العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة يونس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 9 جمادى الأولى 1434هـ/20-03-2013م, 03:22 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي تفسير سورة يونس [ الآيتين (24) ، (25) ]

تفسير سورة يونس
[ الآيتين (24) ، (25) ]

بسم الله الرحمن الرحيم
{ إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24) وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (25) }


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 9 جمادى الأولى 1434هـ/20-03-2013م, 03:23 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوه تعالى وازينت قال أنبتت وحسنت). [تفسير عبد الرزاق: 1/293]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى كأن لم تغن بالأمس قال كأن لم تنعم بالأمس). [تفسير عبد الرزاق: 1/293]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال ابن عبّاسٍ: {فاختلط به نبات الأرض} [يونس: 24] : «فنبت بالماء من كلّ لونٍ»). [صحيح البخاري: 6/72]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال بن عبّاسٍ فاختلط فنبت بالماء من كلّ لونٍ وصله بن جرير من طريق آخر عن بن جريج عن عطاء عن بن عبّاسٍ في قوله إنّما مثل الحياة الدّنيا كماءٍ أنزلناه من السّماء فاختلط به نبات الأرض قال اختلط فنبت بالماء كلّ لونٍ ممّا يأكل النّاس كالحنطة والشعير وسائر حبوب الأرض). [فتح الباري: 8/345-346]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (باب: وقال ابن عبّاس فاختلط فنبت بالماء من كلّ لونٍ)
في: بعض النّسخ: باب وقال ابن عبّاس، وأشار به إلى قوله: {إنّما مثل الحيوة الدّنيا كما أنزلنا من السّماء فاختلط به نبات الأرض} (يونس: 24) وهذا التّعليق وصله ابن جرير من طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عبّاس في قوله: {إنّما مثل الحياة الدّنيا كما أنزلناه من السّماء فاختلط} فنبت بالماء كل لون ممّا يأكل النّاس كالحنطة والشعير وسائر حبوب الأرض، وأسنده أيضا ابن أبي حاتم من حديث عليّ بن أبي طلحة عنه). [عمدة القاري: 18/283]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({فاختلط}) [يونس: 24] زاد أبو ذر والوقت {به نبات الأرض} أي (فنبت بالماء من كل لون) مما يأكل الناس من الحنطة والشعير وسائر حبوب الأرض). [إرشاد الساري: 7/164]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّما مثل الحياة الدّنيا كماءٍ أنزلناه من السّماء فاختلط به نبات الأرض ممّا يأكل النّاس والأنعام حتّى إذا أخذت الأرض زخرفها وازّيّنت وظنّ أهلها أنّهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أو نهارًا فجعلناها حصيدًا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصّل الآيات لقومٍ يتفكّرون}.
يقول تعالى ذكره: إنّما مثل ما تباهون في الدّنيا وتفاخرون به من زينتها وأموالها مع ما قد وكّل بذلك من التّكدير والتّنغيص وزواله بالفناء والموت، كمثل {ماءٍ أنزلناه من السّماء} يقول: كمطرٍ أرسلناه من السّماء إلى الأرض، {فاختلط به نبات الأرض} يقول: فنبت بذلك المطر أنواع من النّبات مختلطٌ بعضها ببعضٍ.
- كما حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {إنّما مثل الحياة الدّنيا كماءٍ أنزلناه من السّماء فاختلط به نبات الأرض} قال: اختلط فنبت بالماء كلّ لونٍ {ممّا يأكل النّاس} كالحنطة والشّعير وسائر حبوب الأرض والبقول والثّمار، وما يأكله الأنعام والبهائم من الحشيش والمراعي.
وقوله: {حتّى إذا أخذت الأرض زخرفها} يعني: ظهر حسنها وبهاؤها. {وازّيّنت} يقول: وتزيّنت. {وظنّ أهلها} يعني أهل الأرض، {أنّهم قادرون عليها}. يعني: على ما أنبتت. وخرج الخبر عن الأرض، والمعنى للنبات، إذا كان مفهومًا بالخطاب ما عنى به.
وقوله: {أتاها أمرنا ليلاً أو نهارًا} يقول: جاء الأرض أمرنا يعني قضاؤنا بهلاك ما عليها من النّبات إمّا ليلاً وإمّا نهارًا. {فجعلناها} يقول: فجعلنا ما عليها، {حصيدًا} يعني مقطوعةً مقلوعةً من أصولها، وإنّما هي محصودةً صرفت إلى حصيدٍ، {كأن لم تغن بالأمس} يقول: كأن لم تكن تلك الزّروع والنّبات على ظهر نابته قائمةً على الأرض قبل ذلك بالأمس، وأصله: من غنيّ فلانٌ بمكان كذا، يغنى به: إذا أقام به، كما قال النّابغة الذّبياني:
غنيت بذلك إذ هم لك جيرةٌ = منها بعطف رسالةٍ وتودّد
يقول: فكذلك يأتي الفناء على ما تتباهون به من دنياكم وزخارفها، فيفنيها ويهلكها كما أهلك أمرنا وقضاؤنا نبات هذه الأرض بعد حسنها وبهجتها حتّى صارت {كأن لم تغن بالأمس} كأن لم تكن قبل ذلك نباتًا على ظهرها.
يقول اللّه جلّ ثناؤه: {كذلك نفصّل الآيات لقومٍ يتفكّرون} يقول: كما بيّنّا لكم أيّها النّاس مثل الدّنيا وعرّفناكم حكمها وأمرها، كذلك نبيّن حججنا وأدلّتنا لمن تفكّر واعتبر ونظر. وخصّ به أهل الفكر، لأنّهم أهل التّمييز بين الأمور والفحص عن حقائق ما يعرض من الشّبه في الصّدور.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {حتّى إذا أخذت الأرض زخرفها} الآية: أي واللّه لئن تشبّث بالدّنيا وحدب عليها لتوشكنّ الدّنيا أن تلفظه وتقضي منه.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {وازّيّنت} قال: أنبتت وحسنت.
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينارٍ، عن عبد الرّحمن بن أبي بكر بن عبد الرّحمن بن الحارث بن هشامٍ، قال: سمعت مروان، يقرأ على المنبر هذه الآية: {حتّى إذا أخذت الأرض زخرفها وازّيّنت وظنّ أهلها أنّهم قادرون عليها} وما كان اللّه ليهلكها إلاّ بذنوب أهلها. قال: قد قرأتها، وليست في المصحف، فقال عبّاس بن عبد اللّه بن العبّاس: هكذا يقرؤها ابن عبّاسٍ. فأرسلوا إلى ابن عبّاسٍ فقال: هكذا أقرأني أبيّ بن كعبٍ.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {كأن لم تغن بالأمس} يقول: كأن لم تعش، كأن لم تنعم.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: أبو أسامة، عن إسماعيل، قال: سمعت أبا سلمة بن عبد الرّحمن، يقول في قراءة أبيّ: {كأن لم تغن بالأمس} وما أهلكناها إلاّ بذنوب أهلها {كذلك نفصّل الآيات لقومٍ يتفكّرون}.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {وازّيّنت} فقرأ ذلك عامّة قرّاء الحجاز والعراق: {وازّيّنت} بمعنى: وتزيّنت، ولكنّهم أدغموا التّاء في الزّاي لتقارب مخرجيهما، وأدخلوا ألفًا ليوصل إلى قراءته، إذا كانت التّاء قد سكنت، والسّاكن لا يبتدأ به.
وحكي عن أبي العالية وأبي رجاءٍ والأعرج وجماعةٍ أخر غيرهم أنّهم قرءوا ذلك: وأزينت على مثال أفعلت.
والصّواب من القراءة في ذلك: {وازّيّنت} لإجماع الحجّة من القرّاء عليها). [جامع البيان: 12/149-153]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (إنّما مثل الحياة الدّنيا كماءٍ أنزلناه من السّماء فاختلط به نبات الأرض ممّا يأكل النّاس والأنعام حتّى إذا أخذت الأرض زخرفها وازّيّنت وظنّ أهلها أنّهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلًا أو نهارًا فجعلناها حصيدًا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصّل الآيات لقومٍ يتفكّرون (24)
قوله تعالى: إنّما مثل الحياة الدّنيا كماءٍ أنزلناه من السّماء
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي حدّثني عمّي عن أبيه، عن جدّه عن ابن عبّاسٍ قال: ضرب اللّه مثلا حسنًا، وكلّ أمثاله حسنٌ، وهو مثلٌ خصّ به اللّه المؤمن والكافر فيما أوتيا.
- حدثنا أبي، ثنا سلمان بن حربٍ، ثنا حمّاد بن زيدٍ عن عبد الجليل عن شهر بن حوشبٍ أنّ أبا هريرة قال: ما نزل قطرٌ إلا بميزانٍ.
- حدّثنا أبي، ثنا محمود بن غيلان، ثنا عليّ بن الحسين بن شقيقٍ، ثنا الحسين بن واقدٍ، ثنا علياء بن أحمد عن عكرمة قال: ينزل اللّه الماء من السّماء السّابعة فتسع القطرة منه على السّحابة مثل البعير.
قوله تعالى: فاختلط به نبات الأرض
- أخبرنا العبّاس بن الوليد بن يزيدٍ البيروتيّ قراءةً، أخبرني محمّد بن شعيبٍ، أخبرني عثمان بن عطاءٍ عن أبيه، قال: أمّا اختلط به نبات الأرض فاختلط فنبت بالماء من كلّ لونٍ.
قوله تعالى: ممّا يأكل النّاس والأنعام
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ الأنعام قال: والأنعام: الرّاعية.
قوله تعالى: حتّى إذا أخذت الأرض زخرفها
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أحمد بن بشيرٍ ثنا شعبة، عن الحكم عن مجاهدٍ قال: ما كنت أدري ما الزّخرف حتّى قرأت قراءة عبد اللّه أو يكون لك بيتٌ من ذهبٍ.
قوله تعالى: وازّيّنت
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن عبد الأعلى الصّنعانيّ، ثنا محمّد بن ثورٍ عن معمرٍ عن قتادة وازّيّنت قال: أنبتت وحسنت.
قوله تعالى: وظنّ أهلها أنّهم قادرون
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا ابن أبي عروبة عن قتادة وظنّ أهلها أنّهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارًا أي واللّه لمن تشبّث بالدّنيا، وحدب عليها لتوشك الدّنيا أن تلفظه وان نقصا منه وتفارقه اعجبتما تكون إليه.
قوله تعالى: كأن لم تغن بالأمس
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن عبد الأعلى، ثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ عن قتادة كأن لم تغن بالأمس قال: كأن لم تنعم بالأمس.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامرٌ عن أسباطٍ، عن السّدّيّ كأن لم تغن بالأمس بزينتها.
قوله تعالى: كذلك نفصّل الآيات
- أخبرنا أحمد بن عثمان فيما كتب إليّ أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ كذلك نفصّل أمّا نفصّل: فنبيّن.
قوله تعالى: لقومٍ يتفكّرون
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ كاتب اللّيث، حدّثني معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: يتفكّرون يعني: في زوال الدّنيا وفنائها وإقبال الآخرة وبقائها.
- حدّثنا أبي قال عليّ بن محمّدٍ الطّنافسيّ: ثنا أبو أسامة، عن الصّعق التّميميّ قال: شهدت الحسن وقرأ هذا الآية: يتفكّرون قال: هو واللّه لمن تفكّر فيها يعلم أنّ الدّنيا دار بلاءٍ ثمّ دار فناءٍ وليعلم أنّ دار الآخرة دار جزاءٍ ثمّ دار بقاءٍ.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن عيسى، ثنا عمرو بن حمران، ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة لقومٍ يتفكّرون قال: هذا مثلٌ خصّ به اللّه فاعقلوا عن اللّه أمثاله فإنّ اللّه يقول: وتلك الأمثال نضربها للنّاس وما يعقلها إلا العالمون
الوجه الثّاني:
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنبأ عبد الرّزّاق، عن الثّوريّ قال: قال مجاهد يتفكرون: يطيعون). [تفسير القرآن العظيم: 6/1940-1942]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 24
أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فاختلط به نبات الأرض} قال: اختلط فنبت بالماء كل لون {مما يأكل الناس} كالحنطة والشعير وسائر حبوب الأرض والبقول والثمار وما تأكله الأنعام والبهائم من الحشيش والمراعي.
وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {وازينت} قال: أنبتت وحسنت وفي قوله: {كأن لم تغن بالأمس} قال: كأن لم تعش كأن لم تنعم.
وأخرج ابن جرير عن أبي بن كعب، وابن عباس ومروان بن الحكم أنهم كانوا يقرأون {وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها} وما كان الله ليهلكم إلا بذنوب أهلها.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال في قراءة أبي كأن لم تغن بالأمس وما أهلكناها إلا بذنوب أهلها كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن أبي مجلز رضي الله عنه قال: مكتوب في سورة يونس عليه السلام إلى جنب هذه الآية {حتى إذا أخذت الأرض زخرفها} إلى {يتفكرون} ولو أن لابن آدم واديين من مال لتمنى واديا ثالثا ولا يشبع نفس ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب فمحيت). [الدر المنثور: 7/646-647]

تفسير قوله تعالى: (وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (25) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى والله يدعوا إلى دار السلام قال الله هو السلام والدار الجنة). [تفسير عبد الرزاق: 1/293]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة يرفعه إلى النبي أن النبي قال قيل لي لتنم عينك وليعقل قلبك ولتسمع أذنك فنامت عيني وعقل قلبي وسمعت أذناي ثم قيل لي سيدا ابنتى دارا وصنع مأدبة وأرسل داعيا فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة ورضي عنه السيد ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة ولم يرض عنه السيد فالله السيد والدار الإسلام والمأدبة الجنة والداعي محمد عليه السلام). [تفسير عبد الرزاق: 1/293-294]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (أخبرنا عليّ بن حجرٍ، وعمرو بن عثمان بن سعيدٍ، قالا: حدّثنا بقيّة وهو ابن الوليد، عن بحير بن سعدٍ، عن خالد بن معدان، عن جبير بن نفيرٍ، عن النّوّاس بن سمعان، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " إنّ الله ضرب مثلًا صراطًا مستقيمًا على كتفي الصّراط سوران لهما أبوابٌ مفتّحةٌ، وعلى الأبواب سورٌ وداعٍ يدعو على رأس الصّراط، وداعٍ يدعو من فوقه، {والله يدعو إلى دار السّلام ويهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ} [يونس: 25] فالأبواب الّتي على كتفي الصّراط حدود الله، لا يقع أحدٌ في حدود الله حتّى يكشف ستر الله، والّذي يدعو من فوقه واعظ الله عزّ وجلّ "). [السنن الكبرى للنسائي: 10/123]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {واللّه يدعو إلى دار السّلام ويهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}.
يقول تعالى ذكره لعباده: أيّها النّاس لا تطلبوا الدّنيا وزينتها، فإنّ مصيرها إلى فناءٍ وزوالٍ كما مصير النّبات الّذي ضربه اللّه لها مثلاً إلى هلاكٍ وبوارٍ، ولكن اطلبوا الآخرة الباقية، ولها فاعملوا، وما عند اللّه فالتمسوا بطاعته، فإنّ اللّه يدعوكم إلى داره، وهي جنّاته الّتي أعدّها لأوليائه، تسلموا من الهموم والأحزان فيها وتأمنوا من فناء ما فيها من النّعيم والكرامة الّتي أعدّها لمن دخلها، وهو يهدي من يشاء من خلقه فيوفّقه لإصابة الطّريق المستقيم، وهو الإسلام الّذي جعله جلّ ثناؤه سببًا للوصول إلى رضاه وطريقًا لمن ركبه وسلك فيه إلى جنّاته وكرامته.
- كما حدّثني محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، قال: اللّه السّلام، وداره الجنّة.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {واللّه يدعو إلى دار السّلام} قال: اللّه هو السّلام، وداره الجنّة.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن أيّوب، عن أبي قلابة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: قيل لي: لتنم عينك، وليعقل قلبك، ولتسمع أذنك فنامت عيني، وعقل قلبي، وسمعت أذني. ثمّ قيل: سيّدٌ بنى دارًا، ثمّ صنع مأدبةً، ثمّ أرسل داعيًا، فمن أجاب الدّاعي دخل الدّار وأكل من المأدبة ورضي عنه السّيّد، ومن لم يجب الدّاعي لم يدخل الدّار ولم يأكل من المأدبة ولم يرض عنه السّيّد، فاللّه السّيّد، والدّار الإسلام والمأدبة الجنّة، والدّاعي محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {واللّه يدعو إلى دار السّلام ويهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ} ذكر لنا أنّ في التّوراة مكتوبًا: يا باغي الخير هلمّ ويا باغي الشّرّ انته.
- حدّثني الحسين بن سلمة بن أبي كبشة، قال: حدّثنا عبد الملك بن عمرٍو، قال: حدّثنا عبّاد بن راشدٍ، عن قتادة، قال: ثني خليد العصريّ، عن أبي الدّرداء، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ما من يومٍ طلعت فيه شمسه إلاّ وبجنبتيها ملكان يناديان، يسمعه خلق اللّه كلّهم إلاّ الثّقلين: يا أيّها النّاس هلمّوا إلى ربّكم، إنّ ما قلّ وكفى خيرٌ ممّا كثر وألهى. قال: وأنزل ذلك في القرآن في قوله: {واللّه يدعو إلى دار السّلام ويهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ليث بن سعدٍ، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلالٍ، عن جابر بن عبد اللّه، قال: خرج علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يومًا فقال: إنّي رأيت في المنام كأنّ جبرائيل عند رأسي وميكائيل عند رجليّ، يقول أحدهما لصاحبه: اضرب له مثلاً فقال: اسمع سمعت أذنك، واعقل عقل قلبك، إنّما مثلك ومثل أمّتك كمثل ملكٍ اتّخذ دارًا ثمّ بنى فيها بيتًا ثمّ جعل فيها مأدبةً ثمّ بعث رسولاً يدعو النّاس إلى طعامه، فمنهم من أجاب الرّسول ومنهم من تركه فاللّه الملك، والدّار الإسلام، والبيت الجنّة، وأنت يا محمّد الرّسول؛ من أجابك دخل الإسلام، ومن دخل الإسلام دخل الجنّة، ومن دخل الجنّة أكل منها). [جامع البيان: 12/153-155]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (واللّه يدعو إلى دار السّلام ويهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ (25)
قوله تعالى: والله يدعوا إلى دار السّلام
- حدّثنا أبي، ثنا الحسين بن سلمة بن أبي كبشة، ثنا عبد الملك بن عمرٍو، ثنا عبّاد بن راشدٍ، عن قتادة، حدّثني خليد بن عبد اللّه العصريّ، عن أبي الدّرداء قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: والّذي نفس محمّدٍ بيده، ما من يومٍ طلعت فيه شمسه إلا وتجليتها ملكان يناديان يسمعه خلق اللّه كلّهم إلا الثّقلين: يا أيّها النّاس، هلمّوا إلى ربّكم والله يدعوا إلى دار السّلام ويهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ.
- حدّثنا أبي، ثنا سهل بن عثمان ثنا يحيى بن أبان عن عمّار بن عميرٍ عن الحسن قال: ما من ليلةٍ إلا ينادي منادٍ يا صاحب الخير هلمّ ويا صاحب الشّرّ أقصر فقال رجلٌ للحسن: أتجدها في كتاب الله قال: نعم والله يدعوا إلى دار السّلام.
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة واللّه يدعوا إلى دار السّلام ويهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ قال: ذكر لنا أنّ في التّوراة مكتوبًا يا باغي الخير هلمّ ويا باغي الشّرّ انته.
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن عبد الأعلى الصّنعانيّ، ثنا محمّد بن ثورٍ عن معمرٍ قال: وقال قتادة: والله يدعوا إلى دار السّلام فداره الجنّة.
قوله تعالى: السّلام
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو تميلة، عن أبي المنيب عن أبي الشّعثاء في قوله: دار السّلام قال: هو السّلام وهو اسمٌ من أسمائه عزّ وجلّ
وروي عن قتادة والسّدّيّ أنّهما قالا السّلام هو اللّه تبارك وتعالى.
قوله تعالى: ويهدي من يشاء
- حدّثنا عصام بن روّادٍ، ثنا آدم، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع عن أبي العالية، في قول اللّه: ويهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ يقول: يهديهم للمخرج من الشّبهات والضّلالات والفتن.
قوله تعالى: صراطٍ مستقيم
قد تقدّم تفسير الصّراط المستقيم غير مرّةٍ [10332]
حدّثنا يحيى بن عبدك، ثنا خالد بن عبد الرّحمن المخزوميّ، ثنا عمر بن ذرٍّ، عن مجاهدٍ، في قوله: صراطٍ مستقيمٍ قال: الحق). [تفسير القرآن العظيم: 6/1942-1943]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثني أبو الطّيّب طاهر بن يحيى البيهقيّ بها من أصل كتاب خاله، ثنا خالي الفضل بن محمّدٍ البيهقيّ، ثنا عبد اللّه بن صالحٍ، حدّثني اللّيث، حدّثني خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلالٍ قال: سمعت أبا جعفرٍ محمّد بن عليّ بن الحسين وتلا هذه الآية {واللّه يدعو إلى دار السّلام ويهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ} [يونس: 25] فقال: حدّثني جابر بن عبد اللّه قال: خرج علينا رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يومًا فقال: " إنّي رأيت في المنام كأنّ جبريل عند رأسي وميكائيل عند رجليّ، يقول أحدهما لصاحبه: اضرب له مثلًا. فقال له: اسمع سمعه أذنك، واعقل عقل قلبك، إنّما مثلك ومثل أمّتك، كمثل ملكٍ اتّخذ دارًا، ثمّ بنى فيها بيتًا، ثمّ جعل فيها مأدبةً، ثمّ بعث رسولًا يدعو النّاس إلى طعامهم، فمنهم من أجاب الرّسول، ومنهم من ترك، فاللّه هو الملك، والدّار الإسلام، والبيت الجنّة، وأنت يا محمّد الرّسول من أجابك دخل الإسلام، ومن دخل الإسلام دخل الجنّة، ومن دخل الجنّة أكل منها «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/369]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 25.
أخرج أبو نعيم والدمياطي في معجمه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما {والله يدعو إلى دار السلام} يقول يدعو إلى عمل الجنة والله السلام والجنة داره
وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن أبي العالية رضي الله عنه في قوله {ويهدي من يشاء} قال: يهديهم للمخرج من الشبهات والفتن والضلالات.
وأخرج أحمد، وابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من يوم طلعت شمسه إلا وكل بجنبتيها ملكان يناديان نداء يسمعه خلق الله كلهم إلا الثقلين: يا أيها الناس هلموا إلى ربكم إن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى ولا آبت شمسه إلا وكل بجنبتيها ملكان يناديان نداء يسمعه خلق الله كلهم غير الثقلين: اللهم أعط منفقا خلفا وأعط ممسكا تلفا، فأنزل الله في ذلك كله قرآنا في قول الملكين: يا أيها الناس هلموا إلى ربكم {والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} وأنزل في قولهما: اللهم أعط منفقا خلفا وأعط ممسكا تلفا (والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى) (الليل الآيتان 1 - 2 إلى قوله (للعسرى)
وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن سعيد بن أبي هلال رضي الله عنه، سمعت أبا جعفر محمد بن علي رضي الله عنه وتلا {والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} فقال: حدثني جابر رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال إني رأيت في المنام كان جبريل عند رأسي وميكائيل عند رجلي يقول أحدهما لصاحبه: ضرب له مثلا فقال: اسمع سمعت أذناك واعقل عقل قلبك إنما مثلك ومثل أمتك كمثل ملك اتخذ دارا ثم بنى فيها بيتا ثم جعل فيها مأدبة ثم بعث رسولا يدعو الناس إلى طعامه فمنهم من أجاب الرسول ومنهم فيها مأدبة فالله هو الملك والدار الإسلام والبيت الجنة وأنت يا محمد رسول فمن أجابك دخل الإسلام ومن دخل الإسلام دخل الجنة ومن دخل الجنة أكل منها.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال استتبعني النّبيّ صلى الله عليه وسلم فانطلقنا حتى أتينا موضعا لا ندري ما هو فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه في حجري ثم إن نفرا أتوا عليهم ثياب بيض طوال وقد أغفى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عبد الله رضي الله عنه: فأرعبت منهم، فقالوا: لقد أعطي هذا العبد خيرا إن عينه نائمة والقلب يقظان ثم قال بعضهم لبعض: اضربوا له ونتأول نحن أو نضرب نحن وتتأولون أنتم، فقال بعضهم: مثله كمثل سيد اتخذ مأدبة ثم ابتنى بيتا حصينا ثم أرسل إلى الناس فمن لم يأت طعامه عذبه عذابا شديدا، قال الآخرون: أما السيد فهو رب العالمين وأما البنيان فهو الإسلام والطعام الجنة وهذا الداعي فمن اتبعه كان في الجنة ومن لم يتبعه عذب عذابا أليما ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استيقظ فقال: ما رأيت يا ابن أم عبد فقلت: رأيت كذا وكذا فقال: أخفي علي مما قالوا شيء وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هم نفر من الملائكة.
وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن سيدا بنى دارا واتخذ مأدبة وبعث داعيا فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة ورضي عنه السيد ألا وإن السيد الله والدار الإسلام والمأدبة الجنة والداعي محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال: ما من ليلة إلا ينادي مناديا يا صاحب الخير هلم ويا صاحب الشر اقصر، فقال رجل للحسن رضي الله عنه: أتجدها في كتاب الله قال: نعم {والله يدعو إلى دار السلام}
وأخرج أحمد في الزهد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: (والله يدعوا إلى دار السلام) قال: ذكر لنا أن في التوراة مكتوبا: يا باغي الخير هلم ويا باغي الشر انته.
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه، أنه كان إذا قرأ {والله يدعو إلى دار السلام} قال: لبيك ربنا وسعديك). [الدر المنثور: 7/647-651]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 9 جمادى الأولى 1434هـ/20-03-2013م, 03:24 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24)}

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فجعلّناها حصيداً} أي مستأصلين، والحصيد من الزرع والنبات المجذوذ من أصله وهو يقع أيضاً لفظه على لفظ الجميع من الزرع والنبات فجاء في هذه الآية على معنى الجميع، وقد يقال: حصائد الزرع، اللواتي تحصد). [مجاز القرآن: 1/277]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {إنّما مثل الحياة الدّنيا كماء أنزلناه من السّماء فاختلط به نبات الأرض ممّا يأكل النّاس والأنعام حتّى إذا أخذت الأرض زخرفها وازّيّنت وظنّ أهلها أنّهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً فجعلناها حصيداً كأن لّم تغن بالأمس كذلك نفصّل الآيات لقومٍ يتفكّرون}
وقال: {كماء أنزلناه} يريد: كمثل ماء.
وقال: {وازّيّنت} يريد "وتزيّنت" ولكن أدغم التاء في الزاي لقرب المخرجين فلما سكن أولها زيد فيها ألف وصل وقال: {وازّيّنت} ثقيلة "ازّيّناً" يريد المصدر وهو من "التزين" وإنما زاد الألف حين أدغم ليصل الكلام لأنه لا يبتدئ بساكن). [معاني القرآن: 2/33]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قراءة أبي عمرو {وازينت} مدغمة، يريد: تزينت، وقد فسرنا ذلك في الإدغام.
قراءة ابن مسعود "وتزينت" بغير إدغام.
قراءة الحسن "وأزينت" يكون المصدر في القياس: إزيانًا على الأصل، وهي قراءة أبي رجاء العطاردي). [معاني القرآن لقطرب: 656]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({حصيدا}: الحصيد المستأصل). [غريب القرآن وتفسيره: 170]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فاختلط به نبات الأرض} يريد أن الأرض أنبتت بنزول المطر فاختلط النبات بالمطر، واتصل كل واحد بصاحبه.
{حتّى إذا أخذت الأرض زخرفها} أي زينتها بالنبات. وأصل الزخرف: الذهب. ثم يقال للنّقش وللنور والزهر وكل شيء زين: زخرف.
يقال: أخذت الأرض زخرفها وزخارفها: إذا زخرت بالنبات كما تزخر الأودية بالماء.
{وظنّ أهلها أنّهم قادرون عليها} أي [على] ما أنبتته من حب وثمر.
{كأن لم تغن بالأمس} أي كأن لم تكن عامرة بالأمس. والمغاني المنازل. واحدها مغنى. وغنيت بالمكان: إذا أقمت به). [تفسير غريب القرآن: 195]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إنّما مثل الحياة الدّنيا كماء أنزلناه من السّماء فاختلط به نبات الأرض ممّا يأكل النّاس والأنعام حتّى إذا أخذت الأرض زخرفها وازّيّنت وظنّ أهلها أنّهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصّل الآيات لقوم يتفكّرون}
{حتّى إذا أخذت الأرض زخرفها وازّيّنت} ويقرأ، وأزينت.
والزخرف كمال حسن الشيء، فمن قرأ و " وازّيّنت " فالمعنى وتزينت فأدغمت التاء في الزاي، وسكنت الزاي فاجتلبت لها ألف الوصل، ومن قرأ: {وأزينت} بالتخفيف فهو على أفعلت أي جاءت بالزينة، وازّيّنت بالتشديد أجود في العربية، لأن أزينت الأجود فيه في الكلام أزانت.
{وظنّ أهلها أنّهم قادرون عليها} أي قادرون على الانتفاع بها.
وقوله: {كأن لم تغن بالأمس} أي كأن لم تعمر بالأمس، والمغاني المنازل التي يعمرها الناس بالنزول بها، يقال: غنينا بمكان كذا وكذا إذا نزلوا به). [معاني القرآن: 3/14-15]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام}
اختلط النبات مع المطر والمطر مع النبات
وقوله جل وعز: {حتى إذا أخذت الأرض زخرفها}الزخرف في اللغة كمال الحسن ومنه قيل للذهب زخرف
ثم قال جل وعز: {كأن لم تغن بالأمس} أي كأن لم تنعم
والمعنى عند أهل اللغة كأن لم تعمر
والمغاني المنازل التي يعمرها الناس وغنيت بالمنزل أقمت به وعمرته). [معاني القرآن: 3/287-288]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {زُخْرُفَهَا} زينتها بالنبات.
{كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ} كأن لم تكن عامرة بالأمس. والمغاني: المنازل، يقال: غنينا بالمكان: أقمنا به). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 101]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {حَصِيدًا}: مستأصلاً). [العمدة في غريب القرآن: 152]

تفسير قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (25)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {واللّه يدعو إلى دار السّلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم}
السّلام: هو اللّه جلّ وعزّ - فاللّه يدعو إلى داره، وداره الجنة.
وجوز - واللّه أعلم - أن يكون دار السلام الدار التي يسلم فيها من الآفات). [معاني القرآن: 3/15]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {والله يدعو إلى دار السلام}.
قال قتادة دار السلام الجنة والسلام الله عز وجل
قال أبو جعفر المعنى على هذا والله يدعو إلى داره
وإعادة الاسم إذا لم يكن مشكلا أفخم
قال أبو إسحاق ويجوز أن يكون المعنى والله أعلم يدعو إلى الدار التي يسلم فيها من الآفات). [معاني القرآن: 3/288]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 9 جمادى الأولى 1434هـ/20-03-2013م, 03:27 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (ومما يدغم إذا كان الحرفان من مخرج واحد وإذا تقارب المخرجان قولهم يطوعون في يتطوعون ويذكرون في يتذكرون ويسمعون في يتسمعون والإدغام في هذا أقوى إذ كان يكون في الانفصال والبيان فيهما
عربيٌ حسن لأنهما متحركان كما حسن ذلك في يختصمون ويهتدون وتصديق الإدغام قوله تعالى: {يطيروا بموسى} و: {يذكرون}.
فإن وقع حرفٌ مع ما هو من مخرجه أو قريبٌ من مخرجه مبتدأ أدغم وألحقوا الألف الخفيفة لأنهم لا يستطيعون أن يبتدئوا بساكن وذلك قولهم في فعل من تطوع اطوع ومن تذكر إذ ذكر دعاهم إلى إدغامه أنهما في حرفٍ وقد كان يقع الإدغام فيهما في الانفصال.
ودعاهم إلى إلحاق الألف في اذكروا واطوعوا ما دعاهم إلى إسقاطها حين حركوا الخاء في خطف والقاف في قتلوا فالألف هنا يعني في اختطف لازمةٌ ما لم يعتل الحرف كما تدخل ثمة إذا اعتل الحرف.
وتصديق ذلك قوله عز وجل: {فادارأتم فيها} يريد فتدارأتم: {وازينت} إنما هي تزينت وتقول في المصدر ازيناً وادارأً ومن ذلك قوله عز وجل: {اطيرنا بك}.
وينبغي على هذا أن تقول في تترس اترس فإن بينت فحسن البيان كحسنه فيما قبله
فإن التقت التاءان في تتكلمون وتتترسون فأنت بالخيار إن شئت أثبتهما وإن شئت حذفت إحداهما وتصديق ذلك قوله عز وجل: {تتنزل عليهم الملائكة} و: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع}
وإن شئت حذفت التاء الثانية وتصديق ذلك قوله تبارك وتعالى: {تنزل الملائكة والروح فيها} وقوله: {ولقد كنتم تمنون الموت} وكانت الثانية أولى بالحذف لأنها هي التي تسكن وتدغم في قوله تعالى: {فادارأتم} و: {ازينت} وهي التي يفعل بها ذلك في يذكرون فكما اعتلت هنا كذلك تحذف هناك). [الكتاب: 4/474-476] (م)
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
برقم ووشم كما زخرفت = بميشمها المزدهاة الهدي
...
(زخرفت) زينت.
...
غيره: (زخرفت) نقشت، و(هذا بيت مزخرف) أي منقش، و(ما أحسن
زُخْرُفَه)، و(الزُّخْرُف) النقش). [شرح أشعار الهذليين: 1/98-99]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومن اجتمع له أمره في المنام، واستمكن من الدنيا: فقد أشفى على الزوال وتغير الحال، لأن كل شيء تم فهو إلى زوال؛ قال الشاعر:
إذا تم شيء دنا نقصه = توقع زوالا إذا قيل:
تم
والله عز وجل يقول: {حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة}. وقال: {حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا} ). [تعبير الرؤيا: 206-207]

تفسير قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (25) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 9 جمادى الأولى 1434هـ/20-03-2013م, 03:27 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 9 جمادى الأولى 1434هـ/20-03-2013م, 03:27 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 4 شوال 1435هـ/31-07-2014م, 10:57 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 4 شوال 1435هـ/31-07-2014م, 10:57 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: إنّما مثل الحياة الدّنيا كماءٍ أنزلناه من السّماء فاختلط به نبات الأرض ممّا يأكل النّاس والأنعام حتّى إذا أخذت الأرض زخرفها وازّيّنت وظنّ أهلها أنّهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً فجعلناها حصيداً كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصّل الآيات لقومٍ يتفكّرون (24)
المعنى: إنّما مثل تفاخر الحياة الدنيا وزينتها بالمال والبنين إذ يصير ذلك إلى الفناء كمطر نزل من السماء فاختلط، ووقف هنا بعض القراء على معنى، فاختلط الماء بالأرض ثم استأنف به نبات الأرض على الابتداء والخبر المقدم، ويحتمل على هذا أن يعود الضمير في به على «الماء» أو على «الاختلاط» الذي يتضمنه القول. ووصلت فرقة فرفع «النبات» على ذلك بقوله اختلط أي اختلط النبات بعضه ببعض بسبب الماء، وقوله ممّا يأكل النّاس، يريد الزروع والأشجار ونحو ذلك، وقوله والأنعام يريد سائر العشب المرعي، وأخذت الأرض، لفظة كثرت في مثل هذا كقوله خذوا زينتكم [الأعراف: 31] و «الزخرف» التزين بالألوان، وقد يجيء الزخرف بمعنى الذهب إذ الذهب منه، وقرأ مروان بن الحكم وأبو جعفر والسبعة وشيبة ومجاهد والجمهور: وازّيّنت أصله: تزينت سكنت التاء لتدغم فاحتيج إلى ألف الوصل وقرأ ابن مسعود والأعمش وأبيّ بن كعب «وتزينت» وهذه أصل قراءة الجمهور. وقرأ الحسن وأبو العالية والشعبي وقتادة ونصر بن عاصم وعيسى «وأزينت» على معنى حضرت زينتها كما تقول أحصد الزرع، «وأزينت» على مثال أفعلت وقال عوف بن أبي جميلة: كان أشياخنا يقرؤونها «وازيانت» النون شديدة والألف ساكنة قبلها، وهي قراءة أبي عثمان النهدي، وقرأت فرقة «وازيأنت»، وهي لغة منها قول الشاعر [ابن كثير]: [الطويل]
... ... ... ... = إذا ما الهوادي بالغبيط احمأرّت
وقرأت فرقة «وازاينت» والمعنى في هذا كله ظهرت زينتها، وقوله وظنّ أهلها على بابها.
والضمير في عليها عائد على الأرض، والمراد ما فيها من نعمة ونبات، وهذا الكلام فيه تشبيه جملة أمر الحياة الدنيا بهذه الجملة الموصوفة أحوالها، وحتّى غاية وهي حرف ابتداء لدخولها على إذا ومعناها متصل إلى قوله قادرون عليها، ومن بعد ذلك بدأ الجواب، والأمر الآتي واحد الأمور كالريح والصر والسموم ونحو ذلك، وتقسيمه ليلًا أو نهاراً تنبيه على الخوف وارتفاع الأمن في كل وقت، وحصيداً: فعيل بمعنى مفعول وعبر ب «حصيد» عن التالف الهالك من النبات وإن لم يهلك بحصاد إذ الحكم فيهما واحد وكأن الآفة حصدته قبل أوانه، وقوله كأن لم تغن أي كأن لم تنعم ولم تنضر ولم تغر بغضارتها وقرأ قتادة «يغن» بالياء من تحت يعني الحصيد، وقرأ مروان «كأن لم تتغن» بتاءين مثل تتفعل والمغاني المنازل المعمورة ومنه قول الشاعر: [الوافر]
وقد نغنى بها ونرى عصورا = بها يقتدننا الخرد الخذالا
وفي مصحف أبي بن كعب «كأن لم تغن بالأمس وما كنا لنهلكها إلا بذنوب أهلها كذلك نفصل الآيات»، رواها عنه ابن عباس، وقيل: إن فيه «وما كان الله ليهلكها إلا بذنوب أهلها»، وقرأ أبو الدرداء «لقوم يتذكرون» ومعنى الآية التحذير من الاغترار بالدنيا، إذ هي معرضة للتلف وأن يصيبها ما أصاب هذه الأرض المذكورة بموت أو غيره من رزايا الدنيا، وخص «المتفكرين» بالذكر تشريفا للمنزلة وليقع التسابق إلى هذه الرتبة). [المحرر الوجيز: 4/ 470-472]

تفسير قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (25)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: واللّه يدعوا إلى دار السّلام ويهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ (25) للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ ولا يرهق وجوههم قترٌ ولا ذلّةٌ أولئك أصحاب الجنّة هم فيها خالدون (26) والّذين كسبوا السّيّئات جزاء سيّئةٍ بمثلها وترهقهم ذلّةٌ ما لهم من اللّه من عاصمٍ كأنّما أغشيت وجوههم قطعاً من اللّيل مظلماً أولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون (27)
نصت هذه الآية أن الدعاء إلى الشرع عام في كل بشر، والهداية التي هي الإرشاد مختصة بمن قدر إيمانه، والسّلام قيل: هو اسم الله عز وجل، فالمعنى يدعو إلى داره التي هي الجنة، وإضافتها إليه إضافة ملك إلى مالك، وقيل: السّلام بمعنى السلامة، أي من دخلها ظفر بالسلامة وأمن الفناء والآفات، وهذه الآية رادة على المعتزلة، وقد وردت في دعوة الله تعالى عباده أحاديث منها رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم إذ رأى في نومه جبريل وميكائيل ومثلا دعوة الله ومحمدا الداعي والملة المدعو إليها والجنة التي هي ثمرة الغفران بالمادية يدعو إليها ملك إلى منزله. وقال قتادة في كلامه على هذه الآية ذكر لنا أن في التوراة مكتوبا «يا باغي الخير هلم ويا باغي الشر انته»). [المحرر الوجيز: 4/ 472-473]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 4 شوال 1435هـ/31-07-2014م, 10:57 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 4 شوال 1435هـ/31-07-2014م, 10:58 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {إنّما مثل الحياة الدّنيا كماءٍ أنزلناه من السّماء فاختلط به نبات الأرض ممّا يأكل النّاس والأنعام حتّى إذا أخذت الأرض زخرفها وازّيّنت وظنّ أهلها أنّهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلًا أو نهارًا فجعلناها حصيدًا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصّل الآيات لقومٍ يتفكّرون (24) واللّه يدعو إلى دار السّلام ويهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ (25) }
ضرب [تبارك و] تعالى مثلًا لزهرة الحياة الدّنيا وزينتها وسرعة انقضائها وزوالها، بالنّبات الّذي أخرجه اللّه من الأرض بما أنزل من السّماء من الماء، ممّا يأكل النّاس من زرعٍ وثمارٍ، على اختلاف أنواعها وأصنافها، وما تأكل الأنعام من أبٍّ وقضب وغير ذلك، {حتّى إذا أخذت الأرض زخرفها} أي: زينتها الفانية، {وازّيّنت} أي: حسنت بما خرج من رباها من زهورٍ نضرة مختلفة الأشكال والألوان، {وظنّ أهلها} الّذين زرعوها وغرسوها {أنّهم قادرون عليها} أي: على جذاذها وحصادها فبيناهم كذلك إذ جاءتها صاعقة، أو ريح بادرة، فأيبست أوراقها، وأتلفت ثمارها؛ ولهذا قال تعالى: {أتاها أمرنا ليلا أو نهارًا فجعلناها حصيدًا} أي: يبسًا بعد [تلك] الخضرة والنّضارة، {كأن لم تغن بالأمس} أي: كأنّها ما كانت حسناء قبل ذلك.
وقال قتادة: {كأن لم تغن} كأنّ لم تنعم.
وهكذا الأمور بعد زوالها كأنّها لم تكن؛ ولهذا جاء في الحديث يؤتى بأنعم أهل الدّنيا، فيغمس في النّار غمسة ثمّ يقال له: هل رأيت خيرًا قطّ؟ [هل مرّ بك نعيمٌ قطّ؟] فيقول: لا. ويؤتى بأشدّ النّاس عذابًا في الدّنيا فيغمس في النّعيم غمسةً، ثمّ يقال له: هل رأيت بؤسًا قطّ؟ فيقول: لا"
وقال تعالى إخبارًا عن المهلكين: {فأصبحوا في ديارهم جاثمين كأن لم يغنوا فيها} [هودٍ: 94، 95].
ثمّ قال تعالى: {كذلك نفصّل الآيات} أي: نبيّن الحجج والأدلّة، {لقومٍ يتفكّرون} فيعتبرون بهذا المثل في زوال الدّنيا من أهلها سريعًا مع اغترارهم بها، وتمكّنهم بمواعيدها وتفلّتها منهم، فإنّ من طبعها الهرب ممّن طلبها، والطّلب لمن هرب منها، وقد ضرب اللّه مثل الحياة الدّنيا بنبات الأرض، في غير ما آيةٍ من كتابه العزيز، فقال في سورة الكهف: {واضرب لهم مثل الحياة الدّنيا كماءٍ أنزلناه من السّماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيمًا تذروه الرّياح وكان اللّه على كلّ شيءٍ مقتدرًا} [الكهف: 45]، وكذا في سورة الزّمر والحديد يضرب بذلك مثل الحياة الدّنيا كماءٍ.
وقال ابن جريرٍ: حدّثني الحارث حدّثنا عبد العزيز، حدّثنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينارٍ، عن عبد الرّحمن بن أبي بكر بن عبد الرّحمن بن الحارث بن هشام قال: سمعت مروان -يعني: ابن الحكم -يقرأ على المنبر: "وازّيّنت وظنّ أهلها أنّهم قادرون عليها وما كان اللّه ليهلكها إلّا بذنوب أهلها"، قال: قد قرأتها وليست في المصحف فقال عبّاس بن عبد اللّه بن عبّاسٍ: هكذا يقرؤها ابن عبّاسٍ. فأرسلوا إلى ابن عبّاسٍ فقال: هكذا أقرأني أبيّ بن كعبٍ.
وهذه قراءةٌ غريبةٌ، وكأنّها زيادةٌ للتّفسير). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 259-261]

تفسير قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (25)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {واللّه يدعو إلى دار السّلام} الآية: لمّا ذكر تعالى الدّنيا وسرعة [عطبها و] زوالها، رغّب في الجنّة ودعا إليها، وسمّاها دار السّلام أي: من الآفات، والنّقائص والنّكبات، فقال: {واللّه يدعو إلى دار السّلام ويهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}.
قال أيّوب عن أبي قلابة عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "قيل لي: لتنم عينك، وليعقل قلبك، ولتسمع أذنك فنامت عيني، وعقل قلبي، وسمعت أذني. ثمّ قيل: سيّدٌ بنى دارًا، ثمّ صنع مأدبةً، وأرسل داعيًا، فمن أجاب الدّاعي دخل الدّار، وأكل من المأدبة، ورضي عنه السّيّد، ومن لم يجب الدّاعي لم يدخل الدّار، ولم يأكل من المأدبة، ولم يرض عنه السّيّد فاللّه السّيّد، والدّار الإسلام، والمأدبة الجنّة، والدّاعي محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وهذا حديثٌ مرسلٌ، وقد جاء متّصلًا من حديث اللّيث، عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال، عن جابر بن عبد اللّه، رضي اللّه عنه، قال: خرج علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يومًا فقال: "إنّي رأيت في المنام كأنّ جبريل عند رأسي، وميكائيل عند رجلي، يقول أحدهما لصاحبه: اضرب له مثلًا. فقال: اسمع سمعت أذنك، واعقل عقل قلبك، إنّما مثلك ومثل أمّتك كمثل ملكٍ اتّخذ دارًا، ثمّ بنى فيها بيتًا، ثمّ جعل فيها مأدبةً، ثمّ بعث رسولًا يدعو النّاس إلى طعامه، فمنهم من أجاب الرّسول، ومنهم من تركه، فاللّه الملك، والدّار الإسلام، والبيت الجنّة، وأنت يا محمّد الرسول، فمن أجابك دخل الإسلام، ومن دخل الإسلام دخل الجنّة، ومن دخل الجنّة أكل منها" رواه ابن جريرٍ.
وقال قتادة: حدّثني خليد العصري، عن أبي الدّرداء قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ما من يومٍ طلعت فيه شمسه إلّا وبجنبتيها ملكان يناديان يسمعهما خلق اللّه كلّهم إلّا الثّقلين: يا أيها الناس،هلمّوا إلى ربّكم، إنّ ما قلّ وكفى، خيرٌ ممّا كثر وألهى". قال: وأنزل ذلك في القرآن، في قوله: {واللّه يدعو إلى دار السّلام ويهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ} رواه ابن أبي حاتمٍ، وابن جريرٍ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 261-262]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:47 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة