العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة النحل

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27 جمادى الأولى 1434هـ/7-04-2013م, 02:27 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير سورة النحل [ من الآية (115) إلى الآية (119) ]

{إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (115) وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (117) وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (118) ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (119)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 27 جمادى الأولى 1434هـ/7-04-2013م, 02:27 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (115) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّما حرّم عليكم الميتة، والدّم، ولحم الخنزير، وما أهلّ لغير اللّه به، فمن اضطرّ غير باغٍ ولا عادٍ فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ}.
يقول تعالى ذكره مكذّبًا المشركين الّذين كانوا يحرّمون ما ذكرنا من البحائر وغير ذلك: ما حرّم اللّه عليكم أيّها النّاس إلاّ الميتة، والدّم، ولحم الخنزير، وما ذبح للأنصاب فسمّي عليه غير اللّه، لأنّ ذلك من ذبائح من لا يحلّ أكل ذبيحته، فمن اضطرّ إلى ذلك أو إلى شيءٍ منه لمجاعةٍ حلّت فأكله {غير باغٍ ولا عادٍ، فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ} يقول: ذو سترٍ عليه أن يؤاخذه بأكله ذلك في حال الضّرورة، رحيمٌ به أن يعاقبه عليه.
وقد بيّنّا اختلاف المختلفين في قوله: {غير باغٍ ولا عادٍ} والصّواب عندنا من القول في ذلك بشواهده فيما مضى بما أغنى عن إعادته
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {إنّما حرّم عليكم الميتة والدّم} الآية، قال: وإنّ الإسلام دينٌ يطهّره اللّه من كلّ سوءٍ، وجعل لك فيه يا ابن آدم سعةً إذا اضطررت إلى شيءٍ من ذلك " قوله {فمن اضطرّ غير باغٍ ولا عادٍ} غير باغٍ في أكله، ولا عادٍ أن يتعدّى حلالاً إلى حرامٍ، وهو يجد عنه مندوحةً). [جامع البيان: 14/388-389]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 115.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {إنما حرم عليكم الميتة} قال: إن الإسلام دين مطهر طهره الله من كل سوء وجعل لك فيه يا ابن آدم سعة إذا اضطررت إلى شيء من ذلك). [الدر المنثور: 9/128]

تفسير قوله تعالى: (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلالٌ وهذا حرامٌ لتفتروا على اللّه الكذب، إنّ الّذين يفترون على اللّه الكذب لا يفلحون (116) متاعٌ قليلٌ ولهم عذابٌ أليمٌ}.
اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء الحجاز والعراق {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب} فتكون تصف الكذب بمعنى: ولا تقولوا لوصف ألسنتكم الكذب، فتكون " ما " بمعنى المصدر.
وذكر عن الحسن البصريّ أنّه قرأ: ( ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب ) هذا بخفض الكذب، بمعنى: ولا تقولوا للكذب الّذي تصفه ألسنتكم، {هذا حلالٌ وهذا حرامٌ} فيجعل الكذب ترجمةً عن " ما " الّتي في " لما "، فتخفضه بما تخفض به " ما "
وقد حكي عن بعضهم: ( لما تصف ألسنتكم الكذب ) يرفع " الكذب "، فيجعل الكذب من صفة الألسنة، ويخرج على فعلٍ على أنّه جمع كذوبٍ وكذبٍ، مثل شكورٍ وشكرٍ.
والصّواب عندي من القراءة في ذلك نصب " الكذب " لإجماع الحجّة من القرّاء عليه، فتأويل الكلام إذ كان ذلك كذلك لما ذكرنا: ولا تقولوا لوصف ألسنتكم الكذب فيما رزق اللّه عباده من المطاعم: هذا حلالٌ، وهذا حرامٌ، كي تفتروا على اللّه بقيلكم ذلك الكذب، فإنّ اللّه لم يحرّم من ذلك ما تحرّمون، ولا أحلّ كثيرًا ممّا تحلّون.
ثمّ تقدّم إليهم بالوعيد على كذبهم عليه، فقال: {إنّ الّذين يفترون على اللّه الكذب} يقول: إنّ الّذين يتخرّصون على اللّه الكذب ويختلقونه، لا يخلّدون في الدّنيا ولا يبقون فيها، إنّما يتمتّعون فيها قليلاً). [جامع البيان: 14/389-390]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام يعني في البحيرة والسائبة ونحو هذا). [تفسير مجاهد: 354]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 116 - 117.
أخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام} قال: هي البحيرة والسائبة). [الدر المنثور: 9/128-129]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي نضرة قال: قرأت هذه الآية في سورة النحل {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام} إلى آخر الآية فلم أزل أخاف الفتيا إلى يومي هذا). [الدر المنثور: 9/129]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: عسى رجل أن يقول إن الله أمر بكذا ونهى عن كذا فيقول الله عز وجل له: كذبت، ويقول: إن الله حرم كذا وأحل كذا فيقول الله عز وجل له: كذبت). [الدر المنثور: 9/129]

تفسير قوله تعالى: (مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (117) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقال: {متاعٌ قليلٌ} فرفع، لأنّ المعنى الّذي هم فيه من هذه الدّنيا متاعٌ قليلٌ، أو لهم متاعٌ قليلٌ في الدّنيا.
وقوله: {ولهم عذابٌ أليمٌ} يقول: ثمّ إلينا مرجعهم ومعادهم، ولهم على كذبهم وافترائهم على اللّه بما كانوا يفترون عذابٌ عند مصيرهم إليه أليمٌ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى: وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه تعالى: " {لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلالٌ وهذا حرامٌ} في البحيرة والسّائبة "
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قال: " البحائر والسّيب "). [جامع البيان: 14/390-391]

تفسير قوله تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (118) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل قال هو الذي في سورة الأنعام وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم الآية). [تفسير عبد الرزاق: 1/360]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وعلى الّذين هادوا حرّمنا ما قصصنا عليك من قبل، وما ظلمناهم، ولكن كانوا أنفسهم يظلمون}.
يقول تعالى ذكره: وحرّمنا من قبلك يا محمّد على اليهود ما أنبأناك به من قبل في سورة الأنعام، وذاك كلّ ذي ظفرٍ، ومن البقر والغنم حرّمنا عليهم شحومهما إلاّ ما حملت ظهورهما، أو الحوايا أو ما اختلط بعظمٍ.
{وما ظلمناهم} بتحريمنا ذلك عليهم، {ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} فجزيناهم ذلك ببغيهم على ربّهم وظلمهم أنفسهم بمعصيهم اللّه، فأورثهم ذلك عقوبة اللّه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ، عن الحسن، في قوله: {وعلى الّذين هادوا حرّمنا ما قصصنا عليك من قبل} قال: " في سورة الأنعام "
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أيّوب، عن عكرمة، في قوله: " {وعلى الّذين هادوا حرّمنا ما قصصنا عليك من قبل} قال: في سورة الأنعام "
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وعلى الّذين هادوا حرّمنا ما قصصنا عليك من قبل} قال: " ما قصّ اللّه تعالى في سورة الأنعام حيث يقول: {وعلى الّذين هادوا حرّمنا كلّ ذي ظفرٍ} الآية "). [جامع البيان: 14/391-392]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 118 - 119.
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله: {وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل} قال: في سورة الأنعام). [الدر المنثور: 9/129]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل} قال: ما قص الله ذكره في سورة الأنعام حيث يقول: (وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر) إلى قوله: (وإنا لصادقون) (الأنعام آية 146) ). [الدر المنثور: 9/129]

تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (119) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ثمّ إنّ ربّك للّذين عملوا السّوء بجهالةٍ، ثمّ تابوا من بعد ذلك وأصلحوا، إنّ ربّك من بعدها لغفورٌ رحيمٌ}.
يقول تعالى ذكره: إنّ ربّك يا محمد للّذين عصوا اللّه فجهلوا بركوبهم ما ركبوا من معصية اللّه، وسفهوا بذلك، ثمّ راجعوا طاعة اللّه، والنّدم عليها، والاستغفار، والتّوبة منها من بعد ما سلف منهم ما سلف من ركوب المعصية، وأصلح، فعمل بما يحبّ اللّه ويرضاه، {إنّ ربّك من بعدها} يقول: إنّ ربّك يا محمّد من بعد توبتهم لهم {لغفورٌ رحيمٌ} ). [جامع البيان: 14/392]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 27 جمادى الأولى 1434هـ/7-04-2013م, 02:31 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (115)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {إنّما حرّم عليكم الميتة والدّم ولحم الخنزير وما أهلّ لغير اللّه به} ذبائح المشركين، ثمّ أحلّ ذبائح أهل الكتاب من المشركين.
قوله: {فمن اضطرّ غير باغٍ ولا عادٍ فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ} وقد فسّرنا ذلك في سورة البقرة وسورة الأنعام). [تفسير القرآن العظيم: 1/95]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فمن اضطر غير باغ ولا عاد}
قال أبو جعفر قد ذكرناه في سورة البقرة وروى عن ابن عباس أنه قال من أكل الميتة وهو غير مضطر إليها فهو باغ عاد
وروى عن سعيد بن جبير ومجاهد أنهما قالا إذا أخاف السبيل وقطع الطريق لم تحلل له الميتة هذا معنى قولهما). [معاني القرآن: 4/110-109]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وما أهل لغير الله به} أي: ذبح لغير الله، أي: الصنم والوثن). [ياقوتة الصراط: 303]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلالٌ وهذا حرامٌ} لما حرموا من الأنعام والحرث،
وما استحلّوا من أكل الميتة.
{لتفتروا على اللّه الكذب إنّ الّذين يفترون على اللّه الكذب لا يفلحون}
وهي كقوله: {قل أرأيتم ما أنزل اللّه لكم من رزقٍ فجعلتم منه حرامًا وحلالا قلءاللّه أذن لكم أم على اللّه تفترون} ). [تفسير القرآن العظيم: 1/96-95]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلالٌ وهذا حرامٌ لّتفتروا على اللّه الكذب إنّ الّذين يفترون على اللّه الكذب لا يفلحون}
وقال: {ألسنتكم الكذب} جعل (ما تصف) ألسنتهم اسما للفعل كأنه قال "ولا تقولوا لوصف ألسنتكم {الكذب هذا حلالٌ} وقال بعضهم {الكذب} يقول:
"ولا تقولوا للكذب الذي تصفه ألسنتكم". وقال بعضهم {الكذب} فرفع وجعل {الكذب} من صفة الألسنة، كأنه قال: "ألسنةٌ كذبٌ"). [معاني القرآن: 2/68]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قراءة أبي عمرو {تصف ألسنتكم الكذب} يكون على إعمال "تصف".
الحسن والأعرج "ألسنتكم الكذب" كأنه قال: بالكذب الذي تصف ألسنتكم، أي للكذب.
وقراءة أخرى "الكذب" كأنه قال: لسان كذوب، وألسنة كذب، فرفعها على وصفها). [معاني القرآن لقطرب: 809]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على اللّه الكذب إنّ الّذين يفترون على اللّه الكذب لا يفلحون}
في الكذب ثلاثة أوجه، قرئت الكذب، وقرئت الكذب، وقرئت الكذب، فمن قرأ - وهو أكثر القراءة - الكذب فالمعنى: ولا تقولوا لوصف ألسنتكم الكذب:{هذا حلال وهذا حرام}
ومن قرأ الكذب كان ردّا على ما المعنى: ولا تقولوا لوصف ألسنتكم الكذب. ومن قرأ الكذب فهو نعت للألسنة، يقال لسان كذوب وألسنة كذوب.
وهذا إنما قيل لهم لما كانوا حرموه وأحلوه، فقالوا: {ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرّم على أزواجنا}.
وقد شرحنا ذلك في موضعه). [معاني القرآن: 3/222]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام} قال مجاهد يعني البحائر والسيب).
[معاني القرآن: 4/110]

تفسير قوله تعالى: {مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (117)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {متاعٌ قليلٌ} ، أي: إنّ الّذين هم فيه من الدّنيا متاعٌ قليلٌ ذاهبٌ.
{ولهم عذابٌ أليمٌ} في الآخرة، يعنيهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/96]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {متاع قليل ولهم عذاب أليم} المعنى متاعهم هذا الذي فعلوه متاع قليل.
ولو كان في غير القرآن لجاز فيه النّصب: متاعا قليلا، على أن المعنى يتمتعون كذلك متاعا قليلا). [معاني القرآن: 3/222]

تفسير قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (118)}
ققال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وعلى الّذين هادوا} اليهود، سمّوا أنفسهم اليهود وتركوا اسم الإسلام.
{حرّمنا} عليهم بكفرهم.
{ما قصصنا عليك من قبل} سعيدٌ عن قتادة، قال: يعني ما قصّ اللّه عليه في سورة الأنعام، وهي مكّيّةٌ، وهذا الموضع من هذه السّورة مدنيٌّ، يعني:
{وعلى الّذين هادوا حرّمنا كلّ ذي ظفرٍ ومن البقر والغنم حرّمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا} والحوايا: المبعر {أو ما اختلط بعظمٍ}
وقد فسّرناه في سورة الأنعام.
قال: {وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} إنّما حرّم ذلك عليهم بظلمهم قال: {فبظلمٍ من الّذين هادوا حرّمنا عليهم طيّباتٍ أحلّت لهم} إلى آخر الآية).
[تفسير القرآن العظيم: 1/96]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وعلى الّذين هادوا} من اليهود). [مجاز القرآن: 1/369]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وعلى الّذين هادوا} يعني اليهود). [تفسير غريب القرآن: 249]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل} قال قتادة هو قوله تعالى:
{وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر} ). [معاني القرآن: 4/110]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (119)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( قوله: {ثمّ إنّ ربّك للّذين عملوا السّوء بجهالةٍ} قال: {ثمّ تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إنّ ربّك من بعدها}
من بعد تلك الجهالة إذا تابوا منها.
{لغفورٌ رحيمٌ} وكلّ ذنبٍ عمله العبد فهو بجهالةٍ وذلك منه جهلٌ.
سعيدٌ عن قتادة، قال: كلّ ذنبٍ أتاه عبدٌ فهو بجهالةٍ.
الحسن بن دينارٍ عن الحسن، قال: يعمل الذّنب ولا يعلم أنّه ذنبٌ فإذا أخبر أنّه ذنبٌ تركه.
وقال السّدّيّ: {ثمّ إنّ ربّك للّذين عملوا السّوء بجهالةٍ} ، يعني: الشّرك). [تفسير القرآن العظيم: 1/97-96]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {للّذين عملوا السّوء بجهالةٍ...}
كلّ من عمل سوءا فهو جاهل إذا عمله). [معاني القرآن: 2/114]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 27 جمادى الأولى 1434هـ/7-04-2013م, 02:32 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (115) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116) }

تفسير قوله تعالى: {مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (117) }

تفسير قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (118) }

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (119) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 14 ذو القعدة 1439هـ/26-07-2018م, 03:47 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 14 ذو القعدة 1439هـ/26-07-2018م, 03:48 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 14 ذو القعدة 1439هـ/26-07-2018م, 03:50 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (115)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم}
حصرت "إنما" هذه المحرمات وقت نزول الآية، ثم نزلت المحرمات بعد ذلك. وقرأ جمهور الناس: "الميتة" مخففا، وشددها أبو جعفر بن القعقاع، وهو الأصل، والتخفيف طارئ عليه، والعامل في نصبها "حرم"، وقرأت فرقة: "الميتة" بالرفع على أن تكون "ما" بمعنى "الذي".
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وكون "ما" متصلة بـ "إن" يضعف هذا ويحكم بأنها حاصرة و"ما" كافة، وإذا كانت بمعنى "الذي" فيجب أن تكون منفصلة، وذلك خلاف خط المصحف. وقرأ الجمهور: "حرم" على معنى: حرم الله. وقرأت فرقة: "حرم" على ما لم يسم فاعله، وهذا برفع "الميتة" ولا بد.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والميتة المحرمة هي ما مات من حيوان البر الذي له نفس سائلة حتف أنفه، وأما ما ليس له نفس سائلة كالجراد والذباب والبراغيث ودود التين وحيوان الفول وما مات من الحوت حتف أنفه وطفا على الماء ففيه قولان في المذهب، وما مات حتف أنفه من الحيوان الذي يعيش في الماء وفي البر كالسلاحف ونحوها ففيه قولان، والمنع هنا أظهر، إلا أن يكون الغالب عليه العيش في الماء.
والدم المحرم هو المنسفح الذي يسيل إن ترك مفردا، وأما ما خالط اللحم وسكن فيه فحلال طبخ ذلك اللحم به، ولا يكلف أحد تتبعه، ودم الحوت مختلف في تحليله وإن كان ينسفح لو ترك.
ولحم الخنزير هو معظمه والمقصود الأظهر فيه، فلذلك خصه بالذكر، وأجمعت الأمة على تحريم شحمه وغضاريفه، ومن تخصيصه استدلت فرقة على جواز الانتفاع بجلده إذا دبغ ولبسه، والأولى تحريمه جملة، وأما شعره فالانتفاع به مباح، وقالت فرقة: ذلك غير جائز، والأول أرجح.
[المحرر الوجيز: 5/421]
وما أهل لغير الله به، يريد كل ما نوي بذبحه غير التقرب إلى الله والقرب إلى سواه، وسواء تكلم بذلك على الذبيحة أو لم يتكلم، لكن خرجت العبارة عن ذلك بـ "أهل"، ومعناه صحيح على عادة العرب، وقصد الغض منها، وذلك أنها كانت إذا ساقت ذبيحة إلى صنم جهرت باسم ذلك الصنم وصاحت به.
وقوله: {فمن اضطر}، قالت فرقة: معناه: أكره، وقال الجمهور: معناه: اضطره جوع واحتياج، وقرأت فرقة: "فمن" بضم النون "اضطر" بضم الطاء، وقرأت فرقة: "فمن" بكسر النون "اضطر" بكسر الطاء على أن الأصل: "اضطرر"، فنقلت حركة الراء إلى الطاء وأدغمت الراء في الراء. وقوله: {غير باغ} قالت فرقة: هو صاحب البغي على الإمام، أو في قطع الطريق، وبالجملة في سفر المعاصي، والعادي بمعناه في أنه ينوي المعصية، وقال الجمهور: غير باغ معناه: غير مستعمل لهذه المحرمات مع وجود غيرها، ولا عاد معناه: لا يعدو حدود الله في هذا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا القول أرجح وأعم في الرخصة.
وقالت فرقة: باغ وعاد في الشبع والتزود، واختلف الناس في صورة الأكل من الميتة -فقالت فرقة: الجائز من ذلك ما يمسك الرمق فقط، وقالت فرقة: بل يجوز الشبع التام، وقالت فرقة -منهم مالك رحمه الله-: يجوز الشبع والتزود، وقال بعض النحويين في قوله: "عاد": إنه مقلوب من عائد، فهو كشاكي السلاح، وكيوم راح، وكقول الشاعر:
لاث به الأشاء والعبري
[المحرر الوجيز: 5/422]
وقوله: {فإن الله غفور رحيم} يقتضي منه الإباحة للمضطر، وخرجت الإباحة في هذه الألفاظ تحرجا وتضييقا في أمرها، ليدل الكلام على عظم الخطر في هذه المحرمات، فغاية هذا المرخص له غفران الله له وحطه عنه ما كان يلحقه من الإثم لولا ضرورته، وهذا التخريج الذي ذكرناه يفهمه الفصحاء من اللفظ، وليس في المعنى منه شيء، وإنما هو إيحاء، وكذلك جعل غايته في موضع آخر أن لا إثم عليه، وإن كان "لا إثم عليه" وقوله: "هو له مباح" يرجعان إلى معنى واحد فإن في هيئة اللفظين خلافا). [المحرر الوجيز: 5/423]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع قليل ولهم عذاب أليم وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم}
هذه مخاطبة للكفار الذين حرموا البحائر والسوائب وأحلوا ما في بطون الأنعام وإن كانت ميتة، يدل على ذلك قوله حكاية عنهم: {وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء}، والآية تقتضي كل ما كان لهم من تحليل وتحريم، فإنه كله افتراء منهم، ومنه ما جعلوه في الشهور. وقرأ السبعة وجمهور الناس: "الكذب" بفتح الكاف والباء وكسر الذال، و"ما" مصدرية، فكأنه قال: لوصف ألسنتكم. وقرأ الأعرج، وطلحة، وأبو معمر، والحسن: "الكذب" بخفض الباء على البدل من "ما". وقرأ بعض أهل الشام، ومعاذ بن جبل، وابن أبي عبلة: "الكذب" بضم الكاف والذال والباء، على صفة الألسنة. وقرأ مسلمة بن محارب: "الكذب" بفتح الباء بفتح الباء على أنه جمع كذاب ككتب وكتاب.
[المحرر الوجيز: 5/423]
وقوله: {هذا حلال} إشارة إلى ميتة بطون الأنعام وكل ما أحلوا، وقوله: {وهذا حرام} إشارة إلى البحائر والسوائب وكل ما حرموا، وقوله: "لتفتروا على الله الكذب"، إشارة إلى قولهم في فواحشهم التي هي إحداها: وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها، ويحتمل أن يريد أنه كان شرعهم لاتباعهم سننا لا يرضاها الله افتراء عليه، لأن من شرع أمرا فكأنه قال لأتباعه: هذا هو الحق، وهذا مراد الله. ثم أخبرهم الله أن الذين يفترون على الله الكذب لا يبلغون الأمل، والفلاح: بلوغ الأمل، فطورا يكون في البقاء، كما قال الشاعر:
والمسي والصبح لا بقاء معه.
ويشبه أن هذه الآية من هذا المعنى، يقوي ذلك قوله: {متاع قليل}، وقد يكون في نجح المساعي، ومنه قول عبيد:
أفلح بما شئت فقد يبلغ بالضـ ... ـضعف وقد يخدع الأريب). [المحرر الوجيز: 5/424]

تفسير قوله تعالى: {مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (117)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: {متاع قليل} إشارة إلى عيشهم في الدنيا، ولهم عذاب أليم بعد ذلك في الآخرة). [المحرر الوجيز: 5/424]

تفسير قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (118)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وعلى الذين هادوا} الآية، لما قص تبارك وتعالى على المؤمنين ما حرم عليهم أعلم أيضا بما حرم على اليهود; ليبين تبديلهم الشرع فيما استحلوا من ذلك وفيما حرموا من تلقاء أنفسهم. وقوله: {ما قصصنا عليك} إشارة إلى ما في سورة الأنعام من ذي الظفر والشحوم. وقوله: {وما ظلمناهم} أي: لم نضع العقوبة عليهم بتحريم تلك الأشياء عليهم في غير موضعها، بل هم طرقوا إلى ذلك، وجاء من تشبثهم بالمعاصي ما أوجب ذلك). [المحرر الوجيز: 5/425]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (119)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة} الآية. هذه آية تأنيس لجميع العالم، أخبر الله تعالى فيها أنه يغفر للتائب، والآية إشارة إلى الكفار الذين افتروا على الله، وفعلوا الأفاعيل المذكورة، فهم إذا تابوا من كفرهم بالإيمان، وأصلحوا بأعمال الإسلام، -غفر الله لهم، وتناولت هذه -بعد ذلك- كل واقع تحت لفظها من كافر وعاص، وقالت فرقة: الجهالة: العمد، والجهالة عندي في هذا الموضع ليست ضد العلم، بل هي تعدي الطور وركوب الرأس، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أو أجهل أو يجهل علي"، وهي التي في قول الشاعر:
ألا لا يجهلن أحد علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا
والجهالة التي هي ضد العلم تصحب هذه الأخرى كثيرا، ولكن يخرج منها المتعمد، وهو الأكثر، وقلما يوجد في العصاة من لم يتقدم له علم بحظر المعصية التي تواقع. والضمير في "بعدها" عائد على التوبة). [المحرر الوجيز: 5/425]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 25 ذو الحجة 1439هـ/5-09-2018م, 08:55 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 25 ذو الحجة 1439هـ/5-09-2018م, 08:58 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (115)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فكلوا ممّا رزقكم اللّه حلالا طيّبًا واشكروا نعمة اللّه إن كنتم إيّاه تعبدون (114) إنّما حرّم عليكم الميتة والدّم ولحم الخنزير وما أهلّ لغير اللّه به فمن اضطرّ غير باغٍ ولا عادٍ فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ (115) ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلالٌ وهذا حرامٌ لتفتروا على اللّه الكذب إنّ الّذين يفترون على اللّه الكذب لا يفلحون (116) متاعٌ قليلٌ ولهم عذابٌ أليمٌ (117)}
يقول تعالى آمرًا عباده المؤمنين بأكل رزقه الحلال الطّيّب، وبشكره على ذلك، فإنّه المنعم المتفضّل به ابتداءً، الّذي يستحقّ العبادة وحده لا شريك له.
ثمّ ذكر ما حرّمه عليهم ممّا فيه مضرّةٌ لهم في دينهم ودنياهم، من الميتة والدم، ولحم الخنزير.
{وما أهلّ لغير اللّه به} أي: ذبح على غير اسم اللّه، ومع هذا {فمن اضطرّ} أي: احتاج في غير بغيٍّ ولا عدوانٍ، {فإنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ}
وقد تقدّم الكلام على مثل هذه الآية في سورة "البقرة" بما فيه كفايةٌ عن إعادته، وللّه الحمد [والمنّة]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 609]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (117)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ نهى تعالى عن سلوك سبيل المشركين، الّذين حلّلوا وحرّموا بمجرّد ما وضعوه واصطلحوا عليه من الأسماء بآرائهم، من البحيرة والسّائبة والوصيلة والحام، وغير ذلك ممّا كان شرعًا لهم ابتدعوه في جاهليّتهم، فقال: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلالٌ وهذا حرامٌ لتفتروا على اللّه الكذب} ويدخل في هذا كلّ من ابتدع بدعةً ليس [له] فيها مستندٌ شرعيٌّ، أو حلّل شيئًا ممّا حرّم اللّه، أو حرّم شيئًا ممّا أباح اللّه، بمجرّد رأيه وتشهّيه.
و "ما" في قوله: {لما} مصدريّةٌ، أي: ولا تقولوا الكذب لوصف ألسنتكم.
ثمّ توعّد على ذلك فقال: {إنّ الّذين يفترون على اللّه الكذب لا يفلحون} أي: في الدّنيا ولا في الآخرة. أمّا في الدّنيا فمتاعٌ قليلٌ، وأمّا في الآخرة فلهم عذابٌ أليمٌ، كما قال: {نمتّعهم قليلا ثمّ نضطرّهم إلى عذابٍ غليظٍ} [لقمان: 24]
وقال: {إنّ الّذين يفترون على اللّه الكذب لا يفلحون متاعٌ في الدّنيا ثمّ إلينا مرجعهم ثمّ نذيقهم العذاب الشّديد بما كانوا يكفرون} [يونس: 69، 70]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 609-610]

تفسير قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (118)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وعلى الّذين هادوا حرّمنا ما قصصنا عليك من قبل وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (118) ثمّ إنّ ربّك للّذين عملوا السّوء بجهالةٍ ثمّ تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إنّ ربّك من بعدها لغفورٌ رحيمٌ (119)}
لمّا ذكر تعالى أنّه إنّما حرّم علينا الميتة والدّم ولحم الخنزير، وما أهل لغير الله به، وأنّه أرخص فيه عند الضّرورة -وفي ذلك توسعةٌ لهذه الأمّة، الّتي يريد اللّه بها اليسر ولا يريد بها العسر -ذكر سبحانه وتعالى ما كان حرّمه على اليهود في شريعتهم قبل أن ينسخها، وما كانوا فيه من الآصار والأغلال والحرج والتّضييق، فقال: {وعلى الّذين هادوا حرّمنا ما قصصنا عليك من قبل} يعني: في "سورة الأنعام" في قوله: {وعلى الّذين هادوا حرّمنا كلّ ذي ظفرٍ ومن البقر والغنم حرّمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما [أو الحوايا أو ما اختلط بعظمٍ ذلك جزيناهم ببغيهم وإنّا لصادقون]} [الأنعام: 146] ؛ ولهذا قال هاهنا: {وما ظلمناهم} أي: فيما ضيّقنا عليهم، {ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} أي: فاستحقّوا ذلك، كما قال: {فبظلمٍ من الّذين هادوا حرّمنا عليهم طيّباتٍ أحلّت لهم وبصدّهم عن سبيل اللّه كثيرًا} [النّساء: 160]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 610]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (119)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ أخبر تعالى تكرّمًا وامتنانًا في حقّ العصاة المؤمنين: أنّ من تاب منهم إليه تاب عليه، فقال: {ثمّ إنّ ربّك للّذين عملوا السّوء بجهالةٍ} قال بعض السّلف: كلّ من عصى اللّه فهو جاهلٌ.
{ثمّ تابوا من بعد ذلك وأصلحوا} أي: أقلعوا عمّا كانوا فيه من المعاصي، وأقبلوا على فعل الطّاعات، {إنّ ربّك من بعدها} أي: تلك الفعلة والذّلّة {لغفورٌ رحيمٌ}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 610]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:24 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة