العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة إبراهيم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27 ربيع الثاني 1434هـ/9-03-2013م, 05:06 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير سورة إبراهيم [من الآية (1) إلى الآية (4) ]

{الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1) اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2) الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (3) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 9 جمادى الأولى 1434هـ/20-03-2013م, 04:20 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف


تفسير قوله تعالى: (الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {الر كتابٌ أنزلناه إليك لتخرج النّاس من الظّلمات إلى النّور بإذن ربّهم إلى صراط العزيز الحميد}.
قال أبو جعفرٍ الطّبريّ: قد تقدّم منّا البيان عن معنى قوله: {الر} فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
أمّا قوله: {كتابٌ أنزلناه إليك} فإنّ معناه: هذا كتابٌ أنزلناه إليك يا محمّد، يعني القرآن {لتخرج النّاس من الظّلمات إلى النّور} يقول: لتهديهم به من ظلمات الضّلالة والكفر إلى نور الإيمان وضيائه، وتبصّر به أهل الجهل والعمى سبل الرّشاد والهدى
وقوله: {بإذن ربّهم} يعني: بتوفيق ربّهم لهم بذلك ولطفه بهم، {إلى صراط العزيز الحميد} يعني: إلى طريق اللّه المستقيم، وهو دينه الّذي ارتضاه وشرعه لخلقه.
والحميد: فعيلٌ، صرف من مفعولٍ إلى فعيلٍ، ومعناه: المحمود بآلائه، وأضاف تعالى ذكره إخراج النّاس من الظّلمات إلى النّور بإذن ربّهم لهم بذلك إلى نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وهو الهادي خلقه والموفّق من أحبّ منهم للإيمان، إذ كان منه دعاؤهم إليه، وتعريفهم ما لهم فيه وعليهم، فبيّن بذلك صحّة قول أهل الإثبات الّذين أضافوا أفعال العباد إليهم كسبًا، وإلى اللّه جلّ ثناؤه إنشاءً وتدبيرًا، وفساد قول أهل القدر الّذين أنكروا أن يكون للّه في ذلك صنعٌ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، في قوله: {لتخرج النّاس من الظّلمات إلى النّور}: " أي من الضّلالة إلى الهدى "
القول في تأويل قوله تعالى: {اللّه الّذي له ما في السّموات وما في الأرض، وويلٌ للكافرين من عذابٍ شديدٍ}.
اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء المدينة والشّام: ( اللّه الّذي له ما في السّموات )، برفع اسم اللّه على الابتداء، وتصيير قوله: {الّذي له ما في السّموات} خبره.
وقرأته عامّة قرّاء أهل العراق والكوفة والبصرة: {اللّه الّذي} بخفض اسم اللّه على اتّباع ذلك {العزيز الحميد} وهما خفضٌ.
وقد اختلف أهل العربيّة في تأويله إذا قرئ كذلك، فذكر عن أبي عمرو بن العلاء أنّه كان يقرؤه بالخفض، ويقول: معناه: بإذن ربّهم إلى صراط العزيز الحميد، الّذي له ما في السّموات، ويقول: هو من المؤخّر الّذي معناه التّقديم، ويمثّله بقول القائل: مررت بالظّريف عبد اللّه، والكلام الّذي يوضع مكان الاسم: النّعت، ثمّ يجعل الاسم مكان النّعت، فيتبع إعرابه إعراب النّعت الّذي وضع موضع الاسم، كما قال بعض الشّعراء:
لو كنت ذا نبلٍ وذا شزيب = ما خفت شدّات الخبيث الذّيب
وأمّا الكسائيّ فإنّه كان يقول فيما ذكر عنه: من خفض أراد أن يجعله كلامًا واحدًا وأتبع الخفض الخفض، وبالخفض كان يقرأه.
والصّواب من القول في ذلك عندي، أنّهم قراءتان مشهورتان قد قرأ بكلّ واحدةٍ منهما أئمّةٌ من القرّاء معناهما واحدٌ، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ، وقد يجوز أن يكون الّذي قرأه بالرّفع، أراد معنى من خفض في إتباع الكلام بعضه بعضًا، ولكنّه رفع لانفصاله من الآية الّتي قبله، كما قال جلّ ثناؤه: {إنّ اللّه اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم} إلى آخر الآية، ثمّ قال: {التّائبون العابدون}). [جامع البيان: 13/588-590]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (آية 1 - 4
أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {لتخرج الناس من الظلمات إلى النور} قال: من الضلالة إلى الهدى). [الدر المنثور: 8/486]

تفسير قوله تعالى: (اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (ومعنى قوله: {اللّه الّذي له ما في السّموات وما في الأرض} اللّه الّذي يملك جميع ما في السّموات وما في الأرض، يقول لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: أنزلنا إليك هذا الكتاب لتدعو عبادي إلى عبادة من هذه صفته، ويدعوا عبادة من لا يملك لهم ولا لنفسه ضرًّا ولا نفعًا من الآلهة والأوثان، ثمّ توعّد جلّ ثناؤه من كفر به ولم يستجب لدعاء رسوله إلى ما دعاه إليه من إخلاص التّوحيد له، فقال: {وويلٌ للكافرين من عذابٍ شديدٍ} يقول: الوادي الّذي يسيل من صديد أهل جهنّم، لمن جحد وحدانيّته وعبد معه غيره، من عذاب اللّه الشّديد). [جامع البيان: 13/590]

تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (3) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({يبغونها عوجًا} [إبراهيم: 3] : «يلتمسون لها عوجًا»). [صحيح البخاري: 6/79]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تبغونها عوجًا تلتمسون لها عوجًا كذا وقع هنا للأكثر ولأبي ذرٍّ قبل الباب الّذي يليه وصنيعهم أولى لأنّ هذا من قول مجاهدٍ فذكره مع غيره من تفاسيره أولى وقد وصله عبد بن حميدٍ من طريق بن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ في قوله وتبغونها عوجًا قال تلتمسون لها الزّيغ وذكر يعقوب بن السّكّيت أنّ العوج بكسر العين في الأرض والدّين وبفتحها في العود ونحوه ممّا كان منتصبًا). [فتح الباري: 8/376]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وعن ابن عيينة في قوله تعالى 6 إبراهيم {اذكروا نعمة الله عليكم} قال اذكروا أيادي الله عليكم وأيّام الله
وقال ابن جرير ثنا المثنى ثنا محمّد بن إسحاق ثنا عبد الله بن الزبير عن ابن عيينة في قوله {وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم} قال أيادي الله عندكم وأيامه وفي قوله 3 إبراهيم {ويبغونها عوجا} يلتمسون). [تغليق التعليق: 4/232] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (يبغونها عوجاً يلتمسون لها عوجاً
أشار به إلى قوله تعالى: {ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا} (إبراهيم: 3) الآية، هذا وقع هنا في رواية الأكثرين وهو الصّواب لأنّه من تفسير مجاهد أيضا، وفسّر قوله: يبغونها، بقوله: يلتمسون لها، وقد وصله عبد بن حميد من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، قال: يلتمسون لها الزيغ والعوج بالفتح فيما كان مائلاً منتصباً كالحائط، والعود وبالكسر في الأرض والدّين وشبههما، قاله ابن السّكيت وابن فارس). [عمدة القاري: 19/3]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({يبغونها عوجًا) قال مجاهد فيما وصله عبد بن حميد (يلتمسون) ولأبي ذر تبعونها تلتمسون بالفوقية بدل التحتية فيهما (لها عوجًا) أي زيغًا ونكوبًا عن الحق ليقدحوا فيه وأشار بقوله لها إلى الأصل ولكنه حذف الجار وأوصل الفعل والإضلال يكون بالسعي في صدّ الغير وبإلقاء الشك والشبهات في المذهب الحقة ويحاول تقبيح الحق بكل ما يقدر عليه وهذا النهاية). [إرشاد الساري: 7/187]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {الّذين يستحبّون الحياة الدّنيا على الآخرة ويصدّون عن سبيل اللّه ويبغونها عوجًا، أولئك في ضلالٍ بعيدٍ}.
يعني جلّ ثناؤه بقوله: {الّذين يستحبّون الحياة الدّنيا على الآخرة} الّذين يختارون الحياة الدّنيا، ومتاعها، ومعاصي اللّه فيها على طاعة اللّه، وما يقرّبهم إلى رضاه، من الأعمال النّافعة في الآخرة {ويصدّون عن سبيل اللّه} يقول: ويمنعون من أراد الإيمان باللّه واتّباع رسوله على ما جاء به من عند اللّه من الإيمان به واتّباعه {ويبغونها عوجًا} يقول: ويلتمسون سبيل اللّه، وهي دينه الّذي ابتعث به رسوله عوجًا: تحريفًا وتبديلاً بالكذب والزّور " والعوج " بكسر العين وفتح الواو في الدّين والأرض وكلّ ما لم يكن قائمًا، فأمّا في كلّ ما كان قائمًا كالحائط والرّمح والسّنّ فإنّه يقال بفتح العين والواو جميعًا " عوجٌ ". يقول اللّه عزّ ذكره: {أولئك في ضلالٍ بعيدٍ} يعني: هؤلاء الكافرين الّذين يستحبّون الحياة الدّنيا على الآخرة، يقول: هم في ذهابٍ عن الحقّ بعيدٍ، وأخذٍ على غير هدًى، وجورٍ عن قصد السّبيل.
وقد اختلف أهل العربيّة في وجه دخول " على " في قوله: {على الآخرة} فكان بعض نحويّي البصرة يقول: أوصل الفعل بـ " على "، كما قيل: ضربوه في السّيف، يريد بالسّيف، وذلك أنّ هذه الحروف يوصل بها كلّها وتحذف، نحو قول العرب: نزلت زيدًا، ومررت زيدًا، يريدون: مررت به، ونزلت عليه.
وقال بعضهم: إنّما أدخل ذلك، لأنّ الفعل يؤدّي عن معناه من الأفعال، ففي قوله: {يستحبّون الحياة الدّنيا على الآخرة} ولذلك أدخلت " على " وقد بيّنت هذا ونظائره في غير موضعٍ من الكتاب، بما أغنى عن الإعادة). [جامع البيان: 13/591-592]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك - رضي الله عنه - في قوله: {يستحبون} قال: يختارون). [الدر المنثور: 8/486]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما أرسلنا من رسولٍ إلاّ بلسان قومه ليبيّن لهم، فيضلّ اللّه من يشاء، ويهدي من يشاء، وهو العزيز الحكيم}.
يقول تعالى ذكره: وما أرسلنا إلى أمّةٍ من الأمم يا محمّد من قبلك ومن قبل قومك رسولاً إلاّ بلسان الأمّة الّتي أرسلناه إليها ولغتهم، {ليبيّن لهم} يقول: ليفهمهم ما أرسله اللّه به إليهم من أمره ونهيه، ليثبت حجّة اللّه عليهم، ثمّ التّوفيق والخذلان بيد اللّه، فيخذل عن قبول ما أتاه به رسوله من عنده من شاء منهم، ويوفّق لقبوله من شاء، ولذلك رفع " فيضلّ "، لأنّه أريد به الابتداء لا العطف على ما قبله، كما قيل: {لنبيّن لكم، ونقرّ في الأرحام ما نشاء} وهو العزيز الّذي لا يمتنع ممّا أراده من ضلالٍ أو هدايةٍ من أراد ذلك به، والحكيم في توفيقه للإيمان من وفّقه له وهدايته له من هداه إليه، وفي إضلاله من أضلّ عنه، وفي غير ذلك من تدبيره.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وما أرسلنا من رسولٍ إلاّ بلسان قومه}: " أي بلغة قومه ما كانت، قال اللّه عزّ وجلّ: {ليبيّن لهم} الّذي أرسل إليهم ليتّخذ بذلك الحجّة، قال اللّه عزّ وجلّ: {فيضلّ اللّه من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم} "). [جامع البيان: 13/592-593]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو زكريّا يحيى بن محمّدٍ العنبريّ، ثنا محمّد بن عبد السّلام، ثنا إسحاق بن إبراهيم، أنبأ يزيد بن أبي حكيمٍ، ثنا الحكم بن أبان، قال: سمعت عكرمة، يقول: قال ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما: " إنّ اللّه فضّل محمّدًا صلّى الله عليه وسلّم على أهل السّماء، وفضّله على أهل الأرض. قالوا: يا ابن عبّاسٍ فبما فضّله اللّه على أهل السّماء، قال: قال اللّه عزّ وجلّ {ومن يقل منهم إنّي إلهٌ من دونه فذلك نجزيه جهنّم كذلك نجزي الظّالمين} [الأنبياء: 29] وقال لمحمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم {إنّا فتحنا لك فتحًا مبينًا ليغفر لك اللّه ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر} [الفتح: 2] الآية. قالوا: فبما فضّله اللّه على أهل الأرض؟ قال: إنّ اللّه عزّ وجلّ يقول {وما أرسلنا من رسولٍ إلّا بلسان قومه} [إبراهيم: 4] الآية وقال لمحمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم {وما أرسلناك إلّا كافّةً للنّاس بشيرًا ونذيرًا} [سبأ: 28] فأرسله إلى الجنّ والإنس «هذا حديثٌ صحيح الإسناد» فإنّ الحكم بن أبان قد احتجّ به جماعةٌ من أئمّة الإسلام ولم يخرّجه الشّيخان "). [المستدرك: 2/381]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {وما أرسلنا من رسولٍ إلّا بلسان قومه} [إبراهيم: 4].
- عن أبي ذرٍّ قال: قال رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -: " «لم يبعث اللّه نبيًّا إلّا بلغة قومه» ".
رواه أحمد، ورجاله رجال الصّحيح، إلّا أنّ مجاهدًا لم يسمع من أبي ذرٍّ). [مجمع الزوائد: 7/43]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد وأبو يعلى، وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: إن الله فضل محمدا صلى الله عليه وسلم على أهل السماء وعلى الأنبياء عليهم السلام، قيل: ما فضله على أهل السماء قال: إن الله قال لأهل السماء: (ومن يقل منهم أني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم) (سورة الأنبياء آية 29) وقال لمحمد صلى الله عليه وسلم: (ليغفر لك الله ماتقدم من ذنبك وما تأخر) (سورة الفتح آية 2) فكتب له براءة من النار قيل له: فما فضله على الأنبياء قال: إن الله تعالى يقول {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه} وقال لمحمد صلى الله عليه وسلم: (وما أرسلناك إلا كافة للناس) (سورة سبأ آية 28) فأرسله إلى الإنس والجن). [الدر المنثور: 8/487]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم يبعث الله نبيا إلا بلغة قومه). [الدر المنثور: 8/487]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كان جبريل عليه السلام يوحى إليه بالعربية وينزل هو إلى كل نبي بلسان قومه). [الدر المنثور: 8/487]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه} قال: بلغة قومه إن كان عربيا فعربيا وإن كان عجميا فعجميا وإن كان سريانيا فسريانيا ليبين لهم الذي أرسل الله إليهم ليتخذ بذلك الحجة علهم). [الدر المنثور: 8/487-488]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الخطيب في تالي التلخيص عن ابن عمر - رضي الله - عنهما {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه} قال: أرسل محمد صلى الله عليه وسلم بلسان قومه عربي). [الدر المنثور: 8/488]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - (إلا بلسان قومه) قال: نزل القرآن بلسان قريش). [الدر المنثور: 8/488]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن مجاهد - رضي الله عنه - قال: نزل القرآن بلسان قريش). [الدر المنثور: 8/488]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن سفيان الثوري - رضي الله عنه - قال: لم ينزل وحي إلا بالعربية ثم يترجم كل نبي لقومه بلسانهم، قال: لسان يوم القيامة السريانية ومن دخل الجنة تكلم بالعربية). [الدر المنثور: 8/488]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر - رضي الله عنهما - قال: لا تأكلوا ذبيحة المجوس ولا ذبيحة نصارى العرب أترونهم أهل الكتاب فإنهم ليسوا بأهل كتاب، قال الله تعالى: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم} وإنما أرسل عيسى عليه السلام بلسان قومه وأرسل محمد صلى الله عليه وسلم بلسان قومه عربي فلا لسان عيسى عليه السلام أخذوا ولا ما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم اتبعوا فلا تأكلوا ذبائحهم فإنهم ليسوا بأهل كتاب). [الدر المنثور: 8/488-489]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 9 جمادى الأولى 1434هـ/20-03-2013م, 04:24 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي

{الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1) اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2) الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (3) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4)}

تفسير قوله تعالى: {الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (قول الله عزّ وجل: {إلى صراط العزيز الحميد...}
{اللّه الّذي...}
يخفض في الإعراب ويرفع. الخفض على أن تتبعه (الحميد) والرّفع على الاستئناف لانفصاله من الآية؛ كقوله عزّ وجلّ: {إنّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنّة}
إلى آخر الآية، ثم قال {التّائبون} وفي قراءة عبد الله (التائبين) كل ذلك صواب). [معاني القرآن: 2/67]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( (ألر) ساكن لأنه جرى مجرى فواتح سائر السور اللواتي مجازهن مجاز حروف التهجي، ومجاز موضعه في المعنى كمجاز ابتداء فواتح سائر السور.
{كتابٌ أنزلناه إليك} مجازه مستأنف أو مختصر فيه ضمير كقولك: هذا كتاب أنزلناه إليك، وفي آية أخرى: {ألم * ذلك الكتاب} وفي غيرها ما قد أظهر). [مجاز القرآن: 1/335]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله عزّ وجلّ: {الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج النّاس من الظّلمات إلى النّور بإذن ربّهم إلى صراط العزيز الحميد}
(كتاب) مرفوع على خبر الابتداء، المعنى هذا كتاب أنزلناه إليك.
وقال بعضهم كتاب مرتفع بقوله (الر) و (الر) ليست هي الكتاب إنما هي شيء من الكتاب. ألا ترى قوله {الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين}.
فإنما الكتاب جملة الآيات وجملة القرآن.
وقوله: {لتخرج النّاس من الظّلمات إلى النّور بإذن ربّهم}.
{الظلمات} ما كانوا فيه من الكفر، لأن الكفر غير بين فمثل بالظلمات.
والإيمان بين نيّر فمثل بالنور، والباء متصلة بـ يخرج، المعنى ليخرج الناس بإذن ربّهم، أي بما أذن اللّه لك من تعليمهم، ويجوز أن يكون بإذن ربّهم أنه لا يهتدي مهتد إلا بإذن اللّه ومشيئته، ثم بيّن ما النور فقال:
{إلى صراط العزيز الحميد} {الحميد} خفض من صفة (العزيز) ويجوز الرفع على معنى الحميد اللّه ويرتفع {الحميد} بالابتداء وقولك " اللّه " خبر الابتداء، ويجوز أن يرفع اللّه ويخفض {الحميد} على ما وصفنا.
ويكون اسم اللّه يرتفع بالابتداء). [معاني القرآن: 3/154-153]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( قوله تبارك وتعالى: {الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم}
الظلمات الكفر والنور الإسلام على التمثيل لأن الكفر بمنزلة الظلمة، والإسلام بمنزلة النور
والباء في قوله: {بإذن ربهم} متعلقة بقوله: {لتخرج الناس} والمعنى في قوله: {بإذن ربهم} أنه لا يهتدي أحد إلا بإذن الله
ويجوز أن يكون المعنى بتعليمك إياهم
ثم بين النور فقال إلى صراط العزيز الحميد). [معاني القرآن: 3/514-513]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2)}
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن وعمرو بن عبيد وأبو عمرو {إلى صراط العزيز الحميد * الله الذي} خفض.
الأعرج {الله} يكون الرفع على الابتداء؛ على هو الله؛ وهي قراءة أهل المدينة على الرفع). [معاني القرآن لقطرب: 771]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (3)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {يستحبّون الحياة الدّنيا على الآخرة} يختارون.
{ويبغونها عوجاً} يلتمسون، ويحتالون لها عوجاً، مكسور الأول مفتوح الثاني وذلك في الدّين وغيره، وفي الأرض مما لم يكن قائماً وفي الحائط وفي الرمح وفي السّن عوج وهو مفتوح الحروف). [مجاز القرآن: 1/335]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {الّذين يستحبّون الحياة الدّنيا على الآخرة ويصدّون عن سبيل اللّه ويبغونها عوجاً أولئك في ضلالٍ بعيدٍ}
قال: {يستحبّون الحياة الدّنيا على الآخرة} فأوصل الفعل بـ"على" كما قالوا "ضربوه في السيف" يريدون "بالسيف". وذلك أن هذه الحروف يوصل بها كلها وتحذف نحو قول العرب: "نزلت زيداً" تريد "نزلت عليه"). [معاني القرآن: 2/58]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {يستحبون الحياة الدنيا}: يختارون). [غريب القرآن وتفسيره: 196]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {الّذين يستحبّون الحياة الدّنيا على الآخرة ويصدّون عن سبيل اللّه ويبغونها عوجا أولئك في ضلال بعيد}
{ويبغونها عوجا}.
أي يطلبون غير سبيل القصد وصراط الله وهو القصد، والعوج في الدين مبني على فعل، وفي العصا عوج بفتح العين.
ونصب (عوجا) على الحال مصدر موضوع في موضع الحال). [معاني القرآن: 3/154]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ومعنى قوله تعالى: {ويبغونها عوجا}
ويطلبون غير القصد). [معاني القرآن: 3/514]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَسْتَحِبُّونَ}: يختارون). [العمدة في غريب القرآن: 169]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وما أرسلنا من رّسولٍ إلاّ بلسان قومه ليبيّن لهم...}
يقول: ليفهمهم وتلزمهم الحجّة. ثم قال عز وجل: {فيضلّ اللّه من يشاء} فرفع لأنّ النيّة فيه الاستئناف لا العطف على ما قبله. ومثله {لنبيّن لكم ونقرّ في الأرحام ما نشاء}
ومثله في براءة {قاتلوهم يعذّبهم الله بأيدكم} ثم قال {ويتوب الله على من يشاء} فإذا رأيت الفعل منصوباً وبعده فعل قد نسق عليه بواو أو فاء أو ثمّ أو أو فإن كان يشاكل معنى الفعل الذي قبله نسقته عليه. وإن رأيته غير مشاكل لمعناه استأنفته فرفعته.
فمن المنقطع ما أخبرتك به. ومنه قول الله عز وجل: {والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الّذين يتّبعون الشّهوات} رفعت {ويريد الذين} لأنها لا تشاكل {أن يتوب} ألا ترى أن ضمّك إيّاهما لا يجوز، فاستأنفت أو رددته على قوله: {والله يريد} ومثله {يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلاّ أن يتمّ نوره} فيأبى في موضع رفع لا يجوز إلا ذلك.
ومثله قوله:
والشعر لا يسطيعه من يظلمه = يريد أن يعربه فيعجمه
وكذلك تقول: آتيك أن تأتيني وأكرمك فتردّ (أكرمك) على الفعل الأول لأنه مشاكل له وتقول آتيك أن تأتيني وتحسن إليّ فتجعل (وتحسن) مردوداً على ما شاكلها ويقاس على هذا). [معاني القرآن: 2/68-67]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قوله عز وجل {من رسول إلا بلسان قومه} وقيس تقول: بلسن قومه؛ وهو الكلام). [معاني القرآن لقطرب: 779]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {وما أرسلنا من رسول إلّا بلسان قومه ليبيّن لهم فيضلّ اللّه من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم}
أي بلغة قومه ليعقل عنه قومه، {فيضل اللّه من يشاء}، الرفع هو الوجه وهو الكلام وعليه القراءة، والمعنى إنما وقع الإرسال للبيان لا للإضلال.
ويجوز النصب على وجه بعيد، فيكون {ليبيّن لهم فيضلّ اللّه من يشاء ويهدي}، ويكون سبب الإضلال الصيرورة إليه كما قال: {فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوّا وحزنا}،
أي التقطوه فآل ذلك إلى أن صار لهم عدوا وحزنا، ولم يلتقطوه هم ليكون لهم عدوا وحزنا، وكذلك يكون: (فيضلّ اللّه من يشاء)، أي فيؤول الأمر إلى أن يضلوا فيضلهم اللّه.
والقول الأول هو القول وعليه القراءة). [معاني القرآن: 3/154]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه}
أي بلغة قومه ليبين لهم أي ليفهمهم لتقوم عليهم الحجة). [معاني القرآن: 3/515-514]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {إلا بلسان قومه} أي: بلغة قومه). [ياقوتة الصراط: 285]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11 جمادى الأولى 1434هـ/22-03-2013م, 10:26 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: (الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1) )


تفسير قوله تعالى: {اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2) }

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (3) }

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 13 ذو القعدة 1439هـ/25-07-2018م, 11:08 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 13 ذو القعدة 1439هـ/25-07-2018م, 11:08 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 13 ذو القعدة 1439هـ/25-07-2018م, 11:12 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وويل للكافرين من عذاب شديد الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا أولئك في ضلال بعيد}
تقدم القول في الحروف المقطعة في أوائل السور، و"كتاب" رفع على خبر ابتداء مضمر، تقديره: هذا كتاب، وهذا على أكثر الأقوال في الحروف المقطعة، وأما من قال فيها: "إنها كناية عن حروف المعجم"، فـ "كتاب" مرفوع بقوله: "الر"، أي: هذه الحروف كتاب أنزلناه إليك. وقوله: "أنزلناه" في موضع الصفة لـ "الكتاب"، قال القاضي ابن الطيب، وأبو المعالي، وغيرهما: إن الإنزال لم يتعلق بالكلام القديم الذي هو صفة الذات، لكن بالمعاني التي أفهمها الله تعالى جبريل عليه السلام من الكلام.
[المحرر الوجيز: 5/218]
وقوله تعالى: "لتخرج" أسند الإخراج إلى النبي صلى الله عليه وسلم من حيث له فيه المشاركة بالدعاء والإنذار، وحقيقته إنما هي لله تعالى بالاختراع والهداية، وفي هذه اللفظة تشريف للنبي صلى الله عليه وسلم، وعم "الناس" إذ هو مبعوث إلى جميع الخلق، ثبت ذلك بآيات القرآن التي اقترن بها ما نقل تواترا من دعوته عليه الصلاة والسلام العالم كله، ومن بعثته إلى الأحمر والأسود، علم ذلك الصحابة مشاهدة، ونقل عنهم تواترا، فعلم قطعا والحمد لله. واستعير الظلمات للكفر والنور للإيمان تشبيها، وقوله: {بإذن ربهم} أي بعلمه وقضائه به وتمكينه لهم. و"إلى" في قوله: {إلى صراط} بدل من الأول في قوله: {إلى النور}، أي إلى المحجة المؤدية إلى طاعة الله والإيمان به ورحمته، فأضافها إلى الله بهذه المتعلقات، والعزيز الحميد صفتان لائقتان بهذا الموضع، فالعزة من حيث الإنزال للكتب، وما في ضمن ذلك من القدرة، واستيجاب الحمد من جهة بث هذه النعم على العالم في نصب هدايتهم). [المحرر الوجيز: 5/219]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ نافع، وابن عامر: "الله الذي" برفع اسم الله على القطع والابتداء، وخبره "الذي"، ويصح رفعه على تقدير: "هو الله الذي"، وقرأ الباقون بكسر الهاء على البدل من قوله: {العزيز الحميد}، وروى الأصمعي وحده هذه القراءة عن نافع، وعبر بعض الناس عن هذا بأن قال: التقدير: "إلى صراط الله العزيز الحميد"، ثم قدم الصفات وأبدل منها الموصوف.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وإذا كانت هكذا فليست بعد بصفات على طريقة صناعة النحو، وإن كانت بالمعنى صفاته ذكر معها أو لم يذكر.
[المحرر الوجيز: 5/219]
وقوله: "وويل" معناه: وشدة وبلاء ونحوه، أي يلقونه من عذاب شديد ينالهم الله به يوم القيامة، ويحتمل أن يريد: في الدنيا، هذا معنى قوله: "وويل"، وقال بعض: "ويل" اسم واد في جهنم يسيل من صديد أهل النار.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا خبر يحتاج إلى سند يقطع العذر، ثم لو كان هذا لقلق تأويل هذه الآية لقوله: {من عذاب}، وإنما يحسن تأوله في قوله: {ويل للمطففين} وما أشبهه، وأما هنا فإنما يحسن في "ويل" أن يكون مصدرا، ورفعه على نحو رفعهم "سلام عليك" وشبهه). [المحرر الوجيز: 5/220]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (3)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"الذين" بدل من "الكافرين"، وقوله: "يستحبون" من صفة الكافرين الذين توعدهم قبل، والمعنى: يؤثرون دنياهم وكفرهم وترك الإذعان للشرع على رحمة الله تعالى وسكنى جنته. وقوله: "يصدون" يحتمل أن يتعدى وأن يقف، والمعنى على كلا الوجهين مستقل، تقول: "صد زيد" و"صد غيره"، ومن تعديته قول الشاعر:
صددت الكأس عنا أم عمرو ... وكان الكأس مجراها اليمينا
و سبيل الله طريقة هداه وشرعه الذي جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم.
وقوله: {ويبغونها عوجا} يحتمل ثلاثة أوجه من التأويل: أظهرها أن يريد: ويطلبونها في حالة عوج منهم. ولا يراعى إن كانوا بزعمهم على طريق نظر وبسبيل
[المحرر الوجيز: 5/220]
اجتهاد واتباع الأحسن، فقد وصف الله تعالى حالهم تلك بالعوج، وكأنه قال: ويصدون عن سبيل الله التي هي بالحقيقة نبيلة، ويطلبونها على عوج في النظر.
والتأويل الثاني أن يكون المعنى: ويطلبن لها عوجا يظهر فيها، أي: يسعون على الشريعة بأقوالهم وأفعالهم، فـ "عوجا" مفعول.
والتأويل الثالث أن تكون اللفظة من البغي على معنى: ويبغون عليها أو فيها عوجا، ثم حذف الجار، وفي هذا بعض القلق.
وقال كثير من أهل اللغة: العوج -بكسر العين- في الدين والأمور، وبالجملة في المعاني، والعوج -بفتح العين في الأجرام.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ويعترض هذا القانون بقوله تعالى: {فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا}، وقد تتداخل اللفظة مع الأخرى، ووصف الضلال بالبعد عبارة عن تعمقهم فيه وصعوبة خروجهم منه). [المحرر الوجيز: 5/221]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور}
هذه الآية رد وطعن على المستغربين أمر محمد صلى الله عليه وسلم، أي: لست يا محمد ببدع من الرسل، وإنما أرسلناك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور على عادتنا في رسلنا في أن نبعثهم بألسنة أممهم ليقع التكلم بالبيان والعبارة المتمكنة، ثم يكون تباين الناس من غير أهل اللسان عيالا في التبيين على أهل اللسان الذي يكون للنبي عليه الصلاة والسلام، وجعل الله العلة في إرسال الرسل بألسنة قومهم طلب البيان، ثم قطع
[المحرر الوجيز: 5/221]
قوله: "فيضل"، أي إن النبي عليه الصلاة والسلام إنما غايته أن يبلغ ويبين، وليس فيما كلف أن يهدي ويضل، ذلك بيد الله ينفذ فيه سابق قضائه، وله في ذلك العزة التي لا تعارض، والحكمة التي لا تعلل، لا رب غيره.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
فإن اعترض أعجمي بأن يقول: من أين يبين هذا الرسول لي الشريعة وأنا لا أفهمه؟ قيل له: أهل المعرفة باللسان يعبرون لك، وفي ذلك كفايتك، وإن قال: ومن أين تتبين لي المعجزة وأفهم الإعجاز وأنا لا أفهم اللغة؟ قيل له: الحجة عليك إذعان أهل الفصاحة والذين كانوا يظن بهم أنهم قادرون على المعارضة، وبإذعانهم قامت الحجة على البشر، كما قامت الحجة في معجزة موسى بإذعان السحرة، وفي معجزة عيسى بإذعان الأطباء.
و "اللسان" -في هذه الآية- يراد به اللغة، وقرأ أبو السمال: "بلسن قومه" بسكون السين دون ألف، كريش ورياش، ونقول: لسن ولسان في "اللغة"، فأما العضو فلا يقال فيه: لسن بسكون السين). [المحرر الوجيز: 5/222]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 27 ذو القعدة 1439هـ/8-08-2018م, 08:25 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 27 ذو القعدة 1439هـ/8-08-2018م, 08:27 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1) اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2) الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (3)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({الر كتابٌ أنزلناه إليك لتخرج النّاس من الظّلمات إلى النّور بإذن ربّهم إلى صراط العزيز الحميد (1) اللّه الّذي له ما في السّماوات وما في الأرض وويلٌ للكافرين من عذابٍ شديدٍ (2) الّذين يستحبّون الحياة الدّنيا على الآخرة ويصدّون عن سبيل اللّه ويبغونها عوجًا أولئك في ضلالٍ بعيدٍ (3)}
قد تقدّم الكلام على الحروف المقطّعة في أوائل السّور.
{كتابٌ أنزلناه إليك} أي: هذا كتابٌ أنزلناه إليك يا محمّد، وهو القرآن العظيم، الّذي هو أشرف كتابٍ أنزله اللّه من السّماء، على أشرف رسولٍ بعثه اللّه في الأرض، إلى جميع أهلها عربهم وعجمهم.
{لتخرج النّاس من الظّلمات إلى النّور} أي: إنّما بعثناك يا محمّد بهذا الكتاب؛ لتخرج النّاس ممّا هم فيه من الضّلال والغيّ إلى الهدى والرّشد، كما قال: {اللّه وليّ الّذين آمنوا يخرجهم من الظّلمات إلى النّور والّذين كفروا أولياؤهم الطّاغوت يخرجونهم من النّور إلى الظّلمات} الآية [البقرة: 257]، وقال تعالى: {هو الّذي ينزل على عبده آياتٍ بيّناتٍ ليخرجكم من الظّلمات إلى النّور} [الحديد: 9].
وقوله: {بإذن ربّهم} أي: هو الهادي لمن قدر له الهداية على يدي رسوله المبعوث عن أمره يهديهم {إلى صراط العزيز} أي: العزيز الّذي لا يمانع ولا يغالب، بل هو القاهر لكلّ ما سواه، "الحميد" أي: المحمود في جميع أفعاله وأقواله، وشرعه وأمره ونهيه، الصّادق في خبره.
وقوله: {اللّه الّذي له ما في السّماوات وما في الأرض} قرأه بعضهم مستأنفًا مرفوعًا، وقرأه آخرون على الإتباع صفةً للجلالة، كما قال تعالى: {قل يا أيّها النّاس إنّي رسول اللّه إليكم جميعًا الّذي له ملك السّماوات والأرض} [الأعراف: 158].
وقوله: {وويلٌ للكافرين من عذابٍ شديدٍ} أي: ويلٌ لهم يوم القيامة إذ خالفوك يا محمّد وكذّبوك.
ثمّ وصفهم بأنّهم يستحبّون الحياة الدّنيا على الآخرة، أي: يقدّمونها ويؤثرونها عليها، ويعملون للدّنيا ونسوا الآخرة، وتركوها وراء ظهورهم، {ويصدّون عن سبيل اللّه} وهي اتّباع الرّسل {ويبغونها عوجًا} أي: ويحبّون أن تكون سبيل اللّه عوجًا مائلةً عائلةً وهي مستقيمةٌ في نفسها، لا يضرّها من خالفها ولا من خذلها، فهم في ابتغائهم ذلك في جهلٍ وضلالٍ بعيدٍ من الحقّ، لا يرجى لهم -والحالة هذه -صلاحٌ).[تفسير القرآن العظيم: 4/ 476-477]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وما أرسلنا من رسولٍ إلّا بلسان قومه ليبيّن لهم فيضلّ اللّه من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم (4)}
هذا من لطفه تعالى بخلقه: أنّه يرسل إليهم رسلًا منهم بلغاتهم ليفهموا عنهم ما يريدون وما أرسلوا به إليهم، كما قال الإمام أحمد:
حدّثنا وكيعٌ، عن عمر بن ذرٍ قال: قال مجاهدٌ: عن أبي ذرٍّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لم يبعث اللّه، عزّ وجلّ، نبيًّا إلّا بلغة قومه".
وقوله: {فيضلّ اللّه من يشاء ويهدي من يشاء} أي: بعد البيان وإقامة الحجّة عليهم يضلّ تعالى من يشاء عن وجه الهدى، ويهدي من يشاء إلى الحقّ، {وهو العزيز} الّذي ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، {الحكيم} في أفعاله، فيضلّ من يستحقّ الإضلال، ويهدي من هو أهلٌ لذلك.
وقد كانت هذه سنّة اللّه في خلقه: أنّه ما بعث نبيًّا في أمّةٍ إلّا أن يكون بلغتهم، فاختصّ كلّ نبيٍّ بإبلاغ رسالته إلى أمّته دون غيرهم، واختصّ محمّد بن عبد اللّه رسول اللّه بعموم الرّسالة إلى سائر النّاس، كما ثبت في الصّحيحين عن جابرٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أعطيت خمسًا لم يعطهن أحدٌ من الأنبياء قبلي: نصرت بالرّعب مسيرة شهرٍ، وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، وأحلّت لي الغنائم ولم تحلّ لأحدٍ قبلي، وأعطيت الشّفاعة، وكان النّبيّ يبعث إلى قومه، وبعثت إلى النّاس عامّةً".
وله شواهد من وجوهٍ كثيرةٍ، وقال تعالى: {قل يا أيّها النّاس إنّي رسول اللّه إليكم جميعًا} [الأعراف: 158]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 477]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:47 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة