العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الشعراء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 3 جمادى الأولى 1434هـ/14-03-2013م, 09:00 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي تفسير سورة الشعراء [ من الآية (210) إلى الآية (220) ]

{وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (210) وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (211) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (212) فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (213) وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (216) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (220)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18 رجب 1434هـ/27-05-2013م, 07:10 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (210) )

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى وما تنزلت به الشياطين قال هو القرآن). [تفسير عبد الرزاق: 2/77]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وما تنزّلت به الشّياطين} يقول تعالى ذكره: وما تنزّلت بهذا القرآن الشّياطين على محمّدٍ، ولكنّه ينزّل به الرّوح الأمين. {وما ينبغي لهم} يقول: وما ينبغي للشّياطين أن يتنزّلوا به عليه، ولا يصلح لهم ذلك. {وما يستطيعون} يقول: وما يستطيعون أن ينزلوا به، لأنّهم لا يصلون إلى استماعه في المكان الّذي هو به من السّماء، {إنّهم عن السّمع لمعزولون} يقول: إنّ الشّياطين عن سمع القرآن من المكان الّذي هو به من السّماء لمعزولون، فكيف يستطيعون أن يتنزّلوا به.
وبنحو الّذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {وما تنزّلت به الشّياطين} قال: هذا القرآن. وفي قوله {إنّهم عن السّمع لمعزولون} قال: عن سمع السّماء.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني أبو سفيان، عن معمرٍ، عن قتادة، بنحوه، إلاّ أنّه قال: عن سمع القرآن.
والقرّاء مجمعةٌ على قراءة {وما تنزّلت به الشّياطين} بالتّاء ورفع النّون، لأنّها نونٌ أصليّةٌ، واحدهم شيطانٌ، كما واحد البساتين بستانٌ.
وذكر عن الحسن أنّه كان يقرأ ذلك: (وما تنزّلت به الشّياطون) بالواو، وذلك لحنٌ، وينبغي أن يكون ذلك إن كان صحيحًا عنه، أن يكون توهّم أنّ ذلك نظير المسلمين والمؤمنين، وذلك بعيدٌ من هذا). [جامع البيان: 17/652-653]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: وما تنزّلت به الشّياطين
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد النّرسيّ، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: وما تنزّلت به الشّياطين بكتاب اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 8/2824]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون} قال: ما أهلك الله من قرية إلا من بعد ما جاءتهم الرسل والحجة والبيان من الله، ولله الحجة على طلقة {ذكرى} قال: تذكرة لهم وموعظة وحجة لله {وما كنا ظالمين} يقول: ما كنا لنعذبهم إلا من بعد البينة والحجة والعذر، حتى نرسل الرسل وننزل الكتب وفي قوله {وما تنزلت به الشياطين} يعني القرآن {وما ينبغي لهم} أن ينزلوا به وما يستطيعون يقول لا يقدرون على ذلك ولا يستطيعونه {إنهم عن السمع لمعزولون} قال: عن سمع السماء). [الدر المنثور: 11/302] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {وما تنزلت به الشياطين} قال: زعموا أن الشياطين تنزلت به على محمد، فاخبرهم الله انها لا تقدر على ذلك ولا تسطيعه وما ينبغي لهم ان ينزلوا بهذا وهو محجور عليهم). [الدر المنثور: 11/302]

تفسير قوله تعالى: (وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (211) )
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: وما ينبغي لهم
- أخبرنا موسى بن هارون الطّوسيّ فيما كتب إليّ أنبأ الحسين بن محمّدٍ المرّوذيّ، ثنا شيبان بن عبد الرّحمن، عن قتادة قوله: وما ينبغي لهم أن ينزلوا به يعني بكتاب اللّه.
قوله تعالى: وما يستطيعون
- حدّثنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: وما يستطيعون يقول: لا يقدرون على ذلك ولا يستطيعونه). [تفسير القرآن العظيم: 8/2824]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون} قال: ما أهلك الله من قرية إلا من بعد ما جاءتهم الرسل والحجة والبيان من الله، ولله الحجة على طلقة {ذكرى} قال: تذكرة لهم وموعظة وحجة لله {وما كنا ظالمين} يقول: ما كنا لنعذبهم إلا من بعد البينة والحجة والعذر، حتى نرسل الرسل وننزل الكتب وفي قوله {وما تنزلت به الشياطين} يعني القرآن {وما ينبغي لهم} أن ينزلوا به وما يستطيعون يقول لا يقدرون على ذلك ولا يستطيعونه {إنهم عن السمع لمعزولون} قال: عن سمع السماء). [الدر المنثور: 11/302] (م)

تفسير قوله تعالى: (إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (212) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى إنهم عن السمع لمعزولون قال عن سمع السماء). [تفسير عبد الرزاق: 2/77]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: إنّهم عن السّمع لمعزولون
- وبه، عن قتادة إنّهم عن السّمع لمعزولون يقول: عن سمع السّماء.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامرٌ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: إنّهم عن السّمع لمعزولون قال: عن القرآن.
- قرئ على يونس بن عبد الأعلى، أنبأ ابن وهبٍ قال: قال عبد الرّحمن ابن زيد بن أسلم: زعموا أنّ الشّياطين تنزّلت به على محمّدٍ- صلّى اللّه عليه وسلّم- فأخبرهم اللّه عزّ وجلّ: أنّه لا تقدر على ذلك ولا تستطيعه، وما ينبغي لهم أن ينزلوا به وهو محجورٌ عليهم، وقرأ قول اللّه: وما ينبغي لهم وما يستطيعون. إنّهم، عن السّمع لمعزولون). [تفسير القرآن العظيم: 8/2824-2825]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون} قال: ما أهلك الله من قرية إلا من بعد ما جاءتهم الرسل والحجة والبيان من الله، ولله الحجة على طلقة {ذكرى} قال: تذكرة لهم وموعظة وحجة لله {وما كنا ظالمين} يقول: ما كنا لنعذبهم إلا من بعد البينة والحجة والعذر، حتى نرسل الرسل وننزل الكتب وفي قوله {وما تنزلت به الشياطين} يعني القرآن {وما ينبغي لهم} أن ينزلوا به وما يستطيعون يقول لا يقدرون على ذلك ولا يستطيعونه {إنهم عن السمع لمعزولون} قال: عن سمع السماء). [الدر المنثور: 11/302] (م)

تفسير قوله تعالى: (فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (213) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فلا تدع مع اللّه إلهًا آخر فتكون من المعذّبين (213) وأنذر عشيرتك الأقربين (214) واخفض جناحك لمن اتّبعك من المؤمنين}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: {فلا تدع} يا محمّد {مع اللّه إلهًا آخر} أي لا تعبد معه معبودًا غيره {فتكون من المعذّبين} فينزل بك من العذاب ما نزل بهؤلاء الّذين خالفوا أمرنا وعبدوا غيرنا). [جامع البيان: 17/653-654]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فلا تدع مع اللّه إلهًا آخر فتكون من المعذّبين (213)
قوله تعالى: فلا تدع مع اللّه إلهًا آخر فتكون من المعذّبين
- حدّثنا أبي، ثنا آدم بن إياس العسقلانيّ، ثنا شعبة، عن يزيد الرّشك، عن أبي مجلزٍ قال: كنت جالسًا، عند عبد اللّه بن عمر، فسأله رجلٌ، عن الشّرك؟
قال: أن تجعل مع اللّه إلهًا آخر). [تفسير القرآن العظيم: 8/2825]

تفسير قوله تعالى: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني محمد بن سليمٍ المراديّ عن خالد بن أبي عمران أنّه حين نزلت هذه الآية: {وأنذر عشيرتك الأقربين}، أنزلت عليه بسحرٍ فنادى بأعلى صوته: يا قصيّ، يا آل عبد منافٍ، يا آل هاشمٍ، يا آل عبد المطّلب، النّجا، النّجا صبّحتم، صبّحتم، فأتوه خائفين عليه؛ فلمّا اجتمعوا قال: إنّما مثلي مثل رجلٍ أتى قومه فقال: غشيتم؛ وزعم أنّه قد شهد الغارة ومرّ على القتلى فصدّقه المصدّقون فنجوا، وكذّبه المكذّبون فهلكوا؛ وأنا النّذير والموت المغير، والسّاعة الموعد). [الجامع في علوم القرآن: 2/92-93]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن هشام بن عروة عن أبيه قال لما نزلت وأنذر عشيرتك الأقربين قال: قال النبي يا فاطمة ابنة محمد ويا صفية بنت عبد المطلب اتقوا النار ولو بشق تمرة). [تفسير عبد الرزاق: 2/77]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة قال لما نزلت وأنذر عشيرتك الأقربين جمع النبي بني هاشم فقال يا بني هاشم ألا لا أفينكم تأتون تحملون الدنيا ويأتي الناس يحملون الآخرة ألا إن أوليائي منكم المتقون ألا فاتقوا النار ولو بشق تمرة). [تفسير عبد الرزاق: 2/77]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :(باب {وأنذر عشيرتك الأقربين (214) واخفض جناحك} [الشعراء: 215] ألن جانبك
- حدّثنا عمر بن حفص بن غياثٍ، حدّثنا أبي، حدّثنا الأعمش، قال: حدّثني عمرو بن مرّة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما قال: لمّا نزلت: {وأنذر عشيرتك الأقربين} [الشعراء: 214] ، صعد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم على الصّفا، فجعل ينادي: «يا بني فهرٍ، يا بني عديٍّ» - لبطون قريشٍ - حتّى اجتمعوا فجعل الرّجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولًا لينظر ما هو، فجاء أبو لهبٍ وقريشٌ، فقال: «أرأيتكم لو أخبرتكم أنّ خيلًا بالوادي تريد أن تغير عليكم، أكنتم مصدّقيّ؟» قالوا: نعم، ما جرّبنا عليك إلّا صدقًا، قال: «فإنّي نذيرٌ لكم بين يدي عذابٍ شديدٍ» فقال أبو لهبٍ: تبًّا لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا؟ فنزلت: {تبّت يدا أبي لهبٍ وتبّ ما أغنى عنه ماله وما كسب} [المسد: 2]
- حدّثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيبٌ، عن الزّهريّ، قال: أخبرني سعيد بن المسيّب، وأبو سلمة بن عبد الرّحمن، أنّ أبا هريرة، قال: قام رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم حين أنزل اللّه: {وأنذر عشيرتك الأقربين} [الشعراء: 214] قال: «يا معشر قريشٍ - أو كلمةً نحوها - اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من اللّه شيئًا، يا بني عبد منافٍ لا أغني عنكم من اللّه شيئًا، يا عبّاس بن عبد المطّلب لا أغني عنك من اللّه شيئًا، ويا صفيّة عمّة رسول اللّه لا أغني عنك من اللّه شيئًا، ويا فاطمة بنت محمّدٍ سليني ما شئت من مالي لا أغني عنك من اللّه شيئًا» تابعه أصبغ، عن ابن وهبٍ، عن يونس، عن ابن شهابٍ). [صحيح البخاري: 6/111-112]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب وأنذر عشيرتك الأقربين (214) واخفض جناحك)
ألن جانبك هو قول أبي عبيدة وزاد وكلامك
- قوله عن بن عبّاسٍ قال لمّا نزلت وأنذر عشيرتك الأقربين هذا من مراسيل الصّحابة وبذلك جزم الإسماعيليّ لأنّ أبا هريرة إنّما أسلم بالمدينة وهذه القصّة وقعت بمكّة وبن عبّاسٍ كان حينئذٍ إمّا لم يولد وإمّا طفلًا ويؤيّد الثّاني نداء فاطمة فإنّه يشعر بأنّها كانت حينئذٍ بحيث تخاطب بالأحكام وقد قدّمت في باب من انتسب إلى آبائه في أوائل السّيرة النّبويّة احتمال أن تكون هذه القصّة وقعت مرّتين لكنّ الأصل عدم تكرار النّزول وقد صرّح في هذه الرّواية بأنّ ذلك وقع حين نزلت نعم وقع عند الطّبرانيّ من حديث أبي أمامة قال لما نزلت وأنذر عشيرتك جمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بني هاشمٍ ونساءه وأهله فقال يا بني هاشمٍ اشتروا أنفسكم من النّار واسعوا في فكاك رقابكم يا عائشة بنت أبي بكرٍ يا حفصة بنت عمر يا أمّ سلمة فذكر حديثًا طويلًا فهذا إن ثبت دلّ على تعدّد القصّة لأنّ القصّة الأولى وقعت بمكّة لتصريحه في حديث الباب أنّه صعد الصّفا ولم تكن عائشة وحفصة وأمّ سلمة عنده ومن أزواجه إلّا بالمدينة فيجوز أن تكون متأخّرةً عن الأولى فيمكن أن يحضرها أبو هريرة وبن عبّاسٍ أيضًا ويحمل قوله لمّا نزلت جمع أي بعد ذلك لا أنّ الجمع وقع على الفور ولعلّه كان نزل أوّلًا وأنذر عشيرتك الأقربين فجمع قريشًا فعمّ ثمّ خصّ كما سيأتي ثمّ نزل ثانيًا ورهطك منهم المخلصين فخصّ بذلك بني هاشمٍ ونساءه واللّه أعلم وفي هذه الزّيادة تعقّبٌ على النّوويّ حيث قال في شرح مسلمٍ إنّ البخاريّ لم يخرّجها أعني ورهطك منهم المخلصين اعتمادًا على ما في هذه السّورة وأغفل كونها موجودةً عند البخاريّ في سورة تبّت قوله لمّا نزلت وأنذر عشيرتك الأقربين زاد في تفسير تبّت من رواية أبي أسامة عن الأعمش بهذا السّند ورهطك منهم المخلصين وهذه الزّيادة وصلها الطّبريّ من وجهٍ آخر عن عمرو بن مرّة أنّه كان يقرؤها كذلك قال القرطبيّ لعلّ هذه الزّيادة كانت قرآنًا فنسخت تلاوتها ثمّ استشكل ذلك بأنّ المراد إنذار الكفّار والمخلص صفة المؤمن والجواب عن ذلك أنّه لا يمتنع عطف الخاص على العام فقوله وأنذر عشيرتك عامٌّ فيمن آمن منهم ومن لم يؤمن ثمّ عطف عليه الرّهط المخلصين تنويهًا بهم وتأكيدًا واستدلّ بعض المالكيّة بقوله في هذا الحديث يا فاطمة بنت محمّدٍ سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من اللّه شيئًا أنّ النّيابة لا تدخل في أعمال البرّ إذ لو جاز ذلك لكان يتحمّل عنها صلّى اللّه عليه وسلّم بما يخلّصها فإذا كان عمله لا يقع نيابةً عن ابنته فغيره أولى بالمنع وتعقّب بأنّ هذا كان قبل أن يعلمه اللّه تعالى بأنّه يشفع فيمن أراد وتقبل شفاعته حتّى يدخل قومًا الجنّة بغير حسابٍ ويرفع درجات قومٍ آخرين ويخرج من النّار من دخلها بذنوبه أو كان المقام مقام التّخويف والتّحذير أو أنّه أراد المبالغة في الحضّ على العمل ويكون في قوله لا أغني شيئًا إضمار إلّا إن أذن اللّه لي بالشّفاعة قوله فجعل ينادي يا بني فهرٍ يا بني عديٍّ لبطون قريشٍ في حديث أبي هريرة قال يا معشر قريشٍ أو كلمةً نحوها ووقع عند البلاذريّ من وجهٍ آخر عن بن عبّاسٍ أبين من هذا ولفظه فقال يا بني فهرٍ فاجتمعوا ثمّ قال يا بني غالبٍ فرجع بنو محاربٍ والحارث ابنا فهرٍ فقال يا بني لؤيٍّ فرجع بنو الأدرم بن غالبٍ فقال يا آل كعبٍ فرجع بنو عديٍّ وسهمٍ وجمحٍ فقال يا آل كلابٍ فرجع بنو مخزومٍ وتيمٍ فقال يا آل قصيٍّ فرجع بنو زهرة فقال يا آل عبد منافٍ فرجع بنو عبد الدّار وعبد العزّى فقال له أبو لهبٍ هؤلاء بنو عبد منافٍ عندك وعند الواقديّ أنّه قصر الدّعوة على بني هاشمٍ والمطّلب وهم يومئذٍ خمسةٌ وأربعون رجلًا وفي حديث عليٍّ عند بن إسحاق والطّبريّ والبيهقيّ في الدّلائل أنّهم كانوا حينئذٍ أربعون يزيدون رجلًا أو ينقصون وفيه عمومته أبو طالبٍ وحمزة والعبّاس وأبو لهبٍ ولابن أبي حاتمٍ من وجهٍ آخر عنه أنّهم يومئذٍ أربعون غير رجلٍ أو أربعون ورجلٌ وفي حديث عليٍّ من الزّيادة أنّه صنع لهم شاةً على ثريدٍ وقعب لبنٍ وأنّ الجميع أكلوا من ذلك وشربوا وفضلت فضلةٌ وقد كان الواحد منهم يأتي على جميع ذلك قوله أرأيتكم لو أخبرتكم إلخ أراد بذلك تقريرهم بأنّهم يعلمون صدقه إذا أخبر عن الأمر الغائب ووقع في حديث عليٍّ ما أعلم شابًّا من العرب جاء قومه بأفضل ممّا جئتكم به إنّي قد جئتكم بخير الدّنيا والآخرة قوله كنتم مصدّقيّ بتشديد التّحتانيّة قوله قال فإنّي نذيرٌ لكم أي منذرٌ ووقع في حديث قبيصة بن محاربٍ وزهير بن عمرٍو عند مسلمٍ وأحمد فجعل ينادي إنّما أنا نذيرٌ وإنّما مثلي ومثلكم كرجلٍ رأى العدوّ فجعل يهتف يا صباحاه يعني ينذر قومه وفي رواية موسى بن وردان عن أبي هريرة عند أحمد قال أنا النّذير والسّاعة الموعد وعند الطّبريّ من مرسل قسامة بن زهيرٍ قال بلغني أنّه صلّى اللّه عليه وسلّم وضع أصابعه في أذنه ورفع صوته وقال يا صباحاه ووصله مرّةً أخرى عن قسامة عن أبي موسى الأشعريّ وأخرجه التّرمذيّ موصولًا أيضًا قوله فنزلت تبّت يدا أبي لهبٍ وتبّ في رواية أبي أسامة تبّت يدا أبي لهبٍ وقد تبّ وزاد هكذا قرأها الأعمش يومئذٍ انتهى وليست هذه القراءة فيما نقل الفرّاء عن الأعمش فالّذي يظهر أنّه قرأها حاكيًا لا قارئًا ويؤيّده قوله في هذا السّياق يومئذٍ فإنّه يشعر بأنّه كان لا يستمرّ على قراءتها كذلك والمحفوظ أنّها قراءة بن مسعودٍ وحده قوله في حديث أبي هريرة اشتروا أنفسكم من اللّه أي باعتبار تخليصها من النّار كأنّه قال أسلموا تسلموا من العذاب فكان ذلك كالشّراء كأنّهم جعلوا الطّاعة ثمن النّجاة وأمّا قوله تعالى إنّ اللّه اشترى من المؤمنين أنفسهم فهناك المؤمن بائعٌ باعتبار تحصيل الثّواب والثّمن الجنّة وفيه إشارةٌ إلى أنّ النّفوس كلّها ملكٌ للّه تعالى وأنّ من أطاعه حقّ طاعته في امتثال أوامره واجتناب نواهيه وفي ما عليه من الثّمن وباللّه التّوفيق
- قوله يا بني عبد منافٍ اشتروا أنفسكم من اللّه يا عبّاس إلخ في رواية موسى بن طلحة عن أبي هريرة عند مسلمٍ وأحمد دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قريشًا فعمّ وخصّ فقال يا معشر قريشٍ أنقذوا أنفسكم من النّار يا معشر بني كعبٍ كذلك يا معشر بني هاشمٍ كذلك يا معشر بني عبد المطّلب كذلك الحديث قوله يا صفيّة عمّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بنصب عمّةٍ ويجوز في صفيّة الرّفع والنّصب وكذا القول في قوله يا فاطمة بنت محمّد قوله تابعه أصبغ عن بن وهبٍ إلخ سبق التّنبيه عليه في الوصايا وفي الحديث أنّ الأقرب للرّجل من كان يجمعه هو وجدٌّ أعلى وكلّ من اجتمع معه في جدٍّ دون ذلك كان أقرب إليه وقد تقدّم البحث في المراد بالأقربين والأقارب في الوصايا والسّرّ في الأمر بإنذار الأقربين أوّلًا أنّ الحجّة إذا قامت عليهم تعدّت إلى غيرهم وإلّا فكانوا علّةً للأبعدين في الامتناع وأن لا يأخذه ما يأخذ القريب للقريب من العطف والرّأفة فيحابيهم في الدّعوة والتّخويف فلذلك نصّ له على إنذارهم وفيه جواز تكنية الكافر وفيه خلافٌ بين العلماء كذا قيل وفي إطلاقه نظرٌ لأنّ الّذي منع من ذلك إنّما منع منه حيث يكون السّياق يشعر بتعظيمه بخلاف ما إذا كان ذلك لشهرته بها دون غيرها كما في هذا أو للإشارة إلى ما يؤول أمره إليه من لهب وجهنم ويحتمل أن يكون ترك ذكره باسمه لقبح اسمه لأنّ اسمه كان عبد العزّى ويمكن جوابٌ آخر وهو أنّ التّكنية لا تدلّ بمجرّدها على التّعظيم بل قد يكون الاسم أشرف من الكنية ولهذا ذكر اللّه الأنبياء بأسمائهم دون كناهم). [فتح الباري: 8/502-504]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
- ثنا أبو اليمان أنا شعيب عن الزّهريّ أخبرني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرّحمن أن أبا هريرة قال قام رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم حين أنزل الله تبارك وتعالى 214 الشّعراء {وأنذر عشيرتك الأقربين} قال يا معشر قريش أو كلمة نحوها اشتروا أنفسكم الحديث
تابعه أصبغ عن ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب تقدم بتمامه في كتاب الوصايا به). [تغليق التعليق: 4/275]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (باب: {وأنذر عشيرتك الأقربين (214) واخفض جناحك} (الشّعراء: 214-215) . ألن جانبك)
أي: هذا باب في قوله عز وجل: {وأنذر} الخطاب للنّبي صلى الله عليه وسلم، والمراد بالأقربين: بنو عبد مناف، وقيل: بنو عبد المطلب، وكانوا أربعين رجلا، وقيل: هم قريش وبه جزم ابن التّين، والقربى في الخمس: بنو هاشم وبنو المطلب عند الشّافعي، قوله: (ألن جانبك) ، من الإلانة وهو تفسير قوله: واخفض جناحك، وهكذا فسره المفسّرون.
- حدّثنا عمر بن حفص بن غياثٍ حدثنا أبي حدثنا الأعمش قال حدّثني عمرو بن مرّة عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما قال لمّا نزلت: {وأنذر عشيرتك الأقربين} (الشّعراء: 214) صعد النبيّ صلى الله عليه وسلم على الصّفا فجعل ينادي يا بني فهرٍ يا بني عديّ لبطون قريش حتّى اجتعوا فجعل الرّجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا لينظر ما هو فجاء أبو لهبٍ وقريشٌ فقال أرأيتكم لو أخبرتكم أنّ خيلاً بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدّقيّ قالوا نعم ما جرّبنا عليك إلّا صدقاً قال فإنّي نذيرٌ لكم بين يديّ عذابٍ شديدٍ فقال أبو لهبٍ تباً لك سائر اليوم ألهاذا جمعتنا فنزلت: {تبّت يدا أبي لهب وتبّ ما أغنى عنه ماله وما كسب} (المسد: 1 2) ..
مطابقته للتّرجمة ظاهرة. والأعمش سليمان، وعمرو بن مرّة، بضم الميم وتشديد الرّاء. وهذا الحديث مرسل لأن ابن عبّاس كان حينئذٍ إمّا لم يولد أو كان طفلا، وبه جزم الإسماعيليّ، وقد مضى هذا الحديث بهذا الإسناد بعينه في كتاب الأنبياء في: باب من انتسب إلى آبائه في الإسلام والجاهلية، ولكن الّذي هنا بأتم من ذاك.
قوله: (أرأيتكم) ، معناه: أخبروني والعرب تقول: أرأيتكما أرأيتكم عند الاستخبار بمعنى: أخبرني واخبراني وأخبروني، وتاؤها مفتوحة أبدا. قوله: (أن خيلاً) أي: عسكراً. قوله: (مصدقي) ، بتشديد الياء وأصله: مصدقين لي، فلمّا أضيف إلى ياء المتكلّم سقطت النّون وأدغمت ياء الجمع في ياء المتكلّم. قوله: (نذيراً) أي: منذراً. قوله: (وتب) وفي رواية أسامة: وقد تب، وزاد: هكذا قرأها الأعمش يومئذٍ، والتباب الخسران والهلاك، تقول منه: تب تباباً وتب يداه. وقوله: تبًّا لك، نصب على المصدر بإضمار فعل: أي: ألزمك الله هلاكًا وخسراناً. قوله: (سائر اليوم) أي: في جميع اليوم، ومنه: سائر النّاس أي جميعهم. قوله: (ألهذا) الهمزة فيه للاستفهام على وجه الإنكار.
- حدّثنا أبو اليمان أخبرنا شعيبٌ عن الزّهريّ قال أخبرني سعيد بن المسيّب وأبو سلمة بن عبد الرّحمان أنّ أبا هريرة قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل الله: {وأنذر عشيرتك الأقربين} (الشّعراء: 214) قال يا معشر قريشٍ أو كلمةً نحوها اشتروا أنفسكم لا أعني عنكم من الله شيئاً يا بني عبد منافٍ لا أغني عنكم من الله شيئاً يا عبّاس بن عبد المطّلب لا أغني عنك من الله شيئاً ويا صفيّة عمّة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أغني عنك من الله شيئاً ويا فاطمة بنت محمّدٍ صلى الله عليه وسلم سليني ما شئت من مالي لا أغني عنك من الله شيئاً.
(انظر الحديث 2753 وطرفه) .
مطابقته للتّرجمة ظاهرة وهو أيضا من مراسيل أبي هريرة لأن أبا هريرة أسلم بالمدينة وهذه القصّة وقعت بمكّة، وأبو اليمان الحكم بن نافع وشعيب هو ابن أبي حمزة الحمصي. والحديث مر بعين هذا الإسناد وعين هذا المتن في كتاب الوصايا في: باب هل يدخل النّساء والود في الأقارب؟ وهذا تكرار صريح ليس فيه فائدة غير اختلاف التّرجمة فيهما.
قوله: (أو كلمة نحوها) شكّ من الرّاوي، أي: أو نحو: (يا معشر قريش) مثل قوله: يا بني فلانة، كما في الحديث الماضي قوله: {اشتروا أنفسكم} أي: باعتبار تخليصها من العذاب كأنّه قال: أسلموا تسلموا من العذاب فيكون ذلك كالشري كأنّهم جعلوا الطّاعة ثمن النجاة، وفي رواية مسلم: يا معشر قريش أنقذوا أنفسكم من النّار. قوله: (يا صفيّة عمّة رسول الله صلى الله عليه وسلم) يجوز في: عمّة، النصب والرّفع باعتبار اللّفظ والمحل، وكذلك في قوله: (يا فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم) قوله: (لا أغني عنك) يقال: ما يغنى عنك هذا أي: ما ينفعك.
تابعه أصبغ عن ابن وهبٍ عن يونس عن ابن شهابٍ
أي تابع أبا اليمان في رواية أصبغ بن الفرج المصريّ أحد مشايخ البخاريّ عن عبد الله بن وهب عن يونس بن يزيد عن محمّد بن مسلم بن شهاب الزّهريّ، وقد مر وجه المتابعة في كتاب الوصايا، والحكمة في إنذار الأقربين أولا أن الحجّة إذا قامت عليهم تعدت إلى غيرهم ولا يبقى لهم علّة في الامتناع). [عمدة القاري: 19/101-102]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (قوله: {وأنذر}) ولأبي ذر باب بالتنوين في قوله جل وعلا: {وأنذر عشيرتك الأقربين} [الشعراء: 214] أي الأقرب منهم فالأقرب فإن الاهتمام بشأنهم أهم ولأن الحجة إذا قامت عليهم تعدّت إلى غيرهم وإلاّ فكانوا علة للأبعدين في الامتناع {واخفض جناحك} [الشعراء: 215] أي (ألن جانبك) لمن اتبعك من المؤمنين مستعار من خفض الطائر جناحه إذا أراد أن ينحط ومن للتبيين والمؤمنين المراد بهم الذين لم يؤمنوا بعد بل شارفوا لأن يؤمنوا كالمؤلّفة مجازًا باعتبار ما يؤول إليه فكان من اتبعك شائعًا فيمن آمن حقيقة ومن آمن مجازًا فبين بقوله من المؤمنين، وأن المراد بهم المشارفون أي تواضع لهؤلاء استمالة وتأليفًا أو للتبعيض ويراد بالمؤمنين الذين قالوا آمنا. ومنهم من صدق واتبع، ومنهم من صدق فقط فقيل من المؤمنين وأريد بعض الذين صدقوا واتبعوا أي تواضع لهم محبة ومودة قاله في فتوح الغيب.
- حدّثنا عمر بن حفص بن غياثٍ، حدّثنا أبي حدّثنا الأعمش حدّثني عمرو بن مرّة عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ -رضي الله عنهما- قال: لمّا نزلت: {وأنذر عشيرتك الأقربين} صعد النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- على الصّفا فجعل ينادي: «يا بني فهرٍ، يا بني عديٍّ» لبطون قريشٍ. حتّى اجتمعوا، فجعل الرّجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولًا لينظر ما هو فجاء أبو لهبٍ وقريشٌ، فقال: أرأيتكم لو أخبرتكم أنّ خيلًا بالوادى تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدّقيّ؟ قالوا: نعم، ما جرّبنا عليك إلاّ صدقًا. قال: فإنّي نذيرٌ لكم بين يدي عذابٍ شديدٍ، فقال أبو لهبٍ: تبًّا لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا؟ فنزلت {تبّت يدا أبي لهبٍ وتبّ * ما أغنى عنه ماله وما كسب} [المسد: 1 - 2].
وبه قال: (حدّثنا عمر بن حفص بن غياث) النخعي قال: (حدّثنا أبي) حفص قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان قال: (حدّثني) بالإفراد (عمرو بن مرة) بفتح العين في الأول وضم الميم وتشديد الراء في الثاني الجملي بالجيم والميم المفتوحتين (عن سعيد بن جبير عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه (قال: لما نزلت: {وأنذر عشيرتك الأقربين}) زاد في سورة تبت: ورهطك منهم المخلصين وهو من عطف الخاص على العام وكان قرآنًا فنسخت تلاوته (صعد النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- على الصفا فجعل ينادي يا بني فهر) بكسر الفاء وسكون الهاء (يا بني عدي لبطون قريش حتى اجتمعوا فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولًا لينظر ما هو فجاء أبو لهب وقريش فقال) أي النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم-: (أرأيتكم) أي أخبروني (لو أخبرتكم أن خيلًا) أي عسكرًا (بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي) بتشديد الدال المكسورة والتحتية المفتوحة وأصله مصدقين لي فلما أضيف إلى ياء المتكلم سقطت النون وأدغمت ياء الجمع في ياء المتكلم ومراده بذلك تقريرهم بأنهم يعلمون صدقه إذا أخبر عن شيء غائب (قالوا: نعم) نصدقك (ما جربنا عليك إلا صدقًا قال) عليه الصلاة والسلام: (فإني نذير) أي منذر (لكم بين يدي عذاب شديد) أي قدامه (فقال أبو لهب): لعنه الله (تبًّا لك سائر اليوم) أي بقية وتبًّا نصب على المصدر بإضمار فعل أي ألزمك الله تبًّا (ألهذا جمعتنا؟) بهمزة الاستفهام الإنكاري (فنزلت: {تبت}) أي هلكت أو خسرت ({يدا أبي لهب}) نفسه ({وتب}) أخبار بعد الدعاء ({ما أغنى عنه ماله وما كسب}) وكسبه بنوه.
وهذا الحديث من مراسيل الصحابة لأن ابن عباس إنما أسلم بالمدينة وهذه القصة كانت بمكة وكان ابن عباس إما لم يولد وإما طفلًا، وذكره المؤلّف في باب من انتسب إلى آبائه في الإسلام والجاهلية من كتاب الأنبياء.
- حدّثنا أبو اليمان أخبرنا شعيبٌ عن الزّهريّ، قال: أخبرني سعيد بن المسيّب وأبو سلمة بن عبد الرّحمن أنّ أبا هريرة قال: قام رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- حين أنزل اللّه {وأنذر عشيرتك الأقربين} [الشعراء: 214] قال: «يا معشر قريشٍ، -أو كلمةً نحوها- اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من اللّه شيئًا. يا بني عبد منافٍ، لا أغني عنكم من اللّه شيئًا، يا عبّاس بن عبد المطّلب لا أغني عنك من اللّه شيئًا، ويا صفيّة عمّة رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-، لا أغني عنك من اللّه شيئًا. ويا فاطمة بنت محمّدٍ -صلّى اللّه عليه وسلّم- سليني ما شئت من مالي، لا أغني عنك من اللّه شيئًا». تابعه أصبغ عن ابن وهبٍ عن يونس عن ابن شهابٍ.
وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف (أن أبا هريرة) -رضي الله عنه- (قال: قام رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم-) على الصفا (حين أنزل الله: ({وأنذر عشيرتك الأقربين} قال): (يا معشر قريش -أو كلمة نحوها- اشتروا أنفسكم) بتخليصها من العذاب بالطاعة لأنها ثمن النجاة (لا أغني عنكم من الله شيئًا) لا أدفع. قال الله تعالى: {هل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء أو لا أنفعكم} [إبراهيم: 21] (يا بني عبد مناف لا أغني عنكم من الله شيئًا يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئًا ويا صفية) وللأصيلي يا صفية (عمة رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم-: لا أغني عنك من الله شيئًا) ترقى في القرب من العم إلى الأمة في الأشخاص كما ترقى من قريش إلى بني عبد مناف في القبيلة (ويا فاطمة بنت محمد -صلّى اللّه عليه وسلّم-) سقطت التصلية لأبي ذر (سليني ما شئت من مالي لا أغني عنك من الله شيئًا) ويجوز في ابن عبد المطلب وعمة وبنت النصب والرفع باعتبار اللفظ والمحل. (تابعه) أي تابع أبا اليمان (أصبغ) بن الفرج شيخ المؤلّف (عن ابن وهب) عبد الله (عن يونس) بن يزيد الأيلي (عن ابن شهاب) الزهري.
وسبق في الوصايا القول في وجه هذه المتابعة). [إرشاد الساري: 7/279-280]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (قوله: (تباً لك) مصدر، أي: ألزمك الله هلاكاً وخسراناً). [حاشية السندي على البخاري: 3/63]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام العجليّ، قال: حدّثنا محمّد بن عبد الرّحمن الطّفاويّ، قال: حدّثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: لمّا نزلت هذه الآية {وأنذر عشيرتك الأقربين} قال رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم: يا صفيّة بنت عبد المطّلب، يا فاطمة بنت محمّدٍ، يا بني عبد المطّلب إنّي لا أملك لكم من الله شيئًا، سلوني من مالي ما شئتم.
هذا حديثٌ حسنٌ وهكذا روى وكيعٌ، وغير واحدٍ، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، نحو حديث محمّد بن عبد الرّحمن الطّفاويّ، وروى بعضهم عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم مرسلاً ولم يذكر فيه عن عائشة.
وفي الباب عن عليٍّ، وابن عبّاسٍ). [سنن الترمذي: 5/191]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا عبد بن حميدٍ، قال: حدّثنا زكريّا بن عديٍّ، قال: حدّثنا عبيد الله بن عمرٍو الرّقّيّ، عن عبد الملك بن عميرٍ، عن موسى بن طلحة، عن أبي هريرة، قال: لمّا نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} جمع رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم قريشًا فخصّ وعمّ فقال: يا معشر قريشٍ أنقذوا أنفسكم من النّار فإنّي لا أملك لكم من الله ضرًّا ولا نفعًا، يا معشر بني عبد منافٍ أنقذوا أنفسكم من النّار فإنّي لا أملك لكم من الله ضرًّا ولا نفعًا، يا معشر بني قصيٍّ أنقذوا أنفسكم من النّار فإنّي لا أملك لكم ضرًّا ولا نفعًا، يا معشر بني عبد المطّلب أنقذوا أنفسكم من النّار فإنّي لا أملك لكم ضرًّا ولا نفعًا، يا فاطمة بنت محمّدٍ أنقذي نفسك من النّار فإنّي لا أملك لك ضرًّا ولا نفعًا، إنّ لك رحمًا سأبلّها ببلالها.
هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ من هذا الوجه.
حدّثنا عليّ بن حجرٍ، قال: حدّثنا شعيب بن صفوان، عن عبد الملك بن عميرٍ، عن موسى بن طلحة، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بمعناه). [سنن الترمذي: 5/192]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا عبد الله بن أبي زيادٍ، قال: حدّثنا أبو زيدٍ، عن عوفٍ، عن قسامة بن زهيرٍ، قال: حدّثنا الأشعريّ، قال: لمّا نزل {وأنذر عشيرتك الأقربين} وضع رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم أصبعيه في أذنيه فرفع من صوته فقال: يا بني عبد منافٍ يا صباحاه.
هذا حديثٌ غريبٌ من هذا الوجه من حديث أبي موسى.
وقد رواه بعضهم عن عوفٍ، عن قسامة بن زهيرٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم مرسلاً ولم يذكروا فيه عن أبي موسى، وهو أصحّ، ذاكرت به محمّد بن إسماعيل فلم يعرفه من حديث أبي موسى). [سنن الترمذي: 5/192-193]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {وأنذر عشيرتك الأقربين}
- أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا أبو معاوية، حدّثنا هشامٌ، عن أبيه، عن عائشة، قالت: لمّا نزلت هذه الآية {وأنذر عشيرتك الأقربين} [الشعراء: 214]، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يا فاطمة بنت محمّدٍ، يا صفيّة بنت عبد المطّلب، يا بني عبد المطّلب، إنّي لا أغني عنكم من الله شيئًا، سلوني من مالي ما شئتم»
- أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا جريرٌ، عن عبد الملك بن عميرٍ، عن موسى بن طلحة، عن أبي هريرة، قال: لمّا نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} [الشعراء: 214]، دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قريشًا فاجتمعوا، فعمّ وخصّ، فقال: «يا بني كعب بن لؤيٍّ، يا بني مرّة بن كعبٍ، ويا بني عبد شمسٍ، ويا بني عبد منافٍ، ويا بني هاشمٍ، أنقذوا أنفسكم من النّار، ويا فاطمة أنقذي نفسك من النّار، إنّي لا أملك لك من الله شيئًا، غير أنّ لكم رحمًا سأبلّها ببلالها»
- أخبرنا أحمد بن سليمان، حدّثنا معاوية بن هشامٍ، حدّثنا سفيان، عن حبيبٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: لمّا نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} [الشعراء: 214] قام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على الصّفا فقال: «واصباحاه»
- أخبرنا عمرو بن عليٍّ، حدّثنا يحيى، ويزيد بن زريعٍ، قالا: حدّثنا التّيميّ، والمعتمر، عن أبيه، عن أبي عثمان، عن قبيصة بن مخارقٍ، وزهير بن عمرٍو، قالا: لمّا نزلت هذه الآية {وأنذر عشيرتك الأقربين} [الشعراء: 214] انتهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى رضمةٍ من جبلٍ، فعلا أعلاها حجرًا، ثمّ قال: «يا بني عبد منافٍ، إنّما أنا نذيرٌ، إنّما مثلي ومثلكم، كمثل رجلٍ رأى العدوّ فذهب يربأ أهله، فخشي أن يسبقوه إلى أهله»، فجعل يهتف: «يا صباحاه»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/207-208]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {إن هو إلّا نذيرٌ لكم بين يدي عذابٍ شديدٍ}
- أخبرني إبراهيم بن يعقوب، قال: حدّثني عمر بن حفص بن غياثٍ، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا الأعمش، قال: حدّثني عمرو بن مرّة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: لمّا نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} [الشعراء: 214] صعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على الصّفا، فجعل ينادي: «يا بني فهرٍ، يا بني عديٍّ، يا بني فلانٍ»، لبطون قريشٍ، حتّى اجتمعوا، فجعل الرّجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولًا ينظر، وجاء أبو لهبٍ وقريشٌ قد اجتمعوا، فقال: «أرأيتم لو أخبرتكم أنّ خيلًا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدّقيّ؟»، قالوا: نعم، ما جرّبنا عليك إلّا صدقًا، قال: «فإنّي نذيرٌ لكم بين يدي عذابٍ شديدٍ»، قال أبو لهبٍ: تبًّا لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا؟، فنزلت {تبّت يدا أبي لهبٍ} [المسد: 1]). [السنن الكبرى للنسائي: 10/227] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وأنذر عشيرتك الأقربين} يقول جلّ ثناؤه لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: وأنذر عشيرتك من قومك الأقربين إليك قرابةً، وحذّرهم من عذابنا أن ينزل بهم بكفرهم.
وذكر أنّ هذه الآية لمّا نزلت، بدأ ببني جدّه عبد المطّلب وولده، فحذّرهم وأنذرهم.
ذكر الرّواية بذلك:
- حدّثني أحمد بن المقدام، قال: حدّثنا محمّد بن عبد الرّحمن، قال: حدّثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: لمّا نزلت هذه الآية: {وأنذر عشيرتك الأقربين} قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: يا صفيّة بنت عبد المطّلب، يا فاطمة بنت محمّدٍ يا بني عبد المطّلب إنّي لا أملك لكم من اللّه شيئًا، سلوني من مالي ما شئتم.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثني أبي ويونس بن بكيرٍ، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، بنحوه.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، قال: حدّثنا عنبسة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: لمّا نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} قام النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: يا فاطمة بنت محمّدٍ، ويا صفيّة ابنة عبد المطّلب ثمّ ذكر نحو حديث ابن المقدام.
- حدّثني يونس بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا سلامة، قال: قال عقيلٌ: حدّثني الزّهريّ، قال: قال سعيد بن المسيّب، وأبو سلمة بن عبد الرّحمن: أنّ أبا هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حين أنزل عليه {وأنذر عشيرتك الأقربين}: يا معشر قريشٍ اشتروا أنفسكم من اللّه، لا أغني عنكم من اللّه شيئًا، يا بني عبد منافٍ لا أغني عنكم من اللّه شيئًا، يا عبّاس بن عبد المطّلب، لا أغني عنك من اللّه شيئًا، يا فاطمة بنت رسول اللّه، لا أغني عنك من اللّه شيئًا، سليني ما شئت، لا أغني عنك من اللّه شيئًا.
- حدّثني محمّد بن عبد الملك، قال: حدّثنا أبو اليمان، قال: أخبرنا شعيبٌ، عن الزّهريّ، قال: أخبرني سعيد بن المسيّب، وأبو سلمة بن عبد الرّحمن، أنّ أبا هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حين أنزل عليه: {وأنذر عشيرتك الأقربين} قال: يا معشر قريشٍ اشتروا أنفسكم من اللّه ثمّ ذكر نحو حديث يونس، عن سلامة غير أنّه زاد فيه: يا صفيّة عمّة رسول اللّه لا أغني عنك من اللّه شيئًا ولم يذكر في حديثه فاطمة.
- حدّثني يونس، قال: حدّثنا سلامة بن روحٍ، قال: قال عقيلٌ: حدّثني ابن شهابٍ: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا أنزل عليه {وأنذر عشيرتك الأقربين} جمع قريشًا، ثمّ أتاهم، فقال لهم: هل فيكم غريبٌ؟ فقالوا: لا إلاّ ابن أختٍ لنا لا نراه إلاّ منّا، قال: إنّه منكم، فوعظهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ثمّ قال لهم في آخر كلامه: لا أعرفنّ ما ورد على النّاس يوم القيامة يسوقون الآخرة، وجئتم إليّ تسوقون الدّنيا.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهابٍ، أخبرني سعيد بن المسيّب، وأبو سلمة بن عبد الرّحمن، أنّ أبا هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حين أنزل عليه {وأنذر عشيرتك الأقربين} يا معشر قريشٍ، اشتروا أنفسكم من اللّه، لا أغني عنكم من اللّه شيئًا، يا بني عبد المطّلب، لا أغني عنكم من اللّه شيئًا، يا عبّاس بن عبد المطّلب، لا أغني عنك من اللّه شيئًا، يا صفيّة عمّة رسول اللّه، لا أغني عنك من اللّه شيئًا، يا فاطمة بنت محمّدٍ سليني ما شئت، لا أغني عنك من اللّه شيئًا.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا المعتمر، قال: سمعت الحجّاج يحدّث، عن عبد الملك بن عميرٍ، عن موسى بن طلحة، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: لمّا أنزل اللّه: {وأنذر عشيرتك الأقربين} قال نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: يا معشر قريشٍ، أنقذوا أنفسكم من النّار، يا فاطمة بنت محمّدٍ، أنقذي نفسك من النّار، ألا إنّ لكم رحمًا سأبلّها ببلالها.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا أبو أسامة، عن زائدة، عن عبد الملك بن عميرٍ، عن موسى بن طلحة، عن أبي هريرة، قال: لمّا نزلت هذه الآية: {وأنذر عشيرتك الأقربين} دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قريشًا، فعمّ وخصّ، فقال: يا معشر قريشٍ، اشتروا أنفسكم من اللّه، يا معشر بني كعب بن لؤيٍّ، يا معشر بني عبد منافٍ، يا معشر بني هاشمٍ، يا معشر بني عبد المطّلب، يقول لكلّهم: أنقذوا أنفسكم من النّار، يا فاطمة بنت محمّدٍ، أنقذي نفسك من النّار، فإنّي واللّه ما أملك لكم من اللّه شيئًا، ألا إنّ لكم رحمًا سأبلّها ببلالها.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا المعتمر، عن أبيه، قال: حدّثنا أبو عثمان، عن زهير بن عمرٍو، وقبيصة بن مخارقٍ: أنّهما قالا: أنزل اللّه على نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {وأنذر عشيرتك الأقربين}، فحدّثنا عن نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه علا صخرةً من جبلٍ، فعلا أعلاها حجرًا، ثمّ قال: يا آل عبد منافاه، يا صباحاه، إنّي نذيرٌ، إنّ مثلي ومثلكم مثل رجلٍ أتى الجيش فخشيهم على أهله، فذهب يربؤهم، فخشي أن يسبقوه إلى أهله، فجعل يهتف بهم: يا صباحاه أو كما قال.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الوهّاب، ومحمّد بن جعفرٍ، عن عوفٍ، عن قسامة بن زهيرٍ، قال: بلغني أنّه لمّا نزل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم {وأنذر عشيرتك الأقربين} جاء فوضع أصبعه في أذنه، ورفع من صوته، وقال: يا بني عبد منافٍ واصباحاه.
- قال: حدّثني أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عوفٌ، عن قسامة بن زهيرٍ، قال: أظنّه عن الأشعريّ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، بنحوه.
- حدّثني عبد اللّه بن أبي زيادٍ، قال: حدّثنا أبو زيدٍ الأنصاريّ سعد بن أوسٍ، عن عوفٍ، قال: قال قسامة بن زهيرٍ، حدّثني الأشعريّ، قال: لمّا نزلت، ثمّ ذكر نحوه؛ إلاّ أنّه قال: وضع أصبعيه في أذنيه.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن نميرٍ، عن الأعمش، عن عمرو بن مرّة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: لمّا نزلت هذه الآية {وأنذر عشيرتك الأقربين} قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على الصّفا، ثمّ نادى: يا صباحاه، فاجتمع النّاس إليه، فبين رجلٍ يجيء، وبين آخر يبعث رسوله، فقال: يا بني هاشمٍ، يا بني عبد المطّلب، يا بني فهرٍ، يا بني يا بني، أرأيتكم لو أخبرتكم أنّ خيلاً بسفح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم صدّقتموني؟ قالوا: نعم، قال: فإنّي نذيرٌ لكم بين يدي عذابٍ شديدٍ، فقال أبو لهبٍ: تبًّا لكم سائر اليوم، ما دعوتموني إلاّ لهذا؟ فنزلت: {تبّت يدا أبي لهبٍ وتبّ}.
- حدّثنا أبو كريبٍ، وأبو السّائب، قالا: حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمرو بن مرّة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: صعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ذات يومٍ الصّفا، فقال: يا صباحاه فاجتمعت إليه قريشٌ، فقالوا له: ما لك؟ فقال: أرأيتكم إن أخبرتكم أنّ العدوّ مصبّحكم أو ممسّيكم ألا كنتم تصدّقونني؟ قالوا: بلى، قال: فإنّي نذيرٌ لكم بين يدي عذابٍ شديدٍ. قال أبو لهبٍ: تبًّا لك، ألهذا دعوتنا أو جمعتنا، فأنزل اللّه: {تبّت يدا أبي لهبٍ} إلى آخر السّورة.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا أبو أسامة، عن الأعمش، عن عمرو بن مرّة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: لمّا نزلت هذه الآية: {وأنذر عشيرتك الأقربين} ورهطك منهم المخلصين، خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى صعد الصّفا، فهتف: يا صباحاه فقالوا: من هذا الّذي يهتف؟ فقالوا: محمّدٌ، فاجتمعوا إليه، فقال: يا بني فلانٍ، يا بني فلانٍ، يا بني عبد المطّلب، يا بني عبد منافٍ، فاجتمعوا إليه، فقال: أرأيتكم إن أخبرتكم أنّ خيلاً تخرج بسفح هذا الجبل أكنتم مصدّقيّ؟ قالوا: ما جرّبنا عليك كذبًا، قال: فإنّي نذيرٌ لكم بين يدي عذابٍ شديدٍ، فقال أبو لهبٍ: تبًّا لك، ما جمعتنا إلاّ لهذا؟ ثمّ قام فنزلت هذه السّورة: (تبّت يدا أبي لهبٍ وقد تبّ) كذا قرأ الأعمش، إلى آخر السّورة.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا أبو معاوية بن هشامٍ، عن سفيان، عن حبيبٍ، عن سعيدٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: لمّا نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقام على الصّفا، فقال: يا صباحاه.
- قال: حدّثنا خالد بن عمرٍو، قال: حدّثنا سفيان الثّوريّ، عن حبيب بن أبي ثابتٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: لمّا نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين}، قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على الصّفا، فقال: يا صباحاه فجعل يعدّدهم: يا بني فلانٍ، ويا بني فلانٍ، ويا بني عبد منافٍ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن عمرو بن مرّة الجمليّ، قال: لمّا نزلت: {وأنذر عشيرتك الأقربين} قال: أتى جبلاً، فجعل يهتف: يا صباحاه، فأتاه من خفّ من النّاس، وأرسل إليه المتثاقلون من النّاس رسلاً، فجعلوا يجيئون يتّبعون الصّوت؛ فلمّا انتهوا إليه قال: إنّ منكم من جاء لينظر، ومنكم من أرسل لينظر من الهاتف، فلمّا اجتمعوا وكثروا قال: أرأيتكم لو أخبرتكم أنّ خيلاً مصبّحتكم من هذا الجبل، أكنتم مصدّقيّ؟ قالوا: نعم، ما جرّبنا عليك كذبًا، فقرأ عليهم هذه الآيات الّتي أنزلن، وأنذرهم كما أمر، فجعل ينادي: يا قريش، يا بني هاشمٍ حتّى قال: يا بني عبد المطّلب، إنّي نذيرٌ لكم بين يدي عذابٍ شديدٍ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن عمرٍو: أنّه كان يقرأ: وأنذر عشيرتك الأقربين. ورهطك المخلصين.
- قال: حدّثنا سلمة، قال: حدّثني محمّد بن إسحاق، عن عبد الغفّار بن القاسم، عن المنهال بن عمرٍو، عن عبد اللّه بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطّلب، عن عبد اللّه بن عبّاسٍ، عن عليّ بن أبي طالبٍ: لمّا نزلت هذه الآية على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم {وأنذر عشيرتك الأقربين} دعاني رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال لي: يا عليّ، إنّ اللّه أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين، قال: فضقت بذلك ذرعًا، وعرفت أنّى متى ما أنادهم بهذا الأمر أر منهم ما أكره، فصمتّ حتّى جاء جبرائيل، فقال: يا محمّد، إنّك إلاّ تفعل ما تؤمر به يعذّبك ربّك، فاصنع لنا صاعًا من طعامٍ، واجعل عليه رجل شاةٍ، واملأ لنا عسًّا من لبنٍ، ثمّ اجمع لي بني عبد المطّلب حتّى أكلّمهم وأبلّغهم ما أمرت به، ففعلت ما أمرني به، ثمّ دعوتهم له، وهم يومئذٍ أربعون رجلاً، يزيدون رجلاً أو ينقصونه، فيهم أعمامه: أبو طالبٍ، وحمزة، والعبّاس، وأبو لهبٍ؛ فلمّا اجتمعوا إليه دعاني بالطّعام الّذي صنعت لهم، فجئت به. فلمّا وضعته تناول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حذيةً من اللّحم، فشقّها بأسنانه، ثمّ ألقاها في نواحي الصّحفة، قال: خذوا باسم اللّه، فأكل القوم حتّى ما لهم بشيءٍ حاجةٌ، وما أرى إلاّ مواضع أيديهم؛ وأيم اللّه الّذي نفس عليٍّ بيده، إن كان الرّجل الواحد ليأكل ما قدّمت لجميعهم، ثمّ قال: اسق النّاس، فجئتهم بذلك العسّ، فشربوا حتّى رووا منه جميعًا، وأيم اللّه، إن كان الرّجل الواحد منهم ليشرب مثله؛ فلمّا أراد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يكلّمهم، بدره أبو لهبٍ إلى الكلام، فقال: لهدّ ما سحركم به صاحبكم، فتفرّق القوم ولم يكلّمهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: الغد يا عليّ، إنّ هذا الرّجل قد سبقني إلى ما قد سمعت من القول، فتفرّق القوم قبل أن أكلّمهم، فأعدّ لنا من الطّعام مثل الّذي صنعت، ثمّ اجمعهم لي، قال: ففعلت ثمّ جمعتهم، ثمّ دعاني بالطّعام، فقرّبته لهم، ففعل كما فعل بالأمس، فأكلوا حتّى ما لهم بشيءٍ حاجةٌ، ثمّ قال: اسقهم، فجئتهم بذلك العسّ فشربوا حتّى رووا منه جميعًا، ثمّ تكلّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: يا بني عبد المطّلب، إنّي واللّه ما أعلم شابًّا في العرب جاء قومه بأفضل ممّا جئتكم به، إنّي قد جئتكم بخير الدّنيا والآخرة، وقد أمرني اللّه أن أدعوكم إليه، فأيّكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي وكذا وكذا؟ قال: فأحجم القوم عنها جميعًا، وقلت وإنّي لأحدثهم سنًّا، وأرمصهم عينًا، وأعظمهم بطنًا، وأخمشهم ساقًا. أنا يا نبيّ اللّه أكون وزيرك، فأخذ برقبتي، ثمّ قال: إنّ هذا أخي وكذا وكذا، فاسمعوا له وأطيعوا، قال: فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالبٍ: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: حدّثني إسحاق، عن عمرو بن عبيدٍ، عن الحسن بن أبي الحسن، قال: لمّا نزلت هذه الآية على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {وأنذر عشيرتك الأقربين} قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بالأبطح، ثمّ قال: يا بني عبد المطّلب، يا بني عبد منافٍ، يا بني قصيٍّ، قال: ثمّ فخّذ قريشًا قبيلةً قبيلةً، حتّى مرّ على آخرهم، إنّي أدعوكم إلى اللّه وأنذركم عذابه.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وأنذر عشيرتك الأقربين} قال: أمر محمّدٌ أن ينذر قومه، ويبدأ بأهل بيته وفصيلته، قال: {وكذّب به قومك وهو الحقّ}.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: ولمّا نزلت: {وأنذر عشيرتك الأقربين} قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: يا فاطمة بنت محمّدٍ، يا صفيّة بنت عبد المطّلب، اتّقوا النّار ولو بشقّ تمرةٍ.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {وأنذر عشيرتك الأقربين} بدأ بأهل بيته وفصيلته.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، قال: لمّا نزلت: {وأنذر عشيرتك الأقربين} جمع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بني هاشمٍ، فقال: يا بني هاشمٍ، ألا لا ألفينّكم تأتوني تحملون الدّنيا، ويأتي النّاس يحملون الآخرة، ألا إنّ أوليائي منكم المتّقون، فاتّقوا النّار ولو بشقّ تمرةٍ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: لمّا نزلت هذه الآية بدأ بأهل بيته وفصيلته؛ قال: وشقّ ذلك على المسلمين، فأنزل اللّه تعالى: {واخفض جناحك لمن اتّبعك من المؤمنين} ). [جامع البيان: 17/654-665]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: وأنذر عشيرتك الأقربين
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا ابن نميرٍ، ثنا الأعمش، عن عمر بن مرّة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: لمّا أنزل اللّه عزّ وجلّ: وأنذر عشيرتك الأقربين أتى رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وسلّم- الصّفا فصعد عليه ثمّ نادى: يا صحباه فاجتمع إليه الناس، فبين رجل يجيء ورجلٍ يبعث رسوله، فقال: يا بني عبد المطّلب، يا بني فهرٍ يا بني عبد منافٍ: أرأيتم لو أخبرتكم أنّ خيلا بسفح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم صدّقتموني؟ قالوا: نعم، قال: فإنّي نذيرٌ لكم بين يدي عذابٍ شديدٍ، فقال أبو لهبٍ: تبًّا لكم سائر اليوم إنّما دعوتمونا لهذا فأنزل اللّه عزّ وجلّ تبّت يدا أبي لهبٍ وقد تب.
فقال أبو لهبٍ: تبًّا لكم سائر اليوم إنّما دعوتمونا لهذا فأنزل اللّه عزّ وجلّ: تبت يدا أبي لهب وقد تبّ.
- حدّثنا أحمد بن يحيى بن سعيدٍ القطّان، ثنا محمّد بن بشرٍ ثنا مسعرٌ حدّثني عبد الملك، عن موسى بن طلحة عن أبي هريرة قال: إنّما نزلت: وأنذر عشيرتك الأقربين قال: جعل يدعو بطون قريشٍ بطنًا بطنًا يا بني فلانٍ: أنقذوا أنفسكم من النّار، حتّى انتهى إلى فاطمة فقال: يا فاطمة بنت محمّدٍ: أنقذي نفسك من النّار، لا أملك لكم من اللّه شيئًا غير أنّ لكم رحمًا سأبلّها ببلالها.
- حدّثنا أبو عبد اللّه حمّاد بن الحسن بن، عنبسة الورّاق، ثنا حمّاد بن مسعدة، عن سليمان التّيميّ، عن أبي عثمان، عن قبيصة بن مخارقٍ، وزهير بن عمرٍو، عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وسلّم- قال: لمّا نزلت- وأنذر عشيرتك الأقربين قال: أتى رسول اللّه صمّةً من جبلٍ، فعلا أعلاها حجرًا ثمّ نادى: يا آل عبد منافٍ أنا النّذير إنّما مثلي مثل رجلٍ ذهب يربوا أهله، فلمّا رأى العدوّ خشي أن يسبقوه جعل ينادي أو يهتف يا صباحاه، يا صباحاه.
- حدّثنا أبي، ثنا عليّ بن معبدٍ البصريّ، ثنا عبيد اللّه بن عمرٍو، عن عبد الملك بن عميرٍ، عن موسى بن طلحة، عن أبي هريرة قال: لمّا نزلت هذه الآية وأنذر عشيرتك الأقربين جمع رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وسلّم- قريشًا وعمّه ثمّ قال: يا معشر قريشٍ: أنقذوا أنفسكم من النّار فإنّي لا أملك لكم ضرًّا ولا نفعًا، يا معشر بني قصيٍّ أنذروا! أنفسكم من النّار فإنّي لا أملك لكم ضرًّا ولا نفعًا يا معشر بني عبد منافٍ: أنقذوا أنفسكم من النّار فإنّي لا أملك لكم ضرًّا ولا نفعًا يا معشر بني هاشمٍ: أنقذوا أنفسكم من النّار فإنّي لا أملك لكم ضرًّا ولا نفعًا يا معشر بني عبد المطّلب أنقذوا أنفسكم من النّار فإنّي لا أملك لكم ضرًّا ولا نفعًا إلا أنّ لكم رحمًا سأبلّها ببلالها.
- حدّثنا أبي، ثنا الحسين بن عيسى بن ميسرة الحارثيّ، ثنا عبد اللّه بن عبد القدّوس، ثنا الأعمش بن عمرٍو، عن عبد اللّه بن الحارث قال: قال عليّ: لمّا نزلت هذه الآية وأنذر عشيرتك الأقربين قال لي رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وسلّم- اصنع لي رجل شاةٍ بصاعٍ من طعامٍ وعندنا إناءٌ يكون فيه لبناً فقال لي: املأه لبنًا، قال: ففعلت ثمّ قال لي: ادع بني هاشمٍ قال: فدعوتهم وإنّهم يومئذ لأربعين رجل أو أربعين ورجلٌ، قال: وفيهم عشرةٌ كلّهم يأكل الجذعة بإدامها قال: فلما أتوا بالقصعة قال: أخذ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وسلّم- من ذروتها ثمّ قال لهم: كلوا فأكلوا حتّى شبعوا وهي كهيئتها لم يرزئوا منها إلا يسيرًا قال: ثمّ أتيتهم بالإناء فشربوا حتّى رووا قال: وفضل فضلٌ، فلما فراغوا أراد رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وسلّم- أن يتكلّم فبدروه بالكلام، فقالوا: ما رأينا كاليوم في السحر قال: فسكت رسول- صلّى اللّه عليه وسلّم- ثمّ قال لي: اصنع لي رجل شاةٍ بصاعٍ من طعامٍ قال: فدعاهم فلمّا أكلوا وشربوا قال: فبدروه ثمّ قالوا: مثل مقالتهم الأولى قال: فسكت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: اصنع لي رجل شاةٍ بصاعٍ من طعامٍ فصنعت، قال: فجمعهم فلمّا أكلوا وشربوا بدرهم رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وسلّم- الكلام، فقال: أيّكم يقضي، عنّي ديني، ويكون خليفتي في أهلي؟ قال: فسكتوا وسكت العبّاس خشية أن يحيط ذلك بماله قال: وسكتّ أنا لسنّ العبّاس ثمّ قالها مرّةً أخرى فسكت العبّاس فلمّا رأيت ذلك، قلت: أنا يا رسول اللّه فقال: أنت! قال: وإنّي يومئذٍ لأسوأهم هيئةً، ولإنّي لأعمش العينين، ضخم البطن حمش السّاقين). [تفسير القرآن العظيم: 8/2825-2827]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ م ت) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: لما نزلت: {وأنذر عشيرتك الأقربين} [الشعراء: 214] صعد النبيّ صلى الله عليه وسلم على الصّفا، فجعل ينادي: يا بني فهرٍ، يا بني عديّ - لبطون قريشٍ - حتى اجتمعوا. فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولاً، لينظر ما هو؟ فجاء أبو لهبٍ وقريشٌ، فقال: أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي، تريد أن تغير عليكم، أكنتم مصدّقيّ؟ قالوا: نعم، ما جرّبنا عليك إلا صدقاً، قال: فإنّي نذيرٌ لكم بين يدي عذاب شديدٍ، فقال أبو لهب: تبّاً لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا؟ فنزلت {تبّت يدا أبي لهبٍ وتبّ. ما أغنى عنه ماله وما كسب}.
وفي بعض الروايات: «وقد تبّ» كذا قرأ الأعمش.
وفي رواية: أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم خرج إلى البطحاء، فصعد الجبل، فنادى: «يا صباحاه، يا صباحاه»، فاجتمعت إليه قريشٌ فقال: «أرأيتم إن حدّثتكم: أنّ العدوّ مصبّحكم، أو ممسّيكم، أكنتم تصدّقوني؟» قالوا: نعم، قال: «فإني نذيرٌ لكم بين يدي عذابٍ شديدٍ» - وذكر نحوه.
هذه رواية البخاري، ومسلم.
وللبخاري أيضاً قال: لما نزل: {وأنذر عشيرتك الأقربين} جعل النبيّ صلى الله عليه وسلم يدعوهم قبائل، قبائل. وأخرج الترمذي الرواية الثانية.
وفي رواية للبخاري: لما نزلت: {وأنذر عشيرتك الأقربين. ورهطك منهم المخلصين} خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صعد الصّفا، فهتف: يا صباحاه، فقالوا: من هذا؟ فاجتمعوا إليه، فقال: أرأيتم إن أخبرتكم أنّ خيلاً تخرج من سفح هذا الجبل، أكنتم مصدّقيّ؟ قالوا: ما جرّبنا عليك كذباً... وذكر الحديث.
[شرح الغريب]
(البطحاء): الأرض المستوية.
(تباً لك) التب: الهلاك: أي هلاكاً لك، وهو منصوب بفعل مضمر.
(صباحاه) كلمة يقولها المنهوب والمستغيث، وأصله: من يؤم الصباح، وهو يوم الغارة). [جامع الأصول: 2/286-289]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ م ت س) أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل الله عز وجل {وأنذر عشيرتك الأقربين} قال: «يا معشر قريشٍ - أو كلمة نحوها - اشتروا أنفسكم، لا أغني عنكم من الله شيئاً. يا بني عبد منافٍ، لا أغني عنكم من الله شيئاً. يا عباس بن عبد المطلب، لا أغني عنك من الله شيئاً. ويا صفيّة عمّة رسول الله، لا أغني عنك من الله شيئاً. ويا فاطمة بنت محمّدٍ، سليني ما شئت من مالي، لا أغني عنك من الله شيئاً».
وفي رواية نحوه، ولم يذكر فيه «يا بني عبدٍ منافٍ» وذكر بدله: «بني عبد المطلب».
هذه رواية البخاري، ومسلم.
وللبخاري أيضاً قال: يا بني عبد منافٍ، اشتروا أنفسكم من الله، يا بني عبد المطلب، اشتروا أنفسكم من الله، يا أمّ الزّبير عّمة رسول الله، يا فاطمة بنت محمّدٍ، اشتريا أنفسكما من الله، لا أملك لكما من الله شيئاً، سلاني من مالي ما شئتما.
ولمسلم أيضاً قال: لمّا نزلت هذه الآية {وأنذر عشيرتك الأقربين} دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشاً، فاجتمعوا، فعمّ وخصّ، فقال: يا بني كعب بن لؤيّ، أنقذوا أنفسكم من النّار، يا بني مرّة بن كعبٍ، أنقذوا أنفسكم من النّار، يا بني عبد شمسٍ، أنقذوا أنفسكم من النّار، يا بني عبد مناف، أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني هاشم، أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد المطلب، أنقذوا أنفسكم من النّار، يا فاطمة، أنقذي نفسك من النّار، فإنّي لا أملك لكم من الله شيئاً، غير أنّ لكم رحماً، سأبلّها ببلالها.
وأخرجه الترمذي قال: لما نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشاً، فخصّ وعمّ، فقال «يا معشر قريشٍ أنقذوا أنفسكم من النّار فإني لا أملك لكم من الله ضرًّا ولا نفعاً، يا معشر بني عبدٍ منافٍ، أنقذوا أنفسكم من النّار، فإني لا أملك لكم من الله ضرًّا ولا نفعاً، يا معشر بني قصيّ، أنقذوا أنفسكم من النّار، فإني لا أملك لكم من الله ضرًّا ولا نفعاً، يا معشر بني عبد المطلب، أنقذوا أنفسكم من النّار، فإني لا أملك لكم من الله ضرًّا ولا نفعاً، يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النّار، فإني لا أملك لك من الله ضرًّا ولا نفعاً، إنّ لك رحماً، سأبلّها ببلالها».
وأخرج النسائي الرواية الأولى من روايات البخاري، ومسلم، والرواية التي أخرجها مسلم وحده.
[شرح الغريب]
(أنقذوا) أنقذت فلاناً: أذا خلصته مما يكون قد وقع فيه أو شارف أن يقع فيه.
(سأبلها) البلال: ما يبل به، وإنما قالوا في صلة الرحم: بلّ رحمه؛ لأنهم لما رأوا بعض الأشياء يتصل ويختلط بالنداوة، ويحصل بينهما التجافي والتفرق باليبس، استعاروا البل لمعنى الوصل، واليبس لمعنى القطيعة، والمعنى: سأصل الرحم بصلتها، وقيل: البلال: جمع بل). [جامع الأصول: 2/289-292]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (م ت س) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: لما نزلت: {وأنذر عشيرتك الأقربين} قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصّفا، فقال: «يا فاطمة بنت محمد، يا صفية بنت عبد المطلب، يا بني عبد المطلب، لا أملك لكم من الله شيئاً، سلوني من مالي ما شئتم».أخرجه مسلم، والترمذي، والنسائي). [جامع الأصول: 2/292]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه -: قال: لما نزلت: {وأنذر عشيرتك الأقربين} وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبعيه في أذنيه، فرفع صوته، فقال: «يا بني عبد منافٍ، يا صباحاه».
أخرجه الترمذي، وقال: وقد روي مرسلاً، ولم يذكر الأشعريّ، قال: وهو أصحّ). [جامع الأصول: 2/292-293]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (م) قبيصة بن مخارق وزهير بن عمرو - رضي الله عنهما -: قالا: لما نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} انطلق نبيّ الله صلى الله عليه وسلم إلى رضمة جبلٍ، فعلا أعلاها حجراً، ثم نادى: «يا بني عبدٍ منافٍ إني نذيرٌ لكم، إنما مثلي ومثلكم كمثل رجلٍ رأى العدوّ، فانطلق يربأ أهله، فخشي أن يسبقوه، فجعل يهتف: «يا صاحباه».أخرجه مسلم.
[شرح الغريب]
(رضمة) الرّضمة: واحدة الرضم: وهي الحجارة والصخور بعضها على بعض.
(يربأ) الربيئة: الذين يحرس القوم، ويتطلع لهم، خوفاً [من] أن يكبسهم العدو). [جامع الأصول: 2/293]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {وأنذر عشيرتك الأقربين} [الشعراء: 214].
- عن الزّبير بن العوّام قال: «لمّا نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} [الشعراء: 214] صاح رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - على أبي قبيسٍ: " يا آل عبد منافٍ إنّي نذيرٌ ". فجاءته قريشٌ، فحذّرهم وأنذرهم، قالوا: تزعم أنّك نبيٌّ يوحى إليك، وأنّ سليمان سخّر له الرّيح والجبال، وأنّ موسى سخّر له البحر، وأنّ عيسى كان يحيي الموتى، فادع اللّه أن يسيّر عنّا هذه الجبال، ويفجّر لنا أنهارًا فنتّخذها محارثًا فنزرع ونأكل، وإلّا فادع اللّه أن يحيي لنا موتانا، وإلّا فادع اللّه أن يصيّر هذه الصّخرة الّتي تحتك ذهبًا فننحت منها وتغنينا عن رحلة الشّتاء والصّيف، فإنّك تزعم أنّك كهيئتهم. فبينما نحن حوله إذ نزل عليه الوحي، فلمّا سرّي عنه قال: " والّذي نفسي بيده، لقد أعطاني ما سألتم، ولو شئت لكان، ولكنّه خيّرني بين أن تدخلوا باب الرّحمة فيؤمن مؤمنكم، وبين أن يكلكم إلى ما اخترتم لأنفسكم فتضلّوا عن باب الرّحمة ولا يؤمن مؤمنكم، فاخترت باب الرّحمة فيؤمن مؤمنكم، وأخبرني أنّه إن أعطاكم ذلك ثمّ كفرتم أنّه معذّبكم عذابًا لا يعذّبه أحدًا من العالمين ". فنزلت {وما منعنا أن نرسل بالآيات إلّا أن كذّب بها الأوّلون} [الإسراء: 59] حتّى قرأ ثلاث آياتٍ، ونزلت {ولو أنّ قرآنًا سيّرت به الجبال أو قطّعت به الأرض أو كلّم به الموتى} [الرعد: 31]- الآية».
رواه أبو يعلى من طريق عبد الجبّار بن عمر الأيليّ عن عبد اللّه بن عطاء بن إبراهيم، وكلاهما وثّق، وقد ضعّفهما الجمهور.
- وعن أبي أمامة قال: «لمّا نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} [الشعراء: 214] جمع رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - بني هاشمٍ فأجلسهم على الباب، وجمع نساءه وأهله فأجلسهم في البيت، ثمّ اطّلع عليهم، فقال: " يا بني هاشمٍ اشتروا أنفسكم من النّار، وأوسعوا في فكاك رقابكم، وافتكّوا أنفسكم من اللّه - عزّ وجلّ - فإنّي لا أملك لكم من اللّه شيئًا ". ثمّ أقبل على أهل بيته فقال: يا عائشة بنت أبي بكرٍ ويا حفصة بنت عمر ويا أمّ سلمة ويا فاطمة بنت محمّدٍ ويا أمّ الزّبير عمّة رسول اللّه، اشتروا أنفسكم من النّار، وأوسعوا في فكاك رقابكم، وافتكّوا أنفسكم من اللّه - عزّ وجلّ - فإنّي لا أملك لكم من اللّه شيئًا ولا أغني ". فبكت عائشة وقالت: أي حبّي، هل يكون ذلك يوم لا تغني عنّا من اللّه شيئًا؟ قال: " نعم، في ثلاث مواطن يقول اللّه - تعالى -: {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة} [الأنبياء: 47] فعند ذلك لا أغني عنكم من اللّه شيئًا ولا أملك لكم من اللّه شيئًا، وعند النّور من شاء أتمّ اللّه له نوره ومن شاء أكنّه في الظّلمات يغمّه فيها، فلا أملك لكم من اللّه شيئًا ولا أغني عنكم من اللّه شيئًا، وعند الصّراط من شاء سلّمه وأجازه ومن شاء كبكبه في النّار ". قالت عائشة: أي حبّي، قد علمت الموازين هي الكفّتان فيوضع في هذه فترجّح إحداهما وتخفّ الأخرى، وقد علمنا ما النّور وما الظّلمة، فما الصّراط؟ قال: " طريقٌ بين الجنّة والنّار يجوز النّاس عليها وهو مثل حدّ الموسى، والملائكة صافّةٌ يمينًا وشمالًا يخطفونهم بالكلاليب مثل شوك السّعدان وهم يقولون: ربّ سلّم سلّم، وأفئدتهم هواءٌ، فمن شاء اللّه سلّم ومن شاء اللّه كبكبه فيها» ".
رواه الطّبرانيّ، وفيه عليّ بن يزيد الألهانيّ وهو متروكٌ). [مجمع الزوائد: 7/85-86]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (قال أبو يعلى الموصليّ: ثنا محمّد بن إسماعيل بن عليٍّ الأنصاريّ، ثنا خلف بن تميمٍ المصيصيّ، عن عبد الجبّار بن عمر الأيليّ، عن عبد اللّه بن عطاء بن إبراهيم، عن جدّته أمّ عطاءٍ مولاة الزّبير بن العوّام قالت: سمعت الزّبير بن العوّام- رضي الله عنه- يقول: "لما نزل قوله الله- عز وجل-: (وأنذر عشيرتك الأقربين) صاح رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على أبي قبيسٍ: يا آل عبد منافٍ، إنّي نذيرٌ. فجاءته قريشٌ فحذّرهم وأنذرهم، فقالوا: تزعم أنّك نبيٌّ يوحى إليك وأنّ سليمان سخّر له الرّيح والجبال، وأنّ موسى سخّر له البحر، وأنّ عيسى كان يحيي الموتى؟ فادع اللّه أن يسيّر عنّا هذه الجبال فتفجر لنا أنهارًا فنتّخذها محارث، فنزرع ونأكل، وإلّا فادع اللّه أنّ يحيي لنا موتانا فنكلّمهم ويكلّمونا، وإلا فادع الله أن يصيّر عنّا هذه الصّخرة الّتي تحتك ذهبًا فننحت منها ويغنينا عن رحلة الشّتاء والصّيف، فإنّك تزعم أنّك كهيئتهم فبينا نحن حوله إذ أنزل، عليه الوحي، فلمّا سرّي عنه قال: والّذي نفسي بيده لقد أعطاني ما سألتم، ولو شئت لكان، ولكنّه خيّرني بين أن تدخلوا من باب الرّحمة فيؤمّن مؤمّنكم، وبين أن يكلكم إلى ما اخترتم لأنفسكم فتضلّوا عن باب الرّحمة ولا يؤمّن مؤمّنكم، فاخترت باب الرّحمة فيؤمّن مؤمّنكم، وأخبرني إن أعطاكم ذلك ثمّ كفرتم أنّه معذّبكم عذابًا لا يعذّبه أحدًا من العاملين فنزلت (وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون) قرأ ثلاث آيات ونزلت: (ولو أن قرآناً سيّرت به الجبال أو قطّعت به الأرض أو كلم به الموتى ... ) الآية"). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/249-250]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (حدثنا محمّد بن إسماعيل بن عليٍّ الأنصاريّ، ثنا خلف بن تميمٍ، عن عبد الجبّار بن عمر الأيليّ، عن عبد اللّه بن عطاء بن إبراهيم، عن جدّته أمّ عطاءٍ، مولاة الزّبير بن العوّام، قالت: إنّها سمعت الزّبير بن العوّام رضي الله عنه يقول: لمّا نزل قول اللّه عزّ وجلّ: {وأنذر عشيرتك الأقربين} صاح رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على أبي قبيسٍ: يا آل عبد منافٍ إنّي نذيرٌ، فجاءته قريشٌ، فحذّرهم، وأنذرهم، فقالوا: تزعم أنّك نبيٌّ يوحى إليك وإنّ سليمان عليه الصلاة والسلام سخّر له الرّيح والجبال. وأن موسى عليه الصلاة والسلام سخّر له البحر، وإنّ عيسى عليه السلام كان يحيي الموتى، فادع اللّه تعالى أن سير عنّا هذه الجبال، ويفجّر لنا أنهارًا فنتّخذها مخايض، فنزرع ونأكل وإلّا فادع اللّه عز وجل أن يحيي لنا موتانا فنكلّمهم ويكلّمونا وإلّا فادع اللّه تعالى أن يصيّر لنا هذه الصّخرة الّتي تحتك ذهبًا فنحت منها وتغنينا عن رحلة الشّتاء والصّيف. فإنّك تزعم أنّك كهيئتهم. فبينا نحن حوله إذ نزلت عليه صلّى اللّه عليه وسلّم سمات الوحي، فلمّا سرّي عنه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: والّذي نفسي بيده لقد أعطاني ما سألتم. ولو شئت لكان، ولكن جل وعلا خيّرني بين أن تدخلوا في باب الرّحمة فيؤمن مؤمنكم. وبين أن يكلكم إلى ما اخترتم لأنفسكم فتضلّوا عن باب الرّحمة فلا يؤمن مؤمنكم فاخترت باب الرّحمة، فيؤمن مؤمنكم. وأخبرني إن أعطاكم ذلك ثمّ كفرتم أن يعذّبكم عذابًا شديدًا لم يعذّبه أحدًا من العالمين. فنزلت: {وما منعنا أن نرسل بالآيات إلّا أن كذّب بها الأوّلون} إلى ثلاث آياتٍ. ونزلت: {ولو أنّ قرءاناً سيّرت به الجبال} الآية). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/92-94]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: وأنذر عشيرتك الأقربين.
أخرج أحمد، وعبد بن حميد والبخاري ومسلم، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان وفي الدلائل عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية {وأنذر عشيرتك الأقربين} دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا وعم وخص فقال يا معشر قريش أنقذوا أنفسكم من النار فاني لا أملك لكم ضرا ولا نفعا يا معشر بني كعب بني لؤي أنقذوا أنفسكم من النار فاني لا أملك لكم ضرا ولا نفعا يا معشر بني قصي أنقذوا أنفسكم من النار فاني لا أملك لكم ضرا ولا نفعا يا معشر بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار فاني لا أملك لكم ضرا ولا نفعا يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار فاني لا أملك لكم ضرا ولا نفعا يا فاطمة بنت محمد انقذي نفسك من النار فاني لا أملك لك ضرا ولا نفعا إلا ان لكم رحما وسابلها ببلالها). [الدر المنثور: 11/303]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد ومسلم والترمذي، وابن جرير، وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا فاطمة ابنة محمد يا صفية ابنة عبد المطلب يا بني عبد المطلب لا أملك لكم من الله شيئا سلوني من مالي ما شئتم.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن مردويه عن عروة مرسلا، مثلا). [الدر المنثور: 11/303-304]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج مسدد ومسلم والنسائي، وابن جرير والبغوي في معجمه والباوردي والطحاوي وأبو عوانة، وابن قانع والطبراني، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن قبيصة بن مخارق وزفير بن عمرو قالا: لما نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ربوة من جبل فعلا أعلاها حجرا ثم قال يا بني عبد مناف أني نذير لكم انما مثلي ومثلكم كمثل رجل رأى العدو فانطلق يريد أهله فخشي أن يسبقوه إلى أهله فجعل يهتف: يا صباحاه، يا صباحاه، أتيتم، أتيتم). [الدر المنثور: 11/304-305]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد والترمذي، وابن جرير، وابن مردويه عن أبي موسى الاشعري قال: لما نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم إصبعيه في اذنيه ورفع صوته وقال يا بني عبد مناف يا صباحاه). [الدر المنثور: 11/305]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال: لما نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جمع أهله فقال يا بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار، ثم التفت إلى فاطمة فقال: يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار فاني لا اغنى عنكم من الله شيئا غير ان لكم رحما سابلها ببلالها). [الدر المنثور: 11/305]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن البراء قال: لما نزلت على النّبيّ صلى الله عليه وسلم {وأنذر عشيرتك الأقربين} صعد النّبيّ صلى الله عليه وسلم ربوة من جبل فنادى يا صباحاه، فاجتمعوا فحذرهم وانذرهم ثم قال: لا أملك لكم من الله شيئا يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار فاني لا أملك من الله شيئا). [الدر المنثور: 11/305]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن الزبير بن العوام قال: لما نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} صاح على أبي قبيس يا آل عبد مناف أني نذير، فجاءته قريش فحذرهم، وأنذرهم). [الدر المنثور: 11/306]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن عدي بن حاتم ان النّبيّ صلى الله عليه وسلم ذكر قريشا فقال {وأنذر عشيرتك الأقربين} يعني: قومي). [الدر المنثور: 11/306]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} جعل يدعوهم قبائل قبائل). [الدر المنثور: 11/306]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور والبخاري، وابن مردويه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} ورهطك منهم المخلصين خرج النّبيّ صلى الله عليه وسلم حتى صعد على الصفا فنادى يا صباحاه، فقالوا من هذا الذي يهتف قالوا: محمد، فاجتمعوا إليه فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا لينظر ما هو فجاء أبو لهب وقريش فقال: أرأيتكم لو اخبرتكم ان خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي قالوا: نعم، ما جربنا عليك إلا صدقا قال: فاني نذير لكم بين يدي عذاب شديد فقال أبو لهب: تبا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا فنزلت {تبت يدا أبي لهب وتب} المسد الآية 1 - 2). [الدر المنثور: 11/306-307]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {وأنذر عشيرتك الأقربين} قال: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم نادى على الصفا بأفخاذ عشيرته، فخذا فخذا يدعوهم إلى الله، فقال في ذلك المشركون: لقد بات هذا الرجل يهوت منذ الليلة قال: وقال الحسن رضي الله عنه: جمع نبي الله صلى الله عليه وسلم أهل بيته قبل موته فقال إلا ان لي عملي ولكم عملكم إلا إني لا أغني عنكم من الله شيئا إلا ان أوليائي منكم المتقون ألا لا أعرفنكم يوم القيامة تاتون بالدنيا تحملونها على رقابكم ويأتي الناس يحملون الآخرة، يا صفية بنت عبد المطلب يا فاطمة بنت محمد اعملا فاني لا أغني عنكما من الله شيئا). [الدر المنثور: 11/307]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا بني هاشم ويا صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لا أغني عنكم من الله شيئا، اياكم ان يأتي الناس يحملون الآخرة وتأتون أنتم تحملون الدنيا وانكم تردون على الحوض ذات الشمال وذات اليمين فيقول القائل منكم: يا رسول الله أنا فلان بن فلان، فاعرف الحسب وانكر الوصف فاياكم ان يأتي أحدكم يوم القيامة وهو يحمل على ظهره فرسا ذات جمعمة أبو بعيرا له رغاء أو شاة لها ثغاء أو يحمل قشعا من أدم فيختلجون من دوني ويقال لي: أنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فاطيبوا نفسا واياكم ان ترجعوا القهقرى من بعدي قال عكرمة رضي الله عنه: انما قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا القول حيث انزل الله عليه {وأنذر عشيرتك الأقربين} ). [الدر المنثور: 11/307-308]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن أبي امامة رضي الله عنه قال: لما نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بني هاشم فاجلسهم على الباب وجمع نساءه وأهله فاجلسهم في البيت ثم اطلع عليهم فقال يا بني هاشم اشتروا أنفسكم من النار واسعوا في فكاك رقابكم أو افتكوها بأنفسكم من الله فاني لا أملك لكم من الله شيئا ثم أقبل على أهل بيته فقال: يا عائشة بنت أبي بكر ويا حفصة بنت عمر ويا أم سلمة ويا فاطمة بنت محمد ويا أم الزبير عمة رسول الله اشتروا أنفسكم من الله واسعوا في فكاك رقابكم فاني لا أملك لكم من الله شيئا ولا أغني فبكت عائشة رضي الله عنها وقالت: وهل يكون ذلك يوم لا تغني عنا شيئا قال: نعم، في ثلاثة مواطن، يقول الله {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة} الأنبياء الآية 47 فعند ذلك لا أغني عنكم من الله شيئا ولا أملك لكم من الله شيئا وعند النور من شاء الله أتم له نوره ومن شاء أكبه في الظلمات يغمه فيها فلا أملك لكم من الله شيئا ولا أغني عنكم، من الله شيئا وعند الصراط من شاء الله سلمه ومن شاء أجازه ومن شاء كبكبه في النار، قالت: عائشة قد علمنا الموازين: هي الكفتان، فيوضع في هذه اليسرى فترجح احداهما وتخف الاخرى وقد علمنا النور والظلمة فما الصراط قال: طريق بين الجنة والنار يجوز الناس عليها وهو مثل حد الموس والملائكة حفافه يمينا وشمالا يخطفونهم بالكلاليب مثل شوك السعدان وهم يقولون: رب سلم سلم {وأفئدتهم هواء} فمن شاء الله سلمه ومن شاء كبكبه فيها). [الدر المنثور: 11/308-309]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي في الدلائل من طريق عن علي رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم {وأنذر عشيرتك الأقربين} دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا علي ان الله أمرني أن أنذر عشيرتي الاقربين فضقت ذرعا وعرفت إني مهما أبادئهم بهذا الامر أرى منهم ما أكره، قصمت عليها حتى جاء جبريل فقال: يا محمد انك ان لم تفعل ما تؤمر به يعذبك ربك فاصنع لي صاعا من طعام واجعل عليه رجل شاة واجعل لنا عسا من لبن ثم اجمع لي بني عبد المطلب حتى أكلمهم وأبلغ ما أمرت به ففعلت ما أمرني به ثم دعوتهم له وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه فيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب، فلما اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعت لهم فجئت به فلما وضعته تناول النّبيّ صلى الله عليه وسلم بضعة من اللحم فشقها باسنانه ثم ألقاها في نواحي الصحفة ثم قال: كلوا بسم الله، فاكل القوم حتى تهلوا عنه ما ترى إلا آثار أصابعهم، والله ان كان الرجل الواحد ليأكل ما قدمت لجميعهم، ثم قال: اسق القوم يا علي فجئتهم بذلك العس فشربوا منه حتى رووا جميعا، وايم الله ان كان الرجل منهم ليشرب مثله، فلما أراد النّبيّ صلى الله عليه وسلم ان يكلمهم بدره أبو لهب إلى الكلام فقال: لقد سحركم صاحبكم، فتفرق القوم ولم يكلمهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فلما كان الغد قال: يا علي ان هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول فتفرق القوم قبل ان أكلمهم فعد لنا بمثل الذي صنعت بالامس من الطعام والشراب ثم اجمعهم لي، ففعلت ثم جمعتهم ثم دعاني بالطعام فقربته ففعل كما فعل بالامس فاكلوا وشربوا حتى نهلوا ثم تكلم النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم أحدا في العرب جاء قومه بافضل مما جئتكم به إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة وقد أمرني الله ان أدعوكم إليه فايكم يوازرني على أمري هذا فقلت وأنا احدثهم سنا: انه أنا، فقام القوم يضحكون). [الدر المنثور: 11/309-311]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب قال: لما نزلت هذه الآية {وأنذر عشيرتك الأقربين} جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بني عبد المطلب وهم يومئذ أربعون رجلا منهم العشرة ياكلون المسنة ويشربون العس وامر عليا برجل شاة صنعها لهم ثم قربها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخذ منها بضعة فاكل منها ثم تتبع بها جوانب القصعة ثم قال ادنوا بسم الله، فدنا القوم عشرة، عشرة، فاكلوا حتى صدروا ثم دعا بقعب من لبن فجرع منها جرعة فناولهم فقال: اشربوا بسم الله، فشربوا حتى رووا عن آخرهم فقطع كلامهم رجل فقال لهم: ما سحركم مثل هذا الرجل فاسكت النّبيّ صلى الله عليه وسلم يومئذ فلم يتكلم، ثم دعاهم من الغد على مثل ذلك من الطعام والشراب ثم بدرهم بالكلام فقال: يا بني عبد المطلب إني انا النذير إليكم من الله والبشير قد جئتكم بما لم يجيء به احد، جئتكم بالدنيا والآخرة فاسلموا تسلموا وأطيعوا تهتدوا). [الدر المنثور: 11/311-312]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله {وأنذر عشيرتك الأقربين} قال: أمر الله محمدا صلى الله عليه وسلم ان ينذر قومه ويبدأ باهل بيته وفصيلته قال: {وكذب به قومك وهو الحق} الانعام الآية 66). [الدر المنثور: 11/312]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن عمرو بن مرة أنه كان يقرأ (وأنذر عشيرتك الاقربين ورهطك منهم المخلصين) ). [الدر المنثور: 11/312]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه، وابن عساكر والديلمي عن عبد الواحد الدمشقي قال: رأيت ابا الدرداء يحدث الناس ويفتيهم، وولده وأهل بيته جلوس في جانب الدار يتحدثون فقيل له: يا أبا الدرداء ما بال الناس يرغبون فيما عندك من العلم وأهل بيتك جلوس لاهين فقال: إني سمعت نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول أن ازهد الناس في الانبياء واشدهم عليهم، الاقربون وذلك فيما انزل الله {وأنذر عشيرتك الأقربين} إلى آخر الآية، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أزهد الناس في العالم أهله حتى يفارقهم وانه يشفع في أهله وجيرانه فإذا مات خلا عنهم من مردة الشياطين اكثر من عدد ربيعة ومضر قد كانوا مشتغلين به فأكثروا التعوذ بالله منهم). [الدر المنثور: 11/312-313]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن محمد بن جحادة، ان كعبا لقي أبا مسلم الخولاني فقال: كيف كرامتك على قومك قال: إني عليهم لكريم، قال: إني أجد في التوراة غير ما تقول قال: وما هو قال: وجدت في التوراة انه لم يكن حكيم في قوم إلا كان أزهدهم فيه قومه ثم الاقرب فالاقرب وان كان في حبسه شيء عيروه به وان كان عمل برهة من دهره ذنبا عيروه به). [الدر المنثور: 11/313]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في الدلائل عن كعب انه قال لأبي مسلم: كيف تجد قومك لك قال: مكرمين مطيعين، قال: ما صدقتني التوراة اذن ما كان رجل حكيم في قوم إلا بغوا عليه وحسدوه). [الدر المنثور: 11/313]

تفسير قوله تعالى: (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :(باب {وأنذر عشيرتك الأقربين (214) واخفض جناحك} [الشعراء: 215] ألن جانبك). [صحيح البخاري: 6/111] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {واخفض جناحك} يقول: وألن جانبك وكلامك {لمن اتّبعك من المؤمنين}.
- كما حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {واخفض جناحك لمن اتّبعك من المؤمنين} قال: يقول: لن لهم). [جامع البيان: 17/665]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (واخفض جناحك لمن اتّبعك من المؤمنين (215)
قوله تعالى: واخفض جناحك لمن اتّبعك من المؤمنين
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه عزّ وجلّ يقول: واخفض يقول: اخضع.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيدٍ في قوله: واخفض جناحك يقول: ذلّل لهم). [تفسير القرآن العظيم: 8/2827] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن جريج قال: لما نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} بدأ بأهل بيته وفصيلته فشق ذلك على المسلمين فأنزل الله {واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين} ). [الدر المنثور: 11/313-314]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {واخفض جناحك لمن اتبعك} يقول ذلك لهم وفي قوله {فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون} وقال: أمره بهذا ثم نسخه فأمره بجهادهم). [الدر المنثور: 11/314]

تفسير قوله تعالى: (فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (216) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فإن عصوك فقل إنّي بريءٌ ممّا تعملون (216) وتوكّل على العزيز الرّحيم (217) الّذي يراك حين تقوم (218) وتقلّبك في السّاجدين (219) إنّه هو السّميع العليم}.
يقول تعالى ذكره: فإن عصتك يا محمّد عشيرتك الأقربون الّذين أمرتك بإنذارهم، وأبوا إلاّ الإقامة على عبادة الأوثان، والإشراك بالرّحمن، فقل لهم: {إنّي بريءٌ ممّا تعملون} من عبادة الأصنام ومعصية بارئ الأنام). [جامع البيان: 17/665]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (واخفض جناحك لمن اتّبعك من المؤمنين (215)
قوله تعالى: واخفض جناحك لمن اتّبعك من المؤمنين
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه عزّ وجلّ يقول: واخفض يقول: اخضع.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ أنبأ أصبغ قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيدٍ في قوله: واخفض جناحك يقول: ذلّل لهم.
وفي قوله: فإن عصوك فقل إنّي بريءٌ ممّا تعملون
قال: أمره بهذا ثمّ نسخه فأمره بجهادهم.
- ذكر، عن محمّد بن عمر الكنديّ، ثنا يحيى بن آدم، ثنا الحسن بن صالحٍ قال: سمعت جعفر بن محمد يقول: تبرؤا ممّن ذكر أبا بكرٍ وعمر إلا بخيرٍ قال اللّه تعالى: فإن عصوك فقل إنّي بريءٌ ممّا تعملون). [تفسير القرآن العظيم: 8/2827]

تفسير قوله تعالى: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {وتوكّل على العزيز} في نقمته من أعدائه {الرّحيم} بمن أناب إليه وتاب من معاصيه). [جامع البيان: 17/665]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: وتوكّل على العزيز الرّحيم
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا زنيجٌ، ثنا سلمة قال محمّد بن إسحاق يعني: وتوكّل على العزيز الرّحيم أي: ارض به من العباد). [تفسير القرآن العظيم: 8/2827]

تفسير قوله تعالى: (الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {الّذي يراك حين تقوم} يقول: الّذي يراك حين تقوم إلى صلاتك.
وكان مجاهدٌ يقول في تأويل ذلك ما:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {الّذي يراك حين تقوم} قال: أينما كنت). [جامع البيان: 17/665-666]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: الذي يراك حين تقوم
[الوجه الأول]
- حدّثنا أحمد بن عمرو بن أبي عاصمٍ، ثنا أبي ثنا أبي أنبأ شبيبٌ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ في قول اللّه: الّذي يراك حين تقوم قال: تقوم الصّلاة.
- حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ أنبأ حفص بن عمر، ثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة في قول اللّه: الّذي يراك حين تقوم قال: يرى قيامه وركوعه وسجوده.
- حدّثنا عمرو بن مسلمٍ البصريّ، ثنا عبيد اللّه بن معاذٍ، ثنا أبي ثنا ربيعة كلثوم بن جبرٍ: أنّه سمع الحسن يقول في قول اللّه: الّذي يراك حين تقوم قال: حين تقوم إذا صلّيت وحدك.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو بكيرٍ النّخعيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك الّذي يراك حين تقوم قال: حين تقوم من فراشك، أو من مجلسك.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، ثنا شعيب بن رزيقٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن عكرمة قال: الّذي يراك حين تقوم معهم وتقعد.
- أخبرنا محمّد بن يحيى أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: الّذي يراك حين تقوم يقول: الّذي يراك قائمًا، وجالسًا وعلى حالاتك.
- حدّثنا الحسين بن الحسن، ثنا إبراهيم بن عبد اللّه الهرويّ، أنبأ الحجّاج، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: يراك حين تقوم أينما كنت.
الوجه الثّالث:
- حدّثنا يزيد بن سنانٍ البصريّ بمصر، ثنا يحيى بن سعيدٍ القطّان، ثنا ربيعة بن كلثومٍ قال: سمعت الحسن يقول: الّذي يراك حين تقوم حين تخلو بها). [تفسير القرآن العظيم: 8/2827-2828]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {الذي يراك حين تقوم} قال: للصلاة). [الدر المنثور: 11/314]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك {الذي يراك حين تقوم} قال: من فراشك أو من مجلسك). [الدر المنثور: 11/314]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن مجاهد {الذي يراك حين تقوم} قال: أينما كنت). [الدر المنثور: 11/314]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن سعيد ابن جبير {الذي يراك حين تقوم} قال: في صلاتك {وتقلبك في الساجدين} قال: كما كانت تقلب الأنبياء قبلك). [الدر المنثور: 11/314-315]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس {الذي يراك حين تقوم (218) وتقلبك في الساجدين} يقول: قيامك وركوعك وسجودك). [الدر المنثور: 11/316] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج مالك وسعيد بن منصور والبخاري ومسلم، وابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل ترون قبلتي ههنا فو الله ما يخفى علي خشوعكم ولا ركوعكم وإني لأراكم من وراء ظهري). [الدر المنثور: 11/316] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى وتقلبك في الساجدين قال في المصلين.
قال معمر قال قتادة وقال عكرمة قائما وراكعا وساجدا وجالسا). [تفسير عبد الرزاق: 2/77]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (حدثنا سفيان [الثوري] عن أبيه عن عكرمة: {وتقلبك في الساجدين} قال: قيامه وركوعه وسجوده [الآية: 219].
حدثنا سفيان [الثوري] عن علي بن بذئمة عن عكرمة مثله.
سفيان [الثوري] عن ليثٍ عن مجاهدٍ {وتقلبك في الساجدين} قال: كان يراهم من خلفه ومن بين يديه). [تفسير الثوري: 230]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :({في السّاجدين} [الشعراء: 219] : «المصلّين»). [صحيح البخاري: 6/111]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله في السّاجدين المصلّين وصله الفريابيّ كذلك والمراد أنّه كان يرى من خلفه في الصّلاة). [فتح الباري: 8/497]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال مجاهد {تعبثون} تبنون {هضيم} يتفتت إذا مس {المسحرين} مسحورين {الأيكة} جمع الشّجر {الظلة} إظلال العذاب إيّاهم {موزون} معلوم {كالطود} كالجبل {لشرذمة} طائفة قليلة {في الساجدين} المصلّين وقال ابن عبّاس {لعلّكم تخلدون} كأنكم ليكة {الأيكة} وهي الغيضة {موزون} معلوم {كالطود} كالجبل
أما تفاسير مجاهد فقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 128 الشّعراء {أتبنون بكل ريع} قال بكل فج {آية تعبثون} قال بنيانا
وفي قوله 148 الشّعراء {ونخل طلعها هضيم} قال تهشم تهشيما
وبه في قوله 153 الشّعراء {إنّما أنت من المسحرين} قال من المسحورين
وبه في قوله 19 الحجر {وأنبتنا فيها من كل شيء موزون} قال بقدر مقدور
وبه في قوله 54 الشّعراء {إن هؤلاء لشرذمة قليلون} قال هم يومئذٍ ستّمائة ألف ولا يحصى عدد أصحاب فرعون
وبه في قوله 219 الشّعراء {وتقلبك في الساجدين} قال في المصلّين فكان يرى من خلفه في الصّلاة). [تغليق التعليق: 4/272-273]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (في السّاجدين المصلّين
أشار به إلى قوله تعالى: {الّذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين} (الشّعراء: 218 219) وفسّر الساجدين بالمصلين، وكذا فسره الكلبيّ، وقال: الّذي يرى تصرفك مع المصلّين في أركان الصّلاة في الجماعة قائما وقاعدا وراكعاً وساجداً. قال الثّعلبيّ: هو رواية عن ابن عبّاس). [عمدة القاري: 19/99]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({في الساجدين}) في قوله: {وتقلبك في الساجدين} [الشعراء: 219]. أي (المصلين)
وقال مقاتل مع المصلين في الجماعة أي نراك حين تقوم وحدك للصلاة ونراك إذا صليت مع الجماعة. وقال مجاهد: نرى تقلب بصرك في المصلين فإنه كان يبصر من خلفه كما يبصر من أمامه، وعن ابن عباس تقلبك في أصلاب الأنبياء من نبي إلى نبيّ حتى أخرجتك في هذه الأمة). [إرشاد الساري: 7/277-278]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عزّ وجلّ: {وتقلّبك في السّاجدين} قال: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يرى من خلفه كما يرى من بين يديه). [جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 58]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {وتقلّبك في السّاجدين} اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: ويرى تقلّبك في صلاتك حين تقوم، ثمّ حين تركع، وحين تسجد
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وتقلّبك في السّاجدين} يقول: قيامك، وركوعك، وسجودك.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، قال: سمعت أبي وعليّ بن بذيمة يحدّثان، عن عكرمة، في قوله: {يراك حين تقوم. وتقلّبك في السّاجدين} قال: قيامه، وركوعه، وسجوده.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، قال: قال عكرمة في قوله: {وتقلّبك في السّاجدين} قال: قائمًا، وراكعًا، وساجدًا، وجالسًا.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ويرى تقلّبك في المصلّين، وإبصارك منهم من هو خلفك، كما تبصر من هو بين يديك منهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ: {وتقلّبك في السّاجدين} قال: كان يرى من خلفه، كما يرى من قدّامه.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {وتقلّبك في السّاجدين} قال: المصلّين، كان يرى من خلفه في الصّلاة.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وتقلّبك في السّاجدين} قال: المصلّين، قال: كان يرى في الصّلاة من خلفه.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وتقلّبك مع السّاجدين: أي تصرّفك معهم في الجلوس والقيام والقعود.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ: أخبرني عطاءٌ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ، قال: {وتقلّبك في السّاجدين} قال: يراك وأنت مع السّاجدين تقلّب وتقوم وتقعد معهم.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {وتقلّبك في السّاجدين} قال: في المصلّين.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وتقلّبك في السّاجدين} قال: في السّاجدين: المصلّين.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ويرى تصرّفك في النّاس.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى، قال: حدّثنا ربيعة بن كلثومٍ، قال: سألت الحسن عن قوله: {وتقلّبك في السّاجدين} قال: في النّاس.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: وتصرّفك في أحوالك كما كانت الأنبياء من قبلك تفعله، والسّاجدون في قول قائل هذا القول: الأنبياء.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن أشعث، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ، في قوله: {الّذي يراك} الآية، قال: كما كانت الأنبياء قبلك.
قال أبو جعفرٍ: وأولى الأقوال في ذلك بتأويله قول من قال تأويله: ويرى تقلّبك مع السّاجدين في صلاتهم معك، حين تقوم معهم وتركع وتسجد، لأنّ ذلك هو الظّاهر من معناه.
فأمّا قول من وجّهه إلى أنّ معناه: وتقلّبك في النّاس، فإنّه قولٌ بعيدٌ من المفهوم بظاهر التّلاوة، وإن كان له وجهٌ، لأنّه وإن كان لا شيء إلاّ وظلّه يسجد للّه، فإنّه ليس المفهوم من قول القائل: فلانٌ مع السّاجدين، أو في السّاجدين، أنّه مع النّاس أو فيهم، بل المفهوم بذلك أنّه مع قومٍ سجودٍ السّجود المعروف، وتوجيه معاني كلام اللّه إلى الأغلب أولى من توجيهه إلى الأنكر.
وكذلك أيضًا في قول من قال: معناه: تتقلّب في أبصار السّاجدين، وإن كان له وجهٌ، فليس ذلك الظّاهر من معانيه.
فتأويل الكلام إذن: وتوكّل على العزيز الرّحيم، الّذي يراك حين تقوم إلى صلاتك، ويرى تقلّبك في المؤتمّين بك فيها بين قيامٍ وركوعٍ وسجودٍ وجلوسٍ). [جامع البيان: 17/666-670]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وتقلّبك في السّاجدين (219)
قوله تعالى: وتقلّبك في الساجدين
[الوجه الأول]
- حدّثنا يعقوب بن عبيدٍ النّهرتيريّ البغداديّ أنبأ أبو عاصمٍ أنبأ شبيبٌ يعني: ابن بشيرٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ وتقلّبك في السّاجدين قال: من نبيٍّ إلى نبيٍّ حتّى أخرجك نبيًّا.
- حدّثنا أبو خلادٍ سليمان بن خلادٍ المؤدّب، ثنا الحسن بن بشر بن مسلمٍ الكوفيّ، ثنا سعيدٌ أنبأ عطاءٌ، عن ابن عبّاسٍ في قول اللّه عزّ وجلّ: وتقلّبك في الساجدين قال: ما زال النّبيّ- صلّى اللّه عليه وسلّم- يتقلّب في أصلاب الأنبياء حتّى ولدته أمّه.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو خالدٍ الأحمر، عن عبد الملك بن سليمان، عن أبي عبيد اللّه أو قيسٍ، عن مجاهدٍ وتقلّبك في السّاجدين قال: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يرى من خلفه كما يرى بين يديه.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: وتقلّبك في السّاجدين قال: في المصلّين، قال: كان يقول: يرى من خلفه في الصّلاة.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو نعيمٍ، عن سفيان، عن أبيه، عن عكرمة وتقلّبك في السّاجدين قال: قيامه وركوعه وسجوده.
- أخبرنا العبّاس بن الوليد بن يزيد البيروتيّ، أنبأ محمّد بن شعيب بن شابور، أخبرني عثمان بن عطاءٍ، عن أبيه وتقلّبك في السّاجدين تقلّب وتقوم وتقعد معهم.
الوجه الثّالث:
- حدّثنا يزيد بن سنانٍ البصريّ نزيل مصر، ثنا يحيى بن سعيدٍ العطّان، ثنا ربيعة بن كلثومٍ قال: سمعت الحسن يقول: وتقلّبك في السّاجدين في النّاس.
- حدّثنا عمرو بن سلم بن محمّد بن الزّبير البصريّ بالرّيّ، ثنا عبيد الله ابن معاذٍ، ثنا أبي ثنا ربيعة أنّه سمع الحسن يقول في قول اللّه عزّ وجلّ: وتقلّبك في السّاجدين قال: إذا صلّيت، عند النّاس.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا ابن نميرٍ ومحمّد بن العلاء قالا:، ثنا ابن يمانٍ، عن أشعث، عن جعفرٍ، عن سعيد وتقلّبك في السّاجدين قال: كما كان تقلّب الأنبياء قبلك.
- أخبرنا موسى بن هارون الطّوسيّ فيما كتب إليّ أخبرنا الحسين بن محمّدٍ المروزيّ، ثنا شيبان، عن قتادة قوله: الّذي يراك حين تقوم وتقلّبك في السّاجدين قال: في الصّلاة يراك وحدك ويراك في الجميع). [تفسير القرآن العظيم: 9/2828-2829]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وتقلبك في الساجدين يعني في المصلين وكان يقال يرى من خلفه في الصلاة). [تفسير مجاهد: 466]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وتقلبك في الساجدين يعني في المصلين وكان يقال يرى من خلفه في الصلاة). [تفسير مجاهد: 466-467]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {وتقلّبك في السّاجدين} [الشعراء: 219].
- عن ابن عبّاسٍ: {وتقلّبك في السّاجدين} [الشعراء: 219] قال: من صلب نبيٍّ إلى صلب نبيٍّ حتّى صرت نبيًّا.
رواه البزّار والطّبرانيّ، ورجالهما رجال الصّحيح غير شبيب بن بشرٍ وهو ثقةٌ). [مجمع الزوائد: 7/86]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (حدّثنا عمرو بن عليٍّ، ثنا أبو عاصمٍ، عن شبيبٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: {وتقلّبك في السّاجدين} [الشعراء: 219] قال: من صلب نبيٍّ إلى صلب نبيٍّ حتّى صرت نبيًّا). [كشف الأستار عن زوائد البزار: 3/62]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال الحميديّ: ثنا سفيان، ثنا داود بن شابور وحميدٌ الأعرج وابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ "في قوله عزّ وجلّ: (وتقلّبك في السّاجدين) قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يرى من خلفه في الصّلاة كما يرى بين يديه".
هذا إسنادٌ فيه حميدٍ الأعرج وهو ضعيف). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/250]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال الحميديّ حدثنا سفيان، ثنا داود بن شابور، عن مجاهدٍ في قوله عزّ وجلّ: {وتقلّبك في السّاجدين} قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يرى من خلفه في الصّلاة كما يرى من بين يديه صلّى اللّه عليه وسلّم). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/84]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن سعيد ابن جبير {الذي يراك حين تقوم} قال: في صلاتك {وتقلبك في الساجدين} قال: كما كانت تقلب الأنبياء قبلك). [الدر المنثور: 11/314-315] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين} قال: قيامه وركوعه وسجوده وجلوسه). [الدر المنثور: 11/315]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {الذي يراك حين تقوم} قال: يراك قائما وقاعدا وعلى حالاتك {وتقلبك في الساجدين} قال: قيامه وركوعه وسجوده وجلوسه). [الدر المنثور: 11/315]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {الذي يراك حين تقوم} قال: يراك قائما وقاعدا وعلى حالاتك {وتقلبك في الساجدين} قال: في الصلاة يراك وحدك ويراك في الجميع). [الدر المنثور: 11/315]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة {وتقلبك في الساجدين} قال: في المصلين.
وأخرج الفريابي عن مجاهد، مثله). [الدر المنثور: 11/315]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس {الذي يراك حين تقوم (218) وتقلبك في الساجدين} يقول: قيامك وركوعك وسجودك). [الدر المنثور: 11/316]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس {وتقلبك في الساجدين} قال: يراك وأنت مع الساجدين تقوم وتقعد معهم). [الدر المنثور: 11/316]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سفيان بن عيينة والفريابي والحميدي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن مجاهد في قوله {وتقلبك في الساجدين} قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى من خلفه في الصلاة كما يرى من بين يديه). [الدر المنثور: 11/316]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس {وتقلبك في الساجدين} قال: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رأى من خلفه كما يرى من بين يديه). [الدر المنثور: 11/316]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج مالك وسعيد بن منصور والبخاري ومسلم، وابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل ترون قبلتي ههنا فو الله ما يخفى علي خشوعكم ولا ركوعكم واني لا راكم من وراء ظهري). [الدر المنثور: 11/316]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي عمر العدني في مسنده والبزار، وابن أبي حاتم والطبراني، وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن مجاهد في قوله {وتقلبك في الساجدين} قال: من نبي إلى نبي حتى أخرجت نبيا). [الدر المنثور: 11/316-317]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سفيان بن عيينة والفريابي والحميدي وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والبيهقي في الادئل عن مجاهد {وتقلبك في الساجدين} قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى من خلفه في الصلاة كما يرى من بين يديه). [الدر المنثور: 11/317]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس في قوله {وتقلبك في الساجدين} قال: ما زال النّبيّ صلى الله عليه وسلم يتقلب في أصلاب الانبياء حتى ولدته أمه). [الدر المنثور: 11/317]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: بأبي أنت وأمي أين كنت وآدم في الجنة فتبسم حتى بدت نواجده ثم قال إني كنت في صلبه وهبط إلى الأرض وأنا في صلبه وركبت السفينة في صلب أبي نوح وقذفت في النار في صلب أبي إبراهيم ولم يلتق أبواي قط على سفاح لم يزل الله ينقلني من الإصلاب الطيبة إلى الأرحام الطاهرة مصفى مهذبا لا تتشعب شعبتان إلا كنت في خيرهما، قد أخذ الله بالنبوة ميثاقي وبالاسلام هداني وبين في التوراة والانجيل ذكري وبين كل شيء من صفتي في شرق الأرض وغربها وعلمني كتابه ورقي بي في سمائه وشق لي من أسمائه فذو العرش محمود وانا محمد ووعدني أن يحبوني بالحوض وأعطاني الكوثر، وأنا أو شافع وأول مشفع ثم أخرجني في خير قرون أمتي وأمتي الحمادون يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر). [الدر المنثور: 11/317-318]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (220) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {إنّه هو السّميع العليم} يقول تعالى ذكره: إنّ ربّك هو السّميع تلاوتك يا محمّد، وذكرك في صلاتك ما تتلو وتذكر، العليم بما تعمل فيها ويعمل فيها من يتقلّب فيها معك مؤتمًّا بك، يقول: فرتّل فيها القرآن، وأقم حدودها، فإنّك بمرأى من ربّك ومسمعٍ). [جامع البيان: 17/670]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (إنّه هو السّميع العليم (220)
قوله تعالى: إنّه هو السّميع العليم
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، ثنا محمّد بن مزاحمٍ، ثنا بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان قوله: إنّه هو السّميع العليم يعلم نجواهم ويسمع كلامهم، ثمّ ينبّئهم يوم القيامة بكلّ شيءٍ نطقوا به سيّئٍ أو حسنٍ). [تفسير القرآن العظيم: 8/2830]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 22 رجب 1434هـ/31-05-2013م, 05:02 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (210)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وما تنزّلت به الشّياطين} [الشعراء: 210] قال قتادة: وما تنزّلت بكتاب اللّه، يعني: القرآن الشّياطين). [تفسير القرآن العظيم: 2/526]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وما تنزّلت به الشّياطين...}
ترفع النون).
... وجاء عن الحسن (الشياطون) وكأنه من غلط الشيخ ظنّ أنه بمنزلة المسلمين والمسلمون). [معاني القرآن: 2/285-285]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (وما تنزّلت به الشّياطين}
وقرأ الحسن الشياطون، وهو غلط عند النحويين، ومخالفة عند القراء للمصحف.
فليس يجوز في قراءة ولا عند النحويين، ولو كان يجوز في النحو، والمصحف على خلافه لم تجز عندي القراءة به). [معاني القرآن: 4/103]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (211)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {وما ينبغي لهم} [الشعراء: 211] أن يتنزّلوا به.
{وما يستطيعون} [الشعراء: 211] ذلك، تفسير قتادة). [تفسير القرآن العظيم: 2/526]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) :
( {
وما ينبغي لهم} أي: ما يصلح لهم، وهذا مثل قوله: {وما علمناه الشعر وما ينبغي له} أي: وما يصلح له). [ياقوتة الصراط: 389]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (212)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {إنّهم عن السّمع} [الشعراء: 212] قال قتادة: عن سمع السّماء.
{لمعزولون} [الشعراء: 212] وكانوا قبل أن يبعث النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يستمعون أخبارًا من أخبار السّماء، فأمّا الوحي فلم يكونوا يقدرون على أن يسمعوه، فلمّا بعث اللّه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم منعوا من تلك المقاعد الّتي كانوا يستمعون فيها إلا ما يسترق أحدهم فيرمى بشهابٍ.
عن أبيه، قال: حدّثني عبيدٌ الصّيّد، قال: سمعت أبا رجاءٍ العطارديّ، يقول: كنّا قبل أن يبعث النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ما نرى نجمًا
[تفسير القرآن العظيم: 2/526]
يرمى به، فلمّا كان ذات ليلةٍ إذا النّجوم قد رمي بها، فقلنا: ما هذا؟ إن هذا إلا أمرٌ حدثٌ، فجاءنا أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بعث، وأنزل اللّه هذه الآية في سورة الجنّ: {وأنّا كنّا نقعد منها مقاعد للسّمع فمن يستمع الآن يجد له
شهابًا رصدًا} [الجن: 9] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/527]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {إنّهم عن السّمع لمعزولون...}

يعني الشياطين برجم الكواكب). [معاني القرآن: 2/285]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إنّهم عن السّمع} مفتوح الأول لأنه مصدر " سمعت " " والمعنى الاستماع " يقال: سمعته سمعاً حسناً.
وأخفض جناحك " أي ألن جانبك وكلامك). [مجاز القرآن: 2/91]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {إنّهم عن السّمع لمعزولون} أي عن الاستماع بالرّجم). [تفسير غريب القرآن: 321]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: (إنّهم عن السّمع لمعزولون}
لمّا رموا بالنجوم منعوا من السّمع). [معاني القرآن: 4/103]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إنهم عن السمع لمعزولون}
أي عن استماع الوحي لممنوعون بالرجم
وروى عروة عن عائشة قالت قلت يا رسول الله إن الكهان كانوا يحدثوننا بالشيء فنجده كما يقولون فقال تلك الكلمة يخطفها أحدهم فيكذب معها مائة كذبة وذكر الحديث).
[معاني القرآن: 5/105]
تفسير قوله تعالى: {فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (213)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {فلا تدع مع اللّه إلهًا آخر} [الشعراء: 213]، يعني: ولا تعبد مع اللّه إلهًا آخر، تفسير السّدّيّ.
قال: {فتكون من المعذّبين} [الشعراء: 213] وقد عصمه اللّه من ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 2/527]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وأنذر عشيرتك الأقربين} [الشعراء: 214] تفسير الكلبيّ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خرج حتّى قام على الصّفا، وقريشٌ في المسجد، ثمّ نادى: يا صباحاه، ففزع النّاس، فخرجوا، فقالوا: ما لك يابن عبد المطّلب؟ فقال: يا آل غالبٍ، قالوا: هذه غالبٌ عندك، ثمّ نادى: يا أهل لؤيٍّ، ثمّ نادى: يا آل كعبٍ، ثمّ نادى: يا آل مرّة، ثمّ نادى: يا آل كلابٍ، ثمّ نادى: يا آل قصيٍّ،
فقالت قريشٌ: أنذر الرّجل عشيرته الأقربين، انظروا ماذا يريد، فقال له أبو لهبٍ: هؤلاء عشيرتك قد حضروا، فما تريد؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " أرأيتم لو أنذرتكم أنّ جيشًا يصبّحونكم أصدّقتموني؟ قالوا: نعم، قال فإنّي أنذركم النّار، وإنّي لا أملك لكم من الدّنيا منفعةً ولا من الآخرة نصيبًا إلا أن تقولوا: لا إله إلا اللّه، فقال أبو لهبٍ: تبًّا لك، فأنزل
اللّه: {تبّت يدا أبي لهبٍ} [المسد: 1]، فتفرّقت عنه قريشٌ، وقالوا:
[تفسير القرآن العظيم: 2/527]
مجنونٌ يهذي من أمّ رأسه.
- قال اللّه: {فإن عصوك فقل إنّي بريءٌ ممّا تعملون} [الشعراء: 216] عن أبيه قال: وحدّثني أبو الأشهب، عن الحسن أنّ هذه الآية لمّا نزلت دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عشيرته بطنًا بطنًا حتّى انتهى إلى بني عبد المطّلب، فقال: يا بني عبد المطّلب، إنّي رسول اللّه إليكم، لي عملي ولكم أعمالكم، إنّي لا أملك لكم من اللّه شيئًا، إنّما أوليائي منكم المتّقون، ألا
لا أعرفنّكم تأتونني تحملون الدّنيا على رقابكم، ويأتيني النّاس يحملون الآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 2/528]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله عزّ جل: (وأنذر عشيرتك الأقربين }

يروى في التفسير أنّه لما نزلت هذه الآية نادى النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا بني عبد المطلب، يا بني هاشم، يا بني عبد مناف يا عباس عمّ النبي يا صفيّة عمّة رسول اللّه،
إني لا أملك لكم من اللّه شيئا، سلوني من مالي ما شئتم.
ويروى أيضا أنه لما نزلت هذه الآية صعد الصفا، ونادى الأقرب فالأقرب فخذا فخذا). [معاني القرآن: 4/103]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {وأنذر عشيرتك الأقربين}
قال عبد الله بن عباس، لما نزلت صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفا فصاح يا صباحاه فاجتمعوا إليه من بين رجل يجيء وبين رجل يبعث برسول فقال أرأيتم لو أخبرتكم أن رجلا جاء من هذا الفج ليغير عليكم أصدقتموني قالوا نعم ما جربنا عليك إلا صدقا قال فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد
فقال أبو لهب ألهذا دعوتنا تبا لك فأنزل الله جل وعز: {تبت يدا أبي لهب وتب}
وروى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية قال يا صفية عمة رسول الله يا فاطمة ابنة محمد يا بني عبد المطلب إني لا أملك لكم من الله شيئا سلوني من مالي ما شئتم). [معاني القرآن: 5/106-105]

تفسير قوله تعالى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {واخفض جناحك لمن اتّبعك من المؤمنين} [الشعراء: 215] كقوله: {بالمؤمنين رءوفٌ رحيمٌ} [التوبة: 128] وكقوله: {فبما رحمةٍ من اللّه لنت لهم ولو كنت فظًّا غليظ القلب لانفضّوا من حولك} [آل عمران: 159] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/528]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله عزّ وجلّ: {واخفض جناحك لمن اتّبعك من المؤمنين}

تأويله: ألن جناحك، أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بإلانة الجانب مع ما وصفه اللّه به من لين الخلق وتعظيم خلقه في اللّين وجميل الأخلاق.
فقال: {وإنّك لعلى خلق عظيم }صلى الله عليه وسلم). [معاني القرآن: 4/103]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (216)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {فإن عصوك} [الشعراء: 216] فإن عصاك المشركون.
{فقل إنّي بريءٌ ممّا تعملون} [الشعراء: 216] ). [تفسير القرآن العظيم: 2/528]

تفسير قوله تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217)}

تفسير قوله تعالى: {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وتوكّل على العزيز الرّحيم {217} الّذي يراك حين تقوم {218} وتقلّبك} [الشعراء: 217-219] قال قتادة: الّذي يراك قائمًا، وجالسًا، وفي حالاتك.
قال: {وتقلّبك في السّاجدين} [الشعراء: 219] قال قتادة: في الصّلاة.
وقال بعضهم: {الّذي يراك حين تقوم} [الشعراء: 218] في الصّلاة وحدك {وتقلّبك في السّاجدين} [الشعراء: 219]
[تفسير القرآن العظيم: 2/528]
في صلاة الجميع.
وقال بعضهم: {الّذي يراك حين تقوم} [الشعراء: 218] في الصّلاة قائمًا {وتقلّبك في السّاجدين} [الشعراء: 219] في الرّكوع والسّجود.
قال يحيى: أحد هذين الوجهين تفسير الحسن وقتادة.
وقال بعضهم: {وتقلّبك في السّاجدين} [الشعراء: 219] كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يرى في الصّلاة من خلفه كما يرى من بين يديه.
- قال يحيى: وسمعت سعيدًا يذكر عن قتادة عن أنس بن مالكٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أحسنوا الرّكوع والسّجود إذا ما ركعتم وإذا ما سجدتم، والّذي نفسي بيده إنّي لأراكم من بعد ظهري كما أراكم من بين يديّ».
- حمّادٌ عن ثابتٍ البنانيّ عن أنس بن مالكٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «استووا، والّذي نفسي بيده إنّي لأراكم من ورائي كما أراكم من بين يديّ».
وتفسير ابن مجاهدٍ عن أبيه: {الّذي يراك حين تقوم} [الشعراء: 218] أينما كنت). [تفسير القرآن العظيم: 2/529]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {يراك حين تقوم...}

{وتقلّبك في السّاجدين...} يقول: يرى تقلبك في المصلّين. وتقلّبه قيامه وركوعه وسجوده). [معاني القرآن: 2/285]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {الّذي يراك حين تقوم * وتقلّبك في السّاجدين} أي : المصلين). [معاني القرآن: 4/104]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين} [آية: 218-219]
قال مجاهد وقتادة في الساجدين في المصلين
قال مجاهد وكان يرى من خلفه كما يرى من أمامه
قال عكرمة أي قائما وراكعا وساجدا
وروي عن ابن عباس أنه قال تقلبه في الظهور حتى أخرجه نبيا). [معاني القرآن: 5/107]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (220)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {إنّه هو السّميع العليم} [الشعراء: 220] لا أسمع منه ولا أعلم منه). [تفسير القرآن العظيم: 2/529]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 22 رجب 1434هـ/31-05-2013م, 05:06 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (210) }

تفسير قوله تعالى: {وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (211) }

تفسير قوله تعالى: {إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (212) }

تفسير قوله تعالى: {فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (213) }

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) }

تفسير قوله تعالى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215) }

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (216) }

تفسير قوله تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) }

تفسير قوله تعالى: {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) }

تفسير قوله تعالى: {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) }

تفسير قوله تعالى: {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (220) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 20 ذو الحجة 1439هـ/31-08-2018م, 10:58 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 20 ذو الحجة 1439هـ/31-08-2018م, 10:59 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 20 ذو الحجة 1439هـ/31-08-2018م, 11:14 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (210)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وما تنزلت به الشياطين وما ينبغي لهم وما يستطيعون إنهم عن السمع لمعزولون فلا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين وأنذر عشيرتك الأقربين واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون}
لما كان في هذا الموضع ما قال الكفار لأنهم قالوا: إن هذا القرآن كهانة- نزلت هذه الآية مكذبة لذلك، أي: {ما تنزلت به الشياطين}؛ لأنها عزلت عن السمع الذي كانت تأخذ له مقاعدها). [المحرر الوجيز: 6/508]
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ الجمهور: "الشياطين"، وروي عن الحسن أنه قرأ: "الشياطون"، وهي قراءة مردودة، قال أبو حاتم: هي غلط منه أو عليه، وحكاها الثعلبي أيضا عن ابن السميفع، وذكر عن يونس بن حبيب أنه قال: سمعت أعرابيا يقول: دخلت بساتين من ورائها بساتون، قال يونس: ما أشبه هذه بقراءة الحسن). [المحرر الوجيز: 6/509]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (211)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: {وما ينبغي لهم} أي: ما يمكنهم، وقد تجيء هذه اللفظة عبارة عما لا يكون، وعبارة عما لا يليق وإن كان ممكنا، ولما جاء الله تعالى بالإسلام
[المحرر الوجيز: 6/508]
حرس السماء بالشهب الجارية إثر الشياطين، فلم يخلص شيطان بشيء يلقيه كما كان يتفق لهم في الجاهلية). [المحرر الوجيز: 6/509]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (212)}

تفسير قوله تعالى: {فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (213)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم وصى عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم بالثبوت على توحيد أمر الله تبارك وتعالى). [المحرر الوجيز: 6/509]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وأمر بنذارة عشيرته تخصيصا لهم، إذ العشيرة مظنة المقاربة والطواعية، وإذ يمكنه معهم من الإغلاظ عليهم ما لا يحتمله غيرهم، فإن البر بهم في مثل هذا الحمل عليهم، والإنسان غير متهم على عشيرته، وكان هذا التخصيص مع الأمر العام بنذارة العالم.
وروي عن ابن جريج أن المؤمنين من غير عشيرته في ذلك الوقت نالهم هم من هذا التخصيص وخروجهم منه، فنزلت: {واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين}. ولما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه النذارة عظم موضع الأمر عليه وصعب، ولكنه تلقاه بالجلد، وصنع أشياء مختلفة كلها بحسب الأمر، من ذلك "أنه أمر عليا رضي الله عنه بأن يصنع طعاما، وجمع عليه بني جده عبد المطلب، وأراد نذارتهم ودعوتهم في ذلك الجمع، فظهر منه عليه السلام بركة في الطعام، قال علي: وهم يومئذ أربعون رجلا، ينقصون رجلا أو يزيدونه، فرماه أبو لهب بالسحر، فوجم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وافترق جمعهم من غير شيء، ثم جمعهم مرة ثانية كذلك وأنذرهم ووعظهم فتضاحكوا ولم يجيبوا، ومن ذلك أنه نادى عمه العباس، وصفية عمته، وفاطمة ابنته رضي الله عنهم، وقال: "لا أغني عنكم من الله شيئا، إني لكم نذير بين يدي عذاب شديد في حديث مشهور، ومن ذلك أنه صعد على الصفا، أو أبي قبيس ونادى: يا بني عبد مناف،
[المحرر الوجيز: 6/509]
وا صباحاه، فاجتمع إليه الناس من أهل مكة، فقال: يا بني فلان، يا بني فلان، حتى أتى على بطون قريش جميعا، فلما تكامل خلق كثير من كل بطن قال لهم: "أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا بسفح الجبل تريد الغارة عليكم، أكنتم مصدقي"؟ قالوا: نعم، فإنا لم نجرب عليك كذبا، فقال لهم: "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد"، فقال له أبو لهب لعنه الله: ألهذا جمعتنا؟ تبا لك سائر اليوم، فنزلت: {تبت يدا أبي لهب وتب} السورة.
و "العشيرة": قرابة الرجل، وهي في الرتبة تحت الفخذ وفوق الفصيلة). [المحرر الوجيز: 6/510]

تفسير قوله تعالى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"خفض الجناح" استعارة، معناه: لين الكلمة وبسط الوجه والبر). [المحرر الوجيز: 6/510]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (216)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (والضمير في "عصوك" عائد على عشيرته من حيث جمعت رجالا، فأمره الله تعالى بالتبري منهم، وفي هذه الآية موادعة نسختها آية السيف). [المحرر الوجيز: 6/510]

تفسير قوله تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وتوكل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين إنه هو السميع العليم هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون}
قرأ نافع، وابن عامر، وأبو جعفر، وشيبة: "فتوكل" بالفاء، وكذلك في مصاحف
[المحرر الوجيز: 6/510]
أهل المدينة والشام، والجمهور بالواو، وكذلك في سائر المصاحف، وأمره تعالى بالتوكل عليه في كل أمره، ثم جاء بالصفات التي تؤنس المتوكل، وهي العزة والرحمة المذكورتان في أواخر قصص الأمم المذكورة في هذه السورة وضمنها نصر كل نبي على الكفرة، والتهمم بأمره والنظر إليه). [المحرر الوجيز: 6/511]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {الذي يراك حين تقوم} عبارة عن إدراك، وظاهر الآية أراد قيام الصلاة، ويحتمل أنه يريد سائر التصرفات، وهو تأويل مجاهد وقتادة). [المحرر الوجيز: 6/511]

تفسير قوله تعالى: {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: {في الساجدين} أي: في أهل الصلاة، أي صلاتك مع المصلين، قاله ابن عباس وعكرمة وغيرهما، وقال أيضا مجاهد: تقليب أعينك وأبصارك الساجدين حين تراهم من وراء ظهرك.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا معنى أجنبي هنا،.
وقال ابن عباس -رضي الله عنهما- أيضا وقتادة: أراد: تقلبك في المؤمنين، فعبر عنهم بالساجدين. وقال ابن جبير: أراد الأنبياء: أي: تقلبك كما تقلب غيرك من الأنبياء). [المحرر الوجيز: 6/511]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (220)}

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 18 محرم 1440هـ/28-09-2018م, 09:44 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 18 محرم 1440هـ/28-09-2018م, 09:49 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (210) وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (211) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (212) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وما تنزلت به الشّياطين (210) وما ينبغي لهم وما يستطيعون (211) إنّهم عن السّمع لمعزولون (212)}
يقول تعالى مخبرًا عن كتابه العزيز، الّذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيلٌ من حكيمٍ حميدٍ: أنّه نزل به الرّوح الأمين المؤيّد من اللّه، {وما تنزلت به الشّياطين}. ثمّ ذكر أنّه يمتنع عليهم من ثلاثة أوجهٍ، أحدها: أنّه ما ينبغي لهم، أي: ليس هو من بغيتهم ولا من طلبتهم؛ لأنّ من سجاياهم الفساد وإضلال العباد، وهذا فيه الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، ونورٌ وهدًى وبرهانٌ عظيمٌ، فبينه وبين الشّياطين منافاةٌ عظيمةٌ؛ ولهذا قال تعالى: {وما ينبغي لهم}.
وقوله: {وما يستطيعون} أي: ولو انبغى لهم لما استطاعوا ذلك، قال اللّه تعالى: {لو أنزلنا هذا القرآن على جبلٍ لرأيته خاشعًا متصدّعًا من خشية اللّه} [الحشر:21].
ثمّ بيّن أنّه لو انبغى لهم واستطاعوا حمله وتأديته، لما وصلوا إلى ذلك؛ لأنّهم بمعزلٍ عن استماع القرآن حال نزوله؛ لأنّ السّماء ملئت حرسًا شديدًا وشهبًا في مدّة إنزال القرآن على رسوله، فلم يخلص أحدٌ من الشّياطين إلى استماع حرفٍ واحدٍ منه، لئلّا يشتبه الأمر. وهذا من رحمة اللّه بعباده، وحفظه لشرعه، وتأييده لكتابه ولرسوله؛ ولهذا قال: {إنّهم عن السّمع لمعزولون}، كما قال تعالى مخبرًا عن الجنّ: {وأنّا لمسنا السّماء فوجدناها ملئت حرسًا شديدًا وشهبًا * وأنّا كنّا نقعد منها مقاعد للسّمع فمن يستمع الآن يجد له شهابًا رصدًا * وأنّا لا ندري أشرٌّ أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربّهم رشدًا} [الجنّ:8-10] ). [تفسير ابن كثير: 6/ 165]

تفسير قوله تعالى: {فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (213) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فلا تدع مع اللّه إلهًا آخر فتكون من المعذّبين (213) وأنذر عشيرتك الأقربين (214) واخفض جناحك لمن اتّبعك من المؤمنين (215) فإن عصوك فقل إنّي بريءٌ ممّا تعملون (216) وتوكّل على العزيز الرّحيم (217) الّذي يراك حين تقوم (218) وتقلّبك في السّاجدين (219) إنّه هو السّميع العليم (220)}
يقول تعالى آمرًا بعبادته وحده لا شريك له، ومخبرًا أنّ من أشرك به عذّبه). [تفسير ابن كثير: 6/ 165-166]

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (216) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال تعالى آمرًا لرسوله، صلوات اللّه وسلامه عليه أن ينذر عشيرته الأقربين، أي: الأدنين إليه، وأنّه لا يخلّص أحدًا منهم إلّا إيمانه بربّه عزّ وجلّ، وأمره أن يلين جانبه لمن اتّبعه من عباد اللّه المؤمنين. ومن عصاه من خلق اللّه كائنًا من كان فليتبرّأ منه؛ ولهذا قال: {فإن عصوك فقل إنّي بريءٌ ممّا تعملون}. وهذه النّذارة الخاصّة لا تنافي العامّة، بل هي فردٌ من أجزائها، كما قال: {لتنذر قومًا ما أنذر آباؤهم فهم غافلون} [يس:6]، وقال: {لتنذر أمّ القرى ومن حولها} [الشّورى:7]، وقال: {وأنذر به الّذين يخافون أن يحشروا إلى ربّهم} [الأنعام:51]، وقال: {لتبشّر به المتّقين وتنذر به قومًا لدًّا} [مريم: 97]، وقال: {لأنذركم به ومن بلغ} [الأنعام:19]، كما قال: {ومن يكفر به من الأحزاب فالنّار موعده} [هودٍ: 17].
وفي صحيح مسلمٍ: "والّذي نفسي بيده، لا يسمع بي أحدٌ من هذه الأمّة، يهوديٌّ ولا نصرانيٌّ، ثمّ لا يؤمن بي إلّا دخل النّار".
وقد وردت أحاديث كثيرةٌ في نزول هذه الآية الكريمة، فلنذكرها:
الحديث الأوّل:
قال الإمام أحمد، رحمه اللّه: حدّثنا عبد اللّه بن نمير، عن الأعمش، عن عمرو بن مرّة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ قال: لـمّا أنزل اللّه، عزّ وجلّ: {وأنذر عشيرتك الأقربين}، أتى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم الصّفا فصعد عليه، ثمّ نادى: "يا صباحاه". فاجتمع النّاس إليه بين رجلٍ يجيء إليه، وبين رجلٍ يبعث رسوله، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "يا بني عبد المطّلب، يا بني فهرٍ، يا بني لؤيٍّ، أرأيتم لو أخبرتكم أنّ خيلًا بسفح هذا الجبل، تريد أن تغير عليكم، صدّقتموني؟ ". قالوا: نعم. قال: "فإنّي نذيرٌ لكم بين يدي عذابٌ شديدٍ". فقال أبو لهبٍ: تبًّا لك سائر اليوم، أما دعوتنا إلّا لهذا؟ وأنزل اللّه: {تبّت يدا أبي لهبٍ وتبّ} [المسد: 1].
ورواه البخاريّ ومسلمٌ والنّسائيّ والتّرمذيّ، من طرقٍ، عن الأعمش، به.
الحديث الثّاني:
قال الإمام أحمد: حدّثنا وكيعٌ، حدّثنا هشامٌ، عن أبيه، عن عائشة قالت: لمّا نزلت: {وأنذر عشيرتك الأقربين}، قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: "يا فاطمة ابنة محمّدٍ، يا صفيّة ابنة عبد المطّلب، يا بني عبد المطّلب، لا أملك لكم من اللّه شيئًا، سلوني من مالي ما شئتم". انفرد بإخراجه مسلم.
الحديث الثّالث:
قال أحمد: حدّثنا معاوية بن عمرٍو، حدّثنا زائدة، حدّثنا عبد الملك بن عمير، عن موسى بن طلحة، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: لمّا نزلت هذه الآية: {وأنذر عشيرتك الأقربين}، دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم [قريشًا]، فعمّ وخصّ، فقال: "يا معشر قريشٍ، أنقذوا أنفسكم من النّار. يا معشر بني كعبٍ، أنقذوا أنفسكم من النّار. يا معشر بني عبد منافٍ، أنقذوا أنفسكم من النّار. يا معشر بني هاشمٍ، أنقذوا أنفسكم من النّار. يا معشر بني عبد المطّلب، أنقذوا أنفسكم من النّار. [يا فاطمة بنت محمّدٍ، أنقذي نفسك من النّار]، فإنّي -واللّه -ما أملك لكم من اللّه شيئًا، إلّا أنّ لكم رحمًا سأبلها ببلالها".
ورواه مسلمٌ والتّرمذيّ، من حديث عبد الملك بن عميرٍ، به. وقال التّرمذيّ: غريبٌ من هذا الوجه. ورواه النّسائيّ من حديث موسى بن طلحة مرسلًا لم يذكر فيه أبا هريرة. والموصول هو الصّحيح. وأخرجاه في الصّحيحين من حديث الزّهريّ، عن سعيد بن المسيّب، وأبي سلمة بن عبد الرّحمن، عن أبي هريرة.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا يزيد، حدّثنا محمّدٌ -يعني ابن إسحاق -عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "يا بني عبد المطّلب، اشتروا أنفسكم من اللّه. يا صفيّة عمّة رسول اللّه، ويا فاطمة بنت رسول اللّه، اشتريا أنفسكما من اللّه، لا أغني عنكما من اللّه شيئًا، سلاني من مالي ما شئتما".
تفرّد به من هذا الوجه. وتفرّد به أيضًا، عن معاوية، عن زائدة، عن أبي الزّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بنحوه. ورواه أيضًا عن حسنٍ، ثنا ابن لهيعة، عن الأعرج: سمعت أبا هريرة مرفوعًا.
وقال أبو يعلى: حدّثنا سويد بن سعيد، حدّثنا ضمام بن إسماعيل، عن موسى بن وردان، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "يا بني قصي، يا بني هاشم، يا بني عبد منافٍ. أنا النّذير والموت المغير. والسّاعة الموعد".
الحديث الرّابع:
قال أحمد: حدّثنا يحيى بن سعيدٍ، حدّثنا التّيميّ، عن أبي عثمان، عن قبيصة بن مخارق وزهير بن عمرٍو قالا لمّا نزلت: {وأنذر عشيرتك الأقربين} صعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم رضمةً من جبلٍ على أعلاها حجرٌ، فجعل ينادي: "يا بني عبد منافٍ، إنّما أنا نذيرٌ، إنّما مثلي ومثلكم كرجلٍ رأى العدوّ، فذهب يربأ أهله، يخشى أن يسبقوه، فجعل ينادي ويهتف: يا صباحاه".
ورواه مسلمٌ والنّسائيّ، من حديث سليمان بن طرخان التّيميّ، عن أبي عثمان عبد الرّحمن بن مل النّهديّ، عن قبيصة وزهير بن عمرو الهلاليّ، به.
الحديث الخامس:
قال الإمام أحمد: حدّثنا أسود بن عامرٍ، حدّثنا شريك عن الأعمش، عن المنهال، عن عبّاد بن عبد اللّه الأسديّ، عن عليٍّ، رضي اللّه عنه، قال: لـمّا نزلت هذه الآية: {وأنذر عشيرتك الأقربين} جمع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم من أهل بيته، فاجتمع ثلاثون، فأكلوا وشربوا قال: وقال لهم: "من يضمن عني ديني ومواعيدي، ويكون معي في الجنّة، ويكون خليفتي في أهلي؟ ". فقال رجلٌ -لم يسمّه شريكٌ -يا رسول اللّه، أنت كنت بحرًا من يقوم بهذا؟ قال: ثمّ قال الآخر، قال: فعرض ذلك على أهل بيته، فقال عليٌ: أنا.
طريقٌ أخرى بأبسط من هذا السّياق: قال أحمد: حدّثنا عفّان، حدّثنا أبو عوانة، عن عثمان بن المغيرة، عن أبي صادقٍ، عن ربيعة بن ناجذٍ، عن عليٍّ، رضي اللّه عنه، قال: جمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم -أو دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم -بني عبد المطّلب، وهم رهطٌ، كلّهم يأكل الجذعة ويشرب الفّرق -قال: وصنع لهم مدًّا من طعامٍ فأكلوا حتّى شبعوا -قال: وبقي الطّعام كما هو كأنّه لم يمسّ. ثمّ دعا بغمرٍ فشربوا حتّى رووا، وبقي الشّراب كأنّه لم يمسّ -أولم يشرب -وقال: "يا بني عبد المطّلب، إنّي بعثت إليكم خاصّةً وإلى النّاس عامّةً، وقد رأيتم من هذه الآية ما رأيتم، فأيّكم يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي؟ ". قال: فلم يقم إليه أحدٌ. قال: فقمت إليه -وكنت أصغر القوم -قال: فقال: "اجلس". ثمّ قال ثلاث مرّاتٍ، كلّ ذلك أقوم إليه فيقول لي: "اجلس". حتّى كان في الثّالثة ضرب بيده على يدي.
طريقٌ أخرى أغرب وأبسط من هذا السّياق بزياداتٍ أخر: قال الحافظ أبو بكرٍ البيهقيّ في "دلائل النّبوّة": أخبرنا محمّد بن عبد اللّه الحافظ، حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، حدّثنا أحمد بن عبد الجبّار، حدّثنا يونس بن بكير، عن محمّد بن إسحاق قال: فحدّثني من سمع عبد اللّه بن الحارث بن نوفلٍ -واستكتمني اسمه -عن ابن عبّاسٍ، عن عليّ بن أبي طالبٍ، رضي اللّه عنه، قال: لـمّا نزلت هذه الآية على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {وأنذر عشيرتك الأقربين واخفض جناحك لمن اتّبعك من المؤمنين}، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "عرفت أنّي إن بادأت بها قومي، رأيت منهم ما أكره، فصمتّ. فجاءني جبريل، عليه السّلام، فقال: يا محمّد، إنّ لم تفعل ما أمرك به ربّك عذّبك ربّك". قال عليٌّ، رضي اللّه عنه: فدعاني فقال: "يا عليّ، إنّ اللّه قد أمرني [أن] أنذر عشيرتي الأقربين، فعرفت أنّي إن بادأتهم بذلك رأيت منهم ما أكره، فصمت عن ذلك، ثمّ جاءني جبريل فقال: يا محمّد، إن لم تفعل ما أمرت به عذّبك ربّك. فاصنع لنا يا عليّ شاةً على صاعٍ من طعامٍ، وأعدّ لنا عسّ لبنٍ، ثمّ اجمع لي بني عبد المطّلب". ففعلت فاجتمعوا له، وهم يومئذٍ أربعون رجلًا يزيدون رجلًا أو ينقصون رجلًا. فيهم أعمامه: أبو طالبٍ، وحمزة، والعبّاس، وأبو لهبٍ الكافر الخبيث. فقدّمت إليهم تلك الجفنة، فأخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم منها حذية فشقّها بأسنانه ثمّ رمى بها في نواحيها، وقال: "كلوا بسم اللّه". فأكل القوم حتّى نهلوا عنه ما يرى إلّا آثار أصابعهم، واللّه إن كان الرّجل منهم ليأكل مثلها. ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "اسقهم يا عليّ". فجئت بذلك القعب فشربوا منه حتّى نهلوا جميعًا، وايم اللّه إن كان الرّجل منهم ليشرب مثله. فلمّا أراد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يكلّمهم، بدره أبو لهبٍ إلى الكلام فقال: لهدّ ما سحّركم صاحبكم. فتفرّقوا ولم يكلّمهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. فلمّا كان الغد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "يا عليّ، عد لنا بمثل الّذي كنت صنعت بالأمس من الطّعام والشّراب؛ فإنّ هذا الرّجل قد بدرني إلى ما سمعت قبل أن أكلّم القوم". ففعلت، ثمّ جمعتهم له، فصنع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كما صنع بالأمس، فأكلوا حتّى نهلوا عنه، وايم اللّه إن كان الرّجل منهم ليأكل مثلها. ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: "اسقهم يا عليّ". فجئت بذلك القعب فشربوا منه حتّى نهلوا جميعًا. وايم اللّه إن كان الرّجل منهم ليشرب مثله. فلمّا أراد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إن يكلّمهم بدره أبو لهبٍ بالكلام فقال: لهدّ ما سحّركم صاحبكم. فتفرّقوا ولم يكلّمهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. فلمّا كان الغد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "يا عليّ، عد لنا بمثل الّذي كنت صنعت لنا بالأمس من الطّعام والشّراب؛ فإنّ هذا الرّجل قد بدرني إلى ما سمعت قبل أن أكلّم القوم". ففعلت، ثمّ جمعتهم له فصنع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم [كما صنع] بالأمس، فأكلوا حتّى نهلوا عنه، ثمّ سقيتهم من ذلك القعب حتّى نهلوا عنه، وايم اللّه إن كان الرّجل منهم ليأكل مثلها ويشرب مثلها، ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: "يا بني عبد المطّلب، إنّي -واللّه -ما أعلم شابًّا من العرب جاء قومه بأفضل ممّا جئتكم به، إنّي قد جئتكم بأمر الدّنيا والآخرة".
قال أحمد بن عبد الجبّار: بلغني أنّ ابن إسحاق إنّما سمعه من عبد الغفّار بن القاسم أبي مريم، عن المنهال بن عمرٍو، عن عبد اللّه بن الحارث.
وقد رواه أبو جعفر بن جريرٍ، عن ابن حميدٍ، عن سلمة، عن ابن إسحاق، عن عبد الغفّار بن القاسم، عن المنهال بن عمرٍو، عن عبد اللّه بن الحارث، عن ابن عبّاسٍ، عن عليّ بن أبي طالبٍ، فذكر مثله، وزاد بعد قوله: "إنّي جئتكم بخير الدّنيا والآخرة". "وقد أمرني اللّه أن أدعوكم إليه، فأيّكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي، وكذا وكذا"؟ قال: فأحجم القوم عنها جميعًا، وقلت -وإنّي لأحدثهم سنًّا، وأرمصهم عينًا، وأعظمهم بطنًا، وأحمشهم ساقًا. أنا يا نبيّ اللّه، أكون وزيرك عليه، فأخذ يرقبني ثمّ قال: "إنّ هذا أخي، وكذا وكذا، فاسمعوا له وأطيعوا". قال: فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالبٍ: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع.
تفرّد بهذا السّياق عبد الغفّار بن القاسم أبي مريم، وهو متروكٌ كذّابٌ شيعيٌّ، اتّهمه عليّ بن المدينيّ وغيره بوضع الحديث، وضعّفه الأئمّة رحمهم اللّه.
طريقٌ أخرى: قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا الحسين بن عيسى بن ميسرة الحارثيّ، حدّثنا عبد اللّه بن عبد القدّوس، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرٍو، عن عبد اللّه بن الحارث قال: قال عليٌّ رضي اللّه عنه: لمّا نزلت هذه الآية: {وأنذر عشيرتك الأقربين}، قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "اصنع لي رجل شاةٍ بصاعٍ من طعامٍ وإناءً لبنًا". قال: ففعلت، ثمّ قال: "ادع بني هاشمٍ". قال: فدعوتهم وإنّهم يومئذٍ لأربعون غير رجلٍ -أو: أربعون ورجلٌ -قال: وفيهم عشرةٌ كلّهم يأكل الجذعة بإدامها. قال: فلمّا أتوا بالقصعة أخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من ذروتها ثمّ قال: "كلوا"، فأكلوا حتّى شبعوا، وهي على هيئتها لم يرزؤوا منها إلّا يسيرًا، قال: ثمّ أتيتهم بالإناء فشربوا حتّى رووا. قال: وفضل فضلٌ، فلمّا فرغوا أراد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يتكلّم، فبدروه الكلام، فقالوا: ما رأينا كاليوم في السّحر. فسكت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ثمّ قال: "اصنع [لي] رجل شاةٍ بصاعٍ من طعامٍ". فصنعت، قال: فدعاهم، فلمّا أكلوا وشربوا، قال: فبدروه فقالوا مثل مقالتهم الأولى، فسكت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ثمّ قال لي: "اصنع [لي] رجل شاةٍ بصاعٍ من طعامٍ. فصنعت، قال: فجمعتهم، فلمّا أكلوا وشربوا بدرهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الكلام فقال: "أيّكم يقضي عنّي ديني ويكون خليفتي في أهلي؟ ". قال: فسكتوا وسكت العبّاس خشية أن يحيط ذلك بماله، قال: وسكتّ أنا لسنّ العبّاس. ثمّ قالها مرّةً أخرى فسكت العبّاس، فلمّا رأيت ذلك قلت: أنا يا رسول اللّه. [فقال: "أنت"] قال: وإنّي يومئذٍ لأسوأهم هيئةً، وإنّي لأعمش العينين، ضخم البطن، حمش السّاقين.
فهذه طرقٌ متعدّدةٌ لهذا الحديث عن عليٍّ، رضي اللّه عنه. ومعنى سؤاله، عليه الصّلاة والسّلام لأعمامه وأولادهم أن يقضوا عنه دينه، ويخلفوه في أهله، يعني إن قتل في سبيل اللّه، كأنّه خشي إذا قام بأعباء الإنذار أن يقتل، ولـمّا أنزل اللّه عزّ وجلّ: {يا أيّها الرّسول بلّغ ما أنزل إليك من ربّك وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته واللّه يعصمك من النّاس} [المائدة:67]، فعند ذلك أمن.
وكان أوّلًا يحرس حتّى نزلت هذه الآية: {واللّه يعصمك من النّاس}. ولم يكن في بني هاشمٍ إذ ذاك أشدّ إيمانًا وإيقانًا وتصديقًا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من عليٍّ، رضي اللّه عنه؛ ولهذا بدرهم إلى التزام ما طلب منهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ثمّ كان بعد هذا -واللّه أعلم -دعاؤه النّاس جهرًة على الصّفا، وإنذاره لبطون قريشٍ عمومًا وخصوصًا، حتّى سمّى من سمّى من أعمامه وعمّاته وبناته، لينبّه بالأدنى على الأعلى، أي: إنّما أنا نذيرٌ، واللّه يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ.
وقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة عبد الواحد الدّمشقيّ -غير منسوبٍ -من طريق عمرو بن سمرة، عن محمّد بن سوقة، عن عبد الواحد الدّمشقيّ قال: رأيت أبا الدّرداء، رضي اللّه عنه، يحدّث النّاس ويفتيهم، وولده إلى جنبه، وأهل بيته جلوسٌ في جانب المسجد يتحدّثون، فقيل له: ما بال النّاس يرغبون فيما عندك من العلم، وأهل بيتك جلوسٌ لاهين؟ فقال: لأنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "أزهد النّاس في الدّنيا الأنبياء، وأشدّهم عليهم الأقربون". وذلك فيما أنزل اللّه، عزّ وجلّ: {وأنذر عشيرتك الأقربين}، ثمّ قال: "إنّ أزهد النّاس في العالم أهله حتّى يفارقهم". ولهذا قال [اللّه تعالى]: {وأنذر عشيرتك الأقربين. واخفض جناحك لمن اتّبعك من المؤمنين. فإن عصوك فقل إنّي بريءٌ ممّا تعملون}). [تفسير ابن كثير: 6/ 166-171]

تفسير قوله تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وتوكّل على العزيز الرّحيم} أي: في جميع أمورك؛ فإنّه مؤيّدك وناصرك وحافظك ومظفّرك ومعلٍ كلمتك). [تفسير ابن كثير: 6/ 171]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {الّذي يراك حين تقوم} أي: هو معتنٍ بك، كما قال تعالى: {واصبر لحكم ربّك فإنّك بأعيننا} [الطّور:48].
قال ابن عبّاسٍ: {الّذي يراك حين تقوم} يعني: إلى الصّلاة.
وقال عكرمة: يرى قيامه وركوعه وسجوده.
وقال الحسن: {الّذي يراك حين تقوم}: إذا صلّيت وحدك.
وقال الضّحّاك: {الّذي يراك حين تقوم.} أي: من فراشك أو مجلسك.
وقال قتادة: {الّذي يراك}: قائمًا وجالسًا وعلى حالاتك.
وقوله: {وتقلّبك في السّاجدين}: قال قتادة: {الّذي يراك حين تقوم. وتقلّبك في السّاجدين} قال: في الصّلاة، يراك وحدك ويراك في الجمع. وهذا قول عكرمة، وعطاءٍ الخراسانيّ، والحسن البصريّ.
وقال مجاهدٌ: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يرى من خلفه كما يرى من أمامه؛ ويشهد لهذا ما صحّ في الحديث: "سوّوا صفوفكم؛ فإنّي أراكم من وراء ظهري".
وروى البزّار وابن أبي حاتمٍ، من طريقين، عن ابن عبّاسٍ أنّه قال في هذه الآية: يعني تقلّبه من صلب نبيٍّ إلى صلب نبيٍّ، حتّى أخرجه نبيًّا). [تفسير ابن كثير: 6/ 171]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (220) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ): (وقوله: {إنّه هو السّميع العليم} أي: السّميع لأقوال عباده، العليم بحركاتهم وسكناتهم، كما قال تعالى: {وما تكون في شأنٍ وما تتلو منه من قرآنٍ ولا تعملون من عملٍ إلا كنّا عليكم شهودًا إذ تفيضون فيه} الآية. [يونس:61] ). [تفسير ابن كثير: 6/ 171]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:44 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة