العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة يس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 جمادى الأولى 1434هـ/18-03-2013م, 12:47 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير سورة يس [ من الآية (37) إلى الآية (44) ]

تفسير سورة يس
[ من الآية (37) إلى الآية (44) ]

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ (37) وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40) وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41) وَخَلَقْنَا لَهُم مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (42) وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنقَذُونَ (43) إِلَّا رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (44)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11 جمادى الأولى 1434هـ/22-03-2013م, 04:12 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَآَيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ (37) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( {نسلخ} [يس: 37] : «نخرج أحدهما من الآخر، ويجري كلّ واحدٍ منهما»). [صحيح البخاري: 6/123]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (وقوله نسلخ نخرج إلخ سقط كلّه لأبي ذرٍّ وقد تقدّم في بدء الخلق). [فتح الباري: 8/541]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال مجاهد {فعززنا} شددنا {يا حسرة على العباد} كان حسرة عليهم استهزاؤهم بالرسل {أن تدرك القمر} لا يستر ضوء أحدهما ضوء الآخر ولا ينبغي لهما ذلك {سابق النّهار} يتطالبان حثيثين {نسلخ} نخرج أحدهما من الآخر ونجري كل واحد منهما من مثله من الأنعام {فاكهون} معجبون {جند محضرون} عند الحساب ويذكر عن عكرمة {المشحون} الموقر وقال ابن عبّاس {طائركم} مصابكم {ينسلون} يخرجون {مرقدنا} مخرجنا {أحصيناه} حفظناه {مكانتكم} ومكانكم واحد
أما قول مجاهد فتقدم بعضها في بدء الخلق
وقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 14 يس {فعززنا بثالث} قال شددنا
وبه في قوله 30 يس {يا حسرة على العباد} قال كانت حسرة عليهم استهزاؤهم بالرسل
وبه في قوله 40 يس {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر} قال لا يستر ضوء أحدهما الآخر ولا ينبغي ذلك لهما {ولا اللّيل سابق النّهار} قال يطلبان حثيثين {نسلخ} نخرج أحدهما من الآخر ويجري كل واحد منهما في فلك يسبحون). [تغليق التعليق: 4/290-291] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (نسلخ نخرج أحدهما من الآخر ويجري كلّ واحدٍ منهما
أشار به إلى قوله تعالى: {وآية لهم اللّيل نسلخ منه النّهار فإذا هم مظلمون} وفسّر قوله: (نسلخ) بقوله: (يخرج أحدهما من الآخر) وفي التّفسير: تنزع وتخرج منه النّهار، وهذا وما قبله من قوله: (أن تدرك القمر) لم يثبت في رواية أبي ذر). [عمدة القاري: 19/133]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({نسلخ}) أي (نخرج أحدهما من الآخر) قال في اللباب: نسلخ استعارة بديعة شبه انكشاف ظلمة الليل بكشط الجلد من الشاة (ويجري كل واحد منهما) لمستقر إلى أبعد مغربه فلا يتجاوزه ثم يرجع أو المراد بالمستقر يوم القيامة فالجريان في الدنيا غير منقطع). [إرشاد الساري: 7/312]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وآيةٌ لهم اللّيل نسلخ منه النّهار فإذا هم مظلمون (37) والشّمس تجري لمستقرٍّ لها ذلك تقدير العزيز العليم}.
قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: يقول تعالى ذكره: ودليلٌ لهم أيضًا على قدرة اللّه على فعل كلّ ما شاء {اللّيل نسلخ منه النّهار} يقول: ننزع عنه النّهار ومعنى منه في هذا الموضع: عنه، كأنّه قيل: نسلخ عنه النّهار، فنأتي بالظّلمة ونذهب بالنّهار ومنه قوله: {واتل عليهم نبأ الّذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها} أي خرج منها وتركها، فكذلك انسلاخ اللّيل من النّهار وقوله: {فإذا هم مظلمون} يقول: فإذا هم قد صاروا في ظلمةٍ بمجيء اللّيل.
- وقال قتادة في ذلك ما: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وآيةٌ لهم اللّيل نسلخ منه النّهار فإذا هم مظلمون} قال: يولج اللّيل في النّهار، ويولج النّهار في اللّيل.
وهذا الّذي قاله قتادة في ذلك عندي من معنى سلخ النّهار من اللّيل بعيدٌ؛ وذلك أنّ إيلاج اللّيل في النّهار إنّما هو زيادة ما نقص من ساعات هذا في ساعات الآخر، وليس السّلخ من ذلك في شيءٍ، لأنّ النّهار يسلخ من اللّيل كلّه، وكذلك اللّيل من النّهار كلّه، وليس يولج كلّ اللّيل في كلّ النّهار، ولا كلّ النّهار في كلّ اللّيل). [جامع البيان: 19/434]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (آية 37
أخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله {وآية لهم الليل نسلخ منه النهار} قال: يخرج أحدهما من الآخر). [الدر المنثور: 12/346-347]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وآية لهم الليل نسلخ منه النهار} قال: كقوله (يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل) (الحج الآية 61) ). [الدر المنثور: 12/347]

تفسير قوله تعالى: (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن أبي إسحاق عن وهب بن جابر الخيواني عن عبد الله بن عمرو بن العاص في قوله والشمس تجري لمستقر لها قال إن الشمس تطلع فتردها ذنوب بني آدم حتى إذا غربت سلمت وسجدت واستأذنت فلا فيؤذن لها حتى إذا كان يوما غربت فسلمت وسجدت واستأذنت فلا يؤذن لها فتقول إن المسير بعيد وإنه إن لا يؤذن لي لا أبلغ فتحبس ما شاء الله أن تحبس ثم يقال لها اطلعي من حيث غربت فمن يومئذ إلى يوم القيامة لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا). [تفسير عبد الرزاق: 2/142]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة أن ابن المسيب قال ما تطلع الشمس حتى يدحسها ثلاث ماية وستون ملكا من كراهيتها أن تعبد). [تفسير عبد الرزاق: 2/142]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وبلغني عن أبي موسى الأشعري أنه قال إذا كانت تلك الليلة التي تطلع فيها الشمس من حيث تغرب قام المتهجدون لصلاتهم فصلوا حتى يملوا ثم يعودون إلى مضاجعهم يفعلون ذلك ثلاث مرات والليل كما هو والنجوم واقفة لا تسري حتى يخرج الرجل إلى أخيه وإلى جاره ويخرج الناس بعضهم إلى بعض). [تفسير عبد الرزاق: 2/142]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وحدثني شيخ من أهل البصرة أنه يتوب في تلك الليلة ناس فيتاب عليهم فإذا أصبحوا انتظروا طلوعها فتطلع عليهم من مغربها حتى إذا أتت وسط السماء رجعت إلى مغربها ثم تجري كما كانت تجري قبل ذلك قال معمر وبلغني أن بين أول الآيات وآخرها ستة أشهر). [تفسير عبد الرزاق: 2/142-143]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (وقيل لمعمر ما الآيات قال أخبرني قتادة أن النبي قال بادروا بالأعمال ستا طلوع الشمس من مغربها والدجال والدخان ودابة الأرض وخويصة أحدكم وأمر العامة قيل فهل بلغك أي الآيات أولها قال طلوع الشمس
معمر قال وبلغني أن رجالا يقولون الدجال). [تفسير عبد الرزاق: 2/143]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن ثابت البناني عن أنس عن النبي قال لا تقوم الساعة على أحد يقول الله الله). [تفسير عبد الرزاق: 2/143]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب {والشّمس تجري لمستقرٍّ لها ذلك تقدير العزيز العليم} [يس: 38]
- حدّثنا أبو نعيمٍ، حدّثنا الأعمش، عن إبراهيم التّيميّ، عن أبيه، عن أبي ذرٍّ رضي اللّه عنه، قال: كنت مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في المسجد عند غروب الشّمس، فقال: «يا أبا ذرٍّ أتدري أين تغرب الشّمس؟» قلت: اللّه ورسوله أعلم، قال: «فإنّها تذهب حتّى تسجد تحت العرش» ، فذلك قوله تعالى: {والشّمس تجري لمستقرٍّ} [يس: 38] لها ذلك تقدير العزيز العليم
- حدّثنا الحميديّ، حدّثنا وكيعٌ، حدّثنا الأعمش، عن إبراهيم التّيميّ، عن أبيه، عن أبي ذرٍّ، قال: سألت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن قوله تعالى: {والشّمس تجري لمستقرٍّ لها} [يس: 38] قال: «مستقرّها تحت العرش»). [صحيح البخاري: 6/123]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله باب قوله {والشّمس تجري لمستقرٍّ لها ذلك تقدير العزيز العليم}
ذكر فيه حديث أبي ذرٍّ كنت عند النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في المسجد عند غروب الشّمس فقال يا أبا ذر أتدري أين تغرب الشّمس قال اللّه ورسوله أعلم قال فإنّها تذهب تسجد تحت العرش فذلك
- قوله {والشّمس تجري لمستقر لها} إلى آخر الآية هكذا أورده مختصرًا وأخرجه النّسائيّ عن إسحاق بن إبراهيم عن أبي نعيمٍ شيخ البخاريّ فيه بلفظ تذهب حتّى تنتهي تحت العرش عند ربّها وزاد ثمّ تستأذن فيؤذن لها ويوشك أن تستأذن فلا يؤذن لها وتستشفع وتطلب فإذا كان ذلك قيل اطلعي من مكانك فذلك قوله والشّمس تجري لمستقر لها وقد ذكر نحو هذه الزّيادة من غير طريق أبي نعيمٍ كما سأنبّه عليه قوله في الرّواية الثّانية سألت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عن قوله تعالى والشّمس تجري لمستقرٍّ لها قال مستقرّها تحت العرش كذا رواه وكيعٌ عن الأعمش مختصرًا وهو بالمعنى فإنّ في الرّواية الأولى أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم هو الّذي استفهمه أتدري أين تغرب الشّمس فقال اللّه ورسوله أعلم قوله فإنّها تذهب حتّى تسجد تحت العرش في رواية أبي معاوية عن الأعمش كما سيأتي في التّوحيد فإنّها تذهب فتستأذن في السّجود فيؤذن لها وكأنّها قد قيل لها اطلعي من حيث جئت فتطلع من مغربها ثمّ قرأ وذلك مستقرٌّ لها قال وهي قراءة عبد اللّه وروى عبد الرّزّاق من طريق وهبٍ عن جابرٍ عن عبد اللّه بن عمرٍو في هذه الآية قال مستقرّها أن تطلع فيردّها ذنوب بني آدم فإذا غربت سلّمت وسجدت واستأذنت فلا يؤذن لها فتقول إنّ السّير بعد وإنّي إن لا يؤذن لي لا أبلغ فتحبس ما شاء اللّه ثمّ يقال اطلعي من حيث غربت قال فمن يومئذٍ إلى يوم القيامة لا ينفع نفسًا إيمانها وأمّا قوله تحت العرش فقيل هو حين محاذاتها ولا يخالف هذا قوله وجدها تغرب في عينٍ حمئةٍ فإنّ المراد بها نهاية مدرك البصر إليها حال الغروب وسجودها تحت العرش إنّما هو بعد الغروب وفي الحديث ردٌّ على من زعم أنّ المراد بمستقرّها غاية ما تنتهي إليه في الارتفاع وذلك أطول يومٍ في السّنة وقيل إلى منتهى أمرها عند انتهاء الدّنيا وقال الخطّابيّ يحتمل أن يكون المراد باستقرارها تحت العرش أنّها تستقرّ تحته استقرارًا لا نحيط به نحن ويحتمل أن يكون المعنى أو علم ما سألت عنه من مستقرّها تحت العرش في كتابٍ كتب فيه ابتداء أمور العالم ونهايتها فيقطع دوران الشّمس وتستقرّ عند ذلك ويبطل فعلها وليس في سجودها كلّ ليلةٍ تحت العرش ما يعيق عن دورانها في سيرها قلت وظاهر الحديث أنّ المراد بالاستقرار وقوعه في كلّ يومٍ وليلةٍ عند سجودها ومقابل الاستقرار المسير الدّائم المعبّر عنه بالجري واللّه أعلم). [فتح الباري: 8/541-542]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (بابٌ قوله: {والشّمس تجري لمستقرٍ لها ذلك تقدير العزيز العليم} (يس: 38)
أي: هذا باب في قوله تعالى: {والشّمس تجري} الآية. قوله: (ولمستقر) أي: إلى مستقر لها وعن ابن عبّاس: لا تبلغ مستقرها حتّى ترجع إلى منازلها، وقيل: إلى انتهاء أمرها عند انقضاء الدّنيا، وعن أبي ذر عن النّبي صلى الله عليه وسلم: مستقرها تحت العرش. قوله: (ذلك) أي: ما ذكر من أمر اللّيل والنّهار والشّمس تقدير العزيز في ملكه العليم بما قدر من أمرها.
- حدّثنا أبو نعيمٍ حدّثنا الأعمش عن إبراهيم التّيميّ عن أبيه عن أبي ذرّ رضي الله عنه قال كنت مع النبيّ صلى الله عليه وسلم في المسجد عند غروب الشّمس فقال يا أبا ذرٍّ أتدري أين تغرب الشّمس قلت الله ورسوله أعلم قال فإنّها تذهب حتّى تسجد تحت العرش فذلك قوله تعالى: {والشّمس تجري لمستقرٍ لها ذالك تقدير العزيز العليم} .
مطابقته للتّرجمة ظاهرة. وأبو نعيم بالضّمّ الفضل بن دكين، والأعمش سليمان وإبراهيم بن يزيد من الزّيادة ابن شريك التّيميّ الكوفي، يروي عن أبيه يزيد عن أبي ذر جندب الغفاريّ، والحديث أخرجه البخاريّ في مواضع منها في بدء الخلق، ومر الكلام فيه هناك.
- حدّثنا الحميديّ حدّثنا وكيعٌ حدّثنا الأعمش عن إبراهيم التّيميّ عن أبيه عن أبي ذرٍّ قال سألت النبيّ صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: {والشّمس تجري لمستقرٍ لها} قال مستقرّها تحت العرش..
هذا طريق آخر في الحديث المذكور عن الحميدي عن عبد الله عن وكيع بن الجراح إلى آخره، غير أن في الرّواية الأولى استفهمه النّبي، صلى الله عليه وسلم، بقوله: أتدري، وهنا أبو ذر سأله عن ذلك، وفي الأول إخبار عن سجودها تحت العرش ولا ينكر ذلك عند محاذاتها للعرش في مسيرها وقد ورد القرآن بسجود الشّمس والقمر والنجوم. فإن قلت: قد قال الله تعالى: {في عين حمئه} (الكهف: 86) بينهما تخالف. قلت: لا تخالف فيه لأن المذكور في الآية إنّما هو نهاية مدرك البصر إيّاها حال الغروب ومصيرها تحت العرش للسّجود إنّما هو بعد الغروب، وليس معنى في عين حمئه سقوطها فيها وإنّما هو خبر عن الغاية الّتي بلغها ذو القرنين في مسيره حتّى لم يجد وراءها مسلكا لها فوقها أو على سعتها كما يرى غروبها من كان في لجة البحر لا يبصر السّاحل كأنّها تغرب في البحر وهي في الحقيقة تغرب وراءها والله أعلم). [عمدة القاري: 19/134]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب قوله: {والشّمس تجرى لمستقرٍّ لها ذلك تقدير العزيز العليم}
هذا (باب) بالتنوين (قوله: {والشمس تجري لمستقر لها}) الواو للعطف على الليل واللام في لمستقر بمعنى إلى والمراد بالمستقر إما الزماني وهو منتهى سيرها وسكون حركتها يوم القيامة حين تكور وينتهي هذا العالم إلى غايته، وإما المكاني وهو ما تحت العرش مما يلي الأرض من ذلك الجانب وهي أينما كانت فهي تحت العرش كجميع المخلوقات لأنه سقفها وليس بكرة كما يزعمه كثير من أهل الهيئة بل هو قبة ذات قوائم تحمله الملائكة، أو المراد غاية ارتفاعها في كبد السماء فإن حركتها إذ ذاك يوجد فيها إبطاء بحيث يظن أن لها هناك وقفة والثاني أنسب بالحديث المسوف في الباب ({ذلك}) إشارة إلى جري الشمس على هذا التقدير أو إلى المستقر ({تقدير العزيز}) الغالب بقدرته على كل مقدور ({العليم}) [يس: 38] المحيط علمه بكل معلوم وسقط باب لغير أبي ذر والآية لأبي ذر ساقطة.
- حدّثنا أبو نعيمٍ، حدّثنا الأعمش عن إبراهيم التّيميّ عن أبيه عن أبي ذرٍّ -رضي الله عنه- قال: كنت مع النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- في المسجد عند غروب الشّمس، فقال: «يا أبا ذرٍّ أتدري أين تغرب الشّمس؟ قلت: اللّه ورسوله أعلم. قال: «فإنّها تذهب حتّى تسجد تحت العرش، فذلك قوله تعالى: {والشّمس تجرى لمستقرٍّ لها ذلك تقدير العزيز العليم}» [يس: 38].
وبه قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان (عن إبراهيم) بن يزيد (التيمي) الكوفي (عن أبيه) يزيد (عن أبي ذر) جندب الغفاري (-رضي الله عنه-) أنه (قال: كنت مع النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- في المسجد عند غروب الشمس فقال):
(يا أبا ذر أتدري أين تغرب الشمس)؟ استفهام أريد به الإعلام (قلت: الله ورسوله أعلم. قال: فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش) أي تنقاد للباري تعالى انقياد المساجد من المكلفين أو شبّهها بالساجد عند غروبها. قال ابن كثير: والعرش فوق العالم مما يلي رؤوس الناس، فالشمس إذا كانت في قبة الفلك وقت الظهيرة تكون أقرب إلى العرش، فإذا استدارت في فلكها الرابع إلى مقابلة هذا المقام وهو وقت نصف الليل صارت أبعد ما يكون من العرش فحينئذٍ تسجد وتستأذن في الطلوع أي من المشرق على عادتها فيؤذن لها (فذلك قوله تعالى: {والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم}).
- حدّثنا الحميديّ، حدّثنا وكيعٌ، حدّثنا الأعمش عن إبراهيم التّيميّ عن أبيه عن أبي ذرٍّ قال: سألت النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- عن قوله تعالى: {والشّمس تجري لمستقرٍّ لها} قال: «مستقرّها تحت العرش».
وبه قال: (حدّثنا الحميدي) عبد الله بن الزبير قال: (حدّثنا وكيع) بفتح الواو وكسر الكاف ابن الجراح قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان بن مهران (عن إبراهيم التيمي عن أبيه) يزيد بن شريك (عن أبي ذر) الغفاري -رضي الله عنه- أنه (قال: سألت النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- عن قوله تعالى: {والشمس تجري لمستقر لها} قال) عليه الصلاة والسلام:
(مستقرها تحت العرش). قال الخطابي: يحتمل أن يكون على ظاهره من الاستقرار تحت العرش بحيث لا نحيط به نحن ويحتمل أن يكون المعنى إن علم ما سألت عنه من مستقرها تحت العرش في كتاب كتبت فيه مبادئ أمور العالم ونهايتها وهو اللوح المحفوظ.
والحديث أخرجه المؤلّف في مواضع، والنسائي عن إسحاق بن إبراهيم عن أبي نعيم شيخ المؤلّف فيه ولفظه تذهب حتى تنتهي تحت العرش عند ربها، وزاد ثم تستأذن فيؤذن له ويوشك أن تستأذن فلا يؤذن لها وتستشفع وتطلب فإذا كان كذلك قيل لها اطلعي من مكانك فذلك قوله تعالى: {والشمس تجري لمستقر لها} ). [إرشاد الساري: 7/312-313]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {والشّمس تجري لمستقرٍّ لها}
- أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: حدّثنا أبو نعيمٍ، قال: أخبرنا الأعمش، عن إبراهيم التّيميّ، عن أبيه، عن أبي ذرٍّ، قال: كنت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في المسجد عند مغرب الشّمس، فقال: «أتدرون أين تغرب الشّمس؟»، قلت: الله ورسوله أعلم، قال: " تذهب حتّى تنتهي تحت العرش عند ربّها، ثمّ تستأذن فيؤذن لها، ويوشك أن تستأذن فلا يؤذن لها، وتستشفع وتطلب، فإذا قال ذلك، قيل: اطلعي من مكانك، فذلك قوله: {والشّمس تجري لمستقرٍّ لها} [يس: 38]). [السنن الكبرى للنسائي: 10/229]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {والشّمس تجري لمستقرٍّ لها} يقول تعالى ذكره: والشّمس تجري لموضع قرارها، بمعنى: إلى موضع قرارها؛ وبذلك جاء الأثر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
ذكر الرّواية بذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا جابر بن نوحٍ، قال: حدّثنا الأعمش، عن إبراهيم التّيميّ، عن أبيه، عن أبي ذرٍّ الغفاريّ، قال: كنت جالسًا عند النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في المسجد، فلمّا غربت الشّمس، قال: يا أبا ذرٍّ هل تدري أين تذهب الشّمس؟ قلت: اللّه ورسوله أعلم، قال: فإنّها تذهب فتسجد بين يدي ربّها، ثمّ تستأذن بالرّجوع فيؤذن لها، وكأنّها قد قيل لها ارجعي من حيث جئت، فتطلع من مكانها، وذلك مستقرّها.
وقال بعضهم في ذلك بما:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {والشّمس تجري لمستقرٍّ لها} قال: وقتٍ واحدٍ لا تعدوه.
وقال آخرون: معنى ذلك: تجري لمجرًى لها إلى مقادير مواضعها، بمعنى: أنّها تجري إلى أبعد منازلها في الغروب، ثمّ ترجع ولا تجاوزه. قالوا: وذلك أنّها لا تزال تتقدّم كلّ ليلةٍ حتّى تنتهي إلى أبعد مغاربها ثمّ ترجع.
وقوله: {ذلك تقدير العزيز العليم} يقول: هذا الّذي وصفنا من جري الشّمس لمستقرٍّ لها تقدير العزيز في انتقامه من أعدائه، العليم بمصالح خلقه، وغير ذلك من الأشياء كلّها، لا يخفى عليه خافيةٌ). [جامع البيان: 19/434-435]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا هنّادٌ، قال: حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي ذرٍّ، قال: دخلت المسجد حين غابت الشّمس والنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم جالسٌ، فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: يا أبا ذرٍّ، أتدري أين تذهب هذه؟ قال: قلت: اللّه ورسوله أعلم، قال: فإنّها تذهب فتستأذن في السّجود فيؤذن لها، وكأنّها قد قيل لها: اطلعي من حيث جئت فتطلع من مغربها، قال: ثمّ قرأ وذلك مستقرٌّ لها قال: وذلك في قراءة عبد اللّه.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ). [سنن الترمذي: 5/217]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ م ت) أبو ذرٍ الغفاري - رضي الله عنه -: قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، عند غروب الشمس، فقال: «يا أبا ذرٍّ، أتدري أين تذهب هذه الشمس؟» قلت: الله ورسوله أعلم، قال: «تذهب تسجد تحت العرش، فتستأذن، فيؤذن لها، ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها، وتستأذن فلا يؤذن لها، فيقال لها: ارجعي من حيث جئت، فتطلع من مغربها، فذلك قوله عز وجل: {والشمس تجري لمستقرٍّ لها ذلك تقدير العزيز العليم} [يس: 38] ».
وفي رواية: ثم قرأ: {ذلك مستقرٌّ لها} في قراءة عبد الله.
وفي أخرى: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تدرون متى ذاكم؟ ذاك حين لا ينفع نفساً إيمانها، لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت في إيمانها خيراً.
وفي رواية مختصراً، قال: سألت النبيّ صلى الله عليه وسلم عن قوله: {والشمس تجرى لمستقرٍّ لها}؟ قال: مستقرّها: تحت العرش. أخرجه البخاري، ومسلم.
وفي رواية الترمذي نحو ذلك.
[شرح الغريب]
(يوشك) الإيشاك: الإسراع). [جامع الأصول: 2/332-333]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال أبو بكر بن أبي شيبة: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم التّيميّ، عن أبيه، عن أبي ذرٍّ- رضي اللّه عنه- قال: "دخلت المسجد حين غابت الشّمس، قال: النبي صلّى اللّه عليه وسلّم جالسٌ قال: فقال: يا أباذر، تدري أين تذهب هذه؟ قال: قلت: اللّه ورسوله أعلم. قال: فإنّها تذهب فتستأذن في السّجود فيؤذن لها. فكأنّها قد قيل لها: اطلعي من حيث جئت قالت: فتطلع من مغربها. قال: ثمّ قرأ "وذلك مستقر لها" في قراءة عبد اللّه ". هذا إسنادٌ صحيحٌ. وإبراهيم هو ابن يزيد بن شريكٍ.
- قال: وثنا وكيعٌ، عن الأعمش، عن إبراهيم ... فذكره بلفظ (والشمس تجري لمستقر لها) قال: مستقرها تحت العرش".
- قال: وثنا يزيد بن هارون، عن سفيان بن حسين، عن الحكم بن عتيبة، عن إبراهيم التّيميّ، عن أبيه، عن أبي ذر قال: "كنت ردف رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على حمارٍ فرأى الشّمس حين غابت. فقال: يا أبا ذرٍّ، تدري أين تغرب هذه؟ قال فقلت: اللّه ورسوله أعلم. قال: فإنها تغرب في عين حامية، تنطلق حتّى تخرّ ساجدةً لربّها تحت العرش، فإذا حان خروجها أذن لها، فإذا أراد اللّه أن يطلعها من مغربها حبسها فتقول: يا ربّ، إنّ مسيري بعيدٌ. فيقول: اطلعي من حيث جئت. فذلك حين لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل".
هذا إسنادٌ صحيحٌ). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/208-209] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (آية 38.
أخرج عبد بن حميد والبخاري والترمذي، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة، وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي ذر قال: كنت مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم في المسجد عند غروب الشمس فقال: يا أبا ذر أتدري أين تغرب الشمس قلت: الله ورسوله أعلم قال: فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فذلك قوله {والشمس تجري لمستقر لها} قال: مستقرها تحت العرش). [الدر المنثور: 12/347]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، وابن مردويه والبيهقي عن أبي ذر قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله: {والشمس تجري لمستقر لها} قال: مستقرها تحت العرش). [الدر المنثور: 12/347-348]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أبي ذر قال: دخلت المسجد حين غابت الشمس والنبي صلى الله عليه وسلم جالس فقال يا أبا ذر أتدري أين تذهب هذه قلت: الله ورسوله أعلم قال: فإنها تذهب حتى تسجد بين يدي ربها فتستأذن في الرجوع فيأذن لها وكأنها قيل لها اطلعي من حيث جئت فتطلع من مغربها ثم قرأ وذلك مستقر لها قال: وذلك قراءة عبد الله). [الدر المنثور: 12/348]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عبد الله بن عمر في الآية قال {لمستقر لها} أن تطلع فتردها ذنوب بني آدم فإذا غربت سلمت وسجدت واستأذنت فيؤذن لها حتى إذا غربت سلمت فلا يؤذن لها فتقول: إن السير بعيد وإني لم يؤذن لي لا أبلغ فتحبس ما شاء الله أن تحبس ثم يقال اطلعي من حيث غربت، قال: فمن يومئذ إلى يوم القيامة (لا ينفع نفسا إيمانها) (الأنعام 158) ). [الدر المنثور: 12/348]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد في فضائله، وابن الأنباري في المصاحف وأحمد عن ابن عباس أنه كان يقرأ والشمس تجري لمستقر لها). [الدر المنثور: 12/349]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عمرو قال: لو أن الشمس تجري مجرى واحدا من أهل الأرض فيخشى منها ولكنها تحلق في الصيف وتعترض في الشتاء فلو أنها طلعت مطلعها في الشتاء في الصيف لأنضجهم الحر، ولو أنها طلعت في الصيف لقطعهم البرد). [الدر المنثور: 12/349]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أبي راشد رضي الله عنه في قوله {والشمس تجري لمستقر لها} قال: موضع سجودها). [الدر المنثور: 12/349]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري في المصاحف عن قتادة رضي الله عنه في قوله {والشمس تجري لمستقر لها} قال: لوقتها ولأجل لا تعدوه). [الدر المنثور: 12/349-350]

تفسير قوله تعالى: (وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله كالعرجون القديم قال هو عذق النخلة اليابس المنحني). [تفسير عبد الرزاق: 2/141]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {والقمر قدّرناه منازل حتّى عاد كالعرجون القديم (39) لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا اللّيل سابق النّهار وكلٌّ في فلكٍ يسبحون}.
قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: اختلفت القرّاء في قراءة قوله: {والقمر قدّرناه منازل} فقرأه بعض المكّيّين وبعض المدنيّين وبعض البصريّين: (والقمر) رفعًا عطفًا بها على الشّمس، إذ كانت الشّمس معطوفةً على اللّيل، فأتبعوا القمر أيضًا الشّمس في الإعراب، لأنّه أيضًا من الآيات، كما اللّيل والشّمس آيتان، فعلى هذه القراءة تأويل الكلام: وآيةٌ لهم القمر قدّرناه منازل وقرأ ذلك بعض المكّيّين وبعض المدنيّين وبعض البصريّين، وعامّة قرّاء الكوفة نصبًا: {والقمر قدّرناه} بمعنى: وقدّرنا القمر منازل، كما فعلنا ذلك بالشّمس، فردّوه على الهاء من الشّمس في المعنى، لأنّ الواو الّتي فيها للفعل المتأخّر.
والصّواب من القول في ذلك عندنا أنّهما قراءتان مشهورتان صحيحتا المعنى، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ فتأويل الكلام: وآيةٌ لهم تقديرنا القمر منازل للنّقصان بعد تناهيه وتمامه واستوائه، حتّى عاد كالعرجون القديم؛ والعرجون: هو من العذق من الموضع النّابت في النّخلة إلى موضع الشماريخ.
وإنّما شبّهه جلّ ثناؤه بالعرجون القديم والقديم هو اليابس لأنّ ذلك من العذق، لا يكاد يوجد إلاّ متقوّسًا منحنيًا إذا قدم ويبس، ولا يكاد أن يصاب مستويًا معتدلاً، كأغصان سائر الأشجار وفروعها، فكذلك القمر إذا كان في آخر الشّهر قبل استسراره، صار في انحنائه وتقوّسه نظير ذلك العرجون.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {حتّى عاد كالعرجون القديم} يقول: أصل العذق العتيق.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {حتّى عاد كالعرجون القديم} يعني بالعرجون: العذق اليابس.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ، عن الحسن، في قوله: {والقمر قدّرناه منازل حتّى عاد كالعرجون القديم} قال: كعذق النّخلة إذا قدم فانحنى.
- حدّثني أحمد بن إبراهيم الدّورقيّ، قال: حدّثنا أبو يزيد الخرّاز يعني خالد بن حيّان الرّقّيّ، عن جعفر بن برقان، عن يزيد بن الأصمّ، في قوله: {حتّى عاد كالعرجون القديم} قال: عذق النّخلة إذا قدم انحنى.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثنا عيسى بن عبيدٍ، عن عكرمة، في قوله: {كالعرجون القديم} قال: النّخلة القديمة.
- حدّثني محمّد بن عمارة الأسديّ، قال: حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ {كالعرجون القديم} قال: العذق اليابس.
- حدّثني محمّد بن عمر بن عليٍّ المقدّميّ، سمعت أبا عاصمٍ يقول، وحدّثنا ابن سنانٍ القزّاز قال: حدّثنا أبو عاصمٍ يقول: سمعت سليمان التّيميّ، في قوله: {حتّى عاد كالعرجون القديم} قال: العذق.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {حتّى عاد كالعرجون القديم} قال: قدّره اللّه منازل، فجعل ينقص حتّى كان مثل عذق النّخلة، شبّهّه بعذقٍ النّخلة). [جامع البيان: 19/435-438]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (آية 39.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {والقمر قدرناه منازل} الآية، قال: قدره الله منازل فجعل ينقص حتى كان مثل عذق النخلة فشبهه بذلك). [الدر المنثور: 12/350]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الخطيب في كتب النجوم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم} قال: في ثمانية وعشرين منزلا ينزلها القمر في شهر، أربعة عشر منها شامية وأربعة عشر منها يمانية، فأولها السرطين والبطين والثريا والدبران والهقعة والهنعة والذراع والنثرة والطرف والجبهة والزبرة والصرفة والعواء والسماك، وهو آخر الشامية والعقرب والزبابين والإكليل والقلب والشولة والنعائم والبلدة وسعد الذابح وسعد بلع وسعد السعود وسعد الأخبية ومقدم الدلو ومؤخر الدلو والحوت وهو آخر اليمانية، فإذا سار هذه الثمانية والعشرين منزلا {عاد كالعرجون القديم} كما كان في أول الشهر). [الدر المنثور: 12/350]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {كالعرجون القديم} يعني أصل العذق القديم). [الدر المنثور: 12/351]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {كالعرجون القديم} قال: عرجون النخل اليابس). [الدر المنثور: 12/351]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {كالعرجون القديم} قال: هو عذق النخلة اليابس المنحني). [الدر المنثور: 12/351]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {كالعرجون القديم} قال: كعذق النخلة إذا قدم فانحنى). [الدر المنثور: 12/351]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن الحسن بن الوليد قال: أعتق رجل كل غلام له عتيق قديم فسئل يعقوب فقال: من كان لسنة فهو حر، قال الله {حتى عاد كالعرجون القديم} وكان لسنة). [الدر المنثور: 12/351]

تفسير قوله تعالى: (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الحسن في قوله لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر قال ذاك ليلة الهلال). [تفسير عبد الرزاق: 2/143]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وبلغني عن عكرمة قال لكل واحد منها سلطان قال فلا ينبغي للشمس أن تطلع بالليل ولا الليل سابق النهار يقول لا ينبغي إذا كان الليل أن يكون ليل آخر حتى يكون النهار يعني سلطان الشمس بالنهار وللقمر سلطان بالليل). [تفسير عبد الرزاق: 2/143]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الكلبي في قوله تعالى وكل في فلك يسبحون قال كل شيء يدور فهو فلك قال معمر ثم سألت قتادة عنها فقال فلك السماء كما رأيت). [تفسير عبد الرزاق: 2/143-144]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح في قوله: {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا اللّيل سابق النّهار وكل في فلك يسبحون} قال: لا ينبغي للشّمس أن تدرك القمر يعني أنّ اللّيل والنّهار لا يجتمعان قال: {ولا الليل سابق النهار} قال: لا ينبغي للّيل أن يدرك ضوء النهار [الآية: 40]). [تفسير الثوري: 249-250]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( {أن تدرك القمر}: [يس: 40] «لا يستر ضوء أحدهما ضوء الآخر، ولا ينبغي لهما ذلك» ، {سابق النّهار} [يس: 40] : «يتطالبان حثيثين» ). [صحيح البخاري: 6/122-123]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله أن تدرك القمر إلخ وقوله سابق النّهار إلخ. وقوله نسلخ نخرج إلخ سقط كلّه لأبي ذرٍّ وقد تقدّم في بدء الخلق). [فتح الباري: 8/541]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال مجاهد {فعززنا} شددنا {يا حسرة على العباد} كان حسرة عليهم استهزاؤهم بالرسل {أن تدرك القمر} لا يستر ضوء أحدهما ضوء الآخر ولا ينبغي لهما ذلك {سابق النّهار} يتطالبان حثيثين {نسلخ} نخرج أحدهما من الآخر ونجري كل واحد منهما من مثله من الأنعام {فاكهون} معجبون {جند محضرون} عند الحساب ويذكر عن عكرمة {المشحون} الموقر وقال ابن عبّاس {طائركم} مصابكم {ينسلون} يخرجون {مرقدنا} مخرجنا {أحصيناه} حفظناه {مكانتكم} ومكانكم واحد
أما قول مجاهد فتقدم بعضها في بدء الخلق
وقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 14 يس {فعززنا بثالث} قال شددنا
وبه في قوله 30 يس {يا حسرة على العباد} قال كانت حسرة عليهم استهزاؤهم بالرسل
وبه في قوله 40 يس {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر} قال لا يستر ضوء أحدهما الآخر ولا ينبغي ذلك لهما {ولا اللّيل سابق النّهار} قال يطلبان حثيثين). [تغليق التعليق: 4/290-291]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( {أن تدرك القمر} لا يستر ضوء أحدهما ضوءً الآخر ولا ينبغي لهما ذالك سابق النّهار يتطالبان حثيثين.
أشار به إلى قوله تعالى: (لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا اللّيل سابق النّهار وكل في فلك يسبحون) ، (يس: 40) وفسّر: أن تدرك القمر، بقوله: لا يستر ضوء أحدهما ضوء الآخر. قوله: ولا ينبغي لهما ذلك أي: ستر أحدهما الآخر لأن لكل منهما حدا لا يعدوه ولا يقصر دونه فإذا اجتمعا وأدرك كل واحد منهما صاحبه. قامت القيامة وذلك قوله تعالى: {وجمع الشّمس والقمر} قوله: سابق النّهار أي: ولا اللّيل سابق النّهار. قوله: يتطالبان أي: الشّمس والقمر كل منهما يطلب صاحبه حثيثين، أي: حال كونهما حثيثين. أي: مجدين في الطّلب فلا يجتمعان إلاّ في الوقت الّذي حده الله لهما وهو يوم قيام السّاعة). [عمدة القاري: 19/132-133]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({أن تدرك القمر}) في قوله: {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر} [يس: 40] أي (لا يستر ضوء أحدهما ضوء الآخر ولا ينبغي لهما ذلك) أي أن يستر أحدهما الآخر لأن لكلٍّ منهما حدًّا لا يعدوه ولا يقصر دونه إلا عند قيام الساعة وقال عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الحسن في قوله لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر قال ذلك ليلة الهلال.
({سابق النهار}) في قوله: {ولا الليل سابق النهار} [يس: 40] أي (يتطالبان) حال كونهما (حثيثين) فلا فترة بينهما بل كل منهما يعقب الآخر بلا مهلة ولا تراخٍ لأنهما مسخّران يتطالبان طلبًا حثيثًا فلا يجتمعان إلا في وقت قيام الساعة). [إرشاد الساري: 7/312]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (قوله: (ولا ينبغي لهما ذلك) أي: ستر أحدهما الآخر لأن لكل منهما حدّاً لا يعدوه، ولا يقصر دونه، فإذا اجتمعا، وأدرك كل واحد صاحبه قامت القيامة اهـ شيخ الإسلام). [حاشية السندي على البخاري: 3/66]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر} يقول تعالى ذكره: لا الشّمس يصلح لها إدراك القمر، فيذهب ضوءها بضوئه، فتكون الأوقات كلّها نهارًا لا ليل فيها {ولا اللّيل سابق النّهار} يقول تعالى ذكره: ولا اللّيل بفائت النّهار حتّى تذهب ظلمته بضيائه، فتكون الأوقات كلّها ليلاً.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل على اختلافٍ منهم في ألفاظهم في تأويل ذلك، إلاّ أنّ معاني عامّتهم الّذي قلناه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عنبسة، عن محمّد بن عبد الرّحمن، عن القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهدٍ، في قوله: {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر} قال: لا يستر ضوءها ضوء الآخر، لا ينبغي لها ذلك.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر} قال: لا يستر ضوء أحدهما ضوء الآخر، ولا ينبغي ذلك لهما وفي قوله: {ولا اللّيل سابق النّهار} قال: يتطالبان حثيثين، يسلخ أحدهما من الآخر.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا الأشجعيّ، عن سفيان، عن إسماعيل، عن أبي صالحٍ: {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا اللّيل سابق النّهار} قال: لا يدرك هذا ضوء هذا ولا هذا ضوء هذا.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا اللّيل سابق النّهار} ولكلٍّ حدٌّ وعلمٌ لا يعدوه، ولا يقصر دونه؛ إذا جاء سلطان هذا، ذهب سلطان هذا، وإذا جاء سلطان هذا ذهب سلطان هذا.
- وروي عن ابن عبّاسٍ في ذلك ما: حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا اللّيل سابق النّهار} يقول: إذا اجتمعا في السّماء كان أحدهما بين يدي الآخر، فإذا غابا غاب أحدهما بين يدي الآخر.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول، في قوله: {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر} وهذا في ضوء القمر وضوء الشّمس، إذا طلعت الشّمس لم يكن للقمر ضوءٌ، وإذا طلع القمر بضوئه لم يكن للشّمس ضوءٌ {ولا اللّيل سابق النّهار} قال: في قضاء اللّه وعلمه أن لا يفوّت اللّيل النّهار حتّى يدركه، فيذهب ظلمته، وفي قضاء اللّه أن لا يفوّت النّهار اللّيل حتّى يدركه، فيذهب بضوئه.
و(أن) من قوله: {أن تدرك} في موضع رفعٍ بقوله: ينبغي.
وقوله: {وكلٌّ في فلكٍ يسبحون} يقول: وكلّ ما ذكرنا من الشّمس والقمر واللّيل والنّهار في فلكٍ يجرون.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا أبو النّعمان الحكم بن عبد اللّه العجليّ، قال: حدّثنا شعبة، عن مسلمٍ البطين، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ {وكلٌّ في فلكٍ يسبحون} قال: في فلكٍ كفلك المغزل.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الصّمد، قال: حدّثنا شعبة، قال: حدّثنا الأعمش، عن مسلمٍ البطين، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ مثله.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: مجرى كلّ واحدٍ منهما يعني اللّيل والنّهار في فلكٍ يسبحون: يجرون.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {وكلٌّ في فلكٍ يسبحون} أي في فلك السّماء يسبحون.
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وكلٌّ في فلكٍ يسبحون} يقول: دورانٍ، {يسبحون} يقول: يجرون.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وكلٌّ في فلكٍ يسبحون} يعني: كلٌّ في فلكٍ في السّموات). [جامع البيان: 19/438-441]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن الأسود لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر قال يقول لا يسبق واحدهما ضوء الآخر ولا ينبغي لهما ذلك ولا الليل سابق النهار يقول يطالبان حثيثين ينسلخ أحدهما من الآخر ويجري كل واحد منهما في فلك يسبحون يعني يجرون). [تفسير مجاهد: 535]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (آية 40.
أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر} قال: لا يشبه ضوء أحدهما ضوء الآخر ولا ينبغي لهما ذلك، وذلك {ولا الليل سابق النهار} قال: يتطالبان حثيثين يسلخ أحدهما من الآخر). [الدر المنثور: 12/351-352]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار} قال: لكل حد وعلم لا يعدوه ولا يقصر دونه إذا جاء سلطان هذا ذهب سلطان هذا وإذا جاء سلطان هذا ذهب سلطان هذا). [الدر المنثور: 12/352]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر} قال: ذاك ليلة الهلال). [الدر المنثور: 12/352]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ] [ في قوله {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار} قال: لكل واحد منهما سلطان، للقمر سلطان بالليل، وللشمس سلطان بالنهار فلا ينبغي للشمس أن تطلع بالليل، وقوله: {ولا الليل سابق النهار} يقول: لا ينبغي إذا كان ليل أن يكون ليل آخر حتى يكون النهار). [الدر المنثور: 12/352]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {ولا الليل سابق النهار} قال: لا يذهب الليل من ههنا حتى يجيء النهار من ههنا وأومأ بيده إلى المشرق). [الدر المنثور: 12/353]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ولا الليل سابق النهار} قال: في قضاء الله وعلمه أن لا يفوت الليل النهار حتى يدركه فتذهب ظلمته، وفي قضاء الله وعلمه أن لا يفوت النهار الليل حتى يدركه فيذهب بضوئه). [الدر المنثور: 12/353]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار} قال: لا يدرك هذا ضوء هذا ولا هذا ضوء هذا). [الدر المنثور: 12/353]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه في الآية قال: لا يسبق هذا ضوء هذا ولا هذا ضوء هذا). [الدر المنثور: 12/353]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك رضي الله عنه في الآية قال: لا يعلو هذا ضوء هذا ولا هذا على هذا). [الدر المنثور: 12/353]

تفسير قوله تعالى: (وَآَيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (ويذكر عن عكرمة: {المشحون} [يس: 41] : «الموقر»). [صحيح البخاري: 6/123]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله ويذكر عن عكرمة المشحون الموقر سقط هذا لأبي ذرٍّ وقد تقدّم في أحاديث الأنبياء وجاء مثله عن بن عبّاسٍ وصله الطّبريّ من طريق سعيد بن جبيرٍ عنه بإسنادٍ حسنٍ). [فتح الباري: 8/541]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وأما قول عكرمة فقال
وقد روي ذلك عن ابن عبّاس قال ابن جرير ثنا الفضل بن الصّباح ثنا محمّد بن فضيل عن عطاء عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس قال 41 يس {الفلك المشحون} الموقر هذا إسناد حسن). [تغليق التعليق: 4/292]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (ويذكر عن عكرمة: المسجون: الموقر
أي: ويذكر عن عكرمة مولى ابن عبّاس في قوله تعالى: {في الفلك المشحون} (يس: 41) أن معناه: الموقر، وفي التّفسير: المشحون الموقر المملوء أيضا. وهي سفينة نوح عليه السّلام، حمل الآباء في السّفينة والأبناء في الأصلاب، وهذا لم يثبت في رواية أبي ذر). [عمدة القاري: 19/133]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (ويذكر) بضم أوّله مبنيًّا للمفعول (عن عكرمة) مولى ابن عباس في قوله تعالى: {في الفلك (المشحون}) [يس: 41] هو (الموقر) بضم الميم وسكون الواو وبعد القاف المفتوحة راء (وقال ابن عباس) في قوله: ({طائركم}) أي (مصائبكم) وعنه فيما وصله الطبري أعمالكم أي حظكم من الخير والشر). [إرشاد الساري: 7/312]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وآيةٌ لهم أنّا حملنا ذرّيّتهم في الفلك المشحون (41) وخلقنا لهم من مثله ما يركبون (42) وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون (43) إلاّ رحمةً منّا ومتاعًا إلى حينٍ}.
قال أبو جعفرٍ رحمه اللّه: يقول تعالى ذكره: ودليلٌ لهم أيضًا، وعلامةٌ على قدرتنا على كلّ ما نشاء، حملنا ذرّيّتهم؛ يعني من نجا من ولد آدم في سفينة نوحٍ، وإيّاها عنى جلّ ثناؤه بالفلك المشحون؛ والفلك: هي السّفينة، والمشحون: المملوء الموقر.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {أنّا حملنا ذرّيّتهم في الفلك المشحون} يقول: الممتلئ.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {في الفلك المشحون} يعني المثقّل.
- حدّثني سليمان بن عبد الجبّار، قال: حدّثنا محمّد بن الصّلت، قال: حدّثنا أبو كدينة، عن عطاءٍ، عن سعيدٍ {الفلك المشحون} قال: الموقر.
- حدّثنا عمران بن موسى، قال: حدّثنا عبد الوارث، قال: حدّثنا يونس، عن الحسن، في قوله: {المشحون} قال: المحمول.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {أنّا حملنا ذرّيّتهم في الفلك المشحون} يعني: سفينة نوحٍ عليه السّلام.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وآيةٌ لهم أنّا حملنا ذرّيّتهم في الفلك المشحون} الموقر، يعني سفينة نوحٍ.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {الفلك المشحون} قال: الفلك المشحون: المركب الّذي كان فيه نوحٌ، والذّرّيّة الّتي كانت في ذلك المركب؛ قال: والمشحون: الّذي قد شحن، الّذي قد جعل فيه ليركبه أهله، جعلوا فيه ما يريدون، فربّما امتلأ، وربّما لم يمتلئ.
- حدّثنا الفضل بن الصّبّاح، قال: حدّثنا محمّد بن فضيلٍ، عن عطاءٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: أتدرون ما الفلك المشحون؟ قلنا: لا، قال: هو الموقر.
- حدّثنا عمرو بن عبد الحميد الآمليّ، قال: حدّثنا مروان، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، في قوله: {الفلك المشحون} قال: الموقر). [جامع البيان: 19/442-443]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 41 - 48
أخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله {وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون} قال: سفينة نوح عليه السلام حمل فيها من كل زوجين اثنين {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال: السفن التي في البحور والأنهار التي يركب الناس فيها). [الدر المنثور: 12/353-354]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن أبي صالح في قوله {حملنا ذريتهم في الفلك المشحون} قال: سفينة نوح {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال: هذه السفن مثل خشبها وصنعتها). [الدر المنثور: 12/354]

تفسير قوله تعالى: (وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (42) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( {من مثله} [يس: 42] : «من الأنعام»). [صحيح البخاري: 6/123]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله من مثله من الأنعام وصله الفريابيّ أيضا من طريق مجاهد وعن بن عبّاسٍ قال المراد بالمثل هنا السّفن ورجّح لقوله بعد {وإن نشأ نغرقهم} إذ الغرق لا يكون في الأنعام). [فتح الباري: 8/541]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال مجاهد {فعززنا} شددنا {يا حسرة على العباد} كان حسرة عليهم استهزاؤهم بالرسل {أن تدرك القمر} لا يستر ضوء أحدهما ضوء الآخر ولا ينبغي لهما ذلك {سابق النّهار} يتطالبان حثيثين {نسلخ} نخرج أحدهما من الآخر ونجري كل واحد منهما من مثله من الأنعام {فاكهون} معجبون {جند محضرون} عند الحساب ويذكر عن عكرمة {المشحون} الموقر وقال ابن عبّاس {طائركم} مصابكم {ينسلون} يخرجون {مرقدنا} مخرجنا {أحصيناه} حفظناه {مكانتكم} ومكانكم واحد
أما قول مجاهد فتقدم بعضها في بدء الخلق
وقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 14 يس {فعززنا بثالث} قال شددنا
وبه في قوله 30 يس {يا حسرة على العباد} قال كانت حسرة عليهم استهزاؤهم بالرسل
وبه في قوله 40 يس {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر} قال لا يستر ضوء أحدهما الآخر ولا ينبغي ذلك لهما {ولا اللّيل سابق النّهار} قال يطلبان حثيثين {نسلخ} نخرج أحدهما من الآخر ويجري كل واحد منهما في فلك يسبحون
وفي قوله
42 - يس {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال من الأنعام). [تغليق التعليق: 4/290-291] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (من مثله من الأنعام
أشار به إلى قوله: {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} (يس: 42) أي: من مثل الفلك من الأنعام ما يركبون، وعن ابن عبّاس: الإبل سفن البر، وعن أبي مالك وهي السفن الصغار). [عمدة القاري: 19/133]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({من مثلها}) في قوله تعالى: {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} [يس: 42] أي (من الأنعام) كالإبل فإنها سفائن البر وهذا قول مجاهد وقال ابن عباس السفن وهو أشبه بقوله وإن نشأ نغرقهم لأن الغرق في الماء). [إرشاد الساري: 7/312]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} يقول تعالى ذكره: وخلقنا لهؤلاء المشركين المكذّبيك يا محمّد تفضّلاً منّا عليهم من مثل ذلك الفلك الّذي كنّا حملنا من ذرّيّة آدم من حملنا فيه الّذي يركبونه من المراكب.
ثمّ اختلف أهل التّأويل في الّذي عني بقوله: {ما يركبون} فقال بعضهم: هي السّفن.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الفضل بن الصّبّاح، قال: حدّثنا محمّد بن فضيلٍ، عن عطاءٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: تدرون ما {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قلنا: لا قال: هي السّفن جعلت لهم من بعد سفينة نوحٍ على مثلها.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا يحيى، قال: حدّثنا سفيان، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ، في قوله: {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال: السّفن الصّغار.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى، قال: حدّثنا سفيان، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ، في قوله: {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال: السّفن الصّغار، ألا ترى أنّه قال: {وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم}؟.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن منصور بن زاذان، عن الحسن، في هذه الآية: {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال: السّفن الصّغار.
- حدّثنا حاتم بن بكرٍ الضّبّيّ، قال: حدّثنا عثمان بن عمر، عن شعبة، عن إسماعيل، عن أبي صالحٍ: {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال: السّفن الصّغار.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} يعني: السّفن الّتي اتّخذت بعدها، يعني بعد سفينة نوحٍ.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال: هي السّفن الّتي ينتفع بها.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال: وهي هذه الفلك.
- حدّثني يونس، قال: حدّثنا محمّد بن عبيدٍ، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن أبي صالحٍ، في قوله: {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال: نعم من مثل سفينةٍ.
وقال آخرون: بل عني بذلك الإبل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثنا أبي، قال، حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} يعني: الإبل، خلقها اللّه كما رأيت، فهي سفن البرّ، يحملون عليها ويركبونها.
- حدّثنا نصر بن عليٍّ، قال: حدّثنا غندرٌ، عن عثمان بن غياثٍ، عن عكرمة {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال: الإبل.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن السّدّيّ، قال: قال عبد اللّه بن شدّادٍ: {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} هي الإبل.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال: من الأنعام.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: قال الحسن: هي الإبل.
وأشبه القولين بتأويل ذلك قول من قال: عني بذلك السّفن، وذلك لدلالة قوله: {وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم} على أنّ ذلك كذلك، وذلك أنّ الغرق معلومٌ أن لا يكون إلاّ في الماء، ولا غرق في البرّ). [جامع البيان: 19/443-446]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وخلقنا لهم من مثله ما يركبون قال يعني من الأنعام ما يركبون). [تفسير مجاهد: 535]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 41 - 48
أخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله {وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون} قال: سفينة نوح عليه السلام حمل فيها من كل زوجين اثنين {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال: السفن التي في البحور والأنهار التي يركب الناس فيها). [الدر المنثور: 12/353-354] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن أبي صالح في قوله {حملنا ذريتهم في الفلك المشحون} قال: سفينة نوح {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال: هذه السفن مثل خشبها وصنعتها). [الدر المنثور: 12/354] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال: هي السفن جعلت من بعد سفينة نوح على مثلها). [الدر المنثور: 12/354]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال: يعني السفن الصغار وقال: الحسن رضي الله عنه: هي الإبل). [الدر المنثور: 12/354]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} يعني الإبل خلقها الله تعالى كما رأيت فهي سفن البر يحملون عليها ويركبونها). [الدر المنثور: 12/354]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عبد الله بن شداد رضي الله عنه في قوله {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قالا: الإبل). [الدر المنثور: 12/355]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال: الأنعام، وفي قوله {وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم} لا مغيث لهم يستغيثون به). [الدر المنثور: 12/355]

تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ (43) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر عن قتادة في قوله تعالى فلا صريخ لهم قال لا مغيث لهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/144]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم} يقول تعالى ذكره: وإن نشأ نغرق هؤلاء المشركين إذا ركبوا الفلك في البحر {فلا صريخ لهم} يقول: فلا مغيث لهم إذا نحن غرّقناهم يغيثهم، فينجيهم من الغرق.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم} أي لا مغيث.
وقوله: {ولا هم ينقذون} يقول: ولا هو ينقذهم من الغرق شيءٌ إن نحن أغرقناهم في البحر، إلاّ أن ننقذهم نحن رحمةً منّا لهم، فننجيهم منه). [جامع البيان: 19/447]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} قال: الأنعام، وفي قوله {وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم} لا مغيث لهم يستغيثون به). [الدر المنثور: 12/355] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {فلا صريخ لهم} قال: لا مغيث لهم وفي قوله {ومتاعا إلى حين} قال: إلى الموت، وفي قوله {وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم} قال: من الوقائع التي قد خلت فيمن كان قبلكم والعقوبات التي أصابت عادا وثمودا والأمم {وما خلفكم} قال: من أمر الساعة، وفي قوله {وإذا قيل لهم أنفقوا من ما رزقكم الله}، قال: نزلت في الزنادقة كانوا لا يطعمون فقيرا فعاب الله ذلك عليه وعيرهم). [الدر المنثور: 12/355-356]

تفسير قوله تعالى: (إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (44) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ولا هم ينقذون} يقول: ولا هو ينقذهم من الغرق شيءٌ إن نحن أغرقناهم في البحر، إلاّ أن ننقذهم نحن رحمةً منّا لهم، فننجيهم منه
وقوله: {ومتاعًا إلى حينٍ} يقول: ولنمتّعهم إلى أجلٍ هم بالغوه، فكأنّه قال: ولا هم ينقذون، إلاّ أن نرحمهم فنمتّعهم إلى أجلٍ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {ومتاعًا إلى حينٍ} أي إلى الموت). [جامع البيان: 19/447]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {فلا صريخ لهم} قال: لا مغيث لهم وفي قوله {ومتاعا إلى حين} قال: إلى الموت، وفي قوله {وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم} قال: من الوقائع التي قد خلت فيمن كان قبلكم والعقوبات التي أصابت عادا وثمودا والأمم {وما خلفكم} قال: من أمر الساعة، وفي قوله {وإذا قيل لهم أنفقوا من ما رزقكم الله}، قال: نزلت في الزنادقة كانوا لا يطعمون فقيرا فعاب الله ذلك عليه وعيرهم). [الدر المنثور: 12/355-356] (م)


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 27 جمادى الأولى 1434هـ/7-04-2013م, 03:43 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَآَيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ (37) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {نسلخ منه النّهار...}
فإن قال قائل: ما قوله: {نسلخ منه النّهار}, فإنما معناه: نسلخ عنه النهار: نرمي بالنهار عنه , فتأتي الظلمة.
وكذلك النهار يسلخ منه الليل , فيأتي الضوء, وهو عربيّ معروف، ألا ترى قوله: {آتيناه آياتنا فانسلخ منها} : أي: خرج منها وتركها, وكذلك الليل والنهار.). [معاني القرآن: 2/377]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {نسلخ منه النّهار} : نميزه منه , فنجئ بالظلمة: { فإذ هم مّظلمون }: أي: يقال للرجل: سلخه الله من دينه.).[مجاز القرآن: 2/161]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فإذا هم مظلمون}: أي: داخلون في الظلام.). [تفسير غريب القرآن: 365]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وآية لهم اللّيل نسلخ منه النّهار فإذا هم مظلمون (37)}
ومعنى نسلخ , نخرج منه النهار إخراجا لا يبقى معه شيء من ضوء النهار، وذلك من العلامات الدالة على توحيد اللّه وقدرته.). [معاني القرآن: 4/287]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون}
يقال: سلخت الشيء من الشيء , أي: أزلته منه , وخلصته حتى لم يبق منه شيء , فإذا هم مظلمون .
فإذا هم مظلمون : أي: داخلون في الإظلام.). [معاني القرآن: 5/492]

تفسير قوله تعالى:{وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {والشّمس تجري لمستقرٍّ لّها...}
إلى مقدار مجاريها: المقدار المستقر.
من قال: {لا مستقرّ لها} , أو {لا مستقرٌّ لها} , فهما وجهان حسنان، جعلها أبداً جاريةً, وأمّا أن يخفض المستقرّ , فلا أدري ما هو.). [معاني القرآن: 2/377]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {والشّمس تجري لمستقرٍّ لها}: أي: موضع تنتهي إليه، فلا تجاوزه، ثم ترجع.). [تفسير غريب القرآن: 365]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}.
قوله: {تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} أي: إلى مستقر لها، كما تقول: هو يجري لغايته وإلى غايته.
ومستقرّها: أقصى منازلها في الغروب، وذلك لأنها لا تزال تتقدم في كل ليلة حتى تنتهي إلى أبعد مغاربها ثم ترجع، فذلك مستقرها لأنها لا تجاوزه.
وقرأ بعض السلف: والشمس تجري لا مستقر لها والمعنى أنها لا تقف، ولا تستقر، ولكنها جارية أبدا). [تأويل مشكل القرآن: 318]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {والشّمس تجري لمستقرّ لها ذلك تقدير العزيز العليم (38)}
المعنى : وآية لهم الشمس تجري لمستقر لها, أي: لأجل قد أجّل لها , وقدّر لها.
ومن قرأ :{لا مستقر لها}: فمعناه أنها جارية أبدا , لا تثبت في مكان.). [معاني القرآن: 4/287]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم}
قيل : المعنى : إلى موضع قرارها , كما جاء في الحديث : ((تذهب فتسجد بين يدي ربها جل وعز , ثم تستأذن بالرجوع , فيؤذن لها)).
آي: وآية لهم الشمس تجري لمستقر لها .
ويجوز أن تكون مبتدأة , ولمستقر لها الخبر , أي: لأجل لها.
وروي عن ابن عباس : أنه قرأ : {لا مستقر لها}: (أي : جارية لا تثبت في موضع واحد).
وروى الأعمش , عن إبراهيم التيمي , عن أبيه , عن أبي ذر رضي الله عنه قال : (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله جل وعز:
{والشمس تجري لمستقر لها}, قال : ((مستقرها تحت العرش))).
وقيل : إلى أبعد منازلها في الغروب , ثم ترجع , ولا تجاوزه.). [معاني القرآن: 5/493-494]

تفسير قوله تعالى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {والقمر قدّرناه منازل...}
الرفع فيه أعجب إليّ من النصب؛ لأنه قال: {وآيةٌ لهم اللّيل}, ثم جعل الشمس والقمر متبعين لليل , وهما في مذهبه آيات مثله.
ومن نصب أراد: وقدّرنا القمر منازل، كما فعلنا بالشمس, فردّه على الهاء من الشمس في المعنى، لا أنه أوقع عليه ما أوقع على الشمس.
ومثله في الكلام: عبد الله يقوم, وجاريته يضربها، فالجارية مردودة على الفعل لا على الاسم , لذلك نصبناها؛ لأنّ الواو التي فيها للفعل المتأخّر.
وقوله: {كالعرجون} : والعرجون : ما بين الشماريخ إلى النابت في النخلة.
والقديم في هذا الموضع: الذي قد أتى عليه حول.). [معاني القرآن: 2/378]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({حتّى عاد كالعرجون القديم }: هو الإهان : إهان العذق الذي في أعلاه العثا كيل , وهي الشّماريخ , والعذق بفتح العين: النخلة.).[مجاز القرآن: 2/161]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ((العرجون القديم): العذق الذي في أعلاه الشماريخ). [غريب القرآن وتفسيره: 311]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (وكالعرجون: عود الكباسة, وهو: الإهان أيضا.
والقديم: الذي قد أتي عليه حول، فاستقوس ودق, وشبه القمر آخر ليلة يطلع به.).[تفسير غريب القرآن: 365]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( وقوله: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ} يريد: أنه ينزل كل ليلة منزلا، ومنازله ثمانية وعشرون منزلا عندهم، من أول الشهر إلى ثمان وعشرين ليلة منه ثم يستسرّ.
وهذه المنازل هي النجوم التي كانت العرب تنسب إليها الأنواء.
وأسماؤها عندهم الشّرطان والبطين، والثّريّا، والدّبران، والهقعة، والهنعة، والذّراع، والنّثرة، والطّرف، والجبهة، والزّبرة، والصّرفة، والعوّاء، والسّماك، والغفر، والزّباني، والإكليل، والقلب، والشّولة، والنّعائم، والبلدة، وسعد الذّابح، وسعد بلع، وسعد السّعود، وسعد الأخبية، وفرغ الدّلو المقدّم، وفرغ الدّلو المؤخّر، والرّشا وهو الحوت.
وإذا صار القمر في آخر منازله دقّ حتى يعود كالعرجون القديم وهو العذق اليابس. والعرجون إذا يبس دقّ واستقوس حتى صار كالقوس انحناء، فشبّه القمر به ليلة ثمانية وعشرين). [تأويل مشكل القرآن: 316-318]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {والقمر قدّرناه منازل حتّى عاد كالعرجون القديم (39)}
يقرأ بالرفع والنصب، فمن نصب فعلى : " وقدّرنا القمر منازل قدّرناه منازل " , والرفع على معنى : وآية لهم القمر قدّرناه.
ويجوز أن يكون على الابتداء , و (قدّرناه) : الخبر.
{حتّى عاد كالعرجون القديم}: العرجون : عود العذق الذي يسمى الكباسة.
وحقيقة العرجون ك أنه العود الذي عليه العذق، والعرجون عود العذق الذي تركبه الشماريخ من العذق، فإذا جفّ وقدم دق وصغر , فحينئذ يشبه الهلال في آخر الشهر، وفي أول مطلعه.
وتقدير (عرجون) : فعلول, من الانعراج.). [معاني القرآن: 4/287-288]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم}
أي : وآية لهم القمر, ويجوز أن يكون مبتدأ , والخبر : قدرناه منازل والتقدير : قدرناه ذا منازل , كما قال سبحانه: {وإذا كالوهم}: أي: كالوا لهم.
ثم قال جل وعز: {حتى عاد كالعرجون القديم}
قال قتادة : (أي: كالعذق اليابس المنحني من النخلة) .
قال أبو جعفر: الذي قاله قتادة هو الذي حكاه أهل اللغة , والعذق بكسر العين هو: الكباسة والقنو .
وأهل مصر يسمونه الإسباطة, وإذا جف شبه به القمر في آخر الشهر , وأوله .
والعذق بفتح العين : النخلة.). [معاني القرآن: 5/494-496]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {حتى عاد كالعرجون القديم}
قال: العرجون الذي يبقى من الكباسة في النخلة إذا قطعت، والقديم البالي.). [ياقوتة الصراط: 422]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الْعُرْجُونِ}: العذق). [العمدة في غريب القرآن: 250]

تفسير قوله تعالى: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر...}
يقول: تطلع ليلا، ولا أن يسبق الليل النهار، يقول: ولا القمر له أن يطلع نهاراً، أي : لا يكون له ضوء.
ويقال: لا ينبغي للشمس أن تدرك القمر فتذهب ضوءه، ولا أن يسبق الليل النهار فيظلمه.
وموضع {أن تدرك} رفع.). [معاني القرآن: 2/378]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر }: مجازها: لا يكون أن تفوت.).[مجاز القرآن: 2/162]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وكلٌّ في فلكٍ يسبحون}: مجاز هذا : مجاز الموات الذي أجرى مجرى الناس في القرآن {رأيتهم لي ساجدين }, وفي آية أخرى :{لقد علمت ما هؤلاء ينطقون }.). [مجاز القرآن: 2/162]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا اللّيل سابق النّهار وكلٌّ في فلكٍ يسبحون}
وقال: {لا الشّمس}, فادخل "لا" لمعنى النفي , ولكن لا ينصب ما بعدها أن تكون نكرة فهذا مثل قوله: {ولا أنتم عابدون} .). [معاني القرآن: 3/38]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر}: فيجتمعا.
{ولا اللّيل سابق النّهار}: أي: لا يفوت الليل النهار، فيذهب قبل مجيئه.
{وكلٌّ في فلكٍ يسبحون}: يعني: الشمس والقمر والنجوم يسبحون، أي: يجرون.). [تفسير غريب القرآن: 365]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( ثم قال سبحانه: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ} يريد: أنهما يسيران الدّهر دائبين ولا يجتمعان، فسلطان القمر بالليل، وسلطان الشمس بالنهار، ولو أدركت الشمس القمر لذهب ضوءه، وبطل سلطانه، ودخل النهار على الليل.
يقول الله جل وعز حين ذكر يوم القيامة: {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} وذلك عند إبطال هذا التدبير، ونقض هذا التأليف.
{وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ} يقول: هما يتعاقبان، ولا يسبق أحدهما الآخر: فيفوته ويذهب قبل مجيء صاحبه.
{وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} أي: يجرون، يعني الشمس والقمر والنجوم). [تأويل مشكل القرآن: 317-318]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا اللّيل سابق النّهار وكلّ في فلك يسبحون (40)}
المعنى : لا يذهب أحدهما بمعنى الآخر.
{وكلّ في فلك يسبحون}: لكل واحد منهما فلك، ومعنى يسبحون : يسيرون فيه بانبساط.
وكل من انبسط في شيء , فقد سبح فيه، ومن ذلك: السباحة في الماء.). [معاني القرآن: 4/288]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار}
قال الضحاك : (أي: لا تجئ الشمس , فيغلب ضوءها ضوء القمر , ولا يطلع القمر فيخالط ضوءه ضوء الشمس) .
{ولا الليل سابق النهار}, قال : أي: لا يزول من قبل أن يجئ النهار.
ثم قال جل وعز: {وكل في فلك يسبحون}: كل من سار سيرا فيه انبساط , فهو سابح.). [معاني القرآن: 5/496-497]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {لا الشمس ينبغي لها}: أي: لا يصلح لها.). [ياقوتة الصراط: 422]

تفسير قوله تعالى:{وَآَيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ذرّيّتهم...}
إنما يخاطب أهل مكّة، فجعل الذرّية التي كانت مع نوح لأهل مكّة؛ لأنها أصل لهم، فقال: {ذرّيّتهم}: هم أبناء الذرّية.). [معاني القرآن: 2/379]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ في الفلك المشحون }: المملوء يقال: شحنها عليه خيلاً , ورجالاً , أي: ملأها، والفلك: القطب الذي تدور عليه السماء، والفلك : السفينة، الواحد , والجميع من السفن.). [مجاز القرآن: 2/162]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وآية لهم أنّا حملنا ذرّيّتهم في الفلك المشحون (41)}
خوطب بهذا أهل مكة، وقيل : حملنا ذريتهم لأن من حمل مع نوح عليه السلام في الفلك , فهم آباؤهم، وذرياتهم.
والمشحون في اللغة : المملوء، شحنت السفينة إذا ملأتها.
وشحنت المدينة , وأشحنتها إذا ملأتها.). [معاني القرآن: 4/288]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون}
قال أبو جعفر : أحسن ما قيل في هذا , أن المعنى: وآية لأهل مكة : أنا حملنا ذريات القرون الماضية في الفلك المشحون.). [معاني القرآن: 5/497-498]

تفسير قوله تعالى: {وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (42) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وخلقنا لهم مّن مّثله...}
من مثل فلك نوح : {ما يركبون}.
يقول: جعلنا لهم السّفن مثّلت على ذلك المثال, وهي الزواريق وأشباهها ممّا يركب فيه الناس.
ولو قرأ قارئ: من مثله كان وجهاً , يريد من مثاله: أسمع أحداً قرأ به.). [معاني القرآن: 2/378]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون (42)}
الأكثر في التفسير : أن من مثله من مثل سفينة نوح، وقيل من مثله :يعني به الإبل، وأن الإبل في البريّة بمنزلة السّفن في البحر.). [معاني القرآن: 4/288]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون}
قال ابن عباس , وأبو مالك , وأبو صالح , والحسن : (يعني : السفن) .
وقال عبد الله بن شداد بن الهاد , وعكرمة , ومجاهد وقتادة : (يعني : الإبل) .
قال أبو جعفر : والإبل , والدواب في البر بمنزلة السفن في البحر إلا أن الأول أشبه بتأويل ذلك لدلالة قوله: {وإن نشأ نغرقهم}, وإنما الغرق في الماء.). [معاني القرآن: 5/499]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {من مثله ما يركبون}: أي: من الحيوان : من الخيل , والجمال , والبغال .والحمير.). [ياقوتة الصراط: 422]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({لَا صَرِيخَ}: لا مغيث.). [العمدة في غريب القرآن: 250]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ (43)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فلا صريخ لهم...}
الصريخ: الإغاثة.). [معاني القرآن: 2/379]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({لا صريخ لهم}: لا مغيث لهم.
{ولا هم ينقذون إلاّ رحمةً مّنّا }: مجازها مجاز المصدر الذي فعله بغير لفظه , قال رؤبة:
إنّ نزاراً أصبحت نزارا= دعوة أبرارٍ دعوا أبرارا
وقال الأحوص:
إنّي لأمنحك الصّدود وإنني= قسماً إليك مع الصدود لأميل.). [مجاز القرآن: 2/162]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({لا صريخ لهم}: لا مغيث لهم). [غريب القرآن وتفسيره: 312]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فلا صريخ لهم}: أي: لا مغيث لهم، ولا مجير، {ولا هم ينقذون}. ). [تفسير غريب القرآن: 365-366]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون (43)}: أي: فلا مغيث لهم.). [معاني القرآن: 4/288]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وإن نشأ تغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون}
قال قتادة : (أي : فلا مغيث لهم).).[معاني القرآن: 5/499]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ}: أي : لا مغيث , ولا مجير.). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 201]

تفسير قوله تعالى:{إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (44)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إلاّ رحمةً مّنّا...}
يقول: إلاّ أن نفعل ذلك رحمة.
وقوله: {ومتاعاً إلى حينٍ} : يقول: بقاء إلى أجلٍ، أي: نرحمهم , فنمتّعهم إلى حين.). [معاني القرآن: 2/379]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إلّا رحمةً منّا ومتاعاً إلى حينٍ}: أي: إلا أن نرحمهم، ونمتعهم إلى أجل.). [تفسير غريب القرآن: 366]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ({إلّا رحمة منّا ومتاعا إلى حين (44)}
منصوبة: مفعول لها، المعنى: ولا ينقذون إلّا لرحمة منّا , ولمتاع إلى حين, إلى انقضاء الأجل.). [معاني القرآن: 4/289]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 27 جمادى الأولى 1434هـ/7-04-2013م, 03:45 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَآَيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ (37) }

تفسير قوله تعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) }

تفسير قوله تعالى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) }
قال أبو عمرو إسحاق بن مرار الشيباني (ت: 213هـ): (وقال: العُرْجُونُ: مثل الفطر، أو مثل فسوة الضبع، وهو مثل الفقع إلا أنه أطول منه). [كتاب الجيم: 2/242]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (والعرجون العذق إذا يبس واعوج). [الغريب المصنف: 2/544]

تفسير قوله تعالى: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله: "أو من بني خلف الخضر"، فإنه حذف التنوين لالتقاء الساكنين.
وليس بالوجه، وإنما يحذف من الحرف لالتقاء الساكنين حروف المد واللين، وهي الألف، والياء المكسور ما قبلها، والواو المضموم ما قبلها، نحو قولك: هذا قفا الرجل، وقاضي الرجل، ويغزو القوم، فأما التنوين فجاز هذا فيه. لأنه نون في اللفظ، والنون تدغم في الياء والواو، وتزاد كما تزاد حروف المد واللين، ويبدل بعضها من بعض، فتقول: رأيت زيداٌ فتبدل الألف من التنوين، وتقول في النسب إلى صنعاء وبهراء صنعاني وبهراني، فتبدل النون من ألف التأنيث، وهذه جملة وتفسيرها كثير، فلذلك حذف، ومثل هذا من الشعر:
عمرو الذي هشم الثريد لقومه = ورجال مكة مسنتون عجاف
وقال آخر:
حميد الذي أمجٌ داره = أخو الخمر ذو الشيبة الأصلع
وقرأ بعض القراء: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ) وسمعت عمارة بن عقيل يقرأ: (وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارَ)، فقلت: ما تريد? فقال: "سابقٌ النهار"). [الكامل: 1/327-328] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَآَيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ} قال: ذرية آبائهم). [مجالس ثعلب: 157]

تفسير قوله تعالى: {وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (42) }

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ (43) }

قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (ومنها أيضا: الصريخ والصارخ: للمستغيث، والصريخ والصارخ: للمغيث أيضا، قال الله جل جلاله: {فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون}. وقالوا: صرخ الصارخ يصرخ ويصرخ (بالفتح): وهي قليلة في يصرخ. وقالوا: أصرخت الرجل إصراخًا: إذا أغثته). [الأضداد: 138]
قال عبدُ الملكِ بنُ قُرَيبٍ الأصمعيُّ (ت: 216هـ) : (*صرخ* والصارخ والصريخ المستغيث، والصريخ والصارخ المغيث، قال الله تعالى: {فلا صريخ لهم} أي: لا مغيث لهم، وقال سلامة بن جندل (البسيط):

كنا إذا ما أتانا صارخ فزع = كان الصراخ له قرع الظنابيب).
[كتاب الأضداد: 53-54]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( والصريخ والصارخ من الأضداد؛ يقال: صارخ وصريخ للمغيث، وصارخ وصريخ للمستغيث، قلا سلامة بن جندل:

كنا إذا ما أتانا صارخ فزع = كان الصراخ له قرع الظنابيب
وشد كور على وجناء ذعلبة = وشد سرج على جرداء سرحوب
أراد بالصارخ المستغيث. والظنابيب: جمع الظنبوب، والظنبوب: عظم الساق، أي تقرع سوق الإبل انكماشا وحرصا على إغاثته، ويقال: قد قرع فلان ظنبوب كذا وكذا إذا انكمش فيه. وفي التعزي عنه. ويقال أيضا: قرع لذلك الأمر ظنبوبه وساقه إذا عزم عليه، قال
الشاعر يذكر صاحبا فارقه، فتعزى عنه:
قرعت ظنابيبي على الصبر بعده = وقد جعلت عنه القرينة تصحب
والقرينة: النفس، وتصحب: تنقاد، وقال الآخر:
إذا عقيل عقدوا الرايات = ونقع الصارخ بالبيات
أبوا فما يعطون شيئا هات
أراد بالصارخ المستغيث. ومعنى قوله: (هات)، أي قائل (هات) صاحب هذه الكلمة. وتأويل (نقع) صارخ؛ من ذلك الحديث المروي عن عمر رحمه الله أنه قال لما مات خالد بن الوليد: ما على نساء بني المغيرة أن يرقن دموعهن على أبي سليمان ما لم يكن نقع ولا لقلقة. فالنقع: الصياح: واللقلقة: الولولة، قال الله عز وجل: {فلا صريخ لهم}، فمعناه. فلا مغيث لهم، وقال: {ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي}، فمعناه: ما أنا بمغيثكم. وقال الشاعر:
أعاذل إنما أفنى شبابي = ركوبي في الصريخ إلى المنادي
أراد في الإغاثة). [كتاب الأضداد: 80-81]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (قال الرستمي: قال يعقوب: الصارخ والصريخ المستغيث وهما المغيث أيضًا، قال الله تعالى عز وجل من قائل: {فلا صريخ لهم} أي: لا مغيث لهم، وقال الراجز:
إذا عقيل عقدوا الرايات = ونقع الصارخ بالبيات
أي: المستغيث، قال وقوله: كان الصراخ له قرع الظنابيب). [شرح المفضليات: 243]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (44) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 5 صفر 1440هـ/15-10-2018م, 07:55 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 5 صفر 1440هـ/15-10-2018م, 07:56 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 5 صفر 1440هـ/15-10-2018م, 07:58 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَآَيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ (37) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون * والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم * والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم * لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون}
هذه الآيات جعلها الله تعالى أدلة على القدرة ووجوب الألوهية له، و"نسلخ" معناه: نكشط ونقشر، فهي استعارة، و"مظلمون": داخلون في الظلام، واستدل قوم من هذه الآية على أن الليل أصل والنهار فرع طارئ عليه، وفي ذلك نظر). [المحرر الوجيز: 7/ 248-249]

تفسير قوله تعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"مستقر الشمس" - على ما روي في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام من طريق أبي ذر رضي الله عنه - بين يدي العرش، تسجد فيه كل ليلة بعد غروبها، وفي حديث آخر أنها تسجد في عين حمئة ولها ثم وجبة عظيمة. وقالت فرقة: مستقرها هو في يوم القيامة حين تكور، فهي تجري لذلك المستقر. وقالت فرقة: مستقرها كناية عن غيوبها; لأنها تجري كل وقت إلى حد محدود تغرب فيه. وقيل: مستقرها آخر مطالعها في المنقلبين لأنهما نهايتا مطالعها، فإذا استقر وصولها كرت راجعة، وإلا فهي لا تستقر عن حركتها طرفة عين، ونحا إلى هذا ابن قتيبة. وقالت فرقة: مستقرها وقوفها عند الزوال في كل يوم، ودليل استقرارها وقوف ظلال الأشياء حينئذ.
وقرأ ابن عباس، وابن مسعود، وعكرمة، وعطاء بن أبي رباح، وأبو جعفر محمد بن علي، وجعفر بن محمد عليهم السلام. "لا مستقر لها"). [المحرر الوجيز: 7/ 249]

تفسير قوله تعالى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، والحسن، والأعرج: "والقمر" بالرفع عطفا على "الليل"، عطف جملة على جملة، ويصح وجه آخر، وهو أن يكون وآية لهم ابتداء وخبره محذوف، كأنه قال: في الوجود وفي المشاهدة، ثم فسر ذلك بجملتين من ابتداء وخبر وابتداء وخبر، الليل واحدة، والقمر ثانية. وقرأ الباقون "القمر" على إضمار فعل يفسره "قدرناه"، وهي قراءة أبي جعفر، وابن محيصن، والحسن - بخلاف عنه -. و"منازل" نصب على الظرف، وهذه المنازل المعروفة عند العرب، وهي ثمانية وعشرون منزلة، يقطع القمر منها كل ليلة أقل من واحدة فيما يزعمون، وعودته هي استهلاله رقيقا، وحينئذ يشبه العرجون، وهو الغصن من النخلة الذي فيه شماريخ الثمر، فإنه ينحني ويصفر إذا قدم، ويجيء أشبه شيء بالهلال، قاله الحسن بن أبي الحسن، والوجود يشهد به، وقرأ سليمان التيمي: "كالعرجون" بكسر العين. و"القديم" معناه: العتيق الذي قد مر عليه زمن طويل). [المحرر الوجيز: 7/ 249-250]

تفسير قوله تعالى: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"ينبغي" هنا مستعملة فيما لا يمكن خلافه; لأنها لا قدرة لها على غير ذلك. وقرأ الجمهور: "سابق النهار" بالإضافة، وقرأ عبادة: "سابق النهار" دون تنوين في القاف وبنصب "النهار"، ذكره الزهراوي وقال: حذف التنوين تخفيفا. و"الفلك" - فيما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما - متحرك مستدير كفلكة المغزل، فيه جميع الكواكب. و"يسبحون" معناه: يجرون ويعومون، قال مكي: لما أسند إليها فعل من يعقل جمعت بالواو والنون). [المحرر الوجيز: 7/ 250]

تفسير قوله تعالى: {وَآَيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41) وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (42) وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ (43) إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (44) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون * وخلقنا لهم من مثله ما يركبون * وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون * إلا رحمة منا ومتاعا إلى حين * وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم لعلكم ترحمون * وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين}
"وآية" معناه: علامة ودليل، ورفعها بالابتداء، وخبرها في قوله: "لهم"، و"أنا" بدل من "آية"، وفيه نظر، ويجوز أن تكون "أن" مفسرة لا موضع لها من الإعراب. و"الحمل": منع الشيء أن يذهب سفلا، وذكر الذرية لضعفهم عن السفر فالنعمة فيهم أمكن.
وقرأ نافع، وابن عامر، والأعمش: "ذرياتهم" بالجمع، وقرأ الباقون بالإفراد، وهي قراءة طلحة، وعيسى، والضمير المتصل بالذريات هو ضمير الجنس، كأنه قال: ذريات جنسهم أو نوعهم، هذا أصح ما يتجه في هذا، وخلط بعض الناس في هذا حتى قالوا. الذرية تقع على الآباء، وهذا لا يعرف لغة.
وأما معنى الآية; فيحتمل تأويلين: أحدهما قاله ابن عباس رضي الله عنهما وجماعة، وهو أن يريد بالذريات المحمولين أصحاب نوح عليه السلام في السفينة، ويريد بقوله: "من مثله" السفن الموجودة في جنس بني آدم إلى يوم القيامة، وإياها 0 أراد بقوله: {وإن نشأ نغرقهم}، والتأويل الثاني قاله مجاهد، والسدي، وروي عن ابن عباس أيضا، هو أن يريد بقوله: {أنا حملنا ذريتهم} الآية، السفن الموجودة في بني آدم إلى يوم القيامة، ويريد بقوله: {وخلقنا لهم} الآية، الإبل وسائر ما يركب، فتكون المماثلة في أنه مركوب مبلغ إلى الأقطار فقط، ويعود قوله: {وإن نشأ نغرقهم} على السفن الموجودة في الناس، وأما من خلط القولين فجعل الذرية في الفلك في قوم نوح عليه السلام في سفينته، وجعل "من مثله" في الإبل، فإن هذا نظر فاسد يقطع به قوله: {وإن نشأ نغرقهم}، فتأمله.
و"الفلك" جمع، والإفراد على وزنه، ولكن ليست حركات الجمع حركات الإفراد. و"المشحون": الموقر،
و"من" في قوله: "من مثله" يتجه على أحد التأويلين أن تكون للتبعيض، وعلى التأويل الآخر أن تكون لبيان الجنس، فانظره، ويقال: الإبل مراكب البر.
و"الصريخ" هنا بناء الفاعل، بمعنى: المصرخ، وذلك أنك تقول: صارخ بمعنى مستغيث، ومصرخ بمعنى مغيث، ويجيء صريخ مرة بمعنى هذا ومرة بمعنى هذا; لأن فعيلا من أبنية اسم الفاعل، فمرة: يجيء من صرخ إذا استغاث، ومرة: يجيء من أصرخ إذا أغاث.
وقوله: {إلا رحمة} قال الكسائي: نصب على الاستثناء، كأنه قال: إلا أن نرحمهم، وقال الزجاج: نصب رحمة على المفعول من أجله، كأنه قال: إلا لأجل رحمتنا إياهم. وقوله: "متاعا" عطف على قوله: "رحمة"، و"إلى حين" يريد إلى آجالهم المضروبة لهم.
والكلام تام في قوله: {وإن نشأ نغرقهم}، وقوله: {فلا صريخ لهم} استئناف إخبار عن السائرين في البحر، ناجين كانوا أو مغرقين، فهم بهذه لا نجاة لهم إلا برحمة الله وليس قوله: {فلا صريخ لهم} مربوطا بالمغرقين، وقد يصح ربطه به، والأول أحسن فتأمل). [المحرر الوجيز: 7/ 250-251]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 6 صفر 1440هـ/16-10-2018م, 05:26 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 6 صفر 1440هـ/16-10-2018م, 05:48 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَآَيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ (37) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وآيةٌ لهم اللّيل نسلخ منه النّهار فإذا هم مظلمون (37) والشّمس تجري لمستقرٍّ لها ذلك تقدير العزيز العليم (38) والقمر قدّرناه منازل حتّى عاد كالعرجون القديم (39) لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا اللّيل سابق النّهار وكلٌّ في فلكٍ يسبحون (40)}
يقول تعالى: ومن الدّلالة لهم على قدرته تعالى العظيمة خلق اللّيل والنّهار، هذا بظلامه وهذا بضيائه، وجعلهما يتعاقبان، يجيء هذا فيذهب هذا، ويذهب هذا فيجيء هذا، كما قال: {يغشي اللّيل النّهار يطلبه حثيثًا} [الأعراف: 54]؛ ولهذا قال عزّ وجلّ هاهنا: {وآيةٌ لهم اللّيل نسلخ منه النّهار} أي: نصرمه منه فيذهب، فيقبل اللّيل؛ ولهذا قال: {فإذا هم مظلمون} كما جاء في الحديث: "إذا أقبل اللّيل من هاهنا، وأدبر النّهار من هاهنا، وغربت الشّمس، فقد أفطر الصّائم".
هذا هو الظّاهر من الآية، وزعم قتادة أنّها كقوله تعالى: {يولج اللّيل في النّهار ويولج النّهار في اللّيل} [الحجّ: 61] وقد ضعّف ابن جريرٍ قول قتادة هاهنا، وقال: إنّما معنى الإيلاج: الأخذ من هذا في هذا، وليس هذا مرادًا في هذه الآية. وهذا الّذي قاله ابن جريرٍ حقٌّ). [تفسير ابن كثير: 6/ 575-576]

تفسير قوله تعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {والشّمس تجري لمستقرٍّ لها ذلك تقدير العزيز العليم}، في معنى قوله: {لمستقرٍّ لها} قولان:
أحدهما: أنّ المراد: مستقرّها المكانيّ، وهو تحت العرش ممّا يلي الأرض في ذلك الجانب، وهي أينما كانت فهي تحت العرش وجميع المخلوقات؛ لأنّه سقفها، وليس بكرةً كما يزعمه كثيرٌ من أرباب الهيئة، وإنّما هو قبّةٌ ذات قوائم تحمله الملائكة، وهو فوق العالم مما يلي رؤوس النّاس، فالشّمس إذا كانت في قبّة الفلك وقت الظّهيرة تكون أقرب ما تكون من العرش، فإذا استدارت في فلكها الرّابع إلى مقابلةٍ هذا المقام، وهو وقت نصف اللّيل، صارت أبعد ما تكون من العرش، فحينئذٍ تسجد وتستأذن في الطّلوع، كما جاءت بذلك الأحاديث.
قال البخاريّ: حدّثنا أبو نعيم، حدّثنا الأعمش، عن إبراهيم [التّيميّ]، عن أبيه، عن أبي ذرٍّ، رضي اللّه عنه، قال: كنت مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في المسجد عند غروب الشّمس، فقال: "يا أبا ذرٍّ، أتدري أين تغرب الشّمس؟ " قلت: اللّه ورسوله أعلم. قال: "فإنّها تذهب حتّى تسجد تحت العرش، فذلك قوله: {والشّمس تجري لمستقرٍّ لها ذلك تقدير العزيز العليم}.
حدّثنا عبد اللّه بن الزّبير الحميديّ، حدّثنا وكيع عن الأعمش، عن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي ذرٍّ قال: سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن قوله: {والشّمس تجري لمستقرٍّ لها}، قال: "مستقرّها تحت العرش".
كذا أورده هاهنا. وقد أخرجه في أماكن متعدّدةٍ، ورواه بقيّة الجماعة إلّا ابن ماجه، من طرقٍ، عن الأعمش، به.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا محمّد بن عبيدٍ، حدّثنا الأعمش، عن إبراهيم التّيميّ، عن أبيه، عن أبي ذرٍّ قال: كنت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في المسجد حين وجبت الشّمس، فقال: "يا أبا ذرٍّ، أتدري أين تذهب الشّمس؟ " قلت: اللّه ورسوله أعلم. قال: "فإنّها تذهب حتى تسجد بين يدي ربّها عزّ وجلّ، فتستأذن في الرّجوع فيؤذن لها، وكأنّها قد قيل لها: ارجعي من حيث جئت. فترجع إلى مطلعها، وذلك مستقرّها، ثمّ قرأ: {والشّمس تجري لمستقرٍّ لها}
وقال سفيان الثّوريّ، عن الأعمش، عن إبراهيم التّيميّ، عن أبيه، عن أبي ذرٍّ، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لأبي ذرٍّ حين غربت الشّمس: "أتدري أين هذا؟ " قلت: اللّه ورسوله أعلم. قال: "فإنّها تذهب حتّى تسجد تحت العرش، فتستأذن فيؤذن لها، ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها، وتستأذن فلا يؤذن لها، ويقال لها: ارجعي من حيث جئت. فتطلع من مغربها، فذلك قوله: {والشّمس تجري لمستقرٍّ لها ذلك تقدير العزيز العليم}.
وقال عبد الرّزّاق: أخبرنا معمر، عن أبي إسحاق، عن وهب بن جابرٍ، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال في قوله: {والشّمس تجري لمستقرٍّ لها}، قال: إنّ الشّمس تطلع فتردّها ذنوب بني آدم، حتّى إذا غربت سلّمت وسجدت واستأذنت فيؤذن لها، حتّى إذا كان يومٌ غربت فسلّمت وسجدت، واستأذنت فلا يؤذن لها، فتقول: إنّ المسير بعيدٌ وإنّي إلّا يؤذن لي لا أبلغ، فتحبس ما شاء اللّه أن تحبس، ثمّ يقال لها: "اطلعي من حيث غربت". قال: "فمن يومئذٍ إلى يوم القيامة لا ينفع نفسًا إيمانها، لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت في إيمانها خيرًا".
وقيل: المراد بقوله: {لمستقرٍّ لها} هو انتهاء سيرها وهو غاية ارتفاعها في السّماء في الصّيف وهو أوجها، ثمّ غاية انخفاضها في الشّتاء وهو الحضيض.
والقول الثّاني: أنّ المراد بمستقرّها هو: منتهى سيرها، وهو يوم القيامة، يبطل سيرها وتسكن حركتها وتكوّر، وينتهي هذا العالم إلى غايته، وهذا هو مستقرّها الزّمانيّ.
قال قتادة: {لمستقرٍّ لها} أي: لوقتها ولأجلٍ لا تعدوه.
وقيل: المراد: أنّها لا تزال تنتقل في مطالعها الصّيفيّة إلى مدّةٍ لا تزيد عليها، يروى هذا عن عبد اللّه بن عمرٍو.
وقرأ ابن مسعودٍ، وابن عبّاسٍ: "والشّمس تجري لا مستقرّ لها" أي: لا قرار لها ولا سكون، بل هي سائرةٌ ليلًا ونهارًا، لا تفتر ولا تقف. كما قال تعالى: {وسخّر لكم الشّمس والقمر دائبين} [إبراهيم: 33] أي: لا يفتران ولا يقفان إلى يوم القيامة.
{ذلك تقدير العزيز} أي: الّذي لا يخالف ولا يمانع، {العليم} بجميع الحركات والسّكنات، وقد قدّر ذلك وقنّنه على منوالٍ لا اختلاف فيه ولا تعاكس، كما قال تعالى: {فالق الإصباح وجعل اللّيل سكنًا والشّمس والقمر حسبانًا ذلك تقدير العزيز العليم} [الأنعام: 96]. وهكذا ختم آية حم السّجدة" بقوله: {ذلك تقدير العزيز العليم} [فصّلت: 12]). [تفسير ابن كثير: 6/ 576-577]

تفسير قوله تعالى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال: {والقمر قدّرناه منازل} أي: جعلناه يسير سيرًا آخر يستدلّ به على مضيّ الشّهور، كما أنّ الشّمس يعرف بها اللّيل والنّهار، كما قال تعالى: {يسألونك عن الأهلّة قل هي مواقيت للنّاس والحجّ} [البقرة: 189]، وقال {هو الّذي جعل الشّمس ضياءً والقمر نورًا وقدّره منازل لتعلموا عدد السّنين والحساب} الآية [يونس: 5]، وقال: {وجعلنا اللّيل والنّهار آيتين فمحونا آية اللّيل وجعلنا آية النّهار مبصرةً لتبتغوا فضلا من ربّكم ولتعلموا عدد السّنين والحساب وكلّ شيءٍ فصّلناه تفصيلا} [الإسراء: 12]، فجعل الشّمس لها ضوءٌ يخصّها، والقمر له نورٌ يخصّه، وفاوت بين سير هذه وهذا، فالشّمس تطلع كلّ يومٍ وتغرب في آخره على ضوءٍ واحدٍ، ولكن تنتقل في مطالعها ومغاربها صيفًا وشتاءً، يطول بسبب ذلك النّهار ويقصر اللّيل، ثمّ يطول اللّيل ويقصر النّهار، وجعل سلطانها بالنّهار، فهي كوكبٌ نهاريٌّ. وأمّا القمر، فقدّره منازل، يطلع في أوّل ليلةٍ من الشّهر ضئيلًا قليل النّور، ثمّ يزداد نورًا في اللّيلة الثّانية، ويرتفع منزلةً، ثمّ كلّما ارتفع ازداد ضياءً، وإن كان مقتبسًا من الشّمس، حتّى يتكامل نوره في اللّيلة الرّابعة عشرة، ثمّ يشرع في النّقص إلى آخر الشّهر، حتّى يصير كالعرجون القديم.
قال ابن عبّاسٍ: وهو أصل العذق.
وقال مجاهدٌ: العرجون القديم: أي العذق اليابس.
يعني ابن عبّاسٍ: أصل العنقود من الرّطب إذا عتق ويبس وانحنى، وكذا قال غيرهما. ثمّ بعد هذا يبديه اللّه جديدًا في أوّل الشّهر الآخر، والعرب تسمّي كلّ ثلاث ليالٍ من الشّهر باسمٍ باعتبار القمر، فيسمّون الثّلاث الأول "غرر" واللّواتي بعدها "نفل"، واللّواتي بعدها "تسع"؛ لأنّ أخراهنّ التّاسعة، واللّواتي بعدها "عشر"؛ لأنّ أولاهنّ العاشرة، واللّواتي بعدها "البيض"؛ لأنّ ضوء القمر فيهنّ إلى آخرهنّ، واللّواتي بعدهنّ "درع" جمع درعاء؛ لأنّ أوّلهنّ سود ؛ لتأخّر القمر في أوّلهنّ، ومنه الشّاة الدّرعاء وهي الّتي رأسها أسود. وبعدهنّ ثلاثٌ "ظلم" ثمّ ثلاثٌ "حنادس"، وثلاثٌ "دآدئ" وثلاثٌ "محاق"؛ لانمحاق القمر أواخر الشّهر فيهنّ. وكان أبو عبيد ينكر التّسع والعشر. كذا قال في كتاب "غريب المصنّف"). [تفسير ابن كثير: 6/ 577-578]

تفسير قوله تعالى: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر}: قال مجاهدٌ: لكلٍّ منهما حدٌّ لا يعدوه ولا يقصر دونه، إذا جاء سلطان هذا ذهب هذا، وإذا ذهب سلطان هذا جاء سلطان هذا.
وقال عبد الرّزّاق: أخبرنا معمر، عن الحسن في قوله: {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر} قال: ذلك ليلة الهلال.
وروى ابن أبي حاتمٍ هاهنا عن عبد اللّه بن المبارك أنّه قال: إنّ للرّيح جناحًا، وإنّ القمر يأوي إلى غلافٍ من الماء.
وقال الثّوريّ، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن أبي صالحٍ: لا يدرك هذا ضوء هذا، ولا هذا ضوء هذا.
وقال عكرمة في قوله {لا الشّمس ينبغي لها أن تدرك القمر}: يعني: أنّ لكلٍّ منهما سلطانًا، فلا ينبغي للشّمس أن تطلع باللّيل.
وقوله: {ولا اللّيل سابق النّهار}: يقول: لا ينبغي إذا كان الليل أن يكون ليلٌ آخر حتّى يكون النّهار، فسلطان الشّمس بالنّهار، وسلطان القمر باللّيل.
وقال الضّحّاك: لا يذهب اللّيل من هاهنا حتّى يجيء النّهار من هاهنا. وأومأ بيده إلى المشرق.
وقال مجاهدٌ: {ولا اللّيل سابق النّهار} يطلبان حثيثين، ينسلخ أحدهما من الآخر.
والمعنى في هذا: أنّه لا فترة بين اللّيل والنّهار، بل كلٌّ منهما يعقب الآخر بلا مهلةٍ ولا تراخٍ؛ لأنّهما مسخّران دائبين يتطالبان طلبًا حثيثًا.
وقوله: {وكلٌّ في فلكٍ يسبحون} يعني: اللّيل والنّهار، والشّمس والقمر، كلّهم يسبحون، أي: يدورون في فلك السّماء. قاله ابن عبّاسٍ، وعكرمة، والضّحّاك، والحسن، وقتادة، وعطاءٌ الخراسانيّ.
وقال عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: في فلكٍ بين السّماء والأرض. رواه ابن أبي حاتمٍ، وهو غريبٌ جدًّا، بل منكرٌ.
قال ابن عبّاسٍ وغير واحدٍ من السّلف: في فلكةٍ كفلكة المغزل.
وقال مجاهدٌ: الفلك كحديد الرّحى، أو كفلكة المغزل، لا يدور المغزل إلّا بها، ولا تدور إلا به). [تفسير ابن كثير: 6/ 578-579]

تفسير قوله تعالى: {وَآَيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وآيةٌ لهم أنّا حملنا ذرّيّتهم في الفلك المشحون (41) وخلقنا لهم من مثله ما يركبون (42) وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون (43) إلا رحمةً منّا ومتاعًا إلى حينٍ (44)}
يقول تعالى: ودلالةٌ لهم أيضًا على قدرته تعالى: تسخيره البحر ليحمل السّفن، فمن ذلك -بل أوّله-سفينة نوحٍ، عليه السّلام، الّتي أنجاه اللّه تعالى فيها بمن معه من المؤمنين، الّذين لم يبق على وجه الأرض من ذرّيّة آدم غيرهم؛ ولهذا قال: {وآيةٌ لهم أنّا حملنا ذرّيّتهم} أي: آباءهم، {في الفلك المشحون} أي: في السّفينة [الموقرة] المملوءة من الأمتعة والحيوانات، الّتي أمره اللّه أن يحمل فيها من كلٍّ زوجين اثنين.
قال ابن عبّاسٍ: المشحون: الموقر. وكذا قال سعيد بن جبيرٍ، والشّعبيّ، وقتادة، [والضّحّاك] والسّدّيّ.
وقال الضّحّاك، وقتادة، وابن زيدٍ: وهي سفينة نوحٍ، عليه السّلام). [تفسير ابن كثير: 6/ 579]

تفسير قوله تعالى: {وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (42) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون}: قال العوفي، عن ابن عبّاسٍ: يعني بذلك: الإبل، فإنّها سفن البرّ يحملون عليها ويركبونها. وكذا قال عكرمة، ومجاهدٌ، والحسن، وقتادة -في رواية- عبد اللّه بن شداد، وغيرهم.
وقال السّدّيّ -في روايةٍ-: هي الأنعام.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا الفضل بن الصّبّاح، حدّثنا محمّد بن فضيلٍ، عن عطاءٍ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: تدرون ما {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون}؟ قلنا: لا. قال: هي السّفن، جعلت من بعد سفينة نوحٍ على مثلها.
وكذا قال [غير واحدٍ و] أبو مالكٍ، والضّحّاك، وقتادة، وأبو صالحٍ، والسّدّيّ أيضًا: المراد بقوله: {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون}: أي السّفن.
ويقوّي هذا المذهب في المعنى قوله تعالى: {إنّا لـمّا طغى الماء حملناكم في الجارية * لنجعلها لكم تذكرةً وتعيها أذنٌ واعيةٌ} [الحاقّة:11، 12]). [تفسير ابن كثير: 6/ 579-580]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ (43) إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (44) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وإن نشأ نغرقهم} يعني: الّذين في السّفن، {فلا صريخ لهم} أي: فلا مغيث لهم ممّا هم فيه، {ولا هم ينقذون} أي: ممّا أصابهم.
{إلا رحمةً منّا} وهذا استثناءٌ منقطعٌ، تقديره: ولكن برحمتنا نسيّركم في البرّ والبحر، ونسلّمكم إلى أجلٍ مسمًّى؛ ولهذا قال: {ومتاعًا إلى حينٍ} أي: إلى وقتٍ معلومٍ عند اللّه). [تفسير ابن كثير: 6/ 580]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:25 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة