العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الشورى

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 10:59 AM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي تفسير سورة الشورى [ الآيات من 27 إلى 31 ]

تفسير سورة الشورى [ الآيات من 27 إلى 31 ]


{ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27) وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (28) وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ (29) وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30) وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (31)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 11:00 AM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا حيوة بين شريح، قال: حدثني أبو هانئ الخولاني أنه سمع عمرو ابن حريث وغيره، يقولان: إنما نزلت هذه الآية في أصحاب الصفة: {ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض} [سورة الشورى: 27]، وذلك أنهم قالوا: لو أن لنا، فتمنوا). [الزهد لابن المبارك: 2/349]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولو بسط اللّه الرّزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزّل بقدرٍ ما يشاء إنّه بعباده خبيرٌ بصيرٌ}.
ذكر أنّ هذه الآية نزلت من أجل قومٍ من أهل الفاقة من المسلمين تمنّوا سعة الدّنيا والغنى، فقال جلّ ثناؤه: ولو بسط اللّه الرّزق لهم، فوسّعه وكثّره عندهم لبغوا، فتجاوزوا الحدّ الّذي حدّه اللّه لهم إلى غير الّذي حدّه لهم في بلاده بركوبهم في الأرض ما حظره عليهم، ولكنّه ينزّل رزقهم بقدرٍ لكفايتهم الّذي يشاء منه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال أبو هانئٍ: سمعت عمرو بن حريثٍ، وغيره، يقولون: إنّما أنزلت هذه الآية في أصحاب الصّفّة {ولو بسط اللّه الرّزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزّل بقدرٍ ما يشاء} ذلك بأنّهم قالوا: لو أنّ لنا، فتمنّوا.
- حدّثنا محمّد بن سنانٍ القزّاز قال: حدّثنا أبو عبد الرّحمن المقري قال: حدّثنا حيوة قال: أخبرني أبو هانئٍ، أنّه سمع عمرو بن حريثٍ يقول: إنّما نزلت هذه الآية، ثمّ ذكر مثله.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {ولو بسط اللّه الرّزق لعباده لبغوا في الأرض} الآية. قال: كان يقال: خير الرّزق ما لا يطغيك ولا يلهيك وذكر لنا أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: أخوف ما أخاف على أمّتي زهرة الدّنيا وكثرتها فقال له قائلٌ: يا نبيّ اللّه هل يأتي الخير بالشّرّ؟ فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: هل يأتي الخير بالشّرّ؟ فأنزل اللّه عليه عند ذلك، وكان إذا نزل عليه كرب لذلك، وتربّد وجهه، حتّى إذا سرّي عن نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: هل يأتي الخير بالشّرّ يقولها ثلاثًا: إنّ الخير لا يأتي إلاّ بالخير، يقولها ثلاثًا وكان صلّى اللّه عليه وسلّم وتر الكلام: ولكنّه واللّه ما كان ربيعٌ قطّ إلاّ أحبط أو ألمّ؛ فأمّا عبدٌ أعطاه اللّه مالاً فوضعه في سبيل اللّه الّتي افترض وارتضى، فذلك عبدٌ أريد به خيرٌ، وعزم له على الخير، وأمّا عبدٌ أعطاه اللّه مالاً فوضعه في شهواته ولذّاته، وعدله عن حقّ اللّه عليه، فذلك عبدٌ أريد به شرٌّ، وعزم له على شرٍّ.
وقوله: {إنّه بعباده خبيرٌ بصيرٌ} يقول تعالى ذكره: إنّ اللّه بما يصلح عباده ويفسدهم من غنًى وفقرٍ وسعةٍ وإقتارٍ وغير ذلك من مصالحهم ومضارّهم، ذو خبرةٍ وعلمٍ، بصيرٌ بتدبيرهم وصرفهم فيما فيه صلاحهم). [جامع البيان: 20/509-510]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو الحسين أحمد بن عثمان بن يحيى المقرئ، ببغداد، ثنا أبو قلابة الرّقاشيّ، ثنا عبد الصّمد بن عبد الوارث، ثنا هشام بن أبي عبد اللّه، ثنا قتادة، وتلا، قول اللّه عزّ وجلّ {ولو بسط اللّه الرّزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزّل بقدرٍ ما يشاء} [الشورى: 27] فقال: ثنا خليد بن عبد اللّه العصريّ، عن أبي الدّرداء رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: " ما طلعت شمسٌ قطّ، إلّا بعث بجنبتيها ملكان إنّهما ليسمعان أهل الأرض إلّا الثّقلين: يا أيّها النّاس، هلمّوا إلى ربّكم فإنّ ما قلّ وكفى خيرٌ ممّا كثر وألهى وما غربت شمسٌ قطّ إلّا وبجنبتيها ملكان يناديان اللّهمّ عجّل لمنفقٍ خلفًا وعجّل لممسكٍ تلفًا «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/482]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثني عبد اللّه بن سعدٍ الحافظ، ثنا إبراهيم بن أبي طالبٍ، ثنا أبو كريبٍ، ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مجاهدٍ، عن عبد اللّه بن سخبرة، عن عليٍّ رضي اللّه عنه، قال: " ما أصبح بالكوفة أحدٌ إلّا ناعمٌ إنّ أدناهم منزلةً يشرب من ماء الفرات ويجلس في الظّلّ، ويأكل من البرّ، وإنّما أنزلت هذه الآية في أصحاب الصّفّة {ولو بسط اللّه الرّزق لعباده لبغوا في الأرض، ولكن ينزّل بقدرٍ ما يشاء} [الشورى: 27] وذلك أنّهم قالوا: لو أنّ لنا فتمنّوا الدّنيا «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/483]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {ولو بسط اللّه الرّزق لعباده} [الشورى: 27].
- عن عمرو بن حريثٍ قال: نزلت هذه الآية في أهل الصّفّة {ولو بسط اللّه الرّزق لعباده لبغوا في الأرض} [الشورى: 27] لأنّهم تمنّوا الدّنيا.
رواه الطّبرانيّ، ورجاله رجال الصّحيح). [مجمع الزوائد: 7/104]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 27.
أخرج ابن المنذر وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير وابن المنذر والطبراني، وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإيمان بسند صحيح عن أبي هانى ء الخولاني قال: سمعت عمرو بن حريث وغيره يقولون: إنما أنزلت هذه الآية في أصحاب الصفة، {ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض} وذلك أنهم قالوا: لو أن لنا فتمنوا الدنيا). [الدر المنثور: 13/156-157]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن علي رضي الله عنه قال: إنما أنزلت هذه الآية في أصحاب الصفة {ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض} وذلك أنهم قالوا: لو أن لنا فتمنوا الدنيا). [الدر المنثور: 13/157]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن قتادة في الآية قال: يقال خير الرزق ما لا يطغيك ولا يلهيك، قال: ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أخوف ما أخاف على أمتي زهرة الدنيا وزخرفها فقال له قائل: يا نبي الله هل يأتي الخير بالشر فأنزل الله عليه عند ذلك {ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض} وكان إذا نزل عليه كرب لذلك وتربد وجهه حتى إذا سري عنه، قال: هل يأتي الخير بالشر يقولها ثلاثا إن الخير لا يأتي إلا بالخير ولكنه والله ما كان ربيع قط إلا أحبط أو ألم فأما عبد أعطاه الله مالا فوضعه في سبيل الله التي افترض وارتضى فذلك عبد أريد به خير وعزم له على الخير وأما عبد أعطاه الله مالا فوضعه في شهواته ولذاته وعدل عن حق الله عليه فذلك عبد أريد به شر وعزم له على شر). [الدر المنثور: 13/157-158]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والطيالسي والبخاري ومسلم والنسائي وأبو يعلى، وابن حبان عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أخوف ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من زهرة الدنيا وزينتها فقال له رجل: يا رسول الله أويأتي الخير بالشر فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأينا أنه ينزل عليه فقيل له: ما شأنك تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يكلمك فسري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يمسح عنه الرحضاء فقال: أين السائل فرأينا أنه حمده فقال: إن الخير لا يأتي بالشر وإن مما ينبت الربيع يقتل حبطا أو يلم إلا آكلة الخضر فإنها أكلت حتى امتلأت خاصرتاها فاستقبلت عين الشمس فثلطت وبالت ثم رتعت وإن المال حلوة خضرة ونعم صاحبها المسلم هو إن وصل الرحم وأنفق في سبيل الله ومثل الذي يأخذه بغير حقه كمثل الذي يأكل ولا يشبع ويكون عليه شهيدا يوم القيامة). [الدر المنثور: 13/158-159]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض} قال: كان يقال خير العيش ما لا يطغيك ولا يلهيك). [الدر المنثور: 13/159]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الأولياء والحكيم الترمذي في نوادر الأصول، وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية، وابن عساكر في تاريخه عن أنس رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن جبريل عن الله عز وجل قال: يقول الله عز وجل: من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة وإني لأغضب لأوليائي كما يغضب الليث الحرود وما تقرب إلي عبدي المؤمن بمثل أداء ما افترضت عليه وما يزال عبدي المؤمن يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت له سمعا وبصرا ويدا ومؤيدا إن دعاني أجبته وإن سألني أعطيته وما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض روح عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته ولا بد له منه وإن من عبادي المؤمنين لمن يسألني الباب من العبادة فأكفه عنه أن لا يدخله عجب فيفسده ذلك وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا الصحة ولو أسقمته لأفسده ذلك وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا السقم ولو أصححته لأفسده ذلك إني أدبر أمر عبادي بعلمي بقلوبهم إني عليم خبير). [الدر المنثور: 13/159-160]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا} قال: المطر). [الدر المنثور: 13/160]

تفسير قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (28) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا قال قيل لعمر بن الخطاب أجدبت الأرض وقنط الناس قال مطروا إذا). [تفسير عبد الرزاق: 2/191]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وهو الّذي ينزّل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الوليّ الحميد}.
يقول تعالى ذكره: واللّه الّذي ينزّل المطر من السّماء فيغيثكم به أيّها النّاس {من بعد ما قنطوا} يقول: من بعد ما يئس من نزوله ومجيئه {وينشر رحمته} يقول: وينشر في خلقه رحمته، ويعني بالرّحمة: الغيث الّذي ينزّله من السّماء.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: أنّه قيل لعمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه: أجدبت الأرض، وقنط النّاس قال: مطروا إذن.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {من بعد ما قنطوا} قال: يئسوا.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة قال: ذكر لنا أنّ رجلاً أتى عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه، فقال: يا أمير المؤمنين قحط المطر، وقنط النّاس قال: مطرتم {وهو الّذي ينزّل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته}.
وقوله: {وهو الوليّ الحميد} يقول: وهو الّذي يليكم بإحسانه وفضله، الحميد بأياديه عندكم، ونعمه عليكم في خلقه). [جامع البيان: 20/511]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا يقول من بعد ما يئسوا). [تفسير مجاهد: 575]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 28 - 29.
أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة قال: ذكر لنا أن رجلا قال لعمر رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين قحط المطر وقنط الناس فقال عمر: مطرتم إذا ثم قرأ {وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا} ). [الدر المنثور: 13/160]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {من بعد ما قنطوا} قال: يئسوا). [الدر المنثور: 13/160]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ثابت رضي الله عنه قال: بلغنا أنه يستجاب الدعاء عند المطر ثم تلا هذه الآية {وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا} ). [الدر المنثور: 13/160]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم والبيهقي في "سننه" عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثنتان ما تردان: الدعاء عند النداء وتحت المطر). [الدر المنثور: 13/161]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني والبيهقي عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تفتح أبواب السماء ويستجاب الدعاء في أربعة مواطن: عند التقاء الصفوف في سبيل الله وعند نزول الغيث وعند إقامة الصلاة وعند رؤية الكعبة). [الدر المنثور: 13/161]

تفسير قوله تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ (29) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ومن آياته خلق السّموات والأرض وما بثّ فيهما من دابّةٍ وهو على جمعهم إذا يشاء قديرٌ}.
يقول تعالى ذكره: ومن حججه عليكم أيّها النّاس أنّه القادر على إحيائكم بعد فنائكم، وبعثكم من قبوركم من بعد بلائكم، خلقه السّماوات والأرض وما بثّ فيهما من دابّةٍ، يعني وما فرّق في السّماوات والأرض من دابّةٍ.
- كما حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وما بثّ فيهما من دابّةٍ} قال: النّاس والملائكة.
{وهو على جمعهم إذا يشاء قديرٌ} يقول: وهو على جمع ما بثّ فيهما من دابّةٍ إذا شاء جمعه، ذو قدرةٍ لا يتعذّر عليه، كما لم يتعذّر عليه خلقه وتفريقه، يقول تعالى ذكره: فكذلك هو القادر على جمع خلقه لحشر يوم القيامة بعد تفرّق أوصالهم في القبور). [جامع البيان: 20/512]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ومن آياته خلق السموات والأرض وما بث فيهما من دآبة يعني من الناس والملائكة). [تفسير مجاهد: 575-576]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {وما بث فيهما من دابة} قال: الناس والملائكة، والله أعلم). [الدر المنثور: 13/161]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا عبد العزيز بن أبي روادٍ، عن الضحاك، قال: ما من أحد يتعلم القرآن ثم نسيه، إلا بذنب يحدثه، ذلك بأن الله يقول: { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير} [سورة الشورى: 30] ونسيان القرآن من أعظم المصائب). [الزهد لابن المبارك: 2/37]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة عن الحسن في قوله وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم قال الحدود). [تفسير عبد الرزاق: 2/192]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وقال قتادة قال الحسن فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير قال بلغنا أنه ليس من أحد تصيبه عثرة قدم أو خدش عود أو كذا وكذا إلا بذنب وما يغفو الله عنه أكثر). [تفسير عبد الرزاق: 2/192]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن إسماعيل عن الحسن قال: قال رسول الله ما من خدش عود ولا عثرة قدم ولا اختلاج عرق إلا بذنب وما يعفو الله عنه أكثر ثم قرأ وما أصبكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير). [تفسير عبد الرزاق: 2/192]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن إسماعيل المكّيّ عن الحسن في قوله: {وما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبت أيديكم} قال: ما من خدش عودٍ ولا عثرة قدمٍ ولا اختلاج عرقٍ إلّا هو بذنبٍ وما يعفو اللّه عنّا أكثر ثمّ قرأ {وما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير} [الآية: 30]). [تفسير الثوري: 268]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا عبد بن حميدٍ، قال: حدّثنا عمرو بن عاصمٍ، قال: حدّثنا عبيد الله بن الوازع، قال: حدّثني شيخٌ من بني مرّة قال: قدمت الكوفة فأخبرت عن بلال بن أبي بردة، فقلت: إنّ فيه لمعتبرًا فأتيته وهو محبوسٌ في داره الّتي قد كان بنى قال: وإذا كلّ شيءٍ منه قد تغيّر من العذاب والضّرب، وإذا هو في قشاشٍ فقلت: الحمد للّه يا بلال، لقد رأيتك وأنت تمرّ بنا وتمسك بأنفك من غير غبارٍ، وأنت في حالك هذه اليوم. فقال: ممّن أنت؟ فقلت: من بني مرّة بن عبّادٍ فقال: ألا أحدّثك حديثًا عسى اللّه أن ينفعك به؟ قلت: هات. قال: حدّثني أبي أبو بردة، عن أبيه أبي موسى، أنّ رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم قال: لا يصيب عبدًا نكبةٌ فما فوقها أو دونها إلاّ بذنبٍ، وما يعفو اللّه عنه أكثر، وقرأ {وما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثيرٍ}.
هذا حديثٌ غريبٌ، لا نعرفه إلاّ من هذا الوجه). [سنن الترمذي: 5/231]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثيرٍ (30) وما أنتم بمعجزين في الأرض وما لكم من دون اللّه من وليٍّ ولا نصيرٍ}.
يقول تعالى ذكره: وما يصيبكم أيّها النّاس من مصيبةٍ في الدّنيا في أنفسكم وأهليكم وأموالكم {فبما كسبت أيديكم} يقول: فإنّما يصيبكم ذلك عقوبةً من اللّه لكم بما اجترمتم من الآثام فيما بينكم وبين ربّكم ويعفو لكم ربّكم عن كثيرٍ من إجرامكم، فلا يعاقبكم بها.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم قال: حدّثنا ابن عليّة قال: حدّثنا أيّوب قال: قرأت في كتاب أبي قلابة قال: نزلت: {فمن يعمل مثقال ذرّةٍ خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرّةٍ شرًّا يره} وأبو بكرٍ رضي اللّه عنه يأكل، فأمسك فقال: يا رسول اللّه إنّي لراءٍ ما عملت من خيرٍ أو شرٍّ؟ فقال: أرأيت ما رأيت ممّا تكره فهو من مثاقيل ذرّ الشّرّ، وتدّخر مثاقيل الخير حتّى تعطاه يوم القيامة، قال: قال أبو إدريس: فأرى مصداقها في كتاب اللّه قال: {وما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثيرٍ}.
- قال أبو جعفرٍ: حدّث هذا الحديث الهيثم بن الرّبيع، فقال فيه أيّوب عن أبي قلابة، عن أنسٍ، أنّ أبا بكرٍ رضي اللّه عنه كان جالسًا عند النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فذكر الحديث، وهو غلطٌ، والصّواب عن أبي إدريس.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبت أيديكم} الآية ذكر لنا أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يقول: لا يصيب ابن آدم خدش عودٍ، ولا عثرة قدمٍ، ولا اختلاج عرقٍ إلاّ بذنبٍ، وما يعفو عنه أكثر.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: ثني أبي قال: ثني عمّي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبت أيديكم} الآية قال: يعجّل للمؤمنين عقوبتهم بذنوبهم ولا يؤاخذون بها في الآخرة.
وقال آخرون: بل عنى بذلك: وما عوقبتم في الدّنيا من عقوبةٍ بحدٍّ حددتموه على ذنبٍ استوجبتموه عليه فبما كسبت أيديكم يقول: فبما عملتم من معصية اللّه {ويعفو عن كثيرٍ} فلا يوجب عليكم فيها حدًّا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن الحسن، {وما أصابكم من مصيبةٍ} الآية قال: هذا في الحدود وقال قتادة: بلغنا أنّه ما من رجلٍ يصيبه عثرة قدمٍ ولا خدش عودٍ أو كذا وكذا إلاّ بذنبٍ، أو يعفو، وما يعفو أكثر). [جامع البيان: 20/512-514]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثني أبو بكرٍ إسماعيل بن محمّد بن إسماعيل الفقيه بالرّيّ، ثنا محمّد بن الفرج، ثنا حجّاج بن محمّدٍ، ثنا يونس بن أبي إسحاق، ثنا أبو إسحاق، عن أبي جحيفة، عن عليٍّ رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «من أصاب ذنبًا في الدّنيا، فعوقب به فاللّه أعدل من أن يثنّي عقوبته على عبده، ومن أذنب ذنبًا فستر اللّه عليه وعفا عنه، فاللّه أكرم من أن يعود في شيءٍ عفا عنه» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه " وإنّما أخرجه إسحاق بن إبراهيم عند قوله عزّ وجلّ {وما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبت أيديكم} [الشورى: 30] "). [المستدرك: 2/483]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني أحمد بن سهلٍ الفقيه، ببخارى، ثنا صالح بن محمّد بن حبيبٍ الحافظ، ثنا يعقوب بن إبراهيم، وأحمد بن منيعٍ، وزياد بن أيّوب، قالوا: ثنا هشيمٌ، أنبأ منصور بن زاذان، عن الحسن، عن عمران بن حصينٍ رضي اللّه عنه، قال: دخل عليه بعض أصحابه، وقد ابتلي في جسده فقال له بعضهم: إنّا لنبتئس لك لما نزل فيك. قال: فلا تبتئس لما ترى، فإنّما نزل بذنبٍ وما يعفو اللّه عنه أكثر، قال: " ثمّ تلا عمران هذه الآية {وما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثيرٍ} [الشورى: 30] إلى آخر الآية «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/483]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {وما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبت أيديكم} [الشورى: 30].
«عن عليٍّ - عليه السّلام - قال: ألا أخبركم بأفضل آيةٍ في كتاب اللّه حدّثنا بها رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -؟: " {وما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثيرٍ} [الشورى: 30] وسأفسّرها لك يا عليّ: ما أصابكم من مرضٍ أو عقوبةٍ أو بلاءٍ في الدّنيا فبما كسبت أيديكم، واللّه أكرم من أن يثنّي عليهم العقوبة في الآخرة، وما عفا اللّه عنه في الدّنيا فاللّه أحلم من أن يعود بعد عفوه» ".
رواه أحمد وأبو يعلى إلّا أنّه قال: " «فاللّه أكرم من أن يثنّي عليكم العقوبة» " بدل " عليهم "، وفيه أزهر بن راشدٍ وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7/103-104]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال إسحاق بن راهويه: أبنا عيسى بن يونس، عن إسماعيل بن عبد الملك ابن أبي الصفيراء المكّيّ، عن يونس بن خبّاب، عن عليٍّ- رضي اللّه عنه- قال: "سمعت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قرأ آيةً ثمّ فسّرها، ما أحبّ أنّ لي بها الدّنيا وما فيها قال: (ما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) ثمّ قال: من أخذه اللّه بذنبٍ في الدّنيا فاللّه- عزّ وجلّ- أكرم من أن يعيده عليه في الآخرة، ومن عفا اللّه عنه في الدّنيا فاللّه أكرم من أن يعفو عنه في الدّنيا، ويأخذ منه في الآخرة".
- قال: وأبنا يزيد بن أبي حكيمٍ العدنيّ، ثنا الحكم بن أبانٍ، سمعت ذباب بن مرّة يقول: "بينما عليٌّ مع أصحابه يحدّثهم إذ قال لهم: سمعت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ثم قام ولم يبين، ثم عطف فقال: ما لي أراكم، قالوا: ما كنا نتفرق حتى تبين لنا ما قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقال: (ما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) فما عفا اللّه عنه فلن يرجع، وهي في (حم عسق) ".
- رواه أحمد بن منيعٍ: ثنا مروان بن معاوية، عن أزهر بن راشد، الكاهلي، عن الخضر بن القواس البجلي، عن أبي سخيلة قال: قال علي: "ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب الله- عز وجل- أخبرني بها نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: (ما أصابكم من مصيبة) من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا مع (فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) وسأفسرها لك يا علي: ما أصابكم من مرض، أو عقوبة، أو بلاء في الدنيا، فبما كسبت أيديكم، ويعفو عن كثير، والله أكرم من أن يثني عليه العقوبة في الآخرة، وما عفا اللّه عنه في الدّنيا، فاللّه أكرم أن يعود في عفوه".
- ورواه أبو يعلى الموصليّ: ثنا عبد الرّحمن بن سلام، ومحمود بن خداش وغيرهما قالوا: ثنا مروان بن معاوية الفزاري، عن الأزهر بن راشد الكاهلي. وفي حديث محمود، ثنا الأزهر بن راشد، عن الخضر بن القواس، عن أبي سخيلة قال: قال لنا علي: "ألا أخبركم" وفي حديث الجمحي عبد الرحمن عن أبي سخيلة، عن علي أنه قال: "ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب الله حدثني بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: (ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت ... ) " فذكر حديث ابن منيعٍ.
- قال أبو يعلى: وثنا أبو خيثمة، ثنا مروان بن معاوية ... فذكر نحوه.
- ورواه أحمد بن حنبلٍ: ثنا مروان بن معاوية الفزاري، أبنا الأزهر بن راشد الكاهلي ... فذكر مثل ابن منيع). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/266-267]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قال إسحاق: أخبرنا عيسى بن يونس، عن إسماعيل بن عبد الملك بن أبي الصّفير المكّيّ، عن يونس بن خبّابٍ، عن عليٍّ رضي الله عنه قال: سمعت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قرأ آيةً ثمّ فسّرها، ما أحبّ أنّ لي بها الدّنيا وما فيها. قال: {وما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثيرٍ}، ثمّ قال: من أخذه الله عز وجل بذنبه في الدنيا فالله جل وعلا أكرم من أن يعيده عليه في الآخرة، وما عفا الله تعالى عنه في الدّنيا فاللّه أكرم من أن يعفو عنه في الدّنيا ويأخذ منه في الآخرة.
- أخبرنا يزيد ابن أبي حكيمٍ العدنيّ، ثنا الحكم بن أبان، قال: سمعت ذياب بن مرّة يقول: بينما عليٌّ رضي الله عنه مع أصحابه يحدّثهم، إذ قال لهم: سمعت رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم ثمّ قام ولم يبيّن. ثمّ عطف رضي الله عنه فقال: ألا أراكم؟، قالوا: ما كنّا نتفرّق حتّى تبيّن لنا ما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. فقال رضي الله عنه: {وما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثيرٍ} فما عفا الله تعالى عنه فلن يرجع. وهي في " حم، عسق "). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/188-189]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 30 - 31.
أخرج أحمد، وابن راهويه، وابن منيع، وعبد بن حميد والحكيم والترمذي وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والحاكم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب الله حدثنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير} وسأفسرها لك يا علي ما أصابك من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا فبما كسبت أيديكم والله أكرم من أن يثني عليكم العقوبة في الآخرة وما عفا الله عنه في الدنيا فالله أكرم من أن يعود بعد عفوه). [الدر المنثور: 13/161-162]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور وهناد، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الحسن البصري رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده ما من خدش عود ولا اختلاج عرق ولا نكبة حجر ولا عثرة قدم إلا بذنب وما يعفو الله عنه أكثر). [الدر المنثور: 13/162]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد والترمذي عن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يصيب عبدا نكبة فما فوقها أو دونها إلا بذنب وما يعفو الله عنه أكثر وقرأ {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير} ). [الدر المنثور: 13/162]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي الدنيا في الكفارات، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن عمران بن حصين رضي الله عنه أنه دخل عليه بعض أصحابه وكان قد ابتلي في جسده فقال إنا لنبأس لك لما نرى فيك قال: فلا تبتئس لما ترى وهو بذنب وما يعفو الله عنه أكثر ثم تلا {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير} ). [الدر المنثور: 13/163]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المبارك، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن الضحاك قال: ما تعلم أحد القرآن ثم نسيه إلا بذنب يحدثه ثم قرأ هذه الآية {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم} وقال: وأي مصيبة أعظم من نسيان القرآن). [الدر المنثور: 13/163]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن العلاء بن بدر رضي الله عنه أن رجلا سأله عن هذه الآية وقال: قد ذهب بصري وأنا غلام صغير، قال: ذلك بذنوب والديك). [الدر المنثور: 13/163-164]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن قتادة رضي الله عنه {وما أصابكم من مصيبة} الآية، قال: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: لا يصيب ابن آدم خدش عود ولا اختلاج عرق إلا بذنب وما يعفو الله عنه أكثر). [الدر المنثور: 13/164]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن البراء رضي الله عنه قال: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: ما عثرة قدم ولا اختلاج عرق ولا خدش عود إلا بما قدمت أيديكم وما يعفو الله عنه أكثر). [الدر المنثور: 13/164]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد عن ابن أبي مليكة رضي الله عنه - أن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما - كانت تصدع فتضع يدها على رأسها وتقول بذنبي وما يغفره الله أكثر). [الدر المنثور: 13/164]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم} قال: الحدود). [الدر المنثور: 13/165]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (31) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وما أنتم بمعجزين في الأرض} يقول: وما أنتم أيّها النّاس بمفيتي ربّكم بأنفسكم إذا أراد عقوبتكم على ذنوبكم الّتي أذنبتموها، ومعصيتكم إيّاه الّتي ركبتموها هربًا في الأرض، فمعجزيه، حتّى لا يقدر عليكم، ولكنّكم حيث كنتم في سلطانه وقبضته، جاريةٌ فيكم مشيئته {وما لكم من دون اللّه من وليٍّ} يليكم بالدّفاع عنكم إذا أراد عقوبتكم على معصيتكم إيّاه {ولا نصيرٍ} يقول: ولا لكم من دونه نصيرٌ ينصركم إذا هو عاقبكم، فينتصر لكم منه، يقول: فاحذروا أيّها النّاس معاصيه، واتّقوه أن تخالفوه فيما أمركم أو نهاكم، فإنّه لا دافع لعقوبته عمّن أحلّها به). [جامع البيان: 20/514-515]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 11:01 AM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي

التفسير اللغوي



تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27)}
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء}
روى سعيد, عن قتادة قال: خير الرزق ما لا يطغي, ولا يلهي). [معاني القرآن: 6/313]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (28)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وهو الّذي ينزّل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الوليّ الحميد (28)}
ويقرأ (قَنِطُوا) بكسر النون، يقال قَنط يقنِطُ، وقَنِطَ يَقْنَطُ إذا - يئس.
ويروى أن عمر قيل له: قد أجدبت الأرض, وقنط الناس, فقال: مطروا إذن، لهذه الآية). [معاني القرآن: 4/399]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا}
قال مجاهد: {من بعد ما قنطوا}, أي: يئسوا.
قال أبو جعفر: يقال: قَنَطَ يَقْنِطُ, وقَنِطَ يَقْنَطُ: إذا اشتد يأسه من الشيء). [معاني القرآن: 6/313-314]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ (29)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {خلق السّماوات والأرض وما بثّ فيهما من دآبّةٍ...}
أراد: وما بث في الأرض دون السماء، بذلك جاء في التفسير؛ ومثله مما ثنى ومعناه واحد قوله: {يخرج منهما الّلؤلؤ والمرجان}, وإنما يخرج من الملح دون العذب). [معاني القرآن: 3/24]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وما بثّ فيهما من دابّةٍ} أي: نشر). [تفسير غريب القرآن: 393]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ومن آياته خلق السموات والأرض وما بث فيهما من دابة}
قال الفراء: أراد بث في الأرض دون السماء كما قال سبحانه: {يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان}, وإنما يخرج من الملح .
قال أبو جعفر: هذا غلط ,روى ورقاء , عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد في قوله: {وما بث فيهما من دابة}, قال: الناس والملائكة.
وهذا قول حسن, يقال: لكل حي دابة من دب, فهو داب, والهاء للمبالغة, كما يقال رواية وعلامة, ثم قال جل وعز: {وهو على جمعهم}, أي: على إحيائهم {إذا يشاء قدير}). [معاني القرآن: 6/314-315]

تفسير قوله تعالى:{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير}
{ويعلم الّذين يجادلون في آياتنا...}
وهي في مصحف أهل المدينة {بما كسبت أيديكم} -بغير فاء-، وكذلك يقرأونها, خلا أبا جعفر, فإنه يثبت الفاء, وهي في مصاحف أهل العراق بالفاء, وكذلك قراءتهم، وهو في العربية أجود لأن الفاء مجازاة جواب الشرط.
المعنى: ما تصبكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم.
وقرئت: {ويعلم الّذين يجادلون}: والنصب على إضمار أن، لأن قبلها جزاء، تقول: ما تصنع أصنع مثله, وأكرمك، وإن شئت قلت: وأكرمك على, وأنا أكرمك، وإن شئت: وأكرمك جزما.
وروي عن علي رضي اللّه عنه, عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((إن اللّه أكرم من أن يثني على عبده العقوبة، أي إذا أصابته في الدنيا مصيبة بما كسبت يداه لم يثن عليه العقوبة في الآخرة)).
وأما من قرأ: {وما أصابكم من مصيبة بما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير}
أي: لا يجازى على كثير مما كسبت أيديكم في الدنيا، وجائز أن يكون {يعفو عن كثير}, فلا يجازى عليه في الدنيا , ولا في الآخرة.
ومعنى: {ما لهم من محيص}: ما لهم من معدل، ولا من منجى، يقال حاص عنه إذا تنحى، ويقال حاض عنه في معنى حاص، ولا يجوز أن يقرأ ما لهم من محيض، وأن كان المعنى واحدا.
فأمّا موضع {الذين} في قوله: {ويستجيب الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات}, فيجوز أن يكون نصبا، ويجوز أن يكون رفعا.
فمن نصب فعلي معنى: ويجيب اللّه الذين آمنوا وعملوا الصالحات, ومن رفع فعلى معنى: يستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات للّه عزّ وجلّ , أي : لما يدعوهم اللّه إليه). [معاني القرآن: 4/399-400]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير}
يقال : قد تكون المصيبة بغير هذا, ففيه أجوبة
- روى معمر عن قتادة عن الحسن في قوله تعالى: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم}, قال: الحدود.
فالمعنى في هذا: إن الله جل وعز جعل الحدود بما يعمل من المعاصي
- وقيل: ما ههنا بمعنى الذي , وهو حسن, والدليل على هذا: أن أهل المدينة قرؤوا بما بغير فاء
فالمعنى على هذا: والذي كان أصابكم بذنوب عملتموها.
- وروى سفيان, عن إسماعيل بن مسلم, عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من خدش عود , ولا عثرة قدم , ولا اختلاج عرق إلا بذنب, وما يعفو الله عنه أكثر, ثم تلا : { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير})).
قال أبو جعفر: فالمعنى على هذا: {وما أصابكم من مصيبة }: مقصود بها العقوبة {فبما كسبت أيديكم}.
قال أبو جعفر: وفي الآية قول رابع: وهو أن كل مصيبة تصيب, فإنما هي من اجل ذنب, إما أن يكون الإنسان عمله, وإما أن يكون تنبيها له لئلا يعمله, وإما أن يكون امتحانا له ليعتبر والداه , فقد صارت كل مصيبة على هذا من أجل الذنوب, وصارت القراءة بالفاء أحسن ؛ لأنه شرط وجوابه). [معاني القرآن: 6/315-317]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 11:02 AM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]




تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27) }

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (28) }

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ (29) }

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30) }

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (31) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 12:57 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 12:58 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 01:02 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض}، قال عمرو بن حريث وغيره: إنها نزلت لأن قوما من أهل الصفة طلبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغنيهم الله تعالى، ويبسط لهم الأرزاق والأموال، فأعلمهم تعالى أنه لو جاء الرزق على اختيار البشر واقتراحهم لكان سبب بغيهم وإفسادهم، ولكنه عز وجل أعلم بالمصلحة في كل أحد، وله بعبيده خبرة وبصر بأخلاقهم ومصالحهم، فهو ينزل لهم من الرزق القدر الذي به صلاحهم، فرب إنسان لا يصلح ولا تكتف عاديته إلا بالفقر، وآخر بالغنى. وروى أنس بن مالك في هذا المعنى والتقسم حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال أنس رضى الله عنه: اللهم إني من عبادك الذين لا يصلحهم إلا الغنى، فلا تفقرني. وقال خباب بن الأرت: فينا نزلت لأنا نظرنا إلى أحوال بني قريظة وبني النضير وبني قينقاع فتمنيناها). [المحرر الوجيز: 7/ 516]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (28) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد * ومن آياته خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة وهو على جمعهم إذا يشاء قدير * وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير * وما أنتم بمعجزين في الأرض وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير * ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام * إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور}
هذه تعديد نعمة الله تعالى الدالة على وحدانيته، وأنه الإله الذي يستحق أن يعبد دون سواه من الأنداد، وقرأ "ينزل" بالتثقيل جمهور القراء، وقرأ "ينزل" مخففة ابن وثاب، والأعمش، ورويت عن أبي عمرو، ورجحها أبو حاتم، وقرأ جمهور الناس: "قنطوا" بفتح النون، وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش بكسر النون، وقد تقدم ذكرها وهما لغتان: قنط وقنط، وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قيل له: أجدبت الأرض وقنط الناس، فقال: مطروا إذا، بمعنى: أن الفرج عند الشدة.
واختلف المتأولون في قوله تعالى: {وينشر رحمته} فقالت فرقة: أراد بالرحمة: المطر، وعدد النعمة بعينها بلفظين الثاني منهما يؤكد الأول، وقالت فرقة: الرحمة في هذا الموضع: الشمس، فذلك تعديد نعمة غير الأولى، وذلك أن المطر إذا ألم بعد القنط حسن موقعه، فإذا دام سئم، فتجيء الشمس بعده عظيمة الموقع. وقوله تعالى: {وهو الولي الحميد} أي: من هذه أفعاله، فهو الذي ينفع إذا والى، وتحمد أفعاله ونعمه، لا كالذي لا يضر ولا ينفع من أوثانكم). [المحرر الوجيز: 7/ 517]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ (29) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم ذكر تعالى الآية الكبرى، والصنعة الدالة على الصانع، وذلك خلقه السماوات والأرض، وقوله تعالى: {وما بث فيهما من دابة}: يتخرج على وجوه: منها أن يريد أحدهما فيذكر الاثنين، كما قال تبارك وتعالى: {يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان}، وذلك إنما يخرج من الملح وحده، ومنها أن يكون تعالى قد خلق السماوات وبث دواب لا نعلمها نحن، ومنها أن يريد الحيوانات التي توجد في السحاب، وقد يقع أحيانا كالضفادع ونحوها، فإن السحاب داخل في اسم السماء، وحكى الطبري عن مجاهد أنه قال في تفسيرها: وما بث فيهما من دابة هم الناس والملائكة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وبعيد غير جار على عرف اللغة أن تقع الدابة على الملائكة.
وقوله تعالى: {وهو على جمعهم} يريد: يوم القيامة عند الحشر من القبور). [المحرر الوجيز: 7/ 517-518]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وما أصابكم من مصيبة}، قرأ جمهور القراء: "فبما" بفاء، وكذلك هي في جل المصاحف. وقرأ نافع، وابن عامر، وأبو جعفر، وشيبة: "بما" دون فاء. وحكى الزجاج أن أبا جعفر وغيره من المدنيين أثبت الفاء، قال أبو علي الفارسي: "أصاب" من قوله تعالى: "ما أصاب" يحتمل أن يكون في موضع جزم، وتكون "ما" شرطية، وعلى هذا لا يجوز حذف الفاء عند سيبويه، وجوز حذفها أبو الحسن الأخفش وبعض البغداديين على أنها مرادة في المعنى، ويحتمل أن يكون قوله: "أصاب" صلة لـ"ما"، وتكون "ما" بمعنى "الذي"، وعلى هذا يجوز حذف الفاء وثبوتها، لكن معنى الكلام مع ثبوتها بالتلازم، أي: لولا كسبكم ما أصابتكم مصيبة، والمصيبة إنما هي بسبب كسب الأيدي، ومعنى الكلام مع حذفها يجوز أن يكون التلازم، ويجوز أن يعرى منه.
وأما في هذه الآية فالتلازم مطرد مع الثبوت والحذف، وأما معنى الآية فاختلف الناس فيه، فقالت فرقة: هي إخبار من الله تعالى، بأن الرزايا والمصائب في الدنيا إنما هي مجازاة من الله تعالى على ذنوب المرء، وتمحيص لخطاياه، وإن الله تعالى يعفو عن كثير فلا يعاقب عليه بمصيبة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يصيب ابن آدم خدش عود أو عثرة قدم ولا اختلاج عرق إلا بذنب وما يعفو عنه أكثر"، وقال عمران بن حصين وقد سئل عن مرضه: "إن أحبه إلي أحبه إلي الله تعالى، وهذا بما كسبت يداي، وعفو ربي سبحانه كثير". وقال مرة الهمذاني: رأيت على ظهر كف شريح قرحة، فقلت ما هذا؟ فقال: "هذا بما كسبت يدي ويعفوا عن كثير"، وقيل لأبي سليمان الداراني: ما بال الفضلاء لا يلومون من أساء إليهم؟ فقال: لأنهم يعلمون أن الله تعالى هو الذي ابتلاهم بذنوبهم. وروي عن علي بن أبي طالب رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله أكرم من أن يثني على عبده العقوبة إذا أصابته في الدنيا بما كسبت يداه". وقال الحسن بن أبي الحسن: معنى الآية في الحدود: أي: ما أصابكم من حد من حدود الله تبارك وتعالى -وتلك مصيبة تنزل بشخص الإنسان ونفسه- فإنما هي بكسب أيديكم ويعفوا الله سبحانه عن كثير، فيستره على العبد حتى لا يحد عليه). [المحرر الوجيز: 7/ 518-519]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (31) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخبر تعالى عن قصور ابن آدم وضعفه، وأنه في قبضة القدرة، لا يعجز طلب ربه عز وجل، ولا يمكنه الفرار منه). [المحرر الوجيز: 7/ 519]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 02:30 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 02:33 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ولو بسط اللّه الرّزق لعباده لبغوا في الأرض} أي: لو أعطاهم فوق حاجتهم من الرّزق، لحملهم ذلك على البغي والطّغيان من بعضهم على بعضٍ، أشرًا وبطرًا.
وقال قتادة: كان يقال: خير العيش ما لا يلهيك ولا يطغيك. وذكر قتادة حديث: "إنّما أخاف عليكم ما يخرج اللّه من زهرة الحياة الدّنيا" وسؤال السّائل: أيأتي الخير بالشّرّ؟ الحديث.
وقوله: {ولكن ينزل بقدرٍ ما يشاء إنّه بعباده خبيرٌ بصيرٌ} أي: ولكن يرزقهم من الرّزق ما يختاره ممّا فيه صلاحهم، وهو أعلم بذلك فيغني من يستحقّ الغنى، ويفقر من يستحقّ الفقر. كما جاء في الحديث المرويّ: "إنّ من عبادي لمن لا يصلحه إلّا الغنى، ولو أفقرته لأفسدت عليه دينه، وإنّ من عبادي لمن لا يصلحه إلّا الفقر، ولو أغنيته لأفسدت عليه دينه"). [تفسير ابن كثير: 7/ 206]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (28) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وهو الّذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا} أي: من بعد إياس النّاس من نزول المطر، ينزّله عليهم في وقت حاجتهم وفقرهم إليه، كقوله: {وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين} [الرّوم:49].
وقوله: {وينشر رحمته} أي: يعمّ بها الوجود على أهل ذلك القطر وتلك الناحية.
قال قتادة: ذكر لنا أنّ رجلًا قال لعمر بن الخطّاب: يا أمير المؤمنين، قحط المطر وقنط النّاس؟ فقال عمر، رضي اللّه عنه: مطرتم، ثمّ قرأ: {وهو الّذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته}.
{وهو الوليّ الحميد} أي: هو المتصرّف لخلقه بما ينفعهم في دنياهم وأخراهم، وهو المحمود العاقبة في جميع ما يقدّره ويفعله). [تفسير ابن كثير: 7/ 206-207]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ (29) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ومن آياته خلق السّموات والأرض وما بثّ فيهما من دابّةٍ وهو على جمعهم إذا يشاء قديرٌ (29) وما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثيرٍ (30) وما أنتم بمعجزين في الأرض وما لكم من دون اللّه من وليٍّ ولا نصيرٍ (31)}
يقول تعالى: {ومن آياته} الدّالّة على عظمته وقدرته العظيمة وسلطانه القاهر {خلق السّموات والأرض وما بثّ فيهما} أي: ذرأ فيهما، أي: في السّموات والأرض، {من دابّةٍ} وهذا يشمل الملائكة والجنّ والإنس وسائر الحيوانات، على اختلاف أشكالهم وألوانهم ولغاتهم، وطباعهم وأجناسهم، وأنواعهم، وقد فرّقهم في أرجاء أقطار الأرض والسّموات، {وهو} مع هذا كلّه {على جمعهم إذا يشاء قديرٌ} أي: يوم القيامة يجمع الأوّلين والآخرين وسائر الخلائق في صعيدٍ واحدٍ، يسمعهم الدّاعي، وينفذهم البصر، فيحكم فيهم بحكمه العدل الحقّ). [تفسير ابن كثير: 7/ 207]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبت أيديكم} أي: مهما أصابكم أيّها النّاس من المصائب فإنّما هو عن سيّئاتٍ تقدّمت لكم {ويعفو عن كثيرٍ} أي: من السّيّئات، فلا يجازيكم عليها بل يعفو عنها، {ولو يؤاخذ اللّه النّاس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابّةٍ} [فاطرٍ: 45] وفي الحديث الصّحيح: "والّذي نفسي بيده، ما يصيب المؤمن من نصبٍ ولا وصب ولا همٍّ ولا حزن، إلّا كفّر اللّه عنه بها من خطاياه، حتّى الشّوكة يشاكها".
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا يعقوب بن إبراهيم، حدّثنا ابن عليّة، حدّثنا أيّوب قال: قرأت في كتاب أبي قلابة قال: نزلت: {فمن يعمل مثقال ذرّةٍ خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرّةٍ شرًّا يره} [الزّلزلة:7، 8] وأبو بكرٍ يأكل، فأمسك وقال: يا رسول اللّه، إنّي لراءٍ ما عملت من خيرٍ وشرٍّ؟ فقال: "أرأيت ما رأيت ممّا تكره، فهو من مثاقيل ذرّ الشّرّ، وتدّخر مثاقيل الخير حتّى تعطاه يوم القيامة" قال: قال أبو إدريس: فإنّي أرى مصداقها في كتاب اللّه: {وما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثيرٍ}.
ثمّ رواه من وجهٍ آخر، عن أبي قلابة، عن أنس، قال: والأول أصح.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا محمّد بن عيسى بن الطّبّاع، حدّثنا مروان بن معاوية الفزاري، حدّثنا الأزهر بن راشدٍ الكاهليّ، عن الخضر بن القوّاس البجليّ، عن أبي سخيلة عن عليٍّ، رضي اللّه عنه قال: ألا أخبركم بأفضل آيةٍ في كتاب اللّه عزّ وجلّ، وحدّثنا به رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: {وما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثيرٍ}. وسأفسّرها لك يا عليّ: "ما أصابكم من مرضٍ أو عقوبةٍ أو بلاءٍ في الدّنيا، فبما كسبت أيديكم واللّه تعالى أحلم من أن يثنّى عليه العقوبة في الآخرة، وما عفا اللّه عنه في الدّنيا فاللّه تعالى أكرم من أن يعود بعد عفوه"
وكذا رواه الإمام أحمد، عن مروان بن معاوية وعبدة، عن أبي سخيلة قال: قال عليٌّ = فذكر نحوه مرفوعًا.
ثمّ روى ابن أبي حاتمٍ [نحوه] من وجهٍ آخر موقوفًا فقال: حدّثنا أبي، حدّثنا منصور بن أبي مزاحمٍ، حدّثنا أبو سعيد بن أبي الوضّاح، عن أبي الحسن، عن أبي جحيفة قال: دخلت على عليّ بن أبي طالبٍ، رضي اللّه عنه، فقال: ألا أحدّثكم بحديثٍ ينبغي لكلّ مؤمنٍ أن يعيه ؟ قال: فسألناه فتلا هذه الآية: {وما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثيرٍ} قال: ما عاقب اللّه به في الدّنيا فاللّه أحلم من أن يثنّي عليه العقوبة يوم القيامة، وما عفا اللّه عنه في الدّنيا فاللّه أكرم من أن يعود في عفوه يوم القيامة.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا يعلى بن عبيدٍ، حدّثنا طلحة -يعني ابن يحيى- عن أبي بردة، عن معاوية- هو ابن أبي سفيان، رضي اللّه عنهما، قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "ما من شيءٍ يصيب المؤمن في جسده يؤذيه إلّا كفّر اللّه عنه به من سيّئاته".
وقال أحمد أيضًا: حدّثنا حسينٌ، عن زائدة، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، عن عائشة قالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إذا كثرت ذنوب العبد، ولم يكن له ما يكفّرها، ابتلاه اللّه بالحزن ليكفّرها".
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا عمرو بن عبد اللّه الأوديّ، حدّثنا أبو أسامة، عن إسماعيل بن مسلمٍ، عن الحسن -هو البصريّ-قال في قوله: {وما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثيرٍ} قال: لمّا نزلت قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "والّذي نفس محمّدٍ بيده، ما من خدش عودٍ، ولا اختلاج عرقٍ، ولا عثرة قدمٍ، إلّا بذنبٍ وما يعفو اللّه عنه أكثر".
وقال أيضًا: حدّثنا أبي، حدّثنا عمر بن عليٍّ، حدّثنا هشيم، عن منصورٍ، عن الحسن، عن عمران بن حصينٍ، رضي اللّه عنه، قال: دخل عليه بعض أصحابه وقد كان ابتلي في جسده، فقال له بعضهم إنّا لنبتئس لك لما نرى فيك. قال: فلا تبتئس بما ترى، فإنّ ما ترى بذنبٍ، وما يعفو اللّه عنه أكثر، ثمّ تلا هذه الآية: {وما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثيرٍ}
[قال:] وحدّثنا أبي: حدّثنا يحيى بن عبد الحميد الحمّاني، حدّثنا جريرٌ عن أبي البلاد قال: قلت للعلاء بن بدرٍ: {وما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبت أيديكم}، وقد ذهب بصري وأنا غلامٌ؟ قال: فبذنوب والديك.
وحدّثنا أبي: حدّثنا عليّ بن محمّدٍ الطّنافسي، حدّثنا وكيعٌ، عن عبد العزيز بن أبي راود، عن الضّحّاك قال: ما نعلم أحدًا حفظ القرآن ثمّ نسيه إلّا بذنبٍ، ثمّ قرأ الضّحّاك: {وما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثيرٍ}. ثمّ يقول الضّحّاك: وأي مصيبة أعظم من نسيان القرآن). [تفسير ابن كثير: 7/ 207-209]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (31) }

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:11 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة