العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة النحل

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25 جمادى الأولى 1434هـ/5-04-2013م, 01:53 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير سورة النحل [ من الآية (56) إلى الآية (60) ]

{وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (56) وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ (57) وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59)لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (60)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 25 جمادى الأولى 1434هـ/5-04-2013م, 01:59 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (56) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويجعلون لما لا يعلمون نصيبًا ممّا رزقناهم، تاللّه لتسألنّ عمّا كنتم تفترون}.
يقول تعالى ذكره: ويجعل هؤلاء المشركون من عبدة الأوثان لما لا يعلمون منه ضرًّا ولا نفعًا {نصيبًا} يقول: حظًّا وجزاءً ممّا رزقناهم من الأموال، إشراكًا منهم له، الّذي يعلمون أنّه خلقهم، وهو الّذي ينفعهم ويضرّهم دون غيره، كالّذي؛
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {ويجعلون لما لا يعلمون نصيبًا ممّا رزقناهم} قال: " يعلمون أنّ اللّه خلقهم ويضرّهم وينفعهم، ثمّ يجعلون لما لا يعلمون أنّه يضرّهم ولا ينفعهم نصيبًا ممّا رزقناهم "
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ويجعلون لما لا يعلمون نصيبًا ممّا رزقناهم} " وهم مشركو العرب، جعلوا لأوثانهم نصيبًا ممّا رزقناهم، وجزءًا من أموالهم يجعلونه لأوثانهم "
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ويجعلون لما لا يعلمون نصيبًا ممّا رزقناهم} قال: " جعلوا لآلهتهم الّتي ليس لها نصيبٌ ولا شيءٌ، جعلوا لها نصيبًا ممّا قال اللّه من الحرث والأنعام، يسمّون عليها أسماءها، ويذبحون لها "
وقوله: {تاللّه لتسألنّ عمّا كنتم تفترون} يقول تعالى ذكره: واللّه أيّها المشركون الجاعلون الآلهة والأنداد نصيبًا فيما رزقناكم شركًا باللّه وكفرًا، ليسألنّكم اللّه يوم القيامة عمّا كنتم في الدّنيا تفترون، يعني: تختلقون من الباطل والإفك على اللّه بدعواكم له شريكًا، وتصييركم لأوثانكم فيما رزقكم نصيبًا، ثمّ ليعاقبنّكم عقوبةً، تكون جزاءً لكفرانكم نعمه وافترائكم عليه). [جامع البيان: 14/253-254]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله: {ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم} قال: يعلمون أن الله خلقهم ويضرهم وينفعهم ثم يجعلون لما يعلمون أنه يضرهم ولا ينفعهم نصيبا مما رزقناهم). [الدر المنثور: 9/62]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا} قال: هم مشركو العرب جعلوا لأوثانهم وشياطينهم نصيبا مما رزقهم الله وجزأوا من أموالهم جزءا فجعلوه لأوثانهم وشياطينهم). [الدر المنثور: 9/62]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم} هو قولهم هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا). [الدر المنثور: 9/62-63]

تفسير قوله تعالى: (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ (57) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويجعلون للّه البنات سبحانه ولهم ما يشتهون (57) وإذا بشّر أحدهم بالأنثى ظلّ وجهه مسودًّا وهو كظيمٌ}.
يقول تعالى ذكره: ومن جهل هؤلاء المشركين بالله وخبث فعلهم وقبح فريتهم على ربّهم، أنّهم يجعلون لمن خلقهم ودبّرهم وأنعم عليهم، فاستوجب بنعمه عليهم الشّكر، واستحقّ عليهم الحمد {البنات}، ولا ينبغي أن يكون للّه ولدٌ ذكرٌ ولا أنثى سبحانه، ينزّه جلّ جلاله بذلك نفسه عمّا أضافوا إليه ونسبوه من البنات، فلم يرضوا بجهلهم إذ أضافوا إليه ما لا ينبغي إضافته إليه، ولا ينبغي أن يكون له من الولد أن يضيفوا إليه ما يشتهونه لأنفسهم ويحبّونه لها، ولكنّهم أضافوا إليه ما يكرهونه لأنفسهم ولا يرضونه لها من البنات ما يقتلونها إذا كانت لهم، وفي " ما " الّتي في قوله: {ولهم ما يشتهون} وجهان من العربيّة: النّصب عطفًا بها على " البنات "، فيكون معنى الكلام إذا أريد ذلك: ويجعلون للّه البنات ولهم البنين الّذين يشتهون، فتكون " ما " للبنين، والرّفع على أنّ الكلام مبتدأٌ من قوله: {ولهم ما يشتهون} فيكون معنى الكلام: ويجعلون للّه البنات ولهم البنون). [جامع البيان: 14/254-255]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 57 - 60.
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {ويجعلون لله البنات} الآيات، يقول: يجعلون له البنات يرضونهن له ولا يرضونهن لأنفسهم، وذلك أنهم كانوا في الجاهلية إذا ولد للرجل منهم جارية أمسكها على هون أو دسها في التراب وهي حية). [الدر المنثور: 9/63]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله: {ولهم ما يشتهون} قال: يعني به البنين). [الدر المنثور: 9/63]

تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وإذا بشّر أحدهم بالأنثى ظلّ وجهه مسودًّا} يقول: وإذا بشّر أحد هؤلاء الّذين جعلوا للّه البنات بولادة ما يضيفه إليه من ذلك له، ظلّ وجهه مسودًّا من كراهته له {وهو كظيمٌ} يقول قد كظم الحزن، وامتلأ غمًّا بولادته له، فهو لا يظهر ذلك.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {ويجعلون للّه البنات سبحانه ولهم ما يشتهون} ثمّ قال: {وإذا بشّر أحدهم بالأنثى ظلّ وجهه مسودًّا وهو كظيمٌ} إلى آخر الآية، يقول: يجعلون للّه البنات ترضونهنّ لي ولا ترضونهنّ لأنفسكم، وذلك أنّهم كانوا في الجاهليّة إذا ولد للرّجل منهم جاريةٌ أمسكها على هونٍ، أو دسّها في التّراب وهي حيّةٌ "
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وإذا بشّر أحدهم بالأنثى ظلّ وجهه مسودًّا وهو كظيمٌ} " وهذا صنيع مشركي العرب، أخبرهم اللّه تعالى ذكره بخبث صنيعهم، فأمّا المؤمن فهو حقيقٌ أن يرضى بما قسم اللّه له، وقضاء اللّه خيرٌ من قضاء المرء لنفسه، ولعمري ما يدري أنّه خيرٌ، لربّ جاريةٍ خيرٌ لأهلها من غلامٍ، وإنّما أخبركم اللّه بصنيعهم لتجتنبوه وتنتهوا عنه، وكان أحدهم يغذو كلبه ويئد ابنته "
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: {وهو كظيمٌ} قال: " حزينٌ "
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، في قوله: {وهو كظيمٌ} قال: " الكظيم: الكميد.
وقد بيّنّا ذلك بشواهده في غير هذا الموضع). [جامع البيان: 14/255-256]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم} قال: هذا صنيع مشركي العرب أخبرهم الله بخبث صنيعهم، فأما المؤمن فهو حقيق أن يرضى بما قسم الله له وقضاء الله خير من قضاء المرء لنفسه، ولعمري ما ندري أنه لخير لرب جارية خير لأهلها من غلام وإنما أخبركم الله بصنيعهم لتجتنبوه وتنتهوا عنه فكان أحدهم يغذو كلبه ويئد ابنته). [الدر المنثور: 9/63-64]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال: كانت العرب يقتلون ما ولد لهم من جارية فيدسونها في التراب وهي حية حتى تموت). [الدر المنثور: 9/64]

تفسير قوله تعالى: (يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يتوارى من القوم من سوء ما بشّر به، أيمسكه على هونٍ أم يدسّه في التّراب، ألا ساء ما يحكمون}.
يقول تعالى ذكره: يتوارى هذا المبشّر بولادة الأنثى من الولد له من القوم، فيغيب عن أبصارهم، {من سوء ما بشّر به} يعني: من مساءته إيّاه مميلاً بين أن يمسكه على هونٍ: أي على هوانٍ، وكذلك ذلك في لغة قريشٍ فيما ذكر لي، يقولون للهوان: الهون، ومنه قول الحطيئة:
فلمّا خشيت الهون والعير ممسكٌ = على رغمه ما أثبت الحبل حافره
وبعض بني تميمٍ جعل الهون مصدرًا للشّيء الهيّن، ذكر الكسائيّ أنّه سمعهم يقولون: إن كنت لقليل هون المؤنة منذ اليوم، قال: وسمعت: الهوان في مثل هذا المعنى، سمعت منهم قائلاً يقول لبعيرٍ له: ما به بأسٌ غير هوانه، يعني خفيف الثّمن، فإذا قالوا: هو يمشي على هونه، لم يقولوه إلاّ بفتح الهاء، كما قال تعالى: {وعباد الرّحمن الّذين يمشون على الأرض هونًا}.
{أم يدسّه في التّراب} يقول: يدفنه حيًّا في التّراب فيئده، كما؛
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: " {أيمسكه على هونٍ أم يدسّه في التّراب} يقول يئد ابنته "
وقوله: {ألا ساء ما يحكمون} يقول: ألا ساء الحكم الّذي يحكم هؤلاء المشركون، وذلك أن جعلوا للّه ما لا يرضون لأنفسهم، وجعلوا لما لا ينفعهم ولا يضرّهم شركًا فيما رزقهم اللّه، وعبدوا غير من خلقهم وأنعم عليهم). [جامع البيان: 14/256-257]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {على هون} أي هوان بلغة قريش). [الدر المنثور: 9/64]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {أم يدسه في التراب} قال: يئد ابنته). [الدر المنثور: 9/64]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {ألا ساء ما يحكمون} قال: بئس ما حكموا، يقول: شيء لا يرضونه لأنفسهم فكيف يرضونه لي). [الدر المنثور: 9/64]

تفسير قوله تعالى: (لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (60) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى ولله المثل الأعلى قال شهادة أن لا إله إلا الله). [تفسير عبد الرزاق: 1/357]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {للّذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السّوء، وللّه المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم}.
وهذا خبرٌ من اللّه جلّ ثناؤه أنّ قوله: {وإذا بشّر أحدهم بالأنثى ظلّ وجهه مسودًّا وهو كظيمٌ}، والآية الّتي بعدها مثلٌ ضربه لهؤلاء المشركين الّذين جعلوا للّه البنات، فبيّن بقوله: {للّذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السّوء} أنّه مثلٌ، وعنى بقوله جلّ ثناؤه: {للّذين لا يؤمنون بالآخرة} للّذين لا يصدّقون بالمعاد والثّواب والعقاب من المشركين {مثل السّوء} وهو القبيح من المثل، وما يسوء من ضرب له ذلك المثل {وللّه المثل الأعلى} يقول: وللّه المثل الأعلى، وهو الأفضل والأطيب، والأحسن، والأجمل، وذلك التّوحيد والإذعان له بأنّه لا إله غيره.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {وللّه المثل الأعلى} قال: " شهادة أن لا إله إلاّ اللّه "
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: " {للّذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السّوء، وللّه المثل الأعلى} الإخلاص والتّوحيد "
وقوله: {وهو العزيز الحكيم} يقول تعالى ذكره: واللّه ذو العزّة الّتي لا يمتنع عليه معها عقوبة هؤلاء المشركين الّذين وصف صفتهم في هذه الآيات، ولا عقوبة من أراد عقوبته على معصيته إيّاه، ولا يتعذّر عليه شيءٌ أراده وشاءه، لأنّ الخلق خلقه، والأمر أمره، الحكيم في تدبيره، فلا يدخل تدبيره خللٌ ولا خطأٌ). [جامع البيان: 14/258-259]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {ولله المثل الأعلى} قال: شهادة أن لا إله إلا الله). [الدر المنثور: 9/64]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله: {ولله المثل الأعلى} قال: يقول ليس كمثله شيء). [الدر المنثور: 9/64]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 25 جمادى الأولى 1434هـ/5-04-2013م, 02:06 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (56)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ويجعلون لما لا يعلمون نصيبًا ممّا رزقناهم} ، يعني: آلهتهم، أي: يجعلون لما لا يعلمون أنّه خلق مع اللّه شيئًا ولا أمات ولا أحيا ولا رزق معه شيئًا {نصيبًا ممّا رزقناهم} ، يعني قوله: {وجعلوا للّه ممّا ذرأ من الحرث والأنعام نصيبًا فقالوا هذا للّه بزعمهم وهذا لشركائنا} وقد فسّرناه قبل هذا الموضع سعيدٌ عن قتادة قال: {ويجعلون لما لا يعلمون نصيبًا ممّا رزقناهم} وهم مشركو العرب جعلوا لأوثانهم وشياطينهم نصيبًا ممّا رزقهم اللّه.
قال: {تاللّه} قسمٌ أقسم بنفسه.
{لتسألنّ عمّا كنتم تفترون} الأوثان تقرّبهم إلى اللّه يقوله لهم لما يقولون إنّ الأوثان تقرّبهم إلى اللّه، وإنّ اللّه أمرهم بعبادتها). [تفسير القرآن العظيم: 1/69]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ويجعلون لما لا يعلمون نصيباً ممّا رزقناهم}، هذا ما كانوا يجعلونه لآلتهم من الحظ في زروعهم وأنعامهم. وقد ذكرناه في سورة الأنعام). [تفسير غريب القرآن: 244]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا ممّا رزقناهم تاللّه لتسألنّ عمّا كنتم تفترون}
هو معنى قوله تعالى: {فقالوا هذا للّه بزعمهم وهذا لشركائنا}
فجعلوا نصيبا يتقربون به إلى الله تعالى، ونصيبا يتقربون به إلى الأصنام والحجارة.
وقوله: {تاللّه لتسألنّ عمّا كنتم تفترون} أي تاللّه لتسألنّ عنه سؤال توبيخ حتى تعترفوا به على أنفسكم.
وتلزموا أنفسكم الحجة). [معاني القرآن: 3/205]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم} يعني ما كانوا يجعلونه لأصنامهم من زرعهم وأنعامهم
كما قال تعالى: {فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا} ). [معاني القرآن: 4/74]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم} هذا ما جعلوا لآلهتهم من الحظ في الزرع وأنعامهم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 131]

تفسير قوله تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ (57)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ويجعلون للّه البنات} قال السّدّيّ: يعني ويصفون للّه البنات.
كان مشركو العرب يقولون: إنّ الملائكة بنات اللّه.
قال اللّه: {سبحانه} ينزّه نفسه عن ما قالوا.
{ولهم ما يشتهون} ، أي: ويجعلون لأنفسهم ما يشتهون، الغلمان). [تفسير القرآن العظيم: 1/69]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ويجعلون للّه البنات سبحانه...}
نصب لأنها مصدر، وفيها معنى من التعّوذ والتنزيه لله عزّ وجلّ. فكأنها بمنزلة قوله: {معاذ الله} وبمنزلة {غفرانك ربنا}.
وقوله: {لهم مّا يشتهون} (ما) في موضع رفع ولو كانت نصباً على: ويجعلون لأنفسهم ما يشتهون لكان ذلك صواباً. وإنما اخترت الرفع لأن مثل ذا من الكلام يجعل مكان لهم لأنفسهم؛ ألا ترى أنك تقول: قد جعلت لنفسك كذا وكذا، ولا تقول: قد جعلت لك. وكلّ فعل أو خافض ذكرته من مكنّى عائد عليه مكنيّاً فاجعل مخفوضه الثاني بالنفس فتقول أنت لنفسك لا لغيرك، ثم تقول في المنصوب أنت قتلت نفسك وفي المرفوع أهلكتك نفسك
ولا تقول أهلكتك. وإنما أراد بإدخال النفس تفرقة ما بين نفس المتكلّم وغيره. فإذا كان الفعل واقعاً من مكنّى على مكنّى سواه لم تدخل النفس. تقول غلامك أهلك مالك ثم تكنى عن الغلام والمال فتقول: هو أهلكه،
ولا تقول: هو أهلك نفسه وأنت تريد المال، وقد تقوله العرب في ظننت وأخواتها من رأيت وعلمت وحسبت فيقولون: أظنّني قائماً، ووجدتني صالحاً؛ لنقصانهما وحاجتهما إلى خبر سوى الاسم.
وربما اضطرّ الشاعر فقال: عدمتني وفقدتني فهو جائز،
وإن كان قليلا؛ قال الشاعر - وهو جران العود -:

لقد كان بي عن ضرّتين عدمتني =وعمّا ألاقي منهما متزحزح
هي الغول والسعلاة حلقي منهما =مخدّش فوق التراقي مكدّح).
[معاني القرآن: 2/106-105]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ويجعلون للّه البنات سبحانه} أي تنزيها له عن ذلك. {ولهم ما يشتهون} يعني البنين). [تفسير غريب القرآن: 244]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ويجعلون للّه البنات سبحانه ولهم ما يشتهون }
لأنهم زعموا أن الملائكة بنات اللّه.
{سبحانه} معناه تنزيه له من السّوء.
{ولهم ما يشتهون} (ما) في موضع رفع لا غير، المعنى سبحانه ولهم الشيء الذي يشتهون كما قال: {أم له البنات ولكم البنون}.
فإن قال قائل لم لا يكون المعنى (ويجعلون لهم ما يشتهون)؟
قيل العرب تستعمل في هذا الموضع: جعل لنفسه ما يشتهي، ولا يقولون جعل زيد له ما يشتهي، وهو يعني نفسه.
ثم أعلم أنهم يجعلون للّه البنات. فقال:{وإذا بشّر أحدهم بالأنثى ظلّ وجهه مسودّا وهو كظيم} ). [معاني القرآن: 3/206-205]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون} أي ولهم البنون). [معاني القرآن: 4/75-74]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وإذا بشّر أحدهم بالأنثى} الّتي جعلها للّه، زعم حيث جعلوا للّه البنات، يعنون الملائكة.
{ظلّ وجهه مسودًّا} أي أقام وجهه.
تفسير السّدّيّ.
{مسودًّا} ومغيّرًا.
{وهو كظيمٌ} قد كظم على الغيظ والحزن.
سعيدٌ عن قتادة قال: هذا فعل مشركي العرب، كان يقتل أحدهم ابنته). [تفسير القرآن العظيم: 1/70-69]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ظلّ وجهه مسودّاً...}
ولو كان (ظلّ وجهه مسودٌ) لكان صواباً تجعل الظلول للرجل ويكون الوجه ومسودّ في موضع نصب كما قال {ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودّةٌ}
والظلول إذا قلت {مسودّاً} للوجه). [معاني القرآن: 2/106]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (وهو كظمٌ) أي يكظم شدة حزنه ووجده ولا يظهره، وهو في موضع كاظم خرج مخرج عليم وعالم). [مجاز القرآن: 1/361]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {الكظيم}: الحزين أشد الحزن من غير أن يظهره). [غريب القرآن وتفسيره: 207]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وهو كظيمٌ} أي حزين قد كظم فلا يشكو ما به). [تفسير غريب القرآن: 244]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وإذا بشّر أحدهم بالأنثى ظلّ وجهه مسودّا وهو كظيم}
فيجعلون لمن يعترفون بأنه خالقهم البنات اللاتي محلهن منهم هذا المحل. ومعنى (ظلّ وجهه مسودّا)، متغيرا تغيّر مغموم.
ويقال لكل من لقي مكروها: قد اسود وجهه غمّا وحزنا.
ومن ذلك قولك سوّدت وجه فلان). [معاني القرآن: 3/206]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا} أي ظل كئيبا مغموما،
والعرب تقول هذا لكل مغموم قد تغير لونه من الغم أسود وجهه). [معاني القرآن: 4/75]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وهو كظيم} الكظيم الحزين الذي يخفي غيظه ولا يشكو ما به). [معاني القرآن: 4/75]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وهو كظيم} أي حزين لا يبدي حزنه، وأصل الكظم الحبس). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 131]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الكَظيمُ}: الحزين). [العمدة في غريب القرآن: 178]

تفسير قوله تعالى: {يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {يتوارى من القوم من سوء ما بشّر به أيمسكه على هونٍ} على هوانٍ.
يقول: كيف يصنع بما بشّر به، أيمسكه أيمسك الّذي بشّر به، الابنة على هوانٍ؟ {أم يدسّه في التّراب} فيقتل ابنته يدفنها حيّةً حتّى تموت مخافة الفاقة.
كان أحدهم يقتل ابنته مخافة أن تأكل معه، مخافة الفاقة، ويغذّي كلبه.
وكانوا يقولون: إنّ الملائكة بنات اللّه، فاللّه صاحب بناتٍ، فألحقوا البنات به.
قال اللّه: {ألا ساء ما} بئس ما {يحكمون} وهذا مثلٌ ضربه اللّه لهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/70]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أيمسكه على هونٍ...}
الهون في لغة قريش: الهوان وبعض بني تميم يجعل الهون مصدراً للشيء الهيّن. قال الكسائيّ: سمعت العرب تقول: إن كنت لقليل هون المؤونة مذ اليوم.
وقال: سمعت الهوان في مثل هذا المعنى من بني إنسان قال: قال لبعير له ما به بأس غير هوانه، يقول: إنه هيّن خفيف الثمن. فإذا قالت العرب: أقبل فلان يمشي على هونه لم يقولوه إلاّ بفتح الهاء، كقوله: {يمشون على الأرض هوناً} وهي السكينة والوقار. ... حدثني شريك عن جابر عن عكرمة ومجاهد في قوله: {يمشون على الأرض هونا} قالا: بالسكينة، والوقار وقوله: {أيمسكه على هونٍ أم يدسّه} يقول: لا يدري أيّهما يفعل: أيمسكه أم يدسّه في التراب، يقول: يدفنها أم يصبر عليها وعلى مكروهها وهي الموءودة، وهو مثل ضربه الله تبارك وتعالى). [معاني القرآن: 2/107-106]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أيمسكه على هونٍ} أي هوان). [مجاز القرآن: 1/361]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {على هون}: على هوان). [غريب القرآن وتفسيره: 207]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أيمسكه على هونٍ} أي على هوان.
{أم يدسّه في التّراب} أي يئده). [تفسير غريب القرآن: 244]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {يتوارى من القوم من سوء ما بشّر به أيمسكه على هون أم يدسّه في التّراب ألا ساء ما }
قيل كان الرجل في الجاهلية إذا حزب امرأته المخاض توارى لكي يعلم ما يولد له، فإن كان ذكرا سرّ به وابتهج، وإن كانت أنثى اكتأب بها وحزن، فمنهم من يئد ولده يدفنها حية، أو يمسكها على كراهة وهوان.
فقال اللّه تعالى: {يتوارى من القوم من سوء ما بشّر به أيمسكه على هون أم يدسّه في التّراب ألا ساء ما يحكمون}.
أي ألا ساء حكمهم في ذلك الفعل وفي جعلهم للّه البنات وجعلهم لأنفسهم البنين، ونسبهم للّه اتخاذ الولد). [معاني القرآن: 3/206]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {يتوارى من القوم من سوء ما بشر به}
يروى أن أحدهم كان إذا ولد له يتوارى في ذلك الوقت أو قبله فإن ولد له ذكر سر به وإن ولدت له أنثى استتر وربما وأدها). [معاني القرآن: 4/75]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم بين ذلك بقوله تعالى: {أيمسكه على هون أم يدسه في التراب} وقرأ الجحدري {أم يدسها في التراب} يردها على قوله بالأنثى ويلزمه أن يقرأ أيمسكها
وقرأ عيسى بن عمر أيمسكه على هوان وقال هوان وهون واحد وقرأ الأعمش أيمسكه على سوء
وحكى أبو عبيد عن الكسائي قال في لغة قريش الهون والهوان بمعنى واحد وقال لغة بني تميم يجعل الهون مصدر الشيء الهين). [معاني القرآن: 4/76]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ألا ساء ما يحكمون} لأنهم جعلوا لله البنات وهم يكرهونها هذه الكراهية). [معاني القرآن: 4/77-76]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {على هون} أي هوان.
{أم يدسه في التراب} أي يئده). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 131]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الهُونِ}: الهوان والذل). [العمدة في غريب القرآن: 178]
تفسير قوله تعالى: {لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (60)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (ثمّ قال: {للّذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السّوء وللّه المثل الأعلى} إنّه: {لم يتّخذ ولدًا ولم يكن له شريكٌ في الملك}
قال: {وهو العزيز الحكيم} سعيدٌ عن قتادة في قوله: {وللّه المثل الأعلى} قال: الإخلاص والتّوحيد). [تفسير القرآن العظيم: 1/70]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {للّذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السّوء...}
ولو كان {مثل السّوء} نصباً لجاز، فيكون في المعنى على قولك: ضرب للذين لا يؤمنون مثل السوء، كما كان في قراءة أبيّ (وضرب مثلاً كلمةً خبيثةً) وقراءة العوامّ ها هنا وفي إبراهيم بالرفع لم نسمع أحداً نصب). [معاني القرآن: 2/107]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وللّه المثل الأعلى}: شهادة أن لا إله إلا هو). [تفسير غريب القرآن: 244]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى} وروى سعيد عن قتادة قال المثل الأعلى الإخلاص والتوحيد المعنيان واحد أي لله جل وعز التوحيد ونفى كل معبود دونه). [معاني القرآن: 4/77]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ولله المثل الأعلى} أي شهادة أن لا إله إلا الله). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 131]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 25 جمادى الأولى 1434هـ/5-04-2013م, 02:15 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]



تفسير قوله تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (56) }

تفسير قوله تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ (57) }

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) }
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
فما لك إذ مررت على حنين = كظيما مثل ما زفر اللهيد
...
و(كظيم) ساكت على حُزْن.
...
قال: (الكظيم) و(المكظوم) الذي أخذ بنفسه). [شرح أشعار الهذليين: 1/334] (م)

تفسير قوله تعالى: {يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59) }

تفسير قوله تعالى: {لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (60) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 14 ذو القعدة 1439هـ/26-07-2018م, 11:54 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 14 ذو القعدة 1439هـ/26-07-2018م, 11:55 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 14 ذو القعدة 1439هـ/26-07-2018م, 12:00 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (56)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم تالله لتسألن عما كنتم تفترون ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من
[المحرر الوجيز: 5/370]
القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون}
الضمير في "يجعلون" للكفار، ويريد بـ "ما لا يعلمون " الأصنام، أي: لا يعلمون فيهم حجة ولا برهانا، ويحتمل أن يريد بقوله: "يعلمون" الأصنام، أي: يجعلون لجمادات وهي لا تعلم شيئا- نصيبا، فالمفعول محذوف، ثم عبر عنهم بعبارة من يعقل بحسب مذهب الكفار الذين يسندون إليها ما يسند إلى من يعقل، وبحسب أنه إسناد منفي، وهذا كله ضعيف. و"النصيب" المشار إليه هو ما كانت العرب سنته من الذبح لأصنامها، والإهداء إليها، والقسم لها من الغلات.
ثم أمر الله تبارك وتعالى نبيه عليه الصلاة والسلام أن يقسم لهم أنهم سيسألون على افترائهم في أن تلك السنن هي الحق الذي أمر الله به كما قال بعضهم، و"الفرية" اختلاق الكذب). [المحرر الوجيز: 5/371]

تفسير قوله تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ (57)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ويجعلون لله البنات} الآية. هذا تعديد لقبح قول الكفار: "الملائكة بنات الله"، ورد عليهم من وجهين: أحدهما نسبة النسل إلى الله تعالى عن ذلك، والآخر أنهم نسبوا من النسل الأخس المكروه عندهم، و"ما" في قوله: {ما يشتهون} مرتفعة بالابتداء، والخبر في المجرور، وأجاز الفراء أن تكون في موضع نصب عطفا على "البنات"، والبصريون لا يجيزون هذه الآية من باب: ضربني، وكان يلزم عندهم أن يكون: "ولأنفسهم ما يشتهون"، والمراد بـ ما يشتهون الذكران من الأولاد). [المحرر الوجيز: 5/371]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وإذا بشر أحدهم} الآية. لما صرح بالشيء المبشر به حسن ذكر البشارة فيه، وإلا فالبشارة مطلقة لا تكون إلا في خير. وقوله: {ظل وجهه مسودا} عبارة عن العبوس والقطوب الذي يلحق المغموم، وقد يعلو وجه المغموم سواد
[المحرر الوجيز: 5/371]
وزبد، وتذهب شراقته، فلذلك يذكر له السواد. و"كظيم" بمعنى كاظم كعليم وعالم، والمعنى أنه يخفي وجهه وهمه بالأنثى). [المحرر الوجيز: 5/373]

تفسير قوله تعالى: {يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: {يتوارى من القوم} الآية، هذا التواري الذي ذكر الله تعالى إنما هو بعد البشارة بالأنثى، وما يحكى أن الرجل منهم كان إذا أصاب امرأته الطلق; توارى حتى يخبر بأحد الأمرين. فليس المراد في الآية. ويشبه أن ذلك كان لكي: إذن أخبر بسار خرج، وإن أخبر بسوء بقي على تواريه ولم يحتج إلى إحداثه. ومعنى "يتوارى": يتغيب، وتقدير الكلام: يتوارى من القوم مدبرا، أيمسكه أم يدسها؟ وقرأت فرقة: "أيمسكه" على لفظ "ما"، "أم يدسها" على معنى الأنثى. وقرأ الجحدري: "أيمسكها"، "أم يدسها" على معنى الأنثى في الموضعين. وقرأ الجمهور: "على هون" بضم الهاء، وقرأت فرقة بفتحها، وقرأ عيسى بن عمر: "على هوان" وهي قراءة عاصم الجحدري، وقرأ الأعمش: "على سوء"، ومعنى الآية: يدبر: أيمسك هذه الأنثى على هوان يتحمله، وهم يتخلد له، أم يئدها فيدفنها حية، فهو الدس في التراب، ثم استفتح الله تعالى الإخبار عن سوء فعلهم وحكمهم بهذا في بناتهم ورزق الجميع على الله). [المحرر الوجيز: 5/373]

تفسير قوله تعالى: {لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (60)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون}
قالت فرقة: "مثل" هنا بمعنى صفة، أي: لهؤلاء صفة السوء، ولله الوصف الأعلى، وهذا لا يضطر إليه؛ لأنه خروج عن اللفظ، بل قوله: "مثل" على حاله، وذلك أنهم إذا قالوا: "إن البنات لله" فقد جعلوا له مثلا فالبنات من البشر، وكثرة البنات عندهم مكروه ذميم، فهو المثل السوء الذي أخبر الله تعالى أنه لهم ليس في البنات فقط، لكن لما جعلوه هم في البنات جعله هو لهم على الإطلاق في كل سوء، ولا غاية بعد عذاب النار.
[المحرر الوجيز: 5/372]
وقوله: {ولله المثل الأعلى} على الإطلاق أيضا، أي: الكمال المستقر، وقال قتادة: المثل الأعلى: لا إله إلا الله. وباقي الآية بين). [المحرر الوجيز: 5/373]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 25 ذو الحجة 1439هـ/5-09-2018م, 08:01 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 25 ذو الحجة 1439هـ/5-09-2018م, 08:03 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (56)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ويجعلون لما لا يعلمون نصيبًا ممّا رزقناهم تاللّه لتسألنّ عمّا كنتم تفترون (56) ويجعلون للّه البنات سبحانه ولهم ما يشتهون (57) وإذا بشّر أحدهم بالأنثى ظلّ وجهه مسودًّا وهو كظيمٌ (58) يتوارى من القوم من سوء ما بشّر به أيمسكه على هونٍ أم يدسّه في التّراب ألا ساء ما يحكمون (59) للّذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السّوء وللّه المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم (60)}
يخبر تعالى عن قبائح المشركين الّذين عبدوا مع اللّه غيره من الأصنام والأوثان والأنداد، وجعلوا لها نصيبًا ممّا رزقهم اللّه فقالوا: {هذا للّه بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى اللّه [بغير علمٍ] وما كان للّه فهو يصل إلى شركائهم} [الأنعام: 136] أي: جعلوا لآلهتهم نصيبًا مع اللّه وفضّلوهم أيضًا على جانبه، فأقسم اللّه تعالى بنفسه الكريمة ليسألنّهم عن ذلك الّذي افتروه، وائتفكوه، وليقابلنّهم عليه وليجازينّهم أوفر الجزاء في نار جهنّم، فقال: {تاللّه لتسألنّ عمّا كنتم تفترون}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 577]

تفسير قوله تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ (57) وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ أخبر تعالى عنهم أنّهم جعلوا الملائكة الّذين هم عباد الرّحمن إناثًا، وجعلوها بنات اللّه، وعبدوها معه، فأخطؤوا خطأً كبيرًا في كلّ مقامٍ من هذه المقامات الثّلاث، فنسبوا إليه تعالى أنّ له ولدًا، ولا ولد له! ثمّ أعطوه أخسّ القسمين من الأولاد وهو البنات، وهم لا يرضونها لأنفسهم، كما قال: {ألكم الذّكر وله الأنثى تلك إذًا قسمةٌ ضيزى} [النّجم: 21، 22] وقال هاهنا: {ويجعلون للّه البنات سبحانه} أي: عن قولهم وإفكهم {ألا إنّهم من إفكهم ليقولون ولد اللّه وإنّهم لكاذبون أصطفى البنات على البنين ما لكم كيف تحكمون} [الصافات: 151 -154].
وقوله: {ولهم ما يشتهون} أي: يختارون لأنفسهم الذّكور ويأنفون لأنفسهم من البنات الّتي نسبوها إلى اللّه، تعالى اللّه عن قولهم علوًّا كبيرًا، فإنّه {وإذا بشّر أحدهم بالأنثى ظلّ وجهه مسودًّا} أي: كئيبًا من الهمّ، {وهو كظيمٌ} ساكتٌ من شدّة ما هو فيه من الحزن). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 577-578]

تفسير قوله تعالى: {يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59) لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (60)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يتوارى من القوم} أي: يكره أن يراه النّاس {من سوء ما بشّر به أيمسكه على هونٍ أم يدسّه في التّراب} أي: إن أبقاها أبقاها مهانةً لا يورّثها، ولا يعتني بها، ويفضّل أولاده الذّكور عليها، {أم يدسّه في التّراب} أي: يئدها: وهو: أن يدفنها فيه حيّةً، كما كانوا يصنعون في الجاهليّة، أفمن يكرهونه هذه الكراهة ويأنفون لأنفسهم عنه يجعلونه للّه؟ {ألا ساء ما يحكمون} أي: بئس ما قالوا، وبئس ما قسموا، وبئس ما نسبوا إليه، كما قال تعالى: {وإذا بشّر أحدهم بما ضرب للرّحمن مثلا ظلّ وجهه مسودًّا وهو كظيمٌ} [الزّخرف: 17]، وقال هاهنا: {للّذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السّوء} أي: النّقص إنّما ينسب إليهم، {وللّه المثل الأعلى} أي: الكمال المطلق من كلّ وجهٍ، وهو منسوبٌ إليه، {وهو العزيز الحكيم}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 578]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:19 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة