العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الروم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 6 جمادى الأولى 1434هـ/17-03-2013م, 11:58 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير سورة الروم [ من الآية (17) إلى الآية (25) ]

تفسير سورة الروم
[ من الآية (17) إلى الآية (25) ]

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19) وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ (20) وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ (22) وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (23) وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مَاء فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (24) وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاء وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ (25)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 14 جمادى الأولى 1434هـ/25-03-2013م, 08:53 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن عاصم عن أبي رزيق قال خاصم نافع ابن الأزرق ابن عباس فقال هل تجد الصلوات الخمس في القرآن قال ابن عباس نعم ثم قرأ عليه {فسبحان الله حين تمسون} المغرب {وحين تصبحون} الفجر {وعشيا} العصر {وحين تظهرون} الظهر ثم قرأ {ومن بعد صلاة العشاء}). [تفسير عبد الرزاق: 2/103]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فسبحان اللّه حين تمسون وحين تصبحون (17) وله الحمد في السّماوات والأرض وعشيًّا وحين تظهرون}.
يقول تعالى ذكره: فسبّحوا اللّه أيّها النّاس: أي صلّوا له حين تمسون، وذلك صلاة المغرب، وحين تصبحون، وذلك صلاة الصّبح). [جامع البيان: 18/473]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا الشّيخ أبو بكر بن إسحاق، أنبأ عبد اللّه بن أحمد بن حنبلٍ، حدّثني أبي، ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، ثنا سفيان، عن عاصمٍ، عن أبي رزينٍ، قال: جاء نافع بن الأزرق إلى ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما فقال: «الصّلوات الخمس في القرآن؟» فقال: نعم، فقرأ {فسبحان اللّه حين تمسون} [الروم: 17] قال: " صلاة المغرب {وحين تصبحون} [الروم: 17] صلاة الصّبح {وعشيًّا} [مريم: 11] صلاة العصر {وحين تظهرون} [الروم: 18] صلاة الظّهر، وقرأ {ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عوراتٍ لكم} [النور: 58] «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/445]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {فسبحان اللّه حين تمسون وحين تصبحون} [الروم: 17].
- عن أبي رزينٍ قال: خاصم نافع بن الأزرق ابن عبّاسٍ فقال: تجد الصّلوات الخمس في كتاب اللّه؟ قال: نعم، فقرأ عليه: فسبحان اللّه حين تمسون، المغرب، وحين تصبحون، الصّبح، وعشيًّا، العصر، وحين تظهرون، الظّهر، ومن بعد صلاة العشاء قال: صلاة العشاء.
رواه الطّبرانيّ عن شيخه عبد اللّه بن محمّد بن سعيد بن أبي مريم وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7/89]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون * وله الحمد في السموات والأرض وعشيا وحين تظهرون * يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون.
أخرج الفريابي، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أدنى ما يكون من الحين بكرة وعشيا ثم قرأ {فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون} ). [الدر المنثور: 11/590-591]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق والفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه عن أبي رزين رضي الله عنه قال: جاء نافع بن الازرق إلى ابن عباس رضي الله عنهما قال: هل تجد الصلوات الخمس في القرآن قال: نعم، فقرأ {فسبحان الله حين تمسون} صلاة المغرب {وحين تصبحون} صلاة الصبح {وعشيا} صلاة العصر {وحين تظهرون} صلاة الظهر وقرأ (ومن بعد صلاة العشاء) ). [الدر المنثور: 11/591]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه، وابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جمعت هذه الآية مواقيت الصلوة {فسبحان الله حين تمسون} قال: المغرب والعشاء {وحين تصبحون} الفجر {وعشيا} العصر {وحين تظهرون} الظهر). [الدر المنثور: 11/591]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن السني في عمل يوم وليلة والطبراني، وابن مردويه والبيهقي في الدعوات عن معاذ بن أنس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أخبركم لم سمى الله إبراهيم خليله الذي وفى لأنه كان يقول كلما أصبح وأمسى {فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون (17) وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون} ). [الدر المنثور: 11/591-592]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو داود والطبراني، وابن السني، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قال حين يصبح {فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون (17) وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون (18) يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون} أدرك ما فاته في يومه ومن قالها حين يمسي أدرك ما فاته من ليلته). [الدر المنثور: 11/592]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه والخرائطي في مكارم الاخلاق عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال حين أصبح سبحان الله وبحمده الف مرة فقد اشترى نفسه من الله وكان آخر يومه عتيقا من النار). [الدر المنثور: 11/592]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن ماجه في تفسيره، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال عمر رضي الله عنه: أما الحمد فقد عرفناه فقد يحمد الخلائق بعضهم بعضا وأما لا اله إلا الله فقد عرفناها فقد عبدت الآلهة من دون الله وأما الله أكبر فقد يكبر المصلي وأما سبحان الله فما هو فقال رجل من القوم: الله أعلم فقال عمر رضي الله عنه: قد شقي عمر إن لم يكن يعلم أن الله يعلم فقال علي رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين اسم ممنوع ان ينتحله أحد من الخلائق واليه يفزع الخلق واحب أن يقال له فقال: هو كذاك). [الدر المنثور: 11/592-593]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والحاكم والضياء عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما، ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان الله اصطفى من الكلام أربعا، سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر، فمن قال سبحان الله، كتبت له عشرون حسنة وحطت عنه عشرون سيئة ومن قال الله أكبر، مثل ذلك ومن قال لا اله إلا الله، مثل ذلك ومن قال الحمد لله رب العالمين، من قبل نفسه له ثلاثون حسنة وحطت عنه ثلاثون سيئة). [الدر المنثور: 11/593]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن الحسن البصري رضي الله عنه قال: من قرأ الآيات {فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون} إلى آخرها، لم يفته شيء في يومه وليلته وأدرك ما فاته من يومه وليلته). [الدر المنثور: 11/593-594]

تفسير قوله تعالى: (وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن عاصم عن أبي رزيق قال خاصم نافع ابن الأزرق ابن عباس فقال هل تجد الصلوات الخمس في القرآن قال ابن عباس نعم ثم قرأ عليه {فسبحان الله حين تمسون} المغرب {وحين تصبحون} الفجر {وعشيا} العصر {وحين تظهرون} الظهر ثم قرأ {ومن بعد صلاة العشاء}). [تفسير عبد الرزاق: 2/103] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {وله الحمد في السّموات والأرض} يقول: وله الحمد من جميع خلقه دون غيره في السّماوات من سكّانها من الملائكة، والأرض من أهلها، من جميع أصناف خلقه فيها، {وعشيًّا} يقول: وسبّحوه أيضًا عشيًّا، وذلك صلاة العصر {وحين تظهرون} يقول: وحين تدخلون في وقت الظّهر.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن عاصمٍ، عن أبي رزينٍ، قال: سأل نافع بن الأزرق ابن عبّاسٍ: هل تجد ميقات الصّلوات الخمس في كتاب اللّه؟ قال: نعم {فسبحان اللّه حين تمسون} المغرب {وحين تصبحون} الفجر {وعشيًّا} العصر {وحين تظهرون} الظّهر، قال: {ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عوراتٍ لكم}.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن عاصمٍ، عن أبي رزينٍ، قال: سأل نافع بن الأزرق ابن عبّاسٍ عن الصّلوات الخمس، في القرآن، قال: نعم، فقرأ {فسبحان اللّه حين تمسون} قال: صلاة المغرب {وحين تصبحون} قال: صلاة الصّبح {وعشيًّا} قال: صلاة العصر {وحين تظهرون} صلاة الظّهر، ثمّ قرأ: {ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عوراتٍ لكم}.
- حدّثني أبو السّائب، قال: حدّثنا ابن إدريس، عن ليثٍ، عن الحكم، عن أبي عياضٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: جمعت هاتان الآيتان مواقيت الصّلاة {فسبحان اللّه حين تمسون} قال: المغرب والعشاء {وحين تصبحون} الفجر {وعشيًّا} العصر {وحين تظهرون} الظّهر.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا ابن إدريس، عن ليثٍ، عن الحكم، عن أبي عياضٍ، عن ابن عبّاسٍ، بنحوه.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن ليثٍ، عن الحكم، عن أبي عياضٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {فسبحان اللّه حين تمسون وحين تصبحون} إلى قوله: {وحين تظهرون} قال: جمعت الصّلوات، {فسبحان اللّه حين تمسون} المغرب والعشاء {وحين تصبحون} صلاة الصّبح {وعشيًّا} صلاة العصر {وحين تظهرون} صلاة الظّهر.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا إسحاق بن سليمان الرّازيّ، عن أبي سنانٍ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، {فسبحان اللّه حين تمسون} المغرب والعشاء {وحين تصبحون} الفجر {وعشيًّا} العصر {وحين تظهرون} الظّهر، وكلّ سجدةٍ في القرآن فهي صلاةٌ.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {فسبحان اللّه حين تمسون} لصلاة المغرب {وحين تصبحون} لصلاة الصّبح {وعشيًّا} لصلاة العصر {وحين تظهرون} صلاة الظّهر، أربع صلواتٍ.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قول اللّه: {فسبحان اللّه حين تمسون وحين تصبحون. وله الحمد في السّموات والأرض وعشيًّا وحين تظهرون} قال: {حين تمسون}: صلاة المغرب، {وحين تصبحون}: صلاة الصّبح، {وعشيًّا}: صلاة العصر، {وحين تظهرون}: صلاة الظّهر). [جامع البيان: 18/473-475]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا الشّيخ أبو بكر بن إسحاق، أنبأ عبد اللّه بن أحمد بن حنبلٍ، حدّثني أبي، ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، ثنا سفيان، عن عاصمٍ، عن أبي رزينٍ، قال: جاء نافع بن الأزرق إلى ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما فقال: «الصّلوات الخمس في القرآن؟» فقال: نعم، فقرأ {فسبحان اللّه حين تمسون} [الروم: 17] قال: " صلاة المغرب {وحين تصبحون} [الروم: 17] صلاة الصّبح {وعشيًّا} [مريم: 11] صلاة العصر {وحين تظهرون} [الروم: 18] صلاة الظّهر، وقرأ {ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عوراتٍ لكم} [النور: 58] «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/445] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق والفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه عن أبي رزين رضي الله عنه قال: جاء نافع بن الازرق إلى ابن عباس رضي الله عنهما قال: هل تجد الصلوات الخمس في القرآن قال: نعم، فقرأ {فسبحان الله حين تمسون} صلاة المغرب {وحين تصبحون} صلاة الصبح {وعشيا} صلاة العصر {وحين تظهرون} صلاة الظهر وقرأ (ومن بعد صلاة العشاء) ). [الدر المنثور: 11/591] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه، وابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جمعت هذه الآية مواقيت الصلوة {فسبحان الله حين تمسون} قال: المغرب والعشاء {وحين تصبحون} الفجر {وعشيا} العصر {وحين تظهرون} الظهر). [الدر المنثور: 11/591] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن السني في عمل يوم وليلة والطبراني، وابن مردويه والبيهقي في الدعوات عن معاذ بن أنس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أخبركم لم سمى الله إبراهيم خليله الذي وفى لأنه كان يقول كلما أصبح وأمسى {فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون (17) وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون} ). [الدر المنثور: 11/591-592] (م)

تفسير قوله تعالى: (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (قال الحسن في قول الله: {يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي}، قال: [يخرج] المؤمن من الكافر ويخرج الكافر من المؤمن). [الجامع في علوم القرآن: 2/120]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يخرج الحيّ من الميّت ويخرج الميّت من الحيّ ويحيي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون}.
يقول تعالى ذكره: صلّوا في هذه الأوقات الّتي أمركم بالصّلاة فيها أيّها النّاس، اللّه الّذي يخرج الحيّ من الميّت، وهو الإنسان الحيّ من الماء الميّت، ويخرج الماء الميّت من الإنسان الحيّ {ويحيي الأرض بعد موتها} فينبتها، ويخرج زرعها بعد خرابها وجدوبها {وكذلك تخرجون} يقول: كما يحيي الأرض بعد موتها، فيخرج نباتها وزرعها، كذلك يحييكم من بعد مماتكم، فيخرجكم أحياءً من قبوركم إلى موقف الحساب.
وقد بيّنّا فيما مضى قبل تأويل قوله: {يخرج الحيّ من الميّت، ويخرج الميّت من الحيّ} وذكرنا اختلاف أهل التّأويل فيه، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع، غير أنّا نذكر بعض ما لم نذكر من الخبر هنالك إن شاء اللّه.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {يخرج الحيّ من الميّت ويخرج الميّت من الحيّ} قال: يخرج من الإنسان ماءً ميّتًا فيخلق منه بشرًا، فذلك الميّت من الحيّ، ويخرج الحيّ من الميّت، فيعني بذلك أنّه يخلق من الماء بشرًا، فذلك الحيّ من الميّت.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن الحسن، قوله {يخرج الحيّ من الميّت ويخرج الميّت من الحيّ} المؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، وأبو معاوية عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد اللّه، {يخرج الحيّ من الميّت ويخرج الميّت من الحيّ} قال: النّطفة من الرّجل ميتةٌ وهو حيٌّ، ويخرج الرّجل منها حيًّا وهي ميتةٌ). [جامع البيان: 18/476-477]

تفسير قوله تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ومن آياته أن خلقكم مّن ترابٍ ثمّ إذا أنتم بشرٌ تنتشرون}.
يقول تعالى ذكره: ومن حججه على أنّه القادر على ما يشاء أيّها النّاس من إنشاءٍ وإفناءٍ، وإيجادٍ وإعدامٍ، وأنّ كلّ موجودٍ فخلقه خلقة إيّاكم من ترابٍ، يعني بذلك خلق آدم من ترابٍ، فوصفهم بأنّه خلقهم من ترابٍ، إذ كان ذلك فعله بأبيهم آدم كنحو الّذي قد بيّنّا فيما مضى من خطّاب العرب من خاطبت بما فعلت بسلفه من قولهم: فعلنا بكم وفعلنا.
وقوله: {ثمّ إذا أنتم بشرٌ تنتشرون} يقول: ثمّ إذا أنتم معشر ذرّيّة من خلقناه من ترابٍ، {بشرٌ تنتشرون} يقول: تتصرّفون.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {ومن آياته أن خلقكم، من ترابٍ} خلق آدم عليه السّلام من ترابٍ {ثمّ إذا أنتم بشرٌ تنتشرون} يعني ذرّيّته). [جامع البيان: 18/477-478]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون * ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون * ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين * ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون * ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزل من السماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون * ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون * وله من في السموات والأرض كل له قانتون.
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {ومن آياته} قال: كل شيء في القرآن آيات، بذلك تعرفون الله، إنكم لن تروه فتعرفونه على رؤية ولكن تعرفون بآياته وخلقه). [الدر المنثور: 11/594]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ومن آياته أن خلقكم من تراب} قال: آدم من تراب {ثم إذا أنتم بشر تنتشرون} يعني ذريته {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا} قال: حواء، خلقها الله من ضلع من أضلاع آدم). [الدر المنثور: 11/594]

تفسير قوله تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وقال عن الحسن في قول الله: {وجعل بينكم مودة ورحمة}، قال: المودة الجماع، والرحمة الولد). [الجامع في علوم القرآن: 2/52]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ومن آياته أن خلق لكم مّن أنفسكم أزواجًا لّتسكنوا إليها وجعل بينكم مّودّةً ورحمةً إنّ في ذلك لآياتٍ لّقومٍ يتفكّرون}.
يقول تعالى ذكره: ومن حججه وأدلّته على ذلك أيضًا خلقه لأبيكم آدم من نفسه زوجةً ليسكن إليها، وذلك أنّه خلق حوّاء من ضلعٍ من أضلاع آدم.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا} خلقها لكم من ضلعٍ من أضلاعه.
- وقوله: {وجعل بينكم مودّةً ورحمةً} يقول: جعل بينكم بالمصاهرة والختونة مودّةً تتوادّون بها، وتتواصلون من أجلها، ورحمةً رحمكم بها، فعطف بعضكم بذلك على بعضٍ {إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكّرون} يقول تعالى ذكره: إنّ في فعله ذلك لعبرًا وعظاتٍ لقومٍ يتفكّرون في حجج اللّه وأدلّته، فيعلمون أنّه الإله الّذي لا يعجزه شيءٌ أراده، ولا يتعذّر عليه فعل شيءٍ شاءه). [جامع البيان: 18/478]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {ومن آياته أن خلقكم من تراب} قال: آدم من تراب {ثم إذا أنتم بشر تنتشرون} يعني ذريته {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا} قال: حواء، خلقها الله من ضلع من أضلاع آدم). [الدر المنثور: 11/594] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {وجعل بينكم مودة} قال: الجماع {ورحمة} قال: الولد). [الدر المنثور: 11/594]

تفسير قوله تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ (22) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ومن آياته خلق السّموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إنّ في ذلك لآياتٍ لّلعالمين}.
يقول تعالى ذكره: ومن حججه وأدلّته أيضًا على أنّه لا يعجزه شيءٌ، وأنّه إذا شاء أمات من كان حيًّا من خلقه، ثمّ إذا شاء أنشره وأعاده كما كان قبل إماتته إيّاه، خلقه السّماوات والأرض من غير شيءٍ أحدث ذلك منه، بل بقدرته الّتي لا يمتنع معها عليه شيءٌ أراده {واختلاف ألسنتكم} يقول: واختلاف منطق ألسنتكم ولغاتها {وألوانكم} يقول: واختلاف ألوان أجسامكم {إنّ في ذلك لآياتٍ للعالمين} يقول: إنّ في فعله ذلك كذلك لعبرًا وأدلّةً لخلقه الّذين يعقلون أنّه لا يعييه إعادتهم لهيئتهم الّتي كانوا بها قبل مماتهم من بعد فنائهم.
وقد بيّنّا معنى العالمين فيما مضى قبل). [جامع البيان: 18/479]

تفسير قوله تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (23) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ومن آياته منامكم باللّيل والنّهار وابتغاؤكم من فضله إنّ في ذلك لآياتٍ لّقومٍ يسمعون}.
يقول تعالى ذكره: ومن حججه عليكم أيّها القوم تقديره السّاعات والأوقات، ومخالفته بين اللّيل والنّهار، فجعل اللّيل لكم سكنًا تسكنون فيه، وتنامون فيه، وجعل النّهار مضيئًا لتصرّفكم في معايشكم والتماسكم فيه من رزق ربّكم. {إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يسمعون} يقول تعالى ذكره: إنّ في فعل اللّه ذلك كذلك، لعبرًا وذكرًا وأدلّةً على أنّ فاعل ذلك لا يعجزه شيءٌ أراده لقومٍ يسمعون مواعظ اللّه، فيتّعظون بها، ويعتبرون فيفهمون حجج اللّه عليهم). [جامع البيان: 18/479]

تفسير قوله تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (24) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ومن آياته يريكم البرق خوفًا وطمعًا وينزّل من السّماء ماءً فيحيي به الأرض بعد موتها إنّ في ذلك لآياتٍ لّقومٍ يعقلون}.
يقول تعالى ذكره: ومن حججه {يريكم البرق خوفًا} لكم إذا كنتم سفرًا، أن تمطروا فتتأذّوا به {وطمعًا} لكم، إذا كنتم في إقامةٍ أن تمطروا، فتحيوا وتخصبوا {وينزّل من السّماء ماءً} يقول: وينزّل من السّماء مطرًا. فيحيي بذلك الماء الأرض الميتة، فتنبت ويخرج زرعها {بعد موتها}. يعني جدوبها ودروسها. {إنّ في ذلك لآياتٍ} يقول: إنّ في فعله ذلك كذلك لعبرًا وأدلّةً {لقومٍ يعقلون} عن اللّه حججه وأدلّته.
وبنحو الّذي قلنا في معنى قوله {يريكم البرق خوفًا وطمعًا} قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، في قوله {ومن آياته يريكم البرق خوفًا وطمعًا} قال: خوفًا للمسافر، وطمعًا للمقيم.
واختلف أهل العربيّة في وجه سقوط أن، في قوله: {يريكم البرق خوفًا وطمعًا} فقال بعض نحويّي البصرة: لم يذكر هاهنا أن؛ لأنّ هذا يدلّ على المعنى؛ وقال الشّاعر:
ألا أيّهذا الزّاجري أحضر الوغى = وأن أشهد اللّذّات هل أنت مخلدي
قال: وقال آخر:
لو قلت ما في قومها لم تيثم = يفضلها في حسبٍ وميسم
وقال: يريد: ما في قومها أحدٌ.
وقال بعض نحويّي الكوفيّين: إذا أظهرت (أن) فهي في موضع رفعٍ، كما قال: {ومن آياته خلق السّموات} {منامكم} فإذا حذفت جعلت {من} مؤدّيةً عن اسمٍ متروكٍ، يكون الفعل صلةً، كقول الشّاعر:
وما الدّهر إلاّ تارتان فمنهما = أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح
كأنّه أراد: فمنهما ساعةٌ أموتها، وساعةٌ أعيشها، وكذلك: ومن آياته يريكم آية للبرق، وآيةً لكذا، وإن شئت أردت: ويريكم من آياته البرق، فلا تضمر (أن)، ولا غيره.
وقال بعض من أنكر قول البصريّ: إنّما ينبغي أن تحذف وأن من الموضع الّذي يدلّ على حذفها، فأمّا في كلّ موضعٍ فلا، فأمّا مع (أحضر الوغى) فلمّا كان زجرتك أن تقوم، وزجرتك لأن تقوم، يدلّ على الاستقبال جاز حذف أن، لأنّ الموضع معروفٌ لا يقع في كلّ الكلام، فأمّا قوله: ومن آياته أنّك قائمٌ، وأنّك تقوم، وأن تقوم، فهذا الموضع لا يحذف، لأنّه لا يدلّ على شيءٍ واحدٍ.
والصّواب من القول في ذلك أنّ ومن في قوله: {ومن آياته} تدلّ على المحذوف، وذلك أنّها تأتي بمعنى التّبعيض. وإذا كانت كذلك، كان معلومًا أنّها تقتضي البعض، فلذلك تحذف العرب معها الاسم لدلالتها عليه). [جامع البيان: 18/480-482]

تفسير قوله تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (25) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ومن آياته أن تقوم السّماء والأرض بأمره ثمّ إذا دعاكم دعوةً من الأرض إذا أنتم تخرجون}.
يقول تعالى ذكره: ومن حججه أيّها القوم على قدرته على ما يشاء، قيام السّماء والأرض بأمره خضوعًا له بالطّاعة بغير عمدٍ ترى {ثمّ إذا دعاكم دعوةً من الأرض إذا أنتم تخرجون} يقول: إذا أنتم تخرجون من الأرض، إذا دعاكم دعوةً مستجيبين لدعوته إيّاكم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {ومن آياته أن تقوم السّماء والأرض بأمره} قامتا بأمره بغير عمدٍ {ثمّ إذا دعاكم دعوةً من الأرض إذا أنتم تخرجون} قال: دعاهم فخرجوا من الأرض.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك يقول في قوله: {إذا أنتم تخرجون} يقول: من الأرض). [جامع البيان: 18/482-483]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره} قال: قامتا بأمره بغير عمد ثم {إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون} قال: دعاهم من السماء فخرجوا من الأرض). [الدر المنثور: 11/594-595]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {إذا أنتم تخرجون} قال: من قبوركم). [الدر المنثور: 11/595]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الازهر بن عبد الله الجزاري قال: يقرأ على المصاب إذا أخذ {ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون} ). [الدر المنثور: 11/595]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 17 جمادى الأولى 1434هـ/28-03-2013م, 01:52 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وله الحمد في السّموات والأرض وعشيًّا وحين تظهرون {18}} [الروم: 18] قال السّدّيّ: تنشرون وتنبسطون). [تفسير القرآن العظيم: 2/649]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (وحدّثني حمّاد بن سلمة، عن عاصم بن بهدلة، أنّ نافع بن الأزرق قال لابن عبّاسٍ: هل تجد الصّلوات الخمس مسمّياتٍ في كتاب اللّه؟ قال: نعم.
قال: {فسبحان اللّه حين تمسون} [الروم: 17] فهذه صلاة المغرب، {وحين تصبحون} [الروم: 17] فهذه صلاة الفجر {وله الحمد في السّموات والأرض وعشيًّا} [الروم: 18] هذه صلاة العصر {وحين تظهرون} [الروم: 18] هذه صلاة الظّهر، وقال في روايةٍ أخرى: {ومن بعد صلاة العشاء} [النور: 58] فهذه خمس صلواتٍ.
قال يحيى: وتفسير الحسن أنّ الصّلوات الخمس كلّها في هذه الآية يقول: {فسبحان اللّه حين تمسون} [الروم: 17] المغرب والعشاء.
قال يحيى: كلّ صلاةٍ ذكرت في المكّيّ من القرآن قبل الهجرة بسنةٍ فهي ركعتان غدوةً وركعتان عشيّةً، وذلك قبل أن تفرض الصّلوات الخمس، وإنّما افترضت الصّلوات الخمس قبل أن يهاجر النّبيّ عليه السّلام بسنةٍ ليلة أسري
[تفسير القرآن العظيم: 2/649]
به، فما كان من ذكر الصّلاة بعد ذلك، يعني: فهي الصّلوات الخمس.
وهذه الآية نزلت بعدما أسري بالنّبيّ عليه السّلام، وفرضت عليه الصّلوات الخمس). [تفسير القرآن العظيم: 2/650]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {فسبحان اللّه حين تمسون...}

يقول: فصلّوا لله , {حين تمسون}: وهي المغرب والعشاء , {وحين تصبحون}: صلاة الفجر.). [معاني القرآن: 2/323]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): ({وعشيّاً}: صلاة العصر , {وحين تظهرون} : صلاة الظهر.). [معاني القرآن: 2/323]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وحين تظهرون}:أي: تدخلون في الظّهيرة، وهو وقت الزّوال.). [تفسير غريب القرآن: 340]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم أعلم عزّ وجلّ بعد هذا , ما تدرك به الجنّة، ويتباعد به عن النار , بقوله:
{فسبحان اللّه حين تمسون وحين تصبحون (17) وله الحمد في السّماوات والأرض وعشيّا وحين تظهرون (18)}
جاء في التفسير , عن ابن عباس :(أن الدليل على أن الصلوات خمس هذه الآية :{فسبحان اللّه حين تمسون وحين تصبحون}: فحين تمسون : صلاة المغرب , وعشاء الآخرة , وحين تصبحون: صلاة الغداة, وعشيا : صلاة العصر، وحين تظهرون : صلاة الظهر). وقد قيل إن قوله: {ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم}: إنها الصلاة الخامسة، فيكون على هذا التفسير قوله:{حين تمسون} لصلاة واحدة. ومعنى سبحان اللّه : تنزيه اللّه من السوء, هذا لا اختلاف فيه.). [معاني القرآن: 4/180-181]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون}
قال ابن عباس : (الصلوات الخمس في كتاب الله جل وعز , وتلا الآية{فسبحان الله حين تمسون}), قال : (المغرب والعشاء) , {وحين تصبحون} , قال: (الفجر , وعشيا العصر), {وحين تظهرون} : الظهر)). [معاني القرآن: 5/249]

تفسير قوله تعالى: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {يخرج الحيّ من الميّت ويخرج الميّت من الحيّ} [الروم: 19] تفسير السّدّيّ: يعني: يخرج النّطف وهي ميّتةٌ من الحيّ، ويخرج الحيّ، النّاس الأحياء من الميّت من النّطف.
هي النّطفة الحيّة تخرج من النّطفة الميّتة، الخلق الحيّ، ويخرج من الخلق الحيّ النّطفة الميّتة، ويخرج من الحبّة اليابسة الحيّ، ويخرج من النّبات الحيّ الحبّة اليابسة، هذا تفسير مجاهدٍ.
وتفسير الحسن: يخرج المؤمن من الكافر، ويخرج الكافر من المؤمن.
قال: {ويحيي الأرض بعد موتها} [الروم: 19] يحييها بالنّبات بعد أن كانت ميّتةً، أي: يابسةً لا نبات فيها.
قال: {وكذلك تخرجون} [الروم: 19]، يعني: البعث، يرسل اللّه تبارك وتعالى مطرًا منيًّا كمنيّ الرّجال، فتنبت به جسمانهم ولحمانهم كما تنبت الأرض الثّرى). [تفسير القرآن العظيم: 2/650]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله عزّ وجلّ : {يخرج الحيّ من الميّت ويخرج الميّت من الحيّ ويحي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون (19)}
جاء في التفسير : أنه يخرج النطفة وهي الميت من الحيّ من الإنسان، ويخرج الحيّ من الميّت، يخرج الإنسان من النطفة.
{ويحي الأرض بعد موتتها}:أي: يجعلها تنبت، وإحياء الأرض : إخراج النّبات منها.
وقوله: {وكذلك تخرجون}: أي: وكذلك تخرجون من قبوركم مبعوثين.وموضع الكاف نصب بـ {تخرجون}, والمعنى : أن بعثكم عليه كخلقكم، أي : هما في قدرته متساويان.). [معاني القرآن: 4/181]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون}
في معناه أقوال:
قال عبد الله بن مسعود : (أي: يخرج النطفة من الرجل , والرجل من النطفة).
قال الضحاك: (وكذلك البيضة).
وقال سلمان: (يخرج المؤمن من الكافر ,والكافر من المؤمن) , وكذلك قال الحسن .
وقيل : يميت الحي , ويحيي الميت .{ويحيي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون} , أي : كما يحيي الأرض بالنبات.).[معاني القرآن: 5/250 -251]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ومن آياته} [الروم: 20] تفسير السّدّيّ، يعني: ومن علامات الرّبّ تبارك وتعالى أنّه واحدٌ.
{أن خلقكم من ترابٍ} [الروم: 20]، يعني: الخلق الأوّل خلق آدم.
[تفسير القرآن العظيم: 2/650]
{ثمّ إذا أنتم بشرٌ تنتشرون} [الروم: 20] في الأرض.
وقال السّدّيّ: {تنتشرون} [الروم: 20] تنبسطون). [تفسير القرآن العظيم: 2/651]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله عزّ وجلّ: {ومن آياته أن خلقكم من تراب ثمّ إذا أنتم بشر تنتشرون (20)}
أي: من العلامات التي تدل على أن اللّه واحد لا مثيل له , ظهور القدرة التي يعجز عنها المخلوقون، ومعنى :{خلقكم من تراب}, أي : خلق آدم من تراب.
{ثمّ إذا أنتم بشر تنتشرون}:أي: آدم وذريته .). [معاني القرآن: 4/181]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ومن آياته أن خلقكم من تراب}المعنى : أن خلق أصلكم , وهو آدم عليه السلام , كما قال تعالى: {واسأل القرية} , ويجوز أن يكون الماء مخلوقا من تراب .
وقوله جل وعز: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها}
فيه قولان:
أحدهما : أن حواء خلقت من آدم .
والآخر : أن المعنى : خلق لكم من جنسكم أزواجا ؛ لأن الإنسان بجنسه آنس , وإليه أسكن , ومثله قوله جل وعز: {هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها} , في معناه القولان جميعا أي : جعل من جنسها روجها , ودل هذا على الجنسين جميعا , ويكون الضمير في قوله تعالى: {جعلا له شركاء فيما آتاهما} يعود على الجنسين , والضمير في قوله: {يشركون} يعود على الجنسين ؛ لأنهما جماعة.). [معاني القرآن: 5/252]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ومن آياته} [الروم: 21]، يعني: ومن علامات الرّبّ أنّه واحدٌ فاعرفوا توحيده في صنعه.
{أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا} [الروم: 21] قال يحيى: يعني: أزواجكم المرأة هي من الرّجل.
{لتسكنوا إليها} [الروم: 21] لتستأنسوا إليها.
{وجعل بينكم مودّةً ورحمةً} [الروم: 21]، يعني بالمودّة: الحبّ، والرّحمة للولد.
وقال السّدّيّ: {مودّةً} [الروم: 21]، يعني: محبّةً، وهو الحبّ.
{إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكّرون} [الروم: 21] فيؤمنوا، وإنّما يتفكّر المؤمنون). [تفسير القرآن العظيم: 2/651]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: ( {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودّة ورحمة إنّ في ذلك لآيات لقوم يتفكّرون (21)}
خلق حواء من ضلع من أضلاع آدم، وجعل بين المرأة والزوج المودة , والرحمة من قبل اللّه، وأن الفرك , وهو البغض من قبل الشيطان، يقال: فركت المرأة زوجها , تفركه , فركا؛ إذا أبغضته). [معاني القرآن: 4/182]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون}
قال مجاهد : (المودة: الجماع , والرحمة: الولد).
وقيل : المودة , والرحمة : عطف قلوب بعضهم على بعض. والمعنى : ومن آياته التي تدل على وحدانيته , وأنه لا شريك له , ولا نظير.). [معاني القرآن: 5/252-253]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ (22) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ومن آياته} [الروم: 22] وهي مثل الأولى.
{خلق السّموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم} [الروم: 22] قال بعضهم: {واختلاف ألسنتكم} [الروم: 22] النّغمة، {وألوانكم} [الروم: 22] لا ترى اثنين على صورةٍ واحدةٍ.
وحدّثني نعيم بن يحيى، عن أبيه، عن الضّحّاك بن مزاحمٍ قال: يشبه الرّجل الرّجل ليس بينهما قرابةٌ إلا من قبل الأبّ الأكبر آدم.
[تفسير القرآن العظيم: 2/651]
قال يحيى: وتفسير الكلبيّ: {واختلاف ألسنتكم} [الروم: 22] للعرب كلامٌ، ولفارس كلامٌ وللرّوم كلامٌ، ولسائرهم من النّاس كلامٌ.
قال: {وألوانكم} [الروم: 22] أبيض وأحمر وأسود.
قال: {إنّ في ذلك لآياتٍ للعالمين} [الروم: 22] وهي مثل الأولى). [تفسير القرآن العظيم: 2/652]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {لآياتٍ لّلعالمين...}
يريد العالم من الجنّ والإنس , ومن قرأها {للعالمين} فهو وجه جيّد؛ لأنه قد قال {لآياتٍ لقومٍ يعقلون} و{لآياتٍ لأولي الألباب} ). [معاني القرآن: 2/323]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( قوله: {وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ} يريد اختلاف، اللّغات، والمناظر، والهيئات). [تأويل مشكل القرآن: 5]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إن في ذلك لآيات للعالمين} للعالمين : أي: للجن والإنس , وحكى للعالمين , وهو حسن.). [معاني القرآن: 5/253]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (23)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ومن آياته} [الروم: 23] قال: هي مثل الأولى: {منامكم باللّيل والنّهار وابتغاؤكم من فضله} [الروم: 23] من رزقه كقوله: {ومن رحمته جعل لكم اللّيل والنّهار لتسكنوا فيه} [القصص: 73] في الليل {ولتبتغوا من فضله} [الروم: 46] بالنهار.
قال: {إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يسمعون} [الروم: 23] وهم المؤمنون، سمعوا من اللّه عزّ وجلّ ما أنزل عليهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/652]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({منامكم بالّليل والنّهار }, وهي من مصادر النوم بمنزلة قام يقوم مقاما، وقال يقول مقالاً).
[مجاز القرآن: 2/120]

تفسير قوله تعالى:{وَمِنْ آَيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (24)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ومن آياته} [الروم: 24] هي مثل الأولى.
{يريكم البرق خوفًا وطمعًا} [الروم: 24]، {خوفًا} [الروم: 24] للمسافر، يخاف أذاه ومعرّته، {وطمعًا} [الروم: 24] للمقيم، يطمع في رزق اللّه، في تفسير قتادة.
وبعضهم يقول: خوفًا من البرد يخاف أن يهلك الزّرع، وطمعًا في المطر.
قال: {وينزّل من السّماء ماءً فيحيي به الأرض بعد موتها} [الروم: 24] يحييها بالنّبات بعد إذ كانت يابسةً ليس فيها نباتٌ.
قال: {إنّ في ذلك لآياتٍ} وهي مثل الأولى.
{لقومٍ يعقلون} وهم المؤمنون عقلوا عن اللّه ما أنزل عليهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/652]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {ومن آياته يريكم البرق خوفاً...}
وقبل ذلك , وبعده (أن أن) , وكلٌّ صواب, فمن أظهر (أن) فهي في موضع اسمٍ مرفوعٍ؛ كما قال : {ومن آياته منامكم باللّيل والنّهار} , فإذا حذفت (أن) جعلت (من) مؤدّية عن اسمٍ متروكٍ يكون الفعل صلةً له؛ كقول الشاعر:
وما الدهر إلاّ تارتان فمنهما = أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح
كأنه أراد: فمنها ساعة أموتها، وساعة أعيشها, وكذلك من آياته آية للبرق , وآية لكذا, وأن شئت: يريكم من آياته البرق , فلا تضمر (أن) ولا غيره.). [معاني القرآن: 2/323]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({ومن آياته يريكم البرق خوفاً وطمعاً وينزّل من السّماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتها إنّ في ذلك لآياتٍ لّقومٍ يعقلون}وقال: {ومن آياته يريكم البرق خوفاً وطمعاً}, فلم يذكر فيها {أن} لأن هذا يدل على المعنى. وقال الشاعر:
ألا أيّهذا الزاّجري أحضر الوغى = وأن أشهد اللذّات هل أنت مخلدي
أراد: أن أحضر الوغى.). [معاني القرآن: 3/27]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزّل من السّماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتها إنّ في ذلك لآيات لقوم يعقلون (24)} {خوفا وطمعا} منصوبان على المفعول له، المعنى : يريكم البرق للخوف والطمع، وهو خوف للمسافر، وطمع للحاضر. المعنى : ومن آياته آية يريكم بها البرق خوفا وطمعا, هذا أجود في العطف. لأنه قال: {ومن آياته خلق}, فنسق باسم على اسم، ومثله من الشعر.
وما الدّهر إلا تارتان فمنهما= أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح
المعنى : فمنهما تارة أموتها , أي : أموت فيها، ويجوز أن يكون المعنى: ويريكم البرق خوفا وطمعا من آياته، فيكون عطفا بجملة على جملة.). [معاني القرآن: 4/182]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا} والمعنى : ويريكم البرق من آياته , وعطفت جملة على جملة . ويجوز أن يكون المعنى : ومن آياته آية يريكم بها البرق , كما قال الشاعر:
وما الدهر إلا تارتان فمنهما = أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح
والخوف للمسافر , والطمع للمقيم.). [معاني القرآن: 5/253-254]

تفسير قوله تعالى:{وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (25) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {ومن آياته}، يعني: ومن علامات الرّبّ أنّه واحدٌ فاعرفوا توحيده بصنعه، وهذا تفسير السّدّيّ.
{أن تقوم السّماء والأرض بأمره} [الروم: 25]، يعني: بغير عمدٍ، تفسير السّدّيّ.
قال يحيى: كقوله: {إنّ اللّه يمسك السّموات والأرض أن تزولا} [فاطر: 41] لئلا تزولا، قال: {ثمّ إذا دعاكم دعوةً من الأرض إذا أنتم تخرجون} [الروم: 25]، يعني: النّفخة الآخرة، وفيها تقديمٌ: إذا دعاكم دعوةً إذا أنتم من الأرض تخرجون، كقوله: {ونفخ في الصّور فإذا هم من الأجداث} [يس: 51]، أي: من القبور {إلى ربّهم ينسلون} [يس: 51]، أي: يخرجون، وهو نفخة صاحب الصّور في الصّور، وهو
قوله: {فإنّما هي زجرةٌ واحدةٌ {13} فإذا هم بالسّاهرة {14}} [النازعات: 13-14] إذا هم على الأرض، وهو قوله: {يوم يناد المناد} [ق: 41] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/653]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {أن تقوم السّماء والأرض بأمره...}: يقول: أن تدوما قائمتين بأمره بغير عمدٍ.).
[معاني القرآن: 2/323]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ومن آياته أن تقوم السّماء والأرض بأمره ثمّ إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون (25)} أي : تقوم السماء بغير عمد، وكذلك الأرض قائمة بأمره, والسماء محيطة بها. وقوله عزّ وجلّ:{ثمّ إذا دعاكم دعوة من الأرض}: أي : للبعث بعد الموت). [معاني القرآن: 4/182]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره}: أي : أن تدوما قائمتين.). [معاني القرآن: 5/254]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 01:25 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18) }

تفسير قوله تعالى: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19) }

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20) }

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) }

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ (22) }

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (23) }

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (24) }

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (25) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 03:25 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 03:26 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 03:32 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {فسبحان الله} خطاب للمؤمنين بالأمر بالعبادة والحض على الصلاة في هذه الأوقات، كأنه يقول: أدى هذا التفرق إلى أنواع من النعم والعذاب فجرى بها المؤمن في طريق الفوز برحمة الله. وقال ابن عباس، وقتادة، وبعض الفقهاء: في هذه الآية تنبيه على أربع صلوات: المغرب والصبح والعصر والظهر، قالوا والعشاء الآخرة في آية أخرى، في (زلفا من الليل) وفي ذكر أوقات العورة. وقال ابن عباس رضي الله عنهما أيضا وفرقة من الفقهاء: في هذه الآية تنبيه على الصلوات الخمس; لأن قوله تعالى: {حين تمسون} يتضمن الصلاتين.
وقوله تعالى: {وله الحمد في السماوات والأرض} اعتراض بين الكلامين من نوع تعظيم الله تعالى والحض على عبادته، وقرأ عكرمة: "حينا تمسون وحينا تصبحون"، والمعنى: حين تمسون فيه "وحينا تصبحون فيه"). [المحرر الوجيز: 7/ 15-16]

تفسير قوله تعالى: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون * ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون * ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون * ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين}
"الحي والميت" في هذه الآية يستعمل حقيقة ويستعمل مجازا، فالحقيقة: المني يخرج منه الإنسان، والبيضة يخرج منها الطائر، وهذه بعينها ميتة تخرج من حي، وما جرى هذا المجرى، وبهذا المعنى فسر ابن عباس رضي الله عنهم. وقال الحسن: المعنى: المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وروي هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ هذه الآية عندما كلمته بالإسلام أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط. والمجاز إخراج النبات الأخضر من الأرض، وإخراج الطعم من النبات، وما جرى هذا المجرى. ومثل بعد إحياء الأرض بعد موتها بالمطر.
ثم بعد هذه الأمثلة القاضية بتجويز بعث الأجساد عقلا ساق الخبر بأن كذلك خروجنا من القبور، وقرأت فرقة: "يخرجون" بالياء من تحت، وقرأ عامة القراء: "تخرجون" بالتاء المضمومة، وقرأ الحسن، وابن وثاب، والأعمش، وطلحة بفتح التاء وضم الراء). [المحرر الوجيز: 7/ 16]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"من" في قوله تبارك وتعالى: {ومن آياته أن خلقكم} للتبعيض، وقال: "خلقكم" من حيث خلق أباهم آدم، قاله قتادة. و"تنتشرون" معناه: تتصرفون وتتفرقون في الأعراض والأسفار). [المحرر الوجيز: 7/ 16]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {من أنفسكم} يحتمل أن يريد خلقه حواء من ضلع آدم، فحمل ذلك على جميع النساء من حيث أمهم مخلوقة من نفس آدم، أي: من ذات شخصه، ويحتمل أن يريد: من نوعكم ومن جنسكم. و"المودة والرحمة" على بابهما المشهور من التواد والتراحم، هذا هو البليغ، وقال مجاهد والحسن وعكرمة: عنى بالمودة الجماع وبالرحمة الولد). [المحرر الوجيز: 7/ 17]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ (22) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم نبه تعالى على خلق السماوات والأرض، واختلاف اللغات والألوان، وهذه: البياض والسواد وغيرهما، ويحتمل أن يريد ضروب بني آدم وأنواعهم، فتعم شخوص البشر الذين يختلفون بالألوان، وتعم الألسنة. وقرأ جمهور القراء: "للعالمين" بفتح اللام، وقرأ حفص عن عاصم: "للعالمين" بكسر اللام، فالأولى على أن هذه الآية هي نفسها منصوبة لجميع العالم، والثانية على معنى أن أهل الانتفاع بالنظر فيها إنما هم أهل العلم). [المحرر الوجيز: 7/ 17]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (23) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون * ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزل من السماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون * ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون}
ذكر تعالى النوم بالليل والنهار وعرف النوم إنما هو بالليل وحده، ثم ذكر الابتغاء من فضله كأنه فيهما، وإنما معنى ذلك أنه عم بالليل والنهار فسمى الزمان، وقصد من ذلك تعديد آية النوم وتعديد آية ابتغاء الفضل، فإنهما آيتان ونعمتان يكونان في ليل ونهار، والعرف "تحيز" كل واحدة من النعمتين أي محلها من الأغلب، وقال بعض المفسرين: في الكلام تقديم وتأخير.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا ضعيف.
وإنما أراد أن يرتب النوم لليل، والابتغاء للنهار، ولفظ الآية لا يعطي ما أراد). [المحرر الوجيز: 7/ 17-18]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (24) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: "يريكم" فعل مرتفع لما حذفت "أن" التي لو كانت لنصبته، فلما حل الفعل محل الاسم أعرب بالرفع، ومثله قول طرفة:
ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى ... وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي؟
قال الرماني: وتحتمل الآية أن يكون التقدير: "ومن آياته آية يريكم البرق"، وحذفت "الآية" لدلالة "من" عليها، ومنه قول الشاعر:
وما الدهر إلا تارتان فمنهما ... أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح
التقدير: فمنها تارة أموت.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا على أن "من" للتبعيض كسائر هذه الآيات، ويحتمل في هذه وحدها أن تكون "من" لابتداء الغاية فلا يحتاج إلى تقدير "آية"، وإنما يكون الفعل مخلصا للاستقبال.
وقوله: {خوفا وطمعا}، قال قتادة: خوفا للمسافر وطمعا للمقيم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ولا وجه لهذا التخصيص ونحوه، بل فيه الخوف والطمع لكل بشر، قال الضحاك: الخوف من صواعقه، والطمع في مطره). [المحرر الوجيز: 7/ 18-19]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (25) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: {أن تقوم السماء والأرض} معناه: تثبت، كقوله تعالى: {وإذا أظلم عليهم قاموا}، وهذا كثير، وقيل: هو فعل مستقبل، أحله محل الماضي ليعطي فيه معنى الدوام الذي هو في المستقبل، و"الدعوة من الأرض" هي البعث يوم القيامة، و"من الأرض" حال للمخاطبين، كأنه قال: خارجين من الأرض، ويجوز أن يكون "من الأرض" صفة للدعوة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
و"من" عندي هاهنا لانتهاء الغاية، كما تقول: "دعوتك من الجبل"، إذا كان المدعو في الجبل، والوقف في هذه الآية عند نافع ويعقوب الحضرمي على "دعوة"، والمعنى: بعد إذا أنتم تخرجون من الأرض، وهذا على أن "من" لابتداء الغاية، قال مكي: والأحسن عند أهل النظر أن الوقف في آخر الآية; لأن مذهب سيبويه والخليل في "إذا" الثانية أنها جواب الأولى، كأنه قال: ثم إذا دعاكم خرجتم، وهذا أسد الأقوال، وقرأ حمزة، والكسائي: "تخرجون" بفتح التاء، وقرأ الباقون "تخرجون" بضم التاء). [المحرر الوجيز: 7/ 19]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 06:11 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 06:45 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {فسبحان اللّه حين تمسون وحين تصبحون (17) وله الحمد في السّماوات والأرض وعشيًّا وحين تظهرون (18) يخرج الحيّ من الميّت ويخرج الميّت من الحيّ ويحيي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون (19) }
هذا تسبيحٌ منه تعالى لنفسه المقدّسة، وإرشادٌ لعباده إلى تسبيحه وتحميده، في هذه الأوقات المتعاقبة الدّالّة على كمال قدرته وعظيم سلطانه: عند المساء، وهو إقبال اللّيل بظلامه، وعند الصّباح، وهو إسفار النّهار عن ضيائه.
ثمّ اعترض بحمده، مناسبةً للتّسبيح وهو التّحميد، فقال: {وله الحمد في السّموات والأرض} أي: هو المحمود على ما خلق في السموات والأرض.
ثمّ قال: {وعشيًّا وحين تظهرون} فالعشاء هو: شدّة الظّلام، والإظهار: قوّة الضّياء. فسبحان خالق هذا وهذا، فالق الإصباح وجاعل اللّيل سكنًا، كما قال: {والنّهار إذا جلاها. واللّيل إذا يغشاها} [الشّمس: 3، 4]، وقال {واللّيل إذا يغشى. والنّهار إذا تجلّى} [اللّيل: 1، 2]، وقال: {والضّحى. واللّيل إذا سجى} [الضّحى: 1، 2]، والآيات في هذا كثيرةٌ.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا حسنٌ، حدّثنا ابن لهيعة، حدّثنا زبّان بن فائدٍ، عن سهل بن معاذ بن أنسٍ الجهني، عن أبيه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، أنّه قال: "ألا أخبركم لم سمّى اللّه إبراهيم خليله الّذي وفّى؟ لأنّه كان يقول كلّما أصبح وأمسى: سبحان اللّه حين تمسّون وحين تصبحون، وله الحمد في السموات والأرض وعشيًّا وحين تظهرون".
وقال الطّبرانيّ: حدّثنا مطّلب بن شعيب الأزديّ، حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، حدّثني اللّيث بن سعدٍ، عن سعيد بن بشيرٍ، عن محمّد بن عبد الرّحمن بن البيلمانيّ، عن أبيه، عن عبد اللّه بن عبّاسٍ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "من قال حين يصبح: {فسبحان اللّه حين تمسون وحين تصبحون. وله الحمد في السّموات والأرض وعشيًّا وحين تظهرون} الآية بكمالها، أدرك ما فاته في يومه، ومن قالها حين يمسي أدرك ما فاته في ليلته". إسنادٌ جيّدٌ ورواه أبو داود في سننه). [تفسير ابن كثير: 6/ 307-308]

تفسير قوله تعالى: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {يخرج الحيّ من الميّت ويخرج الميّت من الحيّ} هو ما نحن فيه من قدرته على خلق الأشياء المتقابلة. وهذه الآيات المتتابعة الكريمة كلّها من هذا النّمط، فإنّه يذكر فيها خلقه الأشياء وأضدادها، ليدلّ خلقه على كمال قدرته، فمن ذلك إخراج النّبات من الحبّ، والحبّ من النّبات، والبيض من الدّجاج، والدّجاج من البيض، والإنسان من النّطفة، والنّطفة من الإنسان، والمؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن.
وقوله: {ويحيي الأرض بعد موتها} كقوله: {وآيةٌ لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبًّا فمنه يأكلون. وجعلنا فيها جنّاتٍ من نخيلٍ وأعنابٍ وفجّرنا فيها من العيون} [يس: 33، 34]، وقال: {وترى الأرض هامدةً فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزّت وربت وأنبتت من كلّ زوجٍ بهيجٍ. ذلك بأنّ اللّه هو الحقّ وأنّه يحيي الموتى وأنّه على كلّ شيءٍ قديرٌ. وأنّ السّاعة آتيةٌ لا ريب فيها وأنّ اللّه يبعث من في القبور} [الحجّ: 5 -7]، وقال: {وهو الّذي يرسل الرّياح بشرًا بين يدي رحمته حتّى إذا أقلّت سحابًا ثقالا سقناه لبلدٍ ميّتٍ فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كلّ الثّمرات كذلك نخرج الموتى لعلّكم تذكّرون} [الأعراف: 57]؛ ولهذا قال هاهنا: {وكذلك تخرجون}). [تفسير ابن كثير: 6/ 308]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ومن آياته أن خلقكم من ترابٍ ثمّ إذا أنتم بشرٌ تنتشرون (20) ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودّةً ورحمةً إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكّرون (21)}
يقول تعالى: {ومن آياته} الدّالّة على عظمته وكمال قدرته أنّه خلق أباكم آدم من ترابٍ، {ثمّ إذا أنتم بشرٌ تنتشرون}، فأصلكم من ترابٍ، ثمّ من ماءٍ مهينٍ، ثمّ تصوّر فكان علقةً، ثمّ مضغةً، ثمّ صار عظامًا، شكله على شكل الإنسان، ثمّ كسا اللّه تلك العظام لحمًا، ثمّ نفخ فيه الرّوح، فإذا هو سميعٌ بصيرٌ. ثمّ خرج من بطن أمّه صغيرًا ضعيف القوى والحركة، ثمّ كلّما طال عمره تكاملت قواه وحركاته حتّى آل به الحال إلى أن صار يبني المدائن والحصون، ويسافر في أقطار الأقاليم، ويركب متن البحور، ويدور أقطار الأرض ويتكسّب ويجمع الأموال، وله فكرةٌ وغورٌ، ودهاءٌ ومكرٌ، ورأيٌ وعلمٌ، واتّساعٌ في أمور الدّنيا والآخرة كلٌّ بحسبه. فسبحان من أقدرهم وسيّرهم وسخّرهم وصرّفهم في فنون المعايش والمكاسب، وفاوت بينهم في العلوم والفكرة، والحسن والقبح، والغنى والفقر، والسّعادة والشّقاوة؛ ولهذا قال تعالى: {ومن آياته أن خلقكم من ترابٍ ثمّ إذا أنتم بشرٌ تنتشرون}.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا يحيى بن سعيدٍ وغندر، قالا حدّثنا عوف، عن قسامة بن زهيرٍ، عن أبي موسى قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: "إنّ اللّه خلق آدم من قبضةٍ قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، جاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك، والخبيث والطّيّب، والسّهل والحزن، وبين ذلك".
ورواه أبو داود والتّرمذيّ من طرقٍ، عن عوفٍ الأعرابيّ، به. وقال التّرمذيّ: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ). [تفسير ابن كثير: 6/ 308-309]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا} أي: خلق لكم من جنسكم إناثًا يكنّ لكم أزواجًا، {لتسكنوا إليها}، كما قال تعالى: {هو الّذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ وجعل منها زوجها ليسكن إليها} [الأعراف: 189] يعني بذلك: حوّاء، خلقها اللّه من آدم من ضلعه الأقصر الأيسر. ولو أنّه جعل بني آدم كلّهم ذكورًا وجعل إناثهم من جنسٍ آخر [من غيرهم] إمّا من جانٍّ أو حيوانٍ، لما حصل هذا الائتلاف بينهم وبين الأزواج، بل كانت تحصل نفرة لو كانت الأزواج من غير الجنس. ثمّ من تمام رحمته ببني آدم أن جعل أزواجهم من جنسهم، وجعل بينهم وبينهنّ مودّةً: وهي المحبّة، ورحمةً: وهي الرّأفة، فإنّ الرّجل يمسك المرأة إمّا لمحبّته لها، أو لرحمةٍ بها، بأن يكون لها منه ولدٌ، أو محتاجةٌ إليه في الإنفاق، أو للألفة بينهما، وغير ذلك، {إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكّرون}). [تفسير ابن كثير: 6/ 309]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ (22) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {ومن آياته خلق السّماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إنّ في ذلك لآياتٍ للعالمين (22) ومن آياته منامكم باللّيل والنّهار وابتغاؤكم من فضله إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يسمعون (23) }
يقول تعالى: ومن آيات قدرته العظيمة {خلق السّموات والأرض} أي: خلق السموات في ارتفاعها واتّساعها، وشفوف أجرامها وزهارة كواكبها ونجومها الثّوابت والسّيّارات، والأرض في انخفاضها وكثافتها وما فيها من جبالٍ وأوديةٍ، وبحارٍ وقفارٍ، وحيوانٍ وأشجارٍ.
وقوله: {واختلاف ألسنتكم} يعني: اللّغات، فهؤلاء بلغة العرب، وهؤلاء تترٌ لهم لغةٌ أخرى، وهؤلاء كرج، وهؤلاء رومٌ، وهؤلاء إفرنج، وهؤلاء بربر، وهؤلاء تكرور، وهؤلاء حبشةٌ، وهؤلاء هنودٌ، وهؤلاء عجمٌ، وهؤلاء صقالبةٌ، وهؤلاء خزرٌ، وهؤلاء أرمنٌ، وهؤلاء أكرادٌ، إلى غير ذلك ممّا لا يعلمه إلّا اللّه من اختلاف لغات بني آدم، واختلاف ألوانهم وهي حلاهم، فجميع أهل الأرض -بل أهل الدّنيا- منذ خلق اللّه آدم إلى قيام السّاعة: كلٌّ له عينان وحاجبان، وأنف وجبين، وفمٌ وخدّان. وليس يشبه واحدٌ منهم الآخر، بل لا بدّ أن يفارقه بشيءٍ من السّمت أو الهيئة أو الكلام، ظاهرًا كان أو خفيًّا، يظهر عند التّأمّل، كلّ وجهٍ منهم أسلوبٌ بذاته وهيئةٌ لا تشبه الأخرى. ولو توافق جماعةٌ في صفةٍ من جمالٍ أو قبحٍ، لا بدّ من فارقٍ بين كلّ واحدٍ منهم وبين الآخر، {إنّ في ذلك لآياتٍ للعالمين}). [تفسير ابن كثير: 6/ 309-310]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (23) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ومن آياته منامكم باللّيل والنّهار وابتغاؤكم من فضله} أي: ومن الآيات ما جعل لكم من صفة النّوّم في اللّيل والنّهار، فيه تحصل الرّاحة وسكون الحركة، وذهاب الكلال والتّعب، وجعل لكم الانتشار والسّعي في الأسباب والأسفار في النّهار، وهذا ضدّ النّوم، {إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يسمعون} أي: يعون.
قال الطّبرانيّ: حدّثنا حجّاج بن عمران السّدوسيّ، حدّثنا عمرو بن الحصين العقيليّ، حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن علاثة، حدّثني ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، سمعت عبد الملك بن مروان يحدّث عن أبيه، عن زيد بن ثابتٍ، رضي اللّه عنه، قال: أصابني أرقٌ من اللّيل، فشكوت ذلك إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: "قل: اللّهمّ غارت النّجوم، وهدأت العيون، وأنت حيٌّ قيّومٌ، يا حيّ يا قيّوم، [أنم عيني و] أهدئ ليلي" فقلتها فذهب عنّي).[تفسير ابن كثير: 6/ 310]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (24) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {ومن آياته يريكم البرق خوفًا وطمعًا وينزّل من السّماء ماءً فيحيي به الأرض بعد موتها إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يعقلون (24) ومن آياته أن تقوم السّماء والأرض بأمره ثمّ إذا دعاكم دعوةً من الأرض إذا أنتم تخرجون (25) }
يقول تعالى: {ومن آياته} الدّالّة على عظمته أنّه {يريكم البرق [خوفًا وطمعًا} أي:] تارةً تخافون ممّا يحدث بعده من أمطارٍ مزعجةٍ، أو صواعق متلفةٍ، وتارةً ترجون وميضه وما يأتي بعده من المطر المحتاج إليه؛ ولهذا قال: {وينزل من السّماء ماءً فيحيي به الأرض بعد موتها} أي: بعدما كانت هامدةٌ لا نبات فيها ولا شيء، فلمّا جاءها الماء {اهتزّت وربت وأنبتت من كلّ زوجٍ بهيجٍ} [الحجّ: 5]. وفي ذلك عبرةٌ ودلالة واضحةٌ على المعاد وقيام السّاعة؛ ولهذا قال: {إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يعقلون}).[تفسير ابن كثير: 6/ 310]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (25) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال: {ومن آياته أن تقوم السّماء والأرض بأمره} كقوله: {ويمسك السّماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه} [الحجّ: 65]، وقوله: {إنّ اللّه يمسك السّموات والأرض أن تزولا} [فاطرٍ: 41]. وكان عمر بن الخطّاب، رضي اللّه عنه، إذا اجتهد في اليمين يقول: لا والّذي تقوم السّماء والأرض بأمره، أي: هي قائمةٌ ثابتةٌ بأمره لها وتسخيره إيّاها، ثمّ إذا كان يوم القيامة بدلت الأرض غير الأرض والسموات، وخرجت الأموات من قبورها أحياءً بأمره تعالى ودعائه إيّاهم؛ ولهذا قال: {ثمّ إذا دعاكم دعوةً من الأرض إذا أنتم تخرجون} كما قال تعالى: {يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنّون إن لبثتم إلا قليلا} [الإسراء: 52].
وقال تعالى: {فإنّما هي زجرةٌ واحدةٌ فإذا هم بالسّاهرة} [النّازعات: 13، 14]، وقال: {إن كانت إلا صيحةً واحدةً فإذا هم جميعٌ لدينا محضرون} [يس: 53] ). [تفسير ابن كثير: 6/ 310-311]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:28 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة