العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الأنفال

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17 شعبان 1435هـ/15-06-2014م, 03:29 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 17 شعبان 1435هـ/15-06-2014م, 03:29 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 17 شعبان 1435هـ/15-06-2014م, 03:29 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 17 شعبان 1435هـ/15-06-2014م, 03:30 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: يا أيّها الّذين آمنوا استجيبوا للّه وللرّسول الآية، هذا الخطاب للمؤمنين المصدقين بلا خلاف، واستجيبوا بمعنى أجيبوا، ولكن عرف الكلام أن يتعدى استجاب بلام ويتعدى أجاب دوم لام، وقد يجيء تعدي استجاب بغير لام والشاهد قول الشاعر: [الطويل]
وداع دعا يا من يجيب إلى النّدا = فلم يستجبه عند ذاك مجيب
وقوله لما يحييكم قال مجاهد والجمهور: المعنى للطاعة وما تضمنه القرآن من أوامر ونواه، وهذا إحياء مستعار لأنه من موت الكفر والجهل، وقيل الإسلام وهذا نحو الأول ويضعف من جهة أن من آمن لا يقال له ادخل في الإسلام، وقيل لما يحييكم معناه للحرب وجهاد العدو وهو يحيي بالعزة والغلبة والظفر، فسمي ذلك حياة كما تقول حييت حال فلان إذا ارتفعت، ويحيي أيضا كما يحيي الإسلام والطاعة وغير ذلك بأنه يؤدي إلى الحياة الدائمة في الآخرة، وقال النقاش: المراد إذا دعاكم للشهادة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: فهذه صلة حياة الدنيا بحياة الآخرة،
وقوله واعلموا أنّ اللّه يحول بين المرء وقلبه يحتمل وجوها، ومنها أنه لما أمرهم بالاستجابة في الطاعة حضهم على المبادرة والاستعجال فقال:
واعلموا أنّ اللّه يحول بين المرء وقلبه بالموت والقبض أي فبادروا بالطاعات، ويلتئم مع هذا التأويل قوله وأنّه إليه تحشرون، أي فبادروا الطاعات وتزودوها ليوم الحشر، ومنها أن يقصد بقوله واعلموا أنّ اللّه يحول بين المرء وقلبه إعلامهم أن قدرة الله وإحاطته وعلمه والجة بين المرء وقلبه حاصلة هناك حائلة بينه وبين قلبه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: فكأن هذا المعنى يحض على المراقبة والخوف لله المطلع على الضمائر، ويشبه على هذا التأويل هذا المعنى قوله تعالى: ونحن أقرب إليه من حبل الوريد [ق: 16]، حكي هذا التأويل عن قتادة، ويحتمل أن يريد تخويفهم إن لم يمتثلوا الطاعات ويستجيبوا لله وللرسول بما حل بالكفار الذين أرادهم بقوله ولو أسمعهم لتولّوا وهم معرضون، لأن حتمه عليهم بأنهم لو سمعوا وفهموا لم ينتفعوا يقتضي أنه قد كان حال بينهم وبين قلوبهم، فكأنه قال للمؤمنين في هذه الأخرى استجيبوا لله وللرسول ولا تأمنوا إن تفعلوا أن ينزل بكم ما نزل بالكفار من الحول بينهم وبين قلوبهم، فنبه على ما جرى على الكفار بأبلغ عبارة وأعلقها بالنفس، ومنها أن يكون المعنى ترجية لهم بأن الله يبدل الخوف الذي في قلوبهم من كثرة العدو فيجعله جرأة وقوة وبضد ذلك الكفار فإن الله هو مقلّب القلوب كما كان قسم النبي صلى الله عليه وسلم، قال بعض الناس ومنه لا حول ولا قوة إلا بالله أي لا حول على معصية ولا قوة على طاعة إلا بالله،
وقال المفسرون في ذلك أقوالا هي أجنبية من ألفاظ الآية حكاها الطبري، منها أن الله يحول بين المؤمن والكفر وبين الكافر والإيمان ونحو هذا، وقرأ ابن أبي إسحاق «بين المرء» بكسر الميم ذكره أبو حاتم، قال أبو الفتح: وقرأ الحسن والزبيدي «بين المرّ» بفتح الميم وشد الراء المكسورة، وتحشرون أي تبعثون يوم القيامة، وروي عن طريق مالك بن أنس والنسائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا أبيّ بن كعب وهو في الصلاة فلم يجب وأسرع في بقية صلاته، فلما جاءه قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما سمعت فيما يوحى إلي يا أيّها الّذين آمنوا استجيبوا للّه وللرّسول إذا دعاكم لما يحييكم فقال أبيّ: لا جرم يا رسول الله لا تدعوني أبدا إلا أجبتك، الحديث بطوله واختلاف ألفاظه، وفي البخاري ومسلم أن ذلك وقع مع أبي سعيد بن المعلى، وروي أنه وقع نحوه مع حذيفة بن اليمان في غزوة الخندق).[المحرر الوجيز: 4/ 162-164]

تفسير قوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: واتّقوا فتنةً لا تصيبنّ الّذين ظلموا منكم خاصّةً واعلموا أنّ اللّه شديد العقاب (25) واذكروا إذ أنتم قليلٌ مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطّفكم النّاس فآواكم وأيّدكم بنصره ورزقكم من الطّيّبات لعلّكم تشكرون (26)
هذه الآية تحتمل تأويلات، أسبقها إلى النفس أن يريد الله أن يحذر جميع المؤمنين من فتنة إن أصابت لم تخص الظلمة فقط، بل تصيب الكل من ظالم وبريء، وهذا التأويل تأول فيها الزبير بن العوام رضي الله عنه، فإنه قال يوم الجمل وما علمت أنّا أردنا بهذه الآية إلا اليوم، وما كنت أظنها إلا فيمن خوطب بها ذلك الوقت، وكذلك تأول الحسن البصري، فإنه قال: هذه الآية في علي وعمار وطلحة والزبير، وكذلك تأول ابن عباس، فإنه قال: أمر الله المؤمنين في هذه الآية أن لا يقروا المنكر بين أظهرهم فيعمهم العذاب، وبينه القتبي فيما ذكر مكي عنه بيانا شافيا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: فيجيء قوله لا تصيبنّ على هذا التأويل صفة ل فتنةً، فكان الواجب إذا قدرنا ذلك أن يكون اللفظ لا تصيب وتلطف لدخول النون الثقيلة في الخبر عن الفتنة فقال الزجّاج: زعم بعض النحويين أن الكلام جزاء فيه طرق من النهي، قال ومثله قوله تعالى: ادخلوا مساكنكم لا يحطمنّكم [النمل: 18] فالمعنى أن تدخلوا لا يحطمنكم فكذلك هذا إن تتقوا لا تصيبن، وقال قوم: هو خبر بمعنى الجزاء فلذلك أمكن دخول النون، وقال المهدوي: وقيل هو جواب قسم مقدر تقديره واتقوا فتنة لا تصيبن، ودخلت النون مع لا حملا على دخولها مع اللام فقط.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا في القول تكره، لأن جواب القسم إذا دخلته «لا» أو كان منفيا في الجملة لم تدخل النون، وإذا كان موجبا دخلته اللام والنون الشديدة كقوله والله لا يقوم زيد والله ليقومن زيد، هذا هو قانون الباب ولكن معنى هذه الآية يستقيم مع التكره الذي ذكرناه والتأويل الآخر في الآية هو أن يكون قوله واتّقوا فتنةً خطابا عاما لجميع المؤمنين مستقلا بنفسه تم الكلام عنده ثم ابتدأ نهي الظلمة خاصة عن التعرض للظلم فتصيبهم الفتنة خاصة وأخرج النهي على جهة المخاطبة للفتنة فهو نهي محول.
والعرب تفعل هذا كما قالوا لا أرينك هاهنا يريدون لا تقم هاهنا فتقع مني رؤيتك، ولم يريدوا نهي الإنسان الرائي نفسه، فكذلك المراد في الآية لا يقع من ظلمتكم ظلم فتقع من الفتنة إصابتهم، نحا إليه، الزجّاج، وهو قول أبي العباس المبرد وحكاه النقاش عن الفراء، ونهي الظلمة هاهنا بلفظ مخاطبة الجمع كما تقول لقوم لا يفعل سفهاءكم كذا وكذا وأنت إنما تريد نهي السفهاء فقط، وخاصّةً نعت لمصدر محذوف تقديره إصابة خاصة، فهي نصب على الحال لما انحذف المصدر من الضمير في تصيبنّ وهذا الفعل هو العامل، ويحتمل أن تكون خاصّةً حالا من الضمير في ظلموا ولا يحتاج إلى تقدير مصدر محذوف والأول أمكن في المعنى، وقرأ علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت وأبو جعفر محمد بن علي والربيع بن أنس وأبو العالية وابن جماز «لتصيبن» باللام على جواب قسم، والمعنى على هذا وعيد الظلمة فقط، قال أبو الفتح: يحتمل أن يراد بهذه القراءة «لا تصيبن» فحذف الألف من «لا» تخفيفا واكتفاء بالحركة كما قالوا أم والله ويحتمل أن يراد بقراءة الجماعة، «لا تصيبن» فمطلت حركة اللام فحدثت عنها ألف.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا تنطع في التحميل وحكى النقاش هذه القراءة عن الزبير بن العوام، وهذا خلاف لما حكى الطبري وغيره من تأويل الزبير رضي الله عنه في الآية، وحكى النقاش عن ابن مسعود أنه قرأ «واتقوا فتنة أن تصيب» وقوله واعلموا أنّ اللّه شديد العقاب وعيد يلتئم مع تأويل الزبير والحسن التئاما حسنا ويلتئم مع سائر التأويلات بوجوه مختلفة.
وروي عن علي بن سليمان الأخفش أن قوله لا تصيبنّ هي على معنى الدعاء ذكره الزهراوي). [المحرر الوجيز: 4/ 165-167]

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: واذكروا إذ أنتم قليلٌ الآية، هذه آية تتضمن تعديد نعم الله على المؤمنين، وإذ ظرف لمعمول واذكروا، تقديره واذكروا حالكم الكائنة أو الثابتة إذ أنتم قليل، ولا يجوز أن تكون إذ ظرفا للذكر وإنما يعمل الذكر في إذ لو قدرناها مفعولة، واختلف الناس في الحال المشار إليها بهذه الآية، فقالت فرقة هي الأكثر: هي حال مكة في وقت بداءة الإسلام، والناس الذين يخاف «تخطفهم» كفار مكة، و «المأوى» على هذا التأويل المدينة والأنصار، و «التأييد بالنصر» وقعة بدر وما أنجز معها في وقتها، والطّيّبات الغنائم وسائر ما فتح الله عليهم به، وقالت فرقة: الحال المشار إليها هي حال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في غزوة بدر، والناس الذين يخاف تخطفهم على هذا عسكر مكة وسائر القبائل المجاورة، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتخوف من بعضهم، والمأوى على هذا والتأييد بالنصر هو الإمداد بالملائكة والتغليب على العدو، والطّيّبات الغنيمة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذان قولان يناسبان وقت نزول الآية لأنها نزلت عقب بدر، وقال وهب بن منبه وقتادة: الحال المشار إليها هي حال العرب قاطبة، فإنها كانت أعرى الناس أجساما وأجوعهم بطونا وأقلهم حالا ونعما، والناس الذين يخاف «تخطفهم» على هذا التأويل فارس والروم، و «المأوى» على هذا هو النبوءة والشريعة، و «التأييد بالنصر» هو فتح البلاد وغلبة الملوك، والطّيّبات هي نعم المآكل والمشارب والملابس.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا التأويل يرده أن العرب كانت في وقت نزول هذه الآية كافرة إلا القليل، ولم تترتب الأحوال التي ذكر هذا المتأول، وإنما كان يمكن أن يخاطب العرب في هذه الآية في آخر زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فإن تمثل أحد بهذه الآية لحالة العرب فتمثله صحيح، وأما أن تكون حالة العرب هي سبب الآية فبعيد لما ذكرناه، وقوله لعلّكم تشكرون ترج بحسب البشر متعلق بقوله واذكروا). [المحرر الوجيز: 4/ 167-168]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 17 شعبان 1435هـ/15-06-2014م, 03:30 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 17 شعبان 1435هـ/15-06-2014م, 03:30 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يا أيّها الّذين آمنوا استجيبوا للّه وللرّسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أنّ اللّه يحول بين المرء وقلبه وأنّه إليه تحشرون (24) }
قال البخاريّ: {استجيبوا} أجيبوا، {لما يحييكم} لما يصلحكم. حدّثنا إسحاق، حدّثنا روحٌ، حدّثنا شعبة، عن خبيب بن عبد الرّحمن قال: سمعت حفص بن عاصمٍ يحدّث عن أبي سعيد بن المعلّى قال: كنت أصلّي، فمرّ بي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فدعاني فلم آته حتّى صلّيت، ثمّ أتيته فقال: "ما منعك أن تأتيني؟ " ألم يقل اللّه: {يا أيّها الّذين آمنوا استجيبوا للّه وللرّسول إذا دعاكم لما يحييكم} ثمّ قال: "لأعلّمنّك أعظم سورةٍ في القرآن قبل أن أخرج"، فذهب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ليخرج، فذكرت له -وقال معاذٌ: حدّثنا شعبة، عن خبيب بن عبد الرّحمن، سمع حفص بن عاصمٍ، سمع أبا سعيدٍ رجلًا من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بهذا -وقال: " هي {الحمد للّه ربّ العالمين} السّبع المثاني"
هذا لفظه بحروفه، وقد تقدّم الكلام على هذا الحديث بذكر طرقه في أوّل تفسير الفاتحة.
وقال مجاهدٌ في قوله: {لما يحييكم} قال: الحق.
وقال قتادة {لما يحييكم} قال: هو هذا القرآن، فيه النّجاة والتّقاة والحياة.
وقال السّدّيّ: {لما يحييكم} ففي الإسلام إحياؤهم بعد موتهم بالكفر.
وقال محمّد بن إسحاق، عن محمّد بن جعفر بن الزّبير، عن عروة بن الزّبير: {يا أيّها الّذين آمنوا استجيبوا للّه وللرّسول إذا دعاكم لما يحييكم} أي: للحرب الّتي أعزّكم اللّه تعالى بها بعد الذّلّ، وقوّاكم بها بعد الضّعف، ومنعكم من عدوّكم بعد القهر منهم لكم.
وقوله تعالى: {واعلموا أنّ اللّه يحول بين المرء وقلبه} قال ابن عبّاسٍ: يحول بين المؤمن وبين الكفر، وبين الكافر وبين الإيمان.
رواه الحاكم في مستدركه موقوفًا، وقال: صحيحٌ ولم يخرجاه ورواه ابن مردويه من وجهٍ آخر مرفوعًا ولا يصحّ لضعف إسناده، والموقوف أصحّ. وكذا قال مجاهدٌ، وسعيدٌ، وعكرمة، والضّحّاك، وأبو صالحٍ، وعطيّة، ومقاتل بن حيّان، والسّدّيّ.
وفي روايةٍ عن مجاهدٍ في قوله: {يحول بين المرء وقلبه} حتّى تركه لا يعقل.
وقال السّدّيّ: يحول بين الإنسان وقلبه، فلا يستطيع أن يؤمن ولا يكفر إلّا بإذنه.
وقال قتادة هو كقوله: {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد} [ق: 16].
وقد وردت الأحاديث عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بما يناسب هذه الآية.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن أنس بن مالكٍ، رضي اللّه عنه، قال: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يكثر أن يقول: " يا مقلّب القلوب، ثبّت قلبي على دينك". قال: فقلنا: يا رسول اللّه، آمنّا بك وبما جئت به، فهل تخاف علينا؟ قال نعم، إنّ القلوب بين إصبعين من أصابع اللّه تعالى يقلّبها".
وهكذا رواه التّرمذيّ في "كتاب القدر" من جامعه، عن هنّاد بن السّريّ، عن أبي معاوية محمّد بن حازمٍ الضّرير، عن الأعمش -واسمه سليمان بن مهران -عن أبي سفيان -واسمه طلحة بن نافعٍ -عن أنسٍ ثمّ قال: حسنٌ. وهكذا روي عن غير واحدٍ عن الأعمش، رواه بعضهم عنه، عن أبي سفيان، عن جابرٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وحديث أبي سفيان عن أنسٍ أصحّ
حديثٌ آخر: قال عبد بن حميدٍ في مسنده: حدّثنا عبد الملك بن عمرٍو، حدّثنا شعبة، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن بلالٍ، رضي اللّه عنه، أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كان يدعو: "يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك".
هذا حديثٌ جيّد الإسناد إلّا أنّ فيه انقطاعًا وهو -مع ذلك -على شرط أهل السّنن ولم يخرجوه
حديثٌ آخر: وقال الإمام أحمد: حدّثنا الوليد بن مسلمٍ قال: سمعت ابن جابرٍ يقول: حدّثني بسر بن عبد اللّه الحضرميّ: أنّه سمع أبا إدريس الخولانيّ يقول: سمعت النّوّاس بن سمعان الكلابيّ، رضي اللّه عنه، يقول: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: " ما من قلبٍ إلّا وهو بين أصبعين من أصابع الرّحمن ربّ العالمين، إذا شاء أن يقيمه أقامه، وإذا شاء أن يزيغه أزاغه". وكان يقول: "يا مقلّب القلوب، ثبّت قلوبنا على دينك". قال: "والميزان بيد الرّحمن يخفضه ويرفعه".
وهكذا رواه النّسائيّ وابن ماجه، من حديث عبد الرّحمن بن يزيد بن جابرٍ فذكر مثله.
حديثٌ آخر: قال الإمام أحمد: حدّثنا يونس، حدّثنا حمّاد بن زيدٍ، عن المعلّى بن زيادٍ، عن الحسن؛ أنّ عائشة قالت: دعواتٌ كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يدعو بها: "يا مقلّب القلوب، ثبّت قلبي على دينك". قالت: فقلت: يا رسول اللّه، إنّك تكثر تدعو بهذا الدّعاء. فقال: "إنّ قلب الآدميّ بين إصبعين من أصابع اللّه، فإذا شاء أزاغه وإذا شاء أقامه
حديثٌ آخر: قال الإمام أحمد: حدّثنا هاشم، حدّثنا عبد الحميد، حدّثني شهرٌ، سمعت أمّ سلمة تحدّث: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يكثر في دعائه يقول: "اللّهمّ يا مقلّب القلوب، ثبّت قلبي على دينك". قالت: فقلت يا رسول الله، أو إن القلوب لتقلّب ؟ قال: "نعم، ما خلق اللّه من بشرٍ من بني آدم إلّا أنّ قلبه بين أصبعين من أصابع اللّه، عزّ وجلّ، فإن شاء أقامه، وإن شاء أزاغه. فنسأل اللّه ربّنا أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، ونسأله أن يهب لنا من لدنه رحمةً إنّه هو الوهّاب". قالت: قلت: يا رسول اللّه، ألا تعلّمني دعوةً أدعو بها لنفسي؟ قال: " بلى، قولي: اللّهمّ ربّ النّبيّ محمّدٍ، اغفر لي ذنبي، وأذهب غيظ قلبي، وأجرني من مضلّات الفتن ما أحييتني"
حديثٌ آخر: قال الإمام أحمد: حدّثنا أبو عبد الرّحمن، حدّثنا حيوة، أخبرني أبو هانئٍ، أنّه سمع أبا عبد الرّحمن الحبلي أنّه سمع عبد اللّه بن عمرٍو؛ أنّه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول: " إنّ قلوب بني آدم بين إصبعين من أصابع الرّحمن، كقلبٍ واحدٍ يصرّف كيف شاء. ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "اللّهمّ مصرّف القلوب، صرّف قلوبنا إلى طاعتك".
انفرد بإخراجه مسلمٌ عن البخاريّ، فرواه مع النّسائيّ من حديث حيوة بن شريح المصريّ، به. ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 34-37]

تفسير قوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({واتّقوا فتنةً لا تصيبنّ الّذين ظلموا منكم خاصّةً واعلموا أنّ اللّه شديد العقاب (25)}
يحذّر تعالى عباده المؤمنين {فتنةً} أي: اختبارًا ومحنةً، يعمّ بها المسيء وغيره، لا يخصّ بها أهل المعاصي ولا من باشر الذّنب، بل يعمّهما، حيث لم تدفع وترفع. كما قال الإمام أحمد:
حدّثنا أبو سعيدٍ مولى بني هاشمٍ، حدّثنا شدّاد بن سعيدٍ، حدّثنا غيلان بن جريرٍ، عن مطرّف قال: قلنا للزّبير: يا أبا عبد اللّه، ما جاء بكم؟ ضيّعتم الخليفة الّذي قتل، ثمّ جئتم تطلبون بدمه؟ فقال الزّبير، رضي اللّه عنه: إنّا قرأنا على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأبي بكرٍ وعمر وعثمان، رضي اللّه عنهم: {واتّقوا فتنةً لا تصيبنّ الّذين ظلموا منكم خاصّةً} لم نكن نحسب أنّا أهلها حتّى وقعت منّا حيث وقعت
وقد رواه البزّار من حديث مطرّفٍ، عن الزّبير، وقال: لا نعرف مطرّفًا روى عن الزّبير غير هذا الحديث
وقد روى النّسائيّ من حديث جرير بن حازمٍ، عن الحسن، عن الزّبير نحو هذا
وروى ابن جريرٍ: حدّثني الحارث، حدّثنا عبد العزيز، حدّثنا مبارك بن فضالة، عن الحسن قال: قال الزّبير: لقد خوّفنا بها، يعني قوله [تعالى] {واتّقوا فتنةً لا تصيبنّ الّذين ظلموا منكم خاصّةً} ونحن مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وما ظننّا أنّا خصصنا بها خاصّةً.
وكذا رواه حميدٌ، عن الحسن، عن الزّبير، رضي اللّه عنه
وقال داود بن أبي هند، عن الحسن في هذه الآية قال: نزلت في عليٍّ، وعثمان وطلحة والزّبير، رضي اللّه عنهم.
وقال سفيان الثّوريّ عن الصّلت بن دينارٍ، عن عقبة بن صهبان، سمعت الزّبير يقول: لقد قرأت هذه الآية زمانًا وما أرانا من أهلها فإن نحن المعنيّون بها: {واتّقوا فتنةً لا تصيبنّ الّذين ظلموا منكم خاصّةً واعلموا أنّ اللّه شديد العقاب}
وقد روي من غير وجهٍ، عن الزّبير بن العوّام.
وقال السّدّيّ: نزلت في أهل بدر خاصة، فأصابتهم يوم الجمل، فاقتتلوا.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ في قوله تعالى: {واتّقوا فتنةً لا تصيبنّ الّذين ظلموا منكم خاصّةً} يعني: أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم خاصّةً
وقال في روايةٍ له، عن ابن عبّاسٍ، في تفسير هذه الآية: أمر اللّه المؤمنين ألّا يقرّوا المنكر بين ظهرانيهم إليهم فيعمّهم اللّه بالعذاب.
وهذا تفسيرٌ حسنٌ جدًّا؛ ولهذا قال مجاهدٌ في قوله تعالى: {واتّقوا فتنةً لا تصيبنّ الّذين ظلموا منكم خاصّةً} هي أيضًا لكم، وكذا قال الضّحّاك، ويزيد بن أبي حبيبٍ، وغير واحدٍ.
وقال ابن مسعودٍ: ما منكم من أحدٍ إلّا وهو مشتملٌ على فتنةٍ، إنّ اللّه تعالى يقول: {إنّما أموالكم وأولادكم فتنةٌ} [التّغابن: 15] فأيّكم استعاذ فليستعذ باللّه من مضلّات الفتن. رواه ابن جريرٍ.
والقول بأنّ هذا التّحذير يعمّ الصّحابة وغيرهم -وإن كان الخطاب معهم -هو الصّحيح، ويدلّ على ذلك الأحاديث الواردة في التّحذير من الفتن، ولذلك كتابٌ مستقلٌّ يوضّح فيه إن شاء اللّه تعالى، كما فعله الأئمّة وأفردوه بالتّصنيف ومن أخصّ ما يذكر هاهنا ما رواه الإمام أحمد حيث قال:
حدّثنا أحمد بن الحجّاج، أخبرنا عبد اللّه -يعني ابن المبارك-أنبأنا سيف بن أبي سليمان، سمعت عديّ بن عديّ الكنديّ يقول: حدّثني مولًى لنا أنّه سمع جدّي -يعني عديّ بن عميرة -يقول: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "إنّ اللّه عزّ وجلّ، لا يعذّب العامّة بعمل الخاصّة حتّى يروا المنكر بين ظهرانيهم، وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكروه، فإذا فعلوا ذلك عذّب اللّه الخاصّة والعامّة"
فيه رجلٌ مبهمٌ، ولم يخرجوه في الكتب السّتّة، ولا واحد منهم، واللّه أعلم.
حديثٌ آخر: قال الإمام أحمد: حدّثنا سليمان الهاشميّ، حدّثنا إسماعيل -يعني ابن جعفرٍ -أخبرني عمرو بن أبي عمرٍو، عن عبد اللّه بن عبد الرّحمن الأشهل، عن حذيفة بن اليمان؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: " والّذي نفسي بيده، لتأمرنّ بالمعروف، ولتنهونّ عن المنكر، أو ليوشكنّ اللّه أن يبعث عليكم عقابا من عنده، ثمّ لتدعنّه فلا يستجيب لكم"
ورواه عن أبي سعيدٍ، عن إسماعيل بن جعفرٍ، وقال: "أو ليبعثنّ اللّه عليكم قومًا ثمّ تدعونه فلا يستجيب لكم "
وقال أحمد: حدّثنا عبد اللّه بن نميرٍ، قال حدّثنا رزين بن حبيبٍ الجهني، حدّثني أبو الرّقاد قال: خرجت مع مولاي، فدفعت إلى حذيفة وهو يقول: إن كان الرّجل ليتكلّم بالكلمة على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فيصير منافقًا، وإنّي لأسمعها من أحدكم في المقعد الواحد أربع مرّاتٍ؛ لتأمرنّ بالمعروف، ولتنهونّ عن المنكر، ولتحاضّن على الخير، أو ليسحتنّكم اللّه جميعًا بعذاب، أو ليؤمرنّ عليكم شراركم، ثمّ يدعو خياركم فلا يستجاب لهم
حديثٌ آخر: قال الإمام أحمد أيضًا: حدّثني يحيى بن سعيدٍ، عن زكريّا، حدّثنا عامرٌ، قال: سمعت النّعمان بن بشيرٍ، رضي اللّه عنه، يخطب يقول -وأومأ بإصبعيه إلى أذنيه -يقول: مثل القائم على حدود اللّه والواقع فيها -أو المداهن فيها -كمثل قومٍ ركبوا سفينةً، فأصاب بعضهم أسفلها وأوعرها وشرّها، وأصاب بعضهم أعلاها، فكان الّذين في أسفلها إذا استقوا الماء مرّوا على من فوقهم فآذوهم، فقالوا: لو خرقنا في نصيبنا خرقا، فاستقينا منه، ولم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم وأمرهم هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا جميعًا.
انفرد بإخراجه البخاريّ دون مسلمٍ، فرواه في "الشّركة" و "الشّهادات"، والتّرمذيّ في الفتن من غير وجهٍ، عن سليمان بن مهران الأعمش، عن عامر بن شراحيل الشّعبيّ، به
حديثٌ آخر: قال الإمام أحمد: حدّثنا حسينٌ، حدّثنا خلف بن خليفة، عن ليث، عن علقمة بن مرثد، عن المعرور بن سويد، عن أمّ سلمة زوج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قالت: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "إذا ظهرت المعاصي في أمّتي، عمّهم اللّه بعذابٍ من عنده". فقلت: يا رسول اللّه، أما فيهم أناسٌ صالحون؟ قال: "بلى"، قالت: فكيف يصنع أولئك؟ قال: "يصيبهم ما أصاب النّاس، ثمّ يصيرون إلى مغفرةٍ من اللّه ورضوانٍ"
حديثٌ آخر: قال الإمام أحمد: حدّثنا حجّاج بن محمّدٍ، أخبرنا شريكٌ، عن أبي إسحاق، عن المنذر بن جريرٍ، عن أبيه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ما من قومٍ يعملون بالمعاصي، وفيهم رجلٌ أعزّ منهم وأمنع لا يغيّرون، إلّا عمّهم اللّه بعقابٍ -أو: أصابهم العقاب".
ورواه أبو داود، عن مسدّد، عن أبي الأحوص، عن أبي إسحاق، به
وقال أحمد أيضًا: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، حدّثنا شعبة سمعت أبا إسحاق يحدّث، عن عبيد اللّه بن جريرٍ، عن أبيه، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "ما من قومٍ يعمل فيهم بالمعاصي، هم أعزّ وأكثر ممّن يعمله، لم يغيّروه، إلّا عمّهم اللّه بعقابٍ"
ثمّ رواه أيضًا عن وكيع، عن إسرائيل -وعن عبد الرّزّاق، عن معمر -وعن أسود، عن شريكٍ ويونس -كلّهم عن أبي إسحاق السّبيعي، به.
وأخرجه ابن ماجه، عن عليّ بن محمّدٍ، عن وكيعٍ، به
[حديثٌ آخر] وقال الإمام أحمد: حدّثنا سفيان، حدّثنا جامع بن أبي راشدٍ، عن منذر، عن حسن بن محمّدٍ، عن امرأته، عن عائشة تبلغ به النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "إذا ظهر السّوء في الأرض، أنزل اللّه بأهل الأرض بأسه". قالت: وفيهم أهل طاعة اللّه؟ قال: "نعم، ثمّ يصيرون إلى رحمة الله"). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 37-40]

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({واذكروا إذ أنتم قليلٌ مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطّفكم النّاس فآواكم وأيّدكم بنصره ورزقكم من الطّيّبات لعلّكم تشكرون (26)}
ينبّه تعالى عباده المؤمنين على نعمه عليهم وإحسانه إليهم، حيث كانوا قليلين فكثّرهم، ومستضعفين خائفين فقوّاهم ونصرهم، وفقراء عالةً فرزقهم من الطّيّبات، واستشكرهم فأطاعوه، وامتثلوا جميع ما أمرهم. وهذا كان حال المؤمنين حال مقامهم بمكّة قليلين مستخفين مضطرّين يخافون أن يتخطّفهم النّاس من سائر بلاد اللّه، من مشركٍ ومجوسيٍّ وروميٍّ، كلّهم أعداءٌ لهم لقلّتهم وعدم قوّتهم، فلم يزل ذلك دأبهم حتّى أذن اللّه لهم في الهجرة إلى المدينة، فآواهم إليها، وقيّض لهم أهلها، آووا ونصروا يوم بدرٍ وغيره وآسوا بأموالهم، وبذلوا مهجهم في طاعة اللّه وطاعة رسوله.
قال قتادة بن دعامة السّدوسي، رحمه اللّه، في قوله تعالى: {واذكروا إذ أنتم قليلٌ مستضعفون في الأرض} قال: كان هذا الحيّ من العرب أذلّ النّاس ذلا وأشقاه عيشًا، وأجوعه بطونًا، وأعراه جلودًا، وأبينه ضلالًا مكعومين على رأس حجرٍ، بين الأسدين فارس والرّوم، ولا واللّه ما في بلادهم يومئذٍ من شيءٍ يحسدون عليه، من عاش منهم عاش شقيًّا، ومن مات منهم ردّي في النّار، يؤكلون ولا يأكلون، واللّه ما نعلم قبيلا من حاضر أهل الأرض يومئذٍ كانوا أشرّ منزلًا منهم، حتّى جاء اللّه بالإسلام فمكّن به في البلاد، ووسّع به في الرّزق، وجعلهم به ملوكًا على رقاب النّاس. وبالإسلام أعطى اللّه ما رأيتم، فاشكروا للّه نعمه، فإنّ ربّكم منعم يحبّ الشّكر، وأهل الشّكر في مزيدٍ من اللّه [تعالى] ).[تفسير القرآن العظيم: 4/ 40]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:46 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة