العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الكهف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 جمادى الآخرة 1434هـ/26-04-2013م, 01:02 PM
الصورة الرمزية منى بكري
منى بكري منى بكري غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 1,049
افتراضي تفسير سورة الكهف [ من الآية (50) إلى الآية (53) ]

تفسير سورة الكهف
[ من الآية (50) إلى الآية (53) ]

{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ۚ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50) مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51) وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا (52) وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا (53)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 16 جمادى الآخرة 1434هـ/26-04-2013م, 11:16 PM
الصورة الرمزية منى بكري
منى بكري منى بكري غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 1,049
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه قال لما خلقت النار طارت أفئدة الملائكة فلما خلق آدم سكنت). [تفسير عبد الرزاق: 1/402-403]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت قال رسول الله خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من مارج من نار وخلق آدم من ما وصف لكم). [تفسير عبد الرزاق: 1/403]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله إلا إبليس كان من الجن قال من قبيل من الملائكة يقال لهم الجن). [تفسير عبد الرزاق: 1/404]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلاّ إبليس كان من الجنّ ففسق عن أمر ربّه أفتتّخذونه وذرّيّته أولياء من دوني وهم لكم عدوٌّ بئس للظّالمين بدلاً}.
يقول تعالى ذكره مذكّرًا هؤلاء المشركين حسد إبليس أباهم ومعلّمهم ما كان منه من كبره واستكباره عليه حين أمره بالسّجود له، وأنّه من العداوة والحسد لهم على مثل الّذي كان عليه لأبيهم: {و} اذكر يا محمّد {إذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلاّ إبليس} الّذي يطيعه هؤلاء المشركون ويتّبعون أمره، ويخالفون أمر اللّه، فإنّه لم يسجد له استكبارًا على اللّه، وحسدًا لآدم {كان من الجنّ}.
واختلف أهل التّأويل في معنى قوله {كان من الجنّ} فقال بعضهم: إنّه كان من قبيلةٍ يقال لهم الجنّ.
وقال آخرون: بل كان من خزّان الجنّة، فنسب إلى الجنّة.
وقال آخرون: بل قيل من الجنّ، لأنّه من الجنّ الّذين استجنّوا عن أعين بني آدم
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن خلاّد بن عطاءٍ، عن طاوسٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: كان إبليس قبل أن يركب المعصية من الملائكة، اسمه عزازيل، وكان من سكّان الأرض، وكان من أشدّ الملائكة اجتهادًا وأكثرهم علمًا، فذلك هو الّذي دعاه إلى الكبر، وكان من حيٍّ يسمّى جنًّا.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عثمان بن سعيدٍ، عن بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ، قال: كان إبليس من حيٍّ من أحياء الملائكة يقال لهم الجنّ، خلقوا من نار السّموم من بين الملائكة، قال: وكان اسمه الحارث. قال: وكان خازنًا من خزّان الجنّة. قال: وخلقت الملائكة من نورٍ غير هذا الحيّ. قال: وخلقت الجنّ الّذين ذكروا في القرآن من مارجٍ من نارٍ، وهو لسان النّار الّذي يكون في طرفها إذا التهبت.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثني شيبان، قال: حدّثنا سلاّم بن مسكينٍ، عن قتادة، عن سعيد بن المسيّب، قال: كان إبليس رئيس ملائكة سماء الدّنيا.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابتٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {إلاّ إبليس كان من الجنّ} قال: كان إبليس من خزّان الجنّة، وكان يدبّر أمر سماء الدّنيا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: كان إبليس من أشراف الملائكة وأكرمهم قبيلةً. وكان خازنًا على الجنان، وكان له سلطان السّماء الدّنيا، وكان له سلطان الأرض، وكان فيما قضى اللّه أنّه رأى أنّ له بذلك شرفًا وعظمةً على أهل السّماء، فوقع من ذلك في قلبه كبرٌ لا يعلمه إلاّ اللّه، فما كان عند السّجود حين أمره أن يسجد لآدم استخرج اللّه كبره عند السّجود، فلعنه وأخّره إلى يوم الدّين.
قال: قال ابن عبّاسٍ: وقوله: {كان من الجنّ} إنّما سمّي بالجنان أنّه كان خازنًا عليها، كما يقال للرّجل: مكّيّ، ومدنيّ، وكوفيّ، وبصريّ، قاله ابن جريجٍ.
وقال آخرون: هم سبطٌ من الملائكة قبيلةٌ، وكان اسم قبيلته الجنّ
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن صالحٍ، مولى التّوأمة، وشريك بن أبي نمرٍ أحدهما أو كلاهما، عن ابن عبّاسٍ، قال: إنّ من الملائكة قبيلةٌ من الجنّ، وكان إبليس منها، وكان يسوس ما بين السّماء والأرض، فعصى فسخط اللّه عليه فمسخه شيطانًا رجيمًا، لعنه اللّه ممسوخًا قال: وإذا كانت خطيئة الرّجل في كبرٍ فلا ترجه، وإذا كانت خطيئته في معصيةٍ فارجه، وكانت خطيئة آدم في معصيةٍ، وخطيئة إبليس في كبرٍ.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلاّ إبليس كان من الجنّ} قبيلٌ من الملائكة يقال لهم الجنّ، وقال ابن عبّاسٍ: لو لم يكن من الملائكة لم يؤمر بالسّجود، وكان على خزانة السّماء الدّنيا.
قال: وكان قتادة يقول: جنّ عن طاعة ربّه.
وكان الحسن يقول: ألجأه اللّه إلى نسبه.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله {إلاّ إبليس كان من الجنّ} قال: كان من قبيلٍ من الملائكة يقال لهم الجنّ.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي عديٍّ، عن عوفٍ، عن الحسن، قال: ما كان إبليس من الملائكة طرفة عينٍ قطّ، وإنّه لأصل الجنّ، كما أنّ آدم عليه السّلام أصل الإنس.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول: كان إبليس على السّماء الدّنيا وعلى الأرض وخازن الجنان.
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك يقول في قوله: {فسجدوا إلاّ إبليس كان من الجنّ} كان ابن عبّاسٍ يقول: إنّ إبليس كان من أشراف الملائكة وأكرمهم قبيلةً، وكان خازنًا على الجنان، وكان له سلطان السّماء الدّنيا وسلطان الأرض، وكان ممّا سوّلت له نفسه من قضاء اللّه أنّه رأى أنّ له بذلك شرفًا على أهل السّماء، فوقع من ذلك في قلبه كبرٌ لا يعلمه إلاّ اللّه، فاستخرج اللّه ذلك الكبر منه حين أمره بالسّجود لآدم، فاستكبر وكان من الكافرين، فذلك قوله للملائكة: {إنّي أعلم غيب السّموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون} يعني: ما أسرّ إبليس في نفسه من الكبر.
وقوله: {كان من الجنّ} كان ابن عبّاسٍ يقول: قال اللّه {كان من الجنّ} لأنّه كان خازنًا على الجنان، كما يقال للرّجل: مكّيّ، ومدنيّ، وبصريّ، وكوفيّ.
وقال آخرون: كان اسم قبيلة إبليس الجنّ، وهم سبطٌ من الملائكة يقال لهم الجنّ، فلذلك قال اللّه عزّ وجلّ {كان من الجنّ} فنسبه إلى قبيلته.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يعقوب، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ، في قوله {كان من الجنّ} قال: من الجنّانين الّذين يعملون في الجنان.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثنا أبو سعيدٍ اليحمديّ إسماعيل بن إبراهيم، قال: حدّثني سوّار بن الجعد اليحمديّ، عن شهر بن حوشبٍ، قوله: {من الجنّ} قال: كان إبليس من الجنّ الّذين طردتهم الملائكة، فأسره بعض الملائكة، فذهب به إلى السّماء.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله {إلاّ إبليس كان من الجنّ ففسق عن أمر ربّه} قال: كان خازن الجنان فسمّي بالجنان.
- حدّثني نصر بن عبد الرّحمن الأوديّ، قال: حدّثنا أحمد بن بشيرٍ، عن سفيان بن أبي المقدام، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: كان إبليس من خزنة الجنّة.
وقد بيّنّا القول في ذلك فيما مضى من كتابنا هذا وذكرنا اختلاف المختلفين فيه، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع.
وقوله: {ففسق عن أمر ربّه} يقول: فخرج عن أمر ربّه، وعدل عنه ومال، كما قال رؤبة:
يهوين في نجدٍ وغورًا غائرا = فواسقًا عن قصدها جوائرا
يعني بالفواسق: الإبل المنعدلة عن قصد نجدٍ، وكذلك الفسق في الدّين إنّما هو الانعدال عن القصد، والميل عن الاستقامة. ويحكى عن العرب سماعًا: فسقت الرّطبة من قشرها: إذا خرجت منه، وفسقت الفأرة: إذا خرجت من جحرها.
وكان بعض أهل العربيّة من أهل البصرة يقول: إنّما قيل: {ففسق عن أمر ربّه} لأنّه مرادٌ به: ففسق عن ردّه أمر اللّه، كما تقول العرب: أتخمت عن الطّعام، بمعنى: أتخمت لمّا أكلته. وقد بيّنّا القول في ذلك، وأنّ معناه: عدل وجار عن أمر اللّه، وخرج عنه.
وقال بعض أهل العلم بكلام العرب: معنى الفسق: الاتّساع. وزعم أنّ العرب تقول: فسقٌ في النّفقة: بمعنى اتّسع فيها. قال: وإنّما سمّي الفاسق فاسقًا، لاتّساعه في محارم اللّه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، ح، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه تعالى {ففسق عن أمر ربّه} قال: في السّجود لآدم.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، في قوله {ففسق عن أمر ربّه} قال: عصى في السّجود لآدم.
وقوله: {أفتتّخذونه وذرّيّته أولياء من دوني وهم لكم عدوٌّ} يقول تعالى ذكره: أفتوالون يا بني آدم من استكبر على أبيكم وحسده، وكفر نعمتي عليه، وغرّه حتّى أخرجه من الجنّة ونعيم عيشه فيها إلى الأرض وضيّق العيش فيها، وتطيعونه وذرّيّته من دون اللّه مع عدواته لكم قديمًا وحديثًا، وتتركون طاعة ربّكم الّذي أنعم عليكم وأكرمكم، بأن أسجد لوالدكم ملائكته، وأسكنه جنّاته، وآتاكم من فواضل نعمه ما لا يحصى عدده، وذرّيّة إبليس: الشّياطين الّذين يغوون بني آدم. كما؛
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، {أفتتّخذونه وذرّيّته أولياء من دوني} قال: ذرّيّته الشّياطين، وكان يعدّهم " زلنبور " صاحب الأسواق ويضع رايته في كلّ سوقٍ ما بين السّماء والأرض، و" ثبر " صاحب المصائب، و" الأعور " صاحب الزّنا و" مسوط " صاحب الأخبار يأتي بها فيلقيها في أفواه النّاس، ولا يجدون لها أصلاً، و" داسم " الّذي إذا دخل الرّجل بيته ولم يسلّم ولم يذكر اللّه بصره من المتاع ما لم يرفع، وإذا أكل ولم يذكر اسم اللّه أكل معه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، قال: حدّثنا حفص بن غياثٍ، قال: سمعت الأعمش، يقول: إذا دخلت البيت ولم أسلّم، رأيت مطهرةً، فقلت: ارفعوا ارفعوا، وخاصمتهم، ثمّ أذكر فأقول: داسم داسم.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني أبو معاوية، عن الأعمش، عن مجاهدٍ، قال: هم أربعةٌ ثبر، وداسم، وزلنبور، والأعور، ومسوط: أحدها.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {أفتتّخذونه وذرّيّته أولياء من دوني}.. الآية، وهم يتوالدون كما تتوالد بنو آدم، وهم أكثر عدداً.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {أفتتّخذونه وذرّيّته أولياء من دوني وهم لكم عدوٌّ} وهو أبو الجنّ كما آدم أبو الإنس وقال: قال اللّه لإبليس: إنّي لا أذرأ لآدم ذرّيّةً إلاّ ذرأت لك مثلها، فليس من ولد آدم أحدٌ إلاّ له شيطانٌ قد قرن به.
وقوله: {بئس للظّالمين بدلاً} يقول عزّ ذكره: بئس البدل للكافرين باللّه اتّخاذ إبليس وذرّيّته أولياء من دون اللّه، وهم لكم عدوٌّ من تركهم اتّخاذ اللّه وليًّا باتّباعهم أمره ونهيه، وهو المنعم عليهم وعلى أبيهم آدم من قبلهم، المتفضّل عليهم من الفواضل ما لا يحصى بدلاً.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {بئس للظّالمين بدلاً} بئسما استبدلوا بعبادة ربّهم إذ أطاعوا إبليس). [جامع البيان: 15/285-294]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ففسق عن أمر ربه يعني في السجود لآدم عليه السلام). [تفسير مجاهد: 377]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 50
أخرج ابن جرير، وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال: إن من الملائكة قبيلة يقال لهم الجن فكان إبليس منهم وكان يوسوس ما بين السماء والأرض فعصى فسخط الله عليه فمسخه الله شيطانا رجيما). [الدر المنثور: 9/565-566]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {إلا إبليس كان من الجن} قال: كان خازن الجنان فسمي بالجن). [الدر المنثور: 9/566]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن الضحاك قال: اختلف ابن عباس، وابن مسعود في إبليس فقال أحدهما: كان من سبط من الملائكة يقال لهم الجن). [الدر المنثور: 9/566]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس قال: إن إبليس كان من أشرف الملائكة وأكرمهم قبيلة وكان خازنا على الجنان وكان له سلطان السماء الدنيا وكان له مجمع البحرين بحر الروم وفارس أحدهما قبل المشرق والآخر قبل المغرب وسلطان الأرض وكان مما سولت نفسه مع قضاء الله أنه يرى أن له بذلك عظمة وشرفا على أهل السماء فوقع في نفسه من ذلك كبر لم يعلم ذلك أحد إلا الله فلما كان السجود لآدم حين أمره الله أن يسجد لآدم استخرج الله كبره عند السجود فلعنه إلى يوم القيامة {كان من الجن} قال ابن عباس: إنما سمي بالجنان لأنه كان خازنا عليها). [الدر المنثور: 9/566-567]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {إلا إبليس كان من الجن} قال: كان من قبيل من الملائكة يقال لهم الجن وكان ابن عباس يقول: لو لم يكن من الملائكة لم يؤمر بالسجود وكان على خزانة السماء الدنيا). [الدر المنثور: 9/567]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن الأنباري في كتاب الأضداد وأبو الشيخ في العظمة عن الحسن قال: ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين وإنه لأصل الجن كما أن آدم أصل الإنس). [الدر المنثور: 9/567]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الحسن قال: قاتل الله أقواما يزعمون أن إبليس كان من ملائكة الله والله تعالى يقول: {كان من الجن} ). [الدر المنثور: 9/567-568]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن سعيد بن جبير في قوله: {كان من الجن} قال: من خزنة الجنان). [الدر المنثور: 9/568]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ، وابن الأنباري في الأضداد من وجه آخر عن سعيد بن جبير في قوله: {كان من الجن} قال: هم حي من الملائكة لم يزالوا يصوغون حلي أهل الجنة حتى تقوم الساعة). [الدر المنثور: 9/568]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في الشعب عن سعيد بن جبير في قوله: {كان من الجن} قال: من الجنانين الذين يعملون في الجنة). [الدر المنثور: 9/568]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وابو الشيخ في العظمة عن ابن شهاب في قوله: {إلا إبليس كان من الجن} قال: إبليس أبو الجن كما أن آدم أبو الإنس وآدم من الإنس وهو أبوهم، وإبليس من الجن وهو أبوهم وقد تبين للناس ذلك حين قال الله: {أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني} ). [الدر المنثور: 9/568]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال: كان إبليس رئيسا من الملائكة في سماء الدنيا). [الدر المنثور: 9/568]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن سعيد بن منصور قال: كانت الملائكة تقاتل الجن فسبي إبليس وكان صغيرا فكان مع الملائكة فتعبد معها). [الدر المنثور: 9/568-569]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب قال: كان إبليس من الجن الذين طردتهم الملائكة فأسره بعض الملائكة فذهب به إلى السماء). [الدر المنثور: 9/569]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن قتادة في قوله: {إلا إبليس كان من الجن} قال: أجن من طاعة الله). [الدر المنثور: 9/569]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال: لما لعن إبليس تغيرت صورته عن صورة الملائكة فجزع لذلك فرن رنة فكل رنة في الدنيا إلى يوم القيامة من رنته). [الدر المنثور: 9/569]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن نوف قال كان إبليس رئيس سماء الدنيا). [الدر المنثور: 9/569]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {ففسق عن أمر ربه} قال: في السجود لآدم). [الدر المنثور: 9/569]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن الشعبي أنه سئل عن إبليس هل له زوجة فقال: إن ذلك العرس ما سمعت به). [الدر المنثور: 9/569]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {أفتتخذونه وذريته} قال: ولد إبليس خمسة: ثبر والأعور وزلنبور ومسوط وداسم فمسوط صاحب الصخب والأعور وداسم لا أدري ما يفعلان والثبر صاحب المصائب وزلنبور الذي يفرق بين الناس ويبصر الرجل عيوب أهله). [الدر المنثور: 9/570]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {أفتتخذونه وذريته} قال: باض إبليس خمس بيضات: زلنبور وداسم وثبر ومسوط والأعور فأما الأعور فصاحب الزنا وأما ثبر فصاحب المصائب وأما مسوط فصاحب أخبار الكذب يلقيها على أفواه الناس ولا يجدون لها أصلا وأما داسم فهو صاحب البيوت إذا دخل بيته ولم يسلم دخل معه وإذا أكل معه ويريه من متاع البيت ما لا يحصى موضعه وأما زلنبور فهو صاحب الأسواق ويضع راسه في كل سوق بين السماء والأرض). [الدر المنثور: 9/570]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: {أفتتخذونه وذريته} قال: هم أولاده يتوالدون كما يتوالد بنو آدم وهم أكثر عددا). [الدر المنثور: 9/571]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان قال: باض إبليس خمس بيضات: وذريته من ذلك، قال: وبلغني أنه يجتمع على مؤمن واحد أكثر من ربيعة ومضر). [الدر المنثور: 9/571]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {بئس للظالمين بدلا} قال بئسما استبدلوا بعبادة ربهم إذ أطاعوا إبليس لعنه الله تعالى). [الدر المنثور: 9/571]

تفسير قوله تعالى: (مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني ابن لهيعة قال: سمعت شيخا من فهم يقول: سمعت عبد الرحمن بن حجيرة وقرأ بسورة الكهف وهو يقص على الناس فبلغ هذه الآية: {ما أشهدتهم خلق السموات والأرض}، فقال: ما أشهدتهم وأشهدناهم سواء). [الجامع في علوم القرآن: 3/52-53]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى متخذ المضلين عضدا قال أعوانا). [تفسير عبد الرزاق: 1/404]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ما أشهدتهم خلق السّموات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متّخذ المضلّين عضدًا}.
يقول عزّ ذكره: ما أشهدت إبليس وذرّيّته {خلق السّموات والأرض} يقول: ما أحضرتهم ذلك فأستعين بهم على خلقها {ولا خلق أنفسهم} [الكهف: 51] يقول: ولا أشهدت بعضهم أيضًا خلق بعضٍ منهم، فأستعين به على خلقه، بل تفرّدت بخلق جميع ذلك بغير معينٍ ولا ظهيرٍ، يقول: فكيف اتّخذوا عدوّهم أولياء من دوني، وهم خلقٌ من خلقي أمثالهم، وتركوا عبادتي وأنا المنعم عليهم وعلى أسلافهم، وخالقهم وخالق من يوالونه من دوني منفردًا بذلك من غير معينٍ ولا ظهيرٍ.
وقوله: {وما كنت متّخذ المضلّين عضدًا} يقول: وما كنت متّخذ من لا يهدي إلى الحقّ، ولكنّه يضلّ، فمن تبعه يجور به عن قصد السّبيل أعوانًا وأنصارًا، وهو من قولهم: فلانٌ يعضّد فلانًا إذا كان يقوّيه ويعينه.
وبنحو ذلك قال بعض أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وما كنت متّخذ المضلّين عضدًا} أي أعوانًا.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة مثله.
وإنّما يعني بذلك أنّ إبليس وذرّيّته يضلّون بني آدم عن الحقّ، ولا يهدونهم للرّشد، وقد يحتمل أن يكون عنى بالمضلّين الّذين هم أتباعٌ على الضّلالة، وأصحابٌ على غير هدًى). [جامع البيان: 15/294-295]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 51 - 52.
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم} قال: يقول ما أشهدت الشياطين الذين اتخذتم معي هذا {وما كنت متخذ المضلين} قال: الشياطين {عضدا} قال: ولا اتخذتهم عضدا على شيء عضدوني عليه فأعانوني). [الدر المنثور: 9/571]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وما كنت متخذ المضلين عضدا} قال: أعوانا). [الدر المنثور: 9/571]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله: {وما كنت متخذ المضلين عضدا} قال: أعوانا). [الدر المنثور: 9/571]

تفسير قوله تعالى: (وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا (52) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى موبقا قال هلاكا). [تفسير عبد الرزاق: 1/404]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويوم يقول نادوا شركائي الّذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقًا (52) ورأى المجرمون النّار فظنّوا أنّهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفًا}.
يقول عزّ ذكره {ويوم يقول} اللّه عزّ ذكره للمشركين به الآلهة والأنداد {نادوا شركائي الّذين زعمتم} يقول لهم: ادعوا الّذين كنتم تزعمون أنّهم شركائي في العبادة لينصروكم ويمنعوكم منّي {فدعوهم فلم يستجيبوا لهم} يقول: فاستغاثوا بهم فلم يغيثوهم {وجعلنا بينهم موبقًا}.
فاختلف أهل التّأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: معناه: وجعلنا بين هؤلاء المشركين وما كانوا يدعون من دون اللّه شركاء في الدّنيا يومئذٍ عداوةً.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عبد اللّه بن بزيعٍ، قال: حدّثنا بشر بن المفضّل، عن عوفٍ، عن الحسن، في قول اللّه: {وجعلنا بينهم موبقًا} قال: جعل بينهم عداوةً يوم القيامة.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عثمان بن عمر، عن عوفٍ، عن الحسن {وجعلنا بينهم موبقًا} قال: عداوةً.
وقال آخرون: معناه: وجعلنا فعلهم ذلك لهم مهلكًا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وجعلنا بينهم موبقًا} قال: مهلكًا.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {موبقًا} قال: هلاكًا.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {وجعلنا بينهم موبقًا} قال: الموبق: المهلك، الّذي أهلك بعضهم بعضًا فيه، أوبق بعضهم بعضًا. وقرأ {وجعلنا لمهلكهم موعدًا}.
- حدّثت عن محمّد بن يزيد، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، {موبقًا} قال: هلاكًا.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن عرفجة، في قوله {وجعلنا بينهم موبقًا} قال: مهلكًا.
وقال آخرون: هو اسم وادٍ في جهنّم
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي عديٍّ، عن سعيدٍ، عن قتادة، عن أبي أيّوب، عن عمرٍو البكاليّ: {وجعلنا بينهم موبقًا} قال: وادٍ عميقٌ فصل به بين أهل الضّلالة وأهل الهدى، وأهل الجنّة، وأهل النّار.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وجعلنا بينهم موبقًا} ذكر لنا أنّ عمرًا البكاليّ حدّث عن عبد اللّه بن عمرٍو، قال: هو وادٍ عميقٍ فرّق به يوم القيامة بين أهل الهدى وأهل الضّلالة.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عمر بن عبيدٍ، عن الحجّاج بن أرطاة، قال: قال مجاهدٌ {وجعلنا بينهم موبقًا} قال: واديًا في النّار.
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى ح، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وجعلنا بينهم موبقًا} قال: واديًا في جهنّم.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني محمّد بن سنانٍ القزّاز، قال: حدّثنا عبد الصّمد، قال: حدّثنا يزيد بن درهمٍ، قال: سمعت أنس بن مالكٍ، يقول في قول اللّه عزّ وجلّ {وجعلنا بينهم موبقًا} قال: وادٍ في جهنّم من قيحٍ ودمٍ.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب القول الّذي ذكرناه عن ابن عبّاسٍ، ومن وافقه في تأويل الموبق: أنّه المهلك، وذلك أنّ العرب تقول في كلامها: قد أوبقت فلانًا: إذا أهلكته. ومنه قول اللّه عزّ وجلّ: {أو يوبقهنّ بما كسبوا} بمعنى: يهلكهنّ. ويقال للمهلك نفسه: قد وبق فلانٌ فهو يوبق وبقًا. ولغة بني عامرٍ: يابق بغير همزٍ. وحكي عن تميمٍ أنّها تقول: يبيق، وقد حكي وبق يبق وبوقًا، حكاها الكسائيّ. وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة يقول: الموبق: الوعد، ويستشهد لقيله ذلك بقول الشّاعر:
وحاد شرورى فالسّتار فلم يدع = تعارًا له والواديين بموبق
ويتأوّله بموعدٍ. وجائزٌ أن يكون ذلك المهلك الّذي جعل اللّه جلّ ثناؤه بين هؤلاء المشركين، هو الوادي الّذي ذكر عن عبد اللّه بن عمرٍو، وجائزٌ أن يكون العداوة الّتي قالها الحسن). [جامع البيان: 15/295-298]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله موبقا قال الموبق واد في جهنم). [تفسير مجاهد: 377]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله: {وجعلنا بينهم موبقا} يقول: مهلكا). [الدر المنثور: 9/572]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {موبقا} يقول: مهلكا). [الدر المنثور: 9/572]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {موبقا} قال: واد في جهنم). [الدر المنثور: 9/572]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن أنس في قوله: {وجعلنا بينهم موبقا} قال: واد في جهنم من قيح ودم). [الدر المنثور: 9/572]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد في الزهد، وابن جرير، وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عمر في قوله: {وجعلنا بينهم موبقا} قال: هو واد عميق في النار فرق الله به يوم القيامة بين أهل الهدى والضلالة). [الدر المنثور: 9/572]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عمرو البكالي قال: الموبق الذي ذكر الله واد في النار بعيد القعر يفرق به يوم القيامة بين أهل الإسلام وبين من سواهم من الناس). [الدر المنثور: 9/573]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله: {موبقا} قال: هو نهر في النار يسيل نارا على حافتيه حيات أمثال البغال الدهم فإذا ثارت إليهم لتأخذهم استغاثوا بالاقتحام في النار منها). [الدر المنثور: 9/573]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب قال: إن في النار أربعة أودية يعذب الله بها أهلها: غليظ وموبق وأثام وغي). [الدر المنثور: 9/573]

تفسير قوله تعالى: (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا (53) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى فظنوا أنهم مواقعها قال علموا). [تفسير عبد الرزاق: 1/404]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] قال: كان أصحاب عبد اللّه يقرأونها (فظنوا أنهم ملاقوها) [الآية: 53]). [تفسير الثوري: 178]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ورأى المجرمون النّار} يقول: وعاين المشركون النّار يومئذٍ {فظنّوا أنّهم مواقعوها} يقول: فعلموا أنّهم داخلوها، كما؛
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {فظنّوا أنّهم مواقعوها} قال: علموا.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن درّاجٍ، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، أنّه قال: " إنّ الكافر يرى جهنّم فيظنّ أنّها مواقعته من مسيرة أربعين سنةً ".
وقوله: {ولم يجدوا عنها مصرفًا} يقول: ولم يجدوا عن النّار الّتي رأوا معدلاً يعدلون عنها إليه. يقول: لم يجدوا من مواقعتها بدًّا، لأنّ اللّه قد حتّم عليهم ذلك.
ومن المصرف بمعنى المعدل قول أبي كبيرٍ الهذليّ:
أزهير هل عن شيبةٍ من مصرف = أم لا خلود لباذلٍ متكلّف). [جامع البيان: 15/299]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 53 - 54.
أخرج عبد الرزاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {فظنوا أنهم مواقعوها} قال: علموا). [الدر المنثور: 9/573]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد وأبو يعلى، وابن جرير، وابن حبان والحاكم وصلى الله عليه وسلمححه، وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ينصب الكافر يوم القيامة مقدار خمسين ألف سنة كما لم يعمل في الدنيا وإن الكافر ليرى جهنم ويظن أنها مواقعته من مسيرة أربعين سنة والله أعلم). [الدر المنثور: 9/573]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10 رجب 1434هـ/19-05-2013م, 03:11 PM
الصورة الرمزية منى بكري
منى بكري منى بكري غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 1,049
افتراضي

التفسير اللغوي


تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجنّ}
قال الحسن: وهو أوّل الجنّ، كما أنّ آدم من الإنس وهو أوّل الإنس.

- سعيدٌ، عن قتادة، قال: كان من الجنّ قبيلٌ من الملائكة يقال له "الجنّ".
قال وكان ابن عبّاسٍ يقول: (لو أنّه لم يكن من الملائكة لم يؤمر بالسّجود).
وكان على خزانة السّماء الدّنيا؛ في قول قتادة.
وقال قتادة: جنّ عن طاعة ربّه.
قال: وقال الحسن: أنحاه اللّه إلى نسبه.
قال: {ففسق عن أمر ربّه}: عصى أمر ربّه عن السّجود لآدم، تفسير ابن مجاهدٍ، عن أبيه: فكفر واستكبر.
قال: {أفتتّخذونه وذرّيّته}، يعني: الشّياطين الّذين دعوهم إلى الشّرك.
{أولياء من دوني وهم لكم عدوٌّ بئس للظّالمين بدلا}
سعيدٌ، عن قتادة قال: {بدلا} ما استبدلوا بعبادة ربّهم إذ أطاعوا إبليس فبئس ذلك لهم بدلا). [تفسير القرآن العظيم: 1/191-192]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ):
(وقوله: {ففسق عن أمر ربّه...}

أي خرج عن طاعة ربّه. والعرب تقول، "فسقت الرّطبة من (جلدها) وقشرها" لخروجها منه؛ وكأنّ الفأرة إنها سمّيت فويسقة لخروجها من جحرها على الناس). [معاني القرآن: 2/147]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({ففسق عن أمر ربّه}: جار عنه وكفر به، وقال رؤبة:
يهوين في نجدٍ وغوراً غائراً.......فواسقاً عن قصدها جوائرا).
[مجاز القرآن: 1/406]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لأدم فسجدوا إلاّ إبليس كان من الجنّ ففسق عن أمر ربّه أفتتّخذونه وذرّيّته أولياء من دوني وهم لكم عدوٌّ بئس للظّالمين بدلاً}
وقال: {ففسق عن أمر ربّه} يقول: عن ردّ أمر ربّه" نحو قول العرب: "أتخم عن الطّعام" أي: عن مأكله أتخم، ولما ردّ هذا الأمر فسق.
وقال: {بئس للظّالمين بدلاً} كما تقول: "بئس في الدّار رجلا"). [معاني القرآن: 2/78]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما قوله {ففسق عن أمر ربه} وهو لم يأته الفسق عن أمر ربه؛ ولكن المعنى: تباعد وتراخى عن أمر ربه؛ كما قالوا في الكلام: فسق في الدنيا فلان؛ أي اتسع فيها ولم يضيقها عليه؛ وقالوا أيضًا: ما أصاب فلان شيئًا إلا فسقه؛ أي أهلكه؛ وقد فسرنا ذلك كله في سورة آل عمران.
[معاني القرآن لقطرب: 882]
والوجه الآخر "فسق عن أمر ربه" أي عن رد أمر ربه، كقولك {واسأل القرية التي كنا فيها والعير} والقرية لا تسأل ولا العير، إنما المعنى: سل أهل القرية وأهل العير؛ ومثل ذلك {بل مكر الليل والنهار} وهما لا يمكران؛ المعنى: بل مكر أهل الليل والنهار، وهو قول الحسن: بل مكركم في الليل والنهار.
حسبت بغام راحلتي عناقًا = وما هي ويب غيرك بالعناق
يريد: حسبت بغام راحلتي بغام عناق، فحذف البغام الثاني.
ومثل ذلك قول النابغة:
وقد خفت حتى ما تزيد مخافتي = على وعل في ذي المطارة عاقل
يريد: على مخافة وعل.
ومثل ذلك قول الله عز وجل {ولكن البر من آمن بالله} يريد: بر من آمن بالله.
وكذلك {وأشربوا في قلوبهم العجل}؛ أي حب العجل.
وقال أبو علي: وقد ذكرنا كل ما في هذا، في سورة البقرة.
ويكون {ففسق عن أمر ربه} أي من قبل رد أمر ربه؛ كأن الفسق كقولك: كساه عن عري، وأطعمه عن جوع). [معاني القرآن لقطرب: 883]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ففسق عن أمر ربّه}" أي خرج عن طاعته. يقال: "فسقت الرّطبة" إذا خرجت من قشرها). [تفسير غريب القرآن: 268]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلّا إبليس كان من الجنّ ففسق عن أمر ربّه أفتتّخذونه وذرّيّته أولياء من دوني وهم لكم عدوّ بئس للظّالمين بدلا}
قوله: {ففسق عن أمر ربّه} دليل على أنه أمر بالسجود مع الملائكة، وأكثر ما في التفسير أن إبليس من غير الملائكة وقد ذكره اللّه عزّ وجلّ أنه كان من الجن بمنزلة آدم من الإنس.
وقد قيل إن الجن ضرب من الملائكة، كانوا خزان الأرض، وقيل خزان الجنان.

فإن قال قائل: فكيف استثنى مع ذكر الملائكة، فقال {فسجدوا إلّا إبليس}، فكيف وقع الاستثناء وليس هو من الأول؟
فالجواب في هذا أنه أمر معهم بالسجود فاستثنى من أنه لم يسجد، والدليل على ذلك أنك تقول: أمرت عبدي وأخوتي فأطاعوني إلا عبدي، وكذلك قوله عزّ وجلّ: {فإنّهم عدوّ لي إلّا ربّ العالمين}، ورب العالمين ليس كمثله شيء، وقد جرى ذكره في
الاستثناء - وهو استثناء ليس من الأول.
ولا يقدر أحد أن يعرف معنى الكلام غير هذا.
{ففسق عن أمر ربّه} فيه ثلاثة أوجه:
-
يجوز أن يكون معناه: خرج عن أمر ربّه، يقال: فسقت الرطبة إذا خرجت عن قشرها.
-
وقال قطرب: يجوز أن يكون معناه فسق عن ردّ أمر ربّه.
-
ومذهب سيبويه والخليل وهو الحق عندنا أن معنى {فسق عن أمر ربّه} أتاه الفسق لما أمر فعصى، فكان سبب فسقه أمر ربّه، كما تقول أطعمه عن جوع وكساه عن عري،
المعنى: كان سبب فسقه الأمر بالسّجود لما كان سبب الإطعام الجوع، وسبب الكسوة العرى.
وقوله: {بئس للظّالمين بدلا}
معناه أنه بئس ما استبدل به الظالمون من رب العزة جلّ وعزّ، إبليس). [معاني القرآن: 3/294-293]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وإذ قلنا للملائكة أسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن} في هذا قولان:
أحدهما: أنه نسب إلى الجن لأنه عمل عملهم.
والقول الآخر: أنه منهم). [معاني القرآن: 4/253]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ففسق عن أمر ربه} أي فخرج وحكى الفراء فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرها وقال رؤبة:
يهوين في نجد وغورا غائرا.......فواسقا عن قصدها جوائرا
وفي هذه الآية سؤال: يقال ما معنى {ففسق عن أمر ربه}؟
ففي هذا قولان:
أحدهما: وهو مذهب الخليل وسيبويه أن المعنى أتاه الفسق لما أمر فعصى فكان سبب الفسق أمر ربه كما تقول أطعمته عن جوع
والقول الآخر: وهو مذهب محمد بن قطرب أن المعنى ففسق عن رد أمر ربه). [معاني القرآن: 4/255-254]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو} أي عداء). [معاني القرآن: 4/256-255]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {بئس للظالمين بدلا} أي بئس ما اسبتدلوا من طاعة الله طاعة إبليس). [معاني القرآن: 4/256]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {ففسق عن أمر ربه} أي: خرج عن الطاعة). [ياقوتة الصراط: 326]

تفسير قوله تعالى: {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ما أشهدتهم خلق السّموات والأرض ولا خلق أنفسهم} وذلك أنّ المشركين قالوا: إنّ الملائكة بنات اللّه.
وقال في آيةٍ أخرى: {وجعلوا الملائكة الّذين هم عباد الرّحمن إناثًا أشهدوا خلقهم} أي: ما أشهدتهم شيئًا من ذلك، فمن أين ادّعوا أنّ الملائكة بنات اللّه؟ {وما كنت متّخذ المضلّين عضدًا} أعوانًا في تفسير قتادة.
وقال المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ: ما كنت لأتولّى المضلّين.
قال يحيى: (سمعت من يقول: المضلّون: الشّياطين) ). [تفسير القرآن العظيم: 1/192]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ):
({متّخذ المضلّين عضداً} أي أنصاراً وعزّاً وأعواناً، ويقال: فلان عضدي أي ناصري وعزّي وعوني،

ويقال: قد عاضد فلان فلاناً وقد عضده، أي قوّاه ونصره). [مجاز القرآن: 1/406]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (عروة بن الزبير وأبو جعفر {ما أشهدناهم}.
سائر القراء وشيبة ونافع {ما أشهدتهم}.
أبو جعفر {وما كنت متخذ المضلين عضدا} بنصب التاء.
ونافع يرفعها.
الأعرج وأبو جعفر وعاصم والأعمش وعبد الله بن كثير وابن محيصن وأبو عمرو {متخذ المضلين عضدا}.
الحسن "عضدا" بضم العين والضاد.
و"عضدا" بكسر الضاد ونصب العين، لغة تميم وأسد، ولغة أخرى "عضد" بضم العين وإسكان الضاد، ولغة أخرى "عضد" بفتح العين وإسكان الضاد، مثل فخذ؛ وتقول: فلان عضدي، وقد عاضدني، وعضدني.
فيجوز "عضد" فيمن قرأها، أن تكون: جمع عاضد، وعضد؛ مثل بازل وبزل، وعائذ وعوذ). [معاني القرآن لقطرب: 854]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({عضدا}: أنصارا. يقال "هو عضدي" و"قد عاضدت فلانا"). [غريب القرآن وتفسيره: 230]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ما أشهدتهم خلق السّماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متّخذ المضلّين عضدا}
أي لم يكونوا موجودين إذ خلقت السّماوات والأرض.
{وما كنت متّخذ المضلّين عضدا}.
ويقرأ {وما كنت متّخذ المضلّين} - بفتح التاء - المعنى في فتحها: ما كنت يا محمد لتتخذ المضلّين أنصارا، وضم التاء هي القراءة، وعليها المعنى.
يخبر اللّه عزّ وجلّ بقدرته، وأنه لا يعتضد فيها ولا في نصرته بالمضلّين والاعتضاد التقوى. وطلب المعونة، يقال: اعتضدت بفلان، معناه استعنت به.
و{عضدا} فيه خمسة أوجه:
وجهان منها كثيران جيّدان، وهما عضد بفتح العين وضم الضاد، وعضد - بضم العين والضاد -.
ويجوز عضدا، وعضدا،
بتسكين الضاد وضم العين وفتحها.
وقد رويت عضد بكسر الضّاد. ويجوز في عضد بكسر الضاد (عضدا) ). [معاني القرآن: 3/295-294]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم} أي لم يكونوا موجودين إذ ذاك). [معاني القرآن: 4/256]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وما كنت متخذ المضلين عضدا} روى معمر عن قتادة قال أعوانا قال أبو جعفر وكذلك هو في اللغة يقال عضدني فلان وعاضدني أي أعانني وأعزني). [معاني القرآن: 4/256]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({عَضُداً}: أنصارا). [العمدة في غريب القرآن: 190]

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا (52)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ويوم يقول نادوا شركائي الّذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقًا} وادٍ في جهنّم.
وقال بعضهم: موبقًا، مهلكًا.
يقول: جعلنا بينهم وصلهم الّذي كان في الدّنيا مهلكًا.
وقال قتادة: ذكر لنا أنّ نوفًا البكاليّ حدّث عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: هو وادٍ عميقٌ فرّق به يوم القيامة بين أهل الهدى وأهل الضّلالة.
وقال بعضهم: (أوبقناهم: أدخلناهم النّار) ). [تفسير القرآن العظيم: 1/192]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ):
(وقوله: {وجعلنا بينهم مّوبقاً...}

يقال: جعلنا تواصلهم في الدنيا (موبقاً) يقول مهلكا لهم في الآخرة ويقال: إنه وادٍ في جهنم). [معاني القرآن: 2/147]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({وجعلنا بينهم موبقاً} أي موعداً، قال:
وحاد شروري والسّتار فلم يدع.......تعاراً له والواديين بموبق).
[مجاز القرآن: 1/406]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): ({ويوم يقول نادوا شركائي الّذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم مّوبقاً}
وقال: {مّوبقاً} مثل {مّوعداً} من "وبق" "يبق" وتقول "أوبقته حتى وبق"). [معاني القرآن: 2/78]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الأعرج والحسن وأبو جعفر وشيبة ونافع {ويوم يقول نادوا} بالياء.
والأعمش بالنون {ويوم نقول} ). [معاني القرآن لقطرب: 854]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما قوله عز وجل {وجعلنا بينهم موبقا} وهو الهلاك؛ وقالوا: وبق يبق وبوقًا؛ وأوبقته أهلكته، إيباقًا.
وقال الأعشى:
تأتيكم أحلام من ليس عنده = على الرهط بقي أو يبالون موبقا
وقال زهير:
ومن يلتمس حسن الثناء بماله = يصن عرضه من كل شنعاء موبق). [معاني القرآن لقطرب: 874]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({موبقا}: مهلكا ويقال قد أوبقت الرجل أي أهلكته ومنه {أو يوبقهن بما كسبوا}). [غريب القرآن وتفسيره: 231]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وجعلنا بينهم موبقاً} أي مهلكا بينهم وبين آلهتهم في جهنم.
ومنه يقال: أوبقته ذنوبه.
وقوله: {أو يوبقهنّ بما كسبوا}. ويقال: موعدا).
[تفسير غريب القرآن: 269]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {ويوم يقول نادوا شركائي الّذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقا} أضافهم إليه على قولهم.
وقوله: {وجعلنا بينهم موبقا}
جعلنا بينهم من العذاب ما يوبقهم، أي يهلكهم، والموبق المهلك.
يقال "وبق الرجل يوبق، وبقا"، ويقال "ييبق، وبائق"، وفيه لغة أخرى "وبق يبق وبوقا، وهو وابق"، والأول هو وبق). [معاني القرآن: 3/295]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( وقوله جل وعز: {ويوم يقول نادوا شركائي الذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقا} وفي معناه أقوال:
- روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: مهلكا. وكذلك قال الضحاك.
- وروى معمر عن قتادة قال: هلاكا.
- وروى يزيد بن درهم عن أنس بن مالك في قوله تعالى:
{وجعلنا بينهم موبقا} قال: واديا من قيح ودم في جهنم.
- وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: واد في جهنم. وكذلك قال نوف، إلا أنه قال: يحجر بينهم وبين المؤمنين.
- وقال أبو عبيدة {موبقا}: موعدا.

- وقال عوف {موبقا}: أي جعلنا بينهم عداوة.
- قال أبو جعفر: وأصح هذه الأقوال: الأول؛ لأنه معروف في اللغة أن يقال "وبق يوبق ويابق وييبق"، ووبق يبق إذا هلك، وأوبقه الله أي أهلكه، ومنه {أو يوبقهن بما كسبوا}، ومنه أوبقت فلانا ذنوبه؛ فالمعنى: جعلنا تواصلهم في الدنيا مهلكا لهم في الآخرة، إلا أنه يجوز أن يسمى الوادي موبقا لأنه يهلك.).
[معاني القرآن: 4/258-257]

قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345 هـ): ({موبقا}كل شيء حاجز بين شيئين، فهو موبق). [ياقوتة الصراط: 327]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({موبقا} مهلكا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 144]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مَوْبِقا}: مهلكا). [العمدة في غريب القرآن: 190]

تفسير قوله تعالى: {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا (53)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ورأى المجرمون} المشركون.
{النّار فظنّوا} فعلموا.
{أنّهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفًا} إلى غيرها). [تفسير القرآن العظيم: 1/192]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ):
(وقوله: {فظنّوا أنّهم مّواقعوها...}:
أي علموا). [معاني القرآن: 2/147]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ولم يجدوا عنها مصرفاً} أي معدلاً، وقال أبو كبير الهذليّ:
أزهير هل عن شيبةٍ من مصرف.......أم لا خلود لباذلٍ متكلّف).
[مجاز القرآن: 1/407]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({مصرفا}: معدلا). [غريب القرآن وتفسيره: 231]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({فظنّوا أنّهم مواقعوها} أي علموا.
{ولم يجدوا عنها مصرفاً}: أي معدلا). [تفسير غريب القرآن: 269]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومن ذلك أن يسمّى المتضادّان باسم واحد، والأصل واحد؛ فيقال للصبح: صريم، ولليل: صريم...
ولليقين: ظنّ، لأنّ في الظن طرفا من اليقين. قال الله عز وجل: {قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ}، أي يستيقنون.
وكذلك: {إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ}، {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا}، و{إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ}، هذا كلّه في معنى (اليقين).
قال دريد بن الصّمة:
فقلتُ لهم: ظُنّوا بألفَي مُدجَّح.......سراتهم في الفارسيِّ المسرَّد
أي: تيقنوا بإتيانهم إيّاكم). [تأويل مشكل القرآن: 187-188] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {ورأى المجرمون النّار فظنّوا أنّهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا}
القراءة (ورأى)، ويجوز "وراء" المجرمون مثل وراع، كما قال كثير:
وكل خليل راءني فهو قائل.......من أجلك هذا هامة اليوم أو غد
قوله: {فظنّوا أنّهم مواقعوها} معناه أيقنوا. وقد بيّنّا ذلك.
{ولم يجدوا عنها مصرفا} أي معدلا، قال أبو كبير:
أزهير هل عن شيبة من محرف.......أم لا خلود لباذل متكلّف).
[معاني القرآن: 3/296-295]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها}
روى معمر عن قتادة قال: أيقنوا). [معاني القرآن: 4/258]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {ولم يجدوا عنها مصرفا}
قال أبو عبيدة: أي معدلا). [معاني القرآن: 4/259]

قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مصرفا}: معدلا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 144]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({مَصْرِفاً}: معدلاً). [العمدة في غريب القرآن: 190]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 10 رجب 1434هـ/19-05-2013م, 03:15 PM
الصورة الرمزية منى بكري
منى بكري منى بكري غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 1,049
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50}
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (والإضافة نحو قولك: هو أفضلهم عبداً، وعلى التمرة مثلها زبداً. فإن قال قائل: فهل يكون المضمر مقدماً؟. قيل: يكون ذاك إذا كان التفسير له لازماً. فمن ذلك قولك: إنه عبد الله منطلقٌ. وكان زيدٌ خيرٌ منك؛ لأن المعنى: إن الحديث أو إن الأمر عبد الله منطلقٌ، وكان الحديث زيد خير منك، ولهذا باب يفرد بتفسيره. قال الله عز وجل: {إنه من يأت ربه مجرماً} أي: إن الخبر.
و منها قولك في إعمال الأول والثاني: ضربوني، وضربت إخوتك؛ لأن الذي بعده من ذكره الأخوة يفسره فكذلك هذا. قال الله عز وجل: {بئس للظالمين بدلاً} وقال: {نعم العبد إنه أواب}، لأنه ذكر قبل فكذلك جميع هذا). [المقتضب: 2/142-143] (م)
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ} قال: إن كان إبليس من الملائكة فهو متصل، وإن لم يكن فهو منقطع. {كَانَ مِنَ الْجِنِّ} قال: كل ما استتر فهو من الجن الشكيمة: الخلق؛ وشكمته: أعطيته). [مجالس ثعلب: 58]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت: 291هـ): ( {فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} يقال فسق الشيء، إذا خرج من حال إلى حال، ويقال فسقت الرطبة إذا خرجت). [مجالس ثعلب: 115]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت: 291هـ): ( {إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ} قال: الجن صنف من الملائكة، وكل ما استتر يسمى جنا). [مجالس ثعلب: 146]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ (ت: 328هـ): ( ومما يفسر من كتاب الله عز وجل تفسيرين متضادين قوله: {إلا إبليس كان من الجن}، يقال: الجن الملائكة، سموا جنا لاستتارهم عن الناس، من قول العرب: قد جن عليه الليل، وأجنه وجنه، إذا ستره، قال الشاعر:
يوصل حبليه إذا الليل جنه.......ليرقى إلى جاراته في السلالم
وحدثنا محمد بن يونس، قال: حدثنا إبراهيم بن زكريا البزاز، قال: حدثنا جرير، عن ثعلبة، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير في قوله: {إلا إبليس كان من الجن}، قال: كان من حي من الملائكة، يصوغون حلية أهل الجنة.
وأخبرنا أبو الحسن بن البراء، قال: حدثنا ابن غانم وابن حميد، قالا: حدثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، عن خلاد بن عطاء، عن طاوس –أو عن مجاهد أبي الحجاج- عن ابن عباس وغيره، قالوا: كان إبليس قبل أن يركب المعصية ملكا من الملائكة، اسمه عزازيل، وكان من سكان الأرض من الملائكة يسمون الجن، ولم يكن من
الملائكة ملك أشد اجتهادا ولا أكثر علما منه، فلما تكبر على الله عز وجل، وأبى السجود لآدم وعصاه لعنه وجعله شيطانا مريدا وسماه إبليس، يقول الله عز وجل: {إلا إبليس كان من الجن فقسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا}.
قال ابن إسحاق: وقالت العرب: الجن ما استتر عن الناس ولم يظهر. وقال أصحاب هذا القول: الدليل على أن إبليس من الملائكة أن الله جل وعز استثناه معهم من سجودهم. ويدل أيضا على أن الملائكة يقال لهم جن قول الأعشى في ذكره سليمان بن داود عليهما السلام:
لو كــان شيء خالدا أو معمـــرا.......لكان سليمان البريء من الدهر
براه إلهــــــي واصطفــــاه عبـــاده.......وملكه ما بيـــن تــرنـي إلى مصــــر
وسخر من جن الملائك تسعة.......قيــــــاما لديـــه يعمـــلون بــــلا أجــر

- وحدثنا محمد بن يونس، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا شبيب بن بشر، عن عكرمة، عن ابن عباس: إنما قيل لإبليس: الجني لأنه كان من الملائكة، وأن الله خلق ملائكة، فقال لهم: {إني خالق بشرا من طين * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي
فقعوا له ساجدين}، فأبوا فأرسل الله عليهم نارا فأحرقتهم، ثم خلق ملائكة آخرين، فقال لهم مثل ما قال للأولين، فأبوا، فأرسل الله عليهم نارا فأحرقتهم، ثم خلق هؤلاء الملائكة الذين هم عنده، فقال لهم: {إني خالق بشرا من طين * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين}، فقالوا: سمعنا وأطعنا، فقال ابن عباس: فكان إبليس من الملائكة الذين حرقوا أولا. قال أبو عاصم: ثم أعاده الله ليضل به من يشاء.
وأخبرنا أحمد بن الحسين، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا سعيد بن سليمان، قال: خبرنا عباد، عن سفيان بن حسين، عن يعلى بن مسلم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كان إبليس اسمه عزازيل، وكان من أشراف الملائكة، من أولي الأربعة أجنحة، ثم أبلس بعد.
وأخبرنا محمد بن عثمان، قال: حدثنا منجاب، قال: أخبرنا بشر، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: إنما سمي إبليس إبليس لأنه أبلس من الخير كله. فقال اللغويون: هذا التفسير يشهد لمعنى إبليس وصرفه عن الخير واستحقاقه البعد منه ولا يشهد؛ لأن لفظ إبليس مأخوذ من أُبْلِس أو أَبلَس؛ لأنه لو كان كذلك كان عربيا منونا، كما يجري (إكليل)، وهو على
مثاله، فلما وحدنا الله عز وجل قال: {إلا إبليس}، فلم ينونه علمنا أنه أعجمي مجهول الاشتقاق؛ ولأن ما عرف اشتقاقه كان عربيا يلزمه من التعريب ما يلزم زيدا وعمرا وأشباههما؛ إلا أن يكون منع الإجراء للتعريف؛ وأنه اسم واقع على أولاده، وجميع جنسه فيلحق بـ (ثمود) وما أشبهه في ترك الإجراء.
وقال آخرون: ما كان إبليس من الملائكة قط، وهو أبو الجن؛ كما أن آدم أبو الإنس، فاحتج عليهم بقوله: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس}.
وبقول: {فسجد الملائكة كلهم أجمعون * إلا إبليس}، فاحتجوا بأنه لما أمر بالسجود كما أمروا فخالف وأطاعوا، أخرج من فعلهم، ونصب على الاستثناء، وهو من غير جنسهم، كما تقول العرب: سار الناس إلا الأثقال، وارتحل أهل العسكر إلا الأبنية والخيام.
وحدثنا أحمد بن الحسين، قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال خبرنا هوذة، عن عوف، عن الحسن، قال: ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين.
وقال أصحاب القول الأول: يجوز أن يكون تأويل قوله: {كان من الجن} كان ضالا؛ كما أن الجن كانوا ضلالا، فلما فعل مثل فعلهم أدخل في جملتهم؛ كما قال: {المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض}، فهذا ما انتهى إلينا، والله أعلم بحقيقة ذلك وأحكم). [كتاب الأضداد: 334-338]

تفسير قوله تعالى: {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51)}

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا (52)}

تفسير قوله تعالى: {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا (53)}
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب أن
اعلم أن أن والفعل بمنزلة المصدر. وهي تقع على الأفعال المضارعة فتنصبها، وهي صلاتها. ولا تقع مع الفعل حالاً؛ لأنها لما لم يقع في الحال، ولكن لما يستقبل.
فإن وقعت على الماضي؛ نحو: سرني أن قمت، وساءني أن خرجت كان جيداً. قال الله عز وجل: {وامرأة مؤمنةً أن وهبت نفسها للنبي} أي: لأن كان هذا فيما مضى.
فهذا كله لا يلحق الحال؛ لأن الحال لما أنت فيه.
واعلم أن هذه لا تلحق بعد كل فعل، إنما تلحق إذا كانت لما لم يقع بعد ما يكون توقعاً لا يقيناً؛ لأن اليقين ثابت. وذلك قولك: أرجو أن تقوم يا فتى، وأخاف أن تذهب يا فتى. كما قال: عز وجل: {نخشى أن تصيبنا دائرةٌ}.
ولو قلت: أعلم أن تقوم يا فتى لم يجز؛ لأن هذا شيء ثابت في علمك،فهذا من مواضع أن الثقيلة؛ نحو: أعلم أنك تقوم يا فتى.
وتقول: أظن أنك ستقوم؛ لأنه شيءٌ قد استقر في ظنك؛ كما استقر الآخر في علمك، كما قال الله تبارك اسمه: {الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم}.
فإن قيل: إن يظنون هاهنا يوقنون. فهكذا هو، ولكنها في الثبات في الظن وفي إعمالها على الوجه الآخر. إلا أنها إذا أرد بها العلم لم تكن إلا مثقلة. فإن أريد بها الشك جاز الأمران جميعاً. والتثقيل في الشك أكثر استعمالاً؛ لثباته في الظن كثبات الأخرى في العلم.
فأما الوجه الذي يجوز فيه الخفيفة فإنه متوقع غير ثابت المعرفة. قال الله عز وجل: {تظن أن يفعل بها فاقرةٌ}.
وأما {إن ظنا أن يقيما حدود الله} وقولهم: معناه: أيقنا فإنما هو شيء متوقع، الأغلب فيه ذا، إلا أنه علم ثابت؛ ألا تراه قال: {فظنوا أنهم مواقعوها} لما كان أيقنوا). [المقتضب: 2/29-30] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (والظن يكون بمعنى الشك والعلم، لأن المشكوك فيه قد يُعْلَم.
كما قيل راج للطمع في الشيء، وراج للخائف، لأن الرجاء يقتضي الخوف إذ لم يكن صاحبه منه على يقين.
...
فأول ذلك الظن. يقع على معان أربعة: معنيان متضادات: أحدهما الشك، والآخر اليقين الذي لا شك فيه.
فأما معنى الشك فأكثر من أن تحصى شواهده. وأما معنى اليقين فمنه قول الله عز وجل: {وأنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض ولن نعجزه هربا}، معناه علمنا. وقال جل اسمه: {ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها}، معناه فعلموا بغير شك، قال دريد، وأنشدناه أبو العباس:
فقلت لهم ظنوا بألفى مقاتل.......سراتهم في الفارسي المسرد
معناه تيقنوا ذلك، وقال الآخر:
بأن تغتزوا قومي وأقعد فيكم.......وأجعل مني الظن غيبا مرجما
معناه: وأجعل مني اليقين غيبا. وقال عدي بن زيد:
أسمد ظني إلى المليك ومن.......يلجأ إليه فلم ينله الضر
معناه أسند علمي ويقيني.
وقال الآخر:

رب هم فرجته بعزيم.......وغيوب كشفتها بظنون
معناه: كشفتها بيقين وعلم ومعرفة؛ والبيت لأبي داود.
وقال أوس بن حجر:
فأرسلته مستيقن الظن أنه.......مخالط ما بين الشراسيف جائف
معناه: مستيقن العلم.
والمعنيان اللذان ليسا متضادين: أحدهما الكذب، والآخر التهمة، فإذا كان الظن بمعنى الكذب قلت: ظن فلان، أي كذب، قال الله عز وجل: {إن هم إلا يظنون}، فمعناه: إن هم إلا يكذبون؛ ولو كان على معنى الشك لاستوفى منصوبيه، أو ما يقوم مقامهما.
وأما معنى التهمة فهو أن تقول: ظننت فلانا، فتستغني عن الخبر، لأنك اتهمته، ولو كان بمعنى الشك المحض لم يقتصر به على منصوب واحد.
ويقال: فلان عندي ظنين، أي متهم، وأصله «مظنون»، فصرف عن «مفعول» إلى «فعيل»، كما قالوا: مطبوخ وطبيخ، قال الشاعر:
وأعصي كل ذي قربى لحاني.......بجنبك فهو عندي كالظنين
وقال الله عز وجل: {وما هو على الغيب بظنين}، فيجوز أن يكون معناه «بمتهم». ويجوز أن يكون معناه «بضعيف»، من قول العرب: وصل فلان ظنون، أي ضعيف، فيكون الأصل فيه: وما هو على الغيب بظنون، فقلبوا الواو ياء، كما قالوا: ناقة طعوم وطعيم، للتي بين الغثة والسمينة؛ في حروف كثيرة يطول تعديدها وإحصاؤها.
وقال أبو العباس: إنما جاز أن يقع الظن على الشك واليقين؛ لأنه قول بالقلب؛ فإذا صحت دلائل الحق، وقامت أماراته كان يقينا، وإذا قامت دلائل الشك وبطلت دلائل اليقين كان كذبا، وإذا اعتدلت دلائل اليقين والشك كان على بابه شكا لا يقينا ولا كذبا.). [كتاب الأضداد: 14-16] (م)

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 16 ذو القعدة 1439هـ/28-07-2018م, 10:07 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 16 ذو القعدة 1439هـ/28-07-2018م, 10:07 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 16 ذو القعدة 1439هـ/28-07-2018م, 10:11 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ۚ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم} الآية، هذه الآية مضمنها تقريع الكفرة وتوقيفهم على خطابهم في ولايتهم العدو دون الذي أنعم بكل نعمه على العموم، صغيرها وكبيرها، وتقدير الكلام: واذكر إذ قلنا وتكررت هذه العبارة حيث تكررت هذه القصة إذ هي توطئة النازلة، فأما ذكر النازلة هنا فمقدمة للتوبيخ، وذكرها في البقرة إعلام بمبادئ الأمور.
واختلف المتأولون في السجود لآدم فقالت فرقة: هو السجود المعروف ووضع الوجه بالأرض، جعله الله تعالى من الملائكة عبادة له وتكرمة لآدم، فهذا كالصلاة للكعبة. وقالت فرقة: بل كان إيماء منهم نحو الأرض، وذلك يسمى سجودا; لأن السجود في كلام العرب عبارة عن غاية التواضع، ومنه قول الشاعر:
ترى الأكم فيه سجدا للحوافر
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا جائز أن يكلفه الخالق للفاضل، وجائز أن يتكلفه الفاضل للفاضل، ومنه قول
[المحرر الوجيز: 5/617]
النبي صلى الله عليه وسلم: "قوموا إلى سيدكم"، ومنه تقبيل أبي عبيدة بن الجراح يد عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين تلقاه في سفر إلى الشام، ذكره سعيد بن منصور في مصنفه.
وقوله تعالى: {إلا إبليس}، قالت فرقة: هو استثناء منقطع; لأن إبليس ليس من الملائكة، بل هو من الجن وهم الشياطين المخلوقون من مارج من نار، وجميع الملائكة إنما خلقوا من نور، واختلفت هذه الفرقة -فقال بعضها: إبليس من الجن، وهو أولهم وبدأتهم، كآدم من الإنس، وقالت فرقة: بل كان إبليس وقبيله جنا، لكن جميع الشياطين اليوم من ذريته، فهو كنوح في الإنس، احتجوا بهذه الآية، وتعنيف إبليس على عصيانه يقتضي أنه أمر مع الملائكة.
وقالت فرقة: إن الاستثناء متصل، وإبليس من قبيل الملائكة خلقوا من نار، فإبليس من الملائكة، وعبر عن الملائكة بالجن من حيث هم مستترون، فهي صفة تعم الملائكة والشياطين، وقال بعض هذه الفرقة: كان في الملائكة صنف يسمى الجن، وكانوا في السماء الدنيا وفي الأرض، وكان إبليس مدبر أمرهم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ولا خلاف أن إبليس كان من الملائكة في المعنى; إذ كان متصرفا بالأمر والنهي مرسلا، والملك مشتق من المألكة وهي الرسالة، فهو في عداد الملائكة يتناوله قوله: "اسجدوا"، وفي سورة البقرة وسورة الأعراف استيعاب هذه الأمور.
وقوله تعالى: "ففسق" معناه: فخرج وانتزح، وقال رؤبة:
يهوين في نجد وغور غائرا ... فواسقا عن قصدها جوائرا
[المحرر الوجيز: 5/618]
ومنه يقال: "فسقت الرطبة" إذا خرجت من قشرتها، و"فسقت الفأرة" إذا خرجت من جحرها، وجميع هذا الخروج المستعمل في هذه الأمثلة إنما هو في فساد، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم" إنما هن مفسدات.
وقوله تعالى: {عن أمر ربه}، يحتمل أن يريد: خرج عن أمر ربه إياه، أي فارقه، كما يفعل الخارج عن طريق واحد، أي: منه، ويحتمل أن يريد: فخرج عن الطاعة بعد أمر ربه بها، و"عن" قد تجيء بمعنى "بعد" في مواضع كثيرة، كقولك: "أطعمته عن جوع"، ونحوه، فكأن المعنى: فسق بسبب أمر ربه بأن يطيع، ويحتمل أن يريد: فخرج بأمر ربه، أي بمشيئته ذلك له، ويعبر عن المشيئة بالأمر; إذ هي أحد الأمور، وهذا كما تقول: فعلت ذلك عن أمرك، أي بجدك وبحسب مرادك.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما في قصص هذه الآية: كان إبليس من أشرف صنف، وكان له سلطان السماء وسلطان الأرض، فلما عصى صارت حاله إلى ما تسمعون. وقال بعض العلماء: إذا كانت خطيئة المرء من الخطإ فلترجه كآدم، وإذا كانت من الكفر فلا ترجه كإبليس.
ثم وقف عز وجل الكفرة - على جهة التوبيخ - بقوله: "أفتتخذونه"، يريد: أفتتخذون إبليس، وقوله: "وذريته" ظاهر اللفظ يقتضي الموسوسين من الشياطين الذين يأمرون بالمنكر ويحملون على الباطل. وذكر الطبري أن مجاهدا قال: ذرية إبليس الشياطين، وكان يعدهم: "زلنبور" صاحب الأسواق، يضع رايته في كل سوق،
[المحرر الوجيز: 5/619]
و"تبن" صاحب المصائب، و"الأعور" صاحب الرياء، و"مسوط" صاحب الأخبار، يأتي بها فيلقيها في أفواه الناس ولا يجدون لها أصلا، و"داسم" الذي إذا دخل الرجل بيته فلم يسلم ولم يذكر اسم الله بصره من المتاع ما لم يرفع.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا وما جانسه مما لم يأت به خبر صحيح فلذلك اختصرته. وقد طول النقاش في هذا المعنى، وجلب حكايات تبعد من الصحة، فتركتها إيجازا، ولم يمر بي في هذا صحيح إلا ما في كتاب مسلم من أن للوضوء والوسوسة شيطانا يسمى "خنزب"، وذكر الترمذي أن للوضوء شيطانا يسمى "الولهان"، والله أعلم بتفاصيل هذه الأمور، لا رب غيره.
وقوله تعالى: {وهم لكم عدو} أي: أعداء، فهو اسم الجنس.
وقوله: {بئس للظالمين بدلا}، أي: بدل ولاية الله عز وجل بولاية إبليس وذريته، وذلك هو التعوض من الجن بالباطل، وهذا هو نفس الظلم لأنه وضع الشيء في غير موضعه). [المحرر الوجيز: 5/620]

تفسير قوله تعالى: {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا ويوم يقول نادوا شركائي الذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقا ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل وكان الإنسان أكثر شيء جدلا}
الضمير في "أشهدتهم" عائد على الكفار، وعلى الناس بالجملة، فتتضمن الآية الرد على طوائف من المنجمين وأهل الطبائع والمتحكمين من الأطباء وسواهم من كل متخرص في هذه الأشياء. وحدثني أبي رضي الله عنه قال: سمعت الفقيه أبا عبد الله محمد بن معاذ المهدوي بالمهدية يقول: سمعت عبد الحق الصقلي يقول هذا القول، ويتأول هذا
[المحرر الوجيز: 5/620]
التأويل في هذه الآية، وأنها رادة على هذه الطوائف.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وذكر هذا بعض الأصوليين. وقيل: الضمير في "أشهدتهم" عائد على ذرية إبليس، فهذه الآية -على هذا- تتضمن تحقيرهم. والقول الأول أعظم فائدة، وأقول: إن الغرض المقصود أولا بالآية هم إبليس وذريته، وبهذا الوجه يتجه الرد على الطوائف المذكورة، وعلى الكهان والعرب المصدقين لهم والمعظمين للجن حين يقولون: أعوذ بعزيز هذا الوادي، إذ الجميع من هذه الفرق متعلقون بإبليس وذريته، وهم أضلوا الجميع، فهم المراد الأول بالمضلين، وتندرج هذه الطوائف في معناهم.
وقرأ الجمهور: "أشهدتهم"، وقرأ أبو جعفر وعوف العقيلي، وأيوب السختياني: "أشهدناهم"، وقرأ الجمهور: "وما كنت" وقرأ أبو جعفر والجحدري، والحسن بخلاف-: "وما كنت"، والصفة بـ "المضلين" تترتب في الطوائف المذكورة، وفي ذرية إبليس لعنه الله. و"العضد" استعارة للمعين والمؤازر، وهو تشبيه بعضد الإنسان الذي يستعين به. وقرأ الجمهور: "عضدا" بفتح العين وضم الضاد، وقرأ أبو عمرو، والحسن بضمهما، وقرأ الضحاك بكسر العين وفتح الضاد، وقرأ عكرمة: "عضدا" بضم العين وسكون الضاد، وقرأ عيسى بن عمر: "عضدا" بفتح العين والضاد، وفيه لغات غير هذا لم يقرأ بها). [المحرر الوجيز: 5/621]

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا (52)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله تعالى: {ويوم يقول}، الآية وعيد، والمعنى: واذكر يوم، وقرأ طلحة، ويحيى، والأعمش، وحمزة: "نقول" بنون العظمة، وقرأ الجمهور بالياء، أي: "يقول" الله تعالى للكفار الذين أشركوا به من الدنيا سواه: نادوا شركائي على وجه الاستغاثة بهم، وقوله: "شركائي"، أي: على دعواكم أيها المشركون، وقد بين هذا بقوله: {الذين زعمتم}. وقرأ ابن كثير وأهل مكة: "شركائي" بياء مفتوحة، وقرأ الجمهور: "شركائي" بهمزة، فمنهم من حققها، ومنهم من خففها، و"الزعم" إنما هو مستعمل أبدا في غير اليقين، بل أغلبه في الكذب، ومنه هذه الآية، وأرفع مواضعه أن تستعمل "زعم" بمعنى "أخبر" حيث تلقي عهدة الخبر على المخبر، كما يقول سيبويه
[المحرر الوجيز: 5/621]
رحمه الله: "زعم الخليل"، وقوله تعالى: {فدعوهم فلم يستجيبوا لهم} ظاهره أن ذلك يقع حقيقة، ويحتمل أن يكون استعارة، كأن فكرة الكفار ونظرهم في أن تلك الجمادات لا تغني شيئا ولا تنفع هي بمنزلة الدعاء وترك الإجابة، والأول أبين.
واختلف المتأولون في قوله تعالى: "موبقا" قال عبد الله بن عمرو، وأنس بن مالك، ومجاهد: هو واد في جهنم يجري بدم وصديد، قال أنس رضي الله عنه: يحجز بين أهل النار وبين المؤمنين، فقوله -على هذا-: "بينهم" ظرف. وقال الحسن: "موبقا": عداوة، و"بينهم" -على هذا- ظرف. وبعض هذه الفرقة يرى أن الضمير في قوله تعالى: "بينهم" يعود على المؤمنين والكافرين، ويحتمل أن يعود على المشركين ومعبوداتهم في الدنيا، وأما التأويل الأول فالضمير فيه عائد على المشركين ومعبوداتهم. وقال ابن عباس رضي الله عنهما "موبقا" معناه: مهلكا، بمنزلة: موضع، وهو من قولك: وبق الرجل وأوبقه غيره إذا أهلكه، فقوله تعالى: "بينهم" -على هذا التأويل- يصح أن يكون ظرفا، والأظهر فيه أن يكون اسما بمعنى: وجعلنا تواصهم أمرا مهلكا لهم، ويكون "بينهم" مفعولا أولا لـ "جعلنا". وعبر بعضهم عن "الموبق" بالوعيد، وهذا ضعيف). [المحرر الوجيز: 5/622]

تفسير قوله تعالى: {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا (53)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخبر عز وجل عن رؤية المجرمين النار، ومعاينتهم لها، ووقوع العلم لهم بأنهم مباشروها، وأطلق الناس أن "الظن" هنا بمعنى اليقين.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ولو قال تعالى بدل "ظنوا": "أيقنوا" لكان الكلام متسقا على مبالغة فيه، ولكن العبارة بالظن لا تجيء أبدا في موضع يقين تام قد ناله الحس، بل أعظم درجاته أن يجيء في موضع علم متحقق لكنه لم يقع ذلك المظنون، وإلا فما يقع ويحس لا يكاد يوجد في كلام العرب العبارة عنه بالظن، وتأمل هذه الآية، وتأمل قول دريد:
فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج.
[المحرر الوجيز: 5/622]
وقرأ الأعمش: "فظنوا أنهم ملاقوها"، وكذلك في مصحف ابن مسعود، وحكى أبو عمرو الداني عن علقمة أنه قرأ: "ملافوها" بالفاء مشددة، من لففت. وروى أبو سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الكافر ليرى جهنم ويظن أنها مواقعته من مسيرة أربعين سنة". و"المصرف": المعدل، ومنه قول أبي كبير الهذلي:
أزهير هل عن شيبة من مصرف ... أم لا خلود لباذل متكلف
وهو مأخوذ من الانصراف من شيء إلى شيء). [المحرر الوجيز: 5/623]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 2 محرم 1440هـ/12-09-2018م, 06:45 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 2 محرم 1440هـ/12-09-2018م, 06:48 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجنّ ففسق عن أمر ربّه أفتتّخذونه وذرّيّته أولياء من دوني وهم لكم عدوٌّ بئس للظّالمين بدلا (50)}
يقول تعالى منبّهًا بني آدم على عداوة إبليس لهم ولأبيهم من قبلهم، ومقرّعًا لمن اتّبعه منهم وخالف خالقه ومولاه، الّذي أنشأه وابتداه، وبألطافٍ رزقه وغذّاه، ثمّ بعد هذا كلّه والى إبليس وعادى اللّه، فقال تعالى: {وإذ قلنا للملائكة} أي: لجميع الملائكة، كما تقدّم تقريره في أوّل سورة "البقرة".
{اسجدوا لآدم} أي: سجود تشريفٍ وتكريمٍ وتعظيمٍ، كما قال تعالى: {وإذ قال ربّك للملائكة إنّي خالقٌ بشرًا من صلصالٍ من حمإٍ مسنونٍ فإذا سوّيته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين} [الحجر:29، 28]
وقوله {فسجدوا إلا إبليس كان من الجنّ} أي: خانه أصله؛ فإنّه خلق من مارجٍ من نارٍ، وأصل خلق الملائكة من نورٍ، كما ثبت في صحيح مسلمٍ عن عائشة، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم، أنه قال: "خلقت الملائكة من نورٍ، وخلق إبليس من مارج من نار، خلق آدم ممّا وصف لكم". فعند الحاجة نضح كلّ وعاءٍ بما فيه، وخانه الطّبع عند الحاجة، وذلك أنّه كان قد توسّم بأفعال الملائكة وتشبّه بهم، وتعبّد وتنسّك، فلهذا دخل في خطابهم، وعصى بالمخالفة.
ونبّه تعالى هاهنا على أنّه {من الجنّ} أي: إنّه خلق من نارٍ، كما قال: {أنا خيرٌ منه خلقتني من نارٍ وخلقته من طينٍ} [الأعراف:12، ص:76]
قال الحسن البصريّ: ما كان إبليس من الملائكة طرفة عينٍ قط، وإنّه لأصل الجنّ، كما أنّ آدم، عليه السّلام، أصل البشر. رواه ابن جرير بإسناد صحيح [عنه] .
وقال الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: كان إبليس من حيٍّ من أحياء الملائكة، يقال لهم: الجنّ، خلقوا من نار السّموم من بين الملائكة -قال: وكان اسمه الحارث، وكان خازنًا من خزّان الجنّة، وخلقت الملائكة من نورٍ غير هذا الحيّ-قال: وخلقت الجنّ الّذين ذكروا في القرآن من مارجٍ من نارٍ. وهو لسان النّار الّذي يكون في طرفها إذا التهبت.
وقال الضّحّاك أيضًا، عن ابن عبّاسٍ: كان إبليس من أشرف الملائكة وأكرمهم قبيلةً، وكان خازنًا على الجنان، وكان له سلطان [السّماء] الدّنيا وسلطان الأرض، وكان ممّا سوّلت له نفسه، من قضاء اللّه أنّه رأى أنّ له بذلك شرفًا على أهل السّماء، فوقع من ذلك في قلبه كبرٌ لا يعلمه إلّا اللّه. فاستخرج اللّه ذلك الكبر منه حين أمره بالسّجود لآدم "فاستكبر، وكان من الكافرين. قال ابن عبّاسٍ: وقوله: {كان من الجنّ} أي: من خزّان [الجنان، كما يقال للرّجل: مكّيٌّ، ومدنيٌّ، وبصريٌّ، وكوفيٌّ. وقال ابن جريجٍ، عن ابن عبّاسٍ، نحو ذلك.
وقال سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ قال: هو من خزّان] الجنّة، وكان يدبّر أمر السّماء الدّنيا، رواه ابن جريرٍ من حديث الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابتٍ، عن سعيد، به.
وقال سعيد بن المسيّب: كان رئيس ملائكة سماء الدّنيا.
وقال ابن إسحاق، عن خلاد بن عطاءٍ، عن طاوسٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: كان إبليس -قبل أن يركب المعصية-من الملائكة، اسمه عزازيل، وكان من سكّان الأرض. وكان من أشدّ الملائكة اجتهادًا وأكثرهم علمًا. فذلك دعاه إلى الكبر، وكان من حيٍّ يسمّون جنًّا.
وقال ابن جريج، عن صالحٍ مولى التّوأمة وشريك بن أبي نمر، أحدهما أو كلاهما عن ابن عبّاسٍ قال: إنّ من الملائكة قبيلةً من الجنّ، وكان إبليس منها، وكان يسوس ما بين السّماء والأرض. فعصى، فسخط اللّه عليه، فمسخه شيطانًا رجيمًا -لعنه اللّه-ممسوخًا، قال: وإذا كانت خطيئة الرّجل في كبر فلا ترجه، وإذا كانت في معصيةٍ فارجه.
وعن سعيد بن جبير أنّه قال: كان من الجنّانين، الّذين يعملون في الجنّة.
وقد روي في هذا آثارٌ كثيرةٌ عن السّلف، وغالبها من الإسرائيليّات الّتي تنقل لينظر فيها، واللّه أعلم بحال كثيرٍ منها. ومنها ما قد يقطع بكذبه لمخالفته للحقّ الّذي بأيدينا، وفي القرآن غنيةٌ عن كلّ ما عداه من الأخبار المتقدّمة؛ لأنّها لا تكاد تخلو من تبديلٍ وزيادةٍ ونقصانٍ، وقد وضع فيها أشياءٌ كثيرةٌ، وليس لهم من الحفّاظ المتقنين الّذين ينفون عنها تحريف الغالين وانتحال المبطلين، كما لهذه [الأمّة من] الأئمّة والعلماء، والسّادة الأتقياء والأبرار والنّجباء من الجهابذة النّقّاد، والحفاظ الجياد، الّذين دوّنوا الحديث وحرّروه، وبيّنوا صحيحه من حسنه، من ضعيفه، من منكره وموضوعه، ومتروكه ومكذوبه، وعرفوا الوضّاعين والكذّابين والمجهولين، وغير ذلك من أصناف الرّجال، كلّ ذلك صيانةً للجناب النّبويّ والمقام المحمّديّ، خاتم الرّسل، وسيّد البشر [عليه أفضل التّحيّات والصّلوات والتّسليمات]، أن ينسب إليه كذبٌ، أو يحدّث عنه بما ليس [منه]، فرضي اللّه عنهم وأرضاهم، وجعل جنّات الفردوس مأواهم، وقد فعل.
وقوله: {ففسق عن أمر ربّه} أي: فخرج عن طاعة اللّه؛ فإنّ الفسق هو الخروج، يقال فسقت الرّطبة: إذا خرجت من أكمامها وفسقت الفأرة من جحرها: إذا خرجت منه للعيث والفساد.
ثمّ قال تعالى مقرّعًا وموبّخًا لمن اتّبعه وأطاعه: {أفتتّخذونه وذرّيّته أولياء من دوني} أي: بدلًا عنّي؛ ولهذا قال: {بئس للظّالمين بدلا}
وهذا المقام كقوله بعد ذكر القيامة وأهوالها ومصير كلٍّ من الفريقين السّعداء والأشقياء في سورة يس: {وامتازوا اليوم أيّها المجرمون ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشّيطان إنّه لكم عدوٌّ مبينٌ. وأن اعبدوني هذا صراطٌ مستقيمٌ. ولقد أضلّ منكم جبلا كثيرًا أفلم تكونوا تعقلون} [يس: 59 -62]). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 167-169]

تفسير قوله تعالى: {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ما أشهدتهم خلق السّماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متّخذ المضلّين عضدًا (51)}
يقول تعالى: هؤلاء الّذين اتّخذتموهم أولياء من دوني عبيدٌ أمثالكم، لا يملكون شيئًا، ولا أشهدتهم خلقي للسّموات والأرض، ولا كانوا إذ ذاك موجودين، يقول تعالى: أنا المستقلّ بخلق الأشياء كلّها، ومدبّرها ومقدّرها وحدي، ليس معي في ذلك شريكٌ ولا وزيرٌ، ولا مشيرٌ ولا نظيرٌ، كما قال: {قل ادعوا الّذين زعمتم من دون اللّه لا يملكون مثقال ذرّةٍ في السّماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شركٍ وما له منهم من ظهيرٍ ولا تنفع الشّفاعة عنده إلا لمن أذن له} الآية [سبإٍ: 23، 22]؛ ولهذا قال: {وما كنت متّخذ المضلّين عضدًا} قال مالكٌ: أعوانًا). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 169]

تفسير قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا (52)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ويوم يقول نادوا شركائي الّذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقًا (52) ورأى المجرمون النّار فظنّوا أنّهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفًا (53)}
يقول تعالى مخبرًا عمّا يخاطب به المشركين يوم القيامة على رؤوس الأشهاد تقريعًا لهم وتوبيخًا:{نادوا شركائي الّذين زعمتم} أي: في دار الدّنيا، ادعوهم اليوم، ينقذونكم ممّا أنتم فيه، كما قال تعالى: {ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أوّل مرّةٍ وتركتم ما خوّلناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الّذين زعمتم أنّهم فيكم شركاء لقد تقطّع بينكم وضلّ عنكم ما كنتم تزعمون} [الأنعام:94].
وقوله: {فدعوهم فلم يستجيبوا لهم}] كما قال: {وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم [ورأوا العذاب لو أنّهم كانوا يهتدون} [القصص:64]، وقال {ومن أضلّ ممّن يدعو من دون اللّه من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر النّاس كانوا لهم أعداءً وكانوا بعبادتهم كافرين} [الأحقاف:5، 6]، قال تعالى: {واتّخذوا من دون اللّه آلهةً ليكونوا لهم عزًّا كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدًّا} [مريم:82، 81]
وقوله: {وجعلنا بينهم موبقًا} قال ابن عبّاسٍ، وقتادة وغير واحدٍ: مهلكًا.
وقال قتادة: ذكر لنا أنّ عمرًا البكاليّ حدّث عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: هو وادٍ عميقٌ، فرق به يوم القيامة بين أهل الهدى وأهل الضّلالة.
وقال قتادة: {موبقًا} واديًا في جهنّم.
وقال ابن جريرٍ: حدّثني محمّد بن سنان القزّاز، حدّثنا عبد الصّمد، حدّثنا يزيد بن درهمٍ سمعت أنس بن مالكٍ يقول في قول اللّه تعالى: {وجعلنا بينهم موبقًا} قال: وادٍ في جهنّم، من قيحٍ ودمٍ.
وقال الحسن البصريّ: {موبقًا}: عداوةً.
والظّاهر من السّياق هاهنا: أنّه المهلك، ويجوز أن يكون واديًا في جهنّم أو غيره، إلّا أنّ اللّه تعالى أخبر أنّه لا سبيل لهؤلاء المشركين، ولا وصول لهم إلى آلهتهم الّتي كانوا يزعمون في الدّنيا، وأنّه يفرّق بينهم وبينها في الآخرة، فلا خلاص لأحدٍ من الفريقين إلى الآخر، بل بينهما مهلكٌ وهولٌ عظيمٌ وأمرٌ كبيرٌ.
وأمّا إن جعل الضّمير في قوله: {بينهم} عائدًا إلى المؤمنين والكافرين، كما قال عبد اللّه بن عمرٍو: إنّه يفرّق بين أهل الهدى والضّلالة به، فهو كقوله تعالى: {ويوم تقوم السّاعة يومئذٍ يتفرّقون} [الرّوم:14]، وقال {يومئذٍ يصّدّعون} [الرّوم:43]، وقال تعالى: {وامتازوا اليوم أيّها المجرمون} [يس:59]، وقال تعالى: {ويوم نحشرهم جميعًا ثمّ نقول للّذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيّلنا بينهم وقال شركاؤهم ما كنتم إيّانا تعبدون فكفى باللّه شهيدًا بيننا وبينكم إن كنّا عن عبادتكم لغافلين هنالك تبلو كلّ نفسٍ ما أسلفت وردّوا إلى اللّه مولاهم الحقّ وضلّ عنهم ما كانوا يفترون} [يونس:28 -30]).[تفسير القرآن العظيم: 5/ 169-170]

تفسير قوله تعالى: {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا (53)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ورأى المجرمون النّار فظنّوا أنّهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفًا} أي: إنّهم لمّا عاينوا جهنّم حين جيء بها تقاد بسبعين ألف زمامٍ، مع كلّ زمامٍ سبعون ألف ملكٍ، فإذا رأى المجرمون النّار، تحقّقوا لا محالة أنّهم مواقعوها، ليكون ذلك من باب تعجيل الهمّ والحزن لهم، فإنّ توقّع العذاب والخوف منه قبل وقوعه، عذابٌ ناجزٌ.
{ولم يجدوا عنها مصرفًا} أي: ليس لهم طريقٌ يعدل بهم عنها ولا بدّ لهم منها.
قال ابن جريرٍ: حدّثني يونس، أخبرنا ابن وهبٍ، أخبرني عمرو بن الحارث، عن درّاج عن أبي الهيثم، عن أبي سعيدٍ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "إنّ الكافر يرى جهنّم، فيظنّ أنّها مواقعته من مسيرة أربعين سنةً"
وقال الإمام أحمد: حدّثنا حسنٌ، حدّثنا ابن لهيعة، حدّثنا درّاجٍ، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيدٍ الخدريّ قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلّم: "ينصب الكافر مقدار خمسين ألف سنةٍ، كما لم يعمل في الدّنيا، وإنّ الكافر ليرى جهنّم، ويظنّ أنّها مواقعته من مسيرة أربعين سنة"). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 171]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:46 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة