العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الزمر

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 جمادى الأولى 1434هـ/23-03-2013م, 10:22 PM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي تفسير سورة الزمر الآيات من [5-7]

ســورة الزمــــــر


خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (5)خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (6) إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7)


  #2  
قديم 16 جمادى الأولى 1434هـ/27-03-2013م, 09:34 AM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي جمهرة تفاسير السلف


جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (5) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل قال هو غشيان أحدهما على الآخر وقال هو نقصان أحدهما من الآخر). [تفسير عبد الرزاق: 2/171]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {خلق السّموات والأرض بالحقّ يكوّر اللّيل على النّهار ويكوّر النّهار على اللّيل وسخّر الشّمس والقمر كلٌّ يجري لأجلٍ مسمًّى ألا هو العزيز الغفّار}.
يقول تعالى ذكره واصفًا نفسه بصفتها: {خلق السّموات والأرض بالحقّ يكوّر اللّيل على النّهار ويكوّر النّهار على اللّيل} يقول: يغشي هذا على هذا، وهذا على هذا، كما قال {يولج اللّيل في النّهار ويولج النّهار في اللّيل}.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {يكوّر اللّيل على النّهار ويكوّر النّهار على اللّيل} يقول: يحمل اللّيل على النّهار.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {يكوّر اللّيل على النّهار} قال: يدهوره.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {يكوّر اللّيل على النّهار ويكوّر النّهار على اللّيل} قال: يغشي هذا هذا، ويغشي هذا هذا.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: {يكوّر اللّيل على النّهار ويكوّر النّهار على اللّيل} قال: يجيء بالنّهار ويذهب باللّيل، ويجيء باللّيل، ويذهب بالنّهار.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {يكوّر اللّيل على النّهار ويكوّر النّهار على اللّيل} حين يذهب باللّيل ويكوّر النّهار عليه، ويذهب بالنّهار ويكوّر اللّيل عليه.
وقوله: {وسخّر الشّمس والقمر} يقول تعالى ذكره: وسخّر الشّمس والقمر لعباده، ليعلموا بذلك عدد السّنين والحساب، ويعرفوا اللّيل من النّهار لمصلحة معاشهم {كلٌّ يجري لأجلٍ مسمًّى} يقول: {كلّ} ذلك يعني: الشّمس والقمر {يجري لأجلٍ مسمًّى} يعني إلى قيام السّاعة، وذلك إلى أن تكوّر الشّمس، وتنكدر النّجوم.
وقيل: معنى ذلك: أنّ لكلّ واحدٍ منهما منازل، لا تعدوه ولا تقصر دونه {ألا هو العزيز الغفّار} يقول تعالى ذكره: ألا إنّ اللّه الّذي فعل هذه الأفعال وأنعم على خلقه هذه النّعم هو العزيز في انتقامه ممّن عاداه، الغفّار لذنوب عباده التّائبين إليه منها بعفوه لهم عنها). [جامع البيان: 20/159-161]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل قال يقول يدهور الليل على النهار ويدهور النهار على الليل). [تفسير مجاهد: 555]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 5
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يكور الليل على النهار} قال: يحمل الليل). [الدر المنثور: 12/633-634]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه {يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل} قال: هو غشيان أحدهما على الآخر). [الدر المنثور: 12/634]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله {يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل} قال: يغشي هذا هذا وهذا هذا). [الدر المنثور: 12/634]

تفسير قوله تعالى: (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (6) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى ثمانية أزواج قال من الضأن اثنين ومن المعز اثنين ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين). [تفسير عبد الرزاق: 2/171]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى ظلمات ثلاث قال ظلمة المشيمة وظلمة الرحم وظلمة البطن). [تفسير عبد الرزاق: 2/171]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن سماك بن حربٍ عن عكرمة في قول اللّه: {خلقًا من بعد خلق} قال: نطفةٌ ثمّ علقةٌ ثمّ مضغة {في ظلمات ثلاث} قال: المشيمة والرحم والبطن [الآية: 6]). [تفسير الثوري: 262]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول اللّه عزّ وجلّ: {ظلماتٍ ثلاثٍ} قال: البطن والرّحم والمشيمة). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 90]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {خلقكم من نفسٍ واحدةٍ ثمّ جعل منها زوجها وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواجٍ يخلقكم في بطون أمّهاتكم خلقًا من بعد خلقٍ في ظلماتٍ ثلاثٍ ذلكم اللّه ربّكم له الملك لا إله إلاّ هو فأنّى تصرفون}.
يقول تعالى ذكره: {خلقكم} أيّها النّاس {من نفسٍ واحدةٍ} يعني من آدم {ثمّ جعل منها زوجها} يقول: ثمّ جعل من آدم زوجه حوّاء، وذلك أنّ اللّه خلقها من ضلعٍ من أضلاعه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {خلقكم من نفسٍ واحدةٍ} يعني آدم، ثمّ خلق منها زوجها حوّاء، خلقها من ضلعٍ من أضلاعه.
فإن قال قائلٌ: وكيف؟ قيل: خلقكم من نفسٍ واحدةٍ ثمّ جعل منها زوجها؟ وإنّما خلق ولد آدم من آدم وزوجته، ولا شكّ أنّ الوالدين قبل الولد؟
فإنّ في ذلك أقوالاً: أحدها: أن يقال: قيل ذلك لأنّه روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّ اللّه لمّا خلق آدم مسح ظهره، فأخرج كلّ نسمةٍ هي كائنةٌ إلى يوم القيامة، ثمّ أسكنه بعد ذلك الجنّة، وخلق بعد ذلك حوّاء من ضلعٍ من أضلاعه، فهذا قولٌ والآخر: أنّ العرب ربّما أخبر الرّجل منهم عن رجلٍ بفعلين، فيردّ الأوّل منهما في المعنى بثمّ، إذا كان من خبر المتكلّم، كما يقال: قد بلغني ما كان منك اليوم، ثمّ ما كان منك أمس أعجب، فذلك نسقٌ من خبر المتكلّم والوجه الآخر: أن يكون خلقه الزّوج مردودًا على {واحدةٍ}، كأنّه قيل: خلقكم من نفسٍ وحدها ثمّ جعل منها زوجها، فيكون في {واحدةٍ} معنى: خلقها وحدها، كما قال الرّاجز:
أعددته للخصم ذي التّعدّي = كوّحته منك بدون الجهد
بمعنى: الّذي إذا تعدّى كوّحته، ومعنى: كوّحته: غلبته.
والقول الّذي يقوله أهل العلم أولى بالصّواب، وهو القول الأوّل الّذي ذكرت أنّه يقال: إنّ اللّه أخرج ذرّيّة آدم من صلبه قبل أن يخلق حوّاء، وبذلك جاءت الرّواية عن جماعةٍ من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، والقولان الآخران على مذاهب أهل العربيّة.
وقوله: {وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواجٍ} يقول تعالى ذكره: وجعل لكم من الأنعام ثمانية أزواجٍ من الإبل زوجينٍ، ومن البقر زوجينٍ، ومن الضّأن اثنين، ومن المعز اثنين، كما قال جلّ ثناؤه: {ثمانية أزواجٍ من الضّأن اثنين ومن المعز اثنين}.
- كما حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال، حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {من الأنعام ثمانية أزواجٍ} قال: من الإبل والبقر والضّأن والمعز.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواجٍ} من الإبل اثنين، ومن البقر اثنين، ومن الضّأن اثنين، ومن المعز اثنين، من كلّ واحدٍ زوجٌ.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواجٍ} يعني من المعز اثنين، ومن الضّأن اثنين، ومن البقر اثنين، ومن الإبل اثنين.
وقوله: {يخلقكم في بطون أمّهاتكم خلقًا من بعد خلقٍ} يقول تعالى ذكره: يبتدئ خلقكم أيّها النّاس في بطون أمّهاتكم خلقًا من بعد خلقٍ، وذلك أنّه يحدث فيها نطفةً، ثمّ يجعلها علقةً، ثمّ مضغةً، ثمّ عظامًا، ثمّ يكسو العظام لحمًا، ثمّ ينشئه خلقًا آخر، تبارك اللّه وتعالى، فذلك خلقه إيّاه خلقًا بعد خلقٍ.
- كما حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن سماكٍ، عن عكرمة، {يخلقكم في بطون أمّهاتكم خلقًا من بعد خلقٍ} قال: نطفةً، ثمّ علقةً، ثمّ مضغةً.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {خلقًا من بعد خلقٍ} قال: نطفةً، ثمّ ما يتبعها حتّى تمّ خلقه.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {يخلقكم في بطون أمّهاتكم خلقًا من بعد خلقٍ} نطفةً، ثمّ علقةً، ثمّ مضغةً، ثمّ عظامًا، ثمّ لحمًا، ثمّ أنبت الشّعر، أطوار الخلق.
- حدّثنا هنّاد بن السّريّ، قال: حدّثنا أبو الأحوص، عن سماكٍ، عن عكرمة، في قوله: {يخلقكم في بطون أمّهاتكم خلقًا من بعد خلقٍ} قال: يعني بخلقٍ بعد الخلق، علقةً، ثمّ مضغةً، ثمّ عظامًا.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في قوله: {يخلقكم في بطون أمّهاتكم خلقًا من بعد خلقٍ} قال: يكونون نطفًا، ثمّ يكونون علقًا، ثمّ يكونون مضغًا، ثمّ يكونون عظامًا، ثمّ ينفخ فيهم الرّوح.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {في بطون أمّهاتكم خلقًا من بعد خلقٍ} خلق نطفةً، ثمّ علقةً، ثمّ مضغةً.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: يخلقكم في بطون أمّهاتكم من بعد خلقه إيّاكم في ظهر آدم، قالوا: فذلك هو الخلق من بعد الخلق.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ {يخلقكم في بطون أمّهاتكم خلقًا من بعد خلقٍ} قال: خلقًا في البطون من بعد الخلق الأوّل الّذي خلقكم في ظهر آدم.
وأولى القولين في ذلك بالصّواب، القول الّذي قاله عكرمة ومجاهدٌ، ومن قال في ذلك مثل قولهما، لأنّ اللّه جلّ وعزّ أخبر أنّه يخلقنا خلقًا من بعد خلقٍ في بطون أمّهاتنا في ظلماتٍ ثلاثٍ، ولم يخبر أنّه يخلقنا في بطون أمّهاتنا من بعد خلقنا في ظهر آدم، وذلك نحو قوله: {ولقد خلقنا الإنسان من سلالةٍ من طينٍ ثمّ جعلناه نطفةً في قرارٍ مكينٍ ثمّ خلقنا النّطفة علقةً} الآية
وقوله: {في ظلماتٍ ثلاثٍ} يعني: في ظلمة البطن، وظلمة الرّحم، وظلمة المشيمة.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا هنّاد بن السّريّ، قال: حدّثنا أبو الأحوص، عن سماكٍ، عن عكرمة، {في ظلماتٍ ثلاثٍ} قال: الظّلمات الثّلاث: البطن، والرّحم، والمشيمة.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن سماكٍ، عن عكرمة {في ظلماتٍ ثلاثٍ} قال: البطن، والمشيمة، والرّحم.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، {في ظلماتٍ ثلاثٍ} قال: يعني بالظّلمات الثّلاث: بطن أمّه، والرّحم، والمشيمة.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {في ظلماتٍ ثلاثٍ} قال: البطن، والرّحم، والمشيمة.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {في ظلماتٍ ثلاثٍ} المشيمة، والرّحم، والبطن.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {في ظلماتٍ ثلاثٍ} قال: ظلمة المشيمة، وظلمة الرّحم، وظلمة البطن.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {في ظلماتٍ ثلاثٍ} قال: المشيمة في الرّحم، والرّحم في البطن.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول، في قوله: {في ظلماتٍ ثلاثٍ}: الرّحم، والمشيمة، والبطن.
والمشيمة: الّتي تكون على الولد إذا خرج، وهي من الدّوابّ: السّلا.
وقوله: {ذلكم اللّه ربّكم} يقول تعالى ذكره: هذا الّذي فعل هذه الأفعال أيّها النّاس هو ربّكم، لا من لا يجلب لنفسه نفعًا، ولا يدفع عنها ضرًّا، ولا يسوق إليكم خيرًا، ولا يدفع عنكم سوءًا من أوثانكم وآلهتكم.
وقوله: {له الملك} يقول جلّ وعزّ: لربّكم أيّها النّاس الّذي صفته ما وصف لكم، وقدرته ما بيّن لكم الملك، ملك الدّنيا والآخرة وسلطانهما لا لغيره؛ فأمّا ملوك الدّنيا فإنّما يملك أحدهما شيئًا دون شيءٍ، فإنّما له خاصٌّ من الملك وأمّا الملك التّامّ الّذي هو الملك بالإطلاق فللّه الواحد القهّار.
وقوله: {لا إله إلاّ هو فأنّى تصرفون} يقول تعالى ذكره: لا ينبغي أن يكون معبودٌ سواه، ولا تصلح العبادة إلاّ له {فأنّى تصرفون} يقول تعالى ذكره: فأنّى تصرفون أيّها النّاس فتذهبون عن عبادة ربّكم، الّذي هذه الصّفة صفته، إلى عبادة من لا ضرّ عنده لكم ولا نفع.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {فأنّى تصرفون} قال: كقوله: {تؤفكون}.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {فأنّى تصرفون} قال للمشركين: أنّى تصرف عقولكم عن هذا؟). [جامع البيان: 20/161-168]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج يعني من الإبل والبقر والغنم والضأن والمعز). [تفسير مجاهد: 555]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله خلقا من بعد خلق قال نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما حتى يتم خلقه). [تفسير مجاهد: 556]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله في ظلمات ثلاث قال ظلمة البطن والرحم والمشيمة). [تفسير مجاهد: 556]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (آية 6.
أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {خلقكم من نفس واحدة} يعني آدم {وخلق منها زوجها} خلقها من ضلع من أضلاعه و{وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق} قال: نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما ثم لحما ثم أنبت الشعر أطوارا {في ظلمات ثلاث} قال: البطن والرحم والمشيمة {فأنى تصرفون} قال: كقوله (فأنى تؤفكون) (الزخرف 87) ). [الدر المنثور: 12/634-635]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج} من الإبل والبقر والضان والمعز، وفي قوله {من بعد خلق} قال: نطفة ثم ما يتبعها حتى يتم خلقه {في ظلمات ثلاث} قال: البطن والرحم والمشيمة). [الدر المنثور: 12/635]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {خلقا من بعد خلق} قال: علقة ثم مضغة ثم عظاما {في ظلمات ثلاث} قال: ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة). [الدر المنثور: 12/635]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك رضي الله عنه في ظلمات ثلاث قال البطن والرحم والمشيمة). [الدر المنثور: 12/635-636]

تفسير قوله تعالى: (إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إن تكفروا فإنّ اللّه غنيٌّ عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم ولا تزر وازرةٌ وزر أخرى ثمّ إلى ربّكم مّرجعكم فينبّئكم بما كنتم تعملون إنّه عليمٌ بذات الصّدور}.
اختلف أهل التّأويل في تأويل قوله: {إن تكفروا فإنّ اللّه غنيٌّ عنكم ولا يرضى لعباده الكفر} فقال بعضهم: ذلك لخاصٍّ من النّاس، ومعناه: إنّ تكفروا أيّها المشركون باللّه، فإنّ اللّه غنيٌّ عنكم، ولا يرضى لعباده المؤمنين الّذين أخلصهم لعبادته وطاعته الكفر.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {إنّ تكفروا فإنّ اللّه غنيٌّ عنكم ولا يرضى لعباده الكفر} يعني الكفّار الّذين لم يرد اللّه أن يطهّر قلوبهم، فيقولوا: لا إله إلاّ اللّه، ثمّ قال: {ولا يرضى لعباده الكفر} وهم عباده المخلصون الّذين قال فيهم: {إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطانٌ} فألزمهم شهادة أنّ لا إله إلاّ اللّه وحبّبها إليهم.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {ولا يرضى لعباده الكفر} قال: لا يرضى لعباده المؤمنين أن يكفروا.
وقال آخرون: بل ذلك عامٌ لجميع النّاس، ومعناه: أيّها النّاس إن تكفروا، فإنّ اللّه غنيٌّ عنكم، ولا يرضى لكم أن تكفروا به.
والصّواب من القول في ذلك ما قال اللّه جلّ وعزّ: إن تكفروا باللّه أيّها الكفّار به، فإنّ اللّه غنيٌّ عن إيمانكم وعبادتكم إيّاه، ولا يرضى لعباده الكفر، بمعنى: ولا يرضى لعباده أن يكفروا به، كما يقال: لست أحبّ الظّلم، وإن أحببت أن يظلم فلانٌ فلانًا فيعاقب.
وقوله: {وإن تشكروا يرضه لكم} يقول: وإن تؤمنوا بربّكم وتطيعوه يرض شكركم له، وذلك هو إيمانهم به وطاعتهم إيّاه، فكنى عن الشّكر ولم يذكر، وإنّما ذكر الفعل الدّالّ عليه، وذلك نظير قوله: {الّذين قال لهم النّاس إنّ النّاس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانًا} بمعنى: فزادهم قول النّاس لهم ذلك إيمانًا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {وإن تشكروا يرضه لكم} قال: إن تطيعوا يرضه لكم.
وقوله: {ولا تزر وازرةٌ وزر أخرى} يقول: لا تأثم آثمةٌ إثم آثمةٍ أخرى غيرها، ولا تؤاخذ إلاّ بإثم نفسها، يعلم عزّ وجلّ عباده أنّ على كلّ نفسٍ ما جنت، وأنّها لا تؤاخذ بذنب غيرها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {ولا تزر وازرةٌ وزر أخرى} قال: لا يؤخذ أحدٌ بذنب أحدٍ.
وقوله: {ثمّ إلى ربّكم مرجعكم فينبّئكم بما كنتم تعملون} يقول تعالى ذكره: ثمّ بعد اجتراحكم في الدّنيا ما اجترحتم من صالحٍ وسيّئٍ، وإيمانٍ وكفرٍ أيّها النّاس، إلى ربّكم مصيركم من بعد وفاتكم، {فينبّئكم} يقول: فيخبركم بما كنتم في الدّنيا تعملونه من خيرٍ وشرٍّ، فيجازيكم على كلّ ذلك جزاءكم، المحسن منكم بإحسانه، والمسيء بما يستحقّه؛ يقول عزّ وجلّ لعباده: فاتّقوا أن تلقوا ربّكم وقد عملتم في الدّنيا بما لا يرضاه منكم فتهلكوا، فإنّه لا يخفى عليه عمل عاملٍ منكم.
وقوله: {إنّه عليمٌ بذات الصّدور} يقول تعالى ذكره: إنّ اللّه لا يخفى عليه ما أضمرته صدوركم أيّها النّاس ممّا لا تدركه أعينكم، فكيف بما أدركته العيون ورأته الأبصار وإنّما يعني جلّ وعزّ بذلك الخبر عن أنّه لا يخفى عليه شيءٌ، وأنّه محصٍ على عباده أعمالهم، ليجازيهم بها كي يتّقوه في سرّ أمورهم وعلانيتها). [جامع البيان: 20/168-170]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 7
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما {إن تكفروا فإن الله غني عنكم} يعني الكفار الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم فيقولون لا إله إلا الله، ثم قال {ولا يرضى لعباده الكفر} وهم عباده المخلصون الذين قال (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان) (الحجر 42) فألزمهم شهادة أن لا إله إلا الله وحببها إليهم). [الدر المنثور: 12/636]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه {ولا يرضى لعباده الكفر} قال: لا يرضى لعباده المسلمين الكفر). [الدر المنثور: 12/636]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه قال: والله ما رضي الله لعبده ضلالة ولا أمره بها ولا دعا إليها ولكن رضي لكم طاعته وأمركم بها ونهاكم عن معصيته). [الدر المنثور: 12/636]


  #3  
قديم 16 جمادى الأولى 1434هـ/27-03-2013م, 09:36 AM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي

التفسير اللغوي



تفسير قوله تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (5)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ يكوّر اللّيل على النّهار }: يدخل، مجازها: يولج). [مجاز القرآن: 2/188]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({يكور الليل على النهار}: مثل يولج).[غريب القرآن وتفسيره: 325]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({يكوّر اللّيل على النّهار}
قال أبو عبيدة: يدخل هذا على هذا, وأصل التكوير اللف والجمع, ومنه : كور العمامة, ومنه قوله:
{إذا الشّمس كوّرت} :أي: جمعت , ولفت.). [تفسير غريب القرآن: 382]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل}
قال قتادة: (أي: يلقي هذا على هذا , وهذا على هذا).
قال أبو جعفر : أصل التكوير في اللغة اللف , والجمع , ومنه : كور العمامة , ومنه
إذا الشمس كورت). [معاني القرآن: 6/151-152]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل}: أي: يدخل هذا في هذا، وهذا في هذا). [ياقوتة الصراط: 443]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ}: أي: يدخل هذا على هذا , وأصله اللف والجمع, ومنه: {إذا الشمس كورت}: أي: لفت كالعمامة.).[تفسير المشكل من غريب القرآن: 213]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({يُكَوِّرُ}: يدخل.). [العمدة في غريب القرآن: 261]

تفسير قوله تعالى: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (6) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {خلقكم مّن نّفسٍ واحدةٍ ثمّ جعل منها زوجها...}
يقول القائل: كيف قال:
{خلقكم} لبني آدم, ثم قال: {ثمّ جعل منها زوجها}والزوج مخلوق قبل الولد؟
ففي ذلك وجهان من العربيّة:
أحدهما: أن العرب إذا أخبرت عن رجل بفعلين ردّوا الآخر بثمّ , إذا كان هو الآخر في المعنى, وربّما جعلوا (ثمّ) فيما معناه التقديم , ويجعلون (ثم) من خبر المتكلّم, من ذلك أن تقول: قد بلغني ما صنعت يومك هذا، ثمّ ما صنعت أمس أعجب, فهذا نسق من خبر المتكلّم. وتقول: قد أعطيتك اليوم شيئاً، ثم الذي أعطيتك أمس أكثر، فهذا من ذلك.
والوجه الآخر: أن تجعل خلقه الزوج مردوداً على (واحدة) , كأنه قال: خلقكم من نفسٍ وحدها، ثمّ جعل منها زوجها, ففي (واحدةٍ) معنى خلقها واحدة.
قال: أنشدني بعض العرب:
أعددته للخصم ذي التعدّي = كوّحته منك بدون الجهد
ومعناه : الذي إذا تعدى كوّحته، وكوّحته: غلبته).
[معاني القرآن: 2/414-415]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ في ظلماتٍ ثلاثٍ } : في أصلاب الرجال, ثم في الرحم , ثم في البطن , وقال بعضهم: في الحولاء, وفي الرحم , وفي البطن.). [مجاز القرآن: 2/188]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({في ظلمات ثلث}: قالوا: في الصلب ثم في الرحم ثم في البطن). [غريب القرآن وتفسيره: 325]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج}:أي : ثمانية أصناف، وهي التي ذكرها اللّه - عز ذكره - في سورة الأنعام.
{يخلقكم في بطون أمّهاتكم خلقاً من بعد خلقٍ}: أي: علقة بعد نطفة، ومضغة بعد علقة.
{في ظلماتٍ ثلاثٍ} : يقال: ظلمة المشيمة، وظلمة الرحم، وظلمة البطن). [تفسير غريب القرآن: 382]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (ثم بيّن - جلّ وعزّ - ما يدل على توحيده بما خلق ويعجز عنه المخلوقون فقال:{خلقكم من نفس واحدة ثمّ جعل منها زوجها وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج يخلقكم في بطون أمّهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث ذلكم اللّه ربّكم له الملك لا إله إلّا هو فأنّى تصرفون (6)}
" ثمّ " لا تكون إلا لشيء بعد شيء, والنفس الواحدة يعني بها آدم صلى الله عليه وسلم , وزوجه حوّاء. وإنّما قوله " ثمّ " لمعنى : خلقكم من نفس واحدة، أي : خلقها واحدة , ثم جعل منها زوجها، أي: خلقها ثم جعل منها زوجها قبلكم.
وقوله:
{وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج}: يعنى من الإبل ذكرا وأنثى، ومن البقر ذكرا وأنثى , ومن الضأن كذلك , ومن المعز ذكرا وأنثى.
يقال للذكر والأنثى زوجان , كل واحد منهما , يقال له : زوج.
{يخلقكم في بطون أمّهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث} : نطفا , ثم علقا , ثم مضغا ثم عظاما , ثم تكسى العظام لحما، ثم تصوّر , وتنفخ فيها الروح، فذلك معنى قوله: خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث: في البطن، والرّحم، والمشيمة.
وقد قيل : في الأصلاب , والرحم , والبطن.
{ذلكم اللّه ربّكم له الملك لا إله إلّا هو}:المعنى : الّذي دبّر الخلق هذا التدبير , ليس كمثله شيء.
{فأنّى تصرفون} : المعنى فمن أين تصرفون عن طريق الحق، مثل: {فأنّى تؤفكون)}
أي : فكيف تعدلون عن الحق بعد هذا البيان الذي يدل على صحة التوحيد).
[معاني القرآن: 4/345-346]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها}, ثم ههنا : تدل على أن الإخبار الثاني بعد الأول
وقال قتادة : (ثم جعل منها زوجها : حواء , خلقها من ضلع من أضلاعه ).
وقيل : يكون خلقه الزوج مردودا على واحد , أي: على نفس وحدها ثم جعل منها زوجها.
ثم قال جل وعز:
{وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج} : أي: أصناف.
قال مجاهد : (من الإبل اثنين, ومن البقر اثنين , ومن الضأن اثنين , ومن المعز اثنين) .
قال قتادة: (هي مثل التي في الأنعام , ثم قال جل وعز:
{يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق} )
قال مجاهد والضحاك : (نطفة , ثم علقة , ثم مضغة حتى يتم الخلق ثم قال تعالى:
{في ظلمات ثلاث})
قال مجاهد , وعكرمة , وقتادة , والضحاك: (في ظلمة الرحم , وفي ظلمة المشيمة , وفي ظلمة البطن).
وقيل: في الصلب , ثم في الرحم, ثم في البطن , وهذا مذهب أبي عبيدة , والأول أصح.).
[معاني القرآن: 6/152-154]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {في ظلمات ثلاث}
اخبرنا أبو عمر , قال: أنا ثعلب، عن رجاله الكوفيين , والبصريين: قالوا: ظلمة البطن، وظلمة الليل، وظلمة المشيمة، وقالت طائفة: ظلمة البطن، وظلمة المهبل - وهو موضع الولد - , وظلمة المشيمة.).
[ياقوتة الصراط: 443-444]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ظُلُمَاتٍ}: الصلب , والرحم, والبطن.).[العمدة في غريب القرآن: 261]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وإن تشكروا يرضه لكم...}
يقول: يرضى الشكر لكم, وهذا مثل قوله:
{فاخشوهم فزادهم إيماناً} : أي : فزادهم قول الناس، فإن قال قائل: كيف قال {ولا يرضى لعباده الكفر} : وقد كفروا؟ , قلت: إنه لا يرضى أن يكفروا, فمعنى الكفر: أن يكفروا, وليس معناه الكفر بعينه, ومثله ممّا يبيّنه لك أن تقول: لست أحبّ الإساءة، وإني لأحب أن يسيء فلان , فيعذّب , فهذا ممّا يبيّن لك معناه.). [معاني القرآن: 2/415]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {إن تكفروا فإنّ اللّه غنيّ عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم ولا تزر وازرة وزر أخرى ثمّ إلى ربّكم مرجعكم فينبّئكم بما كنتم تعملون إنّه عليم بذات الصّدور (7)}
{وإن تشكروا يرضه لكم} : معناه يرضى الشكر؛ لأن قوله: {وإن تشكروا}: يدلّ على الشكر.
وقوله:
{ولا تزر وازرة وزر أخرى} : لا يؤخذ أحذ بذنب أحد.). [معاني القرآن: 4/346]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم} : أي: يرضى الشكر لكم , ودل:{ تشكروا } : على الشكر.). [معاني القرآن: 6/154]

  #4  
قديم 16 جمادى الأولى 1434هـ/27-03-2013م, 09:36 AM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي


التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (5) }

تفسير قوله تعالى: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (6) }

تفسير قوله تعالى: {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7) }


  #5  
قديم 11 صفر 1440هـ/21-10-2018م, 04:57 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

  #6  
قديم 11 صفر 1440هـ/21-10-2018م, 04:57 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

  #7  
قديم 11 صفر 1440هـ/21-10-2018م, 05:09 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (5) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: "بالحق" معناه: بالواجب الواقع موقعه الجامع للمصالح. وقوله تعالى: {يكور الليل} معناه: يعيد من هذا على هذا، ومنه: كور العمامة التي يلتوي بعضها على بعض، فكأن الذي يطول من النهار أو الليل يصير منه على الآخر جزء فيستره، وكأن الآخر الذي يقصر يلج في الذي يطول فيستتر فيه، فيجيء "يكور" - على هذا - معادلا لقوله تعالى: "يولج"، ضدا له. وقال أبو عبيدة: هما بمعنى واحد، وهذا من قوله تقرير لا تحرير.
وتسخير الشمس دوامها على الجري واتساق أمرها على ما شاء الله تبارك وتعالى، و"الأجل المسمى" يحتمل أن يكون يوم القيامة حين تنفسد البنية ويزول جري هذه الكواكب، ويحتمل أن يريد أوقات مغيبها كل يوم وليلة، ويحتمل أن يريد أوقات رجوعها إلى قوانينها كل شهر في القمر، وسنة في الشمس). [المحرر الوجيز: 7/ 372]

تفسير قوله تعالى: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (6) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون}
النفس الواحدة المرادة في الآية هي نفس آدم عليه السلام، قاله قتادة، وغيره، ويحتمل أن يكون اسم الجنس. وقوله تعالى: {ثم جعل منها زوجها} ظاهر اللفظ يقتضي أن جعل الزوجة من النفس هو بعد أن خلق الخلق منها، وليس الأمر كذلك، واختلف الناس في تأويل هذا الظاهر، فقالت فرقة: قوله: {خلقكم من نفس واحدة} هو أخذ الذرية من ظهر آدم، وذلك شيء كان قبل خلق حواء منه، وقالت فرقة: "ثم" إنما هي لترتيب الأخبار لا لترتيب المعاني، كأنه تعالى قال: "ثم كان من أمره قبل ذلك أن جعل منها زوجها"، وفي نحو هذا المعنى ينشد هذا البيت:
قل لمن ساد ثم ساد أبوه ... ثم قد ساد قبل ذلك جده
وقالت فرقة: قوله تعالى: {خلقكم من نفس واحدة} عبارة عن سبق ذلك في علم الله تعالى، فلما كان ذلك أمرا حتما واقعا ولابد، حسن أن يخبر عن تلك الحال التي كانت وثيقة، ثم عطف عليها حالة جعل الزوجة منها، فجاءت معان مترتبة وإن كان خروج خلق العالم منآدم إلى الوجود إنما يجيء بعد ذلك.
و"زوج آدم" حواء عليهما السلام، وخلقت من ضلعه القصير فيما روي، ويؤيد هذا الحديث الذي فيه: "إن المرأة خلقت من ضلع أعوج، فإن ذهبت تقيمه كسرته"، وقالت فرقة: خلقت حواء من نفس طين آدم عليه السلام. والأول أصح، وقد تقدم شرح ذلك.
وقوله تعالى: {وأنزل لكم}، قيل: معناه: أن المخلوق الأول من هذه الأنعام خلق في السماء وأهبط إلى الأرض، وقالت فرقة: بل لما نزل الأمر بخلقه وإيجاده من عند الله - وكانت العادة في نعم الله ورحمته وأمطاره وغير ذلك أن يقال: إنها من السماء - عبر عن هذه بـ"أنزل"، وقالت فرقة: لما كانت الأمطار تنزل، وكانت الأعشاب والنبات عنها كانت هذه الأنعام عن النبات في سمتها ومعانيها قال فيها: "أنزل" فهو على التدريج، كما قال الراجز:
أسنمة الآبال في ربابه
وكما قال الشاعر:
تعالى الندى في متنه وتحدرا
وجعلها ثمانية، لأن كل واحد فيه زوج للذكر من نوعه، وهي: الضأن والمعز والبقر والإبل.
وقوله تعالى: {يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق}، قال ابن زيد، معناه: يخلقكم في البطون خلقا من بعد خلق آخر في ظهر آدم وظهور الآباء، وقال مجاهد، وعكرمة، والسدي: يخلقكم في البطون رتبا خلقا من بعد خلق على المضغة والعلقة وغير ذلك.
وقرأ عيسى بن عمر، وطلحة بن مصرف: "يخلقكم" بإدغام القاف في الكاف في جميع القرآن. وقرأ الجمهور: "أمهاتكم" بضم الهمزة، وكسرها يحيى بن وثاب، وهما لغتان. وقوله: {في ظلمات ثلاث} قالت فرقة: الأولى: هي ظهر الأب، ثم رحم الأم، ثم المشيمة في البطن. وقال مجاهد، وقتادة، والسدي، وابن زيد: هي المشيمة والرحم، والبطن، وهذه الآيات كلها هي معتبر وتنبيه لهم على الخالق الصانع الذي لا يستحق العبادة غيره، وهذا كله في رد أمر الأصنام والإفساد لها. ثم قال تعالى لهم: {ذلكم الله ربكم}، وقد قامت على ذلك البراهين واتسقت الأدلة. فأنى تصرفون، أي: من أي جهة تضلون؟ وبأي سبب؟). [المحرر الوجيز: 7/ 372-374]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون إنه عليم بذات الصدور}
قال ابن عباس رضي الله عنهما: هذه الآية مخاطبة للكفار الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم، و"عباده" هم المؤمنون، ويحتمل أن تكون مخاطبة لجميع الناس، لأن الله تعالى غني عن جميع الناس وهم فقراء إليه، وبين بعد البشر عن رضى الله إن كفروا، بقوله: {إن تكفروا}.
واختلف المتأولون من أهل السنة في تأويل قوله تعالى: {ولا يرضى لعباده الكفر}، فقالت فرقة: الرضى بمعنى الإرادة، والكلام ظاهره العموم ومعناه الخصوص فيمن قضى الله له، فعباده - على هذا - ملائكته ومؤمنو البشر والجن، وهذا يتركب على قول ابن عباس رضي الله عنهما. وقالت فرقة: الكلام عموم صحيح، والكفر يقع ممن يقع بإرادة الله تعالى; إلا أنه بعد وقوعه لا يرضاه دينا لهم، وهذا يتركب على الاحتمال الذي تقدم آنفا، ومعنى: "لا يرضى": لا يشكره لهم ولا يثيبهم به خيرا، فالرضى - على هذا - هو صفة فعل لمعنى القبول ونحوه، وتأمل الإرادة فإن حقيقتها، إنما هي فيما لم يقع بعد، والرضى فإنما حقيقته فيما قد وقع، واعتبر هذا في آيات القرآن تجده، وإن كانت العرب قد تستعمل في أشعارها على جهة التجوز هذا بدل هذا.
وقوله تعالى: {وإن تشكروا يرضه لكم} عموم، والشكر الحقيقي في ضمنه الإيمان. وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، والكسائي: "يرضه" بضمة مشبعة على الهاء، وقرأ ابن عامر، وعاصم بضمة مختلسة، واختلف عن نافع وأبي عمرو - في رواية أبي بكر -: [يرضه] بسكون الهاء. قال أبو حاتم: وهو غلط لا يجوز.
قال تعالى: {ولا تزر وازرة وزر أخرى}، أي: لا يحمل أحد ذنب أحد، وأنث "الوازرة" و"الأخرى" لأنه أراد الأنفس، و"الوزر" الثقل، وهذا خبر مضمنه الحض على أن ينظر كل أحد في خاصة أمره، وما ينوبه في ذاته،
ثم أخبرهم تعالى بأن مرجعهم في الآخرة إلى ربهم، أي: إلى ثوابه أو عقابه، فيوقف كل أحد على أعماله; لأنه المطلع على نيات الصدور وسائر الأفئدة، و"ذات الصدر": ما فيه من خبيئة، ومنه قولهم: "الذئب مغبوط بذي بطنه"). [المحرر الوجيز: 7/ 374-375]

  #8  
قديم 12 صفر 1440هـ/22-10-2018م, 01:06 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

  #9  
قديم 12 صفر 1440هـ/22-10-2018م, 01:09 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (5) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (خلق السّماوات والأرض بالحقّ يكوّر اللّيل على النّهار ويكوّر النّهار على اللّيل وسخّر الشّمس والقمر كلٌّ يجري لأجلٍ مسمًّى ألا هو العزيز الغفّار (5) خلقكم من نفسٍ واحدةٍ ثمّ جعل منها زوجها وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواجٍ يخلقكم في بطون أمّهاتكم خلقًا من بعد خلقٍ في ظلماتٍ ثلاثٍ ذلكم اللّه ربّكم له الملك لا إله إلّا هو فأنّى تصرفون (6) }
يخبر تعالى أنّه الخالق لما في السموات والأرض، وما بين ذلك من الأشياء، وأنّه مالك الملك المتصرّف، فيه يقلّب ليله ونهاره، {يكوّر اللّيل على النّهار ويكوّر النّهار على اللّيل} أي: سخّرهما يجريان متعاقبين لا يقرّان، كلٌّ منهما يطلب الآخر طلبًا حثيثًا، كقوله: {يغشي اللّيل النّهار يطلبه حثيثًا} [الأعراف:54] هذا معنى ما روي عن ابن عبّاسٍ، ومجاهدٍ، وقتادة، والسّدّيّ، وغيرهم.
وقوله: {وسخّر الشّمس والقمر كلٌّ يجري لأجلٍ مسمًّى} أي: إلى مدّة معلومةٍ عند اللّه ثمّ تنقضي يوم القيامة. {ألا هو العزيز الغفّار} أي: مع عزّته وعظمته وكبريائه هو غفّارٌ لمن عصاه ثمّ تاب وأناب إليه). [تفسير ابن كثير: 7/ 86]

تفسير قوله تعالى: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (6) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {خلقكم من نفسٍ واحدةٍ} أي: خلقكم مع اختلاف أجناسكم وأصنافكم وألسنتكم وألوانكم من نفسٍ واحدةٍ، وهو آدم عليه السّلام {ثمّ جعل منها زوجها}، وهي حوّاء، عليهما السّلام، كقوله: {يا أيّها النّاس اتّقوا ربّكم الّذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ وخلق منها زوجها وبثّ منهما رجالا كثيرًا ونساءً} [النّساء:1].
وقوله: {وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواجٍ} أي: وخلق لكم من ظهور الأنعام ثمانية، أزواجٍ وهي المذكورة في سورة الأنعام: {ثمانية أزواجٍ من الضّأن اثنين ومن المعز اثنين} [الأنعام:143]، {ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين} [الأنعام:144].
وقوله: {يخلقكم في بطون أمّهاتكم خلقًا من بعد خلقٍ} أي: قدّركم في بطون أمّهاتكم {خلقًا من بعد خلقٍ} أي: يكون أحدكم أوّلًا نطفةً، ثمّ يكون علقةً، ثمّ يكون مضغةً، ثمّ يخلق فيكون لحمًا وعظمًا وعصبًا وعروقًا، وينفخ فيه الرّوح فيصير خلقًا آخر، {فتبارك اللّه أحسن الخالقين} [المؤمنون:14].
وقوله: {في ظلماتٍ ثلاثٍ} يعني: ظلمة الرّحم، وظلمة المشيمة -الّتي هي كالغشاوة والوقاية على الولد -وظلمة البطن. كذا قال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وعكرمة، وأبو مالكٍ، والضّحّاك، وقتادة، والسّدّيّ، وابن زيدٍ [وغيرهم].
وقوله: {ذلكم اللّه ربّكم} أي: هذا الذي خلق السموات والأرض وما بينهما وخلقكم وخلق آباءكم، هو الرّبّ له الملك والتّصرّف في جميع ذلك، {لا إله إلا هو} أي: الّذي لا تنبغي العبادة إلّا له وحده، {فأنّى تصرفون} أي: فكيف تعبدون معه غيره؟ أين يذهب بعقولكم؟!).[تفسير ابن كثير: 7/ 86-87]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إن تكفروا فإنّ اللّه غنيٌّ عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم ولا تزر وازرةٌ وزر أخرى ثمّ إلى ربّكم مرجعكم فينبّئكم بما كنتم تعملون إنّه عليمٌ بذات الصّدور (7) وإذا مسّ الإنسان ضرٌّ دعا ربّه منيبًا إليه ثمّ إذا خوّله نعمةً منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل للّه أندادًا ليضلّ عن سبيله قل تمتّع بكفرك قليلًا إنّك من أصحاب النّار (8)}
يقول تعالى مخبرًا عن نفسه تعالى: أنّه الغنيّ عمّا سواه من المخلوقات، كما قال موسى: {إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعًا فإنّ اللّه لغنيٌّ حميدٌ} [إبراهيم:8].
وفي صحيح مسلمٍ: "يا عبادي، لو أنّ أوّلكم وآخركم وإنسكم وجنّكم، كانوا على أفجر قلب رجلٍ منكم، ما نقص ذلك من ملكي شيئًا".
وقوله {ولا يرضى لعباده الكفر} أي: لا يحبّه ولا يأمر به، {وإن تشكروا يرضه لكم} أي: يحبّه منكم ويزدكم من فضله.
{ولا تزر وازرةٌ وزر أخرى} أي: لا تحمل نفسٌ عن نفسٍ شيئًا، بل كلٌّ مطالبٌ بأمر نفسه، {ثمّ إلى ربّكم مرجعكم فينبّئكم بما كنتم تعملون إنّه عليمٌ بذات الصّدور} أي: فلا تخفى عليه خافيةٌ).[تفسير ابن كثير: 7/ 87]

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:22 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة