العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > التفسير اللغوي > جمهرة التفسير اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 شعبان 1431هـ/18-07-2010م, 03:20 PM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي التفسير اللغوي لسورة لقمان

التفسير اللغوي لسورة لقمان

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12 ذو القعدة 1431هـ/19-10-2010م, 02:48 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 1 إلى 11]

{الم (1) تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (2) هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ (3) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (6) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (7) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ (8) خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9) خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (10) هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (11) )

تفسير قوله تعالى: (الم (1)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {الم} قد فسّرناه في أوّل سورة البقرة). [تفسير القرآن العظيم: 2/669]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({ الم تلك آيات الكتب }: ساكن ؛ لأنه جرى مجرى فواتح سائر السور اللواتي, مجازهن مجاز حروف التهجي , ومجاز موضعه في المعنى , كمجاز ابتداء فواتح سائر السور.). [مجاز القرآن: 2/126] (م)

قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({هدًى ورحمةً لّلمحسنين}
قال: {هدًى ورحمةً لّلمحسنين}؛ لأن قوله: {الـم (1)تلك آيات الكتاب الحكيم(2)} : معرفة , فهذا خبر المعرفة.). [معاني القرآن: 3/28]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : {الم (1)}
قال ابن عباس معنى (الم) : (أنا الله أعلم)، وقد فسرنا في سورة البقرة جميع ما قيل في (الم) , وما أشبهها.). [معاني القرآن: 4/193]

تفسير قوله تعالى:{تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (2)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {تلك آيات} هذه آيات.
{الكتاب الحكيم}، أي: المحكم أحكمت بالحلال، والحرام، والأحكام والأمر والنّهي). [تفسير القرآن العظيم: 2/669]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({الم تلك آيات الكتب }: ساكن لأنه جرى مجرى فواتح سائر السور اللواتي مجازهن مجاز حروف التهجي , ومجاز موضعه في المعنى كمجاز ابتداء فواتح سائر السور، ومجاز: { تلك آيات الكتاب}: أي: هذه الآيات من القرآن.). [مجاز القرآن: 2/126]

قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({هدًى ورحمةً لّلمحسنين}
قال: {هدًى ورحمةً لّلمحسنين}؛ لأن قوله: {الـم (1) تلك آيات الكتاب الحكيم(2) }: معرفة , فهذا خبر المعرفة.). [معاني القرآن: 3/28] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {تلك آيات الكتاب الحكيم (2)}
معناه : هذه الآيات، تلك الآيات التي وعدتم بها في التوراة , ويجوز أن يكون بمعنى : هذه آيات الكتاب، وقد تقدم تفسير مثل هذا من سورة البقرة أيضاً.).. [معاني القرآن: 4/193]

تفسير قوله تعالى: {هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ (3)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {هدًى} يهتدون به إلى الجنّة.
{ورحمةً للمحسنين} [لقمان: 3] للمؤمنين). [تفسير القرآن العظيم: 2/669]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {هدًى ورحمةً...}

أكثر القراء على نصب : الهدى , والرحمة على القطع. وقد رفعها حمزة على الاستئناف؛ لأنها مستأنفة في آية منفصلةٍ , من الآية قبلها, وهي في قراءة عبد الله :{هدًى وبشرى}. ). [معاني القرآن: 2/326]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({هدًى ورحمةً لّلمحسنين}
قال:{هدًى ورحمةً لّلمحسنين} ؛ لأن قوله: {الـم (1) تلك آيات الكتاب الحكيم(2)}
, معرفة فهذا خبر المعرفة.). [معاني القرآن: 3/28] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {هدى ورحمة للمحسنين (3)}: القراءة بالنصب على الحال، المعنى : تلك آيات الكتاب في حال الهداية , والرحمة.). [معاني القرآن: 4/193]

تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({الّذين يقيمون الصّلاة} [لقمان: 4] المفروضة.
{ويؤتون الزّكاة} المفروضة.
{وهم بالآخرة هم يوقنون {4}). [تفسير القرآن العظيم: 2/669]

تفسير قوله تعالى: (أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({أولئك على هدًى من ربّهم} [لقمان: 5] على بيانٍ من ربّهم.
{وأولئك هم المفلحون} [لقمان: 5] وهم السّعداء). [تفسير القرآن العظيم: 2/669]

تفسير قوله تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (6) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث} [لقمان: 6]، يعني: الشّرك.
[تفسير القرآن العظيم: 2/669]
وهو كقوله: {أولئك الّذين اشتروا الضّلالة بالهدى} [البقرة: 175] اختاروا الضّلالة على الهدى في تفسير الحسن.
وقال قتادة: استحبّوا الضّلالة على الهدى.
وتفسير السّدّيّ: {من يشتري لهو الحديث} [لقمان: 6]، يعني: يختار باطل الحديث على القرآن.
خالدٌ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، وعطاءٍ قال: {لهو الحديث} [لقمان: 6] الغناء.
وقال مجاهدٌ: والاستماع إليه.
المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ، قال: لهو الحديث، الغناء ونحوه.
قوله: {ليضلّ عن سبيل اللّه} [لقمان: 6]، يعني: عن سبيل الهدى.
{بغير علمٍ} [لقمان: 6] أتاه من اللّه بما هو عليه من الشّرك.
قال: {ويتّخذها هزوًا} [لقمان: 6] يتّخذ آيات اللّه، القرآن هزوًا.
وتفسير الكلبيّ أنّها أنزلت في النّضر بن الحارث من بني عبد الدّار، وكان رجلا راويةً لأحاديث الجاهليّة وأشعارهم.
قال: {أولئك لهم عذابٌ مهينٌ} [لقمان: 6] من الهوان، يعني: عذاب جهنّم). [تفسير القرآن العظيم: 2/670]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث...}

نزلت في النضر بن الحارث الداري, وكان يشتري كتب الأعاجم فارس , والروم , وكتب أهل الحيرة ويحدّث بها أهل مكة؛ وإذا سمع القرآن أعرض عنه , واستهزأ به, فذلك قوله: {ويتّخذها هزواً}, وقد اختلف القراء في {ويتّخذها} فرفع أكثرهم، ونصبها يحيى بن وثّاب , والأعمش , وأصحابه, فمن رفع ردّها على {يشتري}, ومن نصبها ردّها على قوله: {ليضلّ عن سبيل اللّه}: وليتّخذها.
وقوله: {ويتّخذها} يذهب إلى آيات القرآن., وإن شئت جعلتها للسبيل؛ لأن السّبيل قد تؤنّث قال {قل هذه سبيلي أدعو إلي الله} , وفي قراءة أبيّ : (وإن يروا سبيل الرشد لا يتّخذوها سبيلاً وإن يروا سبيل الغيّ يتّخذوها سبيل)
- حدثني حبّان , عن ليث , عن مجاهد في قوله: {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث}, قال: (هو الغناء) .
والأوّل تفسيره , عن ابن عباس.). [معاني القرآن: 2/326-327]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ومن النّاس من يشتري لهو الحديث}: نزلت في النّضر بن الحارث، وكان يشتري كتبا فيها أخبار الأعاجم، ويحدث بها أهل مكة، ويقول: «محمد حدثكم أحاديث عاد, وثمود، وأنا أحدثكم أحاديث فارس , والرّوم , وملوك الحيرة.».). [تفسير غريب القرآن: 344]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ومن النّاس من يشتري لهو الحديث ليضلّ عن سبيل اللّه بغير علم ويتّخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين (6)}
{ليضلّ عن سبيل اللّه}, ويقرأ: {ليضلّ عن سبيل الله}
فأكثر ما جاء في التفسير أن:{لهو الحديث} ههنا : الغناء ؛ لأنه يلهي عن ذكر اللّه، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حرم بيع المغنية.
وقد قيل في تفسير هذه الآية : إن لهو الحديث ههنا : الشرك.
فمن قرأ (ليضل) - بضم الياء - فمعناه ليضل غيره، فإذا أضل غيره , فقد ضل هو أيضا.
ومن قرأ (ليضل) : فمعناه ليصير أمره إلى الضلال، فكأنه وإن لم يكن يقدّر أنه يضل , فسيصير أمره إلى أن يضل.
وقوله: {ويتّخذها هزواً}
أي : يتخذ آيات اللّه هزوا، وقد جرى ذكر الآيات في قوله: {تلك آيات الكتاب الحكيم}
وقد جاء في التفسير أيضا أن قوله: {ويتّخذها هزواً}: يتخذ سبيل اللّه هزوا.).[معاني القرآن: 4/194]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (من ذلك قوله عز وجل: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث}
روى سعيد بن جبير , عن أبي الصهباء البكري, قال سئل عبد الله بن مسعود, عن قوله جل وعز: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} : فقال : (الغناء, والله الذي لا إله إلا هو) , يرددها ثلاث مرات .
وبغير هذا الإسناد عنه , والغناء ينبت في القلب النفاق .
وروى سعيد بن جبير , عن ابن عباس قال: (الرجل يشتري الجارية المغنية , تغنيه ليلاً, أو نهاراً).
وروي عن ابن عمر : (هو الغناء).وكذلك قال عكرمة, وميمون بن مهران , ومكحول.
وروى علي بن الحكم , عن الضحاك : {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} , قال : (الشرك) .
وروى جويبر عنه قال : (الغناء مهلكة للمال , مسخطة للرب, مقساة للقلب).
وسئل القاسم بن محمد عنه , فقال: (الغناء باطل , والباطل في النار) .
قال أبو جعفر : وأبين ما قيل في الآية ما رواه عبد الكريم , عن مجاهد قال: الغناء , وكل لعب لهو .
قال أبو جعفر : فالمعنى ما يلهيه من الغناء , وغيره مما يلهي.
وقد قال معمر : بلغني أن هذه الآية نزلت في رجل من بني عدي , يعنى : النضر بن الحارث , كان يشتري الكتب التي فيها أخبار فارس , والروم , ويقول: محمد يحدثكم عن عاد , وثمود , وأنا أحدثكم عن فارس , والروم , ويستهزئ بالقرآن إذا سمعه.
وقوله جل وعز: {ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا}
أي : ليضل غيره , وإذا أضل غيره , فقد ضل .
و{ليضل}: هو , أي : يئول أمره إلى هذا , كما قال :{ربنا ليضلوا عن سبيلك}.). [معاني القرآن: 5/277-280]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ({لهو الحديث}: أي: غناء المغنيات.). [ياقوتة الصراط: 405]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (كان النضر بن الحارث يشتري كتباً فيها أخبار الأعاجم , ويحدث بها أهل مكة مضادة لمحمد صلى الله عليه وسلم, فأنزل الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ... }.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 189]

تفسير قوله تعالى:{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (7)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإذا تتلى عليه آياتنا ولّى مستكبرًا} [لقمان: 7] عن عبادة اللّه، جاحدًا لآيات اللّه.
{كأن لم يسمعها} [لقمان: 7]، أي: قد سمعها وقامت عليه بها الحجّة.
{كأنّ في أذنيه وقرًا} [لقمان: 7] والوقر الصّمم، سمعها بأذنيه، ولم يقبلها قلبه.
قال: {فبشّره بعذابٍ أليمٍ} [لقمان: 7] موجعٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/671]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ)
: (وقوله جل وعز: {كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا}

قال مجاهد : (وقرا , أي : ثقلا , وقوله جل وعز: {خلق السموات بغير عمد ترونها})
يجوز أن تكون ترونها : بمعنى : ترونها بغير عمد.
ويجوز أن تكون نعتا على قول من قال هي بعمد , ولكن لا يرونها .
قال أبو جعفر : والقولان يرجعان إلى معنى واحد ؛ لأن من قال إنها بعمد : إنما يريد بالعمد : قدرة الله جل وعز التي يمسك بها السموات والأرض.). [معاني القرآن: 5/281]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ (8) )

تفسير قوله تعالى: (خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات لهم جنّات النّعيم {8} خالدين فيها} [لقمان: 8-9] لا يموتون ولا يخرجون منها.
{وعد اللّه حقًّا} [لقمان: 9] أنّ لهم الجنّة.
{وهو العزيز} في ملكه وفي نقمته.
{الحكيم} في أمره). [تفسير القرآن العظيم: 2/671]

تفسير قوله تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (10)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {خلق السّموات بغير عمدٍ ترونها} [لقمان: 10] وفيها تقديمٌ في تفسير الحسن قال: خلق السّموات ترونها بغير عمدٍ.
سعيدٌ، عن قتادة أنّ ابن عبّاسٍ، قال: لها عمدٌ، ولكن لا ترونها.
يقول: {بغير عمدٍ ترونها} [لقمان: 10]، أي: لها عمدٌ ولكن لا ترونها.
قال: {وألقى في الأرض رواسي} [لقمان: 10]، يعني: الجبال أثبت بها الأرض.
{أن تميد بكم}، أي: لئلا تحرّك بكم.
وحدّثني أبو الأشهب، عن الحسن، قال: لمّا خلق اللّه تبارك وتعالى الأرض جعلت تميع، فلمّا رأت ذلك ملائكة اللّه، قالوا: يا ربّنا هذه لا يقرّ لك على ظهرها خلقٌ، فأصبح قد وقطها بالجبال، فلمّا رأت ملائكة اللّه ما قد أرسيت به الأرض، عجبوا فقالوا: يا ربّنا، هل خلقت خلقًا هو
[تفسير القرآن العظيم: 2/671]
أشدّ من الجبال؟ قال: نعم الحديد، قالوا: يا ربّنا هل خلقت خلقًا هو أشدّ من الحديد؟ قال: نعم
النّار، قالوا: يا ربّنا، هل خلقت خلقًا هو أشدّ من النّار؟ قال: نعم الماء، قالوا: يا ربّنا هل خلقت خلقًا هو أشدّ من الماء؟ قال: نعم، الرّيح، قالوا: يا ربّنا هل خلقت خلقًا هو أشدّ من الرّيح؟ قال: نعم ابن آدم.
قوله عزّ وجلّ: {وبثّ فيها} [لقمان: 10] خلق فيها، في الأرض.
{من كلّ دابّةٍ} [لقمان: 10] قال: {وأنزلنا من السّماء ماءً فأنبتنا فيها من كلّ زوجٍ} [لقمان: 10] أي: من كلّ لونٍ.
{كريمٍ}، أي: حسنٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/672]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم...}: لئلاّ تميد بكم, و(أن) في هذا الموضع تكفى من (لا) , كما قال الشاعر:

= والمهر يأبى أن يزال ملهبا
معناه: يأبى أن لا يزال.). [معاني القرآن: 2/327]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وألقى في الأرض رواسي }: مجازه: وجعل فيها رواسي , أي : جبالاً قد رست , أي: ثبتت.
{ أن تميد بكم }: أي : أن تحرك بكم يميناً , شمالاً.
{وبثّ فيها من كلّ دابّةٍ }: أي: فرق في الأرض من الدواب , وكل ما أكل , وشرب , فهو دابة.). [مجاز القرآن: 2/126]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{خلق السّماوات بغير عمد ترونها وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وبثّ فيها من كلّ دابّة وأنزلنا من السّماء ماء فأنبتنا فيها من كلّ زوج كريم (10)}
وصف اللّه عزّ وجلّ خلقه الذي يعجز المخلوقون عن أن يأتوا بمثله، أو يقدروا على نوع منه , ثم قال: {هذا خلق اللّه فأروني ماذا خلق الّذين من دونه}.
وقوله: {بغير عمد ترونها}, قيل في التفسير : إنها بعمد لا ترونها.
أي : لا ترون تلك العمد، وقيل خلقها بغير عمد , وكذلك ترونها.
والمعنى في التفسير : يؤول إلى شيء واحد، ويكون تأويل :{غير عمد ترونها}: الذي فسّر بعمد لا ترونها.
يكون معنى : العمد: قدرته عزّ وجل التي يمسك بها السماوات والأرض.
{وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم}:{رواسي}: جبال ثوابت، كما قال - عزّ وجلّ: {ألم نجعل الأرض مهادا (6) والجبال أوتادا (7)}:فمعننى{أن تميد بكم}: كراهة أن تميد بكم, ومعنى { تميد }: تتحرك حركة شديدة.). [معاني القرآن: 4/194-195]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم}
أي : جبالا ثابتة , وقد رسا , أي: ثبت .
أن تميد بكم: أي : كراهة أن تميد بكم , يقال : ماد يميد, إذا اشتدت حركته.). [معاني القرآن: 5/281]

تفسير قوله تعالى: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (11)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (ثمّ قال: {هذا خلق اللّه فأروني} [لقمان: 11]، يعني: المشركين.
{ماذا خلق الّذين من دونه} [لقمان: 11]، يعني: الأوثان الّتي يعبدونها فلم تكن لهم حجّةٌ فقال: {بل الظّالمون} [لقمان: 11] المشركين.
{في ضلالٍ مبينٍ} بيّنٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/672]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {هذا خلق اللّه...}

من ذكره السموات , والأرض , وإنزاله الماء من السماء , وإنباته : {فأروني ماذا خلق الّذين} تعبدون {من دونه} : يعني: آلهتهم. ثمّ أكذبهم , فقال: {بل الظّالمون في ضلالٍ مّبينٍ} .). [معاني القرآن: 2/327]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ماذا خلق الذّين من دونه }: أي : الذين جعلتم معه تبارك وتعالى عن ذلك.). [مجاز القرآن: 2/126]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه} : هذا خلق الله , يعني : ما ذكر من خلق السموات , وغيرها , {فأروني ماذا خلق الذين من دونه }: أي: مما تعبدونه.). [معاني القرآن: 5/282]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 12 ذو القعدة 1431هـ/19-10-2010م, 02:55 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 12 إلى 19]

{وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (12) وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (15) يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16) يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19)}

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (12)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولقد آتينا لقمان الحكمة} [لقمان: 12]، يعني: الفهم والعقل، تفسير السّدّيّ.
ابن مجاهدٍ، عن أبيه قال: الفقه، والعقل، والإصابة في القول في غير نبوّةٍ.
وحدّثني أبو الأشهب، عن خالدٍ الرّبعيّ قال: كان لقمان رجلا حبشيًّا نجّارًا، فأمره سيّده أن يذبح له شاةً، فذبح له شاةً، فقال له: ائتني بأطيبها مضغتين، فأتاه باللّسان والقلب، فقال: أما كان فيها شيءٌ أطيب من هاتين؟ قال: لا، فسكت عنه ما سكت، ثمّ أمره فذبح له شاةً، فقال له: ألق أخبثها مضغتين، فألقى اللّسان والقلب، فقال له: أمرتك أن تأتيني بأطيبها مضغتين،
[تفسير القرآن العظيم: 2/672]
فأتيتني باللّسان والقلب، وأمرتك أن تلقي أخبثها مضغتين، فألقيت اللّسان والقلب، فقال: إنّه ليس أطيب منهما إذا طابا ولا شيء أخبث منهما إذا خبثا.
قوله: {أن اشكر للّه} [لقمان: 12] النّعمة.
قال: {ومن يشكر} [لقمان: 12] النّعمة.
{فإنّما يشكر لنفسه} [لقمان: 12] وهو المؤمن.
قال: {ومن كفر} [لقمان: 12]، يعني: من كفر النّعمة.
{فإنّ اللّه غنيٌّ} [لقمان: 12] عن خلقه.
{حميدٌ} [لقمان: 12] استحمد إلى خلقه، استوجب عليهم أن يحمدوه). [تفسير القرآن العظيم: 2/673]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {ولقد آتينا لقمان الحكمة...}...

- حدثني حبّان عن بعض من حدّثه قال: كان لقمان حبشياً مجدّعاً ذا مشفر.). [معاني القرآن: 2/327]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر للّه ومن يشكر فإنّما يشكر لنفسه ومن كفر فإنّ اللّه غنيٌّ حميدٌ} وقال: {أن اشكر للّه} : وهي "بأن اشكر الله".). [معاني القرآن: 3/28]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر للّه ومن يشكر فإنّما يشكر لنفسه ومن كفر فإنّ اللّه غنيّ حميد (12)} معناه : لأن تشكر للّه، ويجوز أن تكون " أن " مفسّرة، فيكون المعنى : أي : اشكر للّه تبارك وتعالى: وتأويل " أن اشكر للّه " , قلنا له: اشكر للّه على ما آتاك. وقد اختلف في التفسير في لقمان : فقيل: كان نبيّا، وقيل: كان حكيما، وقيل كان رجلا صالحا، وقيل: كان حبشيا , غليظ المشافر , مشقّق الرجلين , ولكن اللّه آتاه الحكمة، فلسنا نشك أنه كان حكيما لقول الله عزّ وجلّ:{ولقد آتينا لقمان الحكمة} وقيل : كان نجّارا , وقيل: كان خياطا، وقيل : كان راعيا. وروي في التفسير : أن إنسانا وقف عليه , وهو في مجلسه , فقال له: ألست الّذي كنت ترعى معي في موضع كذا وكذا؟. قال: بلى، قال فما بلغ بك ما أرى؟ فقال: صدق الحديث والصّمت عمّا لا يعنيني.). [معاني القرآن: 4/195]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم أعلم أنهم في ضلال فقال سبحانه: {بل الظالمون في ضلال مبين}. ثم قال جل وعز: {ولقد آتينا لقمان الحكمة} روى سليمان بن بلال , عن يحيى بن سعيد , عن سعيد بن المسيب قال : (كان لقمان من سودان مصر ).
وقال غيره : كان في وقت داود النبي صلى الله عليه وسلم
قال وهب بن منبه : (قرأت من حكمته أرجح من عشرة آلاف باب).
قال مجاهد : (الحكمة التي أوتيها العقل , والفقه , والصواب في الكلام من غير نبوة) .
قال زيد بن أسلم : (الحكمة : العقل في دين الله عز وجل)). [معاني القرآن: 5/282-283]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بنيّ لا تشرك باللّه إنّ الشّرك لظلمٌ عظيمٌ} [لقمان: 13] يظلم المشرك به نفسه ويضرّ به نفسه.
وقال الحسن: ينقص به نفسه.
وقال السّدّيّ: {لظلمٌ عظيمٌ} [لقمان: 13] لذنبٌ عظيمٌ.
- عاصم بن حكيمٍ، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة عن ابن مسعودٍ، قال: لمّا نزلت هذه الآية: {الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ} [الأنعام: 82] قال أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: وأيّنا لم يظلم؟ فنزلت هذه الآية: {إنّ الشّرك لظلمٌ عظيمٌ} [لقمان: 13].
وقال السّدّيّ: {لظلمٌ عظيمٌ} [لقمان: 13] لذنبٌ عظيمٌ.
- الرّبيع بن صبيحٍ، عن الحسن، قال: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: " الظّلم ثلاثةٌ: فظلمٌ لا يغفره اللّه تبارك وتعالى، وظلمٌ يغفره اللّه، وظلمٌ لا يدعه اللّه، فأمّا الظّلم الّذي لا يغفره اللّه فالإشراك، وأمّا الظّلم الّذي
[تفسير القرآن العظيم: 2/673]
يغفره اللّه فذنوب العباد فيما بينهم وبين اللّه، وأمّا الظّلم الّذي لا يدعه اللّه فظلم العباد بعضهم بعضًا، لا يدعه اللّه حتّى يقصّ بعضهم
من بعضٍ "). [تفسير القرآن العظيم: 2/674]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
(و(إذ) قد تزاد، كقوله: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ} [البقرة: 30].
{وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ} [لقمان: 13]. أي: وقال.
وقال ابن ميّادة: إذ لا يزال قائل أَبِن أَبِن). [تأويل مشكل القرآن: 252] (م)

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (أصل الظلم في كلام العرب: وضع الشيء في غير موضعه. ويقال: (من أشبه أباه فما ظلم)، أي: فما وضع الشّبه غير موضعه. وظلم السّقاء: هو أن يشرب قبل إدراكه. وظلم الجزور: أن يعتبط، أي ينحر، من غير علّة. وأرض مظلومة: أي حفرت وليست موضع حفر. ويقال: الزم الطريق ولا تظلمه، أي: لا تعدل عنه. ثم قد يصير الظلم بمعنى الشّرك؛ لأنّ من جعل لله شريكا: فقد وضع الرّبوبيّة غير موضعها. يقول الله سبحانه: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}، وقال: {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ}، أي: يشرك). [تأويل مشكل القرآن: 467] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بنيّ لا تشرك باللّه إنّ الشّرك لظلم عظيم (13)} موضع " إذ " نصب بقوله: {ولقد آتينا لقمان الحكمة}, أي : ولقد آتينا لقمان الحكمة إذ قال؛ لأن هذه الموعظة حكمة. وقوله: {إنّ الشّرك لظلم عظيم} يعني : أنّ اللّه هو المحيي المميت الرازق المنعم وحده لا شريك له فإذا أشرك به أحد غيره , فذلك أعظم الظلم؛ لأنه جعل النعمة لغير ربّها. وأصل الظلم في اللغة : وضع الشيء في غير موضعه, وقد بيّنّا ذلك فيما سلف من الكتاب.). [معاني القرآن: 4/195-196]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (قال زيد بن أسلم : (الحكمة: العقل في دين الله عز وجل) , ويقال: إن ابنه اسمه ثاران , وقوله جل وعز: {يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم} . قال الأصمعي : الظلم وضع الشيء في غير موضعه . قال أبو جعفر : الشرك : نسب نعمة الله جل وعز إلى غيره ؛ لأن الله جل وعز الرزاق , والمحيي , والمميت , وقال: هو ظالم لنفسه.). [معاني القرآن: 3-2844]

تفسير قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ووصّينا الإنسان بوالديه} [لقمان: 14]، يعني: برًّا بوالديه، تفسير السّدّيّ.
{حملته أمّه وهنًا على وهنٍ} [لقمان: 14] ضعفًا على ضعفٍ، في تفسير الحسن.
وقال ابن مجاهدٍ، عن أبيه: الولد وهن الوالدة وضعفها.
وتفسير مجاهدٍ في حديث عاصم بن حكيمٍ: وهن الولد على وهن الولد.
والوهن الضّعف.
وفي تفسير قتادة: جهدٌ على جهدٍ.
قال: {وفصاله} [لقمان: 14]، أي: وفطامه.
{في عامين} [لقمان: 14]
- قال: حدّثنا عثمان، عن عمرٍو، عن الحسن، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «لا رضاع بعد الفطام».
- وحدّثني ابن لهيعة، عن عيسى بن عبد الرّحمن، عن الزّهريّ أنّ ابن عمر، وابن عبّاسٍ كانا لا يريان الرّضاع بعد الحولين شيئًا.
قوله عزّ وجلّ: {أن اشكر لي ولوالديك إليّ المصير} [لقمان: 14] البعث.
- حدّثني أشعث، عن يعلى بن عطاءٍ، عن أبيه، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «رضى الرّبّ مع رضى الوالد، وسخط
[تفسير القرآن العظيم: 2/674]
الرّبّ مع سخط الوالد».
- وحدّثني المعلّى، عن أبان بن أبي عيّاشٍ، عن محمّد بن المنكدر، عن ابن عبّاسٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «من أصبح مرضيًا لأبويه أصبح له بابان مفتوحان من الجنّة، ومن أمسى مثل ذلك، وإن كان واحدًا فواحدٌ، ومن أصبح مسخطًا لأبويه أصبح له بابان مفتوحان من النّار ومن أمسى مثل ذلك، وإن كان واحدًا فواحدٌ، وإن ظلماه، وإن ظلماه، وإن
ظلماه».
- خالدٌ، عن الحسن، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ فوق كلّ برٍّ برًّا حتّى إنّ الرّجل ليهريق دمه اللّه، وإنّ فوق كلّ فجورٍ فجورًا حتّى إنّ الرّجل ليعقّ والديه»). [تفسير القرآن العظيم: 2/675]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({ حملته أمّه وهناً على وهنٍ }: مجازه: ضعفاً إلى ضعفها , وفي آية أخرى " وهن العظم منّي ".
وقال زهير:
فلن يقولوا بحبل واهنٍ خلق= لو كان قومك في أمثاله هلكوا
{ وفصاله } : أي : فطامه.). [مجاز القرآن: 2/126-127]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({ووصّينا الإنسان بوالديه حملته أمّه وهناً على وهنٍ وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إليّ المصير} وقال: {وفصاله في عامين}: أي : في انقضاء عامين ولم يذكر الانقضاء كما قال: {وسئل القرية} , يعني : أهل القرية.). [معاني القرآن: 3/28]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({وهنا على وهن}: ضعفا على ضعف. {فصاله في عامين}: فطامه). [غريب القرآن وتفسيره: 298]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({وهناً على وهنٍ}, أي: ضعفا على ضعف, {فصاله}: فطامه.). [تفسير غريب القرآن: 344]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ووصّينا الإنسان بوالديه حملته أمّه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إليّ المصير (14)} جاء في التفسير :{وهنا على وهن}: ضعفا على ضعف، أي : لزمها لحملها إياه أن ضعفت مرة بعد مرة. وموضع " أن " نصب بـ (وصّينا). المعنى : وصينا الإنسان أن اشكره لي , ولوالديك، أي : وصّيناه بشكرنا , وبشكر والديه.). [معاني القرآن: 4/196]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن} وقرأ عيسى : وهنا على وهن
قال الضحاك : (الوهن : الضعف) , وكذلك هو في اللغة يقال: وهن يهن , ووهن يوهن, ووهن يهن مثل ورم يرم إذا ضعف , يعني : ضعف الحمل , وضعف الطلق ", وضعف النفاس
ثم قال جل وعز: {وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك} وفصاله في عامين : أي : فطامه في عامين . أن اشكر لي ولوالديك على التقديم والتأخير , والمعنى : {ووصينا الإنسان أن اشكر لي ولوالديك}.). [معاني القرآن: 5/284-385]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ}: أي: ضعفا على ضعف.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 189]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَهْنًا}: ضعفاً , {على وهن}: ضعف.). [العمدة في غريب القرآن: 240]

تفسير قوله تعالى:{وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (15)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وإن جاهداك} [لقمان: 15]، يعني: أراداك.
{على أن تشرك بي ما ليس لك به علمٌ} [لقمان: 15]، أي: أنّك لا تعلم أنّ لي شريكًا، يعني: المؤمن.
قال: {فلا تطعهما وصاحبهما في الدّنيا معروفًا واتّبع سبيل من أناب إليّ} [لقمان: 15]، أي: طريق {من أناب إليّ} [لقمان: 15] من أقبل إليّ بقلبه مخلصًا، يعني: النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم والمؤمنين.
قال: {ثمّ إليّ مرجعكم} [لقمان: 15] يوم القيامة.
{فأنبّئكم بما كنتم تعملون} [لقمان: 15] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/675]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وصاحبهما في الدّنيا معروفاً...}
أي : أحسن صحبتهما.). [معاني القرآن: 2/328]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({واتّبع سبيل من أناب إليّ }: أي : طريق من رجع وتاب إلى الله , وهذا مما وصى الله به.). [مجاز القرآن: 2/127]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدّنيا معروفا واتّبع سبيل من أناب إليّ ثمّ إليّ مرجعكم فأنبّئكم بما كنتم تعملون (15)} يروى أن سعد بن أبي وقاص ذكر أن هذه الآية نزلت بسببه, وذلك أنه كان أسلم , فحلفت أمّه ألا تأكل طعاماً، ولا تشرب شرابًا حتى يرتدّ إلى الكفر، فمكثت ثلاثا لا تطعم ولا تشرب حتى شجروا فاها - أي فتحوه - بعود حتى أكلت وشربت، ويروى أنه قال: (لو كانت لها سبعون نفسا فخرجت لما ارتددت عن الإسلام). وقوله عزّ وجلّ: {وصاحبهما في الدّنيا معروفا}
يقال: صاحبته , صاحبا , ومصاحبة.
ومعنى المعروف: ما يستحسن من الأفعال.
{واتّبع سبيل من أناب إلي}: أي : اتبع سبيل من رجع إليّ.). [معاني القرآن: 4/196-197]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما}
يروى : أنها نزلت في سعد بن أبي وقاص . ثم قال جل وعز: {وصاحبهما في الدنيا معروفا}
أي: مصاحبا معروفا , يقال : صاحبته مصاحبة, ومصاحبا , ومعروفا , أي : ما يحسن ثم رجع إلى الإخبار عن لقمان , فقال: { يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السموات أو في الأرض يأت بها الله}
وهذا على التمثيل كما قال سبحانه: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره}
قال سفيان : (بلغني أنه الصخرة التي عليها الأرضون ).
وروى : أن ابن لقمان سأله عن حبة وقعت في مقل البحر , أي : في مغاصه , فأجابه بهذا .
قال أبو مالك : {يأت بها الله}: (أي : يعلمها الله)). [معاني القرآن: 5/285-287]

تفسير قوله تعالى: {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خبِيرٌ (16)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {يا بنيّ} [لقمان: 16] رجع إلى كلام لقمان، يعني: الكلام الأوّل: {وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بنيّ لا تشرك باللّه} [لقمان: 13].
وقوله: {إنّها إن تك مثقال حبّةٍ من خردلٍ} [لقمان: 16]، أي: وزن حبّةٍ
[تفسير القرآن العظيم: 2/675]
من خردلٍ.
{فتكن في صخرةٍ} [لقمان: 16] بلغنا أنّها الصّخرة الّتي عليها الحوت، الّتي عليها قرار الأرضين.
قال: {أو في السّموات أو في الأرض يأت بها اللّه} [لقمان: 16]، أي: احذر، فإنّه سيحصي عليك عملك، ويعلمه كما علم هذه الحبّة من الخردل، لقمان يقوله لابنه.
قال: {إنّ اللّه لطيفٌ خبيرٌ} قال: {لطيفٌ} باستخراجها {خبيرٌ} بمكانها). [تفسير القرآن العظيم: 2/676]
قَالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {يا بنيّ إنّها إن تك مثقال حبّةٍ مّن خردلٍ...}
يجوز نصب المثقال , ورفعه, فمن رفع رفعه بتكن , واحتملت النكرة ألاّ يكون لها فعل في كان , وليس وأخواتها, ومن نصب جعل في (تكن) اسماً مضمرا مجهولاً مثل الهاء التي في قوله: {إنّها إن تك} , ومثل قوله: {فإنّها لا تعمى الأبصار} , وجاز تأنيث (تك) والمثقال ذكر لأنه مضاف إلى الحبّة والمعنى للحبّة، فذهب التأنيث إليها كما قال:
وتشرق بالقول الذي قد أذعته = كما شرقت صدر القناة من الدم
ولو كان: {إن يك مثقال حبّةٍ}, كان صواباً , وجاز فيه الوجهان.
وقوله: {فتكن في صخرةٍ} , يقال: إنّها الصّخرة التي تحت الأرض: وهي سجّي, وتكتب فيها أعمال الكفّار.
وقوله: {يأت بها اللّه}: فيجازى بها.). [معاني القرآن: 2/328]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (ثم رجع الخبر إلى لقمان فقال :{ يا بنيّ إنّها إن تك مثقال حبةّ من خردلٍ }, أي: زنة حبة.). [مجاز القرآن: 2/127]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({يا بنيّ إنّها إن تك مثقال حبّةٍ مّن خردلٍ فتكن في صخرةٍ أو في السّماوات أو في الأرض يأت بها اللّه إنّ اللّه لطيفٌ خبيرٌ}
وقال: {إن تك مثقال حبّةٍ} , بلغت : أي: "إن تكن خطيئةٌ مثقال حبّةٍ" , ورفع بعضهم فجعلها "كان" الذي لا يحتاج إلى خبر كأنه "بلغ مثقال حبّةٍ". وقال: {إنّها إن تك مثقال حبّةٍ مّن خردلٍ}, يقول : "إن تكن المعصية مثقال حبّةٍ من خردل".). [معاني القرآن: 3/28-29]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({يأت بها اللّه} , أي : يظهرها اللّه، ولا تخف عليه.). [تفسير غريب القرآن: 344]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{يا بنيّ إنّها إن تك مثقال حبّة من خردل فتكن في صخرة أو في السّماوات أو في الأرض يأت بها اللّه إنّ اللّه لطيف خبير (16)}
{إن تك مثقال حبة}: وتقرأ :{مثقال حبّة}, الآية : إلى قوله :{لطيف خبير}
أي: لطيف في استخراجها خبير بمكانها, ويقال : في صخرة، أي : في الصخرة التي تحت الأرض.
ويروى أن ابن لقمان سأل لقمان , فقال: أرأيت الحبّة تكون في مقل البحر، أي: في مغاص البحر , أيعلمها اللّه؟.
يقال : مقل يمقل ؛ إذا غاص، فأعلمه أن اللّه عزّ وجلّ يعلم الحبّة حيث كانت، وفي أخفى المواضع؛ لأن الحبّة في الصخرة أخفى من الماء، , ثم أعلمه أنها حيث كانت يعلمها بلطفه عزّ وجلّ , وخبرته, وهذا مثل لأعمال العباد أن الله يأتي بأعمالهم يوم القيامة .
{فمن يعمل مثقال ذرّة خيرا يره (7) ومن يعمل مثقال ذرّة شرّا يره (8)}: فأمّا رفع " مثقال " مع تأنيث " تك " ؛ فلأن مثقال حبة من خردل راجع إلى معنى خردلة، فهو بمنزلة إن تك حبة من خردل.
ومن قرأ: {إنّها إن تك مثقال حبّة} بالنصب, فعلى معنى : أن التي سألتني عنها إن تك مثقال حبة، وعلى معنى : أن فعلة الإنسان - وإن صغرت - يأت الله بها.
ويجوز أنها إن تك بالتاء مثقال حبة من خردل، على معنى : أن القصة كما تقول: أنّها هند قائمة، ولو قلت : أنّها زيد قائم لجاز، إلا أن النحويين يختارون ذلك مع المذكر، ويجيزون مع المؤنث التأنيث والتذكير، يقولون: إنه هند قائمة، وإنها أمة اللّه قائمة, فيجيزون الوجهين.
فأمّا أنّها إن تك مثقال حبة من خردل عند من لا يجيز إنها زيد قائم "، فيجوز عنده هذا لأن معناه التأنيث بردّ (ما) إلى الحبّة من الخردل.). [معاني القرآن: 4/197-198]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {إن الله لطيف خبير}
قال أبو العالية : (أي: لطيف باستخراجها , خبير بمكانها)). [معاني القرآن: 5/287]

تفسير قوله تعالى: (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({يا بنيّ أقم الصّلاة وأمر بالمعروف} [لقمان: 17]، يعني: بالتّوحيد، تفسير السّدّيّ.
{وانه عن المنكر} [لقمان: 17]، يعني: الشّرك باللّه.
قال: وبلغنا عن أبي العالية الرّياحيّ قال: من أمر بعبادة اللّه، ونهى عن عبادة الأوثان، فقد أمر بالمعروف ونهى عن المنكر.
قال: {واصبر على ما أصابك إنّ ذلك من عزم الأمور {17}} [لقمان: 17] العزم أن تصرم). [تفسير القرآن العظيم: 2/676]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {ولا تصعّر خدّك للنّاس} [لقمان: 18] قال مجاهدٌ: الصّدود والإعراض بالوجه عن النّاس.
عاصم بن حكيمٍ قال: {ولا تمش في الأرض مرحًا} [لقمان: 18] بالعظمة.
{إنّ اللّه لا يحبّ كلّ مختالٍ} [لقمان: 18] تفسير ابن مجاهدٍ عن أبيه قال: متكبّرٌ.
{فخورٍ} [لقمان: 18] يعدّ ما أعطي زهوًا، لا يشكر اللّه.
- وحدّثني فطر بن خليفة، عن حبيب بن أبي ثابتٍ، عن يحيى بن جعدة
[تفسير القرآن العظيم: 2/676]
قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «لا يدخل الجنّة أحدٌ في قلبه مثقال حبّةٍ من خردلٍ من كبرٍ».
قال: فقال رجلٌ من القوم: يا رسول اللّه، إنّ الرّجل منّا ليكون نقيّ الثّوب جديد الشّراك، فيعجبه ذلك، فقال: «ليس ذلك بالكبر، ولكن الكبر أن تسفّه بالحقّ وتغمص النّاس».
قال يحيى: وبلغني عن يحيى بن جعدة أنّه قال: من وضع جبهته ساجدًا للّه فقد برئ من الكبر.
- أبو الجارود الكوفيّ عن أبي داود حنش بن المعتمر قال: سمعت عليًّا يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «من صنع شيئًا فخرًا لقي اللّه يوم القيامة أسود»، قال قلنا: إنّا للّه وإنّا إليه راجعون، ولكنّا وربّ الكعبة، فواللّه إنّ الرّجل منّا ليعجبه حسن ثوبه وحسن مركبه حتّى إنّه لينظر في شعره ونعله، قال: قد شكونا الّذي تشكون إلى النّبيّ عليه
السّلام فقال: «ليس ذلك بالفخر ولكنّ الفخر إبطال الحقّ، وغمص النّاس، والاستطالة عليهم».
- وحدّثني إسماعيل بن مسلمٍ، عن أبي المتوكّل النّاجيّ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «الكبر رداء اللّه فمن نازع اللّه رداءه قصمه»). [تفسير القرآن العظيم: 2/677]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {ولا تصاعر...}
قرأها أهل المدينة , وعاصم بن أبي النجود , والحسن: {تصعّر} بالتشديد, وقرأها يحيى , وأصحابه بالألف {ولا تصاعر} يقول: لا تمّيل خدّك عن الناس من قولك: رجل أصعر, ويجوز : ولا تصعر , ولم أسمع به.). [معاني القرآن: 2/328]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ ولا تصعّر خدّك للنّاس } : مجازه: ولا تقلب وجهك , ولا تعرض بوجهك في ناحية من الكبر , ومنه الصعر الذي يأخذ الإبل في رؤوسها حتى يلفت أعناقها عن رؤوسها .
قال عمرو بن حنة التغلبي :
وكنا إذا الجبار صعّر خدّه= أقمنا له من ميله فتقوّما
والصعر : داء يأخذ البعير في عنقه , أو رأسه , فيشبه به الرجل الذي يتكبر على الناس. { ولا تمش في الأرض مرحاً }: أي : لا تمرح في مشيك من الكبر.). [مجاز القرآن: 2/127]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({لا تصاعر خدك للناس}: أي لا تعرض وجهك وأصل هذا من الصعر الذي يأخذ الإبل في رؤوسها وأعناقها فتكوى.
وقال بعضهم هو التشدق). [غريب القرآن وتفسيره: 298]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({ولا تصعّر خدّك للنّاس}: أي : تعرض بوجهك وتتكبر, و«الأصعر» من الرجال: العرض بوجهه كبرا .). [تفسير غريب القرآن: 344]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {ولا تصعّر خدّك للنّاس ولا تمش في الأرض مرحا إنّ اللّه لا يحبّ كلّ مختال فخور (18)} ويقرأ : تصاعر , ويجوز في العربية: ولا تصعر، ولا أعلم أحدا قرأ بها، فإذا لم ترو فلا تقرأ بها، ومعناه : لا تعرض عن الناس تكبّرا، يقال: أصاب البعير صعر , وصيد إذا أصابه داء فلوى منه عنقه، فيقال للمتكبر فيه صعر، وفيه صيد، فأما (تصعّر) فعلى وجه المبالغة، و(يصاعر) جاء على معنى : يفاعل، كأنك تعارضهم بوجهك. ومعنى {تصعر} تلزم خدّك الصّعر؛ لأنه لا داء بالإنسان أدوأ من الكبر. والمعنى في الثلاثة هذا, المعنى: إلا أن (تصعّر) , و(تصاعر ) أبلغ من (تصعر).
وقوله: {ولا تمش في الأرض مرحا}: أي: لا تمش متبخترا مختالا.). [معاني القرآن: 4/198] قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولا تصعر خدك للناس}
وقرأ الجحدري : ولا تصعر , ويقرأ : ولا تصاعر .
قال الحسن , وقتادة , والضحاك في قوله تعالى: {ولا تصعر} : (لإعراض عن الناس) .
قال قتادة : (لا تتكبر , فتعرض) .
وقال إبراهيم : (هو التشدق) .
قال أبو الجوزاء : (يقول بوجهه هكذا ازدراء بالناس) .
قال أبو جعفر : أصل هذا من الصعر , وهو داء يأخذ الإبل تلوي منها أعناقها , فقيل هذا للمتكبر ؛ لأنه يلوي عنقه تكبرا , و(تصعر) على التكثير , وتصعر تلزم نفسك بهذا لأنه يفعله , ولا داء به .
و(تصاعر) : أي : تعارض بوجهك.
ثم قال جل وعز: {ولا تمش في الأرض مرحا} : أي : متبخترا متكبراً.). [معاني القرآن: 5/287-288]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {ولا تصعر خدك للناس}: أي: لا تكبر على الناس.). [ياقوتة الصراط: 405]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَلَا تُصَعِّرْ}: أي : لا تعرض بوجهك وتتكبر, ورجل أصعر: أذا أعرض بوجهه.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 189]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({لَا تُصَعِّرْ}: تكبر.). [العمدة في غريب القرآن: 240]

تفسير قوله تعالى: {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {واقصد في مشيك} [لقمان: 19] وقال في آيةٍ أخرى: {ولا تمش في الأرض مرحًا إنّك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا} [الإسراء: 37] قال: {واغضض من صوتك إنّ أنكر الأصوات} [لقمان: 19]، يعني: أقبح الأصوات.
{لصوت الحمير} [لقمان: 19] وإنّما كانت صوت الحمير ولم يكن
[تفسير القرآن العظيم: 2/677]
لأصوات الحمير لأنّه عنى صوتها الّذي هو صوتها). [تفسير القرآن العظيم: 2/678]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {إنّ أنكر الأصوات لصوت الحمير...}
يقول: إن أقبح الأصوات لصوت الحمير, وأنت تقول: له وجه منكر إذا كان قبيحاً, وقال: {لصوت الحمير} , ولو قيل: أصوات الحمير لكان صواباً, ولكن الصّوت وإن كان أسند إلى جمع , فإن الجمع هذا الموضع كالواحد.). [معاني القرآن: 2/328]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ إنّ أنكر الأصوات }: أي : أشد الأصوات.). [مجاز القرآن: 2/127]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({أنكر الأصوات}: أشدها). [غريب القرآن وتفسيره: 298]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إنّ أنكر الأصوات}: أي: أقبحها, عرّفه قبح رفع الصوت في المخاطبة , وفي الملاحاة، بقبح أصوات الحمير: لأنها عالية.). [تفسير غريب القرآن: 344]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {واقصد في مشيك واغضض من صوتك إنّ أنكر الأصوات لصوت الحمير (19)} {واغضض من صوتك}: معنى : اغضض انقص، ومن ذلك غضضت بصري، وفلان يغضّ بصره من فلان , أي: يتنقصه. ومعنى: {أنكر الأصوات}: أقبح الأصوات، يقال: أتانا فلان بوجه منكر الخلقة، أي: قبيح.). [معاني القرآن: 4/198-199]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {واقصد في مشيك واغضض من صوتك} {واقصد في مشيك }: أي : يكون متوسطا .
روى حيوة بن شريح , عن يزيد بن أبي حبيب : {واقصد في مشيك}, قال: (من السرعة).
ثم قال: {واغضض من صوتك}
أي: انقص منه , وقد غض بصره , ومنه فلان يغض من الناس .
ثم قال تعالى: {إن أنكر الأصوات لصوت الحمير}
أي: أقبحها , ومنه أتانا بوجه منكر.). [معاني القرآن: 5/289]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {إن أنكر الأصوات}: أي: أقبح الأصوات.). [ياقوتة الصراط: 405]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أَنكَرَ}: أشد.). [العمدة في غريب القرآن: 240]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 12 ذو القعدة 1431هـ/19-10-2010م, 03:02 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي [الآيات من 20 إلى آخر السورة]

{َلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (20) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (21) وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (22) وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (23) نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ (24) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (25) لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (26) وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27) مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (29) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (30) أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آَيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (31) وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ (32) يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (33) إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34)}

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (20)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ألم تروا أنّ اللّه سخّر لكم ما في السّموات وما في الأرض} [لقمان: 20] قال: من شمسها، وقمرها، ونجومها، وما ينزل من السّماء من ماءٍ، وما فيها من جبال البرد، وما في الأرض من شجرها، وجبالها، وأنهارها، وبحارها وبهائمها.
قال: {وأسبغ عليكم نعمه ظاهرةً وباطنةً} [لقمان: 20]، أي: في باطن أمركم وظاهره.
وبعضهم يقرأها منوّنةً: نعمةً ظاهرةً وباطنةً الظّاهرة: الإسلام والقرآن، والباطن ما يستر من العيوب والذّنوب.
قوله: {ومن النّاس من يجادل في اللّه} [لقمان: 20] فيعبد الأوثان دونه.
{بغير علمٍ} [لقمان: 20] من اللّه.
{ولا هدًى} أتاه من اللّه.
{ولا كتابٍ منيرٍ} [لقمان: 20] مضيءٍ، أي: بيّنٌ بما هو عليه من الشّرك.
وتفسير الكلبيّ أنّها أنزلت في النّضر بن الحارث أخي بني عبد الدّار). [تفسير القرآن العظيم: 2/678]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وأسبغ عليكم نعمه ظاهرةً وباطنةً...}
...
- حدثني شريك بن عبد الله , عن خصيف الجزريّ , عن عكرمة , عن ابن عبّاس أنه قرأ {نعمةً} واحدة. , قال ابن عباسٍ: (ولو كانت: {نعمه}, لكانت نعمة دون نعمةً , أو قال : نعمة فوق نعمةٍ)، الشكّ من الفراء, وقد قرأ قوم {نعمه} على الجمع. وهو وجه جيّد؛ لأنه قال : {شاكراً لأنعمه اجتباه}, فهذا جمع النعم , وهو دليل على أنّ {نعمه} جائز). [معاني القرآن: 2/328-329]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ألم تروا أنّ اللّه سخّر لكم ما في السّماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ومن النّاس من يجادل في اللّه بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير (20)} تسخير ما في السّماوات : الشمس, والقمر, والنجوم، ومعنى تسخيرها للآدميين الانتفاع بها في بلوغ منابتهم، والاهتداء بالنجوم في مسالكهم، وتسخير ما في الأرض : تسخير بحارها وأنهارها , ودوابها, وجميع منافعها. {وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة}: {نعمة}, ويقرأ : {نعمه}على الجمع. فمن قرأ : {نعمة}, فعلى معنى : ما أعطاهم من توحيده عزّ وجلّ. ومن قرأ : {نعمه}, فعلى جميع ما أنعم به عليهم.). [معاني القرآن: 4/199]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السموات وما في الأرض}
{ما في السموات } : يعني : الشمس , والقمر , والنجوم, {وما في الأرض }: من البحار , والدواب , وغيرها .
ثم قال جل وعز: {وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة}
وقرأ ابن عباس : (وأسبغ عليكم نعمة ظاهرة على التوحيد).
وقال هو , ومجاهد : (هي الإسلام) .
ويجوز أن تكون نعمة : بمعنى : نعم , كما قال سبحانه: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها} ). [معاني القرآن: 5/290]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (21)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وإذا قيل لهم اتّبعوا ما أنزل اللّه قالوا بل نتّبع ما وجدنا عليه آباءنا} [لقمان: 21] يعنون عبادة الأوثان.
قال اللّه تبارك وتعالى: {أولو كان الشّيطان يدعوهم إلى عذاب السّعير} [لقمان: 21] يعني أيتّبعون ما وجدوا عليه آباءهم؟ على الاستفهام.
[تفسير القرآن العظيم: 2/678]
{أولو كان الشّيطان يدعوهم إلى عذاب السّعير} [لقمان: 21]، أي: قد فعلوا.
ودعاؤه إيّاهم إلى عذاب السّعير دعاؤه إيّاهم إلى عبادة الأوثان بالوسوسة). [تفسير القرآن العظيم: 2/679]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ)
: ({وإذا قيل لهم اتّبعوا ما أنزل اللّه قالوا بل نتّبع ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان الشّيطان يدعوهم إلى عذاب السّعير}

وقال: {أولو كان الشّيطان يدعوهم} , هنا ألف استفهام ادخلها على واو العطف.). [معاني القرآن: 3/29]

تفسير قوله تعالى:{وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (22) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ومن يسلم وجهه إلى اللّه} [لقمان: 22]، أي: وجهته في الدّين.
وقال السّدّيّ: يخلص دينه.
{وهو محسنٌ فقد استمسك بالعروة الوثقى} [لقمان: 22] لا إله إلا اللّه.
ثمّ قال: {وإلى اللّه عاقبة الأمور} [لقمان: 22] مصيرها في الآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 2/679]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {ومن يسلم وجهه إلى اللّه...}

قرأها القرّاء بالتخفيف، إلا أبا عبد الرحمن فإنه قرأها {ومن يسلّم}, وهو كقولك للرجل أسلم أمرك إلى الله , وسلّم.). [معاني القرآن: 2/329]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {ومن يسلم وجهه إلى اللّه وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى وإلى اللّه عاقبة الأمور (22)}
أي : من أسلم , فقد استمسك بقول: لا إله إلا اللّه، وهي: العروة الوثقى.). [معاني القرآن: 4/199]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ومن سلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى}
روى سعيد بن جبير , عن ابن عباس : {فقد استمسك بالعروة الوثقى }, قال: (لا إله إلا الله)). [معاني القرآن: 5/290]

تفسير قوله تعالى: (وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (23) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ومن كفر فلا يحزنك كفره} [لقمان: 23] كقوله: {ولا تحزن عليهم} [النمل: 70].
{إلينا مرجعهم} [لقمان: 23] يوم القيامة.
{فننبّئهم بما عملوا إنّ اللّه عليمٌ بذات الصّدور} [لقمان: 23] ما يسرّون في صدورهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/679]

تفسير قوله تعالى: (نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ (24) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {نمتّعهم قليلا} [لقمان: 24] في الدّنيا إلى موتهم.
{ثمّ نضطرّهم إلى عذابٍ غليظٍ} [لقمان: 24]، يعني: جهنّم). [تفسير القرآن العظيم: 2/679]

تفسير قوله تعالى: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (25) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولئن سألتهم من خلق السّموات والأرض ليقولنّ اللّه قل الحمد للّه بل أكثرهم لا يعلمون} [لقمان: 25] أنّهم مبعوثون). [تفسير القرآن العظيم: 2/679]

تفسير قوله تعالى: (لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (26) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {للّه ما في السّموات والأرض إنّ اللّه هو الغنيّ الحميد} [لقمان: 26]، {الغنيّ} عن خلقه {الحميد} [لقمان: 26] المستحمد إلى خلقه، استوجب عليهم أن يحمدوه). [تفسير القرآن العظيم: 2/679]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولو أنّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ} [لقمان: 27] يقول: لو أنّها أقلامٌ.
{والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ} [لقمان: 27] وبعضهم يقرأها بالنّصب: والبحر
[تفسير القرآن العظيم: 2/679]
يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ، أي: ولو أنّ البحر، تبعٌ للكلام الأوّل يقول: {ولو أنّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ} [لقمان: 27] ليكتب بها علم اللّه، علمه بما خلق {والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ} [لقمان: 27] يستمدّ منه الأقلام ليكتب بها علم ذلك.
{ما نفدت كلمات اللّه} [لقمان: 27]، يعني: لانكسرت الأقلام، ونفد ماء البحر، ولمات الكتّاب وما نفدت كلمات اللّه، علمه بما خلق.
وقال السّدّيّ: {ما نفدت كلمات اللّه} [لقمان: 27]، يعني: علم اللّه وعجائبه.
- قال يحيى: وحدّثني خداشٌ، عن عوافٍ، عن أبي المغيرة، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: إنّ تحت بحركم هذا بحرًا من نارٍ، وتحته بحرٌ من ماءٍ، وتحته بحرٌ من نارٍ، وتحته بحرٌ من ماءٍ، وتحته بحرٌ من نارٍ حتّى عدّ سبعة أبحرٍ من ماءٍ، وسبعة أبحرٍ من نارٍ.
سعيدٌ، عن قتادة، عن أبي أيّوب، عن عبد اللّه بن عمرٍو نحوه.
قال: {إنّ اللّه عزيزٌ حكيمٌ} [لقمان: 27] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/680]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {ولو أنّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحر يمدّه...}

ترفع {البحر} , ولو نصبته كان صواباً؛ كما قرأت القراء : {وإذا قيل إنّ وعد الله حقٌّ والسّاعة لا ريب فيها} ,, و{الساعة} وفي قراءة عبد الله : (وبحر يمدّه سبعة أبحرٍ) .
يقول: يكون مداداً كالمداد المكتوب به, وقول عبد الله يقوّي الرفع, والشيء إذا مدّ الشيء , فزاد فكان زيادةً فيه فهو يمدّه؛ تقول دجلة تمدّ بئارنا, وأنهارنا، والله يمدّنا بها, وتقول: قد أمددتك بألفٍ فمدّوك، يقاس على هذا كلّ ما ورد.). [معاني القرآن: 2/329]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ولو أنّ ما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ مّا نفدت كلمات الله }: مجاز البحر هاهنا : الماء العذب , يقال: ركبنا هذا البحر , وكنا في ناحية هذا البحر , أي : في الريف لأن الملح في البحر لا ينبت القلام؛ يمده من بعده , أي : من خلفه , أي : يسيل فيه سبعة أبحر, ومجازه : مجاز المختصر الذي فيه ضمير، سبيله: فكتب كتاب الله بهذه الأقلام , وبهذه البحور : ما نفد كتاب الله.). [مجاز القرآن: 2/128]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({ولو أنّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ مّا نفدت كلمات اللّه إنّ اللّه عزيزٌ حكيمٌ}
وقال: {ولو أنّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحر يمدّه}: رفع على الابتداء , ونصب على القطع, ورفع الأقلام على خبر "أنّ".). [معاني القرآن: 3/29]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({والبحر يمده}: يزيد فيه. يقال مد قدرك أي زد في مائها ومثله مد قلمك أيضا). [غريب القرآن وتفسيره: 299]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {ولو أنّما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات اللّه إنّ اللّه عزيز حكيم (27)}
{والبحر}: و يقرأ " والبحر " بالرفع.
فأما النصب , فعطف على (ما) , والمعنى : ولو أن ما في الأرض , ولو أن البحر، والرفع حسن على وجهين:
على معنى: والبحر هذه حاله.
ويجوز أن يكون معطوفا على موضع إن مع ما بعدها ؛ لأن معنى لو أن ما في الأرض لو وقع ما في الأرض؛ لأن (لو) تطلب الأفعال , فإذا جاءت معها (إنّ) , لم تذكر معها الأفعال؛ لأنه تذكر معها الأسماء والأفعال.
وقوله عزّ وجلّ: {ما نفدت كلمات اللّه}: معناه : ما انقطعت، ويروى أن المشركين قالوا في القرآن: إن هذا كلام سينفد، وسيقطع، فأعلم اللّه عزّ وجلّ : أن كلماته , وحكمته لا تنفد.). [معاني القرآن: 4/199-200]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله}
في رواية أبي عمرو بن العلاء , عن مجاهد , عن ابن عباس قال : (قالت اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم: بلغنا أنك تقول {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} , فهذا لنا , أو لغيرنا .
فقال صلى الله عليه وسلم : ((للجميع)) .
فقالوا : أما علمت أن الله أعطى موسى التوراة , وخلفها فينا ومعنا .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((التوراة وما فيها من الأنباء في علم الله جل وعز قليل)) , فأنزل الله: {ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله} , إلى تمام ثلاث آيات) .
قال أبو جعفر : فقد تبين أن الكلمات ههنا يراد بها العلم , وحقائق الأشياء ؛ لأنه علم قبل أن يخلق الخلق ما هو خالق في السموات والأرض من شيء , وعلم ما فيه من مثاقيل الذر , وعلم الأجناس كلها , وما فيها من شعرة وعضو , وما في الشجرة من ورقة , وما فيها من ضروب الخلق , وما يتصرف فيه من ضروب الطعم واللون , فلو سمى كل دابة وحدها , وسمى أجزائها على ما يعلم من قليلها وكثيرها , وما تحولت عليه في الأحوال , وما زاد فيها في كل زمان , وبين كل شجرة وحدها , وما تفرعت عليه , وقدر ما ييبس من ذلك في كل زمان , ثم كتب البيان عن كل واحد منها على ما أحاط الله عز وجل منها , ثم كان البحر مدادا لذلك البيان الذي بين الله عز وجل تلك الأشياء , يمده من بعده سبعة أبحر , لكان البيان عن تلك الأشياء أكثر.). [معاني القرآن: 5/291-292]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَمُدُّهُ}: يزيد فيه.). [العمدة في غريب القرآن: 240]

تفسير قوله تعالى: {مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفسٍ واحدةٍ} [لقمان: 28] وذلك أنّ المشركين قالوا: يا محمّد، خلقنا اللّه أطوارًا، نطفًا، ثمّ علقًا، ثمّ مضغًا، ثمّ عظامًا، ثمّ لحمًا، ثمّ أنشأنا خلقًا آخر كما تزعم، وتزعم أنّا نبعث في ساعةٍ واحدةٍ، فأنزل اللّه تبارك وتعالى جوابًا لقولهم: {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفسٍ واحدةٍ} [لقمان: 28]، أي: إنّما
يقول له: كن فيكون.
[تفسير القرآن العظيم: 2/680]
قال: {إنّ اللّه سميعٌ بصيرٌ} [لقمان: 28] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/681]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {مّا خلقكم ولا بعثكم إلاّ كنفسٍ واحدةٍ...}

إلا كبعث نفس واحدة, أضمر البعث لأنه فعل؛ كما قال: {تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت} , المعنى - والله أعلم -: كدوران عين الذي يغشى عليه من الموت، فأضمر الدوران , والعين جميعاً.). [معاني القرآن: 2/329]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ما خلقكم ولا بعثكم إلّا كنفسٍ واحدةٍ}: مجازه مجاز قولك إلا كخلق نفس واحدة , وإلا كبعث نفسٍ واحدة , أي : كإحياء نفس لأنه إذا قدر على ذلك من بعض يقدر على بعث أكثر من ذلك , إنما يقول لها: كوني فتكون , ذا قدر على أن يخلق نفساً يقدر على خلق أكثر من ذلك.). [مجاز القرآن: 2/128]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله:{ما خلقكم ولا بعثكم إلّا كنفس واحدة إنّ اللّه سميع بصير (28)}
تأويله إلا كخلق نفس واحدة، وكبعث نفس واحدة، أي: قدرة اللّه على بعث الخلق أجمعين , وعلى خلق الخلق أجمعين كقدرته على خلق نفس واحدة , وبعث نفس واحدة.). [معاني القرآن: 4/200]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة إن الله سميع بصير}
قال مجاهد : إنما يقول : كن فيكون القليل , والكثير.). [معاني القرآن: 5/292]

تفسير قوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلونَ خَبِيرٌ (29)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ألم تر أنّ اللّه يولج اللّيل في النّهار} [لقمان: 29] يدخل اللّيل في النّهار.
{ويولج النّهار في اللّيل} [لقمان: 29] ويدخل النّهار في اللّيل، وهو أخذٌ كلّ واحدٍ منهما من صاحبه.
قال: {وسخّر} لكم.
{الشّمس والقمر} يجريان.
قال: {كلٌّ يجري إلى أجلٍ مسمًّى} [لقمان: 29] لا يقصر دونه ولا يزيد عليه إلى الوقت الّذي يكوّر فيه فيذهب ضوءه.
وقال: {وأنّ اللّه بما تعملون خبيرٌ} [لقمان: 29] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/681]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {ألم تر أنّ اللّه يولج اللّيل في النّهار ويولج النّهار في اللّيل وسخّر الشّمس والقمر كلّ يجري إلى أجل مسمّى وأنّ اللّه بما تعملون خبير (29)}

{يولج اللّيل في النّهار}: معناه : يدخل الليل في النهار، ليل الصيف في نهاره.
{ويولج النّهار في اللّيل}: يدخل نهار الشتاء في ليله.). [معاني القرآن: 4/200]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (30) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ذلك بأنّ اللّه هو الحقّ} [لقمان: 30] والحقّ اسمٌ من أسماء اللّه.
{وأنّ ما يدعون من دونه الباطل} [لقمان: 30]، يعني: أوثانهم.
{وأنّ اللّه هو العليّ الكبير} [لقمان: 30] لا أعلى منه، {الكبير} [لقمان: 30] ولا أكبر منه). [تفسير القرآن العظيم: 2/681]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({ وأنّ ما تدعون من دونه الباطل }: أي : تجعلون معه , قال:

ألا ربّ من تدعو صديقاً وغيبه= لك الدهر قدماً غير منشرح الصدر). [مجاز القرآن: 2/128]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آَيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (31)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ألم تر أنّ الفلك تجري في البحر بنعمت اللّه} [لقمان: 31] أنعم بها على خلقه.
{ليريكم من آياته} [لقمان: 31]، يعني: جري السّفن من آياته.
قال: {إنّ في ذلك لآياتٍ لكلّ صبّارٍ شكورٍ} [لقمان: 31] وهو المؤمن). [تفسير القرآن العظيم: 2/681]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {بنعمة اللّه...}

وقد قرئت : {بنعمات الله} , وقلّما تفعل العرب ذلك بفعلةٍ: أن تجمع على التاء إنّما يجمعونها على فعلٍ؛ مثل سدرة , وسدر، وخرقة وخرق. وإنّما كرهوا جمعه بالتاء ؛ لأنهم يلزمون أنفسهم كسر ثانية إذا جمع؛ كما جمعوا ظلمة ظلمات , فرفعوا ثانيها إتباعاً لرفعة أوّلها، وكما قالوا: حسراتٌ فأتبعوا ثانيها أولها, فلمّا لزمهم أن يقولوا: بنعمات , استثقلوا أن تتوالى كسرتان في كلامهم؛ لأنا لم نجد ذلك إلاّ في الإبل وحدها, وقد احتمله بعض العرب فقال: نعماتٌ , وسدراتٌ.). [معاني القرآن: 2/329-330]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقولهم: وأين قوله: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آَيَاتِهِ} من قوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} [لقمان: 31]. ولم يرد الله في هذا الموضع معنى الصبر والشكر خاصة، وإنما أراد: إن في ذلك لآيات لكل مؤمن. والصبر والشكر أفضل ما في المؤمن من خلال الخير، فذكره الله عز وجل في هذا الموضع بأفضل صفاته.
وقال في موضع آخر: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ}.
وفي موضع آخر: {لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}و{لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} و{إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} يعني المؤمنين.
ومثله قوله تعالى في قصة سبإ: {وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}. وهذا كما تقول: أن في ذلك لآية لكل موحّد مصلّ، ولكلّ فاصل تقيّ. وإنما تريد المسلمين). [تأويل مشكل القرآن: 75]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ألم تر أنّ الفلك تجري في البحر بنعمت اللّه ليريكم من آياته إنّ في ذلك لآيات لكلّ صبّار شكور (31)}
ويقرأ :{بنعمات اللّه}, ويجوز :{بنعمات اللّه}, ويجوز :{بنعمات اللّه } بفتح العين , ففيها ثلاثة أوجه إذا جمعت، وأكثر القراءة بنعمة اللّه على الواحدة، وأما الكسر فعلى مذهب من جمع كسرة على كسرات.
ومن أسكن , وهو أجود أوجهه , فعلى من جمع كسرات؛ لأن كسرات بقل مثله في كلام العرب، إنما جاء في أصول الأبنية ما توالت فيه كسرتان نحو إبل وإطل فقط، ومن قرأ : بنعمات الله ؛ فلأن الفتح أخف الحركات.
قال الشاعر:
ولما رأونا باديا ركباتنا= على موطن لا نخلط الجدّ بالهزل
والأكثر : ركبات، وركبات أجود لثقل الضّمّة، ولكنه أكثر من الكلام : من نعمات، وكسرات.
وقوله عزّ وجلّ: {لكلّ صبّار شكور}
روى قتادة : (أن أحبّ العباد إلى الله : من إذا أعطي شكر , وإذا ابتلي صبر).
فأعلم اللّه عزّ وجلّ : أن المعتبر المتفكر في خلق السّماوات والأرض , هو الصبّار الشّكور.). [معاني القرآن: 4/200-201]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ (32)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وإذا غشيهم موجٌ كالظّلل} [لقمان: 32] كالجبال، وقال في آيةٍ أخرى: {وهي تجري بهم في موجٍ كالجبال} [هود: 42] وقال في آيةٍ أخرى: {وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنّه ظلّةٌ} [الأعراف: 171].
[تفسير القرآن العظيم: 2/681]
قال: {دعوا اللّه مخلصين له الدّين} [لقمان: 32]، يعني: التّوحيد، وهو تفسير السّدّيّ.
{فلمّا نجّاهم إلى البرّ فمنهم مقتصدٌ} [لقمان: 32] وهو المؤمن، وإمّا الكافر فعاد في كفره.
قال مجاهدٌ: {فمنهم مقتصدٌ} [لقمان: 32] في القول وهو كافرٌ.
وقال: {وما يجحد بآياتنا إلا كلّ ختّارٍ كفورٍ} [لقمان: 32] غدّارٍ، في تفسير مجاهدٍ.
كفورٍ أخلص للّه في البحر للمخافة من الغرق، ثمّ غدر فأشرك كقوله: {فإذا ركبوا في الفلك دعوا اللّه مخلصين له الدّين فلمّا نجّاهم إلى البرّ إذا هم يشركون} [العنكبوت: 65] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/682]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {كلّ ختّارٍ...}

الختّار: الغدّار وقوله: {موجٌ كالظلل}, فشبّهه بالظلل , والموج واحد لأن الموج يركب بعضه بعضاً، ويأتي شيء بعد شيء , فقال : {كالظلل} , يعني : السحاب.) . [معاني القرآن: 2/330]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ وإذا غشيهم مّوجٌ كالظلل }, واحدتها ظلة, ومجازه: من شدة سواد كثرة الماء , ومعظمه.
قال النابغة الجعدي , وهو يصف البحر:
يماشيهنّ أخضر ذو ظلالٍ= على حافاته فلق الدّنان
ويروى " يعارضهن ".
{كلٌّ ختّارٍ كفورٍ }: الختر أقبح الغدر , قال الأعشى:
بالأبلق الفرد من تيماء منزله= حصنٌ حصين وجارٌ غير ختّار
وقال عمرو بن معد يكرب:
وإنك لو رأيت أبا عمير= ملأت يديك من غدر وختر). [مجاز القرآن: 2/128-129]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({ختار كفور}: غادر بعهده). [غريب القرآن وتفسيره: 299]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وإذا غشيهم موجٌ كالظّلل}: جمع «ظلة», يريد: أنّ بعضه فوق بعض، فله سواد من كثرته, والبحر ذو ظلال لأمواجه, قال الجعديّ:
يعارضهن أخضر ذو ظلال = على حافاته فلق الدّنان
يعني: البحر.
و(الختّار): الغدّار,
و«الختر»: أقبح الغدر، وأشدّه.). [تفسير غريب القرآن: 344-345]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عز وجل: {وإذا غشيهم موج كالظّلل دعوا اللّه مخلصين له الدّين فلمّا نجّاهم إلى البرّ فمنهم مقتصد وما يجحد بآياتنا إلّا كلّ ختّار كفور (32)}
قال في الموج: " كالظّلل" لأن موج البحر يعظم حتى يصير كأنّه ظلل. وقوله:{ختّار كفور} , الختر: أقبح الغدر.). [معاني القرآن: 4/201]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد}
قال مجاهد :{فمنهم مقتصد }, في القول . وهو كافر .
وقيل : مقتصد , أي : مقتصد في فعله , خبر أن منهم من لا يشرك.
وقوله جل وعز: {وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور}
قال مجاهد وقتادة : (الختار : الغدور) .
قال أبو جعفر : الختر في كلام العرب : أقبح الغدر.). [معاني القرآن: 5/292-293]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {إلا كل ختار}: أي: غدار). [ياقوتة الصراط: 406]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {خَتَّارٍ}: أي : غدار , وهو أشده.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 190]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({خَتَّارٍ}: غدار.). [العمدة في غريب القرآن: 240]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (33)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {يا أيّها النّاس اتّقوا ربّكم واخشوا يومًا} [لقمان: 33]، يعني: العقاب فيه.
{لا يجزي والدٌ عن ولده} [لقمان: 33] لا يفديه من عذاب اللّه.
{ولا مولودٌ هو جازٍ عن والده شيئًا} [لقمان: 33] لا يفديه من عذاب اللّه.
{إنّ وعد اللّه حقٌّ} [الروم: 60]، يعني: البعث، والحساب، والجنّة، والنّار.
{فلا تغرّنّكم الحياة الدّنيا ولا يغرّنّكم باللّه الغرور} [لقمان: 33] وهي تقرأ على وجهين: الغرور والغرور، فمن قرأها الغرور، فيقول: الشّيطان، ومن قرأها الغرور يقول: غرور الدّنيا، كقوله: {وما الحياة الدّنيا إلا متاع الغرور} [الحديد: 20] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/682]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {باللّه الغرور...}

ما غرّك , فهو غرور، الشيطان غرور، والدنيا غرور, وتقول : غررته غروراً , ولو قرئت : ولا يغرنّكم بالله الغرور , يريد زينة الأشياء , لكان صواباً.). [معاني القرآن: 2/330]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({لا يجزي والدٌ عن ولده }, قوم يقولون: جزيت عنك كأنه من الجزاء , وهو من أغنيت , وقوم يقولون لا يجزئ عنك، يجعلونه من أجزأت عنك يهمزونه , ويدخلون في أوله ألفا.
{ ولا يغرّنّكم بالله الغرور }: مجازه أن كل من غرك من أمر الله , أو من غير ذلك , فهو غرور شيطاناً كان, أو غيره، تقديره فعول من غررت تغر.). [مجاز القرآن: 2/129]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : {لا يجزي والدٌ عن ولده} أي :لا يغني عنه, ولا ينفعه, {الغرور}: الشيطان، و{الغرور}بضم الغين: الباطل). [تفسير غريب القرآن: 345]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {يا أيّها النّاس اتّقوا ربّكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا إنّ وعد اللّه حقّ فلا تغرّنّكم الحياة الدّنيا ولا يغرّنّكم باللّه الغرور (33)}
{ولا مولود هو جاز عن والده شيئاً}: (جاز) في المصحف بغير ياء، والأصل : جازيّ.
وذكر سيبويه , والخليل أن الاختيار في الوقف هو جاز، بغير ياء , والأصل جازيّ بضمة وتنوين، فثقلت الضمة في الياء، فحذفت , وسكنت الياء , والتنوين فحذفت الياء لالتقاء السّاكنين، وكان ينبغي أن يكون في الوقف بياء لأن التنوين قد سقط , ولكن الفصحاء من العرب وقفوا بغير ياء ؛ ليعلموا أن هذه الياء تسقط في الوصل.
وزعم يونس أن بعض العرب الموثوق بهم يقف بياء، ولكن الاختيار اتباع المصحف , والوقف بغير ياء
وقوله عزّ وجلّ: {ولا يغرّنّكم باللّه الغرور}: الغرور: الشيطان). [معاني القرآن: 4/201-202]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور}
قال مجاهد , والضحاك : (الغرور : الشيطان)). [معاني القرآن: 5/293]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {الغرور}بالفتح: الشيطان، {والغرور} بالضم: الدنيا.). [ياقوتة الصراط: 406]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): (و{الْغَرُورُ}: الشيطان،{الْغُرُورُ}بالضم: الباطل.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 190]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {إنّ اللّه عنده علم السّاعة} [لقمان: 34] علم مجيئها.
{وينزّل الغيث} [لقمان: 34]، يعني: المطر.
{ويعلم ما في الأرحام} [لقمان: 34] من ذكرٍ أو أنثى وكيف صوّره.
{وما تدري نفسٌ ماذا تكسب غدًا وما تدري نفسٌ بأيّ أرضٍ تموت إنّ اللّه عليمٌ خبيرٌ} [لقمان: 34]
[تفسير القرآن العظيم: 2/682]
عليمٌ بخلقه خبيرٌ بأعمالهم.
- حدّثنا مالك بن أنسٍ، عن عبد اللّه بن دينارٍ، عن ابن عمر، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " خمسٌ لا يعلمهنّ إلا اللّه: {عنده علم السّاعة وينزّل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفسٌ ماذا تكسب غدًا وما تدري نفسٌ بأيّ أرضٍ تموت إنّ اللّه عليمٌ خبيرٌ} [لقمان: 34] ".
- أبو سهلٍ، عن ابن دينارٍ، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن قيس بن أبي حازمٍ، عن ابن مسعودٍ قال: إذا أراد اللّه تبارك وتعالى أن يقبض عبدًا بأرضٍ جعل له بها حاجةً، فإذا كان يوم القيامة قالت له الأرض: هذا ما استودعتني). [تفسير القرآن العظيم: 2/683]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
: (وقوله: {إنّ اللّه عنده علم السّاعة وينزّل الغيث ويعلم ما في الأرحام...}

فيه تأويل جحد المعنى: ما يعلمه غيره .
{وما تدري نفسٌ مّاذا تكسب غداً} : خرج هذا على الجحد, والمعنى الظاهر , والأوّل معروف بالضمير للجحد.
وقوله: {بأيّ أرضٍ} , وبأيّة أرض, فمن قال:{بأيّ أرضٍ}, اجتزأ بتأنيث الأرض من أن يظهر في أي تأنيثا آخر، ومن أنّث , قال : قد اجتزءوا بأيّ دون ما أضيف إليه، فلا بدّ من التّأنيث؛ كقولك: مررت بامرأة، فتقول: أيّةٍ، ومررت برجلين , فتقول: أيّين.). [معاني القرآن: 2/330]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ بأيّ أرضٍ تموت }, يقال: بأي أرض كنت , وبأيت أرض كنت, لغتان.). [مجاز القرآن: 2/129]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({إنّ اللّه عنده علم السّاعة وينزّل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفسٌ مّاذا تكسب غداً وما تدري نفسٌ بأيّ أرضٍ تموت إنّ اللّه عليمٌ خبيرٌ}
وقال: {وما تدري نفسٌ بأيّ أرضٍ تموت} , وقد تقول: "أيّ امرأةٍ جاءتك" , و"أيّة امرأةٍ جاءتك".). [معاني القرآن: 3/29]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ:{إنّ اللّه عنده علم السّاعة وينزّل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأيّ أرض تموت إنّ اللّه عليم خبير (34)}
جاء في التفسير : أن هذه الخمس مفاتح الغيب التي قال اللّه عز وجل فيها،: {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلّا هو}, فمن ادّعى أنه يعلم شيئا من هذه , فقد كفر بالقرآن؛ لأنه قد خالفه.). [معاني القرآن: 4/202]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث}
روي عن ابن عمر , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(( مفاتح الغيب خمسة )), وقد ذكرنا هذا بإسناده في سورة الأنعام في قوله تعالى: {وعنده مفاتح الغيب} , الآية.). [معاني القرآن: 5/293]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:54 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة