العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير جزء عم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 جمادى الآخرة 1434هـ/22-04-2013م, 09:39 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي تفسير سورة النبأ [ من الآية (31) إلى الآية (40) ]

{إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32) وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (33) وَكَأْسًا دِهَاقًا (34) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا (35) جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا (36) رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا (37) يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا (38) ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآَبًا (39) إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا (40)}

روابط مهمة :
- القراءات
- توجيه القراءات
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21 جمادى الآخرة 1434هـ/1-05-2013م, 10:06 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله: {إن للمتقين مفازا}؛ قال: مفازا من النار إلى الجنة). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 343]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يَقُولُ: {إنَّ للمُتَّقِينَ}؛ مَنْجًى مِن النارِ إلى الجنَّةِ، ومُخَلِّصاً مِنها لهم إِلَيْها، وظَفَراً بما طَلَبُوا.
وبنحوِ الذي قُلْنا في ذلك قالَ أهلُ التأوِيلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عمرٍو قالَ: ثَنَا أبو عاصِمٍ قالَ: ثَنَا عِيسَى، وحَدَّثَنِي الحارِثُ قالَ: ثَنَا الحسَنُ قالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَمِيعاً عن ابنِ أَبي نَجِيحٍ، عنْ مُجاهِدٍ: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً}، قالَ: فَازُوا بأَنَّ نَجَوْا مِن النارِ.
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ قالَ: ثَنَا يَزِيدُ قالَ: ثَنَا سعيدٌ، عَن قَتَادَةَ {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً}: إي واللَّهِ مَفَازاً مِن النارِ إلى الجنَّةِ، ومِنْ عذابِ اللَّهِ إلى رَحْمَتِهِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأَعْلَى قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عنْ مَعْمَرٍ، عنْ قَتَادَةَ، في قوْلِهِ: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً}، قالَ: مَفَازاً مِن النارِ إلى الجنَّةِ.
- حَدَّثَنِي عليٌّ قالَ: ثَنَا أبو صالِحٍ قالَ: ثَنِي مُعاويَةُ، عنْ عليٍّ، عن ابنِ عَبَّاسٍ، قولُهُ: {إنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً}؛ يَقُولُ: مُتَنَزَّهاً). [جامع البيان: 24/ 37]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: {إن للمتقين مفازا}؛ يقول: فازوا بأن نجوا من النار). [تفسير مجاهد: 2/ 721-722]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قَوْلُه تعالَى: {إِنَّ للمُتَّقِينَ مَفَازاً}؛ الآياتِ.
- أخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ, عَنْ مُجَاهِدٍ في قَوْلِهِ: {إِنَّ للمُتَّقِينَ مَفَازاً}؛ قَالَ: فَازُوا بأَنْ نَجَوْا مِنَ النَّارِ.
- وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ, عَنْ قَتَادَةَ في قَوْلِهِ: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً}؛ قَالَ: مَفَازاً مِنَ النَّارِ إلى الجَنَّةِ). [الدر المنثور: 15/ 207]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ والبَيْهَقِيُّ في البَعْثِ, عنِ ابنِ عَبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً}؛ قَالَ: مُتَنَزَّهًا). [الدر المنثور: 15/ 207] (م)

تفسير قوله تعالى: {حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32)}
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {إنّ للمتّقين مفازًا (31) حدائق وأعنابًا}
- أخبرنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا عبد الله بن وهبٍ، حدّثنا اللّيث، وأخبرنا وهب بن بيانٍ، حدّثنا ابن وهبٍ، حدّثنا ليث بن سعدٍ، عن جعفر بن ربيعة، عن عبد الرّحمن الأعرج، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال:
«لا يقل أحدكم: الكرم، فإنّما الكرم الرّجل المسلم، ولكن قولوا: {حدائق الأعناب}». اللّفظ ليونس ووهبٍ مثله). [السنن الكبرى للنسائي: 10/ 323]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {حَدَائِقَ}؛ والحَدائِقُ: تَرْجَمَةٌ وبيانٌ عن المَفَازِ، وجازَ أنْ يُتَرْجَمَ بِهَا عنهُ؛ لأنَّ المَفَازَ مَصْدَرٌ مِنْ قوْلِ القائِلِ: فازَ فُلانٌ بهذا الشيْءِ، إذا طَلَبَهُ فَظَفِرَ بهِ، فكأنَّهُ قِيلَ: إنَّ للمُتَّقِينَ ظَفَراً بما طَلَبُوا مِنْ حدائِقَ وأعنابٍ. والحدائِقُ: جَمْعُ حَدِيقَةٍ، وهيَ البسَاتِينُ مِن النخْلِ والأعنابِ والأشجارِ المُحَوَّطِ عليها الحِيطَانُ المُحْدِقَةُ بها؛ ولإِحْدَاقِ الحِيطانِ بها تُسَمَّى الحديقةُ حَدِيقَةً، فإنْ لم تَكُن الحِيطانُ بها مُحْدِقَةً لمْ يُقَلْ لها حَدِيقَةٌ، وإِحْدَاقُها بها: اشْتِمَالُها عليها.
وقولُهُ: {وَأَعْنَاباً}، يعنِي: وكُرومَ أَعْنَابٍ، واسْتَغْنِيَ بِذِكْرِ الأعنابِ عنْ ذِكْرِ الكُرُومِ). [جامع البيان: 24/ 38]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ الطَّسْتِيُّ, عن ابنِ عَبَّاسٍ, أَنَّ نَافِعَ بنَ الأَزْرَقِ قَالَ له: أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِه: {حَدَائِقَ وأَعْنَاباً}؛ قَالَ: الحَدَائِقُ: البَسَاتِينُ. قَالَ: وهَلْ تَعْرِفُ العَرَبُ ذلك؟ قَالَ: نَعَمْ, أمَا سَمِعْتَ الشَّاعِرَ يقولُ:
بِلادٌ سَقَاهَا اللَّهُ أَمَّا سُهُولُهَا ....... فقَضْبٌ ودُرٌّ مُغْدِقٌ وحَدَائِقُ).
[الدر المنثور: 15/ 207-208] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (33)}
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني مسلمة أيضا عن زيد بن واقد، عن القاسم بن مخيمرة في قول الله: {وكواعب أترابا}، قال: الأتراب المستويات). [الجامع في علوم القرآن: 1/ 110]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: {كواعب أترابا}؛ يقول: نواهد أترابا يقول سنا واحدا). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 343]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً}، يَقُولُ: ونَوَاهِدَ في سِنٍّ واحِدَةٍ.
وبنحوِ الذي قُلْنَا في ذلك قالَ أهلُ التأوِيلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنِي عليٌّ قالَ: ثَنَا أبو صالِحٍ قالَ: ثَنِي معاويَةُ، عنْ علِيٍّ، عن ابنِ عَبَّاسٍ، قولُهُ: {وَكَوَاعِبَ}، يَقُولُ: وَنَوَاهِدَ. وقولُهُ: {أَتْرَاباً}، يَقُولُ: مُسْتَوِيَاتٍ.
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ قالَ: ثَنِي أبي قالَ: ثَنِي عمِّي قالَ: ثَنِي أبِي، عنْ أبِيهِ، عن ابنِ عَبَّاسٍ قولُهُ: {وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً}؛ يعنِي: النِّسَاءَ المُسْتَوِياتِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأعلَى قالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عنْ مَعْمَرٍ، عنْ قَتَادَةَ. في قوْلِهِ: {وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً}، قالَ: نَوَاهِدَ أَتْرَاباً، يَقُولُ: سِنٌّ واحِدَةٌ.
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ قالَ: ثَنَا يَزِيدُ قالَ: ثَنَا سَعيدٌ، عنْ قَتَادَةَ، ثمَّ وَصفَ ما في الجنَّةِ قالَ: {حَدَائِقَ وَأَعْنَاباً وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً}، يعنِي بذلكَ النِّساءَ، أتْرَاباً: لِسِنٍّ واحِدَةٍ.
- حَدَّثَنِي عبَّاسُ بنُ مُحَمَّدٍ قالَ: ثَنَا حَجَّاجٌ، عن ابنِ جُرَيْجٍ قالَ: الكواعِبُ النَّوَاهِدُ.
- حَدَّثَنِي يُونُسُ قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ قالَ: قالَ ابنُ زَيْدٍ، في قوْلِهِ: {وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً}، قالَ: الكَوَاعِبُ التي قدْ نَهَدَتْ وكَعَبَ ثَدْيُها، وقالَ: أَتْرَاباً: مُسْتَوِياتٍ، فُلانَةٌ تَرِبَةُ فُلانَةٍ، قالَ: الأترابُ اللِّدَاتُ.
- حَدَّثَنَا نَصْرُ بنُ عَلِيٍّ قالَ: ثَنَا يَحْيَى بنُ سُلَيْمانَ، عن ابْنِ جُرَيْجٍ، عنْ مُجَاهِدٍ: {وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً}: لِدَاتٍ). [جامع البيان: 24/ 38-39]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: {دِهَاقًا}؛ مُمتَلِئًا، {كَوَاعِبَ} نَوَاهِدَ ثَبَتَ هَذَا للنَّسَفِيِّ وحدَه، وقد تقدَّمَ في بَدْءِ الخَلقِ). [فتح الباري: 8/ 689]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ والبَيْهَقِيُّ في البَعْثِ, عنِ ابنِ عَبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً}؛ قَالَ: مُتَنَزَّهًا، {وكَوَاعِبَ}؛ قَالَ: نَوَاهِدَ، {أَتْرَاباً}ّ؛ قَالَ: مُسْتَوِياتٍ). [الدر المنثور: 15/ 207] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ, عَنِ الضَّحَّاكِ في قَوْلِهِ: {وَكَوَاعِبَ}؛ قَالَ: العَذَارَى.
- وأخْرَجَ ابنُ أَبِي شَيْبَةَ وابنُ جَرِيرٍ, عَنْ مُجَاهِدٍ في قَوْلِهِ: {وَكَوَاعِبَ}. قَالَ: نَوَاهِدَ). [الدر المنثور: 15/ 208]

تفسير قوله تعالى: {وَكَأْسًا دِهَاقًا (34)}
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني سليمان بن بلالٍ، عن جعفر بن محمّدٍ، عن عمرو بن دينارٍ قال: سمعت ابن عبّاسٍ وسئل عن: {كأساً دهاقاً}، فقال ابن عبّاسٍ: دراكًا). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 102]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: {كأسا دهاقا}؛ قال: الممتلئة.
قال معمر، وقال سعيد بن جبير: المتتابعة). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 343]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عز وجل: {وكأساً دهاقاً}؛ قال: وِسَاعًا.
قال مسلمٌ: فسألت عمرو بن عبيدٍ قال: كان الحسن يقول: هي الملأى المترعة). [جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 66]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قوله عز وجل: {وكأساً دهاقاً}؛ قال: الدّهاق: الممتلئ). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 98]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {وَكَأْساً دِهَاقاً}، يَقُولُ: وكأساً مَلأَى مُتَتَابِعَةً على شَارِبِيها بكثرةٍ وامتلاءٍ. وأصلُهُ مِن الدَّهْقِ: وهوَ مُتابَعَةُ الضغْطِ على الإنسانِ بشِدَّةٍ وعُنْفٍ، وكذلكَ الكَأْسُ الدِّهاقُ: مُتَابَعَتُها على شارِبِيها بكثرةٍ وامتلاءٍ.
وبنحوِ الذي قُلْنَا في ذلك قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ قالَ: ثَنَا مَرْوَانُ قالَ: ثَنَا أبو يَزِيدَ يَحْيَى بنُ مَيْسَرَةَ، عنْ مسلمِ بنِ نِسْطَاسٍ قالَ: قالَ ابنُ عَبَّاسٍ لغُلامِهِ: اسْقِنِي دِهَاقاً. قالَ: فجاءَ بها الغلامُ مَلأَى، فقالَ ابنُ عَبَّاسٍ: هذا الدِّهاقُ.
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ المُحَارِبِيُّ قالَ: ثَنَا موسَى بنُ عُمَيْرٍ، عنْ أبي صالِحٍ، عن ابنِ عَبَّاسٍ في قولِهِ: {كَأْساً دِهَاقاً}، قالَ: مَلأَى.
- حَدَّثَنِي يُونُسُ قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ قالَ: قالَ ابنُ زَيْدٍ: أخبَرنِي سليمانُ بنُ بِلالٍ، عنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عنْ عمرِو بنِ دِينارٍ قالَ: سَمِعْتُ ابنَ عَبَّاسٍ يُسْأَلُ عنْ {كَأْساً دِهَاقاً}، قالَ: دِرَاكاً. قالَ يُونُسُ: قالَ ابنُ وَهْبٍ: الذي يَتْبَعُ بَعْضُهُ بَعْضاً.
- حَدَّثَنِي عليٌّ قالَ: ثَنَا أبو صالِحٍ قالَ: ثنِي معاويَةُ، عنْ عليٍّ، عن ابنِ عَبَّاسٍ: قولُهُ: {وَكَأْساً دِهَاقاً}، يَقُولُ: مُمْتَلِئاً.
- حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قالَ: ثَنَا ابنُ عُلَيَّةَ قالَ: ثَنَا حُمَيْدٌ الطَّويلُ، عنْ ثابِتٍ البُنَانِيِّ، عنْ أبي رَافِعٍ، عنْ أبي هُرَيْرَةَ، في قوْلِهِ: {وَكَأْساً دِهَاقاً}، قالَ: دَمادِمَ.
قالَ: ثَنَا ابنُ عُلَيَّةَ قالَ: ثَنَا أبو رَجَاءٍ، عن الحَسَنِ، في قوْلِهِ: {وَكَأْساً دِهَاقاً}، قالَ: مَلأَى.
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عمرٍو قالَ: ثَنَا ابنُ أبي عَدِيٍّ، عنْ يُونُسَ، عن الحسَنِ: {وَكَأْساً دِهَاقاً}؛ قالَ: المَلأَى.
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ قالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عنْ منصورٍ، عنْ مُجاهِدٍ: {وَكَأْساً دِهَاقاً}، قالَ: مَلأَى.
- حَدَّثَنَا ابنُ المُثَنَّى قالَ: ثَنَا ابنُ أَبِي عَدِيٍّ قالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عنْ مَنْصُورٍ، عنْ مُجاهِدٍ، مِثْلَهُ.
- حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قالَ: ثَنَا ابنُ عُلَيَّةَ، عنْ سعيدِ بن أبي عَرُوبَةَ، عنْ قَتَادَةَ، في قوْلِهِ: {وَكَأْساً دِهَاقاً}، قالَ: مُتْرَعَةً مَلأَى.
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ قالَ: ثَنَا يَزِيدُ قالَ: ثَنَا سعيدٌ، عنْ قَتَادَةَ: {وَكَأْساً دِهَاقاً}، قالَ: الدِّهاقُ: المَلأَى المُتْرَعَةُ.
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأعلَى قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عنْ مَعْمَرٍ، عنْ قَتَادَةَ، في قوْلِهِ: {وَكَأْساً دِهَاقاً}، قالَ: الدِّهَاقُ: المُمْتَلِئَةُ.
- حَدَّثَنِي يُونُسُ قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ قالَ: قالَ ابنُ زَيْدٍ، في قوْلِهِ: {وَكَأْساً دِهَاقاً}، قالَ: الدِّهاقُ المَمْلُوءَةُ.
وقالَ آخَرُونَ: الدِّهَاقُ الصَّافِيَةُ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الأَزْدِيُّ وعبَّاسُ بنُ مُحَمَّدٍ، قالا: ثَنَا حَجَّاجٌ، عن ابنِ جُرَيْجٍ قالَ: ثَنَا عُمَرُ بنُ عَطَاءٍ، عنْ عِكْرِمَةَ، في قوْلِهِ: {وَكَأْساً دِهَاقاً}، قالَ: صَافِيَةً.
وقالَ آخرُونَ: بلْ هيَ المُتَتَابِعَةُ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنَا ابنُ عبْدِ الأعلَى قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عنْ مَعْمَرٍ قالَ: قالَ سعيدُ بنُ جُبَيْرٍ في قوْلِهِ: {وَكَأْساً دِهَاقاً}، دِهَاقاً: المُتَتَابِعَةُ.
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عمرٍو قالَ: ثَنَا أبو عاصِمٍ قالَ: ثَنَا عيسَى. وحَدَّثَنِي الحارِثُ قالَ: ثَنَا الحسَنُ قالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَميعاً عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عنْ مُجاهِدٍ: قولُهُ: {وَكَأْساً دِهَاقاً}، قالَ: المُتَتَابِعُ.
- حَدَّثَنَا عمرُو بنُ عبدِ الحمِيدِ قالَ: ثَنَا جَرِيرٌ، عنْ حُصَيْنٍ، عنْ عِكْرِمَةَ، عن ابنِ عَبَّاسٍ، في قوْلِهِ: {وَكَأْساً دِهَاقاً}، قالَ: المَلأَى المُتَتَابِعَةُ.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ قالَ: ثَنَا جَرِيرٌ، عنْ مَنْصُورٍ، عنْ مُجاهِدٍ، في قوْلِهِ: {وَكَأْساً دِهَاقاً}، قالَ: المُتَتَابِعَةُ). [جامع البيان: 24/ 39-42]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا شيبان، عن جابر، عن مجاهد: {وكأسا}؛ قال: الكأس كل شيء يشرب فيه الخمر). [تفسير مجاهد: 722]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم: قال ثنا ورقاء: عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: {دهاقا}؛ قال: يعني الملأى المتتابعة).[تفسير مجاهد: 722]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا يحيى بن منصورٍ القاضي، ثنا أبو عبد اللّه البوشنجيّ، ثنا أبو عبد اللّه أحمد بن حنبلٍ، ثنا هشيمٌ، أنبأ حصينٌ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، في قوله عزّ وجلّ: {كأسًا دهاقًا}؛ قال: «هي المتتابعة الممتلئة.» قال: وربّما سمعت العبّاس يقول: اسقنا وادهق لنا «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/ 556]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ) عكرمة - رحمه الله-: في قوله تعالى: {وكأساً دهاقاً}؛ قال: ملأى متتابعة قال: وقال ابن عباس: سمعت أبي في الجاهلية يقول: اسقنا كأساً دهاقاً. أخرجه البخاري). [جامع الأصول: 2/ 422-423]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: {دِهَاقًا}؛ مُمتَلِئًا، {كَوَاعِبَ} نَوَاهِدَ ثَبَتَ هَذَا للنَّسَفِيِّ وحدَه، وقد تقدَّمَ في بَدْءِ الخَلقِ). [فتح الباري: 8/ 689] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ والبَيْهَقِيُّ في البَعْثِ, عنِ ابنِ عَبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً}؛ قَالَ: مُتَنَزَّهًا، {وكَوَاعِبَ}؛ قَالَ: نَوَاهِدَ، {أَتْرَاباً}؛ قَالَ: مُسْتَوِياتٍ، {وكَأْساً دِهَاقاً}؛ قَالَ: مُمْتَلِئاً). [الدر المنثور: 15/ 207]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ الطَّسْتِيُّ، عن ابنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ نَافِعَ بنَ الأَزْرَقِ قَالَ له: أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِه: {حَدَائِقَ وأَعْنَاباً}؛ قَالَ: الحَدَائِقُ: البَسَاتِينُ. قَالَ: وهَلْ تَعْرِفُ العَرَبُ ذلك؟ قَالَ: نَعَمْ, أمَا سَمِعْتَ الشَّاعِرَ يقولُ:
بِلادٌ سَقَاهَا اللَّهُ أَمَّا سُهُولُهَا ....... فقَضْبٌ ودُرٌّ مُغْدِقٌ وحَدَائِقُ
قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ قَولِه: {وَكَأْساً دِهَاقاً}؛ قَالَ: الكَأْسُ: الخَمْرُ, والدِّهَاقُ: المَلآنُ. قَالَ: وهل تَعْرِفُ العَرَبُ ذلك؟ قَالَ: نَعَمْ. أَمَا سَمِعْتَ الشَّاعِرَ وهو يَقُولُ:
أَتَانَا عَامِرٌ يَرْجُو قِرَانَا ....... فَأَتْرَعْنَا لَهُ كَأْساً دِهَاقَا).
[الدر المنثور: 15 / 207-208]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ, وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ والحَاكِمُ وصَحَّحَهُ وابنُ مَرْدُويَهْ والبَيْهَقِيُّ في البَعْثِ, عن ابنِ عَبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {وَكَأْساً دِهَاقاً}؛ قَالَ: هِيَ المُمْتَلِئَةُ المُتْرَعَةُ المُتَتابِعَةُ، ورُبَّما سَمِعْتُ العَبَّاسَ يَقُولُ:
يَا غُلامُ اسْقِنَا وَادْهَقْ لَنَا.
- وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ، عنِ ابنِ عَبَّاسٍ: أنه سُئِلَ عن قَوْلِهِ: {وَكَأْساً دِهَاقاً}؛ قَالَ: دِرَاكًا.
- وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ, عنِ ابنِ عَبَّاسٍ: {وَكَأْساً دِهَاقاً}.
قَالَ: مَلأَى، وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ وقَتَادَةَ ومُجَاهِدٍ والضَّحَّاكِ والحَسَنِ مِثْلَهُ.
- وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عَنْ عِكْرِمَةَ: {وَكَأْساً دِهَاقاً}؛ قَالَ: يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضاً.
- وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَكَأْساً دِهَاقاً}؛ قَالَ: المُتَتَابِعَةُ، وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ والضَّحَّاكِ مِثْلَهُ.
- وأخْرَجَ هَنَّادٌ, عَنْ عَطِيَّةَ في قَوْلِه: {وَكَأْساً دِهَاقاً}؛ قَالَ: مَلأَى مُتَتَابِعَةً.
- وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ, عن أبي هُرَيْرَةَ: {وَكَأْساً دِهَاقاً}؛ قَالَ: (دَمادُمَ). قَالَ عَبْدٌ: فَارِسِيٌّ, بمَعْنَى مُتَتَابِعَةٍ.
- وأخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ, عَنْ عِكْرِمَةَ في قَوْلِهِ: {وَكَأْساً دِهَاقاً}؛ قَالَ: صَافِيَةً.
- وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِذَا كَانَ فيها خَمْرٌ فَهِيَ كَأْسٌ، وإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا خَمْرٌ فَلَيْسَ بكَأْسٍ). [الدر المنثور: 15/ 208-210]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا (35)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: {لغوا ولا كذابا}؛ قال: لا باطلا ولا مأثما). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 343]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا كِذَّاباً}؛ يَقُولُ تَعالَى ذِكْرُهُ: لا يَسْمَعُونَ في الجنَّةِ لَغْواً، يعنِي: بَاطِلاً مِن القوْلِ، ولا كِذَّاباً، يَقُولُ: ولا مُكَاذَبَةً، أيْ: لا يَكْذِبُ بعضُهم بعضاً.
وقَرَأَت القَرَأَةُ في الأمصارِ بتشديدِ الذَّالِ على ما بَيَّنْتُ في قوْلِهِ: {وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّاباً} سِوَى الكِسَائِيِّ؛ فإنَّهُ خَفَّفَها لِمَا وَصَفْتُ قَبْلُ، والتشديدُ أَحَبُّ إِليَّ مِن التخفيفِ، وبالتشديدِ القِرَاءَةُ، ولا أَرَى قِراءَةَ ذلكَ بالتخفِيفِ؛ لإجماعِ الحُجَّةِ مِن القَرَأَةِ على خِلافِهِ. ومِن التخفيفِ قولُ الأعشَى:
فَصَدَقْتُهَا وَكَذَبْتُهَـا ....... وَالمَرْءُ يَنْفَعُهُ كِذَابُهْ
وبنحوِ الذي قُلْنَا في ذلك قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلكَ:
حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأعلَى قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عنْ مَعْمَرٍ، عنْ قَتَادَةَ: {لَغْواً وَلا كِذَّاباً}، قالَ: باطِلاً وَإِثماً.
حَدَّثَنِي يُونُسُ قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ قالَ: قالَ ابنُ زَيْدٍ، في قوْلِهِ: {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا كِذَّاباً}، قالَ: وهيَ كذلكَ ليسَ فيها لَغْوٌ وَلا كِذَّابٌ). [جامع البيان: 24/ 42-43]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبدُ الرزَّاقِ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ, عَنْ قَتَادَةَ في قَوْلِهِ: {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ كِذَّاباً}؛ قَالَ: بَاطِلاً ولا مَأْثَماً). [الدر المنثور: 15/ 210] (م)

تفسير قوله تعالى: {جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا (36)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: {عطاء حسابا}؛ قال: عطاء كثيرا). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 343]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر: قال مجاهد: عطاء من الله حسابا بأعمالهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 343]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({عطاءً حسابًا} : جزاءً كافيًا أعطاني ما أحسبني أي كفاني "). [صحيح البخاري: 6/ 165]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قولُهُ: {عَطَاءً حِسَابًا}؛ جَزَاءً كَافِيًا أَعطَانِي مَا أَحسَبَنِي أي كَفَانِي.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ في قَولِهِ تَعَالَى: {عَطَاءً حِسَابًا} أي: جَزَاءً، ويَجِيْءُ حِسَابًا كَافِيًا، وتقولُ: أَعطَانِي مَا أَحْسَبَنِي؛ أَي: كَفَانِي.
وقَالَ عَبدُ الرَّزَّاقِ عَن مَعْمَرٍ عن قَتَادَةَ في قَولِهِ: {عَطَاءً حِسَابًا} قَالَ: كَثِيرًا). [فتح الباري: 8/ 689]

- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( {عَطَاءً حِسَابًا}: جَزَاءً كَافِيًا أعْطَانِي مَا أحْسَبَنِي أيْ: كَفَانِي.
أَشَارَ به إِلَى قولِهِ تَعَالَى: {جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا}، وفَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ: جَزَاءً كَافِيًا، وَقَالَ الثَّعْلَبِيُّ: {عَطَاءً حِسَابًا}؛ كَثِيرًا كَافِيًا وَافِيًا، قولُهُ: أَعْطَانِي مَا أَحْسَبَنِي أَيْ: أَشَارَ بِهِ إِلَى أَنَّ لَفْظَ الْحِسَابِ يَأْتِي بمعنَى الكفايةِ يُقَالُ: أَعْطَانِي فُلاَنٌ مَا أَحْسَبَنِي أَيْ: مَا كَفَانِي، وَيُقَالُ: أَحْسَبْتُ فُلاَنًا أَيْ: أَعْطَيْتُهُ مَا يَكْفِيهِ حَتَّى قَالَ: حَسْبِي). [عمدة القاري: 19/ 276]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ({عَطَاءً حِسَابًا} أي: جَزَاءً كافيًا مَصْدَرٌ أُقِيمَ مَقامَ الوَصْفِ. أَعْطَانِي ما أَحْسَبَنِي أي كَفَانِي، وقَالَ قَتَادَةُ فيما رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: (عَطَاءً حِسَابًا) أي: كثيرًا). [إرشاد الساري: 7/ 410]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يعني بقولِهِ جلَّ ثَناؤُهُ: {جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً}: أعْطَى اللَّهُ هؤلاءَ المُتَّقِينَ ما وَصَفَ في هذهِ الآياتِ؛ ثَوَاباً مِنْ ربِّكَ بأعمالِهِم على طاعتِهِم إيَّاهُ في الدنيا.
وقولُهُ: {عَطَاءً} يَقُولُ: تَفَضُّلاً مِن اللَّهِ عليهم بذلكَ الجزاءِ؛ وذلكَ أنَّهُ جَزَاهُم بالواحِدِ عَشْراً في بعْضٍ، وفي بعْضٍ بالواحِدِ سَبْعَمِائَةٍ. فهذهِ الزيادةُ وإنْ كانَتْ جَزَاءً فعطاءٌ مِن اللَّهِ.
وقولُهُ: {حِسَاباً}، يَقُولُ: مُحَاسَبَةً لهم بأعمالِهِم لِلَّهِ في الدنيا.
وبنحوِ الذي قُلْنَا في ذلك قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو قالَ: ثَنَا أبو عاصِمٍ قالَ: ثَنَا عِيسَى. وحَدَّثَنِي الحارِثُ قالَ: ثَنَا الحسَنُ قالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جميعاً عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عنْ مُجاهِدٍ: قولُهُ: {جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَاباً}، قالَ: عطاءً مِنهُ حِساباً لِمَا عَمِلُوا.
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ قالَ: ثَنَا يَزِيدُ قالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عنْ قَتَادَةَ: {جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَاباً} أيْ: عَطَاءً كَثِيراً، فجَزَاهُم بالعَمَلِ اليسيرِ الخيرَ الجَسِيمَ الذي لا انْقِطَاعَ لهُ.
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأعلَى قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عنْ مَعْمَرٍ، عنْ قَتَادَةَ، في قوْلِهِ: {عَطَاءً حِسَاباً}، قالَ: عَطَاءً كَثِيراً. وقالَ مُجاهِدٌ: عطاءً مِن اللَّهِ حِسَاباً بأعمالِهِم.
- حَدَّثَنِي يُونُسُ قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ قالَ: سَمِعْتُ ابنَ زَيْدٍ يَقُولُ في قولِ اللَّهِ: {جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَاباً}، فقَرَأَ {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً حَدَائِقَ وَأَعْنَاباً وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً} إلى {عَطَاءً حِسَاباً}، قالَ: فهذا جزاءٌ بِأَعْمَالِهِم، {عَطَاءً}: الذي أعْطَاهُم، عَمِلُوا لَهُ واحِدةً فجَزَاهم عَشْراً، وقَرَأَ قوْلَ اللَّهِ: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}، وَقَرَأَ قَوْلَ اللَّهِ: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ}.
قالَ: يَزِيدُ مَنْ يَشَاءُ، كانَ هذا كُلُّهُ عَطَاءً، ولمْ يَكُنْ أَعْمَالاً يَحْسِبُهُ لهم، فجَزَاهُم بهِ حتَّى كأنَّهم عَمِلُوا لهُ.
قالَ: ولمْ يَعْمَلُوا، إنَّما عَمِلُوا عَشْراً فأعطاهُم مِائةً، وعَمِلُوا مِائةً فأعطاهُم ألفاً، هذا كُلُّهُ عطاءٌ، والعَمَلُ الأوَّلُ، ثمَّ حَسَبَ ذلكَ حتَّى كأنَّهم عَمِلُوا، فجَزَاهُم كما جَزاهُم بالذي عَمِلُوا). [جامع البيان: 24/ 43-45]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال: نا آدم قال: نا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: {جزاء من ربك عطاء} بما عملوا). [تفسير مجاهد: 722]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبدُ الرزَّاقِ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ, عَنْ قَتَادَةَ في قَوْلِهِ: {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ كِذَّاباً}؛ قَالَ: بَاطِلاً ولا مَأْثَماً، وفي قَوْلِهِ: {عَطَاءً حِسَاباً}، قَالَ: كَثِيراً). [الدر المنثور: 15/ 210] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ الِفرْيَابِيُّ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ, عَنْ مُجَاهِدٍ في قَوْلِهِ: {جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ}؛ قَالَ: عَطَاءً مِنْهُ، {حِسَاباً}؛ قَالَ: لِمَا عَمِلُوا). [الدر المنثور: 15/ 210] (م)

تفسير قوله تعالى: {رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا (37)}
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (قال مجاهدٌ: ... {لا يملكون منه خطابًا}: «لا يكلّمونه إلّا أن يأذن لهم»). [صحيح البخاري: 6/ 165]
-قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قَولُهُ: {لا يَملِكُونَ مِنهُ خِطَابًا}: لا يُكَلِّمُونَهُ إلا أنْ يَأْذَنَ لَهُم، كذا للمُسْتَمْلِيِّ، وللبَاقِينَ (لا يَملِكُونَهُ) والأوَّلُ أَوْجَهُ، وسَأُبَيِّنُهُ في الَّذِي بَعدَه. قَولُه: (صَوَابًا: حَقًّا في الدُّنيَا وعَمِلَ بِهِ) وَوَقَعَ لِغَيرِ أَبِي ذَرٍّ نِسبَةُ هَذَا إلى ابنِ عَبَّاسٍ كَالَّذِي بَعدَهُ، وفِيهِ نَظَرٌ؛ فَإِنَّ الفِريَابِيَّ أَخرَجَهُ مِن طَريقِ ابنِ أَبِي نَجِيحٍ عن مُجَاهِدٍ في قَولِهِ {لا يَملِكُونَ مِنهُ خِطَابًا} قَالَ: كَلامًا (إلا مَن قَالَ صَوابًا) قَالَ حقًّا في الدُّنيَا وعَمِلَ بِهِ). [فتح الباري: 8/ 689]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال الفريابيّ ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: {لا يملكون منه خطابا} قال: كلاما إلّا من قال صوابا قال حقًا في الدّنيا وعمل به). [تغليق التعليق: 4/ 359]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( {لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا}؛ لاَ يُكَلِّمُونَهُ إلاَّ أَنْ يَأْذَنَ لَهُمْ.
أَشَارَ بِهِ إِلَى قولِهِ تَعَالَى: {رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنُ لاَ يَمْلُكُونَ مِنْهُ خِطَابًا}، وَالضميرُ فِي لاَ يَمْلِكُونَ لأَهْلِ السماواتِ والأرضِ أَيْ: لَيْسَ فِي أَيْدِيهِمْ مِمَّا يُخَاطَبُ بِهِ اللهُ، وَقِيلَ: لاَ يَمْلِكُونَ أَنْ يُخَاطِبُوهُ بِشَيْءٍ مِنْ نَقْصِ العذابِ أو زيادةٍ فِي الثَّوابِ إلاَّ أَنْ يَأْذَنَ لَهُمْ فِي ذلكَ، وَيَأْذَنَ لَهُمْ فِيهِ). [عمدة القاري: 19/ 275]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( {لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا} أَيْ: لا يُكَلِّمُونَهُ خوفًا منه (إِلاَّ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ) في الكلامِ، ولأَبِي ذَرٍّ عن الْكُشْمِيهَنِيِّ وَالْحَمَوِيِّ: لا يَمْلِكُونَهُ، بَدَلَ لا يُكَلِّمُونَهُ). [إرشاد الساري: 7/ 410]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ}؛ يَقُولُ جلَّ ثَناؤُهُ: جَزَاءً مِنْ ربِّكَ ربِّ السَّماواتِ السبْعِ والأرْضِ وما بينَهما مِن الخَلْقِ.
واخْتَلَفَ القَرَأَةُ في قِراءَةِ ذلكَ؛ فَقَرَأَتْهُ عامَّةُ قَرَأَةِ المَدِينَةِ: (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنُ) بالرفْعِ في كِلَيْهِما. وقَرَأَ ذلكَ بعضُ أهلِ البَصْرَةِ وبعضُ الكُوفِيِّينَ: (رَبِّ) خَفْضاً، و(الرَّحْمَنِ) كَذَلِكَ خَفْضًا، وَقَرَأَهُ بَعْضُ قَرَأَةِ مَكَّةَ وَعاَمَّةُ قَرَأَةِ الْكُوفَةِ (رَبِّ) خَفْضاً، و(الرَّحْمَنُ)، ولكلِّ ذلكَ عندَنا وَجْهٌ صحيحٌ، فبأَيِّ ذلكَ قَرَأَ القارِئُ فمُصِيبٌ، غيرَ أنَّ الخَفْضَ في الربِّ؛ لِقُرْبِهِ مِنْ قولِهِ: {جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ} أَعْجَبُ إِلَيَّ، وأمَّا (الرَّحْمَنُ) بالرَّفْعِ فإنَّهُ أحسَنُ؛ لبُعْدِهِ مِنْ ذلكَ.
وقولُهُ: {الرَّحْمَنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً}؛ يَقُولُ تَعالَى ذِكْرُهُ: الرحمنُ لا يَقْدِرُ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ خِطَابَهُ يوْمَ القِيامَةِ، إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لهُ مِنهم وقالَ صَوَاباً.
وبنحوِ الذي قُلْنَا في ذلك قالَ أهلُ التأوِيلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عمرٍو قالَ: ثَنَا أبو عاصِمٍ قالَ: ثَنَا عِيسَى. وحَدَّثَنِي الحَارِثُ قالَ: ثَنَا الحَسَنُ قالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جَميعاً عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عنْ مُجاهِدٍ: قولُهُ: {لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً}، قالَ: كَلاماً.
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ قالَ: ثَنَا يَزِيدُ قالَ: ثَنَا سَعيدٌ، عنْ قَتَادَةَ: قولُهُ: {لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً}؛ أيْ: كَلاماً.
- حَدَّثَنِي يُونُسُ قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ قالَ: قالَ ابنُ زَيْدٍ، في قوْلِهِ: {لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً}، قالَ: لا يَمْلِكونَ أنْ يُخَاطِبُوا اللَّهَ. والمُخَاطِبُ: المُخَاصِمُ الذي يُخَاصِمُ صَاحِبَهُ). [جامع البيان: 24/ 45-46]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال: نا آدم قال: ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: {لا يملكون منه خطابا}؛ يقول: لا يملكون له كلاما حتى يأذن لهم).[تفسير مجاهد: 722]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ عَبدُ الرزَّاقِ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ, عَنْ قَتَادَةَ في قَوْلِهِ: {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ كِذَّاباً}؛ قَالَ: بَاطِلاً ولا مَأْثَماً، وفي قَوْلِهِ: {عَطَاءً حِسَاباً}؛ قَالَ: كَثِيراً. وفي قَوْلِهِ: {لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً}؛ قَالَ: كَلاماً). [الدر المنثور: 15/ 210]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخْرَجَ الِفرْيَابِيُّ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ, عَنْ مُجَاهِدٍ في قَوْلِهِ: {جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ}؛ قَالَ: عَطَاءً مِنْهُ، {حِسَاباً}. قَالَ: لِمَا عَمِلُوا. وفي قَوْلِهِ: {لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً}. قَالَ: كلاماً). [الدر المنثور: 15/ 210]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا (38)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: {يوم يقوم الروح}؛ قال: الروح هم بنو آدم). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 343]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر، وقال قتادة، عن ابن عباس: هم على صورة بني آدم قال، وقال قتادة: هم في السماء). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 344]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: {الروح}؛ خلق على صورة بني آدم). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 344]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري، عن مسلم، عن مجاهد، قال: {الروح} يأكلون ولهم أيد وأرجل ولهم رؤوس وليسوا بملائكة). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 344]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح، قال: {الروح}؛ يشبهون الناس وليسوا بالناس). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 344]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (قال مجاهدٌ: ... {صوابًا} : «حقًّا في الدّنيا وعمل به»). [صحيح البخاري: 6/ 165]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال الفريابيّ: ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: {لا يملكون منه خطابا}؛ قال: كلاما إلّا من قال صوابا قال حقًا في الدّنيا وعمل به). [تغليق التعليق: 4/ 359] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وَلَيْسَ فِي روايةِ أَبِي ذَرٍّ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: صَوَابًا: حَقًّا فِي الدُّنْيَا وَعَمِلَ بِهِ.
أَشَارَ بِهِ إِلَى قولِهِ تَعَالَى: {لاَ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا} وَفَسَّرَهُ بقولِهِ: حَقًّا فِي الدُّنْيَا وَعَمِلَ بِهِ، وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ: قَالَ صَوَابًا قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ فِي الدُّنْيَا). [عمدة القاري: 19/ 275]

- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( {صَوَابًا}؛ أَيْ حَقًّا فِي الدُّنْيَا وَعَمِلَ بِهِ وَقِيلَ: قَالَ: لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ). [إرشاد الساري: 7/ 410]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ}؛ اخْتَلَفَ أهلُ العِلْمِ في معنى الرُّوحِ في هذا المَوْضِعِ، فقالَ بعضُهم: هوَ مَلَكٌ مِنْ أعْظَمِ الملائِكَةِ خَلْقاً.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ خَلَفٍ العَسْقَلانِيُّ قالَ: ثَنَا رَوَّادُ بنُ الجَرَّاحِ، عنْ أبي حَمْزَةَ، عن الشَّعْبِيِّ، عنْ عَلْقَمَةَ، عن ابنِ مَسْعُودٍ قالَ: الرُّوحُ مَلَكٌ في السماءِ الرابِعَةِ، هوَ أَعْظَمُ مِن السماواتِ ومِن الجِبالِ ومِن الملائِكَةِ، يُسَبِّحُ اللَّهَ كلَّ يوْمٍ اثْنَيْ عَشرَ ألْفَ تَسْبِيحَةٍ، يَخْلُقُ اللَّهُ مِنْ كلِّ تَسْبِيحَةٍ مَلَكاً مِن الملائِكَةِ، يَجِيءُ يَوْمَ القِيَامَةِ صَفًّا وَحْدَهُ.
- حَدَّثَنِي عليٌّ قالَ: ثَنَا أبو صالِحٍ قالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عنْ عليٍّ، عن ابنِ عَبَّاسٍ: قولُهُ: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ}، قالَ: هوَ مَلَكٌ أَعْظَمُ الملائِكَةِ خَلْقاً.
وقالَ آخَرُونَ: هوَ جِبْرِيلُ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ قالَ: ثَنَا مِهرانُ، عنْ أبي سِنانٍ، عنْ ثابِتٍ، عن الضَّحَّاكِ: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ}، قالَ: جِبريلُ عليهِ السلامُ.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ قالَ: ثَنَا مِهرانُ، عنْ سُفْيَانَ، عن الضحَّاكِ: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ}، قالَ: الرُّوحُ جبريلُ عليهِ السلامُ.
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ خَلَفٍ العَسْقَلانِيُّ قالَ: ثَنَا رَوَّادُ بنُ الجَرَّاحِ، عنْ أبي حَمْزَةَ، عن الشَّعْبِيِّ: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ}، قالَ: الرُّوحُ جِبريلُ عليهِ السلامُ.
وقالَ آخَرُونَ: هُوَ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ في صُورَةِ بَنِي آدَمَ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ قالَ: ثَنَا أبو عامِرٍ قالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عنْ مُجاهِدٍ قالَ: {الرُّوحُ} خَلْقٌ على صُورةِ بنِي آدَمَ، يَأْكُلُونَ ويَشْرَبُونَ.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ قالَ: ثَنَا مِهرانُ، عنْ سُفْيَانَ، عنْ مُسْلِمٍ، عنْ مُجاهِدٍ قالَ: {الرُّوحُ} خَلْقٌ لهم أيْدٍ وأرجلٌ، وأُرَاهُ قالَ: ورُؤُوسٌ يَأْكُلُونَ الطعامَ، لَيْسُوا ملائِكَةً.
- حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ قالَ: ثَنَا أبو عامِرٍ قالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عنْ إسماعِيلَ بنِ أبي خالِدٍ، عنْ أبي صالِحٍ قالَ: يُشْبِهُونَ الناسَ، وَلَيْسُوا بالناسِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ المُثَنَّى قالَ: ثَنَا ابنُ أبي عَدِيٍّ، عنْ شُعْبَةَ، عنْ سُلَيْمَانَ، عنْ مُجاهِدٍ قالَ: {الرُّوحُ} خَلْقٌ كخلْقِ آدَمَ.
- حَدَّثَنِي يَحْيَى بنُ إبراهِيمَ المَسْعُودِيُّ قالَ: ثَنَا أبي، عنْ أبِيهِ، عنْ جَدِّهِ، عن الأَعْمَشِ، في قوْلِهِ: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا}، قالَ: الرُّوحُ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ يَضْعُفُونَ على الملائِكَةِ أَضْعَافاً، لهم أَيْدٍ وأَرْجُلٌ.
- حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بنُ إبراهيمَ قالَ: ثَنَا مُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ، عنْ إسماعِيلَ، عنْ أبي صَالِحٍ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ}، قالَ: الرُّوحُ خَلْقٌ كالناسِ، ولَيْسُوا بالناسِ.
وقالَ آخَرُونَ: هُمْ بَنُو آدَمَ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ قالَ: ثَنَا يَزِيدُ قالَ: ثَنَا سعيدٌ، عنْ قَتَادَةَ: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ}، قالَ: هم بَنُو آدَمَ. وهوَ قولُ الحسَنِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأعلَى قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عنْ مَعْمَرٍ، عن الحَسَنِ، في قوْلِهِ: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ}، قالَ: الرُّوحُ بَنُو آدَمَ. وقالَ قَتَادَةُ: هذا مِمَّا كانَ يَكْتُمُهُ ابنُ عَبَّاسٍ.
وقالَ آخَرُونَ: قِيلَ: ذلكَ أَرْوَاحُ بَنِي آدَمَ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ قالَ: ثَنِي أبي قالَ: ثَنِي عمِّي قالَ: ثَنِي أبي، عنْ أبِيهِ، عن ابنِ عَبَّاسٍ، قولُهُ: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ} قالَ: يَعْنِي حِينَ تَقُومُ أرواحُ الناسِ معَ الملائِكَةِ فيمَا بينَ النَّفْخَتَيْنِ قَبْلَ أنْ تُرَدَّ الأرواحُ إلى الأجسادِ.
وقالَ آخَرُونَ: هوَ القرآنُ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنِي يُونُسُ قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ قالَ: قالَ ابنُ زَيْدٍ، كانَ أبي يَقُولُ: الرُّوحُ القرآنُ، وقَرَأَ: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ}.
والصَّوَابُ مِن القولِ أنْ يُقالَ: إنَّ اللَّهَ تَعالَى ذِكْرُهُ أَخْبَرَ أنَّ خَلْقَهُ لا يَمْلِكُونَ مِنهُ خِطاباً يومَ يَقُومُ الرُّوحُ، والرُّوحُ: خَلْقٌ مِنْ خلْقِهِ. وجائِزٌ أنْ يكونَ بعضَ هذهِ الأشياءِ التي ذَكَرْتُ، واللَّهُ أعلَمُ أيُّ ذلكَ هوَ. ولا خَبَرَ بشيءٍ مِنْ ذلكَ أنَّهُ المعنيُّ بهِ دونَ غَيْرِهِ يَجِبُ التسليمُ لهُ، ولا حُجَّةَ تَدُلُّ عليهِ، وغيرُ ضائِرٍ الجَهْلُ بِهِ.
وقِيلَ: إنَّهُ يَقُولُ: سِمَاطَانِ.
- حَدَّثَنِي يعقوبُ قالَ: ثَنَا ابنُ عُلَيَّةَ قالَ: أَخْبَرَنَا مَنْصُورُ بنُ عبدِ الرحمنِ، عن الشَّعْبِيِّ، في قوْلِهِ: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ}، قالَ: هما سِمَاطَا رَبِّ العالَمِينَ يومَ القيامَةِ: سِمَاطٌ مِن الرُّوحِ، وسِمَاطٌ مِن الملائِكَةِ.
وقولُهُ: {لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ}؛ قِيلَ: إِنَّهم يُؤْذَنُ لَهم في الكلامِ حينَ يُمَرُّ بأهلِ النارِ إلى النارِ، وبأهلِ الجنَّةِ إلى الجنَّةِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأعلَى قالَ: ثَنَا المُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ، عنْ أبيهِ قالَ: ثَنَا أبو عمرٍو، الذي يَقُصُّ في طَيِّئٍ، عنْ عِكْرِمَةَ، وقرَأَ هذهِ الآيَةَ: {إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً}، قالَ: يُمَرُّ بأُناسٍ مِنْ أهلِ النارِ على ملائِكَةٍ، فيَقُولُونَ: أينَ تَذْهَبُونَ بهؤلاءِ؟ فيُقالُ: إلى النارِ، فيَقُولُونَ: بِمَا كسَبَتْ أَيْدِيهم، وما ظَلَمَهُم اللَّهُ. ويُمَرُّ بأُناسٍ مِنْ أهلِ الجنَّةِ على ملائِكَةٍ، فيُقالُ: أينَ تَذْهَبونَ بهؤلاءِ؟ فيَقُولُونَ: إلى الجنَّةِ، فيَقُولُونَ: بِرَحْمَةِ اللَّهِ دَخَلْتُم الجنَّةَ. قالَ: فَيُؤْذَنُ لهم في الكلامِ أوْ نَحْوِ ذلكَ.
وقالَ آخَرُونَ: {إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ} بالتوحِيدِ {وَقَالَ صَوَاباً} في الدُّنيا، فوَحَّدَ اللَّهَ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنِي عليٌّ قالَ: ثَنَا أبو صالِحٍ قالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عنْ عليٍّ، عن ابنِ عَبَّاسٍ، في قوْلِهِ: {إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً}، يَقُولُ: إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّبُّ بشَهادَةِ أنْ لا إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ، وهيَ مُنْتَهَى الصوَابِ.
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو قالَ: ثَنَا أبو عَاصِمٍ قالَ: ثَنَا عيسَى. وحَدَّثَنِي الحارِثُ قالَ: ثَنَا الحَسَنُ قالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ، جميعاً عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عنْ مُجاهِدٍ: {وَقَالَ صَوَاباً}، قالَ: قَالَ حَقًّا في الدُّنيا، وعَمِلَ بهِ.
- حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ قالَ: ثَنَا أبو مُعاوِيَةَ قالَ: ثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عنْ أبي صالِحٍ في قوْلِهِ: {إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً}، قالَ: لا إِلهَ إلاَّ اللَّهُ.
قالَ أَبُو حَفْصٍ: فحَدَّثْتُ بهِ يَحْيَى بنَ سَعِيدٍ، فقالَ: أنا كَتَبْتُهُ عنْ عبدِ الرحمنِ بنِ مَهْدِيٍّ، عنْ أبي مُعَاوِيَةَ.
- حَدَّثَنِي سَعْدُ بنُ عبدِ اللَّهِ بنِ عبدِ الحَكَمِ قالَ: ثَنَا حَفْصُ بنُ عُمَرَ العَدَنِيُّ قالَ: ثَنَا الحَكَمُ بنُ أَبَانٍ، عنْ عِكْرِمَةَ في قوْلِهِ: {إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً}، قالَ: لا إلهَ إلاَّ اللَّهُ.
والصوابُ مِن القوْلِ في ذلكَ أنْ يُقالَ: إنَّ اللَّهَ تَعالَى ذِكْرُهُ أَخْبَرَ عنْ خَلْقِهِ أنَّهُم لا يَتَكَلَّمُونَ يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ والملائِكَةُ صَفًّا، إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لهُ مِنْهم في الكلامِ الرحمنُ، وقالَ صواباً. فالواجِبُ أنْ يُقَالَ كما أخْبَرَ؛ إذْ لمَ يُخْبِرْنا في كتابِهِ، ولا على لسانِ رسولِهِ، أنَّهُ عَنَى بذلكَ نوعاً منْ أنواعِ الصوابِ، والظاهِرُ مُحْتَمِلٌ جَمِيعَهُ). [جامع البيان: 24/ 46-52]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم، قال ثنا آدم: قال ثنا هشيم: عن أبي بشر، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: {الروح} أمر من أمر الله خلق من خلق الله صورهم على صور بني آدم ما نزل من السماء ملك إلا معه واحد من الروح). [تفسير مجاهد: 2/ 722-723]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال نا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، {وقال صوابا}؛ قال: حقا في الدنيا وعمل به.
- نا إبراهيم قال: نا آدم قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح: مثله). [تفسير مجاهد: 2/ 723]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا الشّيخ أبو بكر بن إسحاق، أنبأ محمّد بن سليمان الواسطيّ، ثنا محمّد بن يزيد بن خنيسٍ، قال: كنّا عند سفيان الثّوريّ نعوده فدخل عليه سعيد بن حسّان المخزوميّ وكان قاصّ جماعتنا، وكان يقوم بنا في شهر رمضان، فقال له سفيان: كيف الحديث الّذي حدّثتني عن أمّ صالحٍ؟ قال: حدّثتني أمّ صالحٍ، عن صفيّة بنت شيبة، عن أمّ حبيبة رضي اللّه عنها، قالت: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «كلام ابن آدم عليه لا له إلّا أمرٌ بمعروفٍ، أو نهيٌ عن منكرٍ، أو ذكر اللّه» قال محمّد بن يزيد: قلت: ما أشدّ هذا، فقال سفيان: وما شدّة هذا الحديث إنّما جاءت به امرأةٌ عن امرأةٍ هذا في كتاب اللّه عزّ وجلّ الّذي أرسل به نبيّكم صلّى الله عليه وسلّم، فقرأ: {يوم يقوم الرّوح والملائكة صفًّا لا يتكلّمون إلّا من أذن له الرّحمن وقال صوابًا} ، وقال: {والعصر إنّ الإنسان لفي خسرٍ إلّا الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات وتواصوا بالحقّ وتواصوا بالصّبر} [العصر: 2] وقال: {لا خير في كثيرٍ من نجواهم إلّا من أمر بصدقةٍ أو معروفٍ أو إصلاحٍ بين النّاس} [النساء: 114] الآية). [المستدرك: 2/ 556]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قولُه تعالَى: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ والمَلائِكَةُ صَفًّا}.
- أخْرَجَ ابنُ أبي حَاتِمٍ وأبو الشيخِ في العَظَمَةِ وابنُ مَرْدُويَهْ, عن ابنِ عَبَّاسٍ, أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ قَالَ:
«الرُّوحُ جُنْدٌ مِنْ جُنُودِ اللَّهِ, لَيْسُوا بِمَلائِكَةٍ, لَهُمْ رُؤُوسٌ وأَيْدٍ وأَرْجُلٌ». ثُمَّ قرَأ: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ والمَلائِكَةُ صَفًّا}. قَالَ:«هؤلاءِ جُنْدٌ, وهَؤُلاءِ جُنْدٌ».
- وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ وأبو الشَّيْخِ والبَيْهَقِيُّ في الأَسْمَاءِ والصِّفَاتِ, عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: الرُّوحُ خَلْقٌ علَى صُورَةِ بَنِي آدَمَ.
- وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ وأبو الشيخِ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: الرُّوحُ يَأْكُلُونَ, ولَهُمْ أَيْدٍ وأَرْجُلٌ ورُؤُوسٌ, ولَيْسُوا بملائِكَةٍ.
- وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ وأبو الشيخِ والبَيْهَقِيُّ في الأسماءِ والصِّفاتِ, عن أبي صالِحٍ في قَوْلِهِ: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ والمَلائِكَةُ صَفًّا}؛ قَالَ: الرُّوحُ خَلْقٌ كالنَّاسِ، ولَيْسُوا بالنَّاسِ، لَهُمْ أَيْدٍ وأَرْجُلٌ.
- وأخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ وأبو الشَّيْخِ في العَظَمَةِ, عَنِ الشَّعْبِيِّ في قَوْلِهِ: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ والمَلائِكَةُ صَفًّا}؛ قَالَ: هُمَا سِمَاطَا رَبِّ العَالَمِينَ يَوْمَ القِيَامَةِ؛ سِمَاطٌ مِنَ الرُّوحِ، وسِمَاطٌ مِنَ المَلائِكَةِ.
- وأخْرَجَ ابنُ أبي حَاتِمٍ وأبو الشيخِ, عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ بُرَيْدَةَ قَالَ: مَا يَبْلُغُ الجِنُّ والإِنْسُ والمَلائِكَةُ والشَّيَاطِينُ عُشْرَ الرُّوحِ، ولَقَدْ قُبِضَ النَّبِيُّ وما يَعْلَمُ الرُّوحَ.
- وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ, عَنْ عِكْرِمَةَ في قَوْلِهِ: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ والمَلائِكَةُ صَفًّا}؛ قَالَ: الرُّوحُ أَعْظَمُ خَلْقاً مِنَ المَلائِكَةِ، ولا يَنْزِلُ مَلَكٌ إِلاَّ وَمَعَهُ رُوحٌ.
- وأخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ وأبو الشيخِ والبَيْهَقِيُّ في الأسماءِ والصفاتِ, عن ابنِ عَبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ}؛ قَالَ: هو مَلَكٌ مِنْ أَعْظَمِ المَلائِكَةِ خَلْقاً.
- وأخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ, عنِ ابنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: {الرُّوحُ}؛ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، وهو أَعْظَمُ مِنَ السَّمَاوَاتِ والجِبَالِ ومِنَ المَلائِكَةِ, يُسَبِّحُ كُلَّ يَوْمٍ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ تَسْبِيحَةٍ، يَخْلُقُ اللَّهُ مِنْ كُلِّ تَسْبِيحَةٍ مَلَكاً مِنَ المَلائِكَةِ, يَجِيءُ يَوْمَ القِيَامَةِ صَفًّا وَحْدَه.
- وأخْرَجَ أبو الشيخِ في العَظَمَةِ, عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: {الرُّوحُ}: حَاجِبُ اللَّهِ, يَقُومُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وهو أَعْظَمُ المَلائِكَةِ, لو فَتَحَ فَاهُ لَوَسِعَ جَمِيعَ المَلائِكَةِ، والخَلْقُ إليه يَنْظُرُونَ، فمِن مَخَافَتِهِ لا يَرْفَعُونَ طَرْفَهُمْ إِلَى مَنْ فَوْقَهُ.
- وأخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ وأبو الشيخِ, عن مُقاتِلِ بنِ حَيَّانَ قَالَ: {الرُّوحُ}؛ أَشْرَفُ المَلائِكَةِ، وَأَقْرَبُهُم مِنَ الرَّبِّ، وهو صَاحِبُ الوَحْيِ.
- وأخْرَجَ الخَطِيبُ في (المُتَّفِقِ والمُفْتَرِقِ), عَنْ وَهْبِ بنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: {الرُّوحُ}؛ مَلَكٌ مِنَ المَلائِكَةِ، لَهُ عَشْرَةُ آلافِ جَنَاحٍ، مَا بَيْنَ كُلِّ جَنَاحَيْنِ مِنْهَا مَا بَيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ، لهُ أَلْفُ وَجْهٍ، لكُلِّ وَجْهٍ أَلْفُ لِسَانٍ, وشَفَتانِ وعَيْنَانِ, يُسَبِّحُونَ اللَّهَ تعالى.
- وأخْرَجَ مُسْلِمٌ وأبو دَاوُدَ والنَّسَائِيُّ والبَيْهَقِيُّ في الأَسْماءِ والصفاتِ, عن عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ في رُكُوعِهِ وسُجُودِهِ:
«سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ المَلائِكَةِ والرُّوحِ».
- وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وأبو الشيخِ, عنِ الضَّحَّاكِ في قَوْلِهِ: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ}؛ قَالَ: جِبْرِيلُ.
- وأخْرَجَ أبو الشَّيْخِ, عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّ جِبْرِيلَ يَوْمَ القِيَامَةِ الْقَائِمُ بَيْنَ يَدَيِ الجَبَّارِ, تُرْعَدُ فَرَائِصُهُ فَرَقاً مِنَ عَذَابِ اللَّهِ, يَقُولُ: سُبْحَانَكَ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ. إِنَّ مَا بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ كَمَا بَيْنَ المَشْرِقِ إلى المَغْرِبِ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ اللَّهِ: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ والمَلائِكَةُ صَفًّا}؟.
- وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في الأَسْمَاءِ والصِّفَاتِ, عن ابنِ عَبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ}؛ قَالَ: يَعْنِي: حِينَ تَقُومُ أَرْوَاحُ الناسِ مَعَ المَلائِكَةِ فيمَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ, قَبْلَ أَنْ تُرَدَّ الأَرْوَاحُ إِلَى الأَجْسَادِ.
قَوْلُه تَعالَى: {لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وقَالَ صَوَاباً}.
- أخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ والبَيْهَقِيُّ في الأَسْمَاءِ والصِّفَاتِ, عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {وقَالَ صَوَاباً}: قَالَ: لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ.
- وأخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ وأبو الشيخِ, عن ابنِ عَبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {وقَالَ صَوَاباً}: قَالَ شَهَادَةُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ.
- وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ مثلَه.
- وأخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ في قَوْلِهِ: {وقَالَ صَوَاباً}: قَالَ حَقًّا فِي الدُّنْيَا وعَمِلَ بِهِ.
- وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في شُعَبِ الإِيمَانِ وضَعَّفَهُ, عن جابرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ العَبَّاسُ بنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ: يا رَسُولَ اللَّهِ, مَا الجَمَالُ؟ قَالَ:
«صَوَابُ القَوْلِ بالحَقِّ». قَالَ: فمَا الكَمَالُ؟ قَالَ: «حُسْنُ الفِعَالِ بالصِّدْقِ» ). [الدر المنثور: 15/ 210-215]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآَبًا (39)}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (يَقُولُ تَعالَى ذِكْرُهُ: {ذَلِكَ الْيَوْمُ}؛ يعنِي: يَوْمَ القِيَامَةِ، وهوَ يَوْمُ يَقُومُ الرُّوحُ والملائِكَةُ صَفًّا، {الحَقُّ}؛ يَقُولُ: إنَّهُ حَقٌّ كائِنٌ لا شكَّ فيهِ.
وقولُهُ: {فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآباً}، يَقُولُ: فَمَنْ شاءَ مِنْ عِبادِهِ اتَّخَذَ بالتصديقِ بهذا اليوْمِ الحَقِّ، والاسْتِعْدَادِ لهُ، والعَمَلِ بما فيهِ النَّجَاةُ لهُ مِنْ أهوالِهِ، {مآباً} يعني: مَرْجِعاً، وهوَ مَفْعِلٌ مِنْ قوْلِهم: آبَ فلانٌ مِنْ سَفَرِهِ، كما قالَ عَبِيدٌ:
وكُلُّ ذِي غَيْبَةٍ يَؤُوبُ ....... وَغَائِبُ المَوْتِ لا يَؤُوبُ
وبنحوِ الذي قُلْنَا في ذلكَ قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ قالَ: ثَنَا يَزِيدُ قالَ: ثَنَا سَعيدٌ، عنْ قَتَادَةَ: {فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآباً}، قالَ: اتَّخَذُوا إلى اللَّهِ مَآباً بطَاعَتِهِ وما يُقَرِّبُهُم إليهِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأَعْلَى قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عنْ مَعْمَرٍ، عنْ قَتَادَةَ: {إِلَى رَبِّهِ مَآباً}، قالَ: سَبِيلاً.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ قالَ: ثَنَا مِهرانُ، عنْ سُفْيَانَ: {مَآباً} يَقُولُ: مَرْجِعاً مَنْزِلاً). [جامع البيان: 24/ 52-53]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قَوْلُه تعالَى: {ذَلِكَ اليَوْمُ الحَقُّ} الآيةَ.
- أخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وعَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ, عَنْ قَتَادَةَ في قَوْلِهِ: {فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآباً}؛ قَالَ: سَبِيلاً). [الدر المنثور: 15/ 215]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا (40)}
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثني الليث قال: يقال إذا فرغ الله من الحكم [ ....] والطير والبهائم واقتص للشاة الجماء من الشاة القرناء، قال لهم: كونوا ترابا، فعند ذلك {يقول الكافر يا ليتني كنت ترابا}). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 158]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر: حدثني جعفر بن برقان الجزري، عن زيد بن الأصم، عن أبي هريرة، قال: إن الله يحشر الخلق كلهم من دابة وطائر والإنسان ثم يقول للبهائم والطير والدواب كوني ترابا فعند ذلك يقول الكافر يا ليتني كنت ترابا). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 344]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ: {إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً}، يَقُولُ: إِنَّا حَذَّرْنَاكُم أيُّها الناسُ عذاباً قدْ دنَا مِنكم وقَرُبَ.
وذلكَ {يَوْمَ يَنْظُرُ المَرْءُ} المُؤْمِنُ {مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ} مِنْ خيرٍ اكْتَسَبَهُ في الدُّنيا، أوْ شَرٍّ سَلَفَ مِنْهُ، فيَرَجُو ثوَابَ اللَّهِ على صالِحِ أعمالِهِ، ويَخافُ عِقابَهُ على سَيِّئِها.
وبنحوِ الذي قُلْنَا في ذلك قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلكَ:
حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ قالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عنْ مُبَارَكٍ، عن الحَسَنِ: {يَوْمَ يَنْظُرُ المَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ}، قالَ: المَرْءُ المُؤْمِنُ يَحْذَرُ الصغيرةَ، ويَخَافُ الكَبِيرَةَ.
حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ قالَ: ثَنَا مِهرانُ، عنْ سُفْيَانَ، عنْ مُحَمَّدِ بنِ جُحَادةَ، عن الحسنِ: {يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ}، قالَ: المرءُ المؤمنُ.
حَدَّثَنَا ابنُ بَشَّارٍ قالَ: ثَنَا أبو أحمدَ قالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عنْ مُحَمَّدِ بنِ جُحَادَةَ، عن الحَسَنِ، في قوْلِهِ: {يَوْمَ يَنْظُرُ المَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ} قالَ: المَرْءُ المُؤْمِنُ.
وقولُهُ: {وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً}: يَقُولُ تَعالَى ذِكْرُهُ: ويَقُولُ الكافِرُ يَوْمَئِذٍ تَمَنِّياً؛ لِمَا يَلْقَى مِنْ عذابِ اللَّهِ الذي أَعَدَّهُ لأصحابِهِ الكافِرِين بهِ: {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً}، كالبهائِمِ التي جُعِلَتْ تُرَاباً.
وبنحوِ الذي قُلْنا في ذلك قالَ أهلُ التأوِيلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلكَ:
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ قالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ وابنُ أبي عَدِيٍّ، قالا: ثَنَا عَوْفٌ، عنْ أبي المُغِيرَةِ، عنْ عبدِ اللَّهِ بنِ عَمْرٍو قالَ: إذا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ مُدَّتِ الأَرْضُ مَدَّ الأَدِيمُ، وحُشِرَ الدَّوَابُّ والبَهَائِمُ والوَحْشُ، ثمَّ يُجْعَلُ القِصَاصُ بينَ الدَّوابِّ، يُقْتَصُّ للشاةِ الجَمَّاءِ مِن الشاةِ القَرْنَاءِ نَطَحَتْهَا، فإذا فُرِغَ مِن القِصاصِ بينَ الدوابِّ، قالَ لها: كُونِي تُراباً. قالَ: فعندَ ذلكَ يَقُولُ الكافِرُ: {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً}.
- حَدَّثَنَا ابنُ عبدِ الأعلَى قالَ: ثَنَا ابنُ ثَوْرٍ، عنْ مَعْمَرٍ قالَ: وحَدَّثَنِي جَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ، عنْ يَزِيدَ بنِ الأَصَمِّ، عنْ أبي هُرَيْرَةَ قالَ: إنَّ اللَّهَ يَحْشُرُ الْخَلْقَ كُلَّهم، كُلَّ دابَّةٍ وطَائِرٍ وإِنْسانٍ، يَقُولُ للبهائِمِ والطيْرِ: كُونوا تُراباً. فعندَ ذلكَ يَقُولُ الكافِرُ: {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً}.
- حَدَّثَنَا أبو كُرَيْبٍ قالَ: ثَنَا المُحَارِبِيُّ عبدُ الرحمنِ بنُ مُحَمَّدٍ، عنْ إسماعيلَ بنِ رافِعٍ المَدَنِيِّ، عنْ يَزِيدَ بنِ زِيادٍ، عنْ مُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ، عنْ رَجُلٍ مِن الأنصارِ، عنْ أبي هريرةَ، أنَّ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ:
«يَقْضِي اللَّهُ بَيْنَ خَلْقِهِ؛ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَالبهَائِمِ، وَإِنَّهُ لَيُقِيدُ يَوْمَئِذٍ الْجَمَّاءَ مِنَ الْقَرْنَاءِ، حتَّى إِذَا لَمْ تَبْقَ تَبِعَةٌ عِنْدَ وَاحِدَةٍ لأُخْرَى قَالَ اللَّهُ: كُونُوا تُرَاباً. فَعِنْدَ ذلكَ يَقُولُ الْكَافِرُ: {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً}».
- حَدَّثَنَا بِشْرٌ قالَ: ثَنَا يَزِيدُ قالَ: ثَنَا سعيدٌ، عنْ قَتَادَةَ، قولُهُ: {يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً}، وهوَ الهالِكُ المُفَرِّطُ العاجِزُ، وما يَمْنَعُهُ أنْ يَقُولَ ذلكَ وقدْ رَاجَ عليهِ عَوْرَاتُ عَمَلِهِ، وقد اسْتَقْبَلَ الرحمنَ وهوَ عليهِ غَضْبانُ، فتَمَنَّى الموْتَ يومَئِذٍ، ولمْ يَكُنْ في الدنيا شَيْءٌ أَكْرَهَ عندَهُ مِن الموْتِ.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ قالَ: ثَنَا يَعْقُوبُ، عنْ جَعْفَرٍ، عنْ أبي الزِّنَادِ عبدِ اللَّهِ بنِ ذَكْوَانَ قالَ: إذا قُضِيَ بينَ الناسِ، وأُمِرَ بأهلِ النارِ إلى النارِ، قِيلَ لِمُؤْمِنِي الجِنِّ ولسائِرِ الأُمَمِ سِوَى وَلَدِ آدَمَ: عُودُوا تُرَاباً. فإِذَا نَظَرَ الكفَّارُ إليهم قدْ عَادُوا تُراباً، قالَ الكافِرُ: {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً}.
- حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ قالَ: ثَنَا مِهرانُ، عنْ سُفْيَانَ، في قوْلِهِ: {وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً}، قالَ: إذا قِيلَ للبهائِمِ: كُونُوا تُراباً، قالَ الكافِرُ: {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً}). [جامع البيان: 24/ 53-56]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا المبارك بن فضالة، عن الحسن، في قوله: {يوم ينظر المرء ما قدمت يداه}؛ قال: ذاك المؤمن الكيس الحذر علم أن له معادا فقدم وقدم فلما قدم عليه نظر إلى ما قدم واغتبط ويقول الكافر: يا ليتني كنت ترابا لأنه لا يقدم خيرا فيقول: يا ليتني كنت ترابا فلا يكون ترابا). [تفسير مجاهد: 723]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قَوْلُه تعالَى: {يَوْمَ يَنْظُرُ المَرْءُ} الآيةَ.
- أخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ, عَنِ الحَسَنِ في قَوْلِهِ: {يَوْمَ يَنْظُرُ المَرْءُ}؛ قَالَ: المُؤْمِنُ.
- وأخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ, عَنِ الحَسَنِ, أَنَّهُ قَرَأَ هذهِ الآيةَ: {يَوْمَ يَنْظُرُ المَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ}؛ قَالَ: هو المُؤمنُ العَامِلُ بطَاعَةِ اللَّهِ.
- وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ والبَيْهَقِيُّ في البَعْثِ والنُّشُورِ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: يُحْشَرُ الخَلْقُ كُلُّهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ؛ البَهَائِمُ والدَّوابُّ والطَّيْرُ وكُلُّ شَيْءٍ، فَيَبْلُغُ مِن عَدْلِ اللَّهِ أَنْ يَأْخُذَ للجَمَّاءِ مِنَ القَرْنَاءِ، ثُمَّ يَقُولُ: كُونُوا تُرَاباً. فذَلِكَ حِينَ يَقُولُ الكَافِرُ: {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً}.
- وأخْرَجَ الدِّينَوَرِيُّ في المُجالَسَةِ, عن يَحْيَى بنِ جَعْدَةَ قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ خَلْقِ اللَّهِ يُحاسَبُ يَوْمَ القِيَامَةِ الدَّوَابُّ والهَوَامُّ, حَتَّى يُقْضَى بَيْنَهما، حَتَّى لا يَذْهَبَ شَيْءٌ بظُلامَتِهِ، ثُمَّ يَجْعَلُهَا تُراباً، ثُمَّ يَبْعَثُ الثَّقَلَيْنِ؛ الإِنْسَ والجِنَّ فيُحَاسِبُهُم, فيَوْمَئِذٍ يَتَمَنَّى الكَاِفرُ: {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً}.
- وأخْرَجَ ابنُ المُنْذِرِ, عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: يُقَادُ لِلمَنْقُورَةِ مِنَ النَّاقِرَةِ، والمَرْكُوضَةِ مِنَ الرَّاكِضَةِ، والجَلْحَاءِ مِنْ ذَاتِ القَرْنَيْنِ، والنَّاسُ يَنْظُرُونَ، ثُمَّ يَقُولُ: كُونِي تُرَاباً لا جَنَّةَ ولا نَارَ. فذَلِكَ حِينَ يَقُولُ الكَافِرُ: {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً}.
- وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ شَاهِينَ فِي كِتَابِ العَجَائِبِ والغَرَائبِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ: إِذَا قُضِيَ بَيْنَ النَّاسِ وأُمِرَ بأَهْلِ الجَنَّةِ إِلَى الجَنَّةِ, وأَهْلِ النَّارِ إِلَى النَّارِ قيلَ لسائرِ الأُممِ ولِمُؤْمِنِي الجِنِّ: عُودوا تُراباً. فيَعُودوا تُراباً، فعِندَ ذلك يقولُ الكَافِرُ حِينَ يَراهُم قَدْ عَادوا تُراباً: {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً}.
- وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: إِذَا حُوسِبَتِ البهائِمُ ثُمَّ صَيَّرها اللَّهُ تُراباً، فعندَ ذلك قَالَ الكافرُ: {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً}.
- وأخْرَجَ عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ, عَنْ لَيْثِ بنِ أبي سُلَيْمٍ قَالَ: مُؤْمِنُو الجِنِّ يَعودونَ تُراباً.
- وأخْرَجَ ابنُ أبي الدُّنيا, عن لَيْثِ بنِ أبي سُليَمٍْ قَالَ: ثَوَابُ الجِنِّ أَنْ يُجَارُوا مِن النارِ ثُّم يُقَالَ لهم: كُونُوا تُراباً). [الدر المنثور: 15/ 215-217]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23 جمادى الآخرة 1434هـ/3-05-2013م, 09:46 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({مفازاً}: موضع الفوز). [تفسير غريب القرآن: 510]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مَفَازاً} أي نجاة، أي موضع فوز ونجاة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 291]

تفسير قوله تعالى: {حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({حدائق}: بساتين نخل. واحدها: «حديقة»). [تفسير غريب القرآن: 510]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({حَدَائِقَ}؛ بساتين نخل، الواحدة حديقة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 291]

تفسير قوله تعالى: {وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (33)}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وكواعب}: نساء قد كعبت ثديهن، {أتراباً}؛ على سن واحد.
{وكأساً دهاقاً}؛ أي مشرعة ملأى). [تفسير غريب القرآن: 510]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَكَوَاعِبَ}؛ أي نساء كَعَبَت ثُدِيُّهنّ). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 291]

تفسير قوله تعالى: {وَكَأْسًا دِهَاقًا (34)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({كأساً دهاقاً}؛ ملاً). [مجاز القرآن: 2/ 283]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({كأسا دهاقا}: مملوءة قد أدهقت الشيء أي ملأته). [غريب القرآن وتفسيره: 409]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله - جلّ وعزّ-: {وكأسا دهاقا (34)}؛ أي تقدير الآية لا يرجون ثواب حساب - فهناك مضاف محذوف.
قال أبو إسحاق: الكأس كل إناء فيه شراب فهو كاس، فإذا لم يكن فيه شراب. فليس بكأس، وكذلك المائدة: ما كان عليها من الأخونة طعام فهو مائدة.
ومعنى {دِهاقاً}؛ مليء، وجاء في التفسير أيضا أنها صافية، قال الشاعر:
يلذّه بكأسه الدّهاق).
[معاني القرآن: 5/ 274-275]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({دِهَاقاً}؛ أي مُتْرَعة ملأى). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 291]

تفسير قوله تعالى:{لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا (35)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {وكذّبوا بآياتنا كذّاباً...} خففها علي بن أبي طالب رحمه الله: "كذابا"، وثقلها عاصم والأعمش وأهل المدينة والحسن البصري. وهي لغة يمانية فصيحة يقولون: كذبت به كذّابا، وخرّقت القميص خرّاقا، وكل فعّلت فمصدره فعّال في لغتهم مشدد، قال لي أعرابي منهم: على المروة: آلحلق أحب إليك أم القصّار؟ يستفتيني. وأنشدني بعض بني كلاب:
لقد طال ما ثبّطتني عن صحابتي ....... وعــن حــوجٍ قضّـاؤهـا مــن شفائـيـا
وكان الكسائي يخفف: {لا يسمعون فيها لغوا ولا كذاباً}؛ لأنها ليست بمقيدة بفعل يصيرها مصدرا. ويشدّد: {وكذّبوا بآياتنا كذّاباً...}؛ لأن كذبوا يقيّد الكذاب بالمصدر، والذي قال حسن. ومعناه: لا يسمعون فيها لغوا. يقول: باطلاً، ولا كذابا لا يكذب بعضهم بعضا). [معاني القرآن: 3/ 229](م)

تفسير قوله تعالى: {جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا (36)}

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({عطاءً حساباً} أي جزاء ويجيء: حساباً كافياً، يقال: أعطاني ما أحسبني أي كفاني). [مجاز القرآن: 2/ 283]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({عطاء حسابا}: جزاء. وقال بعضهم كافيا، يقال: أعطاني ما أحسبني أي كفاني). [غريب القرآن وتفسيره: 409]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
({عطاءً حساباً} أي كثيرا. يقال: أعطيت فلانا عطاء حسابا، وأحسبت فلانا، أي أكثرت له. قال الشاعر:

ونرى أصل هذا: أن يعطيه حتى يقول: حسبي). [تفسير غريب القرآن: 510]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الحساب: الكثير، قال الله تعالى: {جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا} [النبأ: 36]، أي كثيرا.ويقال: أحسبت فلانا. أي أعطيته ما يُحسبه، أي يكفيه. ومنه قول الهذليّ:
ونقفي وليد الحي إن كان جائعا ....... ونحسـبـه إن كـــان لـيــس بـجـائـع
حساب ورجل كالجراد يسوم). [تأويل مشكل القرآن: 513]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :(وقوله: {جزاء من ربّك عطاء حسابا (36)} منصوب بمعنى {إنّ للمتّقين مفازا}، المعنى جازاهم بذلك جزاء.
وكذلك {عطاء حسابا}، لأن معنى أعطاهم وجزاهم واحد.
و{حسابا} معناه ما يكفيهم، أي فيه ما يشتهون. يقال: أحسبني كذا وكذا بمعنى كفاني). [معاني القرآن: 5/ 275]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({عَطَاء حِسَاباً} أي كثيراً. وقيل: كافيا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 291]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({عَطَاء حِسَابًا}: كافياً). [العمدة في غريب القرآن: 332]

تفسير قوله تعالى: {رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا (37)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {رّبّ السّماوات والأرض...} يخفض في لفظ الإعراب، ويرفع، وكذلك: {الرّحمن لا يملكون منه خطاباً...} يرفع "الرحمن" ويخفض في الإعراب. والرفع فيه أكثر. قال والفراء يخفض: (ربّ)، ويرفع "الرحمن"). [معاني القرآن: 3/ 229]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ربّ السّماوات والأرض وما بينهما الرّحمن لا يملكون منه خطابا (37)}قرئت بالجر على الصفة من قوله: {من ربّك} ربّ.
وقرئت "ربُّ" على معنى هو ربّ السّماوات والأرض.
وكذلك قرئت (الرّحمن لا يملكون منه خطابا) - بالجرّ والرفع. وتفسيرها تفسير {ربّ السّماوات والأرض}). [معاني القرآن: 5/ 275]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا (38)}

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({يوم يقوم الرّوح والملائكة صفًّا} أي صفوفا. ويقال ليوم [العيد: يوم] الصف. وقال في موضع آخر: {وجاء ربّك والملك صفًّا صفًّا}[الفجر: 22]، فهذا يدل على الصّفوف). [تفسير غريب القرآن: 511]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): {الرُّوح} -فيما ذكر المفسرون-: مَلَكٌ عظيم من ملائكة الله يقوم وحده فيكون صفا وتقوم الملائكة صفّا قال: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا} [النبأ: 38]، وقال عز وجل: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسراء: 85].ويقال للملائكة: الرُّوحانيُّون، لأنهم أرواح، نسبوا إلى الرُّوح- بالألف والنون- لأنها نسبة الخلقة، كما يقال: رقبانيّ وشعرانيّ). [تأويل مشكل القرآن: 486](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):(وقوله: {يوم يقوم الرّوح والملائكة صفّا لا يتكلّمون إلّا من أذن له الرّحمن وقال صوابا (38)}
{الرّوح} خلق كالإنس، وليس هو إنس.
وقيل: الروح جبريل عليه السلام). [معاني القرآن: 5/ 275]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ({وقال صوابا} أي: قال: لا إله إلا الله). [ياقوتة الصراط: 552]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({صَفّاً}؛ أي صفوفاً). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 291]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآَبًا (39)}

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({فمن شاء اتّخذ إلى ربّه مأباً} أي مرجعا إلى اللّه [بالعمل الصالح]: كأنه إذا عمل خيرا ردّه إلى اللّه، وإذا عمل شرا باعده منه). [تفسير غريب القرآن: 511]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {فمن شاء اتّخذ إلى ربّه مآبا (39)}؛ أي مرجعا). [معاني القرآن: 5/ 275]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا (40)}

قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({إنّا أنذرناكم عذاباً قريباً يوم ينظر المرء ما قدّمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً}وقال: {يوم ينظر المرء ما قدّمت يداه} فإن شئت جعلت: "ينظر أيّ شيء قدّمت يداه" وتكون صفته "قدمت" وقال بعضهم: "إنما هو" ينظر إلى ما قدمت يداه فحذف "إلى"). [معاني القرآن: 4/ 44]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومن الكناية قول الله عز وجل: {يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا} [الفرقان: 28] ذهب هؤلاء وفريق من المتسمّين بالمسلمين إلى أنه رجل بعينه، وقالوا: لم كنى عنه؟ وإنما يكني هذه الكناية من يخاف المباداة، ويحتاج إلى المداجاة.
وقال آخرون: بل كان هذا الرجل مسمّى في هذا الموضع، فغيّر وكني عنه. وذهبوا إلى أنه عمر، وتأوّلوا الآية فقالوا: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ} [الفرقان: 27] يعني أبا بكر رضي الله عنه،{يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا} [الفرقان: 27] يعني محمدا صلّى الله عليه وسلم،{يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا} يعني عمر رضي الله عنه،{لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي} [الفرقان: 29] يعني عليا،
قال أبو محمد: ونقول في الرد على (أولئك) إذ كان غلطهم من وجهة قد يغلظ في مثلها من رق علمه. فأما هؤلاء ففي قولهم ما أنبأ عن نفسه، ودلّ على جهل متأوّله كيف يكون عليّ رحمة الله عليه، ذكرا؟ وهل قال أحد: إن أبا بكر لم يسلم، ولم يتخذ بإسلامه مع الرسول سبيلا؟ وليس هذا التفسير بنكر من تفسيرهم وما يدّعونه من علم الباطن كادّعائهم في الجبت والطّاغوت أنهما رجلان، وأن الخمر والميسر رجلان آخران، وأن العنكبوت غير العنكبوت والنحل غير النحل.. في أشباه كثيرة من سخفهم وجهالاتهم.
وقال ابن عباس في تفسير هذه الآية: إنّ عقبة بن أبي معيط صنع طعاما ودعا أشراف أهل مكة، فكان رسول الله، صلّى الله عليه وسلم فيهم، فامتنع من أن يطعم أو يشهد عقبة بشهادة الحقّ، ففعل ذلك، فأتاه أبيّ بن خلف، وكان خليله، فقال: صبأت؟ فقال: لا ولكن دخل عليّ رجل من قريش فاستحييت من أن يخرج من منزلي ولم يطعم. فقال: ما كنت لأرضى حتى تبصق في وجهه وتفعل به وتفعل، ففعل ذلك، فأنزل الله هذه الآية عامة، وهذان الرجلان سبب نزولها.كما أنه قد كانت الآية، والآي، تنزل في القصة تقع: وهي لجماعة الناس.
والمفسرون على أن هذه الآية نزلت في هذين الرجلين، وإنما يختلفون في ألفاظ القصة. فأراد الله سبحانه ب"الظالم" كل ظالم في العالم، وأراد بفلان كل من أطيع بمعصية الله وأرضي بإسخاط الله.
ولو نزلت هذه الآية على تقديرهم فقال: ويوم يعضّ الظالم- قارون وهامان، وعقبة بن أبي معيط، وأبيّ بن خلف، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والمغيرة، وفلان وفلان، بالأسماء- على أيديهم يقولون: يا ليتنا لم نتخذ فرعون، ونمرود، وعقبة بن أبي معيط، وأبا جهل، والأسود، وفلانا، وفلانا بالأسماء- لطال هذا وكثر وثقل، ولم يدخل فيه من تأخّر بعد نزول القرآن من هذا الصّنف، وخرج عن مذاهب العرب، بل عن مذاهب الناس جميعا في كلامهم. فكان (فلان) كناية عن جماعة هذه الأسماء.
وقد يقول القائل: ما جاءك إلا فلان بن فلان، يريد أشراف الناس المعروفين، والشاعر يقول:
في لجّة أمسك فلانا عن فل
يريد: أمسك فلانا عن فلان، ولم يرد رجلين بأعيانهما، وإنما أراد أنهم في غمرة الشّر وضحجّته، فالحجزة تقول لهذا: أمسك، ولهذا: كفّ.
و{الظالم} دليل على جماعة الظالمين كقوله: {يَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا} يريد جماعة الكافرين). [تأويل مشكل القرآن: 260-263](م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا (40)}جاء في التفسير أنه إذا كان يوم القيامة اقتصّ للجمّاء من القرناء، والجمّاء التي لا قرن لها. ثم يجعل اللّه تعالى الجميع ترابا، وذلك التراب هو القترة التي ترهق وجوه الكفار وتعلو وجوههم، فيتمنى الكافر أن يكون ترابا.
وقد قيل: إن معنى {يا ليتني كنت ترابا}؛ أي ليتني لم أبعث، كما قال: {يا ليتني لم أوت كتابيه (25)}). [معاني القرآن: 5/ 275-276]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 27 رجب 1434هـ/5-06-2013م, 09:35 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31)}

تفسير قوله تعالى: {حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32)}

قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ): (
جمادية أحمى حدائقها الندى ....... ومزن تدليه الجنائب دلح
وواحد الحدائق: حديقة وهو المكان المستدير، فيه ماء ونبات). [رواية أبي سعيد السكري لديوان جران العود: 8] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (33)}

قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): («تِرْب» للجارية، و«أتراب» للجمع. ولا تكاد العرب تقول للغلمان: «أتراب».
قال الفراء: وما أبعد أن يقال ذلك). [المذكور والمؤنث: 111] (م)
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ): (الكاعِبُ: التي قد كعَّبَ ثديُها فإذا نَهَد فهي نَاهِد، فإذا أدركتْ فهي مُعْصِر. قال الشاعر:
جارية بصفوان دارها ....... ينحلُّ من غلمتِها إزارها
قد أعصرتْ أو قد دنا إعصارُها). [الغريب المصنف: 1/ 135]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224هـ) : (باب
قال الأصمعي: الكعب من السمن الكتلة. والكعب من الرمح طرف الأنبوب الناشز ومثله الكعبان من الإنسان العظمان الناشزان من جانبي القدمين وله قال الشاعر:
درماء الكعوب
يعني أن ذلك منها غائب وأنكر قول الناس إنه في ظهر القدم. غيره: الكعاب والكاعب الجارية حين يبدأ ثديها وقد كعبت تكعب كعوبًا وكعبت تكعب تكعيبًا. والكعبة البيت الحرام، ويقال إنما سميت الكعبة للتربيع). [الغريب المصنف: 3/ 938-939] (م)
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ): (

المخرج الكاعب الحسناء مذعنة ....... في السبي ينفح من أردانها الطيب
و(الكاعب) التي قد كعب ثدياها، نهدا). [شرح أشعار الهذليين: 2/ 580-581]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله: وكانت الكاعب الممنعة الحسناء الكاعب: التي كعب ثدياها. قال الله جل وعز: {وكواعب أترابا} ). [التعازي والمراثي: 66]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (والكاعب: التي كعب ثديها، يقول: تصير كالسبع في زاد أهلها بعد أن كانت تعاف طيب الطعام). [الكامل: 3/ 1403]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328هـ): (والكعاب: التي قد نهد ثديها وكعب يكعب). [شرح المفضليات: 698]

تفسير قوله تعالى: {وَكَأْسًا دِهَاقًا (34)}

تفسير قوله تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا (35)}

تفسير قوله تعالى: {جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا (36)}

قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت: 215هـ): (
تحسب هواس وأيقن أنني ....... بها مفتد من صاحب لا أناظره
...
قال معنى تحسب: اكتفى من قولك حسبك كقول الله تعالى: {عطاء حسابا} أي كافيا، وتقول العرب: ما أحسبك فهو لي محسب أي ما كفاك فهو لي كاف). [النوادر في اللغة: 506]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فإذا قلت: مررت برجل مثلك؛ أو حسبك من رجل، أو مررت برجل أيما رجل فمعنى مثلك إنما هو يشبهك. وأيما رجل معناه: كامل، وقولك: حسبك إنما معناه: يكفيك. يقال: أحسبني الأمر، أي كفاني، وقوله عز وجل: {عطاءً حساباً} أي كافياً). [المقتضب: 4/ 285]

قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فإن قلت: هذا درهم ضرب الأمير لم يجز أن يكون نعتاً، لأن النكرة لا تنعت بالمعرفة ولكن بينت. كأنك جعلته جواباً. لما قلت: هذا ثوب، وهذا درهم قيل: ما هو? فقلت: ضرب الأمير على الابتداء والخبر.
وعلى هذا تقول: مررت برجل زيد. وقال: {بشر من ذلكم النار} وقرئت الآية على وجهين {في أربعة أيام سواءً للسائلين} على المصدر فكأنه قال: استواءً. وقرأ بعضهم (أربعة أيام سواءٍ) على معنى مستويات، وقال جل وعز: {قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غوراً} فالمعنى والله أعلم غائراً، فوضع المصدر موضع الاسم. وقالت الخنساء:
ترتع ما عقلت حتى إذا ادكرت ....... فإنما هـي إقـبـال وإدبـار
فالمصدر في كل هذا في موضع الاسم. وقال لقيط بن زرارة:
شتان هذا، والعنـاق والـنـوم ....... والمشرب البارد، والظل الدوم
يريد: الدائم.
فأما قولهم: هو عربي محضاً، وهو صميم قلباً، وهو عربي حسبةً، وهو شريف جداً فإنها مصادر مؤكدة لما قبلها. والأجود: هو عربي محض، وعربي قلب؛ لأن هذه أسماء وإن كانت تكون على هذا اللفظ مصادر، لأن المصدر ينعت به، والاسم لا يكون إلا نعتاً من هذا الضرب، إلا أن تجعله حالاً للنكرة. وأما هو أعرابي قح فلا يكون إلا رفعاً؛ لأنه ليس بمصدر.
فإذا قلت: هو عربي حسبةً فمعناه: اكتفاءً. يقال: أعطاني فأحسبني، أي كفاني. قال الله عز وجل: {عطاءً حساباً}، أي كافياً). [المقتضب: 4/304-306] (م)
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت: 291هـ): ({عَطَاءً حِسَابًا}: محفوظًا معلومًا). [مجالس ثعلب: 559]
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ): (تفسير قوله تعالى: {إن الله كان على كل شيء حسيبا}
وحدّثنا أبو بكر بن الأنباري، قال: في قوله عز وجل: {إن الله كان على كل شيء حسيبًا} أربعة أقوال، يقال: عالما، ويقال: مقتدرا، ويقال: كافيًا، ويقال: محاسبًا، فالذي يقول: كافيًا، يحتجّ بقوله جل وعز: {يا أيّها النّبيّ حسبك اللّه}، أي: كافيك الله، وبقوله عز وجل: {عطاءً حسابًا} أي كافيًا، وبقول الشاعر:
إذا كانت الهيجاء وانشقّت العصا ....... فحسبك والضّحّاك سيفٌ مهنّد
أي يكفيك ويكفي الضحاك، وبقول امرئ القيس:
فتملأ بيتنا أقطا وسمنا ....... وحسبك من غنىً شبع ورى
أي يكفيك الشّبع والرّيّ، وتقول العرب: أحسبني الشيء يحسبني إحسابًا وهو محسبٌ، قال الشاعر:
وإذ ما أرى في الناس حسنًا يفوقها ....... وفيهنّ حسنٌ لو تأملّت محسب
ويقول الآخر:
ونقفى وليد الحيّ إن كان جائعًا ....... ونحسبه إن كان ليس بجائع
أي نعطيه حتى يقول: حسبي أي كفاني، وقالت الخنساء:
يكّبون العشار لمن أتاهم ....... إذا لم تحسب المائة الوليدا
والذي يجعله بمعنى محاسب يحتجّ بقول قيس المجنون:
دعا المحرمون الله يستغفرونه ....... بمكة يومًا أن تمحي ذنوبها
وناديت يا رباه أوّل سؤلتي ....... لنفسي ليلى ثم أنت حسيبها
فمعناه أنت محاسبها على ظلمها.
والذي يقول: عالما، يحتج بقول المخبّل السّعدي:
فلا تدخلنّ الدّهر قبرك حوبةً ....... يقوم بها يومًا عليك حسيب
أي محاسبك عليها عالم بظالمك والذي قال مقتدرًا، لم يحتجّ بشيء: والقولان الأوّلان صحيحان في الاشتقاق مع الرواية، والقولان الآخران لا يصحّان في الاشتقاق، ألا تراه قال في تفسير بيت المخّبل السّعدي: محاسبك عليها عالم بظلمك، فالحسيب في بيته المحاسب وهو بمنزلة قول العرب: الشّريب للمشارب). [الأمالي: 2/ 262] (م)

تفسير قوله تعالى: {رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا (37)}

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا (38)}
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ولو كان فعل لا يقع بعده الحكاية لم يجز أن يكون إلى جانب قام.
لو قلت: ضربت قام زيد، وما أشبهه لم يجز في معنى ولا لفظ.
نحو ذلك قول الله عز وجل: {إلا قالوا ساحر أو مجنون} وقال: {أم يقولون شاعر نتربص به} {وقالوا مجنون وازدجر} فهذا كله على الحكاية، والابتداء هو ولكنها محذوفة في القرآن لعلم المخاطب.
أما قوله: {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً} فإنما انتصب؛ لأنه مصدر عمل فيه فعله لا القول. والمعنى والله أعلم: وقالوا: سلمنا سلاماً، وتفسيره: تسلمنا منكم تسلماً، وبرئنا براءة؛ لأنهم لم يؤمروا أن يسلموا على المشركين إذ ذاك، والآية مكية. ونظيرها: لا تكن من فلان إلا سلاماً بسلام، أي: متاركاً مبارئاً.
ولو قلت: قلت حقاً، أو قال زيد باطلاً لأعملت القول؛ لأنك لم تحك شيئاً. إنما أعملت القول في ترجمة كلامه.
ألا ترى أنه إذا قال: لا إله إلا الله. قيل له: قلت حقاً، وهو لم يلفظ. بالحاء والقاف. إنما هذا معنى ما قال.
ومثل ذلك قول الله {إلا من أذن له الرحمن وقال صواباً}). [المقتضب: 4/ 79] (م)

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآَبًا (39)}

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا (40)}


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 28 ذو الحجة 1435هـ/22-10-2014م, 07:44 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 28 ذو الحجة 1435هـ/22-10-2014م, 07:44 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 28 ذو الحجة 1435هـ/22-10-2014م, 07:45 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 28 ذو الحجة 1435هـ/22-10-2014م, 07:45 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ولمّا ذكر تعالى أمر أهل النار عقّب بذكر أهل الجنة؛ ليبيّن الفرق.
و(المفاز) موضع الفوز؛ لأنّهم زحزحوا عن النار، وأدخلوا الجنة). [المحرر الوجيز: 8/ 522]

تفسير قوله تعالى: {حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والحدائق: البساتين التي عليها جدراتٌ أو حظائر). [المحرر الوجيز: 8/ 522]

تفسير قوله تعالى: {وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (33)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (و{أتراباً} معناه: على سنٍّ واحدةٍ، والتّربان هما اللذان مسّا التّراب في وقتٍ واحدٍ). [المحرر الوجيز: 8/ 522]

تفسير قوله تعالى: {وَكَأْسًا دِهَاقًا (34)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والدّهاق: المترعة. فيما قال الجمهور، وقال ابن جبيرٍ ومجاهدٌ: معناه: المتابعة، وهي من الدّهق.
وقال عكرمة: هي الصافية. وفي البخاريّ، قال ابن عبّاسٍ: سمعت أبي في الجاهلية يقول للساقي: اسقني كأساً دهاقاً). [المحرر الوجيز: 8/ 522]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا (35)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (واللّغو: سقط الكلام، وهو ضروبٌ. وقد تقدّم القول في {كذّاباً} إلاّ أنّ الكسائيّ من السبعة قرأها في هذا الموضع: (كذاباً) بالتخفيف، وهو مصدرٌ، ومنه قول الأعشى:
فصدقتها وكذبتها ....... والمرء ينفعه كذابه).
[المحرر الوجيز: 8/ 522]

تفسير قوله تعالى: {جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا (36)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (واختلف المتأوّلون في قوله تعالى: {حساباً}؛ فقال جمهور المفسّرين واللّغويّين: معناه: محسباً، أي: كافياً، من قولهم: أحسبني هذا الأمر. أي: كفاني، ومنه: حسبي اللّه. وقال مجاهدٌ ما معناه: إنّ {حساباً} معناه: مقسّطاً على الأعمال؛ لأنّ نفس دخول الجنة هو برحمة اللّه تعالى وتفضّله؛ لا بعملٍ، والدّرجات فيها والنّعم على قدر الأعمال، فإذا ضاعف اللّه تعالى لقومٍ حسناتهم بسبعمائة مثلاً، ومنهم المكثر من الأعمال والمقلّ، أخذ كلّ واحدٍ سبعمائةٍ بحسب عمله، وكذلك في كلّ تضعيفٍ، فالحساب هنا هو بموازنة أعمال القوم.
وقرأ الجمهور: {حساباً} بكسر الحاء وتخفيف السين مفتوحةً، وقرأ ابن قطيبٍ: (حسّاباً) بفتح الحاء وشدّ السين، قال أبو الفتح: جاء بالاسم من أفعل على فعّالٍ، كما قالوا: أدرك فهو درّاكٌ.
وقرأ ابن عبّاسٍ، وسراجٌ: (عطاءً حسناً) بالنون من الحسن. وحكى عنه المهدويّ أنه قرأ: (حسباً) بفتح الحاء، وسكون السين، وبالباء.
وقرأ شريح بن يزيد الحمصيّ: (حسّاباً) بكسر الحاء وشدّ السين المفتوحة). [المحرر الوجيز: 8/ 522-523]

تفسير قوله تعالى: {رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا (37)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقرأ نافعٌ، وأبو عمرٍو، والأعرج، وأبو جعفرٍ، وشيبة، وأهل الحرمين: (ربّ) بالرفع، وكذلك (الرّحمن).
وقرأ ابن عامرٍ، وعاصمٌ، وابن مسعودٍ، وابن أبي إسحاق، وابن محيصنٍ، والأعمش: {ربّ} بالخفض، وكذلك {الرّحمن}.
وقرأ حمزة والكسائيّ: {ربّ} بالخفض، و (الرّحمن) بالرفع، وهي قراءة الحسن، وابن وثّابٍ، والأعمش، وابن محيصنٍ بخلافٍ عنهما. ووجوه هذه القراءة بيّنةٌ.
وقوله تعالى: {لا يملكون منه خطاباً} الضمير للكفّار، أي: لا يملكون من إفضاله وإجماله أن يخاطبوه بمعذرةٍ ولا غيرها، وهذا في موطنٍ خاصٍّ). [المحرر الوجيز: 8/ 523]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا (38)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (اختلف الناس في (الرّوح) المذكور في هذا الموضع؛ فقال الشّعبيّ والضّحّاك: هو جبريل عليه السلام. ذكره خاصّةً من بين الملائكة؛ تشريفاً. وقال ابن مسعودٍ: هو ملكٌ عظيمٌ، أكبر الملائكة خلقةً، يسمّى بالرّوح. وقال ابن زيدٍ: كان أبي يقول: هو القرآن،. وقد قال اللّه تعالى: {وأوحينا إليك روحاً من أمرنا}.
قال القاضي أبو محمّدٍ رحمه اللّه:
فالقيام فيه مستعارٌ يراد به بيانه وظهوره وشدّة آثاره، والأشياء الكائنة عن تصديقه وتكذيبه، ومع هذا في القول قلقٌ. وقال مجاهدٌ: الرّوح خلقٌ على صورة بني آدم، يأكلون ويشربون. وقال ابن عبّاسٍ، عن النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «الرّوح خلقٌ غير الملائكة، وحفظةٌ للملائكة كما الملائكة حفظةٌ للأنبياء ولنا».
وقال ابن عبّاسٍ، والحسن، وقتادة: (الرّوح) هنا اسم جنسٍ يراد به أرواح بني آدم. والمعنى: يوم تقوم الأرواح في أجسادها إثر البعث والنّشأة الآخرة، ويكون الجمع من الإنس والملائكة صفًّا، ولا يتكلّم أحدٌ؛ هيبةً وفزعاً، إلاّ من أذن له الرحمن من ملكٍ أو نبيٍّ، وكان أهلاً أن يقول صواباً في ذلك الموطن.
قال ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما: الضمير في {يتكلّمون} عائدٌ إلى الناس خاصّةً، و (الصّواب) المشار إليه هو (لا إله إلاّ اللّه). قال عكرمة: أي: قالها في الدنيا). [المحرر الوجيز: 8/ 523-524]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآَبًا (39)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ذلك اليوم الحقّ} أي: الحقّ كونه ووجوده. وفي قوله تعالى: {فمن شاء اتّخذ إلى ربّه مآباً} وعدٌ ووعيدٌ وتحريضٌ، و (المآب) المرجع وموضع الأوبة). [المحرر الوجيز: 8/ 524]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا (40)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والضمير الذي هو الكاف والميم في {أنذرناكم} هو لجميع العالم، وإن كانت المخاطبة لمن حضر النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم من الكفّار.
و(العذاب القريب) عذاب الآخرة، ووصفه بالقرب لتحقّق وقوعه، وأنه آتٍ، وكلّ آتٍ قريبٌ، والجميع داخلٌ في النّذارة منه. و (نظر المرء إلى ما قدّمت يداه من عملٍ) قيامٌ للحجّة عليه.
وقال ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما: (المرء) هنا المؤمن. وقرأ ابن أبي إسحاق: (المرء) بضمّ الميم، وضعّفها أبو حاتمٍ.
قوله تعالى: {ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً}. قيل: إن هذا تمنٍّ أن يكون شيئاً حقيراً، لا يحاسب ولا يلتفت إليه، وهذا قد تجده في الخائفين من المؤمنين؛ فقد قال عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه: (ليتني كنت بعرةً).
وقال أبو هريرة، وعبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما: إنّ اللّه تعالى يحضر البهائم يوم القيامة، فيقتصّ من بعضها لبعضٍ، ثمّ يقول لها بعد ذلك: كوني تراباً. فيعود جميعها تراباً، فإذا رأى الكفّار ذلك تمنّوا مثله.
قال أبو القاسم بن حبيبٍ: رأيت في بعض التفاسير أنّ الكافر هنا إبليس، إذا رأى ما حصل للمؤمنين من بني آدم من الثواب قال: يا ليتني كنت تراباً. أي: كآدم الذي خلق من ترابٍ واحتقره هو أوّلاً). [المحرر الوجيز: 8/ 524]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 28 ذو الحجة 1435هـ/22-10-2014م, 07:45 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 28 ذو الحجة 1435هـ/22-10-2014م, 07:45 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إنّ للمتّقين مفازًا * حدائق وأعنابًا * وكواعب أترابًا * وكأسًا دهاقًا * لّا يسمعون فيها لغوًا ولا كذّابًا * جزاءً من ربّك عطاءً حسابًا}
يقول تعالى مخبراً عن السّعداء وما أعدّ لهم تعالى من الكرامة والنّعيم المقيم؛ فقال: {إنّ للمتّقين مفازاً}؛ قال ابن عبّاسٍ والضّحّاك: متنزّهاً، وقال مجاهدٌ وقتادة: فازوا فنجوا من النّار.
والأظهر ههنا قول ابن عبّاسٍ؛ لأنّه قال بعده: {حدائق}؛ وهي البساتين من النّخيل وغيرها، {وأعناباً}). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 308]

تفسير قوله تعالى: {وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (33)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وكواعب أتراباً}؛ أي: وحوراً كواعب، قال ابن عبّاسٍ ومجاهدٌ وغير واحدٍ.
{كواعب}؛ أي: نواهد، يعنون أن ثديّهنّ نواهد لم يتدلّين؛ لأنّهنّ أبكارٌ عربٌ أترابٌ، أي: في سنٍّ واحدٍ، كما تقدّم بيانه في سورة (الواقعة).
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد بن عبد الرّحمن الدّشتكيّ، حدّثني أبي، عن أبي سفيان عبد الرّحمن بن عبد اللّه بن تيمٍ، حدّثنا عطيّة بن سليمان أبو الغيث، عن أبي عبد الرّحمن القاسم بن أبي القاسم الدّمشقيّ، عن أبي أمامة أنّه سمعه يحدّث عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال:«إنّ قمص أهل الجنّة لتبدو من رضوان اللّه، وإنّ السّحابة لتمرّ بهم فتناديهم: يا أهل الجنّة ماذا تريدون؟ أن أمطركم؟ حتّى إنّها لتمطرهم الكواعب الأتراب »). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 308]

تفسير قوله تعالى: {وَكَأْسًا دِهَاقًا (34)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وكأساً دهاقاً}؛ قال ابن عبّاسٍ: مملوءةً متتابعةً، وقال عكرمة: صافيةً.
وقال مجاهدٌ والحسن وقتادة وابن زيدٍ: {دهاقاً}: الملأى المترعة. وقال مجاهدٌ وسعيد بن جبيرٍ: هي المتتابعة). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 308]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا (35)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {لا يسمعون فيها لغواً ولا كذّاباً}، كقوله: {لا لغوٌ فيها ولا تأثيمٌ}؛ أي: ليس فيها كلامٌ لاغٍ عارٍ عن الفائدة، ولا إثمٌ كذبٌ، بل هي دار السّلام، وكلّ كلامٍ فيها سالمٌ من النّقص). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 308]

تفسير قوله تعالى: {جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا (36)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {جزاءً من ربّك عطاءً حساباً}؛ أي: هذا الذي ذكرناه جازاهم اللّه به وأعطاهموه بفضله ومنّه وإحسانه ورحمته، {عطاءً حساباً}؛ أي: كافياً وافراً شاملاً كثيراً، تقول العرب: أعطاني فأحسبني أي: كفاني، ومنه: حسبي اللّه. أي: اللّه كافيّ). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 309]

تفسير قوله تعالى: {رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا (37)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ربّ السّماوات والأرض وما بينهما الرحمن لا يملكون منه خطابًا * يوم يقوم الرّوح والملائكة صفًّا لّا يتكلّمون إلّا من أذن له الرحمن وقال صوابًا * ذلك اليوم الحقّ فمن شاء اتّخذ إلى ربّه مآبًا * إنّا أنذرناكم عذابًا قريبًا يوم ينظر المرء ما قدّمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابًا}.
يخبر تعالى عن عظمته وجلاله وأنّه ربّ السّماوات والأرض وما فيهما وما بينهما، وأنّه الرّحمن الّذي شملت رحمته كلّ شيءٍ.
وقوله: {لا يملكون منه خطاباً}؛ أي: لا يقدر أحدٌ على ابتداء مخاطبته إلاّ بإذنه؛ كقوله: {من ذا الّذي يشفع عنده إلاّ بإذنه}، وكقوله: {يوم يأت لا تكلّم نفسٌ إلاّ بإذنه}). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 309]

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا (38)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {يوم يقوم الرّوح والملائكة صفًّا لا يتكلّمون}؛ اختلف المفسّرون في المراد بالرّوح ههنا ما هو؟ على أقوالٍ:
أحدها: ما رواه العوفيّ عن ابن عبّاسٍ: أنّهم أرواح بني آدم.
الثّاني: هم بنو آدم، قاله الحسن وقتادة، وقال قتادة: هذا ممّا كان ابن عبّاسٍ يكتمه.
الثّالث: أنّهم خلقٌ من خلق اللّه على صور بني آدم، وليسوا بملائكةٍ ولابشرٍ، وهم يأكلون ويشربون، قاله ابن عبّاسٍ ومجاهدٌ وأبو صالحٍ والأعمش.
الرّابع: هو جبريل، قاله الشّعبيّ وسعيد بن جبيرٍ والضّحّاك، ويستشهد لهذا القول بقوله: {نزل به الرّوح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين}. وقال مقاتل بن حيّان: الرّوح هو أشرف الملائكة وأقرب إلى الرّبّ عزّ وجلّ، وصاحب الوحي.
والخامس: أنّه القرآن، قاله ابن زيدٍ، كقوله: {وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا..} الآية.
والسّادس: أنّه ملكٌ من الملائكة بقدر جميع المخلوقات، قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: {يوم يقوم الرّوح}. قال: هو ملكٌ عظيمٌ من أعظم الملائكة خلقاً.
وقال ابن جريرٍ: حدّثني محمّد بن خلفٍ العسقلانيّ، حدّثنا روّاد بن الجرّاح، عن أبي حمزة، عن الشّعبيّ، عن علقمة، عن ابن مسعودٍ قال: الرّوح في السّماء الرّابعة، هو أعظم من السّماوات ومن الجبال ومن الملائكة، يسبّح كلّ يومٍ اثني عشر ألف تسبيحةٍ، يخلق اللّه من كلّ تسبيحةٍ ملكاً من الملائكة، يجيء يوم القيامة صفًّا وحده. وهذا قولٌ غريبٌ جدًّا.
وقد قال الطّبرانيّ: حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن عرسٍ المصريّ، حدّثنا وهب اللّه بن رزقٍ أبو هبيرة، حدّثنا بشر بن بكرٍ، حدّثنا الأوزاعيّ، حدّثني عطاءٌ، عن عبد اللّه بن عبّاسٍ: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «إنّ للّه ملكاً لو قيل له: التقم السّماوات السّبع والأرضين بلقمةٍ واحدةٍ لفعل، تسبيحه سبحانك حيث كنت».
وهذا حديثٌ غريبٌ جدًّا، وفي رفعه نظرٌ، وقد يكون موقوفاً على ابن عبّاسٍ، ويكون ممّا تلقّاه من الإسرائيليّات، واللّه أعلم.
وتوقّف ابن جريرٍ فلم يقطع بواحدٍ من هذه الأقوال كلّها، والأشبه واللّه أعلم أنّهم بنو آدم.
وقوله: {إلاّ من أذن له الرّحمن}، كقوله: {لا تكلّم نفسٌ إلاّ بإذنه}. وكما ثبت في الصّحيح:«ولا يتكلّم يومئذٍ إلاّ الرّسل».
وقوله: {وقال صواباً}؛ أي: حقًّا، ومن الحقّ: لا إله إلاّ اللّه، كما قاله أبو صالحٍ وعكرمة). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 309-310]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآَبًا (39)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ذلك اليوم الحقّ}؛ أي: الكائن لا محالة، {فمن شاء اتّخذ إلى ربّه مآباً}. أي: مرجعاً وطريقاً يهتدي إليه، ومنهجاً يمرّ به عليه). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 310]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا (40)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {إنّا أنذرناكم عذاباً قريباً}. يعني: يوم القيامة لتأكّد وقوعه صار قريباً؛ لأنّ كلّ ما هو آتٍ آتٍ.
{يوم ينظر المرء ما قدّمت يداه}؛ أي: يعرض عليه جميع أعماله خيرها وشرّها، قديمها وحديثها؛ كقوله: {ووجدوا ما عملوا حاضراً}، وكقوله: {ينبّأ الإنسان يومئذٍ بما قدّم وأخّر}.
{ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً}؛ أي: يودّ الكافر يومئذٍ أنّه كان في الدّار الدّنيا تراباً، ولم يكن خلق ولا خرج إلى الوجود، وذلك حين عاين عذاب اللّه ونظر إلى أعماله الفاسدة قد سطرت عليه بأيدي الملائكة السّفرة الكرام البررة، وقيل: إنّما يودّ ذلك حين يحكم اللّه بين الحيوانات الّتي كانت في الدّنيا، فيفصل بينها بحكمه العدل الّذي لا يجور، حتّى إنّه ليقتصّ للشّاة الجمّاء من القرناء، فإذا فرغ من الحكم بينها قال لها: كوني تراباً. فتصير تراباً، فعند ذلك يقول الكافر: {يا ليتني كنت تراباً}؛ أي: كنت حيواناً فأرجع إلى التّراب.
وقد ورد معنى هذا في حديث الصّور المشهور، وورد فيه آثارٌ عن أبي هريرة وعبد اللّه بن عمرٍو وغيرهما). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 310-311]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:10 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة