العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > التفسير اللغوي > جمهرة التفسير اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 شعبان 1431هـ/18-07-2010م, 03:19 PM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي التفسير اللغوي لسورة الروم

التفسير اللغوي لسورة الروم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11 ذو القعدة 1431هـ/18-10-2010م, 07:17 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 1 إلى 16]

{الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6) يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7) أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ (8) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (9) ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ (10) اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (11) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (12) وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ (13) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (14) فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (15) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآَخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (16) }

تفسير قوله تعالى:{الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {الم} قد فسّرناه في أوّل سورة البقرة). [تفسير القرآن العظيم: 2/643]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (وقوله: {غلبت الرّوم} [الروم: 2] غلبتهم فارس). [تفسير القرآن العظيم: 2/643]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({في أدنى الأرض} [الروم: 3] قال السّدّيّ: يعني: أرض الأردنّ وفلسطين.
وقال يحيى: {أدنى الأرض} [الروم: 3] أرض الرّوم بأذرعاتٍ من الشّام، بها كانت الوقعة فلمّا بلغ ذلك أهل مكّة شمتوا أن غلب إخوانهم على أهل الكتاب، وكان المسلمون يعجبهم أن تظهر الرّوم على فارس لأنّ الرّوم أهل كتابٍ، وكان مشركو العرب يعجبهم أن تظهر المجوس على أهل الكتاب.
قال اللّه تبارك وتعالى: {وهم من بعد غلبهم} [الروم: 3]، يعني: الرّوم من بعد ما غلبتهم فارس.
[تفسير القرآن العظيم: 2/643]
{سيغلبون} [الروم: 3] فارس). [تفسير القرآن العظيم: 2/644]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({في بضع سنين للّه الأمر من قبل} [الروم: 4] أن تهزم الرّوم.
{ومن بعد} [الروم: 4] ما هزمت.
{ويومئذٍ} يوم تغلب الرّوم فارس.
{يفرح المؤمنون {4} بنصر اللّه ينصر من يشاء وهو العزيز الرّحيم {5}} [الروم: 4-5] قال أبو بكرٍ للمشركين: لم تشمتون، فواللّه لتظهرنّ الرّوم على فارس إلى ثلاث سنين، فقال أبيّ بن خلفٍ: أنا أبايعك ألا تظهر الرّوم على فارس إلى ثلاث سنين، فتبايعا على خطارٍ: سبعٍ من الإبل، ثمّ رجع أبو بكرٍ إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فأخبره، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه
وسلّم: اذهب فبايعهم إلى سبع سنين، مدّ في الأجل، وزد في الخطار، ولم يكن حرّم ذلك يومئذٍ، وإنّما حرّم القمار، وهو الميسر، والخمر بعد غزوة الأحزاب، فرجع أبو بكرٍ إليهم، فقال: اجعلوا الوقت إلى سبع سنين وأزيدكم في الخطار، ففعلوا فزادوا في الخطار ثلاثًا فصارت عشرًا من الإبل، وفي السّنين أربعًا، فكانت السّنون سبعًا، ووضع الخطار على يدي أبي بكرٍ، فلمّا مضت ثلاث
سنين قال المشركون: قد مضى الوقت، فقال المسلمون: هذا قول ربّنا وتبليغ رسولنا، والبضع ما بين الثّلاث إلى التّسع ما لم يبلغ العشر، والموعود كائنٌ، فلمّا كان تمام سبع سنين ظهرت الرّوم على فارس، وكان اللّه تبارك وتعالى وعد المؤمنين أن إذا غلبت الرّوم فارس أظهرهم على المشركين، فظهرت الرّوم على فارس، والمؤمنون على المشركين في يومٍ واحدٍ، يوم بدرٍ، وفرح
المسلمون بذلك وبأن صدق اللّه قولهم وصدق رسولهم.
[تفسير القرآن العظيم: 2/644]
قال: {ويومئذٍ يفرح المؤمنون {4} بنصر اللّه ينصر من يشاء وهو العزيز الرّحيم {5}). [تفسير القرآن العظيم: 2/645]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (قوله: {غلبت الرّوم...}
القراء مجتمعون على {غلبت} إلاّ ابن عمر فإنه قرأها : {غلبت الرّوم}, فقيل له: علام غلبوا؟ فقال: (على أدنى ريف الشأم). والتفسير يردّ قول ابن عمر, وذلك أن فارس ظفرت بالروم فحزن لذلك المسلمون، وفرح مشركو أهل مكّة؛ لأن أهل فارس يعبدون الأوثان , ولا كتاب لهم، فأحبّهم المشركون لذلك، , ومال المسلمون إلى الروم، لأنهم ذوو كتابٍ , ونبوة, والدليل على ذلك قول الله : {وهم مّن بعد غلبهم سيغلبون} .ثم قال بعد ذلك: ويوم يغلبون يفرح المؤمنون إذا غلبوا, وقد كان ذلك كلّه.). [معاني القرآن: 2/319]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {مّن بعد غلبهم}: كلام العرب غلبته غلبةً، فإذا أضافوا , أسقطوا الهاء كما أسقطوها في قوله: {وإقام الصّلاة} , والكلام : إقامة الصّلاة.). [معاني القرآن: 2/319]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {للّه الأمر من قبل ومن بعد...}القراءة بالرفع بغير تنوينٍ؛ لأنهما في المعنى يراد بهما الإضافة إلى شيء لا محالة, فلمّا أدّتا عن معنى ما أضيفتا إليه , وسموهما بالرفع , وهما مخفوضتان؛ ليكون الرفع دليلاً على ما سقط ممّا أضفتهما إليه, وكذلك ما أشبههما، كقول الشاعر:
= إن تأت من تحت أجئها من عل
ومثله قول الشاعر:
إذا أنا لم أومن عليك ولم يكن = لقاؤك إلاّ من وراء وراء
ترفع إذا جعلته غايةً , ولم تذكر بعده الذي أضفته إليه , فإن نويت أن تظهره , أو أظهرته قلت: لله الأمر من قبل ومن بعد, كأنك أظهرت المخفوض الذي أسندت إليه (قبل) و(بعد).
وسمع الكسائيّ بعض بني أسدٍ يقرؤها : {للّه الأمر من قبل ومن بعد}, يخفض (قبل) , ويرفع (بعد) على ما نوى , وأنشدني هو , يعني: الكسائيّ:
أكابدها حتى أعرّس بعد ما = يكون سحيراً أو بعيد فأهجعا
أراد بعيد السحّر , فأضمره, ولو لم يرد ضمير الإضافة لرفع , فقال: بعيد, ومثله قول الشّاعر:
لعمرك ما أدري وإني لأوجل= على أيّنا تعدو المنيّة أوّل
رفعت (أوّل) لأنه غاية؛ ألا ترى أنها مسندة إلى شيء , هي أوّله؛ كما تعرف أنّ (قبل) لا يكون إلاّ قبل شيء، وأنّ (بعد) كذلك, ولو أطلقتهما بالعربيّة فنوّنت , وفيهما معنى الإضافة فخفضت في الخفض , ونوّنت في النصب والرفع ؛ لكان صواباً، قد سمع ذلك من العرب، وجاء في أشعارها، فقال بعضهم:
وساغ لي الشراب وكنت قبلاً = أكاد أغصّ بالماء الحميم
فنوّن , وكذلك تقول: جئتك من قبل فرأيتك, وكذلك قوله:
مكرٍّ مفرٍّ مقبل مدبرٍ معاً= كجلمود صخرٍ حطّه السيل من عل
فهذا مخفوض, وإن شئت نوّنت , وأن شئت لم تنون على نيّتك, وقال الآخر فرفع:
كأنّ محطّا في يدي حارثيّةٍ = صناعٍ علت منّي به الجلد من عل
المحطّ: منقاش تشم به يدها.وأمّا قول الآخر:
هتكت به بيوت بني طريفٍ = على ما كان قبلٌ من عتاب
فنوّن ورفع فإن ذلك لضرورة الشعر، كما يضطرّ إليه الشاعر فينوّن في النداء المفرد , فيقول: يا زيدٌ أقبل, قال:
قدّموا إذ قيل قيسٌ قدّموا = وارفعوا المجد بأطراف الأسل
وأنشدني بعض بني عقيل:
ونحن قتلنا الأسد أسد شنوءة = فما شربوا بعدٌ على لذّة خمرا
ولو ردّه إلى النصب إذ نوّن كان وجهاً؛ كما قال:
وساغ لي الشراب وكنت قبلاً = أكاد أغصّ بالماء الحميم
وكذلك النداء لو ردّ النصب إذا نوّن فيه كان وجهاً؛ كما قال:
فطر خالداً إن كنت تسطيع طيرةً = ولا تقعن إلاّ وقلبك حاذر
ولا تنكرنّ أن تضيف قبل وبعد وأشباههما , وإن لم يظهر فقد قال:
إلاّ بداهة أو علالة = سابحٍ نهد الجزاره
وقال الآخر:
يا من يرى عرضاً أكفكفه = بين ذراعي وجبهة الأسد
وسمعت أبا ثروان العكلي يقول: قطع الله الغداة يد , ورجل من قاله, وإنما يجوز هذا في الشيئين يصطحبان؛ مثل اليد والرجل، ومثل قوله: عندي نصف , أو ربع درهمٍ، وجئتك قبل , أو بعد العصر. ولا يجوز في الشيئين يتباعدان؛ مثل الدار والغلام: فلا تجيزنّ: اشتريت دار أو غلام زيد؛ ولكن عبد أو أمة زيدٍ، وعين أو أذن، ويد أو رجل، وما أشبهه.). [معاني القرآن: 2/319-322]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ الم غلبت الرّوم }: ساكن لأنه جرى مجرى فواتح سائر السور اللواتي مجازهن مجاز حروف التهجي , ومجاز موضعه في المعنى , كمجار ابتداء فواتح سائر السور.). [مجاز القرآن: 2/119]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({في بضع سنين }, والبضع ما بين ثلاث سنين , وخمس سنين.). [مجاز القرآن: 2/119]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({الـم (1)غلبت الرّوم (2) في أدنى الأرض وهم مّن بعد غلبهم سيغلبون(3)}قال: {الـم(1) غلبت الرّوم(2)وهم مّن بعد غلبهم سيغلبون(3)}: أي: من بعدما غلبوا, وقال بعضهم : {غلبت} , و{سيغلبون}؛ لأنهم كانوا حين جاء الإسلام غلبوا , ثم غلبوا حين كثر الإسلام.). [معاني القرآن: 3/26]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({في بضع سنين للّه الأمر من قبل ومن بعد ويومئذٍ يفرح المؤمنون}وقال: {من قبل ومن بعد} , رفع لأن "قبل" , و"بعد" مضمومتان ما لم تضفهما لأنهما غير متمكنتين ,فإذا أضفتهما تمكنتا.). [معاني القرآن: 3/26]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({بضع سنين}: قالوا مابين الواحد إلى الأربع). [غريب القرآن وتفسيره: 297]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({الم (1) غلبت الرّوم في أدنى الأرض} , مفسر في كتاب «تأويل مشكل القرآن».). [تفسير غريب القرآن: 340]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ}.كانت (فارس) غلبت (الروم) على أرض الجزيرة، وهي أدنى أرض الروم من سلطان فارس، فسرّ بذلك مشركو قريش.
وكان المسلمون يحبّون أن تظهر الروم على أهل فارس؛ لأن الروم أهل كتاب، وأهل فارس مجوس، فساءهم أن غلبوهم على شيء من بلادهم، فأنزل الله تعالى: {وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ} أي: والروم من بعد أن غلبوا {سَيَغْلِبُونَ} أهل فارس. وغلبهم يكون للغالبين والمغلوبين جميعا، كما تقول: والشهداء من بعد قتلهم سيرزقون، أي: من بعد أن قتلوا). [تأويل مشكل القرآن: 538] (م)

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({في بضع سنين} والبضع: ما فوق الثلاث ودون العشر. فغلبت الروم أهل فارس وأخرجوهم من بلادهم يوم الحديبية.{لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} أي: له الغلبة لمن شاء من قبل ومن بعد {وَيَوْمَئِذٍ} أي: يوم يغلب الروم أهل فارس {يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ} أهل الكتاب على المجوس). [تأويل مشكل القرآن: 538] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله عزّ وجلّ: {الم (1) غلبت الرّوم (2)}, قد شرحنا ما جاء في {الم} ).[معاني القرآن: 4/175]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقرئت : (غلبت) بضم الغين.
وقرأ أبو عمرو : (غلبت) بفتح الغين , والمعنى على {غلبت} , وهي إجماع القراء. وذلك أن فارس كانت قد غلبت الروم في ذلك الوقت، والروم مغلوبة, فالقراءة : غلبت .). [معاني القرآن: 4/175]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون (3)}: قيل : في أطراف الشام، وتأويله : أدنى الأرض من أرض العرب.
وقوله:{وهم من بعد غلبهم سيغلبون (3) في بضع سنين}هذه من الآيات التي تدل على أن القرآن من عند اللّه؛ لأنه أنبأ بما سيكون، وهذا لا يعلمه إلا اللّه عزّ وجلّ , وكان المشركون سرّوا بأن غلبت فارس الرّوم، وذلك لأنّهم قالوا: أئنكم أيها المسلمون تزعمون بأنكم تنصرون بأنكم أهل كتاب، فقد غلبت فارس الروم, وفارس ليست أهل كتاب، والروم أهل كتاب، فكذلك سنغلبكم نحن.
فأعلم اللّه عزّ وجلّ أن الروم سيغلبون في بضع سنين، وسيسرّ المسلمون بذلك , فراهن المسلمون المشركين, وبايعوهم على صحة هذا الخبر.
والبضع : ما بين الثلاث إلى التسع، فلما مضى بعض البضع طالب المشركون المسلمين , وقالوا : قد غلبناكم، لأنه قد مضت بضع سنين , ولم تغلب الروم فارس، واحتج عليهم المسلمون بأن البضع لم يكمل، وزادوهم , وأخروهم إلى تمام البضع، فغلبت الروم فارس , وقمر المسلمون , وذلك قبل أن يحرّم القمار , وفرح المسلمون , وخزي الكافرون.
وقوله عزّ وجلّ: {للّه الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون (4)} القراءة الضم، وعليه أهل العربية، والقراء كلّهم مجمعون عليه، فأمّا النحويون فيجيزون من قبل ومن بعد بالتنوين.
وبعضهم يجيز من قبل ومن بعد بغير تنوين، وهذا خطأ لأن قبل وبعد ههنا أصلهما الخفض , ولكن بنيتا على الضم؛ لأنهما غايتان.ومعنى (غاية) : أن الكلمة حذفت منها الإضافة، وجعلت غاية الكلمة ما بقي بعد الحذف, وإنما بنيتا على الضم؛ لأن إعرابهما في الإضافة النصب , والخفض.تقول: رأيته قبلك ومن قبلك، ولا يرفعان لأنهما لا يحدّث عنهما لأنهما استعملتا ظرفين، فلما عدلا عن بابهما حركا بغير الحركتين اللتين كانتا تدخلان عليهما بحق الإعراب.
فأمّا وجوب ذهاب إعرابهما، وبناؤهما , فلأنهما عرفا من غير جهة التعريف، لأنه حذف منهما ما أضيفتا إليه.
والمعنى : للّه الأمر من قبل أن يغلب الروم , ومن بعد ما غلبت، وأما الخفض والتنوين , فعلى من جعلهما نكرتين.المعنى: للّه الأمر من تقدّم , وتأخّر, والضم أجود، فأما الكسر بلا تنوين , فذكر الفراء : أنه تركه على ما كان يكون عليه في الإضافة , ولم ينوّن، واحتج بقول الأول:بين ذراعي وجبهة الأسد وبقوله:
= ألا غلالة أو بداهة قارح نهد الجرارة
وليس هذا كذلك ؛ لأن معنى بين ذراعي وجبهة الأسد, بين ذراعيه وجبهته , فقد ذكر أحد المضافين إليهما، وذلك لو كان للّه الأمر من قبل ومن بعد كذا لجاز , وكان المعنى من قبل كذا ومن بعد كذا, وليس هذا القول مما يعرّج عليه , ولا قاله أحد من النحويين المتقدمين.
وقوله عزّ وجلّ: {من بعد غلبهم}الغلب , والطلب مصدران، تقول: غلبت غلبا، وطلبت طلبا.وزعم بعض النحويين أنه في الأصل من بعد غلبتهم، وذكر أن الإضافة لما وقعت حذفت هاء الغلبة، وهذا خطأ.الغلبة , والغلب مصدر غلبت , مثل : الجلب والجلبة.). [معاني القرآن: 4/177]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (من ذلك قوله جل وعز: {الم غلبت الروم في أدنى الأرض}
قال مجاهد : (هي الجزيرة , كانت أقرب أرض الروم إلى فارس).
حدثنا محمد بن سلمة الأسواني , قال: حدثنا محمد بن سنجر , قال : حدثنا معاوية بن عمرو , قال : حدثنا أبو إسحاق الفزاري , عن سفيان الثوري , عن حبيب بن أبي عمرة , عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : في قول الله جل وعز: {الم غلبت الروم} , قال: (كان المشركون يحبون أن تظهر فارس على الروم ؛ لأنهم أهل أوثان , وكان المسلمون يحبون أن تظهر الروم على فارس ؛ لأنهم أهل الكتاب فذكر لأبي بكر , فذكره أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أما إنهم سيغلبون)) .قال : فذكره أبو بكر لهم , فقالوا : اجعل بيننا وبينك أجلا , فإن ظهرنا , كان لنا كذا وكذا , وإن ظهرتم كان لكم كذا وكذا , فجعل أجلا خمس سنين فلم يظهروا , فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم , فقال : ((ألا جعلتها ما دون أراه))
قال: دون العشر-قال سعيد : والبضع ما دون العشر- ثم ظهرت الروم بعد ذلك , فذلك قوله جل وعز: {الم غلبت الروم في أدنى الأرض} , إلى قوله: {ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله}) .
قال الشعبي : (وكان القمار ذلك الوقت حلالا)
قال : وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر : ((كم البضع ؟)). قال : ما بين الثلاث إلى التسع).
وقرأ عبد الله بن عمر : (غلبت الروم) بفتح الغين واللام , وقال : (غلبت على أدنى ريف الشام).
قال أبو جعفر : المعنى على قراءة من قرأ : (غلبت الروم و هم من بعد غلبهم سيغلبون) : الروم من بعد غلبهم , أي : من بعد أن غلبوا سيغلبون . ومن قرأ : (سيغلبون) , فالمعنى عنده :وفارس من بعد غلبهم ,أي : من بعد أن غلبوا , سيغلبون.). [معاني القرآن: 5/241-243]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {في بضع سنين}البضع عند قتادة : أكثر من الثلاث , ودون العشر .
وعند الأخفش ,
والفراء : ما دون العشر .
وعند أبي عبيدة : ما بين ثلاث وخمس .
وحكى أبو زيد : بضع , وهو مشتق من قولهم بضعة إذا قطعه , ومنه بضعة من لحم , ومنه هو يملك بضع المرأة, إنما هو كناية عن عضوها .
وفي رواية ابن أبي طلحة , عن ابن عباس :{في أدنى الأرض }, قال : (يقول : في طرف الشام).
قال أبو جعفر : التقدير في أدنى الأرض من فارس .ثم قال جل وعز: {لله الأمر من قبل ومن بعد}
قال محمد بن يزيد : إذا قلت من قبل ومن بعد , فمعناه : من قبل ما تعلم , ومن بعد ما تعلم , ومن قبل كل شيء , ومن بعد كل شيء .
قال أبو جعفر : المعنى لله القضاء بالغلبة من قبل الغلبة , ومن بعدها .
ثم قال جل وعز: {ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله} أي : يفرحون بنصر الله الروم ؛ لأنهم أهل كتاب على فارس , وهم مجوس , ويفرحون بالآية العظيمة التي لا يعلمها إلا الله جل وعز ؛ لأنه خبرهم بما سيكون.).[معاني القرآن: 5/243-245]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({بِضْعِ}: من ثلاثة إلى تسع.). [العمدة في غريب القرآن: 238]

تفسير قوله تعالى: (بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({في بضع سنين للّه الأمر من قبل} [الروم: 4] أن تهزم الرّوم.
{ومن بعد} [الروم: 4] ما هزمت.
{ويومئذٍ} يوم تغلب الرّوم فارس.
{يفرح المؤمنون {4} بنصر اللّه ينصر من يشاء وهو العزيز الرّحيم {5}} [الروم: 4-5] قال أبو بكرٍ للمشركين: لم تشمتون، فواللّه لتظهرنّ الرّوم على فارس إلى ثلاث سنين، فقال أبيّ بن خلفٍ: أنا أبايعك ألا تظهر الرّوم على فارس إلى ثلاث سنين، فتبايعا على خطارٍ: سبعٍ من الإبل، ثمّ رجع أبو بكرٍ إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فأخبره، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه
وسلّم: اذهب فبايعهم إلى سبع سنين، مدّ في الأجل، وزد في الخطار، ولم يكن حرّم ذلك يومئذٍ، وإنّما حرّم القمار، وهو الميسر، والخمر بعد غزوة الأحزاب، فرجع أبو بكرٍ إليهم، فقال: اجعلوا الوقت إلى سبع سنين وأزيدكم في الخطار، ففعلوا فزادوا في الخطار ثلاثًا فصارت عشرًا من الإبل، وفي السّنين أربعًا، فكانت السّنون سبعًا، ووضع الخطار على يدي أبي بكرٍ، فلمّا مضت ثلاث
سنين قال المشركون: قد مضى الوقت، فقال المسلمون: هذا قول ربّنا وتبليغ رسولنا، والبضع ما بين الثّلاث إلى التّسع ما لم يبلغ العشر، والموعود كائنٌ، فلمّا كان تمام سبع سنين ظهرت الرّوم على فارس، وكان اللّه تبارك وتعالى وعد المؤمنين أن إذا غلبت الرّوم فارس أظهرهم على المشركين، فظهرت الرّوم على فارس، والمؤمنون على المشركين في يومٍ واحدٍ، يوم بدرٍ، وفرح
المسلمون بذلك وبأن صدق اللّه قولهم وصدق رسولهم.
[تفسير القرآن العظيم: 2/644]
قال: {ويومئذٍ يفرح المؤمنون {4} بنصر اللّه ينصر من يشاء وهو العزيز الرّحيم {5}). [تفسير القرآن العظيم: 2/645] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
({يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ} أهل الكتاب على المجوس.


قال الشّعبي في سورة الفتح: (أنزلت بعد الحديبية، فغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وبايعوه مبايعة الرّضوان، وأطعموا نخل خيبر، وظهرت الرّوم على فارس، وفرح المؤمنون بتصديق كتاب الله، وظهرت الروم على المجوس)).
[تأويل مشكل القرآن: 424]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (هل: تكون للاستفهام، ويدخلها من معنى التقوير والتّوبيخ ما يدخل الألف التي يستفهم بها، كقوله تعالى: {هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ}، وهذا استفهام فيه تقرير وتوبيخ.
وكذلك قوله تعالى: {هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ}). [تأويل مشكل القرآن: 538] (م)

تفسير قوله تعالى:{وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وعد اللّه لا يخلف اللّه وعده ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون {6}} [الروم: 6]، يعني: المشركين لا يعلمون.
- حدّثني عثمان، عن نعيم بن عبد اللّه، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إذا مات كسرى فلا كسرى بعده، وإذا مات قيصر فلا قيصر بعده».
قال يحيى: يعني: ملك الرّوم بالشّام.
- وحدّثني شريك بن عبد اللّه، عن عبد الملك بن عميرٍ، عن جابر بن سمرة، عن عتبة بن نافعٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «تقاتلون فارس فيفتح اللّه عليكم، وتقاتلون جزيرة العرب فيفتح اللّه عليكم، ثمّ تقاتلون الرّوم فيفتح اللّه عليكم، وتقاتلون الدّجّال فيفتح اللّه عليكم».
قال: فكان عتبة بن نافعٍ يحلف باللّه لا يخرج الدّجّال حتّى تفتح الرّوم.
- إبراهيم بن محمّدٍ، عن محمّد بن المنكدر، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إذا بلغ ملك العرب أرض بني إسرائيل لم يخرج منها أبدًا»). [تفسير القرآن العظيم: 2/645]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({ وعد الّله لا يخلف الله وعده }: وعد الله " منصوب من موضعين:

أحدهما: على قولك: وهم من بعد غلبهم سيغلبون، وعداً من الله, فصار في موضع مصدر " سيغلبون " , وقد ينصبون المصدر إذا كان غير المصدر الفعل الذي قبله لأنه في موضع مصدر ذلك الفعل،
والثاني: لأنه قد يجوز أن يكون في موضع " فعل " وفي موضع " يفعل " منه , قال أبو عمرو بن العلاء , والبيت لكعب:
تسعى الوشاة جنابيها وقيلهم= إنك يا بن أبي سلمى لمقتول
أي : ويقولون , فلذاك نصب " وقيلهم ")). [مجاز القرآن: 2/119]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وعد اللّه لا يخلف اللّه وعده ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون (6)}القراءة النصب في وعد، ويجوز الرفع، ويجوز النصب، ولا أعلم أحدا قرأ بالرفع, فالنصب على أنه مصدر مؤكد، لأن قوله :{وهم من بعد غلبهم سيغلبون}: هو وعد من اللّه للمؤمنين.
وقوله : {وعد الله} بمنزلة وعد اللّه وعدا , ومن قال: وعد الله , كان على معنى ذلك وعد اللّه كما قال:{كأنّهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلّا ساعة من نهار بلاغ}. ). [معاني القرآن: 4/178]

تفسير قوله تعالى: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {يعلمون ظاهرًا من الحياة الدّنيا} [الروم: 7]، يعني: ما بدا لهم من معاشهم وحرثهم، تفسير السّدّيّ.
الحسن بن دينارٍ، عن الحسن، قال: يعلمون حين زرعهم، وحين حصادهم وحين نتاجهم.
وقال الكلبيّ: وحين تجاراتهم.
- وحدّثنا موسى بن عليٍّ، عن أبيه قال: كنت عند عمرو بن العاص
[تفسير القرآن العظيم: 2/645]
بالأسكندريّة، فقال رجلٌ من القوم: زعم جسطان هذه المدينة أنّه يكسف بالقمر اللّيلة، أو أنّ القمر ينكسف اللّيلة، فقال رجلٌ: كذبوا، هذا هم علموا ما في الأرض فما علمهم بما في السّماء؟ قال عمرو بن العاص: إنّما الغيب خمسةٌ: {إنّ اللّه عنده علم السّاعة وينزّل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما
تدري نفسٌ ماذا تكسب غدًا وما تدري نفسٌ بأيّ أرضٍ تموت} [لقمان: 34] وما سوى ذلك يعلمه قومٌ ويجهله آخرون.
- وحدّثني أبو الأشهب، عن الحسن، قال: أضلّ رجلٌ من المسلمين راحلته فذهب في طلبها، فلقي رجلا من المشركين، فأنشده إيّاها، فقال: ألست مع هذا الرّجل الّذي يزعم أنّه نبيٌّ، أفلا تأتيه، فيخبرك بمكان راحلتك؟ فمضى الرّجل قليلا، فردّ اللّه عليه راحلته، فأتى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فأخبره فقال: «فما قلت له؟» قال: وما عسى أن أقول لرجلٍ من
المشركين مكذّبٍ؟ قال: " أفلا قلت له: إنّ الغيب لا يعلمه إلا اللّه، وإنّ الشّمس لم تطلع قطّ إلا بزيادةٍ أو نقصانٍ ".
قوله عزّ وجلّ: {وهم عن الآخرة هم غافلون} [الروم: 7]، يعني: المشركين لا يقرّون بها، هم منها في غفلةٍ كقوله: {لقد كنت في غفلةٍ من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديدٌ} [ق: 22] أبصر حين لم ينفعه البصر). [تفسير القرآن العظيم: 2/646]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {يعلمون ظاهراً مّن الحياة الدّنيا...}
يعني : أهل مكّة, يقول: يعلمون التجارات والمعاش، فجعل ذلك علمهم, وأمّا بأمر الآخرة , فعمون.).[معاني القرآن: 2/322]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عز وجل: {يعلمون ظاهرا من الحياة الدّنيا وهم عن الآخرة هم غافلون (7)}هذا في مشركي أهل مكة المعنى : يعلمون من معايش الحياة الدنيا؛ لأنهم كانوا يعالجون التجارات، فأعلم اللّه - عزّ وجلّ – لما نفى , أنهم لا يعلمون ما الّذي يجهلون، ومقدار ما يعلمون , فقال:{يعلمون ظاهرا من الحياة الدّنيا وهم عن الآخرة هم غافلون}" هم " الأولى مرفوعة بالابتداء، و " هم " الثانية ابتداء ثان.
و{غافلون}: خبر " هم " الثانية، والجملة الثانية خبر " هم " الأولى.
والفائدة في الكلام أو ذكر " هم " ثانية، وإن كانت ابتداء تجري مجرى التوكيد كما تقول : زيد هو عالم، فهو أوكد من قولك : زيد عالم.ويصلح أن تكون " هم " بدلا من " هم " الأولى مؤكدة أيضا، كما تقول: رأيته إيّاه). [معاني القرآن: 4/178]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون}
قال عكرمة , وإبراهيم : أي : (يعلمون أمر معايشهم, ومصلحة دنياهم)).[معاني القرآن: 5/245]

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ (8)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {أولم يتفكّروا في أنفسهم ما خلق اللّه السّموات والأرض وما بينهما إلا بالحقّ} [الروم: 8] إلا للبعث والحساب، أي: لو تفكّروا في خلق السّموات والأرض لعلموا أنّ الّذي خلقهما يبعث الخلق يوم القيامة.
قال: {وأجلٍ مسمًّى} [الروم: 8]، يعني: القيامة، خلق اللّه تبارك وتعالى
[تفسير القرآن العظيم: 2/646]
السّموات والأرض للقيامة ليجزي النّاس بأعمالهم، والقيامة اسمٌ جامعٌ يجمع النّفختين جميعًا الأولى والآخرة، وهذا قول الحسن.
قال: {وإنّ كثيرًا من النّاس} [الروم: 8]، يعني: المشركين وهم أكثر النّاس.
{بلقاء ربّهم لكافرون} [الروم: 8] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/647]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {إلاّ بالحقّ وأجلٍ مّسمًّى...}
يقول: ما خلقناهما {إلاّ بالحقّ} للثواب, والعقاب , والعمل , {وأجلٍ مّسمًّى}: القيامة.). [معاني القرآن: 2/322]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ:{أولم يتفكّروا في أنفسهم ما خلق اللّه السّماوات والأرض وما بينهما إلّا بالحقّ وأجل مسمّى وإنّ كثيرا من النّاس بلقاء ربّهم لكافرون (8)} معناه: أولم يتفكّروا فيعلموا، لأن في الكلام دليلا عليه، ومعنى بالحق ههنا " إلا للحق " , أي: لإقامة الحق.
{وأجل مسمّى}: أي , لإقامة الحق , وأجل مسمّى؛ وهو الوقت الذي توفّى فيه كل نفس ما كسبت.
وقوله:{وإنّ كثيرا من النّاس بلقاء ربّهم لكافرون}أي : الكافرون بلقاء ربهم، تقدّمت الباء ؛ لأنها متصلة بكافرون، وما اتصل بخبر إنّ , جاز أن يقدّم قبل اللام، ولا يجوز أن تدخل اللام بعد مضيّ الخبر. لا يجوز أن تقول : إن زيدا كافر لباللّّه؛ لأن اللام حقها أن تدخل على الابتداء والخبر, أو بين الابتداء والخبر؛ لأنها تؤكد الجملة، فلا تأتي توكيدا , وقد مضت الجملة.ولا اختلاف بين النحويين في أن اللام لا تدخل بغير الخبر). [معاني القرآن: 4/178-179]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق}أي : إلا لإقامة الحق.). [معاني القرآن: 5/245]

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (9)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الّذين من قبلهم كانوا أشدّ منهم قوّةً} [الروم: 9]، يعني: بطشًا، وهو تفسير السّدّيّ.
{وأثاروا الأرض} [الروم: 9] قال مجاهدٌ: أي: حرثوها.
{وعمروها أكثر ممّا عمروها} [الروم: 9] هؤلاء.
{وجاءتهم رسلهم بالبيّنات فما كان اللّه ليظلمهم} [الروم: 9]، يعني: كفّار الأمم الخالية الّذين كذّبوا في الدّنيا، يقول: لم يظلمهم فيعذّبهم على غير ذنبٍ.
{ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} [العنكبوت: 40]، يعني: يضرّون بكفرهم وتكذيبهم، هذا تفسير السّدّيّ قال: {ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} [العنكبوت: 40]، أي: يضرّون، أي: قد صاروا في الأرض ورأوا آثار الّذين من قبلهم، يخوّفهم أن ينزل بهم ما نزل بهم إن لم يؤمنوا). [تفسير القرآن العظيم: 2/647]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وأثاروا الأرض...}:: حرثوها {وعمروها أكثر} : مما كانوا يعمرون, يقول: كانوا يعمّرون أكثر من تعمير أهل مكّة ,فأهلكوا.).
[معاني القرآن: 2/322]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وأثاروا الأرض وعمروها }: أي : استخرجوها، ومنه قولهم: أثار ما عندي: أي: استخرجه،وأثار القوم: أي : استخرجهم.). [مجاز القرآن: 2/119]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وأثاروا الأرض}: أي : قلبوها للزراعة, ويقال للبقرة: المثيرة، قال اللّه تعالى: {إنّها بقرةٌ لا ذلولٌ تثير الأرض} . ). [تفسير غريب القرآن: 340]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الّذين من قبلهم كانوا أشدّ منهم قوّة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر ممّا عمروها وجاءتهم رسلهم بالبيّنات فما كان اللّه ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (9)}يعني : أن الذين أهلكوا من الأمم الخالية، كانوا أكثر حرثا , وعمارة من أهل مكة، لأن أهل مكة لم يكونوا أصحاب حرث.). [معاني القرآن: 4/179]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها}وأثاروا الأرض , أي: حرثوها , وزرعوها , وليس بمكة حرث ولا زرع , وقال تعالى: {تثير الأرض} .). [معاني القرآن: 5/246]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ({وعمروها أكثر مما عمروها}, أي: وعمروها أولئك أكثر مما عمروها هؤلاء، فلم تنفعهم عمارتهم، ولا طول مدتهم). [ياقوتة الصراط: 403]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَأَثَارُوا الْأَرْضَ}: أي: للزراعة.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 187]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ (10)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ثمّ كان عاقبة الّذين} [الروم: 10]، أي: جزاء الّذين.
{أساءوا} [الروم: 10] أشركوا.
{السّوأى} [الروم: 10]، يعني: جهنّم في تفسير قتادة.
{أن كذّبوا} [الروم: 10]، يعني: بأن كذّبوا، وهو تفسير السّدّيّ.
{بآيات اللّه وكانوا بها يستهزئون} [الروم: 10] وقال الحسن: يعني: {السّوأى} [الروم: 10] العذاب في الدّنيا والآخرة.
[تفسير القرآن العظيم: 2/647]
وقال السّدّيّ: {ثمّ كان عاقبة الّذين أساءوا} [الروم: 10]، يعني: أشركوا باللّه {السّوأى} [الروم: 10]، يعني: العذاب). [تفسير القرآن العظيم: 2/648]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {ثمّ كان عاقبة الّذين أساءوا السّوأى...}.
تنصب العاقبة بكان، وتجعل مرفوع (كان) في {السّوأى}, ولو رفعت العاقبة , ونصبت {السّوأى} , كان صواباً, و{السّوأى} في هذا الموضع: العذاب، ويقال: النار.وقوله: {أن كذّبوا} , لتكذيبهم، ولأن كذّبوا, فإذا ألقيت اللام كان نصبياً.). [معاني القرآن: 2/322]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({ثمّ كان عاقبة الّذين أساءوا السّوءى أن كذّبوا بآيات اللّه وكانوا بها يستهزئون}وقال: {أساءوا السّوءى} , فـ"السّوأى" مصدر ههنا مثل "التقوى"). [معاني القرآن: 3/26]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({ثمّ كان عاقبة الّذين أساؤا السّوأى} , وهي: جهنم , و«الحسني» الجنّة، في قوله: {للّذين أحسنوا الحسنى}. {أن كذّبوا بآيات اللّه}: أي : كانت عاقبتهم جهنم، بأن كذّبوا بآيات اللّه). [تفسير غريب القرآن: 340]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ثمّ كان عاقبة الّذين أساءوا السّوأى أن كذّبوا بآيات اللّه وكانوا بها يستهزءون (10)}القراءة بنصب {عاقبة} ورفعها، فمن نصب جعل السوءى اسم كان , ومن رفع {عاقبة }, جعل {السّوأى} خبرا لكان، والتفسير في قوله : {أساءوا} ههنا: أنهم أشركوا، و {السّوأى} النّار، وإنما كان {أساءوا}ههنا يدل على الشرك , لقوله: {وإن كثيرا من النّاس بلقاء ربّهم لكافرون}:فإساءتهم ههنا كفرهم، وجزاء الكفر النّار.ودل أيضا على أن {أساءوا} ههنا : الكفر . {أن كذّبوا بآيات اللّه وكانوا بها يستهزءونْ}: فالمعنى: ثم كان عاقبة الكافرين النّار ؛ لتكذيبهم بآيات اللّه , واستهزائهم.). [معاني القرآن: 4/179]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوءى}
وقرأ الأعمش: {ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوء}, برفع السوء.
قال أبو جعفر : السوء : أشد الشر , والسوءى, أي : الفعلي منه , وقيل : السوءى ههنا : النار , كما أن الحسنى الجنة .
ومعنى أساءوا ههنا : أشركوا , يدل على ذلك قوله تعالى: {أن كذبوا بآيات الله} قال الكسائي : أي ؛ لأن كذبوا بآيات الله.). [معاني القرآن: 5/246-247]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({السُّوأَى}: جهنم، و{الحُسْنَى}: الجنة.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 187]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (11) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (12)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {اللّه يبدأ الخلق ثمّ يعيده} [الروم: 11]، يعني: البعث {ثمّ إليه ترجعون} [الروم: 11] يوم القيامة). [تفسير القرآن العظيم: 2/648]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ويوم تقوم السّاعة يبلس المجرمون} [الروم: 12] ييأس المجرمون من الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 2/648]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {يبلس المجرمون...}:
ييأسون من كل خير، ويقطع كلامهم وحججهم.
وقرأ أبو عبد الرحمن السلميّ {يبلس المجرمون}بفتح اللام, والأولى أجود, قال الشاعر:
يا صاح هل تعرف رسماً مكرساً = قال نعم أعرفه وأبلسا). [معاني القرآن: 2/322-323]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ويوم تقوم السّاعة يبلس المجرمون}: أي : يتندمون , ويكتئبون , وييأسون.قال العجاج:
يا صاح هل تعرف رسماً مكرساً= قال نعم أعرفه وأبلسا). [مجاز القرآن: 2/120]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({يبلس المجرمون}: يحزن، والمبلس الحزين). [غريب القرآن وتفسيره: 297]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {ويوم تقوم السّاعة يبلس المجرمون (12)}أعلم الله عزّ وجلّ : أنهم في القيامة ينقطعون في الحجة انقطاع يئسين من رحمة اللّه، والمبلس : الساكت , المنقطع في حجته، اليائس من أن يهتدي إليها، تقول: ناظرت فلانا , فأبلس , أي : انقطع , وأمسك , ويئس من أن يحتج.).[معاني القرآن: 4/179]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون}
وروى ابن أبي نجيح , عن مجاهد قال: (يكتئبون) .
وروى أبو يحيى , عن مجاهد قال : (الإبلاس : الفضيحة) .
قال أبو جعفر : يقال أبلس الرجل : إذا تحير , وحزن , وانقطعت حجته , فلم يهتد لها , ويئس من الخير , كما قال:
= قال نعم أعرفه وأبلسا). [معاني القرآن: 5/247-248]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يُبْلِسُ المجرمون}: يحزنون.). [العمدة في غريب القرآن: 238]

تفسير قوله تعالى: (وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ (13) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ولم يكن لهم من شركائهم} [الروم: 13] الّذين عبدوهم من دون اللّه.
{شفعاء} [الروم: 13] حتّى لا يعذّبوا.
{وكانوا بشركائهم} [الروم: 13]، يعني: ما عبدوا بعبادتهم إيّاهم.
{كافرين} [الروم: 13] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/648]

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (14) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ويوم تقوم السّاعة يومئذٍ يتفرّقون} [الروم: 14] فريقٌ في الجنّة وفريقٌ في السّعير). [تفسير القرآن العظيم: 2/648]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {ويوم تقوم السّاعة يومئذ يتفرّقون (14)}
جاء في التفسير : أنه افتراق لا اجتماع بعده، وفيما بعده دليل على أن التفرق هو للمسلمين , والكافرين، فقال: {يومئذ يتفرقون}.). [معاني القرآن: 4/180]

تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (15)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {فأمّا الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات فهم في روضةٍ} [الروم: 15] كقوله: {في روضات الجنّات} [الشورى: 22] والرّوضة الخضرة.
{يحبرون} [الروم: 15] يكرمون في تفسير الكلبيّ.
وتفسير الحسن: يفرحون). [تفسير القرآن العظيم: 2/648]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({في روضة يحبرون }: مجازه: يفرحون ويسرون , وليس شيء أحسن عند العرب من الرياض المعشبة , ولا أطيب ريحاً , قال الأعشى:

ما روضةٌ من رياض الحزن معشيبةٌ= خضراء جاد عليها مسبلٌ هطلٌ
يوماً بأطيب منها نشر رائحةٍ= ولا بأحسن منها إذ دنا الأصل
وقال العجاج:
والحمد لله الذي أعطى الحبر= موالي الحقّ إنّ المولى شكر
ويقال في المثل: مليت بيوتهم حبرةٍ , فهم ينتظرون العبرة.). [مجاز القرآن: 2/120]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({يحبرون}: من الحبرة والمحبور المكرم المنعم). [غريب القرآن وتفسيره: 297]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({فهم في روضةٍ يحبرون} : أي :يسرّون, و«الحبرة»: السّرور. ومنه يقال: «كل حبرة، تتبعها عبرة».).[تفسير غريب القرآن: 340]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم بين على أي حال يتفرقون , فقال:{فأمّا الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات فهم في روضة يحبرون (15)}وجاء في التفسير: أن " يحبرون " : سماع الغناء في الجنة، والحبرة في اللغة : كل نعمة حسنة، فهي حبرة، والتحبير : التحسين , والحبر : العالم أيضا هو من هذا، المعنى أنه متخلق بأحسن أخلاق المؤمنين، والحبر : المداد , إنما سمّي , لأنّه يحسّن به.).[معاني القرآن: 4/180]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون}
قال مجاهد : {يحبرون }: (أي : ينعمون).
قال أبو جعفر : حقيقته: أنهم تتبين عليهم أثر النعمة , من ذلك الحبر , وعلى أسنانه حبرة.
وروى الأوزاعي , عن يحيى بن أبي كثير : {في روضة يحبرون }, قال : (السماع في الجنة)). [معاني القرآن: 5/248]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يُحْبَرُونَ}: أي يسرون، والحبرة: السرور). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 187]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يُحْبَرُونَ}: ينعمون). [العمدة في غريب القرآن: 238]

تفسير قوله تعالى:{وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآَخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (16) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وأمّا الّذين كفروا وكذّبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك في العذاب محضرون} [الروم: 16]، يعني: مدخلون). [تفسير القرآن العظيم: 2/648]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {وأمّا الّذين كفروا وكذّبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك في العذاب محضرون (16)}
أي : حال المؤمنين السماع في الجنة، والشغل بغاية النعمة, وحال الكافرين العذاب الأليم , هم حاضروه أبدا غير مخفف عنهم.). [معاني القرآن: 4/180]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11 ذو القعدة 1431هـ/18-10-2010م, 07:25 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 17 إلى 27]

{فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19) وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20) وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ (22) وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (23) وَمِنْ آَيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (24) وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (25) وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (26) وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27)}

تفسير قوله تعالى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وله الحمد في السّموات والأرض وعشيًّا وحين تظهرون {18}} [الروم: 18] قال السّدّيّ: تنشرون وتنبسطون). [تفسير القرآن العظيم: 2/649]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (وحدّثني حمّاد بن سلمة، عن عاصم بن بهدلة، أنّ نافع بن الأزرق قال لابن عبّاسٍ: هل تجد الصّلوات الخمس مسمّياتٍ في كتاب اللّه؟ قال: نعم.
قال: {فسبحان اللّه حين تمسون} [الروم: 17] فهذه صلاة المغرب، {وحين تصبحون} [الروم: 17] فهذه صلاة الفجر {وله الحمد في السّموات والأرض وعشيًّا} [الروم: 18] هذه صلاة العصر {وحين تظهرون} [الروم: 18] هذه صلاة الظّهر، وقال في روايةٍ أخرى: {ومن بعد صلاة العشاء} [النور: 58] فهذه خمس صلواتٍ.
قال يحيى: وتفسير الحسن أنّ الصّلوات الخمس كلّها في هذه الآية يقول: {فسبحان اللّه حين تمسون} [الروم: 17] المغرب والعشاء.
قال يحيى: كلّ صلاةٍ ذكرت في المكّيّ من القرآن قبل الهجرة بسنةٍ فهي ركعتان غدوةً وركعتان عشيّةً، وذلك قبل أن تفرض الصّلوات الخمس، وإنّما افترضت الصّلوات الخمس قبل أن يهاجر النّبيّ عليه السّلام بسنةٍ ليلة أسري
[تفسير القرآن العظيم: 2/649]
به، فما كان من ذكر الصّلاة بعد ذلك، يعني: فهي الصّلوات الخمس.
وهذه الآية نزلت بعدما أسري بالنّبيّ عليه السّلام، وفرضت عليه الصّلوات الخمس). [تفسير القرآن العظيم: 2/650]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {فسبحان اللّه حين تمسون...}

يقول: فصلّوا لله , {حين تمسون}: وهي المغرب والعشاء , {وحين تصبحون}: صلاة الفجر.). [معاني القرآن: 2/323]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): ({وعشيّاً}: صلاة العصر , {وحين تظهرون} : صلاة الظهر.). [معاني القرآن: 2/323]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وحين تظهرون}:أي: تدخلون في الظّهيرة، وهو وقت الزّوال.). [تفسير غريب القرآن: 340]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم أعلم عزّ وجلّ بعد هذا , ما تدرك به الجنّة، ويتباعد به عن النار , بقوله:
{فسبحان اللّه حين تمسون وحين تصبحون (17) وله الحمد في السّماوات والأرض وعشيّا وحين تظهرون (18)}
جاء في التفسير , عن ابن عباس :(أن الدليل على أن الصلوات خمس هذه الآية :{فسبحان اللّه حين تمسون وحين تصبحون}: فحين تمسون : صلاة المغرب , وعشاء الآخرة , وحين تصبحون: صلاة الغداة, وعشيا : صلاة العصر، وحين تظهرون : صلاة الظهر). وقد قيل إن قوله: {ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم}: إنها الصلاة الخامسة، فيكون على هذا التفسير قوله:{حين تمسون} لصلاة واحدة. ومعنى سبحان اللّه : تنزيه اللّه من السوء, هذا لا اختلاف فيه.). [معاني القرآن: 4/180-181]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون}
قال ابن عباس : (الصلوات الخمس في كتاب الله جل وعز , وتلا الآية{فسبحان الله حين تمسون}), قال : (المغرب والعشاء) , {وحين تصبحون} , قال: (الفجر , وعشيا العصر), {وحين تظهرون} : الظهر)). [معاني القرآن: 5/249]

تفسير قوله تعالى: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {يخرج الحيّ من الميّت ويخرج الميّت من الحيّ} [الروم: 19] تفسير السّدّيّ: يعني: يخرج النّطف وهي ميّتةٌ من الحيّ، ويخرج الحيّ، النّاس الأحياء من الميّت من النّطف.
هي النّطفة الحيّة تخرج من النّطفة الميّتة، الخلق الحيّ، ويخرج من الخلق الحيّ النّطفة الميّتة، ويخرج من الحبّة اليابسة الحيّ، ويخرج من النّبات الحيّ الحبّة اليابسة، هذا تفسير مجاهدٍ.
وتفسير الحسن: يخرج المؤمن من الكافر، ويخرج الكافر من المؤمن.
قال: {ويحيي الأرض بعد موتها} [الروم: 19] يحييها بالنّبات بعد أن كانت ميّتةً، أي: يابسةً لا نبات فيها.
قال: {وكذلك تخرجون} [الروم: 19]، يعني: البعث، يرسل اللّه تبارك وتعالى مطرًا منيًّا كمنيّ الرّجال، فتنبت به جسمانهم ولحمانهم كما تنبت الأرض الثّرى). [تفسير القرآن العظيم: 2/650]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله عزّ وجلّ : {يخرج الحيّ من الميّت ويخرج الميّت من الحيّ ويحي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون (19)}
جاء في التفسير : أنه يخرج النطفة وهي الميت من الحيّ من الإنسان، ويخرج الحيّ من الميّت، يخرج الإنسان من النطفة.
{ويحي الأرض بعد موتتها}:أي: يجعلها تنبت، وإحياء الأرض : إخراج النّبات منها.
وقوله: {وكذلك تخرجون}: أي: وكذلك تخرجون من قبوركم مبعوثين.وموضع الكاف نصب بـ {تخرجون}, والمعنى : أن بعثكم عليه كخلقكم، أي : هما في قدرته متساويان.). [معاني القرآن: 4/181]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون}
في معناه أقوال:
قال عبد الله بن مسعود : (أي: يخرج النطفة من الرجل , والرجل من النطفة).
قال الضحاك: (وكذلك البيضة).
وقال سلمان: (يخرج المؤمن من الكافر ,والكافر من المؤمن) , وكذلك قال الحسن .
وقيل : يميت الحي , ويحيي الميت .{ويحيي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون} , أي : كما يحيي الأرض بالنبات.).[معاني القرآن: 5/250 -251]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ومن آياته} [الروم: 20] تفسير السّدّيّ، يعني: ومن علامات الرّبّ تبارك وتعالى أنّه واحدٌ.
{أن خلقكم من ترابٍ} [الروم: 20]، يعني: الخلق الأوّل خلق آدم.
[تفسير القرآن العظيم: 2/650]
{ثمّ إذا أنتم بشرٌ تنتشرون} [الروم: 20] في الأرض.
وقال السّدّيّ: {تنتشرون} [الروم: 20] تنبسطون). [تفسير القرآن العظيم: 2/651]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله عزّ وجلّ: {ومن آياته أن خلقكم من تراب ثمّ إذا أنتم بشر تنتشرون (20)}
أي: من العلامات التي تدل على أن اللّه واحد لا مثيل له , ظهور القدرة التي يعجز عنها المخلوقون، ومعنى :{خلقكم من تراب}, أي : خلق آدم من تراب.
{ثمّ إذا أنتم بشر تنتشرون}:أي: آدم وذريته .). [معاني القرآن: 4/181]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ومن آياته أن خلقكم من تراب}المعنى : أن خلق أصلكم , وهو آدم عليه السلام , كما قال تعالى: {واسأل القرية} , ويجوز أن يكون الماء مخلوقا من تراب .
وقوله جل وعز: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها}
فيه قولان:
أحدهما : أن حواء خلقت من آدم .
والآخر : أن المعنى : خلق لكم من جنسكم أزواجا ؛ لأن الإنسان بجنسه آنس , وإليه أسكن , ومثله قوله جل وعز: {هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها} , في معناه القولان جميعا أي : جعل من جنسها روجها , ودل هذا على الجنسين جميعا , ويكون الضمير في قوله تعالى: {جعلا له شركاء فيما آتاهما} يعود على الجنسين , والضمير في قوله: {يشركون} يعود على الجنسين ؛ لأنهما جماعة.). [معاني القرآن: 5/252]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ومن آياته} [الروم: 21]، يعني: ومن علامات الرّبّ أنّه واحدٌ فاعرفوا توحيده في صنعه.
{أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا} [الروم: 21] قال يحيى: يعني: أزواجكم المرأة هي من الرّجل.
{لتسكنوا إليها} [الروم: 21] لتستأنسوا إليها.
{وجعل بينكم مودّةً ورحمةً} [الروم: 21]، يعني بالمودّة: الحبّ، والرّحمة للولد.
وقال السّدّيّ: {مودّةً} [الروم: 21]، يعني: محبّةً، وهو الحبّ.
{إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكّرون} [الروم: 21] فيؤمنوا، وإنّما يتفكّر المؤمنون). [تفسير القرآن العظيم: 2/651]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: ( {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودّة ورحمة إنّ في ذلك لآيات لقوم يتفكّرون (21)}
خلق حواء من ضلع من أضلاع آدم، وجعل بين المرأة والزوج المودة , والرحمة من قبل اللّه، وأن الفرك , وهو البغض من قبل الشيطان، يقال: فركت المرأة زوجها , تفركه , فركا؛ إذا أبغضته). [معاني القرآن: 4/182]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون}
قال مجاهد : (المودة: الجماع , والرحمة: الولد).
وقيل : المودة , والرحمة : عطف قلوب بعضهم على بعض. والمعنى : ومن آياته التي تدل على وحدانيته , وأنه لا شريك له , ولا نظير.). [معاني القرآن: 5/252-253]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ (22) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ومن آياته} [الروم: 22] وهي مثل الأولى.
{خلق السّموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم} [الروم: 22] قال بعضهم: {واختلاف ألسنتكم} [الروم: 22] النّغمة، {وألوانكم} [الروم: 22] لا ترى اثنين على صورةٍ واحدةٍ.
وحدّثني نعيم بن يحيى، عن أبيه، عن الضّحّاك بن مزاحمٍ قال: يشبه الرّجل الرّجل ليس بينهما قرابةٌ إلا من قبل الأبّ الأكبر آدم.
[تفسير القرآن العظيم: 2/651]
قال يحيى: وتفسير الكلبيّ: {واختلاف ألسنتكم} [الروم: 22] للعرب كلامٌ، ولفارس كلامٌ وللرّوم كلامٌ، ولسائرهم من النّاس كلامٌ.
قال: {وألوانكم} [الروم: 22] أبيض وأحمر وأسود.
قال: {إنّ في ذلك لآياتٍ للعالمين} [الروم: 22] وهي مثل الأولى). [تفسير القرآن العظيم: 2/652]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {لآياتٍ لّلعالمين...}
يريد العالم من الجنّ والإنس , ومن قرأها {للعالمين} فهو وجه جيّد؛ لأنه قد قال {لآياتٍ لقومٍ يعقلون} و{لآياتٍ لأولي الألباب} ). [معاني القرآن: 2/323]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( قوله: {وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ} يريد اختلاف، اللّغات، والمناظر، والهيئات). [تأويل مشكل القرآن: 5]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إن في ذلك لآيات للعالمين} للعالمين : أي: للجن والإنس , وحكى للعالمين , وهو حسن.). [معاني القرآن: 5/253]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (23)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ومن آياته} [الروم: 23] قال: هي مثل الأولى: {منامكم باللّيل والنّهار وابتغاؤكم من فضله} [الروم: 23] من رزقه كقوله: {ومن رحمته جعل لكم اللّيل والنّهار لتسكنوا فيه} [القصص: 73] في الليل {ولتبتغوا من فضله} [الروم: 46] بالنهار.
قال: {إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يسمعون} [الروم: 23] وهم المؤمنون، سمعوا من اللّه عزّ وجلّ ما أنزل عليهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/652]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({منامكم بالّليل والنّهار }, وهي من مصادر النوم بمنزلة قام يقوم مقاما، وقال يقول مقالاً).
[مجاز القرآن: 2/120]

تفسير قوله تعالى:{وَمِنْ آَيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (24)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ومن آياته} [الروم: 24] هي مثل الأولى.
{يريكم البرق خوفًا وطمعًا} [الروم: 24]، {خوفًا} [الروم: 24] للمسافر، يخاف أذاه ومعرّته، {وطمعًا} [الروم: 24] للمقيم، يطمع في رزق اللّه، في تفسير قتادة.
وبعضهم يقول: خوفًا من البرد يخاف أن يهلك الزّرع، وطمعًا في المطر.
قال: {وينزّل من السّماء ماءً فيحيي به الأرض بعد موتها} [الروم: 24] يحييها بالنّبات بعد إذ كانت يابسةً ليس فيها نباتٌ.
قال: {إنّ في ذلك لآياتٍ} وهي مثل الأولى.
{لقومٍ يعقلون} وهم المؤمنون عقلوا عن اللّه ما أنزل عليهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/652]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {ومن آياته يريكم البرق خوفاً...}
وقبل ذلك , وبعده (أن أن) , وكلٌّ صواب, فمن أظهر (أن) فهي في موضع اسمٍ مرفوعٍ؛ كما قال : {ومن آياته منامكم باللّيل والنّهار} , فإذا حذفت (أن) جعلت (من) مؤدّية عن اسمٍ متروكٍ يكون الفعل صلةً له؛ كقول الشاعر:
وما الدهر إلاّ تارتان فمنهما = أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح
كأنه أراد: فمنها ساعة أموتها، وساعة أعيشها, وكذلك من آياته آية للبرق , وآية لكذا, وأن شئت: يريكم من آياته البرق , فلا تضمر (أن) ولا غيره.). [معاني القرآن: 2/323]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({ومن آياته يريكم البرق خوفاً وطمعاً وينزّل من السّماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتها إنّ في ذلك لآياتٍ لّقومٍ يعقلون}وقال: {ومن آياته يريكم البرق خوفاً وطمعاً}, فلم يذكر فيها {أن} لأن هذا يدل على المعنى. وقال الشاعر:
ألا أيّهذا الزاّجري أحضر الوغى = وأن أشهد اللذّات هل أنت مخلدي
أراد: أن أحضر الوغى.). [معاني القرآن: 3/27]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزّل من السّماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتها إنّ في ذلك لآيات لقوم يعقلون (24)} {خوفا وطمعا} منصوبان على المفعول له، المعنى : يريكم البرق للخوف والطمع، وهو خوف للمسافر، وطمع للحاضر. المعنى : ومن آياته آية يريكم بها البرق خوفا وطمعا, هذا أجود في العطف. لأنه قال: {ومن آياته خلق}, فنسق باسم على اسم، ومثله من الشعر.
وما الدّهر إلا تارتان فمنهما= أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح
المعنى : فمنهما تارة أموتها , أي : أموت فيها، ويجوز أن يكون المعنى: ويريكم البرق خوفا وطمعا من آياته، فيكون عطفا بجملة على جملة.). [معاني القرآن: 4/182]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا} والمعنى : ويريكم البرق من آياته , وعطفت جملة على جملة . ويجوز أن يكون المعنى : ومن آياته آية يريكم بها البرق , كما قال الشاعر:
وما الدهر إلا تارتان فمنهما = أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح
والخوف للمسافر , والطمع للمقيم.). [معاني القرآن: 5/253-254]

تفسير قوله تعالى:{وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (25) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ومن آياته}، يعني: ومن علامات الرّبّ أنّه واحدٌ فاعرفوا توحيده بصنعه، وهذا تفسير السّدّيّ.
{أن تقوم السّماء والأرض بأمره} [الروم: 25]، يعني: بغير عمدٍ، تفسير السّدّيّ.
قال يحيى: كقوله: {إنّ اللّه يمسك السّموات والأرض أن تزولا} [فاطر: 41] لئلا تزولا، قال: {ثمّ إذا دعاكم دعوةً من الأرض إذا أنتم تخرجون} [الروم: 25]، يعني: النّفخة الآخرة، وفيها تقديمٌ: إذا دعاكم دعوةً إذا أنتم من الأرض تخرجون، كقوله: {ونفخ في الصّور فإذا هم من الأجداث} [يس: 51]، أي: من القبور {إلى ربّهم ينسلون} [يس: 51]، أي: يخرجون، وهو نفخة صاحب الصّور في الصّور، وهو
قوله: {فإنّما هي زجرةٌ واحدةٌ {13} فإذا هم بالسّاهرة {14}} [النازعات: 13-14] إذا هم على الأرض، وهو قوله: {يوم يناد المناد} [ق: 41] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/653]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {أن تقوم السّماء والأرض بأمره...}: يقول: أن تدوما قائمتين بأمره بغير عمدٍ.).
[معاني القرآن: 2/323]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ومن آياته أن تقوم السّماء والأرض بأمره ثمّ إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون (25)} أي : تقوم السماء بغير عمد، وكذلك الأرض قائمة بأمره, والسماء محيطة بها. وقوله عزّ وجلّ:{ثمّ إذا دعاكم دعوة من الأرض}: أي : للبعث بعد الموت). [معاني القرآن: 4/182]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره}: أي : أن تدوما قائمتين.). [معاني القرآن: 5/254]

تفسير قوله تعالى:{وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (26)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وله من في السّموات والأرض كلٌّ له قانتون} [الروم: 26] يقول: مقرّون له بالعبوديّة، تفسير السّدّيّ.
وتفسير الحسن: كلٌّ له قائمٌ بالشّهادة.
وتفسير الكلبيّ: {كلٌّ له قانتون} [الروم: 26]، يعني: كلٌّ له مطيعون في الآخرة، ولا يقبل ذلك من الكفّار). [تفسير القرآن العظيم: 2/653]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({كلٌّ لّه قانتون}: أي : مطيعون , و " كلٌ " لفظه لفظ الواحد , ويقع معناه على الجميع , فهو هاهنا جميع , وفي الكلام: كل له مطيع أيضاً.).
[مجاز القرآن: 2/121]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {كلٌّ له قانتون}: أي مقرّون بالعبوديّة.). [تفسير غريب القرآن: 340]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (القنوت: القيام. وسئل صلّى الله عليه وسلم: أيّ الصلاة أفضل؟ فقال: ((طول القنوت)) أي طول القيام. وقال تعالى: {أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا} [الزمر: 9]، أي أمن هو مصلّ، فسميت الصلاة قنوتا: لأنها بالقيام تكون.
وروي عنه، عليه السلام، أنه قال: ((مثل المجاهد في سبيل الله كمثل القانت الصائم))، يعني المصلّي الصّائم).
ثم قيل للدعاء: قنوت؛ لأنّه إنما يدعو به قائما في الصلاة قبل الركوع أو بعده.
وقيل، الإمساك عن الكلام في الصلاة قنوت، لأن الإمساك عن الكلام يكون في القيام، لا يجوز لأحد أن يأتي فيه بشيء غير القرآن.
قال زيد بن أرقم: (كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}، فنهينا عن الكلام وأمرنا بالسكوت).
ويقال: إن قانتين في هذا الوضع: مطيعين. والقنوت: الإقرار بالعبوديّة، كقوله: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ}، أي مقرّون بعبوديته. والقنوت: الطاعة، كقوله: {وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ}، أي: المطيعين والمطيعات.
وقوله: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ}، أي مطيعا لله. ولا أرى أصل هذا الحرف إلا الطاعة؛ لأنّ جميع هذه الخلال: من الصلاة، والقيام فيها، والدعاء وغير ذلك- يكون عنها). [تأويل مشكل القرآن: 451-452] (م)

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله:{وله من في السّماوات والأرض كلّ له قانتون (26)} معناه : مطيعون، والمعنى: وهذا من آياته، ولم يذكر " ومن آياته " ؛ لأنه قد تقدم ذكر ذلك مرات. ومعنى " قانتون " : مطيعون طاعة لا يجوز أن تقع معها معصية، لأن القنوت القيام بالطاعة.
ومعنى الطاعة ههنا: أن من في السّماوات الأرض في خلقهم دليل على أنهم مخلوقون بإرادة الله عزّ وجلّ , لا يقدر أحد على تغيير الخلقة، ولا يقدر عليه فلك مقرب، فآثار الصنعة والخلقة تدل على الطاعة، ليس يعني طاعة العباد، إنما هي طاعة الإرادة , والمشيئة.). [معاني القرآن: 4/182-183]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وله من في السموات والأرض كل له قانتون} وهذا أيضا من آياته ., وحذف ؛ لأن في الكلام دليلا عليه , والقانت القائم بالطاعة , والقيام ههنا : الانقياد لله جل وعز على ما حب العباد , أو كرهوا.). [معاني القرآن: 5/254]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ}: أي: مقرون بالعبودية.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 187]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وهو الّذي يبدأ الخلق ثمّ يعيده} [الروم: 27] بعد الموت، يعني: البعث.
{وهو أهون عليه} [الروم: 27]، يعني: وهو أسرع عليه، بدأ الخلق خلقًا
[تفسير القرآن العظيم: 2/653]
بعد خلقٍ، ثمّ يبعثهم مرّةً واحدةً.
حدّثني الحسن بن دينارٍ، عن الحسن، قال: اللّه {يبدأ الخلق ثمّ يعيده} [الروم: 27] قال: خلقًا بعد خلقٍ {وهو أهون عليه} [الروم: 27] قال: أسرع عليه، وأظنّه قال: يجمعهم.
قوله عزّ وجلّ: {وله المثل الأعلى في السّموات والأرض} [الروم: 27] عمّا قال المشركون، أي: أنّه ليس له ندٌّ ولا شبهٌ.
قال: {وهو العزيز الحكيم} [الروم: 27]، {العزيز} في نقمته، {الحكيم} في أمره، ينزّه نفسه عمّا قال المشركون أن جعلوا للّه الأنداد فعبدوهم دونه). [تفسير القرآن العظيم: 2/654]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وهو أهون عليه...}

[...] حدّث الحسن بن عمارة , عن الحكم , عن مجاهد أنه قال: (الإنشاءة أهون عليه من الابتداء), قال أبو زكريّاء: ولا أشتهي ذلك , والقول فيه أنه مثل ضربه الله فقال: أتكفرون بالبعث، فابتداء خلقكم من لا شيء أشدّ, فالإنشاءة من شيء عندكم بأهل الكفر ينبغي أن تكون أهون عليه. ثم قال : {وله المثل الأعلى} , فهذا شاهدٌ أنه مثل ضربه الله.
[...] حدثني حبّان , عن الكلبيّ , عن أبي صالح , عن ابن عباسٍ قال : {وهو أهون عليه}: (على المخلوق، لأنه يقول له يوم القيامة: كن فيكون , وأوّل خلقه نطفة, ثم من علقة , ثم من مضغةٍ)). [معاني القرآن: 2/324]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وهو الّذي يبدؤ الخلق ثمّ يعيده}: مجازه أنه خلقه , ولم يكن من البدء شيئا , ثم يحيه بعد موته , {وهو أهون عليه}: فجاز مجازه: وذلك هين عليه؛ لأن " أفعل " يوضع في موضع الفاعل , قال:
لعمرك ما أدري. وإني لأوجل= على أيّنا تعدو المنيّة أوّل
أي وإني لواجلٌ أي لوجلٌ، وقال:
= فتلك سبيلٌ لست فيها بأوحد
أي: بواحد , وفي الأذان: الله أكبر , أي: الله كبير, وقال الشاعر:
أصبحت أمنحك الصّدود وإنني= قسماً إليك مع الصدود لأميل
وقال الفرزدق:
إن الذي سمك السماء بنى لنا= بيتا دعائمه أعزّ وأطول
أي : عزيزة طويلة، فإن احتج محتجٌ , فقال : إن الله لا يوصف بهذا , وإنما يوصف به الخلق , فزعم أنه , وهو أهون على الخلق , وإن الحجة عليه قول الله :{وكان ذلك على اللّه يسيراً }, وفي آية أخرى: {ولا يؤده حفظهما }, أي : لا يثقله.). [مجاز القرآن: 2/121-122]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({وهو أهون عليه} قال أبو عبيدة: «وهو هين عليه، كما يقال: اللّه أكبر، أي كبير, وأنت أوحد، أي: واحد الناس. وإني لأوجل، أي: وجل, وقال أوس بن حجر:
وقد أعتب أبن العمّ إن كنت ظالما = وأغفر عنه الجهل إن كان أجهلا
أي : أن كان جاهلا. وفي تفسير أبي صالح: {وهو أهون عليه} : أي : على المخلوق, لأنه يقال له يوم القيامة: كن، فيكون. وأول خلقه نطفة، ثم علقة، ثم مضغة.). [تفسير غريب القرآن: 340-341]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ضرب لكم مثلًا من أنفسكم ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}. هذا مثل ضربه الله لمن جعل له شركاء من خلقه، فقال قبل المثل:
{وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} يريد: إعادته على المخلوق أهون من ابتدائه؛ لأنه ابتدأه في الرحم نطفة، وعلقة، ومضغة، وإعادته تكون بأن يقول له: {كُنْ فَيَكُونُ} فذلك أهون على المخلوق من النشأة الأولى. كذلك قال ابن عباس في رواية أبي صالح.
وإن جعلته لله، جعلت أهون بمعنى: وهو هيّن عليه، أي سهل عليه. {وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} يعني: شهادة أن لا إله إلا الله.
ثم ضرب المثل فقال: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ} وذلك أقرب عليكم هل لكم من شركاء من عبيدكم الذين تملكون {فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ} وعبيدكم {سَوَاءٌ} يأمرون فيه كأمركم، ويحكمون كحكمكم، وأنتم {تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ} أي كما يخاف الرجل الحرّ شريكه الحرّ في المال يكون بينهما، فلا يأمر فيه بشيء دون أمره، ولا يمضي فيه عطيّة بغير إذنه).
وهو مثل قوله: {وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ} أي لا تعيبوا إخوانكم من المسلمين.
وقوله: {ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا} أي بأمثالهم من المؤمنين. يقول: فإذا كنتم أنتم بهذه المنزلة فيما بينكم وبين أرقائكم، فكيف تجعلون لله من عبيده شركاء في ملكه؟
ومثله قوله: {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ} فجعل منكم المالك والمملوك {فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا} يعني: السادة {بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} من عبيدهم حتى يكونوا فيه شركاء. يريد: فإذا كان هذا لا يجوز بينكم، فكيف تجعلونه لله؟). [تأويل مشكل القرآن: 382-383]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وهو الّذي يبدأ الخلق ثمّ يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السّماوات والأرض وهو العزيز الحكيم (27)} فيه غير قول، فمنها أن الهاء تعود على الخلق، فالمعنى : الإعادة , والبعث أهون على الإنسان من إنشائه؛ لأنه يقاسي في النشء ما لا يقاسيه في الإعادة والبعث.
وقال أبو عبيدة , وكثير من أهل اللغة: إن معناه: وهو هيّن عليه. وإن " أهون " ههنا ليس معناه أن الإعادة أهون عليه من الابتداء؛ لأن الإعادة والابتداء كل سهل عليه , ومن ذلك من الشعر:
لعمرك ما أدري وإنّي لأوجل= على أيّنا تغدو المنيّة أوّل
فمعنى لأوجل : لوجل، وقالوا : الله أكبر , أي : اللّه كبير، وهو غير منكر، وأحسن من هذين الوجهين : أنه خاطب العباد بما يعقلون , فأعلمهم أنه يجب عندهم أن يكون البعث أسهل وأهون من الابتداء والإنشاء، وجعله مثلا لهم فقال:{وله المثل الأعلى في السّماوات والأرض} أي قوله: {وهو أهون عليه}, قد ضربه لكم مثلا , فبما يصعب ويسهل.). [معاني القرآن:4/183-184]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه}
في معناه ثلاثة أقوال:
في رواية صالح , عن ابن عباس :{وهو أهون عليه }: (وهو أهون على المخلوق ؛ لأنه ابتدأ خلقه من نطفة , ثم من علقة , ثم من مضغة , والإعادة بأن يقول له : كن , فيكون , فذلك أهون على المخلوق) .
وقال مجاهد : (الإعادة أهون عليه من البدأة , وكل عليه هين . والمعنى على هذا : وهو أهون عليه عندكم , وفيما تعرفون على التمثيل , وبعده :{وله المثل الأعلى }).
وقال قتادة : {وهو أهون عليه} : (أي : هين) , وهذا قول حسن , ومنه الله أكبر , أي: كبير ومنه قول الشاعر:
لعمرك ما أدري وإني لأوجل = على أينا تعدو المنية أول
وقول الآخر:
إن الذي سمك السماء بنى لنا = بيتا دعائمه أعز وأطول
وروى معمر عن قتادة قال في قراءة عبد الله بن مسعود: (وهو هين عليه).
ثم قال جل وعز: {وله المثل الأعلى في السموات والأرض} روى ابن أبي طلحة , عن ابن عباس قال: (يقول: ليس كمثله شيء) . وقيل : يعني : لا إله إلا الله , وحقيقته في اللغة :{وله الوصف الأعلى}.). [معاني القرآن: 5/255-257]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ}: أي: على الخالق، و{أَهْوَنُ}: بمعنى هين، وقيل: هو أهون على المخلوق؛ لأنه يقال له : كن فيكون، ولا ينتقل من حال إلى حال كأول مرة. و{أَهْوَنُ} على بابه ليس بمعنى هين.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 187]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11 ذو القعدة 1431هـ/18-10-2010م, 07:36 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 28 إلى 53]

{ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (28) بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (29) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32) وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (33) لِيَكْفُرُوا بِمَا آَتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (34) أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ (35) وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ (36) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (37) فَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (38) وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (39) اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (40) ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ (42) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ (43) مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ (44) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (45) وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (46) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (47) اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (48) وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (49) فَانْظُرْ إِلَى آَثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (50) وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ (51) فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (52) وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (53) }

تفسير قوله تعالى: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (28)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ضرب لكم مثلا من أنفسكم} [الروم: 28] ثمّ ذكر ذلك المثل فقال: {هل لكم} [الروم: 28]، يعني: ألكم.
{من ما ملكت أيمانكم} [الروم: 28] قال السّدّيّ: يعني: عبيدكم.
{من شركاء في ما رزقناكم فأنتم} [الروم: 28] وهم.
{فيه سواءٌ} [الروم: 28]، يعني: شرعًا سواءً، أي: هل يشارك أحدكم مملوكه في زوجته وماله فأنتم فيه سواءٌ.
{تخافونهم} [الروم: 28] تخافون لائمتهم.
{كخيفتكم أنفسكم} [الروم: 28] كخيفة بعضكم بعضا، أي: أنّه ليس أحدٌ منكم هكذا، فأنا أحقّ ألا يشرك بعبادتي غيري، فكيف تعبدون دوني غيري تشركونه في إلهيّتي وربوبيّتي، وهي مثل قوله: {واللّه فضّل بعضكم على بعضٍ في الرّزق فما الّذين فضّلوا برادّي رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواءٌ} [النحل: 71].
[تفسير القرآن العظيم: 2/654]
قال: {كذلك نفصّل الآيات} [الروم: 28] نبيّن الآيات.
{لقومٍ يعقلون} [الروم: 24] وهم المؤمنون). [تفسير القرآن العظيم: 2/655]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {كخيفتكم أنفسكم...} نصبت الأنفس؛ لأن تأويل الكاف والميم في {خيفتكم} مرفوع, ولو نويت به - بالكاف والميم - أن يكون في تأويل نصبٍ رفعت ما بعدها. تقول في الكلام: عجبت من موافقتك كثرة شرب الماء، عجبت من اشترائك عبداً لا تحتاج إليه, فإذا وقع مثلها في الكلام , فأجره بالمعنى لا باللفظ. والعرب تقول: عجبت من قيامكم أجمعون وأجمعين، وقيامكم كلّكم , وكلّكم. فمن خفض أتبعه اللفظ؛ لأنه خفض في الظاهر , ومن رفع ذهب إلى التأويل, ومثله : {لإيلاف قريشٍ إيلافهم رحلة الشّتاء والصّيف}, أوقعت الفعل من قريش على {رحلة}. والعرب تقول: عجبت من تساقطها بعضها فوق بعض، وبعضها، على مثل ذلك: هذا إذا كنوا, فإذا قالوا : سمعت قرع أنيابه بعضها بعضاً , خفضوا {بعض}, وهو الوجه في الكلام؛ لأن الذي قبله اسم ظاهر، فاتبعوه إيّاه, لو رفعت {بعضها} كان على التأويل). [معاني القرآن: 2/324]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ( {ضرب لكم مثلًا من أنفسكم} مفسر في كتاب «تأويل المشكل»).
[تفسير غريب القرآن: 341]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله تعالى: {ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم كذلك نفصّل الآيات لقوم يعقلون (28)}
هذا مثل ضربه اللّه عزّ وجلّ لمن جعل له شريكا من خلقه. فأعلم عزّ وجلّ : أنّ مملوك الإنسان ليس بشريكه في ماله , وزوجته، وأنه لا يخاف من مملوكه أن يرثه , فقال: ضرب لكم مثلا من أنفسكم : أن جعلتم ما هو ملك لله من خلقه مثل اللّه، وأنتم كلكم بشر، ليس مماليككم بمنزلتكم في أموالكم، فاللّه عزّ وجلّ أجدر ألّا يكون يعدل به خلقه. {كذلك نفصّل الآيات}: موضع الكاف نصب.). [معاني القرآن: 4/183-184]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ)
: (وقوله جل وعز: {ضرب لكم مثلا من أنفسكم}
قال قتادة : هذا مثل ضربه الله عز وجل للمشركين , فقال: {هل لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم فأنتم فيه سواء} , أي : هل يرضى أحدكم أن يكون مملوكه في ماله ونفسه مثله , فإذا لم ترضوا بهذا , فكيف جعلتم لله جل وعز شريكاً؟!. قال أبو جعفر : هذا قول حسن : أي : هل يرضى أحدكم أن يجعل مملوكه مثل نفسه , أي : مثل شريكه الحر الذي لا يقطع أمرا دونه , كما قال تعالى: {ولا تلمزوا أنفسكم}, أي : لا يعب بعضكم بعضًا وكذا قوله تعالى: {كخيفتكم أنفسكم} , وكما قال جل وعز: {لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا} , وكما قال تعالى: {فاقتلوا أنفسكم} وقيل ك: ما يخاف من قبلكم إنفاقها , أي : فأنتم لا تجعلون مماليككم مثلكم , وأنتم كلكم أرقاء لله جل وعز , فكيف تجعلون لله جل وعز شريكا , وليس كمثله شيء؟!.). [معاني القرآن: 5/257-259]

تفسير قوله تعالى: (بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (29) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {بل اتّبع الّذين ظلموا أهواءهم بغير علمٍ} [الروم: 29] أتاهم من اللّه بعبادة الأوثان.
{فمن يهدي من أضلّ اللّه} [الروم: 29]، أي: لا أحد يهديه.
{وما لهم من ناصرين} [الروم: 29] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/655]

تفسير قوله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {فأقم وجهك} [الروم: 30]، أي: وجهتك.
{للدّين حنيفًا} [الروم: 30] مخلصًا في تفسير الحسن.
وقال الكلبيّ: مسلمًا.
قوله: {فطرة اللّه الّتي فطر النّاس عليها} [الروم: 30]، يعني: خلق النّاس عليها وهو مثل قوله: {وإذ أخذ ربّك من بني آدم من ظهورهم ذرّيّتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربّكم قالوا بلى} [الأعراف: 172] قال: وذلك أنّ أوّل ما خلق اللّه تبارك وتعالى القلم، فقال: اكتب، قال: ربّ وما أكتب؟ قال: ما هو كائنٌ، قال: فجرى القلم بما هو كائنٌ إلى يوم القيامة.
قال: فأعمال العباد تعرض في كلّ يوم اثنين وخميسٍ، فيجدونه على ما في الكتاب، ثمّ مسح اللّه تبارك وتعالى بعد ذلك على ظهر آدم، فأخرج منه كلّ نسمةٍ هو خالقها، فأخرجهم مثل الذّرّ فقال: {ألست بربّكم قالوا بلى} [الأعراف: 172] ثمّ أعادهم في صلب آدم،
[تفسير القرآن العظيم: 2/655]
ثمّ يكتب بعد ذلك العبد في بطن أمّه شقيًّا أو سعيدًا على ما في الكتاب الأوّل، فمن كان في الكتاب الأوّل شقيًّا عمّر حتّى
يجري عليه القلم، فينقض الميثاق الّذي أخذ عليه في صلب آدم بالشّرك فيكون شقيًّا، ومن كان في الكتاب الأوّل سعيدًا عمّر حتّى يجري عليه القلم فيؤمن فيصير سعيدًا، ومن مات صغيرًا من أولاد المؤمنين قبل أن يجري عليه القلم فهم مع آبائهم في الجنّة من ملوك أهل الجنّة لأنّ اللّه تبارك وتعالى يقول: {والّذين آمنوا واتّبعتهم ذرّيّتهم} [الطور: 21].
- قال يحيى: وحدّثني قرّة بن خالدٍ، عن الحسن، قال: توفّي بنيّ رجلٍ من الأنصار، فدنخ في بيته، أي: قعد في بيته، أي: قعد، فافتقده النّبيّ فسأل عنه قال سعدٌ: يا رسول اللّه، توفّي بنيّه فدنخ في بيته، ثمّ لقي سعدٌ الرّجل فقال: أمّا رسول اللّه فذكرك اليوم، فأتى الرّجل النّبيّ عليه السّلام فقال: يا رسول اللّه توفّي بنيّي، فقعدت في بيتي، فقال رسول اللّه: أما
ترضى أن تكفى مئونته في الدّنيا ولا تأتي على بابٍ من أبواب الجنّة إلا وجدته بإزائه ينتظر.
قال: وحدّثنيه الحسن، عن الحسن.
قال يحيى: ومن كان من أولاد المشركين، فمات قبل أن يجري عليه القلم، فليس يكونوا من آبائهم في النّار لأنّهم ماتوا على الميثاق الّذي أخذ عليهم في صلب آدم، ولم ينقضوا الميثاق، فهم خدمٌ لأهل الجنّة.
- حدّثني الرّبيع بن صبيحٍ، عن يزيد الرّقاشيّ، عن أنس بن مالكٍ، قال: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن أطفال المشركين، فقال: لم تكن لهم
[تفسير القرآن العظيم: 2/656]
حسناتٌ، فيجزون بها، فيكونوا من ملوك أهل الجنّة، ولم تكن لهم سيّئاتٌ، فيعاقبوا بها، فيكونوا من أهل النّار، فهم خدمٌ لأهل الجنّة.
- قال الخليل بن مرّة، وهمّام بن يحيى، عن قتادة، عن أبي مراية العجليّ، عن سلمان الفارسيّ، قال: أطفال المشركين خدمٌ لأهل الجنّة
قال الخليل: قال قتادة: فذكرت ذلك للحسن قال: وما تنكرون؟ قومٌ أكرمهم اللّه وأكرم بهم، يعني: أهل الجنّة.
- وحدّثني ابن أبي ذئبٍ، عن الزّهريّ، عن عطاء بن يزيد اللّيثيّ، عن أبي هريرة، أنّ النّبيّ عليه السّلام سئل عن أطفال المشركين، فقال: اللّه أعلم بما كانوا عاملين.
قال يحيى: أي: لو بلغوا.
- وحدّثنا عثمان، عن نعيم بن عبد اللّه، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه عليه السّلام: " كلّ مولودٍ يولد على الفطرة حتّى يعبّر عنه لسانه، فأبواه يهوّدانه وينصّرانه، قيل: يا رسول اللّه، فالّذي يموت صغيرًا؟ قال: اللّه أعلم بما كانوا عاملين ".
- وحدّثني قرّة بن خالدٍ، عن الحسن، قال: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من في الجنّة، فقال: «النّبيّ في الجنّة، والشّهيد في الجنّة، والمولود في الجنّة، والموءودة في الجنّة».
[تفسير القرآن العظيم: 2/657]
وحدّثني قرّة بن خالدٍ، عن الحسن، قال: أربعةٌ يرجّون العذر يوم القيامة: من مات قبل الإسلام، ومن أدركه الإسلام وهو هرمٌ قد ذهب عقله، ومن ولدته أمّه لا يسمع الصّوت، والّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ، فكلّ هؤلاء يرجّون العذر يوم القيامة، قال: فيرسل اللّه تبارك وتعالى إليهم رسولا، فيوقد نارًا فيأمرهم أن يقعوا فيها فمن بين واقعٍ ومن بين هاربٍ.
قال يحيى: بلغني أنّه من واقعها نجا من النّار، ومن لم يقعها دخل النّار.
قال يحيى: نرى أنّ الّذي ينجو من النّار: من ولدته أمّه لا يسمع الصّوت، والّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ، والاثنان الآخران ليس لهما عذرٌ: الّذي مات قبل الإسلام، ومن أدركه الإسلام وهو هرمٌ قد ذهب عقله، وهو قول اللّه عزّ وجلّ: {إنّهم ألفوا آباءهم ضالّين {69} فهم على آثارهم يهرعون {70}} [الصافات: 69-70].
- حمّاد بن سلمة، عن حمّاد بن أبي سليمان، أنّ أبا هريرة قال: ثلاثةٌ يحتجّون على اللّه يوم القيامة: رجلٌ مات في الجاهليّة، ورجلٌ أدرك الإسلام هرمًا، ومعتوهٌ أصمّ أبكم.
قوله عزّ وجلّ: {لا تبديل لخلق اللّه} [الروم: 30] لدين اللّه، كقوله: {إنّ عبادي} [الحجر: 42]، أي: المؤمنين {ليس لك عليهم سلطانٌ} [الحجر: 42] وكقوله: {من يهد اللّه فهو المهتد} [الكهف: 17] لا يستطيع أحدٌ أن يضلّه، وكقوله: {إنّه ليس له سلطانٌ على الّذين آمنوا} [النحل: 99].
قال: {ذلك الدّين القيّم ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون} [الروم: 30] وهم المشركون). [تفسير القرآن العظيم: 2/658]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ)
: (وقوله: {فطرت اللّه...}
يريد: دين الله منصوب على الفعل، كقوله: {صبغة الله}, وقوله: {الّتي فطر النّاس عليها} يقول: المولود على الفطرة حتى يكون أبواه اللذان ينصّرانه , أو يهوّدانه, ويقال : فطرة الله , أن الله فطر العباد على هذا: على أن يعرفوا أنّ لهم ربّاً ومدبّراً.). [معاني القرآن: 2/324]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({ فطرة الله الّتي فطر النّاس عليها }, أي : صبغة الله التي خلق عليها الناس، وفي الحديث: ((كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه الذين يهودانه , وينصرانه )), أي: على الملة , والصبغة, وهي واحدة وهي العهد الذي كان أخذه الله منهم ونصبوها على موضع المصدر وإن شئت فعلى موضع الفعل قال:

إنّ نزاراً أصبحت نزاراً= دعوة أبرارٍ دعوا أبرارا). [مجاز القرآن: 2/122]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ)
: ({فأقم وجهك للدّين حنيفاً فطرت اللّه الّتي فطر النّاس عليها لا تبديل لخلق اللّه ذلك الدّين القيّم ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون}
وقال: {فطرت اللّه} , فنصبها على الفعل , كأنه قال "فطر الله تلك فطرةً".). [معاني القرآن: 3/27]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ)
: ({منيبين إليه واتّقوه وأقيموا الصّلاة ولا تكونوا من المشركين}
وقال: {منيبين} على الحال لأنه حين قال: {فأقم وجهك} قد أمره , وأمر قومه حتى ؛ كأنه قال "فأقيموا وجوهكم منيبين".). [معاني القرآن: 3/27] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({فطرت اللّه الّتي فطر النّاس عليها}, أي : خلقة اللّه التي خلق الناس عليها، وهي: أن فطرهم جميعا على أن يعلموا أن لهم خالقا ومدبّرا, {لا تبديل لخلق اللّه} , أي : لا تغيير لما فطرهم عليه من ذلك. ثم قال عز من قائل: {ذلك الدّين القيّم ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون} ). [تفسير غريب القرآن: 341]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والخلق: الدّين، كقوله تعالى: {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ}، أي لدين الله. وقال تعالى: {وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ}، أي دينه: ويقال: تغيير خلقه بالخصاء وبتك الآذان، وأشباه ذلك). [تأويل مشكل القرآن: 507] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله عزّ وجلّ:{فأقم وجهك للدّين حنيفا فطرت اللّه الّتي فطر النّاس عليها لا تبديل لخلق اللّه ذلك الدّين القيّم ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون (30)} الحنيف : الذي يميل إلى الشيء , فلا يرجع عنه كالحنف في الرجل , وهو ميلها إلى خارجها خلقة, لا يملك الأحنف إن يردّ حنفه. وقوله عزّ وجلّ :{فطرت اللّه الّتي فطر النّاس عليها} {فطرت اللّه}: منصوب بمعنى : اتبع فطرة اللّه، لأن معنى {فأقم وجهك}اتبع الدين القيّم, اتبع فطرة اللّه، ومعنى : فطرة الله : خلقة اللّه التي خلق عليها البشر، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه يهوّدانه وينصّرانه ويمجّسانه .)). معناه: أن اللّه عزّ وجلّ فطر الخلق على الإيمان على ما جاء في الحديث، أن اللّه جل ثناؤه أخرج من صلب آدم ذريته كالذّرّ، وأشهدهم على أنفسهم بأنه خالقهم، قال اللّه عزّ وجلّ: {وإذ أخذ ربّك من بني آدم من ظهورهم ذرّيّتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربّكم قالوا بلى} فكل مولود , فهو من تلك الذرية التي شهدت بأنّ اللّه خالقها. فمعنى {فطرت اللّه}:دين الله الذي فطر الناس عليه. وقوله عزّ وجلّ:{لا تبديل لخلق اللّه} أكثر ما جاء في التفسير أن معناه : لا تبديل لدين اللّه، وما بعده يدل عليه، وهو قوله: {ذلك الدّين القيّم ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون}, أي : لا يعلمون بحقيقة ذلك.). [معاني القرآن: 4/184-185]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ)
: (وقوله جل وعز: {فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها}
الفطرة ابتداء الخلق , ومنه فاطر السموات , ومنه فطر ناب البعير , ومنه فطرت البئر, أي: ابتدأت حفرها. أي: ابتدأ خلقهم على أنهم يعلمون أن لهم خالقا ومدبراً. وفي الحديث , عن النبي صلى الله عليه وسلم :((كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما اللذان يهودانه, وينصرانه)). قال الأوزاعي, وحماد بن سلمة هذا مثل قوله تعالى: {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم} والمعنى على هذا:كل مولود يولد على العهد الذي أخذ عليه. وفي الحديث: (( أخرجهم أمثال الذر فأخذ عليهم العهد , فكل مولود يولد على ذلك العهد.)), وإن نسب عبادته إلى غير الله جل وعز أو ووصفه بغير صفته حتى يكون أبواه يعلمانه اليهودية , والنصرانية. وقيل : على الخلقة التي تعرفونها لا تميز شيئا .
وقال عبد الله بن المبارك : هذا لمن يكون مسلما يذهب إلى أنه مخصوص .
وقال محمد بن الحسن : هذا من قبل أن تنزل الفرائض , ويؤمر بالجهاد.

قال أبو جعفر : وأولاها القول الأول , وهو قول أهل السنة, وهو موافق للغة, ولا يجوز أن يكون منسوخا لأنه خبر , ولا يكون خاصا , وإنما أشكل معنى الحديث ؛ لأنهم تأولوا الفطرة على الإسلام , وإنما هي: ابتداء الخلق.).
[معاني القرآن: 5/259-261]

قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ)
: ({فِطْرَةَ اللَّهِ}: خلق الله.). [العمدة في غريب القرآن: 238]


تفسير قوله تعالى: {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {منيبين إليه} [الروم: 31] مقبلين إليه بالإخلاص، مخلصين له، وهذا تبعٌ للكلام الأوّل: {فأقم وجهك للدّين} [الروم: 30]، يعني: التّوحيد، وهو تفسير السّدّيّ {حنيفًا} [الروم: 30].
قال: {واتّقوه وأقيموا الصّلاة} [الروم: 31] المفروضة.
{ولا تكونوا من المشركين {31}). [تفسير القرآن العظيم: 2/659]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {منيبين...}
منصوبة على الفعل، وإن شئت على القطع: فأقم وجهك , ومن معك منيبين , مقبلين إليه. وقوله: {ولا تكونوا من المشركين}, {من الّذين فارقوا دينهم} , فهذا وجهٌ.). [معاني القرآن: 2/325]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({منيبين إليه}: أي : راجعين تائبين.). [مجاز القرآن: 2/122]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({منيبين إليه واتّقوه وأقيموا الصّلاة ولا تكونوا من المشركين} وقال: {منيبين} على الحال؛ لأنه حين قال: {فأقم وجهك}, قد أمره , وأمر قومه حتى كأنه قال : "فأقيموا وجوهكم منيبين"). [معاني القرآن: 3/27]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {منيبين إليه} : أي : مقبلين إليه بالطاعة, ويقال: أناب ينيب، إذا رجع عن باطل الذي كان عليه.). [تفسير غريب القرآن: 341]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {منيبين إليه واتّقوه وأقيموا الصّلاة ولا تكونوا من المشركين (31)}
{منيبين}: منصوب على الحال , بقوله: {فأقم وجهك}. زعم جميع النحويين أن معنى هذا : فأقيموا وجوهكم منيبين إليه، لأن مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم يدخل معه فيها الأمة، والدليل على ذلك قوله: {يا أيّها النّبيّ إذا طلّقتم النّساء} وقوله :{منيبين}, معناه : راجعين إليه , إلى كل ما أمر به , ولا يخرجون عن شيء من أمره، فأعلمهم اللّه عزّ وجلّ أن الطريقة المستقيمة في دين الإسلام هي : اتباع الفطرة , والتقوى مع الإسلام , وأداء الفرائض., وأنه لا ينفع ذلك إلا بالإخلاص في التوحيد , فقال:{ولا تكونوا من المشركين (31) من الّذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعا كلّ حزب بما لديهم فرحون (32) }). [معاني القرآن: 4/185]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين} : منيبين إليه , أي: راجعين إليه بالطاعة . والمعنى : فأقيموا وجوهكم منيبين إليه.). [معاني القرآن: 5/261]

تفسير قوله تعالى:{مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32) }

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({من الّذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعًا} [الروم: 32] فرقًا.
وقال السّدّيّ: أحزابًا، يعني: أهل الكتاب.
{كلّ حزبٍ} [الروم: 32] كلّ قومٍ.
{بما لديهم} [الروم: 32] بما عندهم، أي: بما هم عليه.
{فرحون} [الروم: 32] يقول: راضون، وهو تفسير السّدّيّ). [تفسير القرآن العظيم: 2/659]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {ولا تكونوا من المشركين}{من الّذين فارقوا دينهم} فهذا وجهٌ. وإن شئت استأنفت, فقلت: {من الّذين فارقوا دينهم وكانوا شيعاً كلّ حزبٍ بما لديهم فرحون}. كأنك قلت: الذين تفرقوا , وتشايعوا , كلّ حزبٍ بما في يده فرح.). [معاني القرآن: 2/325]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ)
: ({كانوا شيعاً}: أي: أحزاباً فرقا, {كلّ حزبٍ بما لديهم فرحون }, أي : كل شيعة , وفرقة بما عندهم ,{ فتمتعوا فسوف تعلمون}: مجازه مجاز التوعد , والتهدد , وليس بأمر طاعة , ولا فريضة.). [مجاز القرآن: 2/122]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
(والفرح: الرضا؛ لأنه عن المسرة يكون، قال الله تعالى: {كلّ حزبٍ بما لديهم فرحون} أي راضون، وقال: {فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ} أي رضوا). [تأويل مشكل القرآن: 491]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( {ولا تكونوا من المشركين (31) من الّذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعا كلّ حزب بما لديهم فرحون (32)} {فارقوا دينهم}, وقرئت:{فرّقوا دينهم} {وكانوا شيعا}: فرقا، فأمرهم اللّه عزّ وجلّ بالاجتماع , والألفة , ولزوم الجماعة، والسنة في الهداية، والضلالة : هي الفرقة. وقوله عزّ وجلّ: {كل حزب بما لديهم فرحون} : أي : كل حزب من هذه الجماعة الذين فارقوا دينهم فرح , يظن: أنه هو المهتدي.). [معاني القرآن: 4/185-186]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ومعنى {كل حزب بما لديهم فرحون} : كل يقول: إني على الهدى.). [معاني القرآن: 5/262]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (33)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وإذا مسّ النّاس ضرٌّ} [الروم: 33] قال السّدّيّ: والضّرّ هاهنا قحط المطر.
{دعوا ربّهم منيبين إليه} [الروم: 33] مخلصين في الدّعاء.
{ثمّ إذا أذاقهم منه رحمةً} [الروم: 33]، يعني: المطر في تفسير السّدّيّ.
وقال يحيى: {إذا أذاقهم منه رحمةً} [الروم: 33] كشف عنهم ذلك.
{إذا فريقٌ منهم} [الروم: 33]، يعني: المشركين.
{بربّهم يشركون {33}). [تفسير القرآن العظيم: 2/659]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({ إذا هم يقنطون }: أي : يئسون .
قال حميد الأرقط:
= قد وجدوا الحجاج غير قانط). [مجاز القرآن: 2/122]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (ثم أعلم اللّه عزّ وجلّ أنهم إذا مسهم ضر دعوا ربهم منيبين إليه، أي: لا يلجأون في شدائدهم إلى من عبدوه مع اللّه عز وجل , إنما يرجعون في دعائهم إليه وحده. {ثمّ إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربّهم يشركون (33)}: أي: إذا أذاقهم رحمة بأن يخلصهم من تلك الشدة التي دعوا فيها الله وحده , مروا بعد ذلك على شركهم.).[معاني القرآن: 4/186]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ)
: (ثم قال جل وعز: {وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه}
أي : لم يلتجئوا إلا إليه, وتركوا ما كانوا يعبدون من دونه.). [معاني القرآن: 5/262]

تفسير قوله تعالى: {لِيَكْفُرُوا بِمَا آَتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (34) }

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({ليكفروا بما آتيناهم} [الروم: 34]، يعني: لئلا يكفروا بما آتيناهم.
قال يحيى: أي: فكفروا بما آتيناهم من النّعم حيث أشركوا.
ثمّ قال: {فتمتّعوا} [الروم: 34] إلى موتكم.
{فسوف تعلمون} [الروم: 34] وهذا وعيدٌ وهي تقرأ أيضًا على الياء فيتمتّعوا.
[تفسير القرآن العظيم: 2/659]
يخبر عنهم {فسوف تعلمون} [الروم: 34] وعيدًا لهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/660]

قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ)
: ({ليكفروا بما آتيناهم فتمتّعوا فسوف تعلمون}
وقال: {ليكفروا بما آتيناهم فتمتّعوا} , فمعناه - والله أعلم - : فعلوا ذلك ليكفروا, وإنما أقبل عليهم , فقال "تمتّعوا" {فسوف تعلمون} ,وقال بعضهم : {فتمتّعوا فسوف يعلمون} , كأنه "فقد تمتّعوا فسوف يعلمون"). [معاني القرآن: 3/27]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقولهم عزّ وجلّ: {ليكفروا بما آتيناهم فتمتّعوا فسوف تعلمون (34)} معنى " فتمتعوا " خطاب بعد الإخبار؛ لأنه لمّا قال: " ليكفروا " كان خبرا عن غائب, فكان المعنى : فتمتعوا أيها الفاعلون لهذا , فسوف تعلمون, وليس هذا بأمر لازم أمرهم اللّه به. وهو أمر على جهة الوعيد , والتهدّد، وذلك مستعمل في كلام الناس تقول: إن أسمعتني مكروها , فعلت بك وصنعت , ثم تقول: افعل بي كذا وكذا , فإنك سترى ما ينزل بك، فليس إذا لم يسمعك كان عاصيا لك, فهذا دليل أنه ليس بأمر لازم، وكذلك: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} وكذلك: {اعملوا ما شئتم} لم يخيّروا بين الإيمان , والكفر , ولكنه جرى على خطاب العباد , وحوار العرب الذي تستعمله في المبالغة في الوعيد، ألا ترى أن قوله بعد :{فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنّا أعتدنا للظّالمين نارا أحاط بهم سرادقها}, فهذا مما يؤكد أمر الوعيد.). [معاني القرآن: 186-187]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ)
: (ثم قال جل وعز: {ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون}
فخرج من الإخبار إلى المخاطبة, وهذا على التهديد والوعيد , كما قال جل وعز: {وقل الحق من ربكم فمن شاء فيؤمن ومن شاء فليكفر}). [معاني القرآن: 5/262]

تفسير قوله تعالى: {أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ (35)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {أم أنزلنا عليهم سلطانًا} [الروم: 35]، أي: حجّةً.
{فهو يتكلّم} [الروم: 35]، أي: فذلك السّلطان يتكلّم، وهي الحجّة.
{بما كانوا به يشركون} [الروم: 35] وهذا استفهامٌ، أي: لم تنزل عليهم حجّةٌ بذلك، أي: لم يأمرهم أن يشركوا.
وقال السّدّيّ: {أم أنزلنا عليهم سلطانًا} [الروم: 35]، أي: حجّةً في كتابٍ بأنّ مع اللّه شريكًا فإنّهم ليس لهم حجّةٌ). [تفسير القرآن العظيم: 2/660]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {أنزلنا عليهم سلطاناً...}: كتاباً , فهو يأمرهم بعبادة الأصنام, وشركهم.).
[معاني القرآن: 2/325]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ( {أم أنزلنا عليهم سلطاناً}, أي : عذرا. ويقال: كتاباً, ويقال: برهاناً, {فهو يتكلّم بما كانوا به يشركون}: فهو يدلّهم على الشرك, وهو مجاز.).
[تفسير غريب القرآن: 341-342]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
(وقد تبين لمن قد عرف اللغة، أن القول يقع فيه المجاز، فيقال: قال الحائط فمال، وقل برأسك إليّ، أي أمله، وقالت الناقة، وقال البعير.
ولا يقال في مثل هذا المعنى: تكلم، ولا يعقل الكلام إلا بالنطق بعينه، خلا موضع واحد وهو أن تتبين في شيء من الموات عبرة وموعظة فتقول خبّر وتكلم وذكّر؛ لأنه دلّك معنى فيه، فكأنه كلمك، وقال الشاعر:
وَعَظَتكَ أَجْدَاثٌ صُمُتْ = وَنَعَتْكَ أَلْسِنَةٌ خُفُتْ
وَتَكَلَّمَت عَن أَوجهٍ = تَبْلَى وَعَنْ صُوَرٍ سُبُتْ
وَأَرَتْكَ قَبْرَك فِي القُبُو = رِ وَأَنتَ حَيٌّ لَمْ تَمُتْ

وقال الكميت يمدح رجلا:
أخبرت عن فعاله الأرض واستنـ = طَقَ مِنها اليبابَ والمعمورا
أراد أنه حفر فيها الأنهار، وغرس الأشجار، وأثّر الآثار، فلما تبيّنت للناظر صارت كأنها مخبرة.
وقال عوف بن الخرع يذكر الدار:
وقفت بها ما تبينُ الكلامَ = لِسَائِلِهَا القولَ إلا سرارا
يقول: ليست تبين الكلام لمخاطبها، إلا أنّ ظاهر ما يرى دليل على الحال، فكأنه سرار من القول، ولهذا قالت الحكماء: كل صامت ناطق. يريدون أنّ أثر الصنعة فيه يدل على محدثه ومدبّره. ومن هذا قول الله عز وجل: {أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ} أي أنزلنا عليهم برهانا يستدلون به، فهو يدلهم). [تأويل مشكل القرآن: 109-110]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {أم أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون} روى سعيد بن جبير , عن ابن عباس قال : (كل سلطان في القرآن , فهو عذر , وحجة) .
قال أبو جعفر : المعنى : أم أنزلنا عليهم كتابا فيه عذر , أو حجة , أو برهان يدلهم على الشرك.). [معاني القرآن: 5/263]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا}: أي : عذراً، أو كتاباً، أو حجة، أو برهان.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 188]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ (36)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وإذا أذقنا النّاس رحمةً} [الروم: 36]، يعني: عافيةً وسعةً.
{فرحوا بها وإن تصبهم سيّئةٌ} [الروم: 36] شدّةٌ وعقوبةٌ {وإن تصبهم سيّئةٌ} [الروم: 36] قال السّدّيّ: {بما قدّمت أيديهم} [الروم: 36]، يعني: القحط والمطر.
قال: {بما قدّمت أيديهم} [الروم: 36] يقول: بذنوبهم.
{إذا هم يقنطون} [الروم: 36] ييأسون من أن يصيبهم رخاءٌ بعد تلك الشّدّة، يعني: المشركين). [تفسير القرآن العظيم: 2/660]

قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ)
: ({وإذا أذقنا النّاس رحمةً فرحوا بها وإن تصبهم سيّئةٌ بما قدّمت أيديهم إذا هم يقنطون}
وقال: {وإن تصبهم سيّئةٌ إذا هم يقنطون}, فقوله: {إذا هم يقنطون} , و الجواب ؛ لأن "إذا" معلقة بالكلام الأول بمنزلة الفاء.). [معاني القرآن: 3/27-28]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ({وإذا أذقنا النّاس رحمةً} : أي : نعمة, {وإن تصبهم سيّئةٌ}: أي: مصيبة.).
[تفسير غريب القرآن: 342]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
( {وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (78) مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ}.
الحسنة هاهنا: الخصب والمطر. يقول: إن أصابهم خصب وغيث قالوا: هذا من عند الله. والسيئة: الجدب والقحط. يقول: وإن تصبهم سيئة يقولوا: هذه من عندك. أي بشؤمك، يقول الله تعالى: {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}. ومثل هذا قوله حكاية عن فرعون وملئه: {فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ} يريد إذا جاءهم الخصب والمطر قالوا: هذا هو ما لم نزل نتعرّفه. {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ} أي يتشاءمون بهم. {أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ} أي ما تطيّروا بموسى- لمجيئه- من عند الله. [تأويل مشكل القرآن: 391] ونحو قوله: {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا} أي: خصبا وخيرا {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ} أي جدب وقحط {بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} أي بذنوبهم {إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ}). [تأويل مشكل القرآن: 392] (م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ)
: (ثم قال جل وعز: {وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها} أي : نعمة فرحوا بها , وإن تصبهم سيئة , أي: وإن تصبهم مصيبة.). [معاني القرآن: 5/263]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يَقْنَطُونَ}: ييأسون.). [العمدة في غريب القرآن: 239]

تفسير قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (37) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {أولم يروا أنّ اللّه يبسط الرّزق لمن يشاء} [الروم: 37] يوسّع عليه {ويقدر} [الزمر: 52]، أي: ويقتّر عليه.
{إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يؤمنون} [الروم: 37]، أي: إنّ في ما يبسط اللّه من الرّزق ويقتّر {لآياتٍ لقومٍ يؤمنون} [الروم: 37]). [تفسير القرآن العظيم: 2/660]

تفسير قوله تعالى: {فَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (38)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {فآت ذا القربى حقّه والمسكين وابن السّبيل} [الروم: 38].
قال الحسن: بعض هذه الآية تطوّعٌ وبعضها فريضةٌ.
فأمّا قوله: {فآت ذا القربى حقّه} [الروم: 38] فهو تطوّعٌ، وهو ما أمره اللّه تبارك وتعالى به من صلة القرابة، وأمّا قوله: {والمسكين وابن السّبيل} [الروم: 38]، يعني: الزّكاة.
قال يحيى: حدّثونا إنّ الزّكاة فرضت بمكّة ولكن لم تكن شيئًا معلومًا.
وقال الكلبيّ في تفسير هذه الآية: أمرت أن تصل القرابة، وتطعم المسكين، وتحسن إلى ابن السّبيل هو الضّيف.
قال: {ذلك خيرٌ للّذين يريدون وجه اللّه وأولئك هم المفلحون} [الروم: 38] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/661]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله:{فآت ذا القربى حقّه والمسكين وابن السّبيل ذلك خير للّذين يريدون وجه اللّه وأولئك هم المفلحون (38)}
جعل اللّه عزّ وجلّ لذي القربى حقّا , وكذلك للمساكين, وابن السّبيل الضّيف , فجعل الضيافة لازمة, فأمّا القرابات , فالمواريث قد بيّنت ما يجب لكل صنف منهم، وفرائض المواريث كأنها قد نسخت هذا , أعني : أمر حق القرابة، وجائز أن يكون للقرابة حق لازم في البر.). [معاني القرآن: 4/187]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ)
: (وقوله جل وعز: {فآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل}
قال قتادة: إذا لم تعط ذا قرابتك , وتمشي إليه برجليك , فقد قطعته.). [معاني القرآن: 5/263-264]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (39)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وما آتيتم من ربًا ليربو في أموال النّاس فلا يربو عند اللّه} [الروم: 39].
قال: حدّثنا عبد العزيز بن أبي الرّوّاد، عن الضّحّاك بن مزاحمٍ قال: تلك الهديّة تهديها ليهدى لك خيرٌ منها ليس لك فيها أجرٌ، وليس عليك فيها وزرٌ، ونهى عنها النّبيّ عليه السّلام، فقال: {ولا تمنن تستكثر} [المدثر: 6].
- وحدّثني ابن لهيعة عن عبد الرّحمن الأعرج أنّه سمع ابن عبّاسٍ قرأها: لتربوا وبعضهم يقرأها: ليربوا، أي: ليربوا ذلك الرّبا الّذي يربون، والرّبا الزّيادة، أي: يهدون إلى النّاس ليهدوا إليكم أكثر منه.
- وحدّثنا موسى بن عليٍّ، عن أبيه أنّ النّبيّ عليه السّلام، قال: «الهديّة رزق اللّه فمن أهدي إليه شيءٌ، فليقبله وليعط خيرًا منه».
[تفسير القرآن العظيم: 2/661]
- وحدّثنا الحسن بن دينارٍ، عن الحسن، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «لا يردّنّ أحدكم على أخيه الهديّة وليهد له كما أهدي له».
قوله عزّ وجلّ: {وما آتيتم من زكاةٍ تريدون وجه اللّه} [الروم: 39] يريد: تريدون به اللّه: وهو تفسير السّدّيّ.
{فأولئك هم المضعفون} [الروم: 39]، يعني: الّذين يضاعف اللّه تبارك وتعالى لهم الحساب). [تفسير القرآن العظيم: 2/662]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {لّيربو...}
قرأها عاصم , والأعمش , ويحيى بن وثّابٍ بالياء , ونصب الواو, وقرأها أهل الحجاز : {لتربو} أنتم, كلّ صواب , ومن قرأ : {ليربو} كان الفعل للربا, ومن قال : {لتربوا} , فالفعل للقوم الذين خوطبوا. دلّ على نصبه سقوط النّون, ومعناه يقول: وما أعطيتم من شيء , لتأخذوا أكثر منه , فليس ذلك بزاكٍ عند الله . {وما آتيتم مّن زكاةٍ تريدون} بها {وجه اللّه}, فتلك تربو للتضعيف. وقوله: {هم المضعفون}: أهل للمضاعفة؛ كما تقول العرب أصبحتم مسمنين معطشين إذا عطشت إليهم, أو سمنت. وسمع الكسائيّ العرب تقول: أصبحت مقوياً , أي : إبلك قويّة، وأصبحت مضعفاً , أي: إبلك ضعاف , تريد: ضعيفة من الضّعف.). [معاني القرآن: 2/325]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ)
: ({فلا يربو عند اللّه }: أي : لا يزيد , ولا يمننى.).
[مجاز القرآن: 2/123]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وما آتيتم من رباً ليربوا في أموال النّاس}: أي: ليزيدكم من أموال الناس، {فلا يربوا عند اللّه}. قال ابن عباس: (هو الرجل يهدي الشيء، يريد أن يثاب أفضل منه, فذلك الذي لا يربو عند اللّه). {وما آتيتم من زكاةٍ} : أي : من صدقة، {تريدون وجه اللّه فأولئك هم المضعفون} , أي : الذين يجدون التضعيف , والزيادة.). [تفسير غريب القرآن: 342]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
(ومنه أن تخاطب الشاهد بشيء ثم تجعل الخطاب له على لفظ الغائب:
كقوله عز وجل: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا}. وقوله: {وما آتيتم من رباً ليربوا في أموال النّاس فلا يربوا عند الله وما آتيتم من زكاةٍ تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون (39)}. وقوله: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ} ثم قال: {أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ}. قال الشاعر:
يا دار ميّة بالعلياء فالسّند = أقوت وطال عليها سالف الأبد
وكذلك أيضا تجعل خطاب الغائب للشاهد: كقول الهذليّ:
يا ويحَ نفسي كان جِدَّةُ خالدٍ = وبياضُ وَجْهِكَ للتُّرَابِ الأَعْفَرِ). [تأويل مشكل القرآن: 289-290] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {وما آتيتم من ربا ليربو في أموال النّاس فلا يربو عند اللّه وما آتيتم من زكاة تريدون وجه اللّه فأولئك هم المضعفون (39)} يعني : به دفع الإنسان الشيء, ليعوض ما هو أكثر منه، فذلك في أكثر التفسير ليس بحرام، ولكنه لا ثواب لمن زاد على ما أخذ. والرّبا : ربوان، والحرام كل قرض يؤخذ به أكثر منه , أو يجرّ منفعة، فهذا حرام، والذي ليس بحرام هو الذي يهبه الإنسان يستدعي به ما هو أكثر منه، أو يهدي الهديّة يستدعي بها ما هو أكثر منها. وقوله: {وما آتيتم من زكاة تريدون وجه اللّه} أي : وما أعطيتم من صدقة , لا تطلبون بها المكافأة , وإنما يقصدون بها ما عند اللّه. {فأولئك هم المضعفون}: أي :فأهلها هم المضعفون، أي: هم الذي يضاعف لهم الثواب. يعطون بالحسنة عشرة أمثالها , ويضاعف الله لمن يشاء، وقيل :{المضعفون}كما يقال رجل مقو، أي : صاحب قوة، وموسر , أي: صاحب يسار، وكذلك مضعف، أي : ذو أضعاف من الحسنات.). [معاني القرآن: 4/187-188]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله}
قال مجاهد , وابن عباس : (هو الرجل يهدي إلى الرجل الهدية , فيطلب ما هو أفضل منها , فليس له أجر , ولا عليه إثم) .

قال عكرمة : (الربا : ربوان , فربا حلال وربا حرام , فأما الحلال : فأن يعطي الرجل الآخر شيئا ؛ ليعطيه أكثر منه , فلا يربوا عند الله , والحرام في النسيئة).
وقال إبراهيم : (كان هذا في الجاهلية : يعطي الرجل ذا قرابته المال ؛ ليكثر عنده , فلا يربو عند الله).
ثم قال جل وعز: {وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون}
قال ابن عباس : {من زكاة }, (أي: من صدقة) ثم قال : {فأولئك هم المضعفون }, أي : الذين يجدون أضعاف ذلك , أي: ذوو الإضعاف كما تقول رجل مقو , أي : ذو قوة.). [معاني القرآن: 5/264-265]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكونَ (40) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {اللّه الّذي خلقكم ثمّ رزقكم ثمّ يميتكم ثمّ يحييكم} [الروم: 40]، يعني: البعث.
{هل من شركائكم} [الروم: 40] استفهامٌ منه، يعني: ما يعبد من دونه.
{من يفعل من ذلكم من شيءٍ} [الروم: 40] يخلق، أو يرزق، أو يميت، أو يحيي.
{سبحانه} ينزّه نفسه.
{وتعالى} [الروم: 40] ارتفع.
{عمّا يشركون} [الروم: 40] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/662]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ)
: ({ الله الّذي خلقكم ثمّ رزقكم ثمّ يميتكم ثمّ يحيكم هل من شركائكم من يّفعل من ذلكم مّن شيءٍ سبحانه وتعالى عمّا يشركون }: مجازه: من يفعل من ذلكم شيئاً، " من " من حروف الزوائد وقد أثبتنا تفسيره في غير مكان , وجاء " من ذلكم " وهو واحد , وقبله جميع .
قال: { خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحيكم }, والعرب قد تفعل مثل ذلك , قال رؤبة بن العجاج:
فيها خطوط من سوادٍ وبلق= كأنه في الجلد توليع البهق
يريد : كأن ذاك , ولم يرد خطوطاً فيؤنثه , ولا سواداً أو بلقاً فيثنيه , وهذا كله يحاجهم به القرآن , وليس باستفهام بـ " هل " , ومعناه: ما من شركائكم مني فعل ذلك. ومجاز " سبحانه " مجاز موضع التنزيه , والتعظيم , والتبرؤ قال الأعشى:
أقول لمّا جاءني فخره= سبحان من علقمة الفاخر
يتبرؤ من ذلك له ؛ وتعالى , أي : علا عن ذلك.). [مجاز القرآن: 2/123]

تفسير قوله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ظهر الفساد في البرّ والبحر} [الروم: 41]، يعني: قحط المطر وقلّة النّبات.
{في البرّ} [الروم: 41]، يعني: في البادية، {والبحر} [الروم: 41]، يعني به العمران والرّيف، وهذا تفسير السّدّيّ.
قال: {بما كسبت أيدي النّاس ليذيقهم بعض الّذي عملوا لعلّهم يرجعون} [الروم: 41] الفساد، الهلاك، يعني: من أهلك من الأمم السّابقة بتكذيبهم رسلهم كقوله: {وكلًّا تبّرنا تتبيرًا} [الفرقان: 39]، أي: أفسدنا فسادًا {لعلّهم يرجعون} [الروم: 41]، يعني: لعلّ
[تفسير القرآن العظيم: 2/662]
من بعدهم أن يرجعوا عن شركهم إلى الإيمان ويتّعظون بهم وقوله: {في البرّ والبحر} [الروم: 41].
حدّثني قرّة بن خالدٍ، عن الحسن، قال: أهلكهم اللّه تبارك وتعالى بذنوبهم في برّ الأرض وبحرها بأعمالهم الخبيثة.
{لعلّهم يرجعون} [الروم: 41] قال: يرجع من كان بعدهم ويتّعظون بهم.
قال يحيى، كقوله: {فكلًّا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبًا} [العنكبوت: 40]، يعني: قوم لوطٍ الّذين كانوا خارجًا من المدينة وأهل السّفر منهم {ومنهم من أخذته الصّيحة} [العنكبوت: 40] ثمود {ومنهم من خسفنا به الأرض} [العنكبوت: 40] قوم لوطٍ، أصاب مدينتهم الخسف، وقارون {ومنهم من أغرقنا} [العنكبوت: 40] قوم نوحٍ، وفرعون وقومه.
وقال مجاهدٌ: {ظهر الفساد في البرّ} [الروم: 41] قتل ابن آدم أخاه {والبحر} [الروم: 41] أخذ الملك السّفن غصبًا). [تفسير القرآن العظيم: 2/663]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ظهر الفساد في البرّ والبحر بما كسبت أيدي النّاس ليذيقهم...} يقول: أجدب البرّ، وانقطعت مادّة البحر بذنوبهم، وكان ذلك ليذاقوا الشدّة بذنوبهم في العاجل.). [معاني القرآن: 2/325]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ظهر الفساد في البرّ والبحر} : أي : أجدب البرّ، وانقطعت مادّة البحر بذنوب الناس.). [تفسير غريب القرآن: 342] قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله تعالى: {ظهر الفساد في البرّ والبحر بما كسبت أيدي النّاس ليذيقهم بعض الّذي عملوا لعلّهم يرجعون (41)} ويقرأ بالياء أيضا ِ{ليذيقهم}, أي : ليذيقهم ثواب بعض أعمالهم. ومعناه: ظهر الجدب في البر والقحط في البحر، أي: في مدن البحر. أي : في المدن التي على الأنهار، وكل ذي ماء , فهو بحر.). [معاني القرآن: 4/188]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس}
قال مجاهد : (في البر : قتل ابن آدم أخاه , والبحر : أخذ السفينة غصبا) .

وقال عكرمة , وقتادة : (البر : البوادي , والبحر : القرى) .

قال قتادة : (والفساد : الشرك) .

قال أبو جعفر : والتقدير على هذا , وفي مواضع البحر, أي: التي على البحر .

وأحسن ما قيل في هذه الآية , والله أعلم قول ابن عباس : حدثنا بكر بن سهل , قال : حدثنا عبد الله بن صالح , عن معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس :{ظهر الفساد في البر والبحر }, يقول : (نقصان البركة بأعمال العباد ؛ كي يتوبوا .
والمعنى على هذا ظهر الجدب في البر والبحر بذنوب الناس)). [معاني القرآن: 5/265-266]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ)
: ({ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْر}: أي: أجدب البر، وانقطعت مادة البحر , بذنوب الناس.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 188]

قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ)
: ({ظَهَرَ الْفَسَادُ}: الحدث). [العمدة في غريب القرآن: 239]


تفسير قوله تعالى: (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ (42) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الّذين من قبل} [الروم: 42] كان عاقبتهم أن دمّر اللّه عليهم ثمّ صيّرهم إلى النّار.
وقوله: {كان أكثرهم مشركين} [الروم: 42]، أي: فأهلكهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/663]

تفسير قوله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ (43)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {فأقم وجهك} [الروم: 43]، أي: وجهتك.
{للدّين القيّم} [الروم: 43] وهو الإسلام.
وقال السّدّيّ: التّوحيد وهو واحدٌ.
{من قبل أن يأتي يومٌ لا مردّ له من اللّه} [الروم: 43]، يعني: يوم القيامة.
{يومئذٍ يصّدّعون} [الروم: 43]، يعني: يتفرّقون فريقٌ في الجنّة وفريقٌ في السّعير). [تفسير القرآن العظيم: 2/663]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يصّدّعون...}:يتفرقون. قال: وسمعت العرب تقول: صدعت غنمي صدعتين؛ كقولك: فرقتها فرقتين). [معاني القرآن: 2/325]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({ يومئذ يّصّدّعون }:أي: يتفرقون , ويتخاذلون). [مجاز القرآن: 2/123]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ)
: ({يومئذ يصدعون}: يتفرقون). [غريب القرآن وتفسيره: 297]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {فأقم وجهك للدّين القيّم من قبل أن يأتي يوم لا مردّ له من اللّه يومئذ يصّدّعون (43)} معنى {فأقم وجهك}: أقم قصدك , واجعل جهتك اتباع الدين القيّم من قبل أن تأتي الساعة , وتقوم القيامة , فلا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل , أو كسبت في إيمانها خيرا. ومعنى: {يومئذ يصّدّعون}:يتفرقون , فيصيرون : فريقا في الجنة , وفريقا في السّعير.). [معاني القرآن: 4/188]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {فأقم وجهك للدين القيم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله يومئذ يصدعون} أي: اجعل قصدك إلى الدين القيم من قبل أن يأتي يوم القيامة , فلا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل . ومعنى :{يصدعون }: يتفرقون: فريقا في الجنة , وفريقا في السعير.). [معاني القرآن: 5/267]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ( {يومئذ يصدعون}, أي: يتفرقون.). [ياقوتة الصراط: 403]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يَصَّدَّعُونَ}: يتفرقون.). [العمدة في غريب القرآن: 239]

تفسير قوله تعالى:{مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ (44)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {من كفر فعليه كفره} [الروم: 44] يثاب عليه النّار.
[تفسير القرآن العظيم: 2/663]
{ومن عمل صالحًا فلأنفسهم يمهدون} [الروم: 44] يوطّئون في الدّنيا القرار في الآخرة بالعمل الصّالح.
عاصم بن حكيمٍ، أنّ مجاهدًا قال: يسوّون المضجع.
- ابن لهيعة، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلالٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «نعمت المطيّة الدّنيا فارتحلوا تبلغكم الآخرة».
وحدّثني الخليل بن مرّة، ذكره بإسنادٍ قال: يقول اللّه تبارك وتعالى: «ادخلوا الجنّة برحمتي واقتسموها بأعمالكم»). [تفسير القرآن العظيم: 2/664]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({ من عمل صالحاً فلأنفسهم يمهدون}, من يقع على الواحد والاثنين , والجميع من المذكر والمؤنث , ومجازها هاهنا مجاز الجميع , { ويمهد }: أي : يكتسب , ويعمل, ويستعد , قال سليمان بن يزيد العدوي:
أمهد لنفسك حان السقم والتلف.= ولا تضعينّ نفساً مالها خلف). [مجاز القرآن: 2/124]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ({فلأنفسهم يمهدون}: أي : يعملون , ويوطّئون, و«المهاد»: الفراش.).[تفسير غريب القرآن: 342]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون (44)} {فلأنفسهم يمهدون}: أي: لأنفسهم يوطئون. وقوله عزّ وجلّ:{ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصراً}
أي : فرأوا النبت قد اصفر وجفّ. {لظلّوا من بعده يكفرون}:ومعناه : ليظلّنّ، لأن معنى الكلام الشرط, والجزاء, فهم يستبشرون بالغيث , ويكفرون إذا انقطع عنهم الغيث , وجفّ النبات.). [معاني القرآن: 4/188-189]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون} روى ابن أبي نجيح , عن مجاهد قال : {فلأنفسهم يمهدون} في القبر
قال أبو جعفر : معنى يمهدون في اللغة : يوطئون لأنفسهم بعمل الخير من المهاد , وهو الفراش.). [معاني القرآن: 5/267-268]

تفسير قوله تعالى: (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (45) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ليجزي الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات من فضله} [الروم: 45] فبفضله يدخلهم الجنّة.
قال: {إنّه لا يحبّ الكافرين} [الروم: 45] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/664]

تفسير قوله تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (46) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ومن آياته أن يرسل الرّياح مبشّراتٍ} [الروم: 46] بالمطر، تفسير مجاهدٍ وغيره.
{وليذيقكم من رحمته} [الروم: 46] وهو المطر.
{ولتجري الفلك} [الروم: 46] السّفن.
{بأمره ولتبتغوا من فضله} [الروم: 46] قال مجاهدٌ: طلب التّجارة في البحر، وهذا تبعٌ للكلام الأوّل في قوله: {ومن آياته أن يرسل الرّياح مبشّراتٍ} [الروم: 46] وما ذكر من المطر والسّفر وطلب الفضل.
قال: {ولعلّكم تشكرون} [الروم: 46]، أي: لكي تشكروا). [تفسير القرآن العظيم: 2/664]

تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (47) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبيّنات} [الروم: 47]
[تفسير القرآن العظيم: 2/664]
أي فكذّبوا.
{فانتقمنا من الّذين أجرموا} [الروم: 47] أشركوا.
{وكان حقًّا علينا نصر المؤمنين} [الروم: 47] إجابة دعاء الأنبياء على قومهم بالهلاك حين كذّبوهم، فأمروا بالدّعاء عليهم ثمّ استجيب لهم، فأهلكهم اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 2/665]

تفسير قوله تعالى: {للَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (48)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {اللّه الّذي يرسل الرّياح فتثير سحابًا فيبسطه في السّماء كيف يشاء ويجعله كسفًا} [الروم: 48]، يعني: قطعًا بعضه على بعضٍ.
{فترى الودق يخرج من خلاله} [الروم: 48] قال مجاهدٌ: المطر.
{يخرج من خلاله} [الروم: 48] من خلال السّحاب.
قال: وحدّثني قرّة بن خالدٍ، عن الضّحّاك بن مزاحمٍ أنّه كان يقرأ هذا الحرف: يخرج من خلله، أي: من خلل السّحاب.
قوله: {فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون} [الروم: 48] به). [تفسير القرآن العظيم: 2/665]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({فتثير سحاباً }: مجازه: تجمع , وتستخرج. { الودق}, والقطر واحد قال:
فلا مزنةٌ ودقت ودقها= ولا أرضٌ أبقل أبقالها

{من خلاله}: أي : من بينه.). [مجاز القرآن: 2/124]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ({فترى الودق} : أي: المطر، {يخرج من خلاله}: أي : من بين السحاب.). [تفسير غريب القرآن: 342]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {اللّه الّذي يرسل الرّياح فتثير سحابا فيبسطه في السّماء كيف يشاء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون (48)}
{ويجعله كسفاً}: أي: قطعاً من السحاب. وقوله: {فترى الودق يخرج من خلاله} أي : فترى المطر يخرج من خلل السحاب، فأعلم عزّ وجلّ : أنه ينشئ السحاب , ويحي الأرض , ويرسل الرياح، وذلك كله دليل على القدرة التي يعجز عنها المخلوقون، وأنه قادر على إحياء الموتى.). [معاني القرآن: 4/189]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله} : ويجعله كسفا , جمع كسفة , وهي القطعة {فترى الودق } , قال مجاهد: أي: القطر يخرج من خلاله , أي: من بين السحاب.).[معاني القرآن: 5/268]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ)
: ({الْوَدْقَ}: المطر, و{خِلَالِهِ}: أي: من بين السحاب). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 188]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (49)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وإن كانوا من قبل أن ينزّل عليهم} [الروم: 49] المطر.
{من قبله لمبلسين} [الروم: 49] ليائسين من المطر كقوله: {وهو الّذي ينزّل الغيث من بعد ما قنطوا} [الشورى: 28].
قوله عزّ وجلّ: {وإن كانوا من قبل أن ينزّل عليهم} [الروم: 49] المطر.
{من قبله} [الروم: 49] وهو كلامٌ من كلام العرب مثنًّى مثل قوله: {وهم بالآخرة هم يوقنون} [النمل: 3] وكقوله: {وهم عن الآخرة هم غافلون} [الروم: 7] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/665]

قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ)
: ({وإن كانوا من قبل أن ينزّل عليهم مّن قبله لمبلسين}
وقال: {وإن كانوا من قبل أن ينزّل عليهم مّن قبله لمبلسين} فرد {مّن قبله} على التوكيد نحو {فسجد الملائكة كلّهم أجمعون} ). [معاني القرآن: 3/28]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {لمبلسين}: أي: يائسين, يقال: أبلس، إذا يئس.).[تفسير غريب القرآن: 342]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله تعالى:{وإن كانوا من قبل أن ينزّل عليهم من قبله لمبلسين (49)}
المعنى : أن ينزل عليهم المطر، ويقرأ: {أن ينزل}, ومعنى :{مبلسين} : منقطعين انقطاع آيسين. فأمّا تكرير قوله {من قبل}, ففيه وجهان:
قال قطرب: إن قبل الأولى : للتنزيل، وقبل الثانية : للمطر.

وقال الأخفش وغيره من البصريين: تكرير قبل على جهة التوكيد.
والمعنى : وإن كانوا من قبل تنزيل المطر لمبلسين. والقول كما قالوا ؛ لأن تنزيل المطر بمعنى : المطر، لأن المطر لا يكون إلا بتنزيل , كما أن الرياح لا تعرف إلا بمرورها. قال الشاعر:
مشين كما اهتزّت رماح= تسفّهت أعاليها مرّ الرّياح النّواسم
فمعنى : مر الرياح , كقولك :
= تسفهت أعاليها مر الرياح النواسم). [معاني القرآن: 4/189-190]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين} في تكرير قبل ههنا ثلاثة أقوال:
أ- قال الأخفش سعيد : هذا على التوكيد , وأكثر النحويين على هذا القول .
ب- وقال قطرب : أي : وإن كانوا من قبل التنزيل : من قبل المطر

ج- والقول الثالث عندي أحسنها : وهو أن يكون المعنى :من قبل السحاب : أي: من قبل رؤية السحاب ليائسين , وقد تقدم ذكر السحاب.). [معاني القرآن: 5/269]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ) : ({لمبلسين}:لمتحيرين.). [ياقوتة الصراط: 404]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لمُبْلِسِينَ}: مبهوتين.). [العمدة في غريب القرآن: 239]

تفسير قوله تعالى:{فَانْظُرْ إِلَى آَثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (50)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {فانظر إلى آثار رحمة اللّه} [الروم: 50]، يعني: المطر.
[تفسير القرآن العظيم: 2/665]
{كيف يحيي الأرض بعد موتها} [الروم: 50]، يعني: النّبات الّذي أنبته اللّه تبارك وتعالى بذلك المطر.
قال: {إنّ ذلك لمحيي الموتى وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ} [الروم: 50]، أي: فالّذي أنبت هذا النّبات، يريد المطر، قادرٌ على أن يبعث الخلق يوم القيامة). [تفسير القرآن العظيم: 2/666]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إلى آثار رحمت اللّه...} قرأها عاصم , والأعمش : {آثار}, وأهل الحجاز :{أثر}, وكلّ صواب.). [معاني القرآن: 2/326]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحي الأرض بعد موتها إنّ ذلك لمحيي الموتى وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ }: المحيي الموتى هو الله , ولم تقع هذه الصفة على رحمة الله , ولكنها وقعت على أن الله هو محيي الموتى , وهو على كل شيء قدير. والعرب قد تفعل ذلك , فتصف الآخر , وتترك الأول, يقولون: رأيت غلام زيدٍ , أنه عنه لحليم , أي : أن زيداً عن غلامه , وعن غيره لحليم.). [مجاز القرآن: 2/125]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({فانظر إلى آثار رحمت اللّه} : يعني: آثار المطر.). [تفسير غريب القرآن: 343]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ:{فانظر إلى آثار رحمت اللّه كيف يحي الأرض بعد موتها إنّ ذلك لمحي الموتى وهو على كلّ شيء قدير (50)} {أثر رحمت الله}, ويقرأ : {آثار رحمت اللّه}, يعني : آثار المطر الذي هو رحمة من اللّه. {كيف يحي الأرض بعد موتتها}: وإحياؤها أن جعلها تنبت , فكذلك إحياءالموتى، فقال: {إنّ ذلك لمحي الموتى}: ذلك إشارة إلى اللّه عزّ وجلّ.). [معاني القرآن: 4/190]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيى الأرض بعد موتها} {رحمة الله} : أي : المطر الذي هو من رحمة الله .
{كيف يحيى الأرض بعد موتها}
, وقرأ محمد اليماني : {كيف تحيى الأرض بعد موتها}
والمعنى على قراءته : كيف تحيي الرحمة الأرض , أو الآثار , و{يحييى} بالياء , أي: يحيي الله , أو المطر , أو الأثر , فيمن قرأ هكذا.). [معاني القرآن: 5/269-270]

تفسير قوله تعالى:{وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ (51)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولئن أرسلنا ريحًا} [الروم: 51] فأهلكنا به ذلك الزّرع.
{فرأوه مصفرًّا} [الروم: 51] وذلك الزّرع مصفرًّا.
{لظلّوا من بعده} [الروم: 51] من بعد ذلك المطر.
{يكفرون} [الروم: 51] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/666]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فرأوه مصفرّاً...}: يخافون هلاكه بعد اخضراره، يعني : الزرع.). [معاني القرآن: 2/326]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ)
: ({ ولئن أرسلنا ريحاً فرأوه مصفرّاً }: الهاء هاهنا للأثر , كقولك: فرأوا ألثر مصفراً , ومعناه : النبات.). [مجاز القرآن: 2/125]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ)
: (وقوله جل وعز: {ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا لظلوا من بعده يكفرون}
قال النحويون : {فرأوه مصفرا }, أي : فرأوا النبات مصفرا , وحقيقته : فرأوا الأثر مصفرا , {لظلوا من بعده يكفرون }: أي: ليظلن , هذا قول الخليل . قال أبو جعفر : وهذا يقع في حروف المجازاة.).[معاني القرآن: 5/270]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (52)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {فإنّك لا تسمع الموتى} [الروم: 52]، يعني: الكفّار الّذين يموتون على كفرهم.
{ولا تسمع الصّمّ الدّعاء إذا ولّوا مدبرين} [الروم: 52] يقول: إنّ الصّمّ لا يسمعون الدّعاء {إذا ولّوا مدبرين} [الروم: 52] وهذا مثل الكفّار إذا تولّوا عن الهدى لم يسمعوه سمع قبولٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/666]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{فإنّك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصّمّ الدّعاء إذا ولّوا مدبرين (52)} هذا مثل ضربه الله للكفار , كما قال: {صمّ بكم عمي}, فجعلهم في تركهم العمل بما يسمعون , ووعي ما يبصرون بمنزلة الموتى، لأن ما بيّن من قدرته وصنعته التي لا يقدر على مثلها المخلوقون دليل على وحدانيته.). [معاني القرآن: 4/190]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ)
: (ثم قال جل وعز: {فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين}
أي : إنهم بمنزلة الموتى , والصم ؛ لأنهم لا يقبلون لمعاندتتهم.). [معاني القرآن: 5/271]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (53)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وما أنت بهادي العمي} [الروم: 53] عن الهدى {بهادي العمي} [الروم: 53]، يعني: الكفّار.
العمي عن الهدى.
{عن ضلالتهم إن تسمع} [الروم: 53] إن يقبل منك.
{إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون} [الروم: 53] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/666]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {بهاد العمي عن ضلالتهم...}, و{من ضلالتهم} , كلّ صواب.
ومن قال: {عن ضلالتهم}, كأنه قال: ما أنت بصارفٍ العمى عن الضلالة, ومن قال (من) قال: ما أنت بمانعهم من الضلالة.). [معاني القرآن: 2/326]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ( {وما أنت بهاد العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلّا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون (53)} وقوله: {إن تسمع إلّا من يؤمن بآياتنا} أي : ما يسمع إلا من يؤمن بآياتنا، وجعل الإسماع ههنا إسماعا إذا قبل وعمل بما سمع، وإذا لم يقبل بمنزلة ما لم يسمع ولم يبصر. وقوله: {وما أنت بهاد العمي عن ضلالتهم} القراءة بالجر في " العمي " والنصب جائز، بهاد العمي عن ضلالتهم, فالقراءة بالجر، فأمّا النصب , فإن كانت فيها رواية، وإلا فليست القراءة بها جائزة؛ لأن كل ما يقرأ به , ولم يتقدم فيه رواية لقراء الأمصار المتقدّمين , فالقراءة به بدعة , وإن جاز في العربية، والعمل في القراءة كلها على اتباع السّنّة). [معاني القرآن: 4/190-191]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون} أي : ما تسمع إلا من كان قابلا غير معاند). [معاني القرآن: 5/271]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 11 ذو القعدة 1431هـ/18-10-2010م, 07:41 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 54 إلى آخر السورة]

{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (54) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (55) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (56) فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (57) وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآَيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ (58) كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (59) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ (60)}

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (54)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {اللّه الّذي خلقكم من ضعفٍ} [الروم: 54]، يعني: ضعف نطفة الرّجل.
[تفسير القرآن العظيم: 2/666]
{ثمّ جعل من بعد ضعفٍ قوّةً} [الروم: 54]، يعني: شبابه.
عاصم بن حكيمٍ أنّ مجاهدًا قال: شبابه، وهذا قول مجاهدٍ.
{ثمّ جعل من بعد قوّةٍ ضعفًا وشيبةً يخلق ما يشاء وهو العليم القدير} [الروم: 54] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/667]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({خلقكم من ضعفٍ}: أي : صغاراً أطفالاً, {ثمّ جعل من بعد ضعفٍ قوّةً ثمّ جعل من بعد قوّةٍ ضعفاً وشيبةً}: أي: الكبر بعد القوة).
[مجاز القرآن: 2/125]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {خلقكم من ضعفٍ}: أي : من مني.). [تفسير غريب القرآن: 343]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {اللّه الّذي خلقكم من ضعف ثمّ جعل من بعد ضعف قوّة ثمّ جعل من بعد قوّة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير (54)}
تأويله : أنه خلقكم من النطف في حال ضعف , ثم قوّاكم في حال الشبيبة , ثم جعل بعد الشبيبة ضعفاً,وشيبة.
وروي في الحديث: أن ابن عمر قال: (قرأت على النبي صلى الله عليه وسلم) : {اللّه الّذي خلقكم من ضعف}, قال : (فأقرأني): من ضعف.
وقرأ عطية على ابن عمر : (من ضعف) , فأقرأه : (من ضعف)، وقال له: (قرأتها على النبي صلى الله عليه وسلم) : من ضعف , (فاقرأني) : من ضعف.
فالذي روى عطية , عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم : {من ضعف} بالضّم، وقد قرئت بفتح الضاد، والاختيار الضم، للرواية). [معاني القرآن: 4/191]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة}
{خلقكم من ضعف} : أي : من المني , أي : خلقكم في حال ضعف .
{ثم جعل من بعد ضعف قوة} : أي: الشباب.). [معاني القرآن: 5/271]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مِّن ضَعْفٍ}: أي : من مني.) . [تفسير المشكل من غريب القرآن: 188]

تفسير قوله تعالى: {َيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (55)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ويوم تقوم السّاعة يقسم المجرمون} [الروم: 55] يحلف المشركون {ما لبثوا} [الروم: 55] في الدّنيا وفي قبورهم.
{غير ساعةٍ} [الروم: 55] قال تبارك وتعالى: {كذلك كانوا يؤفكون} [الروم: 55] يصدّون في الدّنيا عن الإيمان بالبعث). [تفسير القرآن العظيم: 2/667]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعةٍ...}

يحلفون حين يخرجون: ما لبثوا في قبورهم إلاّ ساعةً.
قال الله: كذبوا في هذا كما كذبوا في الدنيا , وجحدوا, ولو كانت: ما لبثنا غير ساعةٍ كان وجهاً؛ لأنه من قولهم؛ كقولك في الكلام: حلفوا ما قاموا، وحلفوا : ما قمنا).). [معاني القرآن: 2/326]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ما لبثوا غير ساعةٍ} يحلفون -إذا خرجوا من قبورهم -: أنهم ما لبثوا فيها غير ساعة, {كذلك كانوا يؤفكون} في الدنيا, أي: كذبوا في هذا الوقت، كما كانوا يكذبون من قبل, ويقال: أفك الرجل، إذا عدل به عن الصدق، وعن الخير, وأرض مأفوكة، أي : محرومة المطر.). [تفسير غريب القرآن: 343]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ويوم تقوم السّاعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون (55)}
يعني : يوم القيامة، والسّاعة في القرآن على معنى الساعة التي تقوم فيها القيامة , فلذلك ترك ذكر أن يعرّف أي ساعة هي.
{يقسم المجرمون}: يحلف المجرمون.
{ما لبثوا غير ساعة}:أي: ما لبثوا في قبورهم إلا ساعة واحدة.
{كذلك كانوا يؤفكون}: أي : مثل هذا الكذب كذبهم ؛ لأنهم أقسموا على غير تحقيق.). [معاني القرآن: 4/191-192]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة}
أي : يحلفون ما لبثوا في القبور إلا ساعة واحدة.
ثم قال تعالى: {كذلك كانوا يؤفكون}
أي : كذلك كانوا يكذبون في الدنيا .
يقال : إفك الرجل إذا صرف عن الصدق , والخير , وأرض مأفوكة : ممنوعة من المطر.). [معاني القرآن: 5/272]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (56)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وقال الّذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب اللّه إلى يوم البعث} [الروم: 56] وهذا من مقاديم الكلام.
قال سعيدٌ، عن قتادة، يقول: وقال الّذين أوتوا العلم في كتاب اللّه والإيمان: لقد لبثتم إلى يوم البعث، لبثهم الّذي كان في الدّنيا وفي قبورهم إلى أن بعثوا.
قال: {فهذا يوم البعث ولكنّكم كنتم لا تعلمون} [الروم: 56] في الدّنيا أنّ البعث حقٌّ). [تفسير القرآن العظيم: 2/667]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ( {وقال الّذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب اللّه إلى يوم البعث} : أي : لبثتم في القبور - في خبر الكتاب - إلى يوم القيامة.).
[تفسير غريب القرآن: 343]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وقال الّذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب اللّه إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنّكم كنتم لا تعلمون (56)}
أي: في علم اللّه المثبت في اللوح المحفوظ.). [معاني القرآن: 4/192]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث}
قيل : المعنى في خبر كتاب الله : أنكم لبثتم في قبوركم إلى يوم القيامة , وقيل : في الكلام تقديم وتأخير
والمعنى : وقال الذين أوتوا العلم في كتاب الله : لقد لبثتم إلى يوم البعث.). [معاني القرآن: 5/272-273]

تفسير قوله تعالى: (فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (57) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {فيومئذٍ لا ينفع الّذين ظلموا} [الروم: 57]، يعني: أشركوا.
{معذرتهم} [الروم: 57] وإن اعتذروا.
{ولا هم يستعتبون} [الروم: 57] لا يردّون إلى الدّنيا ليعتبوا، أي: ليؤمنوا، وذلك أنّهم يسألون الرّجعة إلى الدّنيا ليؤمنوا فلا يردّون إلى الدّنيا). [تفسير القرآن العظيم: 2/667]

تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآَيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ (58) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولقد ضربنا للنّاس في هذا القرءان من كلّ مثلٍ} [الروم: 58]، أي: ليذّكّروا.
[تفسير القرآن العظيم: 2/667]
{ولئن جئتهم بآيةٍ ليقولنّ الّذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون} [الروم: 58] وذلك أنّهم كانوا يسألون النّبيّ عليه السّلام أن يأتيهم بآيةٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/668]

تفسير قوله تعالى:{كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (59)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {كذلك يطبع اللّه على قلوب الّذين لا يعلمون} [الروم: 59]، يعني: الّذين يلقون اللّه بشركهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/668]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({كذلك يطبع اللّه }, يقال للسيف إذا جرب , وصديء: قد طبع السيف , وهو أشد الصدأ.).
[مجاز القرآن: 2/125]

تفسير قوله تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ (60)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {فاصبر إنّ وعد اللّه حقٌّ} [الروم: 60] الّذي وعدك أنّه سينصرك على المشركين ويظهر دينك.
{ولا يستخفّنّك} [الروم: 60]، أي: ولا يستفزّنّك.
{الّذين لا يوقنون} [الروم: 60] وهم المشركون، لا تتابع المشركين إلى ما يدعونك إليه من ترك دينك). [تفسير القرآن العظيم: 2/668]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله:{فاصبر إنّ وعد اللّه حقّ ولا يستخفّنّك الّذين لا يوقنون (60)}

أي: إن ما وعدك اللّه من النصر على عدوك حقّ، وإظهار دين الإسلام حقّ.
{ولا يستخفّنّك الّذين لا يوقنون}: أي : لا يستفزنّك عن دينك الذين لا يوقنون، أي: هم ضلّال شاكّون.). [معاني القرآن: 4/192]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون}
{ولا يستخفنك} : أي : لا يستفزنك الذين لا يوقنون , أي : الشاكون.). [معاني القرآن: 5/273]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:28 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة