العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الأعراف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2 جمادى الأولى 1434هـ/13-03-2013م, 09:48 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآَيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (203) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال في قوله عز وجل: {لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا} أي جئت بها من نفسك). [مجالس ثعلب: 377]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب الأفعال التي تدخلها ألف الوصل
والأفعال الممتنعة من ذلك
أما ما تدخله ألف الوصل فهو كل فعلٍ كانت الياء وسائر حروف المضارعة تنفتح فيه إذا قلت يفعل، قلت حروفه أو كثرت، إلا أن يتحرك ما بعد الفاء فيستغنى عن الألف كما ذكرت لك.
فمن تلك الأفعال: ضرب وعلم وكرم، وتقول إذا أمرت: اضرب زيداً، اعلم ذاك، اكرم يا زيد؛ لأنك تقول: يضرب ويعلم ويكرم، فالياء من جميع هذا مفتوحة.
وتقول: يا زيد اضرب عمراً فتسقط الألف؛ كما قال عز وجل: {قل ادعوا الله}، وكما قال: {واعلموا أنما غنمتم من شيءٍ} لأن الواو لحقت فسقطت الألف.
وكذلك تقول: انطلق يا زيد، وقد انطلقت يا زيد؛ لأن الألف موصولة؛ لأنك تقول في المضارع: ينطلق فتنفتح الياء، وكذلك إذا قال: استخرجت مالاً، واستخرج إذا أمرت؛ لأنك تقول: يستخرج. وكل فعلٍ لم نذكره تلحقه هذه العلة فهذا مجراه.
فأما تفاعل يتفاعل، وتفعل يتفعل: نحو: تقاعس الرجل، وتقدم الرجل فإن ألف الوصل لا تلحقه وإن كانت الياء مفتوحة في يتقدم، وفي يتقاعس؛ لأن الحرف الذي بعدها متحرك وإنما تلحق الألف لسكون ما بعدها.
فإن كان يفعل مضموم الياء لك تكن الألف إلا مقطوعة، لأنها تثبت كثبات الأصل إذ كان ضم الياء من يفعل إنما يكون لما وليه حرفٌ من الأصل؛ وذلك ما كان على أفعل؛ نحو: أكرم، وأحسن، وأعطى؛ لأنك تقول: يكرم، ويحسن، ويعطي، فتنضم الياء؛ كما تنضم في يدحرج ويهملج. فإنما تثبت الألف من أكرم؛ كما تثبت الدال من دحرج.
تقول: يا زيد أكرم عمراً، كما تقول: دحرج. قال الله عز وجل: {فاستمعوا له وأنصتوا} وقال: {وأحسن كما أحسن الله إليك} بالقطع.
وكان حق هذا أن يقال في المضارع: يؤكرم مثل يدحرج ويؤحسن. ولكن اطرحت الهمزة لما أذكره لك في موضعه إن شاء الله). [المقتضب: 2/ 86-87] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ (205) }
قال أبو فَيدٍ مُؤَرِّجُ بنُ عمروٍ السَّدُوسِيُّ (ت: 195هـ) : (والآصالُ: العَشِيَّاتُ, واحدُها أَصيلٌ). [شرح لامية العرب: --]

قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت: 206هـ): (فإذا زالت الشمس قيل: هجّرنا تهجيراً.
فإذا أبردت، وذلك بين الصلاتين، فهو الرّواح. ويقال: رحت أروح روحاً.
ثمّ الأصيل بعد الرّواح. يقال: آصلنا إيصالاً. إلى أن تغيب الشمس. قال الله جلّ ثناؤه: {بالغدوّ والآصال} والواحد أصل). [الأزمنة: 57-58]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ({الآصال}: من نصف النهار إلى العصر). [مجالس ثعلب: 398]


تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (206) }
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (باب رؤية الأنبياءما أقرب ما بين الملائكة والأنبياء في التأويل، إلا في الشهادة وحدها فإنها في رؤية الملائكة دون الأنبياء؛ لأن الملائكة عند الله، والشهداء عنده. قال الله تعالى: {إن الذين عند ربك}. وقال في الشهداء: {عند ربهم يرزقون}.
ولذلك سمي شهيدا، لأنه يشهد ملكوت السماء. فهو فعيل في معنى فاعل، كما يقال: قدير، في معنى قادر؛ وحفيظ في معنى حافظ). [تعبير الرؤيا: 105]


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 16 شعبان 1435هـ/14-06-2014م, 09:33 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 16 شعبان 1435هـ/14-06-2014م, 09:33 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 16 شعبان 1435هـ/14-06-2014م, 09:33 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 16 شعبان 1435هـ/14-06-2014م, 09:34 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآَيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (203) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله: {وإذا لم تأتهم بآيةٍ}؛ سببها فيما روي أن الوحي كان يتأخر على النبي -صلى الله عليه وسلم- أحيانا، فكان الكفار يقولون هلا اجتبيتها، ومعنى اللفظة في كلام العرب تخيرتها واصطفيتها، وقال ابن عباس وقتادة ومجاهد وابن زيد وغيرهم: المراد بهذه اللفظة هلا اخترتها واختلقتها من قبلك ومن عند نفسك. والمعنى إذ كلامك كله كذلك على ما كانت قريش تزعمه، وقال ابن عباس أيضا والضحاك: المراد هلا تلقيتها من الله وتخيرتها عليه، إذ تزعم أنك نبي وأن منزلتك عنده منزلة الرسالة، فأمره الله عز وجل أن يجيب بالتسليم لله تعالى وأن الأمر في الوحي إليه ينزله متى شاء لا معقب لحكمه في ذلك فقال قل إنّما أتّبع ما يوحى إليّ من ربّي ثم أشار بقوله هذا إلى القرآن، ثم وصفه بأنه بصائر أي علامات هدى وأنوار تضيء القلوب، وقالت فرقة: المعنى هذا ذو بصائر، ويصح الكلام دون أن يقدر حذف مضاف لأن المشار إليه بهذا إنما هو سور وآيات وحكم، وجازت الإشارة إليه بهذا من حيث اسمه مذكر، وجاز وصفه ب بصائر من حيث هو سور وآيات، وهدىً ورحمةٌ لقومٍ يؤمنون أي لهؤلاء خاصة، قال الطبري: وأما من لا يؤمن فهو عليه عمى عقوبة من الله تعالى). [المحرر الوجيز: 4/ 122-123]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلّكم ترحمون (204) واذكر ربّك في نفسك تضرّعاً وخيفةً ودون الجهر من القول بالغدوّ والآصال ولا تكن من الغافلين (205) إنّ الّذين عند ربّك لا يستكبرون عن عبادته ويسبّحونه وله يسجدون (206)}
ذكر الطبري وغيره أن سبب هذه الآية هو أن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كانوا بمكة يتكلمون في المكتوبة بحوائجهم ويصيحون عند آيات الرحمة والعذاب ويقول أحدهم إذا أتاهم صليتم؟
وكم بقي؟ فيخبرونه ونحو هذا، فنزلت الآية أمرا لهم بالاستماع والإنصات في الصلاة، وأما قول من قال إنها في الخطبة فضعيف، لأن الآية مكية، والخطبة لم تكن إلا بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة، وكذلك ما ذكر الزهراوي من أنها نزلت بسبب فتى من الأنصار كان يقرأ في الصلاة والنبي صلى الله عليه وسلم يقرأ، فأما الاستماع والإنصات عن الكلام في الصلاة فإجماع، وأما الإمساك والإنصات عن القراءة فقالت فرقة: يمسك المأموم عن القراءة جملة قرأ الإمام جهرا أو سرا، وقالت فرقة: يقرأ المأموم إذا أسر الإمام ويمسك إذا جهر، وقالت فرقة: يسمك المأموم في جهر الإمام عن قراءة السورة ويقرأ فاتحة الكتاب.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: ومع هذا القول أحاديث صحاح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فهذه الآية واجبة الحكم في الصلاة أن ينصت عن الحديث وما عدا القراءة واجبة الحكم أيضا في الخطبة من السنة، لا من هذه الآية، ويجب من الآية الإنصات إذا قرأ الخطيب القرآن أثناء الخطبة وحكم هذه الآية في غير الصلاة على الندب أعني في نفس الإنصات والاستماع إذا سمع الإنسان قراءة كتاب الله عز وجل، وأما ما تتضمنه الألفاظ وتعطيه من توقير القرآن وتعظيمه فواجب في كل حالة، والإنصات السكوت، ولعلّكم على ترجي البشر.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: ولم نستوعب اختلاف العلماء في القراءة خلف الإمام، إذ ألفاظ الآية لا تعرض لذلك، لكن لما عن ذلك في ذكر السبب ذكرنا منه نبذة، وذكر الطبري عن سعيد بن جبير أنه قال في قوله عز وجل: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}؛ قال الإنصات يوم الأضحى ويوم الفطر ويوم الجمعة وفيما يجهر به الإمام من الصلاة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا قول جمع فيه ما أوجبته هذه الآية وغيرها من السنة في الإنصات، قال الزجّاج: ويجوز أن يكون فاستمعوا له وأنصتوا اعملوا بما فيه ولا تجاوزوه). [المحرر الوجيز: 4/ 123-124]

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ (205) إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (206) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {واذكر ربّك في نفسك ... الآية}، مخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم تعم جميع أمته وهو أمر من الله عز وجل بذكره وتسبيحه وتقديسه والثناء عليه بمحامده، والجمهور على أن الذكر لا يكون في النفس ولا يراعى إلا بحركة اللسان، ويدل على ذلك من هذه الآية قوله: ودون الجهر من القول.
فهذه مرتبة السر والمخافتة باللفظ، وتضرّعاً معناه تذللا وخضوعا، وخيفةً أصلها خوفة بدلت الواو ياء لأجل الكسرة التي تقدمتها، وقوله بالغدوّ والآصال معناه دأبا وفي كل يوم وفي أطراف النهار، وقالت فرقة هذه الآية كانت في صلاة المسلمين قبل فرض الصلوات الخمس، وقال قتادة: «الغدو» صلاة الصبح والآصال صلاة العصر، والآصال جمع أصل والأصل جمع أصيل وهو العشيّ وقيل الآصال جمع أصيل دون توسط كإيمان جمع يمين و «آصال» أيضا جمع أصاييل فهو جمع جمع الجمع، وقرأ أبو مجلز «والإيصال» مصدر كالإصباح والإمساء، ومعناه إذا دخلت في الأصيل وفي الطبري قال أبو وائل لغلامه هل آصلنا بعد؟ ولا تكن من الغافلين تنبيه.
ولما قال الله عز وجل ولا تكن من الغافلين جعل بعد ذلك مثالا من اجتهاد الملائكة ليبعث على الجد في طاعة الله عز وجل، وقوله الّذين يريد الملائكة، وقوله: عند إنما يريد في المنزلة والتشريف والقرب في المكانة لا في المكان، فهم بذلك عنده، ثم وصف تعالى حالهم من تواضعهم وإدمانهم للعبادة والتسبيح والسجود، وفي الحديث: أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع شبر إلا وفيه ملك قائم أو راكع أو ساجد وهذا موضع سجدة، قال النخعي في كتاب النقاش: إن شئت ركعت وإن شئت سجدت). [المحرر الوجيز: 4/ 124-125]


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 16 شعبان 1435هـ/14-06-2014م, 09:34 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 16 شعبان 1435هـ/14-06-2014م, 09:34 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآَيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (203) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإذا لم تأتهم بآيةٍ قالوا لولا اجتبيتها قل إنّما أتّبع ما يوحى إليّ من ربّي هذا بصائر من ربّكم وهدًى ورحمةٌ لقومٍ يؤمنون (203)}
قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ في قوله تعالى: {قالوا لولا اجتبيتها} يقول: لولا تلقّيتها. وقال مرّةً أخرى: لولا أحدثتها فأنشأتها.
وقال ابن جريرٍ عن عبد اللّه بن كثيرٍ، عن مجاهدٍ في قوله [تعالى]: {وإذا لم تأتهم بآيةٍ قالوا لولا اجتبيتها} قال: لولا اقتضيتها، قالوا: تخرجها عن نفسك. وكذا قال قتادة، والسّدّيّ، وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم، واختاره ابن جريرٍ.
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ [رضي اللّه عنه] {لولا اجتبيتها} يقول: تلقّيتها من اللّه، عزّ وجلّ
وقال الضّحّاك: {لولا اجتبيتها} يقول: لولا أخذتها أنت فجئت بها من السّماء.
ومعنى قوله تعالى: {وإذا لم تأتهم بآيةٍ} أي: معجزةٍ، وخارقٍ، كما قال تعالى: {إن نشأ ننزل عليهم من السّماء آيةً فظلّت أعناقهم لها خاضعين} [الشّعراء: 4] يقولون للرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم: ألا تجهد نفسك في طلب الآيات من اللّه حتّى نراها ونؤمن بها، قال اللّه تعالى له: {قل إنّما أتّبع ما يوحى إليّ من ربّي} أي: أنا لا أتقدّم إليه تعالى في شيءٍ، وإنّما أتّبع ما أمرني به فأمتثل ما يوحيه إليّ، فإن بعث آيةً قبلتها، وإنّ منعها لم أسأله ابتداء إيّاها؛ إلّا أن يأذن لي في ذلك، فإنّه حكيمٌ عليمٌ.
ثمّ أرشدهم إلى أنّ هذا القرآن هو أعظم المعجزات، وأبين الدّلالات، وأصدق الحجج والبيّنات، فقال: {هذا بصائر من ربّكم وهدًى ورحمةٌ لقومٍ يؤمنون}). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 535]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلّكم ترحمون (204)}
لمّا ذكر تعالى أنّ القرآن بصائر للنّاس وهدًى ورحمةٌ، أمر تعالى بالإنصات عند تلاوته إعظامًا له واحترامًا، لا كما كان يعتمده كفّار قريشٍ المشركون في قولهم: {لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلّكم تغلبون} [فصّلت: 26] ولكن يتأكّد ذلك في الصّلاة المكتوبة إذا جهر الإمام بالقراءة كما ورد الحديث الذي رواه مسلمٌ في صحيحه، من حديث أبي موسى الأشعريّ، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:
«إنّما جعل الإمام ليؤتمّ به، فإذا كبّر فكبّروا، وإذا قرأ فأنصتوا» وكذلك رواه أهل السّنن من حديث أبي هريرة وصحّحه مسلم بن الحجّاج أيضًا، ولم يخرجه في كتابه وقال إبراهيم بن مسلمٍ الهجريّ، عن أبي عياضٍ، عن أبي هريرة قال: كانوا يتكلّمون في الصّلاة، فلمّا نزلت هذه الآية: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} والآية الأخرى، أمروا بالإنصات
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا أبو كريبٍ، حدّثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصمٍ، عن المسيّب بن رافعٍ، قال ابن مسعودٍ: كنّا يسلّم بعضنا على بعضٍ في الصّلاة: سلامٌ على فلانٍ، وسلامٌ على فلانٍ، فجاء القرآن {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلّكم ترحمون}
وقال أيضًا: حدّثنا أبو كريبٍ، حدّثنا المحاربيّ، عن داود بن أبي هندٍ، عن بشير بن جابرٍ قال: صلّى ابن مسعودٍ، فسمع ناسًا يقرءون مع الإمام، فلمّا انصرف قال: أما آن لكم أن تفهموا؟ أما آن لكم أن تعقلوا؟ {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} كما أمركم اللّه
قال: وحدّثني أبو السّائب، حدّثنا حفصٌ، عن أشعث، عن الزّهريّ قال: نزلت هذه الآية في فتًى من الأنصار، كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كلّما قرأ شيئًا قرأه، فنزلت: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}
وقد روى الإمام أحمد وأهل السنن، من حديث الزهري، عن أبي أكيمضة اللّيثيّ، عن أبي هريرة؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم انصرف من صلاةٍ جهر فيها بالقراءة، فقال:
«هل قرأ أحدٌ منكم معي آنفًا؟ » قال رجلٌ: نعم يا رسول اللّه. قال:«إنّي أقول: ما لي أنازع القرآن؟» قال: فانتهى النّاس عن القراءة مع رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- فيما جهر فيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بالقراءة من الصّلوات حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال التّرمذيّ: "هذا حديثٌ حسنٌ". وصحّحه أبو حاتمٍ الرّازيّ.
وقال عبد اللّه بن المبارك، عن يونس عن الزّهريّ قال: لا يقرأ من وراء الإمام فيما يجهر به الإمام، تكفيهم قراءة الإمام وإن لم يسمعهم صوته، ولكنّهم يقرءون فيما لا يجهر به سرًّا في أنفسهم، ولا يصلح لأحدٍ خلفه أن يقرأ معه فيما يجهر به سرًّا ولا علانيةً، فإنّ اللّه تعالى قال: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلّكم ترحمون}
قلت: هذا مذهب طائفةٍ من العلماء: أنّ المأموم لا يجب عليه في الصّلاة الجهريّة قراءةٌ فيما جهر فيه الإمام لا الفاتحة ولا غيرها، وهو أحد قولي الشّافعيّ، وهو القديم كمذهب مالكٍ، وروايةٌ عن أحمد بن حنبلٍ، لما ذكرناه من الأدلّة المتقدّمة. وقال في الجديد: يقرأ الفاتحة فقط في سكتات الإمام، وهو قول طائفةٍ من الصّحابة والتّابعين فمن بعدهم. وقال أبو حنيفة وأحمد بن حنبلٍ: لا يجب على المأموم قراءةٌ أصلًا في السّرّيّة ولا الجهريّة، لما ورد في الحديث: "من كان له إمامٌ فقراءته له قراءةٌ". وهذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده عن جابرٍ مرفوعًا، وهو في موطّأ مالكٌ عن وهب بن كيسان، عن جابرٍ موقوفًا، وهذا أصحّ. وهذه المسألة مبسوطةٌ في غير هذا الموضع وقد أفرد لها الإمام أبو عبد اللّه البخاريّ مصنّفًا على حدةٍ واختار وجوب القراءة خلف الإمام في السّريّة والجهريّة أيضًا، واللّه أعلم.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} يعني: في الصّلاة المفروضة. وكذا روي عن عبد اللّه بن المغفّل.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا حميد بن مسعدة، حدّثنا بشر بن المفضّل، حدّثنا الجريريّ، عن طلحة بن عبيد اللّه بن كريز قال: رأيت عبيد بن عميرٍ وعطاء بن أبي رباحٍ يتحدّثان، والقاصّ يقصّ، فقلت: ألا تستمعان إلى الذّكر وتستوجبان الموعود؟ قال: فنظرا إليّ، ثمّ أقبلا على حديثهما. قال: فأعدت فنظرا إليّ، وأقبلا على حديثهما. قال: فأعدت الثّالثة، قال: فنظرا إليّ فقالا إنّما ذلك في الصّلاة: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}
وقال سفيان الثّوريّ، عن أبي هاشمٍ إسماعيل بن كثيرٍ، عن مجاهدٍ في قوله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال: في الصّلاة. وكذا رواه غير واحدٍ عن مجاهدٍ.
وقال عبد الرّزّاق، عن الثّوريّ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ قال: لا بأس إذا قرأ الرجل في غير الصلاة أن يتكلم.
وكذا قال سعيد بن جبيرٍ، والضّحّاك، وإبراهيم النخعي، وقتادة، والشعبي، والسدي، وعبد الرحمن ابن زيد بن أسلم: أنّ المراد بذلك في الصّلاة.
وقال شعبة، عن منصورٍ، سمعت إبراهيم بن أبي حرّة يحدّث أنّه سمع مجاهدًا يقول في هذه الآية: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال: في الصّلاة والخطبة يوم الجمعة.
وكذا روى ابن جريجٍ عن عطاءٍ، مثله.
وقال هشيم، عن الرّبيع بن صبيحٍ، عن الحسن قال: في الصّلاة وعند الذّكر.
وقال ابن المبارك، عن بقيّة: سمعت ثابت بن عجلان يقول: سمعت سعيد بن جبيرٍ يقول في قوله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}؛ قال: الإنصات يوم الأضحى، ويوم الفطر، ويوم الجمعة، وفيما يجهر به الإمام من الصّلاة.
وهذا اختيار ابن جريرٍ أنّ المراد بذلك الإنصات في الصّلاة وفي الخطبة؛ لما جاء في الأحاديث من الأمر بالإنصات خلف الإمام وحال الخطبة.
وقال عبد الرّزّاق، عن الثّوريّ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ أنّه كره إذا مرّ الإمام بآية خوفٍ أو بآية رحمةٍ أن يقول أحدٌ من خلفه شيئًا، قال: السّكوت.
وقال مبارك بن فضالة، عن الحسن: إذا جلست إلى القرآن، فأنصت له.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا أبو سعيدٍ مولى بني هاشمٍ، حدّثنا عبّاد بن ميسرة، عن الحسن، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال:
«من استمع إلى آيةٍ من كتاب اللّه، كتبت له حسنةٌ مضاعفةٌ، ومن تلاها كانت له نورًا يوم القيامة». تفرّد به أحمد رحمه اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 536-538]

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ (205) إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (206) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({واذكر ربّك في نفسك تضرّعًا وخيفةً ودون الجهر من القول بالغدوّ والآصال ولا تكن من الغافلين (205) إنّ الّذين عند ربّك لا يستكبرون عن عبادته ويسبّحونه وله يسجدون (206)}
يأمر تعالى بذكره أوّل النّهار وآخره، كما أمر بعبادته في هذين الوقتين في قوله: {وسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشّمس وقبل الغروب} [ق: 39] وقد كان هذا قبل أن تفرض الصّلوات الخمس ليلة الإسراء، وهذه الآية مكّيّةٌ.
وقال هاهنا بالغدوّ -وهو أوائل النّهار: {والآصال} جمع أصيلٍ، كما أنّ الأيمان جمع يمينٍ.
وأمّا قوله: {تضرّعًا وخيفةً} أي: اذكر ربّك في نفسك رهبة ورغبة، وبالقول لا جهرًا؛ ولهذا قال: {ودون الجهر من القول} وهكذا يستحبّ أن يكون الذّكر لا يكون نداءً و [لا] جهرًا بليغًا؛ ولهذا لمّا سألوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقالوا: أقريبٌ ربّنا فنناجيه أم بعيدٌ فنناديه؟ فأنزل اللّه: {وإذا سألك عبادي عنّي فإنّي قريبٌ أجيب دعوة الدّاع إذا دعان} [البقرة: 186]
وفي الصّحيحين عن أبي موسى الأشعريّ قال: رفع النّاس أصواتهم بالدّعاء في بعض الأسفار، فقال لهم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم:
«أيّها النّاس، اربعوا على أنفسكم، فإنّكم لا تدعون أصمّ ولا غائبًا؛ إنّ الّذي تدعونه سميعٌ قريبٌ»
وقد يكون المراد من هذه الآية كما في قوله تعالى: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا}[الإسراء: 110] فإنّ المشركين كانوا إذا سمعوا القرآن سبّوه، وسبّوا من أنزله، و [سبّوا] من جاء به؛ فأمره اللّه تعالى ألّا يجهر به، لئلّا ينال منه المشركون، ولا يخافت به عن أصحابه فلا يسمعهم، وليتّخذ سبيلًا بين الجهر والإسرار. وكذا قال في هذه الآية الكريمة: {ودون الجهر من القول بالغدوّ والآصال ولا تكن من الغافلين}
وقد زعم ابن جريرٍ وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم قبله: أنّ المراد بهذه الآية: أمر السّامع للقرآن في حال استماعه بالذّكر على هذه الصّفة. وهذا بعيدٌ منافٍ للإنصات المأمور به، ثمّ المراد بذلك في الصّلاة، كما تقدّم، أو الصّلاة والخطبة، ومعلومٌ أنّ الإنصات إذ ذاك أفضل من الذّكر باللّسان، سواءً كان سرًّا أو جهرًا، فهذا الّذي قالاه لم يتابعا عليه، بل المراد الحضّ على كثرة الذّكر من العباد بالغدوّ والآصال، لئلّا يكونوا من الغافلين؛ ولهذا مدح الملائكة الّذين يسبّحون اللّيل والنّهار لا يفترون، فقال: {إنّ الّذين عند ربّك لا يستكبرون عن عبادته ويسبّحونه وله يسجدون} وإنّما ذكّرهم بهذا ليتشبّه بهم في كثرة طاعتهم وعبادتهم؛ ولهذا شرع لنا السّجود هاهنا لمّا ذكر سجودهم للّه، عزّ وجلّ، كما جاء في الحديث:
«ألا تصفّون كما تصفّ الملائكة عند ربّها، يتمّون الصّفوف الأول، ويتراصّون في الصّفّ»
وهذه أوّل سجدةٍ في القرآن، ممّا يشرع لتاليها ومستمعها السّجود بالإجماع. وقد ورد في حديثٍ رواه ابن ماجه، عن أبي الدّرداء، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه عدّها في سجدات القرآن). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 538-539]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:23 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة