العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير جزء قد سمع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 09:07 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير سورة التحريم [ من الآية (6) إلى الآية (9) ]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (7) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (9)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 09:09 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (- أخبرنا مسعر، قال: حدثني معن وعون، أو أحدهما، أن رجلًا أتى عبد الله ابن مسعودٍ، فقال: اعهد إلي؟ فقال: إذا سمعت الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فارعها سمعك، فإنها خيرٌ يأمر به، أو شرٌّ ينهى عنه). [الزهد لابن المبارك: 2/ 18]

قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا مسعر، عن عبد الملك بن ميسرة، عن ابن سابط، عن عمرو ابن ميمون، عن عبد الله بن مسعود، قال: إن الحجارة التي سمى الله في القرآن، أو ذكر في القرآن: {وقودها الناس والحجارة}، حجارة من كبريت، خلقها الله عنده كيف شاء، أو كما شاء). [الزهد لابن المبارك: 2/584]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (حدّثنا هشام بن سعدٍ عن زيد بن أسلم أنّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أنزلت هذه الآية: {قوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها الناس والحجارة}، فقالوا: يا رسول اللّه، لقد أوقينا أنفسنا فكيف بأهلينا، قال: تأمرونهم بطاعة الله وتنهوهم عن معاصي اللّه). [الجامع في علوم القرآن: 2/38-39]

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله قوا أنفسكم وأهليكم نارا قال مروهم بطاعة الله وانهوهم عن معصية الله). [تفسير عبد الرزاق: 2/303]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري عن منصور عن رجل عن علي في قوله تعالى قوا أنفسكم وأهليكم نارا قال علي بن أبي طالب علموا أنفسكم وأهليكم الخير). [تفسير عبد الرزاق: 2/303]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا عبدة بن سليمان، عن الأعمش، عن خيثمة، قال: ما تقرؤون في القرآن: {يا أيّها الّذين آمنوا} فإنّ موضعه في التّوراة: يا أيّها المساكين). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 318]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه

وقال مجاهد {قوا أنفسكم وأهليكم} أوصوا أنفسكم وأهليكم بتقوى الله وأدبوهم
قال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 6 التّحريم {قوا أنفسكم وأهليكم نارا} قال أوصوا أهليكم بتقوى الله). [تغليق التعليق: 4/345]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال مجاهدٌ: {قوا أنفسكم وأهليكم} (التّحريم: 6) أوصوا أنفسكم وأهليكم بتقوى الله وأدّبوهم.
أي: قال مجاهد في قوله تعالى: {يا أيها الّذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها النّاس والحجارة} (التّحريم: 6) أوصوا أنفسكم من الإيصاء المعنى: أوصوا أنفسكم بترك المعاصي. وفعل الطّاعات. قوله: (وأهليكم) يعني: مروهم بالخير وانهوهم عن الشّرّ وعلموهم وأدبوهم، هذا هو المعنى الصّحيح الّذي ذكره المفسّرون، وقال الزّمخشريّ: قوا أنفسكم بترك المعاصي وفعل الطّاعات وأهليكم بأن تأخذوهم بما تأخذون به أنفسكم وقرئ: وأهلوكم، عطفا على واو قوا، كأنّه قيل: قوا أنتم، وأهلوكم أنفسكم وذكر الشّرّاح هنا أشياء متعسفة، أكثرها خارج عمّا تقتضيه القواعد فمن ذلك ما ذكره ابن التّين بلفظ، قوا أهليكم. أوفقوا أهليكم، ونسب القاضي عياض هذه الرّواية هكذا اللقايسي وابن السكن. ثمّ قال ابن التّين صوابه: أوفوا، قال: ونحو ذلك ذكر النّحاس ولا أعرف للألف من أو ولا للفاء من قوله: فقوا، وجها. قلت: كأنّه جعل قوله: أوفقوا، كلمتين إحداهما كلمة أو، والثّانية كلمة فقوا. وأصله بتقديم الفاء على القاف، ثمّ ذكر أشياء متكلفة لم يذكرها أحد من المفسّرين وذلك كله نشأ أمن جعله: أو فقوا. كلمتين وجعل الفاء مقدّمة على القاف، وليس كذلك فإنّه كلمة واحدة والقاف مقدّمة على الفاء. والمعنى: أوقفوا أهليكم عن المعاصي وامنعوهم، وقال ابن التّين والصّواب على هذا حذف في الألف لأنّه ثلاثي من نوقف. قلت: لمن جعل هذا كلمة أن يقول لا نسلم أنه من: وقف، بل من: الإيقاف من المزيد لا من الثلاثي.
- حدّثنا الحميديّ حدّثنا سفيان حدّثنا يحيى بن سعيدٍ. قال سمعت عبيد بن حنينٍ يقول سمعت ابن عبّاسٍ يقول أردت أن أسأل عمر عن المرأتين اللّتين تظاهر بما على رسول الله صلى الله عليه وسلم فمكثت سنةً فلم أجد له موضعا حتّى خرجت معه حاجّا فلمّا كنّا بظهران ذهب عمر لحاجته فقال أدركني بالوضوء فأدركته بالإداوة فجعلت أسكب عليه الماء ورأيت موضعا فقلت يا أمير المؤمنين من المرأتان اللّتان تظاهرتا قال ابن عبّاسٍ فما أتممت كلامي حتّى قال عائشة وحفصة.
مطابقته للتّرجمة ظاهرة. لا تخفى على المتأمل، والحميدي عبد الله بن الزبير، وسفيان هو ابن عيينة، ويحيى بن سعيد هو القطّان الأنصاريّ.
والحديث قد مضى في باب: {تبتغي مرضات أزواجك} (التّحريم: 1) ومضى الكلام فيه هناك، قوله: (بظهران) ، بفتح الظّاء المعجمة وسكون الهاء وبالراء والنّون، بقعة بين مكّة والمدينة غير منصرف. قوله (بوضوء) بفتح الواو. وهو الماء الّذي يتوضّأ به. قوله: (بالإداوة) بكسر الهمزة وهي المطهرة قوله: (يا أمير المؤمنين) بحذف الألف من أمير للتّخفيف). [عمدة القاري: 19/253]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال مجاهد) فيما وصله الفريابي في قوله تعالى: ({قوا أنفسكم وأهليكم}) [التحريم: 6] أي (أوصوا أنفسكم) بفتح الهمزة وسكون الواو بعدها صاد مهملة من الإيصاء (وأهليكم بتقوى الله وأدّبوهم) ولغير أبي ذر أوصوا أهليكم بتقوى الله وأدّبوهم.
- حدّثنا الحميديّ، حدّثنا سفيان، حدّثنا يحيى بن سعيدٍ قال: سمعت عبيد بن حنينٍ يقول: سمعت ابن عبّاسٍ يقول: أردت أن أسأل عمر عن المرأتين اللّتين تظاهرتا على رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- فمكثت سنةً فلم أجد له موضعًا حتّى خرجت معه حاجًّا فلمّا كنّا بظهران ذهب عمر لحاجته فقال: أدركني بالوضوء فأدركته بالإداوة فجعلت أسكب عليه ورأيت موضعًا فقلت يا أمير المؤمنين من المرأتان اللّتان تظاهرتا قال ابن عبّاسٍ: فما أتممت كلامي حتّى قال عائشة وحفصة). [إرشاد الساري: 7/396]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها النّاس والحجارة عليها ملائكةٌ غلاظٌ شدادٌ لا يعصون اللّه ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون}.
قال أبو جعفرٍ رحمه الله: يقول تعالى ذكره: يا أيّها الّذين صدّقوا اللّه ورسوله {قوا أنفسكم} يقول: علّموا بعضكم بعضًا ما تقون به من تعلّمونه النّار، وتدفعونها عنه إذا عمل به من طاعة اللّه، واعملوا بطاعة اللّه.
وقوله: {وأهليكم نارًا} يقول: وعلّموا أهليكم من العمل بطاعة اللّه ما يقون به أنفسهم من النّار.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن منصورٍ، عن رجلٍ، عن عليّ بن أبي طالبٍ، رضي اللّه عنه في قوله: {قوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها النّاس والحجارة} قال: علّموهم، وأدّبوهم.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن منصورٍ، عن رجلٍ، عن عليٍّ {قوا أنفسكم وأهليكم نارًا} يقول: أدّبوهم، علّموهم.
- حدّثني الحسين بن يزيد الطّحّان، قال: حدّثنا سعيد بن خثيمٍ، عن محمّد بن خالدٍ الضّبّيّ، عن الحكم، عن عليٍّ بمثله.
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله {قوا أنفسكم وأهليكم نارًا}. يقول: اعملوا بطاعة اللّه، واتّقوا معاصي اللّه، ومروا أهليكم بالذّكر، ينجكم اللّه من النّار.
- حدّثني محمّد بن عمر، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {قوا أنفسكم وأهليكم نارًا}. قال: اتّقوا اللّه، وأوصوا أهليكم بتقوى اللّه.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {قوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها النّاس والحجارة}. قال: قال: يقيهم أن يأمرهم بطاعة اللّه، وينهاهم عن معصيته، وأن يقوم عليه بأمر اللّه يأمرهم به ويساعدهم عليه، فإذا رأيت للّه عزّ وجلّ معصيةً قرعتهم عنها، وزجرتهم عنها.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة في قوله: {قوا أنفسكم وأهليكم نارًا}. قال: مروهم بطاعة اللّه، وانهوهم عن معصيته.
وقوله: {وقودها النّاس}. يقول: حطبها الّذي يوقد على هذه النّار بنو آدم وحجارة الكبريت.
وقوله: {عليها ملائكةٌ غلاظٌ شدادٌ}. يقول: على هذه النّار ملائكةٌ من ملائكة اللّه، غلاظٌ على أهل النّار، شدادٌ عليهم. {لا يعصون اللّه ما أمرهم}. يقول: لا يخالفون اللّه في أمره الّذي يأمرهم به {ويفعلون ما يؤمرون}. يقول: وينتهون إلى ما يأمرهم به ربّهم). [جامع البيان: 23/103-105]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قوا أنفسكم وأهليكم نارا قال يقول اتقوا الله عز وجل وأوصوا أهليكم بتقوى الله وأدبوهم). [تفسير مجاهد: 2/683]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو زكريّا يحيى بن محمّدٍ العنبريّ، ثنا محمّد بن عبد السّلام، ثنا إسحاق، أنبأ عبد الرّزّاق، عن الثّوريّ، عن منصورٍ، عن ربعيٍّ، عن عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه، في قوله عزّ وجلّ: {قوا أنفسكم وأهليكم نارًا} [التحريم: 6] قال: «علّموا أنفسكم وأهليكم الخير» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/535]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا الحسن بن يعقوب العدل، ثنا محمّد بن عبد الوهّاب، أنبأ جعفر بن عونٍ، أنبأ مسعرٌ، عن عبد الملك بن عميرٍ، عن عبد الرّحمن بن سابطٍ، عن عمرو بن ميمونٍ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ رضي اللّه عنه، قال: " إنّ الحجارة الّتي سمّى اللّه في القرآن {وقودها النّاس والحجارة} [التحريم: 6] حجارةٌ من كبريتٍ خلقها اللّه عنده كيف شاء أو كما شاء «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/535]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه الصّفّار، ثنا أبو بكر بن أبي الدّنيا، حدّثني محمّد بن إسحاق بن حمزة البخاريّ، ثنا أبي، ثنا عبد اللّه بن المبارك، أنا محمّد بن مطرّفٍ، عن أبي حازمٍ، أظنّه عن سهل بن سعدٍ، أنّ فتًى من الأنصار دخلته خشيةٌ من النّار، فكان يبكي عند ذكر النّار حتّى حبسه ذلك في البيت، فذكر ذلك للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فجاءه في البيت، فلمّا دخل عليه اعتنقه الفتى وخرّ ميّتًا، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «جهّزوا صاحبكم فإنّ الفرق فلذ كبده» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/535]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (وأخبرنا أبو عبد اللّه، على أثره، ثنا أبو بكر بن أبي الدّنيا، حدّثني محمّد بن إسحاق الثّقفيّ، وحدّثناه أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد بن يحيى إملاءً، ثنا أبو العبّاس محمّد بن إسحاق الثّقفيّ، حدّثني أحمد بن منصورٍ، عن منصور بن عمّارٍ، قال: " حججت حجّةً فنزلت سكّةً من سكك الكوفة فخرجت في ليلةٍ مظلمةٍ، فإذا بصارخٍ يصرخ في جوف اللّيل وهو يقول: إلهي وعزّتك وجلالك ما أردت بمعصيتي إيّاك مخالفتك، ولقد عصيتك إذ عصيتك وما أنا بذلك جاهلٌ، ولكن خطيئةٌ عرضت أعانني عليها شقائي، وغرّني سترك المرخي عليّ، وقد عصيتك بجهلي وخالفتك بجهلي فالآن من عذابك من يستنقذني وبحبل من أتّصلّ إن أنت قطعت حبلك عنّي، واشباباه واشباباه، فلمّا فرغ من قوله تلوت آيةً من كتاب اللّه {قوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها النّاس والحجارة عليها ملائكةٌ غلاظٌ شدادٌ} [التحريم: 6] الآية. فسمعت حركةً شديدةً، ثمّ لم أسمع بعدها حسًّا فمضيت، فلمّا كان من الغد رجعت في مدرجتي، فإذا أنا بجنازةٍ قد وضعت وإذا عجوزٌ كبيرةٌ، فسألتها عن أمر الميّت ولم تكن عرفتني فقالت: مرّ هنا رجلٌ لا جزاه اللّه إلّا جزاءه بابني البارحة وهو قائمٌ يصلّي فتلا آيةً من كتاب اللّه فلمّا سمعها ابني تفطّرت مرارته فوقع ميّتًا "). [المستدرك: 2/537]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني الشّيخ أبو بكر بن إسحاق، أنبأ محمّد بن شاذان الجوهريّ، ثنا سعيد بن سليمان الواسطيّ، ثنا محمّد بن يزيد بن خنيسٍ، عن عبد العزيز بن أبي روّادٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: لمّا أنزل اللّه عزّ وجلّ على نبيّه صلّى الله عليه وسلّم {يا أيّها الّذين آمنوا قوا أنفسكم، وأهليكم نارًا} [التحريم: 6] تلاها رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم على أصحابه ذات ليلةٍ، أو قال يومٍ فخرّ فتًى مغشيًّا عليه فوضع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يده على فؤاده، فإذا هو يتحرّك، فقال: «يا فتًى، قل لا إله إلّا اللّه» فقالها فبشّره بالجنّة، فقال أصحابه: يا رسول اللّه، أمن بيننا؟ فقال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: " أما سمعتم قول اللّه عزّ وجلّ {ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد} [إبراهيم: 14] «هذا حديثٌ صحيحٌ الإسناد ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/382] (م)
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {وقودها النّاس والحجارة} [التحريم: 6].
- عن عبد اللّه بن مسعودٍ في قوله {وقودها النّاس والحجارة} [التحريم: 6] قال: حجارةٌ من كبريتٍ يجعلها اللّه عنده كيف شاء ومتى شاء.
رواه الطّبرانيّ عن شيخه عبد اللّه بن محمّد بن سعيد بن أبي مريم وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7/127]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في المدخل عن علي بن أبي طالب في قوله: {قوا أنفسكم وأهليكم نارا} قال: علموا أنفسكم وأهليكم الخير وأدبوهم). [الدر المنثور: 14/588]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {قوا أنفسكم وأهليكم نارا} قال: اعلموا بطاعة الله واتقوا معاصي الله وأمروا أهليكم بالذكر ينجيكم الله من النار). [الدر المنثور: 14/588]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر عن الضحاك في قوله: {قوا أنفسكم وأهليكم نارا} قال: وأهليكم فليقوا أنفسهم). [الدر المنثور: 14/588]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن زيد بن أسلم قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {قوا أنفسكم وأهليكم نارا} فقالوا: يا رسول الله كيف نقي أهلنا نارا قال: تأمرونهم بما يحبه الله وتنهونهم عما يكره الله). [الدر المنثور: 14/588]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في قوله: {قوا أنفسكم وأهليكم نارا} قال: أدبوا أهليكم). [الدر المنثور: 14/588]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله: {قوا أنفسكم وأهليكم نارا} قال: أوصوا أهليكم بتقوى الله). [الدر المنثور: 14/588]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن قتادة في قوله: {قوا أنفسكم وأهليكم نارا} قال: مروهم بطاعة الله وانهوهم عن معصية الله). [الدر المنثور: 14/589]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن عبد العزيز بن أبي رواد قال: مر عيسى عليه السلام بجبل معلق بين السماء والأرض فدخل فيه وبكى وتعجب منه ثم خرج منه إلى من حوله فسأل: ما قصة هذا الجبل فقالوا: مالنا به علم كذلك أدركنا آباءنا فقال: يا رب ائذن لهذا الجبل يخبرني ما قصته فأذن له فقال: لما قال الله: {نارا وقودها الناس والحجارة} اضطربت خفت أن أكون من وقودها فأدع الله أن يؤمنني فدعا الله تعالى فأمنه فقال: الآن قررت فقر على الأرض). [الدر المنثور: 14/589]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا، وابن قدامة في كتاب البكاء والرقة عن محمد بن هاشم قال: لما نزلت هذه الآية {وقودها الناس والحجارة} قرأها النّبيّ صلى الله عليه وسلم فسمعها شاب إلى جنبه فصعق فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه في حجره رحمة له فمكث ما شاء الله أن يمكث ثم فتح عينيه فإذا رأسه في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بأبي أنت وأمي مثل أي شيء الحجر فقال: أما يكفيك ما أصابك على أن الحجر منها لو وضع على جبال الدنيا لذابت منه وإن مع كل إنسان منهم حجرا أو شيطانا والله أعلم، قوله: تعالى: {عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم}). [الدر المنثور: 14/589-590]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن أبي عمران الجوني قال: بلغنا أن خزنة النار تسعة عشر ما بين منكب أحدهم مسيرة مائتي خريف ليس في قلوبهم رحمة إنما خلقوا للعذاب ويضرب الملك منهم الرجل من أهل النار الضربة فيتركه طحنا من لدن قرنه إلى قدمه). [الدر المنثور: 14/590]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن كعب قال: ما بين منكب الخازن من خزنتها مسيرة ما بين سنة مع كل واحد منهم عمود وشعبتان يدفع به الدفعة يصدع في الناس سبعمائة ألف). [الدر المنثور: 14/590]

تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (7) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا أيّها الّذين كفروا لا تعتذروا اليوم إنّما تجزون ما كنتم تعملون}.
قال أبو جعفرٍ رحمه الله: يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيله يوم القيامة للّذين جحدوا وحدانيّته في الدّنيا يا أيّها الّذين كفروا باللّه {لا تعتذروا اليوم إنّما تجزون ما كنتم تعملون}. يقول: يقال لهم: إنّما تثابون اليوم، وذلك يوم القيامة، وتعطون جزاء أعمالكم الّتي كنتم في الدّنيا تعملون، فلا تطلبوا المعاذير منها). [جامع البيان: 23/105]

تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (- أخبرنا مسعر، قال: حدثني معن وعون، أو أحدهما، أن رجلًا أتى عبد الله ابن مسعودٍ، فقال: اعهد إلي؟ فقال: إذا سمعت الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فارعها سمعك، فإنها خيرٌ يأمر به، أو شرٌّ ينهى عنه). [الزهد لابن المبارك: 2/ 18]

قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا أبو بكر الهذلي، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن مسعود، قال: يحاسب الناس يوم القيامة، فمن كانت حسناته أكثر من سيئاته بواحدة دخل الجنة، ومن كانت سيئاته أكثر من حسناته بواحدةٍ دخل النار، ثم قرأ: {فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون * ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون} [سورة المؤمنون: 102- 103]، ثم قال: إن الميزان يخف بمثقال حبة، أو يرجح، قال: ومن استوت حسناته وسيئاته كان من أصحاب الأعراف فوقفوا على الصراط، ثم عرفوا أهل الجنة، وأهل النار، فإذا نظروا إلى أهل الجنة نادوا {سلام عليكم} [سورة الأعراف:46-47] وإذا صرفوا أبصارهم إلى يسارهم نظروا إلى أصحاب النار قالوا: {ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين}، فتعوذوا بالله من منازلهم، قال: فأما أصحاب الحسنات فإنهم يعطون نورًا فيمشون به بين أيديهم وبأيمانهم، ويعطى كل عبد يومئذٍ نورًا، وكل أمة نورًا، فإذا أتوا على الصراط سلب الله نور كل منافق ومنافقة، فلما رأى أهل الجنة ماذا لقي المنافقون، قالوا: {ربنا أتمم لنا نورنا} [سورة التحريم: 8]، وأما أصحاب الأعراف فإن النور كان في أيديهم، ومنعتهم سيئاتهم أن يمضوا بها، فبقي في قلوبهم الطمع، إذ لم ينزع النور من أيديهم، فهنالك يقول الله تبارك وتعالى: {لم يدخلوها وهم يطمعون}، فكان الطمع النور في أيديهم، ثم أدخلوا بعد ذلك الجنة، وكانوا آخر أهل الجنة دخولًا.
قال: وقال ابن مسعود- وهو على المنبر: إن العبد إذا عمل حسنة كتب له بها عشرًا، وإذا عمل سيئة لم يكتب عليه إلا واحدة، ثم يقول: هلك من علت إحداته أعشاره). [الزهد لابن المبارك: 2/ 763-764]

قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني مسلمة بن علي أن الربيع بن خثيم كان يقول: (التوبة)، النصوح أن يتوب العبد من الذنب، ثم لا يرجع إليه). [الجامع في علوم القرآن: 1/7]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن إسرائيل عن سماك بن حرب أنه سمع النعمان بن بشير يقول في قوله تعالى توبة نصوحا قال سمعت عمر بن الخطاب يقول التوبة النصوح أن يجتنب الرجل عمل السوء كان يعمله ويتوب إلى الله ثم لا يعود إليه أبدا فتلك التوبة النصوح). [تفسير عبد الرزاق: 2/303]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله في قوله: {توبوا إلى الله توبةً نصوحًا} قال: التّوبة النّصوح أن يتوب، ثمّ لا يعود). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 172]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا عبدة بن سليمان، عن الأعمش، عن خيثمة، قال: ما تقرؤون في القرآن: {يا أيّها الّذين آمنوا} فإنّ موضعه في التّوراة: يا أيّها المساكين). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 318]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا عفّان، قال: حدّثنا عبد الواحد، عن الأعمش، عن مجاهدٍ في قوله تعالى: {توبوا إلى الله توبةً نصوحًا} قال: هو أن يتوب، ثمّ لا يعود). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 434]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا توبوا إلى اللّه توبةً نصوحًا عسى ربّكم أن يكفّر عنكم سيّئاتكم ويدخلكم جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار يوم لا يخزي اللّه النّبيّ والّذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربّنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنّك على كلّ شيءٍ قديرٌ}.

قال أبو جعفرٍ رحمه الله: يقول تعالى ذكره: يا أيّها الّذين صدّقوا اللّه {توبوا إلى اللّه} يقول: ارجعوا من ذنوبكم إلى طاعة اللّه، وإلى ما يرضيه عنكم {توبةً نصوحًا} يقول: رجوعًا لا تعودون فيه أبدًا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا هنّاد بن السّريّ، قال: حدّثنا أبو الأحوص، عن سماكٍ، عن النّعمان بن بشيرٍ، قال: سئل عمر عن التّوبة النّصوح، قال: التّوبة النّصوح: أن يتوب الرّجل من العمل السّيّئ، ثمّ لا يعود إليه أبدًا.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن سماك بن حربٍ، عن النّعمان بن بشيرٍ، عن عمر، قال: التّوبة النّصوح: أن يتوب من الذّنب ثمّ لا يعود فيه أبدًا، أو لا يريد أن يعود.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن سماك بن حربٍ، قال: سمعت النّعمان بن بشيرٍ يخطب، قال: سمعت عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه يقول: {يا أيّها الّذين آمنوا توبوا إلى اللّه توبةً نصوحًا}. قال: يذنب الذّنب ثمّ لا يرجع فيه.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن سماك بن حربٍ، عن النّعمان بن بشيرٍ، قال: سألت عمر عن قوله: {توبوا إلى اللّه توبةً نصوحًا}. قال: هو العبد يتوب من الذّنب ثمّ لا يعود فيه أبدًا.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن سماك بن حربٍ، عن النّعمان بن بشيرٍ، قال: سمعت عمر بن الخطّاب يقول: التّوبة النّصوح، أن يتوب من الذّنب فلا يعود.
- حدّثنا به ابن حميدٍ مرّةً أخرى، قال: أخبرني عن عمر بهذا الإسناد، فقال: التّوبة النّصوح: الّذي يذنب ثمّ لا يريد أن يعود.
- حدّثني أبو السّائب، قال: حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه، {توبةً نصوحًا}. قال: يتوب ثمّ لا يعود.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه قال: التّوبة النّصوح: الرّجل يذنب الذّنب ثمّ لا يعود.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا توبوا إلى اللّه توبةً نصوحًا}. أن لا يعود صاحبها لذلك الذّنب الّذي يتوب منه، ويقال: توبته أن لا يرجع إلى ذنبٍ تركه.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثني الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {توبةً نصوحًا} قال: يستغفرون ثمّ لا يعودون.
- حدّثني نصر بن عبد الرّحمن الأوديّ، قال: حدّثنا المحاربيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، في قوله: {توبةً نصوحًا} قال: النّصوح. أن يتحوّل عن الذّنب ثمّ لا يعود له أبدًا.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {يا أيّها الّذين آمنوا توبوا إلى اللّه توبةً نصوحًا}. قال: هي الصّادقة النّاصحة.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال ابن زيدٍ، في قول اللّه {توبوا إلى اللّه توبةً نصوحًا}. قال: التّوبة النّصوح الصّادقة، يعلم أنّها - صدقًا - ندامةٌ على خطيّته، وحبّ الرّجوع إلى طاعته، فهذا النّصوح.
واختلفت القرأة في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرأة الأمصار خلا عاصمٍ: {نصوحًا} بفتح النّون على أنّه من نعت التّوبة وصفتها، وذكر عن عاصمٍ أنّه قرأه: (نصوحًا) بضمّ النّون، بمعنى المصدر من قولهم: نصح فلانٌ لفلانٍ نصوحًا.
وأولى القراءتين بالصّواب في ذلك قراءة من قرأ بفتح النّون على الصّفة للتّوبة لإجماع الحجّة على ذلك.
وقوله: {عسى ربّكم أن يكفّر عنكم سيّئاتكم}. يقول: عسى ربّكم أيّها المؤمنون أن يمحو سيّئات أعمالكم الّتي سلفت منكم {ويدخلكم جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار} يقول: وأن يدخلكم بساتين تجري من تحت أشجارها الأنهار {يوم لا يخزي اللّه النّبيّ} محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم {والّذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم}. يقول: يسعى نورهم أمامهم {وبأيمانهم}. يقول: وبأيمانهم كتابهم.
- كما: حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {يوم لا يخزي اللّه النّبيّ والّذين آمنوا معه} إلى قوله: {وبأيمانهم}. يأخذون كتابهم فيه البشرى.
{يقولون ربّنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا} يقول جلّ ثناؤه مخبرًا عن قيل المؤمنين يوم القيامة: {يقولون ربّنا أتمم لنا نورنا} يسألون ربّهم أن يبقي لهم نورهم، فلا يطفئه حتّى يجوزوا الصّراط، وذلك حين يقول المنافقون والمنافقات للّذين آمنوا {انظرونا نقتبس من نوركم}.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {ربّنا أتمم لنا نورنا}. قال: قول المؤمنين حين يطفأ نور المنافقين.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مهران، عن سفيان، عن عاصمٍ، عن الحسن، قال: ليس أحدٌ إلاّ يعطى نورًا يوم القيامة، يعطى المؤمن والمنافق، فيطفأ نور المنافق، فيخشى المؤمن أن يطفأ نوره، فذلك قوله: {ربّنا أتمم لنا نورنا}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، عن يزيد بن شجرة، قال: كان يذكّرنا ويبكي، ويصدّق قوله فعله، يقول: يا أيّها النّاس إنّكم مكتوبون عند اللّه عزّ وجلّ بأسمائكم وسيماكم، ومجالسكم ونجواكم وخلائكم، فإذا كان يوم القيامة قيل: يا فلان ابن فلانٍ هاك نورك، ويا فلان ابن فلانٍ، لا نور لك.
وقوله: {واغفر لنا} يقول: واستر علينا ذنوبنا، ولا تفضحنا بها بعقوبتك إيّانا عليها {إنّك على كلّ شيءٍ قديرٌ} يقول: إنّك على إتمام نورنا لنا، وغفران ذنوبنا، وغير ذلك من الأشياء - ذو قدرةٍ). [جامع البيان: 23/105-110]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد التوبة النصوح أن تستغفر من الذنب ثم لا تعود إليه). [تفسير مجاهد: 2/683-684]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (
ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق الهمذاني عن أبي الأحوص عن ابن مسعود قال التوبة النصوح أن يتوب العبد من الذنب ثم لا يعود إليه أبدا). [تفسير مجاهد: 2/684]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا أبو عمر الصنعاني عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري في قوله عز وجل نورهم يسعى بين أيديهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر المؤمنون على الصراط بنورهم فمنهم من يمر كطرف العين وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاويد الركاب فناج مسلم ومخدوش مرسل ومكدوس في النار). [تفسير مجاهد: 2/684]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال يقول المؤمنون ربنا أتمم لنا نورنا حين طفئ نور المنافقين). [تفسير مجاهد: 2/684]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو بكرٍ محمّد بن عبد اللّه الشّافعيّ، ثنا إسحاق بن الحسن، ثنا حذيفة، ثنا سفيان، عن سماك بن حربٍ، عن النّعمان بن بشيرٍ، عن عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه، " {توبوا إلى اللّه توبةً نصوحًا} [التحريم: 8] قال: أن يذنب العبد ثمّ يتوب فلا يعود فيه " صحيح الإسناد ولم يخرّجاه). [المستدرك: 2/537]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثني عليّ بن عيسى الحيريّ، ثنا إبراهيم بن أبي طالبٍ، ثنا ابن أبي عمر، ثنا سفيان بن عيينة، عن عمر بن سعيدٍ، عن أبيه، عن عباية الأسديّ، قال: قال عبد اللّه بن مسعودٍ رضي اللّه عنه، " التّوبة النّصوح تكفّر كلّ سيّئةٍ وهو في القرآن، ثمّ قرأ {يا أيّها الّذين آمنوا توبوا إلى اللّه توبةً نصوحًا عسى ربّكم أن يكفّر عنكم سيّئاتكم} [التحريم: 8] الآية «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/537]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، ثنا العبّاس بن محمّدٍ الدّوريّ، ثنا أبو يحيى الحمّانيّ، ثنا عتبة بن يقظان، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، في قول اللّه عزّ وجلّ: {يوم لا يخزي اللّه النّبيّ والّذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربّنا أتمم لنا نورنا} [التحريم: 8] قال: " ليس أحدٌ من الموحّدين إلّا يعطى نورًا يوم القيامة، فأمّا المنافق فيطفئ نوره، والمؤمن مشفقٌ ممّا رأى من إطفاء نور المنافق فهو يقول: {ربّنا أتمم لنا نورنا} [التحريم: 8] «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/538]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (قال أحمد بن منيعٍ: وثنا أبو أحمد، ثنا سفيان، عن سماك بن حربٍ، عن النّعمان بن بشيرٍ، عن عمر- رضي اللّه عنه- "في قوله- عزّ وجلّ-: (توبةً نصوحًا) قال: يتوب من الذّنب ثمّ لا يعود فيه".
هذا إسناد صحيح). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/290]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال أحمد بن منيعٍ: حدثنا أبو أحمد، ثنا سفيان، عن سماك بن حربٍ، عن النّعمان بن بشيرٍ رضي الله عنه، عن عمر رضي الله عنه في قوله تعالى: {توبةً نصوحًا} قال: يتوب من الذّنب، ثمّ لا يعود فيه.
هذا إسنادٌ صحيحٌ). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/364]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 2 - 4.
أخرج عبد الرزاق والبخاري، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: في الحرام يكفر وقال: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) (سورة الأحزاب 21) ). [الدر المنثور: 14/574]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 8 – 10
أخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة وهناد، وابن منيع، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن النعمان بن بشير أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سئل عن التوبة النصوح قال: أن يتوب الرجل من العمل السيء ثم لا يعود إليه أبدا). [الدر المنثور: 14/590-591]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد، وابن مردويه والبيهقي عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التوبة من الذنب لا تعود إليه أبدا). [الدر المنثور: 14/591]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان بسند ضعيف عن أبي بن كعب قال: سألت النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن التوبة النصوح فقال: هو الندم على الذنب حين يفرط منك فتستغفر الله بندامتك عند الحافر ثم لا تعود إليه أبدا). [الدر المنثور: 14/591]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال معاذ بن جبل يا رسول الله: ما التوبة النصوح قال: أن يندم العبد على الذنب الذي أصاب فيعتذر إلى الله ثم لا يعود إليه كما لا يعود اللبن إلى الضرع). [الدر المنثور: 14/592]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر والبيهقي عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله: {توبة نصوحا} قال: التوبة النصوح أن يتوب العبد من الذنب ثم لا يعود إليه أبدا). [الدر المنثور: 14/592]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {توبة نصوحا} قال: يتوب ثم لا يعود). [الدر المنثور: 14/592]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {توبة نصوحا} قال: هو أن يتوب ثم لا يعود.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه مثله). [الدر المنثور: 14/592]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {توبة نصوحا} قال: النصوح الصادقة الناصحة). [الدر المنثور: 14/592]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: التوبة النصوح تكفر كل سيئة وهو في القرآن ثم قرأ {يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم}). [الدر المنثور: 14/592-593]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ {نصوحا} برفع النون). [الدر المنثور: 14/593]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج الحاكم والبيهقي في البعث عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {يوم لا يخزي الله النّبيّ والذين آمنوا معه نورهم يسعى} قال: ليس أحد من الموحدين إلا يعطى نورا يوم القيامة فأما المنافق فيطفأ نوره والمؤمن يشفق مما يرى من إطفاء نور المنافق فهو يقول: {ربنا أتمم لنا نورنا}). [الدر المنثور: 14/593]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {ربنا أتمم لنا نورنا} قال: قول المؤمنين حين يطفأ نور المنافقين). [الدر المنثور: 14/593]

تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (9) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا أيّها النّبيّ جاهد الكفّار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنّم وبئس المصير}.
قال أبو جعفرٍ رحمه الله: يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: {يا أيّها النّبيّ جاهد الكفّار}. بالسّيف {والمنافقين}. بالوعيد واللّسان.
وكان قتادة يقول في ذلك ما:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {يا أيّها النّبيّ جاهد الكفّار والمنافقين}. قال: أمر اللّه نبيّه عليه الصّلاة والسّلام أن يجاهد الكفّار بالسّيف، ويغلظ على المنافقين بالحدود.
{واغلظ عليهم}. يقول: واشدد عليهم في ذات اللّه {ومأواهم جهنّم}. يقول: ومسكنم جهنّم، ومصيرهم الّذي يصيرون إليه نار جهنّم {وبئس المصير}. قال: وبئس الموضع الّذي يصار إليه جهنّم). [جامع البيان: 23/110-111]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 09:17 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {قوا أنفسكم وأهليكم...}.علّموا أهليكم ما يدفعون به المعاصي، علموهم ذلك). [معاني القرآن: 3/168]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( قوله: {قوا أنفسكم وأهليكم ناراً} أي قوا أنفسكم النار: بطاعة اللّه ورسوله، وقوا أهليكم النار: بتعليمهم وأخذهم بما ينجيهم منها). [تفسير غريب القرآن: 472]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله: {يا أيّها الّذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها النّاس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون اللّه ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون}
{قوا أنفسكم وأهليكم نارا} معناه خذوا أنفسكم وأهليكم بما يقرّب من اللّه - جلّ وعزّ – وجنبوا أنفسكم وأهليكم المعاصي.
ومعنى {قوا أنفسكم} أي: وقّوا أنفسكم وجاء في التفسير: رحم الله رجلا قال: يا أهلاه صلاتكم صيامكم مسكينكم يتيمكم جيرانكم. معناه ألزموا واحفظوا صلاتكم وهذه الأشياء المذكورة، أدوا فرض اللّه فيها.
وفي الحديث لعل اللّه يجمعهم معه في الجنّة.وقوله عزّ وجلّ: {وقودها النّاس والحجارة} جاء في التفسير أنها حجارة الكبريت. والوقود بفتح الواو ما توقد به النّار من حطب وغيره، يقال وقدت النار وقودا - بضم الواو -). [معاني القرآن: 5/194]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (7)}

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8) }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {توبةً نّصوحاً...} قرأها بفتح النون أهل المدينة والأعمش، وذكر عن عاصم والحسن "نصوحاً"، بضم النون، وكأن الذين قالوا: "نصوحاً" أرادوا المصدر مثل: قعودا، والذين قالوا: "نصوحا" جعلوه من صفة التوبة، ومعناها: يحدّث نفسه إذا تاب من ذلك الذنب ألاّ يعود إليه أبداً). [معاني القرآن: 3/168]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {يقولون ربّنا أتمم لنا نورنا...} لا يقوله كل من دخل الجنة، إنما يقوله أدناهم منزلة؛ وذلك: أن السابقين فيما ذكر يمرون كالبرق على الصراط، وبعضهم كالريح، وبعضهم كالفرس الجواد، وبعضهم حبوًا وزحفاً، فأولئك الذين يقولون: {ربّنا أتمم لنا نورنا} حتّى ننجو. ولو قرأ قارئ: "ويدخلكم" جزماً لكان وجهاً؛ لأن الجواب في عسى فيضمر في عسى ـ الفاء، وينوي بالدخول أن يكون معطوفاً على موقع الفاء، ولم يقرأ به أحدٌ، ومثله: {فأصّدق وأكن من الصّالحين}. ومثله قول الشاعر:
فأبلوني بليتكم لعلي = أصالحكم، واستدرج نويّا
فجزم لأنه نوى الرد على لعلي). [معاني القرآن: 3/168]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {توبةً نصوحاً} أي تنصحون فيها للّه، ولا تدهنون). [تفسير غريب القرآن: 472]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {يا أيّها الّذين آمنوا توبوا إلى اللّه توبة نصوحا عسى ربّكم أن يكفّر عنكم سيّئاتكم ويدخلكم جنّات تجري من تحتها الأنهار يوم لا يخزي اللّه النّبيّ والّذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربّنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنّك على كلّ شيء قدير}
{يا أيّها الّذين آمنوا توبوا إلى اللّه توبة نصوحا} بفتح النون، وتقرأ (نصوحا) -بضم النون- فمن فتح فعلى صفة التوبة، ومعناه توبة بالغة في النصح، وفعول من أسماء الفاعلين التي تستعمل للمبالغة في الوصف، تقول رجل صبور وشكور، وتوبة نصوح. ومن قرأ (نصوحا) -بضم النّون- فمعناه ينصحون بهذا نصوحا، يقال: نصحت له نصحا ونصاحة ونصوحا.
وجاء في التفسير أن "التوبة النّصوح" التي لا يعاود التائب معها المعصية. وقال بعضهم: التي لا ينوي معها معاودة المعصية.
وقوله: {يوم لا يخزي اللّه النّبيّ والّذين آمنوا معه}..
(يوم) منصوب بقوله: {عسى ربّكم أن يكفّر عنكم سيّئاتكم ويدخلكم جنّات تجري من تحتها الأنهار يوم لا يخزي اللّه النّبيّ} أي في هذا اليوم. والقراءة النصب في قوله: (ويدخلكم) عطف على (أن يكفّر) ولو قرئت بالجزم لكان وجها، يكون محمولا على موضع {عسى ربّكم أن يكفّر عنكم سيّئاتكم} لأن عسى من الله واجبة، قال الله تعالى: {وإنّي لغفّار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثمّ اهتدى}.
وقوله: {نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربّنا أتمم لنا نورنا} أما إذا رأى المؤمنون نور المنافقين يطفأ سألوا الله أن يتمّم لهم نورهم). [معاني القرآن: 5/194-195]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ) : ({توبة نصوحا} أي: خالصة). [ياقوتة الصراط: 521]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (9)}

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 09:24 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6) }

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (7) }

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8) }

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (9) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 14 ذو الحجة 1435هـ/8-10-2014م, 10:22 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 14 ذو الحجة 1435هـ/8-10-2014م, 10:22 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 14 ذو الحجة 1435هـ/8-10-2014م, 10:22 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 14 ذو الحجة 1435هـ/8-10-2014م, 10:22 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (7)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: يا أيّها الّذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها النّاس والحجارة عليها ملائكةٌ غلاظٌ شدادٌ لا يعصون اللّه ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون (6) يا أيّها الّذين كفروا لا تعتذروا اليوم إنّما تجزون ما كنتم تعملون (7) يا أيّها الّذين آمنوا توبوا إلى اللّه توبةً نصوحاً عسى ربّكم أن يكفّر عنكم سيّئاتكم ويدخلكم جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار يوم لا يخزي اللّه النّبيّ والّذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربّنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنّك على كلّ شيءٍ قديرٌ (8)
قوله تعالى: قوا أنفسكم وأهليكم معناه: اجعلوا وقاية بينكم وبين النار، وقد تقدم غير مرة تعليل اللفظة، وقوله تعالى: وأهليكم معناه: بالوصية لهم والتقويم والحمد على طاعة الله تعالى، وفي حديث: «لا تزن فيزني أهلك»، وفي حديث آخر: «رحم الله رجلا قال: يا أهلاه، صلاتكم، صيامكم، مسكينكم، يتيمكم»، وقرأ الجمهور: «وقودها» بفتح الواو، وقرأ مجاهد والحسن وطلحة وعيسى والفياض بن غزوان وأبو حيوة بضمها، وقيل هما بمعنى، وقيل الضم مصدر والفتح اسم، ويروى أن الحجارة: هي حجارة الكبريت، وقد تقدم القول في ذلك في سورة البقرة. ويروى أنها جميع أنواع الحجارة، وفي بعض الحديث أن عيسى ابن مريم سمع أنينا في فلاة من الأرض فتبعه حتى بلغ إلى حجر يئن ويحزن، فقال له: ما بالك أيها الحجر؟ فقال: يا روح الله، إني سمعت الله يقول: وقودها النّاس والحجارة، فخفت أن أكون من تلك الحجارة، فعجب منه عيسى وانصرف، ويشبه أن يكون هذا المعنى في التوراة أو في الإنجيل، فذلك الذي سمع الحجر إذا عبر عنه بالعربية كان هذا اللفظ، ووصف الملائكة بالغلظة معناه في القلوب والبطش الشديد والفظاظة، كما قال تعالى لنبيه: ولو كنت فظًّا غليظ القلب لانفضّوا من حولك [آل عمران: 159] والشدة القوة، وقيل المراد شدتهم على الكفار، فهي بمعنى الغلظ، ووصفهم تعالى بالطواعية لربهم، وكرر المعنى تأكيدا بقوله تعالى: ويفعلون ما يؤمرون، وفي قوله تعالى: ويفعلون ما يؤمرون ما يقتضي أنهم يدخلون الكفار النار بجد واختيار، ويغلظون عليهم، فكأنه قال بعد تقرير هذا المعنى، فيقال للكفار: لا تعتذروا اليوم: أي إن المعذرة لا تنفعكم، وإنما تجزون بأعمالكم فلا تلوموا إلا أنفسكم). [المحرر الوجيز: 8/ 344-346]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم أمر عباده بالتوبة، والتوبة فرض على كل مسلم، وتاب معناه: رجع فتوبة العبد: رجوعه من المعصية إلى الطاعة، وتوبة الله تعالى على العبد إظهار صلاحه ونعمته عليه في الهداية إلى الطاعة، وقبول توبة الكفار يقطع بها على الله إجماعا من الأمة، واختلف الناس في توبة العاصي، فجمهور أهل السنة على أنه لا يقطع بقبولها ولا ذلك على الله بواجب، والدليل على ذلك دعاء كل واحد من المذنبين في قبول التوبة ولو كانت مقطوعا بها لما كان معنى للدعاء في قبولها، وظواهر القرآن في ذلك هي كلها بمعنى المشيئة، وروي عن أبي الحسن الأشعري أنه قال: التوبة إذا توفرت شروطها قطع على الله بقبولها لأنه تعالى أخبر بذلك.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا المسك بظواهر القرآن، وعلى هذا القول أطبقت المعتزلة، والتوبة الندم على فارط المعصية والعزم على ترك مثلها في المستقبل، وهذا من المتمكن، وأما غير المتمكن كالمجبوب في الزنا فالندم وحده يكفيه، والتوبة عبادة كالصلاة ونحوها، فإذا تاب العبد وحصلت توبته بشروطها وقبلت ثم عاود الذنب، فتوبته الأولى لا تفسدها عودة بل هي كسائر ما تحصل من العبادات، والنصوح بناء مبالغة من النصح إلى توبة نصحت صاحبها وأرشدته، وقرأ الجمهور: «نصوحا» بفتح النون، وقرأ أبو بكر عن عاصم وخارجة عن نافع والحسن والأعرج وعيسى: «نصوحا» بضم النون، وهو مصدر، يقال: نصح، ينصح، نصاحة، ونصاحة قاله الزجاج، فوصف التوبة بالمصدر كالعدل والزور وغيره، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: التوبة النصوح، هي أن يتوب ثم لا يعود، وقال أبو بكر الوراق: هي أن تضيق عليك الأرض بما رحبت كتوبة الذين خلفوا، وقوله تعالى: عسى ربّكم الآية، ترجية، وقد روي أن عسى من الله واجبة، والعامل في يوم قوله: يدخلكم، وروي في معنى قوله تعالى: يوم لا يخزي اللّه النّبيّ، أن محمدا صلى الله عليه وسلم تضرع في أمر أمته فأوحى الله إليه: إن شئت جعلت حسابهم إليك، فقال: «يا رب أنت أرحم بهم»، فقال الله تعالى: إذا لا أخزيك فيهم، فهذا معنى قوله: يوم لا يخزي اللّه النّبيّ، والخزي المكروه الذي يترك الإنسان حيران خجلا مهموما بأن يرى نقصه، أو سوء منزلته، وقوله تعالى: والّذين آمنوا معه يحتمل أن يكون معطوفا على النّبيّ فيخرج المؤمنون من الخزي، ويحتمل أن يكون ابتداء، ونورهم يسعى جملة هي خبره، ويبقى النبي صلى الله عليه وسلم مخصوصا مفضلا بأنه لا يخزى، وقد تقدم القول في نظير قوله: يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم [التحريم: 8]، وقرأ سهل بن سعد: «وبإيمانهم»، بكسر الهمزة، وقوله تعالى: ربّنا أتمم لنا نورنا، قال الحسن بن أبي الحسن هو عند ما يرون من انطفاء نور المنافقين حسبما تقدم تفسيره، وقيل يقول من أعطي من النور بقدر ما يرى قدميه فقط). [المحرر الوجيز: 8/ 346-347]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (9)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: يا أيّها النّبيّ جاهد الكفّار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنّم وبئس المصير (9) ضرب اللّه مثلاً للّذين كفروا امرأت نوحٍ وامرأت لوطٍ كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من اللّه شيئاً وقيل ادخلا النّار مع الدّاخلين (10)
هذه الآية تأكيد لأمر الجهاد وفضله المتقدم، والمعنى دم على جهاد الكافرين بالسيف، وجاهد المنافقين بنجههم وإقامة الحدود عليهم وضربهم في كل جرائمهم، وعند قوة الظن بهم، ولم يعين الله تعالى لرسوله منافقا يقع القطع بنفاقه، لأن التشهد الذي كانوا يظهرون كان ملبسا لأمرهم مشبها لهم بالعصاة من الأمة. والغلظة عليهم هي فظاظة القلب والانتهار وقلة الرفق بهم، وقرأ الضحاك: «وأغلظ» بكسر اللام وقطع الألف). [المحرر الوجيز: 8/ 347]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 14 ذو الحجة 1435هـ/8-10-2014م, 10:23 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 14 ذو الحجة 1435هـ/8-10-2014م, 10:23 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يا أيّها الّذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها النّاس والحجارة عليها ملائكةٌ غلاظٌ شدادٌ لا يعصون اللّه ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون (6) يا أيّها الّذين كفروا لا تعتذروا اليوم إنّما تجزون ما كنتم تعملون (7) يا أيّها الّذين آمنوا توبوا إلى اللّه توبةً نصوحًا عسى ربّكم أن يكفّر عنكم سيّئاتكم ويدخلكم جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار يوم لا يخزي اللّه النّبيّ والّذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربّنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنّك على كلّ شيءٍ قديرٌ (8)}
قال سفيان الثّوريّ، عن منصورٍ، عن رجلٍ، عن عليٍّ، رضي اللّه عنه، في قوله تعالى: {قوا أنفسكم وأهليكم نارًا} يقول: أدّبوهم، علموهم.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {قوا أنفسكم وأهليكم نارًا} يقول: اعملوا بطاعة اللّه، واتّقوا معاصي اللّه، ومروا أهليكم بالذّكر، ينجيكم اللّه من النّار.
وقال مجاهدٌ: {قوا أنفسكم وأهليكم نارًا} قال: اتّقوا اللّه، وأوصوا أهليكم بتقوى اللّه..
وقال قتادة: يأمرهم بطاعة اللّه، وينهاهم عن معصية اللّه، وأن يقوم عليهم بأمر اللّه، ويأمرهم به ويساعدهم عليه، فإذا رأيت للّه معصيةً، قدعتهم عنها وزجرتهم عنها.
وهكذا قال الضّحّاك ومقاتلٌ: حقٌّ على المسلم أن يعلّم أهله، من قرابته وإمائه وعبيده، ما فرض اللّه عليهم، وما نهاهم اللّه عنه.
وفي معنى هذه الآية الحديث الّذي رواه الإمام أحمد، وأبو داود، والتّرمذيّ، من حديث عبد الملك بن الرّبيع بن سبرة، عن أبيه، عن جدّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "مروا الصّبيّ بالصّلاة إذا بلغ سبع سنين، فإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها".
هذا لفظ أبي داود، وقال التّرمذيّ: هذا حديثٌ حسنٌ.
وروى أبو داود، من حديث عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جدّه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم مثل ذلك.
قال الفقهاء: وهكذا في الصّوم؛ ليكون ذلك تمرينًا له على العبادة، لكي يبلغ وهو مستمرٌّ على العبادة والطّاعة ومجانبة المعصية وترك المنكر، واللّه الموفّق.
وقوله: {وقودها النّاس والحجارة} {وقودها} أي: حطبها الّذي يلقى فيها جثث بني آدم. {والحجارة} قيل: المراد بذلك الأصنام الّتي كانت تعبد لقوله: {إنّكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنّم} [الأنبياء: 98].
وقال ابن مسعودٍ ومجاهدٌ وأبو جعفرٍ الباقر، والسّدّيّ: هي حجارةٌ من كبريتٍ -زاد مجاهدٌ: أنتن من الجيفة.
وروى ذلك ابن أبي حاتمٍ، رحمه اللّه، ثمّ قال: حدّثنا أبي، حدّثنا عبد الرّحمن بن سنانٍ المنقريّ، حدّثنا عبد العزيز -يعني ابن أبي راّود- قال: بلغني أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تلا هذه الآية: {يا أيّها الّذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها النّاس والحجارة} وعنده بعض أصحابه، وفيهم شيخٌ، فقال الشّيخ: يا رسول اللّه، حجارة جهنّم كحجارة الدّنيا؟ فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "والّذي نفسي بيده، لصخرة من صخر جهنّم أعظم من جبال الدّنيا كلّها". قال: فوقع الشيخ مغشيًّا عليه، فوضع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يده على فؤاده فإذا هو حيّ فناداه قال: "يا شيخ"، قل: "لا إله إلّا اللّه". فقالها، فبشّره بالجنّة، قال: فقال أصحابه: يا رسول اللّه، أمن بيننا؟ قال: "نعم، يقول اللّه تعالى: {ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد} [إبراهيم: 14] هذا حديثٌ مرسلٌ غريبٌ.
وقوله: {عليها ملائكةٌ غلاظٌ شدادٌ} أي: طباعهم غليظةٌ، قد نزعت من قلوبهم الرّحمة بالكافرين باللّه، {شدادٌ} أي: تركيبهم في غاية الشّدّة والكثافة والمنظر المزعج.
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا سلمة بن شبيبٍ، حدّثنا إبراهيم بن الحكم بن أبانٍ، حدّثنا أبي، عن عكرمة أنّه قال: إذا وصل أوّل أهل النّار إلى النّار، وجدوا على الباب أربعمائة ألفٍ من خزنة جهنّم، سودٌ وجوههم، كالحةٌ أنيابهم، قد نزع اللّه من قلوبهم الرّحمة، ليس في قلب واحدٍ منهم مثقال ذرة من الرّحمة، لو طيّر الطّير من منكب أحدهم لطار شهرين قبل أن يبلغ منكبه الآخر، ثمّ يجدون على الباب التّسعة عشر، عرض صدر أحدهم سبعون خريفًا، ثمّ يهوون من بابٍ إلى بابٍ خمسمائة سنةٍ، ثمّ يجدون على كلّ بابٍ منها مثل ما وجدوا على الباب الأوّل، حتّى ينتهوا إلى آخرها.
وقوله: {لا يعصون اللّه ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون} أي: مهما أمرهم به تعالى يبادروا إليه، لا يتأخّرون عنه طرفة عينٍ، وهم قادرون على فعله ليس بهم عجزٌ عنه. وهؤلاء هم الزّبانية عياذًا باللّه منهم). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 166-168]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (7)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {يا أيّها الّذين كفروا لا تعتذروا اليوم إنّما تجزون ما كنتم تعملون} أي: يقال للكفرة يوم القيامة: لا تعتذروا فإنّه لا يقبل منكم، وإنّما تجزون اليوم بأعمالكم). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 168]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا توبوا إلى اللّه توبةً نصوحًا} أي: توبةً صادقةً جازمةً، تمحو ما قبلها من السّيّئات وتلمّ شعث التّائب وتجمعه، وتكفّه عمّا كان يتعاطاه من الدّناءات.
قال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن مثنّى، حدّثنا محمّدٌ، حدّثنا شعبة، عن سماك بن حرب: سمعت النّعمان بن بشيرٍ يخطب: سمعت عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه، يقول: {يا أيّها الّذين آمنوا توبوا إلى اللّه توبةً نصوحًا} قال: يذنب الذّنب ثمّ لا يرجع فيه.
وقال الثّوريّ، عن سماك، عن النّعمان، عن عمر قال: التّوبة النّصوح: أن يتوب من الذّنب ثمّ لا يعود فيه، أو لا يعود فيه.
وقال أبو الأحوص وغيره، عن سماكٍ، عن النّعمان، سئل عمر عن التّوبة النّصوح، فقال: أن يتوب الرّجل من العمل السّيّئ، ثمّ لا يعود إليه أبدًا.
وقال الأعمش، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه: {توبةً نصوحًا} قال: يتوب ثم لا يعود.
وقد روي هذا مرفوعًا فقال الإمام أحمد: حدّثنا عليّ بن عاصمٍ، عن إبراهيم الهجري، عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "التّوبة من الذّنب أن يتوب منه، ثمّ لا يعود فيه". تفرّد به أحمد من طريق إبراهيم بن مسلمٍ الهجري، وهو ضعيفٌ، والموقوف أصحّ واللّه أعلم.
ولهذا قال العلماء: التّوبة النّصوح هو أن يقلع عن الذّنب في الحاضر، ويندم على ما سلف منه في الماضي، ويعزم على ألّا يفعل في المستقبل. ثمّ إن كان الحقّ لآدميٍّ ردّه إليه بطريقه.
قال الإمام أحمد: حدّثنا سفيان، عن عبد الكريم، أخبرني زياد بن أبي مريم، عن عبد اللّه بن معقل قال: دخلت مع أبي على عبد اللّه بن مسعودٍ فقال: أنت سمعت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "النّدم توبةٌ؟ ". قال: نعم. وقال مرة: نعم سمعته يقول: "النّدم توبةٌ".
ورواه ابن ماجه، عن هشام بن عمّار، عن سفيان بن عيينة، عن عبد الكريم -وهو ابن مالكٍ الجزريّ- به.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا الحسن بن عرفة، حدّثني الوليد بن بكير أبو خبّابٍ، عن عبد اللّه بن محمّدٍ العدوي، عن أبي سنان البصريّ، عن أبي قلابة، عن زرّ بن حبيش، عن أبيّ بن كعبٍ قال: قيل لنا أشياء تكون في آخر هذه الأمّة عند اقتراب السّاعة، منها نكاح الرّجل امرأته أو أمته في دبرها، وذلك ممّا حرّم اللّه ورسوله، ويمقت اللّه عليه ورسوله، ومنها: نكاح الرّجل الرّجل، وذلك ممّا حرّم اللّه ورسوله، ويمقت اللّه عليه ورسوله. ومنها نكاح المرأة المرأة، وذلك ممّا حرّم اللّه ورسوله، ويمقت اللّه عليه ورسوله. وليس لهؤلاء صلاةٌ ما أقاموا على هذا، حتّى يتوبوا إلى اللّه توبةً نصوحًا. قال زرٌّ: فقلت لأبيّ بن كعبٍ: فما التّوبة النّصوح؟ فقال: سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: "هو النّدم على الذّنب حين يفرط منك، فتستغفر اللّه بندامتك منه عند الحاضر، ثمّ لا تعود إليه أبدًا".
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا عمرو بن عليٍّ، حدّثنا عبّاد بن عمرٍو، حدّثنا أبو عمرو بن العلاء، سمعت الحسن يقول: التّوبة النّصوح: أن تبغض الذنب كما أحببته، وتستغفر منه إذا ذكرته.
فأمّا إذا حزم بالتّوبة وصمم عليها فإنّها تجب ما قبلها من الخطيئات، كما ثبت في الصّحيح: "الإسلام يجب ما قبله، والتّوبة تجبّ ما قبلها".
وهل من شرط التّوبة النّصوح الاستمرار على ذلك إلى الممات، كما تقدّم في الحديث وفي الأثر: "لا يعود فيه أبدًا"، أو يكفي العزم على ألّا يعود في تكفير الماضي، بحيث لو وقع منه ذلك الذّنب بعد ذلك لا يكون ذلك ضارًّا في تكفير ما تقدّم، لعموم قوله، عليه السّلام: "التّوبة تجبّ ما قبلها؟ ". وللأوّل أن يحتجّ بما ثبت في الصّحيح أيضًا: "من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهليّة، ومن أساء في الإسلام أخذ بالأوّل والآخر" فإذا كان هذا في الإسلام الّذي هو أقوى من التّوبة، فالتّوبة بطريق الأولى، واللّه أعلم. وقوله: {عسى ربّكم أن يكفّر عنكم سيّئاتكم ويدخلكم جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار} و {عسى} من اللّه موجبةٌ، {يوم لا يخزي اللّه النّبيّ والّذين آمنوا معه} أي: ولا يخزيهم معه يعني: يوم القيامة، {نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم} كما تقدّم في سورة الحديد.
{يقولون ربّنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنّك على كلّ شيءٍ قديرٌ} قال مجاهدٌ، والضّحّاك، والحسن البصريّ وغيرهم: هذا يقوله المؤمنون حين يرون يوم القيامة نور المنافقين قد طفئ.
وقال محمّد بن نصرٍ المروزيّ: حدّثنا محمّد بن مقاتلٍ المروزيّ، حدّثنا ابن المبارك، أخبرنا ابن لهيعة، حدّثني يزيد بن أبي حبيبٍ، عن عبد الرّحمن بن جبير بن نفيرٍ، أنّه سمع أبا ذرٍّ وأبا الدّرداء قالا قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أنا أوّل من يؤذن له في السّجود يوم القيامة، وأوّل من يؤذن له برفع رأسه، فأنظر بين يديّ فأعرف أمّتي من بين الأمم، وأنظر عن يميني فأعرف أمّتي من بين الأمم، وأنظر عن شمالي فأعرف أمّتي من بين الأمم". فقال رجلٌ: يا رسول اللّه، وكيف تعرف أمّتك من بين الأمم. قال: "غرٌّ محجلون من آثار الطّهور ولا يكون أحدٌ من الأمم كذلك غيرهم، وأعرفهم أنّهم يؤتون كتبهم بأيمانهم، وأعرفهم بسيماهم في وجوههم من أثر السّجود، وأعرفهم بنورهم يسعى بين أيديهم".
وقال الإمام أحمد: حدّثنا إبراهيم بن إسحاق الطالقانيّ، حدّثنا ابن المبارك، عن يحيى بن حسّان، عن رجلٍ من بني كنانة قال: صلّيت خلف رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عام الفتح، فسمعته يقول: "اللّهمّ، لا تخزني يوم القيامة"). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 168-170]

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (9)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يا أيّها النّبيّ جاهد الكفّار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنّم وبئس المصير (9) ضرب اللّه مثلًا للّذين كفروا امرأة نوحٍ وامرأة لوطٍ كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من اللّه شيئًا وقيل ادخلا النّار مع الدّاخلين (10)}
يقول تعالى آمرًا رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم بجهاد الكفّار والمنافقين، هؤلاء بالسلاح والقتال، وهؤلاء بإقامة الحدود عليهم، {واغلظ عليهم} أي: في الدّنيا، {ومأواهم جهنّم وبئس المصير} أي: في الآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 170-171]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:29 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة