العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة يونس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 جمادى الأولى 1434هـ/21-03-2013م, 03:19 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي تفسير سورة يونس [ من الآية (90) إلى الآية (92) ]

تفسير سورة يونس
[ من الآية (90) إلى الآية (92) ]

بسم الله الرحمن الرحيم
{ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92) }


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10 جمادى الأولى 1434هـ/21-03-2013م, 03:20 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر قال أخبرني من سمع ميمون بن مهران يقول لما قال فرعون آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل أخذ جبريل حمأة البحر فضرب بها فاه مخافة أن تركه رحمة الله تعالى). [تفسير عبد الرزاق: 1/297]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا حسين بن عليٍّ، عن جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران، قال: قال: سمعت الضّحّاك بن قيسٍ يقول: اذكروا اللّه في الرّخاء يذكركم في الشّدّة، فإنّ يونس كان عبدًا صالحًا ذاكرًا للّه، فلمّا وقع في بطن الحوت، قال اللّه: {فلولا أنّه كان من المسبّحين * للبث في بطنه إلى يوم يبعثون} وإنّ فرعون كان عبدًا طاغيًا ناسيًا لذكر الله، فلمّا أدركه {الغرق قال آمنت أنّه لا إله إلاّ الّذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين * الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين}). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 247-248]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (فاتّبعهم: «وأتبعهم واحدٌ» ، {عدوًا} [البقرة: 97] : «من العدوان»). [صحيح البخاري: 6/72]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله فاتّبعهم وأتبعهم واحدٌ يعني بهمزة القطع والتّشديد وبالثّاني قرأ الحسن وقال أبو عبيدة فأتبعهم مثل تبعهم بمعنًى واحدٍ وهو كردفته وأردفته بمعنًى وعن الأصمعيّ المهموز بمعنى أدرك وغير المهموز بمعنى مضى وراءه أدركه أو لم يدركه وقيل اتّبعه بالتّشديد في الأمر اقتدى به وأتبعه بالهمز تلاه قوله عدوًا من العدوان هو قول أبي عبيدة أيضًا وهو وما قبله نعتان منصوبان على أنّهما مصدران أو على الحال أي باغين متعدّين ويجوز أن يكونا مفعولين أي لأجل البغي والعدوان وقرأ الحسن بتشديد الواو وضم أوله). [فتح الباري: 8/347]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (فاتّبعهم واتبعهم واحدٌ
أشار به إلى قوله تعالى: {وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فاتبعهم فرعون وجنوده} وأشار بهذا إلى أن: اتبعهم، بكسر الهمزة وتشديد التّاء من الاتّباع بتشديد التّاء، وأن أتبعهم بفتح الهمزة وسكون التّاء من الإتباع بسكون التّاء واحد في المعنى والوصل والقطع، قال الزّمخشريّ: معناه لحقهم، وقيل: بالتّشديد في الأمر: اقتدى به، وأتبعه بالهمزة: تلاه، وقال الأصمعي: الأول: أدركه ولحقه، والثّاني: اتبع أثره وأدركه، وكذا قاله أبو زيد، وبالثّاني قرأ الحسن.
عدواً من العدوان
أشار به إلى قوله: {فاتبعهم فرعون وجنوده بغياً وعدواً} وفسره بقوله: عدوانًا، وكذا فسره أبو عبيدة، وبغياً وعدواً منصوبان على المصدرية أو على الحال أو على التّعليل أي: لأجل البغي والعدوان، وقرأ الحسن: عدوا، بضم العين وتشديد يد الواو). [عمدة القاري: 18/284]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({فأتبعهم}) بتشديد المثناة الفوقية (وأتبعهم) بفتح الهمزة وسكون الفوقية (واحد) في المعنى والوصل والقطع والتخفيف والتشديد وبه قرأ الحسن يريد قوله تعالى: {فأتبعهم فرعون وجنوده} [يونس: 90].
({عدوًّا}) [يونس: 90] يريد قوله تعالى: بغيًا وعدوًّا (من العدوان) أي لأجل البغي والعدوان). [إرشاد الساري: 7/165]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب {وجاوزنا ببني إسرائيل البحر، فأتبعهم فرعون وجنوده بغيًا وعدوًا، حتّى إذا أدركه الغرق قال: آمنت أنّه لا إله إلّا الّذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين} [يونس: 90]
{ننجّيك} [يونس: 92] : " نلقيك على نجوةٍ من الأرض، وهو النّشز: المكان المرتفع "
- حدّثني محمّد بن بشّارٍ، حدّثنا غندرٌ، حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: قدم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم المدينة واليهود تصوم عاشوراء، فقالوا: هذا يومٌ ظهر فيه موسى على فرعون، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لأصحابه: «أنتم أحقّ بموسى منهم فصوموا»). [صحيح البخاري: 6/72]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب وجاوزنا ببني إسرائيل البحر)
سقط للأكثر باب وساقوا الآية إلى من المسلمين). [فتح الباري: 8/347]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (ثمّ ذكر المصنّف حديث بن عبّاسٍ في صيام عاشوراء وقد تقدّم شرحه في الصّيام ومناسبته للتّرجمة قوله في بعض طرقه ذاك يوم نجى الله فيه موسى وأغرق فرعون). [فتح الباري: 8/347]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (بابٌ: {جاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا حتّى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنّه لا إله إلاّ الّذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين} (يونس: 90)

أي: هذا باب في قوله تعالى: {وجاوزنا} الآية. وليس عند أكثر الرواة لفظ باب: وكلهم ساقوا هذه الآية إلى قوله: من المسلمين. قوله: (وجاوزنا) ، أي: قطعنا بهم البحر، وقرئ: وجوزنا. والبحر هو القلزم بضم القاف وهو بين مصر ومكّة، وحكى ابن السّمعانيّ بفتح القاف وكنيته أبو خالد، وفي (المشترك) القلزم بليدة بساحل بحر اليمن من جهة مصر ومن أعمال مصر ينسب البحر إليها، فيقال: بحر القلزم، وبالقرب منها غرق فرعون، واسم فرعون هذا الوليد بن مصعب بن الريان أبو مرّة، وقال الثّعلبيّ: أبو العبّاس من بني عمليق بن لاوذ بن أرم بن سام بن نوح عليه السّلام. وذكر عبد الرّحمن عن عمه أبي زرعة. حدثنا عمرو بن حمّاد حدثنا أسباط عن السّديّ. قال: خرج موسى عليه السّلام، في ستّمائة ألف وعشرين ألف مقاتل لا يعدون فيهم ابن عشر سنين لصغره ولا ابن ستّين لكبره. قوله: (فاتبعهم) ، يعني: فلحقهم، يقال: تبعته حتّى اتبعته، وتبعهم فرعون وعلى مقدمته هامان في ألف ألف وستمائة ألف، وفيهم مائة ألف حصان أدهم ليس فيها أنثي، وقال ابن مردويه بإسناده عن ابن عبّاس مرفوعا. كان مع فرعون سبعون قائدا. مع كل قائد سبعون ألفا. قوله: (بغيا وعدوا) ، منصوبان على الحال. قوله: (حتّى إذا أدركه الغرق) ، أي: حتّى إذا أدرك فرعون الغرق، وكان يوم عاشوراء. قوله: (قال آمنت إلى آخره) ، كرر الإيمان ثلاث مرّات حرصا على القبول فلم ينفعه ذلك لأنّه كان في حالة الاضطرار، ولو كان قالها مرّة واحدة في حالة الاختيار لقبل ذلك منه). [عمدة القاري: 18/285-286]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب {وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيًا وعدوًا حتّى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنّه لا إله إلاّ الّذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين} [يونس: 90]
{ننجّيك} [يونس: 92]: نلقيك على نجوةٍ من الأرض وهو النّشز المكان المرتفع
({وجاوزنا}) وفي نسخة: باب وجاوزنا ({ببني إسرائيل البحر}) بحر القلزم حافظين لهم وكانوا فيما قيل ستمائة ألف وعشرين ألف مقاتل لا يعدون فيهم ابن عشر سنين لصغره ولا ابن
ستين لكبره ({فأتبعهم}) أي أدركهم ({فرعون وجنوده بغيًا وعدوًّا}) عند شروق الشمس وكانوا فيما قيل ألف ألف وستمائة ألف وفيهم مائة ألف حصان أدهم ليس فيها أنثى.
وعن ابن عباس فيما رواه ابن مردويه بسنده كان مع فرعون سبعون قائدًا مع كل قائد سبعون ألفًا وكان فرعون في الدهم وهارون على مقدمة بني إسرائيل وموسى في الساقة فلما قربت مقدمة فرعون منهم قال بنو إسرائيل لموسى: هذا البحر أمامنا إن دخلناه غرقنا وفرعون خلفنا إن أدركنا قتلنا قال: {كلا إن معي ربي سيهدين} فأوحى الله إليه {أن اضرب بعصاك البحر} فضربه {فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم} وصار اثني عشر طريقًا لكل سبط واحد، وأمر الله الريح فنشفت أرضه وتخرق الماء بين الطرق كهيئة الشبابيك ليرى كل قوم الآخرين لئلا يظنوا أنهم هلكوا وجاوزت بنو إسرائيل البحر، فلما خرج آخرهم منه انتهى فرعون وجنوده إلى حافته من الناحية الأخرى فلما رأى ذلك هاله وأحجم وهاب وهمّ بالرجوع وهيهات ولات حين مناص نفذ القدر واستجيبت الدعوة وجاء جبريل على فرس أنثى وخاض البحر فلما شم أدهم فرعون ريح فرس جبريل اقتحم وراءه ولم يملك فرعون من أمره شيئًا واقتحمت الخيول خلفه في البحر وميكائيل في ساقتهم يسوقهم ولا يترك أحدًا منهم إلا ألحقه بهم فلما تكاملوا وهمّ أوّلهم بالخروج منه أمر الله القادر القاهر البحر فانطبق عليهم فلم ينج منهم أحد وجعلت الأمواج ترفعهم وتخفضهم وتراكمت الأمواج فوق فرعون ({حتى إذا أدركه الغرق}) وغشيته سكرات الموت ({قال}) وهو كذلك حين لا ينفع نفسًا إيمانها ({آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين}) [يونس: 90] وما علم اللعين أن التوبة عند المعاينة غير نافعة فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا ولذا قال الله تعالى في جواب فرعون {الآن} أي أتؤمن وقت الاضطرار {وقد عصيت قبل} [يونس: 90].
وفي حديث ابن عباس عند أحمد وغيره مرفوعًا: لما قال فرعون {آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل} قال لي جبريل: لو رأيتني وقد أخذت من حال البحر فدسته في فيه مخافة أن تناله الرحمة. ورواه الترمذي وقال حسن وحال البحر هو طينه الأسود، والمعنى لو رأيتني لرأيت أمرًا عجيبًا يبهت الواصف عن كنهه، فإني لما شاهدت تلك الحالة بهت غضبًا على عدوًا الله لادعائه تلك العظمة فعمدت إلى حال البحر فأدسه في فيه مخافة أن تدركه الرحمة لسعتها، والحاصل أنه إنما فعل ذلك غضبًا لله وعلمًا منه أنه لا ينفعه الإيمان لا أنه كره إيمانه لأن كراهة الإيمان من الكافر كفر، لكن قال أبو منصور الماتريدي في التأويلات: الرضا بالكفر ليس بكفر مطلقًا إنما يكون كذلك إذا رضي بكفر نفسه لا بكفر غيره، ويؤيده قصة ابن أبي سرح المروية في سنن أبي داود والنسائي لما جاء يوم الفتح بين يدي النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- وطلب المبايعة ثلاث مرات وكل ذلك يأبى ثم بايعه ثم أقبل على أصحابه فقال: أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حين رآني كففت عن بيعته فيقتله الحديث.
وقيل إنما قصد فرعون بقوله الخلاص أو لأنه كان لمجرد التعليق كما قال: آمنت به بنو إسرائيل فكأنه قال لا أعرفه فكيف يزول كفره بهذا التقليد، وقد روي أن جبريل استفتاه ما قولك في عبد لرجل نشأ في ماله ونعمته وجحد حقه وادعى السيادة دونه، فكتب يقول الوليد بن مصعب جزاء العبد الخارج على سيده الكافر نعماه أن يغرق في البحر فلما ألجمه الغرق ناوله جبريل خطه فعرفه، وسقط لأبي ذر {فأتبعهم} الخ وقال إلى قوله: {وأنا من المسلمين}). [إرشاد الساري: 7/165-166]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (حدّثني محمّد بن بشّارٍ، حدّثنا غندرٌ، حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ -رضي الله عنهما- قال: قدم النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- المدينة واليهود تصوم عاشوراء فقالوا: هذا يومٌ ظهر فيه موسى على فرعون فقال النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- لأصحابه: «أنتم أحقّ بموسى منهم فصوموا».
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (محمد بن بشار) بالموحدة والمعجمة المشددة بندار العبدي البصري قال: (حدّثنا غندر) محمد بن جعفر البصري قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن أبي بشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة جعفر بن أبي وحشية واسمه إياس اليشكري البصري (عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما) أنه (قال: قدم النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- المدينة) فأقام بها إلى عاشوراء من السنة الثانية (و) إذا (اليهود تصوم عاشوراء) فسألهم (فقالوا: هذا يوم ظهر فيه موسى على فرعون) وفي رواية فقال لهم: ما هذا اليوم الذي تصومونه؟ قالوا: هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وأغرق فيه فرعون وقومه فصامه موسى شكرًا فنحن نصومه (فقال النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- لأصحابه: أنتم أحق بموسى منهم فصوموا).
ومطابقته للترجمة في رواية أنجى الله فيه موسى وأغرق فيه فرعون وقومه كما لا يخفى، وسبق حديث الباب في الصيام بنحوه). [إرشاد الساري: 7/166-167]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا عبد بن حميدٍ، قال: حدّثنا الحجّاج بن منهالٍ، قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن عليّ بن زيدٍ، عن يوسف بن مهران، عن ابن عبّاسٍ، أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: لمّا أغرق اللّه فرعون قال: {آمنت أنّه لا إله إلاّ الّذي آمنت به بنو إسرائيل} فقال جبريل: يا محمّد فلو رأيتني وأنا آخذ من حال البحر فأدسّه في فيه مخافة أن تدركه الرّحمة.
هذا حديثٌ حسنٌ). [سنن الترمذي: 5/138]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى الصّنعانيّ، قال: حدّثنا خالد بن الحارث، قال: أخبرنا شعبة قال: أخبرني عديّ بن ثابتٍ، وعطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، ذكر أحدهما، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه ذكر أنّ جبريل جعل يدسّ في في فرعون الطّين خشية أن يقول: لا إله إلاّ اللّه، فيرحمه اللّه، أو خشية أن يرحمه اللّه.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ من هذا الوجه). [سنن الترمذي: 5/139]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {وجاوزنا ببني إسرائيل البحر}
- أخبرنا زياد بن أيّوب، حدّثنا هشيمٌ، حدّثنا أبو بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: لمّا قدم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم المدينة وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، فسئلوا عن ذلك فقالوا: هذا اليوم الّذي أظهر الله فيه موسى وبني إسرائيل على فرعون، ونحن نصومه تعظيمًا له، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «نحن أولى بموسى منكم، وأمر بصيامه»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/125]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {حتّى إذا أدركه الغرق قال آمنت}
- أخبرنا محمّد بن المثنّى، حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، حدّثنا شعبة، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، وعن عديّ بن ثابتٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، رفعه أحدهما إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: " إنّ جبريل كان يدسّ في فم فرعون الطّين مخافة أن يقول: لا إله إلّا الله "). [السنن الكبرى للنسائي: 10/125]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيًا وعدوًا حتّى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنّه لا إله إلاّ الّذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين}.
يقول تعالى ذكره: وقطعنا ببني إسرائيل البحر حتّى جاوزوه. {فأتبعهم فرعون} يقول: فتبعهم فرعون {وجنوده} يقال منه: اتّبعته وتبعته بمعنى واحدٍ.
وقد كان الكسائيّ فيما ذكر أبو عبيدٍ عنه يقول: إذا أريد أنّه أتبعهم خيرًا أو شرًّا فالكلام أتبعهم بهمز الألف، وإذا أريد اتّبع أثرهم أو اقتدى بهم فإنّه من اتّبعت مشدّدة التّاي غير مهموزة الألف.
{بغيًا} على موسى وهارون ومن معهما من قومهما من بني إسرائيل {وعدوًا}. يقول: واعتداءً عليهم.
وهو مصدرٌ من قولهم: عدا فلانٌ على فلانٍ في الظّلم يعدو عليه عدوًا، مثل غزا يغزو غزوًا.
وقد روي عن بعضهم أنّه كان يقرأ: بغيًا وعدوًا وهو أيضًا مصدرٌ من قولهم: عدا يعدو عدوًا، مثل علا يعلو علوًّا.
{حتّى إذا أدركه الغرق} يقول: حتّى إذا أحاط به الغرق. وفي الكلام متروكٌ قد ترك ذكره بدلالة ما ظهر من الكلام عليه وذلك: فأتبعهم فرعون وجنوده بغيًا وعدوًا فيه، فغرّقناه حتّى إذا أدركه الغرق.
وقوله: {قال آمنت أنّه لا إله إلاّ الّذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين} يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل فرعون حين أشرف على الغرق وأيقن بالهلكة: {آمنت} يقول: أقررت، {أنّه لا إله إلاّ الّذي آمنت به بنو إسرائيل}.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأ بعضهم وهو قراءة عامّة المدينة والبصرة: أنّه بفتح الألف من أنّه على إعمال آمنت فيها ونصبها به.
وقرأ آخرون: آمنت إنّه بكسر الألف من أنّه على ابتداء الخبر، وهي قراءة عامّة الكوفيّين.
والقول في ذلك عندي أنّهما قراءتان متقاربتا المعنى، وبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثنا موسى بن عبيدة، عن محمّد بن كعبٍ، عن عبد اللّه بن شدّادٍ، قال: اجتمع يعقوب وبنوه إلى يوسف، وهم اثنان وسبعون، وخرجوا مع موسى من مصر حين خرجوا وهم ستمائة ألفٍ، فلمّا أدركهم فرعون فرأوه، قالوا: يا موسى أين المخرج؟ فقد أدركنا قد كنّا نلقى من فرعون البلاء؟ فأوحى اللّه إلى موسى: {أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كلّ فرقٍ كالطّود العظيم} ويبس لهم البحر، وكشف اللّه عن وجه الأرض، وخرج فرعون على فرسٍ حصانٍ أدهم على لونه من الدّهم ثمان مائة ألفٍ سوى ألوانها من الدّوابّ، وكانت تحت جبريل عليه السّلام فرسٌ وديقٌ ليس فيها أنثى غيرها. وميكائيل يسوقهم، لا يشذ رجلٌ منهم إلاّ ضمّه إلى النّاس. فلمّا خرج آخر بني إسرائيل دنا منه جبريل ولصق به، فوجد الحصان ريح الأنثى، فلم يملك فرعون من أمره شيئًا، وقال: أقدموا فليس القوم أحقّ بالبحر منكم ثمّ أتبعهم فرعون حتّى إذا همّ أوّلهم أن يخرجوا ارتطم ونادى فيها: {آمنت أنّه لا إله إلاّ الّذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين} ونودي: {آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين}.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، وعن عديّ بن ثابتٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: يرفعه أحدهما إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: إنّ جبرائيل كان يدسّ في فم فرعون الطّين مخافة أن يقول لا إله إلاّ اللّه.
- حدّثني الحسين بن عمرو بن محمّدٍ العنقزيّ، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا شعبة، عن عطاء بن السّائب، وعن عديّ بن ثابتٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: جعل جبرائيل عليه السّلام يدسّ أو يحشو في فم فرعون الطّين مخافة أن تدركه الرّحمة.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عنبسة، عن كثير بن زاذان، عن أبي حازمٍ، عن أبي هريرة، قال: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: قال لي جبرائيل: يا محمّد لو رأيتني وأنا أغطّه وأدسّ من حمئه في فيه مخافة أن تدركه رحمة اللّه فيغفر له يعني فرعون.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا حجّاجٌ، قال: حدّثنا حمّادٌ، عن عليّ بن زيدٍ، عن يوسف بن مهران، عن ابن عبّاسٍ، أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: لمّا أغرق اللّه فرعون قال: آمنت أنّه لا إله إلاّ الّذي آمنت به بنو إسرائيل، فقال جبرائيل: يا محمّد لو رأيتني وأنا آخذٌ من حال البحر وأدسّه في فيه مخافة أن تدركه الرّحمة.
- حدّثني المثنّى، قال: ثني عمرٌو بن حكّامٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: لمّا قال فرعون لا إله إلاّ اللّه، جعل جبرائيل يحشو في فيه الطّين والتّراب.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، قال: أخبرني من، سمع ميمون بن مهران، يقول في قوله: {آمنت أنّه لا إله إلاّ الّذي آمنت به بنو إسرائيل} قال: أخذ جبرائيل من حمأة البحر فضرب بها فاه أو قال: ملأ بها فاه مخافة أن تدركه رحمة اللّه.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا الحسين بن عليٍّ، عن جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران، قال: خطب الضّحّاك بن قيسٍ، فحمد اللّه وأثنى عليه، ثمّ قال: إنّ فرعون كان عبدًا طاغيًا ناسيًا لذكر اللّه، فلمّا أدركه الغرق {قال آمنت أنّه لا إله إلاّ الّذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين} قال اللّه: {الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين}.
- قال: حدّثني أبي، عن شعبة، عن عديّ بن ثابتٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: أنّ فرعون، لمّا أدركه الغرق جعل جبرائيل يحثو في فيه التّراب خشية أن يغفر له.
- قال: حدّثنا محمّد بن عبيدٍ، عن عيسى بن المغيرة، عن إبراهيم التّيميّ: أنّ جبرائيل، عليه السّلام قال: ما خشيت على أحدٍ من بني آدم الرّحمة إلاّ فرعون، فإنّه حين قال ما قال خشيت أن تصل إلى الرّبّ فيرحمه، فأخذت من حمأة البحر وزبده فضربت به عينيه ووجهه.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: أخبرنا أبو خالدٍ الأحمر، عن عمر بن يعلى، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: قال جبرائيل عليه السّلام: لقد حشوت فاه الحمأة مخافة أن تدركه الرّحمة). [جامع البيان: 12/273-278]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيًا وعدوًا حتّى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنّه لا إله إلّا الّذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين (90)
قوله تعالى: وجاوزنا ببني إسرائيل البحر
- حدّثنا عمّار بن خالدٍ، ثنا محمّد بن الحسن، ويزيد بن هارون، واللّفظ لمحمّد بن الحسن عن أصبغ بن زيدٍ الورّاق عن القسم بن أبي أيّوب حدّثني سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ، قال: فدفع إلى البحر وله قصّةٌ مخافة أن يضربه موسى بعصاه وهو غافلٌ فيصير عاصيًا له فلمّا رأى الجمعان وتقاربا قال قوم موسى: إنّا لمدركون افعل ما أمرك به ربّك فإنّك لم تكذّب، قال: وعدني إذا انتهيت إلى البحر أن يفرّق لي حتّى أجاوزه ثمّ ذكر بعد ذلك العصا فضرب البحر كما أمره اللّه وكما وعد موسى فلمّا جاز أصحاب موسى كلّهم دخل أصحاب فرعون كلّهم فالتقى البحر عليهم كما أمر.
قوله تعالى: البحر
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد اللّه بن يونس، ثنا طلحة، بن زينٍ، عن خالد بن معدان عن عبد اللّه بن عمر وقال: بلغني أنّ البحر رقّ بيد ما كان يغفل عنها الملك لطم على الأرض.
قوله تعالى: فأتبعهم فرعون وجنوده
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: وخرج موسى في ستّمائة ألفٍ وعشرين ألف لا يعدّون لصغره ولا ابن ستّين لكبره وإنّما عدّوا فيما بين ذلك سوى الذّرّيّة، وتبعهم فرعون على مقدّمته هامان في ألف ألفٍ وسبعمائة ألف حصانٍ ليس فيها ماذيانة.
قوله عز وجل: بغيًا وعدوًا
- حدّثنا أبي، ثنا يعقوب بن إبراهيم الدّورقيّ، ثنا عليّ بن الحسن بن شقيقٍ، ثنا الحسن بن واقدٍ عن يزيد النّحويّ عن عكرمة في قوله: فأتبعهم فرعون وجنوده بغيًا وعدوًا قال: العدو والعلو والعتو في كتاب اللّه تجبّرٌ.
قوله تعالى: حتّى إذا أدركه الغرق
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن عيسى، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق عن محمّد بن كعبٍ عن عبد اللّه بن شدّادٍ، قال: حدّثت أنّه لمّا دخل بنو إسرائيل فلم يبق منهم أحد قبل فرعون وهو على حصانٍ له من الخيل حتّى وقف على شفير البحر وهو قائمٌ على حاله فهاب الحصان أن يتقدّم فعرض له جبريل على فرس أنثى وريق ففرّ بها منه فشمّها الفحل، فلمّا شمّها قدمها فتقدّم معها الحصان عليه فرعون فلمّا رأى جند فرعون قد دخل دخلوا معه قال وجبريل أمامه يتبعه فرعون وميكائيل على فرسٍ من خلف القوم يشحذهم على فرسه، ذاك يقول: الحقوا بصاحبكم حتّى إذا فصل جبريل من البحر ليس أمامه أحدٌ وقف ميكائيل على النّاحية الأخرى ليس خلفه أحدٌ أطبق عليهم البحر.
- حدّثنا عليّ بن الحسين الهسنجانيّ، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد بن بشيرٍ عن قتادة، قوله: حتّى إذا أدركه الغرق قال: ما وجد عدوّ اللّه طعم الموت وأخذ بذنبه.
قوله تعالى: قال آمنت أنّه لا إله إلّا الّذي آمنت به بنوا إسرائيل وأنا من المسلمين
- حدّثنا أبي، ثنا أبو سلمة، ثنا حمّادٌ بن سلمة، عن عليّ بن زيدٍ، عن يوسف بن مهران، عن ابن عبّاسٍ أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال لمّا أغرق اللّه آل فرعون قال: آمنت أنّه لا إله إلا الّذي آمنت به بنوا إسرائيل قال جبريل يا محمّد لو رأيتني وأنا آخذٌ من حال البحر فأدسّه في في فرعون مخافة أن تدركه الرّحمة.
- حدّثنا يونس بن حبيبٍ، ثنا أبو داود، ثنا شعبة، عن عديّ بن ثابتٍ، وعطاء بن السّائب عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال لي جبريل لو رأيتني وأنا آخذٌ من حال البحر فأدسّه في فرعون مخافة أن تدركه الرّحمة.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو خالدٍ الأحمر، عن عمر بن عبد اللّه الثّقفيّ، عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ قال لمّا أغرق اللّه فرعون أشار بإصبعه ورفع صوته، آمنت أنّه لا إله إلا الّذي آمنت به بنوا إسرائيل قال: فخاف جبريل عليه السّلام أن يسبق رحمة اللّه فيه غضبه فجعل يأخذ الحال بجناحيه فيضرب به وجهه فيرفسه). [تفسير القرآن العظيم: 6/1982]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو العبّاس محمّد بن أحمد المحبوبيّ، ثنا سعيد بن مسعودٍ، ثنا النّضر بن شميلٍ، أنبأ شعبة، عن عديّ بن ثابتٍ، قال: سمعت سعيد بن جبيرٍ، يحدّث، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، عن رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قال: " جعل جبريل يدسّ الطّين في في فرعون مخافة أن يقول: لا إله إلّا اللّه «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه» إلّا أنّ أكثر أصحاب شعبة أوقفوه على ابن عبّاسٍ "). [المستدرك: 2/370]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما -: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لمّا أغرق الله فرعون، قال: {آمنت أنه لا إله إلّا الذي آمنت به بنو إسرائيل} [يونس: 90] » قال جبريل: يا محمّد، فلو رأيتني وأنا آخذ من حال البحر فأدسّه في فيه، مخافة أن تدركه الرّحمة.
وفي رواية: أنه ذكر أنّ جبريل جعل يدسّ في في فرعون الطين خشية أن يقول: لا إله إلا الله، فيرحمه الله، أو خشية أن يرحمه. أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
(حال البحر) الطين الأسود الذي يكون في أرضه). [جامع الأصول: 2/192-193]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {آمنت أنّه لا إله إلّا الّذي آمنت به بنو إسرائيل} [يونس: 90].
- عن أبي هريرة «، عن النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - قال: " قال لي جبريل - عليه السّلام - ما كان على وجه الأرض شيءٌ أبغض إليّ من فرعون، فلمّا آمن جعلت أحشو فاه حمأةً خشية أن تدركه الرّحمة» ".
رواه الطّبرانيّ في الأوسط، وفيه قيس بن الرّبيع، وثّقه شعبة والثّوريّ، وضعّفه جماعةٌ.
- وعن أبي بكرٍ الصّدّيق قال: أخبرت أنّ فرعون كان أثرم.
رواه الطّبرانيّ في الأوسط وفيه نعيم بن يحيى، ولم أعرفه). [مجمع الزوائد: 7/36-37]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (أخبرنا عمر بن محمّدٍ الهمدانيّ حدّثنا محمّد بن بشار حدثنا محمّد بن جعفر حدّثنا شعبة عن عديّ بن ثابتٍ وعطاء بن السّائب عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ رفعه أحدهما أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "إنّ جبريل كان يدسّ في فم فرعون الطّين مخافة أن يقول لا إله إلا الله"). [موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان: 1/431-432]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 90 - 91.
أخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال: العدو والعلو والعتو في كتاب الله تجبر.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما خرج آخر أصحاب موسى ودخل آخر أصحاب فرعون أوحي إلى البحر أن أطبق عليهم فخرجت أصبع فرعون بلا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل، قال جبريل عليه السلام: فعرفت أن الرب رحيم وخفت أن تدركه الرحمة فدمسته بجناحي وقلت {آلآن وقد عصيت قبل} فلما خرج موسى وأصحابه قال: من تخلف في المدائن من قوم فرعون ما غرق فرعون ولا أصحابه ولكنهم في جزائر البحر يتصيدون فأوحي إلى البحر أن الفظ فرعون عريانا فلفظه عريانا أصلع أخنس قصيرا فهو قوله {فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية} لمن قال: إن فرعون لم يغرق وكانت نجاته عبرة لم تكن نجاة عافية ثم أوحي إلى البحر أن الفظ ما فيك فلفظهم على الساحل وكان البحر لا يلفظ غريقا يبقى في بطنه حتى يأكله السمك فليس يقبل البحر غريقا إلى يوم القيامة.
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أغرق الله عز وجل فرعون {قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل} قال لي جبريل: يا محمد لو رأيتني وأنا آخذ من حال البحر فأدسه في فيه مخافة أن تدركه الرحمة.
وأخرج الطيالسي والترمذي وصححه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن حبان وأبو الشيخ والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي جبريل: لو رأيتني وأنا آخذ من حال البحر فأدسه في في فرعون مخافة أن تدركه الرحمة.
وأخرج ابن مردويه عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن جبريل عليه السلام قال: لو رأيتني وأنا آخذ من حال البحر فأدسه في فيه حتى لا يتابع الدعاء لما أعلم من فضل رحمة الله.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال قال لي جبريل: ما كان على الأرض شيء أبغض إلي من فرعون فلما آمن جعلت أحشو فاه حمأة وأنا أغطه خشية أن تدركه الرحمة.
وأخرج ابن جرير والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي جبريل: يا محمد لو رأيتني وأنا أغط فرعون بإحدى يدي وأدس من الحال في فيه مخافة أن تدركه الرحمة فيغفر له.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال لي جبريل: ما غضب ربك على أحد غضبه على فرعون إذ قال (ما علمت لكم من إله غيري) (القصص الآية 38) (وإذ قال أنا ربكم الأعلى) (النازعات الآية 24) فلما أدركه الغرق استغاث وأقبلت أحشو فاه مخافة أن تدركه الرحمة.
أخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: كانت عمامة جبريل عليه السلام يوم غرق فرعون سوداء). [الدر المنثور: 7/696-699]

تفسير قوله تعالى: (آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) )
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا حسين بن عليٍّ، عن جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران، قال: قال: سمعت الضّحّاك بن قيسٍ يقول: اذكروا اللّه في الرّخاء يذكركم في الشّدّة، فإنّ يونس كان عبدًا صالحًا ذاكرًا للّه، فلمّا وقع في بطن الحوت، قال اللّه: {فلولا أنّه كان من المسبّحين * للبث في بطنه إلى يوم يبعثون} وإنّ فرعون كان عبدًا طاغيًا ناسيًا لذكر الله، فلمّا أدركه {الغرق قال آمنت أنّه لا إله إلاّ الّذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين * الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين}). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 247-248](م)

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين}.
يقول تعالى ذكره معرّفًا فرعون قبح صنيعه أيّام حياته وإساءته إلى نفسه أيّام صحّته، بتماديه في طغيانه ومعصيته ربّه حين فزع إليه في حال حلول سخطه به ونزول عقابه به، مستجيرًا به من عذابه الواقع به لمّا ناداه وقد علته أمواج البحر وغشيته كرب الموت: {آمنت أنّه لا إله إلاّ الّذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين} له، المنقادين بالذّلّة له، المعترفين بالعبوديّة: الآن تقرّ للّه بالعبوديّة، وتستسلم له بالذّلّة، وتخلص له الألوهة، وقد عصيته قبل نزول نقمته بك فأسخطته على نفسك وكنت من المفسدين في الأرض الصّادّين عن سبيله؟ فهلاّ وأنت في مهلٍ، وباب التّوبة لك منفتحٌ أقررت بما أنت به الآن مقرٌّ). [جامع البيان: 12/278-279]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين (91)
قوله تعالى: الآن وقد عصيت قبل الآية
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن عمران بن أبي ليلى، ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: فلمّا خرج آخر أصحاب موسى ودخل آخر أصحاب فرعون أوحي إلى البحر أن اطبق عليهم فخرجت أصبع فرعون بلا إله إلا الله الذي آمنت به بنوا إسرائيل قال جبريل: فعرفت أنّ الرّبّ رحيمٌ وخفت أن تدركه الرحمة مسته بجناحي وقلت: آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن عيسى، ثنا سلمة، ثنا محمّد بن إسحاق عن محمّد بن كعبٍ عن عبد اللّه بن شدّادٍ قال: ونادى فرعون حين رأى من سلطان اللّه وقدرته ما رأى عرف ذلّه وخذلته نفسه نادى آمنت أنّه لا إله إلا الذي آمنت به بنوا إسرائيل وأنا من المسلمين.
قوله تعالى: آلآن
- حدّثنا عليّ بن الحسن الهسنجانيّ، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد بن بشيرٍ عن قتادة، قوله: آلآن وقد عصيت قبل أي لو كان هذا في الرّخاء وكنت من المفسدين.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قال: فبعث اللّه ميكائيل يعيّره فقال: آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين). [تفسير القرآن العظيم: 6/1983]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي جبريل: ما أبغضت شيئا من خلق الله ما أبغضت إبليس يوم أمر بالسجود فأبى أن يسجد وما أبغضت شيئا أشد بغضا من فرعون فلما كان يوم الغرق خفت أن يعتصم بكلمة الإخلاص فينجو فأخذت قبضة من حمأة فضربت بها في فيه فوجدت الله عليه أشد غضبا مني فأمر ميكائيل فأنبه وقال {آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال: بعث الله إليه ميكائيل ليعيره فقال {آلآن وقد عصيت قبل}.
وأخرج ابن المنذر والطبراني في الأوسط عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: أخبرت أن فرعون كان أثرم). [الدر المنثور: 7/699-700]

تفسير قوله تعالى: (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى فاليوم ننجيك ببدنك قال لما غرق الله تعالى فرعون لم تصدق طائفة من الناس بذلك فأخرجه الله تعالى ليكون عظة وآية). [تفسير عبد الرزاق: 1/297]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن ابن التيمي عن أبيه عن أبي السليل عن قيس بن عباد أو غيره قال: قالت بنو إسرائيل لم يمت يعنون فرعون قال فأخرجه الله تعالى إليهم ينظرون إليه مثل الثور الأحمر). [تفسير عبد الرزاق: 1/298]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({ننجّيك} [يونس: 92] : " نلقيك على نجوةٍ من الأرض، وهو النّشز: المكان المرتفع "). [صحيح البخاري: 6/72] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله ننجّيك نلقيك على نجوةٍ من الأرض وهو النّشز المكان المرتفع قال أبو عبيدة في قوله تعالى فاليوم ننجّيك ببدنك أي نلقيك على نجوةٍ أي ارتفاعٍ اهـ والنجوة هي الربوة المرتفعة وجمعها نجا بكسر النّون والقصر وليس قوله ننجّيك من النّجاة بمعنى السّلامة وقد قيل هو بمعناها والمراد ممّا وقع فيه قومك من قعر البحر وقيل هو وقد قرأ بن مسعود وبن السّميفع وغيرهما ننحّيك بالتّشديد والحاء المهملة أي نلقيك بناحيةٍ وورد سبب ذلك فيما أخرجه عبد الرّزّاق عن بن التّيميّ عن أبيه عن أبي السّليل عن قيس بن عبّادٍ أو غيره قال: قال بنو إسرائيل لم يمت فرعون فأخرجه اللّه إليهم ينظرون إليه كالثّور الأحمر وهذا موقوفٌ رجاله ثقاتٌ وعن معمرٍ عن قتادة قال لمّا أغرق اللّه فرعون لم يصدّق طائفةٌ من النّاس بذلك فأخرجه اللّه ليكون لهم عظة وآية وروى بن أبي حاتم من طريق الضّحّاك عن بن عبّاسٍ قال فلمّا خرج موسى وأصحابه قال من تخلّف من قوم فرعون ما غرق فرعون وقومه ولكنّهم في جزائر البحر يتصيّدون فأوحى الله إلى البحر أن لفظ فرعون عريانًا فلفظه عريانًا أصلع أخنس قصيرًا فهو قوله فاليوم ننجيك ببدنك ومن طريق بن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ ببدنك قال بجسدك ومن طريق أبي صخرٍ المدنيّ قال البدن الدّرع الّذي كان عليه). [فتح الباري: 8/347]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (ننجيك نلقيك على نجوةٍ من الأرض وهو النّشز المكان المرتفع
أشار به إلى قوله تعالى: {فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية} وفسّر (ننجيك) بقوله: (نلقيك) إلى آخره، وأشار بهذا إلى أن: ننجيك مشتقّ من: النجوة: لا من النجاة الّتي بمعنى السّلامة، وفسّر النجوة بقوله: هو النشز، بفتح النّون والشين المعجمة وبالزاي، وهو المكان المرتفع، وقال الزّمخشريّ: ننجيك، بالتّشديد والتّخفيف معناه: نبعدك ممّا وقع فيه قومك من قعر البحر، وقيل: نلقيك بنجوة من الأرض، وقرىء: ننجيك، بالحاء المهملة، معناه: نلقيك بناحية ممّا تلي البحر، وذلك أنه طرح بعد الغرق بجانب البحر. انتهى. وسبب ذلك أن موسى، عليه السّلام وأصحابه لما خرجوا من البحر قالوا: من بقي في المدائن من قوم فرعون ما غرق فرعون وإنّما هو وأصحابه يصيدون في جزائر البحر، فأوحى الله تعالى إلى البحر: أن لفظ فرعون عريانا فألقاه على نجوة من الأرض على ساحل البحر، قال مقاتل: قال بنو إسرائيل: إن القبط لم يفرقوا فأوحى الله إلى البحر فطفا بهم على وجهه، فنظروا فرعون على الماء، فمن ذلك اليوم إلى يوم القيامة تطفو الغرقى على الماء، فذلك قوله تعالى: {ولتكون لمن خلفك آية} يعني: لمن بعدك إلى يوم القيامة، وقال الثّعلبيّ: قالت بنو إسرائيل لما أخبرهم موسى بهلاك القبط.: ما مات فرعون ولا يموت أبدا فأمر الله تعالى البحر فألقى فرعون على السّاحل أحمر قصيرا كأنّه ثور، فرآه بنو إسرائيل فمن ذلك الوقت لا يقبل البحر ميتا أبدا. فإن قيل: فقد ذكر أن نوحًا، عليه السّلام. لما أرسل الغراب لينظر له الأرض رأى جيف الغرقى فلهى بها عن حاجة نوح عليه السّلام، فالجواب: أن الماء كان قد نصب فلهذا رأى الجيف، وهنا إنّما هو مع وجود الماء واستقراره. قوله: (ببدنك) ، أي: بجسدك. قاله مجاهد، وقيل: المراد بالبدن الدرع الّذي كان عليه، وقيل: كانت له درع من ذهب يعرف بها، وقرأ أبو حنيفة بأبدانك. قال الزّمخشريّ: يعني ببدنك كله وافيا بأجزائه أو يراد بدروعك كأنّه كان مظاهر بينها). [عمدة القاري: 18/286]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({ننجيك}) [يونس: 92] بسكون النون وتخفيف الجيم من أنجى وهي قراءة يعقوب وفي نسخة ننجيك بتخفيف الجيم أي (نلقيك على نجوة من الأرض وهو) أي النجوة (النشز) بفتح النون والمعجمة آخره زاي وهو (المكان المرتفع). وقرأ ابن السميقع ننحيك بالحاء المهملة المشدّدة أي نلقيك بناحية مما يلي البحر ليراك بنو إسرائيل. قال كعب: رماه إلى الساحل كأنه ثور.
وروى ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس قال: لما خرج موسى عليه الصلاة والسلام وأصحابه قال: من تخلف من قوم فرعون ما غرق فرعون وقومه، ولكنهم في خزائن البحر يتصيدون فأوحى الله تعالى إلى البحر أن الفظ فرعون عريانًا فلفظه عريانًا أصلع أخينس قصيرًا. ومن طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد {ببدنك} قال بجسدك. ومن طريق أبي صخر المدني قال: البدن الدرع الذي كان عليه قيل، وكانت له درع من ذهب يعرف بها وكان في أنفسهم أن فرعون أعظم شأنًا من أن يغرق). [إرشاد الساري: 7/166]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فاليوم ننجّيك ببدنك لتكون لمن خلفك آيةً وإنّ كثيرًا من النّاس عن آياتنا لغافلون}.
يقول تعالى ذكره لفرعون: فاليوم نجعلك على نجوة الأرض ببدنك، ينظر إليك هالكًا من كذّب بهلاكك. {لتكون لمن خلفك آيةً} يقول: لمن بعدك من النّاس عبرةً يعتبرون بك، فينزجرون عن معصية اللّه والكفر به والسّعي في أرضه بالفساد.
والنّجوة: الموضع المرتفع على ما حوله من الأرض، ومنه قول أوس بن حجرٍ:
فمن بعقوته كمن بنجوته = والمستكنّ كمن يمشي بقرواح
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن أبي السّليل، عن قيس بن عبّادٍ، وغيره، قال: قالت بنو إسرائيل لموسى: إنّه لم يمت فرعون. قال: فأخرجه اللّه إليهم ينظرون إليه مثل الثّور الأحمر.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن سعيدٍ الجريريّ، عن أبي السّليل، عن قيس بن عبّادٍ، قال: وكان من أكثر النّاس، أو أحدث النّاس عن بني إسرائيل. قال فحدّثنا: أنّ أوّل جنود فرعون لمّا انتهى إلى البحر هابت الخيل اللّهب، قال: ومثل لحصانٍ منها فرسٌ وديقٌ، فوحّد ريحها.
قال أبو جعفرٍ: أحسبه أنا قال: فانسلّ فاتّبعته قال: فلمّا تتامّ آخر جنود فرعون في البحر وخرج آخر بني إسرائيل أمر البحر، فانطبق عليهم، فقالت بنو إسرائيل: ما مات فرعون، وما كان ليموت أبدًا فسمع اللّه تكذيبهم نبيّه. قال: فرمى به على السّاحل كأنّه ثورٌ أحمر يتراءاه بنو إسرائيل.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثنا موسى بن عبيدة، عن محمّد بن كعبٍ، عن عبد اللّه بن شدّادٍ، {فاليوم ننجّيك ببدنك} قال: بدنه: جسده رمى به البحر.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {فاليوم ننجّيك ببدنك} قال: بجسدك.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا تميم بن المنتصر، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا الأصبغ بن زيدٍ، عن القاسم بن أبي أيّوب، قال: ثني سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: لمّا جاوز موسى البحر بجميع من معه، التقى البحر عليهم يعني على فرعون وقومه فأغرقهم، فقال أصحاب موسى: إنّا نخاف أن لا يكون فرعون غرق، ولا نؤمن بهلاكه فدعا ربّه فأخرجه، فنبذه البحر حتّى استيقنوا بهلاكه.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {فاليوم ننجّيك ببدنك لتكون لمن خلفك آيةً} يقول: أنكر ذلك طوائف من بني إسرائيل، فقذفه اللّه على ساحل البحر ينظرون إليه.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {لتكون لمن خلفك آيةً} قال: لمّا أغرق اللّه فرعون لم تصدّق طائفةٌ من النّاس بذلك، فأخرجه اللّه آيةٍ وعظةً.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا ابن التّيميّ، عن أبيه، عن أبي السّليل عن قيس بن عبّاد أو غيره، بنحو حديث ابن عبد الأعلى، عن معتمرٍ.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عبد اللّه بن رجاءٍ، عن ابن جريجٍ، عن عبد اللّه بن كثيرٍ، عن مجاهدٍ: {فاليوم ننجّيك ببدنك} قال: بجسدك.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا محمّد بن بكيرٍ، عن ابن جريجٍ، قال: بلغني، عن مجاهدٍ: {فاليوم ننجّيك ببدنك} قال: بجسدك.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: كذّب بعض بني إسرائيل بموت فرعون، فرمى به على ساحل البحر ليراه بنو إسرائيل، قال: كأنّه ثورٌ أحمر.
وقال آخرون: معنى ذلك تنجو بجسدك من البحر فتخرج منه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمّي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فاليوم ننجّيك ببدنك لتكون لمن خلفك آيةً} يقول: أنجى اللّه فرعون لبني إسرائيل من البحر، فنظروا إليه بعد ما غرق.
فإن قال قائلٌ: وما وجه قوله: ببدنك؟ وهل يجوز أن ينجّيه بغير بدنه، فيحتاج الكلام إلى أن يقال فيه ببدنك؟
قيل: كان جائزًا أن ينجّيه بالبدن بغير روحٍ، فلمّا كان جائزًا ذلك قيل: {فاليوم ننجّيك ببدنك} ليعلم أنّه ينجّيه بالبدن بغير روحٍ، ولكن ميّتًا.
وقوله: {وإنّ كثيرًا من النّاس عن آياتنا لغافلون} يقول تعالى ذكره: {وإنّ كثيرًا من النّاس عن آياتنا} يعني: عن حججنا وأدلتنا على أنّ العبادة والألوهة لنا خالصةً، {لغافلون} يقول: لساهون، لا يتفكّرون فيها ولا يعتبرون بها). [جامع البيان: 12/279-283]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فاليوم ننجّيك ببدنك لتكون لمن خلفك آيةً وإنّ كثيرًا من النّاس عن آياتنا لغافلون (92)
قوله تعالى: فاليوم ننجّيك ببدنك
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن عمران بن أبي ليلى، ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ فلمّا خرج موسى وأصحابه قال من تخلّف في المدائن من قوم فرعون: ما غرق فرعون ولا أصحابه ولكنّهم في جزائر البحر يتصيّدون فأوحي إلى البحر أن الفظ فرعون عريانًا فلفظه عريانًا أصلع أخيبس قصيرًا فهو قوله: فاليوم ننجّيك ببدنك لتكون لمن خلفك آيةً.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: فاليوم ننجّيك ببدنك قال: ننجّيك بجسدك.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عمرٌو العنقزيّ، عن أبي بكرٍ الهذليّ عن الحسن فاليوم ننجّيك ببدنك قال: جسمك لا روح فيه، وروي عن عبد اللّه بن شدّادٍ أنّه قال: أي سويًّا لم يذهب منك شيءٌ.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا عليّ بن الحسن الهسنجانيّ، ثنا سعيد بن أبي مريم، ثنا مفضّل ابن فضالة حدّثني أبو صخرٍ في قول اللّه: فاليوم ننجّيك ببدنك قال: البدن: الدّرع الجديد.
- حدّثنا أبي قال ذكر لي عن نزل ابن المحبر، ثنا المفضل بن أبي موسى ابن سالمٍ عن أبيه، في قول اللّه: فاليوم ننجّيك ببدنك قال شيءٌ كان فرعون يلبسه يقال له: البدن.
قوله تعالى: لتكون لمن خلفك آيةً
- حدثنا أبي محمد بن عمران ابن أبي ليلى، ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ قوله: لتكون لمن خلفك آيةً لمن قال إنّ فرعون لم يغرق وكان نجّاه عبرةً لم يكن نجّاه عافيةً ثمّ أوحى إلى البحر أن الفظ ما فيك فلفظهم على الرّاجل حتّى رآهم من قال: إنّ فرعون لم يغرق وأصحابه وكان البحر لا يلفظ غريقًا يبقى في بطنه حتّى يأكله السّمك فليس يقبل البحر غريقًا إلى يوم القيامة.
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن عبد الأعلى، ثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: لتكون لمن خلفك آيةً قال: لمّا غرق اللّه فرعون لم يصدّق طائفةٌ من النّاس بذلك فأخرج اللّه تعالى آيةً وعظةً.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمر بن حمّاد بن طلحة، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: لتكون لمن خلفك آيةً: لبني إسرائيل آيةً.
- حدّثنا أبى، ثنا عبد اللّه بن سعد ابن أخي يعقوب بن إبراهيم بن سعد، ثنا عمّي، ثنا أبي، عن محمّد بن إسحاق، عن محمّد بن كعبٍ، عن عبد اللّه بن شدّادٍ لتكون لمن خلفك آيةً أي عبرةً وبيّنةً أنّك لم تكن كما تقول لنفسك.
قوله تعالى: وإنّ كثيرًا من النّاس عن آياتنا لغافلون
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني عبد اللّه بن لهيعة، حدّثنا عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، قوله: آياتنا يعني: القرآن). [تفسير القرآن العظيم: 6/1983]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد فاليوم ننجيك ببدنك يعني بجسدك من البحر ميتا). [تفسير مجاهد: 297]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 92
أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فاليوم ننجيك ببدنك} قال: أنجى الله فرعون لبني إسرائيل من البحر فنظروا إليه بعدما غرق.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري في المصاحف وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فاليوم ننجيك ببدنك} قال: بجسدك كذب بعض بني إسرائيل بموت فرعون فألقي على ساحل البحر حتى يراه بنو إسرائيل أحمر قصيرا كأنه ثور
وأخرج أبو الشيخ عن محمد بن كعب رضي الله عنه {فاليوم ننجيك ببدنك} قال: جسده ألقاه البحر على الساحل.
وأخرج ابن الأنباري عن محمد بن كعب رضي الله عنه {فاليوم ننجيك ببدنك} قال: بدرعك وكانت درعه من لؤلؤ يلاقي فيه الحروب.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي صخر رضي الله عنه {فاليوم ننجيك ببدنك} قال: البدن الدرع الحديد.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي جهيم موسى بن سالم رضي الله عنه في قوله {فاليوم ننجيك ببدنك} قال: كان لفرعون شيء يلبسه يقال له البدن يتلألأ.
وأخرج ابن الأنباري وأبو الشيخ عن يونس بن حبيب النحوي رضي الله عنه في قوله {فاليوم ننجيك ببدنك} قال: نجعلك على نجوة من الأرض كي ينظروا فيعرفوا أنك قد مت.
وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فاليوم ننجيك ببدنك} الآية، قال: لما أغرق الله فرعون لم تصدق طائفة من الناس بذلك فأخرجه الله ليكون عظة وآية
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله {لتكون لمن خلفك آية} قال: لبني إسرائيل.
وأخرج ابن الأنباري عن ابن مسعود أنه قرأ فاليوم ننجيك بندائك.
وأخرج ابن الأنباري عن محمد بن السميقع اليماني ويزيد البربري أنهما قرآ فاليوم ننحيك ببدنك بحاء غير معجمه). [الدر المنثور: 7/700-702]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10 جمادى الأولى 1434هـ/21-03-2013م, 03:21 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فأتبعهم فرعون} مجازه: تبعهم، هما سواء.
{بغياً وعدواً} مجازه: عدواناً). [مجاز القرآن: 1/281]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن "بغيا وعدوا" يثقل؛ كأنه مصدر عدا عليه عدوا؛ أي اعتدى عليه.
الأعمش {بغيا وعدوا} يكون المصدر: عدا عليه عدوا، وقالوا أيضًا: عدا عليه عدوا وعداءً.
أبو عمرو وأهل المدينة والحسن {آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل} كأنه قال: آمنت بأنه.
وأصحاب عبد الله ويحيى بن وثاب {آمنت إنه} بالكسر؛ قالوا: ذاك خبر من فرعون؛ وكأن المعنى والله أعلم: إن فرعون قال آمنت، ثم حكى الله عز وجل ذلك فقال {إنه لا إله إلا الذي آمنت}.
ووجه آخر: يكون على أن يكون الله قد قال: {إنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل} مبتدئًا، كقوله {إني أنا الله}؛ وكل لا بأس به). [معاني القرآن لقطرب: 662]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {أتبعهم}: مثل تبعهم). [غريب القرآن وتفسيره: 172]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فأتبعهم فرعون} لحقهم. يقال: أتبعت القوم، أي لحقتهم. وتبعتهم: كنت في أثرهم.
{وعدواً} أي ظلما). [تفسير غريب القرآن: 199]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا حتّى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنّه لا إله إلّا الّذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين}
جعله الله يبسا حتى جاوزوه). [معاني القرآن: 3/31-32]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وجاورنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا}
وقرأ قتادة فاتبعهم فرعون وجنوده بوصل الألف
قال الأصمعي يقال أتبعه بقطع الألف إذا لحقه وأدركه واتبعه بوصل الألف إذا اتبع أثره أدركه أو لم يدركه وكذلك قال أبو زيد
وقيل اتبعه بوصل الآلف في الأمر اقتدى به واتبعه بقطع الآلف خيرا أو شرا هذا قول أبي عمرو
وقيل هما واحد
وقرأ قتادة بغيا وعدوا والعدو الظلم
وقوله جل وعز: {حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل}
روى شعبة عن عدي بن ثابت وعطاء بن السائب قالا:
سمعنا سعيد بن جبير يحدث عن ابن عباس قال شعبة رفعه أحدهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال إن جبرائيل عليه السلام كان يدس الطين فيجعله في فيّ فرعون قال مخافة أن يقول لا إله إلا أنت فيغفر له
وقال عون بن عبد الله بلغني أن جبرائيل قال للنبي عليه السلام ما ولد إبليس ولدا قط أبغض إلي من فرعون وأنه لما أدركه الغرق قال آمنت الآية فخشيت أن يقولها فيرحم فأخذت تربة أو طينة فحشوتها في فيه
وقيل إن جبرائيل إنما فعل هذا به عقوبة له على عظيم ما كان يأتي). [معاني القرآن: 3/312-314]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بَغْيًا وَعَدْوًا} أي ظلما). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 104]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {عَدْوًا}: من العدوان). [العمدة في غريب القرآن: 153]

تفسير قوله تعالى: {آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الآن
الآن: هو الوقت الذي أنت فيه، وهو حدّ الزّمانين: حدّ الماضي من آخره، وحدّ الزمان المستقبل من أوله.
قال الفراء: «هو حرف بني على الألف واللام، ولم يخلعا منه، وترك على مذهب الصّفة، لأنه في المعنى واللفظ، كما رأيتهم فعلوا بالذي، فتركوه على مذهب الأداة، والألف واللام له لازمة غير مفارقة.
وأرى أصله: أوان، حذفت منه الألف، وغيّرت واوه إلى الألف، كما قالوا في الرّاح: الرّياح. وأنشد:
كأنّ مكاكيّ الجواء غديّة =نشاوى تساقوا بالرّياح المفلفل
قال: فهي مرّة على تقدير (فعل) ومرّة على تقدير (فعال) كما قالوا: زمن، وزمان.
وإن شئت جعلتها من قولك: آن لك أن تفعل كذا وكذا، أدخلت عليها الألف واللام ثم تركتها على مذهب (فعل) منصوبة، كما قالوا:
«نهى رسول الله، صلّى الله عليه وسلم عن قيل وقال، وكثرة السّؤال»
فكانتا كالاسمين وهما منصوبتان، ولو خفضتا على النّقل لهما من حدّ الأفعال إلى الأسماء في النّية- كان صوابا.
وسمعت العرب تقول: من شبّ إلى دبّ، ومن شبّ إلى دبّ، مخفوض منون، يذهبون به مذهب الأسماء. والمعنى: مذ كان صغيرا فشبّ إلى أن دبّ كبيرا.
قال الله تعالى: {آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} {آَلْآَنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} أي أفي هذا الوقت وفي هذا الأوان تتوب وقد عصيت قبل؟).
[تأويل مشكل القرآن: 523-524] (م)

تفسير قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فاليوم ننجّيك ببدنك} مجازه: نلقيك على نجوة، أي ارتفاع ليصر علماً أنه قد غرق.
{لتكون لمن خلفك آية} أي علامة، ومجاز خلفك: بعدك.
{إنّ الّذين حقّت عليهم كلمة ربّك لا يؤمنون ولو جاءتهم كلّ آيةٍ} ). [مجاز القرآن: 1/281]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {فاليوم ننجّيك ببدنك لتكون لمن خلفك آيةً وإنّ كثيراً مّن النّاس عن آياتنا لغافلون}
وقال: {فاليوم ننجّيك ببدنك} وقال بعضهم {ننجيك} وقوله: {ببدنك} أيّ: لا روح فيه.
وقال بعضهم: {ننجّيك}: نرفعك على نجوة من الأرض. وليس قولهم: "أنّ البدن ههنا" "الدرع" بشيء ولا له معنى). [معاني القرآن: 2/38]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قراءة بعضهم {فاليوم ننجيك ببدنك} من نجاه تنجئة؛ وحكي لنا {ننجيك ببدنك} قال: نرفعك على نجوة من الأرض). [معاني القرآن لقطرب: 662]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {ننجيك ببدنك}: نلقيك على نجوة من الأرض أي ارتفاع.
{لمن خلفك آية}: لمن بعدك). [غريب القرآن وتفسيره: 172]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فاليوم ننجّيك ببدنك} قال أبو عبيدة: نلقيك على نجوة من الأرض، أي ارتفاع. والنّجوة والنّبوة: ما ارتفع من الأرض.
{ببدنك} أي [بجسدك] وحدك {لتكون لمن خلفك آيةً}: لمن بعدك). [تفسير غريب القرآن: 199]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فاليوم ننجّيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإنّ كثيرا من النّاس عن آياتنا لغافلون}
{ننجّيك ببدنك} نلقيك عريانا وقيل ننجيك ببدنك نلقيك على نجوة من الأرض، وإنما كان ذلك آية لأنه كان يدّعي أنّه إله وكان يعبده قومه، فبيّن اللّه أمره وأنه عبد.
وفيه من الآية أنه غرق القوم وأخرج هو من بينهم فكان في ذلك آية). [معاني القرآن: 3/32]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية}
قال قتادة لم تصدق طائفة من الناس أنه غرق فأخرج لهم
ليكون عظة وآية
وقال غيره الآية فيه أنه يدعي أنه رب وكان قومه يعبدونه فأراهم الله إياه بعدما غرقه
ومن الآية فيه أنه غرق هو وقومه فأخرج دونهم
قال أبو عبيدة معنى ننجيك نلقيك على نجوة من الأرض
وقال غيره النجوة والنبوة ما ارتفع من الأرض
وقرئ {ننجيك} والمعنى واحد
وروي عن يزيد المكي أنه قرأ فاليوم ننحيك بالحاء
ببدنك قيل أي وحدك وقيل بدرعك
وقال مجاهد بجسدك وهذا أحسن الأقوال
قيل معناه بجسدك فقط أي عريانا بغير روح). [معاني القرآن: 3/314-315]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {فاليوم}: واحد الأيام). [ياقوتة الصراط: 257]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {ننجيك ببدنك} ننجيك من النجاة، ببدنك، أي: بجسمك، وننجيك من: النجوة، وهي: الدكة.
ببدنك، أي: بدرعك. قال أبو عبد الله: وذلك أن بني إسرائيل شكوا في غرق فرعون، فأمر الله البحر أن يقذفه على دكة في البحر ببدنه، أي: بدرعه، وكانت من لؤلؤ منظوم،
فلما قذفه البحر رأته بنو إسرائيل، فقالوا: نعم يا موسى، هذا فرعون قد غرق، فخرج الشك من قلوبهم، وابتلع البحر فرعون كما كان). [ياقوتة الصراط: 257-258]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ} أي نلقيك على نجوة من الأرض، أي ارتفاع. {بِبَدَنِكَ} بدرعك الذي تعرف به).
[تفسير المشكل من غريب القرآن: 104]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {نُنَجِّيكَ}: نلقيك نجوة من الأرض
{خَلْفَكَ}: لمن تبعك
{آيَةً}: علامة ونكالاً). [العمدة في غريب القرآن: 153]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 10 جمادى الأولى 1434هـ/21-03-2013م, 03:22 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) }

تفسير قوله تعالى: {آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) }

تفسير قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ونذكر آيات من القرآن ربما غلط في مجازها النحويون. قال الله عز وجل: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ}، مجاز الآية أن المفعول الأول محذوف، ومعناه: يخوفكم من أوليائه.
وفي القرآن: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}، والشهر لا يغيب عنه أحد، ومجاز الآية: فمن كان منكم شاهدًا بلده في الشهر فليصمه، والتقدير {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ} أي فمن كان شاهدًا في شهر رمضان فليصمه، نصب الظروف لا نصب المفعول به.
وفي القرآن في مخاطبة فرعون: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً}، فليس معنى ننجيك نخلصك، لكن نلقيك على نجوة من الأرض، ببدنك: بدرعك، يدل على ذلك لتكون لمن خلفك آية.
وفي القرآن: {يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ}، فالوقف {يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ} أي ويخرجونكم لأن تؤمنوا بالله ربكم). [الكامل: 3/1503-1504] (م)
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ} قال: بدرعك، أي نلقيك بنجوة من الأرض، أي بارتفاع). [مجالس ثعلب: 581]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 10 جمادى الأولى 1434هـ/21-03-2013م, 03:22 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 10 جمادى الأولى 1434هـ/21-03-2013م, 03:22 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 5 شوال 1435هـ/1-08-2014م, 10:23 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 5 شوال 1435هـ/1-08-2014م, 10:24 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغياً وعدواً حتّى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنّه لا إله إلاّ الّذي آمنت به بنوا إسرائيل وأنا من المسلمين (90) آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين (91) فاليوم ننجّيك ببدنك لتكون لمن خلفك آيةً وإنّ كثيراً من النّاس عن آياتنا لغافلون (92)
قرأ الحسن بن أبي الحسن «وجوّزنا» بشد الواو، وطرح الألف، ويشبه عندي أن يكون «جاوزنا» كتب في بعض المصاحف بغير ألف، وتقدم القول في صورة جوازهم في البقرة والأعراف، وقرأ جمهور الناس «فأتبعهم» لأنه يقال تبع وأتبع بمعنى واحد، وقرأ قتادة والحسن «فاتّبعهم» بشد التاء، قال أبو حاتم: القراءة «أتبع» بقطع الألف لأنها تتضمن الإدراك، و «اتّبع» بشد التاء هي طلب الأثر سواء أدرك أو لم يدرك، وروي أن بني إسرائيل الذين جاوزوا البحر كانوا ستمائة ألف، وكان يعقوب قد استقر أولا بمصر في نيف على السبعين ألفا من ذريته فتناسلوا حتى بلغوا وقت موسى العدد المذكور، وروي أن فرعون كان في ثمانمائة ألف أدهم حاشى ما يناسبها من ألوان الخيل، وروي أقل من هذه الأعداد.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا كله ضعيف، والذي تقتضيه ألفاظ القرآن أن بني إسرائيل كان لهم جمع كثير في نفسه قليل بالإضافة إلى قوم فرعون المتبعين،
وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو والكوفيون وجماعة عدواً على مثال غزا غزا، وقرأ الحسن وقتادة «غزوا» على مثال علا علوا، وقوله أدركه الغرق أي في البحر، وروي في ذلك أن فرعون لما انتهى إلى البحر فوجده قد انفرق ومشى فيه بنو إسرائيل، قال لقومه إنما انفلق بأمري وكان على فرس ذكر فبعث الله جبريل على فرس أنثى وديق فدخل بها البحر ولج فرس فرعون ورآه وحثت الجيوش خلفه فلما رأى الانفراق يثبت له استمر، وبعث الله ميكائيل يسوق الناس حتى حصل جميعهم في البحر، فانطبق عليهم حينئذ، فلما عاين فرعون قال ما حكى عنه في هذه الآية، وقرأ جمهور الناس «أنه» بفتح الألف، ويحتمل أن تكون في موضع نصب، ويحتمل أن تكون في موضع خفض على إسقاط الباء، وقرأ حمزة والكسائي وأبو عمرو «إنه» بكسر الألف، إما على إضمار الفعل أي آمنت فقلت إنه، وإما على أن يتم الكلام في قوله آمنت ثم يبتدئ إيجاب «إنه»، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم «أن جبريل عليه السلام قال ما أبغضت أحدا قط بغضي لفرعون، ولقد سمعته يقول آمنت الآية، فأخذت من حال البحر فملأت فمه مخافة أن تلحقه رحمة الله» وفي بعض الطرق: «مخافة أن يقول لا إله إلا الله فتلحقه رحمة الله».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: فانظر إلى كلام فرعون ففيه مجهلة وتلعثم، ولا عذر لأحد في جهل هذا وإنما العذر فيما لا سبيل إلى علمه كقول علي رضي الله عنه، «أهللت كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم»، والحال الطين، كذا في الغريب المصنف وغيره، والأثر بهذا كثير مختلف اللفظ والمعنى واحد، وفعل جبريل عليه السلام هذا يشبه أن يكون لأنه اعتقد تجويز المغفرة للتائب وإن عاين ولم يكن عنده قبل إعلام من الله تعالى أن التوبة بعد المعاينة غير نافعة). [المحرر الوجيز: 4/ 521-523]

تفسير قوله تعالى: {آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى آلآن وقد عصيت الآية، قال أبو علي:
اعلم أن لام المعرفة إذا دخلت على كلمة أولها الهمزة فخففت الهمزة فإن في تخفيفها وجهين: أحدهما أن تحذف وتلقى حركتها على اللام وتقر همزة الوصل فيه فيقال الحمر وقد حكى ذلك سيبويه، وحكى أبو عثمان عن أبي الحسن أن ناسا يقولون لحمر فيحذفون الهمزة التي للوصل فمن ذلك قول الشاعر:
[الطويل]
وقد كنت تخفي حب سمراء حقبة = فبح لان منها بالذي أنت بائح
قرأ نافع في رواية ورش لم يختلف عنه «الآن» بمد الهمزة وفتح اللام، وقرأ الباقون بمد الهمزة وسكون اللام وهمز الثانية، وقرأت فرقة «الان» بقصر الهمزة وفتح اللام وتخفيف الثانية وقرأ جمهور الناس «ألأن» بقصر الأولى وسكون اللام وهمز الثانية.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وقراءات التخفيف في الهمزة تترتب على ما قال أبو علي فتأمله، فإن الأولى على لغة من يقول الحمر، وهذا على جهة التوبيخ له والإعلان بالنقمة منه، وهذا اللفظ يحتمل أن يكون مسموعا لفرعون من قول ملك موصل عن الله وكيف شاء الله، ويحتمل أن كون معنى هذا الكلام معنى حاله وصورة خزيه، وهذه الآية نص في رد توبة المعاين). [المحرر الوجيز: 4/ 523-524]

تفسير قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى فاليوم ننجّيك الآية، يقوي ما ذكرناه من أنها صورة الحال لأن هذه الألفاظ إنما يظهر أنها قيلت بعد فرقه، وسبب هذه المقالة على ما روي أن بني إسرائيل بعد عندهم غرق فرعون وهلاكه لعظمه عندهم، وكذب بعضهم أن يكون فرعون يموت فنجي على نجوة من الأرض حتى رآه جميعهم ميتا كأنه ثور أحمر، وتحققوا غرقه، وقرأت فرقة «فاليوم ننجيك» وقالت فرقة معناه من النجاة أي من غمرات البحر والماء، وقال جماعة معناه نلقيك على نجوة من الأرض وهي ما ارتفع منها، ومنه قول أوس بن حجر: [البسيط]
فمن بعقوته كمن بنجوته = والمستكن كمن يمشي بقرواح
وقرأ يعقوب «ننجيك» بسكون النون وتخفيف الجيم، وقرأ أبي بن كعب «ننحّيك» بالحاء المشددة من التنحية، وهي قراءة محمد بن السميفع اليماني ويزيد البريدي، وقالت فرقة: معنى ببدنك بدرعك، وقالت فرقة معناه بشخصك وقرأت فرقة «بندائك» أي بقولك آمنت إلخ الآية، ويشبه أن يكتب بندائك بغير ألف في بعض المصاحف، ومعنى الآية أنّا نجعلك آية مع ندائك الذي لا ينفع، وقرأت فرقة هي الجمهور «خلفك» أي من أتى بعدك، وقرأت فرقة «خلقك» المعنى يجعلك الله آية له في عباده، ثم بيّن عز وجل العظة لعباده بقوله وإنّ كثيراً من النّاس عن آياتنا لغافلون وهذا خبر في ضمنه توعد). [المحرر الوجيز: 4/ 524-525]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 5 شوال 1435هـ/1-08-2014م, 10:24 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 5 شوال 1435هـ/1-08-2014م, 10:24 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيًا وعدوًا حتّى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنّه لا إله إلا الّذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين (90) آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين (91) فاليوم ننجّيك ببدنك لتكون لمن خلفك آيةً وإنّ كثيرًا من النّاس عن آياتنا لغافلون (92)}
يذكر تعالى كيفيّة إغراقه فرعون وجنوده؛ فإنّ بني إسرائيل لمّا خرجوا من مصر صحبة موسى، عليه السّلام، وهم -فيما قيل -ستّمائة ألف مقاتلٍ سوى الذّرّيّة، وقد كانوا استعاروا من القبط حليّا كثيرًا، فخرجوا به معهم، فاشتدّ حنق فرعون عليهم، فأرسل في المدائن حاشرين يجمعون له جنوده من أقاليمه، فركب وراءهم في أبّهةٍ عظيمةٍ، وجيوشٍ هائلةٍ لما يريده اللّه تعالى بهم، ولم يتخلّف عنه أحدٌ ممّن له دولةٌ وسلطانٌ في سائر مملكته، فلحقوهم وقت شروق الشّمس، {فلمّا تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنّا لمدركون} [الشّعراء: 61] وذلك أنّهم لمّا انتهوا إلى ساحل البحر، وأدركهم فرعون، ولم يبق إلّا أن يتقاتل الجمعان، وألحّ أصحاب موسى، عليه السّلام، عليه في السّؤال كيف المخلص ممّا نحن فيه؟ فيقول: إنّي أمرت أن أسلك هاهنا، {كلا إنّ معي ربّي سيهدين} [الشّعراء: 62]
فعندما ضاق الأمر اتّسع، فأمره اللّه تعالى أن يضرب البحر بعصاه، فضربه فانفلق البحر، {فكان كلّ فرقٍ كالطّود العظيم} [الشعراء: 63] أي: كالجبل العظيم، وصار اثني عشر طريقًا، لكلّ سبطٍ واحدٌ. وأمر اللّه الرّيح فنشّفت أرضه، {فاضرب لهم طريقًا في البحر يبسًا لا تخاف دركًا ولا تخشى} [طه: 77] وتخرّق الماء بين الطّرق كهيئة الشّبابيك، ليرى كلّ قوم الآخرين لئلّا يظنّوا أنّهم هلكوا. وجازت بنو إسرائيل البحر، فلمّا خرج آخرهم منه انتهى فرعون وجنوده إلى حافّته من النّاحية الأخرى، وهو في مائة ألف أدهم سوى بقيّة الألوان، فلمّا رأى ذلك هاله وأحجم وهاب وهمّ بالرّجوع، وهيهات ولات حين مناصٍ، نفذ القدر، واستجيبت الدّعوة. وجاء جبريل، عليه السّلام، على فرسٍ -وديقٍ حائلٍ -فمرّ إلى جانب حصان فرعون فحمحم إليها وتقدّم جبريل فاقتحم البحر ودخله، فاقتحم الحصان وراءه، ولم يبق فرعون يملك من نفسه شيئًا، فتجلّد لأمرائه، وقال لهم: ليس بنو إسرائيل بأحقّ بالبحر منّا، فاقتحموا كلّهم عن آخرهم وميكائيل في ساقتهم، لا يترك أحدًا منهم، إلّا ألحقه بهم. فلمّا استوسقوا فيه وتكاملوا، وهمّ أوّلهم بالخروج منه، أمر الله القدير البحر أن يرتطم عليهم، فارتطم عليهم، فلم ينج منهم أحدٌ، وجعلت الأمواج ترفعهم وتخفضهم، وتراكمت الأمواج فوق فرعون، وغشيته سكرات الموت، فقال وهو كذلك: {آمنت أنّه لا إله إلا الّذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين} فآمن حيث لا ينفعه الإيمان، {فلمّا رأوا بأسنا قالوا آمنّا باللّه وحده وكفرنا بما كنّا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لمّا رأوا بأسنا سنّة اللّه الّتي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون} [غافرٍ: 84، 85]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 291-292]

تفسير قوله تعالى: {آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وهكذا قال اللّه تعالى في جواب فرعون حين قال ما قال: {آلآن وقد عصيت قبل} أي: أهذا الوقت تقول، وقد عصيت اللّه قبل هذا فيما بينك وبينه؟ {وكنت من المفسدين} أي: في الأرض الّذين أضلّوا النّاس، {وجعلناهم أئمّةً يدعون إلى النّار ويوم القيامة لا ينصرون} [القصص: 41]
وهذا الّذي حكى اللّه تعالى عن فرعون من قوله هذا في حاله ذاك من أسرار الغيب الّتي أعلم اللّه بها رسوله؛ ولهذا قال الإمام أحمد بن حنبلٍ، رحمه اللّه:
حدّثنا سليمان بن حربٍ، حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن عليّ بن زيدٍ، عن يوسف بن مهران، عن ابن عبّاسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لمّا قال فرعون: {آمنت أنّه لا إله إلا الّذي آمنت به بنو إسرائيل} قال: قال لي جبريل: [يا محمّد] لو رأيتني وقد أخذت [حالًا] من حال البحر، فدسسته في فيه مخافة أن تناله الرحمة"
ورواه التّرمذيّ، وابن جريرٍ، وابن أبي حاتمٍ في تفاسيرهم، من حديث حمّاد بن سلمة، به وقال التّرمذيّ: حديثٌ حسنٌ.
وقال أبو داود الطّيالسيّ: حدّثنا شعبة، عن عديّ بن ثابتٍ وعطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "قال لي جبريل: لو رأيتني وأنا آخذٌ من حال البحر، فأدسّه في فم فرعون مخافة أن تدركه الرّحمة". وقد رواه أبو عيسى التّرمذيّ أيضًا، وابن جريرٍ أيضًا، من غير وجهٍ، عن شعبة، به وقال التّرمذيّ: حسنٌ غريبٌ صحيحٌ.
ووقع في روايةٍ عند ابن جريرٍ، عن محمّد بن المثنّى، عن غندر، عن شعبة، عن عطاءٍ وعديّ، عن سعيدٍ، عن ابن عبّاسٍ، رفعه أحدهما -وكأنّ الآخر لم يرفعه، فاللّه أعلم.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، حدّثنا أبو خالدٍ الأحمر، عن عمر بن عبد اللّه بن يعلى الثّقفيّ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ قال: لمّا أغرق اللّه فرعون، أشار بأصبعه ورفع صوته: {آمنت أنّه لا إله إلا الّذي آمنت به بنو إسرائيل} قال: فخاف جبريل أن تسبق رحمة اللّه فيه غضبه، فجعل يأخذ الحال بجناحيه فيضرب به وجهه فيرمسه.
وكذا رواه ابن جريرٍ، عن سفيان بن وكيع، عن أبي خالدٍ، به موقوفًا
وقد روي من حديث أبي هريرة أيضًا، فقال ابن جريرٍ:حدّثنا ابن حميدٍ، حدّثنا حكّام، عن عنبسة -هو ابن سعيدٍ -عن كثير بن زاذان، عن أبي حازمٍ، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "قال لي جبريل: يا محمّد، لو رأيتني وأنا أغطّه وأدسّ من الحال في فيه، مخافة أن تدركه رحمة اللّه فيغفر له" يعني: فرعون
كثير بن زاذان هذا قال ابن معين: لا أعرفه، وقال أبو زرعة وأبو حاتمٍ: مجهولٌ، وباقي رجاله ثقاتٌ.
وقد أرسل هذا الحديث جماعةٌ من السّلف: قتادة، وإبراهيم التّيميّ، وميمون بن مهران. ونقل عن الضّحّاك بن قيسٍ: أنّه خطب بهذا للنّاس، فاللّه أعلم). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 292-294]

تفسير قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {فاليوم ننجّيك ببدنك لتكون لمن خلفك آيةً} قال ابن عبّاسٍ وغيره من السّلف: إنّ بعض بني إسرائيل شكّوا في موت فرعون، فأمر اللّه تعالى البحر أن يلقيه بجسده بلا روحٍ، وعليه درعه المعروفة [به] على نجوةٍ من الأرض وهو المكان المرتفع، ليتحقّقوا موته وهلاكه؛ ولهذا قال تعالى: {فاليوم ننجّيك} أي: نرفعك على نشز من الأرض، {ببدنك} قال مجاهدٌ: بجسدك. وقال الحسن: بجسمٍ لا روح فيه. وقال عبد اللّه بن شدّادٍ: سويًّا صحيحًا، أي: لم يتمزّق ليتحقّقوه ويعرفوه. وقال أبو صخرٍ: بدرعك
وكلّ هذه الأقوال لا منافاة بينها، كما تقدّم، واللّه أعلم.
وقوله: {لتكون لمن خلفك آيةً} أي: لتكون لبني إسرائيل دليلًا على موتك وهلاكك، وأنّ اللّه هو القادر الّذي ناصية كلّ دابّةٍ بيده، وأنّه لا يقوم لغضبه شيءٌ؛ ولهذا قرأ بعض السّلف: " لتكون لمن خلقك آيةً وإنّ كثيرًا من النّاس عن آياتنا لغافلون" أي: لا يتّعظون بها، ولا يعتبرون. وقد كان [إهلاك فرعون وملئه] يوم عاشوراء، كما قال البخاريّ:
حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، حدّثنا غندر، حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: قدم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم المدينة، واليهود تصوم يوم عاشوراء فقالوا: هذا يومٌ ظهر فيه موسى على فرعون. فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لأصحابه: "أنتم أحقّ بموسى منهم، فصوموه"). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 294]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:39 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة