العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة التوبة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 1 جمادى الأولى 1434هـ/12-03-2013م, 01:40 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي تفسير سورة التوبة [ من الآية (64) إلى الآية (66) ]

تفسير سورة التوبة
[ من الآية (64) إلى الآية (66) ]

بسم الله الرحمن الرحيم
{ يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (64) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 1 جمادى الأولى 1434هـ/12-03-2013م, 02:44 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (64) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يحذر المنافقون أن تنزّل عليهم سورةٌ تنبّئهم بما في قلوبهم قل استهزئوا إنّ الله مخرجٌ مّا تحذرون}.
يقول تعالى ذكره: يخشى المنافقون أن تنزّل فيهم سورةٌ تنبّئهم بما في قلوبهم، يقول: تظهر المؤمنين على ما في قلوبهم.
وقيل: إنّ اللّه أنزل هذه الآية على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم؛ لأنّ المنافقين كانوا إذا عابوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وذكروا شيئًا من أمره وأمر المسلمين، قالوا: لعلّ اللّه لا يفشي سرّنا، فقال اللّه لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: قل لهم: استهزئوا، متهدّدًا لهم متوعّدًا {إنّ اللّه مخرجٌ ما تحذرون}.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {يحذر المنافقون أن تنزّل عليهم سورةٌ} قال: يقولون القول بينهم، ثمّ يقولون: عسى اللّه أن لا يفشي سرّنا علينا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ مثله، إلاّ أنّه قال: سرّنا هذا.
وأمّا قوله: {إنّ اللّه مخرجٌ ما تحذرون} فإنّه يعني: إنّ اللّه مظهرٌ عليكم أيّها المنافقون ما كنتم تحذرون أن تظهروه، فأظهر اللّه ذلك عليهم وفضحهم، فكانت هذه السّورة تدعى الفاضحة.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: كانت تسمّى هذه السّورة الفاضحة فاضحة المنافقين). [جامع البيان: 11/541-542]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (يحذر المنافقون أن تنزّل عليهم سورةٌ تنبّئهم بما في قلوبهم قل استهزئوا إنّ اللّه مخرجٌ ما تحذرون (64)
قوله تعالى: يحذر المنافقون أن تنزّل عليهم سورةٌ
- حدّثنا حجّاج بن حمزة ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ
قوله: يحذر المنافقون أن تنزّل عليهم سورةٌ تنبّئهم بما في قلوبهم يقولون: القول فيما بينهم، ثمّ يقولون: عسى اللّه ألا يفشي علينا هذا.
قوله تعالى: قل استهزؤا إنّ اللّه مخرجٌ ما تحذرون.
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس ثنا يزيد بن زريعٍ ثنا سعيدٌ عن قتادة قوله: قل استهزؤا إنّ اللّه مخرجٌ ما تحذرون قال: كانت هذه السّورة تسمّى: الفاضحة- فاضحة المنافقين- وكان يقال لها: المثيرة- أنبأت بمثالبهم وعوراتهم- فقال: المثالب: العيوب). [تفسير القرآن العظيم: 6/1829]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم يقول كانوا يقولون القول بينهم ثم يقولون عسى الله ألا يفشي هذا علينا يقول الله عز وجل قل استهزئوا إن الله مخرج ما تحذرون). [تفسير مجاهد: 283]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 64.
أخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم} قال: يقولون القول فيما بينهم ثم يقولون عسى الله أن لا يفشي علينا هذا.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه قال: كانت هذه السورة تسمى الفاضحة فاضحة المنافقين وكان يقال لها المثيرة أنبأت بمثالبهم وعوراتهم.
وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر وأبو الشيخ عن المسيب بن رافع رضي الله عنه قال: ما عمل رجل من حسنة في سبعة أبيات إلا أظهرها الله ولا عمل رجل من سيئة في سبعة أبيات إلا أظهرها الله وتصديق ذلك كلام الله تعالى {إن الله مخرج ما تحذرون}). [الدر المنثور: 7/424-425]

تفسير قوله تعالى: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قال بينما النبي في غزوة تبوك وركب من المنافقين يسيرون بين يديه فقالوا أيظن هذا أن تفتتح قصور الروم وحصونها فأطلع الله تبارك وتعالى نبيه على ما قالوا فقال علي بهؤلاء النفر فدعاهم فقال أقلتم كذا وكذا فحلفوا ما كنا إلا نخوض ونلعب). [تفسير عبد الرزاق: 1/282]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولئن سألتهم ليقولنّ إنّما كنّا نخوض ونلعب قل أباللّه وآياته ورسوله كنتم تستهزئون}.
يقول تعالى جلّ ثناؤه لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: ولئن سألت يا محمّد هؤلاء المنافقين عمّا قالوا من الباطل والكذب، ليقولنّ لك: إنّما قلنا ذلك لعبًا، وكنّا نخوض في حديث لعبًا وهزوًا. يقول اللّه لمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل يا محمّد أباللّه وآيات كتابه ورسوله كنتم تستهزئون.
وكان ابن إسحاق يقول: الّذي قال هذه المقالة كما:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: كان الّذي قال هذه المقالة فيما بلغني وديعة بن ثابتٍ، أخو بني أميّة بن زيدٍ من بني عمرو بن عوفٍ.
- حدّثنا عليّ بن داود، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثنا اللّيثٌ، قال: حدّثني هشام بن سعدٍ، عن زيد بن أسلم: أنّ رجلاً من المنافقين قال لعوف بن مالكٍ في غزوة تبوك: ما لقرّائنا هؤلاء أرغبنا بطونًا وأكذبنا ألسنةً وأجبننا عند اللّقاء، فقال له عوفٌ: كذبت، ولكنّك منافقٌ، لأخبرنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فذهب عوفٌ إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ليخبره، فوجد القرآن قد سبقه، فقال زيدٌ: قال عبد اللّه بن عمر: فنظرت إليه متعلّقًا بحقب ناقة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، تنكبه الحجارة، يقول: {إنّما كنّا نخوض ونلعب} فيقول له النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {أباللّه وآياته ورسوله كنتم تستهزئون} ما يزيده.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: حدّثني هشام بن سعدٍ، عن زيد بن أسلم، عن عبد اللّه بن عمر، قال: قال رجلٌ في غزوة تبوك في مجلسٍ، ما رأينا مثل قرّائنا هؤلاء أرغب بطونًا ولا أكذب ألسنةً ولا أجبن عند اللّقاء، فقال رجلٌ في المجلس: كذبت، ولكنّك منافقٌ، لأخبرنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فبلغ ذلك النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، ونزل القرآن، قال عبد اللّه بن عمر: فأنا رأيته متعلّقًا بحقب ناقة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، تنكبه الحجارة، وهو يقول: يا رسول اللّه إنّما كنّا نخوض ونلعب، ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: {أباللّه وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم}.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، قال: أخبرنا أيّوب، عن عكرمة، في قوله: {ولئن سألتهم ليقولنّ إنّما كنّا نخوض ونلعب} إلى قوله: {بأنّهم كانوا مجرمين} قال: فكان رجلٌ ممّن إن شاء اللّه عفا عنه يقول: اللّهمّ إنّي أسمع آيةً أنا أعنى بها، تقشعرّ منها الجلود، وتجل منها القلوب، اللّهمّ فاجعل وفاتي قتلاً في سبيلك، لا يقول أحدٌ: أنا غسّلت، أنا كفّنت، أنا دفنت، قال: فأصيب يوم اليمامة، فما من أحدٍ من المسلمين إلاّ وجد غيره.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ولئن سألتهم ليقولنّ إنّما كنّا نخوض ونلعب} الآية، قال: بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يسير في غزوته إلى تبوك، وبين يديه ناسٌ من المنافقين، فقال: أيرجو هذا الرّجل أن يفتح قصور الشّام وحصونها؟ هيهات هيهات، فأطلع اللّه نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم على ذلك، فقال نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: احبسوا عليّ هؤلاء الرّكب. فأتاهم فقال: قلتم كذا؟ قلتم كذا؟ قالوا: يا نبيّ اللّه إنّما كنّا نخوض ونلعب، فأنزل اللّه تبارك وتعالى فيها ما تسمعون.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {ولئن سألتهم ليقولنّ إنّما كنّا نخوض ونلعب} قال: بينما النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في غزوة تبوك وركبٌ من المنافقين يسيرون بين يديه، فقالوا: يظنّ هذا أن يفتح قصور الرّوم وحصونها، فأطلع اللّه نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم على ما قالوا، فقال: عليّ بهؤلاء النّفر فدعاهم فقال: قلتم كذا وكذا؟ فحلفوا: ما كنّا إلاّ نخوض ونلعب.
- حدّثنا الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا أبو معشرٍ، عن محمّد بن كعبٍ وغيره قالوا: قال رجلٌ من المنافقين: ما أرى قرّاءنا هؤلاء إلاّ أرغبنا بطونًا، وأكذبنا ألسنةً، وأجبننا عند اللّقاء، فرفع ذلك إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فجاء إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وقد ارتحل وركب ناقته، فقال: يا رسول اللّه، إنّما كنّا نخوض ونلعب، فقال: {أباللّه وآياته ورسوله كنتم تستهزئون} إلى قوله: {مجرمين} وإنّ رجليه لتسفعان بالحجارة، وما يلتفت إليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وهو متعلّقٌ بنسعة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {إنّما كنّا نخوض ونلعب} قال: قال رجلٌ من المنافقين: يحدّثنا محمّدٌ أنّ ناقة فلانٍ بوادي كذا وكذا في يوم كذا وكذا، وما يدريه ما الغيب.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، بنحوه). [جامع البيان: 11/542-546]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ولئن سألتهم ليقولنّ إنّما كنّا نخوض ونلعب قل أباللّه وآياته ورسوله كنتم تستهزئون (65)
قوله تعالى: ولئن سألتهم
- ذكره أبي عن عبد اللّه بن عمر بن أبان الكوفيّ ثنا عمرو بن محمّدٍ العنقزيّ ثنا خلادٌ عن عبد اللّه بن عيسى عن عبد الحميد بن كعب بن مالكٍ عن أبيه قال: خرج رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وسلّم- في حرٍّ شديدٍ، وأمر بالغزو إلى تبوك، قال: ونزل نفرٌ من أصحاب النّبيّ- صلّى اللّه عليه وسلّم- في جانبٍ فقال بعضهم لبعضٍ واللّه إنّ أرغبنا بطونًا، وأجبنا عند اللّقاء وأضعفنا، لقرّاؤنا، فدعا النّبيّ- صلّى اللّه عليه وسلّم- عمّارًا فقال: اذهب إلى هؤلاء الرّهط فقل لهم: ما قلتم؟ ولئن سألتهم ليقولنّ إنّما كنّا نخوض ونلعب قل أباللّه وآياته ورسوله كنتم تستهزؤن.
قوله تعالى: ليقولنّ إنّما كنّا نخوض ونلعب.
- حدّثنا يونس بن عبد الأعلى أنبأ عبد اللّه بن وهبٍ ثنا هشام بن سعدٍ عن زيد بن أسلم عن عبد اللّه بن عمر قال: قال رجلٌ في غزوة تبوك في مجلسٍ يومًا: ما رأيت مثل قرّائنا هؤلاء لا أرغب بطونًا، ولا أكذب ألسنةً، ولا أجبن عند اللّقاء، فقال رجلٌ في المجلس: كذبت ولكنّك منافقٌ لأخبرنّ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وسلّم- فبلغ ذلك النّبيّ- صلّى اللّه عليه وسلّم- ونزل القرآن قال عبد الله: فأنا رأيته متعلّقًا بحقب ناقة رسول اللّه- صلّى الله عليه وسلّم- تنكبه الحجارة وهو يقول: يا رسول اللّه: إنّما كنّا نخوض ونلعب ورسول اللّه- صلّى اللّه عليه وسلّم- يقول أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤن.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ، قوله: ولئن سألتهم ليقولنّ إنّما كنّا نخوض ونلعب قال رجلٌ من المنافقين: يحدّثنا محمّدٌ أنّ ناقة فلانٍ بوادي كذا وكذا في يوم كذا وكذا وما يدريه ما الغيب؟
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليّ ثنا يزيد بن زريعٍ عن سعيدٍ عن قتادة، قوله: ولئن سألتهم ليقولنّ إنّما كنّا نخوض ونلعب قل أباللّه وآياته ورسوله كنتم تستهزؤن قال: بينما رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وسلّم- في غزوته إلى تبوك وبين يديه أناسٌ من المنافقين، فقالوا: أيرجو هذا الرّجل أن يفتح قصور الشّام وحصونها؟! هيهات هيهات!، فأطلع اللّه نبيّه على ذلك فقال نبيّ اللّه- صلّى اللّه عليه وسلّم-: احتبسوا على الرّكب فأتاهم فقال: قلتم كذا، قلتم كذا، قالوا: يا نبيّ اللّه، إنّما كنّا نخوض ونلعب فأنزل اللّه فيهم ما تسمعون.
- أخبرنا عمرو بن ثورٍ القيساريّ فيما كتب إليّ ثنا الفريابيّ ثنا قيس بن الرّبيع عن سالمٍ الأفطس عن سعيد بن جبيرٍ قال: كان رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وسلّم- في مسيرٍ، وأناسٌ من المنافقين يسيرون أمامه فقالوا: إن كان ما يقول هذا أراه قال: محمّدٌ حقًّا، نحن شرٌّ من الحمير، يعنون النّبيّ- صلّى اللّه عليه وسلّم- فأعلم اللّه نبيّه- صلّى اللّه عليه وسلّم- الّذي قالوا: فقال: ولئن سألتهم ليقولنّ إنّما كنّا نخوض ونلعب فأرسل إليهم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: ما كنتم تقولون؟
قالوا ما قلنا شيئًا إنّما كنّا نخوض ونلعب قل أباللّه وآياته ورسوله كنتم تستهزؤن.
قوله تعالى: قل أبالله وآياته ورسوله الآية.
- حدّثنا أبي ثنا محمّد بن ميمونٍ الخيّاط ثنا إسماعيل بن داود المخراقيّ ثنا مالك بن أنسٍ عن نافعٍ عن عبد اللّه بن عمر قال: رأيت عبد اللّه بن أبي، قدّام النّبيّ- صلّى اللّه عليه وسلّم- والأحجار تنكبه فيقول: يا محمّد. إنّما كنّا نخوض ونلعب والنّبيّ- صلّى اللّه عليه وسلّم- يقول: أباللّه وآياته ورسوله، كنتم تستهزؤن). [تفسير القرآن العظيم: 6/1829-1830]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قال: قال رجل من المنافقين يحدثنا محمد أن ناقة فلان بوادي كذا وكذا في يوم كذا وكذا وما يدريه ما الغيب). [تفسير مجاهد: 283]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 65 - 66.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن شريح بن عبيد رضي الله عنه، أن رجلا قال لأبي
الدرداء رضي الله عنه: يا معشر القراء ما بالكم أجبن منا وأبخل إذا سئلتم وأعظم لقما إذا أكلتم فأعرض عنه أبو الدرداء ولم يرد عليه شيئا فأخبر بذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه فانطلق عمر إلى الرجل الذي قال ذلك فقاله بثوبه وخنقه وقاده إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال الرجل: إنما كنا نخوض ونلعب، فأوحى الله تعالى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم {ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب}.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، وابن مردويه عن عبد الله بن عمر قال: قال رجل في غزوة تبوك في مجلس يوما: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء لا أرغب بطونا ولا أكذب ألسنة ولا أجبن عند اللقاء، فقال رجل في المجلس: كذبت ولكنك منافق، لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن، قال عبد الله: فأنا رأيته متعلقا يحقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم والحجارة تنكيه وهو يقول: يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم والعقيلي في الضعفاء وأبو الشيخ، وابن مردويه والخطيب في رواة مالك عن ابن عمر قال رأيت عبد الله بن أبي وهو يشتد قدام النّبيّ صلى الله عليه وسلم والأحجار تنكيه وهو يقول: يا محمد إنما كنا نخوض ونلعب والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب} قال: قال رجل من المنافقين يحدثنا محمد: أن ناقة فلان بوادي كذا وكذا في يوم كذا وكذا وما يدريه بالغيب.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في الآية قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوته إلى تبوك وبين يديه أناس من المنافقين فقالوا: يرجو هذا الرجل أن تفتح له قصور الشام وحصونها هيهات هيهات، فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على ذلك فقال نبي صلى الله عليه وسلم الله احبسوا علي هؤلاء الركب، فأتاهم فقال: قلتم كذا قلتم كذا، قالوا: يا نبي الله إنما كنا نخوض ونلعب فأنزل الله فيهما ما تسمعون.
وأخرج الفريابي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن سعيد بن جبير قال بينما النّبيّ صلى الله عليه وسلم في مسيره وأناس من المنافقين يسيرون أمامه فقالوا: إن كان ما يقول محمد حقا فلنحن أشر من الحمير، فأنزل الله تعالى ما قالوا فأرسل إليهم، ما كنتم تقولون فقالوا: إنما كنا نخوض ونلعب). [الدر المنثور: 7/425-427]

تفسير قوله تعالى: (لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وقال الكلبي كان رجل منهم لم يمالئهم في الحديث يسير مجانبا لهم فنزلت إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة فسمي طائفة وهو واحد). [تفسير عبد الرزاق: 1/282-283]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نّعف عن طائفةٍ مّنكم نعذّب طائفةً بأنّهم كانوا مجرمين}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل لهؤلاء الّذين وصفت لك صفتهم: {لا تعتذروا} بالباطل، فتقولوا: كنّا نخوض ونلعب. {قد كفرتم} يقول: قد جحدتم الحقّ بقولكم ما قلتم في رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم والمؤمنين به {بعد إيمانكم} يقول: بعد تصديقكم به وإقراركم به. {إن نعف عن طائفةٍ منكم نعذّب طائفةً} وذكر أنّه عني بالطّائفة في هذا الموضع رجلٌ واحدٌ.
وكان ابن إسحاق يقول فيما:
- حدّثنا به ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: كان الّذي عفي عنه فيما بلغني مخشيّ بن حميرٍ الأشجعيّ حليف بني سلمة، وذلك أنّه أنكر منهم بعض ما سمع.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا زيد بن حبّان، عن موسى بن عبيدة، عن محمّد بن كعبٍ: {إن نعف عن طائفةٍ، منكم} قال: طائفةٌ: رجلٌ.
واختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه: إن نعف عن طائفةٍ منكم بإنكاره ما أنكر عليكم من قبل الكفر، نعذّب طائفةً بكفره واستهزائه بآيات اللّه ورسوله.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، قال: قال بعضهم: كان رجلٌ منهم لم يمالئهم في الحديث، فيسير مجانبًا لهم، فنزلت: {إن نعف عن طائفةٍ منكم نعذّب طائفةً} فسمّي طائفةً وهو واحدٌ.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: إن تتب طائفةٌ منكم فيعفو اللّه عنه، يعذّب اللّه طائفةً منكم بترك التّوبة.
وأمّا قوله: {إنّهم كانوا مجرمين} [الدخان] فإنّ معناه: نعذّب طائفةً منهم باكتسابهم الجرم، وهو الكفر باللّه، وطعنهم في رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم). [جامع البيان: 11/546-547]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفةٍ منكم نعذّب طائفةً بأنّهم كانوا مجرمين (66)
قوله تعالى: لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم
- حدّثنا أبي ثنا الحسن بن الرّبيع ثنا عبد اللّه بن إدريس قال: قال ابن إسحاق حدّثني الزّهريّ عن عبد الرّحمن بن عبد اللّه بن كعب بن مالكٍ عن أبيه عن جدّه كعبٍ قال: قال مخشيّ بن حميرٍ: لوددت أنّي أقاضى على أن يضرب كلّ رجلٍ منكم مائةً مائةً على أن ننجو من أن ينزل فينا قرآنٌ، فقال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وسلّم- لعمّار بن ياسرٍ: أدرك القوم فإنّهم قد احترقوا، فاسألهم عمّا قالوا، فإن هم أنكروا وكتموا، فقل: بلى، قد قلتم كذا وكذا، فأدركهم فقال لهم: الّذي أمر به رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وسلّم- فجاءوا لرسول اللّه- صلّى اللّه عليه وسلّم- يعتذرون، وقال مخشيّ بن حميرٍ: يا رسول اللّه، قعد بي اسمي واسم أبي فأنزل- اللّه تعالى- فيهم لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفةٍ منكم نعذّب طائفةً فكان الّذي عفا اللّه عنه: مخشيّ بن حميرٍ، فتسمّى: عبد الرّحمن، وسأل اللّه أن يقتل شهيدًا لا يعلم بمقتله فقتل يوم اليمامة لا يعلم مقتله ولا من قتله ولا يرى له أثرٌ ولا عينٌ.
قوله تعالى: إن نعف عن طائفةٍ منكم نعذّب طائفة بأنهم كانوا مجرمين الآية.
- حدّثنا أبو زرعة ثنا منجابٌ أنبأ بشرٌ عن أبي روقٍ عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ في قوله: إن نعف عن طائفةٍ منكم نعذب طائفة قال: الطّائفة: الرّجل والنّفر). [تفسير القرآن العظيم: 6/1831]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج إسحاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن كعب بن مالك قال: قال محشي بن حمير: لوددت أني أقاضي على أن يضرب كل رجل منكم مائة على أن ينجو من أن ينزل فينا قرآن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمار بن ياسر أدرك القوم فإنهم قد احترقوا فسلهم عما قالوا فإن هم أنكروا وكتموا فقل بلى قد قلتم كذا وكذا فأدركهم فقال لهم، فجاءوا يعتذرون فأنزل الله {لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم} الآية، فكان الذي عفا الله عنه محشي بن حمير فتسمى عبد الرحمن وسأل الله أن يقتل شهيدا لا يعلم بمقتله، فقتل باليمامة لا يعلم مقتله ولا من قتله ولا يرى له أثر ولا عين.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية في رهط من المنافقين من بني عمرو بن عوف فيهم وديعة بن ثابت ورجل من أشجع حليف لهم يقال له محشي بن حمير كان يسيرون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منطلق إلى تبوك فقال بعضهم لبعض: أتحسبون قتال بني الأصفر كقتال غيرهم والله لكأنا بكم غدا تقادون في الحبال، قال محشي بن حمير: لوددت أني أقاضي، فذكر الحديث مثل الذي قبله.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود، نحوه.
وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر وأبو الشيخ عن الكلبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أقبل من غزوة تبوك وبين يديه ثلاثة رهط استهزأوا بالله وبرسوله وبالقرآن قال: كان رجل منهم لم يمالئهم في الحديث يسير مجانبا لهم يقال له يزيد بن وديعة فنزلت {إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة} فسمي طائفة وهو واحد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة} قال: الطائفة الرجل والنفر.
وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: الطائفة الواحد إلى الألف.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال: الطائفة رجل فصاعدا.
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك {إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة}
يعني إن عفى بعضهم فليس بتارك الآخرين أن يعذبهم {بأنهم كانوا مجرمين}.
وأخرج ابن مردويه، عن جابر بن عبد الله قال: كان فيمن تخلف بالمدينة من المنافقين وداعة بن ثابت أحد بني عمرو بن عوف فقيل له: ما خلفك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: الخوض واللعب، فأنزل الله فيه وفي أصحابه: {ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب} إلى قوله {مجرمين}). [الدر المنثور: 7/427-430]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 1 جمادى الأولى 1434هـ/12-03-2013م, 03:05 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: (يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (64) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله جلّ وعزّ: {يحذر المنافقون أن تنزّل عليهم سورة تنبّئهم بما في قلوبهم قل استهزئوا إنّ اللّه مخرج ما تحذرون}
لفظ يحذر لفظ الخبر، ومعناه الأمر، لأنه لا لبس في الكلام في أنه أمر، فهو كقولك ليحذر المنافقون، وعلى هذا يجوز في كل ما يؤمر به أن تقول يفعل ذلك، فينوب عن قولك ليفعل ذلك.
ويجوز أن يكون خبرا عنهم لأنهم كانوا يكفرون عنادا وحسدا.
ودليل هذا القول: {قل استهزئوا إنّ اللّه مخرج ما تحذرون} ). [معاني القرآن: 2/459]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم}
قال مجاهد هؤلاء قوم من المنافقين ذكروا النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين وقالوا نرجو أن لا يفشي الله علينا). [معاني القرآن: 3/230]

تفسير قوله تعالى: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولئن سألتهم ليقولنّ إنّما كنّا نخوض ونلعب قل أباللّه وآياته ورسوله كنتم تستهزئون)
وذلك أنهم قالوا: إنما كنا نخوض كما يخوض الركب}). [معاني القرآن: 2/460]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب}
فالمعنى ولئن سألتهم عما قالوا
قال قتادة هؤلاء قوم من المنافقين قالوا في غزوة تبوك أيطمع محمد أن يدخل بلاد الروم ويخرب حصونهم فأطلع الله النبي صلى الله عليه وسلم على ما قالوا فدعا بهم فقال أقلتم كذا وكذا فقالوا {إنما كنا نخوض ونلعب}
وقال سعيد بن جبير قالوا إن كان ما يقول محمد حقا فنحن حمير فأطلعه الله جل وعز على ما قالوا فسألهم فقالوا إنما كنا نخوض ونلعب
قال عز وجل: {قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم}
أي قد ظهر منكم الكفر بعد ظهور الإيمان). [معاني القرآن: 3/230-231]

تفسير قوله تعالى: (لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إن نّعف عن طائفةٍ مّنكم نعذّب طائفةً...}
والطائفة واحد واثنان، وإنما نزل في ثلاثة نفر استهزأ رجلان برسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن، وضحك إليهما آخر، فنزل {إن نّعف عن طائفةٍ} يعني الواحد الضحاك {نعذّب طائفةً} يعني المستهزئين. وقد جاء {وليشهد عذابهما طائفةٌ} يعني واحدا. ويقرأ: "إن يعف عن طائفة منكم تعذّب طائفةٌ". و"إن يعف... يعذّب طائفة"). [معاني القرآن: 1/445]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قراءة ابن مسعود وأهل المدينة وأبي عمرو {إن يعف عن طائفة} بالياء، {تعذب طائفة} بالتاء.
زيد بن ثابت {إن نعف عن طائفة نعذب طائفة}، وهي قراءة عاصم بن أبي النجود.
قراءة الجحدري "إن يعف عن طائفة ... يعذب طائفة" ). [معاني القرآن لقطرب: 633]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه جمع يراد به واحد واثنان:
كقوله: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2]: واحد واثنان فما فوق.
وقال قتادة في قوله تعالى: {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ}: كان رجل من القوم لا يمالئهم على أقاويلهم في النبي صلّى الله عليه وسلم، ويسير مجانبا لهم، فسماه الله طائفة وهو واحد.
وكان «قتادة» يقول في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ} [الحجرات: 4]: هو رجل واحد ناداه: يا محمد، إنّ مدحي زين، وإنّ شتمي شين.
فخرج إليه النبي، صلّى الله عليه وسلم
فقال: «ويلك، ذاك الله جل وعز»
ونزلت الآية.
وقوله سبحانه: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: 11]، أي أخوان فصاعدا.
قوله سبحانه: {وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ} [الأعراف: 150]، جاء في التفسير: أنهما لوحان.
وقوله: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4]، وهما قلبان.
وقوله: {أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ} [النور: 26]، يعني عائشة وصفوان بن المعطّل.
وقال: {بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} [النمل: 35]، وهو واحد، يدلك على ذلك قوله: {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ} [النمل: 37] ). [تأويل مشكل القرآن: 282-284] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذّب طائفة بأنّهم كانوا مجرمين}
تأويله إنّه قد ظهر كفركم بعد إظهاركم الإيمان.
{إن نعف عن طائفة منكم نعذّب طائفة}.
والقراءة {إن نعف} و (إن يعف، وإن يعف) جيدة، ولا أعلم أحدا من المشهورين قرأ بها.
ويروى أن هاتين الطائفتين إنما كانوا ثلاثة نفر فهزئ اثنان وضحك واحد، فجعل طائفة للواحد.
وكذلك قالوا في قوله: {وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين}.
يراد به نفس طائفة.
والطائفة في اللغة أصلها الجماعة، لأنها المقدار الذي يطيف بالشيء.
وقد يجوز أن يقال للواحد طائفة يراد بها نفس طائفة يراد به نفس طائفة). [معاني القرآن: 2/459-460]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 1 جمادى الأولى 1434هـ/12-03-2013م, 03:12 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذاالدرس]

تفسير قوله تعالى: {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (64) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) }

تفسير قوله تعالى: {لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66) }
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (ومنها أيضا اعتذر الرجل، إذا أتى بعذر، واعتذر إذا لم يأت بعذر، قال الله عز وجل: {لا تعتذروا}، فدل بهذا على أنهم اعتذروا بغير عذر صحيح. وقال لبيد
في المعنى الآخر:

فقوما فقولا بالذي قد علمتما = ولا تخمشا وجها ولا تحلقا شعر
إلى الحول ثم اسم السلام عليكما = ومن يبك حول كاملا فقد اعتذر
أي فقد أتى بعذر صحيح، ويقال: قد عذر الرجل في الحاجة إذا قصر فيها، وقد أعذر إذا بالغ ولم يقصر؛ من ذلك قولهم: قد أعذر من أنذر، أي قد جاء بمحض العذر من أنذرك المخوف.
وقال الفراء: حدثني حيان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس. وأبو حفص الخزاز، عن جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس، أنه كان يقرأ: (وجاء المُعْذِرُون من الأعراب)، ويقول: لعن الله المعذِرين. كأنه المعذِر عنده الذي يأتي بمحض العذر، والمعذِّر المقصر، هذا إذا كان المعذرون ومنه المفعِّلون، وإذا كان وزنه المفتعلين أمكن أن يكون للقوم عذر، وألا يكون لهم عذر على ما فسرنا في اعتذر، وتحول فتحول فتحة التاء من المعتذرين إلى العين، وتدغم التاء في الدال، فيصيران ذالا مشددة. ويقال: قد أعذر الرجل يُعْذِر، وعَذَر، وعذر يعذر، إذا كثرت
ذنوبه؛ حتى يتبين عذر من يعاقبه، ويصح أنه غير ظالم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يهلك الناس حتى يعذروا من أنفسهم))، ومنه قولهم: من يعذرني من فلان! وقول الشاعر:

فإن تك حرب ابني نزار تواضعت = فقد أعذرتنا في كلاب وفي كعب
وقول الآخر:

عذير الحي من عدوا = ن كانوا حية الأرض
وقولهم:

أريد حباءه ويريد قتلي = عذيرك من خليلك من مراد
ويقال: قد عذر فلان الصبي يعذره، وأعذره يعذره؛ إذا ختنه، أنشد الفراء:
في فتية جعلوا الصليب إلههم = حاشاي إني مسلم معذور
ويقال: قد عذرت الصبي أعذره، إذا غمزت وجعا في حلقة من الدم، يقال له العذرة، قال جرير:
غمز ابن مرة يا فرزدق كينها = غمز الطبيب نغانغ المعذور
النغانغ: لحمات عند اللهوات، واحدها نغنغ). [كتاب الأضداد: 320-322]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 2 جمادى الأولى 1434هـ/13-03-2013م, 05:44 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 2 جمادى الأولى 1434هـ/13-03-2013م, 05:46 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 22 شعبان 1435هـ/20-06-2014م, 09:21 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 22 شعبان 1435هـ/20-06-2014م, 09:22 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (64) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: يحذر المنافقون أن تنزّل عليهم سورةٌ تنبّئهم بما في قلوبهم قل استهزؤا إنّ اللّه مخرجٌ ما تحذرون (64) ولئن سألتهم ليقولنّ إنّما كنّا نخوض ونلعب قل أباللّه وآياته ورسوله كنتم تستهزؤن (65) لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفةٍ منكم نعذّب طائفةً بأنّهم كانوا مجرمين (66)
قوله، يحذر خبر عن حال قلوبهم، وحذرهم إنما هو أن تتلى سورة ومعتقدهم هل تنزل أم لا ليس بنص في الآية لكنه ظاهر، فإن حمل على مقتضى نفاقهم واعتقادهم أن ذلك ليس من عند الله فوجه بين، وإن قيل إنهم يعتقدون نزول ذلك من عند الله وهم ينافقون مع ذلك فهذا كفر عناد، وقال الزجّاج وبعض من ذهب إلى التحرز من هذا الاحتمال: معنى يحذر الأمر وإن كان لفظه لفظ الخبر كأنه يقول «ليحذر»،
وقرأ أبو عمرو وجماعة معه «أن تنزل»، ساكنة النون خفيفة الزاي، وقرأ بفتح النون مشددة الزاي الحسن والأعرج وعاصم والأعمش، وأن من قوله أن تنزّل، مذهب سيبويه أن، يحذر عامل فهي مفعوله، وقال غيره حذر إنما هي من هيئات النفس التي لا تتعدى مثل فزع وإنما التقدير يحذر المنافقون من أن تنزل عليهم سورة، وقوله قل استهزؤا لفظه الأمر ومعناه التهديد، ثم ابتدأ الإخبار عن أنه يخرج لهم إلى حيز الوجود ما يحذرونه، وفعل ذلك تبارك وتعالى في سورة براءة فهي تسمى الفاضحة لأنها فضحت المنافقين، وقال الطبري: كان المنافقون إذا عابوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكروا شيئا من أمره قالوا لعل الله لا يفشي سرنا فنزلت الآية في ذلك.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا يقتضي كفر العناد الذي قلناه). [المحرر الوجيز: 4/ 354-355]

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله ولئن سألتهم الآية، نزلت على ما ذكر جماعة من المفسرين في وديعة بن ثابت وذلك أنه مع قوم من المنافقين كانوا يسيرون في غزوة تبوك، فقال بعضهم لبعض هذا يريد أن يفتح قصور الشام ويأخذ حصون بني الأصفر هيهات هيهات، فوقفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك، وقال لهم قلتم كذا وكذا، فقالوا إنّما كنّا نخوض ونلعب، يريدون كنا غير مجدين،
وذكر ابن إسحاق أن قوما منهم تقدموا النبي صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهم كأنكم والله غدا في الحبال أسرى لبني الأصفر إلى نحو هذا من القول، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمار بن ياسر: «أدرك القوم فقد احترقوا وأخبرهم بما قالوا»، ونزلت الآية، وروي أن وديعة بن ثابت المذكور قال في جماعة من المنافقين: ما رأيت كقرائنا هؤلاء لا أرغب بطونا ولا أكثر كذبا ولا أجبن عند اللقاء فعنفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه المقالة فقالوا إنّما كنّا نخوض ونلعب، ثم أمره بتقريرهم أباللّه وآياته ورسوله كنتم تستهزؤن وفي ضمن هذا التقرير وعيد،
وذكر الطبري عن عبد الله بن عمر أنه قال: رأيت قائل هذه المقالة وديعة متعلقا بحقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم يماشيها والحجارة تنكبه وهو يقول إنّما كنّا نخوض ونلعب والنبي يقول أباللّه وآياته ورسوله كنتم تستهزؤن، وذكر النقاش أن هذا المتعلق كان عبد الله بن أبي ابن سلول، وذلك خطأ لأنه لم يشهد تبوك). [المحرر الوجيز: 4/ 355-356]

تفسير قوله تعالى: {لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: لا تعتذروا الآية، المعنى قل لهم يا محمد لا تعتذروا على جهة التوبيخ كأنه قال لا تفعلوا ما لا ينفع.
ثم حكم عليهم بالكفر فقال لهم قد كفرتم بعد إيمانكم الذي زعمتموه ونطقتم به، وقوله عن طائفةٍ منكم يريد فيما ذكر المفسرون رجلا واحدا قيل اسمه مخشن بن حفير قاله ابن إسحاق، وقال ابن هشام ويقال فيه مخشي وقال خليفة بن خياط في تاريخه مخاشن بن حمير وذكر ابن عبد البر مخاشن الحميري وذكر جميعهم أنه استشهد باليمامة وكان قد تاب وتسمى عبد الرحمن، فدعا الله أن يستشهد، ويجهل أمره فكان ذلك باليمامة ولم يوجد جسده، وذكر أيضا ابن عبد البر محشي بن حمير بضم الحاء وفتح الميم وسكون الياء ولم يتقن القصة، وكان محشي مع المنافقين الذين قالوا إنّما كنّا نخوض ونلعب فقيل كان منافقا ثم تاب توبة صحيحة، وقيل كان مسلما مخلصا إلا أنه سمع كلام المنافقين فضحك لهم ولم ينكر عليهم فعفا الله عنه في كلا الوجهين، ثم أوجب العذاب لباقي المنافقين الذين قالوا ما تقدم،
وقرأ جميع السبعة سوى عاصم «إن يعف عن طائفة» بالياء «تعذب» بالتاء، وقرأ الجحدري «إن يعف» بالياء على تقدير يعذب الله «طائفة» بالنصب، وقرأ عاصم وزيد بن ثابت وأبو عبد الرحمن «إن نعف» بالنون «نعذب» بنون الجميع أيضا، وقرأ مجاهد «إن تعف» بالتاء المضمومة على تقدير إن تعف هذه الذنوب «تعذب» بالتاء أيضا).[المحرر الوجيز: 4/ 356-357]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 22 شعبان 1435هـ/20-06-2014م, 09:23 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 22 شعبان 1435هـ/20-06-2014م, 09:24 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (64) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورةٌ تنبّئهم بما في قلوبهم قل استهزئوا إنّ اللّه مخرجٌ ما تحذرون (64)}
قال مجاهدٌ: يقولون القول بينهم، ثمّ يقولون: عسى اللّه ألّا يفشي علينا سرّنا هذا.
وهذه الآية شبيهةٌ بقوله تعالى: {وإذا جاءوك حيّوك بما لم يحيّك به اللّه ويقولون في أنفسهم لولا يعذّبنا اللّه بما نقول حسبهم جهنّم يصلونها فبئس المصير} [المجادلة: 8] وقال في هذه الآية: {قل استهزءوا إنّ اللّه مخرجٌ ما تحذرون} أي: إنّ اللّه سينزل على رسوله ما يفضحكم به، ويبيّن له أمركم كما قال: {أم حسب الّذين في قلوبهم مرضٌ أن لن يخرج اللّه أضغانهم} إلى قوله: {ولتعرفنّهم في لحن القول واللّه يعلم أعمالكم} [محمّدٍ: 29، 30] ؛ ولهذا قال قتادة: كانت تسمّى هذه السّورة "الفاضحة"، فاضحة المنافقين). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 170-171]

تفسير قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولئن سألتهم ليقولنّ إنّما كنّا نخوض ونلعب قل أباللّه وآياته ورسوله كنتم تستهزئون (65) لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفةٍ منكم نعذّب طائفةً بأنّهم كانوا مجرمين (66)}
قال أبو معشرٍ المدينيّ عن محمّد بن كعبٍ القرظي وغيره قالوا: قال رجلٌ من المنافقين: ما أرى قرّاءنا هؤلاء إلّا أرغبنا بطونًا، وأكذبنا ألسنةً، وأجبننا عند اللّقاء. فرفع ذلك إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فجاء إلى رسول اللّه وقد ارتحل وركب ناقته، فقال: يا رسول اللّه، إنّما كنّا نخوض ونلعب. فقال: {أباللّه وآياته ورسوله كنتم تستهزئون} إلى قوله: {مجرمين} وإنّ رجليه لتنسفان الحجارة وما يلتفت إليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وهو متعلّقٌ بنسعة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقال عبد اللّه بن وهبٍ: أخبرني هشام بن سعدٍ، عن زيد بن أسلم، عن عبد اللّه بن عمر قال: قال رجلٌ في غزوة تبوك في مجلس ما رأيت مثل قرائنا هؤلاء، أرغب بطونًا، ولا أكذب ألسنًا، ولا أجبن عند اللّقاء. فقال رجلٌ في المسجد: كذبت، ولكنّك منافقٌ. لأخبرنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فبلغ ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ونزل القرآن. قال عبد اللّه بن عمر: وأنا رأيته متعلّقًا بحقب ناقة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تنكبه الحجارة وهو يقول: يا رسول اللّه، إنّما كنّا نخوض ونلعب. ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: {أباللّه وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم}.
وقد رواه اللّيث، عن هشام بن سعدٍ، بنحوٍ من هذا
وقال ابن إسحاق: وقد كان جماعةٌ من المنافقين منهم وديعة بن ثابتٍ، أخو بني أميّة بن زيدٍ، من بني عمرو بن عوفٍ، ورجلٌ من أشجع حليفٌ لبني سلمة يقال له: مخشّن بن حميّر يشيرون إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو منطلقٌ إلى تبوك، فقال بعضهم لبعضٍ: أتحسبون جلاد بني الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضًا؟ واللّه لكأنّا بكم غدًا مقرّنين في الحبال، إرجافًا وترهيبًا للمؤمنين، فقال مخشّن بن حميّر: واللّه لوددت أنّي أقاضى على أن يضرب كلّ رجلٍ منّا مائة جلدةٍ، وإما ننفلت أن ينزّل فينا قرآنٌ لمقالتكم هذه. وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم -فيما بلغني -لعمّار بن ياسرٍ: "أدرك القوم، فإنّهم قد احترقوا، فسلهم عمّا قالوا، فإن أنكروا فقل: بلى، قلتم كذا وكذا". فانطلق إليهم عمّارٌ، فقال ذلك لهم، فأتوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يعتذرون إليه، فقال وديعة بن ثابتٍ، ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم واقفٌ على راحلته، فجعل يقول وهو آخذٌ بحقبها: يا رسول اللّه، إنّما كنّا نخوض ونلعب، [فأنزل اللّه، عزّ وجلّ: {ولئن سألتهم ليقولنّ إنّما كنّا نخوض ونلعب}] فقال مخشّن بن حمّير: يا رسول اللّه، قعد بي اسمي واسم أبي. فكان الّذي عفي عنه في هذه الآية مخشّن بن حمّير، فتسمّى عبد الرّحمن، وسأل اللّه أن يقتل شهيدًا لا يعلم بمكانه، فقتل يوم اليمامة، فلم يوجد له أثرٌ
وقال قتادة: {ولئن سألتهم ليقولنّ إنّما كنّا نخوض ونلعب} قال: فبينما النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في غزوة تبوك، وركبٌ من المنافقين يسيرون بين يديه، فقالوا: يظنّ هذا أن يفتح قصور الرّوم وحصونها. هيهات هيهات. فأطلع اللّه نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم على ما قالوا، فقال: "عليّ بهؤلاء النّفر". فدعاهم، فقال: "قلتم كذا وكذا". فحلفوا ما كنّا إلّا نخوض ونلعب.
وقال عكرمة في تفسير هذه الآية: كان رجلٌ ممّن إن شاء اللّه عفا عنه يقول: اللّهمّ، إنّي أسمع آيةً أنا أعنى بها، تقشعرّ منها الجلود، وتجيب منها القلوب، اللّهمّ، فاجعل وفاتي قتلًا في سبيلك، لا يقول أحدٌ: أنا غسّلت، أنا كفّنت، أنا دفنت، قال: فأصيب يوم اليمامة، فما أحدٌ من المسلمين إلّا وقد وجد غيره). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 171-172]

تفسير قوله تعالى: {لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم} أي: بهذا المقال الّذي استهزأتم به {إن نعف عن طائفةٍ منكم نعذّب طائفةً} أي: لا يعفى عن جميعكم، ولا بدّ من عذاب بعضكم، {بأنّهم كانوا مجرمين} أي: مجرمين بهذه المقالة الفاجرة الخاطئة). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 172]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:05 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة