العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة محمد

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 جمادى الأولى 1434هـ/23-03-2013م, 05:46 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي تفسير سورة محمد [ من الآية (20) إلى الآية (24) ]

وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ (20) طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ (21) فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23) أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24)

روابط مهمة:
- القراءات
- توجيه القراءات
- الوقف والابتداء


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 6 جمادى الآخرة 1434هـ/16-04-2013م, 06:11 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ (20) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى وذكر فيها القتال قال كل سورة ذكر فيها القتال فهي محكمة). [تفسير عبد الرزاق: 2/223]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله فأولى لهم قال هذا وعيد يقول فأولى لهم ثم انقطع الكلام فقال طاعة وقول معروف يقول طاعة الله وقول بالمعروف عند حقائق الأمور خير لهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/223-224]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويقول الّذين آمنوا لولا نزّلت سورةٌ فإذا أنزلت سورةٌ محكمةٌ وذكر فيها القتال رأيت الّذين في قلوبهم مرضٌ ينظرون إليك نظر المغشيّ عليه من الموت فأولى لهم (20) طاعةٌ وقولٌ مّعروفٌ فإذا عزم الأمر فلو صدقوا اللّه لكان خيرًا لّهم}.
يقول تعالى ذكره: ويقول الّذين صدّقوا اللّه ورسوله: هلاّ نزلت سورةٌ من اللّه تأمرنا بجهاد أعداء اللّه من الكفّار {فإذا أنزلت سورةٌ محكمةٌ} يعني: أنّها محكمةٌ بالبيان والفرائض وذكر أنّ ذلك في قراءة عبد اللّه فإذا أنزلت سورةٌ محدثةٌ.
وقوله: {وذكر فيها القتال} يقول: وذكر فيها الأمر بقتال المشركين.
وكان قتادة يقول في ذلك.
- ما: حدّثني بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ويقول الّذين آمنوا لولا نزّلت سورةٌ فإذا أنزلت سورةٌ محكمةٌ وذكر فيها القتال} قال: كلّ سورةٍ ذكر فيها الجهاد فهي محكمةٌ، وهي أشدّ القرآن على المنافقين.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {وذكر فيها القتال} قال: كلّ سورةٍ ذكر فيها القتال فهي محكمةٌ.
وقوله: {رأيت الّذين في قلوبهم مرضٌ} يقول: رأيت الّذين في قلوبهم شكٌّ في دين اللّه وضعفٌ {ينظرون إليك} يا محمّد، {نظر المغشيّ عليه من الموت}، خوفًا أن تغزيهم وتأمرهم بالجهاد مع المسلمين، فهم خوفًا من ذلك وتجبّنًا عن لقاء العدوّ ينظرون إليك نظر المغشيّ عليه الّذي قد صرع.
وإنّما عنى بقوله: {من الموت} من خوف الموت، وكان هذا فعل أهل النّفاق.
- كالّذي: حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ينظرون إليك نظر المغشيّ عليه من الموت} قال: هؤلاء المنافقون طبع اللّه على قلوبهم، فلا يفقهون ما يقول النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقوله: {فأولى لهم} يقول تعالى ذكره: فأولى لهؤلاء الّذين في قلوبهم مرضٌ.
وقوله: {فأولى لهم} وعيدٌ توعّد اللّه به هؤلاء المنافقين.
- كما: حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {فأولى لهم} قال: هذه وعيدٌ، فأولى لهم، ثمّ انقطع الكلام فقال: {طاعةٌ وقولٌ معروفٌ}.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {فأولى لهم} قال: وعيدٌ كما تسمعون.
وقوله: {طاعةٌ وقولٌ معروفٌ} وهذا خبرٌ من اللّه تعالى ذكره عن قيل هؤلاء المنافقين من قبل أن تنزل سورةٌ محكمةٌ، ويذكر فيها القتال، وأنّهم إذا قيل لهم: إنّ اللّه مفترضٌ عليكم الجهاد، قالوا: سمعٌ وطاعةٌ، فقال اللّه عزّ وجلّ لهم {إذا أنزلت سورةٌ} وفرض القتال فيها عليهم، فشقّ ذلك عليهم، وكرهوه {طاعةٌ وقولٌ معروفٌ} قبل وجوب الفرض عليكم، فإذا عزم الأمر كرهتموه وشقّ عليكم). [جامع البيان: 21/209-211]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله فأولى لهم * طاعة وقول معروف قال يقول أمر الله المتقين بذلك فإذا عزم الأمر يقول فإذا جد الأمر). [تفسير مجاهد: 2/599]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 20 - 24.
أخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة} الآية قال: كل سورة أنزل فيها الجهاد فهي محكمة وهي أشد القرآن على المنافقين). [الدر المنثور: 13/433]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {ويقول الذين آمنوا} الآية قال: كان المؤمنون يشتاقون إلى كتاب الله تعالى وإلى بيان ما ينزل عليهم فيه فإذا أنزلت السورة يذكر فيها القتال رأيت يا محمد المنافقين {ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت فأولى لهم} قال: وعيد من الله لهم). [الدر المنثور: 13/433]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة في قوله {فأولى لهم} قال: هذه وعيد ثم انقطع الكلام فقال {طاعة وقول معروف} يقول: طاعة الله ورسوله وقول بالمعروف عند حقائق الأمور خير لهم). [الدر المنثور: 13/433]

تفسير قوله تعالى: (طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ (21) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله فأولى لهم قال هذا وعيد يقول فأولى لهم ثم انقطع الكلام فقال طاعة وقول معروف يقول طاعة الله وقول بالمعروف عند حقائق الأمور خير لهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/223-224] (م)
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (فإذا {عزم الأمر} [محمد: 21] : أي جدّ الأمر). [صحيح البخاري: 6/134]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله فإذا عزم الأمر أي جدّ الأمر وصله الفريابيّ من طريق بن أبي نجيح عنه). [فتح الباري: 8/579]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله وقال مجاهد مولى الّذين آمنوا وليهم إذا عزم الأمر جد الأمر فلا تهنوا لا تضعفوا
وقال أبن عبّاس أضغانهم حسدهم آسن متغير
أما قول مجاهد فقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن أبن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 11 محمّد {بأن الله مولى الّذين آمنوا} قال وليهم الله وفي قوله 21 محمّد {فإذا عزم الأمر} قال جد الأمر وفي قوله 35 محمّد {فلا تهنوا} لا تضعفوا). [تغليق التعليق: 4/312] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (عزم الأمر: جدّ الأمر
أشار به إلى قوله تعالى: {فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم} وفسره بقوله: (جد الأمر) وفي بعض النّسخ. قال مجاهد: فإذا عزم الأمر، رواه أبو محمّد عن حجاج حدثنا شبابة عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد). [عمدة القاري: 19/172]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (عزم الأمر) قاله مجاهد فيما وصله الفريابي (جد الأمر) ولأبي ذر فإذا عزم الأمر أي جد الأمر وهو على سبيل الإسناد المجازي كقوله:
قد جدت الحرب فجدوا
أو على حذف مضاف أي عزم أهل الأمر والمعنى إذا جد الأمر ولزم فرض القتال خالفوا وتخلفوا). [إرشاد الساري: 7/342]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {طاعةٌ وقولٌ معروفٌ} مرفوعٌ بمضمرٍ، وهو قولكم قبل نزول فرض القتال {طاعةٌ وقولٌ معروفٌ}.
- وروي عن ابن عبّاسٍ، بإسنادٍ غير مرتضًى أنّه قال: قال اللّه تعالى: {فأولى لهم} ثمّ قال للّذين آمنوا منهم {طاعةٌ وقولٌ معروفٌ}.
فعلى هذا القول تمام الوعيد فأولى، ثمّ يستأنف بعد، فيقال لهم {طاعةٌ وقولٌ معروفٌ} فتكون الطّاعة مرفوعةً بقوله: {لهم}.
وكان مجاهدٌ يقول في ذلك
- كما: حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {طاعةٌ وقولٌ معروفٌ} قال: أمر اللّه بذلك المنافقين.
وقوله: {فإذا عزم الأمر} يقول: فإذا وجب القتال وجاء أمر اللّه بفرض ذلك كرهتموه. وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {فإذا عزم الأمر} قال: إذا جاء الأمر.
هكذا قال محمّد بن عمرٍو في حديثه، عن أبي عاصمٍ، وقال الحارث في حديثه، عن الحسن يقول: جدّ الأمر.
وقوله: {فلو صدقوا اللّه لكان خيرًا لهم} يقول تعالى ذكره: فلو صدقوا اللّه ما وعدوه قبل نزول السّورة بالقتال بقولهم: إذ قيل لهم: إنّ اللّه سيأمركم بالقتال طاعةً، فوفوا له بذلك، لكان خيرًا لهم في عاجل دنياهم، وآجل معادهم.
- كما: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {فإذا عزم الأمر} يقول: طواعية اللّه ورسوله، وقولٌ معروفٌ عند حقائق الأمور خيرٌ لهم.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة يقول: طاعة اللّه وقولٌ بالمعروف عند حقائق الأمور خيرٌ لهم). [جامع البيان: 21/211-213]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله فأولى لهم * طاعة وقول معروف قال يقول أمر الله المتقين بذلك فإذا عزم الأمر يقول فإذا جد الأمر). [تفسير مجاهد: 2/599] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة في قوله {فأولى لهم} قال: هذه وعيد ثم انقطع الكلام فقال {طاعة وقول معروف} يقول: طاعة الله ورسوله وقول بالمعروف عند حقائق الأمور خير لهم). [الدر المنثور: 13/433] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه {طاعة وقول معروف} قال: أمر الله عز وجل بذلك المنافقين فإذا عزم الأمر قال: جد الأمر). [الدر المنثور: 13/434]

تفسير قوله تعالى: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر تلا قتادة فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم قال قد فعلوا). [تفسير عبد الرزاق: 2/224]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب {وتقطّعوا أرحامكم} [محمد: 22]
- حدّثنا خالد بن مخلدٍ، حدّثنا سليمان، قال: حدّثني معاوية بن أبي مزرّدٍ، عن سعيد بن يسارٍ، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: " خلق اللّه الخلق، فلمّا فرغ منه قامت الرّحم، فأخذت بحقو الرّحمن، فقال له: مه، قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك، قالت: بلى يا ربّ، قال: فذاك " قال أبو هريرة: " اقرءوا إن شئتم: {فهل عسيتم إن تولّيتم أن تفسدوا في الأرض وتقطّعوا أرحامكم} [محمد: 22] "
- حدّثنا إبراهيم بن حمزة، حدّثنا حاتمٌ، عن معاوية، قال: حدّثني عمّي أبو الحباب سعيد بن يسارٍ، عن أبي هريرة بهذا، ثمّ قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: " اقرءوا إن شئتم: {فهل عسيتم} [محمد: 22] ،
- حدّثنا بشر بن محمّدٍ، أخبرنا عبد اللّه، أخبرنا معاوية بن أبي المزرّد بهذا، قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: " واقرءوا إن شئتم: {فهل عسيتم} [محمد: 22]). [صحيح البخاري: 6/134]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب وتقطعوا أرحامكم)
قرأ الجمهور بالتّشديد ويعقوب بالتّخفيف
- قوله خلق اللّه الخلق فلمّا فرغ منه أي قضاه وأتمّه قوله قامت الرّحم يحتمل أن يكون على الحقيقة والأعراض يجوز أن تتجسّد وتتكلّم بإذن اللّه ويجوز أن يكون على حذفٍ أي قام ملكٌ فتكلّم على لسانها ويحتمل أن يكون ذلك على طريق ضرب المثل والاستعارة والمراد تعظيم شأنها وفضل واصلها وإثم قاطعها قوله فأخذت كذا للأكثر بحذف مفعول أخذت وفي رواية بن السّكن فأخذت بحقو الرّحمن وفي رواية الطّبريّ بحقوي الرّحمن بالتّثنية قال القابسيّ أبى أبو زيدٍ المروزيّ أن يقرأ لنا هذا الحرف لإشكاله ومشى بعض الشّرّاح على الحذف فقال أخذت بقائمةٍ من قوائم العرش وقال عياضٌ الحقو معقد الإزار وهو الموضع الّذي يستجار به ويحتزم به على عادة العرب لأنّه من أحقّ ما يحامى عنه ويدفع كما قالوا نمنعه ممّا نمنع منه أزرنا فاستعير ذلك مجازًا للرّحم في استعاذتها باللّه من القطيعة انتهى وقد يطلق الحقو على الإزار نفسه كما في حديث أمّ عطيّة فأعطاها حقوه فقال أشعرنها إيّاه يعني إزاره وهو المراد هنا وهو الّذي جرت العادة بالتّمسّك به عند الإلحاح في الاستجارة والطّلب والمعنى على هذا صحيحٌ مع اعتقاد تنزيه اللّه عن الجارحة قال الطّيبيّ هذا القول مبنيٌّ على الاستعارة التّمثيليّة كأنّه شبّه حالة الرّحم وما هي عليه من الافتقار إلى الصّلة والذّبّ عنها بحال مستجيرٍ يأخذ بحقو المستجار به ثمّ أسند على سبيل الاستعارة التّخييليّة ما هو لازمٌ للمشبّه به من القيام فيكون قرينةً مانعةً من إرادة الحقيقة ثمّ رشّحت الاستعارة بالقول والأخذ وبلفظ الحقو فهو استعارةٌ أخرى والتّثنية فيه للتّأكيد لأنّ الأخذ باليدين آكد في الاستجارة من الأخذ بيدٍ واحدةٍ قوله فقال له مه هو اسم فعل معناه الزّجر أي اكفف وقال بن مالكٍ هي هنا ما الاستفهاميّة حذفت ألفها ووقف عليها بهاء السّكت والشّائع أن لا يفعل ذلك إلّا وهي مجرورةٌ لكن قد سمع مثل ذلك فجاء عن أبي ذؤيبٍ الهذليّ قال قدمت المدينة ولأهلها ضجيجٌ بالبكاء كضجيج الحجيج فقلت مه فقالوا قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قوله في الإسناد حدثنا سليمان هو بن بلالٍ قوله هذا مقام العائذ بك من القطيعة هذه الإشارة إلى المقام أي قيامي في هذا مقام العائذ بك وسيأتي مزيد بيانٍ لما يتعلّق بقطيعة الرّحم في أوائل كتاب الأدب إن شاء اللّه تعالى ووقع في رواية الطّبريّ هذا مقام عائذٍ من القطيعة والعائذ المستعيذ وهو المعتصم بالشّيء المستجير به قوله قال أبو هريرة اقرؤوا إن شئتم فهل عسيتم هذا ظاهره أنّ الاستشهاد موقوفٌ وسيأتي بيان من رفعه وكذا في رواية الطّبريّ من طريق سعيد بن أبي مريم عن سليمان بن بلالٍ ومحمّد بن جعفر بن أبي كثيرٍ قوله حدثنا حاتم هو بن إسماعيل الكوفي نزيل المدينة ومعاوية هو بن أبي مزرّدٍ المذكور في الّذي قبله وبعده قوله بهذا يعني الحديث الّذي قبله وقد أخرجه الإسماعيليّ من طريقين عن حاتم بن إسماعيل بلفظ فلمّا فرغ منه قامت الرّحم فقالت هذا مقام العائذ ولم يذكر الزّيادة وزاد بعد قوله قالت بلى يا ربّ قال فذلك لك قوله ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم اقرؤوا إن شئتم حاصله أنّ الّذي وقفه سليمان بن بلالٍ على أبي هريرة رفعه حاتم بن إسماعيل وكذا وقع في رواية الإسماعيليّ المذكورة قوله أخبرنا عبد الله هو بن المبارك قوله بهذا أي بهذا الإسناد والمتن ووافق حاتمًا على رفع هذا الكلام الأخير وكذا أخرجه الإسماعيليّ من طريق حبّان بن موسى عن عبد اللّه بن المبارك تنبيهٌ اختلف في تأويل قوله إن تولّيتم فالأكثر على أنّها من الولاية والمعنى إن ولّيتم الحكم وقيل بمعنى الإعراض والمعنى لعلّكم إن أعرضتم عن قبول الحق أن يقع منكم ما ذكر والأوّل أشهر ويشهد له ما أخرج الطّبريّ في تهذيبه من حديث عبد اللّه بن مغفّلٍ قال سمعت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقول فهل عسيتم إن تولّيتم أن تفسدوا في الأرض قال هم هذا الحيّ من قريشٍ أخذ اللّه عليهم إن ولّوا النّاس أن لا يفسدوا في الأرض ولا يقطعوا أرحامهم قوله آسن متغير وصله بن أبي حاتمٍ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ وقال أبو عبيدة مثله وقال عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن قتادة غير منتنٍ وأخرج بن أبي حاتمٍ من طريقٍ مرسلٍ من رواية أبي معاذٍ البصريّ أنّ عليًّا كان عند النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فذكر حديثًا طويلًا مرفوعا فيه ذكر الجنّة قال وأنهار من ماء غير آسن قال صافٍ لا كدر فيه واللّه أعلم). [فتح الباري: 8/580-581]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (بابٌ: {وتقطّعوا أرحامكم} (محمّد: 22)
أي: هذا باب في قوله تعالى: {فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم} وقرأ الجمهور، وتقطعوا بالتّشديد من التقطيع، وقرأ يعقوب بالتّخفيف من القطع.
- حدّثنا خالد بن مخلدٍ حدّثنا سليمان قال حدّثني معاوية بن أبي مزرّدٍ عن سعيد ابن يسارٍ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال خلق الله الخلق فلمّا فرغ منه قامت الرّحم فأخذت بحقو الرّحمان فقال له مه قالت هذا مقام العائد بك من القطيعة قال ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك قالت بلى يا ربّ قال فذاك..
قال أبو هريرة إقرؤا إن شئتم {فهل عسيتم إن تولّيتم أن تفسدوا في الأرض وتقطّعوا أرحامكم} .
مطابقته للتّرجمة ظاهرة. وخالد بن مخلد، بفتح الميم واللّام وبالخاء المعجمة بينهما: الكوفي، وسليمان هو ابن بلال، ومعاوية بن أبي مزرد، بضم الميم وفتح الزّاي وكسر الرّاء المشدّدة وبالدال المهملة واسمه عبد الرّحمن بن يسار أخو سعيد بن يسار ضد اليمين، يروي معاوية عن عمه سعيد بن يسار.
والحديث أخرجه البخاريّ أيضا في التّوحيد عن إسماعيل بن أويس، وفيه عن إبراهيم ابن حمزة، وفيه في الأدب، عن بشر بن محمّد. وأخرجه مسلم في الأدب عن قتيبة ومحمّد بن عباد وأخرجه النّسائيّ في التّفسير عن محمّد بن أبي حاتم.
قوله: (فلمّا فرغ منه) أي: فلمّا قضاه وأئمة. قوله: (قامت الرّحم) أي القربة مشتقّة من الرّحمة وهي عرض جعلت في جسم فلذلك قامت وتكلمت، وقال القاضي: يجوز أن يكون المراد قيام ملك من الملائكة وتعلق بالعرش وتكلم على لسانها بهذا بأمر الله تعالى، وقال الطّيّبيّ: الرّحم الّتي توصل وتقطع إنّما هي معنى من المعاني والمعاني لا يتأتّى فيها القيام ولا الكلام فيكون المراد تعظيم شأنها وفضيلة وأصلها وعظم إثم قاطعيها. قوله: (فأخذت) ، في رواية الأكثرين بلا ذكره مفعوله، وفي رواية ابن السكن، فأخذت بحقو الرّحمن، وفي رواية الطّبريّ: بحقوي الرّحمن، بالتثنية. وقال الطّيّبيّ: التّثنية فيه للتّأكيد لأن الأخذ باليدين آكد في الاستجارة من الأخذ بيد واحدة، والحقو بالفتح الحاء المهملة وسكون القاف وبالواو الإزار والخصر ومشد الإزار، وقال عياض: الحقو معقد الإزار وهو الموضع الّذي يستجار به ويتحرم به على عادة العرب لأنّه من أحق ما يحامى عنه ويدفع كما قالوا: نمنعه ممّا يمنع منه أزرنا فاستعير ذلك مجازًا للرحم في استعاذتها باللّه من القطيعة، وقال الطّيّبيّ: هذا القول مبنيّ على الاستعارة التمثيلية كأنّه شبه حالة الرّحم وما هي عليه من الافتقار إلى الصّلة والذب عنها بحال مستجير يأخذ بحقو والمستجار به ثمّ أسند على سبيل الاستعارة التخييلية ما هو لازم المشبه به من القيام فيكون قرينة مانعة من إرادة الحقيقة. ثمّ رشحت الاستعارة بالقول والأخذ، وبلفظ الحقو فهو استعارة أخرى. قوله: (فقال له: مه) أي: فقال الرّحمن للرحم، مه أي: اكفف، ويقال: ما تقول؟ على الزّجر والاستفهام، وهاهنا إن كان على الزّجر فبين، وإن كان عل الاستفهام فالمراد منه الأمر بإظهار الحاجة دون الاستعلام، فإنّه يعلم السّرّ وأخفى. وقالت النّحاة مه اسم فعل معناه الزّجر أي: اكفف وانزجر، وقال ابن مالك هي هنا ما الاستفهامية حذفت ألفها ووقف عليها بهاء السكت. قوله: (هذا مقام العائذ) ، بالذّال المعجمة وهو المعتصم بالشّيء المستجير به قوله: (هذا) إشارة إلى المقام، معناه، قيامي هذا قيام العائذ بك، وهذا أيضا مجاز للمعنى المعقول إلى المثال المحسوس المعتاد بينهم، ليكون أقرب إلى فهمهم، وأمكن في نفوسهم. قوله: (أن أصل من وصلك) وحقيقة الصّلة العطف والرّحمة وهي فضل الله على عباده لطفا بهم ورحمته إيّاهم، ولا خلاف أن صلة الرّحم واجبة في الجملة وقطعها معصيّة كبيرة، والأحاديث في الباب تشهد لذلك، ولكن للصلة، درجات بعضها أرفع من بعض وأدناها ترك المهاجرة وصلتها بالكلام ولو بالسّلام، ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة. فمنها: واجب ومنها مستحبّ ولو قصر عمّا قدر عليه فينبغي أن يسمى واصلاً.
واختلف في الرّحم الّتي يجب صلتها. فقيل: هي كل رحم محرم بحيث لو كان أحدهما ذكرا والآخر أنثى حرمت مناكحتها، فعلى هذا لا يجب في بني الأغمام وبني الأخوال لجواز الجمع في النّكاح دون المرأة وأختها وعمتها. وقيل: بل هذا في كل ذي رحم ممّن ينطلق عليه ذلك من ذوي الأرحام في المواريث محرما كان أو غيره. قوله: (قال: فذاك) ، إشارة إلى قوله: (ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك) ، أي: ذاك لك كما جاء في رواية هكذا.
قوله: (قال أبو هريرة) إلى آخره ظاهره أنه موقوف، ويأتي مرفوعا في الطّريق الّذي أخرجه عن إبراهيم بن حمزة عقيب هذا. قوله: (فهل عسيتم) قرأه نافع بكسر السّين والباقون بالفتح، وقد حكى عبد الله بن المغفّل أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها بكسر السّين. قوله: (إن توليتم) اختلف في معناه فالأكثرون على أنّها من الولاية والمعنى: إن وليتم الحكم، وقيل: بمعنى الإعراض، والمعنى: لعلّكم إن أعرضتم عن قبول الحق أن يقع منكم ما ذكر، وقال الثّعلبيّ: وعن المسيب بن شريك والفراء (فهل عسيتم أن توليتم) يعني: إن وليتم أمر النّاس أن تفسدوا في الأرض بالظلم نزلت في بني أميّة وبني هاشم. قوله: (وتقطعوا) قيل: من القطع، وقيل: من التقطيع على التكثير لأجل الأرحام.
- حدّثنا إبراهيم بن حمزة حدّثنا حاتمٌ عن معاوية قال حدّثني عمّي أبو الحباب سعيد ابن يسارٍ عن أبي هريرة بهذا ثمّ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرؤا إن شئتم {فهل عسيتم} .
هذا طريق آخر في حديث أبي هريرة المذكور. أخرجه عن إبراهيم بن حمزة أبي إسحاق الزبيري المدينيّ عن حاتم ابن إسماعيل الكوفي نزيل المدينة عن معاوية بن أبي مزرد المذكور في الطّريق السّابق عن عمه أبي الحباب، بضم الحاء المهملة وبالياءين الموحدتين بينهما ألف واسمه سعيد بن يسار المذكور أيضا.
قوله: (بهذا) يعني: بالحديث المذكور قبله وأخرجه الإسماعيليّ من طريق حاتم بم إسماعيل المذكور.
- حدّثنا بشر بن محمّدٍ أخبرنا عبد الله أخبرنا معاوية بن أبي المزرّد بهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم واقرؤوا إن شئتم {فهل عسيتم} .
هذا طريق آخر عن بشر بن محمّد أبي محمّد السّختيانيّ عن عبد الله بن المبارك إلى آخره. قوله: (بهذا) أي: بهذا الإسناد والمتن). [عمدة القاري: 19/172-173]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب {وتقطّعوا أرحامكم}
هذا (باب) بالتنوين أي في قوله تعالى: ({وتقطعوا أرحامكم}) [محمد: 22] بتشديد الطاء المكسورة على التكثير ويعقوب بفتح التاء وسكون القاف وفتح الطاء مخففة مضارع قطع وسقط لفظ باب لغير أبي ذر.
- حدّثنا خالد بن مخلدٍ، حدّثنا سليمان، حدّثني معاوية بن أبي مزرّدٍ عن سعيد بن يسارٍ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- قال: «خلق اللّه الخلق، فلمّا فرغ منه قامت الرّحم فأخذت بحقو الرّحمن، فقال له: مه قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة. قال: ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى يا ربّ، قال: فذاك» قال أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم {فهل عسيتم إن تولّيتم أن تفسدوا في الأرض وتقطّعوا أرحامكم}. [الحديث 4830 - أطرافه في: 4831، 4832، 5987، 7502].
وبه قال: (حدّثنا خالد بن مخلد) بفتح الميم واللام بينهما خاء معجمة ساكنة الكوفي قال: (حدّثنا سليمان) بن بلال قال: (حدّثني) بالإفراد (معاوية بن أبي مزرد) بضم الميم وفتح الزاي وكسر الراء وفي اليونينية بفتحها مشددة بعدها دال مهملة اسمه عبد الرحمن بن يسار بالتحتية والمهملة المخففة (عن) عمه (سعيد بن يسار عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم-) أنه (قال):
(خلق الله الخلق فلما فرغ منه) أي قضاه أو أتمه أو نحو ذلك مما يشهد بأنه مجاز من القول فإنه سبحانه وتعالى لن يشغله شأن عن شأن (قامت الرحم) حقيقة بأن تجسمت (فأخذت بحقو الرحمن) بفتح الحاء المهملة وفي اليونينية بكسرها وكذا في الفرع مصلحة وكشط فوقها، وعند الطبري بحقوي الرحمن بالتثنية والحقو الإزار والخصر ومشدّ الإزار.
قال البيضاوي: لما كان من عادة المستجير أن يأخذ بذيل المستجار به أو بطرف ردائه وإزاره وربما أخذ بحقو إزاره مبالغة في الاستجارة فكأنه يشير به إلى أن المطلوب أن يحرسه ويذبّ عنه ما يؤذيه كما يحرس ما تحت إزاره ويذب عنه فإنه لاصق به لا ينفك عنه استعير ذلك للرحم.
وقال الطيبي: وهذا مبني على الاستعارة التمثيلية التي الوجه فيها منتزع من أمور متوهمة للمشبه المعقول وذلك أنه شبّه حالة الرحم وما هي عليه من الافتقار إلى الصلة والذبّ عنها من القطيعة بحال مستجير يأخذ بذيل المستجار به وحقو إزاره ثم أدخل صورة حال المشبه في جنس المشبه به واستعمل في حال المشبه ما كان مستعملًا في المشبه به من الألفاظ بدلائل قرائن الأحوال، ويجوز أن تكون مكنية بأن يشبه الرحم بإنسان مستجير بمن يحميه ويحرسه ويذبّ عنه ما يؤذيه ثم أسند على سبيل الاستعارة التخييلية ما هو لازم المشبه به من القيام ليكون قرينة مانعة من إرادة الحقيقة ثم رشحت الاستعارة بأخذ الحقو والقول وقوله بحقو الرحمن استعارة أخرى مثلها وسقط قوله: بحقو الرحمن في رواية أبي ذر كما في الفرع وأصله. وقال في الفتح: حذف للأكثر مفعول أخذت قال وفي رواية ابن السكن فأخذت بحقو الرحمن.
وقال القابسي أبى أبو زيد أن يقرأ لنا هذا الحرف لأشكاله وقال هو ثابت لكن مع تنزيه الله تعالى ويحتمل أن يكون على حذف أي قام ملك فتكلم على لسانها أو على طريق ضرب المثل والاستعارة والمراد تعظيم شأنها وفضيلة وأصلها وإثم قاطعها وتثنية حقو المروية عند الطبري للتأكيد لأن الأخذ باليدين آكد في الاستجارة من الأخذ بيد واحدة.
(فقال) تعالى (له: مه) بفتح الميم وسكون الهاء اسم فعل أي اكفف وانزجر. وقال ابن مالك: هي هنا ما الاستفهامية حذفت ألفها ووقف عليها بهاء السكت والشائع أن لا يفعل ذلك بها إلا وهي مجرورة ومن استعمالها كما وقع هنا غير مجرورة قول أبي ذؤيب الهذلي قدمت المدينة ولأهلها ضجيج كضجيج الحجيج فقلت مه فقالوا قبض رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم-. اهـ.
فإن كان المراد الزجر فواضح وإن كان الاستفهام فالمراد منه الأمر بإظهار الحاجة دون الاستعلام فإنه تعالى يعلم السر وأخفى.
(قالت هذا مقام العائذ) بالذال المعجمة أي قيامي هذا قيام المستجر (بك من القطيعة) وفي حديث عبد الله بن عمرو عند أحمد أنها تكلم بلسان طلق ذلق (قال) تعالى (ألا) بالتخفيف (ترضين أن أصل من وصلك) بأن أتعطف عليه وأرحمه لطفًا وفضلًا (وأقطع من قطعك) فلا أرحمه (قالت: بلى يا رب) أي رضيت (قال) تعالى (فذاك) بكسر الكاف إشارة إلى قوله ألا ترضين الخ زاد الإسماعيلي لك.
(قال أبو هريرة) -رضي الله عنه- (اقرؤوا إن شئتم {فهل عسيتم}) أي فهل يتوقع منكم ({إن توليتم}) أحكام الناس وتأمرتم عليهم أو أعرضتم عن القرآن وفارقتم أحكامه ({أن تفسدوا في الأرض}) بالمعصية والبغي وسفك الدماء ({وتقطعوا أرحامكم}).
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في التوحيد وفي الأدب ومسلم في الأدب والنسائي في التفسير.
- حدّثنا إبراهيم بن حمزة، حدّثنا حاتمٌ عن معاوية قال: حدّثني عمّي أبو الحباب سعيد بن يسارٍ عن أبي هريرة بهذا ثمّ قال رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-: "اقرءوا إن شئتم {فهل عسيتم} ".
وبه قال: (حدّثنا إبراهيم بن حمزة) بن محمد بن حمزة بن مصعب بن الزبير بن العوّام أبو إسحاق الأسدي الزبيري المدني قال: (حدّثنا حاتم) هو ابن إسماعيل الكوفي نزيل المدينة (عن معاوية) بن أبي مزرد السابق قريبًا أنه (قال: حدّثني) بالإفراد (عمي أبو الحباب) بضم الحاء المهملة وبموحدتين بينهما ألف (سعيد بن يسار) بالسين المهملة ضد اليمين (عن أبي هريرة بهذا) بالحديث السابق (ثم) قال أبو هريرة (قال رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم-: اقرؤوا إن شئتم {فهل عسيتم}).
- حدّثنا بشر بن محمّدٍ، أخبرنا عبد اللّه، أخبرنا معاوية بن أبي المزرّد بهذا قال رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-: «واقرءوا إن شئتم {فهل عسيتم}». {آسنٍ}: متغيّرٍ.
وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذرة حدّثني بالإفراد (بشر بن محمد) السختياني المروزي قال: (أخبرنا عبد الله) بن المبارك المروزي قل: (أخبرنا) ولغير أبي ذر حدّثنا (معاوية بن أبي المزرد) باللام وكسر الراء وفي اليونينية بفتحها (بهذا) الحديث إسنادًا ومتنًا (قال رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم-):
(اقرؤوا إن شئتم {فهل عسيتم}) ومراد المؤلّف بإيراد هذه الطريق وسابقتها الإعلام بأن الذي وقفه سليمان بن بلال على أبي هريرة حيث قال: قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم {فهل عسيتم} رفعه حاتم بن إسماعيل وابن المبارك وكذا رفعه الإسماعيلي من طريق حبان بن موسى عن ابن المبارك أيضًا. قال الإمام النووي رحمه الله: لا خاف أن صلة الرحم واجبة في الجملة وقطيعتها معصية والصلة درجات بعضها أرفع من بعض وأدناها صلتها بالكلام ولو بالسلام ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة. اهـ.
وفي حديث أبي بكرة مرفوعًا: ما من ذنب أحرى أن يعجل الله عقوبته في الدنيا مع ما يدّخر لصاحبه في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم رواه أحمد، وعنده من حديث ثوبان مرفوعًا: من سرّه النساء في الأجل والزيادة في الرزق فليصل رحمه.
({آسن}) أي (متغير) وسبق هذا قريبًا). [إرشاد الساري: 7/342-343]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (قوله: (خلق الله الخلق، فلما فرغ منه) يحتمل أن المراد خلق الأنواع لا الآحاد، ويحتمل أن المراد خلق السماوات والأرض، وغير ذلك مما ذكر الله تعالى في قوله: {قل ائنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض} الخ، وذلك لأن ما ذكر هنالك مبدأ الخلق ومنشؤه، وليس المراد خلق الآحاد إذ هي ما تمت بعد ويمكن أن المراد بخلق الخلق خلق نوع المكلف من نوع الإنس والجن فقط، ولو حمل على آحاد الإنس بالنظر إلى ظهورهم يوم الميثاق لكان ممكناً، والله تعالى أعلم اهـ سندي). [حاشية السندي على البخاري: 3/69]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فهل عسيتم إن تولّيتم أن تفسدوا في الأرض وتقطّعوا أرحامكم (22) أولئك الّذين لعنهم اللّه فأصمّهم وأعمى أبصارهم}.
يقول تعالى ذكره لهؤلاء الّذين وصف أنّهم إذا نزلت سورةٌ محكمةٌ، وذكر فيها القتال نظروا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نظر المغشيّ عليه {فهل عسيتم} أيّها القوم، يقول: فلعلّكم إن تولّيتم عن تنزيل اللّه جلّ ثناؤه، وفارقتم أحكام كتابه، وأدبرتم عن محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم وعمّا جاءكم به {أن تفسدوا في الأرض} يقول: أن تعصوا اللّه في الأرض، فتكفروا به، وتسفكوا فيها الدّماء {وتقطّعوا أرحامكم} وتعودوا لما كنتم عليه في جاهليّتكم من التّشتّت والتّفرّق بعد ما قد جمعكم اللّه بالإسلام، وألفّ به بين قلوبكم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فهل عسيتم إن تولّيتم} الآية يقول: فهل عسيتم كيف رأيتم القوم حين تولّوا عن كتاب اللّه، ألم يسفكوا الدّم الحرام، وقطعوا الأرحام، وعصوا الرّحمن.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {فهل عسيتم إن تولّيتم أن تفسدوا في الأرض وتقطّعوا أرحامكم} قال: فعلوا.
- حدّثني محمّد بن عبد الرّحيم البرقيّ، قال: حدّثنا ابن أبي مريم، قال: أخبرنا محمّد بن جعفرٍ، وسليمان بن بلالٍ، قالا: حدّثنا معاوية بن أبي المزرّد المدينيّ، عن سعيد بن يسارٍ، عن أبي هريرة، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: (خلق اللّه الخلق، فلمّا فرغ منهم تعلّقت الرّحم بحقو الرّحمن، فقال: مه، فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: أفما ترضين أن أقطع من قطعك، وأصل من وصلك؟ قالت: نعم قال: فذلك لك).
قال سليمان في حديثه: قال أبو هريرة: اقرأوا إن شئتم {فهل عسيتم إن تولّيتم أن تفسدوا في الأرض وتقطّعوا أرحامكم}.
وقد تأوّله بعضهم: فهل عسيتم إن تولّيتم أمور النّاس أن تفسدوا في الأرض بمعنى الولاية.
وأجمعت القرّاء غير نافعٍ على فتح السّين من {عسيتم}، وكان نافعٌ يكسرها (عسيتم).
والصّواب عندنا قراءة ذلك بفتح السّين لإجماع الحجّة من القرّاء عليها، وأنّه لم يسمع في الكلام: عسي أخوك يقوم، بكسر السّين وفتح الياء؛ ولو كان صوابًا كسرها إذا اتّصل بها مكنّى، جاءت بالكسر مع غير المكنّى، وفي إجماعهم على فتحها مع الاسم الظّاهر، الدّليل الواضح على أنّها كذلك مع المكنّى.
و{إن} الّتي تلي {عسيتم} مكسورةٌ، وهي حرف جزاءٍ، و{أن} الّتي مع {تفسدوا} في موضع نصبٍ ب{عسيتم}). [جامع البيان: 21/213-215]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا عبد اللّه بن جعفر بن درستويه الفارسيّ، ثنا يعقوب بن سفيان الفارسيّ، ثنا يحيى بن يعلى بن الحارث، ثنا أبي، ثنا غيلان بن جامعٍ، عن إبراهيم بن حربٍ، عن عبد اللّه بن بريدة، عن أبيه رضي اللّه عنه، قال: كنت جالسًا عند عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه، إذ سمع صائحةً فقال: «يا يرفأ، انظر ما هذا الصّوت؟» فانطلق فنظر، ثمّ جاء فقال: جاريةٌ من قريشٍ تباع أمّها، قال: فقال عمر: " ادع لي أو قال: عليّ بالمهاجرين والأنصار "، قال: فلم يمكث إلّا ساعةً حتّى امتلأت الدّار والحجرة، قال: " فحمد اللّه عمر وأثنى عليه، ثمّ قال: «أمّا بعد فهل تعلمونه كان ممّا جاء به محمّدٌ صلّى الله عليه وسلّم القطيعة» قالوا: لا، قال: " فإنّها قد أصبحت فيكم فاشيةً، ثمّ قرأ {فهل عسيتم إن تولّيتم أن تفسدوا في الأرض وتقطّعوا أرحامكم} [محمد: 22] ، ثمّ قال: وأيّ قطيعةٍ أقطع من أن تباع أمّ امرئٍ فيكم، وقد أوسع اللّه لكم؟ " قالوا: فاصنع ما بدا لك. قال: «فكتب في الآفاق أن لا تباع أمّ حرٍّ، فإنّها قطيعةٌ، وإنّه لا يحلّ» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/496]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج الحاكم عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال: سمعت النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقرأ {فهل عسيتم إن توليتم}). [الدر المنثور: 13/434]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {فهل عسيتم إن توليتم} الآية قال: كيف رأيتم القوم حين تولوا عن كتاب الله ألم يسفكوا الدم الحرام وقطعوا الأرحام وعصوا الرحمن). [الدر المنثور: 13/434]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن بكر بن عبد الله المزني في قوله {فهل عسيتم إن توليتم} الآية قال: ما أراها نزلت إلا في الحرورية). [الدر المنثور: 13/434]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر والحاكم وصححه عن بريدة رضي الله عنه قال: كنت جالسا عند عمر رضي الله عنه إذ سمع صائحا فقال يا يرفا أنظر ما هذا الصوت فنظر ثم جاء فقال: جارية من قريش تباع أمها، فقال عمر رضي الله عنه: أدع لي المهاجرين والأنصار فلم يمكث إلا ساعة حتى امتلأت الدار والحجرة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فهل تعلمونه كان فيما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم القطيعة قالوا: لا، قال: فإنها قد أصبحت فيكم فاشية، ثم قرأ {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم} ثم قال: وأي قطيعة أقطع من أن تباع أم امرى ء فيكم وقد أوسع الله لكم قالوا: فاصنع ما بدا لك فكتب في الآفاق أن لا تباع أم حر فإنها قطيعة رحم وأنه لا يحل). [الدر المنثور: 13/435]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد والبخاري ومسلم والنسائي والحكيم والترمذي، وابن جرير، وابن حبان والحاكم، وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن فقال: مه فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة قال: نعم أما ترضي أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك قالت: بلى قال: فذاك لك ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرؤا إن شئتم {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم (22) أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم (23) أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها}). [الدر المنثور: 13/435-436]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري والبيهقي عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله). [الدر المنثور: 13/436]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن للرحم لسانا يوم القيامة تحت العرش فتقول يا رب قطعت يا رب ظلمت يا رب أسيء إلي فيجيبها ربها ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك). [الدر المنثور: 13/436]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن للرحم لسانا ذلقا يوم القيامة رب صل من وصلني واقطع من قطعني). [الدر المنثور: 13/436-437]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق والبيهقي، عن طاووس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن للرحم شعبة من الرحمن تجيء يوم القيامة لها جلبة تحت العرش تكلم بلسان ذلق فمن أشارت إليه بوصل وصله الله ومن أشارت إليه بقطع قطعه الله). [الدر المنثور: 13/437]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الرحم معلقة بالعرش لها لسان ذلق تقول اللهم صل من وصلني واقطع من قطعني). [الدر المنثور: 13/437]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي والحاكم وصححاه والبيهقي عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها إسما من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته ومن بتها بتته). [الدر المنثور: 13/437-438]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي عن عبد الله بن أبي أوفى قال: كنا جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة في حلقة فقال: إنا لا نحل لرجل أمسى قاطع رحم إلا قام عنا فلم يقم إلا فتى كان في أقصى الحلقة فأتى خالة له فقالت: ما جاء بك فأخبرها بما قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم ثم رجع فجلس في مجلسه فقال له النّبيّ صلى الله عليه وسلم ما لي لا أرى أحدا قام من الحلقة غيرك فأخبره بما قال لخالته وما قالت له فقال: اجلس فقد أحسنت ألا أنها لا تنزل الرحمة على قوم فيهم قاطع رحم). [الدر المنثور: 13/438]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أعمال بني آدم تعرض عشية كل خميس فلا يقبل عمل قاطع رحم). [الدر المنثور: 13/438]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم وصححه عن عمرو بن عبسة قال: أتيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم أول ما بعث وهو بمكة فقلت: ما أنت قال: نبي، قلت: بم أرسلت قال: بأن تعبد الله وتكسر الأصنام وتصل الأرحام بالبر والصلة). [الدر المنثور: 13/439]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله أنا الرحمن وهي الرحم فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته). [الدر المنثور: 13/439]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم وصححه عن سعيد بن زيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الرحم شجنة من الرحمن فمن وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله). [الدر المنثور: 13/439]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري ومسلم والبيهقي في الأسماء والصفات عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الرحم شجنة من الله فمن وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه). [الدر المنثور: 13/439]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي والحاكم وصححاه والبيهقي عن عبد الله بن عمر يرفعه إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا أهل الأرض يرحمكم أهل السماء الرحم شجنة من الرحمن فمن وصلها وصله ومن قطعها قطعه). [الدر المنثور: 13/440]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم وصححه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: انتهيت إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو في قبة من أدم حمراء في نحو من أربعين رجلا فقال: إنه مفتوح لكم وإنكم منصورون ومصيبون فمن أدرك منكم ذلك فليتق الله وليأمر بالمعروف ولينه عن المنكر وليصل رحمه ومثل الذي يعين قومه على غير الحق كمثل البعير يتردى فهو يتردى بذنبه). [الدر المنثور: 13/440]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قلت يا رسول الله: أوصني قال: أقم الصلاة وأد الزكاة وصم رمضان وحج البيت واعتمر وبر والديك وصل رحمك وأقر الضيف وأمر بالمعروف وأنه عن المنكر وزل مع الحق حيث زال). [الدر المنثور: 13/440]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه عن عبد الله بن سلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام). [الدر المنثور: 13/440-441]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات، وابن نصر في الصلاة، وابن حبان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله: إذا رأيتك طابت نفسي وقرت عيني فأنبئني عن كل شيء قال: كل شيء خلق من ماء، قلت أنبئني عن أمر إذا عملت به دخلت الجنة، قال: أفش السلام وأطعم الطعام وصل الأرحام وقم بالليل والناس نيام ثم أدخل الجنة بسلام). [الدر المنثور: 13/441]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله ليعمر بالقوم ويكثر لهم الأموال وما نظر إليهم منذ خلقهم بغضا لهم، قالوا: وكيف ذاك يا رسول الله قال: بصلتهم أرحامهم). [الدر المنثور: 13/441]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطيالسي والحاكم وصححه والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إعرفوا أنسابكم تصلوا أرحامكم فإنه لا قرب لرحم إذا قطعت وإن كانت قريبة ولا بعد لها إذا وصلت وإن كانت بعيدة). [الدر المنثور: 13/441-442]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: تجيء الرحم يوم القيامة كحجنة المغزل فتتكلم بلسان ذلق طلق فتصل من وصلها وتقطع من قطعها). [الدر المنثور: 13/442]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البزار والبيهقي في الأسماء والصفات عن ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث معلقات بالعرش: الرحم تقول: اللهم إني بك فلا أقطع والأمانة تقول: اللهم إني بك فلا أخان والنعمة تقول: اللهم إني بك فلا أكفر). [الدر المنثور: 13/442]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحكيم الترمذي عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث تحت العرش القرآن له ظهر وبطن يحاج العباد والرحم تنادي صل من وصلني واقطع من قطعني والأمانة). [الدر المنثور: 13/442-443]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحكيم الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الرحم معلقة بالعرش فإذا أتاها الواصل بشرت به وكلمته وإذا أتاها القاطع احتجبت منه). [الدر المنثور: 13/443]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد، وابن حبان والطبراني والبيهقي والحكيم الترمذي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الرحم شجنة معلقة بالعرش). [الدر المنثور: 13/443]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الرحم شجنة آخذة بحجزة الرحمن تناشده حقها فيقول: ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك من وصلك فقد وصلني ومن قطعك فقد قطعني). [الدر المنثور: 13/443-444]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني والخرائطي في مساوئ الأخلاق عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة مدمن الخمر ولا العاق ولا المنان قال ابن عباس: شق ذلك على المؤمنين يصيبون ذنوبا حتى وجدت ذلك في كتاب الله في العاق {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم} و(لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى) (البقرة الآية 264) وقال (إنما الخمر والميسر) (المائدة الآية 90)). [الدر المنثور: 13/444]

تفسير قوله تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {أولئك الّذين لعنهم اللّه} يقول تعالى ذكره: هؤلاء الّذين يفعلون هذا، يعني الّذين يفسدون ويقطعون الأرحام الّذين لعنهم اللّه، فأبعدهم من رحمته {فأصمّهم} يقول: فسلبهم فهم ما يسمعون بآذانهم من مواعظ اللّه في تنزيله {وأعمى أبصارهم} يقول: وسلبهم عقولهم، فلا يتبيّنون حجج اللّه، ولا يتذكّرون ما يرون من عبره وأدلّته). [جامع البيان: 21/215]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {أولئك الذين لعنهم الله} الآية
أخرج أحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن سلمان موقوفا والحسن بن سفيان والطبراني، وابن عساكر عن سلمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا ظهر القول وخزن العمل وائتلفت الألسن واختلفت القلوب وقطع كل ذي رحم رحمه فعند ذلك {لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم}). [الدر المنثور: 13/444]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب العلم عن الحسن رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا الناس أظهروا العلم وضيعوا العمل وتحابوا بالألسن وتباغضوا بالقلوب وتقاطعوا في الأرحام لعنهم الله عند ذلك {فأصمهم وأعمى أبصارهم} ). [الدر المنثور: 13/445]

تفسير قوله تعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أفلا يتدبّرون القرآن أم على قلوبٍ أقفالها (24) إنّ الّذين ارتدّوا على أدبارهم من بعد ما تبيّن لهم الهدى الشّيطان سوّل لهم وأملى لهم}.
يقول تعالى ذكره: أفلا يتدبّر هؤلاء المنافقون مواعظ اللّه الّتي يعظهم بها في آي القرآن الّذي أنزله على نبيّه عليه الصّلاة والسّلام، ويتفكّرون في حججه الّتي بيّنها لهم في تنزيله فيعلموا بها خطأ ما هم عليه مقيمون {أم على قلوبٍ أقفالها} يقول: أم أقفل اللّه على قلوبهم فلا يعقلون ما أنزل اللّه في كتابه من المواعظ والعبر.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {أفلا يتدبّرون القرآن أم على قلوبٍ أقفالها} إذًا واللّه يجدون في القرآن زاجرًا عن معصية اللّه، لو تدبّره القوم فعقلوه، ولكنّهم أخذوا بالمتشابه فهلكوا عند ذلك.
- حدّثنا إسماعيل بن حفصٍ الأيليّ، قال: حدّثنا الوليد بن مسلمٍ، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، قال: ما من آدميٍّ إلاّ وله أربع أعين: عينان في رأسه لدنياه، وما يصلحه من معيشته، وعينان في قلبه لدينه، وما وعد اللّه من الغيب، فإذا أراد اللّه بعبدٍ خيرًا أبصرت عيناه اللّتان في قلبه، وإذا أراد اللّه به غير ذلك طمس عليهما، فذلك قوله: {أم على قلوبٍ أقفالها}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثنا ثور بن يزيد، قال: حدّثنا خالد بن معدان، قال: ما من النّاس أحدٌ إلاّ وله أربع أعين، عينان في وجهه لمعيشته، وعينان في قلبه، وما من أحدٍ إلاّ وله شيطانٌ متبطّنٌ فقار ظهره، عاطفٌ عنقه على عنقه، فاغرٌ فاه إلى ثمرة قلبه، فإذا أراد اللّه بعبدٍ خيرًا أبصرت عيناه اللّتان في قلبه ما وعد اللّه من الغيب، فعمل به، وهما غيبٌ، فعمل بالغيب، وإذا أراد اللّه بعبدٍ شرًّا تركه، ثمّ قرأ {أم على قلوبٍ أقفالها}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا الحكم، قال: حدّثنا عمرٌو، عن ثورٍ، عن خالد بن معدان بنحوه، إلاّ أنّه قال: ترك القلب على ما فيه.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا حمّاد بن زيدٍ، قال: حدّثنا هشام بن عروة، عن أبيه، قال: تلا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يومًا {أفلا يتدبّرون القرآن أم على قلوبٍ أقفالها} فقال شابٌّ من أهل اليمن: بل عليها أقفالها، حتّى يكون اللّه عزّ وجلّ يفتحها أو يفرجها، فما زال الشّابّ في نفس عمر رضي اللّه عنه حتّى ولّي فاستعان به). [جامع البيان: 21/215-217]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال إسحاق بن راهويه: أبنا المغيرة بن سلمة، ثنا وهب، عن هشام بن عروة، عن أبيه "أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كان يقرئ شابًّا فقرأ: (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) فقال الشّابّ: عليها أقفالها حتّى يخرقها اللّه. فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: صدقت. وجاءه ناسٌ من أهل اليمن فسألوه أن يكتب لهم كتابًا، فأمر عبد اللّه بن الأرقم أن يكتب لهم كتابًا، فكتب لهم فجاءهم به، فقال: أصبت. وكان عمر يرى أنّه سيلي من النّاس شيئًا، فلمّا استخلف عمر- رضي اللّه عنه- سأل عن الشّابّ، فقالوا: استشهد. فقال عمر: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كذا وكذا، وقال الشّابّ كذا وكذا، فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: صدقت. فعرفت أنّ اللّه سيهديه، واستعمل عمر عبد اللّه بن الأرقم على بيت المال"). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/270-271]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال إسحاق: أخبرنا المغيرة بن سلمة، ثنا وهيب، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: إنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كان يقرئ شابًّا، فقرأ: {أفلا يتدبّرون القرءان أم على قلوبٍ أقفالها} فقال الشّابّ: عليها أقفالها حتّى يفرجها الله عز وجل. فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: صدقت. وجاءه ناس من أهل اليمن فسألوه أن يكتب لهم كتابًا، فأمر عبد اللّه بن الأرقم رضي الله عنه أن يكتب لهم كتابًا، فكتب لهم، فجاءهم به. فقال: أصبت. وكان عمر رضي الله عنه يرى أنّه سيلي من أمر النّاس شيئًا. فلمّا استخلف عمر رضي الله عنه سأل عن الشّابّ، فقالوا: استشهد. فقال عمر رضي الله عنه. قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: كذا وكذا، فقال الشّابّ كذا وكذا. فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: صدقت. فعرفت أن الله عز وجل سيهديه. واستعمل عمر رضي الله عنه عبد اللّه بن الأرقم رضي الله عنه على بيت المال). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/236]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أما قوله تعالى: {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها}
أخرج إسحاق بن راهويه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه عن عروة رضي الله عنه قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها} فقال شاب من أهل اليمن بل عليها أقفالها حتى يكون الله يفتحها أو يفرجها فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: صدقت فما زال الشاب في نفس عمر رضي الله عنه حتى ولي فاستعان به). [الدر المنثور: 13/445]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الدارقطني في الأفراد، وابن مردويه عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها} فقال شاب عند النّبيّ صلى الله عليه وسلم: بل والله عليها أقفالها حتى يكون الله هو الذي يفكها، فلما ولي عمر سأل عن ذلك الشاب ليستعمله فقيل: قد مات). [الدر المنثور: 13/445]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة {أفلا يتدبرون القرآن} قال: إذا والله في القرآن زاجر عن معصية الله قال: لم يتدبره القوم ويعقلوه ولكنهم أخذوا بمتشابهه فهلكوا عند ذلك). [الدر المنثور: 13/446]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن خالد بن معدان رضي الله عنه قال: ما من عبد إلا له أربع أعين عينان في وجهه يبصر بهما دنياه وما يصلحه من معيشته وعينان في قلبه يبصر بهما دينه وما وعد الله بالغيب فإذا أراد الله بعبد خيرا فتح عينيه اللذين في قلبه فأبصر بهما ما وعد بالغيب وإذا أراد الله بعبد سوء ترك القلب على ما فيه وقرأ {أم على قلوب أقفالها} وما من عبد إلا وله شيطان متبطن فقار ظهره لاو عنقه على عنقه فاغر فاه على قلبه). [الدر المنثور: 13/446]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الديلمي في مسند الفردوس عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل رضي الله عنه مرفوعا إلى قوله: وقرأ {أم على قلوب أقفالها}). [الدر المنثور: 13/446]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الديلمي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يأتي على الناس زمان يخلق القرآن في قلوبهم يتهافتون تهافتا قيل يا رسول الله: وما تهافتهم قال: يقرأ أحدهم فلا يجد حلاوة ولا لذة يبدأ أحدهم بالسورة وإنما معه آخرها فإن عملوا قالوا ربنا اغفر لنا وإن تركوا الفرائض قالوا: لا يعذبنا الله ونحن لا نشرك به شيئا أمرهم رجاء ولا خوف فيهم {أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم (23) أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها}). [الدر المنثور: 13/446-447]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 6 جمادى الآخرة 1434هـ/16-04-2013م, 06:12 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي

التفسير اللغوي
تفسير قوله تعالى: (وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ (20) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ...}.
وفي قراءة عبد الله: سورةٌ محدثةٌ. كان المسلمون إذا نزلت الآية فيها القتال وذكره شق عليهم وتواقعوا أن تنسخ، فذلك قوله: {"لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ"} أي هلاّ أنزلت سوى هذه، فإذا نزلت وقد أمروا فيها بالقتال كرهوها، قال الله: {فَأَوْلَى لَهُمْ} لمن كرهها، ثم وصف قولهم قبل أن تنزّل: سمع وطاعة، قد يقولون: سمع وطاعة، فإذا نزل الأمر كرهوه، فلو صدقوا الله لكان خيراً لهم، فالطاعة مرفوعة في كلام العرب إذا قيل لهم: افعلوا كذا وكذا، فثقل عليهم أو لم يثقل قالوا: سمع وطاعة.
أخبرني حبان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال:
قال الله عزّ وجل: {فَأَوْلَى} ثم قال لهم للّذين آمنوا منهم طاعةٌ وقولٌ معروف، فصارت: فأولى وعيدا لمن كرهها، واستأنف الطاعة لهم، والأول عندنا كلام العرب، وقول الكلبي هذا غير مردود). [معاني القرآن: 3/62]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ}. هذا مفسر في كتاب «تأويل المشكل».
{فَأَوْلَى لَهُمْ} وعيد وتهدد، تقول للرجل - إذا أردت به سوءا، ففاتك -: أولى لك). [تفسير غريب القرآن: 411]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ (20) طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ (21) فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 20، 22].
كان المسلمون إذا بطل الوحي يقولون: هلّا نزل شيء، تأميلا أن تنزل عليهم بشرى من الله وفتح وخير وتخفيف فإذا أنزلت سورةٌ محكمةٌ أي محدثة. وسميت المحدثة: محكمة، لأنها حين تنزل تكون كذلك حتى ينسخ منها شيء. وهي في حرف عبد الله فإذا أنزلت سورة محدثة وذكر فيها القتال، أي فرض فيها الجهاد رأيت الّذين في قلوبهم مرضٌ أي شك ونفاق ينظرون إليك نظر المغشيّ عليه من الموت، يريد أنهم يشخصون نحوك بأبصارهم، وينظرون نظرا شديدا بتحديق، وتحديد، كما ينظر الشّاخص ببصره عند الموت، من شدّة العداوة. والعرب تقول: رأيته لمحا باصرا أي نظرا صلبا بتحديق. ونحوه قوله: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ} [القلم: 51]، أي يسقطونك بشدة نظرهم،
[تأويل مشكل القرآن: 420]
وقد تقدم ذكر هذا.
ثم قال: {فَأَوْلَى لَهُمْ} تهدّد ووعيد. وتمّ الكلام). [تأويل مشكل القرآن: 421]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (أولى
أولى: تهدّد ووعيد، قال الله تعالى: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (34) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} [القيامة: 34-35]، وقال: {فَأَوْلَى لَهُمْ} [محمد: 20]. ثم ابتدأ فقال: {طاعةٌ وقولٌ معروفٌ} [محمد: 21].
وقال الشاعر لمنهزم:
أُلْفِيَتَا عَيْنَاكَ عِندَ القَفَا = أَوْلَى فَأَوْلَى لَكَ ذَا وَاقِيَهْ
). [تأويل مشكل القرآن: 549] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله عزّ وجلّ: ({وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ (20)}
كان المؤمنون - رحمهم اللّه - يأنسون بالوحي ويستوحشون لإبطائه فلذلك قالوا: (لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ).
{فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ}.
ومعنى {مُحْكَمَةٌ}، غير منسوخة، فإذا ذكر فيها فرض القتال {رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} يعنى المنافقين.
{يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ} لأنهم منافقون يكرهون القتال، لأنهم إذا قعدوا عنه ظهر نفاقهم، فخافوا على أنفسهم القتل.
{أَوْلَى لَهُمْ} وعيد وتهدد، المعنى وليهم المكروه). [معاني القرآن: 5/12]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ } [آية: 20]
قال قتادة كل سورة فيها ذكر القتال فهي محكمة
قال أبو جعفر وهذه آية مشكلة وفي قراءة عبد الله {وإذا أنزلت سورة محدثة}
والمعنى واحد أي لم يقع عليها النسخ وذكر فيها القتال وإنما كان المسلمون يقولون هذا لأنهم كانوا يأنسون بنزول الوحي
({رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}) أي ريب وشك ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت أي نظر مغتاظين مغمومين كما قال تعالى: {وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم} وإنما كانوا يكرهون ذكر القتال لأنهم إذا تأخروا عنه تبين نفاقهم فخافوا القتل
ثم قال تعالى: {فَأَوْلَى لَهُمْ} على التهديد
وحقيقته وليهم المكروه أي أولى لهم المكروه والعرب تقول لكل من قارب الهلكة ثم افلت أولى لك أي كدت تهلك
كما روي أن أعرابيا كان يوالي رمي الصيد فيفلت منه فيقول أولى لك رمى صيدا فقاربه ثم افلت منه فقال:
فلو كان أولى يطعم القوم صدتهم = ولكن أولى تترك الناس جوعا
). [معاني القرآن: 6/478-480]

تفسير قوله تعالى: (طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ (21) )
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (ثم ابتدأ، فقال: {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ}... قال قتادة: «يقول: لطاعة اللّه، وقول بالمعروف - عند حقائق الأمور - خير لهم»). [تفسير غريب القرآن: 411]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ثم قال: {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ} وهذا مختصر، يريد قولهم قبل نزول الفرض: سمع لك وطاعة.
فإذا عزم الأمر، أي جاء الجدّ كرهوا ذلك، فحذف الجواب على ما بينت في باب الاختصار.
ثم ابتدأ فقال: {فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ}). [تأويل مشكل القرآن: 421]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: ({طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ (21)}
[معاني القرآن: 5/12]
قال سيبويه والخليل: المعنى طاعة وقول معروف أمثل، وقيل إنهم كان قولهم أولا طاعة وقول معروف.
ويجوز - واللّه أعلم - أن يكون المعنى فإذا أنزلت سورة ذات طاعة أي يؤمر فيها بالطاعة، وقول معروف، فيكون المعنى فإذا أنزلت سورة ذات طاعة وقول معروف.
{فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ}.
المعنى فإذا جدّ الامر ولزم فرض القتال، فلو صدقوا اللّه فآمنوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وعملوا بما نزل عليه وما أمروا به من فرض القتال لكان خيرا لهم.
المعنى لكان صدقهم اللّه بإيمانهم خيرا لهم). [معاني القرآن: 5/13]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ} فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم} [آية: 21]
قال قتادة أي طاعة الله وقول بالمعروف في حقائق الأمور أي سمع وطاعة خير لهم
وقال الخليل وسيبويه أي طاعة وقول معروف أمثل وفي المعنى قول آخر وهو انه حكى ما كانوا يقولون قبل نزول القتال وقبل الفرض
فالمعنى على هذا يقولون منا طاعة وقول معروف ، ويدل على صحة هذا القول ( فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ ) قال مجاهد أي جد الأمر
قال أبو جعفر فالتقدير على هذا فإذا جد الأمر بفرض القتال كرهوا ذلك ثم حذف
25 - ثم قال جل وعز: {فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} [آية: 21] قال قتادة فلو صدقوا الله في الإيمان والجهاد). [معاني القرآن: 6/480-481]

تفسير قوله تعالى: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) )
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ ...}.
قرأها العوام بنصب السين، وقرأها نافع المدني: فهل عسيتم، بكسر السين، ولو كانت كذلك لقال: عسي {في موضع عسى}. ولعلها لغة بادرة، وربما اجترأت العرب على تغيير بعض اللغة إذا كان الفعل لا يناله قد. قالوا: لستم يريدون لستم، ثم يقولون: ليس وليسوا سواء، لأنه فعل لا يتصرف ليس له يفعل وكذلك عسى ليس له يفعل فلعله اجترى عليه كما اجترى على لستم.
وقوله: "هَلْ عَسَيْتُمْ" . . . إن توليتم أمور الناس أن تفسدوا في الأرض، وتقطعوا أرحامكم، ويقال: ولعلكم إن انصرفتم عن محمد صلى الله عليه وسلم، وتوليتم عنه أن تصيروا إلى أمركم الأول من قطيعة الرحم والكفر والفساد). [معاني القرآن: 3/62-63]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ }
وقال: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ} فإن الأول للمجازاة وأوقعت {عَسَيْتُمْ} على {أَنْ تُفْسِدُوا} لأنه اسم، ولا يكون أن تعمل فيه {عَسَيْتُمْ} ولا "عسيت" إلاّ وفيه "أن" لا تقول "عسيتم الفعل" كما أن قولك "لو أن زيدا جاء كان خيرا له" فقولك "أنّ زيداً جاء" اسم وأنت لا تقول "لو ذاك" لأنه ليس كل الأسماء تقع في كل موضع. وليس كل الأفعال يقع على كل الأسماء. ألا ترى أنهم يقولون "يدع" ولا يقولون "ودع" [ويقولون "يذر"] ولا يقولون: "وذر"). [معاني القرآن: 4/18]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ثم قال: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ}، أي انصرفتم عن النبي، صلّى الله عليه وسلم، وما يأمركم به {أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}، يريد فهل تريدون إذا أنتم تركتم محمدا، صلّى الله عليه وسلم، وما يأمركم به- أن تعودوا إلى مثل ما كنتم عليه من الكفر، والإفساد في الأرض وقطع الأرحام؟). [تأويل مشكل القرآن: 421]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: ( {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22)}
وقرأ نافع " فهل عسيتم " واللغة الجيدة البالغة عسيتم - بفتح السين ولو جاز عسيتم لجاز أن تقول: عسي ربّكم أن يرحمكم.
ويقرأ {إن تولّيتم} و {إن تولّيتم} - بضم التاء وفتحها.
{أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}.
فمن قرأ {تولّيتم} - بالفتح - ففيها وجهان:
أحدهما أن يكون المعنى لعلكم إن توليتم عما جاءكم به النبي أن تعودوا إلى أمر الجاهلية، فتفسدوا ويقتل بعضكم بعضا.
{وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}، أي تئدوا البنات، أي تدفنوهن أحياء.
ويجوز أن يكون فلعلكم إن توليتم الأمر أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم، ويقتل قريش بني هاشم، وبنو هاشم قريشا، وكذلك إن توليتم). [معاني القرآن: 5/13]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ } [آية: 22]
قال بكر بن عبد الله المزني هؤلاء الحرورية
قال محمد بن كعب أي فهل عسيتم إن توليتم الأمور أن يقتل بعضكم بعضا كقتل قريش بني هاشم وكقتل بني هاشم قريشا
وفي المعنى قول آخر وهو فهل تريدون إن توليتم عن النبي صلى الله عليه وسلم وكفرتم بما جاءكم به على أن ترجعوا إلى ما كنتم عليه من الكفر فتفسدوا في الأرض بالكفر وتقطعوا أرحامكم بأن تئدوا بناتكم
وقرأ علي بن أبي طالب عليه السلام {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ } أي ولي عليكم). [معاني القرآن: 6/481-483]
تفسير قوله تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23) )

تفسير قوله تعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) )

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 6 جمادى الآخرة 1434هـ/16-04-2013م, 06:13 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 1,137
افتراضي


التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]
تفسير قوله تعالى: {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ (21) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وقد يجوز أن يكون أنت على قوله أنت الهالك كما يقال إذا ذكر إنسان لشيء قال الناس زيدٌ. وقال الناس أنت. ولا يكون على أن تضمر هذا لأنّك لا تشير للمخاطب إلى نفسه ولا تحتاج إلى ذلك وإنما تشير له إلى غيره. ألا ترى أنّك لو أشرت له إلى شخصه فقلت هذا أنت لم يستقم.
ويجوز هذا أيضاً على قولك شاهداك أي ما ثبت لك شاهداك قال الله تعالى جدّه: {طاعة وقول معروف}. فهو مثله. فإمّا أن يكون أضمر الاسم وجعل هذا خبره كأنّه قال أمري طاعةٌ وقولٌ معروف أو يكون أضمر الخبر فقال طاعةٌ وقولٌ معروف أمثل). [الكتاب: 1/141]
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وروى الخليل رحمه الله أن ناسا يقولون إن بك زيد مأخوذ فقال هذا على قوله إنه بك زيد مأخوذ وشبهه بما يجوز في الشعر نحو قوله وهو ابن صريم اليشكري:
ويـومــاً توافـيـنـا بــوجــهٍكأن ظبيـةٌ تعطـو إلـى وارق السّلـم
وقال الآخر:

ووجهٌ مشرق النّحركأن ثدياه حقّـان

لأنه لا يحسن ههنا إلاّ الإضمار.
وزعم الخليل أنّ هذا يشبه قول من قال وهو الفرزدق:

فلو كنت ضبّيّا عرفت قرابتيولكنّ زنجىٌّ عظيم المشافـر

والنصب أكثر في كلام العرب كأنه قال ولكن زنجيا عظيم المشافر لا يعرف قرابتي. ولكنه أضمر هذا كما يضمر ما بني على الابتداء نحو قوله عز وجل: {طاعة وقول معروف} أي طاعة وقول معروف أمثل. وقال الشاعر:

فما كنت ضفّاطاً ولكنّ طالباًأناخ قليلاً فوق ظهر سبيل).

[الكتاب: 2/134-136]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فأما قوله عز وجل: {قالوا سلاماً قال سلام} فإن المفسرين يقولون في هذا قولين أعني المنصوب.
أما المرفوع فلا اختلاف في أن معناه والله أعلم، قولي سلام، وأمري سلام كما قال: {طاعة وقول معروف} وكما قال: {وقالوا مجنون وازدجر} على الحكاية). [المقتضب: 4/11] (م)
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ}، أي عزم صاحب الأمر). [مجالس ثعلب: 557]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (ويقال: رجل عازم، وأمر عازم، أي معزوم عليه، قال: {فإذا عزم الأمر} ). [كتاب الأضداد: 127]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (ويقال عزمت على الأمر هممت بفعله. وتقول العرب عزم الأمر بمعنى استقام ومنه قوله تعالى: {فإذا عزم الأمر} ). [شرح المفضليات: 752]

تفسير قوله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) }

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23) }

تفسير قوله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقولها: "وصم لا يسمعن"، طريف من كلام العرب، وذلك أنه يقال لكل صحيح البصر ولا يعمل بصره: أعمى، وإنما يراد به أنه قد حل محل من لا يبصر البتة، إذا لم يعمل بصره، وكذلك يقال للسميع الذي لا يقبل: أصم، قال الله جلَّ ذكرهِ: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} كما قال جل ثناؤه: {أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} وكذلك: {إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ} وقوله عز وجل: {كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاء} ). [الكامل: 2/684] (م)

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 21 صفر 1440هـ/31-10-2018م, 11:02 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 21 صفر 1440هـ/31-10-2018م, 11:02 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 24 صفر 1440هـ/3-11-2018م, 04:56 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ (20) طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ (21) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت فأولى لهم * طاعة وقول معروف فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم * فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم}
هذا ابتداء وصف حال المؤمنين في جدهم في دين الله تعالى وحرصهم على ظهوره، وحال المنافقين من الكسل والفشل والحرص على فساد الدين وأهله، وذلك أن المؤمنين كان حرصهم يبعثهم على تمني الظهور وتمني قتال العدو وفضيحة المنافقين ونحو ذلك مما هو ظهور للإسلام، فكانوا يأنسون بالوحي ويستوحشون إذا أبطأ، والله تعالى قد جعل ذلك بآماد مضروبة وأوقات لا تتعدى، فمدح الله المؤمنين بحرصهم. وقولهم: {لولا نزلت سورة} معناه: تتضمن إظهارنا وأمرنا بمجاهدة العدو ونحوه.
ثم أخبر تعالى عن حال المنافقين عند نزول أمر القتال، وقوله سبحانه: "محكمة" معناه: لا يقع فيها نسخ، وبهذا الوجه خصص "السورة" بالأحكام، وأما الإحكام الذي هو بمعنى الإتقان، فالقرآن كله سواء فيه، وقال قتادة: كل سورة فيها القتال فهي محكمة، وهو أشد القرآن على المنافقين، وهذا أمر استقرأه قتادة من القرآن، وليس من تفسير هذه الآية في شيء، وفي مصحف ابن مسعود رضي الله عنه: "سورة محدثة". و"المرض الذي في القلوب" استعارة لفساد المعتقد، وحقيقة الصحة والمرض في الأجسام وتستعار للمعاني، ونظر الخائف الموله قريب من نظر المغشي عليه، وخشيتهم هذا للوصف والتشبيه.
وقوله تعالى: {فأولى لهم} الآية، "أولى" وزنه أفعل، من وليك الشيء يليك، وقالت فرقة: وزنه أفلع، وفيه قلب لأنه مشتق من الويل، والمشهور من استعمال "أولى" أنك تقول: هذا أولى بك من هذا، أي: أحق، وقد تستعمل "أولى لك" فقط، على جهة الحذف والاختصار لما معها من القول، فتقول على جهة الزجر والتوعد: "أولى لك يا فلان"، وهذه الآية من هذا الباب، ومنه قوله تعالى: {أولى لك فأولى}، ومنه قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه للحسن رضي الله عنه: "أولى لك"، وقالت فرقة من المفسرين: "أولى" رفع بالابتداء و"طاعة" خبره.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
هذا هو المشهور من استعمال "أولى"، وقالت فرقة من المفسرين: "أولى لهم" ابتداء وخبر، معناه الزجر والتوعد، ثم اختلفت هذه الفرقة في معنى قوله تعالى: {طاعة وقول معروف} فقال بعضها: التقدير: طاعة وقول معروف أمثل، وهذا تأويل مجاهد ومذهب الخليل وسيبويه، وحسن الابتداء بالنكرة لأنها مخصصة ففيها بعض التعريف، وقال بعضها: التقدير: الأمر طاعة وقول معروف، أي: الأمر المرضي لله تعالى، وقال بعضها: التقدير: قولهم لك يا محمد - على جهة الهزء والخديعة -: {طاعة وقول معروف}، فإذا عزم الأمر كرهوه، ونحو هذا من التقدير، قاله قتادة، وقال أيضا ما معناه: إن تمام الكلام الذي معناه الزجر والتوعد "فأولى"، وقوله تعالى: "لهم" ابتداء كلام، و"طاعة" - على هذا القول - ابتداء، وخبره: "لهم"، والمعنى: إن ذلك منهم على جهة الخديعة، فإذا عزم الأمر ناقضوا وتعاصوا.
وقوله تعالى: {عزم الأمر} استعارة، كما قال: قد جدت الحرب بكم فجدوا
ومن هذا الباب "نام ليلك" ونحوه. وقوله تعالى: {صدقوا الله} يحتمل أن يكون الصدق الذي هو ضد الكذب، ويحتمل أن يكون من قولك: "عود صدق"، والمعنى متقارب). [المحرر الوجيز: 7/ 650-652]

تفسير قوله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {فهل عسيتم} مخاطبة لهؤلاء الذين في قلوبهم مرض، أي: قل لهم يا محمد. وقرأ نافع وأهل المدينة: "عسيتم" بكسر السين، وقرأ أبو عمرو، والحسن، وعاصم، وأبو جعفر، وشيبة: "عسيتم" بفتح السين، والفتح أفصح لأنها من "عسى" التي تصحبها "أن"، والمعنى: فهل عسى أن تفعلوا إن توليتم غير أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم؟ وكأن الاستفهام الداخل على "عسى" غير معناها بعض التغيير كما يغير الاستفهام قولك: أو لو كان كذا وكذا؟ وقوله تعالى: {إن توليتم} معناه: إن أعرضتم عن الحق، وقال قتادة: كيف رأيتم القوم حين تولوا عن كتاب الله تعالى؟ ألم يسفكوا الدم الحرام ويقطعوا الأرحام ويعصوا الرحمن عز وجل؟ وقرأ الجمهور: "إن توليتم"، والمعنى: إن أعرضتم عن الإسلام، وقال كعب الأحبار ومحمد بن كعب القرظي: المعنى: إن توليتم أمور الناس، من الولاية، وعلى هذا قيل: إنها نزلت في بني هاشم وبني أمية، ذكره الثعلبي، وروى عبد الله بن مغفل أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: "إن وليتم" بواو مضمومة ولام مشددة مكسورة، قرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "إن توليتم" بضم التاء والواو وكسر اللام المشددة، على معنى: إن وليتكم ولاية الجور فملتم إلى دنياهم دون إمام العدل، أو على معنى: إن توليتم بالتعذيب والتنكيل وأفعال العرب في جاهليتها وسيرتها من الغارات والسباء، فإنما كانت ثمرتها الإفساد في الأرض وقطيعة الرحم، وقيل: معناها: إن تولاكم الناس ووكلكم الله إليهم. وقرأ جمهور الناس: "وتقطعوا" بضم التاء وشد الطاء المكسورة، وقرأ أبو عمرو: "وتقطعوا" بفتح التاء والطاء المخففة، وهي قراءة سلام ويعقوب). [المحرر الوجيز: 7/ 652-653]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {أولئك الذين لعنهم الله} إشارة إلى مرضى القلوب المذكورين، و"لعنهم" معناه أبعدهم، وقوله تعالى: {فأصمهم وأعمى أبصارهم} استعارة لعدم سمعهم فكأنهم عمي وصم).[المحرر الوجيز: 7/ 653]

تفسير قوله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها * إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم * ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم * فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم * ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم}
قوله تعالى: {أفلا يتدبرون القرآن} توقيف وتوبيخ، وتدبر القرآن. زعيم بالتبيين والهدى، و"أم" منقطعة وهي المقدرة ببل وألف الاستفهام، وقوله تعالى: {أم على قلوب أقفالها} استعارة للرين الذي منعهم الإيمان، ويروى أن وفد اليمن وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وفيهم شاب، فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية، فقال الفتى: عليها أقفالها حتى يفتحها الله ويفرجها، قال عمر رضي الله عنه: فعظم في عيني، فما زالت في نفس عمر رضي الله عنه حتى ولي الخلافة فاستعان بذلك الفتى). [المحرر الوجيز: 7/ 653-654]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 24 صفر 1440هـ/3-11-2018م, 05:09 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 24 صفر 1440هـ/3-11-2018م, 07:53 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ (20) طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ (21) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ويقول الّذين آمنوا لولا نزّلت سورةٌ فإذا أنزلت سورةٌ محكمةٌ وذكر فيها القتال رأيت الّذين في قلوبهم مرضٌ ينظرون إليك نظر المغشيّ عليه من الموت فأولى لهم (20) طاعةٌ وقولٌ معروفٌ فإذا عزم الأمر فلو صدقوا اللّه لكان خيرًا لهم (21) فهل عسيتم إن تولّيتم أن تفسدوا في الأرض وتقطّعوا أرحامكم (22) أولئك الّذين لعنهم اللّه فأصمّهم وأعمى أبصارهم (23) }
يقول تعالى مخبرًا عن المؤمنين أنّهم تمنّوا شرعيّة الجهاد، فلمّا فرضه اللّه، عزّ وجلّ، وأمر به نكل عنه كثيرٌ من النّاس، كقوله تعالى: {ألم تر إلى الّذين قيل لهم كفّوا أيديكم وأقيموا الصّلاة وآتوا الزّكاة فلمّا كتب عليهم القتال إذا فريقٌ منهم يخشون النّاس كخشية اللّه أو أشدّ خشيةً وقالوا ربّنا لم كتبت علينا القتال لولا أخّرتنا إلى أجلٍ قريبٍ قل متاع الدّنيا قليلٌ والآخرة خيرٌ لمن اتّقى ولا تظلمون فتيلا} [النساء:77].
وقال ها هنا: {ويقول الّذين آمنوا لولا نزلت سورةٌ} أي: مشتملةٌ على حكم القتال؛ ولهذا قال: {فإذا أنزلت سورةٌ محكمةٌ وذكر فيها القتال رأيت الّذين في قلوبهم مرضٌ ينظرون إليك نظر المغشيّ عليه من الموت} أي: من فزعهم ورعبهم وجبنهم من لقاء الأعداء. ثمّ قال مشجّعًا لهم: {فأولى لهم طاعةٌ وقولٌ معروفٌ} أي: وكان الأولى بهم أن يسمعوا ويطيعوا، أي: في الحالة الرّاهنة، {فإذا عزم الأمر} أي: جدّ الحال، وحضر القتال، {فلو صدقوا اللّه} أي: أخلصوا له النّيّة، {لكان خيرًا لهم}). [تفسير ابن كثير: 7/ 317]

تفسير قوله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {فهل عسيتم إن تولّيتم} أي: عن الجهاد ونكلتم عنه، {أن تفسدوا في الأرض وتقطّعوا أرحامكم} أي: تعودوا إلى ما كنتم فيه من الجاهليّة الجهلاء، تسفكون الدّماء وتقطّعون الأرحام؛ ولهذا قال: {أولئك الّذين لعنهم اللّه فأصمّهم وأعمى أبصارهم} وهذا نهيٌ عن الإفساد في الأرض عمومًا، وعن قطع الأرحام خصوصًا، بل قد أمر [اللّه] تعالى بالإصلاح في الأرض وصلة الأرحام، وهو الإحسان إلى الأقارب في المقال والأفعال وبذل الأموال. وقد وردت الأحاديث الصّحاح والحسان بذلك عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، من طرقٍ عديدةٍ، ووجوهٍ كثيرةٍ.
قال البخاريّ: حدّثنا خالد بن مخلد، حدّثنا سليمان، حدّثني معاوية بن أبي مزرّد، عن سعيد بن يسارٍ، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "خلق اللّه الخلق، فلمّا فرغ منه قامت الرّحم فأخذت بحقو الرّحمن عزّ وجلّ، فقال: مه! فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة. فقال: ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى. قال: فذاك. قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: {فهل عسيتم إن تولّيتم أن تفسدوا في الأرض وتقطّعوا أرحامكم}.
ثمّ رواه البخاريّ من طريقين آخرين، عن معاوية بن أبي مزرّدٍ، به. قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "اقرؤوا إن شئتم: {فهل عسيتم إن تولّيتم أن تفسدوا في الأرض وتقطّعوا أرحامكم} ورواه مسلمٌ من حديث معاوية بن أبي مزرّدٍ، به.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا إسماعيل أخبرنا عيينة بن عبد الرّحمن بن جوشنٍ، عن أبيه، عن أبي بكرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ما من ذنبٍ أحرى أن يعجّل اللّه عقوبته في الدّنيا، مع ما يدّخر لصاحبه في الآخرة، من البغي وقطيعة الرّحم".
رواه أبو داود والتّرمذيّ وابن ماجه، من حديث إسماعيل -هو ابن علية- به. وقال التّرمذيّ: هذا حديثٌ صحيحٌ.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا محمّد بن بكرٍ، حدّثنا ميمونٌ أبو محمّدٍ المرئيّ، حدّثنا محمّد بن عبّادٍ المخزوميّ، عن ثوبان، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "من سرّه النّساء في الأجل، والزّيادة في الرّزق، فليصل رحمه". تفرّد به أحمد، وله شاهدٌ في الصحيح.
وقال أحمد أيضًا: حدّثنا يزيد بن هارون، حدّثنا حجّاج بن أرطاة، عن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جدّه قال: جاء رجلٌ إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: يا رسول اللّه إنّ لي ذوي أرحامٍ، أصل ويقطعون، وأعفو ويظلمون، وأحسن ويسيئون، أفأكافئهم؟ قال: "لا إذن تتركون جميعًا، ولكن جد بالفضل وصلهم؛ فإنّه لن يزال معك ظهيرٌ من اللّه، عزّ وجلّ، ما كنت على ذلك".
تفرّد به من هذا الوجه، وله شاهدٌ من وجهٍ آخر.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا يعلى، حدّثنا فطر، عن مجاهدٍ، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: "إنّ الرّحم معلّقةٌ بالعرش، وليس الواصل بالمكافئ، ولكنّ الواصل الّذي إذا قطعت رحمه وصلها"، رواه البخاريّ .
وقال أحمد: حدّثنا بهزٌ، حدّثنا حمّاد بن سلمة، أخبرنا قتادة، عن أبي ثمامة الثّقفيّ، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "توضع الرّحم يوم القيامة لها حجنة كحجنة المغزل، تتكلّم بلسانٍ طلق ذلق، فتصل من وصلها وتقطع من قطعها".
وقال الإمام أحمد: حدّثنا سفيان، حدّثنا عمرٌو، عن أبي قابوس، عن عبد اللّه بن عمرٍو -يبلغ به النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم-قال: "الرّاحمون يرحمهم الرّحمن، ارحموا أهل الأرض يرحمكم أهل السّماء، والرّحم شجنة من الرّحمن، من وصلها وصلته، ومن قطعها بتّته".
وقد رواه أبو داود والتّرمذيّ، من حديث سفيان بن عيينة، عن عمرٍو بن دينارٍ، به. وهذا هو الّذي يروى بتسلسل الأوّليّة، وقال التّرمذيّ: حسنٌ صحيحٌ.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا يزيد بن هارون، حدّثنا هشامٌ الدّستوائي، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن إبراهيم بن عبد اللّه بن قارظٍ؛ أنّ أباه حدّثه: أنّه دخل على عبد الرّحمن بن عوفٍ وهو مريضٌ، فقال له عبد الرّحمن: وصلتك رحمٌ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قال اللّه عزّ وجلّ: أنا الرّحمن، خلقت الرّحم وشققت لها من اسمي، فمن يصلها أصله، ومن يقطعها أقطعه فأبتّه -أو قال: من يبتّها أبتّه".
تفرّد به من هذا الوجه. ورواه أحمد أيضًا من حديث الزّهريّ، عن أبي سلمة، عن الرداد -أو أبي الرّدّاد- عن عبد الرّحمن بن عوفٍ، به. ورواه أبو داود والتّرمذيّ، من رواية أبي سلمة، عن أبيه. والأحاديث في هذا كثيرةٌ.
وقال الطّبرانيّ: حدّثنا عليّ بن عبد العزيز، حدّثنا محمّد بن عمّارٍ الموصليّ، حدّثنا عيسى بن يونس، عن محمّد بن عبد اللّه بن علاثة، عن الحجّاج بن الفرافصة، عن أبي عمر البصريّ، عن سلمان قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "الأرواح جنودٌ مجنّدةٌ، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف".
وبه قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إذا ظهر القول، وخزّن العمل، وائتلفت الألسنة، وتباغضت القلوب، وقطع كلّ ذي رحمٍ رحمه، فعند ذلك لعنهم اللّه فأصمّهم وأعمى أبصارهم"). [تفسير ابن كثير: 7/ 317-320]

تفسير قوله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أفلا يتدبّرون القرآن أم على قلوبٍ أقفالها (24) إنّ الّذين ارتدّوا على أدبارهم من بعد ما تبيّن لهم الهدى الشّيطان سوّل لهم وأملى لهم (25) ذلك بأنّهم قالوا للّذين كرهوا ما نزّل اللّه سنطيعكم في بعض الأمر واللّه يعلم إسرارهم (26) فكيف إذا توفّتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم (27) ذلك بأنّهم اتّبعوا ما أسخط اللّه وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم (28) }
يقول تعالى آمرًا بتدبّر القرآن وتفهّمه، وناهيًا عن الإعراض عنه، فقال: {أفلا يتدبّرون القرآن أم على قلوبٍ أقفالها} أي: بل على قلوبٍ أقفالها، فهي مطبقة لا يخلص إليها شيءٌ من معانيه.
قال ابن جريرٍ: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ قال: حدّثنا حمّاد بن زيدٍ، حدّثنا هشام بن عروة، عن أبيه قال: تلا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يومًا: {أفلا يتدبّرون القرآن أم على قلوبٍ أقفالها}، فقال شابٌّ من أهل اليمن: بل عليها أقفالها حتّى يكون اللّه عزّ وجلّ يفتحها أو يفرّجها. فما زال الشّابّ في نفس عمر، رضي اللّه عنه، حتّى ولي، فاستعان به). [تفسير ابن كثير: 7/ 320]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:55 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة