العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم اللغة > جمهرة معاني الحرف وأسماء الأفعال والضمائر والظروف > جمهرة معاني الحروف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #2  
قديم 18 ذو الحجة 1438هـ/9-09-2017م, 03:43 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

"إن"
قال أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجَّاجيُّ (ت: 340هـ): (
"إن" لها وجهان:
تكون بمعنى "نعم": لا تعمل شيئا، فتقول "إنّ" عبد الله قائم، تريد: عبد الله قائم، و"إن" قائم عبد الله على ذلك التّقدير.
والوجه الثّاني: تنصب الاسم وترفع الخبر، تقول: "إن" زيدا منطلق، ومعناها التّأكيد). [حروف المعاني والصفات: 30]

"إنّ" المشدّدة المكسورة
قال أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجَّاجيُّ (ت: 340هـ): (
إنّ المشدّدة المكسورة لها موضعان:
تكون تحقيقا وصلة للقسم، كقولك: "إن" زيدا قائم، ووالله "إن" أخاك عالم.
وتكون بمعنى "أجل"، فلا تعمل شيئا، كقول القائل لابن الزبير: لعن الله ناقة حملتني إليك، فقال "إنّ" وراكبها، معناه "أجل"
كقول الشّاعر:
ويقلن شيب قد علاك ... وقد كبرت فقلت إنّه
[مجزوء الكامل] ). [حروف المعاني والصفات: 56]

"أنّ" المشدّدة المفتوحة
قال أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجَّاجيُّ (ت: 340هـ): ( "أنّ" المشدّدة المفتوحة تكون مع صلتها بمعنى اسم علم يحكم عليه بالإعراب، كقولك: بلغني "أنّك" شاخص، فهي بمعنى اسم مرفوع تأويله بلغني شخوصك، وتقول كرهت "أنّك" شاخص، فهي في موضع اسم منصوب معناه كرهت شخوصك، وتقول عجبت من "أنّك" منطلق، والمعنى من انطلاقك، وتكون بمعنى "لعلّ"، تقول السّوق "أنَا" نشتري غلاما، أي: "لعلّنا" نشتري غلاما). [حروف المعاني والصفات: 56 - 57]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 18 ذو الحجة 1438هـ/9-09-2017م, 03:44 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال أبو الحسن علي بن عيسى بن علي بن عبد الله الرماني (ت: 388هـ): (الفرق بين "إن" و"أن".
الفرق بين "إن" و"أن":
مواضع "إن" مخالفة لمواضع"أن"، "فلإن" المكسورة ثلاثة مواضع:
الابتداء، والحكاية بعد القول، ودخول "اللّام" في الخبر.
فالابتداء، نحو قولك: "إن" زيدا منطلق، ولا يجوز الفتح في الابتداء أصلا.
وأما الحكاية بعد القول، نحو: قلت "إن" زيدا منطلق، وكذا قياس ما تصرف من القول، نحو: أقول ويقول وما أشبه ذلك.
وأما دخول "اللّام" في الخبر، نحو: قد علمت "إن" زيدا لمنطلق، ومنه قوله عز وجل: {والله يعلم إنّك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون}، ولولا "اللّام" في الخبر لفتحت "إن" يعمل الفعل فيها، كما تقول اشهد أن محمّدًا رسول الله، فأما قوله تعالى: {وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلّا إنّهم}، (ليأكلون الطّعام)، فلم يكسر لأجل "اللّام" من قبل أن "اللّام" لو لم تكن ههنا لكانت مكسورة إذ كانت "اللّام" كما تقول ما قدم علينا أمير إلّا انه مكرم لي فهذا موضع ابتداء ولا يعتبر "باللّام" فيه.
وأما المفتوحة فهي مع ما بعدها بمنزلة المصدر، ولا بد من أن يعمل فيها ما يعمل في الأسماء، نحو: يسرني "أنّك" خارج، كأنّك قلت: سرني خروجك، فموضع "أن" ههنا رفع؛ لأنّها بمعنى المصدر يرتفع كما يرتفع المصدر، وتقول: أكره "أنّك" مقيم، فيكون موضعها نصبا، كأنّك قلت: أكره إقامتك، ومثل هذا قولك من لي "بأنك" راحل، أي: من لي برحيلك فيكون موضعها خفضا كالمصدر الّتي وقعت موقعه.
فالمفتوحة أبدا بمعنى المصدر، والمكسورة بمعنى الاستئناف وما جرى مجراه؛ لأن الحكاية بعد القول تجرى مجرى الاستئناف، تقول: قلت زيد منطلق، وكذلك إذا دخل في خبرها "لام" الابتداء صرفت إلى الابتداء أيضا من أجل "اللّام").[منازل الحروف: 57 - 58]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 18 ذو الحجة 1438هـ/9-09-2017م, 03:46 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي


"إن" مكسورة "الألف" الثقيلة "النون"
قال إسماعيل بن أحمد الحيري الضرير (ت: 431هـ):
(باب "إن" مكسورة "الألف" الثقيلة "النون"
وهي على أربعة أوجه:
أحدها: "به" كقوله: {إن الذين كفروا}، {إن الذين آمنوا}.
والثاني: التأكيد، {ثم إن ربك}،{وإن اللّه على نصرهم}.
والثالث: بمعنى "نعم"، {إن هذان لساحران} (طه 63).
والرابع: بمعنى "إلا"، {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى} (الأنبياء 101) ). [وجوه القرآن: 67]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 18 ذو الحجة 1438هـ/9-09-2017م, 03:47 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي


باب "إن" المكسورة المشددة
قال أحمد بن عبد النور المالقي (ت: 702هـ): (باب "إن" المكسورة المشددة
اعلم أن لها في الكلام موضعين:
الموضع الأول: أن تكون للتوكيد في الجملة الاسمية وهي داخلةٌ على المبتدأ والخبر، فيصيرُ ما كان مبتدأ اسمًا لها فتنصبه، وما كان خبرًا خبرًا لها فترفعه.
وكان حقها وحق أمثالها من الحروف التي تعمل عملها أن تخفيض الاسم بعدها لأنها اختصت بالأسماء ولم تكن كجزءٍ منها، وكل ما اختص بالأسماء ولم يكن كجزء منها عمل فيها الخفض كحروف الجر، إلا أن "إن" وأخواتها أشبهت الأفعال المتعدية إلى مفعول به واحد من نحو: ضرب زيدٌ عمرًا، بكونها طلبت اسمين كطلبها لهما، وتضمنتهما كتضمنها، وإن اختلفا فيه، فعملت ذلك العمل لشبهها له فيما ذكر، إلا أنه تقدم المنصوب لازمٌ على المرفوع في بابها، تنبيهًا على أن عملها بحق الشبه لا بحق الأصل، ولم تتصرف تصرف الأفعال، فلا يجوز في معمولها تقدم آخرها على الأول ولا عليها لذلك.
فإذا ثبتت هذه المقدمة قد: أن أحكام تختص بها لابد من ذكرها:
فمنها: أنه لا يجوز حذف اسمها لأنه عمدة، مبتدأ في الأصل إلا إن كان ضمير شأن فيجوز حذفه في الشعر كقوله:
إن من يدخل الكنيسة يومًا .... يلق فيها جاذرًا وظباء
وتقديره: "إنه" من. وأما حذف خبرها فيجوز للدلالة عليه، كقوله:
ويقلن شيبٌ قد علا .... ك وقد كبرت فقلت: إنه
أي: "إنه" قد كان ذلك، [و] كقوله:
إن محلا وإن مرتحلا.... وإن في السفر ما مضى مهلا
أي: "إن" لنا محلا.
ومنها: أنه لا يصح أن تدخل على مبتدأ فيه معنى الاستفهام نحو: "من" القائم؟ أو معنى الشرط نحو: "من" يقم أقم إليه. أو كم الخبرية نحو: كم "من" قائم ذاهبٌ، أو "ما" التعجبية نحو "ما" أحسن زيدًا، وأخواتها المحتاجة إلى اسم وخبر مثلها في ذلك، وأما خبرها فلا يكون "كم" الخبرية كما ذُكر ولا جملة طلبية وهي التي لا تحتمل الصدق والكذب، فأما قول الشاعر:
.... .... .... .... .... إن الرياضة لا تنصبك للكذب
فعلى تقدير: يقال فيها، وحذفُ القول في كلام العرب والقرآن كثير، نحو قوله تعالى: {فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثًا، وما أصابك} أي: يقولون: "ما" أصابك، وقوله تعالى: {فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم}، أي: فيقال لهم: أكفرتم، ومواضعه في القرآن كثير.

ومنها: أنه يدخل في خبرها أو ما جرى مجراه "اللام" دون سائر أخواتها، إلا "لكن" لما يُبين في بابها، فتقول: "إن" زيدًا لقائمٌ وفي اسمها بشرط الفصل، نحو قوله تعالى: {إن في ذلك لآية} وفي الفصل المضمر الذي بين اسمها وخبرها نحو: "إن" زيدًا لهو القائم وقوله تعالى: {إنك لأنت الحليم الرشيد}، و{إن هذا لهو البلاءُ المبين}، وفي معمول خبرها شرط تقدمه على الخبر نحو: «"إن" زيدًا لفي الدار قائمٌ»، ومنه قول الشاعر:
إن امرأ خصني عمدا مودته .... على التنائي لعندي غير مكفور
ومنه قوله تعالى: {لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون}، وفي ما يحل محل الخبر من ظرفٍ ومجرور نحو قولك: "إن" زيدًا لفي الدار، و"إن" زيدًا لعندك، قال تعالى: {إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم}، وفي المضارع نحو: "إن" زيدًا ليقوم، وقوله تعالى: {وإن ربك ليحكم بينهم}، والماضي الذي لا يتصرف، نحو: "إنك" لنعم الرجل والمتصرف بشرط "قد" نحو: "إن" زيدًا "لقد" قام، وإنما دخلت "اللام" في هذه المواضع مع "إن" المكسورة لتناسبها في التوكيد وفي عدم تغييرها للمبتدأ أو الخبر عن معنى الابتداء والخبر، إلا أنه لا يجتمعان متصلين إلا إن قلبت "همزة" "إن" "هاء" كقوله:
ألا يا سنا برقٍ على قُلل الحمى .... لهنك من برقٍ علي كريم
وإنما قدمت "اللام" على "إن" لأن "إن" عاملة و"اللام" غير عاملة فولي العامل معموله، فإذا تخيرت فُصل بينهما على نحو ما ذُكر لاجتماع حرفين مؤكدين.
ولا يصح قولُ من قال: إن "إن" مؤكدة للجملة و"اللام" مؤكدة للخبر لوجهين:

أحدهما: أن التوكيد سواءٌ كان بـ "إن" أو "اللام" إنما عدل هو للأخبار لأنها التي تقع بها الفائدة، وإنما وُضع الاسم للإسناد إليه،
والثاني: أن "اللام" قد تدخل في اسمها كما ذكر، فينبغي على هذا أن تكون مؤكدة للاسم خاصة، وهذا لا يصح.

ومنها: جواز الرفع في المعطوف على اسمها إذا كان بعد الخبر نحو: «"إن" زيدًا قائمٌ وعمروٌ»، وقوله تعالى: {إن الله بريءٌ من المشركين ورسولُه} على قراءة من قرأ بكسر "إن" ورفع «رسوله» خارج السبعة، وإنما ذلك لكونها مع اسمها في موضع مبتدأ إذ لم تغير معناه وإن كانت ناصبة، فإذا قال القائل: "إن" زيدًا قائمٌ وعمروٌ فهو في تقدير: زيدٌ قائمٌ وعمروٌ، ولابد، ولا يُنكر هذا العطف فإنه قد جاء بعد خبرها وخبر ليس على الموضع بالنصب كقوله:
.... .... .... .... .... فلسنا بالجبال ولا الحديدا
وكقوله:
لعمرك ما قلبي إلى أهله بحر..... ولا مقصر يومًا فيأتيني بقر
برفع «مقصر» ونصبه وخفضه، فالرفع عطفًا على موضع «بحر» على مذهب بني تميم، والنصب عطفًا على موضعه على مذهب أهل الحجاز، والخفض [عطفًا] على اللفظ، ومثل ذلك النعت على الموضوع في باب النداء وغيره إذا كانت "من" زائدة نحو قوله تعالى: {ما لكم من إلهٍ غيره} برفع «غير» على موضع «إله» لأنه مبتدأ في الأصل، و"من" زائدة، و"لكن" تجري مجرى "إن" فيما ذكر.

ومنها: أنه يجوز فيها التخفيف، وقد ذُكر حكمها إذا كانت كذلك.

ومنها: أنه يجوز اتصال "نون" الوقاية بها، لأنها أشبهت الفعل في فتح آخرها فحوفظ على فتحه، فإن وجدت دون "نون" الوقاية، "فالنون" الأصلية محذوفة لاجتماع "النونين" المتحركتين، ودلت "نون" الوقاية عليها، ولا تقول: إنها المحذوفة لأنها وضعت لمعنى هو باقٍ، فكان ينبغي أن تبقى معه كقوله تعالى: {إني أنا ربك فاخلع نعليك}.
وإذا لحقتها "ما" فتقول: "إنما"، وتدخل على الجملة الاسمية، فبعضهم يجعلها كافةً فيرتفع ما بعدها بالابتداء والخبر وهو المسموع، نحو قولك: "إنما" زيدٌ قائمٌ، وقال تعالى: {إنما الله إلهٌ واحدٌ}، وبعضهم يُعملها كعلمها دون "ما"، فتكون "ما" زائدةً غير مؤثرة، فتقول: "إنما" زيدًا قائمٌ، قياسًا على «ليت» فإنه قد سُمع نصب ما بعدها ومعها "ما"، وترك العمل، وستأتي في بابها.
والصحيح أنها لا تعمل بحكم السماع كما ذكر، وبحكم القياس لأنها لا تختص بجملة اسمية ولا فعلية إذ تقول: "إنما" زيدٌ قائم، و"إنما" يقوم زيد، ولا يعمل إلا ما يختص، وهذا أصلٌ مبني عليه كثيرٌ من أبواب العربية، وقد مضى منه شيء وسيردُ عليك شيء منه إن شاء الله.
ومعنى "إنما" في كلام العرب الحصر والتخصيص بأحد الخبرين، فإذا قال قائل: قام زيدٌ وعمروٌ، فتقول: "إنما" عمروٌ القائم، و"إنما" قام عمرو، ومن كلامهم: "إنما" الكريم يوسف، ويعبر عنها بعض الأصوليين أنها لتحقيق المتصل وتمحيق المنفصل، وهذا راجعٌ إلى المعنى الذي ذكرتُ لك من الحصر والتخصيص، وتسمى عند النحويين حرف ابتداء، إذ الأسماء بعدها مبتدأٌ لا غيرُ، وحكمها في الحصر والاختصاص حكم "إلا" وكذلك في حكم تأخير الفعل وتقديمه على الوجوب في باب الفاعل والمفعول، نحو: "إنما" ضرب زيدًا وعمروٌ، و"إنما" ضرب عمروٌ زيدًا.

الموضع الثاني: أن تكون جوابًا بمعنى "نعم" فتقع بعد الطلب والخبر، فإذا قال القائل: اضرب زيدًا فتقول: "إنه"، أي: "نعم"، وتقول: قام زيد، فتقول: "إنه"، أي: "نعم"، قال الشاعر:
وقائلة: أسيت فقلت جير .... أسي إنني من ذاك إنه.
أي:"نعم"، و"الهاء" للوقف، وقال الراد حين قال القائل: «لعن الله ناقة حملتني إليك»: "إن" وراكبها، أي: "نعم"، ولعن راكبها، وأما قول الآخر:
ويقلن شيبٌ قد علاك ....ك وقد كبرت فقلت: إنه
فيحتمل أن تكون فيه بمعنى "نعم" ويحتمل أن تكون على مواضعها الأولى، والها ضمير اسمها والخبر محذوفٌأي: كان ما تقلن، كما حذف الآخر «كان» أو «ذهب» في قوله:
.... .... .... .... .... فسوف تصادفه أينما
والآخر «زالت» في قوله:
.... .... .... .... ....لما تزل برحالنا وكأن قد).
[رصف المباني: 118 - 125]

باب "أنَّ" المفتوحة المشددة
قال أحمد بن عبد النور المالقي (ت: 702هـ): (باب "أنَّ" المفتوحة المشددة
اعلم أن لها في الكلام موضعين:
الموضع الأول: أن تكون للتوكيد كالمكسورة المشدة المذكورة قبل هذا، والكلام عليها في دخولها على المبتدأ والخبر ونصب الأول اسمًا لها ورفع الثاني خبرًا لها كالكلام على "إن" المكسورة المذكورة، لا فرق بينهما في ذلك ولا على ما تدخل عليه من المبتدأات والأخبار التي ذكرت في بابها، فتقول: علمت "أن" زيدًا قائمٌ، كما تقول: "إنه" زيدًا قائمٌ.
وأحكامها في العمل بالتشبيه وغيره واحدةٌ كما ذكر، إلا أن الفرق بينهما "أن" هذه مفتوحة وتلك مكسورة، وأن هذه أبدًا تكون في موضع اسم مفرد معمولٍ لغيره، نحو: «أعجبني "أنك" قائم وكرهت "أنك" خارج»، و«عجبت من "أن" ذاهبٌ»، التقدير: أعجبني قيامك، وكرهت خروجك، وعجبت من ذهابك، وأن "إن" المكسورة تكون في موضع المبتدأ وخبره، حيث وقعا أول الكلام، أو أثناءه.
وعدّد لها بعض النحويين مواضع وزاد فيها بعضهم على بعضٍ، منها ابتداء الكلام، نحو: "إن" زيدًا منطلق، ومنها بعد القسم، نحو: والله "إن" زيدًا قائم، ومنها إذا كان [في] خبرها "اللام" نحو: علمتُ "أن" زيدًا منطلق، ومنها بعد القسم، نحو: والله "إن" زيدًا قائم، ومنها إذا كان [في] خبرها "اللام" نحو: علمت "إن" زيدًا لمنطلقٌ ومنها: بعد القول المجرد من معنى الظن وعمله، نحو: قال زيدٌ "إن" عمرًا منطلقٌ، ومنها بعد "ألا" الاستفتاحية، نحو: "ألا" "إن" زيدًا قائم، ومنها بعد "ثم" نحو: قمت "ثم" "إنك" تقعد، ومنها بعد "حتى" نحو: قمت "حتى" "إنك" منطلقٌ، ولا معنى لتحديد هذه المواضع؛ لأن كل واحدٍ منها يصلح للمبتدأ والخبر فيه، فذلك يجمعها.
والكلام يُتصور فيه للمكسورة "الهمزة" تارةً والمفتوحة تارةً، ولهما فيه تارة بحسب صلاح المفرد أو الجملة أو صلاحهما، وبعضهم حصر مواضعها بأن قال: ما صلح في موضعها الاسم والفعل معًا فهي مكسورةٌ فيه، وما صلح فيه الاسم لا غير أو الفعل لا غير فهي مفتوحةٌ، احترازًا من "لولا"، و"لو" فإن "إن" مفتوحةٌ بعدها، و"لولا" يليها الاسم لا غير، و"لو" يليها الفعل لا غير.
وليس الأمر كذلك، وإنما ولي "لولا" "أن" المفتوحة لأن "لا" في موضع الفعل، وذلك الاسم يرتفع به فهي على موضعها من حلولها موضع الاسم المفرد المعمول لا في موضع المبتدأ والخبر على ما زعموا، لما يذكر في بابها، وإنما ولي "لو" "أن" المفتوحة المذكورة لأن الفعل مقدرٌ بعدها فهو مرفوعٌ به مفرد معمول له حلت محله، فإذا قلت «"لو" "أن" زيدًا قائم لأكرمتك»، فالتقدير: لو صح أو ثبت، فإن هذا الفعل قد حذف اختصارًا لطلبها له وفاعله بعده،
ومنه قول بعضهم: «"لو" ذات سرارٍ لطمتني»: أي: "لو" لطمتني، وعليه قوله تعالى: {لو أن الله هداني لكنت من المتقين}، ولما كانت "لو" طالبةً للفعل جاز تقديره بعدها. و "أن" هذه لا يُعطف على موضعها مع اسمها في نحو: علمتُ "أن" زيدًا قائم وعمروٍ «وتلك» يُعطف على موضعها مع اسمها وإنما ذلك لأن "إن" المكسورة مع اسمها في موضع مبتدأ والمفتوحة مع اسمها وخبرها في موضع اسمٍ مفردٍ معمولٍ كما ذكرنا.
و "أن" هذه إذا خُففت لا تعمل [إلا] في ضمير الأمر والشأن إلا في الضرورة، كما ذكر في بابها، والمكسورة المشددة ليست كذلك.
و "أن" هذه إذا خففت تدخل على غير الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر بشرط الفصل كما ذكر في بابها، والمكسورة ليست كذلك.

الموضع الثاني: أن تكون بمعنى "لعل" كقولك: قمتُ لأنك تكرمني، أي: "لعلك" تكرمني، قال الله تعالى: {وما يشعركم} أنها إذا جاءت لا {يؤمنون}، وقال الشاعر:
عوجا على الطلل المحيل لأننا..... نبكي الديار كما بكى ابن حذام
أي: "لعنا"). [رصف المباني: 125 - 127]


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 18 ذو الحجة 1438هـ/9-09-2017م, 10:38 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي


حروف التأكيد
قال إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الصفاقسي (ت: 742هـ): (ومنها التأكيد:
وحروفه: "إنّ"، و"أنّ"، و"اللام"، و"النون" شديدةً وخفيفةً، كقوله تعالى: {ليسجننّ وليكونن} ). [التحفة الوفية: ؟؟]

حروف الابتداء
قال إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الصفاقسي (ت: 742هـ): (ومنها الابتداء:
وحروفه: "إنّ" وأخواتها إذا كفّت بـ"ما"، و"هل"، و"بل"، و"لكن"، و"حتّى" إذا وقعت بعدها جملةٌ، نحو: "إنّما" زيدٌ قائمٌ، و"هل" زيدٌ قائمٌ، و"ما" زيدٌ "لكن" عمرٌو قائمٌ، وأكلت السمكة "حتّى" رأسها مأكولٌ، و"ما" قام زيدٌ، "بل" عمرٌو قائمٌ). [التحفة الوفية: ؟؟]

المصدر
قال إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الصفاقسي (ت: 742هـ): (ومنها المصدر:
وحروفه: "أن"، و"أنّ"، و"كي" في أحد قسميها، و"ما" على أنّها حرفٌ، و"الذي"، و"لو"، وفي مصدريّتها خلافٌ). [التحفة الوفية: ؟؟]

النوع الرابع: الذي يعمل نصباً ورفعاً
"إنّ" و"أنّ"

قال إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الصفاقسي (ت: 742هـ): (النوع الرابع: الذي يعمل نصباً ورفعاً، وهو صنفان:
أحدهما: الذي ينصب المبتدأ، ويرفع الخبر، وهو: "إنّ" و"أنّ": ومعناهما التأكيد). [التحفة الوفية: ؟؟]

حروف الجواب
قال إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الصفاقسي (ت: 742هـ): (ومنها الجواب:
وحروفه: "نعم"، و"بلى"، و"أجل"، و"إنّ" – بمعنى "نعم" –، و"إي"، و"جير"، وقيل: هي اسم).[التحفة الوفية: ؟؟]


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 18 ذو الحجة 1438هـ/9-09-2017م, 10:40 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال الحسن بن قاسم بن عبد الله بن عليّ المرادي المصري المالكي (ت: 749هـ): (
"إن" حرف، له قسمان:
الأول: أن يكون حرف توكيد، ينصب الاسم ويرفع الخبر. نحو: "إن" زيداً ذاهب. خلافاً للكوفيين، في قولهم: إنها لم تعمل في الخبر شيئاً، بل هو باق على رفعه قبل دخولها.
وأجاز بعض الكوفيين نصب الاسم والخبر معاً، "بإن"وأخواتها. وأجازه الفراء في ليت خاصة. ونقل ابن أصبغ عنه أنه أجاز في لعل أيضاً. قال ابن عصفور: وممن ذهب إلى جواز ذلك، في "إن" وأخواتها، ابن سلام في طبقات الشعراء. وزعم أنها لغة رؤية وقومه. وقال ابن السيد: نصب خبر "إن" وأخواتها لغة قوم من العرب. وإلى ذلك ذهب ابن الطراوة. والجمهور على أن ذلك لا يجوز. ومن شواهد نصب خبر "إن" قول عمر بن أبي ربيعة:
إذا اسود جنح الليل فلتأت، ولتكن ... خطاك خفافاً، إن حراسنا أسدا
وأوله المانعون على أنه حال، والخبر محذوف، أي: تلقاهم أسداً. أو خبر كان محذوفة، أي: كانوا أسداً.
ومن أحكام "إن" أنها قد تخفف، كما تقدم في باب الثنائي، خلافاً للكوفيين. "فإن" المخففة عندهم نافية، وهي حرف ثنائي الوضع، و"اللام" بعدها بمعنى "إلا". و"إن" المشددة لا تخفف عندهم. ويبطل قولهم أن من العرب من يعملها، بعد التخفيف، عملها وهي مشددة. فيقول: "إن" عمراً لمنطلق. حكاه سيبويه.
ومن أحكامها أنها قد تتصل بها "ما" الزائدة، فيبطل عملها، ويليها الجملتان: الأسمية والفعلية، فتكون "ما" كافة لها عن العمل، ومهيئة لدخولها على الأفعال. والجمهور على أن إعمالها، عند اتصال "ما"، غير مسموع. ثم اختلفوا في جوازه قياساً. وذهب قوم إلى منعه، وهو مذهب سيبويه، فإنه لا يجيز أن يعمل عنده، من هذه الأحرف، أعني "إن" وأخواتها، إذا لحقتها "ما"، إلا "ليت" وحدها وذكر ابن مالك أن الإعمال قد سمع في "إنما" وهو قليل. وذكر أن الكسائي، والأحفش، روياه عن العرب.

مسألة
اشتهر في كلام المتأخرين، من أهل النحو، أن "إنما" للحصر. قال الشيخ أبو حيان: والذي تقرر، في علم النحو، أن "ما" الداخلة
على "إن" وأخواتها كافة لها عن العمل، فإن فهم حصر فمن سياق الكلام، لا منها. ولو أفادت الحصر لأفادته أخواتها المكفوفة بما.
وقال ابن عطية: "إنَّما" لفظ لا تفارقه المبالغة والتأكيد، حيث وقع. ويصلح، مع ذلك، للحصر. فإذا دخل في قصة، وساعد معناها على الأنحصار، صح ذلك وترتب. كقوله تعالى: {أنما آلهكم إله واحد}، وغير ذلك من الأمثلة. وإذا كانت القصة لا تتأنى للإنحصار بقيت "إنما" للمبالغة فقط، كقوله عليه السلام "إنما" الربا في النسيئة.
واحتج من ذهب إلى أنها تفيد الحصر بوجهين:
أحدهما لفظي، وهو أن العرب أجرت عليها حكم النفي وإلا ففصلت الضمير بعدها، كقول الفرزدق:
أنا الذائد، الحامي الذمار، وإنما ... يدافع عن أحسابهم أنا، أو مثلي
لما كان غرضه أن يحصر المدافع لا المدافع عنه فصل الضمير. ولو قال وإنما أدافع عن أحسابهم لأفهم غير المراد. فدل ذلك على أن العرب ضمنت "إنما" معنى "ما" و"إلا".
والثاني معنوي، وهو وجه يسند إلى علي بن عيسى الربعي، وهو من أكابر نحاة بغداد، أنه لما كانت كلمة "إن" لتأكيد إثبات المسند للمسند إليه، ثم اتصلت بها "ما" الزائدة المؤكدة، ناسب أن تضمن معنى الحصر لأن الحصر ليس إلا تأكيد على تأكيد. فإن قولك: زيد جاء "لا" عمرو، لمن يردد المجيء الواقع بينهما، يفيد إثباته لزيد في الابتداء صريحاً، وفي الآخر ضمناً.
واستدل الإمام فخر الدين، على أنها للحصر، بأن "إن" للإثبات، و"ما" للنفي، فإن لإثبات المذكور، و"ما" لنفي ما عداه. ورد بأنه قول من لا وقوف له على علم النحو، وهو ظاهر الفساد، لوجوه:
منها: أن فيه إخراج "ما" النافية عما تستحقه، من وقوعها صدراً. ومنها أن فيه الجمع بين حرف نفي وحرف إثبات، بلا فاصل. ومنها أنه لو كانت نافية لجاز أن تعمل، فيقال: "إنما" زيد قائماً. ذكر بعضهم هذه الأوجه. ولا يحتاج، في بيان فساد هذا القول، إلى ذلك. فإنه لا يخفى فساده.
قلت: ذكر القرافي في شرح المحصول أن أبا علي الفارسي نقل في مسائله الشيرازيات أن ما في "إنما" للنفي والله أعلم.

القسم الثاني: أن تكون حرف جواب، بمعنى "نعم". ذكر ذلك سيبويه، والأخفش. وحمل المبرد، على ذلك، قراءة من قرأ {إن هذان لساحران}. وأنكر أبو عبيدة أن تكون "إن" بمعنى "نعم". ومن شواهدها قول الراد، حين قال القائل: لعن الله ناقة حملتني إليك، فقال: "إن" وراكبها، أي: "نعم" ولعن راكبها.
ويبطل كون "إن" في هذا الكلام هي المؤكدة، من وجهين: أحدهما عطف جملة الدعاء على جملة الخبر. والثاني أنه لم يوجد حذف اسم "إن" وخبرها في غير هذا الكلام.
قلت: وقد صحح بعض النحويين جواز عطف الطلب على الخبر، وقال: هو مذهب سيبويه.
وأما قول الشاعر:
ويقلن: شيب قد علا ... ك، وقد كبرت، فقلت: إنه
فيحتمل أن تكون "إن" فيه بمعنى "نعم"، كما قال الأخفش. ويحتمل "أن" تكون المؤكدة و"الهاء" اسمها، والخبر محذوف، كما قال أبو عبيدة. وإذا جعلت بمعنى "نعم" "فالهاء" للسكت.

فائدة
ذكر بعض النحويين لإن في الكلام عشرة أنحاء:
الأول: أن تكون حرف توكيد.
والثاني: أن تكون حرف جواب، بمعنى "نعم". وقد تقدم الكلام على هذين.
والثالث: أن تكون أمراً للواحد المذكر، من الأنين. نحو: "إن"، بازيد.
والرابع: أن تكون فعلاً ماضياً، مبنياً لما لم يسم فاعله، من الأنين، على لغة رد، بالكسر. نحو: "إن" في الدار.
والخامس: أن تكون أمراً لجماعة الإناث، من الأين، وهو التعب. نحو: "إن"، يا نساء، أي: تعبن.
والسادس: أن تكون فعلاً ماضياً، خبراً عن جماعة الإناث، من ألأين أيضاً. نحو: النساء "إن"، أي: تعبن.
والسابع: أن تكون أمراً، "من" و"أي" بمعنى: وعد، للمؤنثة. كقول بعض المتأخرين:
إن هند، الجميلة، الحسناء ... وأي من أضمرت لخل، وفاء
فإن فعل أمر مؤكد "بنون" التوكيد الشديدة. وكان أصله قبل لحاق "النون" إي "بياء" المخاطبة، لأنه أمر للمؤنث. فلما لحقته "النون" حذفت "الياء"، لالتقاء الساكنين. وهند في البيت منادى، تقديره: "يا" هند. والجميلة الحسناء: نعت لهند على المحل، كقوله: "يا" عمر، الجوادا وأجاز بعضهم أن تكون الجميلة مفعولاً لفعل الأمر الذي هو "إن". وقوله وأي مصدر منصوب "بإن".
والثامن: أن تكون أمراً لجماعة الإناث، "من": آن يئين، أي: قرب. فتقول: "إن" يا نساء، أي اقربن.
والتاسع: أن تكون ماضياً، خبراً عن الإناث، من "آن" أيضاً. نحو: النساء "إن"، أي: قربن.
والعاشر: أن تكون مركبة من "إن" النافية وأنا كقول العرب: "إن" قائم. يريدون: "إن" أنا قائم. فنقلوا حركة "الهمزة" إلى "نون" "إن"، وحذفوا "الهمزة"، وأدغموا. ونظيره قوله {لكنا هو الله ربي}. وسمع من بعضهم: "إن" قائماً، بالنصب، على إعمال "إن" عمل "ما" الحجازية. والله أعلم). [الجنى الداني:393 - 402]

"أن" المفتوحة "الهمزة"
قال الحسن بن قاسم بن عبد الله بن عليّ المرادي المصري المالكي (ت: 749هـ): (
"أن" المفتوحة "الهمزة" لها قسمان:
الأول: أن تكون حرف توكيد، تنصب الاسم، وترفع الخبر، مثل "إن" المكسورة التي تقدم ذكرها. و"أن" المفتوحة من الأحرف المصدريات. ونص النحويون على أنها تفيد التوكيد "كإن" المكسورة. واستشكله بعضهم. قال: لأنك لو صحرت بالمصدر المنسبك منها لم يفد توكيداً. وليس هذا الإشكال بشيء.
واختلف في المفتوحة "الهمزة"، فقيل: هي فرع المكسورة. وهو مذهب سيبويه، والمبرد في المقتضب، وابن السراج في الأصول. ولذلك قال هؤلاء في "إن" وأخواتها: الأحرف الخمسة. ولم يعدوا "أن" المفتوحة، لأنها فرع. وهو مذهب الفراء وقيل: "إن" المفتوحة أصل للمكسورة وقيل: هما أصلان.
والأول هو الصحيح، ويدل على صحته أوجه:
الأول: أن الكلام مع المكسورة جملة غير مؤولة بمفرد، بخلاف المفتوحة. والأصل أن يكون لمنطوق به جملة من كل وجه، أو مفرداً من كل وجه.
الثاني: "أن" المكسورة مستغنية بمعموليها عن زيادة، بخلاف المفتوحة.
الثالث: "أن" المفتوحة تصير مكسورة، بحذف ما تتعلق به.
كقولك في عرفت "أنك" بر: "إنك" بر. ولا تصير المكسورة مفتوحة، إلا بزيادة. والمرجوع إليه بحذف أصل.
الرابع: "أن" المكسورة تفيد معنى واحداً، وهو التوكيد. والمفتوحة تفيده، وتعلق ما بعدها بما قبلها. فكانت فرعاً.
الخامس: "أن" المكسورة أشبه بالفعل، لأنها عاملة غير معمولة، كما هو أصل الفعل.
السادس: "أن" المكسورة كلمة مستقلة، والمفتوحة كبعض اسم.
إذا تقرر هذا فاعلم أن "أن" لها أحوال: تارة يجب كسرها، وتارة يجب فتحها، وتارة يجوز الوجهان.
فيجب كسرها في كل موضع، يمتنع فيه تأويلها مع اسمها وخبرها بمصدر.
وذلك في ثمانية مواضع:
الأول: ابتداء الكلام حقيقة، نحو {إنا أعطيناك الكوثر}، أو حكماً، نحو {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون}.
الثاني: صلة الموصول، نحو {وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء}. "فإن" و"ما" دخلت عليه صلة "ما". فإن لم تكن صلة بل جزء صلة فتحت، نحو: جاء الذي في ظني أنه فاضل. وإذا وردت مفتوحة بعد الموصول جعلت الصلة محذوفة، وأن معمولة لذلك المحذوف، كقولهم: لا أكلمه "ما" "أن" في السماء نجماً، أي: "ما" ثبت "أن".
الثالث: جواب القسم نحو {والعصر، إن الإنسان لفي خسر} فإن كان في جملتها "اللام"، كالآية، فلا خاف في وجوب كسرها. وإن لم يكن ففيه خلاف، سيأتي.
الرابع: إذا حكيت بالقول، نحو {قال الله: إني معكم}.
فلو وقعت بعد القول، غير محكية، فتحت، نحو: أتقول "أنك" فاضل. لأن القول، في هذا، عامل عمل الظن.
الخامس: أن تقع موقع الحال مصاحبة "لواو" الحال، نحو {وإن فريقاً من المؤمنين لكارهون}، أو غير مصاحبة، نحو {إلا إنهم ليأكلون الطعام}.
السادس: أن تكون قبل "لام" معلقة، نحو {والله يعلم إنك لرسوله}. فهذه "لولا" "اللام" لفتحت.
السابع: أن تكون واقعة موقع خبر اسم عين، نحو: زيد "إنه" قائم. ومنه قوله تعالى: {إن الذين آمنوا، والذين هادوا، والصائبين، والنصارى، والمجوس، والذين أشركوا، إن الله يفصل بينهم}. وكذا الواقعة موقع المفعول الثاني في باب ظن، لأنه خبر في الأصل. كقول الشاعر:
منا الأناة، وبعض القوم يحسبنا ... إنا بطاء، وفي إبطائنا سرع
فإن قلت: فهل يجوز فتح "إن" إذا وقعت خبر اسم عين، وتجعل من باب الإخبار بالمعنى عن العين، مبالغة، فيقال: زيد "أنه" قائم، كما يقال: زيد قيام؟ قلت: الحرف المصدري أضعف من صريح المصدر، فلا يلزم أن يجوز فيه ما جاز في المصدر الصريح. وقد نص ابن مالك، على أن الحرف المصدري لا يؤكد به فعل، ولا يقع نعتاً، ولا حالاً.
الثامن: أن تقع بعد "حيث" نحو: من حيث "إنه" فاضل. قال بعض النحويين: وقد أولع عوام الفقهاء بفتح "أن" بعدها قلت: يلزم من أجاز إضافة حيث إلى المفرد، وهو الكسائي، أن يجيز فتح "أن" بعدها.
ويجب فتح: "أن" في كل موضع، يلزم فيه تأويلها، مع اسمها وخبرها، بمصدر.
وذلك في ثمانية مواضع:
الأول: أن تقع في موضع فاعل، نحو {أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب}.
الثاني: أن تقع في موضع نائبة، نحو {قل: أوحي إلي أنه استمع}.
الثالث: أن تقع في موضع مبتدأ، نحو: في ظني "أنك" فاضل. ويجب تقديم خبرها، لأن المفتوحة لا تقع في ابتداء الكلام، خلافاً لبعضهم، ما لم تكن بعد "أما" فيجوز التقديم والتأخير، نحو "أما" "أنك" فاضل ففي ظني.
الرابع: أن تقع اسم "كان"، نحو: "كان"، في ظني "أنك" فاضل.
الخامس: أن تقع اسم "إن" مفصولة بالخبر، نحو: "إن" عندي "أنك" فاضل. وكذا باقي أخواتها. وقد تتصل "بليت" سادة مسد اسمها وخبرها، عند سيبويه. وقال الأخفش: بل مسد الاسم فقط، والخبر محذوف. كقول الشاعر:
فيا ليت أن الظاعنين تلفتوا ... فيعلم ما بي، من جوى، وغرام
وأجاز الأخفش ذلك في "لعل"، قياساً على "ليت". وعنه أنه أجازه في "لكن" أيضاً.
وأجازه الفراء، وهشام، دخول "إن" المكسورة على "أن" المفتوحة، نحو: "إن" "أنك" قائم يعجبني. والصحيح المنع، وهو مذهب سيبويه.
السادس: أن تكون خبر اسم معنى، نحو: أمرك "أنك" ذاهب.
السابع: أن تقع في موضع منصوب، غير خبر، نحو قوله تعالى: {ولا تخافون أنكم أشر كتم الله}. وإنما احترزت عن الخبر، والمراد به ثاني مفعولي ظن فإنه خبر في الأصل، لأنها يجب كسرها فيه، بعد اسم عين، كما تقدم.
الثامن: أن تقع في موضع مجرور، بحرف، نحو {ذلك بأن الله هو الحق}. وإما أن تقع في موضع مجرور بإضافة، نحو {إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون}.
وهذه المواضع الثمانية ترجع إلى ثلاثة أشياء:
أولها: أن تقع في موضع مصدر مرفوع.
وثانيها: أن تقع في موضع مصدر منصوب.
وثالثها: أن تقع في موضع مصدر مجرور.
وزاد بعضهم، في مواضع وجوب فتحها: أن تقع بعد "لولا" و"لو" و"ما" التوقيتية. نحو {فلولا أنه كان من المسبحين}، {ولو أنهم صبروا}، وحكى ابن السكيت: لا أكلمك "ما" "أن" في السماء نجماً. وهذه المواضع الثلاثة راجعة إلى ما تقدم، لأنها بعد "لولا" في موضع رفع بالابتداء، والخبر محذوف، على الصحيح. وبعد "لو" في موضع رفع على الفاعلية، بفعل مقدر، أي: و"لو" ثبت "أن". وهو مذهب الكوفيين، والمبرد، والزجاج، والزمخشري. أو على الابتداء، والخبر محذوف، وهو مذهب سيبويه. وقيل: لا حذف، لأنها سدت مسد الجزءين. وبعد "ما" التوقيتية في موضع رفع بفعل مقدر، تقديره: "ما" ثبت "أن" في السماء نجماً.
ويجوز الفتح والكسر في كل موضع، يجوز فيه تأويلها بمصدر وعدم تأويلها به.
وذلك في ثمانية مواضع:
الأول: "في" نحو: أول قولي "إني" أحمد الله. فالكسر على تقدير: أول قولي هذا الكلام المفتتح "بإني". والفتح على تقدير: أول قولي حمد الله. وفي هذه المسألة أقوال، لا يحتمل هذا الموضع ذكرها.
الثاني: بعد "إذا" الفجائية، كقول الشاعر:
وكنت أرى زيداً، كما قيل، سيداً ... إذا أنه عبد القفا، واللهازم
يروى بالكسر، على عدم التأويل، والتقدير: "إذا" هو عبد. وبالفتح، على تقدير: "فإذا" عبوديته. فعبوديته مبتدأ، و"إذا" الفجائية خبره، عند من جعلها ظرفاً. وأما من جعلها حرفاً فالخبر عنده محذوف، تقديره: حاصلة.
الثالث: بعد "فاء" الجواب، كقوله تعالى: {كتب ربكم على نفسه الرحمة: أنه من عمل منكم سوءاً، بجهالة، ثم تاب من بعده، وأصلح، فإنه غفور رحيم}. قرئ بالوجهين. فالكسر على جعل ما بعدها جملة تامة، أي: فهو غفور. والفتح على تقديرها بمصدر مبتدأ والخبر محذوف، أو خبر والمبتدأ محذوف، والتقدير: فغفرانه حاصل، أو: فجزاؤه الغفران.
الرابع: بعد "أما"، نحو: "أما" "أنك" ذاهب. رواه سيبويه بالكسر والفتح فالكسر على جعل "أما" حرف استفتاح. والفتح على جعلها بمعنى "حقاً". وقد تقدم بيان ذلك.
الخامس: بعد القسم، إذا لم توجد "اللام"، بشرط تقدم فعل القسم، نحو: أحلف بالله "أن" زيداً قائم. فالكسر على جعلها جواباً للقسم. والفتح على تقدير على وتكون متعلقة بفعل القسم. وقد روى بالوجهين قول الشاعر:
أو تحلفي بربك، العلي ... أني أبو ذيالك الصبي
وأجاز الكوفيون فتح "أن" إذا وقعت جواب القسم، دون "لام"، نحو: والله "أن" زيداً قائم. والصحيح وجوب الكسر، وهو مذهب البصريين. وقال ابن خروف: لم يسمع فتحها بعد اليمين، ولا وجه له. قلت: وهو كما قال وقد أوضحت ذلك، في غير هذا الكتاب.
السادس: بعد "حتى"، نحو: عرفت أمورك "حتى" "أنك" فاضل. إن جعلت حتى جاره أو عاطفة فتحت "أن". وإن جعلت حتى ابتدائية كسرت، كقولهم: مرض "حتى" "إنه" لا يرجى، بالكسر.
السابع: بعد "لا" جرم. المشهور بعدها فتح "أن"، كقوله تعالى: {لا جرم أن لهم النار}. ومذهب سيبويه أن "لا" نافية، وهي رد لما قبلها، متما يدل عليه سياق الكلام وجرم فعل ماض بمعنى: حق. وأن مع صلتها في موضع رفع بالفاعلية. وقال بعضهم: جرم بمعنى كسب، وفاعلها ضمير مستتر، وأن مع صلتها في موصع نصب بالمفعولية. والتقدير: كسب لهم كفرهم "أن" لهم النار. قال الشاعر:
نصبنا رأسه، في رأس جذع ... بما جرمت يداه، وما اعتدينا
أي: بما كسبت.
وقال الكوفيون: "لا" نافية، وجرم اسم "لا"، وهي بمعنى: "لا بد"، ولا محالة، وأن على تقدير من، أي: "لا" جرم من "أن" لهم النار. فجرم عند الكوفيين اسم. قال الزمخشري: من الجرم، وهو القطع، كما يقال إن بداً من التبديد، وهو التفريق. فكما أن معنى "لا بد" "أنك" تفعل كذا بمعنى: "لا بد" من فعله، فكذلك "لا" جرم "أن" لهم النار أي: "لا" قطع لذلك. بمعنى أنهم أبداً يستحقون النار، ولا انقطاع لاستحقاقهم. وروى عن العرب: "لا" جرم "أنه" يفعل، بضم "الجيم" وسكون "الراء"، بزنة: بد. وفعل وفعل أخوان، كرشد ورشد.
وأما وجه الكسر بعد "لا" جرم فهو ما حكاه الفراء. قال: العرب تقول: "لا" جرم لآتينك، و"لا" جرم لقد أحسنت. فتراها بمنزلة اليمين. قال ابن مالك: ولإجرائها مجرى اليمين حكي عن العرب كسر "إن" بعدها. قلت: والظاهر أن "إن" إذا كسرت بعدها فهي جواب قسم، مقدر بعد "لا" جرم. وهو ظاهر قول ابن مالك التسهيل: وربما أغنت "لا" جرم عن لفظ القسم، مراداً. ويؤيد ذلك أن بعض العرب صرح بالقسم بعدها، فقال: "لا" جرم، والله لافارقتك.
الثامن: بعد "أما"، إذا جاء بعدها ظرف، أو مجرور، نحو، "أما" في الدار "فإن" زيداً قائم، فيجوز الكسر على تقدير: فزيد قائم، ويتعلق المجرور بما في "أما" من معنى الفعل. ويجوز الفتح على تقدير: فقيامه، والمجرور في موضع الخبر.
وزاد بعضهم موضعاً آخر، وهو أن تقع بعد مذ ومنذ. قلت: "أما" الفتح بعدهما فمتفق عليه. و"أما" الكسر فلم يذكره سيبويه، وصرح بعضهم بامتناعه، وصرح الأخفش بجوازه.
واعلم أن بسط الكلام على هذه المواضع يستدعي تطويلاً. فلذلك اختصرت الكلام عليها.

مسألة
إذا كفت "أن" المفتوحة بما بطل عملها. وأجاز بعضهم إعمالها قياساً، ولم يسمع. وذهب الزمخشري إلى أن "إن" المكسورة و"أن" المفتوحة، كليهما، إذا كفا بما يفيدان الحصر، كقوله تعالى: {قل: إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد}. ورده الشيخ أبو حيان، في تفسيره بأن "ما" مع "إن" كهي مع "كأن" و"لعل". فكما لا تفيد الحصر، في التشبيه، والترجي، فكذا لا تفيده مع "إن" المكسورة. وأما جعله "أنما" المفتوحة للحصر فشيء انفرد به، ولا يعلم الخلاف إلا في المكسورة. ثم إن الحصر يقتضي أنه لم يوح إليه إلا التوحيد، وهو باطل. انتهى.
وانتصر بعض الناس للزمخشري بأن قال: "إن" المفتوحة هي فرع المكسورة، بدليل أن سيبويه عدها خمسة، واستغنى "بإن" المكسورة عن المفتوحة. فلا فرق بينهما في الحصر، وعدمه. وقوله: ثم "إن" الحصر الخ، جوابه أن الحصر، عند القائلين به، باعتبار المقام. وهو هنا خطاب للمشركين، والموحي إليه في حقهم أولا، هو التوحيد. والله أعلم.

القسم الثاني: أن تكون بمعنى "لعل"، كقول العرب: ائت السوق "أنك" تشتري لنا شيئاً. حكاه الخليل، ومنه قراءة من فتح "الهمزة"،فيقوله تعالى: {وما يشعر كم أنها إذا جاءت لا يؤمنون}، أي: "لعلها". و"أن" هذه إحدى لغات "لعل". وسيأتي ذكرها، إن شاء الله تعالى). [الجنى الداني:402 - 418]


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 18 ذو الحجة 1438هـ/9-09-2017م, 11:15 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال عبد الله بن يوسف بن أحمد ابن هشام الأنصاري (ت: 761هـ): ("إنّ"
"إن" المكسورة المشدّدة على وجهين:
أحدهما: أن تكون حرف توكيد تنصب الاسم وترفع الخبر، قيل وقد تنصبهما في لغة، كقوله:
إذا اسود جنح اللّيل فلتأت ولتكن ... خطاك خفافا إن حرا سنا أسدا
وفي الحديث "إن" قعر جهنّم سبعين خريفًا، وقد خرج البيت على الحالية، وأن الخبر محذوف، أي: تلقاهم أسدا، والحديث على أن القعر مصدر قعرت البئر،د إذا بلغت قعرها، وسبعين ظرف، أي: "إن" بلوغ قعرها يكون في سبعين عاما، وقد يرتفع بعدها المبتدأ فيكون اسمها ضمير شأن محذوفا، كقوله عليه الصّلاة والسّلام: ((إن من أشد النّاس عذابا يوم القيامة المصورون)) الأصل "إنّه" أي الشّأن كما قال:
إن من يدخل الكنيسة يومًا ... يلق فيها جآذرا وظباء
وإنّما لم تجعل من اسمها لأنّها شرطيّة؛ بدليل جزمها الفعلين، والشّرط له الصّدر، فلا يعمل فيه ما قبله، وتخريج الكسائي الحديث على زيادة من في اسم "إن" يأباه غير الأخفش من البصريين؛ لأن الكلام إيجاب، والمجرور معرفة على الأصح، والمعنى أيضا يأباه لأنهم ليسوا أشد عذابا من سائر النّاس، وتخفف فتعمل قليلا وتهمل كثيرا، وعن الكوفيّين أنّها لا تخفف، وأنه إذا قيل "إن" زيد لمنطلق، فـ "إن" نافية و"اللّام" بمعنى "إلّا"، ويرده أن منهم من يعملها مع التّخفيف. حكى سيبويه "إن" عمرا لمنطلق، وقرأ الحرميان وأبو بكر: {وإن كلا لما ليوفينهم}.
الثّاني: أن تكون حرف جواب بمعنى "نعم" خلافًا لأبي عبيدة استدلّ المثبتون بقوله:
ويقلن شيب قد علاك ... وقد كبرت فقلت إنّه
ورد بأنا لا نسلم أن "الهاء" للسكت بل هي ضمير منصوب بها، والخبر محذوف، أي: "إنّه" كذلك، والجيد الاستدلال بقول ابن الزبير رضي الله عنه لمن قال له لعن الله ناقة حملتني اليك "إن" وراكبها، أي: "نعم"، ولعن راكبها إذ لا يجوز حذف الاسم والخبر جميعًا، وعن المبرد أنه حمل على ذلك قراءة من قرأ: {إن هذان لساحران}.

واعترض بأمرين:
أحدهما: أن مجيء "إن" بمعنى "نعم" شاذ حتّى قيل إنّه لم يثبت.
والثّاني: أن "اللّام" لا تدخل في خبر المبتدأ، وأجيب عن هذا بأنّها "لام" زائدة وليست للابتداء أو بأنّها داخلة على مبتدأ محذوف، أي: "لهما" ساحران أو بأنّها دخلت بعد "إن" هذه لشبهها "بإن" المؤكّدة لفظا كما قال:
ورج الفتى للخير ما إن رأيته ... على السن خيرا لا يزال يزيد
فزاد "إن" بعد "ما" المصدرية لشبهها في اللّفظ "بما" النافية، ويضعف الأول أن زيادة "اللّام" في الخبر خاصّة بالشعر.
والثّاني أن الجمع بين "لام" التوكيد وحذف المبتدأ كالجمع بين متنافيين، وقيل اسم إن ضمير الشّأن، وهذا أيضا ضعيف لأن الموضوع لتقوية الكلام لا يناسبه الحذف، والمسموع من حذفه شاذ إلّا في باب "أن" المفتوحة إذا خففت فاستسهلوه لوروده في كلام بني على التّخفيف فحذف تبعا لحذف "النّون"، ولأنّه لو ذكر لوجب التّشديد إذ الضمائر ترد الأشياء إلى أصولها، ألا ترى أن من يقول لد ولم يك، وواللّه يقول {لدنك} ولم يكنه، وبك لأفعلنّ، ثمّ يرد إشكال دخول "اللّام"، وقيل هذان اسمها ثمّ اختلف، فقيل جاءت على لغة بلحارث بن كعب في أجراء المثنى "بالألف" دائما، كقوله:
... قد بلغا في المجد غايتاها
واختار هذا الوجه ابن مالك، وقيل هذان مبنيّ لدلالته على معنى الإشارة، وإن قول الأكثرين هذين جرا ونصبا ليس إعرابا أيضا، واختاره ابن الحاجب قلت وعلى هذا فقراءة هذان أقيس، إذ الأصل في المبنيّ ألا تختلف صيغة مع أن فيها مناسبة "لألف" ساحران، وعكسه "الياء" في {إحدى ابنتي هاتين}، فهي هنا أرجح لمناسبة "ياء" ابنتي، وقيل لما اجتمعت "ألف" هذا و"ألف" التّثنية في التّقدير قدر بعضهم سقوط "ألف" التّثنية فلم تقبل "ألف" هذا التّغيير.

تنبيه
تأتي "إن" فعلا ماضيا مسندًا لجماعة المؤنّث من الأين وهو التّعب، تقول النّساء "إن" أي تعبن أو "من آن" بمعنى قرب أو مسندًا لغيرهن على أنه من الأنين، وعلى أنه مبنيّ للمفعول على لغة من قال في رد وحب رد وحب بالكسر تشبيها له بقيل، وبيع والأصل مثلا "أن" زيد يوم الخميس، ثمّ قيل "إن" يوم الخميس، أو فعل أمر للواحد من الأنين أو لجماعة الإناث من الأين أو من "آن" بمعنى قرب أو للواحدة مؤكدا "بالنّون" "من" و"أى" بمعنى وعد، كقوله:
إن هند المليحة الحسناء ...
وقد مر ومركبة من "إن" النافية، و"أنا" كقول بعضهم "إن" قائم، والأصل "إن أنا" قائم، ففعل فيه ما مضى شرحه، فالأقسام إذن عشرة هذه الثّمانية والمؤكدة والجوابية.

تنبيه
في الصّحاح الأين الإعياء، وقال أبو زيد لا يبنى منه فعل وقد خولف فيه انتهى فعلى قول أبي زيد يسقط بعض الأقسام).
[مغني اللبيب: 1 / 227 - 252]

"أنّ"
قال عبد الله بن يوسف بن أحمد ابن هشام الأنصاري (ت: 761هـ): ("أنّ"
"أن" المفتوحة المشدّدة "النّون" على وجهين:
أحدهما: أن تكون حرف توكيد تنصب الاسم وترفع الخبر، والأصح أنّها فرع عن "إن" المكسورة، ومن هنا صحّ للزمخشري أن يدعي أن "أنما" بالفتح تفيد الحصر "كإنما"، وقد اجتمعتا في قوله تعالى: {قل إنّما يوحى إليّ أنما إلهكم إله واحد}، فالأولى لقصر الصّفة على الموصوف والثّانية بالعكس، وقول أبي حيّان هذا شيء انفرد به، ولا يعرف القول بذلك إلّا في "إنّما" بالكسر مردود بما ذكرت، وقوله إن دعوى الحصر هنا باطلة لاقتضائها أنه لم يوح إليه غير التّوحيد مردود أيضا بأنّه حصر مقيّد "إذ" الخطاب مع المشركين، فالمعنى "ما" أوحي إلى في أمر الربوبية "إلّا" التّوحيد لا الإشراك، ويسمى ذلك قصر قلب لقلب اعتقاد المخاطب وإلّا فما الّذي يقول هو في نحو: {وما محمّد إلّا رسول}، فإن "ما" للنّفي و"إلّا" للحصر قطعا، وليست صفته عليه الصّلاة والسّلام منحصرة في الرسالة، ولكن لما استعظموا موته او جعلوا كأنّهم اثبتوا له البقاء الدّائم، فجاء الحصر باعتبار ذلك، ويسمى قصر إفراد، والأصح أيضا أنّها موصول حرفي مؤول مع معموليه بالمصدر، فإن كان الحبر مشتقا فالمصدر المؤول به من لفظه، فتقدير بلغني "أنّك" تنطلق أو "أنّك" منطلق بلغني الانطلاق، ومنه بلغني "أنّك" في الدّار، التّقدير: استقرارك في الدّار؛ لأن الخبر في الحقيقة هو المحذوف من استقر أو مستقر، وإن كان جامدا قدر بالكون، نحو: بلغني "أن" هذا زيد، تقديره: بلغني كونه زيدا؛ لأن كل خبر جامد يصح نسبته إلى المخبر عنه بلفظ الكون، تقول هذا زيد، وإن شئت هذا كائن زيدا إذ معناهما واحد، وزعم السّهيلي أن الّذي يؤول بالمصدر إنّما هو "أن" الناصبة للفعل؛ لأنّها أبدا مع الفعل المتصرف؛ و"أن" المشدّدة إنّما تؤول بالحديث؛ قال وهو قول سيبويه ويؤيّده أن خبرها قد يكون اسما محضا؛ نحو: علمت "أن" اللّيث الأسد: وهذا لا يشعر بالمصدر انتهى. وقد مضى أن هذا يقدر بالكون، وتخفف "أن" بالاتّفاق فيبقى عملها على الوجه الّذي تقدم شرحه في "أن" الخفيفة.
الثّاني: أن تكون لغة في "لعلّ"، كقول بعضهم ائت السّوق "أنّك" تشتري لنا شيئا، وقراءة من قرأ: {وما يشعركم أنّها إذا جاءت لا يؤمنون}، وفيها بحث سيأتي في باب "اللّام"). [مغني اللبيب: 1 / 253 - 264]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 18 ذو الحجة 1438هـ/9-09-2017م, 11:17 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

شرح علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ)
الباب الثالث: في الحروف الثلاثية
قال علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ): (الباب الثالث: في الحروف الثلاثية، ولما كان بعضها حرفًا محضًا وبعضها مشتركًا بين الأسماء والحروف كان هذا الباب ثلاثة أنواع:
النوع الأول: الحروف المحضة، وهي خمسة عشر حرفًا: "أيا"، و"هيا"، و"آأي"، و"ألا"، و"أما"، و"إذن"، و"إلى"، و"إن" المكسورة "الهمزة" المشددة "النون"، و"أن" المفتوحة "الهمزة" المشددة "النون"، و"ليت"، و"نعم"، و"بلى"، و"ثم"، و"رب"، و"سوف"). [جواهر الأدب: 165]

الفصل السابع: حرف "إن" المكسورة "الهمزة" المشددة "النون"
قال علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ): (الفصل السابع: من النوع الأول من الحروف الثلاثية المحضة «حرف "إن"» المكسورة "الهمزة" المشددة "النون" هو من الحروف المشبهة بالفعل، وهي عند الجمهور ستة، قال في الأغراب: عدها القدماء خمسة، والمتأخرون ستة بإضافة "أن" المفتوحة، وقيل: هي المكسورة فتحت لعارض، فلا يوجب تكثيرًا، كما لا يوجبه تعدد لغات لعل، قالوا: فإذن يجب طرح كأن؛ لأنها "إن" المكسورة دخلت عليها كاف التشبيه إذا أصلها في كان زيدًا أسد "أن" زيدًا كالأسد، قدمت "الكاف" لتنويع الكلام كالتمني وغيره، فيعلم ابتداء أنه تشبيه كما سيأتي في فصله، وأجيب بالفرق، وذلك أن فرعية كأن نسخت وصارت بجملتها أصلًا للتشبيه، ولذه استغنى "الكاف" عما يتعلق به بخلاف المفتوحة، فإن تفريعها حكمه باق، ولذلك عطفت على اسمها بالرفع كالمكسورة، وسيأتي مفصلًا، وإنما عملت هذه الحروف لمشابهتها الفعل لفظًا بكونها مبنية على الفتح، ولحوق "نون" الوقاية بها عند دخولها على "ياء" المتكلم وبناء صيغتها من ثلاثة أحرف فصاعدًا، ولزومها الأسماء والمتعدي معنى، لأن معنى "أن" و"إن" أكدت وكان شبهت، ولكن استدركت وليت تمنيت، ولعل ترجيت، ولقوة انعقاد الشبه بينهما اقتضت معمولين منصوبًا و"بأو" مرفوعًا، قال في المفصل: فشبه منصوبها بالمفعول ومرفوعها بالفاعل، وقدم المنصوب على المرفوع عكس معمول الفعل، قيل: حطا للفرع عن أصله.
قلت: فهذا يقتضي وجوب تقديم المنصوب "بما" الحجازية على مرفوعها بالأولى، بل العلة أنها بشدة المشابهة قويت على التصرف بالتقديم والتأخير دون "ما" لضعف شبهها بالفعل بالنسبة إلى هذه الأحرف.
وسيأتي البحث عن كل في فصله واستقصاء البحث عن جملتها في لكن ليكون خاتمًا لمباحث الأبواب الخمسة، وليعلم أن "أن" هذه لا تغير معنى الجملة فلا تنقلها من الإخبار إلى الإنشاء، كما "ما" عدا باقي أخواتها، ولا من التركيب إلى الإفراد "كأن"، وإنما تدخل على الأخبار الساذجة والجمل الابتدائية لتأكيد مضمونها لا غير، فتقول في زيد قائم: "إن" زيدًا قائم، ليرتفع الكلام، ويتأكد، ولذلك يتلقى بها القسم ويتعين كسر "همزتها" في اثني عشر موضعًا:
أحدها: إذا وقعت مبتدأ بها سواء كانت في أول كلام المتكلم، كقوله تعالى: {إن الله وملائكته يصلون على النبي}، وقوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}، أو وسطه إذا كان ابتداء كلام آخر نحو: أكرم زيدًا "إنه" فاضل، فقولك: "إنه" فاضل، كلام مستأنف وقع علة لما تقدمه، ومنه قوله تعالى: {ولا يحزنك قولهم إن العزة لله جميعًا}.
وثانيها: بعد القول ومتصرفاته المجرد عن معنى الظن نحو: قال زيد "إن" عمرًا منطلق، وكقوله تعالى: {قل إنما أنا بشرٌ مثلكم}.
وثالثها: بعد الموصول، كقوله تعالى: {وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة}.
ورابعها: جوابًا للقسم، كقوله تعالى: {والعصر إن الإنسان لفي خسر}.
وخامسها: إذا دخل "اللام" في خبرها، كقوله تعالى: {والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون}.
وسادسها: وقوعها مفعولًا ثانيًا لعلمت، نحو: علمت زيدًا "أنه" قائم.
وسابعها: وقوعها خبرًا "لكان"، نحو: كان زيد "أنه" منطلق.
وثامنها: وقوعها خبرًا عن نفسها، والاسم الذي قبله جثة نحو: "إن" زيدًا "إنه" قائم، وكقوله تعالى: {إن الذبن آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم}، وقوله: "إن" الخليفة "أن" الله سربله؛ إذ لو فتحت للزم الإخبار بالحدث عن الجثة.
وتاسعها: وقوعها في موضع الحال نحو: جاء زيد و"أنه" ضاحك، لا يقال: يجوز هنا الفتح بتأويل المصدر لوقوعه حالًا كوقوع المصدر الصريح حالًا دون المأول به لودود "الواو".
وعاشرها: وقوعها بعد "حتى" الابتدائية، نحو: جاء الحاج "حتى" "إن" المشاة قد قدموا.
وحادي عشرها: وقوعها بعد "ألا" للتنبيه، كقوله تعالى: {ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم}، وقوله تعالى: {ألا إنهم هم السفهاء}.
وثاني عشرها: وقوعها بعد "أما"، كذلك نحو: "أما" "إن" زيدًا قائم، وإنما تعين كسر "الهمزة" في هذه المواضع المعدودة لوقوعها في الكل مبتدأ بها عند التحقيق.

تذنيب: قد تجيء "إن" بمعنى "نعم"، وهي أحد أحرف الإيجاب الستة، ومنه قوله:
قالوا: أغدرت فقلت إن وربما..... نال المنى وشفى الغليل الغادر
وقول ابن الزبير للأعرابي: "إن" وراكبها أي "نعم"، وأما قوله:
ويقلـــــــــــــن شيب قد عــــــــــــــــلا ...... ك وقد كبرت فقلت إنــــــــــــــــــــــه
فليس بنص في كونها بمعنى "نعم"، بل يحتمل أن تكون بمعناها الأصلي، و"الهاء" لبيان الحركة، و"أن" تكون على بابها و"الهاء" الاسم والخبر محذوف، أي "أنه" ذلك، واعلم أنها لم ترد بغير هذين المعنيين، والواردة بمعنى الماضي والأمر والنفي ليست من أنواعها؛ لأن مطابقتها لهذه في اللفظ بعد التغيير فلا يكون الأصل واحدًا وقد مر اشتراطه).[جواهر الأدب: 171 - 173]

الفصل الثامن: حرف "أن" المفتوحة "الهمزة" المشددة "النون"
قال علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ): (الفصل الثامن: من النوع الأول من الحروف الثلاثية المحضة هو حرف "أن" المفتوحة "الهمزة" المشددة "النون" أيضًا، وهي من الحروف المشبهة بالفعل، ولها جهة شبه ليست لأخواتها، وهي موافقتها له لفظًا، نحو: "أن" زيد، من الأنين.
وفائدتها: التوكيد والتحقيق كالمكسورة، لكنها تقلب الجملة مفردًا، فيكون خبرها مصدرًا مضافًا إلى اسمها عند التأويل، فقولك: بلغني "أنك" قائم، في تقدير قيامك.
قال الرضي: وكذلك إن كان الخبر جامدًا نحو: بلغني "أنك" زيد، في تقدير زيديتك؛ لأن "ياء" النسب إذا لحقت آخر الاسم وبعدها "التاء" أفادت معنى المصدر نحو: الفرعية والمضروبية والضاربية، وكذلك بلغني "أن" زيدًا في الدار، أي: حصول زيد في الدار؛ لأن الخبر في الحقيقة حاصل المقدر، وعلى هذا يتفرع فتح "همزتها" فيتعين في كل موضع احتاج فيه الكلام إلى مفرد،
وذلك في عشرة مواضع:
منها: أن يحتاج إلى فاعل كقوله تعالى: {أولم يكف بربك أنه على كل شيء قدير}، أو نائب عنه، كقوله تعالى: {قل أوحي إلي أنه استمع نفرٌ من الجن}.
ومنها: أن يحتاج إلى مفعول نحو: كرهت "أنك" جاهل.
ومنها: أن يحتاج إلى مبتدأ وأبدًا يتقدم الخبر عليه، كقوله تعالى: {ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة}.
ومنها: أن يحتاج إلى مضاف نحو: ما رأيته مذ "أن" الله خلقني.
ومنها: أن يقع بعد "لولا" الدالة على امتناع الشيء لوجود غيره، كقوله تعالى: {فلولا أنه كان من المسبحين}، لوقوعها موقع المبتدأ وحده والخبر لا يظهر لسد الجواب مسده.
وقيل: فتحت بعد "لولا" لما أمن من دخول المكسورة عليه؛ لأن "أن" يقطع ما بعدها عما قبلها و"لولا" تفتقر إلى جواب فتنافيا فحصل الأمن، والمفهوم من فحوى كلام أبي علي رحمه الله أن ترفع "أن" هنا بالظرف المقدر خبرًا، كأنه يقول: "لولا" في الوجود "أنك" قائم.
وقال في التذكرة: في هذه المسألة دليل على صحة قول الأخفش في قولك: ظننت "أن" زيدًا قائم "أن" المفعول الثاني محذوف لأنا لو قلنا: إن "أن" مع ما بعدها سد مسد الخبر والمخبر عنه، لكان يؤدي إلى ظهور الخبر بعد "لولا"، وذلك لا يجوز.
قال والدي رحمه الله: ومنعه ابن الدهان، وليس منعه متوجهًا، بل جوابه منع أنه إذا سد مسده يدل على جواز ظهوره.
قلت: لا يخفى ضعف هذا أيضًا.
ومنها: أن تقع بعد "لو" الامتناعية، كقوله تعالى: {ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام}؛ لأنها في محل فاعل فعل محذوف دل عليه "لو".
ومنها: أنه إذا كانت معطوفة على اسم أو ما يأول به، كقوله تعالى: {إن لك أن لا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى}، ففتح "أنك" لكونه معطوفًا على {أن لا تجوع}.
ومنها: أنها إذا أبدلت من الاسم، كقوله تعالى: {وإذ يعدكم الله احدى الطائفتين أنها لكم}، ففتح "الهمزة" بإبدال أنها لكم من إحدى الطائفتين، وقرئ قوله تعالى: {كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوء بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم} بفتح الأولى؛ لأنها بدل، وكسر الثانية على تقدير الجملة عن نافع وفتحهما الأولى لذلك، والثانية على أنها مبتدأ محذوف الخبر عن ابن عامر وعاصم، وكسرها على أنهما في صدري جملة عن الباقين.
منها: أنه إذا كانت خبر مبتدأ، كقوله تعالى: {وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين} في قراءة من شدد.
ومنها: إذا وقعت بعد "ظننت" وأخواتها مجردة عن "اللام" نحو: ظننت "أن" زيدًا منطلق، وجعل الأخفش فتحها لوقوعها موقع المفعول الأول والثاني محذوف، وهذا يستلزم وجوب حذف الخبر من غير ضرورة، وسيبويه جعلها سادة مسد المفعولين، ولا يلزم كسرها لوقوعها في موضع الجملة المقتضية للكسر؛ لأن الجملة هنا في حكم المفرد لانتضاب جزئيها بالفعل، والجمل المستقبلية لا تغيرها العوامل.
ومنها: أن يقع بعد جملتها مستثنى، وكلمة الاستثناء بيد فإنها لازمة للنصب على الظرفية مضافة إلى "أن" المفتوحة، ولا تقطع إلا ضرورة، ولا يستثنى بها إلا المنقطع، ومنه قوله عليه السلام: «أنا أفصح العرب بيد أني من قريش».

فائدة: لتكميل العائدة يتفرع على وجوب كسر "الهمزة" عند اقتضاء الكلام جملة، وفتحها عند اقتضائه مفردًا أن الكلام إذا كان ذا جهتين على سبيل البدلية يقتضي بإحداهما جملة وبالأخرى مفردًا، يجوز في "الهمزة" الكسر والفتح وذلك في مواقع:
أحدها: إذا وقعت بعد "فاء" الجزاء، كقولك: من يكرمني "فإني" أكرمه، بكسرها نظرًا إلى دخولها على صدر الجملة تقديره، "فأنا" أكرمه، وبفتحها نظرًا إلى أنها مع جزئيها مبتدأ محذوف الخبر، أي: فإكرامي له ثابت.
وثانيها: بعد "إذا" الفجائية زمانية كانت أو مكانية نحو: رأيت زيدًا "فإذا" "إنه" جالس، ومنه قوله:
وكنت أرى زيدًا كما قيل سيدًا .....إذا أنه عبدًا القفا واللهازم
الكسر على تأويل: "فإذا" هو جالس، و"إذا" هو عبدا القفا، والفتح على تأويل: "فإذا" جلوسه ثابت، و"إذا" عبوديته حاصلة، والعامل في "إذا" في البيت "ما" في عبد من معنى ذليل، ولا يلزم إعمال "ما" بعد "أن" فيما قبلها لتجرد الكلام عنها حينئذٍ.
وثالثها: إذا وليت "أن" "الواو" وذلك الدالين على تقرير الكلام السابق، كقوله: {هذا وإن للطاغين لشر مآب}، وقوله تعالى: {ذلكم وأن الله موهن كيد الكافرين} فهذا خبر لمحذوف، أي: الأمر هذا، و"أن" بالفتح كذلك أي والأمر "أن" للطاغين بالكسر عطفًا للجملة المصدرة "بأن" على الجملة المحذوفة المبتدأ.
ورابعها: بعد "أما" نحو: "أما" "أنك" قائم، فالكسر على أنها للتنبيه، "كألا"، قال تعالى: {ألا إن عادًا كفروا ربهم}، والفتح على أنها بمعنى حقًا، قال في المسائل: إذا قلت: "أما" "إنك" منطلق، يجوز كسر "أن"؛ لأن "أما" يبتدأ بعدها، كما لو وقعت في ابتداء الكلام، ويجوز فتحها؛ لأنها تكون بمعنى "حقًا"؛ لأنه يستعمل للتأكيد، فكما تقول حقًا "إنك" منطلق بالفتح، فكذلك ههنا.
قلت: ومنه قوله: "أحقًا" "أن" أخطبكم هجاني.
قال الرضي: و"إن" قلنا: "إن" "أحقًا" في معنى الظرف، أي: أفي حق، كانت مبتدأ بها قال:
أفي حق مواساتي أخاكم ..... بمالي ثم يظلمني الشريس
وجعلها جماعة منهم ابن القواص فاعلًا، وكذا لو فصل بينهما بيمين نحو: "أما" والله "أنك" قائم، جاز الأمر أن الكسر على أنها استفهامية، والفتح على أنها بمعنى "حقًا".
قال الرضي: وكذا "حتى" إذا كانت ابتدائية وجب كسر "أن" بعدها، وإن كانت جارة أو عاطفة للمفرد فالفتح، نحو: عرفت أحوالك "حتى" "أنك" صائح وعجبت من أوضاعك "حتى" "أنك" تفاخر، وابن القواص وجماعة عدوها من جملة ما يجب الكسر بعدها، والحق عندي أن "حتى" "إن" كانت تحتمل الوجهين جاز الأمران، وإلا تعين الكسر أو الفتح؛ لأن التزام أن "حتى" تكون في كل تركيب ذات وجهين بعيد، وأنها للابتداء فقط أبعد، ولا يطرد هذا الجواب في الواقعة بعد مذ ومنذ وحيث، وإن وقع بعدها الجملة والمفرد؛ لأن الجملة بعدها أيضًا مجرورة المحل بالإضافة.
وخامسها: إذا وقعت بعد أول، نحو: أول قولي وأول كلامي.
قال الرضي رحمه الله: فالفتح على "أن" قولي مصدر مضاف إلى فاعله، وليس بمعنى المقول، والتقدير: أول قولي، أي أقوالي حمد الله، ولم يجمع؛ لأن المصدر لا يجمع إلا مع قصد الاختلاف، فيكون قد أخبر عن المصدر بالمصدر، والكسر على "أن" قولي بمعنى مقولي، أي: أول مقولاتي، ولم يجمع مع أنه بمعنى المفعول مراعاة لأصل المصدر، فالمعنى أول مقولاتي هذا القول، وهو "أني" أحمد لله، فيكون قد قال كلامًا أوله: "إني" أحمد الله، ثم أخبر عن ذلك كما تقول أول السورة: بسم الله الرحمن الرحيم، قال عليه السلام: «أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله» ولا يكون قوله: "إني" أحمد الله معمولًا للفظة قولي: "كيف"، و"ليس"، هو بمعنى المصدر، بل بمعنى المفعول، فهو كقولك: مضروبي زيد، فزيد مطلوب لمضروبي من حيث المعنى، وليس معمولًا له، وقال أبو علي رحمه الله: هو مصدر مضاف إلى الفاعل، و"إني" أحمد الله بالكسر مفعوله، وخبر المبتدأ محذوف، أي: أول قولي ونطقي بهذا الكلام ثابت، ورده المصنف- أي ابن الحاجب- أحسن رد، وذلك "أن" أفعل التفضيل بعض ما يضاف إليه، فيكون للفظه بهذا الاعتبار الحروف لفظ "الهمزة"، فيكون المعنى إذا صرحنا به تلفظي "بأني"، أو "بهمزة" "أني"، ثابت وهو خلف من الكلام، وغير مقصود للمتكلم إلى هنا لفظه بحسن تصرف.

تنبيه:
قد اختلفوا في: "لا جرم"، فالخليل وسيبويه على أن "لا رد" للكلام السابق، أو زائدة كما في: {لا أقسم} كما مر "لما" في جرم من معنى القسم، وجرم فعل ماض بمعنى حق، فإن بالفتح في نحو قوله تعالى: {لا جرم أنما تدعونني إليه ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة} فاعل، والفراء على أنها كلمة مفردة كانت في الأصل بمعنى: لابد ولا محالة، والجرم القطع، أي: لا قطع من هذا، كما أن لابد بمعنى: لا قطع، فكثرت وغلبت على ذلك حتى صارت بمعنى القسم لما فيها من التأكيد، ولذلك تجاب بما يجاب به القسم، فتقول: "لا جرم"، "لا انفك" و"لا حرم" لقد أحسنت إليك، و"لا جرم" "أنك" منطلق، و"لا جرم" "أنك" لقائم، واستشهد سيبويه رحمه الله في كتابه بقوله:
ولقد طعنت أبا عيينة طعنة جرمت .... فزارة بعدها أن يغضبوا
فجرمت مجردًا عن "لا"، بمعنى: حق، وفزارة فاعله، وأن يغضبوا بدل اشتمال منه، أي: حق غضب فزارة، وتمسك الفراء بأنه يروى عن العرب: "لا جرم"، والفعلان يشتركان في المصدر كالرشد والرشد، والبخل والبخل، فعلى ما تقرر يجوز فتح "همزة" "أن" بعد هذه الكلمة نظرًا إلى المعنى الأصلي وهو الأكثر، ومنه قوله تعالى: {لا جرم أن لهم النار} فإن فاعل، وجعل بعض المفسرين "أن" لهم مفعولًا تقديره "جرم" كفرهم "أن" لهم النار، كقوله تعالى: {ولا يجرمنكم شنآن قوم} أي: "لا يجرمن" لكم، والكسر ملاحظة لمعنى القسم العارض، ولعروضه كان الكسر أقل من الفتح، وروى الكوفيون فيها لغات "لا جر" بإسقاط "الميم"، و"لا ذاجرم" بزيادة "ذا"، و"لا ذا جر" بزيادتها مع إسقاط "الميم"، و"لا أن ذا جرم" و"لا عن ذا جرم" بزيادة "إن" مع "ذا"، وبإبدال "همزة" "إن" "عينًا"، كما في قوله: "أعن" توسمت من خرقاء منزلة، أي: "أن".

تذنيب:
قال بعض الأفاضل، وتقول: شذ ما "أنك" ذاهب، وعزمًا "أنك" قائم بالفتح، فشذ، وعز فعلان مكفوفان "بما"، كقلما وطالما، وهما بمعنى حق، فمعنى شذ: ما "أنك" ذاهب حقًا "أنك"، أي في حق، إلا "أن" في لا تدخل على شذ وعز لكونهما في الأصل فعلين، ويجوز أن يكون مع "بئسما" معرفًا تامًا، كما هو مذهب سيبويه في "نعما" صنيعك، و"بئسما" عملك، لما تقرر أن جميع باب فعل يجوز استعماله استعمال "نعم" و"بئس"، وتقول: زيد فاسق كما "أن" عمرًا صالح، وليست "ما" هنا كافة كما هي في زيد صديقي، كما "أن" عمرًا صالح، وليست "ما" ههنا كافة، كما هي في: زيد صديقي، كما "أن" عمرًا أخي؛ إذ لو كانت كافة لوجب كسر "أن"، ولا يجوز إلا الفتح، فقال الخليل: "ما" زائدة و"أن" مجرورة "بالكاف"، ودليل زيادتها قولهم: هذا حق مثل "ما" "أنك" هنا، لكن التزموا هذه الزيادة كراهة أن يجيء لفظها مثل لفظ "كأن"، ومعنى زيد فاسق، كما "أن" عمرًا صالح، أي: هذا صحيح كصحة هذا، وتقول: حقًا "إنك" ذاهب، وجهد رأيي "أنك" قائم بالفتح لا غير؛ لأن المعنى في حق وفي جهد رأيي، وإذا جئت "بأما" فقلت "أما" حقًا "فإنك" ذاهب، و"أما" جهد رأيي "فإنك" قائم، فالكسر هو الوجه؛ لأنك تضطر مع "أما" إلى جعل الظرفين خبرين؛ لأن كما كنت مضطرًا إليه من دون "أما"، وذلك لأن معمول "ما" في خبران يتقدم عليها مع "أما" نحو: "أما" يوم الجمعة "فإنك" سائر، و"أما" زيدًا "فإنك" ضارب، ولا يتقدم عليها بدون "أما"، فاضطر إلى فتح "أن" مبتدأ وجعل الظرف المتقدم خبرًا، قال سيبويه: يجوز: "أما" في رأيي "فإنك" ذاهب، بالفتح، والوجه الكسر؛ لأنك غير مضطر إلى فتحها، وتقول: "أما" في الدار "فإنك" قائم بالكسر، إذا قصدت "أن" قيام المخاطب حاصل في الدار، و"أما" إذا أردت "أن" في الدار هذا الحديث، فإنه يجب الفتح، فتأمله، يحصل النجح والله أعلم). [جواهر الأدب: 174 - 179]


رد مع اقتباس
  #10  
قديم 18 ذو الحجة 1438هـ/9-09-2017م, 11:19 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

(فصل)
"إنّ" و"أنّ" المشددتين المكسورة والمفتوحة و"إنْ"و"أنْ" المخففتين المكسورة والمفتوحة

قال جمال الدين محمد بن علي الموزعي المعروف بابن نور الدين (ت: 825هـ): ((فصل)
"إنّ" و"أنّ" المشددتين المكسورة والمفتوحة و"إنْ" و"أنْ" المخففتين المكسورة والمفتوحة.
فأما "إنّ" فإنها حرف، تنصب الاسم وترفع الخبر، وقد تنصبهما جميعًا في لغة قال الشاعر:
إذا اسود جنح الليل فلتأت ولتكن ..... خطاك خفافًا إن حُراسنا أسدا
وفي الحديث: «إن قعر جهنم سبعين خريفًا».
ومنهم من حمله على حذف الخبر أي تلقاهم أسدا، وحمل القعر على المصدر، الذي هو الفعل لا على الظرف، ونصب سبعين على أنه خبر كان المحذوفة تقديره: "إن" بلوغ قعر جنهم يكون في سبعين عامًا.
وقد يرتفع بعدها المبتدأ فيكون اسمها ضمير شأن محذوفًا ... كقول الشاعر:
إن من يدخل الكنيسة يومًا .... يلق فيها جاذرًا وظباء
ولا يجوز "أن" تكون من اسمها لأن، فمن شرط والشرط له صدر الكلام فلا يعمل فيه ما قبله.
ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «إن من أشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون».
والأصل: "إنه" من يدخل الكنيسة، "إنه" من أشد الناس عذابًا أي الشأن.
وتميم وقيس تبدل "همزة" المفتوحة عينًا وتقول: أشهد "عن" محمدًا رسول الله.
قال ذو الرمة:
أعن ترسمت من خرقاء منزلةً .... ماءُ الصبابة من عينيك مسجوم
يجعل مكان "الهمزة" عينًا، وتسمى عنعنة تميم.
هذا حكمها.
وأما معناها: فهو التوكيد والتحقيق حتى قال أبو زكريا الفراء: إنها مقدرة جوابًا لقسم متروك استغني بها عنه: والتقدير: والله "إن" زيدًا عالم، وكذلك المفتوحة للتوكيد أيضًا.
وقد تأتي المكسورة للجواب بمعنى "نعم"، وأنكره أبو عبيد، واحتج المثبتون بقول ابن الزبير رضي الله عنهما لمن قال له: لعن الله ناقة حملتني إليك: "إن" وراكبها، أي: "نعم" ولعن راكبها.
وبقول ابن قيس الرقيات:
بكرت علي عواذلي .... يلحينني وألومهنـــــــــــــــــــــــه

ويقلن شيبٌ قد علا .... ك وقد كبرت فقلت إنه
وتأوله أبو عبيد على معنى الاختصار: "أ" "إنه" قد كان كما تقلن.
وقال: وهذا اختصار من كلام العرب يكتفى منه بالضمير؛ لأنه قد علم معناه.
وأما المثبتون فيقلون "الهاء" "هاء" السكوت لا "هاء" الضمير، ويرد قولهم: إنه لا تثبت القواعد الكلية مع قيام الاحتمال، وهذا أصل فاعتمد عليه في جميع ما يرد عليك.
نعم يشهد لهم قول الشاعر:
قالوا أخفت فقلت إن وخيفتي .... ما إن تزال منوطةً برجـــــــــــــــــــائي
وقول الآخر:
قالوا: غدرت فقلت إن، وربما .... نال العلى وشفى الغليل الغادر
وخرج المبرد على هذا المعنى قوله تعالى: {إن هذان لساحران}.
ورد بأن هذه لغة شاذة عند من أثبتها فلا يخرج عليها القرآن العزيز وإنما يخرج على الوجه القوي القريب دون الضعيف البعيد، وهذا أيضًا أصل نفيس فاعتمد عليه أيضًا فيما يرد عليك فللمعربين أقوال كثيرة على خلاف الصواب). [مصابيح المغاني: 159 - 165]

(فصل)
"إنّ" و"أنّ" المشددتين المكسورة والمفتوحة و"إنْ" و"أنْ" المخففتين المكسورة والمفتوحة

قال جمال الدين محمد بن علي الموزعي المعروف بابن نور الدين (ت: 825هـ): (وقد ترد المفتوحة بمعنى "لعل"، نحو قوله تعالى: {وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون} المعنى: "لعلها" إذا جاءت؛ بدليل قراءة أُبي رضي الله تعالى عنه، وحكى الخليل: ائت السوق "أنك" تشتري لنا شيئًا، "لعلك"، وقال عدي بن زيد:
أعاذلُ ما يدريك أن منيتي .... إلى ساعةٍ في اليوم أو في ضحى الغد
وتزاد عليها "ما" فتفيد المكسورة: الحصر والتعيين عند الجمهور من الأصوليين وغيرهم خلافًا للآمدي وأبي حيان، قال: ويذكر لذلك وجه لطيف بسند إلى علي بن عيسى الربعي وهو: أنه لما كانت كلمة "إن" لتأكيد المسند للمسند إليه ثم اتصلت بها "ما" المؤكدة "لا" النافية كما يظنه من لا وقوف له على علم النحو ناسب أن تضمن معنى الحصر لأنه ليس إلا تأكيدًا على تأكيد، فإن قولك لمن يردد المجيء الواقع بين زيد وعمرو، جاء زيد "لا" عمرو، يفيد إثباته لزيد في الابتداء صريحًا وفي الآخر ضمنًا، وسيأتي الكلام على ذلك أيضًا في باب "ما"، قال أبو زكريا الفراء وابن فارس: ولا تكون ابتداءً وإنما تكون ردًا لقول متقدم كقول الله تعالى: {إنما الله إله واحد}، وقوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الولاء لمن أعتق».
وكذا المفتوحة تفيد الحصر عند الزمخشري لكونها فرع المكسورة، ونسبه أبو حيان إلى الشذوذ، قال ابن هشام: وهو محجوج بقوله تعالى: {قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحدٌ} فإنما الأولى قصرت الوحي على الإلهية لأجل الرد عليهم، فقصرت الصفة على الموصوف، وإنما الثانية حصرت الإله في الوحدانية، فقصرت الموصوف على الصفة.
قال عبد الوهاب السبكي: ولأبي حيان أن يقول: المعنى على قول الزمخشري جميع ما يوحى إلى "أن" إلهكم ليس إلا واحد، فيلزمه "أن" إلهنا واحد وقادر وحي وسميع وبصير إلى غير ذلك من الصفات التي نثبتها، فيلزم من يدعي الحصر عدم إيحاء غير الوحدانية وهذا باطل لأنه يوحى إليه أمورًا أخر.
قال: ولعل الزمخشري إنما ادعي لعدم مبالاته بهذا الإلزام فإنه معتزلي لا يثبت الصفات. انتهى.
قلت: ولا يخفى ما في هذا البحث من التكلف والتعسف فإنه و"إن" أوحى إليه "أنه" قادر، حي، سميع، بصير، فذلك لكه من الوحدانية، والذي أراه أن الكلام إنما سيق لمجرد الرد عليهم في دعوتهم التشريك فالحصر معنى ألزم والله أعلم). [مصابيح المغاني: 166 - 167]


رد مع اقتباس
  #11  
قديم 18 ذو الحجة 1438هـ/9-09-2017م, 11:20 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال عبد الله بن محمد بن إسماعيل الكردي البيتوشي (ت: 1211هـ): (
وإن تـــــــأتي كنعم وقيـــــــــــل لا .... وقولـــــه فقـــــــــلت إنــــه أولا
ونصبها للمبتــــــدا والخبـــر
.... ككل ما شُبـــــــــــه بالفعل دُري
لبعضهم وقيــــل إنــــــــــه لغة
.... لكنمـــا أكثـــــــــرهم مــــا ســـــوغه
لا صبر لي ولا أطيق القُربا
.... فــــــإن حُـــــراس أُســـــــــدًا غُلبــــــــــــــا
وإن تُـــرد تأويلــــــــه فقــــــــــدِّرِ
.... ألقـــــــــــــاهُمُ أو نحـــــوه للخبـــــــر
وإن تلاها مــــا برفع يتصــــف
.... فاسمٌ لها ضميرُ شأنٍ منحذف
يقول لي اخضع إن ترم هوانا
.... فــــــــإن من يعشق يذق هوانـــــا
وهي مع التخفيف سيبويـــــــه
.... يُعلمها إن ذا الهوى في تيـــــــــــــهِ
ومُدعى الجمهور أنها معــــــــــا
.... ما أبدًا إعمالُهـــــــــــــا ما سُمعَـــــــــــا
وهل يجوز ذاك بالقيـــــــاس أو
.... لا وأولــــــوا التحقيق منعه رأوا
وإن تسل عن إن في الدار فإن
.... من الأنيــــــن فعل مجهولٍ زُكن
وكسر فا مجهول ما ضُعف في
.... بعض لغات العرب غير مُنتفي
أو أمرٌ أو أصل البناء إن أنـــــا
.... أي ما أنــــــــــــا فيها فغير البنـــــــــــــا
وابن هشـــــــــام إن قــــــــــــــائمٌ على .... آخر هذه الوجــــــــوه أولــــــــــــا).
[كفاية المعاني: 276 - 277]

"أَنَّ"
قال عبد الله بن محمد بن إسماعيل الكردي البيتوشي (ت: 1211هـ): (
وحكــــــــم أن حيثمـــــــــا تلته مـــــــــــــــا ....كحكم ذات الكسر فيمــــا قُدمــــــــــــــا
وإن تُخَفَّــــــــــــف فاسمهـــــا لا يبـــــــــــرزُ
.... في سعــــــــــــــةٍ وبعضهـــــــــــــــــم يجــــــــــــــــــــــوزُ
وساغ عند الكل في اضطــــــــــــــرار
.... لو أنــــــــــــــــك زُرت لاشتفــــــــــــى أُواري
وجـــــــاز أن تُلغى لدى البصريــــــــــــة
.... وواجـــــــــــــب ذاك لدى الكوفيــــــــــــــــــــة
وليس شرطًا أن يكون مــــــــا نــــــــــوى
.... اسمًـــــا ضميـــــــــر الشأن في القول القوي
إذ أنــــــــك قد قدر سيبويـــــــــــــه فـــــــي
.... أن قبل أن صدقت الذي في المصحف
ومـــــــــن لُـــــــغى لعــــــــــــــــــل أن عُـــــــــــدَّا .... زُر أن مــــــــــــــراك يُــــــــــــــــــــداوي العبــــــــــــــدا

والهــــــــــــمز عينًــــــــــــــــا أبدلـــــــــــت تميم .... اعلــــــــــــــم بعني في الهـــــــــــــــــوى سقيــــــــــــــــــم).
[كفاية المعاني: 277 - 278]


رد مع اقتباس
  #12  
قديم 1 محرم 1439هـ/21-09-2017م, 07:06 AM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قسم معاني الحروف من دليل"دراسات في أساليب القرآن"
للأستاذ محمد عبد الخالق عضيمة



رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:51 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة