العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة هود

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 05:25 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي تفسير سورة هود [ من الآية (25) إلى الآية (31) ]

تفسير سورة هود
[ من الآية (25) إلى الآية (31) ]

بسم الله الرحمن الرحيم
{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (25) أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (26) فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ (27) قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآَتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (28) وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (29) وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (30) وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (31) }


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 05:25 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (25) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه إنّي لكم نذيرٌ مبينٌ (25) أن لا تعبدوا إلاّ اللّه إنّي أخاف عليكم عذاب يومٍ أليمٍ}.
يقول تعالى ذكره: {ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه إنّي لكم} أيّها القوم {نذيرٌ} من اللّه أنذركم بأسه على كفركم به، فآمنوا به وأطيعوا أمره. ويعني بقوله: {مبينٌ} يبيّن لكم عمّا أرسل به إليكم من أمر اللّه ونهيه.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {إنّي} فقرأ ذلك عامّة قرّاء الكوفة وبعض المدنيّين بكسر إنّ على وجه الابتداء، إذ كان في الإرسال معنى القول. وقرأ ذلك بعض قرّاء أهل المدينة والكوفة والبصرة بفتح أنّ على إعمال الإرسال فيها، كأنّ معنى الكلام عندهم: لقد أرسلنا نوحًا إلى قومه بأنّي لكم نذيرٌ مبينٌ.
والصّواب من القول في ذلك عندي، أن يقال إنّهما قراءتان متّفقتا المعنى، قد قرأ بكلّ واحدةٍ منهما جماعةٌ من القرّاء، فبأيّتهما قرأ القارئ كان مصيبًا للصّواب في ذلك). [جامع البيان: 12/377-378]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه إنّي لكم نذيرٌ مبينٌ (25) أن لا تعبدوا إلّا اللّه إنّي أخاف عليكم عذاب يومٍ أليمٍ (26)
قوله تعالى: ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه
- حدّثنا أبو سعيدٍ، الأشجّ، ثنا عبد اللّه، عن إسرائيل، عن السّدّيّ، عن أبي صالحٍ: أرسل: أي: بعث.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا إبراهيم بن الفضل بن أبي سويدٍ، ثنا أبو عوانة، عن قتادة، عن أنسٍ أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: أوّل نبيٍّ أرسل نوحٌ صلّى اللّه عليه وسلّم.
قوله تعالى: إنّي لكم نذيرٌ مبينٌ
- حدّثنا أبي، ثنا عبد الرّحمن بن صالحٍ، ثنا عبد الرّحمن بن محمّد بن عبيد اللّه الفزاريّ، عن شيبان النّحويّ، أخبرني قتادة، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ لمّا أنزلت نذيرٌ قال: يعني: النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنزلت عليه: مبشّرًا ونذيرًا قال: نذيرا من النّار). [تفسير القرآن العظيم: 6/2021]

تفسير قوله تعالى: (أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (26) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {أن لا تعبدوا إلاّ اللّه} فمن كسر الألف في قوله: {إنّي} جعل قوله: {أرسلنا} عاملاً في أن الّتي في قوله: {أن لا تعبدوا إلاّ اللّه} ويصير المعنى حينئذٍ: ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه، أن لا تعبدوا إلاّ اللّه، وقل لهم {إنّي لكم نذيرٌ مبينٌ} ومن فتحها، ردّ أن في قوله: {أن لا تعبدوا} عليها، فيكون المعنى حينئذٍ: لقد أرسلنا نوحًا إلى قومه بأنّي لكم نذيرٌ مبينٌ، بأن لا تعبدوا إلاّ اللّه.
ويعني بقوله: بأن لا تعبدوا إلاّ اللّه أيّها النّاس، عبادة الآلهة، والأوثان، وإشراكها في عبادته، وأفردوا اللّه بالتّوحيد وأخلصوا له العبادة، فإنّه لا شريك له في خلقه.
وقوله: {إنّي أخاف عليكم عذاب يومٍ أليمٍ} يقول: إنّي أيّها القوم إن لم تخصّوا اللّه بالعبادة، وتفردوه بالتّوحيد، وتخلعوا ما دونه من الأنداد والأوثان، أخاف عليكم من اللّه عذاب يومٍ مؤلمٍ عقابه وعذابه لمن عذّب فيه. وجعل الأليم من صفة اليوم وهو من صفة العذاب، إذ كان العذاب فيه كما قيل: {وجعل اللّيل سكنًا} وإنّما السّكن من صفة ما سكن فيه دون اللّيل). [جامع البيان: 12/378-379]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: أن لا تعبدوا إلا اللّه
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا أبو غسّان، ثنا سلمة بن الفضل، عن محمّد بن إسحاق، قال فيما حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ، عن عكرمة، أو سعيد، بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: اعبدوا أي: وحّدوا.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة بن الفضل، ثنا محمّد بن إسحاق قال: كان من حديث نوحٍ وحديث قومه فيما يذكر أهل العلم أنّه كان حليمًا صبورًا لم يلق نبيًّ من قومه من البلاء أكثر ممّا لقي إلا نبيّ قتل. وكان يدعوهم كما قال اللّه تعالى: ليلا ونهارًا وسرًا وجهارًا بالنّصيحة لهم فلم يزدهم ذلك منه إلا فرارًا حتّى إنّه ليكلّم الرّجل منهم فيلفّ رأسه بثوبه ويجعل أصابعه في أذنيه لكيلا يسمع شيئًا من قوله.
قوله تعالى: إنّي أخاف عليكم عذاب يومٍ أليمٌ
- حدّثنا عصام بن روّادٍ العسقلانيّ، ثنا آدم، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية في قوله: عذاب يومٍ أليمٌ قال: الأليم: الموجع في القرآن كلّه. وكذلك فسّره سعيد، بن جبيرٍ والضّحّاك، وقتادة، وأبو مالكٍ وأبو عمران النّحويّ ومقاتل بن حيّان). [تفسير القرآن العظيم: 6/2021-2022]

تفسير قوله تعالى: (فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ (27) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال ابن عبّاسٍ: (بادئ الرّأي) : «ما ظهر لنا»). [صحيح البخاري: 6/72]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال ابن عبّاس بادي الرّأي ما ظهر لنا). [فتح الباري: 8/349]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال أبو ميسرة الأواه الرّحيم بالحبشية وقال ابن عبّاس بادي الرّأي ما ظهر لنا وقال مجاهد الجودي جبل بالجزيرة وقال الحسن إنّك لأنت الحليم الرشيد يستهزؤون به وقال ابن عبّاس اقلعي امسكي
أما قول أبي ميسرة فتقدم في أحاديث الأنبياء وكذا قول ابن عبّاس ومجاهد والحسن وكذا قول ابن عبّاس أقلعي أمسكي). [تغليق التعليق: 4/225] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال ابن عبّاسٍ بادي الرّأي ما ظهر لنا
أي: قال عبد الله بن عبّاس في تفسير قوله تعالى: {هم أراذلنا بادي الرّأي} الآية. وفسّر قوله: بادي الرّأي: بقوله: ما ظهر لنا، وهذا التّعليق رواه أبو محمّد عن العبّاس بن الوليد بن مزيد أخبرني محمّد بن شعيب أخبرني عثمان بن عطاء عن أبيه عن ابن عبّاس). [عمدة القاري: 18/288]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال ابن عباس) في قوله تعالى: ({بادئ الرأي}) أي (ما ظهر لنا) من غير تعمق). [إرشاد الساري: 7/167]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({أراذلنا} [هود: 27] : «سقّاطنا إجرامي هو مصدرٌ من أجرمت، وبعضهم يقول جرمت»). [صحيح البخاري: 6/74]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله أراذلنا سقّاطنا بضمّ المهملة وتشديد القاف والأراذل جمع أرذال إمّا على بابه كما جاء أحاسنكم أخلافا أو جرى مجرى الأسماء كالأبطح وقيل أراذل جمع أرذل بضمّ الذّال وهو جمع رذلٍ مثل كلب وأكالب). [فتح الباري: 8/354]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (أراذلنا سقاطنا) أشار به إلى قوله تعالى وما نراك اتبعك إلّا الّذين هم أراذلنا بادي الرّأي وفسّر أراذلنا بقوله سقاطنا بضم السّين المهملة وتشديد القاف جمع سقط بفتحتين وهو الردي الدني الخسيس وسقاطنا أي أخساؤنا والأراذل جمع أرذل وهو الردي من كل شيء وقيل جمع أرذل بضم الذّال وهو جمع رذل مثل كلب وأكلب وأكالب والآية في قصّة نوح عليه الصّلاة والسّلام -). [عمدة القاري: 18/295]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({أراذلنا}) يريد قول قوم نوح عليه السلام: {وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا} [هود: 27] أي (سقاطنا) بضم السين وتخفيف القاف وهو الذي في اليونينية وفي بعضها سقاطنا بتشديدها وفي نسخة أسقاطنا أي أخساؤنا وهذا كله من قوله: {وإلى مدين} إلى هنا ثابت للكشميهني فقط وسقط لأبي ذر وقوله أخاهم شعيبًا). [إرشاد الساري: 7/170]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فقال الملأ الّذين كفروا من قومه ما نراك إلاّ بشرًا مثلنا وما نراك اتّبعك إلاّ الّذين هم أراذلنا بادي الرّأي وما نرى لكم علينا من فضلٍ بل نظنّكم كاذبين}.
يقول تعالى ذكره: فقال الكبراء من قوم نوحٍ وأشرافهم، وهم الملأ الّذين كفروا باللّه، وجحدوا نبوّة نبيّهم نوحٍ عليه السّلام. {ما نراك} يا نوح. {إلاّ بشرًا مثلنا} يعنون بذلك أنّه آدميّ مثلهم في الخلق والصّورة والجنس، كأنّهم كانوا منكرين أن يكون اللّه يرسل من البشر رسولاً إلى خلقه. وقوله: {وما نراك اتّبعك إلاّ الّذين هم أراذلنا بادي الرّأي} يقول: وما نراك اتّبعك إلاّ الّذين هم سفلتنا من النّاس دون الكبراء والأشراف فيما يرى ويظهر لنا.
وقوله: {بادي الرّأي} اختلفت القرّاء في قراءته، فقرأته عامّة قرّاء المدينة والعراق: {بادي الرّأي} بغير همز البادي وبهمز الرّأي، بمعنى: ظاهر الرّأي، من قولهم: بدا الشّيء يبدو: إذا ظهر، كما قال الرّاجز:
أضحى لخالي شبهي بادي = بدي وصار للفحل لساني ويدي.
بادي بدي بغير همزٍ. وقال آخر:
وقد علتني ذرأةٌ بادي بدي
وقرأ ذلك بعض أهل البصرة: بادئ الرّأي مهموزٌ أيضًا، بمعنى: مبتدأ الرّأي، من قولهم: بدأت بهذا الأمر: إذا ابتدأت به قبل غيره.
وأولى القراءتين بالصّواب في ذلك عندنا قراءة من قرأ: {بادي} بغير همز البادي، وبهمز الرّأي، لأنّ معنى ذلك الكلام: إلاّ الّذين هم أراذلنا في ظاهر الرّأي، وفيما يظهر لنا.
وقوله: {وما نرى لكم علينا من فضلٍ} يقول: وما نتبيّن لكم علينا من فضلٍ نلتموه بمخالفتكم إيّانا في عبادة الأوثان إلى عبادة اللّه، وإخلاص العبودة له، فنتّبعكم طلب ذلك الفضل، وابتغاء ما أصبتموه بخلافكم إيّانا.
{بل نظنّكم كاذبين} وهذا خطابٌ منهم لنوحٍ عليه السّلام، وذلك أنّهم إنّما كذّبوا نوحًا دون أتباعه، لأنّ أتباعه لم يكونوا رسلاً. وأخرج الخطاب وهو واحدٌ مخرج خطاب الجميع، كما قيل: {يا أيّها النّبيّ إذا طلّقتم النّساء} وتأويل الكلام: بل نظنّك يا نوح في دعواك أنّ اللّه ابتعثك إلينا رسولاً كاذبًا.
وبنحو الّذي قلنا في تأويل قوله {بادي الرّأي} قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وما نراك اتّبعك إلاّ الّذين هم أراذلنا بادي الرّأي} قال: فيما ظهر لنا). [جامع البيان: 12/379-381]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فقال الملأ الّذين كفروا من قومه ما نراك إلّا بشرًا مثلنا وما نراك اتّبعك إلّا الّذين هم أراذلنا بادي الرّأي وما نرى لكم علينا من فضلٍ بل نظنّكم كاذبين (27)
قوله تعالى: فقال الملأ الّذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرا مثلنا
- حدّثنا أبو بكر بن أبي موسى، ثنا هارون بن حاتمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن أبي حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ قوله: فقال الملأ يعني: الأشراف من قومه.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، ثنا محمّد بن إسحاق، عن من لا يتّهم، عن عبيد بن عميرٍ اللّيثيّ أنّه كان يحدّث أنّه بلغه أنّهم كانوا يبطشون به يعني نوحًا فيخنقونه حتّى يغشى عليه فإذا أفاق قال: اللّهمّ اغفر لقومي فإنّهم لا يعلمون حتّى إذا تمادوا في المعصية، وعظمت فيهم في الأرض الخطيئة، وتطاول عليه وعليهم الشّأن، واشتدّ عليه منهم البلاء، وانتظر النّجل بعد النّجل فلا يأتي قرنٌ إلا كان أخبث من الّذي قبله حتّى إن كان الآخر منهم ليقول: قد كان هذا مع آبائنا ومع أجدادنا هذا مجنونٌ لا يقبلون منه شيئًا حتّى شكا ذلك من أمرهم نوحٌ إلى اللّه عزّ وجلّ وقال كما قصّ اللّه علينا في كتابه.
- أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءةً، ثنا ابن وهبٍ، ثنا ابن زيدٍ يعني: عبد الرّحمن قال: ما عذّب قوم نوحٍ حتّى ما كان في الأرض سهلٌ ولا جبلٌ إلا له عامرٌ يعمره وحائزٌ يحوزه.
قوله تعالى: بادي الرّأي
- أخبرنا العباس بن الوليد ابن مزيدٍ قراءةً أخبرني محمّد بن شعيبٍ أخبرني عثمان بن عطاءٍ، عن أبيه قال: وأمّا بادي الرأي فما ظهر لنا.
قوله: وما نرى لكم علينا من فضلٍ
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، ثنا عبد اللّه بن لهيعة، ثنا عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، قوله: من فضلٍ يعني: فضيلةً). [تفسير القرآن العظيم: 6/2022-2023]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 25 - 35.
أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي} قال: فيما ظهر لنا.
وأخرج أبو الشيخ عن عطاء رضي الله عنه، مثله). [الدر المنثور: 8/36]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآَتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (28) )
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [الآية (28) : قوله تعالى: {فعمّيت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيان، عن عمرو بن دينارٍ، قال: كان ابن عبّاسٍ يقول: (أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون).
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيان، عن عاصمٍ الأحول، عن أبي العالية - في قوله عزّ وجلّ: {فولّ وجهك شطر المسجد الحرام} -، قال: تلقاء المسجد الحرام). [سنن سعيد بن منصور: 5/343-344]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بيّنةٍ من ربّي وآتاني رحمةً من عنده فعمّيت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون}.
يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل نوحٍ لقومه إذ كذّبوه وردّوا عليه ما جاءهم به من عند اللّه من النّصيحة: {يا قوم أرأيتم إن كنت على بيّنةٍ من ربّي} على علمٍ ومعرفةٍ وبيانٍ من اللّه لي ما يلزمني له، ويجب عليّ من إخلاص العبادة له وترك إشراك الأوثان معه فيها {وآتاني رحمةً من عنده} يقول: ورزقني منه التّوفيق والنّبوّة والحكمة، فآمنت به وأطعته فيما أمرني ونهاني. {فعمّيت عليكم}.
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء أهل المدينة، وبعض أهل البصرة والكوفة: فعميت بفتح العين وتخفيف الميم، بمعنى: فعميت الرّحمة عليكم، فلم تهتدوا لها، فتقرّوا بها وتصدّقوا رسولكم عليها.
وقرأ ذلك عامّة قرّاء الكوفيّين: {فعمّيت عليكم} بضمّ العين، وتشديد الميم، اعتبارًا منهم ذلك بقراءة عبد اللّه، وذلك أنّهما فيما ذكر في قراءة عبد اللّه: فعماها عليكم.
وأولى القراءتين في ذلك عندي بالصّواب قراءة من قرأه: {فعمّيت عليكم} بضمّ العين وتشديد الميم للّذي ذكروا من العلّة لمن قرأ به، ولقربه من قوله: {أرأيتم إن كنت على بيّنةٍ من ربّي وآتاني رحمةً من عنده} فأضاف الرّحمة إلى اللّه، فكذلك تعميته على الآخرين بالإضافة إليه أولى. وهذه الكلمة ممّا حوّلت العرب الفعل عن موضعه، وذلك أنّ الإنسان هو الّذي يعمى عن إبصار الحقّ، إذ يعمى عن إبصاره، والحقّ لا يوصف بالعمى إلاّ على الاستعمال الّذي قد جرى به الكلام، وهو في جوازه لاستعمال العرب إيّاه، نظير قولهم: دخل الخاتم في يدي، والخفّ في رجلي، ومعلومٌ أنّ الرّجل هي الّتي تدخل في الخفّ، والأصبع في الخاتم، ولكنّهم استعملوا ذلك كذلك لمّا كان معلومًا المراد فيه.
وقوله: {أنلزمكموها وأنتم لها كارهون} يقول: أنأخذكم بالدّخول في الإسلام وقد عمّاه اللّه عليكم، {لها كارهون} يقول: وأنتم لإلزامناكموها كارهون، يقول: لا نفعل ذلك، ولكن نكل أمركم إلى اللّه حتّى يكون هو الّذي يقضي في أمركم ما يرى ويشاء.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال نوحٌ: {يا قوم أرأيتم إن كنت على بيّنةٍ من ربّي} قال: قد عرفتها وعرفت بها أمره، وأنّه لا إله إلاّ هو، {وآتاني رحمةً من عنده} الإسلام، والهدى، والإيمان، والحكم، والنّبوّة.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {أرأيتم إن كنت على بيّنةٍ من ربّي} الآية، أما واللّه لو استطاع نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لألزمها قومه، ولكن لم يستطع ذلك ولم يملكه.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي قال، حدّثنا سفيان، عن داود، عن أبي العالية، قال: في قراءة أبيّ: أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه بن الزّبير، عن ابن عيينة، قال: أخبرنا عمرو بن دينارٍ، قال: قرأ ابن عبّاسٍ: أنلزمكموها من شطر أنفسنا قال عبد اللّه: من شطر أنفسنا: من تلقاء أنفسنا.
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينارٍ، عن ابن عبّاسٍ مثله.
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا سفيان، عن داود بن أبي هندٍ، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعبٍ: أنلزمكموها من شطر قلوبنا وأنتم لها كارهون). [جامع البيان: 12/381-384]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بيّنةٍ من ربّي وآتاني رحمةً من عنده فعمّيت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون (28) ويا قوم لا أسألكم عليه مالًا إن أجري إلّا على اللّه وما أنا بطارد الّذين آمنوا إنّهم ملاقو ربّهم ولكنّي أراكم قومًا تجهلون (29) ويا قوم من ينصرني من اللّه إن طردتهم أفلا تذكّرون (30) ولا أقول لكم عندي خزائن اللّه ولا أعلم الغيب ولا أقول إنّي ملكٌ ولا أقول للّذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم اللّه خيرًا اللّه أعلم بما في أنفسهم إنّي إذًا لمن الظّالمين (31)
قوله تعالى: أرأيتم إن كنت على بيّنةٍ
- ذكر، عن يزيد بن هارون، عن جعفر بن سليمان، سمعت أبا عمران الجونيّ قرأ هذه الآية إن كنت على بيّنةٍ من ربّي قال: على ثقةٍ.
- وبإسناد عليّ بن المبارك، عن ابن جريجٍ قوله: أرأيتم إن كنت على بيّنةٍ من ربّي عرفته بها وعرفت بها أمره أن لا إله إلا هو.
قوله تعالى: فعمّيت عليكم إلى قوله كارهون
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا شعيب بن إسحاق، عن سعيدٍ، عن قتادة، قوله: أرأيتم إن كنت على بيّنةٍ من ربّي إلى قوله: أنلزمكموها وأنتم لها كارهون أما واللّه لو استطاع نبيّ اللّه لزمها قومه ولكنّه لم يملك تلك ولم يملكه.
- حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن يزيد المقرئ، ثنا سفيان، عن عمر، وقرأ بن عبّاسٍ فعمّيت عليكم أنلزمكموها من شطر أنفسنا). [تفسير القرآن العظيم: 6/2023]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {إن كنت على بينة من ربي} قال: قد عرفتها وعرفت بها أمره وأنه لا إله إلا هو {وآتاني رحمة من عنده} قال: الإسلام والهدى والإيمان والحكم والنبوة). [الدر المنثور: 8/36]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {أنلزمكموها} قال: أما والله لو استطاع نبي الله لألزمها قومه ولكنه لم يستطع ذلك ولم يملكه). [الدر المنثور: 8/36]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه كان يقرأ أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون). [الدر المنثور: 8/36-37]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قرأ أنلزمكموها من شطر قلوبنا). [الدر المنثور: 8/37]

تفسير قوله تعالى: (وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (29) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويا قوم لا أسألكم عليه مالاً إن أجري إلاّ على اللّه وما أنا بطارد الّذين آمنوا إنّهم ملاقو ربّهم ولكنّي أراكم قومًا تجهلون}.
وهذا أيضًا خبرٌ من اللّه عن قيل نوحٍ لقومه أنّه قال لهم: {يا قوم لا أسألكم} على نصيحتي لكم ودعايتكم إلى توحيد اللّه، وإخلاص العبادة له مالاً: أجرًا على ذلك، فتتّهموني في نصيحتي، وتظنّون أنّ فعليّ ذلك طلب عرضٍ من أعراض الدّنيا. {إن أجري إلاّ على اللّه} يقول: ما ثواب نصيحتي لكم ودعايتكم إلى ما أدعوكم إليه، إلاّ على اللّه، فإنّه هو الّذي يجازيني، ويثيبني عليه.
{وما أنا بطارد الّذين آمنوا} وما أنا بمقصٍ من آمن باللّه وأقرّ بوحدانيّته، وخلع الأوثان وتبرّأ منها بأن لم يكونوا من عليتكم وأشرافكم. {إنّهم ملاقو ربّهم} يقول: إنّ هؤلاء الّذين تسألوني طردهم، صائرون إلى اللّه، واللّه سائلهم عمّا كانوا في الدّنيا يعملون، لا عن شرفهم وحسبهم.
وكان قيل نوحٍ ذلك لقومه، لأنّ قومه قالوا له، كما:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {وما أنا بطارد الّذين آمنوا إنّهم ملاقو ربّهم} قال: قالوا له: يا نوح إن أحببت أن نتّبعك فاطردهم، وإلاّ فلن نرضى أن نكون نحن وهم في الأمر سواءً فقال: {وما أنا بطارد الّذين آمنوا إنّهم ملاقو ربّهم} فيسألهم عن أعمالهم.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، وحدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، جميعًا، عن مجاهدٍ، قوله: {إن أجري إلاّ على اللّه} قال: جزائي.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
وقوله: {ولكنّي أراكم قومًا تجهلون} يقول: ولكنّي أيّها القوم أراكم قومًا تجهلون الواجب عليكم من حقّ اللّه، واللاّزم لكم من فرائضه؛ ولذلك من جهلكم سألتموني أن أطرد الّذين آمنوا باللّه). [جامع البيان: 12/384-386]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: إن أجري إلا على اللّه
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: إن أجري: جزائي.
قوله تعالى: إنهم ملاقو ربّهم الآية
- حدّثنا أبي، ثنا يحيى بن المغيرة، ثنا جريرٌ، عن يعقوب، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ، في قوله: إنهم ملاقوا ربّهم قال: الّذين شروا أنفسهم للّه وطمنوها على الموت). [تفسير القرآن العظيم: 6/2023]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد إن أجري إلا على الله يعني إن جزائي إلا على الله). [تفسير مجاهد: 2/302]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إن أجري} قال: جزائي). [الدر المنثور: 8/37]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {وما أنا بطارد الذين آمنوا} قال: قالوا له: يا نوح إن أحببت أن نتبعك فاطردهم وإلا فلن نرضى أن نكون نحن وهم في الأمر سواء، وفي قوله {إنهم ملاقو ربهم} قال: فيسألهم عن أعمالهم {ولا أقول لكم عندي خزائن الله} التي لا يفنيها شيء فأكون إنما أدعوكم لتتبعوني عليها لأعطيكم منها بملكه أي عليها {ولا أعلم الغيب} لا أقول اتبعوني على علمي بالغيب {ولا أقول إني ملك} نزلت من السماء برسالة ? {ما أنا إلا بشر مثلكم}?). [الدر المنثور: 8/37]

تفسير قوله تعالى: (وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (30) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويا قوم من ينصرني من اللّه إن طردتهم أفلا تذكّرون}.
يقول: {ويا قوم من ينصرني} فيمنعني {من اللّه} إن هو عاقبني على طردي المؤمنين الموحّدين اللّه إن طردتهم. {أفلا تذكّرون} يقول: أفلا تتفكّرون فيما تقولون، فتعلمون خطأه فتنتهوا عنه). [جامع البيان: 12/386]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: ويا قوم من ينصرني من اللّه إن طردتهم
بياضٌ). [تفسير القرآن العظيم: 6/2023]

تفسير قوله تعالى: (وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (31) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولا أقول لكم عندي خزائن اللّه ولا أعلم الغيب ولا أقول إنّي ملكٌ ولا أقول للّذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم اللّه خيرًا اللّه أعلم بما في أنفسهم إنّي إذًا لمن الظّالمين}.
وقوله: {ولا أقول لكم عندي خزائن اللّه} عطف على قوله: {ويا قوم لا أسألكم عليه مالاً} ومعنى الكلام: ويا قوم لا أسألكم عليه أجرًا، ولا أقول لكم عندي خزائن اللّه الّتي لا يفنيها شيءٌ، فأدعوكم إلى اتّباعي عليها. {ولا أعلم} أيضًا {الغيب} يعني ما خفي من سرائر العباد، فإنّ ذلك لا يعلمه إلاّ اللّه، فأدّعي الرّبوبيّة، وأدعوكم إلى عبادتي. {ولا أقول} أيضًا {إنّي ملكٌ} من الملائكة أرسلت إليكم، فأكون كاذبًا في دعواي ذلك، بل أنا بشرٌ. مثلكم كما تقولون، أمرت بدعائكم إلى اللّه، وقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم. {ولا أقول للّذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم اللّه خيرًا} يقول: ولا أقول للّذين اتّبعوني وآمنوا باللّه ووحّدوه الّذين تستحقرهم أعينكم، وقلتم إنّهم أراذلكم: لن يؤتيكم اللّه خيرًا، وذلك الإيمان باللّه.
{اللّه أعلم بما في أنفسهم} يقول: اللّه أعلم بضمائر صدورهم، واعتقاد قلوبهم، وهو وليّ أمرهم في ذلك، وإنّما لي منهم ما ظهر وبدا، وقد أظهروا الإيمان باللّه واتّبعوني، فلا أطردهم ولا أستحلّ ذلك. {إنّي إذًا لمن الظّالمين} يقول: إنّي إن قلت لهؤلاء الّذين أظهروا الإيمان باللّه وتصديقي: لن يؤتيهم اللّه خيرًا، وقضيت على سرائرهم، بخلاف ما أبدته ألسنتهم لي على غير علمٍ منّي بما في نفوسهم، وطردتهم بفعلي ذلك، لمن الفاعلين ما ليس لهم فعله المعتدين ما أمرهم اللّه به وذلك هو الظّلم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {ولا أقول لكم عندي خزائن اللّه} الّتي لا يفنيها شيءٌ، فأكون إنّما أدعوكم لتتّبعوني عليها لأعطيكم منها. {ولا أقول إنّي ملكٌ} نزلت من السّماء برسالةٍ، ما أنا إلاّ بشرٌ مثلكم. {ولا أعلم الغيب} ولا أقول اتّبعوني على علم الغيب). [جامع البيان: 12/386-387]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: ولا أقول لكم عندي خزائن الله إلى آخر الآية
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ بن الفرج، قال سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول اللّه: ولا أقول للّذين تزدري أعينكم قال: حقرتموهم). [تفسير القرآن العظيم: 6/2023]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {وما أنا بطارد الذين آمنوا} قال: قالوا له: يا نوح إن أحببت أن نتبعك فاطردهم وإلا فلن نرضى أن نكون نحن وهم في الأمر سواء، وفي قوله {إنهم ملاقو ربهم} قال: فيسألهم عن أعمالهم {ولا أقول لكم عندي خزائن الله} التي لا يفنيها شيء فأكون إنما أدعوكم لتتبعوني عليها لأعطيكم منها بملكه أي عليها {ولا أعلم الغيب} لا أقول اتبعوني على علمي بالغيب {ولا أقول إني ملك} نزلت من السماء برسالة ? {ما أنا إلا بشر مثلكم}?). [الدر المنثور: 8/37] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {ولا أقول للذين تزدري أعينكم} قال: حقرتموهم). [الدر المنثور: 8/37]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه في قوله {لن يؤتيهم الله خيرا} قال: يعني إيمانا). [الدر المنثور: 8/38]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 05:26 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (25)}
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن {ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه إني} بكسر الألف.
أبو جعفر وأبو عمرو {أني} بالفتح). [معاني القرآن لقطرب: 672]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه إنّي لكم نذير مبين}
كسر إنّ في القراءة على معنى قال لهم إنّي لكم نذير مبين، ويجوز أنّي لكم نذير مبين على معنى: لقد أرسلنا نوحا إلى قومه بالإنذار أن لا تعبدوا إلّا اللّه إنّي أنذركم لتوحدوا اللّه، وأن تتركوا عبادة غيره). [معاني القرآن: 3/46]

تفسير قوله تعالى: {أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (26)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {أن لا تعبدوا إلّا اللّه إنّي أخاف عليكم عذاب يوم أليم}
يجوز في غير القراءة: إني أخاف عليكم عذاب يوم أليما، لأن الأليم صفة للعذاب، وإنما وصف اليوم بالألم، لأن الألم فيه يقع، والمعنى عذاب يوم مؤلم، أي موجع). [معاني القرآن: 3/46]

تفسير قوله تعالى: {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ (27)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ما نراك إلاّ بشراً مّثلنا وما نراك اتّبعك إلاّ الّذين هم أراذلنا...}
رفعت الأراذل بالاتّباع وقد وقع الفعل في أوّل الكلام على اسمه. ولا تكاد العرب تجعل المردود بإلاّ إلا على المبتدأ لا على راجع ذكره. وهو جائز.
فمن البيّن الذي لا نظر فيه أن تقول: ما قام أحد إلاّ زيد. وإن قلت: ما أحد قام إلا زيد فرفعت زيداً بما عاد في فعل أحد فهو قليل وهو جائز. وإنما بعد على المبتدأ لأنه كناية، والكناية لا يفرق فيها بين أحدٍ وبين عبد الله، فلمّا قبح أن تقول: ما قام هو إلاّ زيد، وحسن: ما قام أحد إلا زيد تبيّن ذلك لأن أحداً كأنّه ليس في الكلام فحسن الردّ على الفعل. ولا يقال للمعرفة أو الكناية أحد إذ شاكل المعرفة كأنه ليس في الكلام؛ ألا ترى أنك تقول ما مررت بأحد إلا بزيد (فكأنك قلت: ما مررت إلا بزيد) لأن أحداً لا يتصوّر في الوهم أنه معمود له. وقبيح أن تقول: ليس أحد مررت به إلاّ بزيد لأن الهاء لها صورة كصورة المعرفة، وأنت لا تقول: ما قمت إلا زيد فهذا وجه قبحه. كذلك قال: (ما نراك) ثم كأنه حذف (نراك) وقال: {ما اتّبعك إلا الذين هم أراذلنا} فابن على هذا ما ورد عليك إن شاء الله.
{بادي الرّأي} لا تهمز (بادي) لأن المعنى فيما يظهر لنا [و] يبدوا. ولو قرأت (بادئ الرأي) فهمزت تريد أوّل الرأي لكان صوابا.
أنشدني بعضهم:
أضحى لخالي شبهي بادي بدي = وصار للفحل لساني ويدي
فلم يهمز ومثله مما تقوله العرب في معنى ابدأ بهذا أوّل، ثم يقولون. ابدأ بهذا آثراً مّا وآثر ذي أثير (وأثير ذي أثير) وإثر ذي أثير، وابدأ بهذا أوّل ذات يدين وأدنى دني.
وأنشدونا:
فقالوا ما تريد فقلت ألهو = إلى الإصباح آثر ذي أثير).
[معاني القرآن: 2/11-10]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {بل نظنّكم كاذبين...} مثل قوله: {يا أيّها النبي إذا طلّقتم النّساء} لأنهم كذّبوا نوحاً وحده، وخرج على جهة الجمع،
وقوله: {فإن لم يستجيبوا لكم} فلكم أريد بها النبي صلى الله عليه وسلم. وقوله: {فاعلموا} ليست للنبي صلى الله عليه وسلم.
إنما هي لكفّار مكّة ألا ترى أنه قال {فهل أنتم مسلمون} ). [معاني القرآن: 2/11]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {بادئ الرّأي} مهموز لأنه من بدأت عن أبي عمرو، ومعناه: أول الرأي، ومن لم يهمز جعله ظاهر الرأس من بدا يبدو،
وقال الراجز:
وقد علتني ذرأةٌ بادي بدى
(فلم يهمز جعلها في بدا، الذّرأة الشّمط القليل في سوادٍ، ملحٌ ذرآنيٌّ: الكثير البياض وكبشٌ أذرأ، ونعجة ذرآء في أذنها بياض شبه النّمش). [مجاز القرآن: 1/288-287]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {فقال الملأ الّذين كفروا من قومه ما نراك إلاّ بشراً مّثلنا وما نراك اتّبعك إلاّ الّذين هم أراذلنا بادي الرّأي وما نرى لكم علينا من فضلٍ بل نظنّكم كاذبين}
وقال: {إلاّ الّذين هم أراذلنا بادي الرّأي} أيّ: في ظاهر الرأي. وليس بمهموز لأنه من "بدا" "يبدو" أي: ظهر. وقال بعضهم {بادئ الرأي} أي: فيما يبدأ به من الرأي).
[معاني القرآن: 2/40]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قراءة أبي عمرو {بادئ الرأي} يهمزها؛ تكون من بدأت بالأمر بدءًا؛ كأنه قال: أول الرأي.
[معاني القرآن لقطرب: 671]
الحسن وأهل المدينة {بادئ الرأي} غير مهموز، يجوز ذلك من وجهين:
- يكون فيمن أبدل الهمزة فقال: قرا وخبا.
- ويكون من بدا الأمر يبدوا بدوًا؛ أي ظهر؛ كأنه قال: في ظاهر الرأي). [معاني القرآن لقطرب: 672]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : {بادي الرأي}: من همز أراد في مبتدأ الرأي وهو أوله ومن لم يهمز أخذه من بدا يبدو أي ظهر، كقولك ظاهر الرأي).
[غريب القرآن وتفسيره: 173]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أراذلنا} شرارنا. جمع أرذل. يقال: رجل رذل وقد رذل رذالة ورذولة.
{بادي الرّأي} أي ظاهر الرأي. بغير همز. من قولك: بدا لي ما كان خفيّا: أي ظهر. ومن همزه جعله: أوّل الرأي. من بدأت في الأمر فأنا أبدأ). [تفسير غريب القرآن: 203]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فقال الملأ الّذين كفروا من قومه ما نراك إلّا بشرا مثلنا وما نراك اتّبعك إلّا الّذين هم أراذلنا بادي الرّأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنّكم كاذبين}
{الملأ} رؤساء القوم وكبراؤهم الّذين هم ملاء بالرأي وبما يحتاج إليه منهم.
أي فأجابوه بهذا الجواب والقول.
{ما نراك إلّا بشرا مثلنا} أي ما نراك إلا إنسانا مثلنا، {وما نراك اتّبعك إلّا الّذين هم أراذلنا}.
أي لم يتبعك الملأ منا، وإنما اتبعك أخسّاؤنا.
وقوله: {بادي الرّأي}.
بغير همز في بادي، وأبو عمرو يهمز بادئ الرأي، أي اتبعوا اتباعا في ظاهر ما يرى، هذا فيمن لم يهمز، ويكون التفسير على نوعين في هذا أحدهما أن يكون اتبعوك في الظاهر، وباطنهم على خلاف ذلك.
ويجوز أن يكون اتبعوك في ظاهر الرأي ولم يتدبروا ما قلت ولم يفكروا فيه وقراءة أبي عمرو على هذا التفسير الثاني.
أي: اتبعوك ابتداء الرأي، أي حين ابتدأوا ينظرون وإذا فكروا لم يتبعوك.
فأما نصب بادي الرأي فعلى: اتبعوك في ظاهر الرأي، وعلى ظاهر الرأي، كأنّه قال: الاتباع الذي لم يفكروا فيه.
ومن قال بادي الرأي فعلى ذلك نصبه). [معاني القرآن: 3/47-46]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا}
الملأ الرؤساء والأراذل الأشرار الذين ليسوا برؤساء واحدهم أرذل
وقوله جل وعز: {بادي الرأي}
ويقرأ بادئ الرأي بالهمز فمعنى المهموز ابتداء الرأي أي إنما اتبعوك ولم يفكروا ولم ينظروا ولو فكروا لم يتبعوك
ومعنى الذي ليس بمهموز اتبعوك في ظاهر الرأي وباطنهم على خلاف ذلك
يقال بدا يبدو إذا ظهر
ويحتمل أن يكون معناه اتبعوك في ظاهر الرأي ولم يفكروا في باطنه وعاقبته فيكون على هذا القول بمعنى المهموز). [معاني القرآن: 3/341-342]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( (بادي الرأي) من همز (بَادِىءَ الرَّأي) أراد: في ابتداء الرأي. ومن قرأ (بادي الرأي) ولم يهمز (بَادِىء) أراد: في ظاهر الرأي، فبدأ - مهموزا -: ابتدأ، وبدا - غير مهموز -: ظهر.
وقد يأتي ' بادي ' غير مهموز، بمعنى: الابتداء، ولم يأت ' باديء ' مهموزا - بمعنى: ظهر). [ياقوتة الصراط: 264-263]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بَادِيَ الرَّأْيِ} بغير همزة: ظاهره. ومن همزه جعله من الابتداء، أول الرأي). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 106]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بَادِئ الرَّأْيِ}: بالهمز أول الرأي- {بادي ا لرأي}: بغير همز: ظاهره). [العمدة في غريب القرآن: 154]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآَتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (28)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وآتاني رحمةً مّن عنده...}.
يعني الرسالة. وهي نعمة ورحمة. وقوله: {فعمّيت عليكم} قرأها يحيى بن وثّاب والأعمش وحمزة. وهي في قراءة أبيّ (فعمّاها عليكم) وسمعت العرب تقول: قد عمّي عليّ الخبر وعمي عليّ بمعنى واحد. وهذا ممّا حوّلت العرب الفعل إليه وليس له، وهو في الأصل لغيره؛ ألا ترى أن الرجل الذي يعمى عن الخبر أو يعمّى عنه، ولكنّه في جوازه مثل قول العرب: دخل الخاتم في يدي والخفّ في رجلي، وأنت تعلم أن الرجل التي تدخل في الخفّ والأصبع في الخاتم. فاستخفّوا بذلك إذا كان المعنى معروفاً لا يكون لذا في حال، ولذا في حال؛ إنما هو لواحد. فاستجازوا ذلك لهذا. وقرأه العامّة (فعميت) وقوله: {أنلزمكموها} العرب تسكّن الميم التي من اللزوم فيقولون: أنلزمكموها. وذلك أن الحركات قد توالت فسكنت الميم لحركتها وحركتين بعدها وأنها مرفوعة، فلو كانت منصوبة لم يستثقل فتخفّف. إنما يستثقلون كسرة بعدها ضمةٌ أو ضمةً بعدها كسرة أو كسرتين متواليتين أو يستثقل أو ضمّتين متواليتين. فأمّا الضّمتان فقوله: {لا يحزنهم} جزموا النون لأن قبلها ضمة فخّففت كما قال (رسل) فأمّا الكسرتان فمثل قوله الإبل إذا خفّفت. وأمّا الضّمة والكسرة فمثل قول الشاعر:

وناعٍ يخبّرنا بمهلك سيّدٍ = تقطّع من وجد عليه الأنامل
وإن شئت تقطّع. وقوله في الكسرتين:
* إذا اعوججن قلت صاحب قوّم *

يريد صاحبي فإنما يستثقل الضمّ والكسر لأن لمخرجيهما مؤونة على اللسان والشفتين تنضمّ الرفعة بهما فيثقل الضمّة ويمال أحد الشّدقين إلى الكسرة فترى ذلك ثقيلاً.
والفتحة تخرج من خرق الفم بلا كلفة). [معاني القرآن: 2/11-13]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن وأبو عمرو وأهل مدينة {فعميت}.
وأصحاب عبد الله {فعميت} والمصدر تعمية). [معاني القرآن لقطرب: 673]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {أرأيتم إن كنت على بيّنةٍ من ربّي} أي على يقين وبيان.
{فعمّيت عليكم} أي عميتم عن ذلك. يقال: عمي عليّ هذا الأمر. إذا لم أفهمه، وعميت عنه، بمعنى.
{أنلزمكموها} أي نوجبها عليكم ونأخذكم بفهمها وأنتم تكرهون ذلك؟!). [تفسير غريب القرآن: 203]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بيّنة من ربّي وآتاني رحمة من عنده فعمّيت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون}
{فعميت}
كذا أكثر القراءة - بفتح العين والتخفيف - وقد قرئت فعمّيت عليكم - بضم العين وتشديد الميم –
هذا ما أجابهم به في أن قالوا: إن الذين اتبعوك إنما اتبعوك غير محقّقين. فأعلمهم أنهم محققون بهذا القول لأنه إذا كان على بينة، ممن آمن به فعالم بصير مفضول له، وأن من لم يفهم البينة فقد عمي عليه الصواب.
وقوله: {فعمّيت عليكم} أي فعميت البينة عليكم
{أنلزمكموها} القراءة بضم الميم، ويجوز إسكانها على بعد لكثرة الحركات وثقل الضمّة بعد الكسرة.
وسيبويه والخليل لا يجيزان إسكان حرف الإعراب إلا في اضطرار.
فأما ما روي عن أبي عمرو من الإسكان فلم يضبط ذلك عنه، ورواه عنه سيبويه أنه كان يخفف الحركات ويختلسها، وهذا هو الوجه). [معاني القرآن: 3/48-47]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي}
أي على يقين وبيان وهذا جواب لهم لأنهم عابوا من اتبعه فقال أرأيتم إن كنت على بينة من ربي أي فإذا كنت على بينة من ربي فمن اتبعني فهو بصير ومغفور له
ثم قال جل وعز: {وآتاني رحمة من عنده}
قال الفراء يعني الرسالة لأنها نعمة ورحمة
ثم قال جل وعز: {فعميت عليكم}
أي لم تفهموها يقال عميت عن كذا وعمي علي كذا أي لم أفهمه والمعنى فعميت الرحمة
ويقرأ فعميت فقيل هو مثل دخل الخف في رجلي مجاز إلا أن الرحمة هي التي تعمى وصاحبها يعمى
وقال ابن جريج وآتاني رحمة من عنده الإسلام والهدى والحكم والنبوة
ثم قال جل وعز: {أنلزمكموها وأنتم لها كارهون}
أي أنوجبها عليكم وأنتم كارهون لفهمها). [معاني القرآن: 3/343-342]

تفسير قوله تعالى: {وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (29)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ويا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلّا على اللّه وما أنا بطارد الّذين آمنوا إنّهم ملاقو ربّهم ولكنّي أراكم قوما تجهلون}
{وما أنا بطارد الّذين آمنوا إنّهم ملاقو ربّهم}.
وإذا لاقوا ربهم جازى من ظلمهم وطردهم، بجزائه من العذاب). [معاني القرآن: 3/48]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال الله جل وعز: {وما أنا بطارد الذين آمنوا} فدل بهذا على أنهم سألوه أن يطردهم
ثم قال جل وعز: {إنهم ملاقو ربهم} أي فيجازي من طردهم على ما فعل
قال الفراء معنى من ينصرني من يمنعني). [معاني القرآن: 3/344]

تفسير قوله تعالى: {وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (30)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ويا قوم من ينصرني من اللّه...}.
يقول: من يمنعني من الله. وكذلك كلّ ما كان في القرآن منه فالنصر على جهة المنع). [معاني القرآن: 2/13]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (31)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ولا أقول لكم عندي خزائن اللّه ولا أعلم الغيب ولا أقول إنّي ملك ولا أقول للّذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم اللّه خيرا اللّه أعلم بما في أنفسهم إنّي إذا لمن الظّالمين}
{ولا أقول للّذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم اللّه خيرا}.
{تزدري} تستسفل وتستخس.
يقال: زرّيْتُ على الرجل إذا عبت عليه وخسّست فعله.
وأزريت إذا قصّرت به وتزدري أصله تزتري بالتاء، إلا أن هذه التاء تبدل بعد الزّاي دالا، لأن التاء من حروف الهمس، وحروف الهمس خفيّة فالتاء بعد الزاي تخفى، فأبدلت منها الدال لجهرها، وكذلك يفتعل من الزينة يزدان، تقول: أنت تزدان يا هذا.
وقوله: {ولا أقول للّذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم اللّه خيرا}.
لأنهم قالوا: {اتبعك أراذلنا}.
وقوله: {اللّه أعلم بما في أنفسهم} أي إن كنتم تزعمون أنهم إنما اتبعوني في ظاهر الرّأي والذي أدعو إليه توحيد اللّه، فإذا رأيت من يوحد الله جل ثناؤه عملت على ظاهره، واللّه أعلم بما في نفسه، لا يعلم الغيب إلّا اللّه). [معاني القرآن: 3/49-48]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ولا أقول للذين تزدري أعينكم}
معنى تزدري تستقل وتستخس يقال زريت على الرجل إذا عبته واستخسست فعله وأزريت به إذا قصرت به
والمعنى إنكم قلتم إن هؤلاء اتبعوني في ظاهر الرأي وإنما أدعو إلى توحيد الله جل وعز فمن اتبعني قبلته وليس علي ما غاب). [معاني القرآن: 3/344]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {تزدري} أي: تحتقر). [ياقوتة الصراط: 264]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 05:27 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (25) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وسألت الخليل عن قوله جل ذكره: {وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون} فقال إنما هو على حذف
اللام كأنه قال ولأن هذه أمتكم أمةً واحدةً وأنا ربكم فاتقون وقال ونظيرها: {لإيلاف قريش} لأنه إنما هو لذلك فليعبدوا فإن حذفت اللام من أن فهو نصبٌ كما أنك لو حذفت اللام من لإيلاف كان نصباً هذا قول الخليل ولو قرءوها: (وإن هذه أمتكم أمة واحدة) كان جيداً وقد قرئ.
ولو قلت جئتك إنك تحب المعروف مبتدأ كان جيداً.
وقال سبحانه وتعالى: {فدعا ربه أني مغلوب فانتصر} وقال: {ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه إني لكم نذير مبين} إنما أراد بأني مغلوبٌ وبأني لكم نذيرٌ مبين ولكنه حذف الباء وقال أيضاً: {وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا} بمنزلة: {وأن هذه أمتكم أمة واحدة} والمعنى ولأن هذه أمتكم فاتقون ولأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً.
وأما المفسرون فقالوا على أوحي كما كان: {وأنه لما قام عبد الله يدعوه} على أوحي ولو قرئت: (وإن المساجد لله) كان حسناً.
واعلم أن هذا البيت ينشد على وجهين على إرادة اللام وعلى الابتداء قال الفرزدق:
منعتٌ تميماً منك أنّي أنا ابنها = وشاعرها المعروف عند المواسم
وسمعنا من العرب من يقول إني أنا ابنها. وتقول لبيك إن الحمد والنعمة لك وإن شئت قلت أن ولو قال إنسان إن أن في موضع جر في هذه الأشياء ولكنه حرفٌ كثر استعماله في كلامهم فجاز فيه حذف الجار كما حذفوا رب في قولهم:
وبلدٍ تحسبه مكسوحاً
لكان قولاً قوياً وله نظائر نحو قوله لاه أبوك والأول قول الخليل ويقوي ذلك قوله: {وأن المساجد لله} لأنهم لا يقدمون أن
ويبتدئونها ويعملون فيها ما بعدها إلا أنه يحتج الخليل بأن المعنى معنى اللام فإذا كان الفعل أو غيره موصلاً إليه باللام جاز تقديمه وتأخيره لأنه ليس هو الذي عمل فيه في المعنى فاحتملوا هذا المعنى كما قال حسبك ينم الناس إذ كان فيه معنى الأمر وسترى مثله ومنه ما قد مضى). [الكتاب: 3/126-129] (م)

تفسير قوله تعالى: {أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (26) }

تفسير قوله تعالى: {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ (27) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (بدا الشيء، بلا همز: ظهر. وبالهمز ابتدأ. ومنه: "بادئ الرأي" من همز "بادئ" أراد ابتداء الرأي، ومن لم يهمز أراد ظهور الرأي وبدا القوم إذا خرجوا "إلى" البادية، بلا همز). [مجالس ثعلب: 417]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآَتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (28) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (فإذا كان المفعولان اللذان تعدى إليهما فعل الفاعل مخاطبا وغائبا فبدأت بالمخاطب قبل الغائب فإن علامة الغائب العلامة التي لا تقع موقعها إيا وذلك قوله أعطيتكه وقد أعطاكه وقال عز وجل: {فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون}. فهذا هكذا إذا بدأت بالمخاطب قبل الغائب). [الكتاب: 2/364]

تفسير قوله تعالى: {وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (29) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب أن
اعلم أن أن والفعل بمنزلة المصدر. وهي تقع على الأفعال المضارعة فتنصبها، وهي صلاتها. ولا تقع مع الفعل حالاً؛ لأنها لما لم يقع في الحال، ولكن لما يستقبل.
فإن وقعت على الماضي؛ نحو: سرني أن قمت، وساءني أن خرجت كان جيداً. قال الله عز وجل: {وامرأة مؤمنةً أن وهبت نفسها للنبي} أي: لأن كان هذا فيما مضى.
فهذا كله لا يلحق الحال؛ لأن الحال لما أنت فيه.
واعلم أن هذه لا تلحق بعد كل فعل، إنما تلحق إذا كانت لما لم يقع بعد ما يكون توقعاً لا يقيناً؛ لأن اليقين ثابت. وذلك قولك: أرجو أن تقوم يا فتى، وأخاف أن تذهب يا فتى. كما قال: عز وجل: {نخشى أن تصيبنا دائرةٌ}.
ولو قلت: أعلم أن تقوم يا فتى لم يجز؛ لأن هذا شيء ثابت في علمك،فهذا من مواضع أن الثقيلة؛ نحو: أعلم أنك تقوم يا فتى.
وتقول: أظن أنك ستقوم؛ لأنه شيءٌ قد استقر في ظنك؛ كما استقر الآخر في علمك، كما قال الله تبارك اسمه: {الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم}.
فإن قيل: إن يظنون هاهنا يوقنون. فهكذا هو، ولكنها في الثبات في الظن وفي إعمالها على الوجه الآخر. إلا أنها إذا أرد بها العلم لم تكن إلا مثقلة. فإن أريد بها الشك جاز الأمران جميعاً. والتثقيل في الشك أكثر استعمالاً؛ لثباته في الظن كثبات الأخرى في العلم.
فأما الوجه الذي يجوز فيه الخفيفة فإنه متوقع غير ثابت المعرفة. قال الله عز وجل: {تظن أن يفعل بها فاقرةٌ}.
وأما {إن ظنا أن يقيما حدود الله} وقولهم: معناه: أيقنا فإنما هو شيء متوقع، الأغلب فيه ذا، إلا أنه علم ثابت؛ ألا تراه قال: {فظنوا أنهم مواقعوها} لما كان أيقنوا). [المقتضب: 2/29-30] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (30) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (31) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 05:28 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري
...


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 13 جمادى الأولى 1434هـ/24-03-2013م, 05:28 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:24 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:25 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (25) أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (26)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه إنّي لكم نذيرٌ مبينٌ (25) أن لا تعبدوا إلاّ اللّه إنّي أخاف عليكم عذاب يومٍ أليمٍ (26) فقال الملأ الّذين كفروا من قومه ما نراك إلاّ بشراً مثلنا وما نراك اتّبعك إلاّ الّذين هم أراذلنا بادي الرّأي وما نرى لكم علينا من فضلٍ بل نظنّكم كاذبين (27)
هذه آية قصص فيه تمثيل لقريش وكفار العرب وإعلام محمد صلى الله عليه وسلم ببدع من الرسل.
وروي أن نوحا عليه السلام أول رسول إلى الناس. وروي أن إدريس نبي من بني آدم إلا أنه لم يرسل، فرسالة نوح إنما كانت إلى قومه كسائر الأنبياء، وأما الرسالة العامة فلم تكن إلا لمحمد صلى الله عليه وسلم.
وقرأ نافع وابن عامر وعاصم وحمزة «إني» بكسر الألف، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي «أني» بفتح الألف. فالكسر على إضمار القول، والمعنى: قال لهم: إنّي لكم نذيرٌ مبينٌ، ثم يجيء قوله أن لا تعبدوا محمولا ل أرسلنا، أي أرسلنا نوحا بأن لا تعبدوا إلا الله، واعترض أثناء الكلام بقوله: إنّي لكم نذيرٌ مبينٌ، وفتح الألف على إعمال أرسلنا في «أن» أي بأني لكم نذير. قال أبو علي:
وفي هذه القراءة خروج من الغيبة إلى المخاطبة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وفي هذا نظر، وإنما هي حكاية مخاطبته لقوله، وليس هذا حقيقة الخروج من غيبة إلى مخاطبة، ولو كان الكلام: أن أنذرهم ونحوه لصح ذلك.
و «النذير» المحفظ من المكاره بأن يعرفها وينبه عليها ومبينٌ من أبان يبين.
وقوله أن لا تعبدوا إلّا اللّه ظاهر في أنهم كانوا يعبدون الأوثان ونحوها، وذلك بين في غير هذه الآية.
وأليمٍ معناه مؤلم، ووصف به اليوم وحقه أن يوصف به العذاب تجوزا إذ العذاب في اليوم، فهو كقولهم: نهار صائم وليل قائم). [المحرر الوجيز: 4/ 560-561]

تفسير قوله تعالى: {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ (27)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والملأ الجمع والأكثر من القبيلة والمدينة ونحوه، ويسمى الأشراف ملأ إذ هم عمدة الملأ والسادّون مسدّه في الآراء والأمور، وكل جماعة كبيرة ملأ.
ولما قال لهم نوح: إنّي لكم نذيرٌ = قالوا: ما نراك إلّا بشراً مثلنا = أي والله لا يبعث رسولا من البشر، فأحالوا الجائز على الله تعالى.
و «الأراذل» جمع أرذل، وقيل جمع أرذل وأرذال جمع رذل وكان اللازم على هذا أن يقال: أراذيل وإذا ثبتت الياء في جمع صيرف فأحرى ألا تزال في موضع استحقاقها. وهم سفلة الناس ومن لا أخلاق له، ولا يبالى ما يقول ولا ما يقال له.
وقرأ الجمهور «بادي الرأي» بياء دون همز، من بدا يبدو، ويحتمل أن يكون من بدأ مسهلا، وقرأ أبو عمرو وعيسى الثقفي «بادئ الرأي» بالهمز من بدأ يبدأ.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وبين القراءتين اختلاف في المعنى يعطيه التدبر، فتركت التطويل ببسطه، والعرب تقول: أما بادئ بدء فإني أحمد الله، وأما بادي بدي بغير همز فيهما، وقال الراجز: [الرجز]
أضحى لخالي شبهي بادي بدي = وصار للفحل لساني ويدي
وقال الآخر:
وقد علتني ذرأة بادي بدي.
وقرأ الجمهور بهمز «الرأي» وقرأ أبو عمرو بترك همزه. بادي نصب على الظرف وصح أن يكون اسم الفاعل ظرفا كما يصح في قريب ونحوه، وفعيل وفاعل متعاقبان أبدا على معنى واحد، وفي المصدر كقولك: جهد نفسي أحب كذا وكذا.
وتعلق قوله: بادي الرّأي يحتمل ستة أوجه:
أحدها: أن يتعلق ب نراك بأول نظر وأقل فكرة، وذلك هو بادي الرّأي، أي إلا ومتبعوك أراذلنا.
والثاني: أن يتعلق بقوله: اتّبعك أي، وما نراك اتبعك بادي الرأي إلا الأراذل ثم يحتمل على هذا قوله: بادي الرّأي معنيين:
أحدهما: أن يريد اتبعك في ظاهر أمرهم وعسى أن بواطنهم ليست معك.
والثاني: أن يريد اتبعوك بأول نظر وبالرأي البادي دون تعقب ولو تثبتوك لم يتبعوك. وفي هذا الوجه ذم الرأي الغير المروي.
والوجه الثالث: من تعلق قوله بادي الرّأي أن يتعلق بقوله: أراذلنا أي الذين هم أراذلنا بأول نظر فيهم، ويبادي الرأي يعلم ذلك منهم، ويحتمل أن يكون قولهم: بادي الرّأي وصفا منهم لنوح، أي تدعي عظيما وأنت مكشوف الرأي لا حصافة لك، ونصبه على الحال وعلى الصفة، ويحتمل أن يكون اعتراضا في الكلام مخاطبة لمحمد صلى الله عليه وسلم. ويجيء جميع هذا ستة معان، ويجوز التعلق في هذا الوجه «بقال».
ومعنى وما نرى لكم علينا من فضلٍ أي ما ثم شيء تستحقون به الاتباع والطاعة. ثم قال: بل نظنّكم كاذبين فيحتمل أنهم خاطبوا نوحا ومن آمن معه من قومه، أي أنتم كاذبون في تصديقكم هذا الكاذب، وقولكم إنه نبي مرسل). [المحرر الوجيز: 4/ 561-564]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآَتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (28)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بيّنةٍ من ربّي وآتاني رحمةً من عنده فعمّيت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون (28) ويا قوم لا أسئلكم عليه مالاً إن أجري إلاّ على اللّه وما أنا بطارد الّذين آمنوا إنّهم ملاقوا ربّهم ولكنّي أراكم قوماً تجهلون (29) ويا قوم من ينصرني من اللّه إن طردتهم أفلا تذكّرون (30)
هذه الآية كأنه قال: أرأيتم إن هداني الله وأضلكم أأجبركم على الهدى وأنتم كارهون له معرضون عنه، واستفهامه في هذه الآية أولا وثانيا على جهة التقرير. وعبارة نوح عليه السلام كانت بلغته دالة على المعنى القائم بنفسه، وهذا هو المفهوم من هذه العبارة العربية، فبهذا استقام أن يقال كذا وكذا، إذ القول ما أفاد المعنى القائم بنفسه.
وقوله على بيّنةٍ أي على أمر بيّن جلي، والهاء في بيّنةٍ للمبالغة كعلامة ونسابة، و «إيتاؤه الرحمة» هو هدايته للبيّنة، والمشار إليه بهذا كله النبوءة والشرع، وقوله من عنده تأكيد، كما قال: يطير بجناحيه [الأنعام: 38]، وفائدته رفع الاشتراك ولو بالاستعارة.
وقرأ جمهور الناس «فعميت» ولذلك وجهان من المعنى:
أحد هما: خفيت، ولذلك يقال للسحاب العماء لأنه يخفي ما فيه، كما يقال له: الغمام لأنه يغمه، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «كان الله قبل أن يخلق الأشياء في عماء».
والمعنى الثاني: أن تكون الإرادة: فعميتم أنتم عنها، لكنه قلب، كما تقول العرب: أدخلت القلنسوة في رأسي، ومنه قول الشاعر: [الطويل]
ترى النور فيها مدخل الظل رأسه = وسائره باد إلى الشمس أجمع
قال أبو علي: وهذا مما يقلب إذ ليس فيه إشكال وفي القرآن: فلا تحسبنّ اللّه مخلف وعده رسله [إبراهيم: 47] وقرأ حفص وحمزة والكسائي «فعمّيت» بضم العين وشد الميم على بناء الفعل للمفعول وهذا إنما يكون من الإخفاء ويحتمل القلب المذكور.
وقرأ الأعمش وغيره «فعماها عليهم». قال أبو حاتم: روى الأعمش عن ابن وثاب «وعميت» بالواو خفيفة.
وقوله: أنلزمكموها يريد إلزام جبر كالقتال ونحوه، وأما إلزام الإيجاب فهو حاصل، وقال النحاس: معناه أن وجبها عليكم، وقوله في ذلك خطأ.
وفي قراءة أبي بن كعب: «أنلزمكموها من شطر أنفسنا»، ومعناه من تلقاء أنفسنا. وروي عن ابن عباس أنه قرأ ذلك «من شطر قلوبنا»). [المحرر الوجيز: 4/ 564-565]

تفسير قوله تعالى: {وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (29)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله يا قوم لا أسئلكم عليه مالًا = الآية الضمير في عليه عائد على التبليغ.
وقوله: وما أنا بطارد الّذين آمنوا يقتضي أنهم طلبوا منه طرد الضعفاء الذين بادروا إلى الإيمان به نظير ما اقترحت قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم بطرد تباعه بمكة الذين لم يكونوا من قريش.
وقوله: إنّهم ملاقوا ربّهم تنبيه على العودة إلى الله ولقاء جزائه المعنى، فيوصلهم إلى حقهم عندي إن ظلمتهم بالطرد. ثم وصفهم بالجهل في مثل هذا الاقتراح ونحوه). [المحرر الوجيز: 4/ 565]

تفسير قوله تعالى: {وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (30)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله يا قوم من ينصرني من اللّه = الآية هو استفهام بمعنى تقرير وتوقيف، أي لا ناصر يدفع عني عقاب الله إن ظلمتهم بالطرد عن الخير الذي قبلوه، ثم وقفهم بقوله: أفلا تذكّرون وعرض عليهم النظر المؤدي إلى صحة هذا الاحتجاج). [المحرر الوجيز: 4/ 566]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (31)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: ولا أقول لكم عندي خزائن اللّه ولا أعلم الغيب ولا أقول إنّي ملكٌ ولا أقول للّذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم اللّه خيراً اللّه أعلم بما في أنفسهم إنّي إذاً لمن الظّالمين (31) قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصّادقين (32)
قوله: ولا أقول عطف على قوله: لا أسئلكم عليه مالًا [هود: 29]، ومعنى هذه الآية: أني لا أموه عليكم ولا أتعاطى غير ما أهلني الله له، فلست أقول عندي خزائن اللّه، يريد القدرة التي يوجد بها الشيء بعد حال عدمه، وقد يمكن أن يكون من الموجودات كالرياح والماء، ونحوه ما هو كثير بإبداع الله تعالى له، فإن سمي ذلك- على جهة التجوز- مختزنا فيشبه. ألا ترى ما روي في أحمر ريح عاد أنه فتح عليهم من الريح قدر حلقة الخاتم، ولو كان على قدر منخر الثور لأهلك الأرض. وروي أن الريح عتت على الملائكة الموكلين بتقديرها فلذلك وصفها الله تعالى بالعتو، وقال ابن عباس وغيره: عتت على الخزان. فهذا ونحوه يقتضي أن ثم خزائن. ثم قال: ولا أعلم الغيب، ثم انحط على هاتين فقال ولا أقول إنّي ملكٌ، ظاهر هذه الآية فضل الملك على البشر وعلى النبي صلى الله عليه وسلم وهي مسألة اختلاف. وظواهر القرآن على ما قلناه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وإن أخذنا قوله ولا أقول إنّي ملكٌ على حد أن لو قال: ولا أقول إني كوكب أو نحوه- زالت طريقة التفضيل، ولكن الظاهر هو ما ذكرنا.
وتزدري أصله تزتري (تفتعل) من زرى يزري ومعنى تزدري: تحتقر. و «الخير» هنا يظهر فيه أنه خير الآخرة، اللهم إلا أن يكون ازدراؤهم من جهة الفقر، فيكون الخير المال وقد قال بعض المفسرين: حيثما ذكر الله الخير في القرآن فهو المال.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وفي هذا الكلام تحامل، والذي يشبه أن يقال: إنه حيثما ذكر الخير فإن المال يدخل فيه.
وقوله اللّه أعلم بما في أنفسهم تسليم لله تعالى، أي لست أحكم عليهم بشيء من هذا وإنما يحكم عليهم بذلك ويخرج حكمه إلى حيز الوجود، الله تعالى الذي يعلم ما في نفوسهم ويجازيهم بذلك، وقال بعض المتأولين: هي رد على قولهم: اتبعك أراذلنا على ما يظهر منهم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: حسبما تقدم في بعض تأويلات تلك الآية آنفا، فالمعنى لست أنا أحكم عليهم بأن لا يكون لهم خير بظنكم بهم أن بواطنهم ليست كظواهرهم، الله عز وجل أعلم بما في نفوسهم، ثم قال: إنّي إذاً لو فعلت ذلك لمن الظّالمين الذين يضعون الشيء في غير موضعه). [المحرر الوجيز: 4/ 566-567]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:26 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 13 ذو القعدة 1435هـ/7-09-2014م, 02:27 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (25) أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (26)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه إنّي لكم نذيرٌ مبينٌ (25) أن لا تعبدوا إلا اللّه إنّي أخاف عليكم عذاب يومٍ أليمٍ (26) فقال الملأ الّذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرًا مثلنا وما نراك اتّبعك إلا الّذين هم أراذلنا بادي الرّأي وما نرى لكم علينا من فضلٍ بل نظنّكم كاذبين (27)}
يخبر تعالى عن نوحٍ، عليه السّلام، وكان أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض من المشركين عبدة الأصنام أنّه قال لقومه: {إنّي لكم نذيرٌ مبينٌ} أي: ظاهر النّذارة لكم من عذاب اللّه إن أنتم عبدتم غير اللّه؛ ولهذا قال: {أن لا تعبدوا إلا اللّه} وقوله {إنّي أخاف عليكم عذاب يومٍ أليمٍ} أي إن استمررتم على ما أنتم عليه عذّبكم اللّه عذابًا أليمًا موجعًا شاقًا في الدّار الآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 316]

تفسير قوله تعالى: {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ (27)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فقال الملأ الّذين كفروا من قومه} والملأ هم: السّادة والكبراء من الكافرين منهم: {ما نراك إلا بشرًا مثلنا} أي: لست بملكٍ، ولكنّك بشرٌ، فكيف أوحي إليك من دوننا؟ ثمّ ما نراك اتّبعك إلّا أراذلنا كالباعة والحاكة وأشباههم ولم يتبعك الأشراف ولا الرّؤساء [منّا] ثمّ هؤلاء الّذين اتّبعوك لم يكن عن تروّ منهم ولا فكرةٍ ولا نظرٍ، بل بمجرّد ما دعوتهم أجابوك فاتّبعوك ؛ ولهذا قال: {وما نراك اتّبعك إلا الّذين هم أراذلنا بادي الرّأي} أي: في أوّل بادئ الرّأي، {وما نرى لكم علينا من فضلٍ} يقولون: ما رأينا لكم علينا فضيلةً في خلق ولا خلق، ولا رزقٍ ولا حالٍ، لمّا دخلتم في دينكم هذا، {بل نظنّكم كاذبين} أي: فيما تدّعونه لكم من البرّ والصّلاح والعبادة، والسّعادة في الدّار الآخرة إذا صرتم إليها.
هذا اعتراض الكافرين على نوحٍ، عليه السّلام، وأتباعه، وذلك دليلٌ على جهلهم وقلّة علمهم وعقلهم، فإنّه ليس بعارٍ على الحقّ رذالة من اتّبعه، فإنّ الحقّ في نفسه صحيحٌ، وسواءٌ اتّبعه الأشراف أو الأراذل بل الحقّ الّذي لا شكّ فيه أنّ أتباع الحقّ هم الأشراف، ولو كانوا فقرّاء، والّذين يأبونه هم الأراذل، ولو كانوا أغنياء. ثمّ الواقع غالبًا أنّ ما يتّبع الحقّ ضعفاء النّاس، والغالب على الأشراف والكبراء مخالفته، كما قال تعالى: {وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قريةٍ من نذيرٍ إلا قال مترفوها إنّا وجدنا آباءنا على أمّةٍ وإنّا على آثارهم مقتدون} [الزّخرف: 23]، ولمّا سأل هرقل ملك الرّوم أبا سفيان صخر بن حربٍ عن صفات النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، قال له فيما قال: أشراف النّاس اتّبعوه أو ضعفاؤهم؟ قال: بل ضعفاؤهم. فقال هرقل: هم أتباع الرّسل.
وقولهم {بادي الرّأي} ليس بمذمّةٍ ولا عيبٍ؛ لأنّ الحقّ إذا وضح لا يبقى للتّروّي ولا للفكر مجالٌ، بل لا بدّ من اتّباع الحقّ والحالة هذه لكلّ ذي زكاءٍ وذكاءٍ ولا يفكّر وينزوي هاهنا إلّا عييّ أو غبيٌّ. والرّسل، صلوات اللّه وسلامه عليهم أجمعين، إنّما جاءوا بأمرٍ جليٍّ واضحٍ.
وقد جاء في الحديث أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "ما دعوت أحدًا إلى الإسلام إلّا كانت له كبوة، غير أبي بكرٍ، فإنّه لم يتلعثم" أي: ما تردّد ولا تروّى، لأنّه رأى أمرًا جليًّا عظيمًا واضحًا، فبادر إليه وسارع.
وقولهم: {وما نرى لكم علينا من فضلٍ} هم لا يرون ذلك؛ لأنّهم عمي عن الحقّ، لا يسمعون ولا يبصرون: بل هم في ريبهم يتردّدون، في ظلمات الجهل يعمهون، وهم الأفّاكون الكاذبون، الأقلّون الأرذلون، وفي الآخرة هم الأخسرون). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 316-317]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآَتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (28)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بيّنةٍ من ربّي وآتاني رحمةً من عنده فعمّيت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون (28)}
يقول تعالى مخبرًا عن نوحٍ ما ردّ على قومه في ذلك: {أرأيتم إن كنت على بيّنةٍ من ربّي} أي: على يقينٍ وأمرٍ جليٍّ، ونبوّةٍ صادقةٍ، وهي الرّحمة العظيمة من اللّه به وبهم، {فعمّيت عليكم} أي: خفيت عليكم، فلم تهتدوا إليها، ولا عرفتم قدرها، بل بادرتم إلى تكذيبها وردها، {أنلزمكموها} أي: نغضبكم بقبولها وأنتم لها كارهون). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 317]

تفسير قوله تعالى: {وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (29) وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (30)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ويا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على اللّه وما أنا بطارد الّذين آمنوا إنّهم ملاقو ربّهم ولكنّي أراكم قومًا تجهلون (29) ويا قوم من ينصرني من اللّه إن طردتهم أفلا تذكّرون (30)}
يقول لقومه: لا أسألكم على نصحي [لكم] مالًا؛ أجرةً آخذها منكم، إنّما أبتغي الأجر من اللّه عزّ وجلّ، {وما أنا بطارد الّذين آمنوا} كأنّهم طلبوا منه أن يطرد المؤمنين عنه، احتشامًا ونفاسةً منهم أن يجلسوا معهم، كما سأل أمثالهم خاتم الرّسل صلّى اللّه عليه وسلّم أن يطرد عنهم جماعةً من الضّعفاء ويجلس معهم مجلسًا خاصًّا، فأنزل اللّه تعالى: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ} [الأنعام: 52]، {واصبر نفسك مع الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم} [الكهف: 28]، وقال تعالى: {وكذلك فتنّا بعضهم ببعضٍ ليقولوا أهؤلاء منّ اللّه عليهم من بيننا أليس اللّه بأعلم بالشّاكرين} الآيات [الأنعام: 53]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 317]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (31)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولا أقول لكم عندي خزائن اللّه ولا أعلم الغيب ولا أقول إنّي ملكٌ ولا أقول للّذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم اللّه خيرًا اللّه أعلم بما في أنفسهم إنّي إذًا لمن الظّالمين (31)}
يخبرهم أنّه رسولٌ من اللّه، يدعو إلى عبادة اللّه وحده لا شريك له، بإذن اللّه له في ذلك، ولا يسألهم على ذلك أجرًا، بل هو يدعو من لقيه من شريفٍ ووضيعٍ، فمن استجاب له فقد نجا. ويخبرهم أنّه لا يقدر على التّصرّف في خزائن اللّه، ولا يعلم من الغيب إلّا ما أطلعه اللّه عليه، وليس هو بملك من الملائكة، بل بشرٌ مرسلٌ، مؤيّدٌ بالمعجزات. ولا أقول عن هؤلاء الّذين تحتقرونهم وتزدرونهم: إنّه ليس لهم عند اللّه ثوابٌ على إيمانهم الله أعمل بما في أنفسهم، فإن كانوا مؤمنين باطنًا، كما هو الظّاهر من حالهم، فلهم جزاءً الحسنى، ولو قطع لهم أحدٌ بشرٍّ بعد ما آمنوا، لكان ظالمًا قائلًا ما لا علم له به). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 317-318]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:30 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة