}، جاء في التفسير: أنهما لوحان.
وقوله: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}، وهما قلبان.
وقوله: {أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ}، يعني عائشة وصفوان بن المعطّل.
وقال: {بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ}، وهو واحد، يدلك على ذلك قوله: {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ}). [تأويل مشكل القرآن: 284-282] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وإنّي مرسلة إليهم بهديّة فناظرة بم يرجع المرسلون}
جاء في التفسير أنها أهدت سليمان لبنة ذهب في حرير، وقيل لبن ذهب في حرير.
فأمر سليمان بلبنة ذهب فطرحت تحت الدّوابّ، حيث تبول عليها الدّوابّ وتروث، فصغر في أعينهم ما جاءوا به إلى سليمان، وقد ذكر أن الهديّة قد كانت غير هذا،
إلا أن قول سليمان: (أتمدّونن بمال) مما يدل على أن الهديّة كانت مالا.
وقوله عزّ وجلّ: (بم يرجع المرسلون).
حروف الجر مع " ما " في الاستفهام تحذف معها الألف من " ما " لأنهما كالشيء الواحد، وليفصل بين الخبر والاستفهام؛ تقول: قد رغبت فيما عندك، فتثبت الألف،
وتقول: فيم نظرت يا هذا فتحذف الألف). [معاني القرآن: 4/119-120]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون}
روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال وجهت بغلمان عليهم لبس الجواري وبجوار عليهن لبس الغلمان
وروى يعلى بن مسلم عن سعيد بن جبير قال أرسلت بمائتي وصيف ووصيفة وقالت إن كان نبيا فسيعلم الذكور من الإناث فأمرهم فتوضؤوا فمن توضأ منهم فبدأ بمرفقه قبل كفه قال هو من الإناث ومن بدأ بكفه قبل مرفقه قال هو من الذكور
قال أبو جعفر وقيل وجهت إليه بلبنة من ذهب في خرقة حرير فأمر سليمان صلى الله عليه وسلم بلبن من ذهب فألقي تحت الدواب حتى وطأته
وهذا أشبه لقوله: {أتمدونني بمال} ويجوز أن يكون وجهت بهما جميعا ومعنى قوله تعالى: {لا قبل لهم بها} أي لا يطيقونها ولا يثبتون لها). [معاني القرآن: 5/131-132]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 24 رجب 1434هـ/2-06-2013م, 11:01 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]



تفسير قوله تعالى: {قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27) }

تفسير قوله تعالى: {اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28) }
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وقال مقاتل بن سليمان: خلق الله السماء قبل الأرض، وذهب إلى أن معنى قوله: {ثم استوى إلى السماء وهي دخان}، ثم كان قد استوى إلى السماء قبل أن يخلق الأرض، كما قال: {هو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش}. ثم كان قد استوى.
ويجوز أن يكون معنى الآية: أئنكم لتكفرون بالذي استوى إلى السماء وهي دخان، ثم خلق الأرض في يومين، فقدم وأخر كما قال: {اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثم تول عنهم فانظر ماذا يرجعون}، معناه: ثم انظر ماذا يرجعون وتول عنهم). [كتاب الأضداد: 111] (م)

تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) }

تفسير قوله تعالى: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) }

تفسير قوله تعالى: {أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (32) }

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34) }
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (فأما التأويل بالقرآن:
فكالبيض، يعبر بالنساء، لقول الله عز وجل: {كأنهن بيض مكنون}.
وكالخشب، يعبر بالنفاق؛ بقول الله عز وجل: {كأنهم خشب مسندة}.
وكالحجارة، تعبر بالقسوة، بقول الله عز وجل: {ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة}.
وكالسفينة، تعبر بالنجاة؛ لأن الله تعالى نجى بها نوحا عليه السلام ومن كان معه.
وكالماء، يعبر في بعض الأحوال بالفتنة؛ لقول الله تعالى: {لأسقيناهم ماء غدقا * لنفتنهم فيه}.
وكاللحم الذي يؤكل، يعبر بالغيبة؛ لقول الله عز وجل: {أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا}.
وكالمستفتح بابا بمفتاح، يعبر بالدعاء؛ لقول الله عز وجل: {إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح} يريد: أن تدعوا.
وكالمصيب مفتاحا في المنام –أو مفاتيح- يعبر بأنه يكسب مالا، لقوله عز وجل في قارون: {ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة} يريد: أمواله؛ سميت أموال الخزائن مفاتيح، لأن بالمفاتيح يوصل إليها.
وكالملك يرى في المحلة أو البلدة أو الدار، وقدرها يصغر عن قدره، وتنكر دخول مثلها مثله؛ يعبر ذلك بالمصيبة والذل ينال أهل ذلك الموضع، لقوله عز وجل: {إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون}.
وكالحبل، يعبر بالعهد، لقوله تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعا}.
ولقوله تعالى: {ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس} أي: بأمان وعهد.
والعرب تسمي العهد حبلا؛ قال الشاعر:
وإذا تجوزها حبال قبيلة = أخذت من الأخرى إليك حبالها
وكاللباس، يعبر بالنساء؛ لقوله جل وعز: {هم لباس لكم وأنتم لباس لهن} ). [تعبير الرؤيا: 35-37] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (35) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 22 ذو الحجة 1439هـ/2-09-2018م, 08:35 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 22 ذو الحجة 1439هـ/2-09-2018م, 08:36 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 22 ذو الحجة 1439هـ/2-09-2018م, 08:42 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم إن سليمان عليه السلام أخر أمر الهدهد إلى أن يتبين له حقه من باطله، فسوفه بالنظر في ذلك). [المحرر الوجيز: 6/534]

تفسير قوله تعالى: {اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم إن سليمان عليه السلام أخر أمر الهدهد إلى أن يتبين له حقه من باطله، فسوفه بالنظر في ذلك، وأمر بكتاب فكتب، وحمله إياه، وأمره بإلقائه إلى القوم والتولي بعد ذلك، وقال وهب بن منبه: أمره بالتولي حسن أدب ليتنحى حسب ما يتأدب به مع الملوك، بمعنى: وكن قريبا حتى ترى مراجعاتهم، قال: وقوله: {فانظر ماذا يرجعون} في معنى التقديم على قوله: {ثم تول}.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
واتساق رتبة الكلام أظهر، أي: ألقه ثم تول، وفي خلال ذلك فانظر، وإنما أراد أن يكل الأمر إلى حكم ما في الكتاب دون أن يكون الرسول ملازمه وبلا إلحاح. وقرأ نافع: "فألقه" بكسر الهاء، وفرقة: "فألقه" بضمها، وقرأ ابن كثير، وابن عامر، والكسائي بإشباع بعد الكسرة في الهاء، وروى عنه ورش بعد الهاء في الوصل بياء، وقرأ قوم بإشباع واو بعد الضمة، وقرأ اليزيدي عن أبي عمرو، وعاصم، وحمزة: "فألقه" بسكون الهاء. وروي عن وهب بن منبه في قصص هذه الآية أن الهدهد وصل
[المحرر الوجيز: 6/534]
فألقى دون هذه الملكة حجب جدران، فعمد إلى كوة كانت بلقيس صنعتها لتدخل منها الشمس عند طلوعها لمعنى عبادتها إياها، فدخل منها ورمى الكتاب على بلقيس وهي -فيما يروى- نائمة، فلما انتبهت وجدته، فراعها وظنت أنه قد دخل عليها أحد، ثم قامت فوجدت حالها كما عهدته، فنظرت إلى الكوة تهمما بأمر الشمس فرأت الهدهد فعلمت أمره، ثم جمعت أهل ملكها وعليتهم فخاطبتهم بما يأتي بعد). [المحرر الوجيز: 6/535]

تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {قالت يا أيها الملأ إني ألقي إلي كتاب كريم إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون قالوا نحن أولو قوة وأولو بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون}
في هذه المواضع اختصار يدل ظاهر القول عليه، تقديره: فألقى الكتاب وقرأته وجمعت له أهل ملكها، و"الملأ": أشراف الناس الذين ينوبون مناب الجميع، ووصفت الكتاب بالكرم، إما لأنه من عند عظيم في نفسها ونفوسهم، فعظمته إجلالا لسليمان، وهذا قول ابن زيد، وإما أنها أشارات إلى أنه مطبوع عليه بالخاتم، وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: كرم الكتاب ختمه، وإما أنها أرادت أنه بدأ ببسم الله تعالى، وقد قال صلى الله عليه وسلم: كل كلام لم يبدأ باسم الله تعالى فهو أجذم). [المحرر الوجيز: 6/535]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخذت تصف لهم ما في الكتاب، فيحتمل اللفظ أنه نص الكتاب موجزا بليغا، وكذلك كتب الأنبياء عليهم السلام، وقدم فيه العنوان -وهي عادة الناس على وجه الدهر- ثم سمى الله تعالى، ثم أمرهم بألا يعلوا عليه طغيانا وكفرا، وأن يأتوه مسلمين، ويحتمل أنها قصدت إلى اقتضاب معانيه دون ترتيبه، فأعلمتهم أنه من سليمان، وأن معناه كذا وكذا. وقرأ أبي: "وأن بسم الله" بفتح الهمزة وتخفيف النون وحذف الهاء، وقرأ ابن أبي عبلة: "أنه من"
[المحرر الوجيز: 6/535]
"وأنه بسم الله" بفتح الهمزة فيهما، وفي قراءة عبد الله: "وإنه من سليمان" بزيادة واو، وبسم الله الرحمن الرحيم استفتاح شريف بارع المعنى معبر عنه بكل لغة، وفي كل شرع). [المحرر الوجيز: 6/536]

تفسير قوله تعالى: {أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و "أن" في قوله تعالى: {ألا تعلوا علي} يحتمل أن تكون رفعا على البدل من "كتاب"، أو نصبا على معنى: بأن لا تعلوا، أو مفسرة بمنزلة أي، قال سيبويه: وقرأ وهب بن منبه: "ألا تغلوا" بالغين منقوطة، قال أبو الفتح: رواها وهب عن ابن عباس رضي الله عنهما، وهي قراءة أشهب العقيلي، ذكرها الثعلبي). [المحرر الوجيز: 6/536]

تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (32)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخذت في حسن الأدب مع رجالها، ومشاورتهم في أمرها، وأعلمتهم أن ذلك مطرد عندها في كل أمر، فكيف في هذه النازلة الكبرى؟). [المحرر الوجيز: 6/536]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (فراجعها الملأ بما يقر عينها من إعلامهم إياها بالقوة والبأس، أي: وذلك مبذول إليك، فقاتلي إن شئت، ثم سلموا الأمر إلى نظرها، وهذه محاورة حسنة من الجميع. وفي قراءة عبد الله: "ما كنت قاضية أمرا" بالضاد من القضاء.
وذكر مجاهد في عدد أحشادها أنها كان لها اثنا عشر ألف، قيل تحت يد كل واحد مائة ألف.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا بعيد، وذكر غيره نحوه فاختصرته لعدم صحته). [المحرر الوجيز: 6/536]

تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخبرت بلقيس عند ذلك بفعل الملوك بالقرى التي يتغلبون عليها، وفي الكلام خوف على قومها، وحيطة لهم، واستعظام لأمر سليمان عليه السلام، وقالت فرقة: إن وكذلك يفعلون هو من قول بلقيس تأكيدا منها للمعنى الذي أرادته، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: هو من قول الله تبارك وتعالى معرفا لمحمد صلى الله عليه وسلم وأمته، ومخبرا به). [المحرر الوجيز: 6/536]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (35)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون فلما جاء سليمان قال أتمدونن بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون}
روي أن بلقيس قالت لقومها: إني أجرب هذا الرجل بهدية أعطيه فيها نفائس الأموال، وأغرب عليه بأمور المملكة، فإن كان ملكا دنياويا أرضاه المال فعملنا معه بحسب ذلك، وإن كان نبيا لم يرضه المال، ولازمنا في أمر الدين، فينبغي أن نؤمن به ونتبعه على دينه، فبعثت إليه بهدية عظيمة أكثر بعض الناس في تفصيلها، فرأيت اختصار ذلك لعدم صحته. واختبرت علمه -فيما روي- بأن بعثت إليه قدحا فقالت له: املأه لي مما ليس من الأرض ولا من السماء، وبعثت إليه درة فيها ثقب مخلوق وقالت: تدخل سلكها دون أن يقربها إنس ولا جان، وبعثت أخرى غير مثقوبة وقالت: يثقب هذه غير الإنس والجن، فملأ سليمان عليه السلام القدح من عرق الجبل، وأدخلت السلك دودة وثقبت الدرة أرضة). [المحرر الوجيز: 6/537]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 18 محرم 1440هـ/28-09-2018م, 10:15 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 18 محرم 1440هـ/28-09-2018م, 10:18 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين (27) اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثمّ تولّ عنهم فانظر ماذا يرجعون (28) قالت يا أيّها الملأ إنّي ألقي إليّ كتابٌ كريمٌ (29) إنّه من سليمان وإنّه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم (30) ألا تعلوا عليّ وأتوني مسلمين (31)}.
يخبر تعالى عن قيل سليمان، عليه السّلام، للهدهد حين أخبره عن أهل سبأٍ وملكتهم: {قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين} أي: أصدقت في إخبارك هذا، {أم كنت من الكاذبين} في مقالتك، فتتخلّص من الوعيد الّذي أوعدتك؟). [تفسير ابن كثير: 6/ 188]

تفسير قوله تعالى: {اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثمّ تولّ عنهم فانظر ماذا يرجعون}: وذلك أنّ سليمان، عليه السّلام، كتب كتابًا إلى بلقيس وقومها. وأعطاه لذلك الهدهد فحمله، قيل: في جناحه كما هي عادة الطّير، وقيل: بمنقاره. وذهب إلى بلادهم فجاء إلى قصر بلقيس، إلى الخلوة الّتي كانت تختلي فيها بنفسها، فألقاه إليها من كوّة هنالك بين يديها، ثمّ تولّى ناحيةً أدبًا ورياسةً، فتحيّرت ممّا رأت، وهالها ذلك، ثمّ عمدت إلى الكتاب فأخذته، ففتحت ختمه وقرأته، فإذا فيه: {إنّه من سليمان وإنّه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم ألا تعلوا عليّ وأتوني مسلمين} فجمعت عند ذلك أمراءها ووزراءها وكبراء دولتها ومملكتها، ثمّ قالت لهم: {يا أيّها الملأ إنّي ألقي إليّ كتابٌ كريمٌ} تعني بكرمه: ما رأته من عجيب أمره، كون طائرٍ أتى به فألقاه إليها، ثمّ تولّى عنها أدبًا. وهذا أمرٌ لا يقدر عليه أحدٌ من الملوك، ولا سبيل لهم إلى ذلك، ثمّ قرأته عليهم.
{إنّه من سليمان وإنّه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم ألا تعلوا عليّ وأتوني مسلمين}.فعرفوا أنّه من نبيّ اللّه سليمان، وأنّه لا قبل لهم به. وهذا الكتاب في غاية البلاغة والوجازة والفصاحة، فإنّه حصّل المعنى بأيسر عبارةٍ وأحسنها، قال العلماء: ولم يكتب أحدٌ {بسم اللّه الرّحمن الرّحيم} قبل سليمان، عليه السّلام.
وقد روى ابن أبي حاتمٍ في ذلك حديثًا في تفسيره، حيث قال: حدّثنا أبي، حدّثنا هارون بن الفضل أبو يعلى الحنّاط، حدّثنا أبو يوسف، عن سلمة بن صالحٍ، [عن عبد الكريم] أبي أميّة، عن ابن بريدة، عن أبيه قال: كنت أمشي مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: "إنّي أعلم آية لم تنزل على نبيٍّ قبلي بعد سليمان بن داود" قال: قلت: يا رسول اللّه، أيّ آيةٍ؟ قال: "سأعلمكها قبل أن أخرج من المسجد". قال: فانتهى إلى الباب، فأخرج إحدى قدميه، فقلت: نسي، ثمّ التفت إليّ وقال {إنّه من سليمان وإنّه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم}.
هذا حديثٌ غريبٌ، وإسناده ضعيفٌ.
وقال ميمون بن مهران: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يكتب: باسمك اللّهمّ، حتّى نزلت هذه الآية، فكتب: {بسم اللّه الرّحمن الرّحيم}). [تفسير ابن كثير: 6/ 188-189]

تفسير قوله تعالى: {أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ألا تعلوا عليّ}: يقول قتادة: لا تجيروا عليّ {وأتوني مسلمين}.
وقال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: لا تمتنعوا ولا تتكبّروا عليّ.
{وأتوني مسلمين}: قال ابن عبّاسٍ: موحّدين. وقال غيره: مخلصين. وقال سفيان بن عيينة: طائعين). [تفسير ابن كثير: 6/ 189]

تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (32)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قالت يا أيّها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعةً أمرًا حتّى تشهدون (32) قالوا نحن أولو قوّةٍ وأولو بأسٍ شديدٍ والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين (33) قالت إنّ الملوك إذا دخلوا قريةً أفسدوها وجعلوا أعزّة أهلها أذلّةً وكذلك يفعلون (34) وإنّي مرسلةٌ إليهم بهديّةٍ فناظرةٌ بم يرجع المرسلون (35)}.
لـمّا قرأت عليهم كتاب سليمان استشارتهم في أمرها، وما قد نزل بها؛ ولهذا قالت: {يا أيّها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعةً أمرًا حتّى تشهدون} أي: حتّى تحضرون وتشيرون). [تفسير ابن كثير: 6/ 189]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33) قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34) وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (35)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قالوا نحن أولو قوّةٍ وأولو بأسٍ شديدٍ} أي: منوا إليها بعددهم وعددهم وقوّتهم، ثمّ فوّضوا إليها بعد ذلك الأمر فقالوا: {والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين} أي: نحن ليس لنا عاقةٌ [ولا بنا بأسٌ، إن شئت أن تقصديه وتحاربيه، فما لنا عاقةٌ] عنه. وبعد هذا فالأمر إليك، مري فينا برأيك نمتثله ونطيعه.
قال الحسن البصريّ، رحمه اللّه: فوّضوا أمرهم إلى علجة تضطرب ثدياها، فلمّا قالوا لها ما قالوا، كانت هي أحزم رأيًا منهم، وأعلم بأمر سليمان، وأنّه لا قبل لها بجنوده وجيوشه، وما سخّر له من الجنّ والإنس والطّير، وقد شاهدت من قضيّة الكتاب مع الهدهد أمرًا عجيبًا بديعًا، فقالت لهم: إنّي أخشى أن نحاربه ونمتنع عليه، فيقصدنا بجنوده، ويهلكنا بمن معه، ويخلص إليّ وإليكم الهلاك والدّمار دون غيرنا؛ ولهذا قالت: {إنّ الملوك إذا دخلوا قريةً أفسدوها}.
قال ابن عبّاسٍ: أي إذا دخلوا بلدًا عنوة أفسدوه، أي: خرّبوه، {وجعلوا أعزّة أهلها أذلّةً} أي: وقصدوا من فيها من الولاة والجنود، فأهانوهم غاية الهوان، إمّا بالقتل أو بالأسر.
قال ابن عبّاسٍ: قالت بلقيس: {إنّ الملوك إذا دخلوا قريةً أفسدوها وجعلوا أعزّة أهلها أذلّةً}، قال الرّبّ، عزّ وجلّ {وكذلك يفعلون}. ثمّ عدلت إلى المهادنة والمصالحة والمسالمة والمخادعة والمصانعة، فقالت: {وإنّي مرسلةٌ إليهم بهديّةٍ فناظرةٌ بم يرجع المرسلون} أي: سأبعث إليه بهديّةٍ تليق به وأنظر ماذا يكون جوابه بعد ذلك، فلعلّه يقبل ذلك ويكفّ عنّا، أو يضرب علينا خراجا نحمله إليه في كلّ عامٍ، ونلتزم له بذلك ويترك قتالنا ومحاربتنا. قال قتادة: رحمها اللّه ورضي عنها، ما كان أعقلها في إسلامها وفي شركها!! علمت أنّ الهديّة تقع موقعًا من النّاس.
وقال ابن عبّاسٍ وغير واحدٍ: قالت لقومها: إن قبل الهديّة فهو ملكٌ فقاتلوه، وإن لم يقبلها فهو نبي فاتبعوه). [تفسير ابن كثير: 6/ 189-190]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:17 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة