العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة العنكبوت

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 3 جمادى الأولى 1434هـ/14-03-2013م, 12:17 PM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي تفسير سورة العنكبوت [ من الآية (46) إلى الآية (52) ]

{وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (46) وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ (47) وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48) بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ (49) وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (51) قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (52)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19 رجب 1434هـ/28-05-2013م, 11:25 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (46) )

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن قال نسختها اقتلوا المشركين ولا مجادلة أشد من السيف). [تفسير عبد الرزاق: 2/98-99]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن خصيف عن مجاهد {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالّتي هي أحسن إلا الّذين ظلموا منهم} قال: ولا تجادلوا ولا تقاتلوا إلّا من قاتلكم ولم يعط الجزية [الآية: 46]). [تفسير الثوري: 235-236]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (أخبرنا محمّد بن المثنّى، عن عثمان بن عمر، حدّثنا عليٌّ، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: كان أهل الكتاب يقرءون التّوراة بالعبرانيّة، فيفسّرونها بالعربيّة لأهل الإسلام، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " لا تصدّقوا أهل الكتاب، ولا تكذّبوهم، ولكن قولوا: {آمنّا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحدٌ ونحن له مسلمون}). [السنن الكبرى للنسائي: 10/211]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلاّ بالّتي هي أحسن إلاّ الّذين ظلموا منهم وقولوا آمنّا بالّذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحدٌ ونحن له مسلمون}.
يقول تعالى ذكره: {ولا تجادلوا} أيّها المؤمنون باللّه وبرسوله اليهود والنّصارى، وهم {أهل الكتاب إلاّ بالّتي هي أحسن} يقول: إلاّ بالجميل من القول، وهو الدّعاء إلى اللّه بآياته، والتّنبيه على حججه.
وقوله: {إلاّ الّذين ظلموا منهم} اختلف أهل التّأويل في تأويله؛ فقال بعضهم: معناه: إلاّ الّذين أبوا أن يقرّوا لكم بإعطاء الجزية، ونصبوا دون ذلك لكم حربًا، فإنّهم ظلمةٌ، فأولئك فجادلوهم بالسّيف حتّى يسلموا أو يعطوا الجزية.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليّ بن سهلٍ، قال: حدّثنا يزيد، عن سفيان، عن خصيفٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلاّ بالّتي هي أحسن إلاّ الّذين ظلموا منهم} قال: من قاتل ولم يعط الجزية.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثني أبي، عن سفيان، عن خصيفٍ، عن مجاهدٍ، بنحوه. إلاّ أنّه قال: من قاتلك ولم يعطك الجزية.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلاّ بالّتي هي أحسن} قال: إن قالوا شرًّا، فقولوا خيرًا، {إلاّ الّذين ظلموا منهم} فانتصروا منهم.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله {إلاّ الّذين ظلموا منهم} قال: قالوا مع اللّه إلهٌ، أو له ولدٌ، أو له شريكٌ، أو يد اللّه مغلولةٌ، أو اللّه فقيرٌ، أو آذوا محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: هم أهل الكتاب.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا يحيى بن آدم، عن شريكٍ، عن سالمٍ، عن سعيدٍ، {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلاّ بالّتي هي أحسن إلاّ الّذين ظلموا منهم} قال: أهل الحرب، من لا عهد له، جادله بالسّيف.
وقال آخرون: معنى ذلك: {ولا تجادلوا أهل الكتاب} الّذين قد آمنوا به، واتّبعوا رسوله فيما أخبروكم عنه ممّا في كتبهم {إلاّ بالّتي هي أحسن إلاّ الّذين ظلموا منهم} فأقاموا على كفرهم، وقالوا: هذه الآية محكمةٌ، وليست بمنسوخةٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلاّ بالّتي هي أحسن} قال: ليست بمنسوخةٍ، لا ينبغي أن تجادل من آمن منهم، لعلّهم يحدثون شيئًا في كتاب اللّه، لا تعلمه أنت، فلا تجادله، ولا ينبغي أن تجادل إلاّ الّذين ظلموا، المقيم منهم على دينه. فذلك الّذي يجادل ويقال له بالسّيف. قال: وهؤلاء يهود. قال: ولم يكن بدار الهجرة من النّصارى أحدٌ، إنّما كانوا يهودًا، هم الّذي كلّموا وحالفوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وغدرت النّضير يوم أحدٍ، وغدرت قريظة يوم الأحزاب.
وقال آخرون: بل نزلت هذه الآية قبل أن يؤمر النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بالقتال، وقالوا: هي منسوخةٌ نسخها قوله: {قاتلوا الّذين لا يؤمنون باللّه ولا باليوم الآخر} الآية.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلاّ بالّتي هي أحسن} ثمّ نسخ بعد ذلك، فأمر بقتالهم في سورة براءة، ولا مجادلة أشدّ من السّيف أن يقاتلوا حتّى يشهدوا أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّ محمّدًا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، أو يقرّوا بالخراج.
وأولى هذه الأقوال بالصّواب، قول من قال: عني بقوله {إلاّ الّذين ظلموا منهم} إلاّ الّذين امتنعوا من أداء الجزية، ونصبوا دونها الحرب.
فإن قال قائلٌ: أو غير ظالمٍ من أهل الكتاب، إلاّ من يردّ الجزية؟!
قيل: إنّ جميعهم وإن كانوا لأنفسهم بكفرهم باللّه، وتكذيبهم رسوله محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم، ظلمةً، فإنّه لم يعن بقوله {إلاّ الّذين ظلموا منهم} ظلم أنفسهم. وإنّما عنى به: إلاّ الّذين ظلموا منهم أهل الإيمان باللّه ورسوله محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، فإنّ أولئك جادلوهم بالقتال.
وإنّما قلنا: ذلك أولى الأقوال فيه بالصّواب، لأنّ اللّه تعالى ذكره أذن للمؤمنين بجدال ظلمة أهل الكتاب بغير الّذي هو أحسن، بقوله {إلاّ الّذين ظلموا منهم} فمعلومٌ إذ كان قد أذن لهم في جدالهم، أنّ الّذين لم يؤذن لهم في جدالهم إلاّ بالّتي هي أحسن، غير الّذين أذن لهم بذلك فيهم، وأنّهم غير المؤمنين، لأنّ المؤمنين منهم غير جائزٍ جداله إلاّ في غير الحقّ، لأنّه إذا جاء بغير الحقّ، فقد صار في معنى الظّلمة في الّذي خالف فيه الحقّ. فإذ كان ذلك كذلك، تبيّن أن لا معنى لقول من قال: عنى بقوله {ولا تجادلوا أهل الكتاب} أهل الإيمان منهم، وكذلك لا معنى لقول من قال: نزلت هذه الآية قبل الأمر بالقتال، وزعم أنّها منسوخةٌ، لأنّه لا خبر بذلك يقطع العذر، ولا دلالة على صحّته من فطرة عقلٍ.
وقد بيّنّا في غير موضعٍ من كتابنا، أنّه لا يجوز أن يحكم على حكم اللّه في كتابه بأنّه منسوخٌ إلاّ بحجّةٍ يجب التّسليم لها من خبرٍ أو عقلٍ.
وقوله: {وقولوا آمنّا بالّذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحدٌ ونحن له مسلمون} يقول تعالى ذكره للمؤمنين به وبرسوله، الّذين نهاهم أن يجادلوا أهل الكتاب إلاّ بالّتي هي أحسن: إذا حدّثكم أهل الكتاب أيّها القوم عن كتبهم، وأخبروكم عنها بما يمكن ويجوز أن يكونوا فيه صادقين، وأن يكونوا فيه كاذبين، ولم تعلموا أمرهم وحالهم في ذلك، فقولوا لهم {آمنّا بالّذي أنزل إلينا وأنزل إليكم} ممّا في التّوراة والإنجيل {وإلهنا وإلهكم واحدٌ} يقول: ومعبودنا ومعبودكم واحدٌ {ونحن له مسلمون} يقول: ونحن له خاضعون متذلّلون بالطّاعة فيما أمرنا ونهانا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك جاء الأثر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
ذكر الرّواية بذلك:
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا عثمان بن عمر، قال: أخبرنا عليٌّ، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: كان أهل الكتاب يقرءون التّوراة بالعبرانيّة. فيفسّرونها بالعربيّة لأهل الإسلام، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: لا تصدّقوا أهل الكتاب ولا تكذّبوهم، وقولوا: آمنّا بالّذي أنزل إلينا وأنزل إليكم، وإلهنا وإلهكم واحدٌ، ونحن له مسلمون.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن سعد بن إبراهيم، عن عطاء بن يسارٍ، قال: كان ناسٌ من اليهود يحدّثون ناسًا من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: لا تصدّقوهم ولا تكذّبوهم، وقولوا: آمنّا بالّذي أنزل إلينا وأنزل إليكم.
- قال: حدّثنا أبو عامرٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن سليمان، عن عمارة بن عميرٍ، عن حريث بن ظهيرٍ، عن عبد اللّه، قال: لا تسألوا أهل الكتاب عن شيءٍ، فإنّهم لن يهدوكم وقد ضلّوا، إمّا أن تكذّبوا بحقٍّ، أو تصدّقوا بباطلٍ، فإنّه ليس أحدٌ من أهل الكتاب إلاّ وفي قلبه تاليةٌ تدعوه إلى دينه كتالية المال.
وكان مجاهدٌ يقول في ذلك ما:
- حدّثنا به محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {إلاّ الّذين ظلموا منهم} قال: قالوا مع اللّه إلهٌ، أو له ولدٌ، أو له شريكٌ، أو يد اللّه مغلولةٌ. أو اللّه فقيرٌ، أو آذوا محمّدًا، {وقولوا آمنّا بالّذي أنزل إلينا وأنزل إليكم} لمن لم يقل هذا من أهل الكتاب). [جامع البيان: 18/417-423]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلّا بالّتي هي أحسن إلّا الّذين ظلموا منهم وقولوا آمنّا بالّذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحدٌ ونحن له مسلمون (46)
قوله تعالى: ولا تجادلوا.
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي ثنا مالك بن إسماعيل، ثنا قيس بن الرّبيع، عن خصيفٍ، عن مجاهدٍ قوله: ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن قال: كان ناسٌ من الأنصار يسترضعون لأولادهم في اليهود، فكانوا يجادلونهم ويذكرون لهم الإسلام فأنزل اللّه: لا إكراه في الدّين
الوجه الثّاني
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، ثنا عبد الرّزّاق، ثنا معمرٌ، عن قتادة قوله: ولا تجادلوا أهل الكتاب نسختها فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ولا مجادلة أشدّ من السّيف.
الوجه الثّالث
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ ثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول اللّه: ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالّتي هي أحسن قال: ليست بمنسوخةٍ، لا ينبغي أن يجادل من آمن منهم، لعلّهم أن يحدثوا شيئًا في كتاب اللّه لا تعلمه أنت قال: لا تجادلوا، لا ينبغي أن تجادل منهم.
الوجه الرّابع
- حدّثنا أحمد بن عصامٍ الأنصاريّ، ثنا مؤمّلٌ، ثنا سفيان، عن ابن نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالّتي هي أحسن قال: لا تقاتلوا إلا من قاتلكم ولم يعطي الجزية.
قوله تعالى: إلا بالّتي هي أحسن
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث، ثنا بشر بن الحارث، ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ في قوله: ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالّتي هي أحسن يقول: من أدّى منهم الجزية فلا تقولوا لهم إلا حسنًا.
- حدّثنا أبي ثنا سعيد بن سليمان، ثنا عبّاد بن العوّام، عن سفيان بن حسينٍ في قوله: ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالّتي هي أحسن قال: الّتي هي أحسن قولوا آمنّا بالّذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحدٌ إلى آخر الآية هذه مجادلتهم بالّتي هي أحسن.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبانة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالّتي هي أحسن إن قالوا شرًّا فقولوا خيرًا.
قوله تعالى: إلا الّذين ظلموا منهم
- حدثنا أحمد بن عاصم الاستهباني، ثنا أبو عاصمٍ، ثنا سفيان، عن خصيفٍ، عن مجاهد لا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالّتي هي أحسن إلا الّذين ظلموا منهم قال: الّذين ظلموا: من قاتلك ولم يعطك الجزية.
- حدّثنا أبي، ثنا عبدة بن سليمان، ثنا ابن المبارك، ثنا إسرائيل، عن سالمٍ، عن مجاهدٍ ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالّتي هي أحسن إلا الّذين ظلموا منهم قال: الّذين ظلموا منهم أهل الحرب من لا عهد له فتجادلوهم بالسيف.
- حدثنا حجاج بن حمزة، ثنا شبانة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: إلا الّذين ظلموا فانتصروا منهم. وقال مجاهدٌ في موضع آخر من هذه السّورة: إلا الّذين ظلموا منهم قالوا: مع الله إله، وولدا وشريكا ويد الله مغلولة وإن الله فقيرا محمد صلى الله عليه وسلم: هم أهل الكتاب.
قوله تعالى: وقولوا آمنّا بالّذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن المثنّى، ثنا عثمان بن عمر، ثنا عليّ بن المبارك، عن يحيى..، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: كان أهل الكتاب يقرءون التّوراة فيفسّرونها بالعربيّة لأهل الإسلام. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: لا تصدّقوا أهل الكتاب ولا تكذّبوهم، وقولوا آمنّا بالّذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحدٌ ونحن له مسلمون
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو أسامة، ثنا سفيان، ثنا سعد بن إبراهيم، ثنا عطاء بن دينارٍ قال: كان ناسٌ من يهود يحدّثون ناسًا من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فبلغ ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: (لا تصدّقوهم) ولا تكذّبوهم، قولوا آمنّا به كلٌّ من، عند ربّنا.
قوله تعالى: ونحن له مسلمون
- حدّثنا أبو زرعة ثنا صفوان ثنا الوليد، ثنا زهير بن محمّدٍ يعني قوله: مسلمون يقول: مخلصون). [تفسير القرآن العظيم: 9/3068-3070]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن يقول إن قالوا شرا فقولوا خيرا). [تفسير مجاهد: 496]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد إلا الذين ظلموا منهم يعني أنهم قالوا مع الله إله وقالوا له ولد وله شريك ويده مغلولة هو فقير تبارك وتعالى وأوذي محمد صلى الله عليه وسلم وهم أهل الكتاب فقال الله عز وجل إلا الذين ظلموا منهم يقول فانتصروا منهم). [تفسير مجاهد: 496]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم نا آدم نا شريك عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير في قوله إلا الذين ظلموا منهم قال هم أهل الحرب ومن لا عهد له يقول جاهدوهم بالسيف). [تفسير مجاهد: 496]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم ثنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم يعني لمن لم يقل هذا من أهل الكتاب). [تفسير مجاهد: 497]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون * وكذلك أنزلنا إليك الكتاب فالذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به ومن هؤلاء من يؤمن به وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون.
أخرج الفريابي، وابن جرير عن مجاهد في قوله {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم} قال: الذين قالوا: مع الله اله أو له ولد أوله شريك أو يد الله مغلولة أو الله فقير ونحن أغنياء أو آذى محمدا صلى الله عليه وسلم وهم أهل الكتاب، وفي قوله {وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم} قال: لمن يقول هذا منهم، يعني من لم يقل مع الله اله أوله ولد أوله شريك أو يد الله مغلولة أو الله فقيرا وآذى محمدا صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 11/556-557]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن جرير عن مجاهد في قوله {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن} قال: إن قالوا شرا فقولوا خيرا {إلا الذين ظلموا منهم} فانتصروا منهم). [الدر المنثور: 11/557]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم} قال: لا تقاتلوا إلا من قاتل ولم يعط الجزية ومن أدى منهم الجزية فلا تقولوا لهم إلا حسنا). [الدر المنثور: 11/557]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن} قال: بلا اله إلا الله). [الدر المنثور: 11/557]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن حسين في الآية قال {التي هي أحسن} قولوا {آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون} فهذه مجادلتهم بالتي هي أحسن). [الدر المنثور: 11/557]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو داود في ناسخه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري في المصاحف عن قتادة {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن} قال: نهى عن مجادلتهم في هذه الآية، ثم نسخ ذلك فقال {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر} ولا مجادلة أشد من السيف). [الدر المنثور: 11/558]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري والنسائي، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان أهل الكتاب يقرأون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا {آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون} ). [الدر المنثور: 11/558]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق والفريابي، وابن جرير عن عطاء بن يسار رضي الله عنه قال: كانت اليهود يحدثون أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم فيسبحون كانهم يعجبون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقولوا {آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون} ). [الدر المنثور: 11/558]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق في المصنف، وابن سعد وأحمد والبيهقي في سننه عن أبي نملة الانصاري رضي الله عنه أن رجلا من اليهود قال لجنازة: أنا أشهد أنه تتكلم، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقولوا: آمنا بالله وكتبه ورسله فان كان حقا لم تكذبوهم وان كان باطلا لم تصدقوهم). [الدر المنثور: 11/558-559]

تفسير قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ (47) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وكذلك أنزلنا إليك الكتاب فالّذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به ومن هؤلاء من يؤمن به وما يجحد بآياتنا إلاّ الكافرون}.
يقول تعالى ذكره: كما أنزلنا الكتب على من قبلك يا محمّد من الرّسل {كذلك أنزلنا إليك} هذا {الكتاب فالّذين آتيناهم الكتاب} من قبلك من بني إسرائيل {يؤمنون به ومن هؤلاء من يؤمن به} يقول: ومن هؤلاء الّذين هم بين ظهرانيك اليوم من يؤمن به كعبد اللّه بن سلامٍ، ومن آمن برسوله من بني إسرائيل.
وقوله: {وما يجحد بآياتنا إلاّ الكافرون} يقول تعالى ذكره: وما يجحد بأدلّتنا وحججنا إلاّ الّذي يجحد نعمنا عليه، وينكر توحيدنا، وربوبيّتنا على علمٍ منه عنادًا لنا.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وما يجحد بآياتنا إلاّ الكافرون} قال: إنّما يكون الجحود بعد المعرفة). [جامع البيان: 18/423-424]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وكذلك أنزلنا إليك الكتاب فالّذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به ومن هؤلاء من يؤمن به وما يجحد بآياتنا إلّا الكافرون (47)
قوله تعالى: وكذلك أنزلنا إليك الكتاب
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو يحيى الحمّانيّ، عن أبي بكرٍ الهذليّ، عن الحسن قال: الكتاب القرآن.
قوله تعالى: فالّذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به ومن هؤلاء من يؤمن به
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، ثنا عبد الرّزّاق أنبأ معمرٌ، عن قتادة قوله آتيناهم الكتاب اليهود والنّصارى.
قوله تعالى: وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ قال: سمعت سعيدًا، عن قتادة قوله وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون وإنّما يكون الجحود بعد المعرفة). [تفسير القرآن العظيم: 9/3070-3071]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في "سننه" وفي الشعب والديلمي وأبو نصر السجزي في الابانة، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسألوا هل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا اما أن تصدقوا بباطل أو تكذبوا بحق والله لو كان موسى حيا بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني). [الدر المنثور: 11/559]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق عن زيد بن أسلم قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا أنفسهم). [الدر المنثور: 11/559]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا لتكذبوا بحق وتصدقوا بباطل، فان كنتم سائليهم لا محالة فانظروا ما واطأ كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه). [الدر المنثور: 11/559-560]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وما كنت تتلو من قبله من كتابٍ ولا تخطّه بيمينك إذًا لارتاب المبطلون}.
يقول تعالى ذكره: {وما كنت} يا محمّد {تتلو} يعني تقرأ {من قبله} يعني من قبل هذا الكتاب الّذي أنزلته إليك {من كتابٍ ولا تخطّه بيمينك} يقول: ولم تكن تكتب بيمينك، ولكنّك كنت أمّيًّا {إذًا لارتاب المبطلون} يقول: ولو كنت من قبل أن يوحى إليك تقرأ الكتاب، أو تخطّه بيمينك، إذن لارتاب: يقول: إذن لشكّ بسبب ذلك في أمرك، وما جئتهم به من عند ربّك من هذا الكتاب الّذي تتلوه عليهم المبطلون، القائلون: إنّه سجعٌ وكهانةٌ، وإنّه أساطير الأوّلين.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله {وما كنت تتلو من قبله من كتابٍ ولا تخطّه بيمينك إذًا لارتاب المبطلون} قال: كان نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أمّيًّا لا يقرأ شيئًا ولا يكتب.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {وما كنت تتلو من قبله من كتابٍ ولا تخطّه بيمينك} قال: كان نبيّ اللّه لا يقرأ كتابًا قبله، ولا يخطّه بيمينه، قال: كان أمّيًّا، والأمّيّ: الّذي لا يكتب.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبو أسامة، عن إدريس الأوديّ، عن الحكم، عن مجاهدٍ، {وما كنت تتلو من قبله من كتابٍ ولا تخطّه بيمينك} قال: كان أهل الكتاب يجدون في كتبهم أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لا يخطّ بيمينه، ولا يقرأ كتابًا، فنزلت هذه الآية.
وبنحو الّذي قلنا أيضًا في قوله: {إذًا لارتاب المبطلون} قالوا:
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {إذًا لارتاب المبطلون} إذن لقالوا: إنّما هذا شيءٌ تعلّمه محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم وكتبه.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه {إذًا لارتاب المبطلون} قال: قريشٌ). [جامع البيان: 18/424-426]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وما كنت تتلو من قبله من كتابٍ ولا تخطّه بيمينك إذًا لارتاب المبطلون (48)
قوله تعالى: وما كنت تتلو من قبله من كتابٍ
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو أسامة، عن إدريس، عن الحكم، عن مجاهدٍ وما كنت تتلوا من قبله من كتابٍ ولا تخطّه بيمينك إذا قال كان أهل الكتاب يجدون في كتبهم أنّ محمّدًا لا يخطّ بيمينه ولا يقرأ كتابًا فنزلت هذه الآية.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ قال: سمعت سعيدًا، عن قتادة قوله: وما كنت تتلوا من قبله من كتابٍ ولا تخطّه بيمينك قال: كان نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لا يقرأ كتابًا قبله ولا يخطّه بيمينه قال: وكان أمّيًّا، والأمّيّ، الّذي لا يكتب.
قوله تعالى: ولا تخطه بيمينك
[الوجه الأول]
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ فيما كتب إليّ حدّثني أبي حدّثني عمّي ثنا أبي عن جدّه عطيّة، عن ابن عبّاسٍ قوله: ولا تخطّه بيمينك قال: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أمّيّا لا يقرأ ولا يكتب.
الوجه الثّاني
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا ابن أبي حمّادٍ، ثنا مهران، عن سفيان، عن منصورٍ، عن إبراهيم قال: الأمّيّ: يقرأ ولا يكتب.
قوله تعالى: إذًا لارتاب المبطلون
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: إذًا لارتاب المبطلون قريشٌ). [تفسير القرآن العظيم: 9/3071]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله إذا لارتاب المبطلون يعني قريشا). [تفسير مجاهد: 497]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون * بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون * وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين.
أخرج ابن أبي شيبه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد، في قوله {وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك} قال: كان أهل الكتاب يجدون في كتبهم أن محمدا صلى الله عليه وسلم لا يخط بيمينه ولا يقرأ كتابا، فنزلت {وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون} قريش). [الدر المنثور: 11/560]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والإسماعيلي في معجمه عن ابن عباس في قوله {وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك} قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ ولا يكتب كان أميا، وفي قوله {بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم} قال: كان الله أنزل شأن محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل لأهل العلم وعلمه لهم وجعله لهم آية فقال لهم: إن آية نبوته أن يخرج حين يخرج لا يعلم كتابا ولا يخطه بيمينه، وهي الآيات البينات التي قال الله تعالى). [الدر المنثور: 11/560]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك} قال: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم لا يقرأ كتابا قبله ولا يخطه بيمينه وكان أميا لا يكتب، وفي قوله {آيات بينات} قال: النّبيّ آية بينة ? {في صدور الذين أوتوا العلم من أهل الكتاب}? قال: وقال الحسن: القرآن {آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم} يعني المؤمنين). [الدر المنثور: 11/560-561]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في "سننه" عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله {وما كنت تتلو من قبله من كتاب} قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ ولا يكتب). [الدر المنثور: 11/561]

تفسير قوله تعالى: (بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ (49) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله بل هو آيات بينات قال النبي آية بينة وكذلك قرأها قتادة في صدور الذين أوتوا العلم من أهل الكتاب). [تفسير عبد الرزاق: 2/99]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وقال الحسن القرآن آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم يعني المؤمنين). [تفسير عبد الرزاق: 2/99]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {بل هو آياتٌ بيّناتٌ في صدور الّذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلاّ الظّالمون}.
اختلف أهل التّأويل في المعنيّ بقوله: {بل هو آياتٌ بيّناتٌ في صدور الّذين أوتوا العلم} فقال بعضهم: عنى به نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وقالوا: معنى الكلام: بل وجود أهل الكتاب في كتبهم أنّ محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم لا يكتب ولا يقرأ، وأنّه أمّيّ، آياتٌ بيّناتٌ في صدورهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: ثتي عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله {بل هو آياتٌ بيّناتٌ في صدور الّذين أوتوا العلم} قال: كان اللّه تعالى أنزل شأن محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم في التّوراة والإنجيل لأهل العلم وعلّمه لهم، وجعله لهم آيةً، فقال لهم: إنّ آية نبوّته أن يخرج حين يخرج لا يعلم كتابًا، ولا يخطّه بيمينه، وهي الآيات البيّنات.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله {وما كنت تتلو من قبله من كتابٍ} قال: كان نبيّ اللّه لا يكتب ولا يقرأ، وكذلك جعل اللّه نعته في التّوراة والإنجيل، أنّه نبيٌّ أمّيٌّ، لا يقرأ ولا يكتب، وهي الآية البيّنة في صدور الّذين أوتوا العلم.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {بل هو آياتٌ بيّناتٌ في صدور الّذين أوتوا العلم} من أهل الكتاب، صدّقوا بمحمّدٍ ونعته ونبوّته.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، {بل هو آياتٌ بيّناتٌ} قال: أنزل اللّه شأن محمّدٍ في التّوراة والإنجيل لأهل العلم، بل هو آيةٌ بيّنةٌ في صدور الّذين أوتوا العلم، يقول: النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقال آخرون: عنى بذلك القرآن، وقالوا: معنى الكلام: بل هذا القرآن آياتٌ بيّناتٌ في صدور الّذين أوتوا العلم من المؤمنين بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو سفيان، عن معمرٍ، قال: قال الحسن، في قوله: {بل هو آياتٌ بيّناتٌ في صدور الّذين أوتوا العلم} القرآن آياتٌ بيّناتٌ في صدور الّذين أوتوا العلم، يعني المؤمنين.
وأولى القولين في ذلك بالصّواب قول من قال: عني بذلك: بل العلم بأنّك ما كنت تتلو من قبل هذا الكتاب كتابًا، ولا تخطّه بيمينك، آياتٌ بيّناتٌ في صدور الّذين أوتوا العلم من أهل الكتاب.
وإنّما قلت: ذلك أولى التّأويلين بالآية، لأنّ قوله: {بل هو آياتٌ بيّناتٌ في صدور الّذين أوتوا العلم} بين خبرين من أخبار اللّه عن رسوله محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، فهو بأن يكون خبرًا عنه أولى من أن يكون خبرًا عن الكتاب الّذي قد انقضى الخبر عنه قبل.
وقوله: {وما يجحد بآياتنا إلاّ الظّالمون} يقول تعالى ذكره: ما يجحد نبوّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وأدلّته، وينكر العلم الّذي يعلم من كتب اللّه الّتي أنزلها على أنبيائه، ببعث محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، ونبوّته، ومبعثه إلاّ الظّالمون، يعني الّذين ظلموا أنفسهم بكفرهم باللّه عزّ وجلّ). [جامع البيان: 18/426-428]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: بل هو آياتٌ بيّناتٌ في صدور الّذين أوتوا العلم
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، ثنا عبد الرّزّاق، ثنا معمرٌ، عن قتادة في قوله: بل هو آياتٌ بيّناتٌ قال: النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم آيةٌ بيّنةٌ وكذلك قرأ قتادة: وقال معمرٌ قال: الحسن: القرآن آياتٌ بيّناتٌ.
- حدّثنا أبي ثنا أبو الدّرداء عبد العزيز بن منيبٍ، ثنا أبو معاذٍ النّحويّ، عن عبيد بن سليمان، عن الضّحّاك قوله: وما كنت تتلوا من قبله من كتابٍ قال: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لا يقرأ ولا يكتب، وكذلك جعل اللّه نعته في التّوراة والإنجيل أنّه نبيّ أمّيّ، لا يقرأ ولا يكتب وهي الآية البيّنة.
قوله تعالى: في صدور الّذين أوتوا العلم
- أخبرنا محيي بن سعدٍ فيما كتب إليّ حدّثني أبي حدّثني عمّي حدّثني أبي جدّي عطيّة بل هو آياتٌ بيّناتٌ في صدور الذين أوتوا العلم كان اللّه تبارك وتعالى أنزل شأن محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، التّوراة والإنجيل لأهل العلم وعلّمه لهم وجدله لهم آيةً. فقال له: أي يخرج حين يخرج لا يعلم كتابًا ولا يخطّه بيمينه، وهي الآيات البيّنات الّتي ذكر اللّه عزّ وجلّ.
قوله تعالى: وما يجحد بآياتنا إلا الظّالمون
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا حم بن نوحٍ، ثنا معاذٌ، ثنا أبو مسلمٍ، عن الضّحّاك في قوله: وما يجحد بآياتنا إلا الظّالمون قال: يعني صفته الّتي وصف لأهل الكتاب يعرفونه بالصّفة). [تفسير القرآن العظيم: 9/3071-3072]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والإسماعيلي في معجمه عن ابن عباس في قوله {وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك} قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ ولا يكتب كان أميا، وفي قوله {بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم} قال: كان الله أنزل شأن محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل لأهل العلم وعلمه لهم وجعله لهم آية فقال لهم: إن آية نبوته أن يخرج حين يخرج لا يعلم كتابا ولا يخطه بيمينه، وهي الآيات البينات التي قال الله تعالى). [الدر المنثور: 11/560] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك} قال: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم لا يقرأ كتابا قبله ولا يخطه بيمينه وكان أميا لا يكتب، وفي قوله {آيات بينات} قال: النّبيّ آية بينة ? {في صدور الذين أوتوا العلم من أهل الكتاب}? قال: وقال الحسن: القرآن {آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم} يعني المؤمنين). [الدر المنثور: 11/560-561] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن الضحاك في الآية قال: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم لا يقرأ ولا يكتب وكذلك جعل نعته في التوراة والإنجيل أنه أمي لا يقرأ ولا يكتب، وهي الآية البينة، وهي قوله {وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون} قال: يعني صفته التي وصف لأهل الكتاب يعرفونه بالصفة). [الدر المنثور: 11/561]

تفسير قوله تعالى: (وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقالوا لولا أنزل عليه آياتٌ من ربّه قل إنّما الآيات عند اللّه وإنّما أنا نذيرٌ مبينٌ}.
يقول تعالى ذكره: وقالت المشركون من قريشٍ: هلاّ أنزل على محمّدٍ آيةٌ من ربّه تكون حجّةً له علينا، كما جعلت النّاقة لصالحٍ، والمائدة لعيسى، قل يا محمّد: إنّما الآيات عند اللّه، لا يقدر على الإتيان بها غيره {وإنّما أنا نذيرٌ مبينٌ} وإنّما أنا نذيرٌ لكم، أنذركم بأس اللّه وعقابه على كفركم برسوله. وما جاءكم به من عند ربّكم {مبينٌ} يقول: قد أبان لكم إنذاره). [جامع البيان: 18/428]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وقالوا لولا أنزل عليه آياتٌ من ربّه قل إنّما الآيات عند اللّه وإنّما أنا نذيرٌ مبينٌ (50)
قوله تعالى: وقالوا لولا أنزل عليه آياتٌ من ربه- الآية
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن نميرٍ، ثنا الأعمش، عن عمرو بن مرّة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: أتا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم (الصّفا) فصعد عليه ثم نادا أيا صباحا، فاجتمع الناس إليه يبن رجل يجيء إليه بين رجلٍ يبعث رسوله، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: يا بني عبد المطّلب يا بني فهرٍ، يا بني، يا بني، أرأيتم لو أخبرتكم أنّ خيلا بسفح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم صدّقتموني، قالوا: نعم. قال: فإنّي نذيرٌ لكم بين يدي عذابٍ شديدٍ.
تقدّم تفسير النّذير عن ابن عبّاس غير مرّةٍ). [تفسير القرآن العظيم: 9/3072]

تفسير قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (51) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أولم يكفهم أنّا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إنّ في ذلك لرحمةً وذكرى لقومٍ يؤمنون}.
يقول تعالى ذكره: أو لم يكف هؤلاء المشركين يا محمّد، القائلين: لولا أنزل على محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم آيةٌ من ربّه، من الآيات والحجج {أنّا أنزلنا عليك} هذا {الكتاب يتلى عليهم} يقول: يقرأ عليهم {إنّ في ذلك لرحمةً} يقول: إنّ في هذا الكتاب الّذي أنزلنا عليهم لرحمةً للمؤمنين به، وذكرى يتذكّرون بما فيه من عبرةٍ وعظةٍ.
وذكر أنّ هذه الآية نزلت من أجل أنّ قومًا من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم انتسخوا شيئًا من بعض كتب أهل الكتاب.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عمرو بن دينارٍ، عن يحيى بن جعدة، أنّ ناسًا من المسلمين أتوا نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بكتبٍ قد كتبوا فيها بعض ما يقول اليهود، فلمّا أن نظر فيها ألقاها، ثمّ قال: كفى بها حماقة قومٍ، أو ضلالة قومٍ، أن يرغبوا عمّا جاءهم به نبيّهم، إلى ما جاء به غير نبيّهم، إلى قومٍ غيرهم، فنزلت: {أولم يكفهم أنّا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إنّ في ذلك لرحمةً وذكرى لقومٍ يؤمنون} ). [جامع البيان: 18/428-429]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: أولم يكفهم أنّا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم
- أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قرأه، ثنا سفيان، عن عمرو بن دينارٍ، عن يحيى بن جعدة قال: أتي النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بكتابٍ في كتفٍ. فقال: كفى). [تفسير القرآن العظيم: 9/3072]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون * قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا يعلم ما في السموات والأرض والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون.
أخرج الدارمي وأبو داود في مراسيله، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن يحي بن جعدة رضي الله عنه قال: جاء ناس من المسلمين بكتب قد كتبوها فيها بعض ما سمعوه من اليهود، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كفى بقوم حمقا أو ضلالة أن يرغبوا عما جاء به نبيهم إليهم إلى ما جاء به غيره إلى غيرهم، فنزلت {أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم} الآية). [الدر المنثور: 11/561-562]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الإسماعيلي في معجمه، وابن مردويه من طريق يحيى ابن جعدة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتبون من التوراة فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ان أحمق الحمق وأضل الضلالة قوم رغبوا عما جاء به نبيهم إلى نبي غير نبيهم والى أمة غير أمتهم، ثم أنزل الله {أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم} ). [الدر المنثور: 11/562]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبيهقي في شعب الإيمان عن الزهري: أن حفصة جاءت إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم بكتاب من قصص يوسف في كتف فجعلت تقرأه عليه والنبي صلى الله عليه وسلم يتلون وجهه فقال والذي نفسي بيده لو أتاكم يوسف وأنا بينكم فاتبعتموه وتركتموني لضللتم). [الدر المنثور: 11/562-563]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن سعد، وابن الضريس والحاكم في الكنى والبيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن ثابت بن الحرث الأنصاري قال: دخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه على النّبيّ صلى الله عليه وسلم بكتاب فيه مواضع من التوراة فقال: هذه أصبتها مع رجل من أهل الكتاب أعرضها عليك، فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم تغيرا شديدا لم أر مثله قط فقال عبد الله بن الحارث لعمر رضي الله عنهما: أما ترى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر رضي الله عنه: رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا، فسرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ولو نزل موسى فأتبعوه وتركتموني لضللتم انا حظكم من النبيين وأنتم حظي من الامم). [الدر المنثور: 11/563]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن أبي قلابة ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه مر برجل يقرأ كتابا فاستمعه ساعة فاستحسنه فقال للرجل: اكتب لي من هذا الكتاب قال: نعم، فاشترى أديما فهيأه ثم جاء به إليه فنسخ له في ظهره وبطنه ثم أتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فجعل يقرأه عليه وجعل وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلون فضرب رجل من الأنصار بيده الكتاب وقال: ثكلتك أمك يا ابن الخطاب أما ترى ووجه رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ اليوم وأنت تقرأ عليه هذا الكتاب فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم عند ذلك انما بعثت فاتحا وخاتما وأعطيت جوامع الكلم وفواتحه واختصر لي الحديث اختصارا فلا يهلكنكم المتهوكون). [الدر المنثور: 11/563-564]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي وضعفه عن عمر بن الخطاب قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تعلم التوراة فقال لا تتعلمها وآمن بها وتعلموا ما أنزل إليكم وآمنوا به). [الدر المنثور: 11/564]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الضريس عن الحسن ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: يا رسول الله ان أهل الكتاب يحدثونا بأحاديث قد أخذت بقلوبنا وقد هممنا ان نكتبها فقال يا ابن الخطاب أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى أما والذي نفس محمد بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية ولكني أعطيت جوامع الكلم واختصر لي الحديث اختصارا). [الدر المنثور: 11/564]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن ابن أبي ملكية قال: أهدى عبد الله بن عامر بن كرز إلى عائشة رضي الله عنها هدية فظنت أنه عبد الله بن عمرو فردتها وقالت: يتتبع الكتب وقد قال الله {أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم} فقيل لها: انه عبد الله بن عامر، فقبلتها). [الدر المنثور: 11/564-565]

تفسير قوله تعالى: (قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (52) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قل كفى باللّه بيني وبينكم شهيدًا يعلم ما في السّموات والأرض والّذين آمنوا بالباطل وكفروا باللّه أولئك هم الخاسرون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: قل يا محمّد للقائلين لك: لولا أنزل عليك آيةٌ من ربّك، الجاحدين بآياتنا من قومك: كفى اللّه يا هؤلاء بيني وبينكم شاهدًا لي وعليّ، لأنّه يعلم المحقّ منّا من المبطل، ويعلم ما في السّماوات وما في الأرض، لا يخفى عليه شيءٌ فيهما، وهو المجازي كلّ فريقٍ منّا بما هو أهله، المحقّ على ثباته على الحقّ، والمبطل على باطله، بما هو أهله {والّذين آمنوا بالباطل} يقول: صدّقوا بالشّرك، فأقرّوا به {وكفروا باللّه} يقول: وجحدوا اللّه {أولئك هم الخاسرون} يقول: هم المغبونون في صفقتهم.
وبنحو الّذي قلنا في قوله {والّذين آمنوا بالباطل} قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {والّذين آمنوا بالباطل} الشّرك). [جامع البيان: 18/429-430]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قل كفى باللّه بيني وبينكم شهيدًا يعلم ما في السّماوات والأرض والّذين آمنوا بالباطل وكفروا باللّه أولئك هم الخاسرون (52)
بقومٍ حمقًا أو ضلالةً أن يرغبوا عمّا جاء به نبيّهم أو كتابٌ غير كتابهم، فأنزل اللّه: أولم يكفهم أنّا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم... الآية
- حدّثنا جعفر بن منيرٍ المدائنيّ، ثنا روح بن عبادة، ثنا عمر بن سعيد بن أبي حسينٍ حدّثني عبد اللّه بن أبي مليكة أنّ ابن عامرٍ أهدى إلى عائشة فظنّت أنّه عبد اللّه بن عمرٍو، فقالت: لا حاجة لي بهديّة من تبع الكتب، وقالت أولم يكفهم أنّا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم
قوله تعالى: إنّ في ذلك لرحمةً وذكرى لقومٍ يؤمنون
تقدّم تفسيره.
قوله تعالى: قل كفى باللّه بيني وبينكم شهيدًا
- حدّثنا عليّ بن الحسين الهسنجابي، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد بن بشيرٍ، عن قتادة قوله: قل كفى باللّه بيني وبينكم شهيدًا قد كان من أهل الكتاب قومٌ يشهدون بالحقّ ويعرفونه.
قوله تعالى: يعلم ما في السماوات والأرض
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه حدّثني ابن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ حدّثني سعيد بن جبيرٍ قال: قال ابن عبّاسٍ: خلق اللّه اللّوح المحفوظ كمسيرة مائة عامٍ، فقال للقلم قبل أن يخلق الخلق وهو على العرش تبارك وتعالى اكتب، فقال القلم: وما أكتب قال: علمي في خلقي إلى يوم تقوم الساعة، فجر القلم بما هو كائنٌ في علم اللّه إلى يوم القيامة، فذلك قوله تبارك وتعالى للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يعلم ما في السماوات والأرض
قوله تعالى: والّذين آمنوا بالباطل
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ قال: سمعت سعيدًا، عن قتادة في قوله: والّذين آمنوا بالباطل قال: بالشّرك.
قوله تعالى: وكفروا باللّه
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني أبو غسّان، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه: باللّه يعني بتوحيد اللّه.
قوله تعالى: أولئك هم الخاسرون
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان بن صالحٍ، ثنا الوليد حدّثني بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان أولئك هم الخاسرون في الآخرة.
- قرأت على محمّد بن الفضل بن موسى، ثنا محمّد بن عليّ بن حسن بن شقيقٍ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ أبو وهبٍ، ثنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان قوله أولئك هم الخاسرون يقول: في الآخرة هم في النّار). [تفسير القرآن العظيم: 9/3073-3074]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 26 رجب 1434هـ/4-06-2013م, 02:16 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (46)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالّتي هي أحسن} [العنكبوت: 46] قال يحيى: سمعت سعيدًا يذكر عن قتادة، قال: أي: بكتاب اللّه، قال: نهى اللّه عن مجادلتهم في هذه الآية ولم يكن يومئذٍ أمر بقتالهم ثمّ نسخ ذلك فأمر بقتالهم فلا مجادلة أشدّ من السّيف، فقال في سورة براءةٍ: {قاتلوا الّذين لا يؤمنون باللّه ولا باليوم الآخر
ولا يحرّمون ما حرّم اللّه ورسوله ولا يدينون دين الحقّ من الّذين أوتوا الكتاب حتّى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون} [التوبة: 29] همّامٌ عن قتادة، قال: أمر بقتالهم حتّى يسلموا أو يقرّوا بالجزية.
قوله عزّ وجلّ: {إلا الّذين ظلموا منهم} [العنكبوت: 46] قال بعضهم: من قاتلك ولم يعطك الجزية، يعني: إذ أمر بجهادهم.
وإنّما أمر بجهادهم بالمدينة وهذه الآية مكّيّةٌ.
[تفسير القرآن العظيم: 2/633]
وحدّثني عاصم بن حكيمٍ أنّ مجاهدًا قال: {إلا الّذين ظلموا منهم} [العنكبوت: 46] وقالوا مع اللّه إلهًا آخر، وليس له ندٌّ ولا شريكٌ.
وقال مجاهدٌ: من أقام على الشّرك منهم ولم يؤمن.
وقال ابن مجاهدٍ: عن أبيه: {إلا الّذين ظلموا} [العنكبوت: 46] وقالوا إنّ مع اللّه إلهًا آخر أو له ندٌّ، أو له شريكٌ.
وقال السّدّيّ: يعني: من آمن.
قال: {وقولوا آمنّا بالّذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحدٌ ونحن له مسلمون} [العنكبوت: 46] تفسير ابن مجاهدٍ عن أبيه: قوله من لم يقل من هذا شيئًا من أهل الكتاب، أي: لم يقل مع اللّه إلهٌ أو له ندٌّ أو له شريكٌ). [تفسير القرآن العظيم: 2/634]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلّا بالّتي هي أحسن إلّا الّذين ظلموا منهم وقولوا آمنّا بالّذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون (46)}

أي: أهل الحرب، فالمعنى: لا تجادلوا أهل الجزية إلاّ بالتي هي أحسن، وقاتلوا الذين ظلموا.
وقيل: إن الآية منسوخة بقوله:{قاتلوا الّذين لا يؤمنون باللّه ولا باليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّم اللّه ورسوله ولا يدينون دين الحقّ من الّذين أوتوا الكتاب حتّى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون (29)}
فكان الصّغار خارجا من التي هي أحسن، فالأشبه أن تكون منسوخة.
وجائز أن يكون الصغار: أخذ الجزية منهم , وإن كرهوا، فالذين تؤخذ منهم الجزية بنص الكتاب اليهود والنصارى؛ لأنهم أصحاب التوراة والإنجيل، فأمّا المجوس, فأخذت منهم الجزية لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سنّوا بهم سنة أهل الكتاب)).
واختلف الناس فيمن سوى هؤلاء من الكفار مثل عبدة الأوثان , ومن أشبههم فهم عند مالك بن أنس يجرون هذا المجرى, تؤخذ منهم الجزية سواء كانوا عجماً, أو عرباً, وأما أهل العراق فقالوا: نقبل الجزية من العجم غير العرب إذا كانوا كفارا، وإن خرجوا من هذه الأصناف , أعني : اليهود, والنصارى, والمجوس، نحو الهند والترك والديلم، فأمّا العرب عندهم, فإذا خرجوا من هذه الثلاثة الأصناف لم تقبل منهم جزية، وكان القتل في أمرهم إن أقاموا على ملّة غير اليهودية, والنصرانية, والمجوسية.
وبعض الفقهاء لا يرى إلا القتل في عبدة الأوثان, والأصنام, ومن أشبههم). [معاني القرآن: 4/170-171]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم}
روى ابن أبي نجيح, عن مجاهد قال: (من قاتلك ولم يعطك الجزية, فقاتله بالسيف).
وروى معمر, عن قتادة: (هي منسوخة نسخها: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}, ولا مجادلة أشد من السيف).


قال أبو جعفر: قول قتادة أولى بالصواب, لأن السورة مكية, وإنما أمر بالقتال بعد الهجرة , وأمر بأخذ الجزية بعد ذلك بمدة طويلة , وأيضا فإنه قال:{وهم صاغرون}.
وقوله جل وعز: {وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم}
روى سفيان, عن سعد بن إبراهيم , عن عطاء بن يسار قال: (كان قوم من اليهود يجلسون مع المسلمين, فيحدثونهم, فأخبروا بذلك النبي صلى الله عليه وسلم, فقال لهم: ((لا تصدقوهم ولا تكذبوهم, وقولوا :{آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم })), إلى آخر الآية)). [معاني القرآن: 5/230-231]
تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ (47)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وكذلك أنزلنا إليك الكتاب فالّذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به} [العنكبوت: 47] يعني: من آمن منهم.
{ومن هؤلاء} [العنكبوت: 47]، يعني: مشركي العرب.
{من يؤمن به} [العنكبوت: 47]، يعني: القرآن.
{وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون} [العنكبوت: 47] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/634]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ)
: (وقوله: {فالّذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به...}: بمحمّدٍ صلى الله عليه وسلم, ويقال: إنه عبد الله بن سلام
.
{ومن هؤلاء من يؤمن به}: يعني الذين آمنوا من أهل مكّة.). [معاني القرآن: 2/317]

تفسير قوله تعالى:{وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وما كنت تتلو} [العنكبوت: 48]، أي: تقرأ.
[تفسير القرآن العظيم: 2/634]
{من قبله} من قبل القرآن.
{من كتابٍ ولا تخطّه بيمينك إذًا لارتاب المبطلون} [العنكبوت: 48] لو كنت تقرأ وتكتب.
والمبطلون في تفسير مجاهدٍ مشركو قريشٍ.
وقال بعضهم: من لم يؤمن من أهل الكتاب.
وفي تفسير السّدّيّ: {المبطلون} [العنكبوت: 48] يقول: المكذّبون، وهم اليهود). [تفسير القرآن العظيم: 2/635]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ)
: (وقوله: {وما كنت تتلو من قبله...}
: من قبل القرآن , {من كتابٍ ولا تخطّه بيمينك} , ولو كنت كذلك {لاّرتاب المبطلون} يعني: النصارى الذين وجدوا صفته , ويكون {لاّرتاب المبطلون}: أي: لكان أشدّ لريبة من كذّب من أهل مكّة وغيرهم). [معاني القرآن: 2/317]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({وما كنت تتلو من قبله من كتابٍ ولا تخطّه بيمينك إذاً لارتاب المبطلون}, مجازه: ما كنت تقرأ من قبل القرآن حتى أنزل إليك , ولا قبل ذلك من كتاب، مجازه: ما كنت تقرأ كتاباً، ومن من حروف الزوائد.
وفي آية أخرى:{فما منكم من أحدٍ عنه حاجزين }: مجازه: ما منكم أحد عنه حاجزين.
{ولا تخطّه بيمنك}: أي: ولا تكتب كتاباً، ومجازه: مجاز المختصر الذي فيه ضمير كقولك: ولو كنت تقرأ الكتاب , وتخطه , لارتاب المبطلون.). [مجاز القرآن: 2/116-117]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وما كنت تتلو من قبله من كتابٍ} : يقول: هم يجدونك أمّيا في كتبهم، فلو كنت تكتب؛ لارتابوا.). [تفسير غريب القرآن: 338]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ:{وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطّه بيمينك إذا لارتاب المبطلون (48)}
أي: ما كنت قرأت الكتب , ولا كنت كاتبا، وكذلك صفة النبي صلى الله عليه وسلم عندهم في التوراة والإنجيل.
وقوله: {إذا لارتاب المبطلون}, قيل: إنهم كفار قريش). [معاني القرآن: 4/171]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك} : وكذا صفته صلى الله عليه وسلم في التوراة ثم قال تعالى: {إذا لارتاب المبطلون}, قال مجاهد : قريش.). [معاني القرآن: 5/231-232]

تفسير قوله تعالى: {بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ (49)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({بل هو} [العنكبوت: 49]، يعني: القرآن.
{آياتٌ بيّناتٌ في صدور الّذين أوتوا العلم} [العنكبوت: 49]، يعني: النّبيّ والمؤمنين.
سعيدٌ، عن قتادة، قال: أعطيت هذه الأمّة الحفظ، وكان من قبلنا لا يقرءون كتابهم إلا نظرًا، فإذا أطبقوه لم يحفظ ما فيه إلا النّبيّون.
وقال يحيى: بلغني عن كعبٍ في صفة هذه الأمّة قال: حلماء، علماء، كأنّهم من الفقه أنبياء.
قال: {وما يجحد بآياتنا إلا الظّالمون} [العنكبوت: 49] المشركون). [تفسير القرآن العظيم: 2/635]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ)
: (وقوله: {بل هو آياتٌ بيّناتٌ...}: يريد القرآن.

وفي قراءة عبد الله: {بل هي آياتٌ}, يريد: بل آيات القرآن آيات بيّنات, ومثله: {هذا بصائر للنّاس}, ولو كانت هذه بصائر للناس كان صواباً، ومثله: {هذا رحمةٌ من ربّي} لو كان: هذه رحمة لجاز). [معاني القرآن: 2/317]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {بل هو آيات بيّنات في صدور الّذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلّا الظّالمون (49)}
قيل فيه ثلاثة أوجه:
منها: بل القرآن: آيات بينات.
ومنها: بل النبي صلى الله عليه وسلم , وأموره: آيات بينات.
ومنها: {بل هو آيات بيّنات}, أي: بل إنه لا يقرأ , ولا يكتب : آيات بينات؛ لأنه إذا لم يكن قرأ كتابا، ولا هو كاتب, ثم أخبر بأقاصيص الأولين, والأنبياء, فذلك آيات بينّات في صدور الذين أوتوا العلم.). [معاني القرآن: 4/171]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم}
في معناه ثلاثة أقوال:
أ- قال الحسن: (بل القرآن آيات بينات في صدور المؤمنين).
ب- وقال قتادة: (بل النبي صلى الله عليه وسلم آية بينة) , كذا قرأ قتادة : (في صدور الذين أوتوا العلم من أهل الكتاب).
ج- وقال الضحاك: (كانت صفة النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يكتب بيمينه , ولا يتلو كتابا , فذلك آية بينة)). [معاني القرآن: 5/232]

تفسير قوله تعالى: (وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وقالوا لولا} [العنكبوت: 50] هلا.
{أنزل عليه آياتٌ من ربّه قل إنّما الآيات عند اللّه} [العنكبوت: 50] كانوا يسألون النّبيّ عليه السّلام أن يأتيهم بالآيات كقولهم: {فليأتنا بآيةٍ كما أرسل الأوّلون} [الأنبياء: 5] وأشباه ذلك، قال اللّه تبارك وتعالى: {قل إنّما الآيات عند اللّه} [العنكبوت: 50] إذا أراد أن ينزل آيةً أنزلها كقوله: {قل إنّ اللّه قادرٌ على أن ينزّل آيةً ولكنّ أكثرهم لا يعلمون} [الأنعام: 37].
وقال اللّه: {قل إنّما الآيات عند اللّه وإنّما أنا نذيرٌ مبينٌ} [العنكبوت: 50] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/635]

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (51)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (ثمّ قال تبارك وتعالى: {أولم يكفهم أنّا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم} [العنكبوت: 51] أي تتلوه وتقرؤه عليهم وأنت لا تقرأ ولا تكتب، فكفاك ذلك لو عقلوا.
قال: {إنّ في ذلك لرحمةً وذكرى لقومٍ يؤمنون} [العنكبوت: 51] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/636]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله عزّ وجلّ: {أولم يكفهم أنّا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم}

كان قوم من المسلمين كتبوا شيئا عن اليهود, فأتوا به النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عليه السلام: ((كفى بها حماقة قوم، أو ضلالة قوم أن رغبوا عما أتى به نبيّهم إلى ما أتى به غير نبيّهم إلى غير قومهم)) ). [معاني القرآن: 4/172]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وقوله جل وعز: {أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم}
روى ابن عيينة, عن عمرو بن دينار, عن يحيى بن جعدة قال: (أتي النبي صلى الله عليه وسلم بكتف فيها كتاب, فقال : (( كفى بقوم حمقا, أو ضلالة: أن يرغبوا عن نبيهم إلى نبي غيره, أو إلى كتاب غير كتابهم)), فأنزل الله جل وعز: {أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم})). [معاني القرآن: 5/233]

تفسير قوله تعالى: (قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (52) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (ثمّ قال: {قل كفى باللّه بيني وبينكم شهيدًا} [العنكبوت: 52]، أي: رسوله، وأنّ هذا الكتاب من عنده، وأنّكم على الكفر.
قال: {يعلم ما في السّموات والأرض والّذين آمنوا بالباطل} [العنكبوت: 52] بإبليس.
{وكفروا باللّه أولئك هم الخاسرون} [العنكبوت: 52] في الآخرة، خسروا أنفسهم أن يغنموها، فصاروا في النّار.
وتفسير السّدّيّ: {والّذين آمنوا بالباطل} [العنكبوت: 52]، يعني بعبادة الشّيطان: الشّرك {وكفروا باللّه أولئك هم الخاسرون} [العنكبوت: 52] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/636]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 26 رجب 1434هـ/4-06-2013م, 02:36 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]



تفسير قوله تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (46) }

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ (47) }

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48) }

تفسير قوله تعالى: {بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ (49) }

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) }

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (51) }

تفسير قوله تعالى: {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (52) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وتقول ظننت به جعلته موضع ظنّك كما قلت نزلت به ونزلت عليه ولو كانت الباء زائدة بمنزلتها في قوله عزّ وجلّ: {كفى بالله} لم يجز السكت عليها فكأَنّك قلت ظننتُ في الدار ومثله شككت). [الكتاب: 1/41] (م)

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 26 محرم 1440هـ/6-10-2018م, 10:57 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 26 محرم 1440هـ/6-10-2018م, 10:59 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 12:28 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (46) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون}
قرأ الجمهور: "إلا" على الاستثناء، وقرأ ابن عباس رضي الله عنهما: "ألا" بفتح الهمزة وتخفيف اللام، واختلف المفسرون في المراد بهذه الآية.
فقال ابن زيد: معناها: لا تجادلوا من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب، فكأنه قال: "أهل الكتاب المؤمنين"، إلا بالتي هي أحسن أي بالموافقة فيما حدثوكم به من أخبار أوائلهم، وغير ذلك، وقوله تعالى -على هذا التأويل-: {إلا الذين ظلموا} يريد به من بقي على كفره منهم، كمن كفر وغدر من بني قريظة والنضير وغيرهم، فالآية -على هذا- محكمة غير منسوخة.
وقال مجاهد: المراد بأهل الكتاب اليهود والنصارى الباقون على دينهم. أمر الله تعالى المؤمنين ألا يجادلوهم إلا بالأحسن: من الدعاء إلى الله تعالى، والتنبيه على آياته; رجاء إجابتهم إلى الإيمان، لا على طريق الإغلاظ والمخاشنة، وقوله -على هذا التأويل-: {إلا الذين ظلموا منهم} معناه: ظلموكم، وإلا فكلهم ظلمة على الإطلاق، فيراد بهم من لم يؤد جزية، ونصب الحرب، ومن قال وصرح بأن لله ولدا، أو له شريك، أو يده مغلولة، فالآية -على هذا- منسوخة في مهادنة من لم يحارب، قال قتادة: هي منسوخة بقول الله تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله} الآية.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والذي يتوجه في معنى الآية إنما يتضح في معرفة الحال في وقت نزول الآية، وذلك أن السورة مكية من بعد الآيات العشر الأول، ولم يكن في ذلك الوقت قتال مفروض، ولا طلب جزية ولا غير ذلك، وكانت اليهود بمكة وفيما جاورها، فربما وقع بينهم وبين المؤمنين جدال واحتجاج في أمر الدين وتكذيب، فأمر الله تعالى المؤمنين ألا يجادلوهم بالمحاجة إلا بالحسنى دعاء إلى الله تعالى وملاينة، ثم استثنى من ظلم منهم المؤمنين، إما بفعل وإما بقول، وإما بإذاية محمد صلى الله عليه وسلم، وإما بإعلان كفر فاحش، كقول بعضهم: عزير ابن الله، ونحو هذا، فإن هذه الصفة استثني لأهل الإسلام معارضتها بالخروج معها عن التي هي أحسن، ثم نسخ هذا بعد بآية القتال والجزية. وهذا قول قتادة.
وقوله تعالى: {وقولوا }آمنا الآية. قال أبو هريرة: كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية، فيفسرونها بالعربية للمسلمين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا: {آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون} ". وروى عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا، إما أن تكذبوا بحق وإما أن تصدقوا بباطل).[المحرر الوجيز: 6/ 650-652]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ (47) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وكذلك أنزلنا إليك الكتاب فالذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به ومن هؤلاء من يؤمن به وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون * وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون * بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون}
تقدم القول في الآية التي قبل هذه ما يتضمن نزول شرع وكتاب من عند الله على أنبياء قبل محمد صلى الله عليه وسلم، فحسن لذلك عطف " كذلك أنزلنا إليك الكتاب " على ما في الضمن، أي: وكإنزالنا على من تقدمك أنزلنا إليك الكتاب، و"الكتاب": القرآن.
وقوله: {فالذين آتيناهم الكتاب} يريد التوراة والإنجيل، أي: فالذين كانوا في عصر نزول الكتاب وأوتوه حينئذ يؤمنون به، أي: كانوا مصدقين بهذا الكتاب الذي أنزلناه إليك، فالضمير في "به" عائد على القرآن. ثم أخبر عن معاصري محمد صلى الله عليه وسلم أن منهم أيضا من يؤمن به. ولم يكونوا آمنوا بعد، ففي هذا الإخبار بغيب بينه الوجود بعد ذلك، ثم أنحى على الجاحدين من أمة قد آمن سلفها في القديم وبعضها في الحديث، وحصل الجاحدون منهم في أحسن رتبة من الضلال، ويشبه أن يراد أيضا في هذا الإنحاء كفار قريش مع كفار بني إسرائيل). [المحرر الوجيز: 6/ 652]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48) بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ (49) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم بين تعالى الحجة على المبطلين المرتابين، وأوضح أن مما يقوي نزول هذا القرآن من عند الله تبارك وتعالى أن محمدا صلى الله عليه وسلم جاء به في غاية الإعجاز والطول والتضمن للغيوب وغير ذلك، وهو أمي لا يقرأ ولا يكتب، ولا يتلو كتابا، ولا يخط حرفا، ولا سبيل له إلى التعلم، فإنه لو كان ممن يقرأ لارتاب المبطلون، ولكان لهم في ارتيابهم تعلق، وأما ارتيابهم مع وضوح هذه الحجة فظاهر فساده. وقال مجاهد: كان أهل الكتاب يجدون في كتبهم أن محمدا صلى الله عليه وسلم لا يخط ولا يقرأ كتابا فنزلت هذه الآية، وذكر النقاش في تفسير هذه الآية عن الشعبي أنه قال: ما مات النبي صلى الله عليه وسلم حتى كتب، وأسند أيضا حديثا لأبي كبشة السلولي، مضمنه أنه عليه الصلاة والسلام قرأ صحيفة لعيينة بن حصن، وأخبر بمعناها.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا كله ضعيف. وقول الباجي رحمه الله منه.
وقوله تعالى: {بل هو آيات بينات} إضراب عن مقدر من الكلام يقتضي ما تقدم، كأنه قال: "ليس الأمر كما حسبوا، بل هو ..."، وهذا الضمير يحتمل أن يعود على القرآن، ويؤيده أن في قراءة ابن مسعود: "بل هي آيات"، ويحتمل أن يعود على محمد -صلى الله عليه وسلم، ويؤيده قراءة من قرأ: "بل هو آية بينة" على الإفراد، وقال: المراد النبي صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أن يعود على أمر محمد صلى الله عليه وسلم أنه لم يتل ولا خط، وبكل احتمال قالت فرقة، وكون هذا كله آيات -أي علامات في صدور العلماء من المؤمنين في أمر محمد صلى الله عليه وسلم- يراد به مع النظر والاعتبار.
و "الظالمون" و"المبطلون" قيل: يعم لفظهما كل مكذب بمحمد صلى الله عليه وسلم، ولكن معظم الإشارة بهما إلى قريش لأنهم الأهم، قاله مجاهد. وقال قتادة: "المبطلون": اليهود).[المحرر الوجيز: 6/ 652-654]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين * أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون * قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا يعلم ما في السماوات والأرض والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون}
الضمير في "قالوا" لقريش ولبعض اليهود؛ لأنهم كانوا يعلمون قريشا مثل هذه الحجة: لم يأتكم بمثل ما جاء به موسى من العصا وغيرها. وقرأ ابن كثير، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم، وعلي بن نصر عن أبي عمرو: "آية من ربه"، وقرأ نافع، وابن عامر، وأبو عمرو، وحفص عن عاصم: "آيات"، فأمر الله تعالى نبيه عليه الصلاة والسلام أن يعلمهم أن هذا الأمر بيد الله تبارك وتعالى ولا يستنزله الاقتراح والتمني، وأنه بعث نذيرا، ولم يؤمر بغير ذلك. وفي مصحف أبي: "لو ما يأتينا بآيات من ربه قل إنما الآيات").[المحرر الوجيز: 6/ 654]

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (51) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم احتج عليهم في طلبهم آية بأمر القرآن الذي هو أعظم الآيات، ومعجز للجن والإنس، فقال: {أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب}، ثم قرر ما فيه من الرحمة والذكرى للمؤمنين، فقوله: {أولم يكفهم} جواب لمن قال: {لولا أنزل}.
وحكى الطبري أن هذه الآية نزلت بسبب قوم من المؤمنين أتوا النبي صلى الله عليه وسلم بكتب قد كتبوا فيها بعض ما يقول اليهود الذين أخبروهم بشيء من التوراة، فأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، قال: كفى بهذا ضلالة، قوم رغبوا عما أتاهم به نبيهم إلى ما أتى به غيره، ونزلت الآية بسببه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والتأويل الأول أجرى مع نسق الآيات). [المحرر الوجيز: 6/ 654]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (52) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) :(ثم أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالاستناد إلى أمر الله تبارك وتعالى، وأن يجعله حسبه شهيدا وحاكما بينه وبينهم بعلمه وتحصيله جميع أمورهم، وقوله: "بالباطل" يريد: بالأصنام والأوثان وما يتبع أمرها من المعتقدات، والباطل هو أن يفعل فعل يراد به أمر ما، وذلك الأمر لا يكون عن ذلك الفعل، والأصنام أريد بأمرها الأكمل والأنجح في زعم عبادها، وليس الأكمل والأرجح إلا رفضها، فهي إذا باطل، وباقي الآية بين). [المحرر الوجيز: 6/ 655]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 01:23 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 28 محرم 1440هـ/8-10-2018م, 01:28 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (46) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالّتي هي أحسن إلا الّذين ظلموا منهم وقولوا آمنّا بالّذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحدٌ ونحن له مسلمون (46)}.
قال قتادة وغير واحدٍ: هذه الآية منسوخةٌ بآية السّيف، ولم يبق معهم مجادلةٌ، وإنّما هو الإسلام أو الجزية أو السّيف.
وقال آخرون: بل هي باقيةٌ أو محكمةٌ لمن أراد الاستبصار منهم في الدّين، فيجادل بالّتي هي أحسن، ليكون أنجع فيه، كما قال تعالى: {ادع إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالّتي هي أحسن إنّ ربّك هو أعلم بمن ضلّ عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين} [النّحل: 125]، وقال تعالى لموسى وهارون حين بعثهما إلى فرعون: {فقولا له قولا ليّنًا لعلّه يتذكّر أو يخشى} [طه: 44]. وهذا القول اختاره ابن جريرٍ، وحكاه عن ابن زيدٍ.
وقوله: {إلا الّذين ظلموا منهم} أي: حادوا عن وجه الحقّ، وعموا عن واضح المحجّة، وعاندوا وكابروا، فحينئذٍ ينتقل من الجدال إلى الجلاد، ويقاتلون بما يردعهم ويمنعهم، قال اللّه تعالى: {لقد أرسلنا رسلنا بالبيّنات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم النّاس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأسٌ شديدٌ ومنافع للنّاس وليعلم اللّه من ينصره ورسله بالغيب إنّ اللّه قويٌّ عزيزٌ} [الحديد: 25].
قال جابرٌ: أمرنا من خالف كتاب اللّه أن نضربه بالسّيف.
قال مجاهدٌ: {إلا الّذين ظلموا منهم} يعني: أهل الحرب، ومن امتنع منهم عن أداء الجزية.
وقوله: {وقولوا آمنّا بالّذي أنزل إلينا وأنزل إليكم}، يعني: إذا أخبروا بما لا يعلم صدقه ولا كذبه، فهذا لا نقدم على تكذيبه لأنّه قد يكون حقًّا، ولا على تصديقه، فلعلّه أن يكون باطلا ولكن نؤمن به إيمانًا مجملًا معلّقًا على شرطٍ وهو أن يكون منزلًا لا مبدّلًا ولا مؤوّلًا.
وقال البخاريّ، رحمه اللّه: حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، حدّثنا عثمان بن عمر، أخبرنا عليّ بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه قال: كان أهل الكتاب يقرؤون التّوراة بالعبرانيّة، ويفسّرونها بالعربيّة لأهل الإسلام، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لا تصدّقوا أهل الكتاب ولا تكذّبوهم، وقولوا: آمنّا باللّه وما أنزل إلينا وما أنزل إليكم، وإلهنا وإلهكم واحدٌ، ونحن له مسلمون". وهذا الحديث تفرّد به البخاريّ.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عثمان بن عمر، أخبرنا يونس، عن الزّهريّ، أخبرني ابن أبي نملة أنّ أبا نملة الأنصاريّ أخبره، أنّه بينما هو جالسٌ عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، جاءه رجلٌ من اليهود، فقال: يا محمّد، هل تتكلّم هذه الجنازة؟ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "اللّه أعلم". قال اليهوديّ: أنا أشهد أنّها تتكلّم. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إذا حدّثكم أهل الكتاب فلا تصدّقوهم ولا تكذّبوهم، وقولوا: آمنّا باللّه ورسله وكتبه، فإن كان حقًّا لم تكذّبوهم، وإن كان باطلًا لم تصدّقوهم"
قلّت: وأبو نملة هذا هو: عمارة. وقيل: عمّارٌ. وقيل: عمرو بن معاذ بن زرارة الأنصاريّ، رضي اللّه عنه.
ثمّ ليعلم أنّ أكثر ما يحدّثون به غالبه كذبٌ وبهتانٌ؛ لأنّه قد دخله تحريفٌ وتبديلٌ وتغييرٌ وتأويلٌ، وما أقلّ الصّدق فيه، ثمّ ما أقلّ فائدة كثيرٍ منه لو كان صحيحًا.
قال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن بشّارٍ، حدّثنا أبو عاصمٍ، حدّثنا سفيان، عن سليمان بن عامرٍ، عن عمارة بن عميرٍ، عن حريث بن ظهيرٍ، عن عبد اللّه -هو ابن مسعودٍ -قال: لا تسألوا أهل الكتاب عن شيءٍ، فإنّهم لن يهدوكم وقد ضلّوا، إمّا أن تكذّبوا بحقٍّ أو تصدّقوا بباطلٍ، فإنّه ليس أحدٌ من أهل الكتاب إلّا وفي قلبه تاليةٌ، تدعوه إلى دينه كتالية المال.
وقال البخاريّ: حدّثنا موسى بن إسماعيل حدّثنا إبراهيم بن سعدٍ، أخبرنا ابن شهابٍ، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه، عن ابن عبّاسٍ قال: كيف تسألون أهل الكتاب عن شيءٍ، وكتابكم الّذي أنزل على رسوله صلّى اللّه عليه وسلم أحدث تقرؤونه محضًا لم يشب، وقد حدثكم أنّ أهل الكتاب بدّلوا كتاب اللّه، وغيّروه وكتبوا بأيديهم الكتاب، وقالوا: هو من عند اللّه، ليشتروا به ثمنًا قليلًا؟ ألا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم؟ لا واللّه ما رأينا منهم رجلًا يسألكم عن الّذي أنزل عليكم.
وقال البخاريّ: وقال أبو اليمان: أخبرنا شعيبٌ، عن الزّهريّ، أخبرني حميد بن عبد الرّحمن: أنّه سمع معاوية يحدّث رهطًا من قريشٍ بالمدينة -وذكر كعب الأحبار -فقال: إن كان من أصدق هؤلاء المحدّثين الّذين يحدّثون عن أهل الكتاب، وإن كنّا مع ذلك لنبلو عليه الكذب.
قلت: معناه أنّه يقع منه الكذب لغةً من غير قصدٍ؛ لأنّه يحدّث عن صحفٍ هو يحسن بها الظّنّ، وفيها أشياء موضوعةٌ ومكذوبةٌ؛ لأنّهم لم يكن في ملّتهم حفّاظٌ متقنون كهذه الأمّة العظيمة، ومع ذلك وقرب العهد وضعت أحاديث كثيرةٌ في هذه الأمّة، لا يعلمها إلّا اللّه ومن منحه اللّه علمًا بذلك، كلٌّ بحسبه، وللّه الحمد والمنّة). [تفسير ابن كثير: 6/ 283-285]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ (47) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وكذلك أنزلنا إليك الكتاب فالّذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به ومن هؤلاء من يؤمن به وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون (47) وما كنت تتلو من قبله من كتابٍ ولا تخطّه بيمينك إذًا لارتاب المبطلون (48) بل هو آياتٌ بيّناتٌ في صدور الّذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظّالمون (49)}.
قال ابن جريرٍ: يقول اللّه تعالى: كما أنزلنا الكتب على من قبلك -يا محمّد -من الرّسل، كذلك أنزلنا إليك هذا الكتاب.
وهذا الّذي قاله حسنٌ ومناسبةٌ وارتباطٌ جيّدٌ.
وقوله: {فالّذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به} أي: الّذين أخذوه فتلوه حقّ تلاوته من أحبارهم العلماء الأذكياء، كعبد اللّه بن سلامٍ، وسلمان الفارسيّ، وأشباههما.
وقوله: {ومن هؤلاء من يؤمن به}، يعني العرب من قريشٍ وغيرهم، {وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون}، أي: ما يكذّب بها ويجحد حقّها إلّا من يستر الحقّ بالباطل، ويغطّي ضوء الشّمس بالوصائل، وهيهات). [تفسير ابن كثير: 6/ 285]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48) بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ (49) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال تعالى: {وما كنت تتلو من قبله من كتابٍ ولا تخطّه بيمينك}، أي: قد لبثت في قومك -يا محمّد- ومن قبل أن تأتي بهذا القرآن عمرا لا تقرأ كتابًا ولا تحسن الكتابة، بل كلّ أحدٍ من قومك وغيرهم يعرف أنّك رجلٌ أمّيٌّ لا تقرأ ولا تكتب. وهكذا صفته في الكتب المتقدّمة، كما قال تعالى: {الّذين يتّبعون الرّسول النّبيّ الأمّيّ الّذي يجدونه مكتوبًا عندهم في التّوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر} الآية [الأعراف: 157]. وهكذا كان، صلوات اللّه وسلامه عليه [دائمًا أبدًا] إلى يوم القيامة، لا يحسن الكتابة ولا يخطّ سطرًا ولا حرفًا بيده، بل كان له كتّابٌ يكتبون بين يديه الوحي والرّسائل إلى الأقاليم. ومن زعم من متأخّري الفقهاء، كالقاضي أبي الوليد الباجيّ ومن تابعه أنّه عليه السّلام، كتب يوم الحديبية: "هذا ما قاضى عليه محمّد بن عبد اللّه" فإنّما حمله على ذلك روايةٌ في صحيح البخاريّ: "ثمّ أخذ فكتب": وهذه محمولةٌ على الرّواية الأخرى: "ثمّ أمر فكتب". ولهذا اشتدّ النّكير بين فقهاء المغرب والمشرق على من قال بقول الباجي، وتبرؤوا منه، وأنشدوا في ذلك أقوالًا وخطبوا به في محافلهم: وإنّما أراد الرّجل -أعني الباجيّ، فيما يظهر عنه -أنّه كتب ذلك على وجه المعجزة، لا أنّه كان يحسن الكتابة، كما قال، عليه الصّلاة والسّلام إخبارًا عن الدّجّال: "مكتوبٌ بين عينيه كافرٌ" وفي روايةٍ: "ك ف ر، يقرؤها كلّ مؤمنٍ"، وما أورده بعضهم من الحديث أنّه لم يمت، عليه السّلام حتّى تعلّم الكتابة، فضعيفٌ لا أصل له؛ قال اللّه تعالى: {وما كنت تتلو} أي: تقرأ {من قبله من كتابٍ} لتأكيد النّفي، {ولا تخطّه بيمينك} تأكيدٌ أيضًا، وخرج مخرج الغالب، كقوله تعالى: {ولا طائرٍ يطير بجناحيه} [الأنعام: 38].
وقوله: {إذًا لارتاب المبطلون} أي: لو كنت تحسنها لارتاب بعض الجهلة من النّاس فيقول: إنّما تعلّم هذا من كتب قبله مأثورةٍ عن الأنبياء، مع أنّهم قالوا ذلك مع علمهم بأنّه أمّيٌّ لا يحسن الكتابة: {وقالوا أساطير الأوّلين اكتتبها فهي تملى عليه بكرةً وأصيلا} [الفرقان: 5]،قال اللّه تعالى: {قل أنزله الّذي يعلم السّرّ في السّموات والأرض إنّه كان غفورًا رحيمًا} [الفرقان: 6]، وقال هاهنا: {بل هو آياتٌ بيّناتٌ في صدور الّذين أوتوا العلم} أي: [هذا] القرآن آياتٌ بيّنةٌ واضحةٌ في الدّلالة على الحقّ، أمرًا ونهيًا وخبرًا، يحفظه العلماء، يسّره اللّه عليهم حفظًا وتلاوةً وتفسيرًا، كما قال تعالى: {ولقد يسّرنا القرآن للذّكر فهل من مدّكرٍ} [القمر: 17]، وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ما من نبيٍّ إلّا وقد أعطي ما آمن على مثله البشر وإنّما كان الّذي أوتيته وحيًا أوحاه اللّه إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا".
وفي حديث عياض بن حمارٍ، في صحيح مسلمٍ: "يقول اللّه تعالى: إنّي مبتليك ومبتلٍ بك، ومنزلٌ عليك كتابًا لا يغسله الماء، تقرؤه نائمًا ويقظان". أي: لو غسل الماء المحلّ المكتوب فيه لما احتيج إلى ذلك المحلّ، كما جاء في الحديث الآخر: "لو كان القرآن في إهابٍ، ما أحرقته النّار"، لأنّه محفوظٌ في الصّدور، ميسّرٌ على الألسنة، مهيمنٌ على القلوب، معجزٌ لفظًا ومعنى؛ ولهذا جاء في الكتب المتقدّمة، في صفة هذه الأمّة: "أناجيلهم في صدورهم".
واختار ابن جريرٍ أنّ المعنى في قوله تعالى: {بل هو آياتٌ بيّناتٌ في صدور الّذين أوتوا العلم}، بل العلم بأنّك ما كنت تتلو من قبل هذا الكتاب كتابًا ولا تخطّه بيمينك، آياتٌ بيّناتٌ في صدور الّذين أوتوا العلم من أهل الكتاب. ونقله عن قتادة، وابن جريجٍ. وحكى الأوّل عن الحسن [البصريّ] فقط.
قلت: وهو الّذي رواه العوفيّ عن عبد اللّه بن عبّاسٍ، وقاله الضّحّاك، وهو الأظهر، واللّه أعلم.
وقوله: {وما يجحد بآياتنا إلا الظّالمون} أي: ما يكذّب بها ويبخس حقّها ويردّها إلّا الظّالمون، أي: المعتدون المكابرون، الّذين يعلمون الحقّ ويحيدون عنه، كما قال تعالى: {إنّ الّذين حقّت عليهم كلمة ربّك لا يؤمنون. ولو جاءتهم كلّ آيةٍ حتّى يروا العذاب الأليم} [يونس: 96، 97] ). [تفسير ابن كثير: 6/ 285-287]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وقالوا لولا أنزل عليه آياتٌ من ربّه قل إنّما الآيات عند اللّه وإنّما أنا نذيرٌ مبينٌ (50) أولم يكفهم أنّا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إنّ في ذلك لرحمةً وذكرى لقومٍ يؤمنون (51) قل كفى باللّه بيني وبينكم شهيدًا يعلم ما في السّموات والأرض والّذين آمنوا بالباطل وكفروا باللّه أولئك هم الخاسرون (52)}.
يقول تعالى مخبرًا عن المشركين في تعنّتهم وطلبهم آياتٍ -يعنون -ترشدهم إلى أنّ محمّدًا رسول اللّه كما جاء صالحٌ بناقته، قال اللّه تعالى: {قل} يا محمّد: {إنّما الآيات عند اللّه} أي: إنّما أمر ذلك إلى اللّه، فإنّه لو علم أنّكم تهتدون لأجابكم إلى سؤالكم؛ لأنّ ذلك سهلٌ عليه، يسيرٌ لديه، ولكنّه يعلم منكم أنّما قصدكم التّعنّت والامتحان، فلا يجيبكم إلى ذلك، كما قال تعالى: {وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذّب بها الأوّلون وآتينا ثمود النّاقة مبصرةً فظلموا بها} [الإسراء: 59].
وقوله: {وإنّما أنا نذيرٌ مبينٌ} أي: إنّما بعثت نذيرًا لكم بيّن النّذارة فعليّ أن أبلّغكم رسالة اللّه و {من يهد اللّه فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا} [الكهف: 17]، وقال تعالى: {ليس عليك هداهم ولكنّ اللّه يهدي من يشاء} [البقرة: 272]). [تفسير ابن كثير: 6/ 287]

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (51) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى مبيّنًا كثرة جهلهم، وسخافة عقلهم، حيث طلبوا آياتٍ تدلّهم على صدق محمّدٍ فيما جاءهم [به] -وقد جاءهم بالكتاب العزيز الّذي لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه تنزيلٌ من حكيمٍ حميدٍ، الّذي هو أعظم من كلّ معجزةٍ، إذ عجزت الفصحاء والبلغاء عن معارضته، بل عن معارضة عشر سورٍ من مثله، بل عن معارضة سورةٍ منه- فقال تعالى: {أولم يكفهم أنّا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم} أي: أولم يكفهم آيةً أنّا أنزلنا عليك هذا الكتاب العظيم، الّذي فيه خبر ما قبلهم، ونبأ ما بعدهم، وحكم ما بينهم، وأنت رجلٌ أمّيٌّ لا تقرأ ولا تكتب، ولم تخالط أحدًا من أهل الكتاب، فجئتهم بأخبار ما في الصّحف الأولى، ببيان الصّواب ممّا اختلفوا فيه، وبالحقّ الواضح البيّن الجليّ، كما قال تعالى: {أولم يكن لهم آيةً أن يعلمه علماء بني إسرائيل} [الشّعراء: 197]، وقال تعالى: {وقالوا لولا يأتينا بآيةٍ من ربّه أولم تأتهم بيّنة ما في الصّحف الأولى} [طه: 133].
وقال الإمام أحمد: حدّثنا حجّاجٌ، حدّثنا ليثٌ، حدّثني سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: "ما من الأنبياء من نبيٍّ إلّا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنّما كان الّذي أوتيته وحيًا أوحاه اللّه إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة". أخرجاه من حديث اللّيث.
وقال اللّه تعالى: {إنّ في ذلك لرحمةً وذكرى لقومٍ يؤمنون} أي: إنّ في هذا القرآن: {لرحمةً} أي: بيانًا للحقّ، وإزاحةً للباطل و {ذكرى} بما فيه حلول النّقمات ونزول العقاب بالمكذّبين والعاصين، {لرحمةً وذكرى لقومٍ يؤمنون}). [تفسير ابن كثير: 6/ 287-288]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (52) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال تعالى: قل: {كفى باللّه بيني وبينكم شهيدًا} أي: هو أعلم بما تفيضون فيه من التّكذيب، ويعلم ما أقول لكم من إخباري عنه، بأنّه أرسلني، فلو كنت كاذبًا عليه لانتقم منّي، كما قال تعالى: {ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل. لأخذنا منه باليمين. ثمّ لقطعنا منه الوتين. فما منكم من أحدٍ عنه حاجزين} [الحاقّة: 44-47]، وإنّما أنا صادقٌ عليه فيما أخبرتكم به، ولهذا أيّدني بالمعجزات الواضحات، والدّلائل القاطعات.
{يعلم ما في السّموات والأرض} [أي]: لا تخفى عليه خافيةٌ.
{والّذين آمنوا بالباطل وكفروا باللّه أولئك هم الخاسرون} أي: يوم معادهم سيجزيهم على ما فعلوا، ويقابلهم على ما صنعوا، من تكذيبهم بالحقّ واتّباعهم الباطل، كذّبوا برسل اللّه مع قيام الأدلّة على صدقهم، وآمنوا بالطّواغيت والأوثان بلا دليلٍ، سيجازيهم على ذلك، إنه حكيم عليم). [تفسير ابن كثير: 6/ 288]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:17 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة