العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الأحقاف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 09:23 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي تفسير سورة الأحقاف [ من الآية (21) إلى الآية (25) ]

{وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21) قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آَلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (22) قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (23) فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25) }


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 09:24 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الكلبي في قوله تعالى واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف قال الأحقاف الرمال). [تفسير عبد الرزاق: 2/217]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وقال قتادة بلغني أنه كان بأرض يقال لها الشحر مشرفين على البحر وكانوا أهل رمل). [تفسير عبد الرزاق: 2/217]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن منصورٍ عن مجاهدٍ {واذكر أخا عادٍ إذ أنذر قومه بالأحقاف} قال: الأحقاف: أرض [الآية: 21]). [تفسير الثوري: 277]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {واذكر أخا عادٍ إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النّذر من بين يديه ومن خلفه ألاّ تعبدوا إلاّ اللّه إنّي أخاف عليكم عذاب يومٍ عظيمٍ}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: واذكر يا محمّد لقومك الرّادّين عليك ما جئتهم به من الحقّ هودًا أخا عادٍ، فإنّ اللّه بعثك إليهم كالّذي بعثه إلى عادٍ، فخوّفهم أن يحلّ بهم من نقمة اللّه على كفرهم ما حلّ بهم إذ كذّبوا رسولنا هودًا إليهم، إذ أنذر قومه عادًا بالأحقاف والأحقاف: جمع حقفٍ وهو من الرّمل ما استطال، ولم يبلغ أن يكون جبلاً، وإيّاه عنى الأعشى:
فبات إلى أرطاة حقفٍ تلفّه خريق شمالٍ يترك الوجه أقتما.
واختلف أهل التّأويل في الموضع الّذي به هذه الأحقاف، فقال بعضهم: هي جبلٌ بالشّام.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمّي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {واذكر أخا عادٍ إذ أنذر قومه بالأحقاف} قال: الأحقاف: جبلٌ بالشّام.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله {إذ أنذر قومه بالأحقاف} جبلٌ يسمّى الأحقاف.
وقال آخرون: بل هي وادٍ بين عمان ومهرة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمّي، قال: ثني أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، {واذكر أخا عادٍ إذ أنذر قومه بالأحقاف} قال: فقال: الأحقاف الّذي أنذر هودٌ قومه وادٍ بين عمان ومهرة.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: كانت منازل عادٍ وجماعتهم حيث بعث اللّه إليهم هودًا الأحقاف: الرّمل فيما بين عمان إلى حضرموت، فاليمن كلّه، وكانوا مع ذلك قد فشوا في الأرض كلّها، قهروا أهلها بفضل قوّتهم الّتي آتاهم اللّه.
وقال آخرون: هي أرضٌ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، قال: الأحقاف: الأرض.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {إذ أنذر قومه بالأحقاف} قال: حشافٌ أو كلمةٌ تشبهها، قال أبو موسى: يقولون مستحشفٌ.
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {إذ أنذر قومه بالأحقاف} حشاف من حسمى.
وقال آخرون: هي رمالٌ مشرفةٌ على البحر بالشّحر
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {واذكر أخا عادٍ إذ أنذر قومه بالأحقاف} ذكر لنا أنّ عادًا كانوا حيًّا باليمن أهل رملٍ مشرفين على البحر بأرضٍ يقال لها الشّحر.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله {واذكر أخا عادٍ إذ أنذر قومه بالأحقاف} قال: بلغنا أنّهم كانوا على أرضٍ يقال لها الشّحر، مشرفين على البحر، وكانوا أهل رملٍ.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرنا عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلالٍ، عن عمرو بن عبد اللّه، عن قتادة، أنّه قال: كان مساكن عادٍ بالشّحر.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب أن يقال: إنّ اللّه تبارك وتعالى أخبر أنّ عادًا أنذرهم أخوهم هودٌ بالأحقاف، والأحقاف ما وصفت من الرّمال المستطيلة المشرفة، كما قال العجّاج:
بات إلى أرطاة حقفٍ أحقفا
- وكما: حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {واذكر أخا عادٍ إذ أنذر قومه بالأحقاف} قال: الأحقاف: الرّمل الّذي يكون كهيئة الجبل تدعوه العرب الحقف، ولا يكون أحقافًا إلاّ من الرّمل، قال: وأخو عادٍ هودٌ.
وجائزٌ أن يكون ذلك جبلاً بالشّأم وجائزٌ أن يكون واديًا بين عمان وحضرموت وجائزٌ أن يكون الشّحر وليس في العلم به أداء فرضٍ، ولا في الجهل به تضييع واجبٍ، وأين كان فصفته ما وصفنا من أنّهم كانوا قومًا منازلهم الرّمال المستعلية المستطيلة.
وقوله: {وقد خلت النّذر من بين يديه ومن خلفه ألاّ تعبدوا إلاّ الله} يقول تعالى ذكره: وقد مضت الرّسل بإنذار أممها {من بين يديه} يعني: من قبل هودٍ ومن خلفه، يعني: ومن بعد هودٍ.
وقد ذكر أنّ ذلك في قراءة عبد اللّه وقد خلت النّذر من بين يديه ومن بعده.
{ألاّ تعبدوا إلاّ اللّه} يقول: لا تشركوا مع اللّه شيئًا في عبادتكم إيّاه، ولكن أخلصوا له العبادة، وأفردوا له الألوهة، إنّه لا إله غيره، وكانوا فيما ذكر أهل أوثانٍ يعبدونها من دون اللّه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثتٌ عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {وقد خلت النّذر من بين يديه ومن خلفه ألاّ تعبدوا إلاّ اللّه} قال: لن يبعث اللّه رسولاً إلاّ بأن يعبد اللّه.
وقوله: {إنّي أخاف عليكم عذاب يوم عظيمٍ} يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل هودٍ لقومه: إنّي أخاف عليكم أيّها القوم بعبادتكم غير اللّه عذاب اللّه في يومٍ عظيمٍ وذلك يومٌ يعظم هوله، وهو يوم القيامة). [جامع البيان: 21/150-154]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال الأحقاف خساف من حسمي). [تفسير مجاهد: 2/594]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (والأحقاف قال الكسائي: هي ما استدار من الرمل، واحدها حقف، وحقاف، مثل: دبغ ودباغ، ولبس ولباس، وقيل: الحقاف جمع الحقف، والأحقاف جمع الجمع، وقال ابن عبّاس: الأحقاف واديين عمان ومهرة، وعن مقاتل: كانت منازل عاد باليمن في حضرموت في موضع يقال له: مهرة تنسب إليها الجمال المهرية، وكانوا أهل عمد سيارة في الرّبيع، فإذا أهاج العود رجعوا إلى منازلهم وكانوا من قبيلة أرم، وعن الضّحّاك الأحقاف جبل بالشّام، وعن مجاهد هي أرص حسمى وعن الخليل: هي الرمال العظام). [عمدة القاري: 19/167-168]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 21 - 23.
أخرج ابن ماجة، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يرحمنا الله وأخا عاد). [الدر المنثور: 13/334]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن علي رضي الله عنه قال: خير واديين في الناس وادي مكة ووادي أرم بأرض الهند وشر واديين في الناس وادي الأحقاف وواد بحضرموت يدعى برهوت يلقى فيه أرواح الكفار وخير بئر في الناس زمزم وشر بئر في الناس برهوت وهي في ذاك الوادي الذي بحضرموت). [الدر المنثور: 13/334]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الأحقاف جبل بالشام). [الدر المنثور: 13/334]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال: الأحقاف جبل بالشام يسمى الأحقاف). [الدر المنثور: 13/334-335]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه قال: الأحقاف الأرض). [الدر المنثور: 13/335]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه قال: الأحقاف جساق من جسمي). [الدر المنثور: 13/335]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال: ذكر لنا أن عادا كانوا أحياء باليمن أهل رمل مشرفين على البحر بأرض يقال لها الشحر). [الدر المنثور: 13/335]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله بالأحقاف قال: تلال من أرض اليمن). [الدر المنثور: 13/335]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه ألا تعبدوا إلا الله} قال: لم يبعث الله رسولا إلا بأن يعبد الله). [الدر المنثور: 13/335]

تفسير قوله تعالى: (قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آَلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (22) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قالوا أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصّادقين}.
يقول تعالى ذكره: قالت عادٌ لهودٍ، إذ قال لهم لا تعبدوا إلاّ اللّه إنّي أخاف عليكم عذاب يومٍ عظيمٍ: أجئتنا يا هود لتصرفنا عن عبادة آلهتنا إلى عبادة ما تدعونا إليه، وإلى اتّباعك على قولك.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا،} قال: لتزيلنا، وقرأ {إن كاد ليضلّنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها} قال: تضلّنا وتزيلنا وتأفكنا.
{فأتنا بما تعدنا} من العذاب على عبادتنا ما نعبد من الآلهة {إن كنت} من أهل الصّدق في قوله وعداته). [جامع البيان: 21/154-155]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {لتأفكنا} قال لتزيلنا وقرأ إن كاد ليضلنا عن آلهتنا قال: يضلنا ويزيلنا ويأفكنا واحد). [الدر المنثور: 13/335-336]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (23) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال إنّما العلم عند اللّه وأبلّغكم ما أرسلت به ولكنّي أراكم قومًا تجهلون}
يقول تعالى ذكره: قال هودٌ لقومه عادٍ: {إنّما العلم} بوقت مجيء ما أعدكم به من عذاب اللّه على كفركم به عند اللّه، لا أعلم من ذلك إلاّ ما علّمني {وأبلّغكم ما أرسلت به} يقول: وإنّما أنا رسولٌ إليكم من اللّه، مبلّغٌ أبلّغكم عنه ما أرسلني به من الرّسالة {ولكنّي أراكم قومًا تجهلون} مواضع حظوظ أنفسكم، فلا تعرفون ما عليها من المضرّة بعبادتكم غير اللّه، وفي استعجال عذابه). [جامع البيان: 21/155]

تفسير قوله تعالى: (فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني شبيب بن سعيدٍ، عن أبان بن أبي عياش، عن طاؤوس، عن ابن عبّاسٍ قال: كان وادٍ لقوم عادٍ كان إذا أمطروا من نحو ذلك الوادي وأتاهم الغيم من قبله كان ذلك العام خصب متعالم فيهم، فبعث اللّه عليهم العذاب من قبل ذلك الوادي، فجعل هود يدعوهم ويقول: إنّ العذاب قد أظلّكم، فيقولون: كذبت، هذا عارضٌ ممطرنا؛ فنزلت الرّيح فنسفت الرّعاة فجعلت تمرّ على الرّجل بغنمه ورعاته حتّى يعرفها، ثمّ يحلّق بهم في السّماء حتّى تقذفهم في البحر، ثمّ نسفت البيوت حتّى جعلتهم {كالرّميم}). [الجامع في علوم القرآن: 1/39-40] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن ابن طاوس عن عائشة قالت كان النبي إذا رأى مخيلة تغير وجهه ودخل وأقبل وأدبر فإذا أمطرت سري عنه فذكرت ذلك له فقال ما أمنت أن تكون كما قال الله فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم إلى قوله ريح فيها عذاب أليم). [تفسير عبد الرزاق: 1/347]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى ريح فيها عذاب أليم قال ذكروا أن النبي قال نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور). [تفسير عبد الرزاق: 2/217]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمونٍ قال: لمّا رأى قوم عادٍ العارض قالوا: {هذا عارض ممطرنا} قال اللّه {بل هو ما استعجلتم به ريحٌ فيها عذابٌ أليم (24) تدمر كل شيء بأمر ربها} فإن كانت الرّيح لتدفع الرّاعي وغنمه بين السّماء والأرض ثمّ تقلبها عليهم [الآية: 24 و 25]). [تفسير الثوري: 277]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب قوله: {فلمّا رأوه عارضًا مستقبل أوديتهم قالوا: هذا عارضٌ ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريحٌ فيها عذابٌ أليمٌ} [الأحقاف: 24]
قال ابن عبّاسٍ: {عارضٌ} [الأحقاف: 24] : «السّحاب»
- حدّثنا أحمد بن عيسى، حدّثنا ابن وهبٍ، أخبرنا عمرٌو، أنّ أبا النّضر، حدّثه عن سليمان بن يسارٍ، عن عائشة رضي اللّه عنها، زوج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قالت: ما رأيت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم ضاحكًا حتّى أرى منه لهواته، إنّما كان يتبسّم،
- قالت: وكان إذا رأى غيمًا أو ريحًا عرف في وجهه، قالت: يا رسول اللّه إنّ النّاس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيته عرف في وجهك الكراهية، فقال: " يا عائشة ما يؤمنّي أن يكون فيه عذابٌ؟ عذّب قومٌ بالرّيح، وقد رأى قومٌ العذاب، فقالوا: هذا عارضٌ ممطرنا "). [صحيح البخاري: 6/133-134]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب فلمّا رأوه عارضًا مستقبل أوديتهم الآية)
ساقها غير أبي ذرٍّ قوله قال بن عبّاس عارض السّحاب وصله بن أبي حاتمٍ من طريق عليّ بن أبي طلحة عنه وأخرج الطّبريّ من طريق العوفيّ عن بن عبّاسٍ قال الرّيح إذا أثارت سحابًا قالوا هذا عارضٌ
- قوله حدّثنا أحمد كذا لهم وفي رواية أبي ذرٍّ حدّثنا أحمد بن عيسى قوله أخبرنا عمرو هو بن الحارث وأبو النّضر هو سالمٌ المدنيّ ونصف هذا الإسناد الأعلى مدنيّون والأدنى مصريّون قوله حتّى أرى منه لهواته بالتّحريك جمع لهاةٍ وهي اللّحمة المتعلّقة في أعلى الحنك ويجمع أيضًا على لهًى بفتح اللّام مقصورٌ قوله إنّما كان يتبسّم لا ينافي هذا ما جاء في الحديث الآخر أنّه ضحك حتّى بدت نواجذه لأنّ ظهور النّواجذ وهي الأسنان الّتي في مقدم الفم أو الأنياب لا يستلزم ظهور اللّهاة قوله عرفت الكراهية في وجهه عبّرت عن الشّيء الظّاهر في الوجه بالكراهة لأنّه ثمرتها ووقع في رواية عطاءٍ عن عائشة في أوّل هذا الحديث كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا عصفت الرّيح قال اللّهمّ إنّي أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به وأعوذ بك من شرّها وشرّ ما فيها وشرّ ما أرسلت به وإذا تخيّلت السّماء تغيّر لونه وخرج ودخل وأقبل وأدبر فإذا أمطرت سرّي عنه الحديث أخرجه مسلمٌ بطوله وتقدّم في بدء الخلق من قوله كان إذا رأى مخيلةً أقبل وأدبر وقد تقدّم لهذا الدّعاء شواهد من حديث أنسٍ وغيره في أواخر الاستسقاء قوله عذّب قومٌ بالرّيح وقد رأى قومٌ العذاب فقالوا هذا عارضٌ ظاهر هذا أنّ الّذين عذّبوا بالرّيح غير الّذين قالوا ذلك لما تقرّر أنّ النّكرة إذا أعيدت نكرةً كانت غير الأوّل لكنّ ظاهر آية الباب على أنّ الّذين عذّبوا بالرّيح هم الّذين قالوا هذا عارضٌ ففي هذه السّورة واذكر أخا عادٍ إذ أنذر قومه بالأحقاف الآيات وفيها فلمّا رأوه عارضًا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارضٌ ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم وقد أجاب الكرمانيّ عن الإشكال بأنّ هذه القاعدة المذكورة إنّما تطّرد إذا لم يكن في السّياق قرينةٌ تدلّ على أنّها عين الأوّل فإن كان هناك قرينةٌ كما في قوله تعالى وهو الّذي في السّماء إلهٌ وفي الأرض إله فلا ثمّ قال ويحتمل أنّ عادًا قومان قومٌ بالأحقاف وهم أصحاب العارض وقومٌ غيرهم قلت ولا يخفى بعده لكنّه محتملٌ فقد قال تعالى في سورة النّجم وأنّه أهلك عادا الأولى فإنّه يشعر بأنّ ثمّ عادًا أخرى وقد أخرج قصّة عادٍ الثّانية أحمد بإسنادٍ حسنٍ عن الحارث بن حسّان البكريّ قال خرجت أنا والعلاء بن الحضرميّ إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الحديث وفيه فقلت أعوذ باللّه وبرسوله أن أكون كوافد عادٍ قال وما وافد عادٍ وهو أعلم بالحديث ولكنّه يستطعمه فقلت إنّ عادًا قحطوا فبعثوا قيل بن عنزٍ إلى معاوية بن بكرٍ بمكّة يستسقي لهم فمكث شهرًا في ضيافته تغنّيه الجرادتان فلمّا كان بعد شهرٍ خرج لهم فاستسقى لهم فمرّت بهم سحاباتٌ فاختار السّوداء منها فنودي خذها رمادا رمدا لا تبق من عادٍ أحدًا وأخرج التّرمذيّ والنّسائيّ وبن ماجه بعضه والظّاهر أنّه في قصّة عادٍ الأخيرة لذكر مكّة فيه وإنّما بنيت بعد إبراهيم حين أسكن هاجر وإسماعيل بوادٍ غير ذي زرعٍ فالّذين ذكروا في سورة الأحقاف هم عادٌ الأخيرة ويلزم عليه أنّ المراد بقوله تعالى أخا عادٍ نبيٌّ آخر غير هود والله أعلم). [فتح الباري: 8/578-579]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال ابن عبّاس عارض السّحاب
قال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح عن معاوية عن علّي عن ابن عبّاس به). [تغليق التعليق: 4/311]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (باب قوله: {فلمّا رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هاذا عارضٌ ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريحٌ فيها عذابٌ أليمٌ} (الأحقاف: 24)
أي: هذا باب في قوله عز وجل: {فلمّا رأوه} الخ. ساقها غير أبي ذر، وفي رواية أبي ذر: {فلمّا رأوه عارضا مستقبل أوديتهم} الآية. قوله: (فلمّا رأوه) أي: فلمّا رأوا ما يوعدون به وكانوا قالوا: فائتنا بما تعدنا، يعني: من العذاب إن كنت من الصّادقين، وهم قوم هود، عليه السّلام، قوله: (عارضا) نصب على الحال، وقيل: رأوا عارضا وهو السّحاب سمي بذلك لأنّه يعرض أي يبدو في عرض السّماء. قوله: {مستقبل أوديتهم} صفة لقوله: عارضا، فلمّا رأوه استبشروا به وقالوا: هذا عارض ممطرنا يمطر لنا فقال الله عز وجل: {بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم} وريح مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف. أي: هو ريح، وكانت الرّيح الّتي تسمى الدبور، وكانت تحمل الفسطاط وتحمل الظعينة فترفعها حتّى كأنّها جرادة وأما ما كان خارجا من مواشيهم ورحالهم تطير بها الرّيح بين السّماء والأرض مثل الريش، قال ابن عبّاس: فدخلوا بيوتهم وأغلقوا أبوابهم فجاءت الرّيح فقلعت أبوابهم وصرعتهم، وأمر الله الرّيح فأمالت عليهم الرمال فكانوا تحت الرمل سبع ليال وثمانية أيّام حسوما أنين. ثمّ أمر الله تعالى الرّيح فكشفت عنهم الرمال، ثمّ أمرها فاحتملتهم فرمت بهم في البحر، فهو الّذي قال الله تعالى: {تدمر كل شيء} (الأحقاف: 25) مرت به من رجال عاد وأموالها.
وقال ابن عبّاسٍ عارضٌ السّحاب
أي: قال ابن عبّاس في تفسير قوله تعالى: {هذا عارض ممطرنا} العارض السّحاب وقد قلنا: ما سبب تسميته بذلك.
- حدّثنا أحمد بن عيسى حدّثنا ابن وهبٍ أخبرنا عمرٌ وأنّ أبا النّضر حدّثه عن سليمان ابن يسارٍ عن عائشة رضي الله عنها زوج النبيّ صلى الله عليه وسلم قالت ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكا حتّى أرى منه لهوانه إنّما كان يتبسّم. حدّثنا قالت وكان إذا رأى غيما أو ريحا عرف في وجهه قالت يا رسول الله إنّ النّاس إذا رأوا الغيم فرحوا أن يكون فيه المطر وأراك إذا رأيته عرف في وجهك الكراهية فقال يا عائشة ما يوؤمنني أن يكون فيه عذا عذّب قوم عادٍ بالرّيح وقد رأى قومٌ العذاب: {فقالوا هاذا عارضٌ ممطرنا} .
مطابقته للتّرجمة ظاهرة. وأحمد كذا غير منسوب في رواية الأكثرين، وفي رواية أبي ذر، حدثنا أحمد بن عيسى، كذا قال أبو مسعود وخلف وعرفه ابن السكن بأنّه أحمد بن صالح المصريّ، وغلّط الحاكم. قول من قال: إنّه ابن أخي ابن وهب، وقال ابن منده كلما قال البخاريّ في (جامعه) حدثنا أحمد عن ابن وهب، فهو ابن صالح، وإذا حدث عن ابن عيسى نسبه. قلت: لعلّ الكرماني اعتمد على هذا حيث قال: أحمد، أي: ابن صالح المصريّ، وقال في (رجال الصّحيحين) أحمد غير منسوب يحدث عن عبد الله ابن وهب المصريّ، حدث عنه البخاريّ في غير موضع من (الجامع) .
واختلفوا في أحمد هذا، فقال قوم: إنّه أحمد بن عبد الرّحمن ابن أخي ابن وهب، وقال آخرون: إنّه أحمد بن صالح أو أحمد بن عيسى، وقال أبو أحمد الحافظ النّيسابوري: أحمد عن ابن وهب هو ابن أخي ابن وهب، وقال ابن منده: لم يخرج البخاريّ عن أحمد بن صالح وعبد الرّحمن شيئا في (الصّحيح) ، وعمرو هو ابن الحارث، وأبو النّضر، بسكون المعجمة، سالم، وسليمان بن يسار. ضد اليمين، ونصف هذا الإسناد الأعلى مدنيون والأدنى مصريون.
والحديث أخرجه البخاريّ أيضا في الأدب عن يحيى بن سليمان وأخرجه مسلم في الاستسقاء عن هارون بن معروف. وأخرجه أبو داود في الأدب عن أحمد بن صالح.
قوله: (لهوانه) ، بتحريك الهاء جمع لهاة وهي اللحمة المتعلّقة في أعلى الحنك ويجمع أيضا على: لها بفتح اللّام مقصور. قوله: (إنّما كان يتبسم) ، قلت: روى أنه ضحك حتّى بدت نواجذه، في التّوفيق بينهما. قلت: ظهور النواجذ الّتي هي الأسنان الّتي في مقدم الفم أو الأنياب لا يستلزم ظهور اللهاة. قوله: (عرفت الكراهية في وجهه) ، وهي من أفعال القلوب الّتي لا ترى، ولكنه إذا فرح القلب تبلج الجبين، فإذا حزن أريد بالوجه فعبرت عن الشّيء الظّاهر في الوجه بالكراهة لأنّه ثمرتها. قوله: (ما يؤمنني) من آمن يؤمن ويروى: ما يؤمني، بالهمزة وتشديد النّون. قوله: (عذب قوم عاد) حيث أهلكوا يريح صرصر. قال الكرماني: فإن قلت: النكرة المعادة هي غير الأولى، وهنا القوم الّذين قالوا: هذا عارض ممطرنا، هم بعينهم الّذين عذبوا بالرّيح فيها عذاب أليم قدمر كل شيء. قلت: تلك القاعدة النحوية إنّما هي في موضع لا يكون ثمّة قرينة على الاتّحاد، أما إذا كانت فهي بعينها الأولى لقوله تعالى: {وهو الّذي في السّماء إله وفي الأرض إله} (الزخرف: 84) ولئن سلمنا وجوب المغايرة مطلقًا فلعلّ عادا قومان، قوم بالأحقاف، أي في الرمال وهم أصحاب العارض، وقوم غيرهم من الّذين كذبوا انتهى. قلت: تمثيله بقوله: (هو الّذي في السّماء إله وفي الأرض إله) غير مطابق لما قاله لأن فيه المغايرة ظاهرة، لكن يحمل على معنى أن كونه معبودا في السّماء غير كونه معبودا في الأرض لأن إلها بمعنى مألوه بمعنى معبود فافهم). [عمدة القاري: 19/170-171]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب قوله: {فلمّا رأوه عارضًا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارضٌ ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريحٌ فيها عذابٌ أليمٌ} قال ابن عبّاسٍ: عارضٌ السّحاب
(باب قوله) تعالى ({فلما رأوه}) أي العذاب ({عارضًا}) سحابًا عرض في أفق السماء والضمير عائد إلى السحاب كأنه قيل فلما رأوا السحاب عارضًا ({مستقبل أوديتهم}) صفة لعارضًا وإضافته غير محضة فمن ثم ساغ أن يكون نعتًا لنكرة ({قالوا هذا عارض ممطرنا}) صفة لعارض أيضًا أي يأتينا بالمطر وقد كانوا ممحلين محتاجين إلى المطر قال الله تعالى أو هود عليه السلام ({بل هو ما استعجلتم به}) من العذاب حيث قلتم فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ثم بيّن ماهيته فقال ({ريح}) أي هي ريح ({فيها عذاب أليم}) [الأحقاف: 24] فما برحوا حتى كانت الريح تجيء بالرجل فتطرحه وكان طول الرجل منهم اثنتي عشرة ذراعًا وقيل ستون ذراعًا وقيل مائة ولهم قصور محكمة بالبناء بالصخور فحملت الريح الصخور والشجر ورفعتها كأنها جرادة وهدمت القصور واصطف لها الأطولون الأشداء منهم فصرعتهم وألقت عليهم الصخور وسفت عليهم الرمال فكانوا تحتها سبع ليالٍ وثمانية أيام لهم أنين، ثم أمر الله الريح فكشفت عنهم الرمال واحتملتهم فرمت بهم في البحر ولم يصل إلى هود عليه السلام ومن آمن به من تلك الريح إلا نسيم، وكان عليه السلام قد جمع المؤمنين إلى شجرة عند عين ماء وأدار عليهم خطأ خطه في الأرض وسقط لغير أبي ذر باب قوله وله قالوا هذا عارض الخ وقال بعد قوله أوديتهم الآية.
(قال) ولأبي ذر وقال (ابن عباس) فيما وصله ابن أبي حاتم في قوله (عارض) أي (السحاب) الذي يرى في ناحية السماء وسمي بذلك لأنه يبدو في عرض السماء.
- حدّثنا أحمد بن عيسى، حدّثنا ابن وهبٍ، أخبرنا عمرٌو أنّ أبا النّضر حدّثه عن سليمان بن يسارٍ، عن عائشة -رضي الله عنها- زوج النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- قالت ما رأيت رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- ضاحكًا حتّى أرى منه لهواته إنّما كان يتبسّم. [الحديث 4828 - طرفه في: 6092].
وبه قال: (حدّثنا أحمد بن عيسى) كذا في رواية أبي ذر ابن عيسى وهو الهمداني التستري المصري الأصل، وسقط ابن عيسى لغير أبي ذر وقال الكرماني: إنه أحمد بن صالح المصري يعني ابن الطبري، ولعله اعتمد على قول أبي علي بن السكن حيث قال: هو أحمد بن صالح في المواضع كلها وكذا قاله ابن منده، وقيل هو أحمد بن عبد الرحمن ابن أخي ابن وهب قال الحاكم أبو عبد الله هو أحمد بن صالح أو أحمد بن عيسى لا يخلو أن يكون واحدًا منهما ولم يحدث عن ابن أخي ابن وهب شيئًا ومن زعم أنه ابن أخي ابن وهب فقد وهم فاتفق الرواة على أحمد بن صالح أو أحمد بن عيسى وقد عين أبو ذر في روايته أنه ابن عيسى قال: (حدّثنا ابن وهب) عبد الله قال: (أخبرنا عمرو) هو ابن الحارث (أن أبا النضر) سالمًا المدني (حدّثه عن سليمان بن يسار) ضد
اليمين (عن عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم-) أنها (قالت: ما رأيت رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- ضاحكًا حتى أرى منه لهواته) بتحريك الهاء جمع لهاة وهي اللحمة الحمراء المعلقة في أعلى الحنك (إنما كان يتبسم، قالت):
- قالت وكان إذا رأى غيمًا أو ريحًا عرف في وجهه، قالت: يا رسول اللّه إنّ النّاس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيته عرف في وجهك الكراهية؟ فقال: «يا عائشة ما يومنّي أن يكون فيه عذابٌ؟ عذّب قومٌ بالرّيح، وقد رأى قومٌ العذاب فقالوا: {هذا عارضٌ ممطرنا}». [الأحقاف: 24].
(وكان إذا رأى غيمًا أو ريحًا عرف) بضم العين وكسر الراء مبنيًّا للمفعول (في وجهه) الكراهية وذلك لأن القلب إذا فرح تبلج الجبين وإذا حزن أربد الوجه فعبرت عائشة عن الشيء الظاهر في الوجه بالكراهية لأنه ثمرتها (قالت: يا رسول الله الناس) ولغير أبي ذر أن الناس (إذا رأوا الغيم فرحوا) به (رجاء أن يكون فيه المطر وأراك إذا رأيته عرف في وجهك الكراهية فقال): (يا عائشة ما يومني) بواو ساكنة ونون مشددة ولأبي ذر يؤمنني بنونين (أن يكون فيه عذاب عذب قوم بالريح) هم عاد قوم هود حيث أهلكوا بريح صرصر (وقد رأى قوم العذاب فقالوا: {هذا عارض ممطرنا}) قد تقرر أن النكرة إذا أعيدت نكرة كانت غير الأولى، لكن ظاهر آية الباب أن الذين عذبوا بالريح هم الذين قالوا هذا عارض.
وقد أجاب صاحب الكواكب الدراري عن ذلك بأن القاعدة المذكورة إنما تطرد إذا لم يكن في السياق قرينة تدل على الاتحاد فإن كان هناك قرينة كما في قوله: {وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله} فلا وعلى تقدير تسليم المغايرة مطلقًا فلعل عادًا قومان قوم بالأحقاف أي في الرمال وهم أصحاب العارض وقوم غيرهم. اهـ.
ويؤيد قوله الثاني قوله تعالى: {وأنه أهلك عادًا الأولى} [النجم: 50] فإنه يشعر بأن ثم عادًا أخرى، وعند الإمام أحمد بإسناد حسن عن الحارث بن حسان البكري قال: خرجت أشكو العلاء بن الحضرمي إلى رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- فمررت بالربذة فإذا عجوز من بني تميم منقطع بها فقالت لي: يا عبد الله إن لي إلى رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- حاجة فهل أنت مبلغي إليه؟ قال: فحملتها فأتيت المدينة فإذا المسجد غاص بأهله الحديث. وفيه فقلت: أعوذ بالله ورسوله أن أكون كوافد عاد. قال: وما وافد عاد؟ وهو أعلم بالحديث منه، لكن يستعظمه؟ قلت: إن عادًا قحطوا فبعثوا وافدًا لهم يقال له قيل فمر بمعاوية بن بكر فأقام عنده شهرًا يسقيه الخمر وتغنيه جاريتان يقال لهما الجرادتان فلما مضى الشهر خرج إلى جبال مهرة فقال: اللهم إنك تعلم أني لم أجيء إلى مريض فأداويه ولا إلى أسير فأفاديه، اللهم اسق عادًا ما كنت تسقيه فمرت به سحابات سود فنودي منها اختر فأومأ إلى سحابة منها سوداء فنودي منها خذها رمادًا رمددًا لا تبقي من عاد أحدًا رواه الترمذي والنسائي
وابن ماجة ذكره ابن كثير بطوله في تفسيره وابن حجر مختصرًا. وقال: الظاهر أنه في قصة عاد الأخيرة لذكر مكة فيه.
وحديث الباب أخرجه المؤلّف في الأدب ومسلم في الاستسقاء وأبو داود في الأدب). [إرشاد الساري: 7/340-341]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا عبد الرّحمن بن الأسود أبو عمرٍو البصريّ، قال: حدّثنا محمّد بن ربيعة، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، عن عائشة قالت: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إذا رأى مخيلةً أقبل وأدبر، فإذا مطرت سرّي عنه قالت: فقلت له، فقال: وما أدري لعلّه كما قال اللّه تعالى {فلمّا رأوه عارضًا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارضٌ ممطرنا}.
هذا حديثٌ حسنٌ). [سنن الترمذي: 5/235]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {فلمّا رأوه عارضًا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارضٌ ممطرنا}
- أخبرنا محمّد بن يحيى بن أيّوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا حفص بن غياثٍ، قال: حدّثنا ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا رأى ريحًا قام، وقعد، وأقبل، وأدبر، قالت: فقلت له، فقال: " يا عائشة، ما يؤمّنني أن يكون كما قال قومٌ: {فلمّا رأوه عارضًا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارضٌ ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريحٌ فيها عذابٌ أليمٌ} [الأحقاف: 24]، قال: فيرى قطراتٍ، فيسكن صلّى الله عليه وسلّم). [السنن الكبرى للنسائي: 10/257]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فلمّا رأوه عارضًا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارضٌ ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريحٌ فيها عذابٌ أليمٌ}.
يقول تعالى ذكره: فلمّا جاءهم عذاب اللّه الّذي استعجلوه، فرأوه سحابًا عارضًا في ناحيةٍ من نواحي السّماء {مستقبل أوديتهم} والعرب تسمّي السّحاب الّذي يرى في بعض أقطار السّماء عشيًّا، ثمّ يصبح من الغد قد استوى، وحبا بعضه إلى بعضٍ عارضًا، وذلك لعرضه في بعض أرجاء السّماء حين نشأ، كما قال الأعشى:
يا من يرى عارضًا قد بتّ أرمقه كأنّما البرق في حافاته الشّعل.
{قالوا هذا عارضٌ ممطرنا} ظنًّا منهم برؤيتهم إيّاه أنّ غيثًا قد أتاهم يحيون به، فقالوا: هذا الّذي كان هودٌ يعدنا، وهو الغيث.
- كما: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فلمّا رأوه عارضًا مستقبل أوديتهم} الآية، وذكر لنا أنّه حبس عنهم المطر زمانًا، فلمّا رأوا العذاب مقبلاً {قالوا هذا عارضٌ ممطرنا} وذكر لنا أنّهم قالوا: كذب هودٌ كذب هودٌ؛ فلمّا خرج نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فشامه، قال: {بل هو ما استعجلتم به ريحٌ فيها عذابٌ أليمٌ}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ساق اللّه السّحابة السّوداء الّتي اختار قيل ابن عنزٍ بما فيها من النّقمة إلى عادٍ، حتّى تخرج عليهم من وادٍ لهم يقال له المغيث، فلمّا رأوها استبشروا {قالوا هذا عارضٌ ممطرنا}: يقول اللّه عزّ وجلّ: {بل هو ما استعجلتم به ريحٌ فيها عذابٌ أليمٌ}.
وقوله: {بل هو ما استعجلتم به} يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم هودٍ لقومه لمّا قالوا له عند رؤيتهم عارض العذاب، قد عرض لهم في السّماء هذا عارضٌ ممطرنا نحيا به، ما هو بعارض غيثٍ، ولكنّه عارض عذابٍ لكم، بل هو ما استعجلتم به: أي هو العذاب الّذي استعجلتم به، فقلتم: {ائتنا بما تعدنا إن كنت من الصّادقين} ريحٌ فيها عذابٌ أليمٌ والرّيح مكرّرةٌ على ما في قوله: {هو ما استعجلتم به} كأنّه قيل: بل هو ريحٌ فيها عذابٌ أليمٌ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمونٍ، قال: كان هودٌ جلدًا في قومه، وإنّه كان قاعدًا في قومه، فجاء سحابٌ مكفهرٌّ، ف {قالوا هذا عارضٌ ممطرنا} فقال: {بل هو ما استعجلتم به ريحٌ فيها عذابٌ أليمٌ} قال: فجاءت ريحٌ فجعلت تلقي الفسطاط، وتجيء بالرّجل الغائب فتلقيه.
- حدّثني يحيى بن إبراهيم المسعوديّ، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن جدّه، قال: قال سليمان، حدّثنا أبو إسحاق، عن عمرو بن ميمونٍ، قال: لقد كانت الرّيح تحمل الظّعينة فترفعها حتّى ترى كأنّها جرادةٌ.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: ثني أبي قال: ثني عمّي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قوله: {فلمّا رأوه عارضًا مستقبل أوديتهم} إلى آخر الآية، قال: هي الرّيح إذا أثارت سحابًا، {قالوا: هذا عارضٌ ممطرنا} فقال نبيّهم: بل ريحٌ فيها عذابٌ أليمٌ). [جامع البيان: 21/155-157]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو النّضر الفقيه، ثنا معاذ بن نجدة القرشيّ، ثنا قبيصة بن عقبة، ثنا سفيان، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: «ما أرسل اللّه على عادٍ من الرّيح إلّا قدر خاتمي هذا» صحيح الإسناد على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه " وقد تفرّد مسلمٌ بإخراج، حديث مسعود بن مالكٍ عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم «نصرت بالصّبا»). [المستدرك: 2/494]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، ثنا بحر بن نصرٍ، ثنا ابن وهبٍ، أخبرني عمرو بن الحارث، أنّ أبا النّضر، حدّثه عن سليمان بن يسارٍ، عن عائشة، زوج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّها قالت: «ما رأيت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قطّ مستجمعًا ضاحكًا حتّى أرى منه لهواته إنّما كان يبتسم». قالت: وكان إذا رأى غيمًا أو ريحًا عرف في وجهه، فقلت: يا رسول اللّه، النّاس إذا رأوا الغيم فرحوا أن يكون فيه المطر وأراك إذا رأيته عرف في وجهك الكراهة، قال: «يا عائشة وما يؤمّنني أن يكون فيه عذابٌ قد عذّب قومٌ بالرّيح، وقد أتى قومًا بالعذاب» وتلا رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم {فلمّا رأوه عارضًا مستقبل أوديتهم قالوا: هذا عارضٌ ممطرنا} [الأحقاف: 24] الآية «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه بهذه السّياقة»). [المستدرك: 2/495]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {فلمّا رأوه عارضًا} [الأحقاف: 24] مذكورٌ في سورة الذّاريات). [مجمع الزوائد: 7/106]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال أبو يعلى الموصليّ: وثنا أبو هشامٍ، ثنا ابن فضيلٍ، ثنا مسلمٌ، عن مجاهدٍ، عن ابن عمر- رضي اللّه عنهما- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: (لمّا كان يوم عادٍ حملت الرّيح أهل البادية بأموالهم ومواشيهم، فلمّا رفعتهم بين السماء والأرض قالوا: (هذا عارض ممطرنا) قال: فأكبّت أهل البادية على الحاضرة".
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؟ لضعف مسلم بن كيسان الملائيّ). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/269-270]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (قال أبو يعلى: وثنا أحمد بن عمران الأخنسيّ، ثنا ابن فضيلٍ، ثنا مسلمٌ الملائيّ، عن مجاهدٍ، عن عبد اللّه بن عمر- رضي اللّه عنهما- عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "ما فتح اللّه- عزّ وجلّ- على عادٍ من الرّيح الّتي أهلكوا بها إلّا مثل موضع الخاتم، فمرّت بأهل البادية فحملتهم ومواشيهم، فجعلتهم بين السّماء والأرض، فلمّا رأى ذلك أهل الحاضرة من عادٍ الرّيح وما فيها قالوا: (هذا عارض ممطرنا) فألقت أهل البادية ومواشيهم على أهل الحاضرة".
هذا إسنادٌ ضعيفٌ، لضعف مسلم بن كيسان الملائيّ). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/270]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قال أبو يعلى: حدثنا أبو هشامٍ، ثنا ابن فضيلٍ، عن مسلمٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " لمّا كان يوم عادٍ حملت الرّيح أهل البادية بأموالهم، ومواشيهم، فلمّا رفعتهم من الأرض إلى السّماء قالوا: هذا عارضٌ ممطرنا قال: فأكبّت البادية " على الحاضرة ".
- حدّثنا أحمد بن عمران الأخنسيّ، ثنا ابن فضيلٍ نحوه). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/215]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 24 - 25.
أخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {هذا عارض ممطرنا} قال: هو السحاب). [الدر المنثور: 13/336]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور وأحمد، وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود، وابن المنذر، وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعا ضاحكا حتى أرى منه لهواته إنما كان يتبسم وكان إذا رأى غيما أو ريحا عرف ذلك في وجهه، قلت يا رسول الله إن الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر وإذا رأيته عرف في وجهك الكراهية، قال يا عائشة وما يؤمنني أن يكون فيه عذاب قد عذب قوم بالريح وقد رأى قوم العذاب فقالوا {هذا عارض ممطرنا}). [الدر المنثور: 13/336]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد ومسلم والترمذي والنسائي، وابن ماجة عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به فإذا تخليت السماء تغير لونه وخرج ودخل وأقبل وأدبر فإذا أمطرت سري عنه فسألته فقال لا أدري لعله كما قال قوم عاد {هذا عارض ممطرنا}). [الدر المنثور: 13/336-337]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب السحاب وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم} قال غيم فيه مطر فأول ما عرفوا أنه عذاب رأوا ما كان خارجا من رحالهم ومواشيهم يطير بين السماء والأرض مثل الريش دخلوا بيوتهم وأغلقوا أبوابهم فجاءت الريح ففتحت أبوابهم ومالت عليهم بالرمل فكانوا تحت الرمل سبع ليال وثمانية أيام حسوما لهم أنين ثم أمر الريح فكشف عنهم الرمل وطرحتهم في البحر فهو قوله {فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم}). [الدر المنثور: 13/337]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو يعلى والطبراني وأبو الشيخ، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما فتح الله على عاد من الريح التي هلكوا فيها إلا مثل الخاتم فمرت بأهل البادية فحملتهم وأموالهم فجعلتهم بين السماء والأرض فلما رأى ذلك أهل الحاضرة من عاد الريح وما فيها {قالوا هذا عارض ممطرنا} فألقت أهل البادية ومواشيهم على أهل الحاضرة). [الدر المنثور: 13/338]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني وأبو الشيخ، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما فتح الله على عاد من الريح إلا موضع الخاتم أرسلت عليهم فحملت البدو إلى الحضر فلما رآها أهل الحضر {قالوا هذا عارض ممطرنا} مستقبل أوديتنا وكان أهل البوادي فيها فألقي أهل البادية على أهل الحاضرة حتى هلكوا قال: عتت على خزانها حتى خرجت من خلال الأبواب). [الدر المنثور: 13/338]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير عن عمرو بن ميمون رضي الله عنه قال: كان هود قاعدا في قومه فجاء سحاب مكفهر فقالوا {هذا عارض ممطرنا} فقال هود {بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم} فجعلت تلقي الفسطاط وتجيء بالرجل الغائب). [الدر المنثور: 13/339]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما أرسل الله على عاد من الريح إلا قدر خاتمي هذا). [الدر المنثور: 13/339]

تفسير قوله تعالى: (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25) )
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمونٍ قال: لمّا رأى قوم عادٍ العارض قالوا: {هذا عارض ممطرنا} قال اللّه {بل هو ما استعجلتم به ريحٌ فيها عذابٌ أليم (24) تدمر كل شيء بأمر ربها} فإن كانت الرّيح لتدفع الرّاعي وغنمه بين السّماء والأرض ثمّ تقلبها عليهم [الآية: 24 و 25]). [تفسير الثوري: 277] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {تدمّر كلّ شيءٍ بأمر ربّها فأصبحوا لا يرى إلاّ مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين}.
وقوله {تدمّر كلّ شيءٍ بأمر ربّها}: يقول تعالى ذكره: تخرّب كلّ شيءٍ، وترمي بعضه على بعضٍ فتهلكه، كما قال جريرٌ:
وكان لكم كبكر ثمود لمّا رغا ظهرًا فدمّرهم دمارا.
يعني بقوله: دمّرهم: ألقى بعضهم على بعضٍ صرعى هلكى.
وإنّما عنى بقوله: {تدمّر كلّ شيءٍ بأمر ربّها} ممّا أرسلت بهلاكه، لأنّها لم تدمّر هودًا ومن كان آمن به.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا طلقٌ، عن زائدة، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: ما أرسل اللّه على عادٍ من الرّيح إلاّ قدر خاتمي هذا، فنزع خاتمه.
وقوله: {فأصبحوا لا يرى إلاّ مساكنهم} يقول: فأصبح قوم هودٍ وقد هلكوا وفنوا، فلا يرى في بلادهم شيءٌ إلاّ مساكنهم الّتي كانوا يسكنونها.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله {فأصبحوا لا يرى إلاّ مساكنهم} فقرأ ذلك عامّة قرّاء المدينة والبصرة (لا ترى إلاّ مساكنهم) بالتّاء نصبًا، بمعنى: فأصبحوا لا ترى أنت يا محمّد إلاّ مساكنهم.
وقرأ ذلك عامّة قرّاء الكوفة {لا يرى إلاّ مساكنهم} بالياء في {يرى} ورفع (المساكن)، بمعنى ما وصفت قبل أنّه لا يرى في بلادهم شيءٌ إلاّ مساكنهم.
وروى الحسن البصرى (لا ترى) بالتّاء، وبأيّ القراءتين اللّتين ذكرت من قراءة أهل المدينة والكوفة قرأ ذلك القارئ فمصيبٌ وهو القراءة برفع المساكن إذا قرئ قوله {يرى} بالياء وضمّها. وبنصب المساكن إذا قرئ قوله: (ترى) بالتّاء وفتحها، وأمّا الّتي حكيت عن الحسن فهي قبيحةٌ في العربيّة وإن كانت جائزةً، وإنّما قبحت لأنّ العرب تذكّر الأفعال الّتي قبل إلاّ، وإن كانت الأسماء الّتي بعدها أسماء إناثٍ، فتقول: ما قام إلاّ أختك، ما جاءني إلاّ جاريتك، ولا يكادون يقولون: ما جاءتني إلاّ جاريتك، وذلك أنّ المحذوف قبل (إلاّ) (أحدٌ)، أو (شيءٌ) و(أحدٌ)، و(شيءٌ) تذكّر فعلهما العرب، وإن عني بهما المؤنّث، فتقول: إن جاءك منهنّ أحدٌ فأكرمه، ولا يقولون: إنّ جاءتك، وكان الفرّاء يجيزها على الاستكراه، ويذكر أنّ المفضّل أنشده:
ونارنا لم تر نارًا مثلها قد علمت ذاك معدٌّ أكرما.
فأنّث فعل مثل لأنّه للنّارٍ، قال: وأجود الكلام أن تقول: ما رؤي مثلها
وقوله: {كذلك نجزي القوم المجرمين} يقول تعالى ذكره: كما جزينا عادًا بكفرهم باللّه من العقاب في عاجل الدّنيا، فأهلكناهم بعذابنا، كذلك نجزي القوم الكافرين باللّه من خلقنا، إذ تمادوا في غيّهم وطغوا على ربّهم). [جامع البيان: 21/158-159]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن ميمون رضي الله عنه أنه قرأ لا ترى إلا مساكنهم بالتاء والنصب). [الدر المنثور: 13/339]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ {لا يرى إلا مساكنهم} بالياء ورفع النون). [الدر المنثور: 13/339]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 09:26 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: (وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ) : (وقوله: {إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ ...}.
{الاحقاف}: الرمل، واحدها: حقفٌ، والحقف: الرملة المستطيلة المرتفعة إلى فوق.
وقوله: {وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ...} قبله ومن خلفه من بعده، وهي في قراءة عبد الله "{من بين يديه ومن بعده}"). [معاني القرآن: 3/54]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ) : ("{إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ} " أحقاف الرمال قال العجاج:
بات إلى أرطاة حقّذفٍ أحقفا
وإنما حقفه اعوجاجه). [مجاز القرآن: 2/213]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ([الأحقاف]: أحقاف الرمل، واحده حقف وإنما حقفه اعوجاجه). [غريب القرآن وتفسيره: 338]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ} واحدها: «حقف» وهو من الرمل ما أشرف من كثبانه واستطال وانحنى). [تفسير غريب القرآن: 407]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله - عز وجل -: {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21)}
[الْأَحْقَافِ] رمال مستطيلة مرتفعة كالدكّاوات، وكانت هذه الأحقاف منازل عاد.
وقوله: {وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ}
أي قد أنذروا بالعذاب إن عبدوا غير اللّه فيما تقدّم قبل إنذار هود.
وعلى لسان هود عليه السلام). [معاني القرآن: 4/444-445]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ } [آية: 21]
قال قتادة كانت عاد أحياء من اليمن منازلهم عند الرمال والدكاوات
قال أبو جعفر الحقف عند أهل اللغة الرمل المنحني وجمعه حقفة وأحقاف وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بظبي حاقف أي منحن متثن). [معاني القرآن: 6/451-452]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الْأَحْقَافِ}: واحدها حقف وهو من الرمل ما أشرف من كثبانه واستطال وانحنى). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 229]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الْأَحْقَافِ}: الرمل). [العمدة في غريب القرآن: 272]

تفسير قوله تعالى: (قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آَلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (22) )
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" {أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آَلِهَتِنَا} " لتصرفنا عن آلهتنا). [مجاز القرآن: 2/213]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {أجئتنا لتأفكنا}: أي لتصرفنا). [غريب القرآن وتفسيره: 338]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( { أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا }: لتصرفنا). [تفسير غريب القرآن: 407]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21) قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آَلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (22)}
أي لتصرفنا عنها بالإفك والكذب..
{فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا}أي اثتنا بالعذاب الذي نعدنا، ({إن كنت من الصّادقين} ) ). [معاني القرآن: 4/445]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قالوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آَلِهَتِنَا } [آية: 22]
معنى لتأفكنا لتصرفنا). [معاني القرآن: 6/452]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لِتَأْفِكَنَا}: لتصرفنا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 229]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {لِتَأْفِكَنَا}: لتصرفنا). [العمدة في غريب القرآن: 273]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (23) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (23)}
أي هو يعلم متى يأتيكم العذاب
{وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ}إليكم. ويقرأ بالتخفيف وأبلِغكم.
{وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ}أي أدّلّكم على الرّشاد وأنتم تصدّون وتعبدون آلهة لا تنفع ولا تضر). [معاني القرآن: 4/445]

تفسير قوله تعالى: (فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ ...}.
طمعوا أن يكون سحاب مطرٍ، فقالوا: هذا الذي وعدتنا، هذا والله الغيث والخير، قال الله قل لهم: بل هو ما استعجلتم به من العذاب. وفي قراءة عبد الله: قل {بل} ما استعجلتم به هي ريح فيها عذاب أليم. وهو، وهي في هذا الموضع بمنزلة قوله: "من مني تمنى" و"يمنى". من قال: "هو". ذهب إلى العذاب، ومن قال: "هي" ذهب إلى الريح). [معاني القرآن: 3/54-55]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ("{ عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} " يريد ممطر لنا وعارض نكرة وممطرنا معرفة وإنما يجوز هذا الفعل ولا يجوز في الأسماء في قول العرب، لا يجوز هذا رجل غلامنا والعارض السحاب الذي يرى في قطر من أقطار السماء من العشي ثم يصبح وقد حبا حتى استوى). [مجاز القرآن: 2/213]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {هذا عارض}: العارض السحاب).[غريب القرآن وتفسيره: 338]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) :
( {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا} و«العارض»: السحاب). [تفسير غريب القرآن: 407]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: ({فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24)}أي فلما رأوا السحاب الذي نشأت منه الريح التي عذبوا بها قد عرضت في السماء، قالوا الذي وعدتنا به سحاب فيه الغيث والحياة والمطر.
فقال اللّه عزّ وجلّ: ( {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ}).
وقرأ بعضهم: " {قل بل هو ما استعجلتم} ".
وكانت الريح من شدتها ترفع الراعي مع غنمه، فأهلك اللّه قوم عاد بتلك الريح.
وقوله: {مُمْطِرُنَا}لفظه لفظ معرفة، وهو صفة للنكرة، المعنى عارض ممطر إيّانا، إلا أن إيّانا لا يفصل ههنا). [معاني القرآن: 4/445]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} [آية: 24]
أي فلما رأوا الذي أوعدوا كسحاب عارض قد اعترض فيه عذاب ولم يعلموا أن فيه عذابا قالوا هذا عارض ممطرنا
روى طاووس عن ابن عباس قال كان لعاد واد إذا جاء المطر أو الغيم من ناحيته كان غيثا فأرسل الله عليهم العذاب من ناحيته فلما وعدهم هود بالعذاب ورأوا العارض قالوا هذا عارض ممطرنا قال لهم هود عليه السلام بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب اليم فقالوا كذبت كذبت فقال الله جل وعز: {فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ} ). [معاني القرآن: 6/452-453]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( ({عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ}) أي: سحابا معترضا في السماء). [ياقوتة الصراط: 467]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {عَارِضًا}:.....). [العمدة في غريب القرآن: 273]

تفسير قوله تعالى: (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ ...}.
قرأها الأعمش وعاصم وحمزة "{لا يرى إلا مساكنهم}"...
وقرأها علي بن أبي طالب، رحمه الله،
- حدثني محمد بن الفضل الخرساني عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن عن علي بن أبي طالب أنه قال: "لا ترى إلا مساكنهم"...
- وحدثني الكسائي عن قطر بن خليفة عن مجاهد أنه قرأ: "{فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ}". قال: وقرأ الحسن: "{فأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم}" وفيه قبح في العربية؛ لأن العرب إذا جعل فعل المؤنث قبل إلا ذكّروه، فقالوا: لم يقم إلا جاريتك، وما قام إلا جاريتك، ولا يكادون يقولون: ما قامت إلا جاريتك، وذلك أن المتروك أحد، فأحد إذا كانت لمؤنث أو مذكر ففعلهما مذكر. ألا ترى أنك تقول: إن قام أحد منهن فاضربه، ولا تقل: إن قامت إلا مستكرها، وهو على ذلك جائز. قال أنشدني المفضل:
" ونارنا لم تر ناراً مثلها = قد علمت ذك معدّ أكرما
فأنث فعل (مثل)؛ لأنه للنار، وأجود الكلام أن تقول: ما رئي إلا مثلها). [معاني القرآن: 3/55]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقالوا للكبير: (جلل)، وللصغير: (جلل)، لأنّ الصغير قد يكون كبيرا عند ما هو أصغر منه، والكبير يكون صغيرا عند ما هو أكبر منه، فكلّ واحد منهما صغير كبير.
ولهذا جعلت (بعض) بمعنى (كلّ)، لأنّ الشيء يكون كلّه بعضا لشيء، فهو بعض وكلّ.
وقال عز وجل: {وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ} [الزخرف: 63] {وكلّ} بمعنى {بعض}، كقوله: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [النمل: 23]، و{يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ} [النحل: 112]، وقال: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} [الأحقاف: 25] ). [تأويل مشكل القرآن: 189-190] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: ({فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25)}[معاني القرآن: 4/445]
في هذا خمسة أوجه:
أجودها في العربية والقراءة، ( {لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ} )
مساكنهم)، وتأويله لا يرى شيء إلّا مساكنهم لأنّهم قد أهلكوا.
ويجوز فأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم فيكون المعنى لا ترى أشخاص إلا مساكنهم.
ويقرأ فأصبحوا ترى مساكنهم، أي لا ترى شيئا إلا مساكنهم.
وفيها وجهان بحذف الألف، {فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ }، ومسكنهم، ويجوز فأصبحوا لا ترى إلا مسكنهم.
يقال: سكن يسكن مسكنا ومسكنا.
وقوله عزّ وجلّ: ({كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ}) المعنى مثل ذلك نجزي القوم المجرمين أي بالعذاب). [معاني القرآن: 4/446]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 09:28 PM
شيماء رأفت شيماء رأفت غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 1,618
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه مر هو وأصحابه وهم محرمون بظبي حاقف في ظل شجرة، فقال: ((يا فلان ! قف ههنا حتى يمر الناس لا يربه أحد بشيء)).
قال: حدثناه هشيم، ويزيد بن هارون، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم، عن عيسى بن طلحة، عن عمير بن سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال يزيد: عن عمير، عن البهزي، عن النبي صلى الله عليه وسلم صح.
قوله: حاقف يعني الذي قد انحنى وتثنى في نومه، ولهذا قيل للرمل إذا كان منحنيا: حقف، وجمعه: أحقاف ويقال في قوله تعالى: {إذ أنذر قومه بالأحقاف} إنما سميت منازلهم بهذا لأنها كانت بالرمال.
وأما في بعض التفسير في قوله سبحانه: {بالأحقاف} قال: بالأرض وأما المعروف في كلام العرب فما أخبرتك قال امرؤ القيس:
فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى = بنا بطن خبت ذي حقاف عقنقل
وواحد الأحقاف حقف.
ومنه قيل للشيء إذا انحنى: قد احقوقف قال العجاج:
مر الليالي زلفا فزلفا
سماوة الهلال حتى احقوقفا). [غريب الحديث: 1/410-411]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله: " حتى احقوقفا " يريد اعوج، وإنما هو افعوعل من الحقف. والحقف: النقا من الرمل يعوج ويدق، .قال الله عز وجل: {إذ أنذر قومه بالأحقاف} أي بموضع هو هكذا). [الكامل: 1/199]

قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
كالحقف حدأه النامون قلت له = ذو ثلتين وذو بهم وأرباق
لم يرو هذا البيت أبو عكرمة، قال أحمد بن عبيد يعني حقف رمل وهو المجتمع منه قال وأما أبو عبيدة فقال الحقف وجمعه أحقاف وهي الرمال وكانت الأحقاف رمالًا قبل عمان إلى حضر موت، قال وكانت منازل عاد، قال الله عز وجل: {واذكر أخا عادٍ إذا أنذر قومه بالأحقاف}، قال: وإنما حقفه اعوجاجه، قال العجاج:
كأن تحتي ناشطًا مجأفًا * مذرعًا يوشيه موقفًا* بات إلى أرطاة حقف أحقفًا). [شرح المفضليات: 15-16]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آَلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (22) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (23) }

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (واعلم أنّ العرب يستخفّون فيحذفون التنوين والنون ولا يتغيّر من المعنى
شيء وينجرّ المفعول لكف التنوين ممن الاسم فصار عمله فيه الجرّ ودخل في الاسم معاقباً للتنوين فجرى مجرى غلام عبد الله في اللّفظ لأنّه اسمٌ وإن كان ليس مثله في المعنى والعمل.
وليس يغير كفّ التنوين إذا حذفته مستخفاً شيئاً من المعنى ولا يجعله معرفةً. فمن ذلك قوله عزّ وجلّ: {كل نفس ذائقة الموت} و{إنّا مرسلو النّاقة} و{لو ترى إذ المجرمون ناكسو رءسهم} و: {غير محلي الصيد}. فالمعنى معنى: {ولا آمين البيت الحرام}.
ويزيد هذا عندك بياناً قوله تعالى جدّه: {هديا بالغ الكعبة} و: {عارض ممطرنا}. فلو لم يكن هذا في معنى النّكرة والتنوين لم توصف به النّكرة.
وستراه مفصّلاً أيضاً في بابه مع غير هذا من الحجج إن شاء الله. وقال الخليل هو كائن أخيك على الاستخفاف والمعنى هو كائنٌ أخاك). [الكتاب: 1/165-166] (م)
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وممّا يكون مضافاً إلى المعرفة ويكون نعتاً للنكرة الأسماء التي أخذت من الفعل فأريد بها معنى التنوين. من ذلك مررت برجلٍ ضاربك فهو ونعت على أنه سيضربه كأنك قلت مررت برجلٍ ضاربٍ زيداً ولكن حذف التنوين استخفافا. وإن أظهرت الاسم وأردت التخفيف والمعنى معنى التنوين جرى مجراه حين كان الاسم مضمراً وذلك قولك مررت برجلٍ ضاربه رجل فإن شئت حملته على أنّه سيفعل وإن شئت على أنّك مررت به وهو في حال عملٍ وذلك قوله عزّ وجلّ: {هذا عارض ممطرنا}. فالرفع ههنا كالجرّ في باب الجرّ). [الكتاب: 1/425]
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): (
يحشون نيران الحروب بعارض = علته نجوم البيض حتى توقدا
...
وعارض سحاب قد أخذ الأفق). [نقائض جرير والفرزدق: 481]
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): (
إذا ابتسمت أبدت غروبا كأنها = عوارض مزن تستهل وتلمح
...
وقوله كأنها عوارض مزن الواحد عارض وقال هي السحابة تراها قد نشأت في الأفق وهو من قول الله عز وجل: {فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم} ). [نقائض جرير والفرزدق: 499]
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): (
منعوا الثغور بعارض ذي كوكب = لولا تقدمنا لضاق المطلع
قوله بعارض يعني جيشا كثير العدد قال والعارض السحاب وهو من قوله تعالى: {فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم} ). [نقائض جرير والفرزدق: 971]
قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت:215هـ): (والعارض السحابة تراها في ناحية السماء وهي مثل الجلب إلا أن الجلب أبعد وأضيق من العارض، والعارض الأبيض، والجلب أكثر ما يكون إلى السواد). [كتاب المطر: 14]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (ويقال للجبل عارض وبه سمي عارض اليمامة، وما بين الثنايا والأضراس عارض ومنه قيل للمرأة مصقول عوارضها.والعارض السحاب قال الله عز وجل: {فلما رأوه عارضًا مستقبل أوديتهم} ). [الغريب المصنف: 3/925]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (

وأقبل مرا إلى مجدل = سياق المقيد يمشي رسيفا
...
(أقبل): استقبل، من قوله عز وجل: {فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم} ). [شرح أشعار الهذليين: 1/296]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (واعلم أن المصدر كسائر الأسماء إلا أنه اسم للفعل، فإذا نصبت فعلى إضمار الفعل. فمن المصادر ما يكثر استعماله، فيكون بدلاً من فعله ومنها ما لا يكون له حق الاسم. فأما ما كثر استعماله حتى صار بدلاً من الفعل فقولك: حمداً وشكراً، لا كفراً. وعجباً إنما أردت: أحمد الله حمداً. فلولا الاستعمال الذي أبان عن ضميرك لم يجز أن تضمر؛ لأنه موضع خبر، وإنما يحسن الإضمار ويطرد في موضع الأمر؛ لأن الأمر لا يكون إلا بفعل. نحو قولك: ضرباً زيدا. إنما أردت: اضرب ضربا. وكذلك ضرب زيد. نصبت الضرب باضرب، ثم أضفته إلى زيد لما حذفت التنوين؛ كما تقول: هذا ضارب زيد غدا. والأصل إثبات التنوين وحذفه استخافٌ لعلم المخاطب. ألا ترى أن الاسم المضاف إلى معرفة على نية التنوين لا يكون إلا نكرة؛ لأن التنوين في النية، نحو قوله عز وجل: {هذا عارضٌ ممطرنا} و{هدياً بالغ الكعبة}. هو وصف للنكرة، وتدخل عليه رب كما تدخل على النكرة. وقد مضى تفسير هذا في بابه. قال الشاعر:
يا رب غابطنا لو كان يطلبكم = لاقى مباعدةً منكم وحرمانا
يريد: غابطٍ لنا. ومن ذلك قوله عز وجل: {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب} وإنما التقدير - والله أعلم -: فضرباً الرقاب. فهذا يدل على ما بعده، وما يرد من جنسه ونظائره). [المقتضب: 3/226-227]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (واعلم أنه قد يجوز لك أن تحذف النون والتنوين من التي تجري مجرى الفعل، ولا يكون الاسم إلا نكرة وإن كانا مضافاً إلى معرفة؛ لأنك إنما تحذف النون استخفافاً. فلما ذهب النون عاقبتها الإضافة، والمعنى معنى ثبات النون. فمن ذلك قول الله عز وجل: {هدياً بالغ الكعبة} فلو لم ترد التنوين لم يكن صفة لهدي وهو نكرة. ومن ذلك قوله تعالى: {هذا عارض ممطرنا} و{ثاني عطفه}؛ لأنه نصب على الحال، ولا تكون الحال إلا نكرة.
ومن ذلك قول الله عز وجل: {إنا مرسلو الناقة} فإنما هذه حكاية قول الله عز وجل قبل إرسالها.
وكذلك {إلا آتي الرحمن عبداً} و{كل نفس ذائقة الموت} ومن نون قال: (آتٍ الرحمن عبداً)، و(ذائقةٌ الموت)؛ كما قال عز وجل: {ولا آمين البيت الحرام}. وهذا هو الأصل، وذاك أخف وأكثر، إذ لم يكن ناقضاً لمعنى، وكلاهما في الجودة سواء). [المقتضب: 4/149-150] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ويجوز أن تقول: هذا رجل حسن الوجه. فالوجه لم يجعل حسناً معرفة، وإن كان مضافاً إليه؛ وذلك لأن التنوين هو الأصل. ومعنى هذه الإضافة الانفصال؛ كما كان ذلك في قوله: {هدياً بالغ الكعبة} و{هذا عارض ممطرنا} لما كان التقدير: إنما هو التنوين ثبت الاسم نكرة، وصار بمنزلة ما لفظوا بتنوينه). [المقتضب: 4/158] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (والعارض: السحاب). [شرح المفضليات: 771]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (والعارض من السحاب يعترض
من الأفق وبه بالعارض). [شرح المفضليات: 771-772]

تفسير قوله تعالى: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 21 صفر 1440هـ/31-10-2018م, 10:56 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 21 صفر 1440هـ/31-10-2018م, 10:56 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 22 صفر 1440هـ/1-11-2018م, 05:32 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) :(ثم أمر تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بذكر هود عليه السلام وقومه عاد على جهة المثال لقريش، وهذه الأخوة هي أخوة القرابة، لأن هودا عليه السلام كان من أشراف القبيلة التي هي عاد.
واختلف الناس في هذه الأحقاف، أين كانت؟ فقال ابن عباس، والضحاك: هي جبل بالشام، وقيل: كانت بلاد نخيل، وقيل: هي الرمال بين مهرة وعدن، وقال ابن عباس أيضا: بين عمان ومهرة، وقال قتادة: هي بلاد الشحر المواصلة للبحر اليماني، وقال ابن إسحاق: هي بين حضرموت وعمان، والصحيح من الأقوال أن بلاد عاد كانت في اليمن ولهم إرم ذات العماد، و"الأحقاف": جمع حقف، وهو الجبل المستطيل والمعوج من الرمل، قال الخليل: هي الرمال العظام، وكثيرا ما تحدث هذه الأحقاف في بلاد الرمل في الصحاري، لأن الريح تصنع ذلك.
وقوله تعالى: {وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه} اعتراض مؤكد مقيم للحجة أثناء قصة هود عليه السلام، لأن قوله تعالى: {ألا تعبدوا إلا الله} هو من نذارة هود عليه السلام، و"خلت": معناه: مضت إلى الخلاء ومرت أزمانها، وفي مصحف عبد الله رضي الله عنه: "وقد خلت النذر من قبله وبعده"، وروي فيه: "وقد خلت النذر من بين يديه ومن بعده"، والنذر: جمع نذير بناء اسم فاعل). [المحرر الوجيز: 7/ 625]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آَلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (22) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقولهم: "لتأفكنا" معناه: لتصرفنا، وقولهم: {فأتنا بما تعدنا} تصميم على التكذيب وتعجيز منهم له في زعمهم). [المحرر الوجيز: 7/ 625]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (23) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {قال إنما العلم عند الله وأبلغكم ما أرسلت به ولكني أراكم قوما تجهلون * فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم * تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين * ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون}
المعنى: قال لهم هود عليه السلام: إن هذا الوعيد ليس من قبلي، وإنما الأمر لله تعالى وعلم وقته عنده، وإنما علي أن أبلغ فقط، وقرأ جمهور الناس: "وأبلغكم" بفتح الباء وشد اللام، قال أبو حاتم: وقرأ أبو عمرو في كل القرآن بسكون الباء وتخفيف اللام، وأراكم قوما تجهلون أي: مثل هذا من أمر الله تعالى، وتجهلون خلق أنفسكم). [المحرر الوجيز: 7/ 625-626]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (والضمير في: "رأوه" يحتمل أن يعود على العذاب، ويحتمل أن يعود على الشيء المرئي الطارئ عليهم، وهو الذي فسره قوله: "عارضا"، والعارض ما يعرض في الجو من السحاب الممطر، ومنه قول الأعشى:
يا من رأى عارضا قد بت أرمقه ... كأنما البرق في حافاته الشعل
وقال أبو عبيدة: العارض: الذي في أقطار السماء عشيا ثم يصبح من الغد قد استوى، وروي في معنى قوله تعالى: {مستقبل أوديتهم} أن هؤلاء القوم كانوا قد قحطوا مدة، فطلع عليهم هذا العارض على الهيئة والجهة التي يمطرون بها أبدا، جاءهم من قبل واد لهم يسمونه المغيث، قال ابن عباس رضي الله عنهما: ففرحوا به وقالوا: هذا عارض ممطرنا، وقد كذب هو فيما أوعد به، فقال لهم هود عليه السلام: ليس الأمر كما رأيتم، بل هو ما استعجلتم به في قولكم: فأتنا بما تعدنا، ثم قال: {ريح فيها عذاب أليم}، وفي قراءة ابن مسعود: " ممطرنا قال هود بل هو" بإظهار المقدر، لأن قراءة الجمهور هي كقوله تعالى: {يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم}، أي: يقولون: سلام عليكم.
قال الزجاج: وقرأ قوم: "بل هو ما استعجلتم به" بضم التاء الأولى وكسر الجيم، و"ريح" بدل من المبتدأ في قوله: "هو ما"، و"ممطرنا" هو نعت لـ "عارض"، وهو نكرة إضافته غير محضة، لأن التقدير: ممطر لنا في المستقبل، فهو في حكم الانفصال، وقد مضى في غير هذه السورة قصص الريح التي هبت عليهم، وأنها كانت تحمل الظعينة كجرادة). [المحرر الوجيز: 7/ 626]

تفسير قوله تعالى: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) :(و "تدمر" معناه: تهلك، والدمار: الهلاك، ومنه قول جرير:
وكان لهم كبكر ثمود لما ... رغا دهرا فدمرهم دمارا
وقوله تعالى: {كل شيء} ظاهره العموم ومعناه: الخصوص في كل ما أمرت بتدميره، وروي أن هذه الريح رمتهم أجمعين في البحر.
وقرأ حمزة وعاصم: "لا يرى بالياء على بناء الفعل للمفعول، "مساكنهم" رفعا. التقدير: لا يرى شيء منهم، وقرأ جمهور القراء: "لا ترى إلا مساكنهم" أي: لا ترى أيها المخاطب شيئا منهم، [وهي قراءة ابن مسعود، وعمرو بن ميمون، والحسن -بخلاف عنه- ومجاهد وعيسى وطلحة]، وقرأ الحسن بن أبي الحسن، والجحدري، وقتادة، وعمرو بن ميمون، والأعمش، وابن أبي إسحاق، وأبو رجاء، ومالك بن دينار يعني بلا خلاف عنهما خاصة ممن ذكر-: "لا ترى" بالتاء المنقوطة من فوق مضمومة "إلا مساكنهم" رفعا، ورويت عن ابن عامر، وهذا نحو قول ذي الرمة:
كأنه جمل وهم وما بقيت ... إلا النجيزة والألواح والعصب
ونحو قوله:
... ... ... ... ... فما بقيت إلا الضلوع الجراشع
وفي هذه القراءة استكراه، وقرأ الأعمش، وعيسى: "مسكنهم" على الإفراد الذي هو اسم الجنس، والجمهور على الجمع في اللفظة، ووجه الإفراد تصغير الشأن وتقريبه، كما قال تعالى: {ثم يخرجكم طفلا}).[المحرر الوجيز: 7/ 627-628]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 22 صفر 1440هـ/1-11-2018م, 06:12 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 22 صفر 1440هـ/1-11-2018م, 06:16 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21) قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آَلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (22) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({واذكر أخا عادٍ إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النّذر من بين يديه ومن خلفه ألّا تعبدوا إلّا اللّه إنّي أخاف عليكم عذاب يومٍ عظيمٍ (21) قالوا أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصّادقين (22) قال إنّما العلم عند اللّه وأبلّغكم ما أرسلت به ولكنّي أراكم قومًا تجهلون (23) فلمّا رأوه عارضًا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارضٌ ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريحٌ فيها عذابٌ أليمٌ (24) تدمّر كلّ شيءٍ بأمر ربّها فأصبحوا لا يرى إلّا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين (25) }
يقول تعالى مسلّيًا لنبيّه في تكذيب من كذّبه من قومه: {واذكر أخا عادٍ} وهو هودٌ، عليه السّلام، بعثه اللّه إلى عادٍ الأولى، وكانوا يسكنون الأحقاف -جمع حقف وهو: الجبل من الرّمل-قاله ابن زيدٍ. وقال عكرمة: الأحقاف: الجبل والغار. وقال عليّ بن أبي طالبٍ، رضي اللّه عنه: الأحقاف: وادٍ بحضرموت، يدعى برهوت، تلقى فيه أرواح الكفّار. وقال قتادة: ذكر لنا أنّ عادًا كانوا حيًّا باليمن أهل رملٍ مشرفين على البحر بأرضٍ يقال لها: الشّحر.
قال ابن ماجه: "باب إذا دعا فليبدأ بنفسه": حدّثنا الحسين بن عليٍّ الخلّال، حدّثنا زيد بن الحباب، حدّثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "يرحمنا اللّه، وأخا عادٍ".
وقوله: {وقد خلت النّذر من بين يديه ومن خلفه} يعني: وقد أرسل اللّه إلى من حول بلادهم من القرى مرسلين ومنذرين، كقوله: {فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها} [البقرة: 66]، وكقوله: {فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقةً مثل صاعقة عادٍ وثمود إذ جاءتهم الرّسل من بين أيديهم ومن خلفهم ألا تعبدوا إلا اللّه قالوا لو شاء ربّنا لأنزل ملائكةً فإنّا بما أرسلتم به كافرون} [فصّلت: 13، 14] أي: قال لهم هودٌ ذلك،
فأجابه قومه قائلين: {أجئتنا لتأفكنا} أي: لتصدّنا {عن آلهتنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصّادقين} استعجلوا عذاب اللّه وعقوبته، استبعادًا منهم وقوعه، كقوله: {يستعجل بها الّذين لا يؤمنون بها} [الشّورى: 18]). [تفسير ابن كثير: 7/ 285-286]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (23) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال إنّما العلم عند اللّه} أي: اللّه أعلم بكم إن كنتم مستحقّين لتعجيل العذاب فيفعل ذلك بكم، وأمّا أنا فمن شأني أنّي أبلغكم ما أرسلت به، {ولكنّي أراكم قومًا تجهلون} أي: لا تعقلون ولا تفهمون). [تفسير ابن كثير: 7/ 286]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(قال اللّه تعالى: {فلمّا رأوه عارضًا مستقبل أوديتهم} أي: لـمّا رأوا العذاب مستقبلهم، اعتقدوا أنّه عارضٌ ممطرٌ، ففرحوا واستبشروا به، وقد كانوا ممحلين محتاجين إلى المطر، قال اللّه تعالى: {بل هو ما استعجلتم به ريحٌ فيها عذابٌ أليمٌ} أي: هو العذاب الّذي قلتم: {فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصّادقين}.
{تدمّر} أي: تخرّب {كلّ شيءٍ} من بلادهم، ممّا من شأنه الخراب {بأمر ربّها} أي: بإذن اللّه لها في ذلك، كقوله: {ما تذر من شيءٍ أتت عليه إلا جعلته كالرّميم} [الذّاريات: 42] أي: كالشّيء البالي. ولهذا قال: {فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم} أي: قد بادوا كلّهم عن آخرهم ولم تبق لهم باقيةٌ، {كذلك نجزي القوم المجرمين} أي: هذا حكمنا فيمن كذّب رسلنا، وخالف أمرنا.
وقد ورد حديثٌ في قصّتهم وهو غريبٌ جدًّا من غرائب الحديث وأفراده، قال الإمام أحمد:
حدّثنا زيد بن الحباب، حدّثني أبو المنذر سلّام بن سليمان النّحويّ قال: حدّثنا عاصم بن أبي النّجود، عن أبي وائلٍ، عن الحارث البكريّ قال: خرجت أشكو العلاء بن الحضرميّ إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فمررت بالربذة، فإذا عجوزٌ من بني تميمٍ منقطعٌ بها، فقالت لي: يا عبد اللّه، إنّ لي إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حاجةً، فهل أنت مبلّغي إليه؟ قال: فحملتها فأتيت بها المدينة، فإذا المسجد غاصٌّ بأهله، وإذا رايةٌ سوداء تخفق، وإذا بلالٌ متقلّدٌ السّيف بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقلت: ما شأن النّاس؟ قالوا: يريد أن يبعث عمرو بن العاص وجهًا. قال: فجلست، فدخل منزله -أو قال: رحله-فاستأذنت عليه، فأذن لي، فدخلت فسلّمت، فقال: "هل كان بينكم وبين تميمٍ شيءٌ؟ قلت: نعم، وكانت لنا الدّبرة عليهم، ومررت بعجوزٍ من بني تميمٍ منقطعٍ، بها فسألتني أن أحملها إليك، وها هي بالباب: فأذن لها فدخلت، فقلت: يا رسول اللّه، إن رأيت أن تجعل بيننا وبين تميمٍ حاجزًا فاجعل الدّهناء، فحميت العجوز واستوفزت، وقالت: يا رسول اللّه، فإلى أين يضطرّ مضطرّك؟ قال: قلت: إنّ مثلي ما قال الأوّل: "معزى حملت حتفها"، حملت هذه ولا أشعر أنّها كانت لي خصمًا، أعوذ باللّه ورسوله أن أكون كوافد عادٍ. قال: "هيه، وما وافد عادٍ؟ " -وهو أعلم بالحديث منه، ولكن يستطعمه -قلت: إن عادًا قحطوا فبعثوا وافدًا لهم يقال له: قيل، فمرّ بمعاوية بن بكرٍ، فأقام عنده شهرًا يسقيه الخمر وتغنّيه جاريتان يقال لهما "الجرادتان"-فلمّا مضى الشّهر خرج إلى جبال مهرة فقال: اللهم، إنّك تعلم أنّي لم أجئ إلى مريضٍ فأداويه، ولا إلى أسيرٍ فأفاديه، اللّهمّ اسق عادًا ما كنت تسقيه. فمرّت به سحّاباتٌ سود، فنودي منها: "اختر"، فأومأ إلى سحابةٍ منها سوداء، فنودي منها: "خذها رمادًا رمددًا، لا تبقي من عادٍ أحدًا". قال: فما بلغني أنّه أرسل عليهم من الرّيح إلّا كقدر ما يجري في خاتمي هذا، حتّى هلكوا-قال أبو وائلٍ: وصدق -وكانت المرأة والرّجل إذا بعثوا وافدًا لهم قالوا: "لا تكن كوافد عادٍ".
رواه التّرمذيّ والنّسائيّ وابن ماجه، كما تقدّم في سورة "الأعراف".
وقال الإمام أحمد: حدّثنا هارون بن معروفٍ، أخبرنا ابن وهبٍ، أخبرنا عمرٌو: أنّ أبا النّضر حدّثه عن سليمان بن يسارٍ، عن عائشة أنّها قالت: ما رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مستجمعًا ضاحكًا حتّى أرى منه لهواته، إنّما كان يتبسّم. قالت: وكان إذا رأى غيمًا -أو ريحًا-عرف ذلك في وجهه، قالت: يا رسول اللّه، النّاس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيته عرفت في وجهك الكراهية؟ فقال: "يا عائشة، ما يؤمّنني أن يكون فيه عذابٌ، قد عذّب قومٌ بالرّيح، وقد رأى قومٌ العذاب فقالوا: هذا عارضٌ ممطرنا". وأخرجاه من حديث ابن وهبٍ.
طريقٌ أخرى: قال أحمد: حدّثنا عبد الرّحمن، عن سفيان، عن المقدام بن شريحٍ، عن أبيه، عن عائشة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان إذا رأى ناشئًا في أفقٍ من آفاق السّماء، ترك عمله، وإن كان في صلاته، ثمّ يقول: "اللّهمّ، إنّي أعوذ بك من شرّ ما فيه". فإن كشفه اللّه حمد اللّه، وإن أمطرت قال: "اللّهمّ، صيّبًا نافعًا".
طريقٌ أخرى: قال مسلمٌ في صحيحه: حدّثنا أبو الطّاهر، أخبرنا ابن وهبٍ، سمعت ابن جريجٍ يحدّث عن عطاء بن أبي رباحٍ، عن عائشة قالت: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم إذا عصفت الرّيح قال: "اللّهمّ، إنّي أسألك خيرها، وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرّها، وشرّ ما فيها، وشرّ ما أرسلت به". قالت: وإذا تخيّلت السّماء تغيّر لونه، وخرج ودخل، وأقبل وأدبر، فإذا مطرت سرّي عنه، فعرفت ذلك عائشة، فسألته، فقال: "لعلّه يا عائشة كما قال قوم عادٍ: {فلمّا رأوه عارضًا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارضٌ ممطرنا}.
وقد ذكرنا قصّة هلاك عادٍ في سورتي "الأعراف وهودٍ" بما أغنى عن إعادته هاهنا، ولله الحمد والمنّة.
وقال الطّبرانيّ: حدّثنا عبدان بن أحمد، حدّثنا إسماعيل بن زكريّا الكوفيّ، حدّثنا أبو مالكٍ، عن مسلمٍ الملائيّ، عن مجاهدٍ وسعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما فتح على عادٍ من الرّيح إلّا مثل موضع الخاتم، ثمّ أرسلت عليهم [فحملتهم] البدو إلى الحضر فلمّا رآها أهل الحضر قالوا: هذا عارضٌ ممطرنا مستقبل أوديتنا. وكان أهل البوادي فيها، فألقي أهل البادية على أهل الحاضرة حتّى هلكوا. قال: عتت على خزّانها حتّى خرجت من خلال الأبواب "). [تفسير ابن كثير: 7/ 286-288]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:50 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة