العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الرعد

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27 ربيع الثاني 1434هـ/9-03-2013م, 05:02 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير سورة الرعد [ من الآية (35) إلى الآية (37) ]

{مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ (35) وَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآَبِ (36) وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ (37)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 28 ربيع الثاني 1434هـ/10-03-2013م, 10:37 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ (35) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: { مثل الجنّة الّتي وعد المتّقون تجري من تحتها الأنهار، أكلها دائمٌ وظلّها، تلك عقبى الّذين اتّقوا، وعقبى الكافرين النّار }.
اختلف أهل العلم بكلام العرب في مرافع " المثل "، فقال بعض نحويّي الكوفيّين الرّافع للمثل قوله: { تجري من تحتها الأنهار } في المعنى، وقال: هو كما تقول حلية فلانٍ أسمر وكذا وكذا، فليس الأسمر بمرفوعٍ بالحلية، إنّما هو ابتداءٌ، أي هو أسمر هو كذا، قال: ولو دخل أنّ في مثل هذا كان صوابًا قال: ومثله في الكلام مثلك أنّك كذا وأنّك كذا وقوله: { فلينظر الإنسان إلى طعامه أنا } من وجّه: { مثل الجنّة الّتي وعد المتّقون فيها } ومن قال: { أنّا صببنا الماء } أظهر الاسم، لأنّه مردودٌ على الطّعام بالخفض، ومستأنفٌ، أي: طعامه أنّا صببنا ثمّ فعلنا. وقال: معنى قوله: { مثل الجنّة }: صفات الجنّة.
وقال بعض نحويّي البصريّين معنى ذلك: صفة الجنّة، قال: ومنه قول اللّه تعالى { وله المثل الأعلى } معناه: وللّه الصّفة العليا. قال: فمعنى الكلام في قوله: { مثل الجنّة الّتي وعد المتّقون تجري من تحتها الأنهار } أو فيها أنهارٌ، كأنّه قال: وصف الجنّة صفةً تجري من تحتها الأنهار، أو صفةً فيها أنهارٌ واللّه أعلم.
قال: ووجهٌ آخر: كأنّه إذا قيل: مثل الجنّة قيل: الجنّة الّتي وعد المتّقون، قال وكذلك قوله: { وإنّه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم } كأنّه قال: باللّه الرّحمن الرّحيم، واللّه أعلم.
قال: وقوله: { على ما فرّطت في جنب اللّه } في ذات اللّه، كأنّه عندنا قيل: في اللّه، قال: وكذلك قوله: { ليس كمثله شيءٌ } إنّما المعنى: ليس كشيءٍ، وليس مثله شيءٌ، لأنّه لا مثل له، قال: وليس هذا كقولك للرّجل: ليس كمثلك أحدٌ، لأنّه يجوز أن يكون له مثلٌ، واللّه لا يجوز ذلك عليه. قال: ومثله قول لبيدٍ:
إلى الحول ثمّ اسم السّلام عليكما
قال: وفسّر لنا أنّه أراد: السّلام عليكما. قال: وقال أوس بن حجرٍ:
وقتلى كرامٍ كمثل الجذوع = تغشّاهم سبلٌ منهمر
قال: والمعنى عندنا: كالجذوع، لأنّه لم يزد أن يجعل للجذوع مثلاً ثمّ يشبّه القتلى به قال: ومثله قول أميّة:
رجلٌ وثورٌ تحت رجل يمينه = والنّسر للأخرى وليثٌ مرصد
قال: فقال تحت رجل يمينه، كأنّه قال: تحت رجله أو تحت رجله اليمنى قال: وقول لبيدٍ:
أضلّ صواره وتضيّفته = نطوفٌ أمرها بيده الشّمال
كأنّه قال: أمرها بالشّمال وإلى الشّمال، وقول لبيدٍ أيضًا:
حتّى إذا ألقت يدًا في كافرٍ
فكأنّه قال: حتّى وقعت في كافرٍ.
وقال آخر منهم: هو المكفوف عن خبره، قال: والعرب تفعل ذلك قال: وله معنًى آخر: { للّذين استجابوا لربّهم الحسنى } مثل الجنّة موصولٌ صفةٌ لها على الكلام الأوّل.
قال أبو جعفرٍ: وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب: أن يقال ذكر المثل، فقال مثل الجنّة، والمراد الجنّة، ثمّ وصفت الجنّة بصفتها، وذلك أنّ مثلها إنّما هو صفتها وليست صفتها شيئًا غيرها وإذا كان ذلك كذلك، ثمّ ذكر المثل، فقيل: مثل الجنّة، ومثلها صفتها وصفة الجنّة، فكان وصفها كوصف المثل، وكان كأنّ الكلام جرى بذكر الجنّة، فقيل: الجنّة تجري من تحتها الأنهار، كما قال الشّاعر:
أرى مرّ السّنين أخذن منّي = كما أخذ السّرار من الهلال
فذكر المرّ، ورجع في الخبر إلى السّنين
وقوله: { أكلها دائمٌ وظلّها } يعني: ما يؤكل فيها، يقول: هو دائمٌ لأهلها، لا ينقطع عنهم، ولا يزول ولا يبيد، ولكنّه ثابتٌ إلى غير نهايةٍ، { وظلّها }: يقول: وظلّها أيضًا دائمٌ، لأنّه لا شمس فيها. { تلك عقبى الّذين اتّقوا } يقول: هذه الجنّة الّتي وصف جلّ ثناؤه عاقبة الّذين اتّقوا اللّه، فاجتنبوا معاصيه، وأدّوا فرائضه
وقوله: { وعقبى الكافرين النّار } يقول: وعاقبة الكافرين باللّه النّار). [جامع البيان: 13/552-555]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 35.
أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة - رضي الله عنه - في قوله {مثل الجنة} قال: نعت الجنة ليس للجنة مثل). [الدر المنثور: 8/463]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن إبراهيم التيمي - رضي الله عنه - في قوله {أكلها دائم} قال: لذتها دائمة في أفواههم). [الدر المنثور: 8/464]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن خارجة بن مصعب - رضي الله عنه - قال: كفرت الجهمية بآيات من القرآن قالوا: إن الجنة تنفد ومن قال تنفد فقد كفر بالقرآن، قال الله تعالى (إن هذا لرزقنا ما له من نفاد) (سورة ص آية 54) وقال: (لا مقطوعة ولا ممنوعة) (سورة الواقعة آية 33) فمن قال أنها تنقطع فقد كفر، وقال: عطاء غير مجذوذ فمن قال أنها تنقطع فقد كفر، وقال {أكلها دائم وظلها} فمن قال أنها لا تدوم فقد كفر). [الدر المنثور: 8/464]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن مالك بن أنس - رضي الله عنه - قال: ما من شيء من ثمار الدنيا أشبه بثمار الجنة من الموز لأنك لا تطلبه في صيف ولا شتاء إلا وجدته، قال الله تعالى {أكلها دائم}). [الدر المنثور: 8/464]

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآَبِ (36) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى وإليه مآب قال إليه مصير كل عبد). [تفسير عبد الرزاق: 1/337]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] {وإليه مآب}: مرجع [الآية: 36]). [تفسير الثوري: 154]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: { والّذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك، ومن الأحزاب من ينكر بعضه، قل إنّما أمرت أن أعبد اللّه ولا أشرك به، إليه أدعو وإليه مآب }.
يقول تعالى ذكره: والّذين أنزلنا إليهم الكتاب ممّن آمن بك واتّبعك يا محمّد { يفرحون بما أنزل إليك } منه، { ومن الأحزاب من ينكر بعضه } يقول: ومن أهل الملل المتحزّبين عليك، وهم أهل أديانٍ شتّى، من ينكر بعض ما أنزل إليك، فقل لهم: { إنّما أمرت } أيّها القوم { أن أعبد اللّه } وحده دون ما سواه { ولا أشرك به } وأجعل له شريكًا في عبادتي، فأعبد معه الآلهة والأصنام، بل أخلص له الدّين حنيفًا مسلمًا { إليه أدعو } يقول: إلى طاعته، وإخلاص العبادة له أدعو النّاس { وإليه مآب } يقول: وإليه مصيري، وهو مفعلٌ من قول القائل: آب يئوب أوبًا ومآبًا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: { والّذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك } " أولئك أصحاب محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، فرحوا بكتاب اللّه وبرسوله وصدّقوا به. قوله: { ومن الأحزاب من ينكر بعضه } يعني اليهود والنّصارى "
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا شبابة، قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: " { ومن الأحزاب من ينكر بعضه } قال: " من أهل الكتاب ".
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا إسحاق قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ مثله
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: { والّذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك، ومن الأحزاب من ينكر بعضه } " من أهل الكتاب، والأحزاب أهل الكتب، تفريقهم تحزبهم. قوله: { وإن يأت الأحزاب } قال: " لتحزّبهم على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- قال ابن جريجٍ، وقال عن مجاهدٍ: { ينكر بعضه } قال: " بعض القرآن "
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: { وإليه مآب }. قال: " وإليه مصير كلّ عبدٍ ".
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: { والّذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك } قال: " هذا من آمن برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من أهل الكتاب فيفرحون بذلك، وقرأ: { ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به } وفي قوله: { ومن الأحزاب من ينكر بعضه } قال: " الأحزاب: الأمم، اليهود والنّصارى والمجوس، منهم من آمن به، ومنهم من أنكره "). [جامع البيان: 13/555-557]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ومن الأحزاب من ينكر بعضه قال بعض القرآن). [تفسير مجاهد: 329]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 36 – 40
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك} قال: أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فرحوا بكتاب الله وبرسوله صلى الله عليه وسلم وصدقوا به {ومن الأحزاب من ينكر بعضه} يعني اليهود والنصارى والمجوس). [الدر المنثور: 8/464]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن زيد - رضي الله عنه - في قوله {والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك} قال: هذا من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب يفرحون بذلك، وقرأ (ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به) (سورة يونس آية 40) {ومن الأحزاب من ينكر بعضه} قال: الأحزاب الأمم اليهود والنصارى والمجوس منهم من آمن به ومنهم من أنكره). [الدر المنثور: 8/464-465]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {ومن الأحزاب} قال: من أهل الكتاب {من ينكر بعضه} قال: بعض القرآن). [الدر المنثور: 8/465]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {وإليه مآب} قال: إليه مصير كل عبد). [الدر المنثور: 8/465]

تفسير قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ (37) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: { وكذلك أنزلناه حكمًا عربيًّا، ولئن اتّبعت أهواءهم بعد ما جاءك من العلم ما لك من اللّه من وليٍّ ولا واقٍ }.
يقول تعالى ذكره: وكما أنزلنا عليك الكتاب يا محمّد، فأنكره بعض الأحزاب، كذلك أيضًا أنزلنا الحكم والدّين حكمًا عربيًّا، وجعل ذلك عربيًّا، ووصفه به لأنّه أنزل على محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وهو عربيٌّ، فنسب الدّين إليه إذ كان عليه أنزل، فكذّب به الأحزاب، ثمّ نهاه جلّ ثناؤه عن ترك ما أنزل إليه واتّباع الأحزاب، وتهدّده على ذلك إن فعله، فقال: ولئن اتّبعت يا محمّد أهواءهم، أهواء هؤلاء الأحزاب ورضاهم ومحبّتهم، وانتقلت من دينك إلى دينهم، ما لك من يقيك من عذاب اللّه إن عذّبك على اتّباعك أهواءهم، وما لك من ناصرٍ ينصرك فيستنقذك من اللّه إن هو عاقبك، يقول: فاحذر أن تتّبع أهواءهم). [جامع البيان: 13/557]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك - رضي الله عنه - في قوله {ما لك من الله من ولي ولا واق} قال: من أحد يمنعك من عذاب الله تعالى). [الدر المنثور: 8/465]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 8 جمادى الأولى 1434هـ/19-03-2013م, 12:00 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي

{مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ (35) وَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآَبِ (36) وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ (37)}


تفسير قوله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ (35)}

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {مّثل الجنّة الّتي وعد المتّقون...}
يقول: صفات الجنة
قال الفراء: وحدثني بعض المشيخة عن الكلبيّ عن أبي عبد الرحمن السّلمي أن عليّاً قرأها: (أمثال الجنّة) قال الفراء: أظن دون أبي عبد الرحمن رجلا قال: وجاء عن أبي عبد الرحمن ذلك والجماعة على كتاب المصحف.
وقوله: {تجري من تحتها الأنهار} هو الرافع. وإن شئت للمثل الأمثال في المعنى كقولك: حلية فلان أسمر وكذا وكذا. فليس الأسمر بمرفوع بالحلية، إنما هو ابتداء أي هو أحمر أسمر، هو كذا.
ولو دخل في مثل هذا أنّ كان صواباً. ومثله في الكلام مثلك أنك كذا وأنك كذا. وقوله: {فلينظر الإنسان إلى طعامه إنّا} من وجه {مّثل الجنّة الّتي وعد المتّقون تجري من تحتها الأنهار} ومن قال {أنّا صببنا الماء} بالفتح أظهر الاسم؛ لأنه مردود على الطعام بالخفض أو مستأنف أي طعامه أنا صببنا ثم فعلنا). [معاني القرآن: 2/65]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله عز وجل {مثل الجنة التي وعد المتقون} ثم قال {تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم} ولم يخبر عن المثل؛ وكذلك قوله {مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم}؛ وكقوله {مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار} ولم يذكر المثل؛ وكقوله عز وجل {ولله المثل الأعلى}.
فأما قول ابن عباس {مثل الذين كفروا} أي صفة الذين كفروا، وقوله {ولله المثل الأعلى} قال الصفة العليا.
وقالوا: هذا مثل بين المثل والمثلية، ونظير بين النظارة؛ وكأن معنى قوله: بين المثل، (وهو قوله {ولله المثل الأعلى} أي الصفة العليا؛ لأنه لا مثل له ولا مثل.
وكذلك قوله {يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له} كأنه قال ضرب وصف فاستمعوا له، ثم وصف ذلك فقال {إن الذين تدعون من دون الله} وكأنه قال {مثل الجنة التي وعد المتقون} كأنه قال: صفة الجنة تجري من تحتها الأنهار، أو صفة فيه أنهار فحذف ذلك كما قال النابغة:
كأنك من جمال بني أقيش = يقعقع خلف رجليه بشن
أي جمل؛ فحذف ذلك.
[معاني القرآن لقطرب: 771]
ومثل ذلك قول الراجز:
لو قلت ما في قومها لم تيثم = يفضلها في حسب وميسم
كأنه قال: لو قلت ما في قومها أحد يفضلها.
وقال المتلمس:
الغدر والآفات شيمته = فاعلم وعرقوب له مثل
كأنه قال: صفة وشبه.
وفيها وجه آخر: كأنه إذا قال: مثل الجنة، قال: الجنة التي وعد المتقون.
وكذلك قوله {وإنه بسم الله الرحمن الرحيم} كأنه قال بالله الرحمن الرحيم وهو المعنى؛ وكذلك قوله {ليس كمثله شيء} إنما المعنى: ليس كهو شيء، وليس مثله شيء لأنه لا مثل له، ولس هذا كقولك: ليس كمثلك شيء، أو أحد؛ لأنه يجوز أن يكون للرجل مثل، ولا يجوز ذلك على الله عز وجل.
قال أبو علي: ومثل ما ذكرنا قول لبيد بن ربيعة:
إلى الحول ثم اسم السلام عليكما = ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر
قال أبو علي: فسر لنا أنه أراد ثم السلام عليكما؛ وكأنه لم يذكر الاسم.
وقال أوس بن حجر:
وقتلى كرام كمثل الجذوع = يغشاهم سبل منهمر
والمعنى عندنا: كالجذوع؛ لأنه لم يرد أن يجعل للجذوع مثلاً، ثم يشبه القتلى به.
[معاني القرآن لقطرب: 772]
ومثل ذلك قول أمية:
رجل وثور تحت رجل يمينه = والنسر للأخرى وليث مرصد
كأنه قال: تحت رجله، أو رجله اليمنى.
قال لبيد أيضًا:
أضل صوارة وتضيفته = نطوف أمرها بيد الشمال
كأنه: أمرها بالشمال، وإلى الشمال؛ لأنه لا يد هاهنا.
ومثله قوله:
حتى إذا ألقت يدًا في كافر = وأجن عورات الثغور ظلامها
فكأنه قال: حتى وقعت في كافر، ولم يذكر يدًا).
وكذلك {يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله} كأنه قال في الله، أو في ذات الله) ). [معاني القرآن لقطرب: 773]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وأما قوله: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ}، ولم يأت بالشيء الذي جعل له الجنة مثلا- فإن أصل المثل ما ذهبوا إليه من معنى المثل، تقول: هذا مثل الشيء ومثله، كما تقول: هذا شبه الشيء وشبهه.
ثم قد يصير المثل بمعنى الشيء وصفته، وكذلك المثال والتّمثال، يقال للمرأة الرّائقة: كأنها مثال، وكأنها تمثال، أي صورة، كما يقال: كأنها دمية، أي صورة، وإنما هي مثل، وقد مثّلت لك كذا، أي صوّرته ووصفته.
فأراد الله بقوله: مثل الجنّة، أي صورتها وصفتها.
وروي أن عليّا رحمه الله كان يقرأ: مثال الجنة أو أمثال الجنة، وهو بمنزلة مثل، إلا أنه أوضح وأقرب في أفهام الناس إلى المعنى الذي تأوّلناه في مثل.
ونحوه قوله: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ} أي ذلك وصفهم، لأنه لم يضرب لهم مثلا في أوّل الكلام، فيقول: {ذَلِكَ مَثَلُهُمْ} وإنما وصفهم وحلّاهم، ثم قال: {ذَلِكَ مَثَلُهُمْ} أي وصفهم.
وقوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ}، ثم قال: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ}، ولم يأت بالمثل، لأن في الكلام معناه،
كأنه قال: يا أيها الناس، مثلكم مثل من عبد آلهة اجتمعت لأن تخلق ذبابا لم تقدر عليه، وسلبها الذباب شيئا فلم تستنقذه منه.
ومثل هذا في القرآن وكلام العرب أشياء قد اقتصصناها في (أبواب المجاز) ). [تأويل مشكل القرآن: 83-84]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {مثل الجنّة الّتي وعد المتّقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم وظلّها تلك عقبى الّذين اتّقوا وعقبى الكافرين النّار}
قال سيبويه: المعنى فيما يقص عليكم مثل الجنّة، أو مثل الجنّة فيما يقصّ عليكم، فرفعه عنده على الابتداء.
وقال غيره: {مثل الجنّة الّتي وعد المتّقون} مرفوع على الابتداء.
وخبره {تجري من تحتها الأنهار}
كما تقول:
صفة فلان أسمر كقولك: فلان أسمر.
وقالوا معناها صفة الجنة التي وعد المتقون.
وكلا القولين حسن جميل.
والذي عندي - واللّه أعلم - أن اللّه عزّ وجلّ، عرفنا أمور الجنة التي لم نرها. ولم نشاهدها بما شاهدناه من أمور الدنيا وعاينّاه.
فالمعنى {مثل الجنّة الّتي وعد المتّقون} جنة {تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم وظلّها} ). [معاني القرآن: 3/150-149]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله تعالى: {مثل الجنة التي وعد المتقون}
روى النضر بن شميل عن الخليل قال مثل بمعنى صفة فالمعنى على هذا صفة الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار كما تقول صفة فلان أسمر لأن معناه فلان أسمر
وقال أبو إسحاق مثل الله لنا ما غاب بما نراه وكذلك كلام العرب فالمعنى مثل الجنة التي وعد المتقون جنة تجري من تحتها الأنهار). [معاني القرآن: 3/501]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {مَثَلُ الْجَنَّةِ} أي: صفة الجنة). [ياقوتة الصراط: 283]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآَبِ (36)}
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله تعالى: {وإليه مآب}
قال قتادة أي إليه مصير كل عبد). [معاني القرآن: 3/502]

تفسير قوله تعالى: {وكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ (37)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {حكماً عربياً} أي ديناً عربياً أنزل على رجل عربي). [مجاز القرآن: 1/334]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 8 جمادى الأولى 1434هـ/19-03-2013م, 05:21 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ (35) }


تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآَبِ (36) }

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ (37) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 13 ذو القعدة 1439هـ/25-07-2018م, 10:49 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 13 ذو القعدة 1439هـ/25-07-2018م, 10:50 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 13 ذو القعدة 1439هـ/25-07-2018م, 10:53 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ (35)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {مثل الجنة} الآية، قال قوم: "مثل" معناه: صفة، وهذا من قولك:
[المحرر الوجيز: 5/208]
"مثلت الشيء" إذا وصفته لأحد وقربت عليه فهم أمره، وليس بضرب مثل لها، وهو كقوله سبحانه: {وله المثل الأعلى} أي الوصف الأعلى، ويظهر أن المعنى الذي يتحصل في النفس مثالا للجنة هو جري الأنهار وأن أكلها دائم، ورافعه عند سيبويه مقدر قيل: تقديره: فيما يتلى عليكم أو ينص عليكم مثل الجنة، ورافعه عند الفراء قوله: "تجري" أي: صفة الجنة أنها تجري من تحتها الأنهار، ونحو هذا موجود في كلام العرب، وتأول عليه قوم أن "مثل" مقحم، وأن التقدير: الجنة التي وعد المتقون بها.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا قلق، وقرأ علي بن أبي طالب، وابن مسعود: "أمثال الجنة"، وقد تقدم غير مرة معنى قوله: {تجري من تحتها الأنهار}.
وقوله: "أكلها" معناه: ما يؤكل فيها، و"العقبى" والعاقبة والعاقب: حال تتلو أخرى قبلها. وباقي الآية بين.،وقيل: التقدير في صدر الآية: "مثل الجنة جنة تجري"، قاله الزجاج، فتكون الآية -على هذا- ضرب مثل لجنة النعيم في الآخرة). [المحرر الوجيز: 5/209]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآَبِ (36)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك ومن الأحزاب من ينكر بعضه قل إنما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به إليه أدعو وإليه مآب وكذلك أنزلناه حكما عربيا ولئن اتبعت أهواءهم بعدما جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا واق ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله لكل أجل كتاب يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب}
اختلف المتأولون فيمن عني بهذه الآية -فقال ابن زيد: عني به من آمن من أهل الكتاب، كعبد الله بن سلام وشبهه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والمعنى مدحهم بأنهم لشدة إيمانهم يسرون بما يرد على النبي صلى الله عليه وسلم من مباحات الشرع، وقال قتادة: عني به جميع المؤمنين، و"الكتاب" هو القرآن، و" ما أنزل إليك " يراد به جميع الشرع، وقالت فرقة: المراد:" بالذين آتيناهم الكتاب" اليهود والنصارى، وذلك أنهم لهم فرح بما ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم من تصديق شرائعهم وذكر أوائلهم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ويضعف هذا التأويل بأن همهم به أكثر من فرحهم فلا يعتد بفرحهم، ويضعف أيضا بأن اليهود والنصارى ينكرون بعضه وقد فرق الله في هذه الآية بين الذين ينكرون بعضه وبين الذين آتيناهم الكتاب.
و"الأحزاب" قال مجاهد: هم اليهود والنصارى والمجوس، وقالت فرقة: أحزاب الجاهلية من العرب، وأمره الله تعالى أن يطرح اختلافهم، وأن يصدع بأنه إنما أمر بعبادة الله وترك الإشراك والدعاء إليه، اعتقاد المآب إليه، وهو الرجوع عند البعث يوم القيامة). [المحرر الوجيز: 5/210]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ (37)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: "وكذلك"، المعنى: كما يسرنا هؤلاء للفرح وهؤلاء لإنكار البعض، كذلك
[المحرر الوجيز: 5/210]
أنزلناه حكما عربيا، ويحتمل المعنى: والمؤمنون آتيناهم الكتاب يفرحون به لفهمهم له وسرعة تلقيهم، ثم عدد النعمة بقوله: {كذلك جعلناه}، أي: سهلناه عليهم في ذلك وتفضلنا. و"حكما" نصب على الحال، والحكم: ما تضمنه القرآن من المعاني، وجعله عربيا لما كانت العبارة عنه بالعربية. ثم خاطب محذرا من اتباع أهواء هذه الفرق الضالة، والخطاب لمحمد عليه الصلاة والسلام وهو بالمعنى يتناول المؤمنين إلى يوم القيامة. ووقف ابن كثير وحده على: "واقي" و"هادي" و"والي" بالياء، قال أبو علي: "والجمهور يقفون بغير ياء، وهو الوجه"، وباقي الآية بين). [المحرر الوجيز: 5/211]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 27 ذو القعدة 1439هـ/8-08-2018م, 08:12 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 27 ذو القعدة 1439هـ/8-08-2018م, 08:14 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ (35)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({لهم عذابٌ في الحياة الدّنيا ولعذاب الآخرة أشقّ وما لهم من اللّه من واقٍ (34) مثل الجنّة الّتي وعد المتّقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائمٌ وظلّها تلك عقبى الّذين اتّقوا وعقبى الكافرين النّار (35)}
ذكر تعالى عقاب الكفّار وثواب الأبرار: فقال بعد، إخباره عن حال المشركين وما هم عليه من الكفر والشّرك: {لهم عذابٌ في الحياة الدّنيا} أي: بأيدي المؤمنين قتلًا وأسرًا، {ولعذاب الآخرة} أي: المدّخر [لهم] مع هذا الخزي في الدّنيا، " أشقّ " أي: من هذا بكثيرٍ، كما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم للمتلاعنين: "إنّ عذاب الدّنيا أهون من عذاب الآخرة" وهو كما قال، صلوات اللّه وسلامه عليه، فإنّ عذاب الدّنيا له انقضاءٌ، وذاك دائمٌ أبدًا في نارٍ هي بالنّسبة إلى هذه سبعون ضعفًا، ووثاقٌ لا يتصوّر كثافته وشدّته، كما قال تعالى: {فيومئذٍ لا يعذّب عذابه أحدٌ ولا يوثق وثاقه أحدٌ} [الفجر: 25، 26] وقال تعالى: {بل كذّبوا بالسّاعة وأعتدنا لمن كذّب بالسّاعة سعيرًا إذا رأتهم من مكانٍ بعيدٍ سمعوا لها تغيّظًا وزفيرًا وإذا ألقوا منها مكانًا ضيّقًا مقرّنين دعوا هنالك ثبورًا لا تدعوا اليوم ثبورًا واحدًا وادعوا ثبورًا كثيرًا قل أذلك خيرٌ أم جنّة الخلد الّتي وعد المتّقون كانت لهم جزاءً ومصيرًا} [الفرقان: 11 -15].
ولهذا قرن هذا بهذا؛ فقال: {مثل الجنّة الّتي وعد المتّقون} أي: صفتها ونعتها، {تجري من تحتها الأنهار} أي: سارحةٌ في أرجائها وجوانبها، وحيث شاء أهلها، يفجّرونها تفجيرًا، أي: يصرفونها كيف شاءوا وأين شاءوا، كما قال تعالى: {مثل الجنّة الّتي وعد المتّقون فيها أنهارٌ من ماءٍ غير آسنٍ وأنهارٌ من لبنٍ لم يتغيّر طعمه وأنهارٌ من خمرٍ لذّةٍ للشّاربين وأنهارٌ من عسلٍ مصفًّى ولهم فيها من كلّ الثّمرات ومغفرةٌ من ربّهم كمن هو خالدٌ في النّار وسقوا ماءً حميمًا فقطّع أمعاءهم} [محمد: 15].
وقوله: {أكلها دائمٌ وظلّها} أي: فيها المطاعم والفواكه والمشارب، لا انقطاع [لها] ولا فناء.
وفي الصّحيحين، من حديث ابن عبّاسٍ في صلاة الكسوف، وفيه قالوا: يا رسول اللّه، رأيناك تناولت شيئًا في مقامك هذا، ثمّ رأيناك تكعكعت فقال: "إنّي رأيت الجنّة -أو: أريت الجنّة -فتناولت منها عنقودًا، ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدّنيا".
وقال الحافظ أبو يعلى: حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا عبد اللّه بن جعفرٍ، حدّثنا عبيد اللّه، حدّثنا أبو عقيل، عن جابرٍ قال: بينما نحن في صلاة الظّهر، إذ تقدّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فتقدّمنا، ثمّ تناول شيئًا ليأخذه ثمّ تأخّر. فلمّا قضى الصّلاة قال له أبيّ بن كعبٍ: يا رسول اللّه، صنعت اليوم في الصّلاة شيئًا ما رأيناك كنت تصنعه. فقال: "إنّي عرضت عليّ الجنّة وما فيها من الزّهرة والنّضرة، فتناولت منها قطفًا من عنبٍ لآتيكم به، فحيل بيني وبينه، ولو أتيتكم به لأكل منه من بين السّماء والأرض لا ينقصونه".
وروى مسلمٌ من حديث أبي الزّبير، عن جابرٍ، شاهدًا لبعضه.
وعن عتبة بن عبدٍ السّلميّ: أنّ أعرابيًّا سأل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عن الجنّة، فقال: فيها عنبٌ؟ قال: "نعم". قال: فما عظم العنقود؟ قال: "مسيرة شهرٍ للغراب الأبقع ولا يفتر". رواه أحمد.
وقال الطّبرانيّ: حدّثنا معاذ بن المثنّى، حدّثنا عليّ بن المدينيّ، حدّثنا ريحان بن سعيدٍ، عن عبادة بن منصورٍ، عن أيّوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ الرّجل إذا نزع ثمرةً من الجنّة عادت مكانها أخرى".
وعن جابر بن عبد اللّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "يأكل أهل الجنّة ويشربون، ولا يمتخطون ولا يتغوّطون ولا يبولون، طعامهم جشاء كريح المسك، ويلهمون التّسبيح والتّقديس كما يلهمون النّفس". رواه مسلمٌ.
وروى الإمام أحمد والنّسائيّ، من حديث الأعمش، عن ثمامة بن عقبة سمعت زيد بن أرقم قال: جاء رجلٌ من أهل الكتاب فقال: يا أبا القاسم، تزعم أنّ أهل الجنّة يأكلون ويشربون؟ قال: نعم، والّذي نفس محمّدٍ بيده، [إنّ الرّجل من أهل الجنّة] ليعطى قوّة مائة رجلٍ في الأكل والشّرب والجماع والشّهوة". قال: فإنّ الّذي يأكل ويشرب تكون له الحاجة، وليس في الجنّة أذًى؟ قال: "حاجة أحدهم رشحٌ يفيض من جلودهم، كريح المسك، فيضمر بطنه".
وقال الحسن بن عرفة: حدّثنا خلف بن خليفة، عن حميدٍ الأعرج، عن عبد اللّه بن الحارث، عن عبد اللّه بن مسعودٍ، رضي اللّه عنه، قال: قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّك لتنظر إلى الطّير في الجنّة، فيخرّ بين يديك مشويًّا .
وجاء في بعض الأحاديث: أنّه إذا فرغ منه عاد طائرًا كما كان بإذن اللّه تعالى.
وقد قال تعالى: {وفاكهةٍ كثيرةٍ لا مقطوعةٍ ولا ممنوعةٍ} [الواقعة: 32، 33] وقال {ودانيةً عليهم ظلالها وذلّلت قطوفها تذليلا} [الإنسان: 14].
وكذلك ظلّها لا يزول ولا يقلص، كما قال تعالى: {والّذين آمنوا وعملوا الصّالحات سندخلهم جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا لهم فيها أزواجٌ مطهّرةٌ وندخلهم ظلا ظليلا} [النّساء: 57].
وقد تقدّم في الصّحيحين من غير وجهٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إنّ في الجنّة شجرةً، يسير الرّاكب المجدّ الجواد المضمّر السّريع في ظلّها مائة عامٍ لا يقطعها"، ثمّ قرأ: {وظلٍّ ممدودٍ} [الواقعة: 30].
وكثيرًا ما يقرن اللّه تعالى بين صفة الجنّة وصفة النّار، ليرغّب في الجنّة ويحذّر من النّار؛ ولهذا لمّا ذكر صفة الجنّة بما ذكر، قال بعده: {تلك عقبى الّذين اتّقوا وعقبى الكافرين النّار} كما قال تعالى: {لا يستوي أصحاب النّار وأصحاب الجنّة أصحاب الجنّة هم الفائزون} [الحشر: 20].
وقال بلال بن سعدٍ خطيب دمشق في بعض خطبه: عباد اللّه هل جاءكم مخبرٌ يخبركم أنّ شيئًا من عبادتكم تقبّلت منكم، أو أنّ شيئًا من خطاياكم غفرت لكم؟ {أفحسبتم أنّما خلقناكم عبثًا وأنّكم إلينا لا ترجعون} [المؤمنون: 115] واللّه لو عجّل لكم الثّواب في الدّنيا لاستقللتم كلّكم ما افترض عليكم، أو ترغبون في طاعة اللّه لتعجيل دنياكم، ولا تنافسون في جنّةٍ {أكلها دائمٌ وظلّها تلك عقبى الّذين اتّقوا وعقبى الكافرين النّار} رواه ابن أبي حاتم). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 464-466]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآَبِ (36)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({والّذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك ومن الأحزاب من ينكر بعضه قل إنّما أمرت أن أعبد اللّه ولا أشرك به إليه أدعو وإليه مآب (36) وكذلك أنزلناه حكمًا عربيًّا ولئن اتّبعت أهواءهم بعدما جاءك من العلم ما لك من اللّه من وليٍّ ولا واقٍ (37)}
يقول تعالى: {والّذين آتيناهم الكتاب} وهم قائمون بمقتضاه {يفرحون بما أنزل إليك} أي: من القرآن لما في كتبهم من الشّواهد على صدقه والبشارة به، كما قال تعالى: {الّذين آتيناهم الكتاب يتلونه حقّ تلاوته أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون} [البقرة: 121] وقال تعالى: {قل آمنوا به أو لا تؤمنوا إنّ الّذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرّون للأذقان سجّدًا ويقولون سبحان ربّنا إن كان وعد ربّنا لمفعولا} [الإسراء: 107، 108] أي: إن كان ما وعدنا اللّه به في كتبنا من إرسال محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم لحقًّا وصدقًا مفعولًا لا محالة، وكائنًا، فسبحانه ما أصدق وعده، فله الحمد وحده، {ويخرّون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعًا} [الإسراء: 109].
وقوله: {ومن الأحزاب من ينكر بعضه} أي: ومن الطّوائف من يكذّب ببعض ما أنزل إليك.
وقال مجاهدٌ: {ومن الأحزاب} اليهود والنّصارى، من ينكر بعضه ما جاءك من الحقّ. وكذا قال قتادة، وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم.
وهذا كما قال تعالى: {وإنّ من أهل الكتاب لمن يؤمن باللّه وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين للّه لا يشترون بآيات اللّه ثمنًا قليلا أولئك لهم أجرهم عند ربّهم إنّ اللّه سريع الحساب} [آل عمران: 199].
{قل إنّما أمرت أن أعبد اللّه ولا أشرك به} أي: إنّما بعثت بعبادة اللّه وحده لا شريك له، كما أرسل الأنبياء من قبلي، {إليه أدعو} أي: إلى سبيله أدعو النّاس، {وإليه مآب} أي: مرجعي ومصيري). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 467]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ (37)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {وكذلك أنزلناه حكمًا عربيًّا} أي: وكما أرسلنا قبلك المرسلين، وأنزلنا عليهم الكتب من السّماء، كذلك أنزلنا عليك القرآن محكمًا معربًا، شرّفناك به وفضّلناك على من سواك بهذا الكتاب المبين الواضح الجليّ الّذي {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيلٌ من حكيمٍ حميدٍ} [فصّلت: 11].
وقوله: {ولئن اتّبعت أهواءهم} أي: آراءهم، {بعد ما جاءك من العلم} أي: من اللّه تعالى {ما لك من اللّه من وليٍّ ولا واقٍ} أي: من اللّه تعالى. وهذا وعيدٌ لأهل العلم أن يتّبعوا سبل أهل الضّلالة بعدما صاروا إليه من سلوك السّنّة النّبويّة والمحجّة المحمّديّة، على من جاء بها أفضل الصلاة والسلام [والتّحيّة والإكرام]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 467-468]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:57 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة