العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة النساء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 ربيع الثاني 1434هـ/22-02-2013م, 01:03 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير سورة النساء [ من الآية (131) إلى الآية (134) ]

تفسير سورة النساء
[ من الآية (131) إلى الآية (134) ]


بسم الله الرحمن الرحيم
{وَللّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا (131) وَلِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً (132) إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا (133) مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (134)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 07:38 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا (131) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وللّه ما في السّموات وما في الأرض ولقد وصّينا الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإيّاكم أن اتّقوا اللّه وإن تكفروا فإنّ للّه ما في السّموات وما في الأرض وكان اللّه غنيًّا حميدًا}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: وللّه ملك جميع ما حوته السّموات السّبع والأرضون السّبع من الأشياء كلّها. وإنّما ذكر جلّ ثناؤه ذلك بعقب قوله: {وإن يتفرّقا يغن اللّه كلًّا من سعته} تنبيهًا منه خلقه على موضع الرّغبة عند فراق أحدهم زوجته، ليفزعوا إليه عند الجزع من الحاجة والفاقة والوحشة بفراق سكنه وزوجته، وتذكيرًا منه له أنّه الّذي له الأشياء كلّها وأنّ من كان له ملك جميع الأشياء فغير متعذّرٍ عليه أن يغنيه، وكلّ ذي فاقةٍ وحاجةٍ، ويؤنس كلّ ذي وحشةً. ثمّ رجع جلّ ثناؤه إلى عذل من سعى في أمر بني أبيرقٍ وتوبيخهم ووعيد من فعل فعل المرتدّ منهم فقال: {ولقد وصّينا الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإيّاكم} يقول: ولقد أمرنا أهل الكتاب وهم أهل التّوراة والإنجيل وإيّاكم، يقول: وأمرناكم وقلنا لكم ولهم: {اتّقوا اللّه} يقول: احذروا أن تعصوه وتخالفوا أمره ونهيه، {وإن تكفروا} يقول: وإن تجحدوا وصيّته إيّاكم أيّها المؤمنون فتخالفوها {فإنّ للّه ما في السّموات وما في الأرض} يقول: فإنّكم لا تضرّون بخلافكم وصيّته غير أنفسكم، ولا تعدون في كفركم ذلك أن تكونوا مثال اليهود والنّصارى في نزول عقوبته بكم وحلول غضبه عليكم كما حلّ بهم، إذ بدّلوا عهده ونقضوا ميثاقه، فغيّر بهم ما كانوا فيه من خفض العيش وأمن السّرب، وجعل منهم القردة والخنازير؛ وذلك أنّ له ملك جميع ما حوته السّموات والأرض لا يمتنع عليه شيءٌ أراده بجميعه وبشيءٍ منه من إعزاز من أراد إعزازه وإذلال من أراد إذلاله، وغير ذلك من الأمور كلّها، لأنّ الخلق خلقه بهم إليه الفاقة والحاجة، وبه قوامهم وبقاؤهم وهلاكهم وفناؤهم، وهو الغنيّ الّذي لا حاجة تحلّ به إلى شيءٍ ولا فاقة تنزل به تضطرّه إليكم أيّها النّاس ولا إلى غيركم، والحميد الّذي استوجب عليكم أيّها الخلق الحمد بصنائعه الحميدة إليكم وآلائه الجميلة لديكم، فاستديموا ذلك أيّها النّاس باتّقائه، والمسارعة إلى طاعته فيما يأمركم به وينهاكم عنه. كما:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه بن هاشمٍ، قال: أخبرنا سيفٌ عن أبي روقٍ، عن عليٍّ، رضي اللّه عنه: {وكان اللّه غنيًّا حميدًا} قال: غنيًّا عن خلقه {حميدًا} قال: مستحمدًا إليهم). [جامع البيان: 7/577-578]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وللّه ما في السّماوات وما في الأرض ولقد وصّينا الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإيّاكم أن اتّقوا اللّه وإن تكفروا فإنّ للّه ما في السّماوات وما في الأرض وكان اللّه غنيًّا حميدًا (131)
قوله تعالى: وللّه ما في السّماوات وما في الأرض ولقد وصّينا الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإيّاكم أن اتّقوا اللّه
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا سويد بن سعيدٍ الأنباريّ، حدّثني محمّد بن الحسين، أنّه كتب لسفيان الثوري، فأملا عليه من أبي عبد اللّه إلى أبي فلانٍ، أمّا بعد فإنّي أوصيك بتقوى اللّه، فإنّها وصيّة اللّه خلقه يقول اللّه تبارك وتعالى: ولقد وصّينا الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإيّاكم أن اتّقوا اللّه وإن تكفروا فإنّ لّلّه ما في السّماوات وما في الأرض وكان اللّه غنيًّا حميدًا إنّك إن اتّقيت اللّه كفاك اللّه ما همّك، وإن اتّقيت النّاس لم يغنوا عنك من اللّه شيئًا.
قوله تعالى: وكان اللّه غنيًّا حميدًا.
- حدّثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيدٍ القطّان، ثنا عمرٌو العنقزيّ عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، عن عديّ بن ثابتٍ، عن البراء بن عازبٍ: وكان اللّه غنيًّا يعني قال: عن صدقاتكم.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، أنبأ محمّد بن مزاحمٍ، عن بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان في قول اللّه تعالى: وكان اللّه غنيًّا قال: في سلطانه عمّا عندكم.
قوله تعالى: حميدًا.
- ذكر عبد اللّه بن هارون بن الأشعث، ثنا إسحاق بن الحجّاج، ثنا عبد اللّه ابن هاشمٍ، أنبأ سيفٌ، عن أبي روقٍ، عن أيّوب، عن عليٍّ وكان اللّه غنيًّا حميدًا أي قال: متحمّدًا إلى خلقه). [تفسير القرآن العظيم: 4/1084-1085]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وكان الله غنيا} قال: غنيا عن خلقه {حميدا} قال: مستحمدا إليهم.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن علي، مثله). [الدر المنثور: 5/73]

تفسير قوله تعالى: (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (132) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وللّه ما في السّموات وما في الأرض وكفى باللّه وكيلاً}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: وللّه ملك جميع ما حوته السّموات والأرض، وهو القيّم بجميعه، والحافظ لذلك كلّه، لا يعزب عنه علم شيءٍ منه، ولا يئوده حفظه وتدبيره. كما:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا هشامٌ، عن عمرٍو، عن سعيدٍ، عن قتادة: {وكفى باللّه وكيلاً} قال: حفيظًا
فإن قال قائلٌ: وما وجه تكرار قوله: {وللّه ما في السّموات وما في الأرض} في آيتين إحداهما في إثر الأخرى؟
قيل: كرّر ذلك لاختلاف معنى الخبرين عمّا في السّموات والأرض في الآيتين، وذلك أنّ الخبر عنه في إحدى الآيتين ذكر حاجته إلى بارئه وغنى بارئه عنه، وفي الأخرى حفظ بارئه إيّاه به وعلمه به وتدبيره.
فإن قال: أفلا قيل: وكان اللّه غنيًّا حميدًا وكفى باللّه وكيلاً؟
قيل: إنّ الّذي في الآية الّتي قال فيها: {وكان اللّه غنيًّا حميدًا} ممّا صلح أن يختم ما ختم به من وصف اللّه بالغنى وأنّه محمودٌ ولم يذكر فيها ما يصلح أن يختم بوصفه معه بالحفظ والتّدبير، فلذلك كرّر قوله: {وللّه ما في السّموات وما في الأرض}). [جامع البيان: 7/579-580]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وللّه ما في السّماوات وما في الأرض وكفى باللّه وكيلًا (132)
قوله تعالى: ولله ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا
- حدنا عليّ بن طاهرٍ، ثنا محمّد بن العلاء، ثنا عثمان بن سعيدٍ قال جبريل: يا محمّد، للّه الخلق كلّه والسّموات كلّهنّ ومن فيهنّ والأرضون كلّهنّ ومن فيهنّ، ومن بينهنّ ممّا يعلم وممّا لا يعلم). [تفسير القرآن العظيم: 4/1085]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله {وكفى بالله وكيلا} قال: حفيظا). [الدر المنثور: 5/73]

تفسير قوله تعالى: (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآَخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا (133) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إن يشأ يذهبكم أيّها النّاس ويأت بآخرين وكان اللّه على ذلك قديرًا}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: {إن يشأ} اللّه أيّها النّاس {يذهبكم} أي يذهبكم بإهلاككم وإفنائكم {ويأت بآخرين} يقول: ويأت بناسٍ آخرين غيركم، لمؤازرة نبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم ونصرته. {وكان اللّه على ذلك قديرًا} يقول: وكان اللّه على إهلاككم وإفنائكم، واستبدال آخرين غيركم بكم قديرًا، يعني: ذا قدرةٍ على ذلك.
وإنّما وبّخ جلّ ثناؤه بهذه الآيات الخائنين الّذين خانوا الدّرع الّتي وصفنا شأنها، الّذين ذكرهم اللّه في قوله، {ولا تكن للخائنين خصيمًا} وحذّر أصحاب محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم أن يكونوا مثلهم، وأن يفعلوا فعل المرتدّ منهم في ارتداده ولحاقه بالمشركين، وعرّفهم أنّ من فعل فعله منهم فلن يضرّ إلاّ نفسه ولن يوبق بردّته غير نفسه، لأنّه المحتاج مع جميع ما في السّموات وما في الأرض إلى اللّه، واللّه الغنيّ عنهم، ثمّ توعّدهم في قوله: {إن يشأ يذهبكم أيّها النّاس ويأت بآخرين} بالهلاك والاستئصال إن هم فعلوا فعل ابن أبيرقٍ طعمة المرتدّ، وباستبدال آخرين غيرهم بهم لنصرة نبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وصحبته ومؤازرته على دينه، كما قال في الآية الأخرى: {وإن تتولّوا يستبدل قومًا غيركم ثمّ لا يكونوا أمثالكم}.
وقد روي عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّها لمّا نزلت، ضرب بيده على ظهر سلمان، فقال: هم قوم هذا يعني عجم الفرس
كذلك: حدّثت عن عبد العزيز بن محمّدٍ، عن سهيل بن أبي صالحٍ، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقال قتادة في ذلك بما:
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، في قوله: {إن يشأ يذهبكم}: أيّها النّاس ويأت بآخرين وكان اللّه على ذلك قديرًا قادرٌ واللّه ربّنا على ذلك، أن يهلك من يشاء من خلقه، ويأتي بآخرين من بعدهم). [جامع البيان: 7/580-581]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (إن يشأ يذهبكم أيّها النّاس ويأت بآخرين وكان اللّه على ذلك قديرًا (133)
قوله تعالى: إن يشأ يذهبكم أيّها النّاس
- حدّثنا أبي، ثنا عبد العزيز بن المغيرة، ثنا يزيد بن زريعٍ ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: إن يشأ يذهبكم أيّها النّاس ويأت بآخرين وكان اللّه على ذلك قديرًا قال: قادرٌ واللّه ربّنا على ذلك أن يهلك من شاء من خلقه ويأت بآخرين من بعدهم). [تفسير القرآن العظيم: 4/1085]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة في قوله {إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين} قال: قادر والله ربنا على ذلك أن يهلك من خلقه ما شاء ويأت بآخرين من بعدهم). [الدر المنثور: 5/73]

تفسير قوله تعالى: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (134) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {من كان يريد ثواب الدّنيا فعند اللّه ثواب الدّنيا والآخرة وكان اللّه سميعًا بصيرًا}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: {من كان يريد} ممّن أظهر الإيمان لمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم من أهل النّفاق الّذين يستبطنون الكفر وهم مع ذلك يظهرون الإيمان {ثواب الدّنيا} يعني: عرض الدّنيا، بإظهار ما أظهر من الإيمان بلسانه {فعند اللّه ثواب الدّنيا}
يعني: جزاؤه في الدّنيا منها وثوابه فيها، هو ما يصيب من المغنم إذا شهد مع النّبيّ مشهدًا، وأمّنه على نفسه وذرّيّته وماله، وما أشبه ذلك. وأمّا ثوابه في الآخرة فنار جهنّم.
فمعنى الآية: من كان من العاملين في الدّنيا من المنافقين يريد بعمله ثواب الدّنيا وجزاءها من عمله، فإنّ اللّه مجازيه بها جزاءه في الدّنيا من الدّنيا، وجزاءه في الآخرة من العقاب والنّكال وذلك أنّ اللّه قادرٌ على ذلك كلّه، وهو مالكٌ جميعه، كما قال في الآية الأخرى: {من كان يريد الحياة الدّنيا وزينتها نوفّ إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الّذين ليس لهم في الآخرة إلاّ النّار وحبط ما صنعوا فيها وباطلٌ ما كانوا يعملون}.
وإنّما عنى بذلك جلّ ثناؤه الّذين سعوا في أمر بني أبيرقٍ، والّذين وصفهم في قوله: {ولا تجادل عن الّذين يختانون أنفسهم إنّ اللّه لا يحبّ من كان خوّانًا أثيمًا يستخفون من النّاس ولا يستخفون من اللّه وهو معهم إذ يبيّتون ما لا يرضى من القول} ومن كان من نظرائهم في أفعالهم ونفاقهم.
وقوله: {وكان اللّه سميعًا بصيرًا} يعني: وكان اللّه سميعًا لما يقول هؤلاء المنافقون الّذين يريدون ثواب الدّنيا بأعمالهم، وإظهارهم للمؤمنين ما يظهرون لهم إذا لقوا المؤمنين وقولهم لهم آمنّا. {بصيرًا} يعني: وكان ذا بصرٍ بهم وبما هم عليه منطوون للمؤمنين مما يكتمونه ولا يبدونه لهم من الغشّ والغلّ الّذي في صدورهم). [جامع البيان: 7/581-582]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (من كان يريد ثواب الدّنيا فعند اللّه ثواب الدّنيا والآخرة وكان اللّه سميعًا بصيرًا (134)
قوله تعالى: من كان يريد ثواب الدّنيا فعند اللّه ثواب الدنيا والآخرة
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا محمّد بن عمرٍو زنيجٌ، ثنا سلمة قال محمد ابن إسحاق قوله: من كان يريد ثواب الدّنيا أي من كان منكم يريد الدّنيا ليست له رغبةٌ في الآخرة نؤته ما قسم له فيها من رزقٍ، ولا حظّ له في الآخرة.
قوله تعالى: وكان اللّه سميعًا بصيرًا. [6075]
وبه ثنا سلمة، ثنا محمّد بن إسحاق سميعًا أي سميعٌ ما تقولون
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى، ثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيبٍ، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامرٍ: رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو يقرأ هذه الآية سميعًا بصيرًا يقول: بكلّ شيءٍ بصيرٌ). [تفسير القرآن العظيم: 4/1086]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ) سعيد بن جبير - رحمه الله - قال: قال رجلٌ لابن عبّاسٍ: إني أجد في القرآن أشياء تختلف عليّ، قال: ما هو؟ قال: {فلا أنساب بينهم يومئذٍ ولا يتساءلون} [المؤمنون: 101]، وقال: {وأقبل بعضهم على بعضٍ يتساءلون} [الصافات: 27]، وقال: {ولا يكتمون اللّه حديثاً} [النساء: 42]، وقال: {واللّه ربّنا ما كنّا مشركين} [الأنعام: 23]، وقد كتموا في هذه الآية، وفي [النازعات: 27] {أم السماء بناها. رفع سمكها فسوّاها. وأغطش ليلها وأخرج ضحاها. والأرض بعد ذلك دحاها} فذكر خلق السماء قبل خلق الأرض، ثم قال: {أئنّكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين - إلى - طائعين} [فصلت: 9 - 11] فذكر في هذه خلق الأرض قبل خلق السّماء، وقال: {وكان اللّه غفوراً رحيماً} [الأحزاب: 50] وقال: {وكان اللّه عزيزاً حكيماً} [الفتح: 19] وقال: {وكان اللّه سميعاً بصيراً} [النساء: 134] فكأنه كان، ثمّ مضى، قال ابن عباس: {فلا أنساب بينهم} في النفخة الأولى، ينفخ في الصور، فيصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله، فلا أنساب بينهم عند ذلك، ولا يتساءلون، ثم في النّفخة الآخرة: أقبل بعضهم على بعض يتساءلون، وأما قوله: {واللّه ربّنا ما كنّا مشركين} {ولا يكتمون اللّه حديثاً}، فإنّ الله يغفر لأهل الإخلاص ذنوبهم، فيقول المشرك: تعالوا نقول: ما كنّا مشركين، فيختم اللّه على أفواههم، فتنطق جوارحهم بأعمالهم، فعند ذلك عرف أنّ الله لا يكتم حديثاً، وعنده: {ربما يودّ الذين كفروا لو كانوا مسلمين} وخلق الأرض في يومين، ثمّ استوى إلى السماء، فسواهن سبع سمواتٍ في يومين آخرين، ثم دحى الأرض، أي: بسطها، وأخرج منها الماء والمرعى، وخلق فيها الجبال والأشجار، والآكام وما بينهما في يومين آخرين، فذلك قوله: {والأرض بعد ذلك دحاها} [النازعات: 30] فخلقت الأرض وما فيها من شيءٍ في أربعة أيامٍ، وخلقت السّموات في يومين، وقوله: {وكان اللّه غفوراً رحيماً} سمّى نفسه ذلك، أي: لم يزل، ولا يزال كذلك، وإن الله لم يرد شيئاً إلا أصاب به الذي أراد. ويحك، فلا يختلف عليك القرآن، فإنّ كلاً من عند الله. أخرجه البخاري.
[شرح الغريب]
(دحاها) دحا الأرض: بسطها.
(فصعق) صعق الإنسان: إذا غشي عليه. وإذا مات.
(الآكام):جمع أكمة، وهي الروابي الصغار.
(جوارحهم) الجوارح: جمع جارحة، وهي الأعضاء، كاليد والرجل ونحو ذلك). [جامع الأصول: 2/63-65] (م)


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 09:43 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا (131)}

قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({وللّه ما في السّماوات وما في الأرض ولقد وصّينا الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإيّاكم أن اتّقوا اللّه وإن تكفروا فإنّ للّه ما في السّماوات وما في الأرض وكان اللّه غنيّاً حميداً}
قال: {ولقد وصّينا الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإيّاكم أن اتّقوا اللّه} أي بأن اتّقوا الله). [معاني القرآن: 1/211]

تفسير قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (132)}
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): ( (وكيلا) أي: كفيلا كافيا). [ياقوتة الصراط: 203]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآَخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا (133)}

تفسير قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (134)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({مّن كان يريد ثواب الدّنيا فعند اللّه ثواب الدّنيا والآخرة وكان اللّه سميعاً بصيراً}
[وقال] {مّن كان يريد ثواب الدّنيا فعند اللّه ثواب الدّنيا والآخرة} فموضع {كان} جزم والجواب الفاء وارتفعت {يريد} لأنه ليس فيها حرف عطف. كما قال: {من كان يريد الحياة الدّنيا وزينتها نوفّ إليهم}، وقال: {من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدّنيا نؤته منها} فجزم لأن الأول في موضع جزم ولكنه فعل واجب فلا ينجزم، و{يريد} في موضع نصب بخبر {كان}. [و] قال: {وإن امرأةٌ خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً} فجعل الاسم يلي {إن} لأنّها أشدّ حروف الجزاء تمكنا. وإنّما حسن هذا فيها إذا لم يكن لفظ ما وقعت عليه جزما نحو قوله:
* عاود هراة وإن معمورها خربا *). [معاني القرآن: 1/211-212]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): (ومنه أن يأتي الفعل على بنية الماضي وهو دائم، أو مستقبل: كقوله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}، أي أنتم خير أمّة.
وقوله: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ}، أي وإذ يقول الله يوم القيامة. يدلك على ذلك قوله سبحانه: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ}
وقوله: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ}، يريد يوم القيامة. أي سيأتي قريبا فلا تستعجلوه.
وقوله: {قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا}، أي من هو صبيّ في المهد.
وكذلك قوله: {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا}، وكذلك قوله: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا}
إنما هو: الله سميع بصير، والله على كل شيء قدير). [تأويل مشكل القرآن:295-296] (م)

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: (من كان يريد ثواب الدّنيا فعند اللّه ثواب الدّنيا والآخرة وكان اللّه سميعا بصيرا (134)
كان مشركو العرب لا يؤمنون بالبعث، وكانوا مقرين بأن اللّه خالقهم.
فكان تقربهم إلى الله عزّ وجلّ إنما هو ليعطيهم من خير الدنيا، ويصرف عنهم شرها، فأعلم الله عزّ وجلّ أن خير الدنيا والآخرة عنده).
[معاني القرآن: 2/117]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {من كان يريد ثواب الدنيا} فعند الله ثواب الدنيا والآخرة روي أن أكثر المشركين كانوا لا يؤمنون بالقيامة وإنما يتقربون إلى الله ليوسع عليهم في الدنيا ويدفع عنهم مكروهها فأنزل الله: {من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة}). [معاني القرآن: 2/210]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 28 ربيع الثاني 1434هـ/10-03-2013م, 10:27 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي المجموع

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا (131) }

تفسير قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (132) }

تفسير قوله تعالى: {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآَخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا (133) }

تفسير قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (134) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 16 جمادى الآخرة 1435هـ/16-04-2014م, 12:36 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 16 جمادى الآخرة 1435هـ/16-04-2014م, 12:36 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 16 جمادى الآخرة 1435هـ/16-04-2014م, 12:36 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 16 جمادى الآخرة 1435هـ/16-04-2014م, 12:36 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا (131) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: وللّه ما في السّماوات وما في الأرض تنبيه على موضع الرجاء لهذين المفترقين، ثم جاء بعد ذلك قوله وإن تكفروا فإنّ للّه ما في السّماوات وما في الأرض تنبيها على استغنائه عن العباد، ومقدمة للخبر بكونه غنيا حميدا.

...

وقوله تعالى ولقد وصّينا الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم لفظ عام لكل من أوتي كتابا، فإن وصية الله تعالى عباده بالتقوى لم تزل منذ أوجدهم). [المحرر الوجيز: 3/40-41]


تفسير قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (132) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : ([المحرر الوجيز: 3/41]
ثم جاء بعد ذلك قوله وللّه ما في السّماوات وما في الأرض، وكفى باللّه وكيلًا مقدمة للوعيد، فهذه وجوه تكرار هذا الخبر الواحد ثلاث مرات متقاربة.
...

و «الوكيل»: القائم بالأمور المنفذ فيها ما رآه). [المحرر الوجيز: 3/41]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآَخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا (133) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: أيّها النّاس مخاطبة للحاضرين من العرب، وتوقيف للسامعين لتحضر أذهانهم.
وقوله بآخرين يريد من نوعكم، وروي عن أبي هريرة أنه لما نزلت هذه الآية ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده على كتف سلمان الفارسي وقال: هم قوم هذا، وتحتمل ألفاظ الآية أن تكون وعيدا لجميع بني آدم، ويكون الآخرون من غير نوعهم، كما قد روي: أنه كان في الأرض ملائكة يعبدون الله قبل بني آدم، وقدرة الله تعالى على ما ذكر تقضي بها العقول ببدائها، وقال الطبري هذا الوعيد والتوبيخ هو للقوم الذين شفعوا في طعمة بن أبيرق وخاصموا عنه في أمر خيانته في الدرع والدقيق.
قال القاضي أبو محمد- رحمه الله-: وهذا تأويل بعيد واللفظ إنما يظهر حسن رصفه بعمومه وانسحابه على العالم جملة أو العالم الحاضر). [المحرر الوجيز: 3/41]

تفسير قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (134) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: من كان يريد ثواب الدّنيا فعند اللّه ثواب الدّنيا والآخرة وكان اللّه سميعاً بصيراً (134) يا أيّها الّذين آمنوا كونوا قوّامين بالقسط شهداء للّه ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيًّا أو فقيراً فاللّه أولى بهما فلا تتّبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإنّ اللّه كان بما تعملون خبيراً (135)
أي: من كان لا مراد له إلا في ثواب الدنيا ولا يعتقد أن ثم سواه، فليس هو كما ظن، بل عند الله تعالى ثواب الدارين، فمن قصد الآخرة أعطاه الله من ثواب الدنيا وأعطاه قصده، ومن قصد الدنيا فقط أعطاه من الدنيا ما قدر له وكان له في الآخرة العذاب، والله تعالى «سميع» للأقوال، «بصير» بالأعمال والنيات). [المحرر الوجيز: 3/41-42]

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 16 جمادى الآخرة 1435هـ/16-04-2014م, 12:36 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 16 جمادى الآخرة 1435هـ/16-04-2014م, 12:36 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا (131) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وللّه ما في السّماوات وما في الأرض ولقد وصّينا الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإيّاكم أن اتّقوا اللّه وإن تكفروا فإنّ للّه ما في السّماوات وما في الأرض وكان اللّه غنيًّا حميدًا (131) وللّه ما في السّماوات وما في الأرض وكفى باللّه وكيلا (132) إن يشأ يذهبكم أيّها النّاس ويأت بآخرين وكان اللّه على ذلك قديرًا (133) من كان يريد ثواب الدّنيا فعند اللّه ثواب الدّنيا والآخرة وكان اللّه سميعًا بصيرًا (134)}
يخبر تعالى أنّه مالك السّماوات والأرض، وأنّه الحاكم فيهما؛ ولهذا قال: {ولقد وصّينا الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإيّاكم} أي: وصّيناكم بما وصّيناهم به، من تقوى اللّه، عزّ وجلّ، بعبادته وحده لا شريك له.
ثمّ قال: {وإن تكفروا فإنّ لله ما في السّماوات وما في الأرض [وكان اللّه غنيًّا حميدًا]} كما قال تعالى إخبارًا عن موسى أنّه قال لقومه: {إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعًا فإنّ اللّه لغنيٌّ حميدٌ} [إبراهيم: 8]، وقال {فكفروا وتولّوا واستغنى اللّه واللّه غنيٌّ حميدٌ} [التّغابن: 6] أي: غنيٌّ عن عباده، {حميدٌ} أي: محمودٌ في جميع ما يقدّره ويشرعه). [تفسير القرآن العظيم: 2/431]

تفسير قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (132) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وللّه ما في السّماوات وما في الأرض وكفى باللّه وكيلا} أي: هو القائم على كلّ نفسٍ بما كسبت، الرّقيب الشّهيد على كل شيء). [تفسير القرآن العظيم: 2/431]

تفسير قوله تعالى: {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآَخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا (133) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {إن يشأ يذهبكم أيّها النّاس ويأت بآخرين وكان اللّه على ذلك قديرًا} أي: هو قادرٌ على إذهابكم وتبديلكم بغيركم إذا عصيتموه، وكما قال [تعالى] {وإن تتولّوا يستبدل قومًا غيركم ثمّ لا يكونوا أمثالكم} [محمد: 38]. وقال بعض السّلف: ما أهون العباد على اللّه إذا أضاعوا أمره! وقال تعالى: {إن يشأ يذهبكم ويأت بخلقٍ جديدٍ. وما ذلك على الله بعزيزٍ} [إبراهيم: 19، 20] أي: ما هو عليه بممتنعٍ). [تفسير القرآن العظيم: 2/432]

تفسير قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (134) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {من كان يريد ثواب الدّنيا فعند اللّه ثواب الدّنيا والآخرة} أي: يا من ليس همّه إلّا الدّنيا، اعلم أنّ عند اللّه ثواب الدّنيا والآخرة، وإذا سألته من هذه وهذه أعطاك وأغناك وأقناك، كما قال تعالى: {فمن النّاس من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا وما له في الآخرة من خلاقٍ. ومنهم من يقول ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النّار. أولئك لهم نصيبٌ ممّا كسبوا [واللّه سريع الحساب]} [البقرة: 200-202]، وقال تعالى: {من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه [ومن كان يريد حرث الدّنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيبٍ]} [الشّورى:20]، وقال تعالى: {من كان يريد العاجلة عجّلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثمّ جعلنا له جهنّم يصلاها مذمومًا مدحورًا. ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمنٌ فأولئك كان سعيهم مشكورًا. كلا نمدّ هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربّك وما كان عطاء ربّك محظورًا. انظر كيف فضّلنا بعضهم على بعضٍ [وللآخرة أكبر درجاتٍ وأكبر تفضيلا]} [الإسراء: 18-21].
وقد زعم ابن جريرٍ أنّ المعنى في هذه الآية: {من كان يريد ثواب الدّنيا} أي: من المنافقين الّذين أظهروا الإيمان لأجل ذلك، {فعند اللّه ثواب الدّنيا} وهو ما حصل لهم من المغانم وغيرها مع المسلمين. وقوله: {والآخرة} أي: وعند اللّه ثواب الآخرة، وهو ما ادّخره لهم من العقوبة في نار جهنّم. وجعلها كقوله: {من كان يريد الحياة الدّنيا وزينتها [نوفّ إليهم أعمالهم فيها] وهم فيها لا يبخسون. أولئك الّذين ليس لهم في الآخرة إلا النّار وحبط ما صنعوا فيها وباطلٌ ما كانوا يعملون} [هودٍ: 15، 16].
ولا شكّ أنّ هذه الآية معناها ظاهرٌ، وأمّا تفسيره الآية الأولى بهذا ففيه نظرٌ؛ فإنّ قوله {فعند اللّه ثواب الدّنيا والآخرة} ظاهرٌ في حضور الخير في الدّنيا والآخرة، أي: بيده هذا وهذا، فلا يقتصرنّ قاصر الهمّة على السّعي للدّنيا فقط، بل لتكن همّته ساميةٌ إلى نيل المطالب العالية في الدّنيا والآخرة، فإنّ مرجع ذلك كلّه إلى الّذي بيده الضّرّ والنّفع، وهو اللّه الّذي لا إله إلّا هو، الّذي قد قسّم السّعادة والشّقاوة في الدّنيا والآخرة بين النّاس، وعدل بينهم فيما علمه فيهم، ممّن يستحقّ هذا، وممّن يستحقّ هذا؛ ولهذا قال: {وكان اللّه سميعًا بصيرًا} ). [تفسير القرآن العظيم: 2/432]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:32 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة