العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة مريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 10:03 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير سورة مريم [ من الآية (12) إلى الآية (15) ]

{يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12) وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا (13) وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا (14) وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (15)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 10:04 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف


تفسير قوله تعالى: (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا معمر، وسألته عن هذه الآية: {وآتيناه الحكم صبيًا} [سورة مريم: 12]، قال: بلغنا أن الصبيان قالوا ليحيى: اذهب بنا نلعب، قال: ما للعب خلقنا). [الزهد لابن المبارك: 2/476]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وقال لي مالك في قول الله: {وآتيناه الحكم صبيا}، وقال: [عـ ........ .. ] جئتكم بالكتاب والحكمة؛ قال مالك: الحكمة طاعة الله والإتيان ....... والفقه في الدين والعمل به.

قال مالك: ومما يبين ذلك أنك تجد رجلا عاقلا في أمر الدنيا ذا نظر فيها ضعيفا في أمر الله وآخره، وتجد آخر ضعيفاً في أمر دنياه عالما بأمر دينه بصيرا به يؤتيه الله إياه ويحرمه هذا ، فالحكمة: الفقه في دين الله). [الجامع في علوم القرآن: 2/130-131]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر جاء غلمان إلى يحيى بن زكريا فقالوا اذهب بنا نلعب فقال ما للعب خلقت قال وذلك قوله تعالى وآتيناه الحكم صبيا). [تفسير عبد الرزاق: 1/120]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (وسمعت معمرا يقول قال الصبيان ليحيى اذهب بنا نلعب فقال ما للعب خلقت قال فأنزل الله عز و جل {وآتيناه الحكم صبيا}). [تفسير عبد الرزاق: 2/4]

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا يحيى خذ الكتاب بقوّةٍ وآتيناه الحكم صبيًّا (12) وحنانًا من لدنّا وزكاةً وكان تقيًّا}.
يقول تعالى ذكره: فولد لزكريّا يحيى، فلمّا ولد، قال اللّه له: يا يحيى، خذ هذا الكتاب بقوّةٍ، يعني كتاب اللّه الّذي أنزله على موسى وهو التّوراة بقوّةٍ، يقول: بجدٍّ. كما؛
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {خذ الكتاب بقوّةٍ} قال: بجدٍّ.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {خذ الكتاب بقوّةٍ} قال: بجدٍّ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
وقال ابن زيدٍ في ذلك ما؛
- حدّثني به، يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {يا يحيى خذ الكتاب بقوّةٍ} قال: القوّة: أن يعمل ما أمره اللّه به، ويجانب فيه ما نهاه اللّه.
قال أبو جعفرٍ: وقد بيّنت معنى ذلك بشواهده فيما مضى من كتابنا هذا، في سورة آل عمران، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع.
وقوله: {وآتيناه الحكم صبيًّا} يقول تعالى ذكره: وأعطيناه الفهم لكتاب اللّه في حال صباه قبل بلوغه أسنان الرّجال. وقد؛
- حدّثنا أحمد بن منيعٍ، قال: حدّثنا عبد اللّه بن المبارك، قال: أخبرني معمرٌ، ولم يذكره عن أحدٍ، في هذه الآية {وآتيناه الحكم صبيًّا} قال: بلغني أنّ الصّبيان قالوا ليحيى: اذهب بنا نلعب، فقال: ما للّعب خلقت، فأنزل اللّه: {وآتيناه الحكم صبيًّا} ). [جامع البيان: 15/473-474]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد يا يحيى خذ الكتاب بقوة يعني بجد في طاعة الله عز وجل). [تفسير مجاهد: 384]

قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، ثنا أحمد بن عبدٍ الجبّار العطارديّ، ثنا يونس بن بكيرٍ، عن محمّد بن إسحاق، قال: حدّثني يحيى بن سعيدٍ، عن سعيد بن المسيّب، حدّثني عمرو بن العاص رضي اللّه عنه، أنّه سمع رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، يقول: «كلّ بني آدم يأتي يوم القيامة وله ذنبٌ إلّا ما كان من يحيى بن زكريّا» قال: ثمّ دلّى رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يده إلى الأرض فأخذ عودًا صغيرًا ثمّ قال: «وذلك أنّه لم يكن له ما للرّجال إلّا مثل هذا العود لذلك سمّاه اللّه سيّدًا وحصورًا ونبيًّا من الصّالحين» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط مسلمٍ ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/404]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 12 - 15.
أخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {يا يحيى خذ الكتاب بقوة} قال: بجد {وآتيناه الحكم صبيا} قال: الفهم). [الدر المنثور: 10/21]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {خذ الكتاب بقوة} يقول: اعمل بما فيه من فرائضه). [الدر المنثور: 10/21]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن مالك بن دينار قال: سألنا عكرمة عن قوله: {وآتيناه الحكم صبيا} قال: اللب). [الدر المنثور: 10/21]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو نعيم، وابن مردويه والديلمي عن ابن عباس عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله: {وآتيناه الحكم صبيا} قال: أعطي الفهم والعبادة وهو ابن سبع سنين). [الدر المنثور: 10/21]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وآتيناه الحكم صبيا} قال: وهو ابن ثلاث سنين). [الدر المنثور: 10/22]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد في الزهد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والخرائطي، وابن عساكر عن معمر بن راشد في قوله: {وآتيناه الحكم صبيا} قال: بلغني أن الصبيان قالوا ليحيى بن زكريا: اذهب بنا نلعب قال: ما للعب خلقت، فهو قوله: {وآتيناه الحكم صبيا} ). [الدر المنثور: 10/22]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد من طريق معمر عن قتادة قال: جاء الغلمان إلى يحيى بن زكريا فقال: ما للعب خلقت، قال: فأنزل الله {وآتيناه الحكم صبيا}، وأخرجه ابن عساكر عن معاذ بن جبل مرفوعا). [الدر المنثور: 10/22]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم في تاريخه من طريق سهل بن سعيد عن الضحاك عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال الغلمان ليحيى بن زكريا: اذهب بنا نلعب فقال يحيى: ما للعب خلقنا اذهبوا نصلي، فهو قول الله: {وآتيناه الحكم صبيا} ). [الدر المنثور: 10/22]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ القرآن قبل أن يحتلم فقد أوتي الحكم صبيا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس موقوفا). [الدر المنثور: 10/23]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر عن ابن عباس في قوله: {ذكر رحمة ربك عبده زكريا} قال: ذكره الله برحمته منه حيث دعاه {إذ نادى ربه نداء خفيا} يعني دعا ربه دعاء خفيا في الليل لا يسمع أحدا أو يسمع أذنيه، فقال: {رب إني وهن العظم مني} يعني ضعف العظم مني {واشتعل الرأس شيبا} يعني غلب البياض السواد {ولم أكن بدعائك رب شقيا} أي لم أدعك قط فخيبتني فيما مضى فتخيبني فيما بقي فكما لم اشق بدعائي فيما مضى فكذلك لا أشقى فيما بقي عودتني الإجابة من نفسك، {وإني خفت الموالي من ورائي} فلم يبق لي وارث وخفت العصبة أن ترثني {فهب لي من لدنك وليا} يعني من عندك وليا {يرثني} يعني يرث محرابي وعصاي وبرنس العربان وقلمي الذي أكتب به الوحي {ويرث من آل يعقوب} النبوة {واجعله رب رضيا} يعني مرضيا عندك زاكيا بالعمل فاستجاب الله له فكان قد دخل في السن هو وامرأته، فبينا هو قائم يصلي في المحراب حيث يذبح القربان إذا هو برجل عليه البياض حياله وهو جبريل فقال: {يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى} هو اسم من أسماء الله اشتق من حي سماه الله فوق عرشه {لم نجعل له من قبل سميا} لم يجعل لزكريا من قبل يحيى ولد له {هل تعلم له سميا} يعني هل تعلم له ولدا ولم يكن لزكريا قبله ولد ولم يكن قبل يحيى أحد يسمى يحيى قال: وكان اسمه حيا فلما وهب الله لسارة إسحاق فكان اسمها يسارة ويسارة من النساء التي لا تلد وسارة من النساء: الطالقة الرحم التي تلد فسماها الله سارة وحول الياء من سارة إلى حي فسماه يحيى فقال: {رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا} خاف أنها لا تلد، قال: {كذلك قال ربك} يا زكريا {هو علي هين وقد خلقتك من قبل} أن أهب لك يحيى {ولم تك شيئا} وكذلك أقدر على أن أخلق من الكبير والعاقر، وذلك أن إبليس أتاه فقال: يا زكريا دعاؤك كان خفيا فأجبت بصوت رفيع وبشرت بصوت عال ذلك صوت من الشيطان ليس من جبريل ولا من ربك، {قال رب اجعل لي آية} حتى أعرف أن هذه البشرى منك، {قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال} يعني صحيحا من غير خرس، فحاضت زوجته فلما طهرت طاف عليها فاستحملت فأصبح لا يتكلم وكان إذا أراد التسبيح والصلاة أطلق الله لسانه فإذا أراد أن يكلم الناس أعتقل لسانه فلا يستطيع أن يتكلم وكانت عقوبة له لأنه بشر بالولد فقال: {أنى يكون لي غلام} فخاف أن يكون الصوت من غير الله {فخرج على قومه من المحراب} يعني من مصلاه الذي كان يصلي فيه، فأوحى إليهم بكتاب كتبه بيده {أن سبحوا بكرة وعشيا} يعني صلوا صلاة الغداة والعصر فولد له يحيى على ما بشره الله نبيا تقيا صالحا {يا يحيى خذ الكتاب بقوة} يعني بجد وطاعة واجتهاد وشكر وبالعمل بما فيه {وآتيناه الحكم} يعني الفهم {صبيا} صغيرا وذلك أنه مر على صبية أتراب له يلعبون على شاطئ نهر بطين وبماء فقالوا: يا يحيى تعال حتى نلعب فقال: سبحان الله أو للعب خلقنا {وحنانا} يعني ورحمة {منا} وعطفا {وزكاة} يعني وصدقة على زكريا {وكان تقيا} يعني مطهرا مطيعا لله {وبرا بوالديه} كان لا يعصيهما {ولم يكن جبارا} يعني قتال النفس التي حرم الله قتلها {عصيا} يعني عاصيا لربه، {وسلام عليه} يعني حين سلم الله عليه {يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا} ). [الدر المنثور: 10/25-28] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وابن خزيمة والدارقطني في الأفراد وأبو نصر السجزي في الإبانة والطبراني عن ابن عباس قال: كنا في حلقة في مسجد النّبيّ صلى الله عليه وسلم نتذاكر فضائل الأنبياء فذكرنا نوحا وطول عبادته وذكرنا إبراهيم وموسى وعيسى فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما تذاكرون بينكم فذكرنا له فقال: أما إنه لا ينبغي أن يكون أحد خيرا من يحيى بن زكريا أما سمعتم الله كيف وصفه في القرآن {يا يحيى خذ الكتاب بقوة} إلى قوله: {وكان تقيا} لم يعمل سيئة قط ولم يهم بها). [الدر المنثور: 10/28-29]


تفسير قوله تعالى: (وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا (13) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا إسرائيل عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس كل القرآن أعلمه إلا أربعا غسلين وحنانا والأواه والرقيم). [تفسير عبد الرزاق: 1/397] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى وحنانا من لدنا قال رحمة من عندنا). [تفسير عبد الرزاق: 2/4]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن رجل عن شهر بن حوشب أن عيسى بن مريم خرج يستسقي وخرج بالناس ثم قال لهم من كان ذا ذنب فليرجع قال فجعل الناس يرجعون حتى لم يبق معه إلا رجل أعور فقال له عيسى أما أذنبت قط قال نظرت بعيني هذه مرة إلى ما لا يحل لي ففقأتها فقال له عيسى فأنت ثم قال له عيسى ادع وأنا أؤمن قال فدعا وأمن عيسى فسقاهم الله). [تفسير عبد الرزاق: 2/5]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا ابن عيينة عن رجل عن أبيه عن ابن عباس في قوله تعالى وحنانا من لدنا قال ترحم الله على العباد معمر قال أنا قتادة في قوله تعالى وزكاة قال صدقة). [تفسير عبد الرزاق: 2/5]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان الثوري عن أبيه عن عكرمة قال: سئل ابن عباس عن قوله: {وحنانا من لدنا وزكاة} ما أدري ما هو إلّا أن يكون يعطف اللّه على عبده بالرحمة [الآية: 13]). [تفسير الثوري: 182]

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وحنانًا من لدنّا} يقول تعالى ذكره: ورحمةً منّا ومحبّةً له آتيناه الحكم صبيًّا.
وقد اختلف أهل التّأويل في معنى الحنان، فقال بعضهم: معناه: الرّحمة، ووجّهوا الكلام إلى نحو المعنى الّذي وجّهناه إليه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وحنانًا من لدنّا} يقول: ورحمةً من عندنا.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن سماكٍ، عن عكرمة، في هذه الآية {وحنانًا من لدنّا} قال: رحمة.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {وحنانًا من لدنّا} قال: رحمةً من عندنا.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا جويبرٌ، عن الضّحّاك، قوله: {وحنانًا من لدنّا} قال: رحمةً من عندنا لا يملك عطاءها أحدٌ غيرنا.
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك يقول في قوله {وحنانًا من لدنّا} يقول: رحمةً من عندنا، لا يقدر على أن يعطيها أحدٌ غيرنا.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ورحمةً من عندنا لزكريّا، آتيناه الحكم صبيًّا، وفعلنا به الّذي فعلنا
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وحنانًا من لدنّا} يقول: رحمةً من عندنا رحم الله بها زكريا.
وقال آخرون: معنى ذلك: وتعطّفًا من عندنا عليه، فعلنا ذلك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وحنانًا من لدنّا} قال: تعطّفًا من ربّه عليه.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ مثله.
وقال آخرون: بل معنى الحنان: المحبّة. ووجّهوا معنى الكلام إلى: ومحبّةً من عندنا عليه فعلنا ذلك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عنبسة، عن يحيى بن سعيدٍ، عن عكرمة، {وحنانًا من لدنّا} قال: محبّةً عليه.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وحنانًا} قال: أمّا الحنان فالمحبّة.
وقال آخرون معناه تعظيمًا منّا له.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو تميلة، عن أبي حمزة، عن جابرٍ، عن عطاء بن أبي رباحٍ، {وحنانًا من لدنّا} قال: تعظيمًا من لدنّا.
وقد ذكر عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما أنّه قال: لا أدري ما الحنان
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: أخبرني عمرو بن دينارٍ، أنّه سمع عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: لا واللّه ما أدري ما حنانًا.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جرير، عن منصورٍ، قال: سألت عنها ابن عبّاسٍ فلم يحر فيه شيئاً.
وللعرب في حنانك لغتان: حنانك يا ربّنا، وحنانيك، كما قال طرفة بن العبد في حنانيك:
أبا منذرٍ أفنيت فاستبق بعضنا = حنانيك بعض الشّرّ أهون من بعض
وقال امرؤ القيس في اللّغة الأخرى:
ويمنحها بنو شمجى بن جرمٍ = معيزهم حنانك ذا الحنان
وقد اختلف أهل العربيّة في " حنانيك " فقال بعضهم: هو تثنية " حنانٍ "، وقال آخرون: بل هي لغةٌ ليست بتثنيةٍ، قالوا: وذلك كقولهم: حواليك، وكما قال الشّاعر:
ضربًا هذاذيك وطعنًا وخضا
وقد سوّى بين جميع ذلك الّذين قالوا حنانيك تثنيةً، في أنّ كلّ ذلك تثنيةٌ، وأصل ذلك أعني الحنان، من قول القائل: حنّ فلانٌ إلى كذا وذلك إذا ارتاح إليه واشتاق، ثمّ يقال: تحنّن فلانٌ على فلانٍ، إذا وصف بالتّعطّف عليه والرّقّة به، والرّحمة له، كما قال الشّاعر:
تحنّن عليّ هداك المليك = فإنّ لكلّ مقامٍ مقالا
بمعنى: تعطّف عليّ. فالحنان: مصدرٌ من قول القائل: حنّ فلانٌ على فلانٍ، يقال منه: حننت عليه، فأنا أحنّ عليه حنينًا وحنانًا، ومن ذلك قيل لزوجة الرّجل: حنّته، لتحنّنه عليها وتعطّفه، كما قال الرّاجز:
وليلةٍ ذات دجًى سريت = ولم تضرني حنّةٌ وبيت
وقوله: {وزكاةً} يقول تعالى ذكره: وآتينا يحيى الحكم صبيًّا، وزكاةً: وهو الطّهارة من الذّنوب، واستعمال بدنه في طاعة ربّه، فالزّكاة عطفٌ على الحكم من قوله: {وآتيناه الحكم}.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وزكاةً} قال: الزّكاة: العمل الصّالح.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {وزكاةً} قال: العمل الصّالح الزّكيّ.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول: في قوله {وزكاةً} يعني العمل الصّالح الزّاكي.
وقوله: {وكان تقيًّا} يقول تعالى ذكره: وكان للّه خائفًا مؤدّيًا فرائضه، مجتنبًا محارمه مسارعًا في طاعته. كما؛
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، {وزكاةً وكان تقيًّا} قال: طهر فلم يعمل بذنبٍ.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وزكاةً وكان تقيًّا} قال: أمّا الزّكاة والتّقوى فقد عرفهما النّاس). [جامع البيان: 15/475-480]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وحنانا من لدنا قال يعني تعطفا من ربه عليه). [تفسير مجاهد: 385]

قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو بكرٍ محمّد بن عبد اللّه الشّافعيّ، ثنا إسحاق بن الحسن الحربيّ، ثنا أبو حذيفة، ثنا سفيان، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قوله عزّ وجلّ: {وحنانًا من لدنّا} [مريم: 13] قال: «التّعطّف بالرّحمة» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/404]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق والفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والزجاجي في أماليه والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله: {وحنانا} قال: لا أدري ما هو إلا أني أظنه تعطف الله على خلقه بالرحمة). [الدر المنثور: 10/23]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال: سألت ابن عباس عن قوله: {وحنانا} فلم يجر فيها شيئا). [الدر المنثور: 10/23]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {وحنانا من لدنا} قال: رحمة من عندنا). [الدر المنثور: 10/23-24]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له أخبرني عن قوله: {وحنانا من لدنا} قال: رحمة من عندنا، قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم، أما سمعت طرفة بن العبد البكري وهو يقول:
أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا * حنانيك بعض لشر أهون من بعض). [الدر المنثور: 10/24]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد {وحنانا من لدنا} قال: تعطفا من ربه عليه). [الدر المنثور: 10/24]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الحسن {وحنانا من لدنا} قال: الرحمة). [الدر المنثور: 10/24]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الربيع {وحنانا من لدنا} قال: {رحمة من عندنا} لا يملك عطاءها أحد غيرنا). [الدر المنثور: 10/24]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحكيم الترمذي عن سعيد الجهني في قوله: {وحنانا من لدنا} قال: الحنان المحبب). [الدر المنثور: 10/24]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن قتادة {وحنانا من لدنا} قال: رحمة من عندنا {وزكاة} قال صدقة). [الدر المنثور: 10/24]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وزكاة} قال: بركة، وفي قوله: {وكان تقيا} قال: طهر فلم يعمل بذنب). [الدر المنثور: 10/25]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة أنه سئل عن قوله: {وكان تقيا} قال: لم يعصه ولم يهم بها). [الدر المنثور: 10/25]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر عن ابن عباس في قوله: {ذكر رحمة ربك عبده زكريا} قال: ذكره الله برحمته منه حيث دعاه {إذ نادى ربه نداء خفيا} يعني دعا ربه دعاء خفيا في الليل لا يسمع أحدا أو يسمع أذنيه، فقال: {رب إني وهن العظم مني} يعني ضعف العظم مني {واشتعل الرأس شيبا} يعني غلب البياض السواد {ولم أكن بدعائك رب شقيا} أي لم أدعك قط فخيبتني فيما مضى فتخيبني فيما بقي فكما لم اشق بدعائي فيما مضى فكذلك لا أشقى فيما بقي عودتني الإجابة من نفسك، {وإني خفت الموالي من ورائي} فلم يبق لي وارث وخفت العصبة أن ترثني {فهب لي من لدنك وليا} يعني من عندك وليا {يرثني} يعني يرث محرابي وعصاي وبرنس العربان وقلمي الذي أكتب به الوحي {ويرث من آل يعقوب} النبوة {واجعله رب رضيا} يعني مرضيا عندك زاكيا بالعمل فاستجاب الله له فكان قد دخل في السن هو وامرأته، فبينا هو قائم يصلي في المحراب حيث يذبح القربان إذا هو برجل عليه البياض حياله وهو جبريل فقال: {يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى} هو اسم من أسماء الله اشتق من حي سماه الله فوق عرشه {لم نجعل له من قبل سميا} لم يجعل لزكريا من قبل يحيى ولد له {هل تعلم له سميا} يعني هل تعلم له ولدا ولم يكن لزكريا قبله ولد ولم يكن قبل يحيى أحد يسمى يحيى قال: وكان اسمه حيا فلما وهب الله لسارة إسحاق فكان اسمها يسارة ويسارة من النساء التي لا تلد وسارة من النساء: الطالقة الرحم التي تلد فسماها الله سارة وحول الياء من سارة إلى حي فسماه يحيى فقال: {رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا} خاف أنها لا تلد، قال: {كذلك قال ربك} يا زكريا {هو علي هين وقد خلقتك من قبل} أن أهب لك يحيى {ولم تك شيئا} وكذلك أقدر على أن أخلق من الكبير والعاقر، وذلك أن إبليس أتاه فقال: يا زكريا دعاؤك كان خفيا فأجبت بصوت رفيع وبشرت بصوت عال ذلك صوت من الشيطان ليس من جبريل ولا من ربك، {قال رب اجعل لي آية} حتى أعرف أن هذه البشرى منك، {قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال} يعني صحيحا من غير خرس، فحاضت زوجته فلما طهرت طاف عليها فاستحملت فأصبح لا يتكلم وكان إذا أراد التسبيح والصلاة أطلق الله لسانه فإذا أراد أن يكلم الناس أعتقل لسانه فلا يستطيع أن يتكلم وكانت عقوبة له لأنه بشر بالولد فقال: {أنى يكون لي غلام} فخاف أن يكون الصوت من غير الله {فخرج على قومه من المحراب} يعني من مصلاه الذي كان يصلي فيه، فأوحى إليهم بكتاب كتبه بيده {أن سبحوا بكرة وعشيا} يعني صلوا صلاة الغداة والعصر فولد له يحيى على ما بشره الله نبيا تقيا صالحا {يا يحيى خذ الكتاب بقوة} يعني بجد وطاعة واجتهاد وشكر وبالعمل بما فيه {وآتيناه الحكم} يعني الفهم {صبيا} صغيرا وذلك أنه مر على صبية أتراب له يلعبون على شاطئ نهر بطين وبماء فقالوا: يا يحيى تعال حتى نلعب فقال: سبحان الله أو للعب خلقنا {وحنانا} يعني ورحمة {منا} وعطفا {وزكاة} يعني وصدقة على زكريا {وكان تقيا} يعني مطهرا مطيعا لله {وبرا بوالديه} كان لا يعصيهما {ولم يكن جبارا} يعني قتال النفس التي حرم الله قتلها {عصيا} يعني عاصيا لربه، {وسلام عليه} يعني حين سلم الله عليه {يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا} ). [الدر المنثور: 10/25-28] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وابن خزيمة والدارقطني في الأفراد وأبو نصر السجزي في الإبانة والطبراني عن ابن عباس قال: كنا في حلقة في مسجد النّبيّ صلى الله عليه وسلم نتذاكر فضائل الأنبياء فذكرنا نوحا وطول عبادته وذكرنا إبراهيم وموسى وعيسى فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما تذاكرون بينكم فذكرنا له فقال: أما إنه لا ينبغي أن يكون أحد خيرا من يحيى بن زكريا أما سمعتم الله كيف وصفه في القرآن {يا يحيى خذ الكتاب بقوة} إلى قوله: {وكان تقيا} لم يعمل سيئة قط ولم يهم بها). [الدر المنثور: 10/28-29] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن ابن شهاب: أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه يوما وهم يتذاكرون فضل الأنبياء فقال قائل: موسى كلمه الله تكليما وقال قائل: عيسى روح الله وكلمته وقال قائل: إبراهيم خليل الله فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: وأين الشهيد ابن الشهيد يلبس الوبر ويأكل الشجر مخافة الذنب يحيى بن زكريا). [الدر المنثور: 10/29]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول والحاكم، وابن مردويه عن ابن عباس أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ما من أحد من ولد آدم إلا وقد أخطأ أو هم بخطيئة إلا يحيى بن زكريا لم يهم بخطيئة ولم يعملها). [الدر المنثور: 10/29]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن إسحاق، وابن أبي حاتم والحاكم عن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل بني آدم يأتي يوم القيامة وله ذنب إلا ما كان من يحيى بن زكريا). [الدر المنثور: 10/29]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد في الزهد، وابن عساكر عن يحيى بن جعدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ينبغي لأحد أن يقول: أنا خير من يحيى بن زكريا ما هم بخطيئة ولا حاكت في صدره امرأة). [الدر المنثور: 10/29-30]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن ضمرة بن حبيب قال: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: ما بعلت النساء عن ولد ينبغي له أن يقول: أنا أفضل من يحيى بن زكريا لم يحك في صدره خطيئة ولم يهم بها). [الدر المنثور: 10/30]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن علي بن أبي طلحة رفعه قال: ما ارتكض في النساء من جنين ينبغي له أن يقول: أنا أفضل من يحيى بن زكريا لأنه لم يحك في صدره خطيئة ولم يهم بها). [الدر المنثور: 10/30]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن الحسن قال: إن عيسى ويحيى التقيا فقال يحيى لعيسى: استغفر لي أنت خير مني فقال له عيسى: بل أنت خير مني سلم الله عليك وسلمت أنا على نفسي فعرف والله فضلها). [الدر المنثور: 10/30]

تفسير قوله تعالى: (وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا (14) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وبرًّا بوالديه ولم يكن جبّارًا عصيًّا (14) وسلامٌ عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيًّا}.
يقول تعالى ذكره: وكان برًّا بوالديه، مسارعًا في طاعتهما ومحبّتهما، غير عاقٍّ بهما {ولم يكن جبّارًا عصيًّا} يقول جلّ ثناؤه: ولم يكن مستكبرًا عن طاعة ربّه وطاعة والديه، ولكنّه كان للّه ولوالديه متواضعًا متذلّلاً، يأتمر لما أمر به، وينتهي عمّا نهي عنه، لا يعصي ربّه، ولا والديه.
وقوله: {عصيًّا} فعيلٌ بمعنى أنّه ذو عصيانٍ، من قول القائل: عصى فلانٌ ربّه، فهو يعصيه). [جامع البيان: 15/480-481]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {ولم يكن جبارا عصيا} قال: كان سعيد بن المسيب يقول: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم ما من أحد يلقى الله يوم القيامة إلا ذا ذنب إلا يحيى بن زكريا قال قتادة: وقال الحسن: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم ما أذنب يحيى بن زكريا قط ولا هم بامرأة). [الدر المنثور: 10/25]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر عن ابن عباس في قوله: {ذكر رحمة ربك عبده زكريا} قال: ذكره الله برحمته منه حيث دعاه {إذ نادى ربه نداء خفيا} يعني دعا ربه دعاء خفيا في الليل لا يسمع أحدا أو يسمع أذنيه، فقال: {رب إني وهن العظم مني} يعني ضعف العظم مني {واشتعل الرأس شيبا} يعني غلب البياض السواد {ولم أكن بدعائك رب شقيا} أي لم أدعك قط فخيبتني فيما مضى فتخيبني فيما بقي فكما لم اشق بدعائي فيما مضى فكذلك لا أشقى فيما بقي عودتني الإجابة من نفسك، {وإني خفت الموالي من ورائي} فلم يبق لي وارث وخفت العصبة أن ترثني {فهب لي من لدنك وليا} يعني من عندك وليا {يرثني} يعني يرث محرابي وعصاي وبرنس العربان وقلمي الذي أكتب به الوحي {ويرث من آل يعقوب} النبوة {واجعله رب رضيا} يعني مرضيا عندك زاكيا بالعمل فاستجاب الله له فكان قد دخل في السن هو وامرأته، فبينا هو قائم يصلي في المحراب حيث يذبح القربان إذا هو برجل عليه البياض حياله وهو جبريل فقال: {يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى} هو اسم من أسماء الله اشتق من حي سماه الله فوق عرشه {لم نجعل له من قبل سميا} لم يجعل لزكريا من قبل يحيى ولد له {هل تعلم له سميا} يعني هل تعلم له ولدا ولم يكن لزكريا قبله ولد ولم يكن قبل يحيى أحد يسمى يحيى قال: وكان اسمه حيا فلما وهب الله لسارة إسحاق فكان اسمها يسارة ويسارة من النساء التي لا تلد وسارة من النساء: الطالقة الرحم التي تلد فسماها الله سارة وحول الياء من سارة إلى حي فسماه يحيى فقال: {رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا} خاف أنها لا تلد، قال: {كذلك قال ربك} يا زكريا {هو علي هين وقد خلقتك من قبل} أن أهب لك يحيى {ولم تك شيئا} وكذلك أقدر على أن أخلق من الكبير والعاقر، وذلك أن إبليس أتاه فقال: يا زكريا دعاؤك كان خفيا فأجبت بصوت رفيع وبشرت بصوت عال ذلك صوت من الشيطان ليس من جبريل ولا من ربك، {قال رب اجعل لي آية} حتى أعرف أن هذه البشرى منك، {قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال} يعني صحيحا من غير خرس، فحاضت زوجته فلما طهرت طاف عليها فاستحملت فأصبح لا يتكلم وكان إذا أراد التسبيح والصلاة أطلق الله لسانه فإذا أراد أن يكلم الناس أعتقل لسانه فلا يستطيع أن يتكلم وكانت عقوبة له لأنه بشر بالولد فقال: {أنى يكون لي غلام} فخاف أن يكون الصوت من غير الله {فخرج على قومه من المحراب} يعني من مصلاه الذي كان يصلي فيه، فأوحى إليهم بكتاب كتبه بيده {أن سبحوا بكرة وعشيا} يعني صلوا صلاة الغداة والعصر فولد له يحيى على ما بشره الله نبيا تقيا صالحا {يا يحيى خذ الكتاب بقوة} يعني بجد وطاعة واجتهاد وشكر وبالعمل بما فيه {وآتيناه الحكم} يعني الفهم {صبيا} صغيرا وذلك أنه مر على صبية أتراب له يلعبون على شاطئ نهر بطين وبماء فقالوا: يا يحيى تعال حتى نلعب فقال: سبحان الله أو للعب خلقنا {وحنانا} يعني ورحمة {منا} وعطفا {وزكاة} يعني وصدقة على زكريا {وكان تقيا} يعني مطهرا مطيعا لله {وبرا بوالديه} كان لا يعصيهما {ولم يكن جبارا} يعني قتال النفس التي حرم الله قتلها {عصيا} يعني عاصيا لربه، {وسلام عليه} يعني حين سلم الله عليه {يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا} ). [الدر المنثور: 10/25-28] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (15) )

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة عن الحسن أن يحيى قال لعيسى حين التقيا إنك خير مني فقال عيسى بل أنت خير مني سلم الله عليك وسلمت أنا على نفسي). [تفسير عبد الرزاق: 2/4]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وسلامٌ عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيًّا} يقول: وأمانٌ من اللّه يوم ولد من أن يناله الشّيطان من السّوء، بما ينال به بني آدم، وذلك أنّه
روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: " كلّ بني آدم يأتي يوم القيامة وله ذنبٌ إلاّ ما كان من يحيى بن زكريّا ".
- حدّثنا بذلك ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن يحيى بن سعيدٍ، عن سعيد بن المسيّب، قال: حدّثني ابن العاص، أنّه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول ذلك.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {جبّارًا عصيًّا} قال: كان ابن المسيّب يذكر قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " ما من أحدٍ يلقى اللّه يوم القيامة إلاّ ذا ذنبٍ، إلاّ يحيى بن زكريّا ".
قال: وقال قتادة: ما أذنب، ولا همّ بامرأةٍ
وقوله: {ويوم يموت} يقول: وأمانٌ من اللّه تعالى ذكره له من فتّاني القبر، ومن هول المطلع {ويوم يبعث حيًّا} يقول: وأمانٌ له من عذاب اللّه يوم القيامة، يوم الفزع الأكبر، من أن يروّعه شيءٌ، أو أن يفزعه ما يفزع الخلق.
وقد ذكر ابن عيينة في ذلك ما؛
- حدّثني أحمد بن منصورٍ المروزيّ، قال: أخبرني صدقة بن الفضل قال: سمعت ابن عييّنة يقول: أوحش ما يكون الخلق في ثلاثة مواطن: يوم يولد فيرى نفسه خارجًا ممّا كان فيه، ويوم يموت فيرى قومًا لم يكن عاينهم، ويوم يبعث فيرى نفسه في محشرٍ عظيمٍ، قال: فأكرم اللّه فيها يحيى بن زكريّا، فخصّه بالسّلام عليه، فقال {وسلامٌ عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيًّا}.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، أنّ الحسن، قال: إنّ عيسى ويحيى التقيا فقال له عيسى: استغفر لي، أنت خيرٌ منّي، فقال له الآخر: استغفر لي، أنت خيرٌ منّي، فقال له عيسى: أنت خيرٌ منّي، سلّمت على نفسي، وسلّم اللّه عليك، فعرف واللّه فضلها). [جامع البيان: 15/481-482]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر عن ابن عباس في قوله: {ذكر رحمة ربك عبده زكريا} قال: ذكره الله برحمته منه حيث دعاه {إذ نادى ربه نداء خفيا} يعني دعا ربه دعاء خفيا في الليل لا يسمع أحدا أو يسمع أذنيه، فقال: {رب إني وهن العظم مني} يعني ضعف العظم مني {واشتعل الرأس شيبا} يعني غلب البياض السواد {ولم أكن بدعائك رب شقيا} أي لم أدعك قط فخيبتني فيما مضى فتخيبني فيما بقي فكما لم اشق بدعائي فيما مضى فكذلك لا أشقى فيما بقي عودتني الإجابة من نفسك، {وإني خفت الموالي من ورائي} فلم يبق لي وارث وخفت العصبة أن ترثني {فهب لي من لدنك وليا} يعني من عندك وليا {يرثني} يعني يرث محرابي وعصاي وبرنس العربان وقلمي الذي أكتب به الوحي {ويرث من آل يعقوب} النبوة {واجعله رب رضيا} يعني مرضيا عندك زاكيا بالعمل فاستجاب الله له فكان قد دخل في السن هو وامرأته، فبينا هو قائم يصلي في المحراب حيث يذبح القربان إذا هو برجل عليه البياض حياله وهو جبريل فقال: {يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى} هو اسم من أسماء الله اشتق من حي سماه الله فوق عرشه {لم نجعل له من قبل سميا} لم يجعل لزكريا من قبل يحيى ولد له {هل تعلم له سميا} يعني هل تعلم له ولدا ولم يكن لزكريا قبله ولد ولم يكن قبل يحيى أحد يسمى يحيى قال: وكان اسمه حيا فلما وهب الله لسارة إسحاق فكان اسمها يسارة ويسارة من النساء التي لا تلد وسارة من النساء: الطالقة الرحم التي تلد فسماها الله سارة وحول الياء من سارة إلى حي فسماه يحيى فقال: {رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا} خاف أنها لا تلد، قال: {كذلك قال ربك} يا زكريا {هو علي هين وقد خلقتك من قبل} أن أهب لك يحيى {ولم تك شيئا} وكذلك أقدر على أن أخلق من الكبير والعاقر، وذلك أن إبليس أتاه فقال: يا زكريا دعاؤك كان خفيا فأجبت بصوت رفيع وبشرت بصوت عال ذلك صوت من الشيطان ليس من جبريل ولا من ربك، {قال رب اجعل لي آية} حتى أعرف أن هذه البشرى منك، {قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال} يعني صحيحا من غير خرس، فحاضت زوجته فلما طهرت طاف عليها فاستحملت فأصبح لا يتكلم وكان إذا أراد التسبيح والصلاة أطلق الله لسانه فإذا أراد أن يكلم الناس أعتقل لسانه فلا يستطيع أن يتكلم وكانت عقوبة له لأنه بشر بالولد فقال: {أنى يكون لي غلام} فخاف أن يكون الصوت من غير الله {فخرج على قومه من المحراب} يعني من مصلاه الذي كان يصلي فيه، فأوحى إليهم بكتاب كتبه بيده {أن سبحوا بكرة وعشيا} يعني صلوا صلاة الغداة والعصر فولد له يحيى على ما بشره الله نبيا تقيا صالحا {يا يحيى خذ الكتاب بقوة} يعني بجد وطاعة واجتهاد وشكر وبالعمل بما فيه {وآتيناه الحكم} يعني الفهم {صبيا} صغيرا وذلك أنه مر على صبية أتراب له يلعبون على شاطئ نهر بطين وبماء فقالوا: يا يحيى تعال حتى نلعب فقال: سبحان الله أو للعب خلقنا {وحنانا} يعني ورحمة {منا} وعطفا {وزكاة} يعني وصدقة على زكريا {وكان تقيا} يعني مطهرا مطيعا لله {وبرا بوالديه} كان لا يعصيهما {ولم يكن جبارا} يعني قتال النفس التي حرم الله قتلها {عصيا} يعني عاصيا لربه، {وسلام عليه} يعني حين سلم الله عليه {يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا} ). [الدر المنثور: 10/25-28] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد وأبو يعلى، وابن حبان والطبراني والحاكم والضياء عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة - إلا ابني الخالة - عيسى ابن مريم ويحيى بن زكريا). [الدر المنثور: 10/30-31]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم من طريق سمرة عن كعب قال: كان يحيى لا يقرب النساء ولا يشتهين وكان شابا حسن الوجه لين الجناح قليل الشعر قصير الأصابع طويل الأنف أقرن الحاجبين رقيق الصوت كثير العبادة قويا في الطاعة). [الدر المنثور: 10/31]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في الشعب وضعفه، وابن عساكر عن أبي بن كعب: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن من هوان الدنيا على الله أن يحيى بن زكريا قتلته امرأة). [الدر المنثور: 10/31]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم عن عبد الله بن الزبير قال: من أنكر البلاء فإني لا أنكره لقد ذكر لي أنما قتل يحيى بن زكريا في زانية). [الدر المنثور: 10/31]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر من طريقه: أنا يعقوب الكوفي عن عمرو بن ميمون عن أبيه عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به رأى زكريا في السماء فسلم عليه فقال له: يا أبا يحيى خبرني عن قتلك كيف كان ولم قتلك بنو إسرائيل قال: يا محمد إن يحيى كان خير أهل زمانه وأجملهم وأصبحهم وجها وكان كما قال الله: {وسيدا وحصورا} وكان لا يحتاج إلى النساء فهويته امرأة ملك بني إسرائيل وكانت بغية فأرسلت إليه وعصمه الله وامتنع يحيى وأبى عليها وأجمعت على قتل يحيى ولهم عيد يجتمعون في كل عام وكانت سنة الملك أن يوعد ولا يخلف ولا يكذب فخرج الملك للعيد فقامت امرأته فشيعته وكان بها معجبا ولم تكن تسأله فيما مضى فلما أن شيعته قال الملك: سليني فما تسأليني شيئا إلا أعطيتك قالت: أريد دم يحيى بن زكريا، قال لها: سليني غيره، قالت: هو ذاك، قال: هو لك فبعث جلاوزتها إلى يحيى وهو في محرابه يصلي وأنا إلى جانبه أصلي فذبح في طست وحمل رأسه ودمه إليها، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: فما بلغ من صبرك قال: ما انفتلت من صلاتي فلما حمل رأسه إليها ووضع بين يديها - فلما أمسوا - خسف الله بالملك وأهل بيته وحشمه فلما أصبحوا قالت بنو إسرائيل: لقد غضب إله زكريا لزكريا فتعالوا حتى نغضب لملكنا فنقتل زكريا فخرجوا في طلبي ليقتلوني فجاءني النذير فهربت منهم وإبليس أمامهم يدلهم علي: فلما أن تخوفت أن لا أعجزهم عرضت لي شجرة فنادتني فقالت: إلي إلي وانصدعت لي فدخلت فيها وجاء إبليس حتى أخذ بطرف ردائي والتأمت الشجرة وبقي طرف ردائي خارجا من الشجرة وجاء بنو إسرائيل فقال إبليس: أما رأيتموه دخل هذه الشجرة هذا طرف ردائه دخل به الشجرة فقالوا: نحرق هذه الشجرة فقال إبليس: شقوه بالمنشار شقا، قال: فشققت مع الشجرة بالمنشار، فقال له النّبيّ صلى الله عليه وسلم: يا زكريا هل وجدت له مسا أو وجعا قال: لا إنما وجدت تلك الشجرة جعل الله روحي فيها). [الدر المنثور: 10/31-33]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن وهب بن منبه أن زكريا هرب ودخل جوف شجرة فوضع على الشجرة المنشار وقطع بنصفين فلما وقع المنشار على ظهره أن فأوحى الله يا زكريا إما أن تكف عن أنينك أو أقلب الأرض ومن عليها فسكت حتى قطع نصفين). [الدر المنثور: 10/33]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد في الزهد، وابن عساكر عن يزيد بن ميسرة قال: كان طعام يحيى بن زكريا الجراد وقلوب الشجر وكان يقول: من أنعم منك يا يحيى طعامك الجراد وقلوب الشجر). [الدر المنثور: 10/33]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد، وابن عساكر عن أبي إدريس الخولاني قال: كان يحيي بن زكريا إنما يأكل مع الوحش كراهة أن يخالط الناس في معايشهم). [الدر المنثور: 10/33-34]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج مالك، وابن المبارك وأحمد في الزهد وأبو نعيم عن مجاهد قال: كان طعم يحيى بن زكريا العشب وإن كان ليبكي من خشية الله حتى لو كان القار على عينه لأحرقه ولقد كانت الدموع اتخذت مجرى في وجهه). [الدر المنثور: 10/34]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن يونس بن ميسرة قال: مر يحيى بن زكريا على دينار فقال: قبح هذا الوجه يا دينار يا عبد العبيد ومعبد الأحرار). [الدر المنثور: 10/34]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في "سننه" عن مجاهد قال: سأل يحيى بن زكريا ربه قال: رب اجعلني أسلم على ألسنة الناس ولا يقولون في إلا خيرا، فأوحى الله إليه: يا يحيى لم أجعل هذا لي فكيف أجعله لك). [الدر المنثور: 10/34]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والبيهقي في الشعب، وابن عساكر عن ثابت البناني قال: بلغنا أن إبليس ظهر ليحيى بن زكريا فرأى عليه معاليق من كل شيء فقال له يحيى: ما هذه قال: هذه الشهوات التي أصيب بها بنو آدم، قال له يحيى: هل لي فيها شيء قال: لا، قال: فهل تصيب مني شيئا قال: ربما شبعت فثقلناك عن الصلاة والذكر، قال: هل غيره قال: لا، قال: لا جرم لا أشبع أبدا). [الدر المنثور: 10/34-35]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر من طريق علي بن زيد بن جدعان عن علي بن الحسين عن الحسين بن علي قال: كان ملك مات وترك امرأته وابنته فورث ملكه أخوه فأراد أن يتزوج امرأة أخيه فاستشار يحيى بن زكريا في ذلك وكانت الملوك في ذلك الزمان يعلمون بأمر الأنبياء فقال له: لا تتزوجها فإنها بغي فبلغ المرأة ذلك فقالت: ليقتلن يحيى أو ليخرجن من ملكه، فعمدت إلى ابنتها فصيغتها ثم قالت اذهبي إلى عمك عند الملأ فإنه إذا رآك سيدعوك ويجلسك في حجره ويقول: سليني ما شئت فإنك لن تسأليني شيئا إلا أعطيتك فإذا قال لك قولي: فقولي لا أسألك شيئا إلا رأس يحيى وكانت الملوك إذا تكلم أحدهم بشيء على رؤوس الملأ ثم لم يمض له نزع من ملكه، ففعلت ذلك فجعل يأتيه الموت من قتله يحيى وجعل يأتيه الموت من خروجه من ملكه فاختار ملكه فقتله فساخت بأمها الأرض، قال ابن جدعان: فحدثت بهذا الحديث ابن المسيب فقال: أما أخبرك كيف كان قتل زكريا قلت: لا، قال: إن زكريا حيث قتل ابنه انطلق هاربا منهم واتبعوه حتى أتى على شجرة ذات ساق فدعته إليها فانطوت عليه وبقيت من ثوبه هدبة تلعبها الريح فانطلقوا إلى الشجرة فلم يجدوا أثره عندها فنظروا تلك الهدبة فدعوا المنشار فقطعوا الشجرة فقطعوه فيها). [الدر المنثور: 10/35-36]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن ابن عمرو قال: التي قتلت يحيى بن زكريا امرأة ورثت الملك عن آبائها فأتيت برأس يحيى وهي على سريرها فقال للأرض خذيها فأخذتها وسريرها فذهب بها). [الدر المنثور: 10/36]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج إسحاق بن بشر، وابن عساكر عن عبد الله بن الزبير: أن ملكا أراد أن يتزوج ابنة أخيه فاستفتى يحيى بن زكريا قال: لا تحل لك، فسألت قتله فبعث إليه - وهو في محرابه يصلي - فذبحوه ثم حزوا رأسه وأتوا به الملك فجعل الرأس يقول: لا يحل لك ما تريد). [الدر المنثور: 10/36]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن ابن شوذب قال: قال يحيى بن زكريا للذي جاء يحز رأسه: أما تعلم أني نبي قال: بلى ولكني مأمور). [الدر المنثور: 10/36]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم، وابن عساكر عن ابن عباس قال: أوحى الله إلى محمد صلى الله عليه وسلم أني قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا وإني قاتل بابن ابنتك سبيعن ألفا وسبعين ألفا). [الدر المنثور: 10/36]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن شمر بن عطية قال: قتل على الصخرة التي في بيت المقدس سبعون نبيا منهم يحيى بن زكريا). [الدر المنثور: 10/37]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن قرة قال: ما بكت السماء على أحد إلا على يحيى بن زكريا والحسين بن علي وحمرتها بكاؤها). [الدر المنثور: 10/37]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد في الزهد عن خالد بن ثابت الربعي قال: لما قتل فجرة بني إسرائيل - يحيى بن زكريا أوحى الله إلى نبي من أنبيائهم: أن قل لبني إسرائيل إلى متى تجترئون على أن تعصوا أمري وتقتلوا رسلي وحتى متى أضمكم في كنفي كما تضم الدجاجة أولادها في كنفها فتجترئون علي اتقوا لا أؤخذاكم بكل دم كان بين ابني آدم ويحيى بن زكريا واتقوا أن أصرف عنكم وجهي فإني إن صرفت عنكم وجهي لا أقبل عليكم إلى يوم القيامة). [الدر المنثور: 10/37]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد عن سعيد بن جبير قال: لما قتل يحيى عليه السلام قال: بعض أصحابه لصاحب له: ابعث إلي بقميص نبي الله يحيى أشمه فبعث به إليه فإذا سداه ولحمته ليف). [الدر المنثور: 10/37]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن يونس بن عبيد قال: بلغنا أنه كان رجل يجور على مملكته ويعدي عليهم فائتمروا بقتله فقالوا: نبي الله زكريا بين أظهرنا فلو أتيناه فأتوا منزله فإذا فتاة جميلة رائعة قد أشرق لها البيت حسنا فقالوا: من أنت قالت: امرأة زكريا، فقالوا فيما بينهم: كنا نرى نبي الله لا يريد الدنيا فإذا هو عنده امرأة من أجمل النساء ثم إنهم رأوه في عمل عند قوم ويعمل لهم حتى إذا حضر غداؤه قرب رغيفين فأكل ولم يدعهم ثم قام فعمل بقية عمله ثم علق خفيه على عنقه والمسحاة والكساء قال: ما حاجتكم قالوا: قد جئنا لأمر ولقد كاد يغلبنا ما رأينا على ما جئنا له، قال: فهاتوا قالوا: أتينا منزلك فإذا امرأة جميلة رائعة وكنا نرى نبي الله لا يريد الدنيا فقال: إني إنما تزوجت امرأة جميلة رائعة لأكف بها بصري وأحفظ بها فرجي فخرج نبي الله مما قالوا، قالوا: ورأيناك قدمت رغيفين فأكلت ولم تدعنا قال: إن القوم استأجروني على عمل فخشيت أن أضعف عن عملهم ولو أكلتم معي لم يكفني ولم يكفكم فخرج نبي الله مما قالوا، قالوا: ورأيناك وضعت خفيك على عنقك والمسحاة والكساء، فقال: إن هذه الأرض جديدة وكرهت أن أنقل تراب هذه في هذه فخرج نبي الله مما قالوا، قالوا: إن هذا الملك يجور علينا ويظلمنا وقد ائتمرنا لقتاله، قال: أي قوم لا تفعلوا فإن إزالة جبل من أصله أهون من إزالة ملك مؤجل، والله أعلم). [الدر المنثور: 10/38-39]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 10:10 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {يا يحيى خذ الكتاب بقوّةٍ} [مريم: 12] قال مجاهدٌ وغيره: بجدٍّ.
وقال السّدّيّ: يعني: بالجدّ والمواظبة.
[تفسير القرآن العظيم: 1/216]
{وآتيناه الحكم صبيًّا} [مريم: 12] يعني: الفهم والعقل وهو تفسير السّدّيّ.
قال: وبلغنا أنّه كان في صغره يقول له الصّبيان: يا يحيى تعال نلعب، فيقول: ليس للّعب خلقنا). [تفسير القرآن العظيم: 1/217]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):
(وقوله: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا}

المعنى: فوهبنا له يحيى وقلنا له {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} ، أي بجد وعون من اللّه - جلّ وعزّ -). [معاني القرآن: 3/321]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} في الكلام حذف لعلم المخاطب المعنى فوهبنا له يحيى فقلنا يا يحيى خذ الكتاب بقوه قال مجاهد أي بجد وقال غيره أي بجد وعون من الله). [معاني القرآن: 4/315]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال تعالى: {وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} قال عبد الرزاق أخبرنا معمر قال بلغنا أن الصبيان قالوا ليحيى وهو صبي تعال حتى نلعب فقال ما للعب خلقنا فقال جل ثناؤه: {وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا}
قال أبو جعفر هذا معنى كلامه قال عكرمة الحكم اللب قال قتادة كان ابن سنتين أو ثلاث). [معاني القرآن: 4/315-316]

تفسير قوله تعالى: {وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا (13)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وحنانًا من لدنّا} [مريم: 13] أي: من عندنا، أي: وأعطيناه حنانًا من لدنّا.
وقال مجاهدٌ: تعطّفًا من ربّه عليه.
وقال الحسن وقتادة: أي: رحمةً من عندنا.
وقال الكلبيّ: الحنان، الرّحمة.
وهو نحوٌ واحدٌ.
قوله: {وزكاةً} [مريم: 13] سعيدٌ، عن قتادة قال: الزّكاة العمل الصّالح.
قال يحيى: روّيت أنّه أخذه من هذه الآية في [طه:] {ومن يأته مؤمنًا قد عمل الصّالحات فأولئك لهم الدّرجات العلى {75} جنّات عدنٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكّى {76}} [سورة طه: 75-76] وقال الحسن: زكاةٌ لمن قبل عنه حتّى يكونوا أزكياء.
وقال الكلبيّ: الزّكاة الصّدقة.
قوله: {وكان تقيًّا} [مريم: 13]
- المبارك بن فضالة والرّبيع بن صبيحٍ عن الحسن قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ما من آدميٍّ» وقال الرّبيع: «ما من أحدٍ من ولد آدم إلا وقد أصاب ذنبًا أو همّ به غير يحيى بن زكريّاء لم يصب ذنبًا ولم يهمّ به».
وقال المبارك: ما من آدميٍّ إلا قد عمل خطيئةً أو همّ بها إلا يحيى بن زكريّاء). [تفسير القرآن العظيم: 1/217]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا...}

الحنان: الرحمة (ونصب حناناً أي) وفعلنا ذلك رحمةً لأبويه {وَزَكَاةً} يقول: وصلاحاً. ويقال: وتزكية لهما). [معاني القرآن: 2/163]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا} أي رحمة من عندنا، قال امرؤ القيس ابن حجر الكندي:

ويمنحها بنو شمجي بن جرمٍ.......معيزهم حنانك ذا الحنان

وقال الحطيئة:

تحنّن علىّ هداك المليك.......فإن لكل مقامٍ مقالا

أي ترحم، وعامة ما يستعمل في المنطق على لفظ الاثنين، قال طرفة العبدي:

أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا.......حنانيك بعض الشرّ أهون من بعض ).

[مجاز القرآن: 2/2-3]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({حنانا من لدنا}: رحمة ). [غريب القرآن وتفسيره: 237]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
({وَحَنَانًا} أي رحمة. ومنه يقال: تحنّن عليّ. وأصله من حنين الناقة على ولدها.

{وزكاةً} أي صدقة). [تفسير غريب القرآن: 273]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا * وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا}
أي وآتيناه حنانا، والحنان العطف والرحمة.
قال الشاعر:
فقالت حنان ما أتى بك ههنا.......أذو نسب أم أنت بالحيّ عارف

أي أمرنا حنان، أو عطف ورحمة.
وقال أيضا:

أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا.......حنانيك بعض الشّرّ أهون من بعض

المعنى وآتيناه حنانا من لدنا وزكاة، والزكاة التطهير). [معاني القرآن: 3/321-322]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( ثم قال تعالى: {وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا} روى شعبة عن سماك عن عكرمة قال الحنان الرحمة وكذلك هو عند أهل اللغة وأصله من حنين الناقة على ولدها قال طرفة:

أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا.......حنانيك بعض الشر أهون من بعض ).

[معاني القرآن: 4/316]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (ثم قال جل وعز: {وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا} روى على بن الحكم عن الضحاك قال الزكاة العقل الزاكي الصالح وقال قتادة الزكاة الصدقة). [معاني القرآن: 4/317]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345هـ): ({وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا} أخبرنا أبو عمر - قال: أنا ثعلب، عن ابن الأعرابي، عن المفضل، قال: الحنان: الرحمة،
والحنان أيضاً: الرزق، والحنان أيضا: البركة، والحنان أيضا: الهيبة). [ياقوتة الصراط:335-336]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَحَنَانًا} أي رحمة). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 148]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({وَحَنَانًا}: رحمة). [العمدة في غريب القرآن: 194]

تفسير قوله تعالى: (وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا (14)

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وبرًّا بوالديه} [مريم: 14] يعني: مطيعًا لوالديه.
تفسير السّدّيّ.
{ولم يكن جبّارًا عصيًّا} [مريم: 14] مستكبرًا عن عبادة اللّه.
وهو تفسير السّدّيّ). [تفسير القرآن العظيم: 1/218]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):
({وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا}
أي وجعلناه برا بوالديه). [معاني القرآن: 3/322]

تفسير قوله تعالى: {وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (15)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({وسلامٌ عليه يوم ولد} [مريم: 15] يعني: حين ولد.
{ويوم يموت} [مريم: 15] يعني: وحين يموت.
{ويوم يبعث حيًّا} [مريم: 15] يوم القيامة.
وهو تفسير السّدّيّ.
سعيدٌ، عن قتادة، عن الحسن أنّ يحيى وعيسى التقيا، فقال له عيسى: استغفر لي أنت خيرٌ منّي.
وقال له الآخر: استغفر لي، أنت خيرٌ منّي.
فقال له عيسى: أنت خيرٌ منّي.
قال عيسى: إنّي سلّمت على نفسي وسلّم اللّه عليك.
قال الحسن: عرف واللّه فضلها.
قال يحيى: يعني قول اللّه تبارك وتعالى في يحيى: {وسلامٌ عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيًّا} [مريم: 15] وقال عيسى: {قال إنّي عبد اللّه آتاني الكتاب وجعلني نبيًّا {30} وجعلني مباركًا أين ما كنت} [مريم: 30-31] إلى قوله: {والسّلام عليّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيًّا} [مريم: 33] ). [تفسير القرآن العظيم: 1/218]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ):
(وقوله جل وعز: {وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا}

روى قتادة عن الحسن قال لما لقي يحيى عيسى عليهما السلام قال له يحيى أنت خير مني قال عيسى بل أنت خير مني سلم الله عليك وسلمت على نفسي). [معاني القرآن: 4/317]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ( {وَسَلَامٌ عَلَيْهِ} السلام - هاهنا: السلامة). [ياقوتة الصراط: 336]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 10:17 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12) }

قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (ويقال للغلام: صبي، وللجارية: صبية، بينة الصبى –مقصور بكسر الصاد- ويقولونه بفتح الصاد والمد: صبية بينة الصباء.
وقالوا أيضا: صبيء، وللجارية: صبيئة، وهي لغة يمانية فيما يحكى لنا). [الفرق في اللغة: 94]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (بلغني عن أبي الحارث الليث بن سعد عن أبيه عن ابن لَهِيعَة عن أبي قَبِيلٍ عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: دخل يحيى بن زكريّا بيتَ المقدس وهو ابن ثَمانِي حجج، فنظر إلى عبادِ بيت المقدس قد لبِسُوا مدارعَ الشعرَ، وبَرانسَ الصوف، ونظر إلى متهجِّديهم، أو قال مجتهديهم، قد خرقوا التراقيَ، وسلكوا فيها السلاسلَ، وشدّوها إلى حنايا بيت المقدس، فهاله ذلك؛ فرجع إلى أبوبه فمر بصِبيانٍ يلعبون فقالوا: يا يحيى هلمَّ فلنلعبْ قال: إني لم أخلق للَّعب، فذلك قول الله تعالى: {وآتيناه الحكمَ صبيّا} فأتى أبويه فسألهما أن يُدَرِّعاه الشعر ففعلا، ثم رجع إلى بيت المقدس فكان يخدُمه نهارًا ويَصيحُ فيه ليلاً، حتى أتت له خمسَ عشرة سنة، وأتاه الخوفُ فساح ولزم أطرافَ الأرض وغِيرَانَ الشَعاب، وخرج أبواه في طَلبه فوجداه حين نزلا من جبال التِّيهِ على بُحيرة الأردنّ وقد قعد على شَفِير البُحَيرة وأنقعَ قدميه في الماء وقد كاد العطشُ يذبحهُ وهو يقول: وعزتِك لا أفوقُ باردَ الشراب حتى أعلَم أين مكاني منك فسأله أبواه أن يأكلَ قُرصًا كان معهما من شَعير، ويشربَ من الماء ففعلَ وكفَر عن يمينه فمدحُ بالبِرّ، قال اللّه عز وجل: {وَبَرًا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبارًا عَصِيًا} ورده أبواه إلى بيت المقدس فكان إذا قام في صلاته بكى، ويبكي زكريا لبكائه حتى يُغمَى عليه، فلم يزل كذلك حتى خر دموعُه لحمَ خَدّيه، وبدَتْ أضراسُه، فقالت له أمه: يا يحيى " لو أذنتَ لي لاتخذتُ لك لبدًا لِيواريَ أضراسكَ عن الناظرين ". قال: أنتِ وذاكِ، فعَمَدَتْ إلى قِطْعَتيْ لًبودٍ فألصقتهما على خدّيه، فكان إذا بكى استنقعتْ دموعُه في القطعتين فتقومُ إليه أمُّهُ فتعصِرهُما بيديها، فكان إذا نطر إلى دموعه تجري على ذراعَيْ أمَهِ قال: اللهَم هذه دموعي وهذه أمَي وأنا عبدُك وأنت أرحمُ الراحمين). [عيون الأخبار: 6/294-295]

تفسير قوله تعالى: {وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا (13) }

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث عروة بن الزبير أنه كان يقول في تلبيته: «لبيك ربنا وحنانيك».
حدثناه أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه.
قوله: حنانيك، يريد: رحمتك والعرب تقول: حنانك يا رب، وحنانيك يا رب بمعنى واحد قال امرؤ القيس:

ويمنحها بنو شمجى بن جرم.......معيزهم حنانك ذا الحنان

يريد: رحمتك يا رب وقال طرفة:
حنانيك بعض الشر أهون من بعض
وروي عن عكرمة أنه قال في قوله عز وجل: {وحنانا من لدنا} قال: الرحمة). [غريب الحديث: 5/444-445]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فأما حنانٌ فمنفرد؛ لأنه من حننت، مثل قولك: ذهبت ذهاباً، ويتصرف في الكلام في غير الدعاء (وحناناً من لدنا) وتقول: تحنن علي. فهذا وجه ما جاء على فعله، وما لم يأت عليه فعل). [المقتضب: 3/226]

قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله "حوالكا" يقال: هو يطوف واله وحوله وحواليه. ومن قال: حواليه بالكسر: فقد أخطأ، وفي القرآن {نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا} وحواليه: تثنية حوال، كما تقول: حنانية، الواحد حنان، قال الشاعر:

فقالت حنان ما أتى بك ههنا.......أذو نسب أم أنت بالحي عارف?


والحنان: الرحمة، قال الله عز وجل: {وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا}. وقال الشاعر: وهو الحطيئة لعمر بن الخطاب رحمه الله:

تحنن علي هداك المليك.......فإن لكل مقام مقالا


وقال طرفة:
أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا.......حنانيك بعض الشر أهون من بعض


). [الكامل: 2/732-733]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا} أي: رحمة). [مجالس ثعلب: 12]

تفسير قوله تعالى: {وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا (14) }

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (بلغني عن أبي الحارث الليث بن سعد عن أبيه عن ابن لَهِيعَة عن أبي قَبِيلٍ عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: دخل يحيى بن زكريّا بيتَ المقدس وهو ابن ثَمانِي حجج، فنظر إلى عبادِ بيت المقدس قد لبِسُوا مدارعَ الشعرَ، وبَرانسَ الصوف، ونظر إلى متهجِّديهم، أو قال مجتهديهم، قد خرقوا التراقيَ، وسلكوا فيها السلاسلَ، وشدّوها إلى حنايا بيت المقدس، فهاله ذلك؛ فرجع إلى أبوبه فمر بصِبيانٍ يلعبون فقالوا: يا يحيى هلمَّ فلنلعبْ قال: إني لم أخلق للَّعب، فذلك قول الله تعالى: {وآتيناه الحكمَ صبيّا} فأتى أبويه فسألهما أن يُدَرِّعاه الشعر ففعلا، ثم رجع إلى بيت المقدس فكان يخدُمه نهارًا ويَصيحُ فيه ليلاً، حتى أتت له خمسَ عشرة سنة، وأتاه الخوفُ فساح ولزم أطرافَ الأرض وغِيرَانَ الشَعاب، وخرج أبواه في طَلبه فوجداه حين نزلا من جبال التِّيهِ على بُحيرة الأردنّ وقد قعد على شَفِير البُحَيرة وأنقعَ قدميه في الماء وقد كاد العطشُ يذبحهُ وهو يقول: وعزتِك لا أفوقُ باردَ الشراب حتى أعلَم أين مكاني منك فسأله أبواه أن يأكلَ قُرصًا كان معهما من شَعير، ويشربَ من الماء ففعلَ وكفَر عن يمينه فمدحُ بالبِرّ، قال اللّه عز وجل: {وَبَرًا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبارًا عَصِيًا} ورده أبواه إلى بيت المقدس فكان إذا قام في صلاته بكى، ويبكي زكريا لبكائه حتى يُغمَى عليه، فلم يزل كذلك حتى خر دموعُه لحمَ خَدّيه، وبدَتْ أضراسُه، فقالت له أمه: يا يحيى " لو أذنتَ لي لاتخذتُ لك لبدًا لِيواريَ أضراسكَ عن الناظرين ". قال: أنتِ وذاكِ، فعَمَدَتْ إلى قِطْعَتيْ لًبودٍ فألصقتهما على خدّيه، فكان إذا بكى استنقعتْ دموعُه في القطعتين فتقومُ إليه أمُّهُ فتعصِرهُما بيديها، فكان إذا نطر إلى دموعه تجري على ذراعَيْ أمَهِ قال: اللهَم هذه دموعي وهذه أمَي وأنا عبدُك وأنت أرحمُ الراحمين). [عيون الأخبار: 6/294-295] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (15) }


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 16 ذو القعدة 1439هـ/28-07-2018م, 01:04 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 16 ذو القعدة 1439هـ/28-07-2018م, 01:05 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 16 ذو القعدة 1439هـ/28-07-2018م, 01:07 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا}
المعنى: "فولد له، وقال الله للمولود: يا يحيى ". وهذا اختصار ما يدل الكلام عليه. و"الكتاب": التوراة بلا اختلاف؛ لأنه ولد قبل عيسى ولم يكن الإنجيل موجودا عند الناس، وقوله: "بقوة"، أي: العلم به، والحفظ له، والعمل به، والالتزام للوازمه.
ثم أخبر الله تعالى فقال: {وآتيناه الحكم صبيا}، واختلف في "الحكم"، فقالت فرقة: الأحكام والمعرفة بها، و"صبيا" يريد: شابا لم يبلغ حد الكهول، وقال الحسن رحمه الله: الحكم: النبوة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وفي لفظة "صبي" -على هذا- تجوز واستصحاب حال.
وقالت فرقة: الحكم: الحكمة، وروى معمر في ذلك أن الصبيان دعوه وهو طفل إلى اللعب فقال لهم: إني لم أخلق للعب، فتلك الحكمة التي آتاه الله عز وجل وهو صبي، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: من قرأ القرآن من قبل أن يحتلم فقد أوتي الحكم صبيا). [المحرر الوجيز: 6/13]

تفسير قوله تعالى: {وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا (13)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وحنانا من لدنا} عطف على قوله: "الحكم"، و"زكاة" عطف عليه، أعمل في جميع ذلك "آتيناه"، ويجوز أن يكون "وحنانا" عطف على "صبيا"، أي: وبحال حنان منا وتزكية له. و"الحنان": الرحمة والشفقة والمحبة، قاله جمهور المفسرين، وهو تفسير اللغة، وهو فعل من أفعال النفس، ويقال: حنانك وحنانيك، فقيل: هما لغتان بمعنى واحد، وقيل: حنانيك تثنية الحنان. وقال عطاء بن أبي رباح: "حنانا من لدنا": تعظيما من لدنا.
[المحرر الوجيز: 6/13]
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والحنان في كلام العرب أيضا ما عظم من الأمور في ذات الله تعالى، ومنه قول زيد بن عمرو بن نفيل في خبر بلال بن رباح: والله لئن قتلتم هذا العبد لأتخذن قبره حنانا". وقد روي عن ابن عباس أنه قال: "والله ما أدري ما الحنان". و"الزكاة" التطهير والتنمية في وجوه الخير والبر، و"التقي" فعيل من تقوى الله عز وجل، وروي في تفسير هذه الآية من طريق عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: كل بني آدم يأتي يوم القيامة وله ذنب؛ إلا ما كان من يحيى بن زكريا صلوات الله عليه، وقال قتادة رحمه الله: إن يحيى عليه السلام لم يعص الله قط بصغيرة ولا بكبيرة ولا هم بامرأة، وقال مجاهد: كان طعام يحيى العشب، وكان للدمع في خده مجار ثابتة. ومن الشواهد في الحنان قول امرئ القيس:
وتمنحها بنو شمجى بن جرم معيزهم، حنانك ذا الحنان
[المحرر الوجيز: 6/14]
وقول النابغة:
أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا ... حنانيك بعض الشر أهون من بعض
وقال الآخر:
فقالت: حنان ما أتى بك ها هنا؟ ... أذو نسب أم أنت بالحي عارف؟). [المحرر الوجيز: 6/15]

تفسير قوله تعالى: {وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا (14)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا}، البر: الكثير البر، والجبار: المتكبر، كأنه يجبر الناس على أخلاقه، الجبارة: النخلة العالية العظيمة، والعصي أصله عصوي، فعول بمعنى فاعل، وروي أن يحيى عليه السلام لم يواقع معصية صغيرة ولا كبيرة). [المحرر الوجيز: 6/15]

تفسير قوله تعالى: {وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (15)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله تعالى: {وسلام عليه}، قال الطبري وغيره: معناه: أمان.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والأظهر عندي أنها التحية المتعارفة، فهي أشرف وأنبه من الأمان؛ لأن الأمان متحصل له بنفي العصيان، وهي أقل درجاته، وإنما الشرف في أن سلم الله عليه وحياه في المواطن التي الإنسان فيها في غاية الضعف والحاجة وقلة الحيلة والفقر إلى الله وعظيم الهول.
وذكر الطبري عن الحسن رحمه الله أن عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا صلوات الله
[المحرر الوجيز: 6/15]
عليهما التقيا، وهما ابنا الخالة، فقال يحيى لعيسى: ادع لي فأنت خير مني، فقال له عيسى: بل أنت ادع لي فأنت خير مني، سلم الله عليك وأنا سلمت على نفسي.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
قال لي أبي رحمه الله: انتزع بعض العلماء من هذه الآية في التسليم فضل عيسى بأن قال: إذلاله في التسليم على نفسه ومكانته من الله التي اقتضت ذلك حين قرر وحكى في محكم التنزيل أعظم في المنزلة من أن يسلم عليه. ولكل وجه). [المحرر الوجيز: 6/16]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 4 محرم 1440هـ/14-09-2018م, 05:05 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 4 محرم 1440هـ/14-09-2018م, 05:11 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يا يحيى خذ الكتاب بقوّةٍ وآتيناه الحكم صبيًّا (12) وحنانًا من لدنّا وزكاةً وكان تقيًّا (13) وبرًّا بوالديه ولم يكن جبّارًا عصيًّا (14) وسلامٌ عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيًّا (15)}
وهذا أيضًا تضمّن محذوفًا، تقديره: أنّه وجد هذا الغلام المبشّر به، وهو يحيى، عليه السّلام، وأنّ اللّه علّمه الكتاب، وهو التّوراة الّتي كانوا يتدارسونها بينهم، ويحكم بها النّبيّون الّذين أسلموا للّذين هادوا والرّبّانيّون والأحبار. وقد كان سنّه إذ ذاك صغيرًا، فلهذا نوّه بذكره، وبما أنعم به عليه وعلى والديه، فقال: {يا يحيى خذ الكتاب بقوّةٍ} أي: تعلّم الكتاب {بقوّةٍ} أي: بجدٍّ وحرصٍ واجتهادٍ {وآتيناه الحكم صبيًّا} أي: الفهم والعلم والجدّ والعزم، والإقبال على الخير، والإكباب عليه، والاجتهاد فيه وهو صغيرٌ حدث [السّنّ].
قال عبد اللّه بن المبارك: قال معمرٌ: قال الصّبيان ليحيى بن زكريّا: اذهب بنا نلعب. قال: ما للّعب خلقت، قال: فلهذا أنزل اللّه: {وآتيناه الحكم صبيًّا}).[تفسير القرآن العظيم: 5/ 216]

تفسير قوله تعالى: {وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا (13)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وحنانًا من لدنّا} قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {وحنانًا من لدنّا} يقول: ورحمةً من عندنا، وكذا قال عكرمة، وقتادة، والضّحّاك وزاد: لا يقدر عليها غيرنا. وزاد قتادة: رحم بها زكريّا.
وقال مجاهدٌ: {وحنانًا من لدنّا} وتعطّفًا من ربّه عليه.
وقال عكرمة: {وحنانًا من لدنّا} [قال: محبّةً عليه. وقال ابن زيدٍ: أمّا الحنان فالمحبّة. وقال عطاء بن أبي رباحٍ: {وحنانًا من لدنّا}]، قال: تعظيمًا من لدنا.
وقال ابن جريجٍ: أخبرني عمرو بن دينارٍ، أنّه سمع عكرمة عن ابن عبّاسٍ قال: لا واللّه ما أدري ما حنانًا.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن حميدٍ، حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ: سألت سعيد بن جبيرٍ عن قوله: {وحنانًا من لدنّا}، فقال: سألت عنها عباس، فلم يحر فيها شيئًا.
والظّاهر من هذا السّياق أنّ: {وحنانًا [من لدنّا]} معطوفٌ على قوله: {وآتيناه الحكم صبيًّا} أي: وآتيناه الحكم وحنانًا، {وزكاةً} أي: وجعلناه ذا حنانٍ وزكاةٍ، فالحنان هو المحبّة في شفقةٍ وميلٍ كما تقول العرب: حنّت النّاقة على ولدها، وحنّت المرأة على زوجها. ومنه سمّيت المرأة "حنّة" من الحنّة، وحنّ الرّجل إلى وطنه، ومنه التّعطّف والرّحمة، كما قال الشّاعر
تحنّن علي هداك المليك = فإنّ لكل مقامٍ مقالا
وفي المسند للإمام أحمد، عن أنسٍ، رضي اللّه عنه، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه قال: "يبقى رجلٌ في النّار ينادي ألف سنةٍ: يا حنّان يا منّان"
وقد يثنّي ومنهم من يجعل ما ورد من ذلك لغةً بذاتها، كما قال طرفة:
أنا منذر أفنيت فاستبق بعضنا = حنانيك بعض الشّر أهون من بعض
وقوله: {وزكاةً} معطوفٌ على {وحنانًا} فالزّكاة الطّهارة من الدّنس والآثام والذّنوب.
وقال قتادة: الزّكاة العمل الصّالح.
وقال الضّحّاك وابن جريجٍ: العمل الصّالح الزّكيّ.
وقال العوفيّ عن ابن عبّاسٍ: {وزكاةً} [قال: بركةً] {وكان تقيًّا} طهر، فلم يعمل بذنبٍ). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 216-217]

تفسير قوله تعالى: {وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا (14) وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (15)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وبرًّا بوالديه ولم يكن جبّارًا عصيًّا} لمّا ذكر تعالى طاعته لربّه، وأنّه خلقه ذا رحمةٍ وزكاةٍ وتقًى، عطف بذكر طاعته لوالديه وبرّه بهما، ومجانبته عقوقهما، قولًا وفعلًا [وأمرًا] ونهيًا؛ ولهذا قال: {ولم يكن جبّارًا عصيًّا} ثمّ قال بعد هذه الأوصاف الجميلة جزاءً له على ذلك: {وسلامٌ عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيًّا} أي: له الأمان في هذه الثّلاثة الأحوال.
وقال سفيان بن عيينة: أوحش ما يكون الخلق في ثلاثة مواطن: يوم يولد، فيرى نفسه خارجًا ممّا كان فيه، ويوم يموت فيرى قومًا لم يكن عاينهم، ويوم يبعث، فيرى نفسه في محشرٍ عظيمٍ. قال: فأكرم اللّه فيها يحيى بن زكريّا فخصّه بالسّلام عليه، {وسلامٌ عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيًّا}
رواه ابن جريرٍ عن أحمد بن منصورٍ المروزيّ عن صدقة بن الفضل عنه.
وقال عبد الرّزّاق: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {جبّارًا عصيًّا}، قال: كان ابن المسيّب يذكر قال: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "ما من أحدٍ يلقى اللّه يوم القيامة إلّا ذا ذنبٍ، إلّا يحيى بن زكريّا". قال قتادة: ما أذنب ولا همّ بامرأةٍ، مرسلٌ
وقال محمّد بن إسحاق، عن يحيى بن سعيدٍ، عن سعيد بن المسيّب، حدّثني ابن العاص أنّه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "كلّ بني آدم يأتي يوم القيامة وله ذنبٌ، إلّا ما كان من يحيى بن زكريّا" ابن إسحاق هذا مدلّسٌ، وقد عنعن هذا الحديث، فاللّه أعلم.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عفّان، حدّثنا حمّاد، أخبرنا عليّ بن زيدٍ، عن يوسف بن مهران، عن ابن عبّاسٍ، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "ما من أحدٍ من ولد آدم إلّا وقد أخطأ، أو همّ بخطيئةٍ، ليس يحيى بن زكريّا، وما ينبغي لأحدٍ أن يقول: أنا خيرٌ من يونس بن متّى"
وهذا أيضًا ضعيفٌ؛ لأنّ عليّ بن زيد بن جدعان له منكراتٌ كثيرةٌ، واللّه أعلم.
وقال سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة: أنّ حسن قال: إنّ يحيى وعيسى، عليهما السّلام، التقيا، فقال له عيسى: استغفر لي، أنت خيرٌ منّي، فقال له الآخر: استغفر لي فأنت خيرٌ منّي. فقال له عيسى: أنت خيرٌ منّي، سلّمت على نفسي، وسلّم اللّه عليك، فعرف واللّه فضلهما). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 217-218]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:47 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة