العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير جزء الذاريات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 5 جمادى الآخرة 1434هـ/15-04-2013م, 09:50 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي تفسير سورة الحديد [ من الآية (28) إلى الآية (29) ]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (28) لِئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّن فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)}

روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- أسباب نزول الآية رقم (28)
- أسباب نزول الآية رقم (29)

- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 7 رجب 1434هـ/16-05-2013م, 02:32 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (- أخبرنا مسعر، قال: حدثني معن وعون، أو أحدهما، أن رجلًا أتى عبد الله ابن مسعودٍ، فقال: اعهد إلي؟ فقال: إذا سمعت الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فارعها سمعك، فإنها خيرٌ يأمر به، أو شرٌّ ينهى عنه). [الزهد لابن المبارك: 2/ 18]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا عبدة بن سليمان، عن الأعمش، عن خيثمة، قال: ما تقرؤون في القرآن: {يا أيّها الّذين آمنوا} فإنّ موضعه في التّوراة: يا أيّها المساكين). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 318]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (أخبرنا الحسين بن حريثٍ، قال: أخبرنا الفضل بن موسى، عن سفيان بن سعيدٍ، عن عطاء بن السّائبٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: " كانت ملوكٌ بعد عيسى، بدّلوا التّوراة والإنجيل، فكان منهم مؤمنون يقرءون التّوراة والإنجيل، فقيل لملوكهم: ما نجد شتمًا أشدّ من شتم يشتموننا هؤلاء، إنّهم يقرءون {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} [المائدة: 44] هؤلاء الآيات، مع ما يعيبونّا به من أعمالنا في قراءتهم، فادعهم فليقرءوا كما نقرأ، وليؤمنوا كما آمنّا، فدعاهم فجمعهم فعرض عليهم القتل أو يتركوا قراءة التّوراة والإنجيل، إلّا ما بدّلوا منها، فقالوا: ما تريدون إلى ذلك، دعونا، فقالت طائفةٌ منهم: ابنوا لنا أسطوانةً ثمّ ارفعونا إليها، ثمّ أعطونا شيئًا نرفع به طعامنا وشرابنا، فلا نرد عليكم، وقالت طائفةٌ: دعونا نسيح في الأرض، ونهيم ونشرب كما يشرب الوحش، فإن قدرتم علينا في أرضكم فاقتلونا، وقالت طائفةٌ: ابنوا لنا دورًا في الفيافي، ونحتفر الآبار، ونحرث البقول، فلا نرد عليكم، ولا نمرّ بكم، وليس أحدٌ من القبائل إلّا وله حميمٌ فيهم، ففعلوا ذلك، فأنزل الله عزّ وجلّ {ورهبانيّةً ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلّا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حقّ رعايتها} [الحديد: 27]، والآخرون قالوا: نتعبّد كما تعبّد فلانٌ، ونسيح كما ساح فلانٌ، ونتّخذ دورًا كما اتّخذ فلانٌ، وهم على شركهم، لا علم لهم بإيمان الّذين اقتدوا به، فلمّا بعث النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ولم يبق منهم إلّا القليل، انحطّ رجلٌ من صومعته، وجاء سائحٌ من سياحته، وصاحب الدّير من ديره، فأمنوا به وصدّقوه، فقال الله عزّ وجلّ: {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته} [الحديد: 28]، أجرين بإيمانهم بعيسى ابن مريم، وتصديقهم بالتّوراة والإنجيل، وبإيمانهم بمحمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم، وتصديقهم، قال: {ويجعل لكم نورًا تمشون به} [الحديد: 28]، القرآن واتّباعهم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قال: {لئلّا يعلم أهل الكتاب} [الحديد: 29]، الّذين يتشبّهون بكم {ألّا يقدرون على شيءٍ من فضل الله وأنّ الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم} [الحديد: 29]). [السنن الكبرى للنسائي: 10/288] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورًا تمشون به ويغفر لكم واللّه غفورٌ رحيمٌ}.
يقول تعالى ذكره: يا أيّها الّذين صدّقوا اللّه ورسوله من أهل الكتابين التّوراة والإنجيل، خافوا اللّه بأداء طاعته، واجتناب معاصيه، وآمنوا برسوله محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- كما: حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: ثني أبي، ثني عمّي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وآمنوا برسوله}. يعني الّذين آمنوا من أهل الكتاب.
- حدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وآمنوا برسوله}. يعني: الّذين آمنوا من أهل الكتاب.
وقوله: يؤتكم كفلين من رحمته يعطكم ضعفين من الأجر لإيمانكم بعيسى صلّى اللّه عليه وسلّم، والأنبياء قبل محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، ثمّ إيمانكم بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم حين بعث نبيًّا.
وأصل الكفل: الحظّ، وأصله: ما يكتفل به الرّاكب، فيحبسه ويحفظه عن السّقوط؛ يقول: يحصّنكم هذا الكفل من العذاب، كما يحصن الكفل الرّاكب من السّقوط.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو عمّارٍ المروزيّ قال: حدّثنا الفضل بن موسى، عن سفيان، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، {يؤتكم كفلين من رحمته}. قال: أجرين، لإيمانهم بعيسى صلّى اللّه عليه وسلّم، وتصديقهم بالتّوراة والإنجيل، وإيمانهم بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، وتصديقهم به.
- قال: حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ {يؤتكم كفلين من رحمته}. قال: أجرين: إيمانهم بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، وإيمانهم بعيسى صلّى اللّه عليه وسلّم، والتّوراة والإنجيل.
- وبه عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ؛ وهارون بن عنترة، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ {يؤتكم كفلين من رحمته}. قال: أجرين.
- حدّثنا عليّ قال: حدّثنا أبو صالحٍ قال: حدّثنا معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {يؤتكم كفلين من رحمته}. يقول: ضعفين.
- قال: حدّثنا مهران قال: حدّثنا يعقوب، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبيرٍ قال: بعث النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم جعفرًا في سبعين راكبًا إلى النّجاشيّ يدعوه، فقدم عليه، فدعاه فاستجاب له وآمن به؛ فلمّا كان انصرافه قال ناسٌ ممّن قد آمن به من أهل مملكته، وهم أربعون رجلاً: ائذن لنا، فنأتي هذا النّبيّ، فنسلم به، ونجدّف بهؤلاء في البحر، فإنّا أعلم بالبحر منهم، فقدموا مع جعفرٍ على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وقد تهيّأ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لوقعة أحدٍ؛ فلمّا رأوا ما بالمسلمين من الخصاصة وشدّة الحال، استأذنوا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، قالوا: يا نبيّ اللّه إنّ لنا أموالاً، ونحن نرى ما بالمسلمين من الخصاصة، فإن أذنت لنا انصرفنا، فجئنا بأموالنا، وواسينا المسلمين بها فأذن لهم، فانصرفوا، فأتوا بأموالهم، فواسوا بها المسلمين، فأنزل اللّه فيهم {الّذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون}. إلى قوله: {وممّا رزقناهم ينفقون}. فكانت النّفقة الّتي واسوا بها المسلمين؛ فلمّا سمع أهل الكتاب ممّن لم يؤمن بقوله: {يؤتون أجرهم مرّتين بما صبروا}. فخروا على المسلمين، فقالوا: يا معشر المسلمين، أمّا من آمن منّا بكتابكم وكتابنا فله أجره مرّتين، ومن لم يؤمن بكتابكم فله أجرٌ كأجوركم، فما فضّلكم علينا، فأنزل اللّه {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته} فجعل لهم أجرهم مرّتين، وزادهم النّور والمغفرة، ثمّ قال: (لكيلا يعلم أهل الكتاب) وهكذا قرأها سعيد بن جبيرٍ: (لكيلا يعلم أهل الكتاب ألاّ يقدرون على شيءٍ).
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {يؤتكم كفلين من رحمته}. قال: ضعفين.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: ثني أبي قال: ثني عمّي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاس: {يؤتكم كفلين من رحمته}. قال: والكفلان أجران بإيمانهم الأوّل، وبالكتاب الّذي جاء به محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وآمنوا برسوله}. يعني الّذين آمنوا من أهل الكتاب {يؤتكم كفلين من رحمته}. يقول: أجرين بإيمانكم بالكتاب الأوّل، والّذي جاء به محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {يؤتكم كفلين من رحمته}. قال: أجرين: أجر الدّنيا، وأجر الآخرة.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا حكّامٌ، عن سفيان قال: حدّثنا عنبسة، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن أبي موسى، {يؤتكم كفلين من رحمته}. قال: الكفلان: ضعفان من الأجر بلسان الحبشة.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن الشّعبيّ قال: إنّ النّاس يوم القيامة على أربع منازل: رجلٌ كان مؤمنًا بعيسى، فآمن بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، فله أجران ورجلٌ كان كافرًا بعيسى، فآمن بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، فله أجرٌ، ورجلٌ كان كافرًا بعيسى، فكفر بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، فباء بغضبٍ على غضبٍ ورجلٌ كان كافرًا بعيسى من مشركي العرب، فمات بكفره قبل محمّدٍ فباء بغضبٍ.
- حدّثني العبّاس بن الوليد قال: أخبرني أبي قال: سألت سعيد بن عبد العزيز، عن الكفل، كم هو؟ قال: ثلاث مئةٍ وخمسون حسنةً، الكفلان: سبع مائة حسنةٍ.
- قال سعيدٌ: سأل عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه حبرًا من أحبار اليهود: كم أفضل ما ضعّفت لكم الحسنة؟ قال: كفلٌ ثلاث مئةٍ وخمسون حسنةً؛ قال: فحمد اللّه عمر على أنّه أعطانا كفلين ثمّ ذكر سعيدٌ قول اللّه عزّ وجلّ في سورة الحديد {يؤتكم كفلين من رحمته}. فقلت له: الكفلان في الجمعة مثل هذا؟ قال: نعم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك صحّ الخبر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يعقوب قال: حدّثنا ابن عليّة قال: حدّثنا معمر بن راشدٍ، عن فراسٍ، عن الشّعبيّ، عن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبيه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ثلاثةٌ يؤتون أجرهم مرّتين: رجلٌ آمن بالكتاب الأوّل والكتاب الآخر، ورجلٌ كانت له أمةٌ فأدّبها وأحسن تأديبها، ثمّ أعتقها فتزوّجها، وعبدٌ مملوكٌ أحسن عبادة ربّه، ونصح لسيّده.
- حدّثني يعقوب قال: حدّثنا ابن أبي زائدة قال: ثني صالح بن صالحٍ الهمدانيّ، عن عامرٍ، عن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبي موسى، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، بنحوه.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى قال: ثني عبد الصّمد قال: حدّثنا شعبة، عن صالح بن صالحٍ، سمع الشّعبيّ يحدّث، عن أبي بردة، عن أبي موسى الأشعريّ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بنحوه.
- حدّثني محمّد بن عبد اللّه بن عبد الحكم قال: أخبرنا إسحاق بن الفرات، عن يحيى بن أيّوب قال: قال يحيى بن سعيدٍ: أخبرنا نافعٌ، أنّ عبد اللّه بن عمر قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: إنّما آجالكم في آجال من خلا من الأمم كما بين صلاة العصر إلى مغرب الشّمس، وإنّما مثلكم ومثل اليهود والنّصارى كمثل رجلٍ استأجر عمّالاً، فقال: من يعمل من بكرةٍ إلى نصف النّهار على قيراطٍ قيراطٍ، ألا فعملت اليهود، ثمّ قال: من يعمل من نصف النّهار إلى صلاة العصر على قيراطٍ قيراطٍ، ألا فعملت النّصارى، ثمّ قال: من يعمل من صلاة العصر إلى مغارب الشّمس على قيراطين قيراطين؟ ألا فعملتم.
- حدّثني عليّ بن سهلٍ قال: حدّثنا مؤمّلٌ قال: حدّثنا سفيان، عن عبد اللّه بن دينارٍ، أنّه سمع ابن عمر، يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: مثل هذه الأمّة أو قال: أمّتي ومثل اليهود والنّصارى، كمثل رجلٍ قال: من يعمل لي من غدوةٍ إلى نصف النّهار على قيراطٍ قالت اليهود: نحن، فعملوا؛ قال: فمن يعمل من نصف النّهار إلى صلاة العصر على قيراطٍ؟ قالت النّصارى: نحن، فعملوا، وأنتم المسلمون تعملون من صلاة العصر إلى اللّيل على قيراطين، فغضبت اليهود والنّصارى وقالوا: نحن أكثر عملاً، وأقلّ أجرًا قال: هل ظلمتكم من أجوركم شيئًا؟ قالوا: لا قال: فذاك فضلي أوتيه من أشاء.
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: أخبرني اللّيث، وابن لهيعة، عن سليمان بن عبد الرّحمن، عن القاسم بن عبد الرّحمن، عن أبي أمامة الباهليّ، أنّه قال: شهدت خطبة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يوم حجّة الوداع، فقال قولاً كثيرًا حسنًا جميلاً، وكان فيها: من أسلم من أهل الكتابين فله أجره مرّتين، وله مثل الّذي لنا، وعليه مثل الّذي علينا ومن أسلم من المشركين فله أجره، وله مثل الّذي لنا، وعليه مثل الّذي علينا.
وقوله: {ويجعل لكم نورًا تمشون به}. اختلف أهل التّأويل في الّذي عنى به النّور في هذا الموضع، فقال بعضهم: عني به القرآن.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو عمّارٍ المروزيّ قال: حدّثنا الفضل بن موسى، عن سفيان، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، {ويجعل لكم نورًا تمشون به}. قال: القرآن واتّباعهم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ {ويجعل لكم نورًا تمشون به}. قال: الفرقان، واتّباعهم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثنا أبو كريبٍ، وأبو هشامٍ قالا: حدّثنا يحيى بن يمانٍ، عن سفيان، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ {ويجعل لكم نورًا تمشون به}. قال: القرآن.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن عطاءٍ، عن سعيدٍ، مثله.
وقال آخرون: عني بالنّور في هذا الموضع: الهدى.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {تمشون به}. قال: هدًى.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب أن يقال: إنّ اللّه تعالى ذكره وعد هؤلاء القوم أن يجعل لهم نورًا يمشون به، والقرآن مع اتّباع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نورٌ لمن آمن بهما وصدّقهما وهدًى، لأنّ من آمن بذلك، فقد اهتدى.
وقوله: {ويغفر لكم}. يقول: ويصفح لكم عن ذنوبكم فيسترها عليكم {واللّه غفورٌ رحيمٌ} يقول تعالى ذكره: واللّه ذو مغفرةٍ ورحمةٍ). [جامع البيان: 22/434-442]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد يؤتكم كفلين من رحمته يعني ضعفين من الأجر). [تفسير مجاهد: 2/658]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا إسرائيل عن أبي إسحق الهمذاني عن أبي الأحوص عن أبي موسى الأشعري في قوله يؤتكم كفلين من رحمته قال ضعفين وهو بلسان الحبشة). [تفسير مجاهد: 2/658]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ويجعل لكم نورا يعني هدى تهتدون به). [تفسير مجاهد: 2/658]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (س) (ابن عباس - رضي الله عنهما -): قال: كانت ملوكٌ بعد عيسى -عليه السلام- بدّلوا التّوراة والإنجيل، وكان فيهم مؤمنون يقرؤون التوراة والإنجيل، قيل لملوكهم: ما نجد شتماً أشدّ من شتمٍ يشتمونا هؤلاء، إنهم يقرؤون {ومن لم يحكم بما أنزل اللّه فأولئك هم الكافرون} [المائدة: 44] مع ما يعيبونا به في أعمالنا في قراءتهم، فادعهم فليقرؤوا كما نقرأ، وليؤمنوا كما آمنّا، فدعاهم فجمعهم، وعرض عليهم القتل أو يتركوا قراءة التّوراة والإنجيل، إلا ما بدّلوا منها، فقالوا: ما تريدون إلى ذلك؟ دعونا، فقالت طائفةٌ منهم: ابنوا لنا أسطواناً، ثم ارفعونا إليها، ثم أعطونا شيئاً نرفع به طعامنا وشرابنا، فلا نرد عليكم، وقالت طائفةٌ: دعونا نسيح في الأرض، ونهيم ونشرب كما يشرب الوحش، فإن قدرتم علينا في أرضكم فاقتلونا، وقالت طائفةٌ منهم: ابنوا لنا دوراً في الفيافي، ونحتفر الآبار، ونحترث البقول، ولا نرد عليكم، ولا نمرّ بكم، وليس أحدٌ من القبائل إلا وله حميمٌ فيهم، قال: ففعلوا ذلك، فأنزل الله عز وجل: {ورهبانيّةً ابتدعوها ما كتبناها عليهم - إلا ابتغاء رضوان اللّه - فما رعوها حقّ رعايتها} [الحديد: 27] والآخرون قالوا: نتعبّد كما تعبّد فلانٌ، ونسيح كما ساح فلانٌ، وهم على شركهم، ولا علم لهم بإيمان الذين اقتدوا بهم، فلمّا بعث النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يبق منهم إلا قليلٌ، انحطّ رجلٌ من صومعته، وجاء سائحٌ من سياحته، وصاحب الدّير من ديره، فآمنوا به وصدّقوه، فقال الله تبارك وتعالى: {يا أيّها الذين آمنوا اتّقوا اللّه وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته} [الحديد: 28]: أجرين، بإيمانهم بعيسى عليه السلام، وبالتوارة والإنجيل، وبإيمانهم بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم وتصديقهم، وقال: {ويجعل لكم نوراً تمشون به} [الحديد: 28]: القرآن، واتّباعهم النبيّ صلى الله عليه وسلم، قال: {لئلّا يعلم أهل الكتاب} [الحديد: 29] الذين يتشبّهون بكم {ألّا يقدرون على شيءٍ من فضل اللّه}... الآية. أخرجه النسائي.
[شرح الغريب]
(نهيم) هام في البراري: إذا ذهب لوجهه على غير جادة، ولا طالب مقصد.
(الفيافي) البراري). [جامع الأصول: 2/376-378] (م)
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وآمنوا برسوله} [الحديد: 28].
- عن ابن عبّاسٍ «أنّ أربعين من أصحاب النّجاشيّ قدموا على النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - فشهدوا معه وقعة أحدٍ، فكانت فيهم جراحاتٌ ولم يقتل منهم، فلمّا رأوا ما بالمؤمنين من الحاجة قالوا: يا رسول اللّه، إنّا أهل ميسرةٍ، فائذن لنا نجيء بأموالنا نواسي بها المسلمين. فأنزل اللّه - عزّ وجلّ - فيهم {الّذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون} [القصص: 52] الآية أولئك يؤتون أجرهم مرّتين بما صبروا) فجعل لهم أجرين قال: (ويدرؤون بالحسنة السّيّئة) قال: تلك النّفقة الّتي واسوا بها المسلمين، نزلت هذه الآية. قالوا: يا معشر المسلمين، أمّا من آمن منّا بكتابكم فله أجران، ومن لم يؤمن بكتابكم فله أجرٌ كأجوركم، فأنزل اللّه {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورًا تمشون به ويغفر لكم} [الحديد: 28] فزادهم النّور والمغفرة، وقال: {لئلّا يعلم أهل الكتاب ألّا يقدرون على شيءٍ من فضل اللّه} [الحديد: 29]».
رواه الطّبرانيّ، وفيه من لم أعرفه). [مجمع الزوائد: 7/121]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 28 - 29.
أخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس أن أربعين من أصحاب النجاشي قدموا على النّبيّ صلى الله عليه وسلم فشهدوا معه أحدا فكانت فيهم جراحات ولم يقتل منهم أحد فلما رأوا ما بالمؤمنين من الحاجة قالوا يا رسول الله: إنا أهل ميسرة فائذن لنا نجيء بأموالنا نواسي بها المسلمين فأنزل الله فيهم {الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون} إلى قوله: {أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا} فجعل لهم أجرين قال: {ويدرؤون بالحسنة السيئة} قال: أي النفقة التي واسوا بها المسلمين فلما نزلت هذه الآية قالوا: يا معشر المسلمين أما من آمن منا بكتابكم فله أجران ومن لم يؤمن بكتابكم فله أجر كأجوركم فأنزل الله {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم} فزادهم النور والمغفرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير مثله). [الدر المنثور: 14/292]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال: لما نزلت {أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا} فخر مؤمنو أهل الكتاب على أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: لنا أجران ولكم أجر فاشتد ذلك على الصحابة فأنزل الله {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته} فجعل لهم أجرين مثل أجور مؤمني أهل الكتاب وسوى بينهم في الأجر). [الدر المنثور: 14/293]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس {يؤتكم كفلين من رحمته} قال: أجرين {ويجعل لكم نورا تمشون به} قال: القرآن). [الدر المنثور: 14/293]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد {يؤتكم كفلين من رحمته} قال: ضعفين {ويجعل لكم نورا تمشون به} قال: هدى). [الدر المنثور: 14/293]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك في قوله: {كفلين} قال: أجرين). [الدر المنثور: 14/293]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {كفلين} قال: حظين). [الدر المنثور: 14/293]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {كفلين} قال: ضعفين). [الدر المنثور: 14/293]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أبي موسى في قوله: {كفلين} قال: ضعفين وهي بلسان الحبشة). [الدر المنثور: 14/293]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عمر في قوله: {يؤتكم كفلين من رحمته} قال: الكفل ثلاثمائة جزء وخمسون جزأ من رحمة الله). [الدر المنثور: 14/294]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن أبي قلابة في قوله: {يؤتكم كفلين من رحمته} قال: الكفل ثلاثمائة جزء من الرحمة). [الدر المنثور: 14/294]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الضريس عن سعيد بن جبير {ويجعل لكم نورا تمشون به} قال: القرآن). [الدر المنثور: 14/294]

تفسير قوله تعالى: (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله كفلين من رحمته قال بلغنا أنها حين نزلت حسدها أهل الكتاب على المسلمين فأنزل الله تعالى لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله
قال معمر وسمعت آخر يقول لما نزلت أولئك يؤتون أجرهم مرتين أنزل الله تعالى يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته). [تفسير عبد الرزاق: 2/276]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({لئلّا يعلم أهل الكتاب} [الحديد: 29] : " ليعلم أهل الكتاب). [صحيح البخاري: 6/147]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله لئلّا يعلم أهل الكتاب ليعلم أهل الكتاب هو قول أبي عبيدة وقال الفرّاء العرب تجعل لا صلةً في الكلام إذا دخل في أوّله جحدٌ أو في آخره جحد كهذه الآية وكقوله ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك انتهى وحكى عن قراءة بن عبّاسٍ والجحدريّ ليعلم وهو يؤيّد كونها مزيدةً وأمّا قراءة مجاهدٍ لكيلا فهي مثل لئلّا). [فتح الباري: 8/628]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ({لئلاّ يعلم أهل الكتاب} (الحديد: 29) ليعلم أهل الكتاب
أراد به أن كلمة لا صلة تقديره: ليعلم، وقال الفراء: تجعل لا صلة في الكلام إذا دخل في أوله جحد أو في آخره جحد كهذه الآية وكقوله: {ما منعك أن لا تسجد} (الأعراف: 12) وقرأ سعيد بن جبير لكي لا يعلم أهل الكتاب). [عمدة القاري: 19/222]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({لئلا يعلم أهل الكتاب} ليعلم أهل الكتاب) فلا صلة). [إرشاد الساري: 7/374]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (أخبرنا الحسين بن حريثٍ، قال: أخبرنا الفضل بن موسى، عن سفيان بن سعيدٍ، عن عطاء بن السّائبٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: " كانت ملوكٌ بعد عيسى، بدّلوا التّوراة والإنجيل، فكان منهم مؤمنون يقرءون التّوراة والإنجيل، فقيل لملوكهم: ما نجد شتمًا أشدّ من شتم يشتموننا هؤلاء، إنّهم يقرءون {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} [المائدة: 44] هؤلاء الآيات، مع ما يعيبونّا به من أعمالنا في قراءتهم، فادعهم فليقرءوا كما نقرأ، وليؤمنوا كما آمنّا، فدعاهم فجمعهم فعرض عليهم القتل أو يتركوا قراءة التّوراة والإنجيل، إلّا ما بدّلوا منها، فقالوا: ما تريدون إلى ذلك، دعونا، فقالت طائفةٌ منهم: ابنوا لنا أسطوانةً ثمّ ارفعونا إليها، ثمّ أعطونا شيئًا نرفع به طعامنا وشرابنا، فلا نرد عليكم، وقالت طائفةٌ: دعونا نسيح في الأرض، ونهيم ونشرب كما يشرب الوحش، فإن قدرتم علينا في أرضكم فاقتلونا، وقالت طائفةٌ: ابنوا لنا دورًا في الفيافي، ونحتفر الآبار، ونحرث البقول، فلا نرد عليكم، ولا نمرّ بكم، وليس أحدٌ من القبائل إلّا وله حميمٌ فيهم، ففعلوا ذلك، فأنزل الله عزّ وجلّ {ورهبانيّةً ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلّا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حقّ رعايتها} [الحديد: 27]، والآخرون قالوا: نتعبّد كما تعبّد فلانٌ، ونسيح كما ساح فلانٌ، ونتّخذ دورًا كما اتّخذ فلانٌ، وهم على شركهم، لا علم لهم بإيمان الّذين اقتدوا به، فلمّا بعث النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ولم يبق منهم إلّا القليل، انحطّ رجلٌ من صومعته، وجاء سائحٌ من سياحته، وصاحب الدّير من ديره، فأمنوا به وصدّقوه، فقال الله عزّ وجلّ: {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته} [الحديد: 28]، أجرين بإيمانهم بعيسى ابن مريم، وتصديقهم بالتّوراة والإنجيل، وبإيمانهم بمحمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم، وتصديقهم، قال: {ويجعل لكم نورًا تمشون به} [الحديد: 28]، القرآن واتّباعهم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قال: {لئلّا يعلم أهل الكتاب} [الحديد: 29]، الّذين يتشبّهون بكم {ألّا يقدرون على شيءٍ من فضل الله وأنّ الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم} [الحديد: 29]). [السنن الكبرى للنسائي: 10/288] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {لئلاّ يعلم أهل الكتاب ألاّ يقدرون على شيءٍ من فضل اللّه وأنّ الفضل بيد اللّه يؤتيه من يشاء واللّه ذو الفضل العظيم}.
يقول تعالى ذكره للمؤمنين به وبمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم من أهل الكتاب، يفعل بكم ربّكم هذا لكي يعلم أهل الكتاب أنّهم لا يقدرون على شيءٍ من فضل اللّه الّذي آتاكم وخصّكم به، لأنّهم كانوا يرون أنّ اللّه قد فضّلهم على جميع الخلق، فأعلمهم اللّه جلّ ثناؤه أنّه قد آتى أمّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم من الفضل والكرامة، ما لم يؤتهم، وأنّ أهل الكتاب حسدوا المؤمنين لمّا نزل قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورًا تمشون به ويغفر لكم واللّه غفورٌ رحيمٌ}. فقال اللّه عزّ وجلّ: فعلت ذلك ليعلم أهل الكتاب أنّهم لا يقدرون على شيءٍ من فضل اللّه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وآمنوا برسوله}. الآية قال: لمّا نزلت هذه الآية، حسد أهل الكتاب المسلمين عليها، فأنزل اللّه عزّ وجلّ {لئلاّ يعلم أهل الكتاب ألاّ يقدرون} الآية. قال: ذكر لنا أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يقول: إنّما مثلنا ومثل أهل الكتابين قبلنا، كمثل رجلٍ استأجر أجراء يعملون إلى اللّيل على قيراطٍ، فلمّا انتصف النّهار سئموا عمله وملّوا، فحاسبهم، فأعطاهم نصف قيراطٍ، ثمّ استأجر أجراء يعملون إلى اللّيل على قيراطٍ، فعملوا إلى صلاة العصر، ثمّ سئموا وملّوا عمله، فحاسبهم، فأعطاهم على قدر ذلك، ثمّ استأجر أجراء إلى اللّيل على قيراطين، يعملون له بقيّة عمله، فقيل له: ما شأن هؤلاء أقلّهم عملاً، وأكثرهم أجرًا؟ قال: مالي أعطي من شئت، فأرجو أن نكون نحن أصحاب القيراطين.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة {كفلين من رحمته} قال: بلغنا أنّها حين نزلت حسد أهل الكتاب المسلمين، فأنزل اللّه {لئلاّ يعلم أهل الكتاب ألاّ يقدرون على شيءٍ من فضل اللّه}.
- حدّثنا أبو عمّارٍ قال: حدّثنا الفضل بن موسى، عن سفيان، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، {لئلاّ يعلم أهل الكتاب}. الّذين يتسمّعون {ألاّ يقدرون على شيءٍ من فضل اللّه}.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، مثله.
وقيل: {لئلاّ يعلم} إنّما هو ليعلم وذكر أنّ ذلك في قراءة عبد اللّه لكي يعلم أهل الكتاب ألاّ يقدرون لأنّ العرب تجعل (لا) صلةً في كلّ كلامٍ دخل في أوّله أو آخره جحدٌ غير مصرّحٍ، كقوله في الجحد السّابق، الّذي لم يصرّح به {ما منعك ألاّ تسجد إذ أمرتك}. وقوله: {وما يشعركم أنّها إذا جاءت لا يؤمنون}. وقوله: {وحرامٌ على قريةٍ أهلكناها}. الآية، ومعنى ذلك: أهلكناها أنّهم يرجعون.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم قال: حدّثنا ابن عليّة قال: أخبرنا أبو هارون الغنويّ قال: قال خطّاب بن عبد اللّه {لئلاّ يعلم أهل الكتاب ألاّ يقدرون على شيءٍ من فضل اللّه}.
- قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي المعلّى قال: كان سعيد بن جبيرٍ يقول: لكيلا يعلم أهل الكتاب.
وقوله: {وأنّ الفضل بيد اللّه}. يقول تعالى ذكره: وليعلموا أنّ الفضل بيد اللّه دونهم، ودون غيرهم من الخلق {يؤتيه من يشاء}. يقول: يعطي فضله ذلك من يشاء من خلقه، ليس ذلك إلى أحدٍ سواه {واللّه ذو الفضل العظيم}. يقول تعالى ذكره: واللّه ذو الفضل على خلقه، العظيم فضله). [جامع البيان: 22/442-445]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (س) (ابن عباس - رضي الله عنهما -): قال: كانت ملوكٌ بعد عيسى -عليه السلام- بدّلوا التّوراة والإنجيل، وكان فيهم مؤمنون يقرؤون التوراة والإنجيل، قيل لملوكهم: ما نجد شتماً أشدّ من شتمٍ يشتمونا هؤلاء، إنهم يقرؤون {ومن لم يحكم بما أنزل اللّه فأولئك هم الكافرون} [المائدة: 44] مع ما يعيبونا به في أعمالنا في قراءتهم، فادعهم فليقرؤوا كما نقرأ، وليؤمنوا كما آمنّا، فدعاهم فجمعهم، وعرض عليهم القتل أو يتركوا قراءة التّوراة والإنجيل، إلا ما بدّلوا منها، فقالوا: ما تريدون إلى ذلك؟ دعونا، فقالت طائفةٌ منهم: ابنوا لنا أسطواناً، ثم ارفعونا إليها، ثم أعطونا شيئاً نرفع به طعامنا وشرابنا، فلا نرد عليكم، وقالت طائفةٌ: دعونا نسيح في الأرض، ونهيم ونشرب كما يشرب الوحش، فإن قدرتم علينا في أرضكم فاقتلونا، وقالت طائفةٌ منهم: ابنوا لنا دوراً في الفيافي، ونحتفر الآبار، ونحترث البقول، ولا نرد عليكم، ولا نمرّ بكم، وليس أحدٌ من القبائل إلا وله حميمٌ فيهم، قال: ففعلوا ذلك، فأنزل الله عز وجل: {ورهبانيّةً ابتدعوها ما كتبناها عليهم - إلا ابتغاء رضوان اللّه - فما رعوها حقّ رعايتها} [الحديد: 27] والآخرون قالوا: نتعبّد كما تعبّد فلانٌ، ونسيح كما ساح فلانٌ، وهم على شركهم، ولا علم لهم بإيمان الذين اقتدوا بهم، فلمّا بعث النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يبق منهم إلا قليلٌ، انحطّ رجلٌ من صومعته، وجاء سائحٌ من سياحته، وصاحب الدّير من ديره، فآمنوا به وصدّقوه، فقال الله تبارك وتعالى: {يا أيّها الذين آمنوا اتّقوا اللّه وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته} [الحديد: 28]: أجرين، بإيمانهم بعيسى عليه السلام، وبالتوارة والإنجيل، وبإيمانهم بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم وتصديقهم، وقال: {ويجعل لكم نوراً تمشون به} [الحديد: 28]: القرآن، واتّباعهم النبيّ صلى الله عليه وسلم، قال: {لئلّا يعلم أهل الكتاب} [الحديد: 29] الذين يتشبّهون بكم {ألّا يقدرون على شيءٍ من فضل اللّه}... الآية. أخرجه النسائي.
[شرح الغريب]
(نهيم) هام في البراري: إذا ذهب لوجهه على غير جادة، ولا طالب مقصد.
(الفيافي) البراري). [جامع الأصول: 2/376-378] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن يزيد بن حازم قال: سمعت عكرمة وعبد الله بن أبي سلمة رضي الله عنهما قرأ أحدهما {لئلا يعلم أهل الكتاب} وقرأ الآخر ليعلم أهل الكتاب). [الدر المنثور: 14/294]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قسم العمل وقسم الأجر وفي لفظ وقسم الأجل فقيل لليهود: اعملوا فعملوا إلى نصف النهار فقيل: لكم قيراط وقيل للنصارى: اعملوا فعملوا من نصف النهار فقيل: لكم قيراط وقيل للمسلمين: اعملوا فعملوا من العصر إلى غروب الشمس فقيل: لكم قيراطان فتكلمت اليهود والنصارى في ذلك فقالت اليهود: أنعمل إلى نصف النهار فيكون لنا قيراط وقالت النصارى: أنعمل من نصف النهار إلى العصر فيكون لنا قيراط ويعمل هؤلاء من العصر إلى غروب الشمس فيكون لهم قيراطان فأنزل الله {لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله} إلى آخر الآية ثم قال: إن مثلكم فيما قبلكم من الأمم كما بين العصر إلى غروب الشمس). [الدر المنثور: 14/294-295]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال: لما نزلت {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله} الآية حسدهم أهل الكتاب عليها فأنزل الله {لئلا يعلم أهل الكتاب} الآية). [الدر المنثور: 14/295]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه قال: قالت اليهود: يوشك أن يخرج منا نبي فيقطع الأيدي والأرجل فلما خرج من العرب كفروا فأنزل الله {لئلا يعلم أهل الكتاب} الآية يعني بالفضل النبوة). [الدر المنثور: 14/295]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد ابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه قرأ (كي لا يعلم أهل الكتاب) والله أعلم). [الدر المنثور: 14/296]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 7 رجب 1434هـ/16-05-2013م, 03:10 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي


التفسير اللغوي



تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يؤتكم كفلين من رّحمته...}.
الكفل: الحظ، وهو في الأصل ما يكتفل به الراكب فيحبسه ويحفظه عن السقوط، يقول: يحصنكم الكفل من عذاب الله، كما يحصّن هذا الراكب الكفل من السقوط). [معاني القرآن: 3/137]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({ يؤتكم كفلين من رحمته }: أي : مثلين). [مجاز القرآن: 2/254]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {كفلين من رحمته}: ضعفين وتجمع الكفل أكفالا وكفولا). [غريب القرآن وتفسيره: 371]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ( {يؤتكم كفلين من رحمته}: نصيبين وحظين). [تفسير غريب القرآن: 455]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم واللّه غفور رحيم}
معني : {آمنوا برسوله}: صدّقوا برسوله.
وقوله عزّ وجلّ: {يؤتكم كفلين من رحمته} : معناه يؤتكم نصيبين من رحمته، وإنّما اشتقاقه في اللغة من الكفل، وهو كساء يجعله الراكب تحته إذا ارتدف لئلا يسقط، فتأويله يؤتكم نصيبين يحفظانكم من هلكة المعاصي.
{ويجعل لكم نورا تمشون به} , كما قال عزّ وجلّ: {نورهم يسعى بين أيديهم}
وهذه علامة المؤمنين في القيامة، ودليل ذلك قوله: {يوم يقول المنافقون والمنافقات للّذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم}
ويجوز أن يكون , واللّه أعلم: {ويجعل لكم نورا تمشون به}: يجعل لهم سبيلا واضحا من الهدى تهتدون به). [معاني القرآن: 5/131]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {كفلين}: أي: نصيبين من رحمته). [ياقوتة الصراط: 506]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({كِفْلَيْنِ} نصيبين وحظّين). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 261]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({كِفْلَيْنِ}: ضعفين). [العمدة في غريب القرآن: 301]

تفسير قوله تعالى: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {لّئلاّ يعلم أهل الكتاب...}.
وفي قراءة عبد الله: { لكي يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون}, والعرب تجعل لا صلة في كل كلام دخل في آخره جحد، أو في جحد غير مصرح، فهذا مما دخل آخره الجحد، فجعلت (لا) في أوله صلة. وأما الجحد السابق الذي لم يصرح به فقوله عز وجل: {ما منعك ألاّ تسجد}.
وقوله: {وما يشعركم أنّها إذا جاءت لا يؤمنون}.
وقوله: {وحرامٌ على قريةٍ أهلكناها أنّهم لا يرجعون}.
وفي الحرام معنى الجحد والمنع، وفي قوله:{وما يشعركم}: فلذلك جعلت (لا) بعده صلة معناها السقوط من الكلام). [معاني القرآن: 3/137-138]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({لئلّا يعلم أهل الكتاب}: مجازها ليعلم أهل الكتاب). [مجاز القرآن: 2/254]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({لّئلاّ يعلم أهل الكتاب ألاّ يقدرون على شيءٍ مّن فضل اللّه وأنّ الفضل بيد اللّه يؤتيه من يشاء واللّه ذو الفضل العظيم}
وقال: {لّئلاّ يعلم أهل الكتاب ألاّ يقدرون على شيءٍ} يقول: لأن يعلم). [معاني القرآن: 4/26-27]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({لئلا يعلم أهل الكتاب}: ليعلم أهل الكتاب). [غريب القرآن وتفسيره: 371]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
: ( {لئلّا يعلم أهل الكتاب ألّا يقدرون} : أي : ليعلموا أنهم لا يقدرون {على شيءٍ من فضل اللّه}). [تفسير غريب القرآن: 455]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقوله سبحانه: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} يريد ليعلم أهل الكتاب أنهم لا يقدرون، فزاد (لا) في أول الكلام، لأن في آخر الكلام جحدا.
وكذلك قوله أبي النجم:
فما ألوم البيضَ ألا تسخرا
أي أن تسخرا، فزاد (لا) في آخر الكلام، للجحد في أوله.
وقول العجّاج:
في بئرِ لا حُورٍ سَرَى وَمَا شَعَر
فزاده (لا) في أول الكلام، لأن في آخره جحدا). [تأويل مشكل القرآن: 245-246]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
: (وقوله: {لئلّا يعلم أهل الكتاب ألّا يقدرون على شيء من فضل اللّه وأنّ الفضل بيد اللّه يؤتيه من يشاء واللّه ذو الفضل العظيم} المعنى: فعل الله بكم ذلك كما فعل بمن آمن من أهل الكتاب لأن يعلموا و (لا) مؤكدة.
و (ألّا يقدرون) (لا) ههنا يدل على الإضمار في " أن " مع تخفيف " أن " المعنى أنهم لا يقدرون، أي ليعلم أهل الكتاب أنهم لا يقدرون على شيء من فضل اللّه). [معاني القرآن: 5/131]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} : أي: ليعلموا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 261]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 7 رجب 1434هـ/16-05-2013م, 03:14 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث إبراهيم قال: «يكره الشرب من ثلمة الإناء ومن عروته، قال: ويقال إنها كفل الشيطان.
حدثناه علي بن عاصم عن حصين عن إبراهيم.
قال أبو عمرو والكسائي: الكفل: أصله المركب وهو أن يدار الكساء حول سنام البعير ثم يركب يقال منه: اكتفلت البعير. فأراد إبراهيم أن العروة والثلمة مركب الشيطان كما أن الكفل مركب للناس.
ومن هذا حديث يروى مرفوعا في العاقد شعره في الصلاة: «أنه كفل الشيطان».
حدثنيه الواقدي عن ابن جريج عن المقبري عن أبيه عن أبي رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والكفل أيضا -في غير هذا الموضع- هو الذي لا يقدر على ركوب الدواب، ولا أرى قول عبد الله إلا من هذا ليس من الأول.
حدثنا محمد بن يزيد عن العوام بن حوشب قال: بلغني عن ابن مسعود وذكر فتنة فقال: إني كائن فيها كالكفل آخذ ما أعرف وتارك ما أنكر.
يقول: كالرجل الذي لا يقدر على الركوب ولا النهوض في شيء فهو لازم بيته. وجمع الكفل أكفال، قال الأعشى يمدح قوما:
غير ميل ولا عواوير في الهيـ = ـجا ولا عزل ولا أكفال
والكفل أيضا: ضعف الشيء، قال الله عز ذكره: {يؤتكم كفلين من رحمته}، ويقال إنه النصيب وذو الكفل من الكفالة). [غريب الحديث: 5/475-476]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وفي قوله تعالى: {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ} قال: الكفل: المثل). [مجالس ثعلب: 568]


تفسير قوله تعالى: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وأمّا قول الناس للرّجل أمّا أن يكون عالما فهو عالمٌ وأمّا أن يعلم شيئاً فهو عالمٌ فقد يجوز أن تقول أمّا أن لا يكون يعلم فهو يعلم وأنت تريد أن يكون كما جاءت: {لئلا يعلم أهل الكتاب} في معنى لأن يعلم أهل الكتاب. فهذا يشبه أن يكون بمنزلة المصدر لأنّ أن مع الفعل الذي يكون صلةً بمنزلة المصدر كأنّك قلت أمّا علما وأمّا كينونة علم فأنت عالمٌ). [الكتاب: 1/390]
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب آخر أن فيه مخففة
وذلك قولك قد علمت أن لا يقول ذاك وقد تيقنت أن لا تفعل ذاك كأنه قال أنه لا يقول وأنك لا تفعل
ونظير ذلك قوله عز وجل: {علم أن سيكون منكم مرضى} وقوله: {أفلا يرون أن لا يرجع إليهم قولاً} وقال أيضاً: {لئلا يعلم أهل الكتاب أن لا يقدرون على شيءٍ}.
وزعموا أنها في مصحف أبيٍ (أنهم لا يقدرون).
وليست أن التي تنصب الأفعال تقع في هذا الموضع لأن ذا موضع يقين وإيجابٍ). [الكتاب: 3/165-166] (م)
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وأما لا فتكون كما في التوكيد واللغو قال الله عز وجل: {لئلا يعلم أهل الكتاب} أي لأن يعلم وتكون لا نفياً لقوله يفعل ولم يقع الفعل فتقول لا يفعل وقد تغير الشيء عن حاله كما تفعل ما وذلك قولك لولا صارت لو في معنى آخر كما صارت حين قلت لو ما تغيرت كما تغيرت حيث بما وإن بما). [الكتاب: 4/222]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ومنها لا وموضعها من الكلام النفي. فإذا وقعت على فِعْل نفته مستقبلا. وذلك قولك: لا يقوم زيد، وحق نفيها لما وقع موجبا بالقسم، كقولك: ليقومن زيد فتقول: لا يقوم يا فتى. كأنك قلت: والله ليقومن فقال المجيب: والله لا يقوم وإذا وقعت على اسم نفته من موضعه؛ كقولك: لا رجل في الدار، ولا زيدٌ في الدار ولا عمروٌ، ويفرد لهذا الباب يستقصى فيه إن شاء الله.
ولوقوعها زائدةً في مثل قوله: {لئلا يعلم أهل الكتاب أن لا يقدرون على شيء} أي ليعلم كما قال الراجز:
وما ألوم البيض ألا تسخرا = لما رأين الشمط القفندرا).
[المقتضب: 1/185-186]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (واعلم أن لا إذا دخلت على أن جاز أن تريد ب أن الثقيلة، وأن تريد الخفيفة.
فإن أردت الثقيلة رفعت ما بعدها؛ لأنه لا يحذف منها التثقيل إلا مع الإضمار. وهذا لك في باب إن وأن. وإنما تقع الخفيفة والثقيلة على ما قبلها من الأفعال ولا يجوز الإضمار إلا أن تأتي بعوض.
و العوض: لا، أو السين، أو سوف، أو نحو ذلك مما يلحق الأفعال.
فأما لا وحدها فإنه يجوز أن تريد ب أن التي قبلها الخفيفة، وتنصب ما بعدها؛ لأن لا لا تفصل بين العامل والمعمول به، تقول: مررت برجل لا قائم ولا قاعد؛ كما تقول: مررت برجل قائم، وقاعد. وذلك قولك: أخاف ألا تذهب يا فتى، وأظن ألا تقوم يا فتى؛ كما قال: {إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله}.
و في ظننت وبابها تكون الخفيفة والثقيلة كما وصفت لك. قال الله عز وجل: {وحسبوا أن لا تكون فتنةٌ} وأن لا يكون فالرفع على: أنها لا تكون فتنة. وكذلك {أفلا يرون أن لا يرجع إليهم قولاً}: أي أنه لا يرجع إليهم قولاً. لا يرون في معنى يعلمون، فهو واقع ثابت.
فأما السين وسوف، فلا يكون قبلهما إلا المثقلة. تقول: علمت أن سيقومون، وظننت أن سيذهبون، وأن سوف تقومون؛ كما قال: {علم أن سيكون منكم مرضى}. ولا يجوز أن تلغى من العمل والعمل كما وصفت لك.
و لا يجوز ذلك في السين وسوف؛ لأنهما لا يلحقان على معنى لا، فإنما الكلام بعد لا على قدر الفصل. قال: {لئلا يعلم أهل الكتاب أن لا يقدرون}. فـ (يعلم) منصوبةٌ، ولا يكون إلا ذلك؛ لأن لا زائدة. وإنما هو لأن يعلم. وقوله: {أن لا يقدرون} إنما هو: أنهم لا يقدرون. وهي في بعض المصاحف (أنهم لا يقدرون) ). [المقتضب: 2/30-31] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (واعلم أن لا إذا دخلت على أن جاز أن تريد ب أن الثقيلة، وأن تريد الخفيفة.
فإن أردت الثقيلة رفعت ما بعدها؛ لأنه لا يحذف منها التثقيل إلا مع الإضمار. وهذا لك في باب إن وأن. وإنما تقع الخفيفة والثقيلة على ما قبلها من الأفعال ولا يجوز الإضمار إلا أن تأتي بعوض.
و العوض: لا، أو السين، أو سوف، أو نحو ذلك مما يلحق الأفعال.
فأما لا وحدها فإنه يجوز أن تريد ب أن التي قبلها الخفيفة، وتنصب ما بعدها؛ لأن لا لا تفصل بين العامل والمعمول به، تقول: مررت برجل لا قائم ولا قاعد؛ كما تقول: مررت برجل قائم، وقاعد. وذلك قولك: أخاف ألا تذهب يا فتى، وأظن ألا تقوم يا فتى؛ كما قال: {إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله}.
و في ظننت وبابها تكون الخفيفة والثقيلة كما وصفت لك. قال الله عز وجل: {وحسبوا أن لا تكون فتنةٌ} وأن لا يكون فالرفع على: أنها لا تكون فتنة. وكذلك {أفلا يرون أن لا يرجع إليهم قولاً}: أي أنه لا يرجع إليهم قولاً. لا يرون في معنى يعلمون، فهو واقع ثابت.
فأما السين وسوف، فلا يكون قبلهما إلا المثقلة. تقول: علمت أن سيقومون، وظننت أن سيذهبون، وأن سوف تقومون؛ كما قال: {علم أن سيكون منكم مرضى}. ولا يجوز أن تلغى من العمل والعمل كما وصفت لك.
و لا يجوز ذلك في السين وسوف؛ لأنهما لا يلحقان على معنى لا، فإنما الكلام بعد لا على قدر الفصل. قال: {لئلا يعلم أهل الكتاب أن لا يقدرون}. فـ (يعلم) منصوبةٌ، ولا يكون إلا ذلك؛ لأن لا زائدة. وإنما هو لأن يعلم. وقوله: {أن لا يقدرون} إنما هو: أنهم لا يقدرون. وهي في بعض المصاحف (أنهم لا يقدرون) ). [المقتضب: 2/30-31] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (والمثقب: الذي يوقد النار ويحييها ويضيئها، يقال:
أثقبت ناري أثقبها، وثقبت النار تثقب فهي ثاقبة ثقوبا، وقال الله عز وجل: {إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب}، وقال أبو الأسود:
أذاع به في الناس حتى كأنه = بعلياء نار أوقدت بثقوب
أي يضياء، وقال الآخر:
قد يكسب المال الهدان الجافي = بغير لا عطف ولا اصطراف
أراد: بغير عصف.
وقال الآخر:
وقد حداهن بلا غبر خرق
وقال الآخر:
فما ألوم البيض ألا تسخرا = لما رأين الشمط القفندرا
أراد: (أن تسخرا)، والقفندر: القبيح، قال الآخر:

ألا يا لقومي قد أشطت عواذلي = ويزعمن أن أودى بحقي باطلي
ويلحينني في اللهو ألا أحبه = وللهو داع دائب غير غافل

أراد: أن أحبه.
وقال جماعة من أهل العربية في بيت العجاج:
في بئر لا حور سرى وما شعر
أراد: في بئر حور، أي في بئر هلاك.
وقال الفراء: (لا) جحد محض في هذا البيت، والتأويل عنده: في بئر ماء لا يحير عليه شيئا أي لا يرد عليه شيئا. وقال العرب: تقول: طحنت الطاحنة؛ فما أحارت شيئا، أي لم يتبين لها أثر عمل.
وقال الفراء أيضا: إنما تكون (لا) زائدة إذا تقدم الجحد، كقول الشاعر:
ما كان يرضي رسول الله الله دينهم = والطيبان أبو بكر ولا عمر
أراد: أبو بكر وعمر.
أو إذا أتى بعدها جحد، فقدمت للإيذان به؛ كقوله عز وجل: {لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله}، معناه: لأن يعلم.
وقال الكسائي وغيره في تفسير قول الله جل وعز: {لا أقسم بيوم القيامة}، معناه: أقسم، ولا زائدة.
وقال الفراء: (لا) لا تكون أول الكلام زائدة، ولكنها رد على الكفرة، إذ جعلوا لله عز وجل ولدا وشريكا وصاحبة،
فرد الله عليهم قولهم، فقال: (لا)، وابتدأ بـ {أقسم بيوم القيامة}.
وقال الفراء أيضا في قوله: {ما منعك ألا تسجد}: المنع يرجع إلى معنى القول، والتأويل: من قال لك لا تسجد. فـ (لا) جحد محض، وأن دخلت إيذانا بالقول؛ إذ لم يتصرح لفظه؛ كما قال أبو ذؤيب في مرثية بنيه:
فأجبتها أن ما لجسمي أنه = أودى بني من البلاد فودعوا
أراد: فقلت لها، فزاد (أن) إذ لم يتصرح القول. وكذلك تأول الآيتين الأخريين: {وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون}، {وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون} على مثل هذا المعنى). [كتاب الأضداد: 213-216] (م)

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 6 ربيع الأول 1439هـ/24-11-2017م, 08:37 PM
عبد العزيز بن داخل المطيري عبد العزيز بن داخل المطيري غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 2,179
افتراضي

قال أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا الرازي(ت:395هـ): (وكان قُطرُب يقول: إن العرب تُدخل "لا" توكيداً في الكلام كما يُدخلون ما في مثل قوله جلّ ثناؤه: {فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ} و{فَبِمَا نَقْضِهِمْ} وكذلك {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ} أي: ما منعك أن تسجد. وكذلك {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} المعنى: أُقْسم.
وقد يجوز في {لَا أُقْسِمُ} أن يكون نَفَى بها كلاماً تقدَّم منهم، كأن قال: ليس الأمرُ كذا؛ ثم قال: أُقسم. وقال زُهَير في "لا":
مُوَرَّثُ المَجْد لا يَغْتالُ هِمَّتهُ ... عن الرِيّاسة لا عَجْزٌ ولا سَأمُ
أي: لا يغتالها عجز.
وقال:
بيوم جَدودا لا فَضَحتُم أباكمُ ... وسالمتُمُ والخيلُ تَدْمَى نُحورُها
يريد: فضحتم أباكم.
وحَكى قطرب: "ضربتُ لا زيداً".
وقال آخر:
وقد حداهن بلا غير خُرُقْ
وقال الهُذلي:
أفعنك لا برق كأنّ وميضه ... غاب تسنّمه ضرام مُثقب
ومن الباب قوله جلّ ثناؤه: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ}
قال أبو عبيدة في قوله جلّ ثناؤه: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ}
قال: "لا" من حروف الزوائد لتتميم الكلام، والمعنى إلغاؤها.
قال العجاجُ: في بئر لا حُورٍ سرى وما شعرْ
أي: بئر حُور، أي هَلَكة. وقال أبو النجم:
فما ألوم الْبِيضَ أن لا تَسْخَرا
يقول: فما ألومُهنَّ أن يَسْخَرْنَ.
قال الشَّمّاخ:
أعائشَ ما لأهلكِ لا أراهم ... يضيعون الهجان مع المضيع
يريد: أراهم يضيعون السوام، و"لا" إنما هي لغة.
وقال:
ويلحينني في اللهو أن لا أُحبَّه ... ولِلَّهو داعٍ دائبٌ غيرُ غافلِ
المعنى: يلحينني في اللهو أن أحبه. وفي القرآن: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ} أي: أن تسجد) [ الصاحبي: 121 - 122 ]

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 7 ربيع الأول 1440هـ/15-11-2018م, 03:03 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 7 ربيع الأول 1440هـ/15-11-2018م, 03:03 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 7 ربيع الأول 1440هـ/15-11-2018م, 03:05 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله}، اختلف الناس، من المخاطب بهذا؟، فقالت فرقة من المتأولين: خوطب بهذا أهل الكتاب، فالمعنى: يا أيها الذين آمنوا بعيسى اتقوا الله وآمنوا بمحمد، ويؤيد هذا المعنى الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة يؤتيهم الله أجرهم مرتين، رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بي" الحديث، وقال آخرون: المخاطبة للمؤمنين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، قيل لهم: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله، أي: اثبتوا على ذلك ودوموا عليه، وهذا هو معنى الأمر أبدا لمن هو متلبس بما يؤمر به.
وقوله تعالى: "يؤتكم كفلين" أي: نصيبين بالإضافة إلى ما كان الأمم قبل يعطونه، قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: "كفلين": ضعفين بلسان الحبشة، وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لبعض الأحبار: كم كان التضعيف للحسنات فيكم؟ فقال ثلاثمائة وخمسون، فقال عمر رضي الله عنه: الحمد لله الذي ضاعف لنا إلى سبعمائة، ويؤيد هذا المعنى الحديث الصحيح الذي يقتضي أن اليهود عملت إلى نصف النهار على قيراطين، فلما احتجت اليهود والنصارى عن ذلك وقالوا: نحن أكثر عملا وأقل أجرا، قال تعالى: "هل نقصتم من أجركم شيئا؟ قالوا: لا، قال: فإنه فضلي أوتيه من أشاء. و"الكفل": الحظ والنصيب. و"النور" هنا إما أن يكون وعدا بالنور الذي يسعى بين الأيدي يوم القيامة، وإما أن يكون استعارة للهدى الذي يمشي به في طاعة الله تعالى). [المحرر الوجيز: 8/ 241-242]

تفسير قوله تعالى: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم}
روي أنه لما نزل هذا الوعد للمؤمنين، حسد أهل الكتاب على ذلك، وكانت اليهود تعظم دينها وأنفسها، وتزعم أنها أحباء الله وأهل رضوانه، فنزلت هذه الآية معلمة أن الله تعالى فعل ذلك وأعلم به، ليعلم أهل الكتاب أنهم ليسوا كما يزعمون، و"لا" في قوله تعالى: "لئلا" زائدة، كما هي في قوله تعالى: {وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون} على بعض التأويلات. وقرأ ابن عباس، والجحدري: "ليعلم"، وروى إبراهيم التيمي عن ابن عباس رضي الله عنهما: "لكيلا يعلم"، وروي عن حطان الرقاشي أنه قرأ: "لأن يعلم"، وقرأ ابن مسعود، وابن جبير، وعكرمة: "لكي يعلم أهل الكتاب"، وقرأ الحسن -فيما روى ابن مجاهد -: "ليلا يعلم" بفتح اللام الأولى وسكون الياء، فأما فتح اللام فلغة في لام الجر مشهورة، وأصل هذه القراءة: "لأن لا"، استغني عن الهمزة بلام الجر فحذفت فجاء "لن لا"، أدغمت النون في اللام للتشابه فجاء "للا"، فاجتمعت أمثلة فقلبت اللام الواحدة ياء. وقرأ الحسن -فيما روى مطرف -: "ليلا" بكسر اللام الأولى وسكون الياء، وتعليلها كالتي تقدمت.
وقوله تعالى: {ألا يقدرون على شيء} معناه: أنهم لا يملكون فضل الله تبارك وتعالى، ولا يدخل تحت قدرهم، وقرأ ابن مسعود رضي الله عنه: "ألا يقدروا" بغير نون. وباقي الآية بين.
كمل تفسير سورة [الحديد] والحمد لله رب العالمين).[المحرر الوجيز: 8/ 242]

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 7 ربيع الأول 1440هـ/15-11-2018م, 03:39 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 7 ربيع الأول 1440هـ/15-11-2018م, 03:41 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28) لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورًا تمشون به ويغفر لكم واللّه غفورٌ رحيمٌ (28) لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيءٍ من فضل اللّه وأنّ الفضل بيد اللّه يؤتيه من يشاء واللّه ذو الفضل العظيم (29)}
قد تقدّم في رواية النّسائيّ عن ابن عبّاسٍ: أنّه حمل هذه الآية على مؤمني أهل الكتاب، وأنّهم يؤتون أجرهم مرّتين كما في الآية الّتي في القصص وكما في حديث الشّعبيّ عن أبي بردة، عن أبي موسى الأشعريّ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " ثلاثةٌ يؤتون أجرهم مرّتين: رجلٌ من أهل الكتاب آمن بنبيّه وآمن بي فله أجران، وعبدٌ مملوكٌ أدّى حقّ اللّه وحقّ مواليه فله أجران، ورجلٌ أدّب أمته فأحسن تأديبها ثمّ أعتقها وتزوّجها فله أجران". أخرجاه في الصّحيحين
ووافق ابن عبّاسٍ على هذا التّفسير الضّحّاك، وعتبة بن أبي حكيمٍ، وغيرهما، وهو اختيار ابن جريرٍ.
وقال سعيد بن جبيرٍ: لـمّا افتخر أهل الكتاب بأنّهم يؤتون أجرهم مرّتين أنزل اللّه هذه الآية في حقّ هذه الأمّة: {يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللّه وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته} أي: ضعفين، وزادهم: {ويجعل لكم نورًا تمشون به} يعني: هدًى يتبصّر به من العمى والجهالة، ويغفر لكم. فضّلهم بالنّور والمغفرة. ورواه ابن جريرٍ عنه.
وهذه الآية كقوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا إن تتّقوا اللّه يجعل لكم فرقانًا ويكفّر عنكم سيّئاتكم ويغفر لكم واللّه ذو الفضل العظيم} [الأنفال: 29].
وقال سعيد بن عبد العزيز: سأل عمر بن الخطّاب حبرًا من أحبار يهود: كم أفضل ما ضعّفت لكم حسنةٌ؟ قال: كفلٌ ثلاثمائةٍ وخمسون حسنةً. قال: فحمد اللّه عمر على أنّه أعطانا كفلين. [ثمّ] ذكر سعيدٌ قول اللّه، عزّ وجلّ: {يؤتكم كفلين من رحمته} قال سعيدٌ: والكفلان في الجمعة مثل ذلك. رواه ابن جريرٍ
وممّا يؤيّد هذا القول ما رواه الإمام أحمد: حدّثنا إسماعيل، حدّثنا أيّوب عن نافعٍ، عن ابن عمر قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "مثلكم ومثل اليهود والنّصارى كمثل رجلٍ استعمل عمّالًا فقال: من يعمل لي من صلاة الصّبح إلى نصف النّهار على قيراطٍ قيراطٍ؟ ألا فعملت اليهود. ثمّ قال: من يعمل لي من نصف النّهار إلى صلاة العصر على قيراطٍ قيراطٍ؟ ألا فعملت النّصارى. ثمّ قال من يعمل لي من صلاة العصر إلى غروب الشّمس على قيراطين قيراطين؟ ألا فأنتم الّذي عملتم. فغضبت النّصارى واليهود، وقالوا: نحن أكثر عملًا وأقلّ عطاءً. قال: هل ظلمتكم من أجركم شيئًا؟ قالوا: لا. قال: فإنّما هو فضلي أوتيه من أشاء"
قال أحمد: وحدّثناه مؤمّل، عن سفيان، عن عبد اللّه بن دينارٍ، عن ابن عمر، نحو حديث نافعٍ، عنه
انفرد بإخراجه البخاريّ، فرواه عن سليمان بن حرب، عن حماد، [عن أيوب] عن نافعٍ، به وعن قتيبة، عن اللّيث، عن نافعٍ، بمثله
وقال البخاريّ: حدّثني محمّد بن العلاء، حدّثنا أبو أسامة، عن بريد عن أبي بردة، عن أبي موسى، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "مثل المسلمين واليهود والنّصارى كمثل رجلٍ استأجر قومًا يعملون له عملًا يومًا إلى اللّيل على أجرٍ معلومٍ، فعملوا إلى نصف النّهار فقالوا: لا حاجة لنا في أجرك الّذي شرطت لنا، وما عملنا باطلٌ. فقال لهم: لا تفعلوا، أكملوا بقيّة عملكم وخذوا أجركم كاملًا فأبوا وتركوا، واستأجر آخرين بعدهم فقال: أكملوا بقيّة يومكم ولكم الّذي شرطت لهم من الأجر، فعملوا حتّى إذا كان حين صلّوا العصر قالوا: ما عملنا باطلٌ، ولك الأجر الّذي جعلت لنا فيه. فقال أكملوا بقيّة عملكم؛ فإنّ ما بقي من النّهار شيءٌ يسيرٌ. فأبوا، فاستأجر قومًا أن يعملوا له بقيّة يومهم، فعملوا بقيّة يومهم حتّى غابت الشّمس، فاستكملوا أجر الفريقين كليهما، فذلك مثلهم ومثل ما قبلوا من هذا النّور" انفرد به البخاريّ
ولهذا قال تعالى: {لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيءٍ من فضل اللّه} أي: ليتحقّقوا أنّهم لا يقدرون على ردّ ما أعطاه اللّه، ولا [على] إعطاء ما منع اللّه، {وأنّ الفضل بيد اللّه يؤتيه من يشاء واللّه ذو الفضل العظيم}
قال ابن جريرٍ: {لئلا يعلم} أي: ليعلم وقد ذكر عن ابن مسعودٍ أنّه قرأها: "لكي يعلم". وكذا حطّان بن عبد اللّه، وسعيد بن جبيرٍ، قال ابن جريرٍ: لأنّ العرب تجعل "لا" صلةً في كلّ كلامٍ دخل في أوّله وآخره جحدٌ غير مصرّحٍ، فالسّابق كقوله: {ما منعك ألا تسجد} [الأعراف: 12]، {وما يشعركم أنّها إذا جاءت لا يؤمنون} [الأنعام: 109]، {وحرامٌ على قريةٍ أهلكناها أنّهم لا يرجعون} [الأنبياء: 95]). [تفسير ابن كثير: 8/ 31-33]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:17 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة