العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة ص

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 9 جمادى الأولى 1434هـ/20-03-2013م, 06:36 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير سورة ص [ من الآية (21) إلى الآية (26) ]

تفسير سورة ص
[ من الآية (21) إلى الآية (26) ]


بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21) إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاء الصِّرَاطِ (22) إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (23) قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ( س ) (24) فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ (25) يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 9 جمادى الأولى 1434هـ/20-03-2013م, 06:55 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن عمرو بن عبيد عن الحسن في قوله تعالى وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب قال جزأ داود الدهر أربعة أجزاء فيوم لنسائه ويوم لقضائه ويوم يخلو فيه لعبادة ربه ويوم لبني إسرائيل يسألونه فقال يوما لبني إسرائيل أيكم يستطيع أن يتفرغ لربه لا يصيب الشيطان منه شيئا قالوا لا أينا والله فحدث نفسه أنه يستطيع ذلك فدخل محرابه وأغلق أبوابه فقام يصلي فجاء طائر في أحسن صورة مزين كأحسن ما يكون فوقع قريبا منه فنظر إليه فأعجبه فوقع في نفسه منه شيء وأعجبه فدنا منه ليأخذه فضرب يده عليه فأخطأه فوقع قريبا وأطمعه أن سيأخذه ففعل ذلك ثلاث مرات حتى إذا كان في الرابعة ضرب يده عليها فأخطأه فوقع على سور المحراب قال وحول المحراب حوض يغتسل فيه النساء نساء بني إسرائيل أحسبه قال الحيض قال فضرب يده عليه وهو على سور المحراب فأخطأه وهبط الطائر فأشرف فإذا هو بامرأة تغتسل فنفظت شعرها فغطى جسدها فوقع في نفسه منها ما شغله عن صلاته فنزل من محرابه ولبست المرأة ثيابها وخرجت إلى بيتها فخرج حتى عرف بيتها وسألها من أنت فأخبرته فقال هل لك زوج قالت نعم قال أين هو قالت في بعث كذا وكذا وجند كذا وكذا فرجع وكتب إلى عامله إذا جاءك كتابي هذا فاجعل فلانا في أول الخيل التي تلي العدو قال فقدم في فوارس في عادية الخيل فقاتل حتى قتل قال فبينا داود في المحراب تسور عليه ملكان فأفزعاه ورعاه فقالا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض حتى بلغ ولا تشطط أي لا تجر واهدنا إلى سواء الصراط حتى بلغ فقال أكفلنيها يقول أعطنيها وعزني في الخطاب يقول قهرني في الخصومة قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه حتى بلغ وظن داود أنما فتنه قال علم داود أنه هو المعني بذلك وخر راكعا وأناب). [تفسير عبد الرزاق: 2/161-163]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوّروا المحراب (21) إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعضٍ فاحكم بيننا بالحقّ ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصّراط}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: وهل أتاك يا محمّد خبر الخصم وقيل: إنّه عني بالخصم في هذا الموضع ملكان، وخرج في لفظ الواحد، لأنّه مصدرٌ مثل الزّور والسّفر، لا يثنّى ولا يجمع؛ ومنه قول لبيدٍ:
وخصمٍ يعدّون الدّخول كأنّهم = قرومٌ غيارى كلّ أزهر مصعب
وقوله: {إذ تسوّروا المحراب} يقول: دخلوا عليه من غير بابٍ المحراب؛ المحراب مقدم كلّ مجلسٍ وبيتٍ وأشرفه). [جامع البيان: 20/52-53]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 21 - 24.
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن داود عليه السلام حدث نفسه إن ابتلي أن يعتصم فقيل له إنك ستبتلى وستعلم اليوم الذي تبتلى فيه فخذ حذرك فقيل له: هذا اليوم الذي تبتلى فيه فأخذ الزبور ودخل المحراب وأغلق باب المحراب وأدخل الزبور في حجره وأقعد منصفا على الباب وقال لا تأذن لأحد علي اليوم، فبينما هو يقرأ الزبور إذ جاء طائر مذهب كأحسن ما يكون للطير فيه من كل لون فجعل يدرج بين يديه فدنا منه فأمكن أن يأخذه فتناوله بيده ليأخذه فطار فوقه على كوة المحراب فدنا منه ليأخذه فطار فأشرف عليه لينظر أين وقع فإذا هو بامرأة عند بركتها تغتسل من الحيض فلما رأت ظله حركت رأسها فغطت جسدها أجمع بشعرها وكان زوجها غازيا في سبيل الله فكتب داود عليه السلام إلى رأس الغزاة، انظر فاجعله في حملة التابوت أما أن يفتح عليهم وإما أن يقتلوا، فقدمه في حملة التابوت فقتل، فلما انقضت عدتها خطبها داود عليه السلام فاشترطت عليه إن ولدت غلاما أن يكون الخليفة من بعده وأشهدت عليه خمسا من بني إسرائيل وكتبت عليه بذلك كتابا فأشعر بنفسه أنه كتب حتى ولدت سليمان عليه الصلاة والسلام وشب فتسور عليه الملكان المحراب فكان شأنهما ما قص الله تعالى في كتابه وخر داود عليه السلام ساجدا فغفر الله له وتاب عليه). [الدر المنثور: 12/525-526]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما أصابه القدر إلا من عجب عجب بنفسه، وذلك أنه قال يا رب ما من ساعة من ليل ونهار إلا وعابد من بني إسرائيل يعبدك يصلي لك أو يسبح أو يكبر وذكر أشياء فكره الله ذلك فقال يا داود إن ذلك لم يكن إلا بي فلولا عوني ما قويت عليه، وجلالي لآكلك إلى نفسك يوما، قال: يا رب فأخبرني به فأصابته الفتنة ذلك اليوم). [الدر المنثور: 12/526-527]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب} قال: إن داود عليه السلام قال: يا رب قد أعطيت إبراهيم وإسحاق ويعقوب من الذكر ما لو وددت أنك أعطيتني مثله، قال الله عز وجل إني ابتليتهم بما لم أبتلك به فإن شئت ابتليتك بمثل ما ابتليتهم به وأعطيتك كما أعطيتهم قال: نعم، قال له: فاعمل حتى أرى بلاءك، فكان ما شاء الله أن يكون وطال ذلك عليه فكاد أن ينساه فبينما هو في محرابه إذ وقعت عليه حمامة فأراد أن يأخذها فطارت على كوة المحراب فذهب ليأخذها فطارت فاطلع من الكوة فرأى امرأة تغتسل فنزل من المحراب فذهب ليأخذها فأرسل إليها فجاءته فسألها عن زوجها وعن شأنها فأخبرته أن زوجها غائب فكتب إلى أمير تلك السرية أن يؤمره على السرايا ليهلك زوجها ففعل فكان يصاب أصحابه وينجو وربما نصروا، وإن الله عز وجل لما رأى الذي وقع فيه داود عليه السلام أراد أن ينفذ أمره فبينما داود عليه السلام ذات يوم في محرابه إذ تسور عليه الملكان من قبل وجهه فلما رأهما وهو يقرأ فزع وسكت وقال: لقد استضعفت في ملكي حتى أن الناس يتسورون على محرابي فقالا له {لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض} ولم يكن لنا بد من أن نأتيك فاسمع منا فقال أحدهما {إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها} يريد أن يتم مائة ويتركني ليس لي شيء {وعزني في الخطاب} قال: إن دعوت ودعا كان أكثر مني وإن بطشت وبطش كان أشد مني، فذلك قوله {وعزني في الخطاب} قال له داود عليه السلام: أنت كنت أحوج إلى نعجتك منه {لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه} إلى قوله {وقليل ما هم} ونسي نفسه صلى الله عليه وسلم فنظر الملكان أحدهما إلى الآخر حين قال فتبسم أحدهما إلى الآخر فرآه داود عليه السلام فظن إنما فتن {فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب} أربعين ليلة حتى نبتت الخضرة من دموع عينيه ثم شدد الله ملكه). [الدر المنثور: 12/529-530]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه أن داود عليه السلام جزأ الدهر أربعة أجزاء، يوما لنسائه ويوما للعبادة ويوما للقضاء بين بني إسرائيل ويوما لبني إسرائيل، ذكروا فقالوا: هل يأتي على الإنسان يوم لا يصيب فيه ذنبا فأضمر داود عليه السلام في نفسه أنه سيطيق ذلك فلما كان في يوم عبادته غلق أبوابه وأمر أن لا يدخل عليه أحد وأكب على التوراة، فبينما هو يقرأوها إذ حمامة من ذهب فيها من كل لون حسن قد وقعت بين يديه فأهوى إليها ليأخذها فطارت فوقعت غير بعيد من غير مرتبتها فما زال يتبعها حتى أشرف على امرأة تغتسل فأعجبه حسنها وخلقها فلما رأت ظله في الأرض جللت نفسها بشعرها فزاد ذلك أيضا بها إعجابا وكان قد بعث زوجها على بعض بعوثه فكتب إليه أن يسير إلى مكان كذا وكذا، مكان إذا سار إليه قتل ولم يرجع ففعل فأصيب فخطبها داود عليه السلام، فتزوجها، فبينما هو في المحراب إذ تسور الملكان عليه وكان الخصمان إنما يأتونه من باب المحراب ففزع منهم حين تسوروا المحراب فقالوا: {لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط} أي لا تمل {واهدنا إلى سواء الصراط} أي أعدله وخيره {إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة} يعني تسعا وتسعين امرأة لداود وللرجل نعجة واحدة فقال {أكفلنيها وعزني في الخطاب} أي قهرني وظلمني قال {لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب} قال: سجد أربعين ليلة حتى أوحى الله إليه: إني قد غفرت لك، قال: رب كيف تغفر لي وأنت حكم عدل لا تظلم أحدا قال إني أقضيك له ثم استوهبه دمك ثم أثيبه من الجنة حتى يرضى قال: الآن طابت نفسي وعلمت أن قد غفرت لي، قال الله تعالى {فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب} ). [الدر المنثور: 12/531-532]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد في الزهد عن أبي عمران الجوني رضي الله عنه في قوله {وهل أتاك نبأ الخصم} فجلسا فقال لهما قضاء فقال أحدهما إلى الآخر {أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب} فعجب داود عليه السلام وقال {لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه} فأغلظ له أحدهما وارتفع، فعرف داود إنما ذلك بذنبه فسجد فكان أربعين يوما وليلة لا يرفع رأسه إلا إلى صلاة الفريضة حتى يبست وقرحت جبهته وقرحت كفاه وركبتاه فأتاه ملك فقال: يا داود إني رسول ربك إليك وإنه يقول لك ارفع رأسك فقد غفرت لك فقال: يا رب كيف وأنت حكم عدل كيف تغفر لي ظلامة الرجل فترك ما شاء الله ثم أتاه ملك آخر فقال: يا داود إني رسول ربك إليك وإنه يقول لك إنك تأتيني يوم القيامة، وابن صوريا تختصمان إلي فأقضي له عليك ثم أسألها إياه فيهبها لي ثم أعطيه من الجنة حتى يرضى). [الدر المنثور: 12/532-533]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير والحاكم عن السدي قال: إن داود عليه السلام قد قسم الدهر ثلاثة أيام، يوما يقضي فيه بين الناس ويوما يخلو فيه لعبادة ربه ويوما يخلو فيه بنسائه وكان له تسع وتسعون امرأة وكان فيما يقرأ من الكتب قال: يا رب أرى الخير قد ذهب به آبائي الذين كانوا قبلي، فأعطني مثل ما أعطيتهم وافعل بي مثل ما فعلت بهم، فأوحى الله إليه إن آباءك قد ابتلوا ببلايا لم تبتل بها، ابتلي إبراهيم بذبح ولده وابتلي إسحاق بذهاب بصره وابتلي يعقوب بحزنه على يوسف وإنك لم تبتل بشيء من ذلك، قال: رب ابتلني بما ابتليتهم به وأعطني مثل ما أعطيتهم فأوحى الله إليه: إنك مبتلى فاحترس، فمكث بعد ذلك ما شاء الله تعالى أن يمكث إذ جاءه الشيطان قد تمثل في صورة حمامة حتى وقع عند رجليه وهو قائم يصلي فمد يده ليأخذه فتنحى فتبعه فتباعد حتى وقع في كوة فذهب ليأخذه فطار من الكوة فنظر أين يقع فبعث في أثره فأبصر امرأة تغتسل على سطح لها فرأى امرأة من أجمل الناس خلقا فحانت منها التفاتة فأبصرته فالتفت بشعرها فاستترت به فزاده ذلك فيها رغبة فسأل عنها فأخبر أن لها زوجا غائبا بمسلحة كذا وكذا، فبعث إلى صاحب المسلحة يأمره، أن يبعث إلى عدو كذا وكذا، فبعثه ففتح له أيضا فكتب إلى داود عليه السلام بذلك فكتب إليه أن ابعثه إلى عدو كذا وكذا، فبعثه فقتل في المرة الثالثة وتزوج امرأته، فلما دخلت عليه لم يلبث إلا يسيرا حتى بعث الله له ملكين في صورة أنسيين فطلبا أن يدخلا عليه فتسورا عليه الحراب فما شعر وهو يصلي إذ هما بين يديه جالسين ففزع منهما فقالا {لا تخف} إنما نحن {خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط} يقول: لا تخف {واهدنا إلى سواء الصراط} إلى عدل القضاء فقال: قصا علي قصتكما فقال أحدهما {إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة} قال الآخر: وأنا أريد أن آخذها فأكمل بها نعاجي مائة قال وهو كاره قال إذا لا ندعك وذاك قال: يا أخي أنت على ذلك بقادر قال: فإن ذهبت تروم ذلك ضربنا منك هذا وهذا، يعني طرف الأنف والجبهة، قال: يا داود أنت أحق أن يضرب منك هذا وهذا، حيث لك تسع وتسعون امرأة ولم يكن لاوريا إلا امرأة واحدة فلم تزل تعرضه للقتل حتى قتلته، وتزوجت امرأته فنظر فلم ير شيئا فعرف ما قد وقع فيه وما قد ابتلي به {وخر راكعا} فبكى فمكث يبكي أربعين يوما لا يرفع رأسه إلا لحاجة ثم يقع ساجدا يبكي ثم يدعو حتى نبت العشب من دموع عينيه فأوحى الله إليه بعد أربعين يوما يا داود ارفع رأسك قد غفر لك قال: يا رب كيف أعلم أنك قد غفرت لي وأنت حكم عدل لا تحيف في القضاء إذا جاء يوم القيامة أخذ رأسه بيمينه أو بشماله تشخب أوداجه دما في يقول: يا رب سل هذا فيم قتلني فأوحى الله إليه إذا كان ذلك دعوت أوريا فأستوهبك منه فيهبك لي فأثيبه بذلك الجنة قال: رب الآن علمت أنك غفرت لي فما استطاع أن يملاء عينيه من السماء حياء من ربه حتى قبض صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه، نحوه). [الدر المنثور: 12/533-536]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إذ تسوروا المحراب} قال: المسجد). [الدر المنثور: 12/536]

تفسير قوله تعالى: (إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ (22) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن عمرو بن عبيد عن الحسن في قوله تعالى وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب قال جزأ داود الدهر أربعة أجزاء فيوم لنسائه ويوم لقضائه ويوم يخلو فيه لعبادة ربه ويوم لبني إسرائيل يسألونه فقال يوما لبني إسرائيل أيكم يستطيع أن يتفرغ لربه لا يصيب الشيطان منه شيئا قالوا لا أينا والله فحدث نفسه أنه يستطيع ذلك فدخل محرابه وأغلق أبوابه فقام يصلي فجاء طائر في أحسن صورة مزين كأحسن ما يكون فوقع قريبا منه فنظر إليه فأعجبه فوقع في نفسه منه شيء وأعجبه فدنا منه ليأخذه فضرب يده عليه فأخطأه فوقع قريبا وأطمعه أن سيأخذه ففعل ذلك ثلاث مرات حتى إذا كان في الرابعة ضرب يده عليها فأخطأه فوقع على سور المحراب قال وحول المحراب حوض يغتسل فيه النساء نساء بني إسرائيل أحسبه قال الحيض قال فضرب يده عليه وهو على سور المحراب فأخطأه وهبط الطائر فأشرف فإذا هو بامرأة تغتسل فنفظت شعرها فغطى جسدها فوقع في نفسه منها ما شغله عن صلاته فنزل من محرابه ولبست المرأة ثيابها وخرجت إلى بيتها فخرج حتى عرف بيتها وسألها من أنت فأخبرته فقال هل لك زوج قالت نعم قال أين هو قالت في بعث كذا وكذا وجند كذا وكذا فرجع وكتب إلى عامله إذا جاءك كتابي هذا فاجعل فلانا في أول الخيل التي تلي العدو قال فقدم في فوارس في عادية الخيل فقاتل حتى قتل قال فبينا داود في المحراب تسور عليه ملكان فأفزعاه ورعاه فقالا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض حتى بلغ ولا تشطط أي لا تجر واهدنا إلى سواء الصراط حتى بلغ فقال أكفلنيها يقول أعطنيها وعزني في الخطاب يقول قهرني في الخصومة قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه حتى بلغ وظن داود أنما فتنه قال علم داود أنه هو المعني بذلك وخر راكعا وأناب). [تفسير عبد الرزاق: 2/161-163] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {إذ دخلوا على داود} فكرّر إذ مرّتين وكان بعض أهل العربيّة يقول في ذلك: قد يكون معناهما كالواحد، كقولك: ضربتك إذ دخلت عليّ إذ اجترأت، فيكون الدّخول هو الاجتراء، ويكون أن تجعل إحداهما على مذهب (لمّا)، فكأنّه قال: إذ تسوّروا المحراب لمّا دخلوا، قال: وإن شئت جعلت (لمّا) في الأوّل، فإذا كان (لمّا) أوّلاً أو آخرًا، فهي بعد صاحبتها، كما تقول: أعطيته لمّا سألني، فالسّؤال قبل الإعطاء في تقدّمه وتأخّره.
وقوله: {ففزع منهم} يقول القائل: وما كان وجه فزعه منهما وهما خصمان، فإنّ فزعه منهما كان لدخولهما عليه من غير الباب الّذي كان المدخل عليه، فراعه دخولهما كذلك عليه وقيل: إنّ فزعه كان منهما، لأنّهما دخلا عليه ليلاً في غير وقت نظره بين النّاس؛ قالوا: {لا تخف} يقول تعالى ذكره: قال له الخصم: لا تخف يا داود، وذلك لمّا رأياه قد ارتاع من دخولهما عليه من غير الباب وفي الكلام محذوفٌ استغنى بدلالة ما ظهر من الكلام منه، وهو مرافع (خصمان)، وذلك (نحن) وإنّما جاز ترك إظهار ذلك مع حاجة الخصمين إلى المرافع، لأنّ قوله {خصمان} فعلٌ للمتكلّم، والعرب تضمر للمتكلّم والمكلّم المخاطب ما يرفع أفعالهما، ولا يكادون أن يفعلوا ذلك بغيرهما، فيقولون للرّجل يخاطبونه: أمنطلقٌ يا فلان، ويقول المتكلّم لصاحبه: أحسن إليك ومجملٌ، وإنّما يفعلون ذلك كذلك في المتكلّم والمكلّم، لأنّهما حاضران يعرف السّامع مراد المتكلّم إذا حذف الاسم، وأكثر ما يجيء ذلك في الاستفهام، وإن كان جائزًا في غير الاستفهام، فيقال: أجالسٌ، أراكبٌ؟ فمن ذلك قوله خصمان؛ ومنه قول الشّاعر:
وقولا إذا جاوزتما أرض عامرٍ = وجاوزتما الحيّين نهدًا وخثعما
نزيعان من جرم بن زبّان إنّهم = أبوا أن يميروا في الهزاهز محجما
وقول الآخر:
تقول ابنة الكعبيّ يوم لقيتها = أمنطلقٌ في الجيش أم متثاقل
ومنه قولهم: محسنةً فهيلي. وقول النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: آيبون تائبون، وقوله: جاء يوم القيامة مكتوبٌ بين عينيه آيسٌ من رحمة اللّه كلّ ذلك بضميرٍ رفعه.
وقوله عزّ وجلّ: {بغى بعضنا على بعضٍ} يقول: تعدّى أحدنا على صاحبه بغير حقٍّ {فاحكم بيننا بالحقّ} يقول: فاقض بيننا بالعدل {ولا تشطط} يقول: ولا تجر، ولا تسرف في حكمك، بالميل منك مع أحدنا على صاحبه.
وفيه لغتان: أشطّ، وشطّ ومن الإشطاط قول الأحوص:
ألا يا لقوم قد أشطّت عواذلي = ويزعمنّ أنّ أودى بحقّي باطلي
ومسموعٌ من بعضهم: شططت عليّ في السّوم فأمّا في البعد فإن أكثر كلامهم: شطّت الدّار، فهي تشطّ، كما قال الشّاعر:
تشطّ غدًا دار جيراننا = وللدّار بعد غدٍ أبعد
وقوله: {واهدنا إلى سواء الصّراط} يقول: وأرشدنا إلى قصد الطّريق المستقيم.
وبنحو الّذي قلنا في تأويل قوله: {ولا تشطط} قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {ولا تشطط} أي لا تملّ.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ {ولا تشطط} يقول: لا تحف.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ولا تشطط} تخالف عن الحقّ.
وكالّذي قلنا أيضًا في قوله: {واهدنا إلى سواء الصّراط} قالوا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {واهدنا إلى سواء الصّراط} إلى عدله وخيره.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ {واهدنا إلى سواء الصّراط} إلى عدل القضاء.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {واهدنا إلى سواء الصّراط} قال: إلى الحقّ الّذي هو الحقّ: الطّريق المستقيم {ولا تشطط} تذهب إلى غيرها.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن بعض أهل العلم، عن وهب بن منبّهٍ: {واهدنا إلى سواء الصّراط} أي احملنا على الحقّ، ولا تخالف بنا إلى غيره). [جامع البيان: 20/53-57]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول، وابن جرير، وابن أبي حاتم بسند ضعيف عن أنس رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن داود عليه السلام حين نظر إلى المرأة قطع على بني إسرائيل وأوصى صاحب الجيش فقال: إذا حضر العدو تضرب فلانا بين يدي التابوت وكان التابوت في ذلك الزمان يستنصر به من قدم بين يدي التابوت لم يرجع حتى يقتل أو ينهزم منه الجيش، فقتل وتزوج المرأة ونزل الملكان على داود عليه السلام فسجد فمكث أربعين ليلة ساجدا حتى نبت الزرع من دموعه على رأسه فأكلت الأرض جبينه وهو يقول في سجوده: رب زل داود زلة أبعد مما بين المشرق والمغرب، رب إن لم ترحم ضعف داود وتغفر ذنوبه جعلت ذنبه حديثا في المخلوق من بعده، فجاء جبريل عليه السلام من بعد أربعين ليلة فقال: يا داود إن الله قد غفر لك وقد عرفت أن الله عدل لا يميل فكيف بفلان إذا جاء يوم القيامة فقال: يا رب دمي الذي عند داود قال جبريل: ما سألت ربك عن ذلك فإن شئت لأفعلن فقال: نعم، ففرح جبريل وسجد داود عليه السلام فمكث ما شاء الله ثم نزل فقال: قد سألت الله يا داود عن الذي أرسلتني فيه، فقال: قل لداود إن الله يجمعكما يوم القيامة فيقول هب لي دمك الذي عند داود فيقول: هو لك يا رب فيقول: فإن لك في الجنة ما شئت وما اشتهيت عوضا). [الدر المنثور: 12/527-528]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب} قال: إن داود عليه السلام قال: يا رب قد أعطيت إبراهيم وإسحاق ويعقوب من الذكر ما لو وددت أنك أعطيتني مثله، قال الله عز وجل إني ابتليتهم بما لم أبتلك به فإن شئت ابتليتك بمثل ما ابتليتهم به وأعطيتك كما أعطيتهم قال: نعم، قال له: فاعمل حتى أرى بلاءك، فكان ما شاء الله أن يكون وطال ذلك عليه فكاد أن ينساه فبينما هو في محرابه إذ وقعت عليه حمامة فأراد أن يأخذها فطارت على كوة المحراب فذهب ليأخذها فطارت فاطلع من الكوة فرأى امرأة تغتسل فنزل من المحراب فذهب ليأخذها فأرسل إليها فجاءته فسألها عن زوجها وعن شأنها فأخبرته أن زوجها غائب فكتب إلى أمير تلك السرية أن يؤمره على السرايا ليهلك زوجها ففعل فكان يصاب أصحابه وينجو وربما نصروا، وإن الله عز وجل لما رأى الذي وقع فيه داود عليه السلام أراد أن ينفذ أمره فبينما داود عليه السلام ذات يوم في محرابه إذ تسور عليه الملكان من قبل وجهه فلما رأهما وهو يقرأ فزع وسكت وقال: لقد استضعفت في ملكي حتى أن الناس يتسورون على محرابي فقالا له {لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض} ولم يكن لنا بد من أن نأتيك فاسمع منا فقال أحدهما {إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها} يريد أن يتم مائة ويتركني ليس لي شيء {وعزني في الخطاب} قال: إن دعوت ودعا كان أكثر مني وإن بطشت وبطش كان أشد مني، فذلك قوله {وعزني في الخطاب} قال له داود عليه السلام: أنت كنت أحوج إلى نعجتك منه {لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه} إلى قوله {وقليل ما هم} ونسي نفسه صلى الله عليه وسلم فنظر الملكان أحدهما إلى الآخر حين قال فتبسم أحدهما إلى الآخر فرآه داود عليه السلام فظن إنما فتن {فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب} أربعين ليلة حتى نبتت الخضرة من دموع عينيه ثم شدد الله ملكه). [الدر المنثور: 12/529-530] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه أن داود عليه السلام جزأ الدهر أربعة أجزاء، يوما لنسائه ويوما للعبادة ويوما للقضاء بين بني إسرائيل ويوما لبني إسرائيل، ذكروا فقالوا: هل يأتي على الإنسان يوم لا يصيب فيه ذنبا فأضمر داود عليه السلام في نفسه أنه سيطيق ذلك فلما كان في يوم عبادته غلق أبوابه وأمر أن لا يدخل عليه أحد وأكب على التوراة، فبينما هو يقرأوها إذ حمامة من ذهب فيها من كل لون حسن قد وقعت بين يديه فأهوى إليها ليأخذها فطارت فوقعت غير بعيد من غير مرتبتها فما زال يتبعها حتى أشرف على امرأة تغتسل فأعجبه حسنها وخلقها فلما رأت ظله في الأرض جللت نفسها بشعرها فزاد ذلك أيضا بها إعجابا وكان قد بعث زوجها على بعض بعوثه فكتب إليه أن يسير إلى مكان كذا وكذا، مكان إذا سار إليه قتل ولم يرجع ففعل فأصيب فخطبها داود عليه السلام، فتزوجها، فبينما هو في المحراب إذ تسور الملكان عليه وكان الخصمان إنما يأتونه من باب المحراب ففزع منهم حين تسوروا المحراب فقالوا: {لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط} أي لا تمل {واهدنا إلى سواء الصراط} أي أعدله وخيره {إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة} يعني تسعا وتسعين امرأة لداود وللرجل نعجة واحدة فقال {أكفلنيها وعزني في الخطاب} أي قهرني وظلمني قال {لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب} قال: سجد أربعين ليلة حتى أوحى الله إليه: إني قد غفرت لك، قال: رب كيف تغفر لي وأنت حكم عدل لا تظلم أحدا قال إني أقضيك له ثم استوهبه دمك ثم أثيبه من الجنة حتى يرضى قال: الآن طابت نفسي وعلمت أن قد غفرت لي، قال الله تعالى {فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب} ). [الدر المنثور: 12/531-532] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير والحاكم عن السدي قال: إن داود عليه السلام قد قسم الدهر ثلاثة أيام، يوما يقضي فيه بين الناس ويوما يخلو فيه لعبادة ربه ويوما يخلو فيه بنسائه وكان له تسع وتسعون امرأة وكان فيما يقرأ من الكتب قال: يا رب أرى الخير قد ذهب به آبائي الذين كانوا قبلي، فأعطني مثل ما أعطيتهم وافعل بي مثل ما فعلت بهم، فأوحى الله إليه إن آباءك قد ابتلوا ببلايا لم تبتل بها، ابتلي إبراهيم بذبح ولده وابتلي إسحاق بذهاب بصره وابتلي يعقوب بحزنه على يوسف وإنك لم تبتل بشيء من ذلك، قال: رب ابتلني بما ابتليتهم به وأعطني مثل ما أعطيتهم فأوحى الله إليه: إنك مبتلى فاحترس، فمكث بعد ذلك ما شاء الله تعالى أن يمكث إذ جاءه الشيطان قد تمثل في صورة حمامة حتى وقع عند رجليه وهو قائم يصلي فمد يده ليأخذه فتنحى فتبعه فتباعد حتى وقع في كوة فذهب ليأخذه فطار من الكوة فنظر أين يقع فبعث في أثره فأبصر امرأة تغتسل على سطح لها فرأى امرأة من أجمل الناس خلقا فحانت منها التفاتة فأبصرته فالتفت بشعرها فاستترت به فزاده ذلك فيها رغبة فسأل عنها فأخبر أن لها زوجا غائبا بمسلحة كذا وكذا، فبعث إلى صاحب المسلحة يأمره، أن يبعث إلى عدو كذا وكذا، فبعثه ففتح له أيضا فكتب إلى داود عليه السلام بذلك فكتب إليه أن ابعثه إلى عدو كذا وكذا، فبعثه فقتل في المرة الثالثة وتزوج امرأته، فلما دخلت عليه لم يلبث إلا يسيرا حتى بعث الله له ملكين في صورة أنسيين فطلبا أن يدخلا عليه فتسورا عليه الحراب فما شعر وهو يصلي إذ هما بين يديه جالسين ففزع منهما فقالا {لا تخف} إنما نحن {خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط} يقول: لا تخف {واهدنا إلى سواء الصراط} إلى عدل القضاء فقال: قصا علي قصتكما فقال أحدهما {إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة} قال الآخر: وأنا أريد أن آخذها فأكمل بها نعاجي مائة قال وهو كاره قال إذا لا ندعك وذاك قال: يا أخي أنت على ذلك بقادر قال: فإن ذهبت تروم ذلك ضربنا منك هذا وهذا، يعني طرف الأنف والجبهة، قال: يا داود أنت أحق أن يضرب منك هذا وهذا، حيث لك تسع وتسعون امرأة ولم يكن لاوريا إلا امرأة واحدة فلم تزل تعرضه للقتل حتى قتلته، وتزوجت امرأته فنظر فلم ير شيئا فعرف ما قد وقع فيه وما قد ابتلي به {وخر راكعا} فبكى فمكث يبكي أربعين يوما لا يرفع رأسه إلا لحاجة ثم يقع ساجدا يبكي ثم يدعو حتى نبت العشب من دموع عينيه فأوحى الله إليه بعد أربعين يوما يا داود ارفع رأسك قد غفر لك قال: يا رب كيف أعلم أنك قد غفرت لي وأنت حكم عدل لا تحيف في القضاء إذا جاء يوم القيامة أخذ رأسه بيمينه أو بشماله تشخب أوداجه دما في يقول: يا رب سل هذا فيم قتلني فأوحى الله إليه إذا كان ذلك دعوت أوريا فأستوهبك منه فيهبك لي فأثيبه بذلك الجنة قال: رب الآن علمت أنك غفرت لي فما استطاع أن يملاء عينيه من السماء حياء من ربه حتى قبض صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه، نحوه). [الدر المنثور: 12/533-536] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن أبي الأحوص قال: دخل الخصمان على داود عليه السلام وكل واحد منهما آخذ برأس صاحبه). [الدر المنثور: 12/536]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {ففزع منهم} قال: كان الخصوم يدخلون من الباب ففزع من تسورهما). [الدر المنثور: 12/536]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {ولا تشطط} أي لا تمل). [الدر المنثور: 12/536]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (23) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وسمعت خلاد بن سليمان يقول: اختصم عبد الواحد، وكان ممّن قد جمع القرآن على عهد النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، هو وعبد اللّه بن مسعودٍ، فقال عبد الواحد: أرأيت حيث يقول اللّه في كتابه: {تسعٌ وتسعون نعجةً}، أنثى، ألم يكن يعرف حين قال نعاجٌ أنّهنّ إناثٌ، قال ابن مسعودٍ: أرأيت حين يقول اللّه: {فصيام ثلاثة أيامٍ في الحجّ وسبعةٍ إذا رجعتم تلك عشرةٌ كاملةٌ}، ألم يعرف أنّ ثلاثةً وسبعةً عشرةٌ). [الجامع في علوم القرآن: 3/46]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن عمرو بن عبيد عن الحسن في قوله تعالى وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب قال جزأ داود الدهر أربعة أجزاء فيوم لنسائه ويوم لقضائه ويوم يخلو فيه لعبادة ربه ويوم لبني إسرائيل يسألونه فقال يوما لبني إسرائيل أيكم يستطيع أن يتفرغ لربه لا يصيب الشيطان منه شيئا قالوا لا أينا والله فحدث نفسه أنه يستطيع ذلك فدخل محرابه وأغلق أبوابه فقام يصلي فجاء طائر في أحسن صورة مزين كأحسن ما يكون فوقع قريبا منه فنظر إليه فأعجبه فوقع في نفسه منه شيء وأعجبه فدنا منه ليأخذه فضرب يده عليه فأخطأه فوقع قريبا وأطمعه أن سيأخذه ففعل ذلك ثلاث مرات حتى إذا كان في الرابعة ضرب يده عليها فأخطأه فوقع على سور المحراب قال وحول المحراب حوض يغتسل فيه النساء نساء بني إسرائيل أحسبه قال الحيض قال فضرب يده عليه وهو على سور المحراب فأخطأه وهبط الطائر فأشرف فإذا هو بامرأة تغتسل فنفظت شعرها فغطى جسدها فوقع في نفسه منها ما شغله عن صلاته فنزل من محرابه ولبست المرأة ثيابها وخرجت إلى بيتها فخرج حتى عرف بيتها وسألها من أنت فأخبرته فقال هل لك زوج قالت نعم قال أين هو قالت في بعث كذا وكذا وجند كذا وكذا فرجع وكتب إلى عامله إذا جاءك كتابي هذا فاجعل فلانا في أول الخيل التي تلي العدو قال فقدم في فوارس في عادية الخيل فقاتل حتى قتل قال فبينا داود في المحراب تسور عليه ملكان فأفزعاه ورعاه فقالا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض حتى بلغ ولا تشطط أي لا تجر واهدنا إلى سواء الصراط حتى بلغ فقال أكفلنيها يقول أعطنيها وعزني في الخطاب يقول قهرني في الخصومة قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه حتى بلغ وظن داود أنما فتنه قال علم داود أنه هو المعني بذلك وخر راكعا وأناب). [تفسير عبد الرزاق: 2/161-163] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري عن الأعمش عن مسلم عن مسروق قال: قال عبد الله ما زاد داود على أن قال أكفلنيها أي انزل لي عنها). [تفسير عبد الرزاق: 2/163]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري عن عبد الرحمن بن عبد الله عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال ما زاد داود على أن قال أكفلنيها أي تحول لي عنها). [تفسير عبد الرزاق: 2/163]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] في قوله: {إن هذا أخي له تسعٌ وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة} فلمّا قضى له قال أحد الملكين: يا داود ما أحوجك إلى أن تكسر أنفك قال الآخر: أنت أحوج إلى ذلك [الآية: 23]). [تفسير الثوري: 257]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ هذا أخي له تسعٌ وتسعون نعجةً ولي نعجةٌ واحدةٌ فقال أكفلنيها وعزّني في الخطاب}.
وهذا مثلٌ ضربه الخصم المتسوّرون على داود محرابه له، وذلك أنّ داود كانت له فيما قيل: تسعٌ وتسعون امرأةً، وكانت للرّجل الّذي أغزاه حتّى قتل امرأةٌ واحدةٌ؛ فلمّا قتل نكح فيما ذكر داود امرأته، فقال له أحدهما: إنّ هذا أخي يقول: أخي على ديني.
- كما حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن بعض أهل العلم، عن وهب بن منبّهٍ: {إنّ هذا أخي} أي على ديني {له تسعٌ وتسعون نعجةً ولي نعجةً واحدةً}.
وذكر أنّ ذلك في قراءة عبد اللّه: (إنّ هذا أخي له تسعٌ وتسعون نعجةً أنثى) وذلك على سبيل توكيد العرب الكلمة، كقولهم: هذا رجلٌ ذكرٌ، ولا يكادون أن يفعلوا ذلك إلاّ في المؤنّث والمذكّر الّذي تذكيره وتأنيثه في نفسه كالمرأة والرّجل والنّاقة، ولا يكادون أن يقولوا هذه دارٌ أنثى، وملحفةٌ أنثى، لأنّ تأنيثها في اسمها لا في معناها. وقيل: عنى بقوله: أنثى: أنّها حسنةٌ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثت عن المحاربيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، إنّ هذا أخي له تسعٌ وتسعون نعجةً أنثى. يعني بتأنيثها: حسنها.
وقوله: {فقال أكفلنيها} يقول: فقال لي: انزل عنها لي وضمّها إليّ.
- كما حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {أكفلنيها} قال: أعطنيها، طلّقها لي، أنكحها، وخلّ سبيلها.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن بعض أهل العلم، عن وهب بن منبّهٍ، فقال: {أكفلنيها} أي احملني عليها.
وقوله: {وعزّني في الخطاب} يقول: وصار أعزّ منّي في مخاطبته إيّاي، لأنّه إن تكلّم فهو أبين منّي، وإن بطش كان أشدّ منّي فقهرني.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن الأعمش، عن أبي الضّحى، عن مسروقٍ، قال: قال عبد اللّه في قوله: {وعزّني في الخطاب} قال: ما زاد داود على أن قال: انزل لي عنها.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثني أبي، عن المسعوديّ، عن المنهال، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: ما زاد على أن قال: انزل لي عنها.
- وحدّثني يحيى بن إبراهيم المسعوديّ، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن الأعمش، عن مسلمٍ، عن مسروقٍ، قال: قال عبد اللّه: ما زاد داود على أن قال: {أكفلنيها}.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، {وعزّني في الخطاب} قال: إن دعوت ودعا كان أكثر، وإن بطشت وبطش كان أشدّ منّي، فذلك قوله: {وعزّني في الخطاب}.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وعزّني في الخطاب}؛ أي ظلمني وقهرني.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {وعزّني في الخطاب} قال: قهرني، وذلك العزّ؛ قال: والخطاب: الكلام.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن بعض أهل العلم عن وهب بن منبّهٍ، {وعزّني في الخطاب} أي قهرني في الخطاب، وكان أقوى منّي، فحاز نعجتي إلى نعاجه، وتركني لا شيء لي.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {وعزّني في الخطاب} قال: إن تكلّم كان أبين منّي، وإن بطش كان أشدّ منّي، وإن دعا كان أكثر منّي). [جامع البيان: 20/57-61]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا المسعودي عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله فقال أكفلنيها قال ما زاد على أن قال لصاحبها تحول لي عنها). [تفسير مجاهد: 549]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {وعزّني في الخطاب} [ص: 23].
- عن عبد اللّه - يعني ابن مسعودٍ - {وعزّني في الخطاب} [ص: 23] قال: ما زاد داود على أن قال: أكفلنيها.
رواه الطّبرانيّ عن شيخه عبد اللّه بن محمّد بن سعيد بن أبي مريم وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7/99]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وهناد، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه قال: لما أصاب داود عليه السلام الخطيئة وإنما كانت خطيئته أنه لما أبصرها أمر بها فعزلها فلم يقربها فأتاه الخصمان فتسورا في المحراب فلما أبصرهما قام إليهما فقال: أخرجا عني ما جاء بكما إلي فقالا: إنما نكلمك بكلام يسير {إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة} وأنا {ولي نعجة واحدة} وهو يريد أن يأخذها مني فقال داود عليه السلام: والله أنا أحق أن ينشر منه من لدن هذه إلى هذه، يعني من أنفه إلى صدره فقال رجل: هذا داود فعله فعرف داود عليه السلام أنما عني بذلك وعرف ذنبه فخر ساجدا لله عز وجل أربعين يوما وأربعين ليلة وكانت خطيئته مكتوبة في يده ينظر إليها لكي لا يغفل حتى نبت البقل حوله من دموعه ما غطى رأسه فنودي أجائع فتطعم أم عار فتكسى أم مظلوم فتنصر قال: فنحب نحبة هاج ما يليه من البقل حين لم يذكر ذنبه فعند ذلك غفر له فإذا كان يوم القيامة قال له ربه: كن أمامي فيقول أي رب ذنبي ذنبي، فيقول الله: كن خلفي فيقول له: خذ بقدمي فيأخذ بقدمه). [الدر المنثور: 12/528-529]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب} قال: إن داود عليه السلام قال: يا رب قد أعطيت إبراهيم وإسحاق ويعقوب من الذكر ما لو وددت أنك أعطيتني مثله، قال الله عز وجل إني ابتليتهم بما لم أبتلك به فإن شئت ابتليتك بمثل ما ابتليتهم به وأعطيتك كما أعطيتهم قال: نعم، قال له: فاعمل حتى أرى بلاءك، فكان ما شاء الله أن يكون وطال ذلك عليه فكاد أن ينساه فبينما هو في محرابه إذ وقعت عليه حمامة فأراد أن يأخذها فطارت على كوة المحراب فذهب ليأخذها فطارت فاطلع من الكوة فرأى امرأة تغتسل فنزل من المحراب فذهب ليأخذها فأرسل إليها فجاءته فسألها عن زوجها وعن شأنها فأخبرته أن زوجها غائب فكتب إلى أمير تلك السرية أن يؤمره على السرايا ليهلك زوجها ففعل فكان يصاب أصحابه وينجو وربما نصروا، وإن الله عز وجل لما رأى الذي وقع فيه داود عليه السلام أراد أن ينفذ أمره فبينما داود عليه السلام ذات يوم في محرابه إذ تسور عليه الملكان من قبل وجهه فلما رأهما وهو يقرأ فزع وسكت وقال: لقد استضعفت في ملكي حتى أن الناس يتسورون على محرابي فقالا له {لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض} ولم يكن لنا بد من أن نأتيك فاسمع منا فقال أحدهما {إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها} يريد أن يتم مائة ويتركني ليس لي شيء {وعزني في الخطاب} قال: إن دعوت ودعا كان أكثر مني وإن بطشت وبطش كان أشد مني، فذلك قوله {وعزني في الخطاب} قال له داود عليه السلام: أنت كنت أحوج إلى نعجتك منه {لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه} إلى قوله {وقليل ما هم} ونسي نفسه صلى الله عليه وسلم فنظر الملكان أحدهما إلى الآخر حين قال فتبسم أحدهما إلى الآخر فرآه داود عليه السلام فظن إنما فتن {فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب} أربعين ليلة حتى نبتت الخضرة من دموع عينيه ثم شدد الله ملكه). [الدر المنثور: 12/529-530] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه أن داود عليه السلام جزأ الدهر أربعة أجزاء، يوما لنسائه ويوما للعبادة ويوما للقضاء بين بني إسرائيل ويوما لبني إسرائيل، ذكروا فقالوا: هل يأتي على الإنسان يوم لا يصيب فيه ذنبا فأضمر داود عليه السلام في نفسه أنه سيطيق ذلك فلما كان في يوم عبادته غلق أبوابه وأمر أن لا يدخل عليه أحد وأكب على التوراة، فبينما هو يقرأوها إذ حمامة من ذهب فيها من كل لون حسن قد وقعت بين يديه فأهوى إليها ليأخذها فطارت فوقعت غير بعيد من غير مرتبتها فما زال يتبعها حتى أشرف على امرأة تغتسل فأعجبه حسنها وخلقها فلما رأت ظله في الأرض جللت نفسها بشعرها فزاد ذلك أيضا بها إعجابا وكان قد بعث زوجها على بعض بعوثه فكتب إليه أن يسير إلى مكان كذا وكذا، مكان إذا سار إليه قتل ولم يرجع ففعل فأصيب فخطبها داود عليه السلام، فتزوجها، فبينما هو في المحراب إذ تسور الملكان عليه وكان الخصمان إنما يأتونه من باب المحراب ففزع منهم حين تسوروا المحراب فقالوا: {لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط} أي لا تمل {واهدنا إلى سواء الصراط} أي أعدله وخيره {إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة} يعني تسعا وتسعين امرأة لداود وللرجل نعجة واحدة فقال {أكفلنيها وعزني في الخطاب} أي قهرني وظلمني قال {لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب} قال: سجد أربعين ليلة حتى أوحى الله إليه: إني قد غفرت لك، قال: رب كيف تغفر لي وأنت حكم عدل لا تظلم أحدا قال إني أقضيك له ثم استوهبه دمك ثم أثيبه من الجنة حتى يرضى قال: الآن طابت نفسي وعلمت أن قد غفرت لي، قال الله تعالى {فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب} ). [الدر المنثور: 12/531-532] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد في الزهد عن أبي عمران الجوني رضي الله عنه في قوله {وهل أتاك نبأ الخصم} فجلسا فقال لهما قضاء فقال أحدهما إلى الآخر {أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب} فعجب داود عليه السلام وقال {لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه} فأغلظ له أحدهما وارتفع، فعرف داود إنما ذلك بذنبه فسجد فكان أربعين يوما وليلة لا يرفع رأسه إلا إلى صلاة الفريضة حتى يبست وقرحت جبهته وقرحت كفاه وركبتاه فأتاه ملك فقال: يا داود إني رسول ربك إليك وإنه يقول لك ارفع رأسك فقد غفرت لك فقال: يا رب كيف وأنت حكم عدل كيف تغفر لي ظلامة الرجل فترك ما شاء الله ثم أتاه ملك آخر فقال: يا داود إني رسول ربك إليك وإنه يقول لك إنك تأتيني يوم القيامة، وابن صوريا تختصمان إلي فأقضي له عليك ثم أسألها إياه فيهبها لي ثم أعطيه من الجنة حتى يرضى). [الدر المنثور: 12/532-533] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير والحاكم عن السدي قال: إن داود عليه السلام قد قسم الدهر ثلاثة أيام، يوما يقضي فيه بين الناس ويوما يخلو فيه لعبادة ربه ويوما يخلو فيه بنسائه وكان له تسع وتسعون امرأة وكان فيما يقرأ من الكتب قال: يا رب أرى الخير قد ذهب به آبائي الذين كانوا قبلي، فأعطني مثل ما أعطيتهم وافعل بي مثل ما فعلت بهم، فأوحى الله إليه إن آباءك قد ابتلوا ببلايا لم تبتل بها، ابتلي إبراهيم بذبح ولده وابتلي إسحاق بذهاب بصره وابتلي يعقوب بحزنه على يوسف وإنك لم تبتل بشيء من ذلك، قال: رب ابتلني بما ابتليتهم به وأعطني مثل ما أعطيتهم فأوحى الله إليه: إنك مبتلى فاحترس، فمكث بعد ذلك ما شاء الله تعالى أن يمكث إذ جاءه الشيطان قد تمثل في صورة حمامة حتى وقع عند رجليه وهو قائم يصلي فمد يده ليأخذه فتنحى فتبعه فتباعد حتى وقع في كوة فذهب ليأخذه فطار من الكوة فنظر أين يقع فبعث في أثره فأبصر امرأة تغتسل على سطح لها فرأى امرأة من أجمل الناس خلقا فحانت منها التفاتة فأبصرته فالتفت بشعرها فاستترت به فزاده ذلك فيها رغبة فسأل عنها فأخبر أن لها زوجا غائبا بمسلحة كذا وكذا، فبعث إلى صاحب المسلحة يأمره، أن يبعث إلى عدو كذا وكذا، فبعثه ففتح له أيضا فكتب إلى داود عليه السلام بذلك فكتب إليه أن ابعثه إلى عدو كذا وكذا، فبعثه فقتل في المرة الثالثة وتزوج امرأته، فلما دخلت عليه لم يلبث إلا يسيرا حتى بعث الله له ملكين في صورة أنسيين فطلبا أن يدخلا عليه فتسورا عليه الحراب فما شعر وهو يصلي إذ هما بين يديه جالسين ففزع منهما فقالا {لا تخف} إنما نحن {خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط} يقول: لا تخف {واهدنا إلى سواء الصراط} إلى عدل القضاء فقال: قصا علي قصتكما فقال أحدهما {إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة} قال الآخر: وأنا أريد أن آخذها فأكمل بها نعاجي مائة قال وهو كاره قال إذا لا ندعك وذاك قال: يا أخي أنت على ذلك بقادر قال: فإن ذهبت تروم ذلك ضربنا منك هذا وهذا، يعني طرف الأنف والجبهة، قال: يا داود أنت أحق أن يضرب منك هذا وهذا، حيث لك تسع وتسعون امرأة ولم يكن لاوريا إلا امرأة واحدة فلم تزل تعرضه للقتل حتى قتلته، وتزوجت امرأته فنظر فلم ير شيئا فعرف ما قد وقع فيه وما قد ابتلي به {وخر راكعا} فبكى فمكث يبكي أربعين يوما لا يرفع رأسه إلا لحاجة ثم يقع ساجدا يبكي ثم يدعو حتى نبت العشب من دموع عينيه فأوحى الله إليه بعد أربعين يوما يا داود ارفع رأسك قد غفر لك قال: يا رب كيف أعلم أنك قد غفرت لي وأنت حكم عدل لا تحيف في القضاء إذا جاء يوم القيامة أخذ رأسه بيمينه أو بشماله تشخب أوداجه دما في يقول: يا رب سل هذا فيم قتلني فأوحى الله إليه إذا كان ذلك دعوت أوريا فأستوهبك منه فيهبك لي فأثيبه بذلك الجنة قال: رب الآن علمت أنك غفرت لي فما استطاع أن يملاء عينيه من السماء حياء من ربه حتى قبض صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه، نحوه). [الدر المنثور: 12/533-536] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله {إن هذا أخي} قال: على ديني). [الدر المنثور: 12/536]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق والفريابي وأحمد في الزهد، وابن جرير والطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ما زاد داود عليه السلام على أن قال {أكفلنيها} ). [الدر المنثور: 12/537]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فقال أكفلنيها} قال: فما زاد داود عليه السلام على أن قال: تحول لي عنها). [الدر المنثور: 12/537]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ما زاد داود عليه السلام على أن قال: انزل لي عنها). [الدر المنثور: 12/537]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {أكفلنيها} قال: أعطنيها طلقها لي أنكحها وخل سبيلها {وعزني في الخطاب} قال: قهرني ذلك العز الكلام والخطاب). [الدر المنثور: 12/537]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {أكفلنيها} قال: أعطنيها {وعزني في الخطاب} قال: إذا تكلم كان أبلغ مني وإذا دعا كان أكثر قال أحد الملكين: ما جزاؤه قال: يضرب ههنا وههنا وههنا، ووضع يده على جبهته ثم على أنفه ثم تحت الأنف قال: ترى ذلك جزاءه، فلم يزل يردد ذلك عليه حتى علم أنه ملك وخرج الملك فخر داود ساجدا قال: ذكر أنه لم يرفع رأسه أربعين صباحا يبكي حتى أعشب الدموع ما حول رأسه حتى إذا مضى أربعون صباحا زفر زفرة هاج ما حول رأسه من ذلك العشب). [الدر المنثور: 12/537-538]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (24) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن عمرو بن عبيد عن الحسن في قوله تعالى وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب قال جزأ داود الدهر أربعة أجزاء فيوم لنسائه ويوم لقضائه ويوم يخلو فيه لعبادة ربه ويوم لبني إسرائيل يسألونه فقال يوما لبني إسرائيل أيكم يستطيع أن يتفرغ لربه لا يصيب الشيطان منه شيئا قالوا لا أينا والله فحدث نفسه أنه يستطيع ذلك فدخل محرابه وأغلق أبوابه فقام يصلي فجاء طائر في أحسن صورة مزين كأحسن ما يكون فوقع قريبا منه فنظر إليه فأعجبه فوقع في نفسه منه شيء وأعجبه فدنا منه ليأخذه فضرب يده عليه فأخطأه فوقع قريبا وأطمعه أن سيأخذه ففعل ذلك ثلاث مرات حتى إذا كان في الرابعة ضرب يده عليها فأخطأه فوقع على سور المحراب قال وحول المحراب حوض يغتسل فيه النساء نساء بني إسرائيل أحسبه قال الحيض قال فضرب يده عليه وهو على سور المحراب فأخطأه وهبط الطائر فأشرف فإذا هو بامرأة تغتسل فنفظت شعرها فغطى جسدها فوقع في نفسه منها ما شغله عن صلاته فنزل من محرابه ولبست المرأة ثيابها وخرجت إلى بيتها فخرج حتى عرف بيتها وسألها من أنت فأخبرته فقال هل لك زوج قالت نعم قال أين هو قالت في بعث كذا وكذا وجند كذا وكذا فرجع وكتب إلى عامله إذا جاءك كتابي هذا فاجعل فلانا في أول الخيل التي تلي العدو قال فقدم في فوارس في عادية الخيل فقاتل حتى قتل قال فبينا داود في المحراب تسور عليه ملكان فأفزعاه ورعاه فقالا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض حتى بلغ ولا تشطط أي لا تجر واهدنا إلى سواء الصراط حتى بلغ فقال أكفلنيها يقول أعطنيها وعزني في الخطاب يقول قهرني في الخصومة قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه حتى بلغ وظن داود أنما فتنه قال علم داود أنه هو المعني بذلك وخر راكعا وأناب). [تفسير عبد الرزاق: 2/161-163] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة وأناب أي تاب). [تفسير عبد الرزاق: 2/163]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن ليثٍ عن مجاهدٍ فلما خرج داود صلّى اللّه عليه وسلّم ساجدًا نبت العشب من دموعه فنودي يا داود أجائعٌ أنت فنطعمك أعطشان أنت فنسقيك أعارٍ أنت فنكسوك فلمّا سمع أنّ ذنبه لا يذكر جعل ينتفض النّفضة حتّى يزول كلّ عضوٍ منه من مكانه فحينئذ غفر له [الآية: 24]). [تفسير الثوري: 258]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، حدّثنا غندرٌ، حدّثنا شعبة، عن العوّام، قال: سألت مجاهدًا، عن السّجدة، في ص، قال: سئل ابن عبّاسٍ فقال: {أولئك الّذين هدى اللّه فبهداهم اقتده} [الأنعام: 90] «وكان ابن عبّاسٍ يسجد فيها»). [صحيح البخاري: 6/124]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله حدثنا شعبة عن العوام هو بن حوشبٍ كذا قال أكثر أصحاب شعبة وقال أميّة بن خالدٍ عنه عن منصورٍ وعمرو بن مرّة وأبي حصينٍ ثلاثتهم عن مجاهدٍ فكأنّ لشعبة فيه مشايخ قوله عن مجاهدٍ كذا قال أكثر أصحاب العوّام بن حوشبٍ وقال أبو سعيدٍ الأشجّ عن أبي خالدٍ الأحمر وحفص بن غياثٍ عن العوّام عن سعيد بن جبير بدل مجاهد أخرجه بن خزيمة فلعلّ للعوّام فيه شيخين وقد تقدّم في تفسير الأنعام من طريق سليمان الأحول عن مجاهد أنه سأل بن عبّاسٍ أفي ص سجدةٌ قال نعم ثمّ تلا ووهبنا له إسحاق ويعقوب إلى قوله فبهداهم اقتده قال هو منهم فالحديث محفوظٌ لمجاهدٍ فرواية أبي سعيد الأشج شاذّة). [فتح الباري: 8/544]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (حدّثنا محمّد بن بشارٍ حدّثنا غندرٌ حدّثنا شعبة عن العوّام قال سألت مجاهدا عن السّجدة في ص قال سئل ابن عبّاسٍ فقال: {أولئك الّذي هدي الله فبهداهم اقتده} (الأنعام: 90) وكان ابن عبّاسٍ يسجد فيها..
غندر بضم الغين المعجمة وقد مر غير مرّة، والعوام، بفتح العين المهملة وتشديد الواوين حوشب الواسطيّ. والحديث مر في سورة الأنعام ومضى الكلام فيه هنالك). [عمدة القاري: 19/137]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، حدّثنا غندرٌ حدّثنا شعبة عن العوّام قال: سألت مجاهدًا عن السّجدة في ص قال: سئل ابن عبّاسٍ فقال: {أولئك الّذين هدى اللّه فبهداهم اقتده} [الأنعام: 90] وكان ابن عبّاسٍ يسجد فيها.
وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر حدّثني بالإفراد (محمد بن بشار) بالموحدة والمعجمة المشددة هو بندار العبدي البصري قال: (حدّثنا غندر) محمد بن جعفر قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن العوّام) بفتح العين والواو المشددة ابن حوشب بن يزيد الشيباني الواسطي أنه (قال: سأل مجاهدًا عن السجدة في ص. قال: سئل ابن عباس) أي عنها (فقال: {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده} [الأنعام: 90]) في سورة الأنعام فقال نبيكم -صلّى اللّه عليه وسلّم- ممن أمر أن يقتدي بهم أي وقد سجدها داود فسجدها رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- اقتداء به (وكان ابن عباس يسجد فيها) ). [إرشاد الساري: 7/315]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (قوله: (اقتده): بهاء السكت). [حاشية السندي على البخاري: 3/67]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (حدّثني محمّد بن عبد اللّه، حدّثنا محمّد بن عبيدٍ الطّنافسيّ، عن العوّام، قال: سألت مجاهدًا، عن سجدةٍ في ص، فقال: سألت ابن عبّاسٍ: من أين سجدت؟ فقال: أوما تقرأ: {ومن ذرّيّته داود وسليمان} . {أولئك الّذين هدى اللّه فبهداهم اقتده} [الأنعام: 90] «فكان داود ممّن أمر نبيّكم صلّى الله عليه وسلّم أن يقتدي به، فسجدها داود عليه السّلام، فسجدها رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم»). [صحيح البخاري: 6/124]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله في الرّواية الثّانية حدّثنا محمّد بن عبد اللّه قال الكلاباذيّ وبن طاهرٍ هو الذّهليّ نسب إلى جدّه وقال غيرهما يحتمل أن يكون محمّد بن عبد اللّه بن المبارك المخرّميّ فإنّه من هذه الطّبقة قوله فسجدها داود فسجدها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سقط فسجدها داود من رواية غير أبي ذرٍّ وهذا أصرح في الرّفع من رواية شعبة وقد تقدّم الكلام على ما يتعلّق بالسّجود في ص في كتاب سجود التّلاوة مستوفًى واستدلّ بهذا على أنّ شرع من قبلنا شرعٌ لنا وهي مسألةٌ مشهورةٌ في الأصول وقد تعرّضنا لها في مكانٍ آخر). [فتح الباري: 8/544-545]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (حدّثنا محمّد بن عبد الله حدّثنا محمّد بن عبيدٍ الطّنافسيّ عن العوّام قال سألت مجاهدا عن سجدة ص فقال سألت ابن عباسٍ من أين سجدت فقال أو ما تقرأ: {ومن ذرّيّته داود وسليمان أولئك الّذين هدى الله فبهداهم اقتده} فكان داود ممّن أمر نبيّكم صلى الله عليه وسلم أن يقتدي به فسجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
محمّد بن عبد الله. قال الكلاباذي وابن طاهر: هو الذهلي نسبة إلى جده وهو محمّد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس بن ذؤيب أبو عبد الله الذهلي النّيسابوري، مات بعد البخاريّ بيسير، تقديره سنة سبع وخمسين ومائتين، روى عنه البخاريّ في قريب من ثلاثين موضعا ولم يقل: محمّد بن يحيى الذهلي مصرحًا بل يقول حدثنا محمّد، ولا يزيد عليه، أو ينسبه إلى جده والسّبب في ذلك أنه لما دخل نيسابور فشغب عليه محمّد بن يحيى الذهلي في مسألة خلق اللّفظ وكان قد سمع منه فلم يترك الرّواية عنه ولم يصرح باسمه كما ينبغي، وقال غير غيرهما: يحتمل أن يكون محمّد بن عبد الله هذا محمّد بن عبد الله بن المبارك المخزومي فإنّه من هذه الطّبقة والله أعلم.
قوله: (من أين سجدت) ؟ على صيغة الخطاب للحاضر، ويروى على صيغة المجهول للغائبة، أي: بأيّ دليل صارت سجدة! قوله: (فسجدها داود) ، ولم يثبت في رواية أبي ذر، وسجد داود عليه الصّلاة والسّلام، فيها والرّسول صلى الله عليه وسلم مأمور بالاقتداء به ونحن مأمورون بالاقتداء بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم ومتابعته، وهذا حجّة على الشّافعي في قوله: ليس في {ص} سجدة عزيمة وباقي الكلام في هذا الباب استوفيناه في كتاب الصّلاة في أبواب سجود التّلاوة). [عمدة القاري: 19/137]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (حدّثني محمّد بن عبد اللّه، حدّثنا محمّد بن عبيدٍ الطّنافسيّ عن العوّام قال: سألت مجاهدًا عن سجدة ص فقال: سألت ابن عبّاسٍ من أين سجدت؟ فقال: أوما تقرأ {ومن ذرّيّته داود وسليمان أولئك الّذين هدى اللّه فبهداهم اقتده} [الأنعام: 84 - 90] فكان داود ممّن أمر نبيّكم -صلّى اللّه عليه وسلّم- أن يقتدي به، فسجدها رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-. عجابٌ عجيبٌ. القطّ: الصّحيفة هو ها هنا صحيفة الحسنات. وقال مجاهدٌ في عزّةٍ معازّين: {الملّة الآخرة}: ملّة قريشٍ. الاختلاق: الكذب. {الأسباب}: طرق السّماء في أبوابها. {جندٌ ما هنالك مهزومٌ}: يعني قريشًا. {أولئك الأحزاب}: القرون الماضية. {فواقٍ}: رجوعٍ. قطّنا عذابنا. {اتّخذناهم سخريًّا}: أحطنا بهم. {أترابٌ}: أمثالٌ. وقال ابن عبّاسٍ {الأيد}: القوّة في العبادة. الأبصار: البصر في أمر اللّه. {حبّ الخير عن ذكر ربّي}: من ذكرٍ. طفق {مسحًا}: يمسح أعراف الخيل وعراقيبها. الأصفاد: الوثاق.
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (محمد بن عبد الله) هو الذهلي كما قاله الكلاباذي وابن طاهر ونسبه إلى جده لأن اسم أبيه يحيى أو محمد بن عبد الله بن المبارك المخرّمي قال: (حدّثنا محمد بن عبيد الطنافسي) بفتح الطاء وكسر الفاء (عن العوام) بن حوشب أنه (قال: سألت مجاهدًا عن سجدة ص) ولأبي ذر عن سجدة في ص (فقال: سألت ابن عباس من أين سجدت) أي من أيّ دليل (فقال أو ما تقرأ {ومن ذريته داود وسليمان أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده} [الأنعام: 84 - 90] فكان داود ممن أمر نبيكم -صلّى اللّه عليه وسلّم- أن يقتدي به) زاد أبو ذر فسجدها داود عليه السلام (فسجدها رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم-) وهي سجدة شكر عند الشافعية لحديث النسائي سجدها داود توبة ونسجدها شكرًا أي على قبول توبته فتسنّ عند تلاوتها في غير صلاة ولا تدخل فيها). [إرشاد الساري: 7/315]

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإنّ كثيرًا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعضٍ إلاّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات وقليلٌ ما هم وظنّ داود أنّما فتنّاه فاستغفر ربّه وخرّ راكعًا وأناب}.
يقول تعالى ذكره: قال داود للخصم المتظلّم من صاحبه: لقد ظلمك صاحبك بسؤاله نعجتك إلى نعاجه؛
وهذا ممّا حذفت منه (الهاء) فأضيف بسقوط (الهاء) منه إلى المفعول به، ومثله قوله عزّ وجلّ: {لا يسأم الإنسان من دعاء الخير} والمعنى: من دعائه بالخير، فلمّا ألقيت (الهاء) من الدّعاء أضيف إلى الخير، وألقي من الخير الباء؛ وإنّما كني بالنّعجة هاهنا عن المرأة، والعرب تفعل ذلك؛ ومنه قول الأعشى:
قد كنت رائدها وشاة محاذرٍ = حذرًا يقلّ بعينه إغفالها
يعني بالشّاة: امرأة رجلٌ يحذّر النّاس عليها؛ وإنّما يعني: لقد ظلمك بسؤال امرأتك الواحدة إلى التّسع والتّسعين من نسائه.
وقوله: {وإنّ كثيرًا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعضٍ} يقول: وإنّ كثيرًا من الشّركاء ليتعدّى بعضهم على بعضٍ {إلاّ الّذين آمنوا} باللّه {وعملوا الصّالحات} يقول: وعملوا بطاعة اللّه، وانتهوا إلى أمره ونهيه، ولم يتجاوزوه {وقليلٌ ما هم} وفي ما الّتي في قوله: {وقليلٌ ما هم} وجهان: أحدهما أن تكون صلةً بمعنى: وقليلٌ هم، فيكون إثباتها وإخراجها من الكلام لا يفسد معنى الكلام والآخر أن تكون اسمًا، وهم صلةٌ لها، بمعنى: وقليلٌ ما تجدهم، كما يقال: قد كنت أحسبك أعقل ممّا أنت، فتكون أنت صلةً لما، والمعنى: كنت أحسب عقلك أكثر ممّا هو، فتكون ما والاسم مصدرًا، ولو لم ترد المصدر لكان الكلام بمن، لأنّ من الّتي تكون للنّاس وأشباههم، ومحكيٌّ عن العرب: قد كنت أراك أعقل منك مثل كلمة، قد كنت أرى أنّه غير ما هو، بمعنى: كنت أراه على غير ما رأيت.
وروي عن ابن عبّاسٍ في ذلك ما:
- حدّثني به عليٌّ قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {وقليلٌ ما هم} يقول: وقليلٌ الّذين هم.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {إلاّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات وقليلٌ ما هم} قال: قليلٌ من لا يبغي.
فعلى هذا التّأويل الّذي تأوّله ابن عبّاسٍ معنى الكلام: إلاّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات، وقليلٌ الّذين هم كذلك، بمعنى: الّذين لا يبغي بعضهم على بعضٍ، و(ما) على هذا القول بمعنى: (من).
وقوله: {وظنّ داود أنّما فتنّاه} يقول: وعلم داود أنّما ابتليناه
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {وظنّ داود} علم داود.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ، عن الحسن، {وظنّ داود أنّما فتنّاه} قال: ظنّ أنّما ابتغي بذلك.
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ {وظنّ داود أنّما فتنّاه}: اختبرناه.
والعرب توجّه الظّنّ - إذا أدخلته على الإخبار - كثيرًا إلى العلم الّذي هو من غير وجه العيان.
وقوله: {فاستغفر ربّه} يقول: فسأل داود ربّه غفران ذنبه {وخرّ راكعًا} يقول: وخرّ ساجدًا للّه {وأناب} يقول: ورجع إلى رضا ربّه، وتاب من خطيئته.
واختلف في سبب البلاء الّذي ابتلي به نبيّ اللّه داود صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال بعضهم: كان سبب ذلك أنّه تذكّر ما أعطى اللّه إبراهيم وإسحاق ويعقوب من حسن الثّناء الباقي لهم في النّاس، فتمنّى مثله، فقيل له: إنّهم امتحنوا فصبروا، فسأل أن يبتلى كالّذي ابتلوا، ويعطى كالّذي أعطوا إن هو صبر.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوّروا المحراب} قال: إنّ داود قال: يا ربّ قد أعطيت إبراهيم وإسحاق ويعقوب من الذّكر ما لوددت أنّك أعطيتني مثله، قال اللّه: إنّي ابتليتهم بما لم أبتلك به، فإن شئت ابتليتك بمثل ما ابتليتهم به، وأعطيتك كما أعطيتهم، قال: نعم، قال له: فاعمل حتّى أرى بلاءك؛ فكان ما شاء اللّه أن يكون، وطال ذلك عليه، فكاد أن ينساه؛ فبينا هو في محرابه، إذ وقعت عليه حمامةٌ فأراد أن يأخذها، فطار إلى كوّة المحراب، فذهب ليأخذها، فطارت، فاطّلع من الكوّة، فرأى امرأةً تغتسل، فنزل نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من المحراب، فأرسل إليها فجاءته، فسألها عن زوجها وعن شأنها، فأخبرته أنّ زوجها غائبٌ، فكتب إلى أمير تلك السّريّة أن يؤمّره على السّرايا ليهلك زوجها، ففعل، فكان يصاب أصحابه وينجو، وربّما نصروا، وإنّ اللّه عزّ وجلّ لمّا رأى الّذي وقع فيه داود، أراد أن يستنقذه؛ فبينما داود ذات يومٍ في محرابه، إذ تسوّر عليه الخصمان من قبل وجهه؛ فلمّا رآهما وهو يقرأ فزع وسكت، وقال: لقد استضعفت في ملكي حتّى إنّ النّاس يتسوّرون عليّ محرابي، قالا له: {لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعضٍ} ولم يكن لنا بدٌّ من أن نأتيك، فاسمع منّا؛ قال أحدهما: {إنّ هذا أخي له تسعٌ وتسعون نعجةً} أنثى {ولي نعجةٌ واحدةٌ فقال أكفلنيها } يريد أن يتمّم بها مائةً، ويتركني ليس لي شيءٌ {وعزّني في الخطاب} قال: إن دعوت ودعا كان أكثر مني، وإن بطشت وبطش كان أشدّ منّي، فذلك قوله: {وعزّني في الخطاب} قال له داود: أنت كنت أحوج إلى نعجتك منه {لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه} إلى قوله: {وقليلٌ ما هم} ونسي نفسه صلّى اللّه عليه وسلّم، فنظر الملكان أحدهما إلى الآخر حين قال ذلك، فتبسّم أحدهما إلى الآخر، فرآه داود فظنّ أنّما فتن {فاستغفر ربّه وخرّ راكعًا وأناب} أربعين ليلةً، حتّى نبتت الخضرة من دموع عينيه، ثمّ شدّد اللّه له ملكه.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في قوله: {وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوّروا المحراب} قال: كان داود قد قسم الدّهر ثلاثة أيّامٍ: يومًا يقضي فيه بين النّاس، ويومًا يخلو فيه لعبادة ربّه، ويومًا يخلو فيه لنسائه؛ وكان له تسعٌ وتسعون امرأةً، وكان فيما يقرأ من الكتب أنّه كان يجد فيه فضل إبراهيم وإسحاق ويعقوب؛ فلمّا وجد ذلك فيما يقرأ من الكتب قال: يا ربّ، أرى الخير كلّه قد ذهب به آبائي الّذين كانوا قبلي، فأعطني مثل ما أعطيتهم، وافعل بي مثل ما فعلت بهم، قال: فأوحى اللّه إليه: إنّ آباءك ابتلوا ببلايا لم تبتل بها؛ ابتلي إبراهيم بذبح ابنه، وابتلي إسحاق بذهاب بصره، وابتلي يعقوب بحزنه على يوسف، وإنّك لم تبتل من ذلك بشيءٍ، قال: يا ربّ ابتلني بمثل ما ابتليتهم به، وأعطني مثل ما أعطيتهم؛ قال: فأوحي إليه: إنّك مبتلًى فاحترس؛ قال: فمكث بعد ذلك ما شاء اللّه أن يمكث، إذ جاءه الشّيطان قد تمثّل في صورة حمامةٍ من ذهبٍ، حتّى وقع عند رجليه وهو قائمٌ يصلّي، فمدّ يده ليأخذه فتنحّى، فتبعه فتباعد، حتّى وقع في كوّةٍ، فذهب ليأخذه، فطار من الكوّة، فنظر أين يقع، فيبعث في أثره قال: فأبصر امرأةً تغتسل على سطحٍ لها، فرأى امرأةً من أجمل النّاس خلقًا، فحانت منها التفاتةٌ فأبصرته، فألقت شعرها فاستترت به، قال: فزاده ذلك فيها رغبةً، قال: فسأل عنها، فأخبر أنّ لها زوجًا، وأنّ زوجها غائبٌ بمسلّحة كذا وكذا؛ قال: فبعث إلى صاحب المسلّحة أن يبعث أهريا إلى عدوّ كذا وكذا، قال: فبعثه، ففتح له. قال: وكتب إليه بذلك، قال: فكتب إليه أيضًا: أن ابعثه إلى عدوّ كذا وكذا، أشدّ منهم بأسًا، قال: فبعثه ففتح له أيضًا قال: فكتب إلى داود بذلك، قال: فكتب إليه أن ابعثه إلى عدوّ كذا وكذا، فبعثه فقتل المرّة الثّالثة، قال: وتزوّج امرأته قال: فلمّا دخلت عليه، قال: لم تلبث عنده إلاّ يسيرًا حتّى بعث اللّه ملكين في صورة إنسيّين، فطلبا أن يدخلا عليه، فوجداه في يوم عبادته، فمنعهما الحرس أن يدخلا عليه، فتسوّروا عليه المحراب، قالا: فما شعر وهو يصلّي إذ هو بهما بين يديه جالسين، قال: ففزع منهما، فقالا: {لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعضٍ فاحكم بيننا بالحقّ ولا تشطط} يقول: لا تحف {واهدنا إلى سواء الصّراط}؛ إلى عدل القضاء. قال: فقال: قصا عليّ قصّتكما، قال: فقال أحدهما: {إنّ هذا أخي له تسعٌ وتسعون نعجةً ولي نعجةٌ واحدةٌ} فهو يريد أن يأخذ نعجتي، فيكمّل بها نعاجه مائةً قال: فقال للآخر: ما تقول؟ فقال: إنّ لي تسعًا وتسعين نعجةً، ولأخي هذا نعجةٌ واحدةٌ، فأنا أريد أن آخذها منه، فأكمل بها نعاجي مائةً، قال: وهو كارهٌ؟ قال: وهو كارهٌ، قال: إذن لا ندعك وذاك، قال: ما أنت على ذلك بقادرٍ، قال: فإن ذهبت تروم ذلك أو تريد ذلك، ضربنا منك هذا وهذا وهذا، وفسّر أسباطٌ طرف الأنف، وأصل الأنف والجبهة؛ قال: يا داود أنت أحقّ أن يضرب منك هذا وهذا وهذا، حيث لك تسعٌ وتسعون نعجةً امرأةً، ولم يكن لأهريا إلاّ امرأةٌ واحدةٌ، فلم تزل به تعرّضه للقتل حتّى قتلته، وتزوّجت امرأته قال: فنظر فلم ير شيئًا، فعرف ما قد وقع فيه، وما قد ابتلي به. قال: فخر ساجدًا، قال: فبكى. قال: فمكث يبكي ساجدًا أربعين يومًا لا يرفع رأسه إلاّ لحاجةٍ لا بدّ منها، ثمّ يقع ساجدًا يبكي، ثمّ يدعو حتّى نبت العشب من دموع عينيه قال: فأوحى اللّه إليه بعد أربعين يومًا: يا داود ارفع رأسك، فقد غفرت لك، فقال: يا ربّ كيف أعلم أنّك قد غفرت لي وأنت حكمٌ عدلٌ لا تحيف في القضاء، إذا جاء أهريا يوم القيامة آخذًا رأسه بيمينه أو بشماله، تشخب أوداجه دمًا في قبل عرشك يقول: يا ربّ سل هذا فيم قتلني؟ قال: فأوحى الله إليه: إذا كان ذلك دعوت أهريا فأستوهبك منه، فيهبك لي، فأثيبه بذلك الجنّة، قال: ربّ، الآن علمت أنّك قد غفرت لي، قال: فما استطاع أن يملأ عينيه من السّماء حياءً من ربّه حتّى قبض صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثني عليّ بن سهلٍ، قال: حدّثنا الوليد بن مسلمٍ، عن عبد الرّحمن بن يزيد بن جابرٍ، قال: حدّثني عطاءٌ الخراسانيّ، قال: نقش داود خطيئته في كفّه لكيلا ينساها، قال: فكان إذا رآها خفقت يده واضطربت.
وقال آخرون: بل كان ذلك لعارضٍ كان عرض في نفسه من ظنٍّ أنّه يطيق يومًا أن يتمّ يومًا لا يصيب فيه حوبةً، فابتلي بالفتنة الّتي ابتلي بها في اليوم الّذي طمع في نفسه بإتمامه بغير إصابة ذنبٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن مطرٍ، عن الحسن: إنّ داود جزّأ الدّهر أربعة أجزاءٍ: يومًا لنسائه، ويومًا لعبادته، ويومًا لقضاء بني إسرائيل، ويومًا لبني إسرائيل يذاكرهم ويذاكرونه، ويبكيهم ويبكونه؛ فلمّا كان يوم بني إسرائيل قال: ذكروا فقالوا: هل يأتي على الإنسان يومٌ لا يصيب فيه ذنبًا؟ فأضمر داود في نفسه أنّه سيطيق ذلك؛ فلمّا كان يوم عبادته، غلّق أبوابه، وأمر أن لا يدخل عليه أحدٌ، وأكبّ على التّوراة؛ فبينما هو يقرؤها، إذا حمامةٌ من ذهبٍ فيها من كلّ لونٍ حسنٍ، قد وقعت بين يديه، فأهوى إليها ليأخذها، قال: فطارت، فوقعت غير بعيدٍ، من غير أن تؤيسه من نفسها، قال: فما زال يتبعها حتّى أشرف على امرأةٍ تغتسل، فأعجبه خلقها وحسنها؛ قال: فلمّا رأت ظلّه في الأرض، جلّلت نفسها بشعرها، فزاده ذلك أيضًا إعجابًا بها، وكان قد بعث زوجها على بعض جيوشه، فكتب إليه أن يسير إلى مكان كذا وكذا، مكانٍ إذا سار إليه لم يرجع، قال: ففعل، فأصيب فخطبها فتزوّجها قال: وقال قتادة: بلغنا إنّها أمّ سليمان، قال: فبينما هو في المحراب، إذ تسوّر الملكان عليه، وكان الخصمان إذا أتوه يأتونه من باب المحراب، ففزع منهم حين تسوّروا المحراب، فقالوا: {لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعضٍ}.. حتّى بلغ {ولا تشطط} أي لا تملّ {واهدنا إلى سواء الصّراط} أي أعدله وخيره {إنّ هذا أخي له تسعٌ وتسعون نعجةً} وكان لداود تسعٌ وتسعون امرأةً {ولي نعجةٌ واحدةٌ} قال: وإنّما كان للرّجل امرأةٌ واحدةٌ {فقال أكفلنيها وعزّني في الخطاب} أي: ظلمني وقهرني، فقال: {لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه} إلى قوله: {وقليلٌ ما هم وظنّ داود} فعلم داود أنّما صمد له: أي عنى به ذلك وخرّ راكعًا وأناب قال: وكان في حديث مطر، أنّه سجد أربعين ليلةً، حتّى أوحى اللّه إليه: إنّي قد غفرت لك، قال: ربّ كيف تغفر لي وأنت حكمٌ عدلٌ، لا تظلم أحدًا؟ قال: إنّي أقضيك له، ثمّ استوهبه دمك أو ذنبك، ثمّ أثيبه حتّى يرضى، قال: الآن طابت نفسي، وعلمت أنّك قد غفرت لي.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: حدّثني محمّد بن إسحاق، عن بعض أهل العلم، عن وهب بن منبّهٍ اليمانيّ، قال: لمّا اجتمعت بنو إسرائيل على داود، أنزل اللّه عليه الزّبور، وعلّمه صنعة الحديد، فألانه له، وأمر الجبال والطّير أن يسبّحن معه إذا سبّح، ولم يعط اللّه - فيما يذكرون - أحدًا من خلقه مثل صوته، كان إذا قرأ الزّبور - فيما يذكرون - تدنو له الوحوش حتّى يأخذ بأعناقها، وإنّها لمصيخةٌ تسمع لصوته، وما صنعت الشّياطين المزامير والبرابط والصّنوج، إلاّ على أصناف صوته، وكان شديد الاجتهاد دائب العبادة، فأقام في بني إسرائيل يحكم فيهم بأمر اللّه نبيًّا مستخلفًا، وكان شديد الاجتهاد من الأنبياء، كثير البكاء، ثمّ عرض من فتنة تلك المرأة ما عرض له، وكان له محرابٌ يتوحّد فيه لتلاوة الزّبور، ولصلاته إذا صلّى، وكان أسفل منه جنينةٌ لرجلٍ من بني إسرائيل، كان عند ذلك الرّجل المرأةٌ الّتي أصاب داود فيها ما أصابه.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عن بعض أهل العلم، عن وهب بن منبّهٍ أنّ داود، حين دخل محرابه ذلك اليوم، قال: لا يدخلنّ عليّ محرابي اليوم أحدٌ حتّى اللّيل، ولا يشغلني شيءٌ عمّا خلوت له حتّى أمسي؛ ودخل محرابه، ونشر زبوره يقرؤه وفي المحراب كوّةٌ تطلعه على تلك الجنينة، فبينا هو جالسٌ يقرأ زبوره، إذ أقبلت حمامةٌ من ذهبٍ حتّى وقعت في الكوّة، فرفع رأسه فرآها، فأعجبته، ثمّ ذكر ما كان قال: لا يشغله شيءٌ عمّا دخل له، فنكّس رأسه وأقبل على زبوره، فتصوّبت الحمامة للبلاء والاختبار من الكوّة، فوقعت بين يديه، فتناولها بيده، فاستأخرت غير بعيدٍ، فاتّبعها، فنهضت إلى الكوّة، فتناولها في الكوّة، فتصوّبت إلى الجنينة، فأتبعها بصره أين تقع، فإذا المرأة جالسةٌ تغتسل بهيئةٍ اللّه أعلم بها في الجمال والحسن والخلق؛ فيزعمون أنّها لمّا رأته نقضت رأسها فوارت به جسدها منه، واختطفت قلبه، ورجع إلى زبوره ومجلسه، وهي من شأنه لا يفارق قلبه ذكرها وتمادى به البلاء حتّى أغزى زوجها، ثمّ أمر صاحب جيشه فيما يزعم أهل الكتاب أن يقدّم زوجها للمهالك حتّى أصابه بعض ما أراد به من الهلاك، ولداود تسعٌ وتسعون امرأةً؛ فلمّا أصيب زوجها خطبها داود، فنكحها، فبعث اللّه إليه وهو في محرابه ملكين يختصمان إليه، مثلاً يضربه له ولصاحبه، فلم يرع داود إلاّ بهما واقفين على رأسه في محرابه، فقال: ما أدخلكما عليّ؟ قالا: لا تخف لم ندخل لبأسٍ ولا لريبةٍ {خصمان بغى بعضنا على بعضٍ} فجئناك لتقضي بيننا {فاحكم بيننا بالحقّ ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصّراط} أي احملنا على الحقّ، ولا تخالف بنا إلى غيره؛ قال الملك الّذي يتكلّم عن أوريا بن حنانيا زوج المرأة: {إنّ هذا أخي} أي على ديني {له تسعٌ وتسعون نعجةً ولي نعجةٌ واحدةٌ فقال أكفلنيها} أي احملني عليها، ثمّ عزّني في الخطاب: أي قهرني في الخطاب، وكان أقوى منّي هو وأعزّ، فحاز نعجتي إلى نعاجه وتركني لا شيء لي؛ فغضب داود، فنظر إلى خصمه الّذي لم يتكلّم، فقال: لئن كان صدقني ما يقول، لأضربنّ بين عينيك بالفأس ثمّ ارعوى داود، فعرف أنّه هو الّذي يراد بما صنع في امرأة أوريا، فوقع ساجدًا تائبًا منيبًا باكيًا، فسجد أربعين صباحًا صائمًا لا يأكل فيها ولا يشرب، حتّى أنبت دمعه الخضر تحت وجهه، وحتّى أندب السّجود في لحم وجهه، فتاب اللّه عليه وقبل منه ويزعمون أنّه قال: أي ربّ هذا غفرت ما جنيت في شأن المرأة، فكيف بدم القتيل المظلوم؟ قيل له: يا داود، فيما زعم أهل الكتاب، أما إنّ ربّك لم يظلمه بدمه، ولكنّه سيسأله إيّاك فيعطيه، فيضعه عنك؛ فلمّا فرّج عن داود ما كان فيه، رسم خطيئته في كفّه اليمنى بطن راحته، فما رفع إلى فيه طعامًا ولا شرابًا قطّ إلاّ بكى إذا رآها، وما قام خطيبًا في النّاس قطّ إلاّ نشر راحته، فاستقبل بها النّاس ليروا رسم خطيئته في يده.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن إدريس، قال: سمعت ليثًا، يذكر عن مجاهدٍ، قال: لمّا أصاب داود الخطيئة خرّ للّه ساجدًا أربعين يومًا حتّى نبت من دموع عينيه من البقل ما غطّى رأسه؛ ثمّ نادى: ربّ قرح الجبين، وجمدت العين، وداود لم يرجع إليه في خطيئته شيءٌ، فنودي: أجائعٌ فتطعم، أم مريضٌ فتشفى، أم مظلومٌ فينتصر لك؟ قال: فنحب نحبةً هاج كلّ شيءٍ كان نبت، فعند ذلك غفر له وكانت خطيئته مكتوبةً بكفّه يقرءوها، وكان يؤتى بالإناء ليشرب فلا يشرب إلاّ ثلثه أو نصفه، وكان يذكر خطيئته، فينتحب النّحبة تكاد مفاصله تزول بعضها من بعضٍ، ثمّ ما يتمّ شرابه حتّى يملأه من دموعه وكان يقال: إنّ دمعة داود تعدل دمعة الخلائق، ودمعة آدم تعدل دمعة داود ودمعة الخلائق، قال: فهو يجيء يوم القيامة، خطيئته مكتوبةٌ بكفّه، فيقول: ربّ ذنبي ذنبي قدّمني، قال: فيقدّم فلا يأمن فيقول: ربّ أخّرني فيؤخّر فلا يأمن.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني ابن لهيعة، عن أبي صخرٍ، عن يزيد الرّقاشيّ، عن أنس بن مالكٍ سمعه يقول: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: إنّ داود النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم حين نظر إلى المرأة فأهمّ، قطع على بني إسرائيل بعثًا، فأوصى صاحب البعث، فقال: إذا حضر العدوّ فقرّب فلانًا بين يدي التّابوت، وكان التّابوت في ذلك الزّمان يستنصر به، من قدّم بين يدي التّابوت لم يرجع حتّى يقتل أو ينهزم عنه الجيش، فقتل زوج المرأة ونزل الملكان على داود يقصان عليه قصّته، ففطن داود فسجد، فمكث أربعين ليلةً ساجدًا حتّى نبت الزّرع من دموعه على رأسه، وأكلت الأرض جبينه وهو يقول في سجوده فلم أحص من الرّقاشيّ إلاّ هؤلاء الكلمات: ربّ زلّ داود زلّةً أبعد ممّا بين المشرق والمغرب، إن لم ترحم ضعف داود وتغفر ذنبه، جعلت ذنبه حديثًا في الخلوف من بعده، فجاءه جبرائيل صلّى اللّه عليه وسلّم من بعد أربعين ليلةً، فقال: يا داود إنّ اللّه قد غفر لك الهمّ الّذي هممت به، فقال داود: قد علمت أنّ الرّبّ قادرٌ على أن يغفر لي الهمّ الّذي هممت به، وقد عرفت أنّ اللّه عدلٌ لا يميل فكيف بفلانٍ إذا جاء يوم القيامة فقال: يا ربّ دمي الّذي عند داود؟ فقال جبرائيل صلّى اللّه عليه وسلّم: ما سألت ربّك عن ذلك، ولئن شئت لأفعلنّ، فقال: نعم، فعرج جبريل وسجد داود، فمكث ما شاء اللّه، ثمّ نزل فقال: قد سألت ربّك عزّ وجلّ يا داود عن الّذي أرسلتني فيه، فقال: قل لداود: إنّ اللّه يجمعكما يوم القيامة فيقول: هب لي دمك الّذي عند داود، فيقول: هو لك يا ربّ، فيقول: فإنّ لك في الجنّة ما شئت وما اشتهيت عوضًا.
- حدّثني عليّ بن سهلٍ، قال: حدّثنا الوليد بن مسلمٍ، قال: حدّثنا ابن جابرٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ: أنّ كتاب صاحب البعث جاء ينعي من قتل، فلمّا قرأ داود نعي رجلٍ منهم رجع، فلمّا انتهى إلى اسم الرّجل قال: كتب اللّه على كلّ نفسٍ الموت، قال: فلمّا انقضت عدّتها خطبها). [جامع البيان: 20/61-75]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب إملاءً، ثنا بحر بن نصرٍ الخولانيّ، ثنا عبد اللّه بن وهبٍ، أخبرني عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلالٍ، عن عياض بن عبد اللّه بن سعدٍ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ رضي اللّه عنه، أنّه قال: قرأ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم ص وهو على المنبر، فلمّا بلغ السّجدة نزل فسجد وسجد النّاس معه، فلمّا كان يومًا آخر قرأها فلمّا بلغ السّجدة تهيّأ النّاس للسّجود، فقال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «هي توبة نبيٍّ، ولكن رأيتكم تهيّأتم للسّجود» فنزل وسجد وسجد النّاس معه «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/469]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (فحدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن يعقوب، ثنا يحيى بن محمّد بن يحيى، ثنا أبو الوليد، ثنا حمّاد بن سلمة، عن حميدٍ، عن بكر بن عبد اللّه المزنيّ، أنّ أبا سعيدٍ الخدريّ رضي اللّه عنه، قال: رأيت فيما يرى النّائم كأنّي افتتحت سورة ص حتّى انتهيت إلى السّجدة فسجدت الدّواة والقلم وما حوله، فأخبرت بذلك النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم «فسجد فيها»). [المستدرك: 2/469]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا إسماعيل بن محمّدٍ الفقيه بالرّيّ، ثنا أبو حاتمٍ محمّد بن إدريس، أنبأ سليمان بن داود الهاشميّ، ثنا عبد الرّحمن بن أبي الزّناد، عن موسى بن عقبة، عن كريبٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: " ما أصاب داود ما أصابه بعد القدر إلّا من عجبٍ عجب به من نفسه وذلك أنّه قال: يا ربّ ما من ساعةٍ من ليلٍ ولا نهارٍ إلّا وعابدٍ من آل داود يعبدك يصلّي لك، أو يسبّح، أو يكبّر وذكر أشياء، فكره اللّه ذلك فقال: «يا داود إنّ ذلك لم يكن إلّا بي فلولا عوني ما قويت عليه وجلالي لأكلنّك إلى نفسك يومًا» قال: يا ربّ فأخبرني به فأصابته الفتنة ذلك اليوم «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/470]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال مسدّدٌ: ثنا هشيمٌ، عن سيّار أبي الحكم، عن يحيى بن عبّادٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عمر- رضي اللّه عنهما-: "أنّ عمر سجد في ص"). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/260]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال مسدّدٌ: حدثنا هشيمٌ، عن سيّارٍ أبي الحكم، عن يحيى بن عبّادٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: إنّ عمر رضي الله عنه سجد في " ص "). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/156]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب} قال: إن داود عليه السلام قال: يا رب قد أعطيت إبراهيم وإسحاق ويعقوب من الذكر ما لو وددت أنك أعطيتني مثله، قال الله عز وجل إني ابتليتهم بما لم أبتلك به فإن شئت ابتليتك بمثل ما ابتليتهم به وأعطيتك كما أعطيتهم قال: نعم، قال له: فاعمل حتى أرى بلاءك، فكان ما شاء الله أن يكون وطال ذلك عليه فكاد أن ينساه فبينما هو في محرابه إذ وقعت عليه حمامة فأراد أن يأخذها فطارت على كوة المحراب فذهب ليأخذها فطارت فاطلع من الكوة فرأى امرأة تغتسل فنزل من المحراب فذهب ليأخذها فأرسل إليها فجاءته فسألها عن زوجها وعن شأنها فأخبرته أن زوجها غائب فكتب إلى أمير تلك السرية أن يؤمره على السرايا ليهلك زوجها ففعل فكان يصاب أصحابه وينجو وربما نصروا، وإن الله عز وجل لما رأى الذي وقع فيه داود عليه السلام أراد أن ينفذ أمره فبينما داود عليه السلام ذات يوم في محرابه إذ تسور عليه الملكان من قبل وجهه فلما رأهما وهو يقرأ فزع وسكت وقال: لقد استضعفت في ملكي حتى أن الناس يتسورون على محرابي فقالا له {لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض} ولم يكن لنا بد من أن نأتيك فاسمع منا فقال أحدهما {إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها} يريد أن يتم مائة ويتركني ليس لي شيء {وعزني في الخطاب} قال: إن دعوت ودعا كان أكثر مني وإن بطشت وبطش كان أشد مني، فذلك قوله {وعزني في الخطاب} قال له داود عليه السلام: أنت كنت أحوج إلى نعجتك منه {لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه} إلى قوله {وقليل ما هم} ونسي نفسه صلى الله عليه وسلم فنظر الملكان أحدهما إلى الآخر حين قال فتبسم أحدهما إلى الآخر فرآه داود عليه السلام فظن إنما فتن {فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب} أربعين ليلة حتى نبتت الخضرة من دموع عينيه ثم شدد الله ملكه). [الدر المنثور: 12/529-530] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه أن داود عليه السلام جزأ الدهر أربعة أجزاء، يوما لنسائه ويوما للعبادة ويوما للقضاء بين بني إسرائيل ويوما لبني إسرائيل، ذكروا فقالوا: هل يأتي على الإنسان يوم لا يصيب فيه ذنبا فأضمر داود عليه السلام في نفسه أنه سيطيق ذلك فلما كان في يوم عبادته غلق أبوابه وأمر أن لا يدخل عليه أحد وأكب على التوراة، فبينما هو يقرأوها إذ حمامة من ذهب فيها من كل لون حسن قد وقعت بين يديه فأهوى إليها ليأخذها فطارت فوقعت غير بعيد من غير مرتبتها فما زال يتبعها حتى أشرف على امرأة تغتسل فأعجبه حسنها وخلقها فلما رأت ظله في الأرض جللت نفسها بشعرها فزاد ذلك أيضا بها إعجابا وكان قد بعث زوجها على بعض بعوثه فكتب إليه أن يسير إلى مكان كذا وكذا، مكان إذا سار إليه قتل ولم يرجع ففعل فأصيب فخطبها داود عليه السلام، فتزوجها، فبينما هو في المحراب إذ تسور الملكان عليه وكان الخصمان إنما يأتونه من باب المحراب ففزع منهم حين تسوروا المحراب فقالوا: {لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط} أي لا تمل {واهدنا إلى سواء الصراط} أي أعدله وخيره {إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة} يعني تسعا وتسعين امرأة لداود وللرجل نعجة واحدة فقال {أكفلنيها وعزني في الخطاب} أي قهرني وظلمني قال {لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب} قال: سجد أربعين ليلة حتى أوحى الله إليه: إني قد غفرت لك، قال: رب كيف تغفر لي وأنت حكم عدل لا تظلم أحدا قال إني أقضيك له ثم استوهبه دمك ثم أثيبه من الجنة حتى يرضى قال: الآن طابت نفسي وعلمت أن قد غفرت لي، قال الله تعالى {فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب} ). [الدر المنثور: 12/531-532] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد في الزهد عن أبي عمران الجوني رضي الله عنه في قوله {وهل أتاك نبأ الخصم} فجلسا فقال لهما قضاء فقال أحدهما إلى الآخر {أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب} فعجب داود عليه السلام وقال {لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه} فأغلظ له أحدهما وارتفع، فعرف داود إنما ذلك بذنبه فسجد فكان أربعين يوما وليلة لا يرفع رأسه إلا إلى صلاة الفريضة حتى يبست وقرحت جبهته وقرحت كفاه وركبتاه فأتاه ملك فقال: يا داود إني رسول ربك إليك وإنه يقول لك ارفع رأسك فقد غفرت لك فقال: يا رب كيف وأنت حكم عدل كيف تغفر لي ظلامة الرجل فترك ما شاء الله ثم أتاه ملك آخر فقال: يا داود إني رسول ربك إليك وإنه يقول لك إنك تأتيني يوم القيامة، وابن صوريا تختصمان إلي فأقضي له عليك ثم أسألها إياه فيهبها لي ثم أعطيه من الجنة حتى يرضى). [الدر المنثور: 12/532-533] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير والحاكم عن السدي قال: إن داود عليه السلام قد قسم الدهر ثلاثة أيام، يوما يقضي فيه بين الناس ويوما يخلو فيه لعبادة ربه ويوما يخلو فيه بنسائه وكان له تسع وتسعون امرأة وكان فيما يقرأ من الكتب قال: يا رب أرى الخير قد ذهب به آبائي الذين كانوا قبلي، فأعطني مثل ما أعطيتهم وافعل بي مثل ما فعلت بهم، فأوحى الله إليه إن آباءك قد ابتلوا ببلايا لم تبتل بها، ابتلي إبراهيم بذبح ولده وابتلي إسحاق بذهاب بصره وابتلي يعقوب بحزنه على يوسف وإنك لم تبتل بشيء من ذلك، قال: رب ابتلني بما ابتليتهم به وأعطني مثل ما أعطيتهم فأوحى الله إليه: إنك مبتلى فاحترس، فمكث بعد ذلك ما شاء الله تعالى أن يمكث إذ جاءه الشيطان قد تمثل في صورة حمامة حتى وقع عند رجليه وهو قائم يصلي فمد يده ليأخذه فتنحى فتبعه فتباعد حتى وقع في كوة فذهب ليأخذه فطار من الكوة فنظر أين يقع فبعث في أثره فأبصر امرأة تغتسل على سطح لها فرأى امرأة من أجمل الناس خلقا فحانت منها التفاتة فأبصرته فالتفت بشعرها فاستترت به فزاده ذلك فيها رغبة فسأل عنها فأخبر أن لها زوجا غائبا بمسلحة كذا وكذا، فبعث إلى صاحب المسلحة يأمره، أن يبعث إلى عدو كذا وكذا، فبعثه ففتح له أيضا فكتب إلى داود عليه السلام بذلك فكتب إليه أن ابعثه إلى عدو كذا وكذا، فبعثه فقتل في المرة الثالثة وتزوج امرأته، فلما دخلت عليه لم يلبث إلا يسيرا حتى بعث الله له ملكين في صورة أنسيين فطلبا أن يدخلا عليه فتسورا عليه الحراب فما شعر وهو يصلي إذ هما بين يديه جالسين ففزع منهما فقالا {لا تخف} إنما نحن {خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط} يقول: لا تخف {واهدنا إلى سواء الصراط} إلى عدل القضاء فقال: قصا علي قصتكما فقال أحدهما {إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة} قال الآخر: وأنا أريد أن آخذها فأكمل بها نعاجي مائة قال وهو كاره قال إذا لا ندعك وذاك قال: يا أخي أنت على ذلك بقادر قال: فإن ذهبت تروم ذلك ضربنا منك هذا وهذا، يعني طرف الأنف والجبهة، قال: يا داود أنت أحق أن يضرب منك هذا وهذا، حيث لك تسع وتسعون امرأة ولم يكن لاوريا إلا امرأة واحدة فلم تزل تعرضه للقتل حتى قتلته، وتزوجت امرأته فنظر فلم ير شيئا فعرف ما قد وقع فيه وما قد ابتلي به {وخر راكعا} فبكى فمكث يبكي أربعين يوما لا يرفع رأسه إلا لحاجة ثم يقع ساجدا يبكي ثم يدعو حتى نبت العشب من دموع عينيه فأوحى الله إليه بعد أربعين يوما يا داود ارفع رأسك قد غفر لك قال: يا رب كيف أعلم أنك قد غفرت لي وأنت حكم عدل لا تحيف في القضاء إذا جاء يوم القيامة أخذ رأسه بيمينه أو بشماله تشخب أوداجه دما في يقول: يا رب سل هذا فيم قتلني فأوحى الله إليه إذا كان ذلك دعوت أوريا فأستوهبك منه فيهبك لي فأثيبه بذلك الجنة قال: رب الآن علمت أنك غفرت لي فما استطاع أن يملاء عينيه من السماء حياء من ربه حتى قبض صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه، نحوه). [الدر المنثور: 12/533-536] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وقليل ما هم} يقول: قليل الذين هم فيه، وفي قوله {أنما فتناه} قال: اختبرناه). [الدر المنثور: 12/538]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {وظن داود} قال: علم داود). [الدر المنثور: 12/538]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {وظن داود أنما فتناه} قال: ظن إنما ابتلي بذلك). [الدر المنثور: 12/538]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: إنما كان فتنة داود عليه السلام النظر). [الدر المنثور: 12/538]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {وخر راكعا} قال: ساجدا). [الدر المنثور: 12/539]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن كعب رضي الله عنه قال: سجد داود نبي الله أربعين يوما وأربعين ليلة لا يرفع رأسه حتى رقأ دمعه ويبس وكان من آخر دعائه وهو ساجد أن قال: يا رب رزقتني العافية فسألتك البلاء فلما ابتليتني لم أصبر فإن تعذبني فأنا أهل ذاك وإن تغفر لي فأنت أهل ذاك، قال: وإذا جبريل عليه السلام قائم على رأسه قال: يا داود إن الله قد غفر لك فارفع رأسك فلم يلتفت إليه وناجى ربه وهو ساجد فقال: يا رب كيف تغفر لي وأنت الحكم العدل قال إذا كان يوم القيامة دفعتك إلى أوريا ثم استوهبك منه فيهبك لي وأثيبه الجنة قال: يا رب الآن علمت أنك قد غفرت لي فذهب يرفع رأسه فإذا هو يابس لا يستطيع فمسحه جبريل عليه السلام ببعض ريشه فانبسط فأوحى الله تعالى إليه بعد ذلك: يا داود قد أحللت لك امرأة أوريا فتزوجها فولدت له سليمان عليه الصلاة والسلام، لم تلد قبله ولا بعده) قال كعب رضي الله عنه: فو الله لقد كان داود بعد ذلك يظل صائما اليوم الحار فيقرب الشراب إلى فيه فيذكر خطيئته فينزل دمعه في الشراب حتى يفيضه ثم يرده ولا يشربه). [الدر المنثور: 12/539-540]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد، وعبد بن حميد عن يونس بن خباب رضي الله عنه أن داود عليه السلام بكى أربعين ليلة حتى نبت العشب حوله من دموعه ثم قال: يا رب قرح الجبين ورقا الدمع وخطيئتي علي كما هي فنودي: أن يا داود أجائع فتطعم أم ظمآن فتسقى أم مظلوم فتنصر فنحب نحبة هاج ما هنالك من الخضرة فغفر له عند ذلك). [الدر المنثور: 12/540]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد عن عبيد بن عمير الليثي رضي الله عنه، أن داود عليه السلام سجد حتى نبت ما حوله خضرا من دموعه فأوحى الله إليه: أن يا داود سجدت أتريد أن أزيدك في ملكك وولدك وعمرك فقال: يا رب أبهذا ترد علي أريد أن تغفر لي). [الدر المنثور: 12/540]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد في الزهد والحكيم الترمذي عن الأوزاعي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل عيني داود كالقربتين ينطفان ماء ولقد خددت الدموع في وجهه خديد الماء في الأرض). [الدر المنثور: 12/540]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد، وعبد بن حميد من طريق عطاء بن السائب عن أبي عبد الله الجدلي قال: ما رفع داود عليه السلام رأسه إلى السماء بعد الخطيئة حتى مات). [الدر المنثور: 12/541]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد، وعبد بن حميد عن صفوان بن محرز قال: كان لداود عليه السلام يوم يتأوه فيه يقول: أوه من عذاب الله أوه من عذاب الله أوه من عذاب الله قيل لا أوه). [الدر المنثور: 12/541]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما أوحى الله إلى داود عليه السلام: ارفع رأسك فقد غفرت لك فقال: يا رب كيف تكون هذه المغفرة وأنت قضاء بالحق ولست بظلام للعبيد ورجل ظلمته غصبته قتلته فأوحى الله تعالى إليه: بلى يا داود إنكما تجتمعان عندي فأقضي له عليك فإذا برز الحق عليك أستوهبك منه فوهبك لي وأرضيته من قبلي وأدخلته الجنة فرفع داود رأسه وطابت نفسه وقال: نعم، يا رب هكذا تكون المغفرة). [الدر المنثور: 12/541-542]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد، وابن جرير عن مجاهد قال: لما أصاب داود الخطيئة ? {خر ساجدا}? أربعين ليلة حتى نبت من دموع عينيه من البقل ما غطى رأسه ثم نادى رب قرح الجبين وجمدت العين وداود لم يرجع إليه في خطيئته شيء، فنودي أجائع فتطعم أم مريض فتشفى أم مظلوم فتنصر فنحب نحبا هاج منه نبت الوادي كله فعند ذلك غفر له وكان يؤتى بالإناء فيشرب فيذكر خطيئته فينتحب فتكاد مفاصله تزول بعضها من بعض فما يشرب بعض الإناء حتى يمتلى ء من دموعه وكان يقال دمعة داود عليه السلام تعدل دمعة الخلائق ودمعة آدم عليه السلام تعدل دمعة داود ودمعة الخلائق فيجيء يوم القيامة مكتوبة بكفه يقرأها يقول: ذنبي ذنبي، فيقول رب قدمني فيتقدم فلا يأمن ويتأخر فلا يأمن حتى يقول تبارك وتعالى: خذ بقدمي). [الدر المنثور: 12/542]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد في الزهد عن علقمة بن يزيد قال: لو عدل بكاء أهل الأرض ببكاء داود ما عدله ولو عدل بكاء داود وبكاء أهل الأرض ببكاء آدم عليه السلام حين أهبط إلى الأرض ما عدله). [الدر المنثور: 12/543]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن إسماعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر، أن داود عليه السلام كان يعاتب في كثرة البكاء فيقول: ذروني أبكي قبل يوم البكاء قبل تحريق العظام واشتعال اللحى وقبل أن يؤمر بي (ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) (التحريم 6) ). [الدر المنثور: 12/543]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والحكيم الترمذي، وابن جرير عن عطاء الخراساني أن داود عليه السلام نقش خطيئته في كفه لكيلا ينساها وكان إذا رآها اضطربت يداه). [الدر المنثور: 12/543]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عن مجاهد قال: يحشر داود عليه السلام وخطيئته منقوشة في كفه). [الدر المنثور: 12/544]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن عثمان بن أبي العاتكة قال: كان من دعاء داود عليه السلام، سبحانك إلهي إذا ذكرت خطيئتي ضاقت علي الأرض برحبها وإذا ذكرت رحمتك ارتدت إلي روحي سبحانك إلهي فكلهم [ رآني ] (ما بين قوسين زيادة اقتضاها أتمام المعنى فأثبتها المصحح) عليل بذنبي). [الدر المنثور: 12/544]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن ثابت قال: اتخذ داود عليه السلام سبع حشايا من سعد وحشاهن من الرماد ثم بكى حتى أنفذها دموعا ولم يشرب شرابا إلا مزجه بدموع عينيه). [الدر المنثور: 12/544]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن وهب بن منبه قال داود: رب لا صبر لي على حر شمسك فكيف صبري على حر نارك ؟ رب لا صبر لي على صوت رحمتك يعني الرعد- فكيف صبري على صوت عذابك؟). [الدر المنثور: 12/544]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن وهب بن منبه قال: بكى داود عليه السلام حتى خددت الدموع في وجهه واعتزل النساء وبكى حتى رعش). [الدر المنثور: 12/545]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن مالك بن دينار قال: إذا خرج داود عليه السلام من قبره فرأى الأرض نارا وضع يده على رأسه وقال: خطيئتي اليوم موبقتي). [الدر المنثور: 12/545]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عن عبد الرحمن بن جبير، أن داود عليه السلام كان يقول: اللهم ما كتبت في هذا اليوم من مصيبة فخلصني منها ثلاث مرات وما أنزلت في هذا اليوم من خير فائتني منه نصيبا ثلاث مرات وإذا أمسى قال مثل ذلك فلم ير بعد ذلك مكروها). [الدر المنثور: 12/545]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن معمر، أن داود عليه السلام لما أصاب الذنب قال: رب كنت أبغض الخطائين فأنا اليوم أحب أن تغفر لهم). [الدر المنثور: 12/545]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الله ابنه والحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن سعيد بن أبي هلال، أن داود عليه السلام كان يعوده الناس وما يظنون إلا أنه مريض وما به إلا شدة الفرق من الله سبحانه وتعالى). [الدر المنثور: 12/545]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه عن كعب قال: كان داود عليه السلام إذا أفطر استقبل القبلة، وقال: اللهم خلصني من كل مصيبة نزلت من السماء ثلاثا وإذا طلع حاجب الشمس قال: اللهم اجعل لي سهما في كل حسنة نزلت الليلة من السماء إلى الأرض ثلاثا). [الدر المنثور: 12/545-546]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن مردويه والبيهقي في "سننه" عن ابن عباس أنه قال: في السجود في {ص} ليست من عزائم السجود وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها). [الدر المنثور: 12/546]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج النسائي، وابن مردويه بسند جيد عن ابن عباسط أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم سجد في {ص} وقال: سجدها داود ونسجدها شكرا). [الدر المنثور: 12/546]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه والبخاري عن العوام قال: سألت مجاهدا عن سجدة ص فقال: سألت ابن عباس من أين سجدت فقال: أو ما تقرأ (ومن ذريته داود وسليمان) (الأنعام 84) إلى قوله (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) فكان داود ممن أمر نبيكم صلى الله عليه وسلم أن يقتدى به فسجد بها داود عليه السلام فسجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 12/546]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسجد في ص حتى نزلت (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) (الأنعام 90) فسجد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 12/546-547]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الترمذي، وابن ماجة والطبراني والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: جاء رجل إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أني رأيت في هذه الليلة فيما يرى النائم كأني أصلي عند شجرة وكأني قرأت سورة السجدة فسجدت فرأيت الشجرة سجدت بسجودي وكأني أسمعها وهي تقول اللهم اكتب لي بها عندك ذكرا وضع عني بها وزرا واجعلها إلي عندك ذخرا وأعظم بها أجرا وتقبل مني كما تقبلت من عبدك داود، قال ابن عباس فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم السجدة فسمعته يقول في سجوده كما أخبر الرجل عن قول الشجرة). [الدر المنثور: 12/547]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد في ص). [الدر المنثور: 12/547]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن السائب بن يزيد قال: صليت خلف عمر الفجر فقرأ بنا سورة ص فسجد فيها فلما قضى الصلاة قال له رجل: يا أمير المؤمنين ومن عزائم السجود هذه فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها). [الدر المنثور: 12/547]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد في ص). [الدر المنثور: 12/548]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الدارمي وأبو داود، وابن خزيمة، وابن حبان والدارقطني والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في "سننه" عن أبي سعيد الخدري قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر ص فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه فلما كان آخر يوم قرأها فلما بلغ السجدة تهيأ الناس للسجود فقال: إنما هي توبة نبي ولكني رأيتكم تهيأتم للسجود فنزل فسجد). [الدر المنثور: 12/548]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبه عن سعيد بن جبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ سورة ص وهوعلى المنبر فلما أتى على السجدة قرأها ثم نزل فسجد). [الدر المنثور: 12/548]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبه عن سعيد بن جبير، أن عمر بن الخطاب كان يسجد في ص). [الدر المنثور: 12/548]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه عن ابن عمر قال: في ص سجدة). [الدر المنثور: 12/548]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبه والطبراني والبيهقي في "سننه" عن ابن مسعود، أنه كان لا يسجد في ص ويقول: إنما هي توبة نبي ذكرت). [الدر المنثور: 12/549]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه عن أبي العالية قال: كان بعض أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم يسجد في ص وبعضهم لا يسجد فأي ذلك شئت فافعل). [الدر المنثور: 12/549]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه عن أبي مريم قال: لما قدم عمر الشام أتى محراب داود عليه السلام فصلى فيه فقرأ سورة ص فلما انتهى إلى السجدة سجد). [الدر المنثور: 12/549]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أبي سعيد، أنه رأى رؤيا أنه يكتب ص فلما انتهى إلى التي يسجد بها رأى الدواة والقلم وكل شيء بحضرته انقلب ساجدا فقصها على النّبيّ صلى الله عليه وسلم فلم يزل يسجد بها بعد). [الدر المنثور: 12/549]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو يعلى عن أبي سعيد قال: رأيت فيما يرى النائم كأني تحت شجرة وكأن الشجرة تقرأ ص فلما أتت على السجدة سجدت فقالت في سجودها: اللهم اغفر بها اللهم حط عني بها وزرا واحدث لي بها شكرا وتقبلها مني كما تقبلت من عبدك داود سجدته فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال سجدت أنت يا أبا سعيد فقلت: لا فقال، أنت أحق بالسجود من الشجرة ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ص ثم أتى على السجدة وقال في سجوده ما قالت الشجرة في سجودها). [الدر المنثور: 12/549-550]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني والخطيب عن ابن عباس عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال السجدة التي في ص سجدها داود توبة ونحن نسجدها شكرا). [الدر المنثور: 12/550]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال: دخلت على النّبيّ صلى الله عليه وسلم في سفره وهو يقرأ ص فسجد فيها). [الدر المنثور: 12/550]

تفسير قوله تعالى: (فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآَبٍ (25) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وقال الحسن علم أنه هو المعني بذلك فسجد أربعين ليلة لا يرفع رأسه إلا لصلاة مكتوبة قال ولم يذق طعاما ولا شرابا حتى أوحى الله إليه أن ارفع رأسك فقد غفرت لك قال يا رب إني قد علمت أنك لست بتاركي حتى تأخذ لعبدك مني قال إني أستوهبك من عبدي فيهبك لي وأجزيه على ذلك أفضل الجزاء قال الآن علمت يا رب أنك قد غفرت لي قال الله فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب). [تفسير عبد الرزاق: 2/163]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن مجاهدٍ عن عبيد بن عميرٍ في قوله: {وإنّ له عندنا لزلفى وحسن مآب} قال: يدنو من الرّبّ تبارك وتعالى حتّى يضع يده قريبا [الآية: 25]). [تفسير الثوري: 258]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فغفرنا له ذلك وإنّ له عندنا لزلفى وحسن مآبٍ (25) يا داود إنّا جعلناك خليفةً في الأرض فاحكم بين النّاس بالحقّ ولا تتّبع الهوى فيضلّك عن سبيل اللّه إنّ الّذين يضلّون عن سبيل اللّه لهم عذابٌ شديدٌ بما نسوا يوم الحساب}.
يعني تعالى ذكره بقوله: {فغفرنا له ذلك} فعفونا عنه، وصفحنا له عن أن نؤاخذه بخطيئته وذنبه ذلك {وإنّ له عندنا لزلفى} يقول: وإنّ له عندنا للقربة منّا يوم القيامة.
وبنحو الّذي قلنا في قوله: {فغفرنا له ذلك} قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {فغفرنا له ذلك} الذّنب.
وقوله: {وحسن مآبٍ} يقول: مرجعٍ ومنقلبٍ ينقلب إليه يوم القيامة.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {وحسن مآبٍ} أي حسن مصيرٍ.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: {وحسن مآبٍ} قال: حسن المنقلب). [جامع البيان: 20/75-77]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير والحاكم عن السدي قال: إن داود عليه السلام قد قسم الدهر ثلاثة أيام، يوما يقضي فيه بين الناس ويوما يخلو فيه لعبادة ربه ويوما يخلو فيه بنسائه وكان له تسع وتسعون امرأة وكان فيما يقرأ من الكتب قال: يا رب أرى الخير قد ذهب به آبائي الذين كانوا قبلي، فأعطني مثل ما أعطيتهم وافعل بي مثل ما فعلت بهم، فأوحى الله إليه إن آباءك قد ابتلوا ببلايا لم تبتل بها، ابتلي إبراهيم بذبح ولده وابتلي إسحاق بذهاب بصره وابتلي يعقوب بحزنه على يوسف وإنك لم تبتل بشيء من ذلك، قال: رب ابتلني بما ابتليتهم به وأعطني مثل ما أعطيتهم فأوحى الله إليه: إنك مبتلى فاحترس، فمكث بعد ذلك ما شاء الله تعالى أن يمكث إذ جاءه الشيطان قد تمثل في صورة حمامة حتى وقع عند رجليه وهو قائم يصلي فمد يده ليأخذه فتنحى فتبعه فتباعد حتى وقع في كوة فذهب ليأخذه فطار من الكوة فنظر أين يقع فبعث في أثره فأبصر امرأة تغتسل على سطح لها فرأى امرأة من أجمل الناس خلقا فحانت منها التفاتة فأبصرته فالتفت بشعرها فاستترت به فزاده ذلك فيها رغبة فسأل عنها فأخبر أن لها زوجا غائبا بمسلحة كذا وكذا، فبعث إلى صاحب المسلحة يأمره، أن يبعث إلى عدو كذا وكذا، فبعثه ففتح له أيضا فكتب إلى داود عليه السلام بذلك فكتب إليه أن ابعثه إلى عدو كذا وكذا، فبعثه فقتل في المرة الثالثة وتزوج امرأته، فلما دخلت عليه لم يلبث إلا يسيرا حتى بعث الله له ملكين في صورة أنسيين فطلبا أن يدخلا عليه فتسورا عليه الحراب فما شعر وهو يصلي إذ هما بين يديه جالسين ففزع منهما فقالا {لا تخف} إنما نحن {خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط} يقول: لا تخف {واهدنا إلى سواء الصراط} إلى عدل القضاء فقال: قصا علي قصتكما فقال أحدهما {إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة} قال الآخر: وأنا أريد أن آخذها فأكمل بها نعاجي مائة قال وهو كاره قال إذا لا ندعك وذاك قال: يا أخي أنت على ذلك بقادر قال: فإن ذهبت تروم ذلك ضربنا منك هذا وهذا، يعني طرف الأنف والجبهة، قال: يا داود أنت أحق أن يضرب منك هذا وهذا، حيث لك تسع وتسعون امرأة ولم يكن لاوريا إلا امرأة واحدة فلم تزل تعرضه للقتل حتى قتلته، وتزوجت امرأته فنظر فلم ير شيئا فعرف ما قد وقع فيه وما قد ابتلي به {وخر راكعا} فبكى فمكث يبكي أربعين يوما لا يرفع رأسه إلا لحاجة ثم يقع ساجدا يبكي ثم يدعو حتى نبت العشب من دموع عينيه فأوحى الله إليه بعد أربعين يوما يا داود ارفع رأسك قد غفر لك قال: يا رب كيف أعلم أنك قد غفرت لي وأنت حكم عدل لا تحيف في القضاء إذا جاء يوم القيامة أخذ رأسه بيمينه أو بشماله تشخب أوداجه دما في يقول: يا رب سل هذا فيم قتلني فأوحى الله إليه إذا كان ذلك دعوت أوريا فأستوهبك منه فيهبك لي فأثيبه بذلك الجنة قال: رب الآن علمت أنك غفرت لي فما استطاع أن يملاء عينيه من السماء حياء من ربه حتى قبض صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه، نحوه). [الدر المنثور: 12/533-536] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (آية 25.
أخرج أحمد في الزهد والحكيم الترمذي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مالك بن دينار في قوله {وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب} قال: مقام داود عليه السلام يوم القيامة عند ساق العرش ثم يقول الرب جل وعلا يا داود مجدني اليوم بذلك الصوت الحسن الرخيم الذي كنت تمجدني به في الدنيا فيقول: يا رب كيف وقد سلبته فيقول: إني راده عليك اليوم فيندفع بصوت يستفز نعيم أهل الجنة). [الدر المنثور: 12/550-551]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر عن محمد بن كعب أنه قال {وإن له عندنا لزلفى} أول الكائن يوم القيامة داود، وابنه عليهما السلام). [الدر المنثور: 12/551]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن السدي بن يحيى قال: حدثني أبو حفص رجل قد أدرك عمر بن الخطاب أن الناس يصيبهم يوم القيامة عطش وحر شديد فينادي المنادي داود فيسقي على رؤوس العالمين فهو الذي ذكر الله {وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب} ). [الدر المنثور: 12/551]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن عمر بن الخطاب عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم إنه ذكر يوم القيامة فعظم شأنه، وشدته قال: ويقول الرحمن لداود عليه السلام مر بين يدي فيقول داود: يا رب أخاف أن تدحضني خطيئتي.
فيقول خذ بقدومي فيأخذ بقدمه عز وجل فيمر قال فتلك {لزلفى} التي قال الله {وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب} ). [الدر المنثور: 12/551-552]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عبيد بن عمير رضي الله عنه {وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب} قال: يدنو حتى يضع يده عليه). [الدر المنثور: 12/552]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه فغفرنا له ذلك الذنب {وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب} قال حسن المنقلب). [الدر المنثور: 12/552]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحكيم الترمذي عن مجاهد رضي الله عنه قال: يبعث داود عليه السلام يوم القيامة وخطيئته في كفه فإذا رآها يوم القيامة لم يجد منها مخرجا إلا أن يلجأ إلى رحمة الله تعالى ثم يرى فيقلق، فيقال له: ههنا، فذلك قوله {وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب} ). [الدر المنثور: 12/552]

تفسير قوله تعالى: (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26) )
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] في قوله: {ولا تتّبع الهوى فيضلّك عن سبيل اللّه إنّ الّذين يضلّون عن سبيل اللّه لهم عذاب شديد يوم القيامة بما نسوا يوم الحساب} [الآية: 26]). [تفسير الثوري: 258]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {يا داود إنّا جعلناك خليفةً في الأرض} يقول تعالى ذكره: وقلنا لداود: يا داود إنّا استخلفناك في الأرض من بعد من كان قبلك من رسلنا حكمًا بين أهلها.
- كما حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {إنّا جعلناك خليفةً} ملّكه في الأرض.
وقوله: {فاحكم بين النّاس بالحقّ} يقول: بالعدل والإنصاف {ولا تتبع الهوى} يقول: ولا تؤثر هواك في قضائك بينهم على العدل والحقّ فيه، فتجور عن الحقّ {فيضلّك عن سبيل اللّه} يقول: فيميل بك اتّباعك هواك في قضائك على العدل والعمل بالحقّ عن طريق اللّه الّذي جعله لأهل الإيمان فيه، فتكون من الهالكين بضلالك عن سبيل اللّه.
وقوله: {إنّ الّذين يضلّون عن سبيل اللّه لهم عذابٌ شديدٌ بما نسوا يوم الحساب} يقول تعالى ذكره: إنّ الّذين يميلون عن سبيل اللّه، وذلك الحقّ الّذي شرعه لعباده، وأمرهم بالعمل به، فيجورون عنه في الدّنيا، لهم في الآخرة يوم الحساب عذابٌ شديدٌ على ضلالهم عن سبيل اللّه بما نسوا أمر اللّه، يقول: بما تركوا القضاء بالعدل، والعمل بطاعة اللّه {يوم الحساب} ويوم الحساب من صلة العذاب الشّديد.
وبنحو الّذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا العوّام، عن عكرمة، في قوله: {عذابٌ شديدٌ بما نسوا يوم الحساب} قال: هذا من التّقديم والتّأخير، يقول: لهم يوم الحساب عذابٌ شديدٌ بما نسوا.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: {بما نسوا يوم الحساب} قال: نسوا: تركوا). [جامع البيان: 20/77-78]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (من الآيات 26 - 27.
أخرج الثعلبي من طريق العوام بن حوشب قال: حدثني رجل من قومي شهد عمر رضي الله عنه أنه سأل طلحة والزبير وكعبا وسلمان ما الخليفة من الملك قال طلحة والزبير: ما ندري فقال سلمان رضي الله عنه: الخليفة الذي يعدل في الرعية ويقسم بينهم بالسوية ويشفق عليهم شفقة الرجل على أهله ويقضي بكتاب الله تعالى، فقال كعب: ما كنت أحسب أحدا يعرف الخليفة من الملك غيري). [الدر المنثور: 12/553]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد من طريق مردان عن سلمان رضي الله عنه: أن عمر رضي الله عنه قال له: أنا ملك أم خليفة فقال له سلمان رضي الله عنه: الخليفة الذي يعدل أن أتت جبيت من أرض المسلمين درهما أو أقل أو أكثر ثم وضعته في غير حقه فأنت ملك غير خليفة فاستعبر عمر رضي الله عنه). [الدر المنثور: 12/553]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد عن ابن أبي العرجاء قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: والله ما أدري أخليفة أنا أم ملك قال قائل: يا أمير المؤمنين إن بينهما فرقا قال: ما هو قال: الخليفة لا يأخذ إلا حقا ولا يضعه إلا في حق وأنت الحمد لله كذلك، والملك يعسف الناس فيأخذ من هذا ويعطي هذا). [الدر المنثور: 12/553-554]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: إن الإمارة ما ائتمرتها وأن الملك ما غلب عليه بالسيف). [الدر المنثور: 12/554]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الثعلبي عن معاوية رضي الله عنه، أنه كان يقول إذا جلس على المنبر: يا أيها الناس أن الخلافة ليست بجمع المال ولكن الخلافة العمل بالحق والحكم بالعدل وأخذ الناس بأمر الله). [الدر المنثور: 12/554]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحكيم الترمذي عن سالم مولى أبي جعفر قال: خرجنا مع أبي جعفر أمير المؤمنين إلى بيت المقدس فلما دخل وشق بعث إلى الأوزاعي فأتاه فقال: يا أمير المؤمنين حدثني حسان بن عطية عن جدك ابن عباس رضي الله عنه ما في قوله {يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله} قال: إذا ارتفع إليك الخصمان فكان لك في أحدهما هوى فلا تشته في نفسك الحق له فيفلح على صاحبه فأمحو اسمك من نبوتي ثم لا تكون خليفتي ولا كرامة، يا أمير المؤمنين حدثنا حسان بن عطية عن جدك قال: من كره الحق فقد كره الله لأن الحق هو الله، يا أمير المؤمنين حدثني حسان بن عطية عن جدك في قوله (لا يغادر صغيرة ولا كبيرة) (الكهف 49) قال: الصغيرة التبسم والكبيرة الضحك فكيف ما جنته الأيدي). [الدر المنثور: 12/554-555]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه في قوله {فاحكم بين الناس بالحق} يعني بالعدل والإنصاف {ولا تتبع الهوى} يقول: ولا تؤثر هواك في قضائك بينهم على الحق والعدل فتزوغ عن الحق فيضلك عن سبيل الله). [الدر المنثور: 12/555]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب} قال: هذا من التقديم والتأخير، يقول: لهم يوم الحساب عذاب شديد بما نسوا). [الدر المنثور: 12/555]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد في الزهد عن أبي السليل رضي الله عنه قال: كان داود عليه السلام يدخل المسجد فينظر أغمض حلقة من بني إسرائيل فيجلس إليهم ثم يقول: مسكينا بين ظهراني مساكين). [الدر المنثور: 12/555-556]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن زيد بن أسلم رضي الله عنه، أن ابنا لداود مات فأشتد عليه جزعه فقيل ما كان يعدل عندك قال: كان أحب إلي من ملء الأرض ذهبا، فقيل له: إن الأجر على قدر ذلك). [الدر المنثور: 12/556]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الله في زوائده عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: كان من دعاء داود عليه السلام، سبحان مستخرج الشكر بالعطاء ومستخرج الدعاء بالبلاء). [الدر المنثور: 12/556]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الله عن الأوزاعي رضي الله عنه قال: أوحى الله إلى داود عليه السلام ألا أعلمك علمين إذا عملتهما ألقيت وجوه الناس إليك وبلغت بهما رضاي، قال: بلى يا رب قال احتجز فيما بيني وبينك بالورع وخالط الناس بأخلاقهم). [الدر المنثور: 12/556]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن يزيد بن منصور رضي الله عنه قال: قال داود عليه السلام إلا ذاكر لله فاذكر معه إلا مذكر فاذكر معه). [الدر المنثور: 12/557]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن عروة بن الزبير رضي الله عنه قال: كان داود عليه السلام يصنع القفة من الخوص وهو على المنبر ثم يرسل بها إلى السوق فيبيعها فيأكل بثمنها). [الدر المنثور: 12/557]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن سعيد بن أبي هلال رضي الله عنه قال: كان داود عليه السلام إذا قام من الليل يقول: اللهم نامت العيون وغارت النجوم وأنت الحي القيوم الذي لا تأخذك سنة ولا نوم). [الدر المنثور: 12/557]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن عثمان الشحام أبي سلمة قال: حدثني شيخ من أهل البصرة كان له فضل وكان له سن قال: بلغني أن داود عليه السلام سأل ربه قال: يا رب كيف لي أن أمشي لك في ألأرض بنصح وأعمل لك فيها بنصح قال يا داود تحب من يحبني من أحمر وأبيض ولا تزال شفتاك رطبتين من ذكري واجتنب فراش الغيبة قال: رب كيف لي أن تحببني في أهل الدنيا البر والفاجر قال: يا داود تصانع أهل الدنيا لدنياهم وتحب أهل الآخرة لآخرتهم وتختار إليك دينك بيني وبينك فإنك إذا فعلت ذلك لا يضرك من ضل إذا اهتديت قال: رب فأرني أضيافك من خلقك من هم قال: نقي الكفين نقي القلب يمشي تماما ويقول صوابا). [الدر المنثور: 12/557-558]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الخطيب في تاريخه عن يحيى بن أبي كثير رضي الله عنه قال: قال داود عليه السلام لإبنه سليمان عليه السلام: أتدري ما جهد البلاء قال شراء الخبز من السوق والانتقال من منزل إلى منزل). [الدر المنثور: 12/558]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن مالك بن دينار رضي الله عنه قال: قال داود عليه السلام: اللهم اجعل حبك أحب إلي من نفسي وسمعي وبصري وأهلي ومن الماء البارد). [الدر المنثور: 12/558]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن وهب رضي الله عنه قال: قال داود عليه السلام رب أي عبادك أحب إليك قال: مؤمن حسن الصورة قال: فأي عبادك أبغض إليك قال كافر حسن الصورة شكر هذا وكفر هذا قال: يا رب فأي عبادك أبغض إليك قال عبد استخارني في أمر فخرت له فلم يرض به). [الدر المنثور: 12/558]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الله في زوائده عن عبد الله بن أبي مليكة رضي الله عنه قال: قال داود عليه السلام: إلهي لا تجعل لي أهل سوء فأكون رجل سوء). [الدر المنثور: 12/558]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن عبد الرحمن قال: بلغني أنه كان من دعاء داود عليه السلام: اللهم لا تفقرني فأنسى ولا تغنني فأطغى). [الدر المنثور: 12/559]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن الحسن رضي الله عنه قال: قال داود عليه السلام: إلهي أي رزق أطيب قال: ثمرة يدك يا داود). [الدر المنثور: 12/559]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن أبي الجلد رضي الله عنه، أن الله تعالى أوحى إلى داود عليه السلام: يا داود أنذر عبادي الصديقين لا يعجبن بأنفسهم ولا يتكلن على أعمالهم فإنه ليس أحد من عبادي أنصبه للحساب وأقيم عليه عدلي إلا عذبته من غير أن أظلمه وبشر الخاطئين أنه لا يتعاظم ذنب أن أغفره وأتجاوز عنه). [الدر المنثور: 12/559]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن أبي الجلد رضي الله عنه، أن داود عليه السلام أمر مناديا فنادى: الصلاة جامعة فخرج الناس وهم يرون أنه سيكون منه يومئذ موعظة وتأديب ودعاء فلما رقي مكانه قال: اللهم اغفر لنا وانصرف فأستقبل آخر الناس أوائلهم قالوا: ما لكم قالوا: إن النّبيّ إنما دعا بدعوة واحدة فأوحى الله تعالى إليه: أن أبلغ قومك عني فإنهم قد استقلوا دعاءك، إني من أغفر له أصلح له أمر آخرته ودنياه). [الدر المنثور: 12/559]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن عبد الرحمن بن أبزي رضي الله عنه قال: كان داود عليه السلام أصبر الناس على البلاء وأحلمهم وأكظمهم للغيظ). [الدر المنثور: 12/559]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن سعيد بن عبد العزيز رضي الله عنه قال: قال داود عليه السلام يا رب كيف أسعى لك في الأرض بالنصيحة قال: تكثر ذكري وتحب من أحبني من أبيض وأسود وتحكم للناس كما تحكم لنفسك وتجتنب فراش الغيبة). [الدر المنثور: 12/559]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه عن أبي عبد الله الجدلي رضي الله عنه قال: كان داود عليه السلام يقول: اللهم إني أعوذ بك من جار عينه تراني وقلبه يرعاني، إن رأى خيرا دفنه وإن رأى شرا أشاعه). [الدر المنثور: 12/559]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه عن سعيد بن أبي سعيد رضي الله عنه قال: كان من دعاء داود عليه السلام: اللهم أني أعوذ بك من الجار السوء). [الدر المنثور: 12/559-560]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه عن ابن بريدة رضي الله عنه، أن داود عليه السلام كان يقول: اللهم إني أعوذ بك من عمل يخزيني وهم يرديني وفقر ينسيني وغنى يطغيني). [الدر المنثور: 12/560]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد عن عبد الله بن الحارث رضي الله عنه قال: أوحى الله إلى داود عليه السلام: أحبب عبادي وحببني إلى عبادي قال: يا رب هذا أحبك وأحب عبادك فكيف أحببك إلى عبادك قال تذكرني عندهم فإنهم لا يذكرون مني إلا الحسن). [الدر المنثور: 12/560]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن أبي الجعد رضي الله عنه قال: بلغنا أن داود عليه السلام قال: إلهي ما جزاء من عزى حزينا لا يريد به إلا وجهك قال: جزاؤه أن ألبسه لباس التقوى قال: إلهي ما جزاء من شيع جنازة لا يريد بها إلا وجهك قال: جزاؤه أن تشيعه ملائكتي إذا مات وأن أصلي على روحه في الأرواح قال: إلهي ما جزاء من أسند يتيما أو أرملة لا يريد بها إلا وجهك قال جزاؤه أن أظله تحت ظل عرشي يوم لا ظل إلا ظلي قال: إلهي ما جزاء من فاضت عيناه من خشيتك قال: جزاؤه أن أؤمنه يوم الفزع الأكبر وأن أقي وجهه فيح جهنم). [الدر المنثور: 12/560-561]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن أبي الجلد رضي الله عنه قال: قرأت في مساءلة داود عليه السلام أنه قال: إلهي ما جزاء من يعزي الحزين المصاب ابتغاء مرضاتك قال: جزاؤه أن أكسوه رداء من أردية الإيمان أستره به من النار وأدخله الجنة قال: إلهي فما جزاء من شيع الجنازة ابتغاء مرضاتك قال: جزاؤه أن تشيعه الملائكة يوم يموت إلى قبره وأن أصلي على روحه في الأرواح قال: إلهي فما جزاء من أسند اليتيم والأرملة ابتغاء مرضاتك قال: جزاؤه أن أظله في ظل عرشي يوم لا ظل إلا ظلي قال: إلهي فما جزاء من بكى من خشيتك حتى تسيل دموعه على وجهه قال: جزاؤه أن أحرم وجهه على النار وأن أؤمنه يوم الفزع الأكبر). [الدر المنثور: 12/561]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن عبد الرحمن بن أبزي رضي الله عنه قال: قال داود عليه السلام لسليمان: كن لليتيم كالأب الرحيم واعلم أنك كما تزرع تحصد وأعلم أن خطيئة [ إمام ] (ما بين قوسين زيادة اقتضاها إتمام المعنى فأثبتناها) القوم كالمسيء عند رأس الميت واعلم أن المرأة الصالحة لأهلها كالملك المتوج بالتاج المخوص بالذهب واعلم أن المرأة السوء لأهلها كالشيخ الضعيف على ظهره الحمل الثقيل وما أقبح الفقر بعد الغنى وأقبح من ذلك الضلالة بعد الهدى وإن وعدت صاحبك فأنجز ما وعدته فإنك إن لا تفعل تورث بينك وبينه عداوة ونعوذ بالله من صاحب إذا ذكرت لم يعنك وإذا نسيت لم يذكرك). [الدر المنثور: 12/561-562]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد عن الحسن رضي الله عنه قال: كان داود عليه السلام يقول: اللهم لا مرض يفنيني ولا صحة تنسيني ولكن بين ذلك). [الدر المنثور: 12/562]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الله بن زيد بن رفيع قال: نظر داود عليه السلام مبخلا يهوي بين السماء والأرض فقال: يا رب ما هذا قال: هذه لعنتي أدخلها بيت كل ظلام). [الدر المنثور: 12/562]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن أبزي رضي الله عنه قال: قال داود عليه السلام: نعم العون اليسار على الدين). [الدر المنثور: 12/563]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد رضي الله عنه قال: قال داود عليه السلام: يا رب طال عمري وكبر سني وضعف ركني فأوحى الله إليه يا داود طوبى لمن طال عمره وحسن عمله). [الدر المنثور: 12/563]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الخطيب من طريق الأوزاعي عن عبد الله بن عامر رضي الله عنه قال: أعطي داود عليه السلام من حسن الصوت ما لم يعط أحد قط حتى إن كان الطير والوحش حوله حتى تموت عطشا وجوعا وإن الأنهار لتقف، والله أعلم). [الدر المنثور: 12/563]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 10:38 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: (وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إذ تسوّروا المحراب...}
{إذ دخلوا...}
قد يجاء بإذ مرّتين، (وقد) يكون معناهما كالواحد؛ كقولك: ضربتك إذ دخلت عليّ إذ اجترأت، فيكون الدخول هو الاجتراء. ويكون أن تجعل أحدهما على مذهب لمّا، فكأنه قال: {إذ تسوّروا المحراب لمّا دخلوا}. إن شئت جعلت لمّا في الأوّل. فإذا كانت لمّا أوّلاً وآخراً فهي بعد صاحبتها؛ كما تقول: أعطيته لمّا سألني. فالسؤال. قبل الإعطاء في تقدّمه وتأخّره). [معاني القرآن: 2/401]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" إذ تسوّروا المحراب " أشرف كل مجلس وبيت ومقدمه هو محرابه، وقال الشاعر:
ربّة محرابٍ إذا جئتها=لم ألقها أو ارتقي سلّما
" نبؤا الخصم " الخصم يقع لفظه على الواحد والجميع قال لبيد:
وخصم يعدّون الذحول كأنهم=قرومٌ غيارى كلّ أزهر مصعب). [مجاز القرآن: 2/180]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({تسوّروا المحراب} أي صعدوا). [تفسير غريب القرآن: 378]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (هل: تكون للاستفهام...، والمفسّرون يجعلونها في بعض المواضع بمعنى: «قد»، كقوله تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ}، أي قد أتى وقوله: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} و: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى}، : {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ}، و: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ}؟ .
هذا كله عندهم بمعنى: (قد) ). [تأويل مشكل القرآن: 538] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( (وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوّروا المحراب (21)
والمحراب أرفع بيت في الدار، وكذلك هو أرفع مكان في المسجد، والمحراب ههنا كالغرفة.
قال الشاعر:
ربّة محراب إذا جئتها=م ألقها أو أرتقي سلّما
و (تسوّروا) يدلّ على علوّ.
وقال: (الخصم) ولفظه لفظ الواحد، و (تسوّروا)
لفظ الجماعة؛ لأن قولك خصم يصلح للواحد والاثنين والجماعة والذكر والأنثى، يقال: هذا خصم وهي خصم وهما خصم وهم خصم.
وإنما صلح لجميع ذلك لأنه مصدر، تقول خصمته أخصمه خصما.
المعنى هما: ذوا خصم وهم ذوو خصم، وإن قلت خصوم جاز كما تقول هما عدل وهما ذوا عدل، وقال اللّه تعالى، (وأشهدوا ذوي عدل منكم).
فمعنى هما: عدل هما ذوا عدل.
فما كان من المصادر قد وصفت به الأسماء فتوحيده جائز، وإن وصفت به الجماعة، وتذكيره جائز وإن وصفت به الأنثى، تقول هو رضى وهما رضى، وكذلك هذه رضى). [معاني القرآن: 4/325]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب}
تسوروا أي علو والمحراب كل مكان مرتفع
وقيل: محراب للذي يصلى إليه على التمثيل أي هو أرفع موضع في المسجد.
وخصم يقع للواحد والاثنين والجميع بلفظ واحد على معنى ذو خصم.
ولا اختلاف بين أهل التفسير انه يراد به ههنا ملكان). [معاني القرآن: 6/94]


تفسير قوله تعالى: (إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ (22) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إذ تسوّروا المحراب...}
{إذ دخلوا...}
قد يجاء بإذ مرّتين، (وقد) يكون معناهما كالواحد؛ كقولك: ضربتك إذ دخلت عليّ إذ اجترأت، فيكون الدخول هو الاجتراء. ويكون أن تجعل أحدهما على مذهب لمّا، فكأنه قال: {إذ تسوّروا المحراب لمّا دخلوا}. إن شئت جعلت لمّا في الأوّل. فإذا كانت لمّا أوّلاً وآخراً فهي بعد صاحبتها؛ كما تقول: أعطيته لمّا سألني. فالسؤال. قبل الإعطاء في تقدّمه وتأخّره). [معاني القرآن: 2/401]
قالَ مُحمدُ بنُ الجَهْمِ السُّمَّرِيُّ (ت: 277هـ):(وقوله: {خصمان} رفعته بإضمار (نحن خصمان) والعرب تضمر للمتكلّم والمكلّم المخاطب ما يرفع فعله. ولا يكادون يفعلون ذلك بغير المخاطب أوالمتكلّم. من ذلك أن تقول للرّجل: أذاهب، أو أن يقول المتكلم: واصلكم إن شاء الله ومحسن إليكم. وذلك أن المتكلّم والمكلّم حاضران، فتعرف معنى أسمائهما إذا تركت. وأكثره في الاستفهام؛ يقولون: أجادّ، أمنطلق. وقد يكون في غير الاستفهام. فقوله (خصمان) من ذلك. وقال الشاعر:
وقولا إذا جاوزتما أرض عامرٍ = وجاوزتما الحيّين نهداً وخثعما
نزيعان من جرم بن زبّان إنهم = أبوا أن يميروا في الهزاهز محجما
وقال الآخر:
تقول ابنة الكعبيّ يوم لقيتها = أمنطلق في الجيش أم متثاقل
وقد جاء في الآثار للراجع من سفر: تائبون ائبون، لربنا حامدون. وقال: من أمثال العرب: محسنة فهيلي.
قال الفراء: جاء ضيف إلى امرأة ومعه جراب دقيق، فأقبلت تأخذ من جرابه لنفسها، فلما أقبل أخذت من جرابها إلى جرابه. فقال: ما تصنعين؟ قالت: أزيدك من دقيقي. قال: محسنة فهيلي. أي ألقي. وجاء في الآثار: من أعان على قتل مؤمنٍ بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه: يائس من رحمة الله. وكلّ هذا بضمير ما أنباتك به.
ولو جاء في الكتاب: خصمين بغى بعضنا لكان صواباً بضمير أتيناك خصمين، جئناك خصمين فلا تخفنا. ومثله قول الشاعر:
وقالت ألا يا اسمع نعظك بخطّةٍ = فقلت سميعاً فانطقي وأصيبي
أي سميعاً أسمع منك، أو سميعاً وعظت. والرفع فيه جائز على الوجوه الأول.
وقوله: {ولا تشطط} يقول: ولا تجر: وقد يقول بعض العرب: شططت عليّ في السّوم، وأكثر الكلام أشططت. فلو قرأ قارئ {ولا تشطط} كأنه يذهب له إلى معنى التباعد و{تشطط} أيضاً. العرب تقول: شطّت الدار فهي تشطّ وتشطّ.
وقوله: {واهدنا إلى سواء الصّراط} إلى قصد الصراط. وهذا ممّا تدخل فيه (إلى) وتخرج منه.
قال الله {اهدنا الصراط المستقيم} وقال {وهديناه النّجدين} وقال {إنّا هديناه السّبيل} ولم يقل (إلى) فحذفت إلى من كل هذا. ثم قال في موضع آخر {أفمن يهدي إلى الحقّ} وقال {يهدي إلى الحقّ وإلى طريقٍ مستقيمٍ} ويقال: هديتك للحق وإليه قال الله {الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي} وكأن قوله: {اهدنا الصراط} أعلمنا الصراط، وكأن قوله: {اهدنا إلى الصّراط} أرشدنا إليه والله أعلم بذلك). [معاني القرآن للفراء: 2/4011-403]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" قالوا لا تخف خصمان " رجع إلى معنى الواحد منه.
" ولا تشطط " أي لا تسرف قال الحوص:
ألا يا لقومٍ قد أشطّت عواذلي=ويزعمن أن أودى بحقي باطلي
ويقال: كلفتني شططاً، منه أيضاً: وشطت الدار بعدت وقال الشاعر وهو عمر بن أبي ربيعة:
تشطّ غداً دار جيراننا=وللدار بعد غدٍ أبعد). [مجاز القرآن: 2/180-181]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({لا تشطط}: لا تسرف).[غريب القرآن وتفسيره: 322]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولا تشطط} أي لا تجر علينا. يقال: أشططت، إذا جرت. وشطت الدار: إذا بعدت: فهي تشطّ وتشطّ. {واهدنا إلى سواء الصّراط} أي قصد الطريق). [تفسير غريب القرآن: 378]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( الهدى
أصل هدى أرشد، كقوله: {عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ} .
وقوله: {وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ}، أي أرشدنا). [تأويل مشكل القرآن: 444] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {إذ دخلوا على داوود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحقّ ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصّراط (22)}
لأنهم أتوه من غير مأتى الخصوم، وفي غير وقتهم، وفي وقت لم يكن داود يأذن فيه أن يدخل عليه أحد، فأنكر ذلك وفزع.
وإنّما بعث إليه ملكان فتصورا في صورة رجلين متخاصمين.
(قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض).
القراءة - الرفع، والرافع لخصمان نحن، والمعنى نحن خصمان ولو كان في الكلام لا تخف خصمين بغى بعضنا على بعض لجاز، على معنى أتيناك خصمين لأنه أنكر إتيانهم، وإتيان الخصوم قد كان يعتاده كثيرا.
(فاحكم بيننا بالحقّ ولا تشطط).
أي لا تجر، يقال أشط يشط إذا جار، ويقرأ لا تشطط بمعنى لا تبعد عن الحق، وكذلك لا تشطط - بكسر الطاء وفتح التاء - معناه كمعنى الأول قال الشاعر:
تشطّ غدا دار جيراننا=وللدّار بعد غد
(واهدنا إلى سواء الصّراط).
إلى قصد الطريق - أي طريق الحق). [معاني القرآن: 4/325-326]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {إذ دخلوا على داود ففزع منهم}
قيل: دخلا عليه ليلا في غير وقت الخصومة، فلذلك قال: ففزع منهم.
وقيل: فزع منهما لدخول هما من غير الباب الذي كان منه المدخل.
وقوله جل وعز: {قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض}
على جهة المسألة كما تقول رجل يقول لامرأته كذا ما يجب عليه.
ثم قال جل وعز: {فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط} فاحكم بيننا بالحق أي بالعدل ولا تشطط أي ولا تجر.
يقال: أشط يشط إذا جار وشط يشط إذا بعد.
وقد قرى: ولا تشطط أي لا تبعد في الحكم.
كما قال الشاعر:
شطت مزار العاشقين فأصبحت=عسرا علي طلابها ابنة مخرم
واهدنا إلى سواء الصراط أي إلى قصد السبيل
وقال تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم} بغير إلى والعرب تحذف حرف الخفض مما يتعدى إلى مفعولين.
كما قال الشاعر:
ومنا الذي اختير الرجال سماحة=وبرا إذا هب الرياح الزعازع
وقيل: معنى اهدنا الصراط أعلمنا الصراط ومعنى اهدنا إلى الصراط أرشدنا إلى الصراط). [معاني القرآن: 6/95-97]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ({تُشْطِطْ}: تسرف). [العمدة في غريب القرآن: 259]


تفسير قوله تعالى: (إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (23) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّ هذا أخي له تسعٌ وتسعون نعجةً...}
وفي قراءة عبد الله (كان له) وربّما أدخلت العرب (كان) على الخبر الدائم الذي لا ينقطع. ومنه قول الله في غير موضع {وكان ربّك قديراً} {وكان الله غفوراً رحيماً} فهذا دائم. والمعنى البيّن أن تدخل (كان) على كل خبر قد كان ثم انقطع؛ كما تقول للرجل: قد كنت موسرا، فمعنى هذا: فأنت الآن معدم.
وفي قراءة عبد الله (نعجةً أنثى) والعرب تؤكّد التأنيث بأنثاه، والتذكير بمثل ذلك، فيكون كالفضل في الكلام فهذا من ذلك.
ومنه قولك للرجل: هذا والله رجل ذكر.
وإنما يدخل هذا في المؤنّث الذي تأنيثه في نفسه؛ مثل المرأة والرجل والجمل والناقة. فإذا عدوت ذلك لم يجز.
فخطأ أن تقول: هذه دارٌ أنثى، وملحفة أنثى؛ لأنّ تأنيثها في اسمها لا في معناها. فابن على هذا.
وقوله: {وعزّني في الخطاب} أي غلبني. ولو قرئت {وعازّني} يريد: غالبني كان وجهاً). [معاني القرآن: 2/403-404]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" فقال أكفلنيها " مجازه مجاز " كفّلها زكريّا " أي ضمها إليه وكفلت بالمال والنفس أي ضمنت.
" وعزّني في الخطاب " أي صار أعز مني فيه.
" ولي نعجة واحدةٌ " مجازها مجاز امرأة. قال الأعشى:
فرميت غفلة عينه عن شاته=فأصبت حبّة قلبها وطحالها
يعني امرأة الرجل). [مجاز القرآن: 2/181]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {وعزني في الخطاب}:غلبني أي صار أعز مني).[غريب القرآن وتفسيره: 322]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({فقال أكفلنيها} أي ضمها إلى واجعلني كافلها {وعزّني في الخطاب} أي غلبني في القول.
ويقال: صار أعز مني. عاززته فعززته، وعزّني). [تفسير غريب القرآن: 379]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقد جاء في القرآن التعريض؛ فمن ذلك ما خبّر الله سبحانه من نبإ الخصم {إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ}. ثم قال: {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ}.
إنما هو مثل ضربه الله سبحانه له، ونبهه على خطيئته به.
وورّى عن النساء بذكر النّعاج، كما كنى الشاعر عن جارية بشاة، وكنى الآخر عن النساء بالقلص). [تأويل مشكل القرآن: 266-267]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {إنّ هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزّني في الخطاب (23)}
كنى بالنعجة عن المرأة.
قال الأعشى:
فرميت غفلة عينه عن شاته=فأصبت حبّة قلبها وطحالها
عنى بالشاة ههنا المرأة.
(فقال أكفلنيها).
أي اجعلني أنا أكفلها، وانزل أنت عنها.
(وعزّني في الخطاب).
غلبني في الخصومة، أي كان أقوى على الاحتجاج منّي). [معاني القرآن: 4/326-327]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال عز وجل: {إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة}
قال وهب: إن هذا أخي أي على ديني له تسع وتسعون نعجة والعرب تكني عن المرأة بالنعجة والشاة.
كما قال الشاعر:
فرميت غفلة عينه عن شاته=فأصبت حبة قلبها وطحالها
وفي قراءة ابن مسعود: (إن هذا أخي كان له تسع وتسعون نعجة أنثى) وكان ههنا مثل قوله: {وكان الله غفورا رحيما}، فأما قوله: (أنثى)، فقيل: هو على جهة التوكيد.
وقيل: لما كان يقال: هذه مائة نعجة، وإن كان فيها من الذكور شيء يسير جاز أن يقال: أنثى ليعلم أنه لا ذكر فيها.
ثم قال جل وعز: {ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها}
قد جاءت أخبار وقصص في أمر داود وأوريا وأكثرها لا يصح ولا يتصل إسناده ولا ينبغي أن يجترأ على مثلها إلا بعد المعرفة بصحتها.
وأصح ما روي في ذلك ما رواه مسروق عن عبد الله بن مسعود قال: (ما زاد داود على أن قال: أكفلنيها أي انزل لي عنها)
وروى المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: (ما زاد داود على أن قال: أكفلنيها أي تحول لي عنها وضمها إلي)
قال أبو جعفر: فهذا أجل ما روي في هذا.
والمعنى عليه أن داود عليه السلام سأل أوريا أن يطلق له امرأته كما يسأل الرجل الرجل أن يبيعه جاريته، فنبهه الله جل وعز على ذلك وعاتبه لما كان نبيا وكان له تسع وتسعون أنكر عليه أن يتشاغل بالدنيا وبالتزيد منها. فأما غير هذا فلا ينبغي الاجتراء عليه.
ومعنى أكفلنيها: انزل لي عنها واجعلني كافلها.
قال الضحاك: (وعزني في الخطاب أي قهرني)
وفي قراءة عبد الله: (وعازني).
قال أبو جعفر: يقال: عازه أي غالبه وعزه أي غلبه.
قال الحسن: (أي قهره في المحاورة).
قال أبو جعفر: ومنه قولهم: من عز بز.
ومنه قول زهير:
=فعزته يداه وكاهله). [معاني القرآن: 6/97-102]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَعَزَّنِي}: أي غلبني). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 210]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ({وعَزَّنِي}: غلبني). [العمدة في غريب القرآن: 259]


تفسير قوله تعالى: (قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (24) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه...}
المعنى فيه: بسؤاله نعجتك، فإذا ألقيت الهاء من السؤال أضفت الفعل إلى النعجة. ومثله قوله: {لا يسأم الإنسان من دعاء الخير} ومعناه من دعائه بالخير: فلمّا ألقى الهاء أضاف الفعل إلى الخير وألقى من الخير الباء، كقول الشاعر:
ولست مسلّماً ما دمت حيّاً=على زيدٍ بتسليم الأمير
إنما معناه: بتسليمي على الأمير. ولا يصلح أن تذكر الفاعل بعد المفعول به فيما ألقيت منه الصفة.
فمن قال: عجبت من سؤال نعجتك صاحبك لم يجز له أن يقول: عجبت من دعاء الخير الناس، لأنك إذا أظهرت الآخر مرفوعاً فإنما رفعه بنيّة أن فعل أو أن يفعل، فلا بدّ من ظهور الباء وما أشبهها من الصّفات.
فالقول في ذلك أن تقول: عجبت من دعاء بالخير زيدٌ، وعجبت من تسليمٍ على الأمير زيدٌ. وجاز في النعجة؛ لأنّ الفعل يقع عليها بلا صفة؛ فتقول: سألتك نعجة، ولا تقول: سألتك بنعجة. فابن على هذا.
وقوله: {وظنّ داوود أنّما فتنّاه} أي علم. وكلّ ظنٍّ أدخلته على خبرٍ فجائز أن تجعله علماً؛ إلاّ إنه علم ما لا يعاين). [معاني القرآن: 2/404]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): (" بسؤال نعجتك " مصدر " سألت " استعطيت.
" الخلطاء " الشركاء.
" وظنّ داود " أي أيقن). [مجاز القرآن: 2/181]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {من الخلطاء}: الشركاء.
{وظن داوود}: أيقن).[غريب القرآن وتفسيره: 322]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {بسؤال نعجتك إلى نعاجه} أي مضمومة إلى نعاجه، فاختصر.
ويقال: «إلى» بمعنى «مع».
و{الخلطاء}: الشركاء). [تفسير غريب القرآن: 379]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإنّ كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلّا الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات وقليل ما هم وظنّ داوود أنّما فتنّاه فاستغفر ربّه وخرّ راكعا وأناب (24)}
المعنى بسؤاله نعجتك ليضمها إلى نعاجه.
(وإنّ كثيرا من الخلطاء).
من الشركاء، تقول: فلان خليطي وشريكي في معنى واحد.
(إلا الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات وقليل ما هم).
أي قليل هم.
وقوله: (وظنّ داوود أنّما فتنّاه) الآية.
ويقرأ بالتخفيف - فتناه - يعنى به الملكان.
ومعنى ظن أيقن، ألا أنه ليس بيقين عيان، أما العيان فلا يقال فيه إلا علم.
(فاستغفر ربّه وخرّ راكعا وأناب).
مكث أربعين يوما ساجدا لا يرفع رأسه يستغفر اللّه من ذنبه، إلا لصلاة مكتوبة وما لا بدّ له منه، ولا ترقأ دمعته.
ويروى في التفسير - أن قصة داود والملكين سببها أن إبليس - غضب اللّه عليه - تمثل له في صورة طير من ذهب فسقط بقربه، فأوى إليه ليأخذه فتنحّى وطلبه حتى إذا قارب أن يتناوله تنحى فبصر داود في اتباع الطير بامرأة تغتسل، وبصرت به فتجلّلت بشعرها حتى سترها ويقال: إنها امرأة أوريّا بن حنّا.
ويروى أنه: كتب إلى صاحب جنده أن يقدم أوريّا في حرب كانت، فقدّمه فقتل فتزوجها داود.
ويروى أن عليّا عليه السلام قال: (من قال: أن داود عليه السلام قارف من هذه المرأة ريبة جلدته مائة وستين جلدة؛ لأن من قذف غير النبي جلد ثمانين جلدة، ومن قذف نبيا جلد مائة وستين جلدة).
وكان في التفسير أن داود أحب أن يتلف أوريّا حتى يتزوج داود بامرأته.
وهذا - واللّه أعلم - إنما كان من داود على جهة محبّة أن يتفق له ذلك من غير أن يتعمد أو يسعى في دم الرجل، فجعله اللّه له ذنبا لما أحبه.
ويجوز أن يكون كتب في أن يقدّم أمام التابوت هذا الرجل لبأسه ونجدته في الحرب ورجا كفايته فاتفق مع ذلك أن أصيب وبه حلت له امرأته فعوتب على محبة امرأة رجل ليس له غيرها، ولداود تسع وتسعون امرأة، فكان ذلك من ذنوب الأنبياء، فلما بالغ في التوبة وجهد نفسه في الرغبة إلى اللّه في العفو حتى كاد أن يتلف نفسه تائبا ومتنصّلا إلى اللّه من ذنبه، واللّه عز وجل قد وصف ذلك فقال: (واذكر عبدنا داوود ذا الأيد إنّه أوّاب).
وقول عليّ عليه السلام - صلى اللّه على داود ورحمه - يدل على صحة هذا التأويل، واللّه أعلم). [معاني القرآن: 4/327-328]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه}
المعنى بسؤاله نعجتك كما قال تعالى: {لا يسأم الإنسان من دعاء الخير}
ومعنى إلى نعاجه أي مضمومة إلى نعاجه.
{وإن كثيرا من الخلطاء} أي الشركاء والخليط الشريك.
ثم قال جل وعز: {وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب} أي أيقن.
وقرأ قتادة: (أنما فتناه) بتخفيف النون يعني الملكين وقال: (معناه صمدا له)
(فاستغفر ربه وخر راكعا) قال أبو الأحوص والحسن: (خر ساجدا)
وقال مجاهد: (سجد أربعين يوما من قبل أن يسأل ربه شيئا).
قال سفيان: (يروى أنه أقام أربعين يوما لا يرفع رأسه إلا لصلاة أو حاجة لابد منها)
قال قتادة: (وأناب أي تاب)). [معاني القرآن: 6/102-104]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ({الْخُلَطَاء}: الشركاء). [العمدة في غريب القرآن: 259]


تفسير قوله تعالى: (فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآَبٍ (25) )
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وإنّ له عندنا لزلفى} تقدما وقربة). [تفسير غريب القرآن: 379]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب}
قال الضحاك: (لزلفى أي منزلة رفيعة)
قال أبو جعفر: الزلفى في اللغة القربة ومنه قوله تعالى: {وأزلفنا ثم الآخرين} ومنه قوله:
مر الليالي زلفا فزلفا=سماوة الهلال حتى احقوقفا
أي ساعة تقرب من أخرى
ثم قال: وحسن مآب.
قال الضحاك: (أي وحسن مرجع)). [معاني القرآن: 6/104-105]

تفسير قوله تعالى: (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26) )
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {يا داوود إنّا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين النّاس بالحقّ ولا تتّبع الهوى فيضلّك عن سبيل اللّه إنّ الّذين يضلّون عن سبيل اللّه لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب (26)}
بهذا جاز أن يقال للخلفاء خلفاء الله في الأرض.
(فاحكم بين النّاس بالحقّ).
أي بحكم اللّه إذ كنت خليفته.
وقوله: (بما نسوا يوم الحساب).
أي بتركهم العمل لهذا اليوم صاروا بمنزلة الناسين، وإن كانوا ينذرون ويذكّرون). [معاني القرآن: 4/328-329]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض}
يقال إنه من هذا جاز أن يقال: خلفاء
وقوله جل وعز: {إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب}
بما نسوا يوم الحساب، أي تركوا العمل له وكانوا ناسين له هذا مذهب السدي.
وقال عكرمة: (هذا من التقديم والتأخير أي لهم يوم الحساب عذاب شديد بما نسوا أي بما تركوا أمر الله عز وجل والقضاء بالعدل)
ثم قال جل وعز: {وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا}
أي لما قالوا: إنه لا حساب ولا جنة ولا نار قيل لهم هذا). [معاني القرآن: 6/105-106]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 10:47 PM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب ما لفظ به مما هو مثنى كما لفظ بالجمع
وهو أن يكون الشيئان كل واحد منهما بعض شيء مفردٍ من صاحبه وذلك قولك ما أحسن رءوسهما وأحسن عواليهما وقال عز وجل: {إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما} {والسارق والسارقة فاقطعوا
أيديهما} فرقوا بين المثنى الذي هو شيء على حدةٍ وبين ذا.
وقال الخليل: نظيره قولك فعلنا وأنتما اثنان فتكلم به كما تكلم به وأنتم ثلاثة.
وقد قالت العرب في الشيئين اللذين كل واحد منهما اسمٌ على حدة وليس واحدٌ منهما بعض شيء كما قالوا في ذا لأن التثنية جمعٌ فقالوا كما قالوا فعلنا.
وزعم يونس أنهم يقولون ضع رحالهما وغلمانهما وإنما هما اثنان قال الله عز وجل: {وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب (21) إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان} وقال: {كلا فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون} ). [الكتاب: 3/621-622]
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (وتقول هو خَصْمي ولا تقل خِصْمي وهما خَصمي قال الله جل وعز: {وهل أتاك نبأ الخَصْم} ومن العرب من يثنيه ويجمعه فيقول هما خَصمان وهم خُصوم ويقال أيضا للخصم خصيم والجمع خصماء). [إصلاح المنطق: 163]

تفسير قوله تعالى: {إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ (22) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب ما لفظ به مما هو مثنى كما لفظ بالجمع
وهو أن يكون الشيئان كل واحد منهما بعض شيء مفردٍ من صاحبه وذلك قولك ما أحسن رءوسهما وأحسن عواليهما وقال عز وجل: {إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما} {والسارق والسارقة فاقطعوا
أيديهما} فرقوا بين المثنى الذي هو شيء على حدةٍ وبين ذا.
وقال الخليل: نظيره قولك فعلنا وأنتما اثنان فتكلم به كما تكلم به وأنتم ثلاثة.
وقد قالت العرب في الشيئين اللذين كل واحد منهما اسمٌ على حدة وليس واحدٌ منهما بعض شيء كما قالوا في ذا لأن التثنية جمعٌ فقالوا كما قالوا فعلنا.
وزعم يونس أنهم يقولون ضع رحالهما وغلمانهما وإنما هما اثنان قال الله عز وجل: {وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب (21) إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان} وقال: {كلا فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون} ). [الكتاب: 3/621-622] (م)
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (والشطاط البعد). [الغريب المصنف: 3/815] (م)
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث تميم الداري حين كلمه الرجل في كثرة العبادة فقال تميم: أرأيت إن كنت أنا مؤمنا قويا وأنت مؤمن ضعيف أفتحمل قوتي على ضعفك فلا تستطيع فتنبت أو أرأيت إن كنت أنا مؤمنا ضعيفا وأنت مؤمن قوي أئنك لشاطي حتى أحمل قوتك على ضعفي فلا أستطيع فأنبت ولكن خذ من نفسك لدينك ومن دينك لنفسك حتى يستقيم بك الأمر على عبادة تطيقها.
هذا من حديث ابن علية وابن المبارك، فأما ابن علية فرواه عن الجريري عن رجل عن تميم، وأما ابن المبارك فرواه عن الجريري عن أبي العلاء عن تميم.
وكان ابن المبارك يقول: أئنك لشاطني فيما بلغني عنه، ولا نراه محفوظا عن ابن المبارك وليس له معنى، إنما المحفوظ عندنا ما قال ابن علية: أئنك لشاطي.
قوله: أئنك لشاطي: أي أئنك لجائر علي حين تحمل قوتك على ضعفي، وهو من الشطط والجور في الحكم، يقول: إن كنت أنت قويا في العمل وأنا ضعيف أتريد أن تحمل قوتك على ضعفي حتى أتكلف مثل عملك فهذا جور منك علي وقال الله تبارك وتعالى: {فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط}، وفيه لغتان: شططت وأشططت: إذا جار في الحكم). [غريب الحديث: 5/334-335]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (

ولا تخنوا علي ولا تشطوا = بقول الفخر إن الفخر حوب
....
و(الشطط) الجور). [شرح أشعار الهذليين: 1/111] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قوله: "حيث شطت بها النوى"، معنى شطت: تباعدت، ويقال: أشط فلان في الحكم إذا عدل عنه متباعدًا، قال عز وجل: {وَلا تُشْطِطْ}.
وقال الأحوص:

ألا يا لقومي قد أشطت عواذلي = ويزعمن أن أودى بحقي باطلي
ويلحينني في اللهو ألا أحبه = وللهو داعٍ دائبٌ غير غافل
والنوى: البعد، ويقال: شطت بهم نيةٌ قذف، أي رحلة بعيدة، قال الشاعر:
وصحصحان قذف كالترس). [الكامل: 1/108]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ} قال: رده على معنى الجميع، لأن الخصم والعدل والزور والرضا وما أشبهها، يقال للجمع والواحد والاثنين، والمؤنث). [مجالس ثعلب: 249]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (يقال فلان خصمي وفلانة خصمي والرجال خصمي والنساء خصمي يكون في الواحد والتثنية والجمع والمذكر والمؤنث على حالة واحدة، وقد يثنى فيقال خصمان وخصوم، قال الله جل ذكره: {هذان خصمان}، يقال والله تعالى أعلم إنهما كانا طائفتين وقال: {خصمان بغى بعضنا على بعض} يريد اثنين والله تعالى أعلم). [شرح المفضليات: 300] (م)

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (23) }
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): (
هزبر هريت الشدق ريبال غابة = إذا سار عزته يداه وكاهله
...
وقوله عَزَّتْه أي قَوَّتْه يداه وكاهله التي يغلب بهما ويقهر قال ومنه قولهم: من عز بز يريد من غلب قهر وبز صاحبه أي سلبه ثيابه وما معه ومنه قوله عز وجل: {وعزني في الخطاب} أي غلبني). [نقائض جرير والفرزدق: 622-623]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله: وعزت الشمأل الرياح يقول: غلبت الرياح وتلك علامة الجدب والقحط، لأن الجنوب هي التي تأتي بالندى والمطر. ويقال عز فلان فلاناً إذا قهره. وقول الله جل ثناؤه: {وعزني في الخطاب} أي كان أعز مني في المخاطبة. وقولهم في المثل. من عز بز أي من غلب استلب). [التعازي والمراثي: 66]

قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله: "يعزها"، أي يغلبها، وقال الله عز وجل: {وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ} يقول: غلبني في المخاطبة، وأصله من قوله: كان أعز مني فيها. ومن أمثال العرب: "من عز بز": وتأويله: من غلب استلب. وقال زهيرٌ: "وعزته يداه وكاهله" يقول: كان ذلك أعز ما فيه). [الكامل: 1/194]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله:
حتى أضاء سراج دونه بقرٌ
يعني نساء، والعرب تكني عن المرأة بالبقرة والنعجة، قال الله عز وجل: {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً} وقال الأعشى:
فرميت غفلة عينه عن شاته = فأصبت حبة قلبها وطحالها).
[الكامل: 1/370]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله:
نعاجًا ترتعي بقل البراثِ
فالنعجة عند العرب البقرة الوحشية، وحكم البقرة عندهم حكم الضائنة، وحكم الطبية عندهم حكمُ الماعزة، والعرب تكني بالنعجة عن المرأة وبالشاةِ، قال الله تبارك وتعالى: {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً} وقال الأعشى:
فرميت غفلة عينه عن شاتِه = فأصبت حبة قلبها وطحالها
يريد المرأة). [الكامل: 2/787]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قال أوس بن حجر: وعزت الشمأل الرياح أي غلبتها، فكانت أقوى منها، فلم تدع لها موضعًا وقوله: {وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ} أي غلبني في المخاطبة والخصومة، ومن أمثال العرب: من عز بر وتأويله: من غلب استلب، قالت الخنساء:
كأن لم يكونوا حمى يتقى = إذا الناس إذ ذاك م عز بز).
[الكامل: 2/973]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله: وعزت الشمأل الرياح يقول: غلبتها، وتلك علامة الجدب وذهاب الأمطار، ومن ذلك قولهم: من عز بز أي من غلب استلب، وفي القرآن: {وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ}، أي غلبني في المخاطبة). [الكامل: 3/1402-1403]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (24) }

تفسير قوله تعالى: {فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآَبٍ (25) }

تفسير قوله تعالى: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 12 ذو القعدة 1434هـ/16-09-2013م, 02:45 AM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي

وقال امرؤ القيس:
أغادي الصبوح عند هرّ وفرتنى .. وليداً وهل أفنى شبابي غير هرّ
هما نعجتان من نعاج تبالة .. لدى جؤذرين أو كبعض دُمى هكِر

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 9 صفر 1440هـ/19-10-2018م, 09:59 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 9 صفر 1440هـ/19-10-2018م, 10:00 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 9 صفر 1440هـ/19-10-2018م, 10:03 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب * إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط * إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب * قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب}
هذه مخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم، واستفتحت بالاستفهام تعجيبا من القصة وتفخيما لها; لأن المعنى: هل أتاك هذا الأمر العجيب الذي هو عبرة؟ فكأن هذا الاستفهام إنما هو تهيئة نفس المخاطب وإعدادها للتلقي. و"الخصم" - جار مجرى "عدل وزور" - يوصف به الواحد والاثنان والجمع، ومنه قول لبيد:
وخصم يعدون الذحول كأنهم ... قروم غيارى كل أزهر مصعب
وتحتمل هذه الآية أن يكون المتسور للمحراب اثنين فقط; لأن نفس الخصومة إنما كانت بين اثنين، فتجيء الضمائر في: "تسوروا" و"دخلوا" و"قالوا" على جهة التجوز والعبارة عن الاثنين بلفظ الجمع، وتحتمل أنه جاء مع كل فرقة كالعاضدة أو المؤنسة، فيقع على جميعهم "خصم"، وتجيء الضمائر حقيقة.
و"تسوروا" معناه: علوا سوره، وهو جمع "سورة"، وهي القطعة من البناء، وهذا كما تقول: تسنمت الحائط أو البعير إذا علوت على سنامه. و"المحراب": الموضع الأرفع من القصر أو المسجد، وهو موضع التعبد، والعامل في "إذ" الأولى "نبأ"، وقيل: "أتاك"، والعامل في الثانية "تسوروا"، وقيل: هي بدل من الأولى).[المحرر الوجيز: 7/ 332-333]

تفسير قوله تعالى: {إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ (22) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ففزع منهم} يحتمل أن يكون فزعه من الداخلين أنفسهم لئلا يؤذوه، وإنما فزع من حيث دخلوا من غير الباب ودون استئذان، وقيل: إن ذلك كان ليلا، ذكره الثعلبي. ويحتمل أن يكون فزعه من أن يكون أهل ملكه قد استهانوه حتى ترك بعضهم الاستئذان، فيكون فزعه على فساد السيرة لا من الداخلين، ويحتمل قولهم: "لا تخف" أنهم فهموا فزعه.
وهنا قصص طول الناس فيها، واختلفت الروايات فيه، ولا بد أن نذكر منه ما لا يقوم تفسير الآية إلا به، ولا خلاف بين أهل التأويل أنهم إنما كانوا ملائكة بعثهم الله ضرب مثل لداود عليه السلام، فاختصموا إليه في نازلة قد وقع هو في نحوها، فأفتى بفتيا هي واقفة عليه في نازلته، ولما شعر وفهم المراد خر وأناب واستغفر، وأما نازلته التي وقع فيها فروي أنه عليه السلام جلس في ملإ من بني إسرائيل فأعجب بعمله، وظهر منه ما يقتضي أنه لا يخاف على نفسه الفتنة، ويقال: بل وقعت له في نحو هذا محاورة مع الملكين الحافظين عليه، فقال: جرباني يوما، فإني وإن غبتما عني لا أواقع مكروها، وقال السدي: كان داود قد قسم دهره: يوما يقضي فيه بين الناس، ويوما لعبادته، ويوما لشأن نفسه، ففتن يوم خلوه للعبادة لما تمنى أن يعطى مثل فضل إبراهيم وإسحاق ويعقوب عليه السلام، والتزم أن يمتحن كما امتحنوا، وقيل: في السبب غير هذا مما هو تطويل لا يصح.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: إن داود أخذ يوما في عبادته، وانفرد في محرابه يصلي ويسبح، إذ دخل عليه طائر من كوة فوقع بين يديه، فروي أنه كان طائرا حسن الهيئة، حمامة، فمد داود يده ليأخذها، فما زالت تطمعه ويتبعها حتى صعدت الكوة التي دخل منها، فصعد ليأخذها فتنحى الطائر له، فتطلع داود فإذا هو بامرأة تغتسل عريانة، فرأى منظرا جميلا فتنه، ثم إنها شعرت به فأسبلت شعرها على بدنها فتجللت به فزاده ولوعا بها، ثم إنه انصرف وسأل عنها فأخبر أنها امرأة رجل من جنده يقال له: "أوريا"، وإنه في بعث كذا وكذا، فيروى أنه كتب إلى أمير تلك الحرب أن قدم فلانا يقاتل عند التابوت، وهو موضع قلما يخلص منه أحد، فقدم فاستشهد هنالك، ويروى أن داود كتب أن يؤمر ذلك الرجل على جملة من الرجال، وترمى به الغارات والوجوه الصعبة من الحرب حتى قتل في الثالثة من نهضاته، وكان لداود عليه السلام - فيما روي - تسع وتسعون امرأة، فلما جاءه الكتاب بقتل من قتل في حربه، جعل كلما سمي رجل يسترجع ويتفجع، فلما جاء اسم الرجل قال: كتب الموت على كل نفس، ثم إنه خطب المرأة وتزوجها فكانت أم سليمان عليه السلام فيما روي عن قتادة، فبعث الله تعالى إليه الخصم ليفتي بأن هذا ظلم، وقالت فرقة: إن هذا كله هم به داود ولم يفعله، والمعاتبة على الهم، وقال آخرون: إنما الخطأ في أنه لم يجزع عليه كما جزع على غيره من الجند، إذ كان عنده أمر المرأة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والرواة على الأول أكثر، وفي كتب بني إسرائيل في هذه القصة صور لا تليق، وقد حدث بها قصاص في صدر هذه الآية، فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: من حدث بما قال هؤلاء القصاص في أمر داود عليه السلام جلدته حدين لما ارتكب من حرمة من رفع الله محله.
وقوله تعالى: "خصمان" تقديره: نحن خصمان، وهذا كقول الشاعر:
وقولا إذا جاوزتما أرض عامر ... وجاوزتما الحيين نهدا وخثعما
نزيعان من جرم بن زبان إنهم ... أبوا أن يميروا في الهزاهز محجما
ومثله قول العرب في المثل: "محسنة فهيلي"، والتقدير: أنت محسنة، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: "آيبون تائبون".
و"بغى": اعتدى واستطال، ومنه قول الشاعر:
ولكن الفتى حمل بن بدر ... بغى والبغي مرتعه وخيم
وقوله: {فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط} إغلاظ على الحاكم، واستدعاء لعدله، وليس هذا بارتياب منه، ومنه قول الرجل للنبي صلى الله عليه وسلم": فاحكم بيننا بكتاب الله"، وقرأ الجمهور: "تشطط" بضم التاء وكسر الطاء الأولى، معناه: ولا تتعد في حكمك، وقرأ أبو رجاء، وقتادة بفتح التاء وضم الطاء الأولى، وهي قراءة الحسن، والجحدري، والمعنى: ولا تبعد، يقال: شط إذا بعد، وأشط إذا أبعد غيره، وقرأ زر بن حبيش: "تشاطط" بضم التاء وبألف بعد الشين. و"سواء الصراط" معناه: وسط الطريق ولاحبه). [المحرر الوجيز: 7/ 333-336]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (23) قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (24) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: {إن هذا أخي}، إعراب "أخي" عطف بيان، وذلك أن ما جرى من هذه الأشياء صفة كالخلق والخلق وسائر الأوصاف، فإنه نعت محض، والعامل فيه هو العامل في الموصوف، وما كان منها مما ليس ليوصف به البتة فهو بدل، والعامل فيه مكرر، وتقول: "جاءني أخوك زيد"، فالتقدير: جاءني أخوك، جاءني زيد، فاقتصر على حذف العامل في البدل والمبدل منه، كما في قوله تعالى: {ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون}، وما كان منها مما لا يوصف به واحتيج إلى أن يبين به ويجري مجرى الصفة فهو عطف بيان، وهو بين في قول الشاعر:
يا نصر نصر نصرا
فإن الرواية في الثاني بالتنوين تدل على أن النداء ليس بمكرر عليه، فليس ببدل، وصح فيه عطف البيان.
وهذه الأخوة مستعارة; إذ هما ملكان، لكن من حيث تصورا آدميين تكلما بالأخوة التي بينهما في الدين والإيمان، والله أعلم.
و"النعجة" في هذه الآية عبر بها عن المرأة، والنعجة في كلام العرب تقع على أنثى بقر الوحش، وعلى أنثى الضأن، وتعبر العرب بها عن المرأة، وكذلك بالشاة، قال الأعشى:
فرميت غفلة عينه عن شاته ... فأصبت حبة قلبها وطحالها
أراد: عن امرأته، وفي قراءة ابن مسعود: "وتسعون نعجة أنثى"، وقرأ حفص عن عاصم: "ولي" بفتح الياء، وقرأ الباقون بسكونها، وهما حسنان، وقرأ الحسن والأعرج: "نعجة" بكسر النون، والجمهور على فتحها، وقرأ الحسن: "تسع وتسعون" بفتح التاء فيهما، وهي لغة. وقوله تعالى: "أكفلنيها"، أي: ردها في كفالتي، وقال ابن كيسان: المعنى: اجعلها كفلي، أي: نصيبي.
قوله تعالى: "وعزني"، أي: غلبني، ومنه قول العرب: "من عز بز"، أي: من غلب سلب. وقرأ أبو حيوة بتخفيف الزاي، قال أبو الفتح: أراد، عزني، فحذف إحداهما تخفيفا، كما قال أبو زبيد:
أحسن به فهن إليه شوس
قال أبو حاتم: ورويت بتخفيف الزاي عن عاصم، وقرأ ابن مسعود، وأبو الضحى، وعبيد بن عمير: "وعازني"، أي: غالبني. ومعنى قوله: {في الخطاب}، أي: كان أوجه مني وأقوى، فإذا خاطبته كان كلامه أقوى من كلامي، وقوته أعظم من قوتي،
فيروى أن داود عليه السلام لما سمع هذه الحجة قال للآخر: ما تقول؟ فأقر وألد، فقال له داود: لئن لم ترجع إلى الحق لأكسرن الذي فيه عيناك. وقال للثاني: لقد ظلمك، فتبسما عند ذلك، وذهبا ولم يرهما لحينه، فشعر حينئذ للأمر، وروي أنهما ذهبا نحو السماء بمرأى منه. وقيل: بل بينا فعله في تلك المرأة وزوجها، وقالا له: إنما نحن مثال لك. وقال بعض الناس: إن داود قال: لقد ظلمك قبل أن يسمع حجة الآخر، وهذه كانت خطيئته، ولم تنزل به هذه النازلة المروية قط.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا ضعيف من جهات; لأنه خالف متظاهر الروايات، وأيضا فقوله: {لقد ظلمك} معناه أن ظهر صدقك ببينة أو باعتراف، وهذا من بلاغة الحاكم التي ترد المعوج إلى الحق، وتفهمه ما عند القاضي من الفطنة. وقال الثعلبي: كان في النازلة اعتراف من المدعى عليه حذف اختصارا، ومن أجله قال داود عليه السلام: لقد ظلمك.
وقوله عليه السلام: بسؤال نعجتك، أضاف الضمير إلى المفعول. و"الخلطاء": الأشراك والمتعاقبون في الأملاك والأمور، وهذا القول من داود وعظ وبسط لقاعدة حق; ليحذر من الوقوع في خلاف الحق، و"ما" في قوله: {وقليل ما هم} زائدة مؤكدة.
وقوله: {وظن داود} معناه: شعر وعلم، وقالت فرقة: "ظن" هنا بمعنى: أيقن.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والظن أبدا في كلام العرب إنما حقيقته توقف بين معتقدين يغلب أحدهما على الآخر، وتوقعه العرب على العلم الذي ليس على الحواس، ولا له اليقين التام البتة، ولكن يخلط الناس في هذا ويقولون: "ظن" بمعنى: أيقن، ولسنا نجد في كلام العرب شاهدا يتضمن أن يقال: رأى زيد كذا وكذا فظنه، وانظر إلى قوله تعالى: {فظنوا أنهم مواقعوها}، وإلى قول دريد بن الصمة:
فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج ... سراتهم في الفارسي المسرد
وإلى هذه الآية: "وظن داود"، فإنك تجد بينها وبين اليقين درجة، ولو فرضنا أهل النار قد دخلوها وباشروا، لم يقل: "فظنوا"، ولا استقام ذلك، ولو أخبر جبريل داود بهذه الفتنة لم يعبر عنها بـ"ظن، فإنما تعبر العرب بها عن العلم الذي يقارب اليقين وليس به، لم يخرج بعد إلى الإحساس؟
وقرأ جمهور الناس: "فتناه" بفتح التاء وشد النون، أي: ابتليناه وامتحناه، وقرأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأبو رجاء، والحسن - بخلاف عنه -: "فتناه" بشد التاء والنون، على معنى المبالغة، وقرأ أبو عمرو - في رواية علي بن نصر -: "فتناه" بتخفيف التاء والنون، على أن الفعل للخصمين، أي امتحناه عن أمرنا، وهي قراءة قتادة، وقرأ الضحاك: "افتتناه".
وقوله تعالى: {وخر راكعا وأناب}، أي: ألقى بنفسه نحو الأرض متطامنا متواضعا، والركوع والسجود: الانخفاض والترامي نحو الأرض، وخصصتها الشرائع على هيئات معلومة، وقال قوم: يقال: "خر ثم ركع" وإن كان لم ينته إلى الأرض، وقال الحسن بن الفضل: المعنى: خر من ركوعه، أي: سجد بعد أن كان راكعا، وقال أبو سعيد الخدري: "رأيتني أكتب سورة ص، فلما بلغت هذه الآية سجد القلم، ورأيتني في منام آخر وشجرة تقرأ ص، فلما بلغت هنا سجدت، وقالت: اللهم اكتب لي بها أجرا، وحط عني بها وزرا، وارزقني بها شكرا، وتقبلها مني كما تقبلت من عبدك داود، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "وسجدت أنت أنت يا أبا سعيد "؟ قلت: لا، قال: أنت كنت أحق بالسجدة من الشجرة، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم الآيات حتى بلغ: "وأناب" فسجد، وقال كما قالت الشجرة". و"أناب" معناه: رجع وتاب.
ويروى عن مجاهد أن داود عليه السلام بقي في ركعته تلك لاصقا بالأرض يبكي ويدعو أربعين صباحا حتى نبت العشب من دمعه، وروي غير هذا مما لا تثبت صحته، وروي أنه لما غفر الله له أمر المرأة قال: يا رب، فكيف لي بدم زوجها إذا جاء يطلبني يوم القيامة؟ فأوحى الله إليه: إني سأستوهبه لك يا داود، وأجعله أن يهبه راضيا بذلك، فحينئذ سر داود عليه السلام واستقرت نفسه، وروي عن عطاء الخراساني، ومجاهد أن داود عليه السلام نقش خطيئته في كفه، فكان يراها دائما ويعرضها على الناس في كل حين من خطبه وكلامه وإشاراته وتصرفه تواضعا لله عز وجل وإقرارا، وكان يسيح في الأرض ويصيح: "إلهي، إذا ذكرت خطيئتي ضاقت علي الأرض برحبها، وإذا ذكرت رحمتك ارتد إلي روحي، سبحانك إلهي، أتيت أطباء الدين يداووا علتي فكلهم عليك دلني"، وكان يدخل في صدر خطبته الاستغفار للخاطئين، وما رفع رأسه إلى السماء بعد خطيئته حياء حتى قبض، صلى الله تعالى على نبينا وعليه وعلى جميع النبيين وسلم).[المحرر الوجيز: 7/ 336-342]

تفسير قوله تعالى: {فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآَبٍ (25) يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب * يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب * وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار * أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار * كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب}
قوله تعالى: {فغفرنا له ذلك} معناه: سترنا، و"ذلك" إشارة إلى الذنب المتقدم، و"الزلفى": القربة والمكانة الرفيعة. و"المآب": المرجع في الآخرة، من: آب يؤوب إذا رجع.
وبعد هذا حذف يدل عليه ظاهر الكلام، تقديره: وقلنا له: يا داود إنا جعلناك خليفة، واستدل بعض الناس من هذه الآية على احتياج الأرض إلى خليفة من الله تعالى.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وليس هذا بلازم من الآية، بل لزومه من الشرع والإجماع، ولا يقال: "خليفة الله" إلا لرسوله، وأما الخلفاء: فكل واحد منهم خليفة الذي قبله، وما يجيء في الشعر من تسمية أحدهم خليفة الله، فذلك تجوز وغلو، كما قال ابن قيس الرقيات:
خليفة الله في بريته ... جفت بذاك الأقلام والكتب
ألا ترى أن الصحابة رضي الله عنهم حرروا هذا المعنى، فقالوا لأبي بكر الصديق:خليفة رسول الله، فبهذا كان يدعى مدته، فلما ولي عمر قالوا: يا خليفة خليفة رسول الله، فطال الأمر، ورأوا أنه في المستقبل سيطول أكثر فدعوه: أمير المؤمنين، وقصر هذا الاسم على الخلفاء.
وقوله عز وجل: {إن الذين يضلون عن سبيل الله} إلى قوله: {وليتذكر أولو الألباب} اعتراض بين الكلامين من أمر داود وسليمان، هو خطاب لمحمد صلى الله عليه وسلم وعظة لأمته، ووعيد للكفرة به. وقرأ أبو حيوة: "يضلون" بضم الياء. و"نسوا" معناه - في هذه الآية -: تركوا).[المحرر الوجيز: 7/ 342-343]

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 04:21 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 10 صفر 1440هـ/20-10-2018م, 04:25 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21) إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ (22) إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (23) قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (24) فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآَبٍ (25) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوّروا المحراب (21) إذ دخلوا على داوود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعضٍ فاحكم بيننا بالحقّ ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصّراط (22) إنّ هذا أخي له تسعٌ وتسعون نعجةً ولي نعجةٌ واحدةٌ فقال أكفلنيها وعزّني في الخطاب (23) قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإنّ كثيرًا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعضٍ إلّا الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات وقليلٌ ما هم وظنّ داوود أنّما فتنّاه فاستغفر ربّه وخرّ راكعًا وأناب (24) فغفرنا له ذلك وإنّ له عندنا لزلفى وحسن مآبٍ (25) }
قد ذكر المفسّرون هاهنا قصّةً أكثرها مأخوذٌ من الإسرائيليّات ولم يثبت فيها عن المعصوم حديثٌ يجب اتّباعه ولكن روى ابن أبي حاتمٍ هنا حديثًا لا يصحّ سنده؛ لأنّه من رواية يزيد الرّقاشيّ عن أنسٍ -ويزيد وإن كان من الصّالحين- لكنّه ضعيف الحديث عند الأئمّة فالأولى أن يقتصر على مجرّد تلاوة هذه القصّة وأن يردّ علمها إلى اللّه عزّ وجلّ فإنّ القرآن حقٌّ وما تضمّن فهو حقٌّ أيضًا.
وقوله: {[إذ دخلوا على داود] ففزع منهم} إنّما كان ذلك لأنّه كان في محرابه، وهو أشرف مكانٍ في داره وكان قد أمر ألّا يدخل عليه أحدٌ ذلك اليوم فلم يشعر إلّا بشخصين قد تسوّرا عليه المحراب أي: احتاطا به يسألانه عن شأنهما.
وقوله: {وعزّني في الخطاب} أي: غلبني يقال: عزّ يعزّ: إذا قهر وغلب.
وقوله: {وظنّ داود أنّما فتنّاه} قال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ: أي اختبرناه.
وقوله: {وخرّ راكعًا} أي: ساجدًا {وأناب} ويحتمل أنّه ركع أوّلًا ثمّ سجد بعد ذلك وقد ذكر أنّه استمرّ ساجدًا أربعين صباحًا، {فغفرنا له ذلك} أي: ما كان منه ممّا يقال فيه: إنّ حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين.
وقد اختلف الأئمّة رضي اللّه عنهم في سجدة "ص" هل هي من عزائم السّجود؟ على قولين الجديد من مذهب الشّافعيّ رحمه اللّه أنّها ليست من عزائم السّجود بل هي سجدة شكرٍ. والدّليل على ذلك ما رواه الإمام أحمد حيث قال:
حدّثنا إسماعيل -وهو ابن عليّة-عن أيّوب عن ابن عبّاسٍ أنّه قال في السّجود في "ص": ليست من عزائم السّجود وقد رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يسجد فيها.
ورواه البخاريّ وأبو داود والتّرمذيّ والنّسائيّ في تفسيره من حديث أيّوب به وقال التّرمذيّ: حسنٌ صحيحٌ.
وقال النّسائيّ أيضًا عند تفسير هذه الآية: أخبرني إبراهيم بن الحسن -هو المقسميّ-حدّثنا حجّاج بن محمّدٍ عن عمرو بن ذرٍّ عن أبيه عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبّاسٍ، رضي اللّه عنهما أن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم سجد في "ص" وقال: "سجدها داود عليه السّلام توبةً ونسجدها شكرًا".
تفرّد بروايته النّسائيّ ورجال إسناده كلّهم ثقاتٌ وقد أخبرني شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي قراءة عليه وأنا أسمع:
أخبرنا أبو إسحاق المدرّجيّ أخبرنا زاهر بن أبي طاهرٍ الثّقفيّ أخبرنا زاهر بن طاهرٍ الشّحاميّ، أخبرنا أبو سعيدٍ الكنجروذي أخبرنا الحاكم أبو أحمد محمّد بن محمّدٍ الحافظ أخبرنا أبو العبّاس السّرّاج حدّثنا هارون بن عبد اللّه حدّثنا محمد بن يزيد ابن خنيس عن الحسن بن محمّد بن عبيد اللّه بن أبي يزيد قال: قال لي ابن جريجٍ: يا حسن حدّثني جدّك عبيد اللّه بن أبي يزيد عن ابن عبّاسٍ قال: جاء رجلٌ إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: يا رسول اللّه إنّي رأيت فيما يرى النّائم كأنّي أصلّي خلف شجرةٍ فقرأت السّجدة فسجدت فسجدت الشّجرة لسجودي فسمعتها تقول وهي ساجدةٌ: اللّهمّ اكتب لي بها عندك أجرًا واجعلها لي عندك ذخرًا وضع عنّي بها وزرًا واقبلها منّي كما قبلتها من عبدك داود.
قال ابن عبّاسٍ: فرأيت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قام فقرأ السّجدة ثمّ سجد فسمعته يقول وهو ساجدٌ كما حكى الرّجل من كلام الشّجرة
رواه التّرمذيّ عن قتيبة وابن ماجه عن أبي بكر بن خلّادٍ كلاهما عن محمّد بن يزيد بن خنيسٍ نحوه وقال التّرمذيّ: غريبٌ لا نعرفه إلّا من هذا الوجه
وقال البخاريّ عند تفسيرها أيضًا: حدّثنا محمّد بن عبد اللّه حدّثنا محمّد بن عبيد الطّنافسيّ عن العوامّ قال: سألت مجاهدًا عن سجدة "ص" فقال: سألت ابن عبّاسٍ: من أين سجدت؟ فقال: أو ما تقرأ: {ومن ذرّيّته داود وسليمان} [الأنعام:84] {أولئك الّذين هدى اللّه فبهداهم اقتده} [الأنعام:90] فكان داود عليه السّلام ممّن أمر نبيّكم صلّى اللّه عليه وسلّم أن يقتدي به فسجدها داود عليه السّلام فسجدها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عفّان حدّثنا يزيد بن زريعٍ حدّثنا حميدٍ حدّثنا بكرٌ -هو ابن عبد اللّه المزنيّ- أنّه أخبره أنّ أبا سعيدٍ الخدريّ رأى رؤيا أنّه يكتب "ص" فلمّا بلغ إلى الّتي يسجد بها رأى الدّواة والقلم وكلّ شيءٍ بحضرته انقلب ساجدًا قال: فقصّها على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فلم يزل يسجد بها بعد. تفرّد به [الإمام] أحمد
وقال أبو داود: حدّثنا أحمد بن صالحٍ حدّثنا ابن وهبٍ أخبرني عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلالٍ عن عياض بن عبد اللّه بن سعد بن أبي سرحٍ عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه قال: قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو على المنبر "ص" فلمّا بلغ السّجدة نزل فسجد وسجد النّاس معه، فلمّا كان يومٌ آخر قرأها فلمّا بلغ السّجدة تشزّن النّاس للسّجود، فقال: "إنّما هي توبة نبيٍّ ولكنّي رأيتكم تشزّنتم". فنزل وسجد وسجدوا. تفرّد به أبو داود وإسناده على شرط الصّحيح.
وقوله: {وإنّ له عندنا لزلفى وحسن مآبٍ} أي: وإنّ له يوم القيامة لقربةً يقرّبه اللّه عزّ وجلّ بها وحسن مرجعٍ وهو الدّرجات العاليات في الجنّة لتوبته وعدله التّامّ في ملكه كما جاء في الصّحيح: "المقسطون على منابر من نورٍ عن يمين الرّحمن وكلتا يديه يمينٌ الّذين يقسطون في أهليهم وما ولّوا"
وقال الإمام أحمد: حدّثنا يحيى بن آدم، حدّثنا فضيلٌ عن عطيّة عن أبي سعيدٍ الخدريّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ أحبّ النّاس إلى اللّه يوم القيامة وأقربهم منه مجلسًا إمامٌ عادلٌ وإنّ أبغض النّاس إلى اللّه يوم القيامة وأشدّهم عذابًا إمامٌ جائرٌ". ورواه التّرمذيّ من حديث فضيلٍ -وهو ابن مرزوقٍ الأغرّ-عن عطيّة به وقال: لا نعرفه مرفوعًا إلّا من هذا الوجه.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو زرعة، حدّثنا عبد اللّه بن أبي زيادٍ حدّثنا سيّارٌ، حدّثنا جعفر بن سليمان: سمعت مالك بن دينارٍ في قوله: {وإنّ له عندنا لزلفى وحسن مآبٍ} قال: يقام داود يوم القيامة عند ساق العرش ثمّ يقول: يا داود مجّدني اليوم بذلك الصّوت الحسن الرّخيم الّذي كنت تمجّدني به في الدّنيا. فيقول: وكيف وقد سلبته؟ فيقول: إنّي أردّه عليك اليوم. قال: فيرفع داود بصوتٍ يستفرغ نعيم أهل الجنان). [تفسير ابن كثير: 7/ 60-62]

تفسير قوله تعالى: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يا داود إنّا جعلناك خليفةً في الأرض فاحكم بين النّاس بالحقّ ولا تتّبع الهوى فيضلّك عن سبيل اللّه إنّ الّذين يضلّون عن سبيل اللّه لهم عذابٌ شديدٌ بما نسوا يوم الحساب (26)}
هذه وصيّةٌ من اللّه عزّ وجلّ لولاة الأمور أن يحكموا بين النّاس بالحقّ المنزّل من عنده تبارك وتعالى ولا يعدلوا عنه فيضلّوا عن سبيله وقد توعّد [اللّه] تعالى من ضلّ عن سبيله، وتناسى يوم الحساب، بالوعيد الأكيد والعذاب الشّديد.
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي حدّثنا هشام بن خالدٍ حدّثنا الوليد، حدّثنا مروان بن جناحٍ، حدّثني إبراهيم أبو زرعة -وكان قد قرأ الكتاب-أنّ الوليد بن عبد الملك قال له: أيحاسب الخليفة فإنّك قد قرأت الكتاب الأوّل، وقرأت القرآن وفقهت؟ فقلت: يا أمير المؤمنين أقول؟ قال: قل في أمانٍ. قلت يا أمير المؤمنين أنت أكرم على اللّه أو داود؟ إن اللّه -عزّ وجلّ-جمع له النّبوّة والخلافة ثمّ توعّده في كتابه فقال: {يا داود إنّا جعلناك خليفةً في الأرض فاحكم بين النّاس بالحقّ ولا تتّبع الهوى فيضلّك عن سبيل اللّه إنّ الّذين يضلّون} الآية.
وقال عكرمة: {لهم عذابٌ شديدٌ بما نسوا يوم الحساب} هذا من المقدّم والمؤخّر لهم عذابٌ شديدٌ يوم الحساب بما نسوا.
وقال السّدّيّ: لهم عذابٌ شديدٌ بما تركوا أن يعملوا ليوم الحساب.
وهذا القول أمشى على ظاهر الآية فاللّه أعلم). [تفسير ابن كثير: 7/ 62-63]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:06 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة