العودة   جمهرة العلوم > جمهرة علوم القرآن الكريم > عدّ الآي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 ذو القعدة 1431هـ/4-11-2010م, 12:29 PM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي مسائل في الفواصل

مسائل في الفواصل
عناصر الموضوع:
هل في القرآن سجع؟
... - سبب تجنب وصف الفواصل في القرآن بالأسجاع
... - الخلاف في حكم السجع
مراعاة الفواصل
... - إيقاع المناسبة في مقاطع الفواصل ومخالفة بعض الأحكام لأجل ذلك
... - المحافظة على الفواصل إنما تحسن مع بقاء المعاني على سدادها
مشكلات الفواصل
مبنى الفواصل على الوقف
ختم كلمة المقطع من الفاصلة بحروف المد واللين وإلحاق النون
الفواصل المتماثلة والفواصل المتقاربة
الفواصل المتوازية والمطرفة والمتوازنة
التمكين والتوشيح والإيغال والتصدير
الإيطاء والتضمين
التشريع والالتزام


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 16 شوال 1434هـ/22-08-2013م, 06:30 PM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي

هل في القرآن سجع؟

سبب تجنب وصف الفواصل بالأسجاع
قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (وتقع الفاصلة: عند الاستراحة في الخطاب لتحسين الكلام بها وهي الطريقة التي يباين القرآن بها سائر الكلام وتسمى فواصل لأنه ينفصل عندها الكلامان وذلك أن آخر الآية قد فصل بينها وبين ما بعدها ولم يسموها أسجاعا.
فأما مناسبة فواصل فلقوله تعالى: {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ} وأما تجنب أسجاع فلأن أصله من سجع الطير فشرف القرآن الكريم أن يستعار لشيء فيه لفظ هو أصل في صوت الطائر ولأجل تشريفه عن مشاركة غيره من الكلام الحادث في اسم السجع الواقع فى كلام آحاد الناس ولأن القرآن من صفات الله عز وجل فلا يجوز وصفه بصفة لم يرد الإذن بها وإن صح المعنى ثم فرقوا بينهما فقالوا السجع هو الذي يقصد في نفسه ثم يحيل المعنى عليه والفواصل التي تتبع المعاني ولا تكون مقصودة في نفسها.
قال الرماني في كتاب إعجاز القرآن: (وبنى عليه أن الفواصل بلاغة والسجع عيب).
وتبعه القاضي أبو بكر الباقلاني في كتاب إعجاز القرآن ونقل عن الأشعرية امتناع كون في القرآن سجعا قال ونص عليه الشيخ أبو الحسن الأشعري في غير موضع من كتبه.
قال: وذهب كثير من مخالفيهم إلى إثبات السجع في القرآن، وزعموا أن ذلك مما تبين فيه فضل الكلام وأنه من الأجناس التي يقع بها التفاضل في البيان والفصاحة كالتجنيس والالتفاف ونحوها.
قال: وأقوى ما استدلوا به الاتفاق على أن موسى أفضل من هارون عليهما السلام ولما كان السجع قيل فى موضع
{هَارُونَ وَمُوسَى} ولما كانت الفواصل في موضع آخر بالواو والنون قيل {مُوسَى وَهَارُونَ}.
قالوا: وهذا يفارق أمر الشعر لأنه لا يجوز أن يقع في الخطاب إلا مقصودا إليه وإذا وقع غير مقصود إليه كان دون القدر الذي نسميه شعرا وذلك القدر يتفق وجوده من المفحم كما يتفق وجوده في الشعر وأما ما جاء في القرآن من السجع فهو كثير لا يصح أن يتفق كله غير مقصود إليه.
قال: وبنوا الأمر في ذلك على تحديد معنى السجع.
قال أهل اللغة: هو موالاة الكلام على وزن واحد، قال ابن دريد سجعت الحمامة رددت صوتها.
قال القاضي: وهذا الذي يزعمونه غير صحيح ولو كان القرآن سجعا لكان غير خارج عن أساليب كلامهم ولو كان داخلا فيها لم يقع بذلك إعجاز ولو جاز أن يقال هو سجع معجز لجاز لهم أن يقولوا شعر معجز وكيف والسجع مما كانت كهان العرب تألفه ونفيه من القرآن أجدر بأن يكون حجة من نفي الشعر لأن الكهانة تخالف النبوات بخلاف الشعر.
وما توهموا أنه سجع باطل لأن مجيئه على صورته لا يقتضى كونه هو لأن السجع من الكلام يتبع المعنى فيه اللفظ الذي يؤدى السجع وليس كذلك ما أتفق مما هو في معنى السجع من القرآن لأن اللفظ وقع فيه تابعا للمعنى وفرق بين أن ينتظم الكلام في نفسه بألفاظه التي تؤدي المعنى المقصود فيه وبين أن يكون المعنى منتظما دون اللفظ ومتى ارتبط المعنى بالسجع كان إفادة السجع كإفادة غيره ومتى انتظم المعنى بنفسه دون السجع كان مستجلبا لتحسين الكلام دون تصحيح المعنى.
قال: وأما ما ذكروه في تقديم موسى على هارون في موضع وتأخيره عنه في موضع لأجل السجع ولتساوي مقاطع الكلام فمردود، بل الفائدة فيه إعادة القصة الواحدة بألفاظ مختلفة تؤدي معنى واحدا، وذلك من الأمر الصعب الذي تظهر فيه الفصاحة وتقوى البلاغة، ولهذا أعيدت كثير من القصص في مواضع كثيرة مختلفة على ترتيبات متفاوتة تنبيها بذلك على عجزهم عن الإتيان بمثله مبتدأ به ومكررا.
ولو أمكنهم المعارضة لقصدوا تلك القصة وعبروا عنها بألفاظ لهم تؤدي إلى تلك المعاني ونحوها وجعلوها بإزاء ما جاء به وتوصلوا بذلك إلى تكذيبه وإلى مساواته فيما حكى وجاء به وكيف وقد قال: لهم:
{فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ}.
فعلى هذا يكون المقصد بتقديم بعض الكلمات على بعض وتأخيرها إظهار الإعجاز على الطريقين جميعا دون السجع الذي توهموه.
إلى أن قال: فبان بما قلنا أن الحروف الواقعة في الفواصل مناسبة موقع النظائر التي تقع في الأسجاع لا يخرجها عن حدها ولا يدخلها في باب السجع وقد بينا أنهم يذمون كل سجع خرج عن اعتدال الأجزاء فكان بعض مصاريعه كلمتين وبعضها يبلغ كلمات ولا يرون ذلك فصاحة بل يرونه عجزا فلو فهموا اشتمال القرآن على السجع لقالوا نحن نعارضه بسجع معتدل فنزيد في الفصاحة على طريق القرآن ونتجاوز حده في البراعة والحسن. انتهى ما ذكره القاضي والرماني
رد عليهما الخفاجي في كتاب سر الفصاحة فقال: وأما قول الرماني إن السجع عيب والفواصل على الإطلاق بلاغة فغلط فإنه إن أراد بالسجع ما يتبع المعنى وكأنه غير مقصود فذلك بلاغة والفواصل مثله وإن أراد به ما تقع المعاني تابعة له وهو مقصود متكلف فذلك عيب والفواصل مثله.
قال: وأظن أن الذي دعاهم إلى تسمية كل ما في القرآن فواصل ولم يسموا ما تماثلت حروفه سجعا رغبتهم في تنزيه القرآن عن الوصف اللاحق بغيره من الكلام المروي عن الكهنة وغيرهم وهذا غرض في التسمية قريب والحقيقة ما قلناه.
ثم قال والتحرير أن الأسجاع حروف متماثلة في مقاطع الفواصل.
فإن قيل: إذا كان عندكم أن السجع محمود؛ فهلا ورد القرآن كله مسجوعا!! وما الوجه في ورود بعضه مسجوعا وبعضه غير مسجوع؟!
قلنا: إن القرآن نزل بلغة العرب وعلى عرفهم وعادتهم وكان الفصيح منهم لا يكون كلامه كله مسجوعا لما فيه من أمارات التكلف والاستكراه والتصنع لاسيما فيما يطول من الكلام فلم يرد كله مسجوعا جريا منه على عرفهم في اللطيفة العالية من كلامهم ولم يخل من السجع لأنه يحسن في بعض الكلام على الصفة السابقة وعليها ورد في فصيح كلامهم فلم يجز أن يكون عاليا في الفصاحة وقد أدخل فيه بشرط من شروطها فهذا هو السبب في ورود بعضه كذلك وبعضه بخلافه.
وخصت فواصل الشعر باسم القوافي لأن الشاعر يقفوها أي يتبعها في شعره لا يخرج عنها وهي في الحقيقة فاصلة لأنها تفصل آخر الكلام فالقافية أخص في الاصطلاح إذ كل قافية فاصلة ولا عكس.
ويمتنع استعمال القافية في كلام الله تعالى لأن الشرع لما سلب عنه اسم الشعر وجب سلب القافية أيضا عنه لأنها منه وخاصة به في الاصطلاح وكما يمتنع استعمال القافية في القرآن لا تطلق الفاصلة في الشعر لأنها صفة لكتاب الله فلا تتعداه
). [البرهان في علوم القرآن:؟؟]
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت:911هـ): (تنبيهات
الأول: قال أهل البديع أحسن السجع ونحوه ما تساوت قرائنه نحو: {في سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود} ويليه ما طالت قرينته الثانية نحو: {والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى} أو الثالثة نحو: {خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه ثم في سلسلة} الآية
وقال ابن الأثير الأحسن في الثانية المساواة وإلا فأطول قليلا وفي الثالثة أن تكون أطول.
وقال الخفاجي لا يجوز أن تكون الثانية أقصر من الأولى.
الثاني: قالوا أحسن السجع ما كان قصيرا لدلالته على قوة المنشئ وأقله كلمتان نحو: {يا أيها المدثر قم فأنذر} الآيات {والمرسلات عرفا} الآيات {والذاريات ذروا} الآيات {والعاديات ضبحا} الآيات.
والطويل ما زاد عن العشر كغالب الآيات وما بينهما متوسط كآيات سورة القمر). [الإتقان في علوم القرآن: 5/؟؟]


هل في القرآن سجع؟
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (وهل يجوز استعمال السجع في القرآن؟ خلاف، الجمهور على المنع لأن أصله من سجع الطير فشرف القرآن أن يستعار لشيء منه لفظ أصله مهمل ولأجل تشريفه عن مشاركة غيره من الكلام الحادث في وصفه بذلك ولأن القرآن من صفاته تعالى فلا يجوز وصفه بصفة لم يرد الإذن بها.
قال الرماني في إعجاز القرآن: ذهب الأشعرية إلى امتناع أن يقال في القرآن سجع وفرقوا بأن السجع هو الذي يقصد في نفسه ثم يحال المعنى عليه والفواصل التي تتبع المعاني ولا تكون مقصودة في نفسها، ولذلك كانت الفواصل بلاغة والسجع عيبا.
وتبعه على ذلك القاضي أبو بكر الباقلاني ونقله عن نص أبي الحسن الأشعري وأصحابنا كلهم.
قال: وذهب كثير من غير الأشاعرة إلى إثبات السجع في القرآن وزعموا أن ذلك مما يبين به فضل الكلام وأنه من الأجناس التي يقع بها التفاضل في البيان والفصاحة كالجناس والالتفات ونحوهما
قال: وأقوى ما استدلوا به: الاتفاق على أن موسى أفضل من هارون ولمكان السجع قيل في موضع {هارون وموسى} ولما كانت الفواصل موضع آخر بالواو والنون قيل {موسى وهارون} قالوا وهذا يفارق أمر الشعر لأنه لا يجوز أن يقع في الخطاب إلا مقصودا إليه وإذا وقع غير مقصود إليه كان دون القدر الذي تسميه شعرا وذلك القدر مما يتفق وجوده من المفحم كما يتفق وجوده من الشاعر.
وأما ما جاء في القرآن من السجع فهو كثير لا يصح أن يتفق غير مقصود إليه.
وبنوا الأمر في ذلك: على تحديد معنى السجع فقال أهل اللغة هو موالاة الكلام على حد واحد.
وقال ابن دريد: سجعت الحمامة معناه رّدّّدَتْ صوتها.
قال القاضي: وهذا غير صحيح ولو كان القرآن سجعا لكان غير خارج عن أساليب كلامهم ولو كان داخلا فيها لم يقع بذلك إعجاز، ولو جاز أن يقال هو سجع معجر لجاز أن يقولوا شعر معجز، وكيف والسجع مما كان تألفه الكهان من العرب؟!!
ونفيه من القرآن أجدر بأن يكون حجة من نفي الشعر!
لأن الكهانة تنافي النبوات بخلاف الشعر وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((أسجعٌ كسجع الكهان؟)) فجعله مذموما.

قال: وما توهموا أنه سجع باطل لأن مجيئه على صورته لا يقتضي كونه هو لأن السجع يتبع المعنى فيه اللفظ الذي يؤدي السجع وليس كذلك ما اتفق مما هو في معنى السجع من القرآن لأن اللفظ وقع فيه تابعا للمعنى وفرق بين أن ينتظم الكلام في نفسه بألفاظه التي تؤدي المعنى المقصود منه وبين أن يكون المعنى منتظما دون اللفظ ومتى ارتبط المعنى بالسجع كان إفادة السجع كإفادة غيره ومتى انتظم المعنى بنفسه دون السجع كان مستجلبا لتحسين الكلام دون تصحيح المعنى.
قال: وللسجع منهج محفوظ وطريق مضبوط من أخل به وقع الخلل في كلامه ونسب إلى الخروج عن الفصاحة كما أن الشاعر إذا خرج عن الوزن المعهود كان مخطئا، وأنت ترى فواصل القرآن متفاوتة بعضها متداني المقاطع وبعضها يمتد حتى يتضاعف طوله عليه وترد الفاصلة في ذلك الوزن الأول بعد كلام كثير، وهذا في السجع غير مرضي ولا محمود.
قال: وأما ما ذكروه من تقديم موسى على هارون: في موضع وتأخيره عنه في موضع لمكان السجع وتساوي مقاطع الكلام فليس بصحيح بل الفائدة فيه إعادة القصة الواحدة بألفاظ مختلفة تؤدي معنى واحدا وذلك من الأمر الصعب الذي تظهر فيه الفصاحة وتتبين فيه البلاغة، ولهذا أعيدت كثير من القصص على ترتيبات متفاوتة تنبيها بذلك على عجزهم عن الإتيان بمثله مبتدأ به ومتكررا، ولو أمكنهم المعارضة لقصدوا تلك القصة وعبروا عنها بألفاظ لهم تؤدي إلى تلك المعاني ونحوها، فعلى هذا القصد بتقديم بعض الكلمات على بعض وتأخيرها إظهار الإعجاز دون السجع.
إلى أن قال: فبان بذلك أن الحروف الواقعة في الفواصل متناسبة موقع النظائر التي تقع في الأسجاع لا تخرجها عن حدها ولا تدخلها في بابا السجع وقد بينا أنهم يذمون كل سجع خرج عن اعتدال الأجزاء فكان بعض مصاريعه كلمتين وبعضها أربع كلمات ولا يرون ذلك فصاحة بل يرونه عجزا فلو فهموا اشتمال القرآن على السجع لقالوا نحن نعارضه بسجع معتدل يزيد في الفصاحة على طريقة القرآن انتهى كلام القاضي في كتاب الإعجاز.
ونقل صاحب عروس الأفراح عنه أنه ذهب في الانتصار إلى جواز تسمية الفواصل سجعا.
وقال الخفاجي في سر الفصاحة: قول الرماني إن السجع عيب والفواصل بلاغة غلط؛ فإنه إن أراد بالسجع ما يتبع المعنى وهو غير مقصود فذلك بلاغة والفواصل مثله وإن أراد به ما تقع المعاني تابعة له وهو مقصود متكلف فذلك عيب والفواصل مثله.
قال: وأظن الذي دعاهم إلى تسمية كل ما في القرآن فواصل ولم يسموا ما تماثلت حروفه سجعا رغبتهم في تنزيه القرآن عن الوصف اللاحق بغيره من الكلام المروي عن الكهنة وغيرهم وهذا غرض في التسمية قريب والحقيقة ما قلناه.
قال: والتحرير أن الأسجاع حروف متماثلة في مقاطع الفواصل.
قال: فإن قيل إذا كان عندكم أن السجع محمود فهلا ورد القرآن كله مسجوعا! وما الوجه في ورود بعضه مسجوعا وبعضه غير مسجوع؟
قلنا: إن القرآن نزل بلغة العرب وعلى عرفهم وعادتهم، وكان الفصيح منهم لا يكون كلامه كله مسجوعا لما فيه من أمارات التكلف والاستكراه لاسيما مع طول الكلام، فلم يرد كله مسجوعا جريا منهم على عرفهم في اللطافة الغالبة أو الطبقة العالية من كلامهم، ولم يخل من السجع لأنه يحسن في بعض الكلام على الصفة السابقة.
وقال ابن النفيس: يكفي في حسن السجع ورود القرآن به.
قال: ولا يقدح في ذلك خلوه في بعض الآيات؛ لأن الحسن قد يقتضي المقامُ الانتقالَ إلى أحسن منه
). [الإتقان في علوم القرآن: 5/؟؟]

الخلاف في حكم السجع
قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت:794هـ): (وحكى حازم في منهاج البلغاء خلافا غريبا فقال وللناس في الكلام المنثور من جهة تقطيعه إلى مقادير تتقارب في الكمية وتتناسب مقاطعها على ضرب منها أو بالنقلة من ضرب واقع في ضربين أو أكثر إلى ضرب آخر مزدوج في كل ضرب ضرب منها أو يزيد على الازدواج ومن جهة ما يكون غير مقطع إلى مقادير بقصد تناسب أطرافها وتقارب ما بينها في كمية الألفاظ، والحروف ثلاثة مذاهب:
منهم : من يكره تقطيع الكلام إلى مقادير متناسبة الأطراف غير متقاربة في الطول والقصر لما فيه من التكلف إلا ما يقع به الإلمام في النادر من الكلام.
والثاني: أن التناسب الواقع بإفراغ الكلام في قوالب التقفية وتحليتها بمناسبات المقاطع أكيد جدا.
والثالث: وهو الوسط أن السجع لما كان زينة للكلام فقد يدعو إلى التكلف فرئي ألا يستعمل في الكلام وأن لا يخلى الكلام بالجملة منه أيضا ولكن يقبل من الخاطر فيه ما اجتلبه عفوا بخلاف التكلف وهذا رأي أبي الفرج قدامة.
قال حازم: وكيف يعاب السجع على الإطلاق وإنما نزل القرآن على أساليب الفصيح من كلام العرب فوردت الفواصل فيه بإزاء ورود الأسجاع في كلام العرب وإنما لم يجئ على أسلوب واحد لأنه لا يحسن في الكلام جميعا أن يكون مستمرا على نمط واحد لما فيه من التكلف ولما في الطبع من الملل عليه ولأن الافتنان في ضروب الفصاحة أعلى من الاستمرار على ضرب واحد فلهذا وردت بعض أي القرآن متماثلة المقاطع وبعضها غير متماثل). [البرهان في علوم القرآن:؟؟]
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (قال حازم: من الناس من يكره تقطيع الكلام إلى مقادير متناسبة الأطراف غير متقاربة في الطول والقصر لما فيه من التكلف إلا ما يقع الإلمام به في النادر من الكلام.
ومنهم من يرى أن التناسب الواقع بإفراغ الكلام في قالب التقفية وتحليتها بمناسبات المقاطع أكيد جدا.
ومنهم وهو الوسط من يرى أن السجع وإن كان زينة للكلام؛ فقد يدعو إلى التكلف؛ فَرُئِي ألا يُستعمل في جملة الكلام، وألا يخلي الكلام منه جملة، وأنه يقبل منه ما اجتلبه الخاطر عفوا بلا تكلف.
قال: وكيف يعاب السجع على الإطلاق، وإنما نزل القرآن على أساليب الفصيح من كلام العرب؛ فوردت الفواصل فيه بإزاء ورود الأسجاع في كلامهم، وإنما لم يجيء على أسلوب واحد لأنه لا يحسن في الكلام جميعا أن يكون مستمرا على نمط واحد لما فيه من التكلف، ولما في الطبع من الملل، ولأن الافتنان في ضروب الفصاحة أعلى من الاستمرار على ضرب واحد؛ فلهذا وردت بعض أي القرآن متماثلة المقاطع وبعضها غير متماثل). [الإتقان في علوم القرآن: 5/؟؟]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 16 شوال 1434هـ/22-08-2013م, 06:30 PM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي

مراعاة الفواصل

إيقاع المناسبة في مقاطع الفواصل ومخالفة بعض الأحكام لأجل ذلك

قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (واعلم أن إيقاع المناسبة في مقاطع الفواصل حيث تطرد متأكد جدا ومؤثر في اعتدال نسق الكلام وحسن موقعه من النفس تأثيرا عظيما ولذلك خرج عن نظم الكلام لأجلها في مواضع:
أحدها : زيادة حرف لأجلها ولهذا ألحقت الألف بـ (الظنون) في قوله تعالى {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} لأن مقاطع فواصل هذه السورة ألفات منقلبة عن تنوين في الوقف فزيد على النون ألف لتساوي المقاطع وتناسب نهايات الفواصل ومثله: {فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا}، {وَأَطَعْنَا الرَّسُولا}.
وأنكر بعض المغاربة ذلك وقال لم تزد الألف لتناسب رءوس الآي كما قال قوم لأن في سورة الأحزاب: {وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} وفيها: {فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا}. وكل واحد منها رأس آية وثبتت الألف بالنسبة إلى حالة أخرى غير تلك في الثاني دون الأول فلو كان لتناسب رءوس الآي لثبت من الجميع.
قال: وإنما زيدت الألف في مثل ذلك لبيان القسمين واستواء الظاهر والباطن بالنسبة إلى حالة أخرى غير تلك وكذلك لحاق هاء السكت في قوله: {مَا هِيَهْ} في سورة القارعة هذه الهاء عدلت مقاطع الفواصل في هذه السورة وكان للحاقها في هذا الموضع تأثير عظيم في الفصاحة.
وعلى هذا - والله أعلم- ينبغي أن يحمل لحاق النون في المواضع التي قد تكلم في لحاق النون إياها نحو قوله تعالى: {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} وقوله تعالى: {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} فإن من مآخذ الفصاحة ومذاهبها أن يكون ورود هذه النون في مقاطع هذه الأنحاء للآي راجح الأصالة في الفصاحة لتكون فواصل السور الوارد فيها ذلك قد استوثق فيما قبل حروفها المتطرفة وقوع حرفي المد واللين.
وقوله تعالى:
{وَطُورِ سِينِينَ} وهو طور سيناء لقوله: {وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ} وقوله تعالى: {لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ} كرر لعل مراعاة لفواصل الآي إذ لو جاء على الأصل لقال لعلي أرجع إلى الناس فيعلموا بحذف النون على الجواب.
الثاني: حذف همزة أو حرف اطرادا كقوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ}.
الثالث: الجمع بين المجرورات وبذلك يجاب عن سؤال في قوله تعالى: {ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً} فإنه قد توالت المجرورات بالأحرف الثلاثة وهى اللام في: {لَكُمْ} والباء في{بِهِ}وعلى في {عَلَيْنَا} وكان الأحسن الفصل.
وجوابه أن تأخر {تَبِيعاً} وترك الفصل أرجح من أن يفصل به بين بعض الروابط وكذلك الآيات التي تتصل بقوله: {ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً} فإن فواصلها كلها منصوبة منونة فلم يكن بد من تأخير قوله {تَبِيعاً} لتكون نهاية هذه الآية مناسبة لنهايات ما قبلها حتى تتناسق على صورة واحدة.
الرابع: تأخير ما أصله أن يقدم كقوله تعالى: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى} لأن أصل الكلام أن يتصل الفعل بفاعله ويؤخر المفعول لكن أخر الفاعل وهو موسى لأجل رعاية الفاصلة.
قلت للتأخير حكمة أخرى وهي أن النفس تتشوق لفاعل أوجس فإذا جاء بعد أن أخر وقع بموقع.
وكقوله تعالى
{وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَاماً وَأَجَلٌ مُسَمّىً} فإن قوله {وَأَجَلٌ مُسَمّىً} معطوف على {كَلِمَةٌ} ولهذا رفع والمعنى {وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ} في التأخير {وَأَجَلٌ مُسَمّىً} لكان العذاب لزاما لكنه قدم وأخر لتشتبك رءوس الآي. قاله ابن عطية.
وجوز الزمخشري عطفه على الضمير في {لَكَانَ} أي لكان الأجل العاجل وأجل مسمى لازمين له كما كانا لازمين لعاد وثمود ولم ينفرد الأجل المسمى دون الأجل العاجل ومنه قوله تعالى {وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ} فأخر الفاعل لأجل الفاصلة وقوله: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} أخر الفعل عن المفعول فيها وقدمه فيما قبلها في قوله: {يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ} لتوافق رءوس الآي. قاله أبو البقاء وهو أجود من قول الزمخشري قدم المفعول للاختصاص.
ومنه تأخير الاستعانة عن العبادة في قوله تعالى {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} وهى قبل العبادة وإنما أخرت لأجل فواصل السورة في أحد الأجوبة.
الخامس: إفراد ما أصله أن يجمع كقوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ} .
قال الفراء: الأصل الأنهار وإنما وحد لأنه رأس آية فقابل بالتوحيد رءوس الآي ويقال النهر الضياء والسعة فيخرج من هذا الباب.
وقوله
{وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً} قال: ابن سيده في المحكم أي أعضادا وإنما أفرد ليعدل رءوس الآي بالإفراد والعضد المعين.
السادس: جمع ما أصله أن يفرد كقوله تعالى: {لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ} فإن المراد ولا خلة بدليل الآية الأخرى لكن جمعه لأجل مناسبة رءوس الآي.
السابع: تثنية ما أصله أن يفرد كقوله تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}.
قال الفراء: هذا باب مذهب العرب في تثنية البقعة الواحدة وجمعها كقوله: "ديار لها بالرقمتين"، وقوله: "بطن المكتين" وأشير بذلك إلى نواحيها أو للإشعار بأن لها وجهين، وأنك إذا أوصلتها ونظرت إليها يمينا وشمالا رأيت في كلتا الناحيتين ما يملأ عينك قرة وصدرك مسرة.
قال: وإنما ثناهما لأجل الفاصلة رعاية للتي قبلها والتي بعدها على هذا الوزن والقوافي تحتمل في الزيادة والنقصان مالا يحتمله سائر الكلام.
وأنكر ذلك ابن قتيبة عليه وأغلظ، وقال: إنما يجوز في رءوس الآي زيادة هاء السكت أو الألف أو حذف همزة أو حرف؛ فأما أن يكون الله وعد جنتين فنجعلهما جنة واحدة من أجل رءوس الآي فمعاذ الله!
وكيف هذا وهو يصفها بصفات الاثنين قال:
{ذَوَاتَا أَفْنَانٍ} ثم قال فيها: {فِيهِمَا}.
ولو أن قائلا قال في خزنة النار إنهم عشرون وإنما جعلهم الله تسعة عشر لرأس الآية ما كان هذا القول إلا كقول الفراء.
قلت: وكأن الملجيء للفراء إلى ذلك قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} وعكس ذلك قوله تعالى {فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} على أن هذا قابل للتأويل فإن الألف واللام للعموم خصوصا أنه يرد على الفراء قوله: {ذَوَاتَا أَفْنَانٍ}.
الثامن: تأنيث ما أصله أن يذكر كقوله تعالى {كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ} وإنما عدل إليها للفاصلة.
التاسع: كقوله: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} وقال في العلق: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} فزاد في الأولى {الأَعْلَى} وزاد في الثانية: {خَلَقَ} مراعاة للفواصل في السورتين وهى في سبح {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى} وفي العلق: {خَلَقَ الأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ}.
العاشر: صرف ما أصله ألا ينصرف كقوله تعالى: {قَوَارِيرَا قَوَارِيرَا} صرف الأول لأنه آخر الآية وآخر الثاني بالألف فحسن جعله منونا ليقلب تنوينه ألفا فيتناسب مع بقية الآي كقوله تعالى {سَلاسِلا وَأَغْلالاً} فإن {سَلاسِلا} لما نظم إلى {وَأَغْلالاً وَسَعِيراً} صرف ونون للتناسب وبقي قوارير الثاني فإنه وإن لم يكن آخر الآية جاز صرفه لأنه لما نون قواريرا الأول ناسب أن ينون قواريرا الثاني ليتناسبا ولأجل هذا لم ينون قواريرا الثاني إلا من ينون قواريرا الأول .
وزعم إمام الحرمين في البرهان أن من ذلك صرف ما كان جمعا في القرآن ليناسب رءوس الآي كقوله تعالى {سَلاسِلا وَأَغْلالاً} وهذا مردود لأن سلاسلا ليس رأس آية ولا قواريرا الثاني وإنما صرف للتناسب واجتماعه مع غيره من المنصرفات فيرد إلى الأصل ليتناسب معها ونظيره في مراعاة المناسبة أن الأفصح أن يقال بدأ ثلاثي قال الله تعالى {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} وقال تعالى: {كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ} ثم قال {أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} فجاء به رباعيا فصيحا لما حسنه من التناسب بغيره وهو قوله: {يُعِيدُهُ}.
الحادي عشر: إمالة ما أصله ألا يمال كإمالة ألف {وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} ليشاكل التلفظ بهما التلفظ بما بعدهما.
والإمالة: أن تنحو بالألف نحو الياء والغرض الأصلي منها هو التناسب وعبر عنه بعضهم بقوله الإمالة للإمالة وقد يمال لكونها آخر مجاور ما أميل آخره كألف تلا في قوله تعالى {وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا} فأميلت ألف تلاها ليشاكل اللفظ بها اللفظ الذي بعدها مما ألفه غير ياء نحو {جَلاَّهَا} و{غشاها}.
فإن قيل: هلا جعلت إمالة {تَلاهَا} لمناسبة ما قبلها أعني {ضُحَاهَا}قيل لأن ألف {ضُحَاهَا} عن واو وإنما أميل لمناسبة ما بعده.
الثاني عشر: العدول عن صيغة المضي إلى الاستقبال كقوله تعالى: {فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ} حيث لم يقل وفريقا قتلتم كما سوى بينهما في سورة الأحزاب فقال {فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً} وذلك لأجل أنها هنا رأس آية). [البرهان في علوم القرآن:؟؟]
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (فصل: ألّف الشيخ شمس الدين بن الصائغ كتابا سماه "إحكام الرأي في أحكام الآي" قال فيه:
اعلم أن المناسبة أمر مطلوب في اللغة العربية يرتكب لها أمور من مخالفة الأصول.
قال: وقد تتبعت الأحكام التي وقعت في آخر الآي مراعاة للمناسبة فعثرت منها على نيف عن الأربعين حكماً

أحدها: تقديم المعمول إما على العامل نحو: {أهولاء إياكم كانوا يعبدون} قيل ومنه: {وإياك نستعين} أو على معمول آخر أصله التقديم نحو: {لنريك من آياتنا الكبرى} إذا أعربنا الكبرى مفعول نري أو على الفاعل نحو: {ولقد جاء آل فرعون النذر}
ومنه تقديم خبر كان على اسمها نحو: {ولم يكن له كفوا أحد}
الثاني: تقديم ما هو متأخر في الزمان نحو: {فلله الآخرة والأولى} ولولا مراعاة الفواصل لقدمت الأولى كقوله: {له الحمد في الأولى والآخرة}
الثالث: تقديم الفاضل على الأفضل نحو: {برب هارون وموسى} وتقدم ما فيه
الرابع: تقديم الضمير على ما يفسره نحو: {فأوجس في نفسه خيفة موسى}
الخامس: تقديم الصفة الجملة على الصفة المفرد نحو: {ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا}
السادس: حذف ياء المنقوص المعرف نحو: {الكبير المتعال} {يوم التناد}
السابع:حذف ياء الفعل غير المجزوم نحو: {والليل إذا يسر}
الثامن: حذف ياء الإضافة نحو: {فكيف كان عذابي ونذر} {فكيف كان عقاب}
التاسع: زيادة حرف المد نحو: {الظنونا} و{الرسولا} و{السبيلا} ومنه إبقاؤه مع الجازم نحو: {لا تخاف دركا ولا تخشى} {سنقرؤك فلا تنسى} على القول بأنه نهى
العاشر: صرف مالا ينصرف نحو: {قواريرا قواريرا}
الحادي عشر: إيثار تذكير اسم الجنس كقوله: {أعجاز نخل منقعر}
الثاني عشر: إيثار تأنيثه نحو: {أعجاز نخل خاوية}
ونظير هذين: قوله في القمر {وكل صغير وكبير مستطر} وفي الكهف {لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها}
الثالث عشر: الاقتصار على أحد الوجهين الجائزين اللذين قرئ بهما في السبع في غير ذلك كقوله تعالى: {فأولئك تحروا رشدا} ولم يجئ رشدا في السبع وكذا {وهيئ لنا من أمرنا رشدا} لأن الفواصل في السورتين محركة الوسط وقد جاء في {وإن يروا سبيل الرشد} وبهذا يبطل ترجيح الفارسي قراءة التحريك بالإجماع عليه فيما تقدم ونظير ذلك قراءة {تبت يدا أبي لهب وتب} بفتح الهاء وسكونها ولم يقرأ: {سيصلى نارا ذات لهب} إلا بالفتح لمراعاة الفاصلة
الرابع عشر: إيراد الجملة التي رد بها ما قبلها على غير وجه المطابقة في الاسمية والفعلية كقوله تعالى: {ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين} لم يطابق بين قولهم آمنا وبين ما ورد به فيقول ولم يؤمنوا أو ما آمنوا لذلك
الخامس عشر: إيراد أحد القسمين غير مطابق للآخر كذلك نحو: {فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين} ولم يقل الذين كذبوا
السادس عشر: إيراد أحد جزأي الجملتين على غير الوجه الذي أورد نظيرها من الجملة الأخرى نحو: {أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون}
السابع عشر: إيثار أغرب اللفظتين نحو: {قسمة ضيزى} ولم يقل جائرة {لينبذن في الحطمة} ولم يقل جهنم أو النار وقال في المدثر {سأصليه سقر} وفي سأل {إنها لظى} وفي القارعة {فأمه هاوية} لمراعاة فواصل كل سورة.
الثامن عشر: اختصاص كل من المشتركين بموضع نحو: {وليذكر أولو الألباب} وفي سورة طه {إن في ذلك لآيات لأولى النهى}
التاسع عشر: حذف المفعول نحو: {فأما من أعطى واتقى} {ما ودعك ربك وما قلى}
ومنه حذف متعلق أفعل التفضيل نحو: {يعلم السر وأخفى} {خير وأبقى}
العشرون: الاستغناء بالإفراد عن التثنية نحو: {فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى}
الحادي والعشرون: الاستغناء به عن الجمع نحو: {واجعلنا للمتقين إماما} ولم يقل أئمة كما قال: {وجعلناهم أئمة يهدون} {إن المتقين في جنات ونهر} أي أنهار
الثاني والعشرون :الاستغناء بالتثنية عن الإفراد نحو: {ولمن خاف مقام ربه جنتان} قال الفراء أراد جنة كقوله: {فإن الجنة هي المأوى} فثنى لأجل الفاصلة، قال والقوافي تحتمل من الزيادة والنقصان ما لا يحتمله سائر الكلام.
ونظير ذلك قول الفراء في قوله تعالى: {إذ انبعث أشقاها} فإنهما رجلان قدار وآخر معه ولم يقل أشقياها للفاصلة
وقد أنكر ذلك ابن قتيبة وأغلظ فيه.
وقال إنما يجوز في رءوس الآي زيادة هاء السكت أو الألف أو حذف همز أو حرف فأما أن يكون الله وعد بجنتين فيجعلهما جنة واحدة لأجل رءوس الآي معاذ الله وكيف هذا وهو يصفها بصفات الاثنين قال: {ذواتا أفنان} ثم قال: {فيهما..}
وأما ابن الصائغ فإنه نقل عن الفراء أنه أراد جنات فأطلق الاثنين على الجمع لأجل الفاصلة.
ثم قال وهذا غير بعيد قال وإنما عاد الضمير بعد ذلك بصيغة التثنية مراعاة للفظ وهذا هو الثالث والعشرون
الرابع والعشرون: الاستغناء بالجمع عن الإفراد نحو: {لا بيع فيه ولا خلال} أي ولا خلة كما في الآية الأخرى وجمع مراعاة للفاصلة
الخامس والعشرون: إجراء غير العاقل مجرى العاقل نحو: {رأيتهم لي ساجدين} {كل في فلك يسبحون}
السادس والعشرون: إمالة ما لا يمال كآي طه والنجم
السابع والعشرون: الإتيان بصيغة المبالغة كقدير وعليم مع ترك ذلك في نحو: {هو القادر} و{عالم الغيب} ومنه: {وما كان ربك نسيا}
الثامن والعشرون: إيثار بعض أوصاف المبالغة على بعض نحو: {إن هذا لشيء عجاب} أو ثر على عجيب لذلك
التاسع والعشرون: الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه نحو: {ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى}
الثلاثون: إيقاع الظاهر موضع المضمر نحو: {والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين} وكذا آية الكهف
الحادي والثلاثون: وقوع مفعول موقع فاعل كقوله: {حجابا مستورا} {كان وعده مأتيا} أي ساترا وآتيا
الثاني والثلاثون: وقوع فاعل موقع مفعول نحو: {في عيشة راضية} {من ماء دافق}
الثالث والثلاثون: الفصل بين الموصوف والصفة نحو: {أخرج المرعى فجعله غثاء أحوى} إن أعرب أحوى صفة المرعى أي حالا
الرابع والثلاثون: إيقاع حرف مكان غيره نحو: {بأن ربك أوحى لها} والأصل إليها
الخامس والثلاثون: تأخير الوصف غير الأبلغ عن الأبلغ ومنه: {الرحمن الرحيم} {رءوف رحيم} لأن الرأفة أبلغ من الرحمة
السادس والثلاثون: حذف الفاعل ونيابة المفعول نحو: {وما لأحد عنده من نعمة تجزي}
السابع والثلاثون: إثبات هاء السكت نحو: {ما ليه} {سلطانيه} {ماهيه}
الثامن والثلاثون: الجمع بين المجرورات نحو: {ثم لا تجد لك به علينا تبيعا} فإن الأحسن الفصل بينها إلا أن مراعاة الفاصلة اقتضت عدمه وتأخير {تبيعا}
التاسع والثلاثون: العدول عن صيغة المضي إلى صيغة الاستقبال نحو: {ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون} والأصل قتلتم
الأربعون: تغيير بنية الكلمة نحو: {وطور سينين} والأصل سيناء
تنبيه:
قال ابن الصائغ لا يمتنع في توجيه الخروج عن الأصل في الآيات المذكورة أمور أخرى مع وجه المناسبة فإن القرآن العظيم كما جاء في الأثر لا تنقضي عجائبه). [الإتقان في علوم القرآن: 5/؟؟]
قَالَ رِضْوانُ بنُ مُحَمَّدٍ المُخَلِّلاتِيُّ (ت: 1311هـ): (فائدة: قال الإمام السيوطي في الإتقان ألّف الإمام شمس الدين ابن الصائغ الحنفي كتابًا سماه إحكام الرآي في أحكام الآي قال فيه: إعلم أن المناسبة أمر مطلوب في اللغة العربية يُرتَكب لها أمور في مخالفة الأصول، قال: وقد تتبعت الأحكام التي وقعت في آخر الآي مراعاةً للمناسبة فعثُرْتُ منها على نيِّفٍ عن الأربعين حكمًا:
أحدها: تقديم المعمول إما على العامل نحو {أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ} قيل: ومنه {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} أو على معمول آخِّرَ أصله التقديم نحو {لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى} إذا أعْرَبْنا الكبرى مفعول نرى أو على الفاعل نحو: {وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ} ومنه تقديم خبر كان على اسمها نحو: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}.
الثاني: تقديم ما هو متأخِّر في الزمان نحو {فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى} ولولا مراعاة الفواصل لقُدِّمت الأولى كقوله: {لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ}.
الثالث: تقديم الفاضل على الأفضل نحو {آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى}.
الرابع: تقديم الضمير على ما يفسره نحو: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى}.
الخامس: تقديم الصفة الجملة على الصفة المفردة، نحو {وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا}.
السادس: حذف ياء المنقوص المعرَّف نحو {الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} {يَوْمَ التَّنَادِ}.
السابع: حذف ياء الفعل غير المجزوم نحو {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ}.
الثامن: حذف ياء الإضافة نحو {فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ} {فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ}.
التاسع: زيادة حرف المد نحو {الظُّنُونَا} و {الرَّسُولَا} و{السَّبِيلا} ومنه إبقائه مع الجازم نحو {لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى} {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنسَى} على القول بأنه نهيٌ.
العاشر: صرف ما لا ينصرف نحو {قَوَارِيرَا قَوَارِيرًَا}.
الحادي عشر:إيثار تذكير اسم الجنس نحو {أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ}.
الثاني عشر: إيثار تأنيثه نحو {أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} ومثل هذين في القمر
{وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ} ، وفي الكهف {لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا}.
الثالث عشر: الاقتصار على أحد الوجهين الجائزين اللَّذين قرئ بهما في السبع في غير ذلك كقوله تعالى: {فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا} ، ولم يجيء رشدًا في السبع وكذا {وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} لأن الفواصل في السورتين محركة الوسط وقد جاء {وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ} بهما وبهذا يبطل ترجيحُ الفارسي قراءة التحريك بالإجماع عليه ونظير ذلك قراءة (تَبَّتْ [يَدَا] أَبِي لَهَبٍ) إلا بالفتح لمراعاة الفاصلة.
إيراد الجملة التي رُدَّ بها ما قبلها على غير وجه المطابقة في الاسمية والفعلية كقوله تعالى: {وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ} لم يطابق بين قولهم {آمَنَّا} وبين ما ورد به فيقول لم يؤمنوا وما آمنوا لذلك.
الخامس عشر: إيرادُ أحد القسمين غيرَ مطابق للآخر كذلك نحو {فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} ولم يقل{الَّذِينَ كَذَبُوا}.
السادس عشر: إيراد أحد جزئي الجملتين على غير الوجه الذي أورد نظيرُها من الجملة الأخرى نحو {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ}.
السابع عشر: إيثار أغرب اللفظين نحو {قِسْمَةٌ ضِيزَى} ولم يقل جائرة
{لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ} ولم يقل: جهنم أو النار وقال في المدثر: {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ} وفي سأل {إِنَّهَا لَظَى} وفي القارعة {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} لمراعاة فواصل كل سورة.
الثامن عشر: اختصاص كل من [المشركين](1) بموضع نحو {وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ}وفي سورة طه {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُوْلِي النُّهَى}.
التاسع عشر: حذف المفعول نحو {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} ومنه حذف متعلق [أفعل] التفضيل نحو {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} {خَيْرٌ وَأَبْقَى}.
العشرون: الاستغناء بالإفراد عن التثنية نحو {فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنْ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى}.
الحادي والعشرون: الاستغناء به عن الجمع نحو: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} ولم يقل أئمة كما قال: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ} {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ} أي أنهار.
الثاني والعشرون: الاستغناء بالتثنية عن الإفراد {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}، قال الفراء: أراد جنة واحدة كقوله: {فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} فثنى لأجل الفاصلة قال: والقوافي تحتمل من الزيادة والنقصان ما لا يحتمله سائر الكلام ونظير ذلك قول الفراء أيضًا في قوله تعالى: {إِذْ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا} فإنهما رجلان قُدارُ وآخر معه ولم يقل: أشقياها للفاصلة وقد أنكر ذلك ابن قتيبة وأغلظ فيه وقال: إنما يجوز في رؤوس الآي زيادة هاء السكت أو ألف أو حذف همز أو حرف فأما أن يكون الله وَعَدَ بجنتين فتجعلهما جنة واحدة لآجل رؤوس الآي فمعاذ الله، وكيف هذا وهو يصفها صفات الإثنين قال: {ذَوَاتَا أَفْنَان} ، ثم قال فيها فيهما وأما ابن الصائغ فإنه نقل عن الفراء أنه أراد جنات فأطلق الاثنين على الجمع لآجل الفاصلة ثم قال وهذا غير بعيد قال: وإنما عاد الضمير بعد ذلك بصيغة التثنية مراعاة للفظ وهذا هو الثالث والعشرون.
الرابع والعشرون: الاستغناء بالجمع عن الإفراد نحو {لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ} أي ولا خُلَّة كما في الآية الأخرى وجمع مراعاة للفاصلة.
الخامس والعشرون: إجراء غير العاقل نُجرى العاقل نحو {رَأَيْتُهُمْ لِي
سَاجِدِينَ} {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}.
السادس والعشرون: إمالةَ ما لا يُمالُ كآي طه والنجم الخ.
السابع والعشرون:الآتيان بصيغة المبالغة كقدير وعليم مع ترك ذلك في نحو {هُوَ الْقَادِر} {عَالِمُ الْغَيْبِ} ومنه {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا}.
الثامن والعشرون: إيثار بعض أوصاف المبالغة على بعض نحو {إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} أوثر على عجيب لذلك.
التاسع والعشرون: الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه نحو {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى}.
الثلاثون: إيقاع الظاهر موقع المضمر نحو {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ} وكذا آية الكهف.
الحادي والثلاثون: وقوع مفعول موقع فاعل نحو {حِجَابًا مَسْتُورًا} {كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا} أي سائرًا وآتيًا.
الثاني والثلاثون: وقوع فاعل موقع مفعول نحو {عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} {مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ}.
الثالث والثلاثون: الفصل بين الموصوف والصفة نحو {أَخْرَجَ الْمَرْعَى}
{فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى} إن أعرب {أحوى} صفة {المرعى} أو حالًا.
الرابع والثلاثون: إيقاع حرف مكان غيره نحو {رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} والأصل إليها.
الخامس والثلاثون: تأخير الوصف غير الأبلغ عن الأبلغ ومنه {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} {رَءُوفٌ رَحِيمٌ} لأن الرأفة أبلغ من الرحمة.
السادس والثلاثون: حذف الفاعل ونيابة المفعول عنه نحو {وَمَا لِأَحَدٍ [عِنْدَهُ] مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى}.
السابع والثلاثون: إثبات هاء السكت نحو {مَالِيَه} و{سُلطًانِيَه} و{مَاهِيَه}.
الثامن والثلاثون: الجمع بين المجرورات نحو {ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا} فإن الأحسن الفصل بينها إلا أن مراعاة الفاصلة اقتضت عدمه وتأخير {تبيعًا}.
التاسع والثلاثون: العدول عن صيغة المُضيِّ إلى صيغة الاستقبال نحو {فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ} والأصل قتلتم.
الأربعون: تَغيير بِنْيَة الكلمة نحو {وَطُورِ سِينِينَ} والأصل سيناء.
تنبيه: قال ابن الصائغ: لا يمتنع في توجيه الخروج عن الأصل في الآيات المذكورة أمورٌ أخرى مع وجه المناسبة فإن القرآن العظيم كما جاء في الأثر {لا تنقضي عجائبه} انتهى).
[القول الوجيز: 124-144]
- قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَلِيّ مُوسَى (ت:1429هـ): (1) هكذا في جميع النسخ والصواب [المشتركين]). ). [التعليق على القول الوجيز:؟؟]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 16 شوال 1434هـ/22-08-2013م, 06:30 PM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي

المحافظة على الفواصل إنما تحسن مع بقاء المعاني على سدادها
قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت:794هـ): (الثالث: ذكر الزمخشري في كشافه القديم أنه لا تحسن المحافظة على الفواصل لمجردها إلا مع بقاء المعاني على سدادها على النهج الذي يقتضيه حسن النظم والتئامه كما لا يحسن تخير الألفاظ المونقة في السمع السلسلة على اللسان إلا مع مجيئها منقادة للمعاني الصحيحة المنتظمة فأما أن تهمل المعاني ويهتم بتحسين اللفظ وحده غير منظور فيه إلى مؤاده على بال فليس من البلاغة في فتيل أو نقير ومع ذلك يكون قوله {وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} وقوله {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} لا يتأتى فيه ترك رعاية التناسب في العطف بين الجمل الفعلية إيثارا للفاصلة لأن ذلك أمر لفظي لا طائل تحته وإنما عدل إلى هذا لقصد الاختصاص). [البرهان في علوم القرآن:؟؟]
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (الثالث: قال الزمخشري في كشافه القديم: لا تحسن المحافظة على الفواصل لمجردها إلا مع بقاء المعاني على سردها على المنهج الذي يقتضيه حسن النظم والتئامه فأما أن تهمل المعاني ويهتم بتحسين اللفظ وحده غير منظور فيه إلى مؤداه فليس من قبيل البلاغة وبني على ذلك أن التقديم في {وبالآخرة هم يوقنون} ليس لمجرد الفاصلة بل لرعاية الاختصاص). [الإتقان في علوم القرآن: 5/؟؟]


مشكلات الفواصل
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (التنبيه الثاني:
من مشكلات الفواصل قوله تعالى: {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم} فإن قوله: {وإن تغفر لهم} يقتضي أن تكون الفاصلة الغفور الرحيم وكذا نقلت عن مصحف أبي وبها قرأ ابن شنبوذ وذكر في حكمته أنه لا يغفر لمن استحق العذاب إلا من ليس فوقه أحد يرد عليه حكمه فهو العزيز أي الغالب والحكيم هو الذي يضع الشيء في محله.
وقد يخفي وجه الحكمة على بعض الضعفاء في بعض الأفعال فيتوهم أنه خارج عنها وليس كذلك فكان في الوصف بالحكيم احتراس حسن أي وإن تغفر لهم مع استحقاقهم العذاب فلا معترض عليك لأحد في ذلك والحكمة فيما فعلته.
ونظير ذلك قوله في سورة التوبة: {أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم} وفي سورة الممتحنة: {واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم} وفي غافر: {ربنا وأدخلهم جنات عدن} إلى قوله: {إنك أنت العزيز الحكيم} وفي النور: {ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم} فإن بادئ الرأي يقتضي تواب رحيم لأن الرحمة مناسبة للتوبة لكن عبر به إشارة إلى فائدة مشروعية اللعان وحكمته وهي الستر عن هذه الفاحشة العظيمة.
ومن خفي ذلك أيضا قوله في سورة البقرة: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات وهو بكل شيء عليم} وفي آل عمران: {قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السموات وما في الأرض والله على كل شيء قدير} فإن المتبادر إلى الذهن في آية البقرة الختم بالقدرة وفي آية آل عمران الختم بالعلم.
والجواب: أن آية البقرة لما تضمنت الإخبار عن خلق الأرض وما فيها على حسب حاجات أهلها ومنافعهم ومصالحهم وخلق السموات خلقا مستويا محكما من غير تفاوت والخالق على الوصف المذكور يجب أن يكون عالما بما فعله كليا وجزئيا مجملا ومفصلا ناسب ختمها بصفة العلم.
وآية آل عمران لما كانت في سياق الوعيد على موالاة الكفار وكان التعبير بالعلم فيها كناية عن المجازاة بالعقاب والثواب ناسب ختمها بصفة القدرة.
ومن ذلك قوله: {وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا} فالختم بالحلم والمغفرة عقب تسابيح الأشياء غير ظاهر في بادي الرأي
وذكر فى حكمته: أنه لما كانت الأشياء كلها تسبح ولا عصيان في حقها وأنتم تعصون ختم به مراعاة للمقدر في الآية وهو العصيان كما جاء في الحديث (( لولا بهائم رتع وشيوخ ركع وأطفال رضع لصب عليكم العذاب صبا ولرص رصا ))
وقيل التقدير حليما عن تفريط المسبحين غفورا لذنوبهم.
وقيل حليما عن المخاطبين الذين لا يفقهون التسبيح بإهمالهم النظر في الآيات والعبر ليعرفوا حقه بالتأمل فيما أودع في مخلوقاته مما يوجب تنزيهه.
التنبيه الثالث:
في الفواصل ما لا نظير له في القرآن كقوله عقب الأمر بالغض في سورة النور: {إن الله خبير بما يصنعون} وقوله عقب الأمر بالدعاء والاستجابة: {لعلهم يرشدون}
وقيل فيه تعريض بليلة القدر حيث ذكر ذلك عقب ذكر رمضان أي لعلهم يرشدون إلى معرفتها). [الإتقان في علوم القرآن: 5/؟؟]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 16 شوال 1434هـ/22-08-2013م, 06:30 PM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي

من أحكام الفواصل

مبنى الفواصل على الوقف
قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (الثاني: إن مبنى الفواصل على الوقف ولهذا شاع مقابلة المرفوع بالمجرور وبالعكس وكذا المفتوح والمنصوب غير المنون ومنه قوله تعالى: {إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ} مع تقدم قوله: {عَذَابٌ وَاصِبٌ} و{شِهَابٌ ثَاقِبٌ} وكذا {بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ} و{ قَدْ قُدِرَ} وكذا {وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} مع {وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ}.
وعبارة السكاكي قد تعطي اشتراط كون السجع يشترط فيه الموافقة في الإعراب لما قبله على تقدير عدم الوقوف عليه كما يشترط ذلك في الشعر وبه صرح ابن الخشاب معترضا على قول الحريري في المقامة التاسعة والعشرين:
يــا صــــــــــــــــارفـــــــــــا عني المــــــــــــــــــــــــــــودة ..... والــــــــــــزمـــــــــــــــــان له صــــــــــــــــــــــــــــــــــروف
ومعــــنفي في فضــــــــــــــــــــــــح مـــــــــــــــــــــن
.... جــــــاوزت تعنيف العســــــــــــــــــــــــــــوف
لا تلحـــــــــــــــــــــــــــــــني فيما أتيــــــــــــــــــــــــــت
.... فإنني بهــــــــــــــــــــــــــــــم عـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــروف
ولقــــــــــــــــــــــــــــــــد نزلت بهم فـــــــــــــلــــــــــــم
..... أرهــــــــــــــــــــــم يراعـــــــــــــــــون الضـــــــــــيوف
وبلوتــــــــــهم فوجـــــــــــــــــــــــــــــــدتهــــــــــــــــــــــــــم
..... لما سبكـــــــــــــــــــــــــــــتهمُ زيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوف
ألا ترى أنها إذا أطلقت ظهر الأول والثالث مرفوعين والرابع والخامس منصوبين والثاني مجرورا وكذا باقي القصيدة.
والصواب: أن ذلك ليس بشرط لما سبق ولا شك أن كلمة الأسجاع موضوعة على أن تكون ساكنة الأعجاز موقوفا عليها لأن الغرض المجانسة بين القرائن والمزاوجة ولا يتم ذلك إلا بالوقف ولو وصلت لم يكن بد من إجراء كل القرائن على ما يقتضيه حكم الإعراب فعطلت عمل الساجع وفوت غرضهم
وإذا رأيتهم يخرجون الكلم عن أوضاعها لغرض الازدواج فيقولون آتيك بالغدايا والعشايا مع أن فيه ارتكابا لما يخالف اللغة فما ظنك بهم في ذلك
). [البرهان في علوم القرآن:؟؟]
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (الرابع: مبنى الفواصل على الوقف ولهذا ساغ مقابلة المرفوع بالمجرور وبالعكس كقوله: {إنا خلقناهم من طين لازب} مع قوله: {عذاب واصب} و{شهاب ثاقب} وقوله: {بماء منهمر} مع قوله: {قد قدر} و{سحر مستمر} وقوله: {وما لهم من دونه من وال} مع قوله: {وينشئ السحاب الثقال}). [الإتقان في علوم القرآن: 5/؟؟]


ختم كلمة المقطع من الفاصلة بحروف المد واللين وإلحاق النون
قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (ثم هنا تفريعات:
الأول : قد كثر في القرآن الكريم ختم كلمة المقطع من الفاصلة بحروف المد واللين وإلحاق النون وحكمته وجود التمكن من التطريب بذلك قال سيبويه رحمه الله أما إذا ترنموا فإنهم يلحقون الألف والواو والياء ما ينون وما لا ينون لأنهم أرادوا مد الصوت.
وإذا أنشدوا ولم يترنموا فأهل الحجاز يدعون القوافي على حالها في الترنم وناس من بني تميم يبدلون مكان المدة النون .انتهى
وجاء القرآن على أعذب مقطع وأسهل موقف
). [البرهان في علوم القرآن:؟؟]
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت:911هـ): (الخامس: كثر في القرآن ختم الفواصل بحروف المد واللين وإلحاق النون وحكمته وجود التمكن من التطريب بذلك، كما قال سيبويه إنهم إذا ترنموا يلحقون الألف والياء والنون لأنهم أرادوا مد الصوت ويتركون ذلك إذا لم يترنموا وجاء في القرآن على أسهل موقف وأعذب مقطع). [الإتقان في علوم القرآن: 5/؟؟]



رد مع اقتباس
  #6  
قديم 16 شوال 1434هـ/22-08-2013م, 06:31 PM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي

الفواصل المتماثلة والفواصل المتقاربة

قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (الرابع: أن الفواصل تنقسم إلى ما تماثلت حروفه في المقاطع وهذا يكون في السجع وإلى ما تقاربت حروفه في المقاطع ولم تتماثل وهذا لا يكون سجعا ولا يخلو كل واحد من هذين القسمين أعني المتماثل والمتقارب من أن يأتي طوعا سهلا تابعا للمعاني أو متكلفا يتبعه المعنى.
فالقسم الأول هو المحمود الدال على الثقافة وحسن البيان.
والثاني: هو المذموم فأما القرآن فلم يرد فيه إلا القسم الأول لعلوه في الفصاحة.
وقد وردت فواصله متماثلة ومتقاربة.
مثال المتماثلة: قوله تعالى {وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ}.
وقوله تعالى
{طه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى ِإلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى تَنْزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}.
وقوله تعالى
{وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً فَالْمُورِيَاتِ قَدْحاً فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً}.
وقوله تعالى
{وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} إلى آخره وحذفت الياء من {يَسْرِ} طلبا للموافقة في الفواصل.
وقوله تعالى:
{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} وجميع هذه السورة على الازدواج،
وقوله تعالى:
{فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ}.
وقوله تعالى
{فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ} وقوله تعالى {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ}.
وقوله تعالى
{أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا}.
وقوله تعالى
{مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ}.
وقوله تعالى
{فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ}.
وقوله تعالى
{كَلاَّ إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ} الآية.
وقوله تعالى
{لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا}.
ومثال المتقارب في الحروف: قوله تعالى {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}.
وقوله تعالى
{ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ}.
وهذا لا يسمى سجعا قطعا عند القائلين بإطلاق السجع في القرآن لأن السجع ما تماثلت حروفه.
إذا علمت هذا فاعلم أن فواصل القرآن الكريم لا تخرج عن هذين القسمين بل تنحصر في المتماثلة والمتقاربة وبهذا يترجح مذهب الشافعي على مذهب أبى حنيفة في عد الفاتحة سبع آيات مع البسملة وذلك لأن الشافعي المثبت لها في القرآن قال: {صِرَاطَ الَّذِينَ} إلخ السورة آية واحدة .
وأبو حنيفة لما أسقط البسملة من الفاتحة قال:
{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} آية و{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} آية.
ومذهب الشافعي أولى لأن فاصلة قوله: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} لا تشابه فاصلة الآيات المتقدمة ورعاية التشابه في الفواصل لازم وقوله: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} ليس من القسمين فامتنع جعله من المقاطع وقد اتفق الجميع على أن الفاتحة سبع آيات لكن الخلاف في كيفية العدد). [البرهان في علوم القرآن:؟؟]
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (السادس: حروف الفواصل إما متماثلة وإما متقاربة
فالأولى مثل: {والطور وكتاب مسطور في رق منشور والبيت المعمور}
والثاني مثل: {الرحمن الرحيم مالك يوم الدين} {ق والقرآن المجيد بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب}
قال الإمام فخر الدين وغيره وفواصل القرآن لا تخرج عن هذين القسمين بل تنحصر في المتماثلة والمتقاربة قال وبهذا يترجح مذهب الشافعي على مذهب أبي حنيفة في عد الفاتحة سبع آيات مع البسملة.
وجعل {صراط الذين} إلى آخرها آية فإن من جعل آخر الآية السادسة {أنعمت عليهم} مردود بأنه لا يشابه فواصل سائر آيات السورة لا بالمماثلة ولا بالمقاربة ورعاية التشابه في الفواصل لازمة). [الإتقان في علوم القرآن: 5/؟؟]


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 16 شوال 1434هـ/22-08-2013م, 06:31 PM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي

الفواصل المتوازية والمطرفة والمتوازنة

قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (الخامس: قسم البديعيون السجع والفواصل أيضا إلى متواز ومطرف [ومتوازن]
وأشرفها المتوازي: وهو أن تتفق الكلمتان في الوزن وحروف السجع كقوله تعالى: {فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ} وقوله: {وَالتَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ}.
والمطرف: أن يتفقا في حروف السجع لا في الوزن كقوله تعالى {مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً}.
والمتوازن: أن يراعى في مقاطع الكلام الوزن فقط كقوله تعالى: {وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ}.
وقوله تعالى:
{وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}فلفظ الكتاب والصراط متوازنان ولفظ المستبين والمستقيم متوازنان.
وقوله:
{فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَرَاهُ قَرِيباً يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ}.
وقوله تعالى:
{كَلاَّ إِنَّهَا لَظَى نَزَّاعَةً لِلشَّوَى تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى وَجَمَعَ فَأَوْعَى}.
وقوله:
{وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} إلى آخرها.
وقوله:
{وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى..} إلى آخرها.
وقد تكرر في سورة
{حم عسق} في قوله تعالى {وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ} إلى آخر الآيات السبع فجمع في فواصلها بين شديد وقريب وبعيد وعزيز ونصيب وأليم وكبير على هذا الترتيب وهو في القرآن كثير وفى المفصل خاصة في قصاره.
ومنهم من يذكر بدله الترصيع: وهو أن يكون المتقدم من الفقرتين مؤلفا من كلمات مختلفة والثاني مؤلفا من مثلها في ثلاثة أشياء وهي:
1-الوزن.
2-والتقفية.
3-وتقابل القرائن.
قيل ولم يجئ هذا القسم في القرآن العظيم لما فيه من التكلف.
وزعم بعضهم أن منه قوله تعالى: {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} وليس كذلك لورود لفظة إن ولفي كل واحد من الشطرين وهو مخالف لشرط الترصيع إذ شرطه اختلاف الكلمات في الشطرين جميعا.
وقال بعض المغاربة :سورة الواقعة من نوع الترصيع وتتبع آخر آيها يدل على أن فيها موازنة.
قالوا: وأحسن السجع ما تساوت قرائنه ليكون شبيها بالشعر فإن أبياته متساوية كقوله تعالى: {فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} وعلته أن السمع ألف الانتهاء إلى غاية في الخفة بالأولى فإذا زيد عليها ثقل عنه الزائد لأنه يكون عند وصولها إلى مقدار الأول كمن توقع الظفر بمقصوده
ثم ما طالت قرينته الثانية كقوله
{وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى}أو الثالثة كقوله تعالى: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ}.
وهو إما قصير: كقوله {وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفاً}.
أو طويل: كقوله {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ}.
أو متوسط: كقوله {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ}.). [البرهان في علوم القرآن:؟؟]
الفواصل المتوازية والمطرفة والمتوازنة
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (فصل
في أقسام الفواصل
قسم البديعيون السجع ومثله الفواصل إلى أقسام مطرف ومتواز ومرصع ومتوازن ومتماثل
فالمطرف: أن تختلف الفاصلتان في الوزن وتتفقا في حروف السجع نحو: {ما لكم لا ترجون لله وقارا وقد خلقكم أطورا}
والمتوازي: أن يتفقا وزنا وتقفية ولم يكن ما في الأولى مقابلا لما في الثانية في الوزن والتقفية نحو: {فيها سرر مرفوعة وأكواب موضوعة}
والمتوازن: أن يتفقا في الوزن دون التقفية نحو: {ونمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة}
والمرصع: أن يتفقا وزنا وتقفية ويكون ما في الأولى مقابلا لما في الثانية كذلك نحو: {إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم}
{إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم}
والمتماثل: أن يتساويا في الوزن دون التقفية وتكون أفراد الأولى مقابلة لما في الثانية فهو بالنسبة إلى المرصع كالمتوازن بالنسبة إلى المتوازي نحو: {وآتيناهما الكتاب المستبين وهديناهما الصراط المستقيم} فـ{الكتاب} والصراط يتوازنان وكذا المستبين والمستقيم واختلفا في الحرف الأخير). [الإتقان في علوم القرآن: 5/؟؟]


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 16 شوال 1434هـ/22-08-2013م, 06:31 PM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي

التمكين والتوشيح والإيغال والتصدير

قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (السادس: اعلم أن من المواضع التي يتأكد فيها إيقاع المناسبة مقاطع الكلام وأواخره وإيقاع الشيء فيها بما يشاكله فلا بد أن تكون مناسبة للمعنى المذكور أولا وإلا خرج بعض الكلام عن بعض.
وفواصل القرآن العظيم لا تخرج عن ذلك لكن منه ما يظهر ومنه ما يستخرج بالتأمل للبيب.
وهي منحصرة في أربعة أشياء:
1-التمكين.
2-والتوشيح.
3-والإيغال.
4-والتصدير.
والفرق بينها: أنه إن كان تقدم لفظها بعينه في أول الآية سمي تصديرا وإن كان في أثناء الصدر سمي توشيحا وإن أفادت معنى زائدا بعد تمام معنى الكلام سمي إيغالا وربما اختلط التوشيح بالتصدير لكون كل منهما صدره يدل على عجزه والفرق بينهما أن دلالة التصدير لفظية ودلالة التوشيح معنوية.
الأول التمكين: وهو أن تمهد قبلها تمهيدا تأتي به الفاصلة ممكنة في مكانها مستقرة في قرارها مطمئنة في موضعها غير نافذة ولا قلقة متعلقا معناها بمعنى الكلام كله تعلقا تاما بحيث لو طرحت اختل المعنى واضطرب الفهم.
وهذا الباب يطلعك على سر عظيم من أسرار القرآن فاشدد يديك به.
ومن أمثلته:
1- قوله تعالى
{وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً}، فإن الكلام لو اقتصر فيه على قوله: {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ} لأوهم ذلك بعض الضعفاء موافقة الكفار في اعتقادهم أن الريح التي حدثت كانت سبب رجوعهم ولم يبلغوا ما أرادوا وأن ذلك أمر اتفاقي فأخبر سبحانه في فاصلة الآية عن نفسه بالقوة والعزة ليعلم المؤمنين ويزيدهم يقينا وإيمانا على أنه الغالب الممتنع وأن حزبه كذلك وأن تلك الريح التي هبت ليست اتفاقا بل هي من إرساله سبحانه على أعدائه كعادته وأنه ينوع النصر للمؤمنين ليزيدهم إيمانا وينصرهم مرة بالقتال كيوم بدر وتارة بالريح كيوم الأحزاب وتارة بالرعب كبني النضير وطورا ينصر عليهم كيوم أحد تعريفا لهم أن الكثرة لا تغني شيئا وأن النصر من عنده كيوم حنين
2- ومنه قوله تعالى {أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ} فانظر إلى قوله في صدر الآية التي الموعظة فيها سمعية {أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ} ولم يقل أولم يروا وقال بعد ذكر الموعظة: {أَفَلا يَسْمَعُونَ} لأنه تقدم ذكر الكتاب وهو مسموع أو أخبار القرون وهو كما يسمع وكيف قال في صدر الآية التي موعظتها مرئية: {أَوَلَمْ يَرَوْا} وقال بعدها أفلا يبصرون لأن سوق الماء إلى الأرض الجرز مرئي.
3- ومنهقوله تعالى: {قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ}
فإنه لما تقدم ذكر العبادة والتصرف في الأموال كان ذلك تمهيدا تاما لذكر الحلم والرشد لأن الحلم الذي يصح به التكليف والرشد حسن التصرف في الأموال فكان آخر الآية مناسبا لأولها مناسبة معنوية ويسميه بعضهم ملاءمة.
4- ومنه قوله تعالى: {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}
فإنه سبحانه لما قدم نفي إدراك الأبصار له عطف على ذلك قوله:
{وَهُوَ اللَّطِيفُ} خطابا للسامع بما يفهم إذ العادة أن كل لطيف لا تدركه الأبصار ألا ترى أن حاسة البصر إنما تدرك اللون من كل متلون والكون من كل متكون فإدراكها إنما هو للمركبات دون المفردات ولذلك لما قال {وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ} عطف عليه قوله الخبير مخصصا لذاته سبحانه بصفة الكمال لأنه ليس كل من أدرك شيئا كان خبيرا بذلك الشيء لأن المدرك للشيء قد يدركه ليخبره ولما كان الأمر كذلك أخبر سبحانه وتعالى أنه يدرك كل شيء مع الخبرة به وإنما خص الإبصار بإدراكه ليزيد في الكلام ضربا من المحاسن يسمى التعطف ولو كان الكلام لا تبصره الأبصار وهو يبصر الأبصار لم تكن لفظتا {اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} مناسبتين لما قبلهما.
5- ومنه قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} إلى قوله {لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ} إنما فصل الأولى بـ {لطيف خبير} لأن ذلك في موضع الرحمة لخلقه بإنزال الغيث وإخراج النبات من الأرض ولأنه خبير بنفعهم وإنما فصل الثانية بـ {غني حميد} لأنه قال: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} أي لا لحاجة بل هو غني عنهما جواد بهما لأنه ليس غنى نافعا غناه إلا إذا جاد به وإذا جاد وأنعم حمده المنعم عليه واستحق عليه الحمد فذكر الحمد على أنه الغني النافع بغناه خلقه وإنما فصل الثالثة بـ{رؤوف رحيم} لأنه لما عدد للناس ما أنعم به عليهم من تسخير ما في الأرض لهم وإجراء الفلك في البحر لهم وتسييرهم في ذلك الهول العظيم وجعله السماء فوقهم وإمساكه إياها عن الوقوع حسن ختامه بالرأفة والرحمة.
ونظير هذه الثلاث فواصل مع اختلافها:
1-
قوله تعالى في سورة الأنعام
{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ } الآيات.
2-وقوله تعالى: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} فقال الغني الحميد لينبه على أن ما له ليس لحاجة بل هو غني عنه جواد به وإذا جاد به حمده المنعم عليه إذ حميد كثير المحامد الموجبة تنزيهه عن الحاجة والبخل وسائر النقائض فيكون غنيا مفسرا بالغنى المطلق لا يحتاج فيه لتقدير غني عنه.
3-ومنه قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ} لما كان سبحانه هو الجاعل الأشياء على الحقيقة وأضاف إلى نفسه جعل الليل سرمدا إلى يوم القيامة صار الليل كأنه سرمد بهذا التقدير وظرف الليل ظرف مظلم لا ينفذ فيه البصر لاسيما وقد أضاف الإتيان بالضياء الذي تنفذ فيه الأبصار إلى غيره وغيره ليس بفاعل على الحقيقة فصار النهار كأنه معدوم إذ نسب وجوده إلى غير موجد والليل كأنه لا موجود سواه إذ جعل سرمدا منسوبا إليه سبحانه فاقتضت البلاغة أن يقول {أَفَلا تَسْمَعُونَ} لمناسبة ما بين السماع والظرف الليلي الذي يصلح للاستماع ولا يصلح للإبصار.
وكذلك قال في الآية التي تليها:
{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ} لأنه لما أضاف جعل النهار سرمدا إليه صار النهار كأنه سرمد وهو ظرف مضيء تنور فيه الأبصار وأضاف الإتيان بالليل إلى غيره وغيره ليس بفاعل على الحقيقة فصار الليل كأنه معدوم إذ نسب وجوده إلى غير موجد والنهار كأنه لا موجود سواه إذ جعل وجوده سرمدا منسوبا إليه فاقتضت البلاغة أن يقول {أَفَلا تُبْصِرُونَ} إذ الظرف مضيء صالح للإبصار وهذا من دقيق المناسبة المعنوية.
4-ومنه قوله تعالى في أول سورة الجاثية: {إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} فإن البلاغة تقتضي أن تكون فاصلة الآية الأولى للمؤمنين لأنه سبحانه ذكر العالم بجملته حيث قال {السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} ومعرفة الصانع من الآيات الدالة على أن المخترع له قادر عليم حكيم وإن دل على وجود صانع مختار لدلالتها على صفاته مرتبة على دلالتها على ذاته فلا بد أولا من التصديق بذاته حتى تكون هذه الآيات دالة على صفاته لتقدم الموصوف وجودا واعتقادا على الصفات.
وكذلك قوله في الآية الثانية
{لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} فإن سر الإنسان وتدبر خلقة الحيوان أقرب إليه من الأول وتفكره في ذلك مما يزيده يقينا في معتقده الأول
وكذلك معرفة جزئيات العالم من اختلاف الليل والنهار وإنزال الرزق من السماء وإحياء الأرض بعد موتها وتصريف الرياح يقتضي رجاحة العقل ورصانته لنعلم أن من صنع هذه الجزئيات هو الذي صنع العالم الكلى التي هي أجرامه وعوارض عنه ولا يجوز أن يكون بعضها صنع بعضا فقد قام البرهان على أن للعالم الكلى صانعا مختارا فلذلك اقتضت البلاغة أن تكون فاصلة الآية الثالثة
{لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} وإن احتيج إلى العقل في الجميع إلا أن ذكره هاهنا أنسب بالمعنى الأول إذ بعض من يعتقد صانع العالم ربما قال إن بعض هذه الآثار يصنع بعضا فلا بد إذا من التدبر بدقيق الفكر وراجح العقل
5-ومنه قوله تعالى حكاية عن لقمان:
{يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ}.
6-ومنه قوله تعالى: {أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ}
والمناسبة فيه قوية لأن من دل عدوه على عورة نفسه وأعطاه سلاحه ليقتله به فهو جدير بأن يكون مقلوب العقل فلهذا ختمها بقوله
{أَفَلا تَعْقِلُونَ}
وهذه الفاصلة لا تقع إلا في سياق إنكار فعل غير مناسب في العقل نحو قوله تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ}،لأن فاعل غير المناسب ليس بعاقل.
وقوله تعالى:
{قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ} ختم بصفة العلم إشارة إلى الإحاطة بأحوالنا وأحوالكم وما نحن عليه من الحق وما أنتم عليه من الباطل وإذا كان عالما بذلك فنسأله القضاء علينا وعليكم بما يعلم منا ومنكم.

فصل
:
وقد تجتمع فواصل في موضع واحد ويخالف بينها،
وذلك في مواضع:
1-منها في أوائل النحل، وذلك أنه سبحانه بدأ فيها بذكر الأفلاك فقال {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ} ثم ذكر خلق الإنسان فقال: {مِنْ نُطْفَةٍ}. وأشار إلى عجائب الحيوان فقال: {وَالأَنْعَامِ} ثم عجائب النبات فقال {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}
فجعل مقطع هذه الآية التفكر لأنه استدلال بحدوث الأنواع المختلفة من النبات على وجود الإله القادر المختار.
وفيه جواب عن سؤال مقدر وهو أنه لم لا يجوز أن يكون المؤثر فيه طبائع الفصول وحركات الشمس والقمر؟ ولما كان الدليل لا يتم إلا بالجواب عن هذا السؤال لا جرم كان مجال التفكر والنظر والتأمل باقيا إنه تعالى
أجاب عن هذا السؤال من وجهين:
أحدهما : أن تغيرات العالم الأسفل مربوطة بأحوال حركات الأفلاك فتلك الحركات حيث حصلت فإن كان حصولها بسبب أفلاك أخرى لزم التسلسل وإن كان من الخالق الحكيم فذلك الإقرار بوجود الإله تعالى وهذا هو المراد بقوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}، فجعل مقطع هذه الآية العقل والتقدير كأنه قيل إن كنت عاقلا فاعلم أن التسلسل باطل فوجب انتهاء الحركات إلى حركة يكون موجدها غير متحرك وهو الإله القادر المختار.
والثاني : أن نسبة الكواكب والطبائع إلى جميع أجزاء الورقة الواحدة والحبة الواحدة واحدة ثم إنا نرى الورقة الواحدة من الورد أحد وجهيها في غاية الحمرة والآخر في غاية السواد فلو كان المؤثر موجبا بالذات لامتنع حصول هذا التفاوت في الآثار فعلمنا أن المؤثر قادر مختار وهذا هو المراد من قوله: {وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ}.
كأنه قيل: قد ذكرنا ما يرسخ في عقلك أن الموجب بالذات والطبع لا يختلف تأثيره فإذا نظرت إلى حصول هذا الاختلاف علمت أن المؤثر ليس هو الطبائع بل الفاعل المختار فلهذا جعل مقطع الآية التذكر.

تنبيه
:
من بديع هذا النوع اختلاف الفاصلتين في موضعين والمحدث عنه واحد لنكتة لطيفة وذلك قوله تعالى في سورة إبراهيم:
{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الأِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ}
ثم قال في سورة النحل:
{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ}
قال القاضي ناصر الدين بن المنير في تفسيره الكبير كأنه يقول إذا حصلت النعم الكثيرة فأنت آخذها وأنا معطيها فحصل لك عند أخذها وصفان كونك ظلوما وكونك كفارا ولي عند إعطائها وصفان وهما أني غفور رحيم أقابل ظلمك بغفراني وكفرك برحمتي فلا أقابل تقصيرك إلا بالتوفير ولا أجازي جفاءك إلا بالوفاء. انتهى
وهو حسن
لكن بقي سؤال آخر وهو، ما الحكمة في تخصيص آية النحل بوصف المنعم وآية إبراهيم بوصف المنعم عليه؟
والجواب:
أن سياق الآية في سورة إبراهيم في وصف الإنسان وما جبل عليه فناسب ذكر ذلك عقيب أوصافه وأما آية النحل فسيقت في وصف الله تعالى وإثبات ألوهيته وتحقيق صفاته فناسب ذكر وصفه سبحانه فتأمل هذه التراكيب ما أرقاها في درجة البلاغة.
ونظيره: قوله تعالى في سورة الجاثية: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ}
وفى فصلت: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ}
وحكمة فاصلة الأولى أن قبلها:
{قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} فناسب الختام بفاصلة البعث لأن قبله وصفهم بإنكاره وأما الأخرى فالختام بها مناسب أي لأنه لا يضيع عملا صالحا ولا يزيد على من عمل شيئا.
ونظيره: قوله في سورة النساء: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} ختم الآية مرة بقوله: {فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً} ومرة بقوله: {ضَلالاً بَعِيداً} لأن الأول نزل في اليهود وهم الذين افتروا على الله ما ليس في كتابه والثاني نزل في الكفار ولم يكن لهم كتاب وكان ضلاهم أشد
وقوله في المائدة:
{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} ذكرها ثلاث مرات وختم الأولى بالكافرين والثانية بالظالمين والثالثة بالفاسقين فقيل لأن الأولى نزلت في أحكام المسلمين والثانية نزلت في أحكام اليهود والثالثة نزلت في أحكام النصارى.
وقيل: ومن لم يحكم بما أنزل الله إنكارا له فهو كافر ومن لم يحكم بالحق مع اعتقاد الحق وحكم بضده فهو ظالم ومن لم يحكم بالحق جهلا وحكم بضده فهو فاسق.
وقيل الكافر والظالم والفاسق كلها بمعنى واحد وهو الكفر عبر عنه بألفاظ مختلفة لزيادة الفائدة واجتناب صورة التكرار ، وقيل غير ذلك.

تنبيه
:
عكس هذا اتفاق الفاصلتين والمحدث عنه مختلف كقوله تعالى في سورة النور
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} إلى قوله {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}
ثم قال:
{وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}
قال ابن عبد السلام في تفسيره في الأولى عليم بمصالح عباده حكيم في بيان مراده وقال في الثانية عليم بمصالح الأنام حكيم ببيان الأحكام ولم يتعرض للجواب عن حكمة التكرار.

تنبيه
:
حق الفاصلة في هذا القسم تمكين المعنى المسوق إليه كما بينا ومنه قوله تعالى:
{رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}
ووجه مناسبته أن بعث الرسول تولية والتولية لا تكون إلا من عزيز غالب على ما يريد وتعليم الرسول الحكمة لقومه إنما يكون مستندا إلى حكمة مرسله لأن الرسول واسطة بين المرسل والمرسل إليه فلا بد وأن يكون حكيما فلا جرم كان اقترانهما مناسبا.
وقوله تعالى:
{فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
وجه المناسبة في الحكم محمول على قول مجاهد: إن من حضر الموصي فرأى منه جنفا على الورثة في وصيته مع فقرهم فوعظه في ذلك وأصلح بينه وبينهم حتى رضوا فلا إثم عليه وهو غفور للموصي إذا ارتدع بقول من وعظه فرجع عما هم به وغفرانه لهذا برحمته لا خفاء به والإثم المرفوع عن القائل يحتمل أن يكون إثم التبديل السابق في الآية قبلها في قوله تعالى {فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ} يعني من الموصي أي لا يكون هذا المبدل داخلا تحت وعيد من بدل على العموم لأن تبديل هذا تضمن مصلحة راجحة فلا يكون كغيره .
وقد أشكل على ذلك مواضع:
1-منها قوله تعالى:
{إنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}
فإن قوله:
{وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ} يوهم أن الفاصلة الغفور الرحيم وكذا نقلت عن مصحف أُبَيّ رضي الله عنه وبها قرأ ابن شنبوذ ولكن إذا أمعن النظر علم أنه يجب أن يكون ما عليه التلاوة لأنه لا يغفر لمن يستحق العذاب إلا من ليس فوقه أحد يرد عليه حكمه فهو العزيز لأن العزيز في صفات الله هو الغالب من قولهم عزه يعزه عزا إذا غلبه ووجب أن يوصف بالحكيم أيضا لأن الحكيم من يضع الشيء في محله فالله تعالى كذلك إلا أنه قد يخفى وجه الحكمة في بعض أفعاله فيتوهم الضعفاء أنه خارج عن الحكمة فكان في الوصف بالحكيم احتراس حسن أي وإن تغفر لهم مع استحقاقهم العذاب فلا معترض عليك لأحد في ذلك والحكمة فيما فعلته.
قيل: وقيل لا يجوز الغفور الرحيم لأن الله تعالى قطع لهم بالعذاب في قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ}.
وقيل لأنه مقام تبر فلم يذكر الصفة المقتضية استمطار العفو لهم وذكر صفة العدل في ذلك بأنه العزيز الغالب.
وقوله:
{الْحَكِيمُ} الذي يضع الأشياء مواضعها فلا يعترض عليه إن عفا عمن يستحق العقوبة.
وقيل: ليس هو على مسألة الغفران وإنما هو على معنى تسليم الأمر إلى من هو أملك لهم.
ولو قيل فإنك أنت الغفور الرحيم لأوهم الدعاء بالمغفرة ولا يسوغ الدعاء بالمغفرة لمن مات على شركه لا لنبي ولا لغيره وأما قوله {فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ} وهم عباده عذبهم أو لم يعذبهم فلأن المعنى إن تعذبهم تعذب من العادة أن تحكم عليه وذكر العبودية التي هي سبب القدرة كقول رؤبة:
يا رب إن أخطأت أو نسيت ..... فأنت لا تنسى ولا تموت
والله لا يضل ولا ينسى ولا يموت أخطأ رؤبة أو أصاب فكأنه قال إن أخطأت تجاوزت لضعفي وقوتك ونقصي وكمالك.
ونظير هذه الآية قوله تعالى في سورة براءة: {أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}
والجواب ما ذكرناه.
ومثله قوله تعالى في سورة الممتحنة: {رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}
ومثله في سورة غافر في قول السادة الملائكة: {وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}
ومنه قوله تعالى: {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ} فإن الذي يظهر في أول النظر أن الفاصلة تواب رحيم لأن الرحمة مناسبة للتوبة وخصوصا من هذا الذنب العظيم ولكن هاهنا معنى دقيق من أجله قال: {حَكِيمٌ} وهو أن ينبه على فائدة مشروعية اللعان وهى الستر عن هذه الفاحشة العظيمة وذلك من عظيم الحكم فلهذا كان حكيم بليغا في هذا المقام دون رحيم.
ومن خفي هذا الضرب قوله تعالى في سورة البقرة:
{خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}
وقوله في آل عمران: {قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} فإن المتبادر إلى الذهن في آية البقرة الختم بالقدرة وفى آية آل عمران الختم بالعلم لكن إذا أمعن النظر علم أنه يجب أن يكون ما عليه التلاوة في الآيتين .
وكذلك قوله تعالى: {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ } مع أن ظاهر الخطاب ذو عقوبة شديدة وإنما قال ذلك نفيا للاغترار بسعة رحمة الله تعالى في الاجتراء على معصيته وذلك أبلغ في التهديد ومعناه لا تغتروا بسعة رحمة الله تعالى في الاجتراء على معصيته فإنه مع ذلك لا يرد عذابه عنكم.
وقريب منه: {رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً}
وأما قوله تعالى:{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} فمناسبة الجزاء للشرط أنه لما أقدم المؤمنون وهم ثلاثمائة وبضعة عشر على قتال المشركين وهم زهاء ألف متوكلين على الله تعالى وقال المنافقون: {غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ} حتى أقدموا على ثلاثة أمثالهم عددا أو أكثرهم قال الله تعالى ردا على المنافقين وتثبيتا للمؤمنين: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} في جميع أفعاله.
وأما قوله تعالى{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً}
فإن قيل: ما وجه الختام بالحلم والمغفرة عقيب تسابيح الأشياء وتنزيهها
أجاب صاحب الفنون بثلاثة أوجه:
أحدها: إن فسرنا التسبيح على ما درج في الأشياء من العبر وأنها مسبحات بمعنى مودعات من دلائل العبر ودقائق الإنعامات والحكم ما يوجب تسبيح المعتبر المتأمل فكأنه سبحانه يقول إنه كان من كبير إغفالكم النظر في دلائل العبر مع امتلاء الأشياء بذلك وموضع العتب قوله: {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ} كذلك موضع المعتبة قوله: {وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} وقد كان ينبغي أن يعرفوا بالتأمل ما يوجب القربة لله مما أودع مخلوقاته بما يوجب تنزيهه فهذا موضع حلم وغفران عما جرى في ذلك من الإفراط والإهمال.
الثاني : إن جعلنا التسبيح حقيقة في الحيوانات بلغاتها فمعناه الأشياء كلها تسبحه وتحمده ولا عصيان في حقها وأنتم تعصون فالحلم والغفران للتقدير في الآية وهو العصيان وفي الحديث: ((لولا بهائم رتع وشيوخ ركع وأطفال رضع لصب عليكم العذاب صبا)).
الثالث: أنه سبحانه قال في أولها: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} ، أي أنه كان لتسابيح المسبحين حليما عن تفريطهم غفورا لذنوبهم ألا تراه قال في موضع آخر: {وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} وكأنها اشتملت على ثلاثة معان إما العفو عن ترك البحث المؤدي إلى الفهم لما في الأشياء من العبر وأنتم على العصيان أو يريد بها الأشياء كلها تسبحه ومنها ما يعصيه ويخالفه فيغفر عصيانهم بتسابيحهم.

تنبيه
:
قد تكون الفاصلة لا نظير لها في القرآن كقوله تعالى عقب الأمر بالغض في سورة النور:
{إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} وقوله عقب الأمر بطلب الدعاء والإجابة: {لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} وقيل فيه تعريض بليلة القدر أي لعلهم يرشدون إلى معرفتها.
وإنما يحتاجون للإرشاد إلى ما لا يعلمون فإن هذه الآية الكريمة ذكرت عقب الأمر بالصوم وتعظيم رمضان وتعليمهم الدعاء فيه وأن
أرجى أوقات الإجابة فيه ليلة القدر.
الثاني التصدير: كقوله تعالى: {لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى}
وقوله:
{فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً}
وقوله:
{خُلِقَ الأِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ}
وقوله:
{فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ}
وقوله:
{فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}
وقوله:
{وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}
وقوله:
{وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ} فجعل لفاصلة: {يَزِرُونَ} لجناس: {أَوْزَارَهُمْ} وإنما قال: {عَلَى ظُهُورِهِمْ} ولم يقل على رءوسهم لأن الظهر أقوى للحمل فأشار إلى ثقل الأوزار.
وقوله:
{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً}
وقوله:
{وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ}
وقوله:
{أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً}
وقوله:
{رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}
الثالث: التوشيح: ويسمى به لكون نفس الكلام يدل على آخره نزل المعنى منزلة الوشاح ونزل أول الكلام وآخره منزلة العاتق والكشح اللذين يجول عليهما الوشاح ولهذا قيل فيه إن الفاصلة تعلم قبل ذكرها.
وسماه ابن وكيع المطمع لأن صدره مطمع في عجزه كقوله تعالى:
{ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}
وقوله:
{إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} فإن معنى اصطفاء المذكورين يعلم منه الفاصلة إذ المذكورون نوع من جنس العالمين.
وقوله:
{وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ} فإنه من كان حافظا لهذه السورة متيقظا إلى أن مقاطع فواصلها النون المردفة وسمع في صدر هذه الآية: {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ} علم أن الفاصلة مظلمون فإن من انسلخ النهار عن ليلة أظلم ما دامت تلك الحال.
وقوله
{يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} فإن قوله: {لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ} يدل على التقسيم.
وقوله:
{أَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}
وقوله:
{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
الرابع الإيغال: وسمى به لأن المتكلم قد تجاوز المعنى الذي هو آخذ فيه وبلغ إلى زيادة على الحد يقال أوغل في الأرض الفلانية إذا بلغ منتهاها فهكذا المتكلم إذا تم معناه ثم تعداه بزيادة فيه فقد أوغل كقوله تعالى أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون فإن الكلام تم بقوله: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً} ثم احتاج إلى فاصلة تناسب القرينة الأولى فلما أتى بها أفاد معنى زائدا.
وكقوله تعالى:
{وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ} فإن المعنى قد تم بقوله: {وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ} ثم أراد أن يعلم تمام الكلام بالفاصلة فقال: {إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ}
فإن قيل: ما معنى:
{مُدْبِرِينَ} وقد أغنى عنها: {وَلَّوْا} قلت لا يغني عنها: {وَلَّوْا} فإن التولي قد يكون بجانب دون جانب بدليل قوله: {أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ} وإن كان ذكر الجانب هنا مجازا ولا شك أنه سبحانه لما أخبر عنهم أنهم صم لا يسمعون أراد تتميم المعنى بذكر توليهم في حال الخطاب لينفى عنهم الفهم الذي يحصل من الإشارة فإن الأصم يفهم بالإشارة ما يفهم السميع بالعبارة ثم إن التولي قد يكون بجانب مع لحاظه بالجانب الآخر فيحصل له إدراك بعض الإشارة فجعل الفاصلة: {مُدْبِرِينَ} ليعلم أن التولي كان بجميع الجوانب بحيث صار ما كان مستقبلا مستدبرا فاحتجب المخاطب عن المخاطب، أو صار من ورائه فخفيت عن عينه الإشارة كما صم أذناه عن العبارة فحصلت المبالغة من عدم الإسماع بالكلية وهذا الكلام وإن بولغ فيه بنفي الإسماع البتة فهو من إيغال الاحتياط الذي أدمجت فيه المبالغة في نفي الإسماع.
وقد يأتي الاحتياط في غير المقاطع من مجموع جمل متفرقة في ضروب من الكلام شتى يحملها معنى واحد كقوله تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} الآية.
وقوله:
{فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ}
وقوله فأتوا بعشر سور مثله كما يقول الرجل لمن يجحد ما يستحق علي درهما ولا دانقا ولا حبة ولا كثيرا ولا قليلا ولو قال ما يستحق علي شيئا لأغنى في الظاهر لكن التفصيل أدل على الاحتياط وعلى شدة الاستبعاد في الإنكار.
ومنه قوله تعالى:
{اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ} فإن المعنى تم بقوله: {أَجْراً} ثم زاد الفاصلة لمناسبة رءوس الآي فأوغل بها كما ترى حتى أتى بها تفيد معنى زائدا على معنى الكلام). [البرهان في علوم القرآن:؟؟]

التمكين والتصدير والتوشيح والإيغال
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (فصل
قال ابن أبي الإصبع لا تخرج فواصل القرآن عن أحد أربعة أشياء التمكين والتصدير والتوشيح والإيغال
فالتمكين: ويسمى ائتلاف القافية أن يمهد الناثر للقرينة أو الشاعر للقافية تمهيدا تأتي به القافية أو القرينة متمكنة في مكانها مستقرة في قرارها مطمئنة في موضعها غير نافرة ولا قلقة متعلقا معناها بمعنى الكلام كله تعلقا تاما بحيث لو طرحت لاختل المعنى واضطرب الفهم وبحيث لو سكت عنها كمله السامع بطبعه
ومن أمثلة ذلك: {يا شعيب أصلواتك تأمرك أن نترك} الآية فإنه لما تقدم في الآية ذكر العبادة وتلاه ذكر التصرف في الأموال اقتضى ذلك ذكر الحلم والرشد على الترتيب لأن الحلم يناسب العبادات والرشد يناسب الأموال
وقوله: {أو لم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون أو لم يروا أنا نسوق الماء} إلى قوله: {أفلا يبصرون} فأتى في الآية الأولى بـ {يهد لهم}
وختمها بـ{يسمعون} لأنه الموعظة فيها مسموعة وهي أخبار القرون وفي الثانية بـ{يروا} وختمها بـ{يبصرون} لأنها مرئية
وقوله: {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير} فإن اللطف يناسب ما لا يدرك بالبصر والخبر يناسب ما يدركه
وقوله: {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين} إلى قوله: {فتبارك الله أحسن الخالقين} فإن في هذه الفاصلة التمكين التام المناسب لما قبلها.
وقد بادر بعض الصحابة حين نزل أول الآية إلى ختمها بها قبل أن يسمع آخرها فأخرج ابن أبي حاتم من طريق الشعبي عن زيد بن ثابت قال: أملى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين} إلى قوله: {خلقا آخر} قال معاذ بن جبل: فتبارك الله أحسن الخالقين فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له معاذ: مم ضحكت يا رسول الله؟ قال: ((بها ختمت))
وحكي أن أعرابيا سمع قارئا يقرأ: (فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله غفور رحيم) ولم يكن يقرأ القرآن فقال إن كان هذا كلام الله فلا يقول كذا، ومر بهما رجل؛ فقال: كيف تقرأ هذه الآية؟
فقال الرجل: {فاعلموا أن الله عزيز حكيم}
فقال: هكذا ينبغي، الحكيم لا يذكر الغفران عند الزلل لأنه إغراء عليه.


تنبيهات
الأول قد تجتمع فواصل في موضع واحد ويخالف بينها كأوائل النحل فإنه تعالى بدأ يذكر الأفلاك قال: {خلق السموات والأرض بالحق} ثم ذكر خلق الإنسان من نطفة ثم خلق الأنعام ثم عجائب النبات فقال: {هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون} فجعل مقطع هذه الآية التفكر لأنه استدلال بحدوث الأنواع المختلفة من النبات على وجود الإله القادر المختار ولما كان هنا مظنة سؤال وهو أنه لم لا يجوز أن يكون المؤثر فيه طبائع الفصول وحركات الشمس والقمر وكان الدليل لا يتم إلا بالجواب عن هذا السؤال كان مجال التفكر والنظر والتأمل باقيا.
فأجاب تعالى عنه عن وجهين:
أحدهما: أن تغيرات العالم السفلى مربوطة بأحوال حركات الأفلاك فتلك الحركات كيف حصلت فإن كان حصولها بسبب أفلاك أخرى لزم التسلسل وإن كان من الخالق الحكيم فذاك إقرار بوجود الإله تعالى وهذا هو المراد بقوله: {وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون} فجعل مقطع هذه الآية العقل وكأنه قيل إن كنت عاقلا فاعلم أن التسلسل باطل فوجب انتهاء الحركات إلى حركة يكون موجدها غير متحرك وهو الإله القادر المختار
والثاني: أن نسبة الكواكب والطبائع إلى أجزاء الورقة الواحدة والحبة الواحدة واحدة ثم إنا نرى الورقة الواحدة من الورد أحد وجهيها في غاية الحمرة والآخر في غاية السواد فلو كان المؤثر بالذات موجبا لامتنع حصول هذا التفاوت في الآثار فعلمنا أن المؤثر قادر مختار وهذا هو المراد من قوله: {وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه إن في ذلك لآية لقوم يذكرون} كأنه قيل اذكر ما ترسخ في عقلك أن الواجب بالذات والطبع لا يختلف تأثيره فإذا نظرت حصول هذا الاختلاف علمت أن المؤثر ليس هو الطبائع بل الفاعل المختار فلهذا جعل مقطع الآية التذكر.
ومن ذلك قوله تعالى: {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم} الآيات فإن الأولى ختمت بقوله: {لعلكم تعقلون} والثانية بقوله: {لعلكم تذكرون} والثالثة بقوله: {لعلكم تتقون} لأن الوصايا التي في الآية:
الأولى: إنما يحمل على تركها عدم العقل الغالب
على الهوى لأن الإشراك بالله لعدم استكمال العقل الدال على توحيده وعظمته
وكذلك عقوق الوالدين لا يقتضيه العقل لسبق إحسانهما إلى الولد بكل طريق
وكذلك قتل الأولاد بالوأد من الإملاق مع وجود الرازق الحي الكريم
وكذلك إتيان الفواحش لا يقتضيه عقل وكذا قتل النفس لغيظ أو غضب في القاتل فحسن بعد ذلك تعقلون
وأما الثانية: فلتعلقها بالحقوق المالية والقولية فإن من علم أن له أيتاما يخلفهم من بعده لا يليق به أن يعامل أيتام غيره إلا بما يحب أن يعامل به أيتامه.
ومن يكيل أو يزن أو يشهد لغيره لو كان ذلك الأمر له لم يحب أن يكون فيه خيانة ولا بخس وكذا من وعد لو وعد لم يحب أن يخلف ومن أحب ذلك عامل الناس به ليعاملوه بمثله فترك ذلك إنما يكون لغفلة عن تدبر ذلك وتأمله فلذلك ناسب الختم بقوله: {لعلكم تذكرون}.
وأما الثالثة: فلأن ترك اتباع شرائع الله الدينية مؤد إلى غضبه وإلى عقابه فحسن: {لعلكم تتقون} أي عقاب الله بسببه
ومن ذلك قوله في الأنعام أيضا: {وهو الذي جعل لكم النجوم} الآيات
فإنه ختم الأولى بقوله: {لقوم يعلمون}
والثانية بقوله: {لقوم يفقهون}
والثالثة بقوله: {يؤمنون} وذلك لأن حساب النجوم
والاهتداء بها يختص بالعلماء بذلك فناسب ختمه بـ{يعلمون} وإنشاء الخلائق من نفس واحدة ونقلهم من صلب إلى رحم ثم إلى الدنيا ثم إلى حياة وموت والنظر في ذلك والفكر فيه أدق فناسب ختمه بـ{يفقهون} لأن الفقه فهم الأشياء الدقيقة ولما ذكر ما أنعم به على عباده من سعة الأرزاق والأقوات والثمار وأنواع ذلك ناسب ختمه بالإيمان الداعي إلى شكره تعالى على نعمه
ومن ذلك قوله تعالى: {وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون} حيث ختم الأولى بـ{تؤمنون} والثانية بـ{تذكرون} ووجهه أن مخالفة القرآن لنظم الشعر ظاهرة واضحة لا تخفى على أحد فقول من قال شعر كفر وعناد محض فناسب ختمه بقوله: {قليلا ما تؤمنون} وأما مخالفته لنظم الكهان وألفاظ السجع فتحتاج إل تذكر وتدبر لأن كلا منهما نثر فليست مخالفته له في وضوحها لكل أحد كمخالفته الشعر وإنما تظهر بتدبر ما في القرآن من الفصاحة والبلاغة والبدائع والمعاني الأنيقة فحسن ختمه بقوله: {قليلا ما تذكرون}
ومن بديع هذا النوع اختلاف الفاصلتين في موضعين والمحدث عنه واحد لنكتة لطيفة كقوله تعالى في سورة إبراهيم: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار} ثم قال في سورة النحل: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم} قال ابن المنير كأنه يقول إذا حصلت النعم الكثيرة فأنت آخذها وأنا معطيها فحصل لك عند أخذها وصفان كونك ظلوما وكونك كفارا يعني لعدم وفائك بشكرها
ولي عند إعطائها وصفان وهما إني غفور رحيم أقابل ظلمك بغفراني وكفرك برحمتي فلا أقابل تقصيرك إلا بالتوقير ولا أجازي جفاك إلا بالوفاء.
وقال غيره إنما خص سورة إبراهيم بوصف المنعم عليه وسورة النحل بوصف المنعم لأنه في سورة إبراهيم في مساق وصف الإنسان وفي سورة النحل في مساق صفات الله وإثبات لألوهيته
ونظيره قوله تعالى في سورة الجاثية: {من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ثم إلى ربكم ترجعون} وفي فصلت ختم بقوله: {وما ربك بظلام للعبيد} ونكتة ذلك أن قبل الآية الأولى {قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ليجزي قوما بما كانوا يكسبون} فناسب الختام بفاصلة البعث لأن قبله وصفهم بإنكاره وأما الثانية فالختام فيها مناسب لأنه لا يضيع عملا صالحا ولا يزيد على من عمل سيئا
وقال في سورة النساء: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما} ثم أعادها وختم بقوله: {ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا} ونكتة ذلك أن:
الأولى نزلت في اليهود وهم الذين افتروا على الله ما ليس في كتابه
والثانية
نزلت في المشركين ولا كتاب لهم وضلالهم أشد

ونظيره قوله في المائدة: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} ثم أعادها فقال: {فأولئك هم الظالمون} ثم قال في الثالثة: {فأولئك هم الفاسقون} ونكتته أن الأولى نزلت في أحكام المسلمين والثانية في اليهود والثالثة في النصارى
وقيل الأولى فيمن جحد ما أنزل الله والثانية فيمن خالفه مع علمه ولم ينكره والثالثة فيمن خالفه جاهلا
وقيل الكافر والظالم والفاسق كلها بمعنى واحد وهو الكفر عبر عنه بألفاظ مختلفة لزيادة الفائدة واجتناب صورة التكرار
وعكس هذا اتفاق الفاصلتين والمحدث عنه مختلف كقوله في سورة النور: {يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم} إلى قوله: {كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم} ثم قال: {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم} ). [الإتقان في علوم القرآن: 5/؟؟]
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (وأما التصدير فهو أن تكون تلك اللفظة بعينها تقدمت في أول الآية وتسمى أيضا رد العجز على الصدر
وقال ابن المعتز هو ثلاثة أقسام
الأول: أن يوافق آخر الفاصلة آخر كلمة في الصدر نحو: {أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا}
والثاني: أن يوافق أول كلمة منه نحو: {وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب} {قال إني لعملكم من القالين}
الثالث: أن يوافق بعض كلماته نحو: {ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون} {انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا} {قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا} إلى قوله: {وقد خاب من افترى} {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا}.

وأما التوشيح فهو أن يكون في أول الكلام ما يستلزم القافية
والفرق بينه وبين التصدير: أن هذا دلالته معنوية وذاك لفظية كقوله تعالى: {إن الله اصطفى آدم} الآية فإن اصطفى لا يدل على أن الفاصلة العالمين باللفظ لأن لفظ العالمين غير لفظ اصطفى ولكن بالمعنى لأنه يعلم أن من لوازم اصطفاء شيء أن يكون مختارا على جنسه وجنس هؤلاء المصطفين العالمون
وكقوله: {وآية لهم الليل نسلخ} الآية
قال ابن أبي الإصبع فإن من كان حافظا لهذه السورة متفطنا إلى أن مقاطع آيها النون المردفة وسمع في صدر الآية انسلاخ النهار من الليل علم أن الفاصلة مظلمون لأن من انسلخ النهار عن ليله أظلم أي دخل في الظلمة ولذلك سمى توشيحا لأن الكلام لما دل أوله على آخره نزل المعنى منزلة الوشاح ونزل أول الكلام وآخره منزلة العاتق والكشح اللذين يحوط عليها الوشاح
وأما الإيغال فتقدم في نوع الإطناب). [الإتقان في علوم القرآن: 5/؟؟]




رد مع اقتباس
  #9  
قديم 16 شوال 1434هـ/22-08-2013م, 06:32 PM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي

الإيطاء والتضمين

قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (قيل: وقد يقع في القرآن الإيطاء: وهو ليس بقبيح فيه إنما يقبح في الشعر كقوله تعالى في سورة البقرة: {كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ} ثم قال في آخرين: {لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} ثلاث فواصل متوالية يعلمون يعلمون يعلمون فهذا لا يقبح في القرآن قولا واحدا.
قيل:
ويقع فيه التضمين: وليس بقبيح إنما يقبح في الشعر ومنه سورتا الفيل وقريش فإن اللام في: {لإِيلافِ قُرَيْشٍ} قيل إنها متعلقة {فَجَعَلَهُمْ} في آخر الفيل). [البرهان في علوم القرآن:؟؟]
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت:911هـ): (السابع: كثر في الفواصل التضمين والإيطاء لأنهما ليسا بعيبين في النثر وإن كانا عيبين في النظم.
فالتضمين: أن يكون ما بعد الفاصلة متعلقا بها كقوله تعالى: {وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل}
والإيطاء: تكرر الفاصلة بلفظها كقوله تعالى في الإسراء: {هل كنت إلا بشرا رسولا} وختم بذلك الآيتين بعدها).
[الإتقان في علوم القرآن: 5/؟؟]


رد مع اقتباس
  #10  
قديم 16 شوال 1434هـ/22-08-2013م, 06:32 PM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي

التشريع والالتزام
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (فصل: بقي نوعان بديعيان متعلقان بالفواصل
أحدهما: التشريع سماه ابن أبي الأصبع التوأم وأصله أن يبني الشاعر بيته على وزنين من أوزان العروض فإذا أسقط منها جزءا أو جزأين صار الباقي بيتا من وزن آخر ثم زعم قوم اختصاصه به.
وقال آخرون بل يكون في النثر بأن يبنى على سجعتين لو اقتصر على الأولى منهما كان الكلام تاما مفيدا
وإن ألحقت به السجعة الثانية كان في التمام والإفادة على حاله مع زيادة معنى ما زاد من اللفظ
قال ابن أبي الإصبع وقد جاء من هذا الباب معظم سورة الرحمن فإن آياتها لو اقتصر فيها على أولى الفاصلتين دون {فبأي آلاء ربكما تكذبان} لكان تاما مفيدا وقد كمل بالثانية فأفاد معنى زائدا من التقرير والتوبيخ.
قلت: التمثيل غير مطابق، والأولى أن يمثل بالآيات التي في إثباتها ما يصلح أن تكون فاصلة كقوله: {لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما} وأشباه ذلك.
الثاني: الالتزام ويسمى لزوم ما لا يلزم وهو أن يلتزم في الشعر أو النثر حرف أو حرفان فصاعدا قبل الروي بشرط عدم الكلفة
مثال التزام حرف: {فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر} التزم الهاء قبل الراء ومثله: {ألم نشرح لك صدرك} الآيات التزم فيها الراء قبل الكاف {فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس} التزم فيها النون المشددة قبل السين {والليل وما وسق والقمر إذا اتسق}
ومثال التزام حرفين: {والطور وكتاب مسطور} {ما أنت بنعمة ربك بمجنون وإن لك لأجرا غير ممنون} {بلغت التراقي وقيل من راق وظن أنه الفراق}
ومثال التزام ثلاثة أحرف: {تذكروا فإذا هم مبصرون وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون} ). [الإتقان في علوم القرآن: 5/؟؟]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:04 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة