العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة طه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2 جمادى الآخرة 1434هـ/12-04-2013م, 08:47 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير سورة طه [ من الآية (128) إلى الآية (130) ]

{أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (128) وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى (129) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 2 جمادى الآخرة 1434هـ/12-04-2013م, 08:50 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (128) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إنّ في ذلك لآياتٍ لأولي النّهى}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: أفلم يهد لقومك المشركين باللّه، ومعنى يهد: يبيّن. يقول: أفلم يبيّن لهم كثرة ما أهلكنا قبلهم من الأمم الّتي سلفت قبلهم الّتي يمشون هم في مساكنهم ودورهم، ويرون آثار عقوباتنا الّتي أحللناها بهم سوء مغبّة ما هم عليه مقيمون من الكفر بآياتنا، ويتّعظوا بهم، ويعتبروا، وينيبوا إلى الإذعان، ويؤمنوا باللّه ورسوله، خوفًا أن يصيبهم بكفرهم باللّه مثل ما أصابهم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم} نحو عاد وثمود ومن هلك من الأمم.
وقال: {يمشون في مساكنهم} لأنّ قريشًا كانت تتّجر إلى الشّام، فتمرّ بمساكن عادٍ وثمود ومن أشبههم، فترى آثار وقائع اللّه تعالى بهم، فلذلك قال لهم: أفلم يحذّرهم ما يرون من فعلنا بهم بكفرهم بنا نزول مثله بهم، وهم على مثل فعلهم مقيمون.
وكان الفرّاء يقول: لا يجوز في كم في هذا الموضع أن يكون إلاّ نصبًا بأهلكنا، وكان يقول: وهو وإن لم يكن إلاّ نصبًا، فإنّ جملة الكلام رفعٌ بقوله: {يهد لهم} ويقول: ذلك مثل قول القائل: قد تبيّن لي أقام عمرٌو أم زيدٌ في الاستفهام، وكقوله {سواءٌ عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون} ويزعم أنّ فيه شيئًا يرفع سواءٌ لا يظهر مع الاستفهام، قال: ولو قلت: سواءً عليكم صمتكم ودعاؤكم تبيّن ذلك الرّفع الّذي في الجملة.
وليس الّذي قال الفرّاء من ذلك، كما قال: لأنّ كم وإن كانت من حروف الاستفهام فإنّها لم تجعل في هذا الموضع للاستفهام، بل هي واقعةٌ موقع الأسماء الموصوفة.
ومعنى الكلام ما قد ذكرنا قبل وهو: أفلم يبيّن لهم كثرة إهلاكنا قبلهم القرون الّتي يمشون في مساكنهم، أو أفلم تهدهم القرون الهالكة.
وقد ذكر أنّ ذلك في قراءة عبد اللّه: " أفلم يهد لهم من أهلكنا " فكم واقعةٌ موقع من في قراءة عبد اللّه، وهي في موضع رفعٍ بقوله: {يهد لهم} وهو أظهر وجوهه، وأصحّ معانيه، وإن كان للّذي قاله وجهٌ ومذهبٌ على بعدٍ.
وقوله: {إنّ في ذلك لآياتٍ لأولي النّهى} يقول تعالى ذكره: إنّ فيما يعاين هؤلاء ويرون من آثار وقائعنا بالأمم المكذّبة رسلها قبلهم، وحلول مثلاتنا بهم لكفرهم باللّه {لآياتٍ} يقول: لدلالاتٍ وعبرًا وعظاتٍ {لأولي النّهى} يعني: لأهل الحجى والعقول، ومن ينهاه عقله وفهمه ودينه عن مواقعة ما يضرّه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {لأولي النّهى} يقول: التّقى.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {إنّ في ذلك لآياتٍ لأولي النّهى} أهل الورع). [جامع البيان: 16/204-206]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله أولم يهد للذين يقول أولم يبين لهم). [تفسير مجاهد: 241]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {أفلم يهد لهم} قال: ألم نبين لهم). [الدر المنثور: 10/260]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {أفلم يهد لهم} قال: أفلم نبين لهم {كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم} نحو عاد وثمود ومن أهلك من الأمم، وفي قوله: {ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى} قال: هذا من مقاديم الكلام يقول: لولا كلمة من ربك وأجل مسمى لكان لزاما). [الدر المنثور: 10/260]

تفسير قوله تعالى: (وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى (129) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك لكان لزامًا وأجلٌ مسمًّى (129) فاصبر على ما يقولون وسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها ومن آناء اللّيل فسبّح وأطراف النّهار لعلّك ترضى}.
يقول تعالى ذكره: {ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك} يا محمّد أنّ كلّ من قضى له أجلاً فإنّه لا يخترمه قبل بلوغه أجله {وأجلٌّ مسمًّى} يقول: ووقتٌ مسمًّى عند ربّك سمّاه لهم في أمّ الكتاب وخطّه فيه، هم بالغوه ومستوفوه {لكان لزامًا} يقول: للازمهم الهلاك عاجلاً.
وهو مصدرٌ من قول القائل: لازمٌ فلانٌ فلانًا يلازمه ملازمةً ولزامًا: إذا لم يفارقه، وقدم قوله: {لكان لزامًا} قبل قوله {أجلٌ مسمًّى} ومعنى الكلام: ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك وأجلّ مسمًّى لكان لزامًا، فاصبر على ما يقولون.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك لكان لزامًا وأجلٌّ مسمًّى} الأجل المسمّى: الدّنيا.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك لكان لزامًا وأجلٌّ مسمًّى} وهذه من مقاديم الكلام، يقول: لولا كلمةٌ سبقت من ربّك إلى أجلٍ مسمًّى كان لزامًا، والأجل المسمّى، السّاعة، لأنّ اللّه تعالى يقول {بل السّاعة موعدهم والسّاعة أدهى وأمرّ}.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك لكان لزامًا وأجلٌّ مسمًّى} قال: هذا مقدّمٌ ومؤخّرٌ، ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك وأجلٌّ مسمًّى لكان لزامًا.
واختلف أهل التّأويل في معنى قوله: {لكان لزامًا} فقال بعضهم: معناه: لكان موتًا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثني أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {لكان لزامًا} يقول: موتًا.
وقال آخرون: معناه لكان قتلاً.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ {لكان لزامًا} واللّزام: القتل). [جامع البيان: 16/207-208]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى قال الأجل المسمى الموت وفيه تقديم وتأخير يقول لو لا كلمة سبقت من ربك وأجل مسمى لكان لزاما). [تفسير مجاهد: 405-406]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {أفلم يهد لهم} قال: أفلم نبين لهم {كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم} نحو عاد وثمود ومن أهلك من الأمم، وفي قوله: {ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى} قال: هذا من مقاديم الكلام يقول: لولا كلمة من ربك وأجل مسمى لكان لزاما). [الدر المنثور: 10/260] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما} قال: لكان أخذا ولكنا أخرناهم إلى يوم بدر وهو اللزوم وتفسيرها {ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى} لكان لزاما ولكنه تقديم وتأخير في الكلام). [الدر المنثور: 10/261]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في الآية قال: الأجل المسمى الكلمة التي سبقت من ربك {لكان لزاما وأجل مسمى} قال: أجل مسمى الدنيا). [الدر المنثور: 10/261]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {لكان لزاما} قال: موتا). [الدر المنثور: 10/261]

تفسير قوله تعالى: (فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس قال هي صلاة الفجر وقبل غروبها صلاة العصر ومن آناء الليل صلاة المغرب والعشاء وأطراف النهار صلاة الظهر). [تفسير عبد الرزاق: 2/21]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا الثوري عن عاصم عن أبي رزين عن ابن عباس في قوله تعالى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها قال الصلاة المكتوبة). [تفسير عبد الرزاق: 2/21]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن عاصم بن بهدلة عن أبي رزين عن ابن عباس في قوله: {وسبح بحمد ربّك قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها} قال: صلاة مكتوبة [الآية: 130]). [تفسير الثوري: 198]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا جريرٌ، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ {آناء اللّيل} قال: جوف اللّيل). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 242]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {وسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها}
- أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، حدّثنا عبد الله بن إدريس، قال: سمعت إسماعيل بن أبي خالدٍ يذكر، عن قيس بن أبي حازمٍ، عن جرير بن عبد الله، قال: كنّا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فنظر إلى القمر ليلة البدر فقال: «إنّكم سترون ربّكم كما ترون هذا، لا تضارّون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاةٍ قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها فافعلوا»، ثمّ قرأ {وسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها} [طه: 130]). [السنن الكبرى للنسائي: 10/185]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فاصبر على ما يقولون} يقول جلّ ثناؤه لنبيّه: فاصبر يا محمّد على ما يقول هؤلاء المكذّبون بآيات اللّه من قومك لك إنّك ساحرٌ، وإنّك مجنونٌ وشاعرٌ
ونحو ذلك من القول {وسبّح بحمد ربّك} يقول: وصلّ بثنائك على ربّك، وقال: بحمد ربّك. والمعنى: بحمدك ربّك، كما تقول: أعجبني ضرب زيدٍ، والمعنى: ضربي زيدًا.
وقوله: {قبل طلوع الشّمس} وذلك صلاة الصّبح {وقبل غروبها} وهي صلاة العصر {ومن آناء اللّيل} وهي ساعات اللّيل، واحدها: إنيٌ، على تقدير حملٍ، ومنه قول المتنخّل السّعديّ:
حلوٌ ومرٌّ كعطف القدح مرّته = في كلّ إنيٍ حذاه اللّيل ينتعل
ويعني بقوله: {ومن آناء اللّيل فسبّح} صلاة العشاء الآخرة، لأنّها تصلّى بعد مضيّ آناءٍ من اللّيل.
وقوله: {وأطراف النّهار} يعني صلاة الظّهر والمغرب.
وقيل: أطراف النّهار، والمراد بذلك الصّلاتان اللّتان ذكرنا، لأنّ صلاة الظّهر في آخر طرف النّهار الأوّل، وفي أوّل طرف النّهار الآخر، فهي في طرفين منه، والطّرف الثّالث: غروب الشّمس، وعند ذلك تصلّى المغرب، فلذلك قيل أطراف.
وقد يحمل أن يقال: أريد به طرفا النّهار. وقيل: أطراف، كما قيل {صغت قلوبكما} فجمع، والمراد: قلبان، فيكون ذلك أوّل طرف النّهار الآخر، وآخر طرفه الآخر.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن عاصمٍ، عن أبي رزين، عن ابن عبّاسٍ، {وسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها} قال: الصّلاة المكتوبة.
- حدّثنا تميم بن المنتصر، قال: حدّثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن قيس بن أبي حازمٍ، عن جرير بن عبد اللّه، قال: كنّا جلوسًا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فرأى القمر ليلة البدر فقال: " إنّكم راءون ربّكم كما ترون هذا، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاةٍ قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها فافعلوا " ثمّ تلا: {وسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ {وسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها} قال ابن جريجٍ: العصر، وأطراف النّهار قال: المكتوبة.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {وسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشّمس} قال: هي صلاة الفجر {وقبل غروبها} قال: صلاة العصر {ومن آناء اللّيل} قال: صلاة المغرب والعشاء {وأطراف النّهار} قال: صلاة الظّهر.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {ومن آناء اللّيل فسبّح وأطراف النّهار} قال: من آناء اللّيل: العتمة. وأطراف النّهار: المغرب والصّبح.
ونصب قوله {وأطراف النّهار} عطفًا على قوله {قبل طلوع الشّمس} لأنّ معنى ذلك: فسبّح بحمد ربّك آخر اللّيل، وأطراف النّهار.
وبنحو الّذي قلنا في معنى {آناء اللّيل} قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ {ومن آناء اللّيل} قال: المصلّى من اللّيل كلّه.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ، قال: سمعت الحسن، قرأ: {ومن آناء اللّيل} قال: من أوّله، وأوسطه، وآخره.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {ومن آناء اللّيل فسبّح} قال: آناء اللّيل: جوف اللّيل.
وقوله: {لعلّك ترضى} يقول: كي ترضى.
وقد اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء المدينة والعراق: {لعلّك ترضى} بفتح التّاء.
وكان عاصمٌ والكسائيّ يقرآن ذلك: ( لعلّك ترضى ) بضمّ التّاء، وروي ذلك عن أبي عبد الرّحمن السّلميّ.
وكأنّ الّذين قرءوا ذلك بالفتح، ذهبوا إلى معنى: إنّ اللّه يعطيك، حتّى ترضى عطيّته وثوابه إيّاك، وكذلك تأوّله أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {لعلّك ترضى} قال: الثّواب، ترضى مما يثيبك اللّه على ذلك.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، {لعلّك ترضى} قال: بما تعطى.
وكأنّ الّذين قرءوا ذلك بالضّمّ، وجّهوا معنى الكلام إلى لعلّ اللّه يرضيك من عبادتك إيّاه، وطاعتك له.
والصّواب من القول في ذلك عندي: أنّهما قراءتان، قد قرأ بكلّ واحدةٍ منهما علماء من القرّاء، وهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار، متّفقتا المعنى، غير مختلفتيه، وذلك أنّ اللّه تعالى ذكره إذا أرضاه، فلا شكّ أنّه يرضى، وأنّه إذا رضي فقد أرضاه اللّه، فكلّ واحدةٍ منهما تدلّ على معنى الأخرى، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ الصّواب). [جامع البيان: 16/208-213]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {وسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها} [طه: 130].
- عن جريرٍ «عن النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - في قوله: {وسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها} [طه: 130] قال: " قبل طلوع الشّمس: الصّبح، وقبل غروبها: صلاة العصر» ".
رواه الطّبرانيّ، وفيه يحيى بن سعيدٍ العطّار وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7/67]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق والفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها} قال: هي الصلاة المكتوبة). [الدر المنثور: 10/261]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس} قال: هي صلاة الفجر {وقبل غروبها} قال: صلاة العصر {ومن آناء الليل} قال: صلاة المغرب والعشاء {وأطراف النهار} قال: صلاة الظهر). [الدر المنثور: 10/261-262]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني، وابن مردويه، وابن عساكر عن جرير عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله: {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها} قال: {قبل طلوع الشمس} صلاة الصبح {وقبل غروبها} صلاة العصر). [الدر المنثور: 10/262]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها} قال: كان هذا قبل أن تفرض الصلاة). [الدر المنثور: 10/262]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجة، وابن خزيمة، وابن حبان، وابن مردويه عن جرير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا، ثم قرأ: {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها} ). [الدر المنثور: 10/262-263]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والنسائي عن عمارة بن رومية: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها). [الدر المنثور: 10/263]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم عن فضالة بن وهب الليثي أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال له: حافظ على العصرين، قلت: وما العصران قال: صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها). [الدر المنثور: 10/263]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله: {ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار} قال: بعد الصبح وعند غروب الشمس). [الدر المنثور: 10/263]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله: {لعلك ترضى} قال: الثواب فيما يزيدك الله على ذلك). [الدر المنثور: 10/263]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن أبي عبد الرحمن أنه قرأ {لعلك ترضى} برفع التاء). [الدر المنثور: 10/263]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 2 جمادى الآخرة 1434هـ/12-04-2013م, 08:55 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (128)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {أفلم يهد لهم} [طه: 128]
[تفسير القرآن العظيم: 1/290]
نا سعيدٌ، عن قتادة وهو تفسير السّدّيّ قالا: أفلم نبيّن لهم.
ومن قرأها بالياء يقول: {أفلم يهد لهم} [طه: 128] أفلم يبيّن اللّه لهم.
قال يحيى: ولا أعرف أيّ القرائتين قرأ قتادة.
{كم أهلكنا قبلهم من القرون} [طه: 128] قال الحسن: أي بيّنّا لهم، فقرأه على النّون، كيف أهلكنا القرون الأولى، نحذّرهم ونخوّفهم العذاب إن لم يؤمنوا.
قال: {يمشون في مساكنهم} [طه: 128] تمشي هذه الأمّة في مساكن من مضى، أي: يمرّون عليها وإن لم تكن الدّيار قائمةً ولكنّ المواضع كقوله: {ذلك من أنباء القرى نقصّه عليك} [هود: 100] ثمّ قال: {منها قائمٌ} [هود: 100] تراه {وحصيدٌ} [هود: 100] لا تراه.
وقال السّدّيّ: {يمشون في مساكنهم} [طه: 128] يعني يمرّون، يعني ممرّ أهل مكّة على مساكنهم، يعني على قراهم.
قال: {إنّ في ذلك لآياتٍ لأولي النّهى} [طه: 128] لأولي الورع في تفسير قتادة.
وقال الحسن: لأولي العقول، وهم المؤمنون). [تفسير القرآن العظيم: 1/291]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أفلم يهد لهم...}
يبيّن لهم إذا نظروا {كم أهلكنا} و(كم) في موضع نصب لا يكون غيره. ومثله في الكلام: أو لم يبيّن لك من يعمل خيرا يجز به، فجملة الكلام فيها معنى رفع.
ومثله أن تقول: قد تبيّن لي أقام عبد الله أم زيد، في الاستفهام معنى رفع. وكذلك قوله: {سواءٌ عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون} فيه شيء برفع {سواءٌ عليكم}،
لا يظهر مع الاستفهام.
ولو قلت: سواء عليكم صمتكم ودعاؤكم تبيّن الرّفع الذي في الجملة.
وقوله: {يمشون في مساكنهم} يعني أهل مكّة. وكانوا يتّجرون ويسيرون في مساكن عاد وثمود، فيمرّون فيها. فالمشي لكفّار أهل مكّة (والمساكن) للمهلكين.
فقال: أفلم يخافوا أن يقع بهم ما وقع بالذين رأوا مساكنهم وآثار عذابهم).[معاني القرآن: 2/195]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أفلم نهد لهم} أي نبين لهم ونوضح لهم). [مجاز القرآن: 2/32]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {أفلم نهد لهم}: نبين لهم ونوضح لهم). [غريب القرآن وتفسيره: 252]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أفلم يهد لهم} أي يبيّن لهم). [تفسير غريب القرآن: 283]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إنّ في ذلك لآيات لأولي النّهى}
قرئت بالنون والياء، فمن قرأ بالنّون فمعناه أفلم نبين لهم بيانا يهتدون به، ومن قرأ أفلم يهد - بالياء - فالمعنى أفلم يبيّن لهم الأمر بإهلاك من قبلهم من القرون.
و " كم " في موضع نصب بـ {أهلكنا}.
وكانت قريش تتجر وترى مساكن عاد وثمود وبها علامات الإهلاك، فذلك قوله: {يمشون في مساكنهم}
ويجوز {في مسكنهم} أي في موضع سكناهم ولم يقرأ بها.
ويقرأ: (يمشّون في مساكنهم) بالتشديد.
وقوله: {إنّ في ذلك لآيات لأولي النّهى}.
أي لذوي العقول والمعرفة، يقال: فلان ذو نهية إذا كان له عقل ينتهي به عن المقابح).[معاني القرآن: 3/380،379]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَهْدِ لَهُمْ}: يوضح لهم).[العمدة في غريب القرآن: 205]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى (129)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك} [طه: 129] تفسير الحسن: ألا تعذّب هذه الأمّة بعذاب الاستئصال، إلا بالسّاعة، يعني: النّفخة الأولى.
{لكان لزامًا وأجلٌ مسمًّى} [طه: 129] {لكان لزامًا} [طه: 129] يعني أخذًا بالعذاب، يلزمون عقوبة كفرهم.
[تفسير القرآن العظيم: 1/291]
وليس هذا من تفسير الحسن.
وفي الآخرة النّار.
قال: {لكان لزامًا وأجلٌ مسمًّى} [طه: 129] وقال قتادة: {وأجلٌ مسمًّى} [طه: 129] السّاعة.
وهذا من تقديم الكلام.
يقول: ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك وأجلٌّ مسمًّى لكان لزامًا.
قال يحيى: ولذلك ارتفع الأجل والكلمة أي: إذًا لأهلكناهم بجحودهم جميعًا ما جاء به النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقد كان اللّزام خاصّةً فيمن أهلك اللّه يوم بدرٍ في قول عبد اللّه بن مسعودٍ.
- نا عثمان، عن سعيدٍ المقبريّ أنّ أبا هريرة قال لكعبٍ: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «خير يومٍ طلعت فيه الشّمس وغابت يوم الجمعة».
فقال كعبٌ: نعم، إنّ اللّه خلق الخلق يوم الأحد، حتّى انتهى إلى الجمعة، فخلق آدم آخر ساعات النّهار يوم الجمعة.
فلمّا استوى عطس فقال: الحمد للّه، فقال اللّه له: يرحمك اللّه، فهي الآية: {ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك لكان لزامًا وأجلٌ مسمًّى} [طه: 129]
- حدّثنا الحسن بن دينارٍ، عن محمّد بن سيرين قال: قال عبد اللّه بن مسعودٍ: كان اللّزام يوم بدرٍ.
وقال الحسن في تفسير عمرٍو: وهو هلاك آخر كفّار هذه الأمّة بالنّفخة الأولى الدّائنين بدين أبي جهلٍ وأصحابه). [تفسير القرآن العظيم: 1/292]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولولا كلمةٌ سبقت من رّبّك لكان لزاماً وأجلٌ مّسمًّى...}
يريد: ولولا كلمة وأجلٌ مسمّى لكان لزاما (مقدّم ومؤخّر) وهو - فيما ذكروا - ما نزل بهم في وقعة بدر من القتل). [معاني القرآن: 2/195]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {لكان لزاماً} أي فيصلا يلزم كل إنسان طائره إن خيرا فخير وإن شراً فشر فلازمه.[مجاز القرآن: 2/32]
قال حجل بن نضلة الباهلي:
لا زلت محتملاً على ضغينةً=حتى الممات يكون منك لزاما
فأخرجه مخرج قطام ورقاش). [مجاز القرآن: 2/33]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ولولا كلمةٌ سبقت من رّبّك لكان لزاماً وأجلٌ مّسمًّى}
وقال: {ولولا كلمةٌ سبقت من رّبّك لكان لزاماً} يريد: ولولا {أجلٌ مّسمًّى} لكان لزاما).[معاني القرآن: 3/6]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {لزاما}: اللزام الأمر الذي قد وجب). [غريب القرآن وتفسيره: 252]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك لكان لزاماً وأجلٌ مسمًّى} أي لولا أن اللّه جعل الجزاء يوم القيامة، وسبقت بذلك كلمته لكان العذاب لزاما، أي ملازما لا يفارق. مصدر لازمته. وفيه تقديم وتأخير. أراد: لولا كلمة سبقت وأجل مسمى - لكان العذاب لزاما. وفي تفسير أبي صالح:
لزاما: أخذا). [تفسير غريب القرآن: 283]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه قوله سبحانه: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى}،
أي: ولولا كلمة سبقت وأجل مسمّى، لكان العذاب لزاما). [تأويل مشكل القرآن: 209]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولولا كلمة سبقت من ربّك لكان لزاما وأجل مسمّى}
أي لكان القتل الذي نالهم لازما أبدا، ولكان العذاب لازما لهم.
{وأجل مسمّى} معطوف على {كلمة} المعنى لولا كلمة سبقت وأجل مسمى لكان لزاما، يعنى بالأجل المسمى أن الله وعدهم العذاب يوم القيامة.
وذلك قوله: {بل السّاعة موعدهم والسّاعة أدهى وأمرّ} ). [معاني القرآن: 3/380]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {لكان لزاما} أي: فصلا، ويقال: لكان لزاما، أي: ملازما، والأول عليه العمل). [ياقوتة الصراط: 354]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (اللِّـزام): الذي قد وجب). [العمدة في غريب القرآن: 205]

تفسير قوله تعالى: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {فاصبر على ما يقولون} [طه: 130] من قولهم لك: إنّك ساحرٌ، وإنّك شاعرٌ، وإنّك مجنونٌ، وإنّك كاذبٌ، وإنّك كاهنٌ.
[تفسير القرآن العظيم: 1/292]
{وسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشّمس} [طه: 130] نا سعيدٌ، عن قتادة قال: صلاة الصّبح.
{وقبل غروبها} [طه: 130] الظّهر والعصر.
{ومن آناء اللّيل} [طه: 130] يعني: المغرب والعشاء.
وقال قتادة والسّدّيّ: {ومن آناء اللّيل} [طه: 130] يعني: ومن ساعات اللّيل.
{فسبّح وأطراف النّهار} [طه: 130] في تفسير عمرٍو.
وعن الحسن يعني التّطوّع.
- نا سفيان، عن عاصمٍ، عن ابن أبي رزينٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها: الصّلاة المكتوبة.
- نا عاصم بن حكيمٍ، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن قيس بن أبي حازمٍ، عن جرير بن عبد اللّه قال: كنّا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ليلة البدر فقال لنا: " أما إنّكم سترون ربّكم كما ترون القمر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم لا تغلبوا على هاتين الصّلاتين، قال: وقرأ: {وسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها} [طه: 130]
وحدّثني قرّة بن خالدٍ عن الحسن في قوله: {وأقم الصّلاة طرفي
[تفسير القرآن العظيم: 1/293]
النّهار} [هود: 114] قال: ما بين صلاة الصّبح وصلاة العصر.
{وزلفًا من اللّيل} [هود: 114] المغرب والعشاء.
قال: ونا سعيدٌ، عن قتادة قال: طرفا النّهار: صلاة الصّبح وصلاة العصر.
{وزلفًا من اللّيل} [هود: 114] : صلاة المغرب وصلاة العشاء.
قوله: {لعلّك ترضى} [طه: 130] لكي ترضى في الآخرة ثواب عملك.
وقال الحسن: لعلّك أي فإنّك سترضى ثواب عملك في الآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 1/294]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وأطراف النّهار...}
وإنما للنهار طرفان فقال المفسّرون: {وأطراف النهار} صلاة الفجر والظهر والعصر (وهو) وجه: أن تجعل الظهر والعصر من طرف النهار الآخر، ثم يضمّ إليهما الفجر فتكون أطرافا. ويكون لصلاتين فيجوز ذلك: أن يكونا طرفين فيخرجا مخرج الجماع، كما قال {إن تتوبا إلى اللّه فقد صغت قلوبكما} وهو أحبّ الوجهين إليّ، لأنه قال {وأقم الصّلاة طرفي النّهار وزلفاً من اللّيل} وتنصب الأطراف بالردّ على قبل طلوع الشمس وقبل الغروب. وإن شئت خفضت أطراف تريد وسبّحه من الليل ومن أطراف النهار، ولم أسمعها في القراءة، ولكنه مثل قوله: {ومن اللّيل فسبّحه وأدبار السّجود} {وإدبار السجود} وقرأ حمزة وإدبار السجود. ويجوز في الألف الفتح والكسر ولا يحسن كسر الألف إلاّ في القراءة.
وقوله: {لعلّك ترضى} و{ترضى} ومعناهما واحد لأنك إذا رضيت فقد أرضيت. وكان حمزة وأصحاب عبد الله يقرءونها ترضى. ... حدثني أبو بكر وأخوه الحسن بن عيّاش عن عاصم عن أبي عبد الرحمن أنه قرأ لعلك (ترضى بضم التاء) ). [معاني القرآن: 2/196،195]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ومن آناء الليّل} أي ساعات الليل واحدها إنيٌ تقديره حسنىٌ والجميع أحساء، وقال المتنخل الهذلي وهو أبو أثيلةٌ:
حلوٌ ومرٌّ كعطف القدح مرّته=في كل إنيٍ قضاه الليل ينتعل).
[مجاز القرآن: 2/33]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {آناء اللّيل} ساعاته. واحدها إني). [تفسير غريب القرآن: 283]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فاصبر على ما يقولون وسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها ومن آناء اللّيل فسبّح وأطراف النّهار لعلّك ترضى}
{وسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها} وذلك وقت الغداة والعشي.
{ومن آناء اللّيل فسبّح وأطراف النّهار} الآناء الساعات، وواحد الآناء إني - وقد بيّنّاه فيما مضى.
{فسبّح وأطراف النّهار} وأطراف النهار الظهر والعصر.
{لعلّك ترضى}، ويقرأ ترضى). [معاني القرآن: 3/380]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وَمِنْ آنَائِ اللَّيْلِ} أي: من ساعات الليل). [ياقوتة الصراط: 354]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وأطراف النهار} سألت المبرد عنه، فقال: معناه: وأطراف ساعات النهار، وسألت ثعلبا عنه،
فقال: أراد الطرفين بقوله: أطراف، لأن الاثنين جمع. وواحد الآناء: أني وأني وإني). [ياقوتة الصراط: 355]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أَطْـرافَ}: أوله وآخره). [العمدة في غريب القرآن: 205]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 2 جمادى الآخرة 1434هـ/12-04-2013م, 09:07 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (128) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى (129) }

تفسير قوله تعالى: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 10:10 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 10:10 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 10:12 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (128)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم ابتدأ يوبخهم ويذكرهم العبر بقوله تعالى: {أفلم يهد لهم}. وقرأت فرقة: "يهد" بالياء بمعنى: يتبين، واختلفت هذه الفرقة في الفاعل فقال بعضهم: الفاعل "كم"، وهذا قول كوفي، ونحاة البصرة لا يجيزونه؛ لأن "كم" لها صدر الكلام، وفي قراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "أفلم يهد لهم من أهلكنا"، فكأن هذه القراءة تناسب ذلك التأويل في "كم"، وقال بعضهم: الفاعل الله عز وجل، والمعنى: أفلم يهد لهم ما جعل الله لهم من الآيات والعبر، فأضاف الفعل إلى الله تعالى بهذا الوجه: قاله الزجاج. وقال بعضهم: الفاعل مقدر، الهدى أو الأمر.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
أو النظر والاعتبار، هذا أحسن ما يقدر به عندي.
[المحرر الوجيز: 6/143]
وقرأت فرقة: "نهد" بالنون، وهذه القراءة تناسب تأويل من قال في التي قبلها: الفاعل الله، و"كم" - على هذه الأقوال - نصب بـ "أهلكنا". ثم قيد "القرون" بأنهم يمشي هؤلاء الكفرة في مساكنهم، فإنما أراد عادا وثمود والطوائف التي كانت قريش تجوز على بلادهم في المرور إلى الشام وغيره. وقرأت فرقة: "يمشون" بفتح الياء، وقرأت فرقة: "يمشون" بضم الياء وفتح الميم وشد الشين. و"النهى" جمع نهية، وهو ما ينهى الإنسان عن فعل القبيح). [المحرر الوجيز: 6/144]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى (129)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أعلم عز وجل أن العذاب كان يصير لهم لزاما لولا كلمة سبقت من الله عز وجل في تأخيره عنهم إلى أجل مسمى عنده، فتقدير الكلام: ولولا كلمة سبقت في التأخير لأجل مسمى لكان العذاب لزاما، كما تقول: لكان حتما أو واجبا واقعا، لكنه قدم وأخر لتتشابه رؤوس الآي.
واختلف الناس في الأجل -فيحتمل أن يريد يوم القيامة. والعذاب المتوعد به - على هذا - هو عذاب جهنم، ويحتمل أن يريد بالأجل موت كل واحد منهم. فالعذاب - على هذا - ما يلقى في قبره وما بعده، ويحتمل أن يريد بالأجل يوم بدر. فالعذاب - على هذا - هو قتلهم بالسيف، وبكل احتمال مما ذكرناه قالت فرقة، وفي صحيح البخاري أن يوم بدر هو اللزام، وهو البطشة الكبرى). [المحرر الوجيز: 6/144]

تفسير قوله تعالى: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أمره تبارك وتعالى بالصبر على أقوالهم: إنه ساحر، وإنه كاهن، وإنه كذاب، إلى غير ذلك، والمعنى: لا تحفل بهم فإنهم مدركة المهلكة. وكون اللزام يوم بدر أبلغ في آيات نبينا صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى: {وسبح بحمد ربك}، قال أكثر المتأولين: هذه إشارة إلى الصلوات الخمس: قبل طلوع الشمس: صلاة الصبح، وقبل غروبها: صلاة العصر، ومن آناء الليل: العتمة، وأطراف النهار: المغرب والظهر. وقالت فرقة: آناء الليل: المغرب والعشاء، و" أطراف النهار ": الظهر وحدها، ويحتمل اللفظ أن
[المحرر الوجيز: 6/144]
يراد قول: "سبحان الله وبحمده" من بعد صلاة الصبح إلى ركعتي الضحى، وقبل غروب الشمس؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سبح عند غروب الشمس تسبيحة غربت بذنوبه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وسمى الطرفين أطرافا على أحد وجهين: إما على نحو قوله: {فقد صغت قلوبكما}، وإما على أن يجعل النهار للجنس فلكل يوم طرف، وهي التي جمع. وأما من قال: " أطراف النهار " لصلاة الظهر وحدها فلا بد له من أن يتمسك بأن يكون النهار للجنس كما قلنا، أو يقول: إن النهار ينقسم قسمين فصلهما الزوال، ولكل قسم طرفان، فعند الزوال طرفان، الآخر من القسم الأول، والأول من القسم الآخر، فقال عن الطرفين: أطرافا على نحو فقد صغت قلوبكما، وأشار إلى هذا النظر أبو بكر بن فورك في "المشكل".
و "الآناء" جمع "إنى" وهي الساعة من الليل، ومنه قول الهذلي:
لو ومر كعطف القدح مرته في كل إنى قضاة الليل ينتعل
[المحرر الوجيز: 6/145]
وقالت فرقة: الآية إشارة إلى نوافل، فمنها آناء الليل، ومنها قبل طلوع الشمس، وركعتا الفجر والمغرب أطراف النهار، وقرأ الجمهور: "لعلك ترضى" بفتح التاء، أي: لعلك تثاب على هذه الأعمال بما ترضى به، وقرأ الكسائي، وأبو بكر عن عاصم: "لعلك ترضى"، أي: لعلك تعطى ما يرضيك). [المحرر الوجيز: 6/146]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 9 محرم 1440هـ/19-09-2018م, 06:45 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 9 محرم 1440هـ/19-09-2018م, 06:47 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (128)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إنّ في ذلك لآياتٍ لأولي النّهى (128) ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك لكان لزامًا وأجلٌ مسمًّى (129) فاصبر على ما يقولون وسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها ومن آناء اللّيل فسبّح وأطراف النّهار لعلّك ترضى (130)}.
يقول تعالى: {أفلم يهد} لهؤلاء المكذّبين بما جئتهم به: يا محمّد، كم أهلكنا من الأمم المكذّبين بالرّسل قبلهم، فبادوا فليس لهم باقيةٌ ولا عينٌ ولا أثرٌ، كما يشاهدون ذلك من ديارهم الخالية الّتي خلّفوهم فيها، يمشون فيها، {إنّ في ذلك لآياتٍ لأولي النّهى} أي: العقول الصّحيحة والألباب المستقيمة، كما قال تعالى: {أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوبٌ يعقلون بها أو آذانٌ يسمعون بها فإنّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب الّتي في الصّدور} [الحجّ: 46]، وقال في سورة "الم السّجدة": {أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إنّ في ذلك لآياتٍ أفلا يسمعون} [السّجدة: 26]). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 325]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى (129) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال تعالى: {ولولا كلمةٌ سبقت من ربّك لكان لزامًا وأجلٌ مسمًّى} أي: لولا الكلمة السّابقة من اللّه وهو أنّه لا يعذّب أحدًا إلّا بعد قيام الحجّة عليه، والأجل المسمّى الّذي ضربه اللّه تعالى لهؤلاء المكذّبين إلى مدّةٍ معيّنةٍ لجاءهم العذاب بغتةً؛ ولهذا قال لنبيّه مسلّيًا له: {فاصبر على ما يقولون} أي: من تكذيبهم لك، {وسبّح بحمد ربّك قبل طلوع الشّمس} يعني: صلاة الفجر، {وقبل غروبها} يعني: صلاة العصر، كما جاء في الصّحيحين عن جرير بن عبد اللّه البجليّ رضي اللّه عنه قال: كنّا جلوسًا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فنظر إلى القمر ليلة البدر، فقال: " إنّكم سترون ربّكم كما ترون هذا القمر، لا تضامّون في رؤيته، فإن استطعتم ألّا تغلبوا على صلاةٍ قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها، فافعلوا" ثمّ قرأ هذه الآية.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن عبد الملك بن عميرٍ، عن عمارة بن رويبة قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول: " لن يلج النّار أحدٌ صلّى قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها ".
رواه مسلمٌ من حديث عبد الملك بن عميرٍ، به.
وفي المسند والسّنن، عن ابن عمر قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " إنّ أدنى أهل الجنّة منزلةً من ينظر في ملكه مسيرة ألف سنةٍ، ينظر إلى أقصاه كما ينظر إلى أدناه، وإنّ أعلاهم منزلةً لمن ينظر إلى اللّه عزّ وجلّ في اليوم مرتين ".
وقوله: {ومن آناء اللّيل فسبّح} أي: من ساعاته فتهجّد به. وحمله بعضهم على المغرب والعشاء، {وأطراف النّهار} في مقابلة آناء اللّيل، {لعلّك ترضى} كما قال تعالى: {ولسوف يعطيك ربّك فترضى} [الضّحى: 5].
وفي الصّحيح: " يقول اللّه: يا أهل الجنّة، فيقولون: لبّيك ربّنا وسعديك. فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى، وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدًا من خلقك؟ فيقول: إنّي أعطيكم أفضل من ذلك. فيقولون: وأيّ شيءٍ أفضل من ذلك؟ فيقول: أحلّ عليكم رضواني، فلا أسخط عليكم بعده أبدًا ".
وفي الحديث [الآخر] يقال: " يا أهل الجنّة، إنّ لكم عند اللّه موعدًا يريد أن ينجزكموه. فيقولون: وما هو؟ ألم يبيّض وجوهنا ويثقّل موازيننا ويزحزحنا عن النّار، ويدخلنا الجنّة؟ فيكشف الحجاب فينظرون إليه فواللّه ما أعطاهم خيرًا من النّظر إليه، وهي الزّيادة "). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 325-326]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:25 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة