العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > التفسير اللغوي > التفاسير اللغوية المجموعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 5 ذو الحجة 1432هـ/1-11-2011م, 09:37 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي تفسير سورة مريم

تفسير سورة مريم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 3 محرم 1433هـ/28-11-2011م, 01:35 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {كهيعص (1) }

تفسير قوله تعالى: {ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) }

تفسير قوله تعالى: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) }
قال عبدُ الملكِ بنُ قُرَيبٍ الأصمعيُّ (ت: 216هـ) : (وإذا أرى البياض فهو أشيب وأشمط، فإذا ظهر به الشيب واستبانت فيه السن فهو شيخ، فإذا جاوز ذلك فهو مسن). [خلق الإنسان: 161]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) }

المفضَّل بن محمَّد بن يحيى الضَّبِّيُّ (ت:168هـ) : (قال الحارث بن ظالم:

قفا فاسمعا اخبركما إذ سألتما = محارب مولاه وثكلان نادم
مولاه: ابن عمه). [أمثال العرب: 114]

قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): (
وقائلة والدمع يحدر كحلها = أبعد جرير تكرمون المواليا
المواليا: بنو العم). [نقائض جرير والفرزدق: 177]
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): (
ومولى تميم حين يأوي إليهم = وإن كان فيهم ثروة العز منصف
قوله مولى تميم: يريد ابن عمهم وهو من قوله تعالى: {وإني خفت الموالي من ورائي} وهم بنو العم). [نقائض جرير والفرزدق: 580]
قال عبدُ الملكِ بنُ قُرَيبٍ الأصمعيُّ (ت: 216هـ) : ( *مولى* والمولى المنعم والمولى المنعم عليه، قال أبو عبيدة وللمولى سبعة مواضع: المولى ذو النعمة من فوق، والمولى المنعم عليه من أسفل، وفي كتاب الله تبارك وتعالى: {فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم} والمولى في الدين من الموالاة وهو الولي، ومنه قول الله جل ثناؤه: {ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم}، وقال الله عز وجل: {فإن الله هو مولاه} وجاء في الحديث: ((من كنت مولاه فإن عليا مولاه)) وقل النبي صلى الله عليه وسلم: ((مزينة وجهينة وأسلم وغفار موالي الله ورسوله)) قال العجاج (الرجز):

موالي الحق إن المولي شكر
أي أولياء الحق، وقال لبيد:
فغدت كلا الفرجين تحب أنه = مولى المخافة خلفها وأمامها
والمولى ابن العم، وفي كتاب الله تبارك وتعالى: {يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا} أي: ابن العم عن ابن العم، ومنه قوله تعالى: {وإني خفت الموالي من ورائي} أي بني عمي، وقال مخارق بن شهاب المازني (الطويل):
وإني لمولاك الذي لك نصره = إذا برطمت تحت السبال العنافق).
[كتاب الأضداد: 24-25] (م)
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: ((اللهم إني أسألك غناي وغنى مولاي)).
قال: حدثنيه يحيى بن سعيد ويزيد عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان يرفعه.
قوله: ((غنى مولاي))، المولى عند كثير من الناس هو ابن العم خاصة. وليس هو هكذا، ولكنه الولي فكل ولي للإنسان فهو مولاه،
مثل الأب والأخ وابن الأخ والعم وابن العم وما وراء ذلك من العصبة كلهم.
ومنه قوله عز وجل: {وإني خفت الموالي من ورائي}. ومما يبين ذلك: أن المولى كل ولي حديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((أيما امرأة نكحت بغير إذن مولاها فنكاحها باطل)).
أراد بالمولى الولي.
وقال الله تبارك وتعالى: {يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا}.
أفتراه إنما عنى ابن العم خاصة دون سائر أهل بيته؟
وقد يقال للحليف أيضا: مولى قال النابغة الجعدي:
موالي حلف لا موالي قرابة = ولكن قطينا يسألون الأتاويا
والأتاوي جمع إتاوة وهي الخراج). [غريب الحديث: 2/590-594]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (

فردوا لي الموالي ثم حلوا = مرابعكم إذا مطر الوتير
(الموالي) بنو العم.
...
أبو عمرو: (الموالي) الحلفاء). [شرح أشعار الهذليين: 2/726]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وكان أحد من هرب من الحجاج سوّار بن المضرّب ففي ذلك يقول:

أقاتلي الحجاج إن لم أزر له = دراب وأترك عند هند فؤاديا
فإن كان لا يرضيك حتى تردني = إلى قطري ما إخالك راضيا
إذا جاوزت درب المجيزين ناقتي = فباست أبي الحجاج لما ثنانيا
أيرجو بنو مروان سمعي وطاعتي = وقومي تميم والفلاة ورائيا
وورائي هنا بمعنى: أمامي، قال الله عز وجل: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائي}. وقال جل ثناؤه: {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا}). [الكامل: 2/628]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (والمولى في قولها: إذا مولاك خاف ظلامة يحتمل ضروبًا، فالمولى ابن العم، وقوله عز وجل: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائي}؛ يريد بني العم؛ قال الفضل بن العباس:
مهلاً بني عمنا مهلاً موالينا = لا تنبشوا بيننا ما كان مدفونا
ويكون المولى المعتق؛ ويكون المولى من قوله جل ثناؤه: {وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ} ويكون المولى الذي هو أحق وأولى منه قوله: {مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ}، أي أولى بكم. والمولى: المالك). [الكامل: 3/1410]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( والمولى من الأضداد؛ فالمولى المنعم المعتِق، والمولى: المنعم عليه المعتَق.
وله أيضا معان ستة سوى هذين: فالمولى الأولى بالشيء، قال الله عز وجل: {النار هي مولاكم}، فمعناه هي أولى بكم، قال لبيد:
فغدت كلا الفرجين تحسب أنه = مولى المخافة خلفها وأمامها
معناه أولى بالمخافة خلفها وأمامها.
ويكون المولى الولي، جاء في الحديث: ((مزينة وجهينة وأسلم وغفار موالي الله ورسوله))، فمعناه أولياء الله. ويروى في الحديث أيضا: ((أيما امرأة تزوجت بغير إذن مولاها فنكاحها باطل))، معناه بغير إذن وليها، وقال العجاج:
فالحمد لله الذي أعطى الخير = موالي الحث إن المولى شكر
معناه أولياء الحق، وقال الأخطل لبني أمية:

أعطاكم الله جدا تنصرون به = لا جد إلا صغير بعد محتقر
لم يأشروا فيه إذ كانوا مواليه = ولو يكون لقوم غيرهم أشروا
أراد أولياءه.
وقال الأخطل أيضا لبعض خلفاء بني أمية:
فأصبحت مولاها من الناس بعده = فأحرى قريش أن يهاب ويحمدا
أراد فأصبحت ولي الخلافة. وقال الآخر:
كانوا موالي حق يطلبون به = فأدركوه وما ملوا وما لغبوا
معناه أولياء حق؟
والمولى ابن العم، والموالي بنو العم، قال الله عز ذكره: {وإني خفت الموالي من ورائي}، أراد بني العم، وقال تبارك وتعالى: {يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا}، فمعناه لا يغني ابن عم عن ابن عمه، وقوله جل وعز: {لبئس المولى ولبئس العشير}، معناه لبئس الولي ولبئس المعاشر. وقال الزبرقان بن بدر:

ومن الموالي موليان فمنهما = معطي الجزيل وباذل النصر
ومن الموالي ضب جندلة = لحز المروءة ظاهر الغمر
وقال الآخر:
فأبقوا لا أبا لكم عليهم = فإن ملامة المولى شقاء
أراد ابن العم.
وأنشدنا أبو العباس، عن ابن الأعرابي للفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب يخاطب بني أمية:

مهلا بني عمنا مهلا موالينا = لا تنبشوا بييننا ما كان مدفونا
لا تجعلوا أن تهينونا ونكرمكم = وأن نكف الأذى عنكم وتؤذونا
الله يعلم أنا لا نحبكم = ولا نلومكم ألا تحبونا
قال أبو بكر: قال لنا أبو العباس: (إذ لا تحبونا)

كل يداجي على البغضاء صاحبه = بنعمة الله نقليكم وتقلونا
وقال مخارق بن شهاب المازني لابن عم له مازني:

وإني لمولاك الذي لك نصره = إذا برطمت تحت السبال العنافق
وقال الآخر:
ذو نيرب من موالي الحي ذو حشد = يزجي لي القول بالبغضاء والكلم
أراد من بني عم الحي.
والمولى الحليف، قال الشاعر:
موالي حلف لا موالي قرابة = ولكن قطينا يأخذون الأتاويا
وقال الحصين بن الحمام المري:
يا أخوينا من أبينا وأمنا = مرا موليينا من قضاعة يذهبا
أراد بأحد الموليين بني سلامان بن سعد وبالمولى الآخر ابن خميس بن عامر، وعنى بالموليين الحليفين. وقال الآخر:
أتشتم قوما أثلوك بدارم = ولولاهم كنتم كعكل مواليا
أراد خلفاء. وقال الراعي:
جزى الله مولانا غنيا ملامة = شرار موالي عامر في العزائم
أراد أولياءنا.
والمولى الجار، قال مربع بن وعوعة الكلابي – وجاور كليب بن يربوع فأحمد جوارهم:

جزى الله خيرا والجزاء بكفه = كليب بن يربوع وزادهم حمدا
هم خلطونا بالنفوس وألجموا = إلى نصر مولاهم مسومة جردا
أراد نصر جارهم.
والمولى: الصهر، أنشد ابن السكيت وغيره لأبي المختار الكلابي:

ولا يفلتن النافعان كلاهما = وذاك الذي بالسوق مولى بني بدر
معناه صهر بني بدر). [كتاب الأضداد: 46-50] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
ومولى على ضنك المقام نصرته = إذا النكس أكبى زنده فتذبذبا
...
والمولى: ابن العم والمولى: الولي والمولى: المعتق والمولى: المعتق والمولى: الحليف). [شرح المفضليات: 733] (م)

تفسير قوله تعالى: {يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6) }

تفسير قوله تعالى: {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (واعلم أن الهمزتين إذا التقتا وكانت كل واحدةٍ منهما من كلمة فإن
أهل التحقيق يخففون إحداهما ويستثقلون تحقيقهما لما ذكرت لك كما استثقل أهل الحجاز تحقيق الواحدة فليس من كلام العرب أن تلتقي همزتان فتحققا ومن كلام العرب تخفيف الأولى وتحقيق الآخرة وهو قول أبي عمرو وذلك قولك: (فقد جا أشراطها)، و{يا زكريا إنا نبشرك} ومنهم من يحقق الأولى ويخفف الآخرة سمعنا ذلك من العرب وهو قولك فقد جاء اشراطها ويا زكرياء انا وقال:

كلّ غرّاء إذا ما برزت = ترهب العين عليها والحسد
سمعنا من يوثق به من العرب ينشده هكذا.
وكان الخليل يستحب هذا القول فقلت له لمه فقال إني رأيتهم حين أرادوا أن يبلدوا إحدى الهمزتين اللتين تلتقيان في كلمة واحدة أبدلوا الآخرة وذلك جائٍ وآدم ورأيت أبا عمروٍ أخذ بهن في قوله عز وجل: (يا ويلتا أالد وأنا عجوز) وحقق الأولى وكل عربي وقياس من خفف الأولى أن يقول يا ويلتا األد). [الكتاب: 3/548-549] (م)

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (8) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آَيَةً قَالَ آَيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (10) }

تفسير قوله تعالى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (11) }
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت: 206هـ): (وقال بعضهم في صفة أوّل النهار: قال الله تعالى: {بكرةً وعشيّا} و{بالغداة والعشيّ}.
وقالوا: لقيته غدوةً غدوةً وبكرةً بكرةً.
وحكي عن الخليل: رأيته غديّة وبكيرة يا هذا، معرفةٌ غير مصروفةٍ.
وقالوا: بكرت بكوراً، وأبكرت وبكّرت. وغدوت غدوًّا. فهذا من أوّل النهار.
ويقال: أضحينا في الغدوّ، إذا أخّروه.
ثمّ الضّحى بعد الغدوّ. ثمّ الضّحاء بعد ذلك بالمدّ). [الأزمنة: 57]

تفسير قوله تعالى: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12) }

قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (ويقال للغلام: صبي، وللجارية: صبية، بينة الصبى –مقصور بكسر الصاد- ويقولونه بفتح الصاد والمد: صبية بينة الصباء.
وقالوا أيضا: صبيء، وللجارية: صبيئة، وهي لغة يمانية فيما يحكى لنا). [الفرق في اللغة: 94]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (بلغني عن أبي الحارث الليث بن سعد عن أبيه عن ابن لَهِيعَة عن أبي قَبِيلٍ عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: دخل يحيى بن زكريّا بيتَ المقدس وهو ابن ثَمانِي حجج، فنظر إلى عبادِ بيت المقدس قد لبِسُوا مدارعَ الشعرَ، وبَرانسَ الصوف، ونظر إلى متهجِّديهم، أو قال مجتهديهم، قد خرقوا التراقيَ، وسلكوا فيها السلاسلَ، وشدّوها إلى حنايا بيت المقدس، فهاله ذلك؛ فرجع إلى أبوبه فمر بصِبيانٍ يلعبون فقالوا: يا يحيى هلمَّ فلنلعبْ قال: إني لم أخلق للَّعب، فذلك قول الله تعالى: {وآتيناه الحكمَ صبيّا} فأتى أبويه فسألهما أن يُدَرِّعاه الشعر ففعلا، ثم رجع إلى بيت المقدس فكان يخدُمه نهارًا ويَصيحُ فيه ليلاً، حتى أتت له خمسَ عشرة سنة، وأتاه الخوفُ فساح ولزم أطرافَ الأرض وغِيرَانَ الشَعاب، وخرج أبواه في طَلبه فوجداه حين نزلا من جبال التِّيهِ على بُحيرة الأردنّ وقد قعد على شَفِير البُحَيرة وأنقعَ قدميه في الماء وقد كاد العطشُ يذبحهُ وهو يقول: وعزتِك لا أفوقُ باردَ الشراب حتى أعلَم أين مكاني منك فسأله أبواه أن يأكلَ قُرصًا كان معهما من شَعير، ويشربَ من الماء ففعلَ وكفَر عن يمينه فمدحُ بالبِرّ، قال اللّه عز وجل: {وَبَرًا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبارًا عَصِيًا} ورده أبواه إلى بيت المقدس فكان إذا قام في صلاته بكى، ويبكي زكريا لبكائه حتى يُغمَى عليه، فلم يزل كذلك حتى خر دموعُه لحمَ خَدّيه، وبدَتْ أضراسُه، فقالت له أمه: يا يحيى " لو أذنتَ لي لاتخذتُ لك لبدًا لِيواريَ أضراسكَ عن الناظرين ". قال: أنتِ وذاكِ، فعَمَدَتْ إلى قِطْعَتيْ لًبودٍ فألصقتهما على خدّيه، فكان إذا بكى استنقعتْ دموعُه في القطعتين فتقومُ إليه أمُّهُ فتعصِرهُما بيديها، فكان إذا نطر إلى دموعه تجري على ذراعَيْ أمَهِ قال: اللهَم هذه دموعي وهذه أمَي وأنا عبدُك وأنت أرحمُ الراحمين). [عيون الأخبار: 6/294-295]


تفسير قوله تعالى: {وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا (13) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث عروة بن الزبير أنه كان يقول في تلبيته: «لبيك ربنا وحنانيك».
حدثناه أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه.
قوله: حنانيك، يريد: رحمتك والعرب تقول: حنانك يا رب، وحنانيك يا رب بمعنى واحد قال امرؤ القيس:

ويمنحها بنو شمجى بن جرم = معيزهم حنانك ذا الحنان
يريد: رحمتك يا رب وقال طرفة:
حنانيك بعض الشر أهون من بعض
وروي عن عكرمة أنه قال في قوله عز وجل: {وحنانا من لدنا} قال: الرحمة). [غريب الحديث: 5/444-445]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فأما حنانٌ فمنفرد؛ لأنه من حننت، مثل قولك: ذهبت ذهاباً، ويتصرف في الكلام في غير الدعاء (وحناناً من لدنا) وتقول: تحنن علي. فهذا وجه ما جاء على فعله، وما لم يأت عليه فعل). [المقتضب: 3/226]

قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله "حوالكا" يقال: هو يطوف واله وحوله وحواليه. ومن قال: حواليه بالكسر: فقد أخطأ، وفي القرآن {نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا} وحواليه: تثنية حوال، كما تقول: حنانية، الواحد حنان، قال الشاعر:
فقالت حنان ما أتى بك ههنا = أذو نسب أم أنت بالحي عارف?
والحنان: الرحمة، قال الله عز وجل: {وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا}. وقال الشاعر: وهو الحطيئة لعمر بن الخطاب رحمه الله:
تحنن علي هداك المليك = فإن لكل مقام مقالا
وقال طرفة:
أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا = حنانيك بعض الشر أهون من بعض).
[الكامل: 2/732-733]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا} أي: رحمة). [مجالس ثعلب: 12]

تفسير قوله تعالى: {وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا (14) }
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (بلغني عن أبي الحارث الليث بن سعد عن أبيه عن ابن لَهِيعَة عن أبي قَبِيلٍ عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: دخل يحيى بن زكريّا بيتَ المقدس وهو ابن ثَمانِي حجج، فنظر إلى عبادِ بيت المقدس قد لبِسُوا مدارعَ الشعرَ، وبَرانسَ الصوف، ونظر إلى متهجِّديهم، أو قال مجتهديهم، قد خرقوا التراقيَ، وسلكوا فيها السلاسلَ، وشدّوها إلى حنايا بيت المقدس، فهاله ذلك؛ فرجع إلى أبوبه فمر بصِبيانٍ يلعبون فقالوا: يا يحيى هلمَّ فلنلعبْ قال: إني لم أخلق للَّعب، فذلك قول الله تعالى: {وآتيناه الحكمَ صبيّا} فأتى أبويه فسألهما أن يُدَرِّعاه الشعر ففعلا، ثم رجع إلى بيت المقدس فكان يخدُمه نهارًا ويَصيحُ فيه ليلاً، حتى أتت له خمسَ عشرة سنة، وأتاه الخوفُ فساح ولزم أطرافَ الأرض وغِيرَانَ الشَعاب، وخرج أبواه في طَلبه فوجداه حين نزلا من جبال التِّيهِ على بُحيرة الأردنّ وقد قعد على شَفِير البُحَيرة وأنقعَ قدميه في الماء وقد كاد العطشُ يذبحهُ وهو يقول: وعزتِك لا أفوقُ باردَ الشراب حتى أعلَم أين مكاني منك فسأله أبواه أن يأكلَ قُرصًا كان معهما من شَعير، ويشربَ من الماء ففعلَ وكفَر عن يمينه فمدحُ بالبِرّ، قال اللّه عز وجل: {وَبَرًا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبارًا عَصِيًا} ورده أبواه إلى بيت المقدس فكان إذا قام في صلاته بكى، ويبكي زكريا لبكائه حتى يُغمَى عليه، فلم يزل كذلك حتى خر دموعُه لحمَ خَدّيه، وبدَتْ أضراسُه، فقالت له أمه: يا يحيى " لو أذنتَ لي لاتخذتُ لك لبدًا لِيواريَ أضراسكَ عن الناظرين ". قال: أنتِ وذاكِ، فعَمَدَتْ إلى قِطْعَتيْ لًبودٍ فألصقتهما على خدّيه، فكان إذا بكى استنقعتْ دموعُه في القطعتين فتقومُ إليه أمُّهُ فتعصِرهُما بيديها، فكان إذا نطر إلى دموعه تجري على ذراعَيْ أمَهِ قال: اللهَم هذه دموعي وهذه أمَي وأنا عبدُك وأنت أرحمُ الراحمين). [عيون الأخبار: 6/294-295] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (15) }


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 3 محرم 1433هـ/28-11-2011م, 02:01 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16) }

تفسير قوله تعالى: {فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} قالت: أنا أعوذ بالله أن تفعل مالا ينبغي إن كنت تتقي). [مجالس ثعلب: 231]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (21) }

تفسير قوله تعالى: {فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (22) }

تفسير قوله تعالى: {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (23) }
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (وقالوا: إذا دنا ولادها: بخضت بخاضا، ومخضت لغة، وهو قول الله عز وجل: {فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة} ). [الفرق في اللغة: 85]
قال أبو عمرو إسحاق بن مرار الشيباني (ت: 213هـ): (وقال: الإشاءَة: الاضطرار، وأهل الحجاز يقولون: الإجاءة؛ تقول: ما أجاءك إلى كذا وكذا؟ أي: ما اضطرك إليه؛ قال الله عز وجل: {فأَجاءَها المَخاضُ إِلى جِذع النَّخلة} . وقال الأسدي:

كَيما أُعِدُّهُمُ لأَبْعدَ منهمُ = ولقد يُجَاءُ إِلى ذَوِي الأَحْقادِ).
[كتاب الجيم: 1/70]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله عز وجل: {وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا} قال: النسي خرق الحيض التي يرمى بها، أي وكنت هذا فيرمي بي.

وقال: رجل ناس ونسي، من النسيان، مثل حاكم وحكيم، وعالم وعليم، وكذلك المرأة ناسية ونسية، مثله). [مجالس ثعلب: 353]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وقال الطوسي الرواية: كموشي القوائم أحرجته * بحربة. الموشي يعني الثور وذلك لسوادٍ في قوائمه، أحرجته: ألجأته إلى كذا وكذا وأجاءته بمعنىً، قال الله تعالى: {فأجأها المخاض إلى جذع النخلة} بمعنى: ألجأها وقال الشاعر: ولقد يجاء إلى ذوي الأضغان). [شرح المفضليات: 653]

تفسير قوله تعالى: {فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (حدثنا يزيد، عن سفيان بن حسين، عن الحسن،
في قوله تعالى: {قد جعل ربك تحتك سريا} قال: كان والله سريا؛ يعني عيسى. قال: فقال له خالد بن صفوان: يا أبا سعيد، إن العرب تسمى الجدول السري. فقال: صدقت). [فضائل القرآن: 343-344]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وروى أبو عبيدة في هذا الإسناد - وروى ذلك غيره، وسمعناه من غير وجه - أنه سأله عن قوله عز وجل: {قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا} فقال ابن عباس: هو الجدول، فسأله عن الشواهد، فأنشده:

سلمًا ترى الدالج منها أزورا = إذا يعج في السري هرهرا).
[الكامل: 3/1145]

تفسير قوله تعالى: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) }
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والرطب: رزق طيب هنيء، تقر به العين؛ قال الله عز وجل: {وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا * فكلي واشربي وقري عينا} ). [تعبير الرؤيا: 146]

تفسير قوله تعالى: {فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (26) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب النونين الثقيلة والخفيفة
ومعرفة مواقعها من الأفعال
اعلم أنهما لا تدخلان من الأفعال إلا على ما لم يجب، ولا يكون من ذلك إلا في الفعل الذي يؤكد ليقع. وذلك ما لم يكن خبراً فيما ضارع القسم. فأما القسم فإحداهما فيه واجبةٌ لا محالة. وأما ما ضارعه فأنت فيه مخير. وذلك قولك في القسم: والله لأقومن، وحق زيد لأمضين، فيلحق النون إما خفيفة وإما ثقيلةً، لا يكون القسم إلا كذاك. وقد شرحنا ذلك في باب القسم: لم كانت فيه واجبة? وأما الثقيلة فكقوله عز وجل: (ليسجنن وليكوننّ من الصاغرين). وأما الخفيفة فعلى قراءة من قرأ: {وليكونن من الصاغرين}، وكقوله: {كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية}، وقال الشاعر:
وفي ذمتي لئن فعلت ليفعلا
فمن مواضعها: الأمر، والنهي؛ لأنهما غير واجبين. وذلك قولك - إذا لم تأت بهما -:اضرب، ولا تضرب، فإذا أتيت بها قلت: اضربن زيدا، ولا تضربن زيدا، وإن شئت ثقلت النون، وإن شئت خففتها. وهي - إذا خففت - مؤكدة، وإذا ثقلت فهي أشد توكيدا، وإن شئت لم تأت بها فقلت: اضرب، ولا تضرب. قال الله عز وجل: {ولا تقولن لشيءٍ إني فاعلٌ ذلك غدًا}، وقال: {ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون}، وقال: {فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون}. وقال الشاعر في الخفيفة:

فإياك والميتات لا تقربنـهـا = ولا تأخذن سهماً حديداً لتفصدا
وقال الآخر:
فأنزلن سكينةً علينا
والطلب يجري مجرى الأمر والنهي، وقد مضى القول في هذا. ومن مواضعهما: الاستفهام؛ لأنه غير واجب. وذلك قولك: هل تضربن زيداً، وهل يقومن زيد يا فتى. وتدخل الخفيفة كما دخلت الثقيلة؛ لأنهما في التوكيد على ما ذكرت لك ومن مواضعها: الجزاء إذا لحقت ما زائدةً في حرف الجزاء؛ لأنها تكون كاللام التي تلحق في القسم في قولك: لأفعلن، وذلك قولك: إما تأتيني آتك، ومتى ما تقعدن أقعد. فمن ذلك قول الله عز وجل: {فإما ترين من البشر أحداً}، وقال: {وإما تعرضن عنهم}. فإن كان الجزاء بغير ما قبح دخولها فيه، لأنه خبر يجب آخره بوجوب أوله. وإنما يجوز دخولها الجزاء بغير ما في الشعر للضرورة؛ كما يجوز ذلك في الخبر. فمن ذلك قوله:
من تثقفن منهم فليس بآئبٍ = أبداً، وقتل بني قتيبة شافي
فهذا يجوز؛ كما قال في الخبر:
ربما أوفيت في علـمٍ = ترفعن ثوبي شمالات
ومن أمثال العرب: بعينٍ ما أرينك وبألمٍ ما تختننه. فإنما أدخل النون من أجل ما الزائدة كاللام كما ذكرت لك). [المقتضب: 3/11-15] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وإن أردت إلا التي تقع في المجازاة، نحو قول الله عز وجل: {إلا تنصروه فقد نصره الله} لم تكن إلا الحكاية لأنها إن ضمت إليها لا.
وكذلك إما التي في الجزاء في مثل قوله عز وجل: {فإما ترين من البشر أحداً} الحكاية لا غير؛ لأنها إن، وما). [المقتضب: 4/34] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقال أعرابي أنشدنيه أبو العالية:

ألا تسأل ذا العلم ما الذي = يحل من التقبيل في رمضان؟
فقال لي المكي:
أما لزوجةٍ = فسبع، وأما خلةٍ فثماني
.....
"وقوله: "أما لزوجة" فهذه مفتوحة، وهي التي تحتاج إلى خبر، ومعناها: إذا قلت: أما زيدٌ فمنطلقٌ مهما يكن من شيء فزيدٌ منطلقٌ. وكذلك: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ} إنما هي: مهما يكن من شيء فلا تقهر اليتيم، وتكسر إذا كانت في معنى "أو" ويلزمها التكرير، تقول: ضربت إما زيدًا وإما عمرًا، فمعناه ضربت زيدًا أو عمرًا، وكذلك: {إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}، وكذلك: {إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ}، و{إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا}، وإنما كررتها لأنك إذا قلت: ضربت زيدًا أو عمرًا، أو قلت: اضرب زيدًا أو عمرًا فقد ابتدأت بذكر الأول، وليس عند السامع أنك تريد غير الأول، ثم جئت بالشك، أو التخيير، وإذا قلت: ضربت إما زيدًا وإما عمرًا، فقد وضعت كلامك بالابتداء على التخيير أو على الشك، وإذا قلت: ضربت إما زيدًا وإما عمرًا، فالأولى وقعت لبنية الكلام عليها، والثانية للعطف، لأنك تعدل بين الثاني والأول، فإنما تكسر في هذا الموضع.
وزعم سيبويه أنها إن ضمت إليها "ما" فإن اضطر شاعر فحذف "ما" جاز له ذلك لأنه الأصل، وأنشد في مصداق ذلك:
لقد كذبتك نفسك فاكذبنها = فإن جزعًا وإن إجمال صبر
ويجوز في غير هذا الموضع أن تقع "إما" مكسورة، ولكن "ما" لا تكون لازمة، ولكن تكون زائدة في "إن" التي هي للجزاء. كما تزداد في سائر الكلام نحو: أين تكن أكن، وأينما تكن أكن، وكذلك متى تأتني آتك، ومتى ما تأتني آتك، فتقول: إن تأتني آتك، وإما تأتني آتك، تدغم النون في الميم لاجتماعهما في الغنة، وسنذكر الإدغام في موضع نفرده به إن شاء الله، كما قال امرؤ القيس:

فإما تريني لا أغمض ساعةٌ = من الليل إلا أن أكب فأنعسا
فيا رب مكروب كررت وراءه = وطاعنت عنه الخيل حتى تنفسا
وفي القرآن: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا} وقال: {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا} فأنت في زيادة "ما" بالخيار في جميع حروف الجزاء، إلا في حرفين، فإن "ما" لابد منها لعلة نذكرها إذا أفردنا باباٌ للجزاء إن شاء الله، والحرفان: حيثما تكن أكن، كما قال الشاعر:
حيثما تستقم يقدر لك الله = نجاحاٌ في غابر الأزمان).
[الكامل: 1/377-379] (م)

تفسير قوله تعالى:{فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم حين قال في عمر بن الخطاب رحمه الله: فلم أر عبقريا يفري فريه.
قال حدثناه إسماعيل بن جعفر، عن محمد بن عمر، وعن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
قال الأصمعي: سألت أبا عمرو بن العلاء عن العَبقَري فقال: يقال: هذا عبقري قوم، كقولك: هذا سيد قوم وكبيرهم وشديدهم وقويهم ونحو من هذا.
وإنما أصل هذا فيما يقال: أنه نسب إلى عبقر، وهي أرض تسكنها الجن فصارت مثلا لكل منسوب إلى شيء رفيع قال زهير بن أبي سلمى:
بخيل عليها جنة عبقرية = جديرون يوما أن ينالوا فيستعلوا
وقوله: يفري فريه، كقولك: يعمل عمله ويقول قوله، ونحو هذا وأنشد الأحمر:
قد أطعمتني دقلا حوليا
مسوسا مدودا حجريا
قد كنت تفرين به الفريا
أي كنت تكثرين فيه القول وتعظمينه. ومنه قول الله تبارك وتعالى: {لقد جئت شيئا فريا} أي: شيئا عظيما.
ويقال في عبقر: إنها أرض يعمل فيها البرود ولذلك نسب الوشي إليها قال ذو الرمة يذكر ألوان الرياض:
حتى كأن رياض القف ألبسها = من وشي عبقر تجليل وتنجيد
ومن هذا قيل للبُسط: عبقرية، إنما نسبت إلى تلك البلاد.
ومنه حديث عمر: أنه كان يسجد على عبقري
[ قيل له: على بساط؟ قال: نعم]). [غريب الحديث: 1/222-224]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (

وفريت من فزع = فلا أرمي ولا ودعت صاحب
(فَرِيت): بطرت، فلم أقدر على الرمي. و(فَرِيت) عجبت من (الفَرِيِّ) و(الفَرِيُّ) العجب، وقوله عز وجل: {لقد جئت شيئا فريا} عجيبا. و(فَرَيْت) بالفتح أسرعت. قال: (فَرِيت) ). [شرح أشعار الهذليين: 1/312]

تفسير قوله تعالى: {يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) }

تفسير قوله تعالى: {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29) }
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (ويقال للغلام: صبي، وللجارية: صبية، بينة الصبى –مقصور بكسر الصاد- ويقولونه بفتح الصاد والمد: صبية بينة الصباء.
وقالوا أيضا: صبيء، وللجارية: صبيئة، وهي لغة يمانية فيما يحكى لنا). [الفرق في اللغة: 94] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله: {كيف نكلم من كان في المهد صبياً}، إنما معنى كان هاهنا التوكيد. فكأن التقدير والله أعلم: كيف نكلم من هو في المهد صبيا. ونصب صبياً على الحال. ولولا ذلك لم يكن عيسى بائناً من الناس، ولا دل الكلام على أنه تكلم في المهد؛ لأنك تقول للرجل: كان فلان في المهد صبياً. فهذا ما لا ينفك منه أحد أنه قد كان كذا ثم انتقل، وإنما المعنى: كيف نكلمه وهو الساعة كذا). [المقتضب: 4/117-118]

قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا} أي من يكن في المهد صبيًا فكيف نكلمه؟ وقال: وقعت الصفة في موضع الفعل، أي من كان صبيًا في المهد). [مجالس ثعلب: 471]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (قال أبو عبيدة: ويكون من الأضداد أيضا، يقال: يكون للمستقبل، ويقال: يكون للماضي، فكونه للمستقبل لا يحتاج فيه إلى شاهد، وكونه للماضي قول الصلتان يرثي المغيرة بن المهلب:

قل للقوافل والغزاة إذا غزوا = والباكرين وللمجد الرائح
إن السماحة والشجاعة ضمنا = قبرا بمرو على الطريق الواضح
فإذا مررت بقبره فاعقر به = كوم الجلاد وكل طرف سابح
وانضح جوانب قبره بدمائها = فلقد يكون أخا دم وذبائح
أراد: فلقد كان.
قال أبو بكر: والذي نذهب إليه أن (كان) و(يكون) لا يجوز أن يكونا على خلاف ظاهرهما، إلا إذا وضح المعنى، فلا يجوز لقائل أن يقول: كان عبد الله قائما، بمعنى يكون عبد الله، وكذلك محال أن يقال: يكون عبد الله قائما؛ بمعنى كان عبد الله، لأن هذا ما لا يفهم ولا يقوم عليه دليل؛ فإذا انكشف المعنى حمل أحد الفعلين على الآخر، كقوله جل اسمه: {كيف نكلم من كان في المهد صبيا}، معناه من يكون في المهد فكيف نكلمه! فصلح الماضي في موضع المستقبل لبيان معناه. وأنشد الفراء:

فمن كان لا يأتيك إلا لحاجة = يروح لها حتى تقضى ويغتدي
فإني لآتيكم تشكر ما مضى = من الأمر واستيجاب ما كان في غد
أراد: ما يكون في غد. وقال الله عز ذكره: {ونادى
أصحاب الجنة أصحاب النار}، فمعناه (وينادي)، لأن المعنى مفهوم. وقال جل وعز: {يا أبانا منع منا الكيل}، فقال بعض الناس: معناه (يمنع منا).
وقال الحطيئة:
شهد الحطيئة يوم يلقى ربه = أن الوليد أحق بالعذر
معناه: (يشهد الحطيئة).
{وكان الله غفورا رحيما} ليس بصحيح؛ لأنها لا تلغى مبتدأة ناصبة للخبر؛ وإنما التأويل المبتدأ عند الفراء: (وكائن الله غفورا رحيما)، فصلح الماضي في موضع الدائم؛ لأن أفعال الله جل وعز تخالف أفعال العباد، فأفعال العباد تنقطع، ورحمة الله جل وعز لا تنقطع، وكذلك مغفرته وعلمه وحكمته.
وقال غير الفراء: كأن القوم شاهدوا لله مغفرة ورحمة وعلما وحكمة، فقال الله جل وعز: {وكان الله غفورا رحيما}، أي لم يزل الله عز وجل على ما شاهدتم). [كتاب الأضداد: 60-62]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) }

تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) }

تفسير قوله تعالى: {وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) }

تفسير قوله تعالى: {وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) }

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ عيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال، ونهى عن عقوق الأمهات ووأد البنات ومنع وهات.
...
...
وفي قوله: نهى عن قيل وقال نحو وعربية، وذلك أنه جعل القال مصدرا، ألا تراه يقول: عن قيل وقال فكأنه قال: عن قيل وقول، يقال على هذا: قلت قولا وقيلا وقالا.
وسمعت الكسائي يقول في قراءة عبد الله: (ذلك عيسى ابن مريم قال الحق الذي فيه تَمترون) فهذا من هذا كأنه قال: قول الحق). [غريب الحديث: 3/411-415]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب ما وقع من المصادر توكيدا

وذلك قولك: هذا زيدٌ حقاً؛ لأنك لما قلت: هذا زيد فخبرت، إنما خبرت بما هو عندك حق، فاستغنيت عن قولك: أحق ذاك، وكذلك هذا زيدٌ الحق لا الباطل؛ لأن ما قبله صار بدلاً من الفعل. ولو قلت: هذا زيدٌ الحق، لكان رفعه على وجهين، وليس على ذلك المعنى، ولكن على أن تجعل زيدا هو الحق، وعلى أنك قلت: هذا زيد، ثم قلت: الحق، تريد: قولي هو الحق، لأن هذا زيد إنما هو قولك. وقد قرئ هذا الحرف على وجهين، وهو قوله عز وجل: {ذلك عيسى ابن مريم قولَ الحق}، و(قولُ الحق) ). [المقتضب: 3/266]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وأنشدني أحمد لعدي بن الرقاع العاملي:
جوادًا ليس قالا حين يؤتى = لصاحب حاجة أبدًا ألا لا
وأنشدني هذا الرستمي عن يعقوب، جوادًا ليس فالاً، بالفاء وفسره فقال يقال رجل فيل الرأي وفيل الرأي وفال الرأي وفي رأيه فيالة وكل ذلك يرجع إلى الضعف وهذا تفسير يعقوب وقال الآخر:
مبينة ترى البصراء فيها = وأفيال الرجال وهم سواء
وقال الله جل ذكره في بعض القراءات: {ذلك قال الحق الذي فيه يمترون} ). [شرح المفضليات: 690-691]

تفسير قوله تعالى: {مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35) }

تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (36) }


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 3 محرم 1433هـ/28-11-2011م, 02:19 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمِْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (37) }

تفسير قوله تعالى: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (38) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (واعلم أن ما جاوز الثلاثة بغير زيادة لم يجز أن يقال فيه: ما أفعله. وذلك لأنك إن بنيته هذا البناء حذفت من الأصل حرفاً. وهذا مما لا يجوز؛ لأن معناه إنما كمل بحروفه؛ إذ كن كلهن أصولا، وإنما يستعمل فيما كان من هذا القبيل ما يدل عليه من فعل غيره وذلك انك إذا قلت: دحرج، واحرنجم، وما أشبه ذلك من الأفعال من غير هذا الجنس قلت: ما أشد دحرجته، وما أشد احرنجامه. لأنك لو أدخلت على هذا الهمزة لخرج من بناء الأفعال، ولا يجوز الحذف لما وصفت لك.
وكذلك ما كان من الألوان والعيوب، نحو: الأعور والأحمر، لا يقال: ما أحمره، ولا ما أعوره. وإنما امتنع هذا لشيئين: أحدهما: أن أصل فعله أن يكون أفعل، وافعال. نحو: احمر واحمار. ودخول الهمزة على هذا محال.
والقول الآخر قول الخليل: وهو أن هذا شيء قد ثبت واستقر، فليس يجوز فيه الزيادة والنقصان. فهو وإن كان مشتقاً من الفعل بمنزلة اليد، والرجل لا تقوله؛ كما لا تقول: ما أيداه، ولا ما أرجله. وإنما أقول: ما أشد يده. فعلى هذا: ما أشد حمرته، وما أشد عوره، وكذلك جميع بابها.
ومثل هذا قوله: هذا أحسن من هذا، وهذا أضرب من ذا، وهذا أشد عوراً من ذا، وأشد حولاً من ذا؛ لأن هذا والتعجب من باب واحد.
فإن قال قائل: فقد جاء في القرآن: {ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلاً}.
قيل له: في هذا جوابان، كلاهما مقنع: أحدهما: أن يكون من عمى القلب، وإليه ينسب أكثر الضلال؛ لأنه حقيقته كما قال: {فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور}. فعلى هذا تقول: ما أعماه؛ كما تقول: ما أحمقه.
والوجه الآخر: أن يكون من عمى العين، فيكون {فهو في الآخرة أعمى} لا تريد به أعمى من كذا، ولكنه في الآخرة أعمى، كما كان في الدنيا، وهو في الآخرة أضل سبيلا.
وتقول: يا هند أحسن بزيد، ويا رجلان أحسن بزيد؛ لأنك لست تأمرهم أن يصنعوا شيئاً، وإنما المعنى: ما أحسنه فإذا كان من الألوان، والعيوب قلت يا هند، أشدد بحمرة زيد، ويا رجال، أشدد بحمرة زيد. ومن هذا الباب قول الله عز وجل: {أسمع بهم وأبصر}.
ولا يقال لله عز وجل تعجب. ولكنه خرج على كلام العباد. أي هؤلاء ممن يجب أن يقال لهم: ما أسمعهم، وأبصرهم في ذلك الوقت.
ومثل هذا قوله: {فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى} ولعل إنما هي للترجي. ولا يقال ذلك لله ولكن المعنى والله أعلم، إذهبا أنتما على رجائكما، وقولا القول الذي ترجوان به. ويرجو به المخلوقون تذكر من طالبوه.
وأما قوله: {فما أصبرهم على النار} فليس من هذا. ولكنه والله أعلم التقرير والتوبيخ. وتقديره: أي شيء أصبرهم على النار? . أي دعاهم إليها، واضطرهم إليها؛ كما تقول: صبرت زيداً على القتل. ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصبر الروح). [المقتضب: 4/180-183] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (39) }

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ (40) }

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (41) }

تفسير قوله تعالى: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (42) }

تفسير قوله تعالى: {يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43) }

تفسير قوله تعالى: {يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا (44) }

تفسير قوله تعالى: {يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (45) }

تفسير قوله تعالى: {قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آَلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا (46) }
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت: 206هـ): (ثمّ الأسماء التي تعمّ الليل والنهار
فمن ذلك قولهم: اختلف عليه الملوان.
وقال الشاعر، هو ابن مقبلٍ:

ألا يا ديار الحيّ بالسّبعان = أملّ عليها بالبلى الملوان
يقول: طال عليها.
وقالوا: مضت ملاوةٌ وملاوةٌ.
وقالوا: تملّيت حبيباً، أي عايشته حيناً.
وقال الأسود بن يعفر ويعفر:
فآليت لا أشريه حتى يملّني = وآليت لا أملاه حتى يفارقا
فقال: أملاه، والفعل منه: مليته أملاه.
وقال أبو ذؤيبٍ:
حتى إذا جزرت مياه رزونه = وبأيّ حزّ ملاوةٍ يتقطّع
بفتح الميم وكسرها.
وقالوا: جلست عنده ملوةً من الدهر وملوةً وملوةً.
وقول الله عزّ وجلّ: {واهجرني مليّاً} من ذلك). [الأزمنة: 58-59]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث عبد الله بن مغفل في وصيته: «لا ترجموا قبري».
حدثناه إسحاق بن عيسى عن أبي الأشهب عن بكر بن عبد الله عن عبد الله بن مغفل.
المحدثون يقولون: لا ترجموا قبري، إنما هو «لا ترجموا» يقول: لا تجعلوا عليه الرجم، وهي الرجام: يعني الحجارة، وكانوا يجعلونها على القبور، وكذلك هي إلى اليوم حيث لا يوجد التراب، قال كعب بن زهير:
أنا ابن الذي لم يخزني في حياته = ولم أخزه حتى تغيب في الرجم
وقد تأوله بعضهم على النياحة والقول السيئ فيه، من
قول أبي إبراهيم لإبراهيم: {لأرجمنك} يعني: لأقولن فيك ما تكره وإنما أراد ابن مغفل تسوية القبر بالأرض وأن لا يكون مسنما مرتفعا). [غريب الحديث: 5/317-318]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا (47) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (ويقال أحففت رأسي، إذا فعلت ذلك به، ويقال أحف رأسه وحف رأسه إذا أقل الدهن. ويقال حفي به يحفى حفاوة، من قوله عز وجل: {إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا} ). [مجالس ثعلب: 350]

تفسير قوله تعالى: {وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا (48) }

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا (49) }

تفسير قوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا (50) }

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (51) }

تفسير قوله تعالى: {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (52) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله:
طاوعته بعدما طال النجي بنا
يريد المناجاة، فأخرجه على لفظ: "فعيل"، ونظيره من المصادر الصهيل، والنهيق، الشحيج، ويقال: شب الفرس شبيبًا، ولذلك كان "النجي" يقع على الواحد والجماعة نعتًا، كما تقول: امرأة عدلٌ ورجل عدلٌ وقوم عدلٌ: لأنه مصدر قال الله عز وجل: {وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا}، أي مناجيًا، وقال للجماعة: {فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا} أي متناجين). [الكامل: 1/369]

تفسير قوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا (53) }

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (54) }
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وعد عبد اللّه بن عمر رجلاً من قريش أن يزوّجه ابنته! فلما كان عند موته أرسل إليه فزوّجه إياها، وقال: كرهت أن ألقى اللّه عزّ وجلّ بثلث اتّفاق شعر للطائي وقال الطائي:
تقول قول الذي ليس الوفاء له = خلقًا وتنجز إنجاز الذي حلفا
وأثنى اللّه تبارك وتعالى على نبيّه إسماعيل صلى اللّه عليه وسلم فقال: {إنّه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبيًا} شعر لبشار، ولغيره، في المدح وقال بشار يمدح:

إذا قال تمّ على قوله = ومات العناء بلا أو نعم
وبعض الرجال بموعده = قريبٌ وبالفعل تحت الرّجم
كجاري السّراب ترى لمعه = ولست بواجده عندكم
وقال العبّاس بن الأحنف:

ما ضرّ من قطع الرجاء ببخله = لو كان علّلني بوعدٍ كاذب
وقال آخر:
عسى منك خيرٌ من نعم ألف مرّةٍ = من آخر غال الصّدق منه غوائله
وقال نصيب:
يقول فيحسن القول ابن ليلى = ويفعل فوق أحسن ما يقول
وقال زيادٌ الأعجم:

للّه درّك من فتىً = لو كنت تفعل ما تقول
لا خير في كذب الجوا = د وحبّذا صدق البخيل
من أمثال العرب في الخلف بالوعد والعرب تضرب المثل في الخلف بعرقوب. قال ابن الكلبيّ عن أبيه: كان عرقوب رجلاً من العماليق؛ فأتاه أخٌ له فسأله شيئًا؛ فقال له عرقوب: إذا أطلع نخلي. فلما أطلع أتاه، قال: إذا أبلح. فلما أبلح أتاه، فقال: إذا أزهى. فلما أزهى أتاه، قال: إذا أرطب أتاه، قال: إذا صار تمرًا جدّه من الليل ولم يعط أخاه شيئًا). [عيون الأخبار: 8/146-147]

تفسير قوله تعالى: {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (55) }

تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (56) }

تفسير قوله تعالى: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (57) }

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (58) }
تفسير قوله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) }
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (جمع الأهلة: أهلات؛ مثل: «حَسْرة وحَسَرات» و«شَهْوة وشَهَوات»). [المذكور والمؤنث: 98] (م)
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (والخلف الاستقاء عن أبي عمرو وأنشد للحطيئة

(لزغب كأولاد القطا راث خلفها = على عاجزات النهض حمر حواصله)
والمخلف المستقى والخلف الردى من القول ويقال في مثل سكت
ألفا ونطق خلفا للرجل يطيل الصمت فإذا تكلم تكلم بالخطإ ويقال هذا خلف سوء وهؤلاء خلف سوء قال الله جل وعز: {فخلف من بعدهم خلف} قال لبيد:
(ذهب الذين يعاش في أكنافهم = وبقيت في خلف كجلد الأجراب)
ويقال هذه فأس ذات خلفين إذا كان لها رأسان قال وحدثني ابن الأعرابي قال كان أعرابي مع قوم فحبق حبقة فتشور فأشار بإبهامه نحو استه فقال إنها خلف نطقت خلفا والمستخلف الذي يحمل الماء من بعد إلى أهله والخلف بالكسر واحد الأخلاف وهي أطراف جلد الضرع). [إصلاح المنطق: 12-13]
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (والخلف الاستقاء وأنشد أبو عمرو للحطيئة

(لزغب كأولاد القطا راث خلفها = على عاجزات النهض حمر حواصله)
والخلف الرديء من القول يقال سكت ألفا ونطق خلفا أي سكت عن ألف كلمة ثم تكلم بالخطأ قال أبو يوسف وحدثني ابن الأعرابي قال كان أعرابي مع قوم فحبق حبقة فتشور فأشار بإبهامه نحو استه وقال إنها خلف نطقت خلفا ويقال هؤلاء خلف سوء لناس لاحقين بناس أكثر منهم قال لبيد:
(ذهب الذين يعاش في أكنافهم = وبقيت في خلف كجلد الأجرب)
قال الله جل ثناؤه: {فخلف من بعدهم خلف} ويقال: هذه فأس ذات خلفين إذا كان لها رأسان ويقال هذا خلف صدق وهذا خلف سوء
وهذا خلف من هذا). [إصلاح المنطق:66- 67]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (60) }

تفسير قوله تعالى: {جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (61) }

تفسير قوله تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (62) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وزعم الخليل أنه يجوز أن تقول آتيك اليوم غدوةً وبكرةً تجعلهما بمنزلة ضحوةٍ.
وزعم أبو الخطاب أنه سمع من يوثق به من العرب يقول آتيك بكرةً وهو يريد الإتيان في يومه أو في غده ومثل ذلك قول الله عز وجل: {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا} هذا قول الخليل). [الكتاب: 3/294]

تفسير قوله تعالى: {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا (63) }

تفسير قوله تعالى: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (64) }

تفسير قوله تعالى: {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (65) }


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 3 محرم 1433هـ/28-11-2011م, 02:21 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (66) }

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (67) }

تفسير قوله تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث يروى عن موسى بن علي بن رباح عن حبان بن أبي جبلة قال: لا أدري أرفعه أم لا؟ قال:
«من دعا دعاء الجاهلية، فهو من جُثا جهنم».
قال: واحدة الجثا جثوة وهو بضم الجيم، وهي الشيء المجموع قال طرفة بن العبد:

ترى جثوتين من تراب عليهما = صفائح صم من صفيح موصد
يصف قبرين.
فكأن معنى الحديث أنه من جماعات جهنم أي من الزمر التي تدخلها.
هذا فيمن قال: من جثا فخفف الياء.
ومن قال: جثي جهنم فشدد الياء فإنه يريد الذين يجثون على الركب، واحدها جاث وجمعه جثي -بتشديد الياء- قال الله عز وجل: {ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا}، وهذا أحب إلي من الأول). [غريب الحديث: 3/53-54]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وحدثنا هارون أن ناسا وهم الكوفيون يقرءونها: (ثمّ لننزعنّ من كل شيعةٍ أيّهم أشدّ على الرّحمن عتياّ) وهي لغة جيدة نصبوها كما جروها حين قالوا امرر على أيهم أفضل فأجراها هؤلاء مجرى الذي إذا قلت اضرب الذي أفضل لأنك تنزل أيا ومن منزلة الذي في غير الجزاء والاستفهام). [الكتاب: 2/399]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (
وكل خليل راءني فهو قائل = من أجلك هذا هامة اليوم أو غد
...
وقوله: "راءَني" يريد "رآني"، ولكنه قلب؛ فأخر الهمزة. ونظير هذا من الكلام قسيٌّ وإنما الأصل قؤوسٌ ولما أخرَ الواوين أبدل منهما، ياءين، كما يجب في الجمع، وتقول: دلو ودلويٌّ، وعاتٍ وعتيٌّ، وإن شئت قلت: عتي ودليُّ، من أجدل الياء، فإن كان فعولٌ لواحدٍ قلت: عتو. ويجوز القلبُ، والوجه في الواحد إثبات الواوِ، كما تقولُ: مغزوٌّ ومدعوٌّ ويجوز مغزيٌّ وفي القرآن {وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا} وقال: {أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا} وقال: {ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} والأصل مرضوةٌ لأنه من الواو، من الرضوان. ومن القلب قولهم طأمن ثم قالوا: اطمأن، فأخروا الهمزة وقدموا الميم، ومثل هذا كثيرٌ جدًا). [الكامل: 2/807] (م)

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (70) }

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) }

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72) }

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (73) }

تفسير قوله تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا (74) }

قال أبو عمرو إسحاق بن مرار الشيباني (ت: 213هـ): (وقال الكلبي: رَئِي، مثل: سَري؛ وهو صاحبه الذي شاركه في رأيه.
ورجل رئيٌّ: جيد الرأي). [كتاب الجيم: 1/307]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله:

بذي الزي الجميل من الأثاث
هي الرواية الصحيحة، وقد قيل بذي الري الجميل واستهواهم إليه قول الله جل ثناؤه: {هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا} فالأثاث متاع البيت، والرءي ما ظهر من الزينة، وإنما أخذ من قولك: رأيتُ، فالرءي غير الأثاث والزي من الأثاثِ، فمن ههنا غلطوا). [الكامل: 2/786]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا (75) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب أمّا وإمّا
أما المفتوحة فإن فيها معنى المجازاة. وذلك قولك: أما زيدٌ فله درهم، وأما زيد فأعطه درهماً. فالتقدير: مهما يكن من شيءٍ فأعط زيدا درهماً، فلزمت الفاء الجواب؛ لما فيه من معنى الجزاء. وهو كلام معناه التقديم والتأخير. ألا ترى أنك تقول: أما زيدا فاضرب؛ فإن قدمت الفعل لم يجز؛ لأن أما في معنى: مهما يكن من شيء؛ فهذا لا يتصل به فعلٌ، وإنما حد الفعل أن يكون بعد الفاء. ولكنك تقدم الاسم؛ ليسد مسد المحذوف الذي هذا معناه، ويعمل فيه ما بعده. وجملة هذا الباب: أن الكلام بعد أما على حالته قبل أن تدخل إلا أنه لا بد من الفاء؛ لأنها جواب الجزاء؛ ألا تراه قال - عز وجل - {وأما ثمود فهديناهم} كقولك: ثمود هديناهم. ومن رأى أن يقول: زيدا ضربته نصب بهذا فقال: أما زيدا فاضربه. وقال: {فأما اليتيم فلا تقهر} فعلى هذا فقس هذا الباب. وأما إما المكسورة فإنها تكون في موضع أو، وذلك قولك: ضربت إما زيدا، وإما عمرا؛ لأن المعنى: ضربت زيدا أو عمرا، وقال الله عز وجل: {إما العذاب وإما الساعة} وقال: {إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً}. فإذا ذكرت إما فلا بد من تكريرها، وإذا ذكرت المفتوحة فأنت مخير: إن شئت وقفت عليها إذا تم خبرها. تقول: أما زيد فقائم، وأما قوله: {أما من استغنى. فأنت له تصدى. وما عليك ألا يزكى. وأما من جاءك يسعى. وهو يخشى. فأنت عنه تلهى} فإن الكلام مستغنٍ من قبل التكرير، ولو قلت: ضربت إما زيداً، وسكت، لم يجز؛ لأن المعنى: هذا أو هذا؛ ألا ترى أن ما بعد إما لا يكون كلاماً مستغنياً). [المقتضب: 3/27-28] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقال أعرابي أنشدنيه أبو العالية:
ألا تسأل ذا العلم ما الذي = يحل من التقبيل في رمضان؟
فقال لي المكي:
أما لزوجةٍ = فسبع، وأما خلةٍ فثماني
.....
"وقوله: "أما لزوجة" فهذه مفتوحة، وهي التي تحتاج إلى خبر، ومعناها: إذا قلت: أما زيدٌ فمنطلقٌ مهما يكن من شيء فزيدٌ منطلقٌ. وكذلك: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ} إنما هي: مهما يكن من شيء فلا تقهر اليتيم، وتكسر إذا كانت في معنى "أو" ويلزمها التكرير، تقول: ضربت إما زيدًا وإما عمرًا، فمعناه ضربت زيدًا أو عمرًا، وكذلك: {إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}، وكذلك: {إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ}، و{إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا}، وإنما كررتها لأنك إذا قلت: ضربت زيدًا أو عمرًا، أو قلت: اضرب زيدًا أو عمرًا فقد ابتدأت بذكر الأول، وليس عند السامع أنك تريد غير الأول، ثم جئت بالشك، أو التخيير، وإذا قلت: ضربت إما زيدًا وإما عمرًا، فقد وضعت كلامك بالابتداء على التخيير أو على الشك، وإذا قلت: ضربت إما زيدًا وإما عمرًا، فالأولى وقعت لبنية الكلام عليها، والثانية للعطف، لأنك تعدل بين الثاني والأول، فإنما تكسر في هذا الموضع.
وزعم سيبويه أنها إن ضمت إليها "ما" فإن اضطر شاعر فحذف "ما" جاز له ذلك لأنه الأصل، وأنشد في مصداق ذلك:
لقد كذبتك نفسك فاكذبنها = فإن جزعًا وإن إجمال صبر
ويجوز في غير هذا الموضع أن تقع "إما" مكسورة، ولكن "ما" لا تكون لازمة، ولكن تكون زائدة في "إن" التي هي للجزاء. كما تزداد في سائر الكلام نحو: أين تكن أكن، وأينما تكن أكن، وكذلك متى تأتني آتك، ومتى ما تأتني آتك، فتقول: إن تأتني آتك، وإما تأتني آتك، تدغم النون في الميم لاجتماعهما في الغنة، وسنذكر الإدغام في موضع نفرده به إن شاء الله، كما قال امرؤ القيس:

فإما تريني لا أغمض ساعةٌ = من الليل إلا أن أكب فأنعسا
فيا رب مكروب كررت وراءه = وطاعنت عنه الخيل حتى تنفسا
وفي القرآن: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا} وقال: {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا} فأنت في زيادة "ما" بالخيار في جميع حروف الجزاء، إلا في حرفين، فإن "ما" لابد منها لعلة نذكرها إذا أفردنا باباٌ للجزاء إن شاء الله، والحرفان: حيثما تكن أكن، كما قال الشاعر:
حيثما تستقم يقدر لك الله = نجاحاٌ في غابر الأزمان).
[الكامل: 1/377-379] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا (76) }

تفسير قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآَيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (77) }

تفسير قوله تعالى: {أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (78) }

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا (79) }

تفسير قوله تعالى: {وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا (80) }

تفسير قوله تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آَلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (81) }

تفسير قوله تعالى: {كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (82) }

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (83) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (وقد أززت الشيء أؤزه أزا إذا ضممت بعضه إلى بعض). [الغريب المصنف: 3/788]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء.
قال: حدثني ابن مهدي، عن حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير، عن أبيه، أنه رأى ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: الأزيز يعني غليان جوفه بالبكاء. وأصل الأزيز الالتهاب والحركة، وكأن قوله عز وجل: {أنا أرسلنا الشياطين على الكفرين تؤزهم أزا} من هذا أي تدفعهم وتسوقهم وهو من التحريك). [غريب الحديث: 1/277]

تفسير قوله تعالى: {فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (84) }

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85) }

تفسير قوله تعالى: {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (86) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس: الجعظري: الكثير اللحم. والجواظ الذي لا يقبل " الموعظة " ولا ينحاش، وهو الجافي.
{إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا} قال: مصدر). [مجالس ثعلب: 367]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (ويقال الورد الإبل الواردة والورد الإبل العطاش، جاء في التفسير في قول الله تعالى: {ونسوق المجرمين إلى جهنم وردًا}، أي: منقطعة أعناقهم من العطش). [شرح المفضليات: 464]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (87) }

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فأما قول الله عز وجل: {وأرسلناه إلى مائة ألفٍ أو يزيدون} فإن قوماً من النحويين يجعلون أو في هذا الموضع بمنزلة بل. وهذا فاسدٌ عندنا من وجهين: أحدهما: أن أو لو وقعت في هذا الموضع موقع بل لجاز أن تقع في غير هذا الموضع، وكنت تقول: ضربت زيدا أو عمرا، وما ضربت زيدا أو عمرا على غير الشك، ولكن على معنى بل فهذا مردودٌ عند جميعهم.
والوجه الآخر: أن بل لا تأتي في الواجب في كلام واحد إلا للإضراب بعد غلطٍ أو نسيان، وهذا منفي عن الله عز وجل؛ لأن القائل إذا قال: مررت بزيد غالطاً فاستدرك، أو ناسياً فذكر، قال: بل عمرو؛ ليضرب عن ذلك، ويثبت ذا. وتقول عندي عشرة بل خمسة عشر على مثل هذا، فإن أتى بعد كلامٍ قد سبق من غيره فالخطأ إنما لحق كلام الأول؛ كما قال الله عز وجل: {وقالوا اتخذ الرحمن ولداً} فعلم السامع أنهم عنوا الملائكة بما تقدم من قوله: {وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاُ}.وقال: {أم اتخذ مما يخلق بناتٍ} وقال: {ويجعلون لله ما يكرهون} وقال: {بل عبادٌ مكرمون}، أي: بل هؤلاء الذين ذكرتم أنهم ولدٌ عبادٌ مكرمون. ونظير ذلك أن تقول للرجل: قد جاءك زيدٌ، فيقول: بل عمرو. ولكن مجاز هذه الآية عندنا مجاز ما ذكرنا قبل في قولك: ائت زيدا أو عمرا أو خالدا، تريد: ايت هذا الضرب من الناس، فكأنه قال - والله أعلم -: إلى مائة ألف أو زيادة. وهذا قول كل من نثق بعلمه. وتقول: وكل حقٍّ لها علمناه أو جهلناه. تريد توكيد قولك: كل حقٍّ لها، فكأنك قلت: إن كان معلوماً، أو مجهولاً فقد دخل في هذا البيع جميع حقوقها.
ولها في الفعل خاصةٌ أخرى نذكرها في إعراب الأفعال إن شاء الله. وجملتها أنك تقول: زيد يقعد أو يقوم يا فتى، وإنما أكلم لك زيدا، أو أكلم عمرا. تريد: أفعل أحد هذين؛ كما قلت في الاسم: لقيت زيدا أو عمرا، وأنا ألقى زيدا أو عمرا، أي: أحد هذين. وعلى القول الثاني: أنا أمضي إلى زيد، أو أقعد إلى عمرو، أو أتحدث، أي: أفعل هذا الضرب من الأفعال. وعلى هذا القول الذي بدأت به قول الله عز وجل: {تقاتلونهم أو يسلمون}، أي: يقع أحد هذين. فأما الخاصة في الفعل فأن تقع على معنى: إلا أن، وحتى، وذلك قولك: الزمه أو يقضيك حقك، واضربه أو يستقيم. وفي قراءة أبيٍّ: (تقاتلونهم أو يسلموا)، أي: إلا أن يسلموا، وحتى يسلموا. وهذا تفسيرٌ مستقصًى في بابه إن شاء الله). [المقتضب: 3/304-306] (م)

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) }

تفسير قوله تعالى: {تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) }

قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (وقالوا: التفطر ألا يخرج من الناقة لبن. وقال الفرزدق:
فطارة لقوادم الأبكار
والفُطْر الحلب أيضا. وقال الله عز اسمه: {تكاد السموات يتفطرن} والانفطار: الانشقاق). [الأضداد: 109]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( ومن الأضداد التفطر؛ التفطر: ألا يخرج من لبن الناقة شيء، والتفطر: الحلب، والتفطر الانشقاق، قال الله عز وجل: {تكاد السموات يتفطرن منه} ). [كتاب الأضداد: 373]


تفسير قوله تعالى: {أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) }

تفسير قوله تعالى: {وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) }

تفسير قوله تعالى: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (واعلم أنه قد يجوز لك أن تحذف النون والتنوين من التي تجري مجرى الفعل، ولا يكون الاسم إلا نكرة وإن كانا مضافاً إلى معرفة؛ لأنك إنما تحذف النون استخفافاً. فلما ذهب النون عاقبتها الإضافة، والمعنى معنى ثبات النون. فمن ذلك قول الله عز وجل: {هدياً بالغ الكعبة} فلو لم ترد التنوين لم يكن صفة لهدي وهو نكرة. ومن ذلك قوله تعالى: {هذا عارض ممطرنا} و{ثاني عطفه}؛ لأنه نصب على الحال، ولا تكون الحال إلا نكرة.
ومن ذلك قول الله عز وجل: {إنا مرسلو الناقة} فإنما هذه حكاية قول الله عز وجل قبل إرسالها.
وكذلك {إلا آتي الرحمن عبداً} و{كل نفس ذائقة الموت} ومن نون قال: (آتٍ الرحمن عبداً)، و(ذائقةٌ الموت)؛ كما قال عز وجل: {ولا آمين البيت الحرام}. وهذا هو الأصل، وذاك أخف وأكثر، إذ لم يكن ناقضاً لمعنى، وكلاهما في الجودة سواء). [المقتضب: 4/149-150] (م)

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) }

تفسير قوله تعالى: {وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (95) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ولو قلت: أي الذين في الدار هندٌ ضاربتهم? جاز أن تكون اقتطعت بأي جماعة من جماعة والوجه ضاربته. وليس الحمل على المعنى ببعيد، بل هو وجهٌ جيد. قال الله عز وجل: {وكلٌّ أتوه داخرين} وقال: {وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً} فهذا على اللفظ، والأول على المعنى). [المقتضب: 2/297] (م)

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (96) }

تفسير قوله تعالى: {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا (97) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (غيرهم: الألد الشديد الخصومة بين اللدد وقد لددته خصمته لدًا). [الغريب المصنف: 3/1002]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله: "الألد" فأصله الشديد الخصومة، يقال: خصم ألد، أي لا ينثني عن خصمه. قال الله عز وجل: {وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا} كما قال: {بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ}، وقال مهلهل:

إن تحت الأحجار حزمًا وجودًا = وخصيمًا ألد ذا معلاق).
[الكامل: 1/55-56]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (والألد: الشديد الخصومة، قال الله تبارك وتعالى: {وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا}، وقال: {وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} ). [الكامل: 2/952-953]

تفسير قوله تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا (98) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (والركز الصوت ليس بالشديد). [الغريب المصنف: 1/68]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:02 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة