العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة يوسف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15 جمادى الأولى 1434هـ/26-03-2013م, 03:38 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي تفسير سورة يوسف [ من الآية (30) إلى الآية (35) ]

تفسير سورة يوسف
[ من الآية (30) إلى الآية (35) ]

بسم الله الرحمن الرحيم
{ وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (30) فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآَتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ (31) قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آَمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ (32) قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (33) فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (34) ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآَيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (35)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 15 جمادى الأولى 1434هـ/26-03-2013م, 03:39 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (30) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني أشهل، عن قرة بن خالد، عن الحسن في هذه الآية: {قد شغفها حبا}، أي قد بطن لها حبه، والشغف أن يكون مشغوفًا بها). [الجامع في علوم القرآن: 1/137]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى قد شغفها حبا قال استبطنها حبها إياه). [تفسير عبد الرزاق: 1/322]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى امرأت العزيز قال بلغنا أنه كان يلي عملا من أعمال الملك). [تفسير عبد الرزاق: 1/322]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت: 227هـ): ( [الآية (30) : قوله تعالى: {وقال نسوةٌ في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبًّا إنّا لنراها في ضلالٍ مبينٍ} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا أبو عوانة، عن مغيرة، عن إبراهيم أنّه كان يقرأ: {قد شغفها حبًّا}، ويقول: الشّغف: شغف الحبّ، والشّعف: شعف الدابة حين تذعر.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، عن مغيرة، عن إبراهيم، وعوفٍ، عن إبراهيم، أنّهما قريا : {شغفها}). [سنن سعيد بن منصور: 5/391-392]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({شغفها} [يوسف: 30] : " يقال: بلغ شغافها، وهو غلاف قلبها، وأمّا شعفها فمن المشعوف "). [صحيح البخاري: 6/75]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله شغفها حبًّا يقال بلغ شافها وهو غلاف قلبها وأمّا شعفها يعني بالعين المهملة فمن الشّعوف قال أبو عبيدة في قوله تعالى قد شغفها حبا أي وصل الحبّ إلى شغاف قلبها وهو غلافه قال ويقرأه قومٌ شعفها أي بالعين المهملة وهو من الشّعوف انتهى والّذي قرأها بالمهملة أبو رجاءٍ والأعرج وعوفٌ رواه الطّبريّ ورويت عن على والجمهور بالمعجمة يقال فلان مشغوفٌ بفلانٍ إذا بلغ الحبّ أقصى المذاهب وشعاف الجبال أعلاها والشّغاف بالمعجمة حبّة القلب وقيل علقةٌ سوداء في صميمه وروى عبد بن حميدٍ من طريق قرّة عن الحسن قال الشّغف يعني بالمعجمة أن يكون قذف في بطنها حبّه والشّعف يعني بالمهملة أن يكون مشعوفًا بها وحكى الطّبريّ عن عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم أنّ الشّعف بالعين المهملة البغض وبالمعجمة الحبّ وغلّطه الطّبريّ وقال إنّ الشّعف بالعين المهملة بمعنى عموم الحبّ أشهر من أن يجهله ذو علمٍ بكلامهم). [فتح الباري: 8/360]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (شغفها يقال بلغ إلى شغافها وهو غلاف قلبها وأمّا شعفها فمن المشعوف
أشار به إلى قوله تعالى: {امرأة العزيز تراود فناها عن نفسه قد شغفها حبا إنّا لنراها في ضلال مبين} (يوسف: 30) قوله: (قد شغفها) ، أي: قد شغف يوسف زليخا، يعني: بلغ حبه إلى شغافها، بكسر الشين المعجمة في ضبط المحدثين، وعند أهل اللّغة بالفتح، وهو غلاف قلبها، وقيل: الشغاف حبّة القلب، وقيل: هو علقة سوداء في صميمه. قوله: (وأما شعفها) ، يعني: بالعين المهملة فمن المشعوف، يقال: فلان مشعوف بفلان إذا بلغ به الحبّ أقصى المذاهب، ويقال: فلان شعفه الحبّ، أي أحرق قلبه). [عمدة القاري: 18/301]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وقوله: ({قد} {شغفها}) [يوسف: 35] (يقال بلغ إلى شغافها) قال السفاقسي بكسر الشين المعجمة ضبطه المحدثون في كتب اللغة بفتحها، وسقط لفظ (إلى) لأبي ذر وثبت له بلغ (وهو غلاف قلبها) وهو جلدة رقيقة، وزاد القاضي كغيره حتى وصل إلى فؤادها حبًا وقال غيره: أحاط بقلبها مثل إحاطة الشغاف بالقلب يعني أن اشتغالها بحبه صار حجابًا بينها وبين كل ما سوى هذه المحبة فلا يخطر ببالها سواه. (وأما شعفها) بالعين المهملة وهي قراءة الحسن وابن محيصن (فمن المشعوف) وهو الذي أحرق قلبه الحب وهو من شعف البعير إذا هنأه أي طلاه بالقطران فأحرقه، وقد كشف أبو عبيد عن هذا المعنى فقال: الشعف بالمهملة إحراق الحب القلب مع لذة يجدها كما أن البعير إذا طلي بالقطران بلغ منه مثل ذلك ثم يسترجع إليه). [إرشاد الساري: 7/175]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقال نسوةٌ في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبًّا إنّا لنراها في ضلالٍ مبينٍ}.
يقول تعالى ذكره: وتحدّث النّساء بأمر يوسف وأمر امرأة العزيز في مدينة مصر، وشاع من أمرهما فيها ما كان، فلم ينكتم، وقلن: امرأة العزيز تراود فتاها: عبدها، عن نفسه كما؛
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: وشاع الحديث في القرية، وتحدّث النّساء بأمره وأمرها، وقلن: {امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه} أي عبدها.
وأمّا العزيز فإنّه الملك في كلام العرب؛ ومنه قول أبي داود:
درّةٌ غاص عليها تاجرٌ = جليت عند عزيزٍ يوم طل
يعني بالعزيز: الملك، وهو من العزّة
وقوله: {قد شغفها حبًّا} يقول قد وصل حبّ يوسف إلى شغاف قلبها، فدخل تحته حتّى غلب على قلبها. وشغاف القلب: حجابه وغلافه الّذي هو فيه، وإيّاه عنى النّابغة الذّبيانيّ بقوله:
وقد حال همٌّ دون ذلك داخلٌ = دخول شغافٍ تبتغيه الأصابع
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا حجّاج بن محمّدٍ، عن ابن جريجٍ، قال: أخبرني عمرو بن دينارٍ، أنّه سمع عكرمة، يقول في قوله: {شغفها حبًّا} قال: دخل حبّه تحت الشّغاف
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا شبابة، قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {قد شغفها حبًّا} قال: دخل حبّه في شغافها
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {قد شغفها حبًّا} قال: دخل حبّه في شغافها
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {قد شغفها حبًّا} قال: كان حبّه في شغافها.
- قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثل حديث الحسن بن محمّدٍ، عن شبابة
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثنا أبي قال، ثني عمّي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {قد شغفها حبًّا} يقول: علقها حبًّا
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {قد شغفها حبًّا} قال: غلبها
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ،؛ وحدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن أيوب بن عائذٍ الطّائيّ، عن الشّعبيّ، {قد شغفها حبًّا} قال: المشغوف: المحبّ، والمشعوف: المجنون
- وبه قال: حدّثنا أبي، عن أبي الأشهب، عن أبي رجاءٍ، والحسن، {قد شغفها حبًّا} قال أحدهما: قد بطنها حبًّا، وقال الآخر: قد صدقها حبًّا
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ، عن الحسن، في قوله: {قد شغفها حبًّا} قال: قد بطنها حبًّا قال يعقوب: قال أبو بشرٍ: أهل المدينة يقولون: قد بطنها حبًّا
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ، عن الحسن، قال: سمعته يقول في قوله: {قد شغفها حبًّا} قال: بطنها حبًّا. وأهل المدينة يقولون ذلك
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا عبد الوهّاب، عن قرّة، عن الحسن: {قد شغفها حبًّا} قال: قد بطن لها حبًّا
- حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا أبو قطنٍ، قال: حدّثنا أبو الأشهب، عن الحسن: {قد شغفها حبًّا} قال: بطنها حبّه
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة. عن الحسن: {قد شغفها حبًّا} قال: بطن بها
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {قد شغفها حبًّا} قال: استبطنها حبّها إيّاه
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {قد شغفها حبًّا} أي قد علقها
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ، {قد شغفها حبًّا} قال: قد علقها حبًّا
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا المحاربيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، قال: هو الحبّ اللاّزق بالقلب
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، في قوله: {قد شغفها حبًّا} يقول: هلكت عليه حبًّا، والشّغاف: شغاف القلب
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرو بن محمّدٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {قد شغفها حبًّا} قال: والشّغاف: جلدةٌ على القلب يقال لها: لسان القلب، يقول: دخل الحبّ الجلد حتّى أصاب القلب.
وقد اختلفت القرّأة في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّأة الأمصار بالغين: {قد شغفها} على معنى ما وصفت من التّأويل. وقرأ ذلك أبو رجاءٍ: قد شعفها بالعين
- حدّثنا الحسين بن محمّدٍ، قال: حدّثنا أبو قطنٍ، قال: حدّثنا أبو الأشهب، عن أبي رجاءٍ قد شعفها
- قال: حدّثنا خلفٌ، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن أبي الأشهب أو عوفٍ عن أبي رجاءٍ، قد شعفها حبًّا بالعين
- قال: حدّثنا خلفٌ، قال: حدّثنا محبوبٌ، قال: قرأه عوفٌ: قد شعفها
- قال: حدّثنا عبد الوهّاب، عن هارون، عن أسيدٍ، عن الأعرج، قد شعفها حبًّا وقال: شعفها إذا كان هو يحبّها.
ووجّه هؤلاء معنى الكلام إلى أنّ الحبّ قد عمّها.
وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من الكوفيّين يقول: هو من قول القائل: قد شعف بها، كأنّه ذهب بها كلّ مذهبٍ من شعف الجبال، وهي رءوسها
وروي عن إبراهيم النّخعيّ أنّه قال: الشّغف: شغف الحبّ. والشّعف: شعف الدّابّة حين تذعر.
- حدّثني بذلك الحارث، عن القاسم، أنّه قال: يروى ذلك عن أبي عوانة، عن مغيرة، عنه.
- قال الحارث: قال القاسم، يذهب إبراهيم إلى أنّ أصل الشّغف: هو الذّعر. قال: وكذلك هو كما قال إبراهيم في الأصل، إلاّ أنّ العرب ربّما استعارت الكلمة فوضعتها في غير موضعها؛ قال امرؤ القيس:
أتقتلني وقد شعفت فؤادها = كما شعف المهنوءة الرّجل الطّالي
قال: وشعف المرأة من الحبّ، وشعف المهنوءة من الذّعر، فشبّه لوعة الحبّ وجواه بذلك.
- وقال ابن زيدٍ في ذلك ما: حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {قد شغفها حبًّا} قال: أنّ الشّغف، والشّعف مختلفان، والشّعف في البغض، والشّغف في الحبّ.
وهذا الّذي قاله ابن زيدٍ لا معنى له، لأنّ الشّعف في كلام العرب بمعنى عموم الحبّ أشهر من أن يجهله ذو علمٍ بكلامهم.
والصّواب في ذلك عندنا من القراءة: {قد شغفها} بالغين لإجماع الحجّة من القرّاء عليه
وقوله: {إنّا لنراها في ضلالٍ مبينٍ} قلن: إنّا لنرى امرأة العزيز في مراودتها فتاها عن نفسه، وغلبة حبّه عليها لفي خطأٍ من الفعل وجورٍ عن قصد السّبيل مبينٍ لمن تأمّله وعلمه أنّه ضلالٌ وخطأٌ غير صوابٍ ولا سداد، وإنّما كان قيلهنّ ما قلن من ذلك، وتحدّثهنّ بما تحدّثن به من شأنها وشأن يوسف مكرًا منهنّ، فيما ذكر لتريهنّ يوسف). [جامع البيان: 13/114-121]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وقال نسوةٌ في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبًّا إنّا لنراها في ضلالٍ مبينٍ (30)
قوله تعالى: وقال نسوة في المدينة امرأت العزيز تراود فتاها، عن نفسه
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن عيسى، ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: وشاع الحديث في القرية، وتحدّث النّساء بأمره وأمرها وقلن: امرأت العزيز تراود فتاها، عن نفسه أي: عبدها.
قوله تعالى: قد شغفها حبًّا
[الوجه الأول]
- ذكر، عن إسرائيل، عن سماك بن حربٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قد شغفها حبًّا قال: قد علقها حبًّا- وروي، عن مجاهدٍ وقتادة نحو ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ، أنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ في قوله: قد شغفها حبًّا حب يوسف، قال: الشغف: الحب القاتل، والشعف: حبٌّ دون ذلك، والشّغاف شغاف القلب: حجاب القلب.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا إسماعيل بن عليّة، عن أبي رجاءٍ، عن الحسن قد شغفها حبًّا قال: قد بطنها حبًّا، قال أهل المدينة يقولون: بطنها حبًّا.
- حدّثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيدٍ القطّان، ثنا أبو داود، عن أبي وكيعٍ، عن أيّوب بن عائذٍ، عن الشّعبيّ في قوله: قد شغفها حبًّا قال: المشغوف: المجنون، والمشعوف: المحبّ.
- حدّثنا عبد اللّه، ثنا الحسين، ثنا عامرٌ، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ وأمّا شغفها حبًّا قال: الشّغاف، جلدةٌ على القلب لباس القلب، يقول: ما دخل ذلك الجلد حتّى أصاب القلب.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أحمد بن صالحٍ قال سفيان في قول اللّه: قد شغفها حبًّا قال: الشّغاف: جلدةٌ رقيقةٌ تكون على القلب بيضاء، حبّه خرق ذلك الجلد، حتّى وصل إلى القلب.
- حدّثنا أحمد بن منصورٍ المروزيّ، أنا عبد اللّه بن المبارك، أنا معمرٌ، عن يحيى بن المختار، عن الحسن في قوله: قد شغفها حبًّا قال: رأت العلجة خليقةً لم تر مثلها حيث غلبت على عقلها أبى قلبها أن يدعها، فأنطق اللّه خليقةً من خلقه فقال: إن كان قميصه.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ، قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيدٍ يقول في قول اللّه: قد شغفها حبًّا قال: إنّ الشّغف، والشّعف مختلفان، فالشّعف في البغض، والشّغف في الحبّ.
- حدّثنا أبي، ثنا عبد الصّمد بن محمد العباد اني، قال: سمعت أبي يقول قال رجلٌ ليوسف يعني: النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّي أحبّك فقال له يوسف: لا أريد أن يحبّني أحدٌ غير اللّه، من حبّ أبي ألقيت في الجبّ، ومن حبّ امرأة العزيز ألقيت في السّجن). [تفسير القرآن العظيم: 7/2131-2132]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قد شغفها حبا قال دخل حب يوسف في شغافها). [تفسير مجاهد: 314]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 30.
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {قد شغفها حبا} قال غلبها). [الدر المنثور: 8/234]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {قد شغفها} قال: قتلها حب يوسف، الشغف الحب القاتل والشغف حب دون ذلك، والشغاف حجاب القلب). [الدر المنثور: 8/234-235]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله {قد شغفها حبا} قال: الشغاف في القلب في النياط قد امتلأ قلبها من حب يوسف، قال وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم أما سمعت نابغة بني ذبيان وهو يقول:
وفي الصدر حب دون ذلك داخل * وحول الشغاف غيبته الأضالع). [الدر المنثور: 8/235]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {قد شغفها حبا} قال: قد علقها). [الدر المنثور: 8/235]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن المنذر وأبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه أنه كان يقرأها {قد شغفها حبا} قال: بطنها حبا، قال: وأهل المدينة يقولون بطنها حبا). [الدر المنثور: 8/235]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الشعبي رضي الله عنه في قوله {قد شغفها حبا} قال: الشغوف المحب والمشغوف المحبوب). [الدر المنثور: 8/235]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر وأبو الشيخ عن إبراهيم النخعي رضي الله عنه أنه كان يقرؤها {قد شغفها حبا} ويقول: الشغف شغف الحب، والشغف شغف الدابة حين تذعر). [الدر المنثور: 8/236]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن أبي العالية رضي الله عنه أنه قرأ (قد شعفها حبا) بالعين المهملة). [الدر المنثور: 8/236]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر وأبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {قد شغفها حبا} قال: هو الحب اللازق بالقلب). [الدر المنثور: 8/236]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان رضي الله عنه قال: الشغاف جلدة رقيقة تكون على القلب بيضاء حبه خرق ذلك الجلد حتى وصل إلى القلب). [الدر المنثور: 8/236]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد قال: إن الشعف والشغف يختلفان فالشعف في البغض والشغف في الحب). [الدر المنثور: 8/236]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد العباداني قال: قال رجل ليوسف عليه السلام: إني أحبك، فقال له يوسف: لا أريد أن يحبني أحد غير الله من حب أبي ألقيت في الجب ومن حب امرأة العزيز ألقيت في السجن). [الدر المنثور: 8/236-237]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه {قد شغفها حبا} قال: دخل حبه في شغافها). [الدر المنثور: 8/237]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {قد شغفها حبا} قال: دخل حبه تحت الشغاف). [الدر المنثور: 8/237]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن الضحاك {قد شغفها حبا} يقول: هلكت عليه حبا). [الدر المنثور: 8/237]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن الأعرج رضي الله عنه أنه قرأ (قد شعفها حبا) بالعين المهملة وقال {شغفها حبا} يعني بالغين معجمة إذا كان هو يحبها). [الدر المنثور: 8/237]

تفسير قوله تعالى: (فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآَتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ (31) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى متكئا قال طعاما). [تفسير عبد الرزاق: 1/322]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى قطعن أيديهن قال جعلن يحززن أيديهن ولا يشعرن بذلك). [تفسير عبد الرزاق: 1/322]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قطعن أيديهن قال قطعن أيديهن حتى ألقينها). [تفسير عبد الرزاق: 1/322]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى إن هذا إلا ملك كريم قال قلن ملك من الملائكة). [تفسير عبد الرزاق: 1/322-323]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (حدثنا سفيان [الثوري] عن منصورٍ عن مجاهدٍ قال: من قرأها (متكأ) ونوّنها قال: الطّعام ومن لم ينونها قال الأترنج [الآية: 31].
سفيان [الثوري] عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد اللّه قال: أعطي يوسف عليه السلام وأمه ثلث الحسن [الآية: 31]). [تفسير الثوري: 141-142]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال فضيلٌ: عن حصينٍ، عن مجاهدٍ: {متّكأً} [يوسف: 31] : «الأترجّ» ، قال فضيلٌ: " الأترجّ بالحبشيّة: متكًا " وقال ابن عيينة: عن رجلٍ، عن مجاهدٍ: " متكًا، قال: كلّ شيءٍ قطع بالسّكّين"). [صحيح البخاري: 6/75]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال فضيل عن حصين عن مجاهد متكأ الأترج بالحبشيّة متكًا كذا لأبي ذرٍّ ولغيره متكًا الأترجّ قال فضيلٌ الأترجّ بالحبشيّة متكًا وهذا وصله بن أبي حاتمٍ من طريق يحيى بن يمانٍ عن فضيل بن عياضٍ وأمّا روايته عن حصينٍ فرويناه في مسند مسدّدٍ رواية معاذ بن المثنّى عنه عن فضيلٍ عن حصينٍ عن مجاهدٍ في قوله تعالى وأعتدت لهنّ متكأ قال أترج ورويناه في تفسير بن مردويه من هذا الوجه فزاد فيه عن مجاهد عن بن عبّاسٍ ومن طريقه أخرجه الحافظ الضّياء في المختارة وقد روى عن عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن قتادة في قوله وأعتدت لهنّ متكا قال طعاما قوله وقال ابن عيينة عن رجل عن مجاهد متكأ كل شيءٍ قطع بالسّكّين هكذا رويناه في تفسير بن عيينة رواية سعيد بن عبد الرّحمن المخزوميّ عنه بهذا وأخرج بن أبي حاتمٍ من وجهٍ آخر عن مجاهدٍ المتّكأ بالتّثقيل الطّعام وبالتّخفيف الأترجّ والرّواية الأولى عنه أعمّ). [فتح الباري: 8/358]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال فضيل عن حصين عن مجاهد متكأ الأترج بالحبشية متكا وقال ابن عيينة عن رجل عن مجاهد متكا كل شيء قطع بالسكين وقال قتادة لذو علم لما علمناه عامل بما علم وقال سعيد بن جبير صواع الملك مكوك الفارسي الّذي يلتقي طرفاه كانت تشرب به الأعاجم وقال ابن عبّاس تفندون تجهلون
أما حديث فضيل فقرأته على فاطمة بنت المنجا عن سليمان بن حمزة أنا الضياء محمّد بن عبد الواحد الحافظ أنا أبو بكر التّميمي أنا محمّد بن رجاء أنا أبو الحسن الذكواني أنا أحمد بن موسى الحافظ ثنا محمّد بن عبد الله بن إبراهيم ثنا معاذ بن المثنى ثنا مسدّد ثنا فضيل عن حصين عن مجاهد عن ابن عبّاس في قوله 31 يوسف {وأعتدت لهنّ متكأ} قال أترج
وأما قول فضيل فقال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا إسماعيل بن عثمان ثنا يحيى بن يمان عن فضيل بن عياض به
وأما قول ابن عيينة فأنبئت عمّن سمع الحافظ ضياء الدّين محمّد بن عبد الواحد أنا زاهر بن أبي طاهر أنا الحسين بن عبد الملك أنا عبد الرّحمن بن أحمد بن الحسن أنا أحمد بن إبراهيم بن فراس أنا أبو جعفر بن إبراهيم الديبلي ثنا سعيد ابن عبد الرّحمن ثنا سفيان بن عيينة عن رجل عن مجاهد في قوله 31 يوسف {وأعتدت لهنّ متكأ} قال كل ما قطع بالسكين). [تغليق التعليق: 4/227-228]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال فضيلٌ عن حصينٍ عن مجاهدٍ متّكأً الأترج قال فضيلٌ الأترجّ بالحبشيّة متكاً وقال ابن عيينة عن رجلٍ عن مجاهدٍ متكاً كلّ شيءٍ قطع بالسّكّين
فضيل مصغر فضل وهو ابن عياض بن موسى أبو عليّ، ولد بسمرقند نشأ بأبيورد، وكتب الحديث بكوفة وتحول إلى مكّة وأقام بها إلى أن مات في سنة سبع وثمانين ومائة، وقبره بمكّة يزار، وحصين، بضم الحاء المهملة: ابن عبد الرّحمن السّلميّ.
قوله: (متكأ) بضم الميم وتشديد التّاء وفتح الكاف وبالهمزة المنونة، وفسره مجاهد بأنّه الأترج، بضم الهمزة وسكون التّاء وضم الرّاء وتشديد الجيم، وروى هذا التّعليق ابن المنذر عن يحيى بن محمّد بن يحيى: حدثنا مسدّد حدثنا يحي بن سعيد عن فضيل بن عياض عن حصين به، وقال الزّمخشريّ: متكأ ما يتكأ عليه من نمارق، وقيل: متكأ مجلس الطّعام لأنهم كانوا يتكئون للطعام والشراب والحديث كعادة المترفين، ولهذا نهى أن يأكل الرجل متكئا، وعن مجاهد: متكأ طعاما يحز حزاً، كأن المعنى: يعتمد بالسكين لأن القاطع يتكىء على المقطوع بالسكين، ويقال في الأترج: الاترنج، بالنّون الساكنة بعد الرّاء ويدغم النّون في الجيم أيضا، وكانت زليخا أهدت ليوسف أترجة على ناقة وكأنّها الأترجة الّتي ذكرها أبو داود في: (سننه) أنّها شقّت بنصفين وحملا كالعدلين على جمل. قوله: (قال فضيل الأترج بالحبشية متكأ) أي: بلسان الحبشة، أو باللغة الحبشية. قوله: متكاً بضم الميم وسكون التّاء وبتنوين الكاف، وهذا التّعليق رواه أبو محمّد عن أبيه عن إسماعيل بن عثمان: حدثنا يحيى بن يمان عنه، وقرأ: متكاً، بضم الميم وتشديد التّاء وتنوين الكاف بغير همزة، وعن الحسن: متكأً، بالمدّ كأنّه مفتعال وذلك لإشباع فتحة الكاف لقوله: بمنتزاح، بمعنى منتزح. قوله: (وقال ابن عيينة) وهو سفيان بن عيينة (عن رجل) هو مجهول (عن مجاهد متكأً) بضم الميم وسكون التّاء وتنوين الكاف، وهو (كل شيء قطع بالسكين) وقيل: من متك الشّيء بمعنى: بتكه إذا قطعه، وقرأ الأعرج: متكأ على وزن مفعل من تكأ يتكأ إذا اتكا). [عمدة القاري: 18/298-299]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال فضيل): بضم الفاء وفتح المعجمة ابن عياض بن موسى الزاهد المتوفى بمكة سنة سبع وثمانين ومائة مما وصله ابن المنذر ومسدد في مسنده (عن حصين) بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين ابن عبد الرحمن السلمي (عن مجاهد) هو ابن جبر المفسر (متكأ) بضم الميم وسكون الفوقية وتنوين الكاف من غير همز وهي قراءة ابن عباس وابن عمر ومجاهد وقتادة والجحدري (الأترج) بضم الهمزة وسكون الفوقية وضم الراء وتشديد الجيم، ولأبي ذر الأترنج بزيادة نون بعد الراء وتخفيف الجيم لغتان وأنشدوا:
فأهدت متكة لبني أبيها = تخب بها العثمثمة الوقاح
والعثمثمة من النوق الشديدة والذكر عثمثم الأسد والوقاح بالواو المفتوحة والقاف الناقة الصلبة (قال فضيل): هو ابن عياض فيما وصله ابن أبي حاتم من طريق يحيى بن يمان عنه (الأترج) أي بتشديد الجيم وسقط لأبي ذر قال فضيل: الأترج (بـ) ـاللغة (الحبشية متكًا) بضم الميم وسكون التاء وتنوين الكاف من غير همز.
(وقال ابن عيينة) سفيان مما وصله في مسنده (عن رجل) لم يسم (عن مجاهد متكًا) بسكون التاء من غير همز كالسابق (كل شيء) ولأبي ذر قال كل شيء (قطع بالسكين) كالأترج وغيره من الفواكه وأنشدوا:
نشرب الإثم بالصواع جهارًا = ونرى المتك بيننا مستعارا
قيل: وهو من متك بمعنى بتك الشيء أي قطعه، فعلى هذا يحتمل أن تكون الميم بدلاً من الباء وهو بدل مطرد في لغة قوم، ويحتمل أن تكون مادة أخرى وافقت هذه). [إرشاد الساري: 7/173-174]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (قوله: (متكا): بضم الميم، وسكون الفوقية، وتنوين الكاف من غير همز في المواضع الثلاثة، وهي قراءة اهـ قسطلاني). [حاشية السندي على البخاري: 3/55]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (والمتّكأ: ما اتّكأت عليه لشرابٍ أو لحديثٍ أو لطعامٍ، وأبطل الّذي قال: الأترجّ، وليس في كلام العرب الأترجّ، فلمّا احتجّ عليهم بأنّه المتّكأ من نمارق، فرّوا إلى شرٍّ منه، فقالوا: إنّما هو المتك، ساكنة التّاء، وإنّما المتك طرف البظر، ومن ذلك قيل لها: متكاء وابن المتكاء، فإن كان ثمّ أترجٌّ فإنّه بعد المتّكإ "). [صحيح البخاري: 6/75]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (والمتكأ ما اتكأت عليه لشرابٍ أو لحديثٍ أو لطعامٍ وأبطل الّذي قال الأترجّ وليس في كلام العرب الأترجّ فلمّا احتجّ عليهم بأنّ المتّكأ من نمارق فرّوا إلى شرٍّ منه وقالوا إنّما هو المتك ساكنة التّاء وإنّما المتك طرف البظر ومن ذلك قيل لها متكاء وبن المتكاء فإن كان ثمّ أترج فإنّه بعد المتّكأ
...
وأمّا المتّكأ فقال أبو عبيدة أعتدت أفعلت من العتاد ومعناه أعتدت لهنّ متّكأً أي نمرقًا يتّكأ عليه وزعم قومٌ أنّه التّرنج وهذا أبطل باطلٍ في الأرض ولكن عسى أن يكون مع المتّكأ ترنجٌ يأكلونه ويقال ألقى له متّكأً يجلس عليه انتهى وقوله ليس في كلام العرب الأترجّ يريد أنّه ليس في كلام العرب تفسير المتّكأ بالأترجّ قال صاحب المطالع وفي الأترجّ ثلاث لغاتٍ ثانيها بالنّون وثالثها مثلها بحذف الهمزة وفي المفرد كذلك وعند بعض المفسّرين أعتدت لهنّ البطّيخ والموز وقيل كان مع الأترجّ عسلٌ وقيل كان للطّعام المذكور بزماورد لكن ما نفاه المؤلّف رحمه اللّه تبعًا لأبي عبيدة قد أثبته غيره وقد روى عبد بن حميدٍ من طريق عوف الأعرابي حديث بن عبّاسٍ أنّه كان يقرأها متكًا مخفّفةً ويقال هو الأترج وقد حكاه الفرّاء وتبعه الأخفش وأبو حنيفة الدّينوريّ والقاليّ وبن فارس وغيرهم كصاحب المحكم والجامع والصحاح وفي الجامع أيضًا أهل عمان يسمّون السّوسن المتّكأ وقيل بضمّ أوّله الأترجّ وبفتحه السّوسن وقال الجوهريّ المتّكأ ما تبقيه الخاتنة بعد الختان من المرأة والمتكاء الّتي لم تختن وعن الأخفش المتّكأ الأترجّ تنبيهٌ متكًا بضمّ أوله وسكون ثانيه وبالتنوين على المفعوليه هو الّذي فسّره مجاهدٌ وغيره بالأترجّ أو غيره وهي قراءةٌ وأمّا القراءة المشهورة فهو ما يتّكأ عليه من وسادةٍ وغيرها كما جرت به عادة الأكابر عند الضّيافة وبهذا التّقرير لا يكون بين النّقلين تعارضٌ وقد روى عبد بن حميدٍ عن طريق منصورٍ عن مجاهدٍ قال من قرأها مثقّلةً قال الطّعام ومن قرأها مخفّفةً قال الأترجّ ثمّ لا مانع أن يكون المتّكأ مشتركًا بين الأترجّ وطرف البظر والبظر بفتح الموحّدة وسكون الظّاء المشالة موضع الختان من المرأة وقيل البظراء الّتي لا تحبس بولها قال الكرمانيّ أراد البخاريّ أنّ المتّكأ في قوله وأعتدت لهنّ متكأ اسم مفعولٍ من الاتّكاء وليس هو متّكأٌ بمعنى الأترجّ ولا بمعنى طرف البظر فجاء فيها بعباراتٍ معجرفةٍ كذا قال فوقع في أشدّ ممّا أنكره فإنّها إساءةٌ على مثل هذا الإمام الّذي لا يليق لمن يتصدّى لشرح كلامه وقد ذكر جماعةٌ من أهل اللّغة أنّ البظر في الأصل يطلق على ماله طرفٌ من الجسد كالثّدي). [فتح الباري: 8/358-359]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (والمتّكأ ما اتّكأت عليه لشرابٍ أو لحديثٍ أو لطعامٍ وأبطل الّذي قال الأترجّ وليس في كلام العرب الأترجّ فلمّا احتجّ عليهم بأنّه المتّكأ من نمارق فرّوا إلى شرٍّ منه فقالوا إنّما هو المتك ساكنة التّاء وإنّما المتك طرف البظر ومن ذالك قيل لها متكاء وابن المتكاء فإن كان ثمّ أترجٌّ فإنّه بعد المتّكإ.
لما ذكر فيما مضى عن قريب عن مجاهد أن المتكأ الأترج، أنكر ذلك، فقال: المتكأ ما اتكأت عليه لأجل شرب شراب أو لأجل حديث أو لأجل طعام. قوله: وأبطل قول الّذي قال: المتكأ الأترج، ثمّ ادّعى أنه ليس في كلام العرب الأترج، يعني: ليس في كلام العرب تفسير المتكأ بالأترج، وفيه نظر، حتّى قال صاحب (التّوضيح) هذه الدّعوى من الأعاجيب فقد قال في (المحكم) المتكأ الأترج، وعن الأخفش كذلك، وفي (الجامع) المتكأ الأترج، وأنشدوا:
(فنشرب الإثم بالصواع جهارا = ونرى المتك بيننا مستعارا)
وأبو حنيفة الدينوري زعم أن المتكا بالضّمّ الأترج، والّذي بفتح الميم السوسن، وبنحوه ذكره أبو عليّ القالي وابن فارس في (المجمل) وغيرهما. قوله: (فلمّا احتج عليهم) ، بصيغة المجهول. (يان المتكأ من نمارق) إلى آخره ظاهر. قوله: (وإنّما المتك) ، بعني: بالضّمّ، طرف البظر، بفتح الباء الموحدة وسكون الظّاء المعجمة وفي آخره راء، وهو ما تبقيه الخاتنة بعد الختان من المرأة. قوله: (ومن ذلك) أي: ومن هذا اللّفظ: (قيل لها) أي: للمرأة. (متكاء) بفتح الميم وسكون التّاء وبالمد، وهي الّتي لم تختن، ويقال لها: البظراء أيضا ويعير الرجل بذلك، فيقال له: ابن المتكاء. قوله: (فإن كان ثمّ أترج) بفتح الفاء المثلّثة وتشديد الميم، أي: فإن كان هناك أترج فإنّه كان بعد المتكاء، وقال بعضهم: إنّما قال البخاريّ ما قاله من ذلك تبعا لأبي عبيدة فإنّه قال: زعم قوم أنه الأترج، وهذا أبطل باطل في الأرض، ولكن عسى أن يكون مع المتكاه أترج يأكلونه. قلت: كأنّه لم يفحص عن ذلك كما ينبغي. وقلد أبا عبيدة، والأفة من التّقليد، وكيف يصح ما قاله من ذلك وقد روى عبد بن حميد من طريق عوف الأعرابي عن ابن عبّاس، رضي الله تعالى عنهما إنّه كان يقرؤها: متكاء، مخفّفة ويقول: هو الأترج، وأيضًا قد روى مثله عمّن ذكرناهم الآن). [عمدة القاري: 18/300-301]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (والمتكأ) بتشديد الفوقية وبعد الكاف همزة على قراءة الجمهور اسم مفعول (ما اتكأت عليه لشراب أو لحديث أو لطعام) أي لأجل شراب الخ. (وأبطل) قول (الذي قال): إن المتكأ هو (الأترج) بتشديد الجيم للإدغام، ولأبي ذر الأترنج بالنون للفك. (وليس في كلام العرب الأترج) أي ليس مفسرًا في كلامهم به وهذا أخذه من كلام أبي عبيدة ولفظه وزعم قوم أنه الترنج وهذا أبطل باطل في الأرض اهـ.
وتعقب بما في المحكم حيث قال: المتكأ الأترنج، ونقله الجوهري في صحاحه عن الأخفش، وقال أبو حنيفة الدينوري: بالضم الأترنج وبالفتح السوسن، وعن أبي علي القالي وابن فارس في مجمله نحوه، وعند عبد بن حميد أن ابن عباس كان يقرأ متكأ مخففة ويقول هو الأترج.
(فلما احتج عليهم) بضم التاء أي على القائلين بأنه الأترج، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي فيما احتج بالمثناة التحتية بدل اللام (بأنه) ولأبي ذر: بأن (المتكأ) بالتشديد والهمزة (من نمارق) يعني وسائد (فرّوا إلى شرّ منه فقالوا) بالفاء
ولأبي ذر وقالوا (إنما هو المتك ساكنة التاء) مخففة وساكنة نصب (وإنما المتك) المخفف (طرف البظر) بفتح الموحدة وسكون المعجمة وهو موضع الختان من المرأة (ومن ذلك) اللفظ (قيل لها) أي للمرأة (متكاء وابن المتكاء) بفتح الميم والتخفيف والمد فيهما وهي التي لم تختن ويقال البظراء أيضًا (فإن كان ثمّ) بفتح المثلثة أي هناك (أترج) بتشديد الجيم (فإنه) كان (بعد المتكأ) وقيل المتكأ طعام يحز حزًّا، وقال ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن وقتادة ومجاهد: متكأ طعامًا سماه متكأ لأن أهل الطعام إذا جلسوا يتكئون على الوسائد فسمي الطعام متكأ على الاستعارة، وقيل المتكأ طعام يحتاج إلى أن يقطع بالسكين لأنه متى كان كذلك احتاج الإنسان إلى أن يتكئ عليه عند القطع وقد علم مما مرّ أن المتك المخفف يكون بمعنى الأترج وطرف البظر وأن المشدد ما يتكأ عليه من وسادة وحينئذ فلا تعارض بين النقلين
كما لا يخفى وكان الأولى سياق قوله والمتكأ ما اتكأت عليه عقب قوله متكا كل شيء قطع بالسكين ويشبه أن يكون من ناسخ كغيره مما يقع غير مرتب). [إرشاد الساري: 7/174-175]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فلمّا سمعت بمكرهنّ أرسلت إليهنّ وأعتدت لهنّ متّكأً وآتت كلّ واحدةٍ منهنّ سكّينًا وقالت اخرج عليهنّ فلمّا رأينه أكبرنه وقطّعن أيديهنّ وقلن حاش للّه ما هذا بشرًا إن هذا إلاّ ملكٌ كريمٌ}.
يقول تعالى ذكره: فلمّا سمعت امرأة العزيز بمكر النّسوة اللاّتي قلن في المدينة ما ذكره اللّه عزّ وجلّ عنهنّ.
وكان مكرهنّ ما؛
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرو بن محمّدٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {فلمّا سمعت بمكرهنّ} يقول: بقولهنّ
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: لمّا أظهر النّساء ذلك من قولهنّ: تراود عبدها مكرًا بها لتريهنّ يوسف، وكان يوصف لهنّ بحسنه وجماله؛ {فلمّا سمعت بمكرهنّ أرسلت إليهنّ وأعتدت لهنّ متّكئًا}
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فلمّا سمعت بمكرهنّ}: أي بحديثهنّ.
{أرسلت إليهنّ} يقول: أرسلت إلى النّسوة اللاّتي تحدّثن بشأنها وشأن يوسف
{وأعتدت} أفعلت من العتاد، وهو العدّة، ومعناه: أعدّت لهنّ متّكأً يعني مجلسًا للطّعام، وما يتّكئن عليه من النّمارق والوسائد.
وهو مفتعلٌ من قول القائل: اتّكأت، يقال: ألق له متّكأً، يعني: ما يتّكئ عليه.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا يحيى بن اليمان، عن أشعث، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ، {وأعتدت لهنّ متّكأً} قال: طعامًا وشرابًا ومتّكأً
- قال: حدّثنا عمرو بن محمّدٍ، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، {وأعتدت لهنّ متّكأً} قال: يتّكئن عليه
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: ثني معاوية عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، {وأعتدت لهنّ متّكأً} قال: مجلسًا
- قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن أبي الأشهب، عن الحسن، أنّه كان يقرأ: {متّكأً} ويقول: هو المجلس والطّعام
- قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه بن يزيد، من قرأ: متكئًا خفيفةً، يعني طعامًا، ومن قرأ {متّكئًا} يعني المتّكأ.
فهذا الّذي ذكرنا عمّن ذكرنا عنه من تأويل هذه الكلمة، هو معنى الكلمة وتأويل المتّكأ، وأنّها أعدّت للنسوة مجلسًا فيه متّكئًا وطعامٌ وشرابٌ وأترجٌ. ثمّ فسّر بعضهم المتّكأ بأنّه الطّعام على وجه الخبر عن الّذي أعدّ من أجله المتّكأ، وبعضهم عن الخبر عن الأترجّ، إذ كان في الكلام: وآتت كلّ واحدةٍ منهنّ سكّينًا، لأنّ السّكّين إنّما تعدّ للأترج، وما أشبهه ممّا يقطع به. وبعضهم على البزماورد
- حدّثني هارون بن حاتمٍ المقرئ، قال: حدّثنا ابراهيم بن الزّبرقان، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، في قوله: {وأعتدت لهنّ متّكأً} قال: البزماورد.
- وقال أبو عبيدة معمر بن المثنّى: المتّكأ: هو النّمرق يتّكأ عليه وقال: زعم قومٌ أنّه الأترجّ، قال: وهذا أبطل باطلٍ في الأرض، ولكن عسى أن يكون مع المتّكإ أترجٌّ يأكلونه.
وحكى أبو عبيدٍ القاسم بن سلاّمٍ قول أبي عبيدة هذا، ثمّ قال: والفقهاء أعلم بالتّأويل منه. ثمّ قال: ولعلّه بعض ما ذهب من كلام العرب، فإنّ الكسائيّ كان يقول: قد ذهب من كلام العرب شيءٌ كثيرٌ انقرض أهله.
والقول في أنّ الفقهاء أعلم بالتّأويل من أبي عبيدة كما قال أبو عبيدٍ لا شكّ فيه، غير أنّ أبا عبيدة لم يبعد من الصّواب في هذا القول، بل القول كما قال من أنّ من قال للمتّكأ هو الأترجّ، إنّما بيّن المعدّ في المجلس الّذي فيه المتّكأ، والّذي من أجله أعطين السّكاكين، لأنّ السّكاكين معلومٌ أنّها لا تعدّ للمتّكأ إلاّ لتخريقه، ولم يعطين السّكاكين لذلك. وممّا يبيّن صحّة ذلك القول الّذي ذكرناه عن ابن عبّاسٍ، من أنّ المتّكأ هو المجلس
ثمّ روي عن مجاهدٍ عنه، ما؛
- حدّثني به، سليمان بن عبد الجبّار، قال: حدّثنا محمّد بن الصّلت، قال: حدّثنا أبو كدينة، عن حصينٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، {وأعتدت لهنّ متّكأً وآتت كلّ واحدةٍ منهنّ سكّينًا} قال: أعطتهنّ أترجًّا، وأعطت كلّ واحدةٍ منهنّ سكّينًا.
فبيّن ابن عبّاسٍ في رواية مجاهدٍ هذه ما أعطت النّسوة، وأعرض عن ذكر بيان معنى المتّكأ، إذ كان معلومًا معناه.
ذكر من قال في تأويل المتّكأ ما ذكرنا
- حدّثني يحيى بن طلحة اليربوعيّ، قال: حدّثنا فضيل بن عياضٍ، عن حصينٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، {وأعتدت لهنّ متّكئًا} قال: التّرنج
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن عوفٍ، قال: حدّثت عن ابن عبّاسٍ، أنّه كان يقرؤها: متكًا مخفّفةً، ويقول: هو الأترجّ
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا ابن إدريس، عن أبيه، عن عطيّة، {وأعتدت لهنّ متّكئًا} قال الطّعام
- حدّثني يعقوب، والحسن بن محمّدٍ، قالا: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ، عن الحسن، في قوله: {وأعتدت لهنّ متّكأً} قال: طعامًا.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن أبي رجاءٍ، عن الحسن، مثله
- حدّثنا ابن بشّارٍ، وابن وكيعٍ، قالا: حدّثنا غندرٌ، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قوله: {وأعتدت لهنّ متّكأً} قال: طعامًا.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا وهب بن جريرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ نحوه
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، قال: من قرأها {متّكأً} فهو الطّعام، ومن قرأها متكًا فخفّفها، فهو الأترجّ
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {متّكأً} قال: طعامًا.
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا شبابة، قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ.
- وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا أبو خالدٍ القرشيّ، قال: حدّثنا سفيان، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، قال: من قرأ: متكًا خفيفةً، فهو الأترجّ.
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا سفيان، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، بنحوه
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن ليثٍ، قال سمعت بعضهم، يقول: الأترجّ
- حدّثنا بشر،قال:ثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيد، عن قتادة، {وأعتدت لهنّ متّكئًا}. أى: طّعاما
- حدّثنا محمد بن عبد الأعلى، قال حدّثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة مثله.
- قال: حدّثنا يزيد، عن أبي رجاء،عن عكرمة في قوله: { متّكئًا}. قال: طّعاما.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمّي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: {وأعتدت لهنّ متّكأً} يعني الأترجّ
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، {وأعتدت لهنّ متّكأً} والمتّكأ: الطّعام
- قال: حدّثنا جريرٌ عن ليثٍ، عن مجاهدٍ: {وأعتدت لهنّ متّكأً} قال: الطّعام
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وأعتدت لهنّ متّكأً} قال: طعامًا
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال: حدّثنا عبيد بن سلمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {متّكأً} فهو كلّ شيءٍ يحزّ بالسّكّين.
قال اللّه تعالى ذكره مخبرًا عن امرأة العزيز والنّسوة اللاّتي تحدثن بشأنها في المدينة: {وآتت كلّ واحدةٍ منهنّ سكّينًا} يعني بذلك جلّ ثناؤه: وأعطت كلّ واحدةٍ من النّسوة اللاّتي حضرنها سكّينًا لتقطع به من الطّعام ما تقطع به، وذلك ما ذكرت أنّها آتتهنّ، إمّا من الأترجّ، وإمّا من البزماورد، أو غير ذلك ممّا يقطع بالسّكّين كما؛
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرو بن محمّدٍ، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، {وآتت كلّ واحدةٍ منهنّ سكّينًا} وأترجًّا يأكلنه
- حدّثنا سليمان بن عبد الجبّار، قال: حدّثنا محمّد بن الصّلت، قال: حدّثنا أبو كدينة، عن حصينٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، {وآتت كلّ واحدةٍ منهنّ سكّينًا} قال: أعطتهنّ أترجًّا، وأعطت كلّ واحدةٍ منهنّ سكّينًا
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، {وآتت كلّ واحدةٍ منهنّ سكّينًا} ليحتززن به من طعامهنّ
- حدّثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وآتت كلّ واحدةٍ منهنّ سكّينًا} وأعطتهنّ ترنجًا وعسلاً، فكنّ يحززن التّرنج بالسّكّين، ويأكلن بالعسل.
وفي هذه الكلمة بيان صحّة ما قلنا واخبرنا في قوله: {وأعتدت لهنّ متّكأً} وذلك أنّ اللّه تعالى ذكره أخبر عن إيتاء امرأة العزيز النّسوة السّكاكين، وترك ماله آتتهنّ السّكاكين، إذ كان معلومًا أنّ السّكاكين لا تدفع إلى من دعي إلى مجلسٍ إلاّ لقطع ما يؤكل إذا قطع بها، فاستغنى بفهم السّامع بذكر إيتائها صواحباتها السّكاكين عن ذكر ماله آتتهنّ ذلك، فكذلك استغنى بذكر اعتدادها لهنّ المتّكأ عن ذكر ما يعتدّ له المتّكأ ممّا يحضر المجالس من الأطعمة والأشربة والفواكه وصنوف الالتهاء؛ لفهم السّامعين بالمراد من ذلك، ودلالة قوله: {وأعتدت لهنّ متّكأً} عليه. فأمّا نفس المتّكأ فهو ما وصفنا خاصّةً دون غيره
وقوله: {وقالت اخرج عليهنّ فلمّا رأينه أكبرنه} يقول تعالى ذكره: وقالت امرأة العزيز ليوسف: {اخرج عليهنّ} فخرج عليهنّ يوسف، {فلمّا رأينه أكبرنه} يقول جلّ ثناؤه: فلمّا رأين يوسف أعظمنه وأجللنه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا شبابة، قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {أكبرنه} أعظمنه.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قال،
- وحدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {فلمّا رأينه أكبرنه}: أي أعظمنه
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرو بن محمّدٍ، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، {وقالت اخرج عليهنّ} ليوسف، {فلمّا رأينه أكبرنه}: عظّمنه
- حدّثنا إسماعيل بن سيفٍ العجليّ، قال: حدّثنا عليّ بن عابسٍ، قال: سمعت السّدّيّ يقول في قوله: {فلمّا رأينه أكبرنه} قال: أعظمنه
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {اخرج عليهنّ} فخرج {فلمّا رأينه} أعظمنه وبهتن
- حدّثنا إسماعيل بن سيفٍ، قال: حدّثنا عبد الصّمد بن عليٍّ الهاشميّ، عن أبيه، عن جدّه، في قوله: {فلمّا رأينه أكبرنه} قال: حضن
- حدّثنا عليّ بن داود، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {فلمّا رأينه أكبرنه} يقول: أعظمنه.
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا يحيى بن أبي زائدة، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ مثله.
وهذا القول، أعني القول الّذي روي عن عبد الصّمد، عن أبيه، عن جدّه، في معنى {أكبرنه} أنّه حضن، إن لم يكن عنى به أنّهنّ حضن من إجلالهنّ يوسف، وإعظامهنّ لما كان اللّه قسم له من البهاء والجمال، ولما يجد من مثل ذلك النّساء عند معاينتهنّ إيّاه، فقولٌ لا معنى له؛ لأنّ تأويل ذلك: فلمّا رأين يوسف أكبرنه، فالهاء الّتي في أكبرنه من ذكر يوسف، ولا شكّ أنّ من المحال أن يحضن يوسف، ولكنّ الخبر إن كان صحيحًا عن ابن عبّاسٍ على ما روي، فخليقٌ أن يكون كان معناه في ذلك أنّهنّ حضن لمّا أكبرن من حسن يوسف وجماله في أنفسهنّ ووجدن ما يجد النّساء من مثل ذلك.
وقد زعم بعض الرّواة أنّ بعض النّاس أنشده في أكبرن بمعنى حضن، بيتًا لا أحسب أنّ له أصلاً، لأنّه ليس بالمعروف عند الرّواة، وذلك:
نأتي النّساء على أطهارهنّ ولا = نأتي النّساء إذا أكبرن إكبارا
وزعم أنّ معناه: إذا حضن
وقوله: {وقطّعن أيديهنّ} اختلف أهل التّأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: معناه: أنّهنّ حززن بالسّكّين في أيديهنّ، وهنّ يحسبن أنّهنّ يقطعن الأترجّ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا شبابة، قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وقطّعن أيديهنّ} حزًّا حزًّا بالسّكّين
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {وقطّعن أيديهنّ} قال: حزًّا حزًّا بالسّكاكين
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ.
- قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {وقطّعن أيديهنّ} قال: حزًّا حزًّا بالسّكّين
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرو بن محمّدٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {وقطّعن أيديهنّ} قال: جعل النّسوة يحززن أيديهنّ، يحسبن أنّهنّ يقطعن الأترجّ
- حدّثنا إسماعيل بن سيفٍ، قال: حدّثنا عليّ بن عابسٍ، قال: سمعت السّدّيّ، يقول: كانت في أيديهنّ سكاكين مع الأترجّ، فقطّعن أيديهنّ، وسالت الدّماء، فقلن: نحن نلومك على حبّ هذا الرّجل، ونحن قد قطّعنا أيدينا وسالت الدّماء
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: جعلن يحززن أيديهنّ بالسّكّين، ولا يحسبن إلاّ أنّهنّ يحززن التّرنج، قد ذهبت عقولهنّ ممّا رأين
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وقطّعن أيديهنّ} وحززن أيديهنّ
- حدّثني سليمان بن عبد الجبّار، قال: حدّثنا محمّد بن الصّلت، قال: حدّثنا ابو كدينة، عن حصينٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: جعلن يقطعن أيديهنّ، وهنّ يحسبن أنّهنّ يقطعن الأترجّ
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {وقطّعن أيديهنّ} قال: جعلن يحززن أيديهنّ، ولا يشعرن بذلك
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: قالت ليوسف: اخرج عليهنّ فخرج عليهنّ، فلمّا رأينه أكبرنه، وغلبت عقولهنّ عجبًا منه حين رأينه، فجعلن يقطعن أيديهنّ بالسّكاكين الّتي معهنّ ما يعقلن شيئًا ممّا يصنعن، {وقلن حاش للّه ما هذا بشرًا}.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: أنّهنّ قطّعن أيديهنّ حتّى أبنّها، وهنّ لا يشعرن ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: قطّعن أيديهنّ حتّى ألقينها
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {وقطّعن أيديهنّ} قال: قطّعن أيديهنّ حتّى ألقينها.
والصّواب من القول في ذلك أن يقال: إنّ اللّه أخبر عنهنّ أنّهنّ قطّعن أيديهنّ، وهنّ لا يشعرن لإعظام يوسف، وجائزٌ أن يكون ذلك كان قطعًا بإبانةٍ، وجائزٌ أن يكون كان قطع حزٍّ وخدشٍ، ولا قول في ذلك أصوب من التّسليم لظاهر التّنزيل
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه، قال: أعطي يوسف وأمّه ثلث الحسن.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه، مثله
- وبه عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه، قال: قسم ليوسف وأمّه ثلث الحسن
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ؛ وحدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه، قال: أعطي يوسف وأمّه ثلث حسن الخلق
- حدّثني أحمد بن ثابتٍ، وعبد اللّه بن محمّدٍ الرّازيّان، قالا: حدّثنا عفّان، قال: أخبرنا حمّاد بن سلمة، قال: أخبرنا ثابتٌ، عن أنسٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: أعطي يوسف وأمّه شطر الحسن
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن أبي معاذٍ، عن يونس، عن الحسن، أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: أعطي يوسف وأمّه ثلث حسن أهل الدّنيا، وأعطي النّاس الثّلثين أو قال: أعطي يوسف وأمّه الثّلثين، وأعطي النّاس الثّلث
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، وحدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، عن ربيعة الجرشيّ، قال: قسم الحسن نصفينٍ، فأعطي يوسف وأمّه سارة نصف الحسن، والنّصف الآخر بين سائر الخلق
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو أحمد الزّبيريّ، قال: حدّثنا سفيان، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، عن ربيعة الجرشيّ، قال: قسم الحسن نصفين: فقسم ليوسف وأمّه النّصف، والنّصف لسائر النّاس
- حدّثنا ابن وكيعٍ، وابن حميدٍ، قالا: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، عن ربيعة الجرشيّ، قال: قسم الحسن نصفينٍ، فجعل ليوسف وسارة النّصف، وجعل لسائر الخلق نصفٌ
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عيسى بن يزيد، عن الحسن، أعطي يوسف وأمّه ثلث حسن الدّنيا، وأعطي النّاس الثّلثين.
وقوله: {وقلن حاش للّه} اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامّة قرّاء الكوفيّين: {حاش للّه} بفتح الشّين وحذف الياء.
وقرأه بعض البصريّين بإثبات الياء حاشى للّه. وفيها لغاتٌ لم يقرأ بها: حاشى اللّه كما قال الشّاعر:
حاشى أبي ثوبان إنّ به = ضنًّا عن الملحاة والشّتم
وذكر عن ابن مسعودٍ أنّه كان يقرأ بهذه اللّغة: و( حشى الله ) وحاش اللّه بتسكين الشّين والألف يجمع بين السّاكنين.
وأمّا القراءة، فإنّما هي بإحدى اللّغتين الأوليين، فمن قرأ: {حاش للّه} بفتح الشّين وإسقاط الياء، فإنّه أراد لغة من قال: حاشى للّه، بإثبات الياء، ولكنّه حذف الياء لكثرتها على ألسن العرب، كما حذفت العرب الألف من قولهم: لا أب لغيرك، ولا أب لشانيك، وهم يعنون: لا أبًا لغيرك، ولا أبًا لشانيك.
وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يزعم أنّ لقولهم: حاشى، موضعين في الكلام: أحدهما: التّنزيه، والآخر: الاستثناء، وهو في هذا الموضع عندنا بمعنى التّنزيه للّه، كأنّه قيل: معاذ اللّه.
وأمّا القول في قراءة ذلك، فإنّه يقال للقارئ، في قراءته بأيّ هاتين القراءتين شاء، إن شاء بقراءة الكوفيّين، وإن شاء بقراءة البصريّين، وهو: {حاش للّه} وحاشى للّه لأنّهما قراءتان مشهورتان، ولغتان معروفتان بمعنى واحدٍ، وما عدا ذلك فلغاتٌ لا تجوز القراءة بها، لأنّا لا نعلم قارئًا قرأ بها.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا ابن نميرٍ، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {وقلن حاش للّه} قال: معاذ اللّه
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {حاش للّه}: معاذ اللّه
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {وقلن حاش للّه}: معاذ اللّه
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا شبابة، قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {حاش للّه}: معاذ اللّه
- قال: حدّثنا عبد الوهّاب، عن عمرٍو، عن الحسن، {حاش للّه}: معاذ اللّه.
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا يحيى، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله
وقوله: {ما هذا بشرًا} يقول: قلن ما هذا ببشر، لأنّهنّ لم يرين في حسن صورته من البشر أحدًا، فقلن: لو كان من البشر لكان كبعض ما رأينا من صورة البشر، ولكنّه من الملائكة لا من البشر كما؛
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وقلن حاش للّه ما هذا بشرًا}: ما هكذا تكون البشر.
وبهذه القراءة قرأ عامّة قرّاء الأمصار وقد؛
- حدّثت عن يحيى بن زيادٍ الفرّاء، قال: ثني دعامة بن رجاءٍ التّيميّ، وكان غرًّا، عن أبي الحويرث الحنفيّ، أنّه قرأ: ما هذا بشرًى: أي ما هذا بمشترًي.
يريد بذلك أنّهنّ أنكرن أن يكون مثله مستعبدًا يشترى ويباع.
وهذه قراءة لا أستجيز القراءة بها لإجماع قرّاء الأمصار على خلافها وقد بيّنّا أنّ ما أجمعت عليه، فغير جائزٍ خلافها فيه.
وأمّا نصب البشر، فمن لغة أهل الحجاز إذا أسقطوا الباء من الخبر نصبوه، فقالوا: ما عمرٌو قائمًا. وأمّا أهل نجدٍ، فإنّ من لغتهم رفعه، يقولون: ما عمرٌو قائمٌ؛ ومنه قول بعضهم حيث يقول:
لشتّان ما أنوي وينوي بنو أبي = جميعًا، فما هذان مستويان
تمنّوا لي الموت الّذي يشعب الفتى = وكلّ فتًى والموت يلتقيان
وأمّا القرآن، فجاء بالنّصب في كلّ ذلك، لأنّه نزل بلغة أهل الحجاز
وقوله: {إن هذا إلاّ ملكٌ كريمٌ} يقول: قلن ما هذا إلاّ ملكٌ من الملائكة كما؛
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {إن هذا إلاّ ملكٌ كريمٌ} قال: قلن: ملكٌ من الملائكة). [جامع البيان: 13/122-141]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: فلمّا سمعت بمكرهنّ
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان بن صالحٍ، ثنا الوليد، ثنا سعيد بن بشيرٍ، عن قتادة في قول اللّه: فلمّا سمعت بمكرهنّ: بحديثهنّ.
- حدّثنا أبي، ثنا ابن أبي عمر، قال سفيان: فلمّا سمعت بمكرهنّ قال: بعملهنّ، وقال: كلّ مكرٍ في القرآن فهو عملٌ.
قوله تعالى: أرسلت إليهنّ وأعتدت لهنّ متكأ
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ، أنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ، قوله: وأعتدت لهنّ متّكأً قال: وهيّأت لهنّ متّكئًا.
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد اللّه بن يونس، ثنا فضيل بن عياضٍ، عن حصينٍ، عن مجاهدٍ عن ابن عبّاسٍ في قوله: وأعتدت لهنّ متّكأً قال: الأترجّ.
- حدّثنا أبي، ثنا سهل بن عثمان، ثنا يحيى بن يمانٍ، عن المنهال يعني: ابن خليفة، عن سلمة بن تمامٍ يعني: أبا عبد اللّه الشّقريّ، قال: متّكأً بكلام الحبش يسمّون التّرنج متّكئًا.
- حدّثنا أبي، ثنا ابن عائشة وعليّ بن عثمان اللاحقيّ، قالا: ثنا عبد الواحد يعنيان ابن زيادٍ، ثنا أبو روقٍ قال: سمعت الضّحّاك في قوله: وأعتدت لهنّ متّكأً قال: أترنجًا بعد الغذاء، والسّياق للاحقيّ.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا إسماعيل بن عليّة، عن أبي رجاءٍ، عن الحسن: وأعتدت لهنّ متّكأً قال: طعامًا، وروي، عن مجاهدٍ وسعيد بن جبيرٍ والسّدّيّ في إحدى الرّوايات وقتادة في إحدى الرّوايات مثل ذلك.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ قال: قلت لابن إدريس: ذكرت عن أبيك، عن عطيّة: وأعتدت لهنّ متّكأً قال: طعامًا وشرابًا وتكا، قلت من؟ قال سمعت أبي يذكره، عن عطيّة، قلت في قوله ماذا؟ قال: وأعتدت لهنّ متّكأً.
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن سفيان، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، قال: من قرأها: متّكأً أشدّها فهو الطّعام، ومن قرأها: متكئا خفّفها، فهو التّرنج.
والوجه الثّالث:
- حدّثنا أبي، ثنا كثير بن عبيدٍ المذحجيّ، ثنا معاوية بن حفصٍ، عن إبراهيم التّيميّ يعني: إبراهيم بن الزّبرقان، عن أبي سنانٍ، عن الضّحّاك وأعتدت لهنّ متّكأً قال: كنّا نقول ونحن غلمانٌ هو: البزماورد.
- حدّثنا أبي، ثنا يحيى الحمّانيّ، ثنا معاوية بن حفصٍ، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، وأعتدت لهنّ متّكأً قال: البرماورد.
الوجه الرّابع:
- حدّثنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ، أنا حفص العدنيّ، عن الحكم، عن عكرمة في قوله: وأعتدت لهنّ متّكأً قال: كلّ شيءٍ يقطع بالسّكّين- وروي، عن عبيد بن سليمان، وعليّ بن الحكم، عن الضّحّاك، مثل ذلك.
الوجه الخامس:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث، أنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ في قوله: وأعتدت لهنّ متّكأً قال: وهيّأت لهنّ مجلسًا.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامرٌ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: وأعتدت لهنّ متّكأً يتّكين عليه وآتت كلّ واحدةٍ منهنّ سكّينًا وأترنجًا يأكلنه.
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن عمّارٍ، ثنا الوليد، ثنا سعيد بن بشيرٍ، عن قتادة وأعتدت لهنّ متّكأً قال قتادة: قال ابن عبّاسٍ: أما سمعتم بقول الأعاجم: سورًا
قوله تعالى: وآتت كلّ واحدةٍ منهنّ سكّينًا
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ، أنا بشر، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ في قوله: وآتت كلّ واحدةٍ منهنّ سكّينًا قال: كانت سنّتهم إذا وضعوا المائدة أعطي كلّ إنسانٍ منهم سكّينًا يأكل بها.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، أنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيدٍ في قول اللّه: وآتت كلّ واحدة منهن سكينا: وأعطتهن ترنجا وعسلا، فكنّ يحززن التّرنج بالسّكّين، ويأكلن بالعسل.
قوله: وقالت اخرج عليهنّ
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ أنا بشر، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: وقالت اخرج عليهنّ قال: فلمّا خرج عليهنّ يوسف، أكبرنه.
- حدّثنا عبد اللّه، ثنا الحسين ثنا عامرٌ، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ: وقالت ليوسف اخرج عليهنّ
- حدّثنا محمّد بن يحيى الواسطيّ، قال: حدّثني محمّد بن حسين البرجلانيّ، ثنا عبيد اللّه بن محمّدٍ التّيميّ، ثنا دريد بن مجاشعٍ، عن بعض أشياخه، قال: وأعتدت لهنّ متّكأً وآتت كلّ واحدةٍ منهنّ سكّينًا قال: قالت للقيّم: أدخله عليهنّ وألبسه ثيابًا بيضاء، فإنّ الجميل أحسن ما يكون في البياض، قال فأدخله عليهنّ، وهنّ يحززن ما في أيديهنّ، فلمّا رأينه حززن أيديهنّ، وهنّ لا يشعرن من النّظر إليه فنظرن إليه مقبلا، ثمّ أومأت إليه أن ارجع فنظرن إليه مدبرًا، وهنّ يحززن أيديهنّ بالسّكاكين، لا يشعرن بالوجع من نظرهنّ إليه فلمّا خرج نظرن إلى أيديهنّ، وجاء الوجع فجعلن يولولن، وقالت لهنّ: أنتنّ من ساعةٍ واحدةٍ هكذا صنعتنّ فكيف أصنع أنا؟ قلن حاش للّه ما هذا بشرًا إن هذا إلا ملكٌ كريمٌ.
قوله تعالى: فلمّا رأينه أكبرنه
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي، ثنا مسلم بن يحيى بن عبد الحميد الدّمشقيّ، ثنا سويد بن عبد العزيز، حدّثني عبد الصّمد بن عليّ بن عبد اللّه بن عبّاسٍ، عن أبيه، عن جدّه ابن عبّاسٍ فلمّا رأينه أكبرنه قال: لمّا خرج عليهنّ يوسف حضن من الفرح، وقال الشّاعر:
نأتي النّساء لدى إطهارهنّ،... ولا نأتي النّساء إذا أكبرن إكبارًا.
- حدّثنا يزداد بن عمر الهمذانيّ، ثنا العلاء بن عبد الملك بن أبي سويّة، ثنا عبد الصّمد بن عليّ الهاشميّ، عن أبيه، عن جدّه في قول اللّه عزّ وجلّ:
فلمّا رأينه أكبرنه قال: حضن.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ، أنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ، فلمّا خرج عليهنّ يوسف أكبرنه قال: أعظمنه، وروي عن السّدّيّ مثله.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، أنا أصبغ قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم يقول: فلمّا رأينه أكبرنه: أعظمنه وبهتن.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن عيسى، ثنا سلمة، عن بن إسحاق: فلمّا رأينه أكبرنه وغارت عقولهنّ، عجبًا منه حين رأينه.
قوله تعالى: وقطّعن أيديهنّ
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ أنا بشر، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: فلمّا خرج عليهنّ يوسف ونظرن إليه أقبلن يحززن أيديهنّ بالسّكاكين، قال فهو قول اللّه: وقطّعن أيديهنّ قال: وكنّ يحسبن أنّهنّ يقطّعن طعامًا.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: وقطّعن أيديهنّ حزًّا حزًّا بالسّكّين.
قوله تعالى: وقلن حاش للّه
- وبه، عن مجاهدٍ: وقلن حاش للّه قال: معاذ اللّه.
قوله: ما هذا بشرًا
- حدّثنا أحمد بن منصورٍ المروزيّ، ثنا عبد الملك الجدّيّ، ثنا سليمان بن المغيرة، أنا ثابتٌ، عن أنس بن مالكٍ قال: أعطي يوسف شطر الحسن.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو نعيمٍ، عن سفيان، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، عن ربيعة الجرشيّ قال: قسم الحسن نصفين، فجعل ليوسف وسارة النّصف، والنّصف الآخر لسائر النّاس.
- حدّثني أبي، ثنا أبو غسّان النّهديّ، ثنا زهيرٌ، ثنا أبو إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه قال: أتي يوسف وأمّه ثلث حسن خلق النّاس، في الوجه والبياض، وغير ذلك، قال: فكانت المرأة إذا أتته غطّى وجهه مخافة أن تفتتن به.
- حدّثنا العبّاس بن محمّدٍ الدّوريّ، ثنا محمّد بن الصّلت، ثنا أشعث بن سوّارٍ، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه قال: كان وجه يوسف مثل البرق.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو معمرٍ، ثنا عبد الوارث، عن يونس، عن الحسن، قال: إنّ اللّه تعالى قسم الحسن ثلاثة أجزاءٍ فأعطى يوسف الثّلث، وقسم الثّلثين بين النّاس، فكان أحسن النّاس.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، أنا أصبغ، قال سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم يقول في قول اللّه: ما هذا بشرًا قال: ما هكذا يكون البشر، فأقرّت لهنّ.
قوله تعالى: إن هذا إلا ملكٌ كريمٌ
- حدّثنا عليّ بن الحسن، أنا أبو الجماهر، أنا سعيد بن بشيرٍ، عن غير قتادة: إن هذا إلا ملكٌ كريمٌ أي: من حسنه.
- أخبرنا محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، أنا عبد الرّزّاق، أنا معمرٌ، عن قتادة إن هذا إلا ملكٌ كريمٌ قال: قلن من الملائكة). [تفسير القرآن العظيم: 7/2132-2137]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن حصين عن مجاهد عن ابن عباس في قوله وآتت كل واحدة منهن سكينا يقول أعطت كل واحدة منهن سكينا). [تفسير مجاهد: 312]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن حصين عن مجاهد عن ابن عباس في قوله وأعتدت لهن متكأ قال هو الأترج). [تفسير مجاهد: 314]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وأعتدت لهن متكأ قال طعاما). [تفسير مجاهد: 314]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم ثنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وآتت كل واحدة منهن سكينا قال أعطت كل واحدة منهن سكينا). [تفسير مجاهد: 315]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وقطعن أيديهن قال حزا حزا بالسكاكين). [تفسير مجاهد: 315]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم ثنا آدم نا ورقاء عن حصين عن مجاهد عن ابن عباس في قوله وقطعن أيديهن قال لما رأين يوسف جعلن يقطعن أيديهن يحسبن أنهن يقطعن الأترج). [تفسير مجاهد: 315]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم ثنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أكبرنه يعني أعظمنه). [تفسير مجاهد: 315]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وقلن حاش لله أي معاذ الله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك من الملائكة). [تفسير مجاهد: 315]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال مسدّدٌ: ثنا يحيى، عن فضيل بن عياضٍ، عن حصينٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ- رضي اللّه عنهما- " (وأعتدت لهن متكئاً) الأترج"). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/224]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال مسدّدٌ: حدثنا يحيى، عن فضيل بن عياضٍ عن حصينٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما (في قوله): {وأعتدت لهنّ متكئا}، قال الأترجّ). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 14/746]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 31.
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فلما سمعت بمكرهن} قال: بحديثهن). [الدر المنثور: 8/237]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان رضي الله عنه في قوله {سمعت بمكرهن} قال: يعملهن، وقال: كل مكر في القرآن فهو عمل). [الدر المنثور: 8/237-238]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ رضي الله عنه في قوله {وأعتدت لهن متكأ} قال: هيأت لهن مجلسا وكان سنتهم إذا وضعوا المائدة أعطوا كل إنسان سكينا يأكل بها، فلما رأينه قال: فلما خرج عليهن يوسف عليه السلام {أكبرنه} قال: أعظمنه ونظرن إليه وأقبلن يحززن أيديهن بالسكاكين وهن يحسبن أنهن يقطعن الطعام). [الدر المنثور: 8/238]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {وأعتدت لهن متكأ} قال: أعطتهن أترنجا وأعطت كل واحدة منهن سكينا فلما رأين يوسف أكبرنه وجعلن يقطعن أيديهن وهن يحسبن أنهن يقطع الأترنج). [الدر المنثور: 8/238]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج مسدد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: المتكأ الأترنج وكان يقرؤها خفيفة). [الدر المنثور: 8/238]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر من وجه آخر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {متكأ} قال: هو الأترنج). [الدر المنثور: 8/239]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبوعبيد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من وجه ثالث عن مجاهد رضي الله عنه قال: من قرأ {متكأ} شدها فهو الطعام، ومن قرأ متكا خففها فهو الأترنج). [الدر المنثور: 8/239]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سلمة بن تمام أبي عبد الله القسري رضي الله عنه قال: {متكأ} بكلام الحبش يسمون الأترنج متكا). [الدر المنثور: 8/239]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن أبان بن تغلب رضي الله عنه أنه كان يقرؤها {وأعتدت لهن متكأ} مخففة، قال: الأترنج). [الدر المنثور: 8/239]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {وأعتدت لهن متكأ} قال: طعام وشراب وتكاء.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه مثله). [الدر المنثور: 8/239]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {متكأ} قال: كل شيء يقطع بالسكين). [الدر المنثور: 8/240]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه قال: أعطتهن ترنجا وعسلا فكن يحززن الترنج بالسكين ويأكلن بالعسل فلما قيل له اخرج عليهن خرج، فلما رأينه أعظمنه وتهيمن به حتى جعلن يحززن أيديهن بالسكين وفيها الترنج ولا يعقلن لا يحسبن إلا أنهن يحززن الأترنج قد ذهبت عقولهن مما رأين وقلن {حاش لله ما هذا بشرا} ما هكذا يكون البشر ما هذا إلا ملك كريم). [الدر المنثور: 8/240]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم من طريق دريد بن مجاشع عن بعض أشياخه قال: قالت للقيم: أدخله عليهن وألبسه ثيابا بيضا فإن الجميل أحسن ما يكون في البياض، فأدخله عليهن وهن يحززن ما في أيديهن فلما رأينه حززن أيديهن وهن لا يشعرن من النظر إليه فنظرن إليه مقبلا ثم أومأت إليه أن ارجع، فنظرن إليه مدبرا وهن يحززن أيديهن بالسكاكين لا يشعرن بالوجع من نظرهن إليه فلما خرج نظرن إلى أيديهن وجاء الوجع فجعلن يولولن، وقالت لهن: أنتن من ساعة واحدة هكذا صنعتن فكيف أصنع أنا، {وقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم}). [الدر المنثور: 8/240-241]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ من طريق عبد العزيز بن الوزير بن الكميت بن زيد بن الكميت الشاعرقال: حدثني أبي عن جدي قال: سمعت جدي الكميت يقول في قوله {فلما رأينه أكبرنه} قال: أمنين، وأنشد في ذلك:
لما رأته الخيل من رأس شاهق * صهلن وأكبرن المني المدفقا). [الدر المنثور: 8/241]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فلما رأينه أكبرنه} قال: لما خرج عليهن يوسف حضن من الفرح وقال الشاعر:
نأتي النساء لدى إطهارهن ولا * نأتي النساء إذا أكبرن إكبارا). [الدر المنثور: 8/241]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {فلما رأينه أكبرنه} قال: أعظمنه {وقطعن أيديهن} قال: حزا بالسكين حتى ألقينها {وقلن حاش لله} قال: معاذ الله). [الدر المنثور: 8/241-242]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي داود في المصاحف والخطيب في تالي التلخيص عن أسيد بن يزيد أن في مصحف عثمان {وقلن حاش لله} ليس فيها ألف). [الدر المنثور: 8/242]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن أبي الحويرث الحنفي أنه قرأها {ما هذا بشرا} أي ما هذا بمشترى). [الدر المنثور: 8/242]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {إن هذا إلا ملك كريم} قال: قلن ملك من الملائكة من حسنه). [الدر المنثور: 8/242]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن أساس رضي الله عنه قال: لما قررن وطابت أنفسهن قالت لقيمها: آتهن ترنجا وسكينا، فأتاهن بهن فجعلن يقطعن ويأكلن فقالت: هل لكن في النظر إلى يوسف قلن: ما شئت فأمرت قيمها فأدخله عليهن فلما رأينه جعلن يقطعن أصابعهن مع الأترنج وهن لا يشعرن فلا يجدن ألما مما رأين من حسنه فلما ولى عنهن قالت: هذا الذي لمتنني فيه فلقد رأيتكن تقطعن أيديكن وما تشعرن، قال: فنظرن إلى أيديهن فجعلن يصحن ويبكين، قالت: فكيف أصنع فقلن: {حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم} وما نرى عليك من لوم بعد الذي رأينا). [الدر المنثور: 8/242-243]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن منبه عن أبيه قال: مات من النسوة اللاتي قطعن أيديهن تسع عشرة امرأة كمدا). [الدر المنثور: 8/243]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والحاكم عن أنس رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال أعطي يوسف وأمه شطر الحسن). [الدر المنثور: 8/243]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد، وابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال أعطي يوسف وأمه ثلث الحسن). [الدر المنثور: 8/243]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كان وجه يوسف مثل البرق وكانت المرأة إذا أتت لحاجة ستر وجهه مخافة أن تفتن به). [الدر المنثور: 8/243-244]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: أوتي يوسف عليه السلام وأمه ثلث حسن خلق الإنسان: في الوجه والبياض وغير ذلك). [الدر المنثور: 8/244]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن إسحاق بن عبد الله قال: كان يوسف عليه الصلاة والسلام إذا سار في أزقة مصر تلألأ وجهه على الجدران كما يتلألأ الماء والشمس على الجدران). [الدر المنثور: 8/244]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: أعطي يوسف وأمه ثلث حسن أهل الدنيا وأعطي الناس الثلثين). [الدر المنثور: 8/244]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قسم الله الحسن عشرة أجزاء فجعل منها ثلاثة أجزاء في حواء وثلاثة أجزاء في سارة وثلاثة أجزاء في يوسف وجزأ في سائر الخلق وكانت سارة من أحسن نساء الأرض وكانت من أشد النساء غيرة). [الدر المنثور: 8/244-245]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ربيعة الجرشي رضي الله عنه قال: قسم الله الحسن نصفين فجعل ليوسف وسارة النصف وقسم النصف الآخر بين سائر الناس). [الدر المنثور: 8/245]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال: قسم الحسن ثلاثة أقسام فأعطي يوسف الثلث وقسم الثلثان بين الناس وكان أحسن الناس). [الدر المنثور: 8/245]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر وأبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه قال: كان فضل حسن يوسف على الناس كفضل القمر ليلة البدر على نجوم السماء). [الدر المنثور: 8/245]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم عن كعب رضي الله عنه قال: قسم الله ليوسف عليه السلام من الجمال الثلثين وقسم بين عباده الثلث وكان يشبه آدم عليه السلام يوم خلقه الله تعالى فلما عصى آدم عليه السلام نزع منه النور والبهاء والحسن ووهب له ثلث من الجمال مع التوبة فأعطى الله ليوسف عليه السلام ذلك الثلثين وأعطاه تأويل الرؤيا، وإذا تبسم رأيت النور من ضواحكه). [الدر المنثور: 8/245]

تفسير قوله تعالى: (قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آَمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ (32) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قالت فذلكنّ الّذي لمتنّني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما آمره ليسجننّ وليكونًا من الصّاغرين}.
يقول تعالى ذكره: قالت امرأة العزيز للنسوة اللاّتي قطّعن أيديهنّ، فهذا الّذي أصابكنّ في رؤيتكنّ إيّاه، وفي نظرةٍ منكنّ نظرتنّ إليه ما أصابكنّ من ذهاب العقل وغروب الفهم، ولهًا إليه حتّى قطّعتنّ أيديكنّ، هو الّذي لمتنّني في حبّي إيّاه، وشغف فؤادي به، فقلتنّ: قد شغف امرأة العزيز فتاها حبًّا إنّا لنراها في ضلالٍ مبينٍ. ثمّ أقرّت لهنّ بأنّها قد راودته عن نفسه، وأنّ الّذي تحدّثن به عنها في أمره حقٌّ، فقالت: {ولقد راودته عن نفسه فاستعصم} ممّا راودته عليه من ذلك
- كما: حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرو بن محمّدٍ، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، {قالت فذلكنّ الّذي لمتنّني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم}: تقول: بعد ما حلّ السّراويل استعصى، لا أدري ما بدا له
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فاستعصم}: أي فاستعصى
- حدّثني عليّ بن داود، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فاستعصم} يقول: فامتنع
وقوله: {لئن لم يفعل ما آمره ليسجننّ وليكونًا من الصّاغرين} تقول: ولئن لم يطاوعني على ما أدعوه إليه من حاجتي إليه {ليسجننّ}، تقول: ليحبسنّ في السّجن، وليكونًا من أهل الصّغار والذّلّة بالحبس والسّجن، ولأهيننّه.
والوقف على قوله: {ليسجننّ} بالنّون لأنّها مشدّدةٌ، كما قيل: {ليبطّئنّ}.
وأمّا قوله: {وليكونًا} فإنّ الوقف عليه بالألف؛ لأنّها النّون الخفيفة، وهي شبيهة نون الإعراب في الأسماء في قول القائل: رأيت رجلاً عندك، فإذا وقف على الرّجل قيل: رأيت رجلاً، فصارت النّون ألفًا، فكذلك ذلك في: {وليكونًا}، ومثله قوله: {لنسفعًا بالنّاصية ناصيةٍ} الوقف عليه بالألف لما ذكرت؛ ومنه قول الأعشى:
وصلّ على حين العشيّات والضّحى = ولا تعبد الشّيطان واللّه فاعبدا
وإنّما هو: فاعبدن، ولكن إذا وقف عليه كان الوقف بالألف). [جامع البيان: 13/141-143]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قالت فذلكنّ الّذي لمتنّني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما آمره ليسجننّ وليكونن من الصّاغرين (32)
قوله تعالى: قالت فذلكنّ الّذي لمتنّني فيه
- حدّثنا محمّد بن يحيى، حدّثني محمّد بن الحسين، ثنا هشام بن عبيد اللّه الرّازيّ، ثنا يحيى بن العلاء، عن زيد بن أسلم قال: وأعتدت لهنّ متّكأً قال: لمّا تغدّين، وطابت أنفسهنّ، قالت لقيّمها، ايتهنّ ترنجًا وسكاكينا، فأتاهنّ بهنّ فجعلن يقطّعن ويأكلن فقالت لهنّ: هل لكنّ في النّظر إلى يوسف؟ قلن ما شئت فأمرت قيّمها فأدخله عليهنّ، فلمّا رأينه جعلن يقطّعن أصابعهنّ مع الأترنج، وهنّ لا يشعرن، ولا يجدن ألمًا ممّا رأين من حسنه، فلمّا ولّى عنهنّ قالت: هذا الّذي لمتنّني فيه، فلقد رأيتكنّ تقطّعن أيديكنّ وما تشعرن، قال: فنظرن إلى أيديهنّ فجعلن يصحن ويبكين قالت: فكيف أصنع أنا؟ فقلن: حاش للّه ما هذا بشرًا، إن هذا إلا ملكٌ كريمٌ وما نرى عليك من لومٍ بعد الّذي رأينا.
- حدّثنا عبد اللّه، ثنا الحسين، ثنا عامرٌ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: وقالت ليوسف اخرج عليهنّ، فلمّا خرج رأى النّسوة يوسف، فجعلن يقطّعن الأترنج قلن حاش للّه ما هذا بشرًا إن هذا إلا ملكٌ كريمٌ قالت فذلكنّ الّذي لمتنّني فيه.
قوله تعالى: ولقد راودته، عن نفسه فاستعصم
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: فاستعصم يقول: فامتنع.
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا ابن أبي عروبة، عن قتادة، قوله: فاستعصم أي فاستعصى.
- حدّثنا عبد اللّه، ثنا الحسين، ثنا عامرٌ، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، ولقد راودته، عن نفسه فاستعصم بعد ما كان قد حلّ سراويله، ثمّ لا أدري ما بدا له
قوله تعالى: ولئن لم يفعل ما آمره ليسجننّ وليكونًا من الصاغرين
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، عن عبد اللّه بن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول الله: الصاغرين يعني: مذلّين). [تفسير القرآن العظيم: 7/2137-2138]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 32
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {فاستعصم} قال: امتنع). [الدر المنثور: 8/245-246]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {فاستعصم} قال: فاستعصى). [الدر المنثور: 8/246]

تفسير قوله تعالى: (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (33) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ({أصب} [يوسف: 33] «أميل، صبا مال»). [صحيح البخاري: 6/75]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله أصب إليهنّ أميل إليهنّ حبًّا قال أبو عبيدة في قوله تعالى: {وإلّا تصرف عني كيدهن أصب إليهنّ} أي أهواهنّ وأميل إليهنّ قال الشّاعر:
إلى هندٍ صبا قلبي = وهندٌ مثلها يصبى أي يمال). [فتح الباري: 8/360]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (أصب أميل
أشار به إلى قوله عز وجل حكاية عن قول يوسف، عليه السّلام: {وإلاّ تصرف عني كيدهن أصب إليهنّ وأكن من الجاهلين} (يوسف: 33) وفسّر: أصب، بقوله: أميل، يقال: صبا إلى اللّهو، يصبو صبوا إذا مال إليه، ومنه سمي الصّبي لأنّه يميل إلى كل شيء). [عمدة القاري: 18/301]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وقوله: ({أصب} {إليهن}) أي (أميل) إلى إجابتهن زاد أبو ذر صبا مال). [إرشاد الساري: 7/175]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {قال ربّ السّجن أحبّ إليّ ممّا يدعونني إليه وإلاّ تصرف عنّي كيدهنّ أصب إليهنّ وأكن من الجاهلين}.
وهذا الخبر من اللّه يدلّ على أنّ امرأة العزيز قد كانت عاودت يوسف في المراودة عن نفسه، وتوعّدته بالسّجن والحبس إن لم يفعل ما دعته إليه، فاختار السّجن على ما دعته إليه من ذلك؛ لأنّها لو لم تكن عاودته وتوعّدته بذلك، كان محالاً أن يقول: {ربّ السّجن أحبّ إليّ ممّا يدعونني إليه} وهو لا يدعى إلى شيءٍ ولا يخوّف بحبسٍ.
والسّجن هو المحبس نفسه، وهو بيت الحبس. وبكسر السّين قرأه قرّاء الأمصار كلّها، والعرب تضع الأماكن المشتقّة من الأفعال مواضع الأفعال فتقول: طلعت الشّمس مطلعًا، وغربت مغربًا، فيجعلونها وهي أسماء خلفًا من المصادر، فكذلك السّجن، فإذا فتحت السّين من السّجن كان مصدرًا صحيحًا.
وقد ذكر عن بعض المتقدّمين أنّه كان يقرؤه: السّجن أحبّ إليّ بفتح السّين.
ولا أستجيز القراءة بذلك لإجماع الحجّة من القرّاء على خلافها.
وتأويل الكلام: قال يوسف: يا ربّ الحبس في السّجن أحبّ إليّ ممّا يدعونني إليه من معصيتك ويراودنني عليه من الفاحشة كما؛
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {قال ربّ السّجن أحبّ إليّ ممّا يدعونني إليه}: من الزّنى
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: قال يوسف، وأضاف إلى ربّه واستعانه على ما نزل به: {ربّ السّجن أحبّ إليّ ممّا يدعونني إليه}: أي السّجن أحبّ إليّ من أن آتي ما تكره
وقوله: {وإلاّ تصرف عنّي كيدهنّ أصب إليهنّ} يقول: وإن لم تدفع عنّي يا ربّ فعلهنّ الّذي يفعلن بي في مراودتهنّ إيّاي على أنفسهنّ {أصب إليهنّ}، يقول: أميل إليهنّ، وأتابعهنّ على ما يردن منّي، ويهوين من قول القائل: صبا فلانٌ إلى كذا.
ومنه قول الشّاعر:
إلى هندٍ صبا قلبي = وهندٌ مثلها يصبي
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {أصب إليهنّ} يقول: أتابعهنّ
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، {وإلاّ تصرف عنّي كيدهنّ}: أي ما أتخوّف منهنّ {أصب إليهنّ}
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وإلاّ تصرف عنّي كيدهنّ أصب إليهنّ وأكن من الجاهلين} قال: إلاّ يكن منك أنت العون والمنعة، لا يكن منّي ولا عندي
وقوله: {وأكن من الجاهلين} يقول: وأكن بصبوتي إليهنّ من الّذين جهلوا حقّك وخالفوا أمرك ونهيك كما؛
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، {وأكن من الجاهلين}: أي جاهلاً إذا ركبت معصيتك). [جامع البيان: 13/143-145]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قال ربّ السّجن أحبّ إليّ ممّا يدعونني إليه وإلّا تصرف عنّي كيدهنّ أصب إليهنّ وأكن من الجاهلين (33)
قوله تعالى: قال ربّ السّجن أحبّ إليّ ممّا يدعونني إليه
- حدّثنا عبد اللّه، ثنا الحسين، ثنا عامرٌ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قال يوسف: ربّ السّجن أحبّ إلى ممّا يدعونني إليه يقول: الحبس أحبّ إليّ ممّا يدعونني إليه من الزّنا.
- حدّثنا أبي ثنا أبو الثّلج، ثنا سنيدٌ قال: قال ابن عيينة: إنّما يوفّق من الدّعاء للمقدور، أما ترى يوسف قال: ربّ السّجن أحبّ إليّ فلمّا قال:
اذكرني عند ربّك أتاه جبريل فكشف له، عن الصّخرة، فقال: ما ترى؟ قال: أرى نملةً تقضم قال: يقول: أنا لم أنس هذه أنساك؟ أنا حبستك، أنت قلت: ربّ السّجن أحبّ إليّ لأطيلنّ حبسك.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن عيسى، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق: ليكونا من الصّاغرين قال يوسف: أضاف إلى ربّه واستعانه على ما نزل به ربّ السّجن أحبّ إليّ ممّا يدعونني إليه أي: السّجن أحبّ إليّ من أن آتي ما تكره.
قوله تعالى: وإلا تصرف عنّي كيدهنّ
- وبه، عن إسحاق وإلا تصرف عنّي كيدهنّ أي: ما أتخوّف منهنّ
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، أنا أصبغ قال سمعت: عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم يقول في قوله: وإلا تصرف عنّي كيدهنّ إلا يكن منك أنت القوى والمنعة، لا يكن منّي ولا عندي.
قوله: أصب إليهنّ
- حدّثنا أبي، ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا سعيد ابن أبي عروبة، عن قتادة قوله: أصب إليهنّ يقول: أتبعهن.
قوله: وأكن من الجاهلين
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن عيسى، ثنا سلمة، عن بن إسحاق قوله: أصب إليهنّ وأكن من الجاهلين أي: جاهلا إذا ركبت معصيتك). [تفسير القرآن العظيم: 7/2138-2139]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 33.
أخرج سنيد في تفسيره، وابن أبي حاتم عن ابن عيينة رضي الله عنه قال: إنما يوفق من الدعاء للمقدر أما ترى يوسف عليه السلام قال {رب السجن أحب إلي}،، قال: لما قال اذكرني عند ربك أتاه جبريل عليه السلام فكشف له عن الصخرة فقال: ما ترى قال: أرى نملة تقضم، قال: يقول ربك أنا لم أنس هذه أنساك أنا حبستك، أنت قلت {رب السجن أحب إلي}). [الدر المنثور: 8/246]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {وإلا تصرف عني كيدهن} قال: إن لا يكن منك أنت القوي والمنعة لا تكن مني ولا عندي). [الدر المنثور: 8/246]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله {أصب إليهن} يقول: اتبعهن). [الدر المنثور: 8/246]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما {أصب إليهن} قال: أطاوعهن). [الدر المنثور: 8/247]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن عمرو بن مرة رضي الله عنه قال: من أتى ذنبا عمدا أو خطأ فهو جاهل حين يأتيه، ألا ترى إلى قول يوسف عليه الصلاة والسلام {أصب إليهن وأكن من الجاهلين} قال: فقد عرف يوسف أن الزنا حرام وإن أتاه كان جاهلا). [الدر المنثور: 8/247]

تفسير قوله تعالى: (فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (34) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فاستجاب له ربّه فصرف عنه كيدهنّ إنّه هو السّميع العليم}.
إن قال قائلٌ: وما وجه قوله: {فاستجاب له ربّه} ولا مسألة تقدّمت من يوسف لربّه، ولا دعا بصرف كيدهنّ عنه، وإنّما أخبر ربّه أنّ السّجن أحبّ إليه من معصيته؟ قيل: إنّ في إخباره بذلك شكايةً منه إلى ربّه ممّا لقي منهنّ، وفي قوله: {وإلاّ تصرف عنّي كيدهنّ أصب إليهنّ} معنى دعاءٍ ومسألةٍ منه ربّه صرف كيدهنّ، ولذلك قال اللّه تعالى ذكره: {فاستجاب له ربّه} وذلك كقول القائل لآخر: إن لا تزرني أهنك، فيجيبه الآخر: إذن أزورك، لأنّ في قوله: إن لا تزرني أهنك، معنى الأمر بالزّيارة.
وتأويل الكلام: فاستجاب اللّه ليوسف دعاءه، فصرف عنه ما أرادت منه امرأة العزيز وصواحباتها من معصية اللّه كما؛
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، {فاستجاب له ربّه فصرف عنه كيدهنّ إنّه هو السّميع العليم}: أي نجّاه من أن يركب المعصية فيهنّ، وقد نزل به بعض ما حذر منهنّ
وقوله: {إنّه هو السّميع} أي سميع دعاء يوسف حين دعاه بصرف كيد النّسوة عنه، ودعاء كلّ داعٍ من خلقه. {العليم} بمطلبه وحاجته، وما يصلحه، وبحاجة جميع خلقه، وما يصلحهم). [جامع البيان: 13/146-147]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فاستجاب له ربّه فصرف عنه كيدهنّ إنّه هو السّميع العليم (34)
قوله: فاستجاب له ربّه فصرف عنه كيدهنّ
- وبه، عن ابن إسحاق، قوله: فاستجاب له ربّه فصرف عنه كيدهنّ أي: نجّاه من أن يركب المعصية فيهنّ، وقد نزل به بعض ما حذّر منه.
قوله: إنّه هو السّميع العليم
- وبه، عن ابن إسحاق السّميع أي: سميعٌ ما يقولون العليم أي: عليمٌ بما يخفون). [تفسير القرآن العظيم: 7/2139]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 34.
أخرج ابن المنذر عن بكر بن عبيد الله رضي الله عنه قال: دخلت امرأة العزيز على يوسف عليه السلام فلما رأته عرفته وقالت: الحمد لله الذي صير العبيد بطاعته ملوكا وجعل الملوك بمعصيته عبيدا). [الدر المنثور: 8/247]

تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآَيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (35) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني الليث بن سعدٍ وسليمان بن كثيرٍ أنّ عليّ بن أبي طالبٍ كان يقول: أدنى الحين سنةٌ). [الجامع في علوم القرآن: 2/93]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى من بعد ما رأوا الآيات قال الآيات حزهن أيديهن وقد القميص). [تفسير عبد الرزاق: 1/323]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] في قوله: {ليسجننه حتى حين} قال: سبع سنين [الآية: 35]). [تفسير الثوري: 142]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ثمّ بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننّه حتّى حينٍ}.
يقول تعالى ذكره: ثمّ بدا للعزيز زوج المرأة الّتي راودت يوسف عن نفسه. وقيل: بدا لهم، وهو واحدٌ، لأنّه لم يذكر باسمه، ويقصد بعينه، وذلك نظير قوله: {الّذين قال لهم النّاس إنّ النّاس قد جمعوا لكم فاخشوهم} وقيل: إنّ قائل ذلك كان واحدًا.
وقيل: معنى قوله: {ثمّ بدا لهم} في الرّأي الّذي كانوا رأوه من ترك يوسف مطلقًا، ورأوا أن يسجنوه {من بعد ما رأوا الآيات} ببراءته ممّا قذفته به امرأة العزيز.
وتلك الآيات كانت: قدّ القميص من دبرٍ، وخمشًا في الوجه، وقطع أيديهنّ كما؛
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن نضر بن عربي، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، {ثمّ بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات} قال: كان من الآيات قدٌّ في القميص وخمشٌ في الوجه.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، وابن نميرٍ، عن نضرٍ، عن عكرمة، مثله
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا شبابة، قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {ثمّ بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات} قال: قدّ القميص من دبرٍ
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {من بعد ما رأوا الآيات} قال: قدّ القميص من دبرٍ.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ؛ قال: وثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، {من بعد ما رأوا الآيات} قال: الآيات: حزّهنّ أيديهنّ، وقدّ القميص
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: ثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قال: قدّ القميص من دبرٍ
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، {ثمّ بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننّه} ببراءته ممّا اتّهم به من شقّ قميصه من دبرٍ، {ليسجننّه حتّى حينٍ}
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرٌو، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، {من بعد ما رأوا الآيات} قال: الآيات: القميص، وقطع الأيدي
وقوله: {ليسجننّه حتّى حين} يقول: ليسجننّه إلى الوقت الّذي يرون فيه رأيهم. وجعل اللّه ذلك الحبس ليوسف فيما ذكر عقوبةً له من همّه بالمرأة أو وكفّارةً لخطيئته
- حدّثت عن يحيى بن أبي زائدة، عن إسرائيل، عن خصيفٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، {ليسجننّه حتّى حينٍ} عثر يوسف عليه السّلام ثلاث عثراتٍ: حين همّ بها فسجن، وحين قال: {اذكرني عند ربّك} فلبث في السّجن بضع سنين وأنساه الشّيطان ذكر ربّه، وقال لهم: {إنّكم لسارقون} ف {قالوا إن يسرق فقد سرق أخٌ له من قبل}.
وذكر أنّ سبب حبسه في السّجن: كان شكوى امرأة العزيز إلى زوجها أمره وأمرها
- كما: حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرو بن محمّدٍ، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، {ثمّ بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننّه حتّى حينٍ} قال: قالت المرأة لزوجها: إنّ هذا العبد العبرانيّ قد فضحني في النّاس يعتذر إليهم ويخبرهم أنّي راودته عن نفسه، ولست أطيق أن أعتذر بعذري، فإمّا أن تأذن لي فأخرج فأعتذر، وإمّا أن تحبسه كما حبستني، فذلك قول اللّه تعالى: {ثمّ بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننّه حتّى حينٍ}.
وقد اختلف أهل العربيّة في وجه دخول هذه اللاّم في: {ليسجننّه} فقال بعض البصريّين: دخلت هاهنا؛ لأنّه موضعٌ يقع فيه أي، فلمّا كان حرف الاستفهام يدخل فيه دخلته النّون، لأنّ النّون تكون في الاستفهام، تقول: بدا لهم أيّهم يأخذنّ: أي استبان لهم.
وأنكر ذلك بعض أهل العربيّة، فقال: هذا يمينٌ، وليس قوله: هل تقومنّ بيمينٍ، ولتقومنّ، لا يكون إلاّ يمينًا.
وقال بعض نحويّي الكوفة: بدا لهم، بمعنى: القول، والقول يأتي بكلٍّ: الكلام بالقسم وبالاستفهام، فلذلك جاز: بدا لهم قام زيدٌ، وبدا لهم ليقومنّ.
وقيل: إنّ الحين في هذا الموضع معنيٌّ به سبع سنين.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا المحاربيّ، عن داود، عن عكرمة، {ليسجننّه حتّى حينٍ} قال: سبع سنين). [جامع البيان: 13/147-151]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ثمّ بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننّه حتّى حينٍ (35)
قوله: ثمّ بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات
- حدّثنا أبو سعيدٍ: عبد اللّه بن سعيدٍ الكنديّ الأشجّ، ثنا عقبة بن خالدٍ، عن إسرائيل، عن جابرٍ، عن عكرمة قال: سألت ابن عبّاسٍ، عن قوله: ثمّ بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات قال: ما سألني عنها أحدٌ قبلك من الآيات: قدّ القميص، وأثر السّكّين، وقالت امرأة العزيز: إن أنت لم تسجنه ليصدقنّه النّاس.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو أسامة، عن النّضر بن عربيٍّ، عن عكرمة ثمّ بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات قال: شقّ القميص وخمش الوجوه.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين، ثنا عامرٌ، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ قال: ثمّ إنّ المرأة قالت لزوجها، إنّ العبد العبرانيّ، قد فضحني في النّاس، إنّه يعتذر إليهم ويخبرهم أنّي راودته، عن نفسه، ولست أطيق أن أعتذر بعذري، فإمّا أن تأذن لي فأخرج فأعتذر كما يعتذر، وإمّا أن تحبسه كما حبستني، فذلك قوله: ثمّ بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات وهو: شقّ القميص، وقطع الأيدي.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ، قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيدٍ يقول في قوله تعالى: من بعد ما رأوا الآيات: ما قال المرضع في العرصة.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق: ثمّ بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات: المبيّنة لبراءته ممّا اتّهم به من شقّ قميصه من دبره وغيره.
قوله تعالى: ليسجننّه
- حدّثنا أبي، ثنا منصور بن أبي مزاحمٍ، ثنا أبو سعيد بن أبي الوضّاح، عن خصيفٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: عوقب يوسف ثلاث مرّاتٍ أما أوّل مرّةٍ فبالحبس، لمّا كان من همّه بها.
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، ثنا إسماعيل بن عبد الكريم الصّنعانيّ، حدّثني عبد الصمد بن معقل ابن أخي وهب بن منبّهٍ، قال: سمعت عمّي وهب بن منبّهٍ يقول: لمّا أتى جبريل يوسف بالبشرى، وهو في السّجن، قال: هل تعرفني أيّها الصّدّيق؟ قال: أرى صورةً طاهرةً وروحًا طيّبًا، لا يشبه أرواح الخطّائين، قال: فإنّي رسول ربّ العالمين، وأنا الرّوح الأمين، قال: فما الّذي أدخلك مدخل المذنبين وأنت أطيب الطّيّبين، ورأس المقرّبين، وأمين ربّ العالمين؟ قال ألم تعلم يا يوسف أنّ اللّه يطهّر البيوت بطهر النّبيّين، وأنّ الأرض الّتي يدخلونها هي أطهر الأرضين، وأنّ اللّه قد طهّر بك السّجن وما حوله، يا طاهر الطّاهرين ويا ابن المتطهّرين..: إنّما يتطهّر بفضل طهورك وطهر آبائك المخلصين، قال: كيف تسمّيني بأسماء الصّدّيقين، وتعدّني مع المخلصين الصّالحين وقد أدخلت مدخل المذنبين، وسمّيت بالضّالين المفسدين؟ قال: لم يفتن قلبك الحزن، ولم يدرس حرمتك الرّقّ، ولم تطع سيّدتك في معصية ربّك، ولذلك سمّاك اللّه بأسماء الصّدّيقين، وعدّك مع المخلصين وألحقك بآبائك الصّالحين.
قوله تعالى: حتّى حين.
[الوجه الأول]
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا أبو معاوية، ثنا الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عبّاسٍ قال: الحين قد يكون غدوةً وعشيّةً.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا وكيعٌ، عن أبي مكينٍ، عن عكرمة قال: نذر رجلٌ أن يقطع يد غلامه، ويحبسه حينًا، فسألني عمر بن عبد العزيز عنها فقلت: لا تقطع يده، ويحبسه الحين في سنةٍ مرّةً، ثمّ قرأ: ليسجننّه حتّى حينٍ.
الوجه الثّالث:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا وكيعٌ، عن سفيان ، عن ابن الأصبهانيّ، عن عكرمة، وطارقٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، قالا: الحين: ستّة أشهرٍ.
الوجه الرّابع:
- حدّثنا أبي، ثنا سهل بن عثمان، ثنا عليّ بن مسهرٍ، عن عاصمٍ، عن عكرمة في قوله: حتّى حينٍ قال: سبع سنين.
الوجه الخامس:
- حدّثنا عبد اللّه بن أحمد الرّازيّ، حدّثني أبي، عن أبيه، عن إبراهيم الصّائغ، عن يزيد النّحويّ، قال وسألته يعني عكرمة، عن رجلٍ نذر ليسجننّ غلامه حينًا فإن لم يسجنه حينًا فهو عتيقٌ؟ فقال عكرمة: إنّ من الأحيان حينًا يدرك وحينًا لا يدرك فأمّا الحين الّذي لا يدرك قال اللّه تعالى: ليسجننّه حتّى حينٍ). [تفسير القرآن العظيم: 7/2139-2141]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات يعني قد القميص من دبره). [تفسير مجاهد: 315]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 35.
أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه قال: سألت ابن عباس رضي الله عنهما عن قوله {ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات}، قال: ما سألني عنها أحد قبلك، من الآيات: قد القميص وأثرها في جسده وأثر السكين وقالت امرأة العزيز: إن أنت لم تسجنه ليصدقنه الناس). [الدر المنثور: 8/247]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال: من الآيات: شق في القميص وخمش في الوجه). [الدر المنثور: 8/247]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات} قال: قد القميص من دبر). [الدر المنثور: 8/247-248]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {من بعد ما رأوا الآيات} قال: من الآيات كلام الصبي). [الدر المنثور: 8/248]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال: الآيات جزهن أيديهن وقد القميص). [الدر المنثور: 8/248]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه قال: قال رجل ذو رأي منهم للعزيز إنك متى تركت هذا العبد يعتذر إلى الناس ويقص عليهم أمره وامرأة في بيتها لا تخرج إلى الناس عذروه وفضحوا أهلك، فأمر به فسجن). [الدر المنثور: 8/248]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: عوقب يوسف عليه السلام ثلاث مرات أما أول مرة فبالحبس لما كان من همه بها والثانية لقوله: اذكرني عند ربك فلبث في السجن بضع سنين عوقب بطول الحبس، والثالثة حيث قال {أيتها العير إنكم لسارقون} فاستقبل في وجهه {إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل}). [الدر المنثور: 8/248]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر وأبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {ليسجننه حتى حين} قال: سبع سنين). [الدر المنثور: 8/248]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن الأنباري في كتاب الوقف والابتداء والخطيب في تاريخه عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك رضي الله عنه عن أبيه قال: سمع عمر رضي الله عنه رجلا يقرأ هذا الحرف {ليسجننه حتى حين} فقال له عمر رضي الله عنه: من أقرأك هذا الحرف قال: ابن مسعود رضي الله عنه، فقال عمر رضي الله عنه {ليسجننه حتى حين} ثم كتب إلى ابن مسعود رضي الله عنه: سلام عليك أما بعد، فإن الله أنزل القرآن فجعله قرآنا عربيا مبينا وأنزله بلغة هذا الحي من قريش فإذا أتاك كتابي هذا فأقرئ الناس بلغة قريش ولا تقرئهم بلغة هذيل). [الدر المنثور: 8/249]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 15 جمادى الأولى 1434هـ/26-03-2013م, 03:40 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (30)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {قد شغفها حبّاً...}
أي خرق شغاف قلبها وتقرأ (قد شعفها) بالعين وهو من قولك: شعف بها. كأنه ذهب بها كلّ مذهب. والشعف: رءوس الجبال). [معاني القرآن: 2/42]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {قد شغفها حبّاً} أي قد وصل الحب إلى شغف قلبها وهو غلافه، قال النّابغة الذّبيانيّ:
ولكن همّاً دون ذلك والجٌ= مكان الشّغاف تبتغيه الأصابع
ويقرؤه قوم قد شعفها: وهو من المشعوف). [مجاز القرآن: 1/308]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قراءة الحسن وأهل مكة والناس {قد شغفها} بالغين.
أبو رجاء العطاردي وأهل الشام "قد شغفها" بالعين وسنخبر عما فيها). [معاني القرآن لقطرب: 733]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما {وقال نسوة} ونسوة لغتان). [معاني القرآن لقطرب: 743]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما {امرأت العزيز} فقال أبو دؤاد:
درة عاص عليها تاجر = جليت عند عزيز يوم طل
كأنه أراد الملك؛ وهو من العز مأخوذ). [معاني القرآن لقطرب: 743]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما "شغفها حبا" بالعين، فالمصدر: شغفًا.
وأما {شغفها} بالغين: أصاب شغافها؛ فالمصدر: شغفا وشغوفا؛ وقالوا: الشغاف داء يأخذ في البطن في الشراسيف، في الشق الأيمن؛ وقال بعضهم: الشغاف هنة تكون على القلب رقيقة.
قال النابغة:
وقد حال هم دون ذلك داخل = دخول الشغاف تبتغيه الأصابع
وقال حاتم أيضًا:
فخر على حر الجبين بضربة = تقط شغافا عن حشى غير ملبد). [معاني القرآن لقطرب: 745]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({قد شغفها}: وصل الحب إلى شغافها، وهو غلاف القلب وقال بعضهم داء في البطن). [غريب القرآن وتفسيره: 182]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({قد شغفها حبًّا} أي بلغ حبّه شفافها. وهو غلاف القلب.
ولم يرد الغلاف إنما أراد القلب. يقال: قد شغفت فلانا إذا أصبت شغافه.
كما يقال: كبدته، إذا أصبت كبده. وبطنته: إذا أصبت بطنه.
ومن قرأ: «شعفها» - بالعين - أراد فتنها. من قولك. فلان مشعوف بفلانة). [تفسير غريب القرآن: 216-215]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وقال نسوة في المدينة امرأت العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبّا إنّا لنراها في ضلال مبين}
يقال نسوة ونسوة - بالضم والكسر - وقيل: {تراود فتاها عن نفسه}.
أي عبدها وغلامها، لأن استعمالهم كان للغلام المملوك أن يسمّى فتى.
{قد شغفها حبّا} أي بلغ حبّه إلى شغاف قلبها، وفي الشغاف ثلاثة أقوال:
قال بعضهم الشغاف غلاف القلب.
وقيل: هو داء يكون في الجوف في الشراسيف.
وأنشدوا:
وقد حال همّ دون ذلك داخل= دخول الشغاف تبتغيه الأصابع
وقد قرئت شعفها بالعين، ومعنى شعفها ذهب بها كل مذهب مشتق من شعفات الجبال، أي رؤوس الجبال، فإذا قلت فلان مشعوف بكذا، فمعناه أنه قد ذهب به الحبّ أقصى المذاهب). [معاني القرآن: 3/105-104]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا}
وروى معاوية بن أبي صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال شغفها غلبها
وروى عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس قال دخل تحت شغافها
قال أبو جعفر والقولان يرجعان إلى شيء واحد لأن الشغاف
حجاب القلب فالمعنى وصل حبه إلى شغفاها فغلب على قلبها قال الشاعر:
وقد حال هم دون ذلك داخل = دخول الشغاف تبتغيه الأصابع
وقد قيل إن الشغاف داء وأنشد الأصمعي للراجز يتبعها وهي له شغاف
وروي عن أبي رجاء وقتادة أنهما قرءا قد شعفها حبا بالعين غير معجمة وبفتحها
قال أبو جعفر معناه عند أكثر أهل اللغة قد ذهب بها كل مذهب لأن شعفات الجبال أعاليها وقد شعف بذلك شعفا بإسكان العين أي أولع به إلا أن أبا عبيد،
أنشد بيت امرئ القيس:
أيقتلني وقد شعفت فؤادها = كما شعف المهنؤة الرجل الطالي
قال فشبهت لوعة الحب وجواه بذلك
وروي عن الشعبي انه قال الشغف حب والشعف جنون). [معاني القرآن: 3/420-418]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): ( {قد شغفها حبا} أي: قد بلغ حبه إلى شغاف قلبها، وهو حجاب القلب
ومن قرأ: (شَعَفَهَا) فمعناه: أحرق حبه قلبها، وعلى الأول العمل). [ياقوتة الصراط: 274-273]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {قد شغفها حبا} أي بلغ حبه شغافها، وهو غلاف القلب، يريد به القلب). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 113]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {شَغَفَهَا}: اشتد وجدها به). [العمدة في غريب القرآن: 160]

تفسير قوله تعالى: (فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآَتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ (31)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله: {وأعتدت لهنّ متّكئاً} يقال: اتخذت لهنّ مجلساً.
ويقال: إنّ متكاً غير مهموز، فسمعت أنه الأترجّ. وحدثني شيخ من ثقات أهل البصرة أنه قال: الزّماورد.
وقوله: {وقطّعن أيديهنّ} يقول: وخدشنها ولم يبنّ أيديهن، من إعظامه، وذلك قوله: {حاش للّه} أعظمته أن يكون بشراً، وقلن: هذا ملكٌ. وفي قراءة عبد الله (حاشا للّه) بالألف، وهو في معنى معاذ الله.
وقوله: {ما هذا بشراً} نصبت (بشراً) لأن الباء قد استعملت فيه فلا يكاد أهل الحجاز ينطقون إلا بالباء، فلمّا حذفوها أحبّوا أن يكون لها أثر فيما خرجت منه فنصبوا على ذلك؛
ألا ترى أن كلّ ما في القرآن أتى بالباء إلاّ هذا، وقوله: {ما هنّ أمّهاتهم} وأما أهل نجد فيتكلّمون بالباء وغير الباء فإذا أسقطوها رفعوا. وهو أقوى الوجهين في العربية.
أنشدني بعضهم:

لشتّان ما أنوي وينوي بنو أبي =جميعاً فما هذان مستويان
تمنّوا لي الموت الذي يشعب الفتى = وكلّ فتىً والموت يلتقيان
وأنشدوني:

ركاب حسيل أشهر الصيف بدن = وناقة عمرو ما يحلّ لها رحل
ويزعم حسلٌ أنه فرع قومه = وما أنت فرع يا حسيل ولا أصل
وقال الفرزدق:
أما نحن راءوا دارها بعد هذه = يد الدهر إلا أنّ يمرّ بها سفر
وإذا قدّمت الفعل قبل الاسم رفعت الفعل واسمه فقلت: ما سامعٌ هذا وما قائم أخوك. وذلك أن الباء لم تستعمل ها هنا ولم تدخل؛ ألا ترى أنه قبيح أن تقول: ما بقائم أخوك؛ لأنها إنما تقع في المنفيّ إذا سبق الاسم، فلمّا لم يمكن في (ما) ضمير الاسم قبح دخول الباء. وحسن ذلك في (ليس): أن تقول: ليس بقائم أخوك؛ لأنّ (ليس) فعل يقبل المضمر، كقولك: لست ولسنا؛ ولم يمكن ذلك في (ما).
فإن قلت: فإني أراه لا يمكن في (لا) وقد أدخلت العرب الباء في الفعل التي تليها فقالوا:
* لا بالحصور ولا فيها بسوّار *
قلت: إن (لا) أشبه بليس من (ما) ألا ترى أنك تقول: عبد الله لا قائم ولا قاعد، كما تقول: عبد الله ليس قاعداً ولا قائماً، ولا يجوز عبد الله ما قائم ولا قاعد فافترقتا ها هنا.
ولو حملت الباء على (ما) إذا وليها الفعل تتوهّم فيها ما توهّمت في (لا) لكان وجهاً، أنشدتني امرأة من غني:
أما والله أن لو كنت حرّاً = وما بالحرّ أنت ولا العتيق
فأدخلت الباء فيما يلي (ما) فإن ألقيتها رفعت ولم يقو النصب لقلّة هذا...
- وحدثني دعامة بن رجاء التّيميّ -وكان غرّا- عن أبي الحويرث الحنفيّ أنه قال: (ما هذا بشرًي) أي ما هذا بمشترىً). [معاني القرآن: 2/44-42]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وأعتدت لهنّ متّكئاً}: أفعلت من العتاد، ومعناه: أعدّت له متكئاً، أي ممرقاً تتكئ عليه، وزعم قوم أنه الأترج،
وهذا أبطل باطل في الأرض ولكن عسى أن يكون من المتكاء أترج يأكلونه، ويقال: ألق له متكئاً.
(أكبرنه) أجللنه وأعظمنه، ومن زعم أن أكبرنه حضن فمن أين، وإنما وقع عليه الفعل ذلك، لو قال: أكبرن، وليس في كلام العرب أكبرن حضن، ولكن عسى أن يكون من شده ما أعظمنه حضن.
(وقلن حاش لله) الشين مفتوحة ولا ياء فيه وبعضهم يدخل الياء في آخره، كقوله:
حاشى أبى ثوبان إنّ به= ضنّا عن الملحاة والشّتم
ومعناه معنى التنزيه والاستثناء من الشرن ويقال: حاشيته أي استثنيته). [مجاز القرآن: 1/310-308]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (أبو عمرو وأهل المدينة {متكئا} على مفتعل من اتكأت؛ وقالوا: تكئ زيد يتكأ يا هذا، والاسم التكأه، والتكأة بضم التاء وإسكان الكاف، والتكأة بكسر التاء وإسكان الكاف.
وقالوا: وكأ زيد، ووكأت عليه: أي اتكأت؛ وقالوا: اتكأت الرجل إتكاءً؛ إذا ضربته حتى يتكئ.
قراءة أبي رجاء العطاردي "وأعتدت لهن متكا" على فعل؛ يريد الأترج.
[معاني القرآن لقطرب: 733]
قال أبو علي: وحكى لي رجل أظنه عن الأعمش: أن الواحد من المتك متكة، مثل بسرة وبسر.
الأعمش {وقالت اخرج} بضم التاء؛ وهي قراءة أبي عمرو؛ وتميم تقول "وقالت اخرج".
أبو عمرو والأعرج {وقلن حاشا لله} بالألف.
وأهل المدينة {وقلن حاش لله} بغير ألف.
الحسن "وقلن حاش لله" يسكن الشين والألف قبلها ساكنة؛ فيجمع بين ساكنين؛ وهذه قراءة مرغوب عنها عندنا.
والوجه {وقلن حاشا لله} بالألف؛ وقد قالوا حاش لله بغير ألف.
ابن عباس {حاشا لله} بالألف). [معاني القرآن لقطرب: 734]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {أكبرنه} فالمعنى: عظمنه؛ وهم يقولون: أكبرت الرجل، وكبرته إذا أعظمته.
وأنشد بعضهم هذا البيت ولم نسمعه من العرب ولا علمائنا:
يأتي النساء على أطهارهن ولا = يأتي النساء إذا أكبرن إكبارا
قال يريد: إذا حضن.
والهاء في {أكبرنه} تنفي هذا المعنى وتباعده.
وقال مجاهد {أكبرنه} حضن حين رأينه.
[معاني القرآن لقطرب: 743]
وأما ابن عباس رحمه الله فكان يقول {أكبرنه} عظمنه). [معاني القرآن لقطرب: 744]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({اعتدت}: من العتاد.
{حاش لله}: تبرئة واستثناء). [غريب القرآن وتفسيره: 183]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فلمّا سمعت بمكرهنّ} أي بقولهن وغيبتهن.
{وأعتدت لهنّ} أعتدت من العتاد.
{متّكأً} أي طعاما. يقال: اتكأنا عند فلان: إذا طعمنا. وقد بينت أصل هذا في كتاب «المشكل».
ومن قرأ «متكا» فإنه يريد الأترج. ويقال: الزّماورد.
وأيّا ما كان فإني لا أحسبه سمي متّكأ إلّا بالقطع، كأنه مأخوذ من البتك.
وأبدلت الميم فيه من الباء. كما يقال: سمّد رأسه وسبّده. وشرّ لازم ولازب. والميم تبدل من الباء كثيرا لقرب مخرجهما. ومنه قيل للمرأة التي لم تخفض والتي لا تحبس بولها:
متكاء - أي خرقاء - والأصل بتكاء.
ومما يدل على هذا قوله: {وآتت كلّ واحدةٍ منهنّ سكّيناً} لأنه طعام لا يؤكل حتى يقطع. وقال جويبر عن الضّحاك: [المتك] كلّ شيء يحزّ بالسكاكين.
{أكبرنه}: هالهن فأعظمنه). [تفسير غريب القرآن: 217-216]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنه قوله سبحانه: {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً} أي طعاما، يقال: اتّكأنا عند فلان، أي طعمنا.
وقال جميل:
فَظَلِلْنَا بنعمةٍ واتّكأنا = وَشَرِبْنَا الحَلال مِن قُلَلِه
والأصل: أن من دعوته ليطعم أعددت له التكأة للمقام والطمأنينة فسمّى الطعام متّكئا على الاستعارة). [تأويل مشكل القرآن: 180-181]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {فلمّا سمعت بمكرهنّ أرسلت إليهنّ وأعتدت لهنّ متّكأ وآتت كلّ واحدة منهنّ سكّينا وقالت اخرج عليهنّ فلمّا رأينه أكبرنه وقطّعن أيديهنّ وقلن حاش للّه ما هذا بشرا إن هذا إلّا ملك كريم }
إن قال قائل: لم سمّي قولهنّ مكرا؟
فالجواب فيه أنها قد أطلعتهن، فاستكتمتهنّ فمكرن بها وأفشين سرها، فلما سمعت بما فعلن أرادت أن يوقعني فيما وقعت فيه فأرسلت إليهن.
{أرسلت إليهنّ وأعتدت لهنّ متّكأ}.
(اعتدت) أفعلت من العتاد، وكل ما اتخذته عدة للشيء فهو عتاد ومعنى (متّكأ) ما يتكأ عليه لطعام أو شراب أو حديث.
{وآتت كلّ واحدة منهنّ سكّينا وقالت اخرج عليهنّ}.
يعالجن بالسكين ما يأكلن، وقال بعضهم متكأ، وقالوا واحدته متكة وهي الأترجّ. والقراءة الجيدة (متكأ) بالهمز، يقال: تكئ الرجل - يتكأ، تكأ، والتكا أصله من وكأت،
وإنما متكأ مفتعل، وأصله موتكأ مثل موتزن من الوزن.
{وقالت اخرج عليهنّ}.
إن شئت ضممت التاء، وإن شئت كسرت، والكسر الأصل لسكون التاء والخاء، ومن ضم التاء فلثقل الضمة بعد الكسرة.
وأعتدت لهن الطعام وجعلت في أيديهن السكاكين، وأمرته بالخروج عليهن في هيئته، ولم يكن يتهيأ له أن لا يخرج؛ لأنه بمنزلة العبد لها.
{فلمّا رأينه أكبرنه وقطّعن أيديهنّ}.
أردن أن يقطعن الطعام الذي في أيديهن فدهشن لمّا رأينه فخدشن أيديهن.
ولم يقطعن الأيدي حتى تبين منهنّ.
وهذا مستعمل في الكلام.
يقول الرجل: قد لطعت يدي. يعني أنك قد خدشتها.
ومعنى (أكبرنه) أعظمنه.
ويقال: (أكبرنه) حضن.
وقد رويت عن مجاهد.
وليس ذلك بمعروف في اللغة.
وقد أنشدوا بيتا في هذا وهو قوله:
يأتي النساء على أطهارهنّ ولا= يأتي النساء إذا أكبرن إكبارا
وهذه اللفظة ليست بمعروفة في اللغة.
والهاء في (أكبرنه) تنفي هذا؛ لأنه لا يجوز أن يقول: النساء قد حضنه يا هذا؛ لأن حضن لا يتعدى إلى مفعول.
{وقلن حاش للّه}.
وحاشا للّه، يقرأان - بحذف الألف وإثباتها - ومعناه الاستثناء.
المعنى فيما فسّره أهل التفسير: وقلن: معاذ اللّه ما هذا بشرا.
وأما على مذهب المحققين من أهل اللغة، فحاشا مشتقة من قولك:
كنت في حشا فلان، أي في ناحية فلان، فالمعنى في " حاش للّه، برأه اللّه من هذا. من التّنحّي، المعنى قد نحّى الله هذا من هذا، إذا قلت حاشا لزيد من هذا فمعناه قد تنحّى زيد من هذا، وتباعد منه، كما أنك تقول قد تنحّى من الناحية، وكذلك قد تحاشى، من هذا الفعل.
وقوله عزّ وجلّ: {ما هذا بشرا}.
هذه القراءة المعروفة، وقد رويت: ما هذا بشرى، أي ما هذا بعد مشترى.
وهذه القراءة ليست بشيء، لأن مثل بشريّ " يكتب في المصحف بالياء.
وقولها: {إن هذا إلّا ملك كريم}
" ملك " مطابق في اللفظ لبشر.
وسيبويه، والخليل وجميع النحويين القدماء يزعمون أن بشرا منصوب خبر ما، ويجعلونه بمنزلة ليس و " ما " معناها معنى ليس في النفي، وهذه لغة أهل الحجاز، وهي اللغة القدمى الجيدة.
وزعم بعضهم أن الرفع في قولك: {ما هذا بشرا} أقوى الوجهين، وهذا غلط، لأن كتاب اللّه ولغة رسول اللّه أقوى الأشياء وأقوى اللغات.
ولغة بني تميم: ما هذا بشر.
ولا تجوز القراءة بها إلّا برواية صحيحة.
والدليل على ذلك إجماعهم على: {ما هنّ أمّهاتهم} وما قرأ أحد ما هنّ أمّهاتهم). [معاني القرآن: 3/108-105]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن}
يقال كيف سمى هذا مكرا فالجواب فيه أنها أطلعتهن واستكتمتهن فأفشين سرها فسمي ذلك مكرا
وقوله جل وعز: {وأعتدت لهن متكأ}
روى سفيان عن منصور عن مجاهد قال المتكأ مثقلا الطعام والمتك مخففة الأترج
وروى إسماعيل بن إبراهيم عن أبي رجاء عن الحسن قال المتكأ الطعام
وروى معمر عن قتادة قال المتكأ الطعام
وقيل المتكأ كل ما اتكئ عليه عند الطعام أو شراب أو حديث وهذا هو المعروف عند أهل اللغة إلا أن الروايات قد صحت بذلك
وحكى القتبي أنه يقال اتكأنا عن فلان أي أكلنا
وقد قيل إن المتك الزماورد وقيل يقال بتكه إذا قطعه وشقه فكأن الميم بدل من الباء كما يقال لازم ولازب في نظائر له كثيرة). [معاني القرآن: 3/421-420]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فلما رأينه أكبرنه}
روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال أعظمنه
قال أبو جعفر وهذا هو الصحيح ومن قال حضن فقد جاء بما لا يعرف وحضن لا يتعدى
والمعنى هالهن فأعظمنه
ثم قال جل وعز: {وقطعن أيديهن}
روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال حزا بالسكين
يريد مجاهد أنه ليس قطعا تبين منه اليد إنما هو خدش وحز وذلك معروف أن يقال إذا خدش الإنسان يد صاحبه قد قطع يده
ثم قال جل وعز: {وقلن حاش الله}
قال مجاهد أي معاذ الله
والذي قال حسن واصله من قولك فلان في حشا فلان أي في ناحيتا فإذا قلت حاشا لزيد فمعناه تنحية لزيد
و{حاش لله} أي نحى الله هذا من هذا
ثم قال جل وعز: {ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم}
وقرئ (ما هذا بشرى) أي بمشترى
والأول أشبه لأن بعده إن هذا إلا ملك كريم ولأن مثل بشرى يكتب في الصحف بالياء). [معاني القرآن: 3/423-421]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {بمكرهن} غيبتهن.
{متكأ} أي طعاما، يقال: اتكأنا عند فلان: إذا طعمنا. من أسكن التاء أراد الأترج). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 113]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {اَعْتَدَتْ}: اتخذت
{حَاشَ لِلّهِ}: معاذ الله). [العمدة في غريب القرآن: 160]

تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آَمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ (32)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({قالت فذلكنّ الّذي لمتنّني فيه ولقد راودتّه عن نّفسه فاستعصم ولئن لّم يفعل ما آمره ليسجننّ وليكوناً مّن الصّاغرين}
وقال: {وليكوناً مّن الصّاغرين} فالوقف عليها (وليكونا) لأن النون الخفيفة إذا انفتح ما قبلها فوقفت عليها جعلتها ألفا ساكنة بمنزلة قولك "رأيت زيدا" ومثله {لنسفعاً بالنّاصية} الوقف عليها "لنسفعا"). [معاني القرآن: 2/51]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قراءة الناس {ليسجنن وليكونا من الصاغرين} على النون الخفيفة، إلا أبيا فإنه كان يقرأ "وليكونن"). [معاني القرآن لقطرب: 734]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فاستعصم} أي امتنع). [تفسير غريب القرآن: 217]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {قالت فذلكنّ الّذي لمتنّني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما آمره ليسجننّ وليكونا من الصّاغرين}
{ليسجننّ وليكونا من الصّاغرين}.
القراءة الجيدة تخفيف ليكونا. والوقوف عليها بالألف، لأن النون الخفيفة تبدل منها في الوقف الألف، تقول: اضربا زيدا، فإذا وقفت قلت: اضربا، كما أبدلت في: رأيت زيدا الألف من التنوين، وقد قرئت: ولتكوننّ - بتشديد النّون، وأكرهها لخلاف المصحف، لأنّ الشديدة لا يبدل منها شيء.
(من الصّاغرين). من المذلّين). [معاني القرآن: 3/108]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقول جل وعز: {ولقد راودته عن نفسه فاستعصم}
معنى فاستعصم فامتنع
وقوله جل وعز: {قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه}
روي أن الزهري قرأ {قال رب السجن أحب إلي}
ومعناه أن أسجن أحب إلي
ومن قرأ بالكسر السجن فمعناه عنده موضع السجن أحب إلي مما يدعونني إليه). [معاني القرآن: 3/424-423]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {فاستعصم} أي امتنع). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 114]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (33)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ربّ السّجن...}
السّجن: المحبس. وهو كالفعل. وكل موضع مشتقّ من فعلٍ فهو يقوم مقام الفعل؛ كما قالت العرب: طلعت الشمس مطلعاً وغربت الشمس مغرباً، فجعلوها خلفاً من المصدر وهما اسمان، كذلك السّجن. ولو فتحت السين لكان مصدراً بيناً. وقد قرئ: {ربّ السّجن} ). [معاني القرآن: 2/44]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {أصب إليهنّ} أي أهواهنّ وأميل إليهن، قال: يزيد بن ضبّة
إلى هندٍ صبا قلبي=وهندٌ مثلها تصبى
وقال:
صبا صبوةً بل لجّ وهو لجوج= وزالت له بالأنعمين حدوج).
[مجاز القرآن: 1/311]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن وأبو عمرو {قال رب السجن أحب إلي}.
أبو عبد الرحمن السلمي {قال رب السجن أحب إلي} بنصب السين؛ يكون مصدر سجنه سجنًا؛ والسجن: الاسم للمحبس). [معاني القرآن لقطرب: 734]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (فأما قوله {أصب إليهن} وهي من: صبا يصبوا صبوا وصبوا وصبي؛ وقالوا في الصبا: كان هذا في صباه، وفي صبائه، إذا فتحوا مدوا). [معاني القرآن لقطرب: 744]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {أصب إليهن}: أمل إليهن). [غريب القرآن وتفسيره: 183]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {قال ربّ السّجن أحبّ إليّ ممّا يدعونني إليه وإلّا تصرف عنّي كيدهنّ أصب إليهنّ وأكن من الجاهلين}
والسّجن جميعا - بكسر السين وفتحها - فمن فتح فعلى المصدر.
المعنى أن أسجن أحبّ إليّ، ومن كسر فعلى اسم المكان، فيكون المعنى: نزول السجن أحبّ إليّ مما يدعونني إليه، أي من ركوب المعصية.
{وإلّا تصرف عنّي كيدهنّ أصب إليهنّ} أي إلا تعصمني أصب إليهنّ، أي أمل إليهن.
يقال: صبا إلى اللّهو يصبو صبوّا، وصبيّا، وصبّا، إذا مال إليه.
وقال: {وإلّا تصرف عنّي كيدهنّ}.. وجائز أن يكون يعني امرأة العزيز وحدها، ألا أنه أراد كيدها وكيد جميع النساء، وجائز أن يكون كيدها وكيد النسوة اللاتي رأين يوسف حين أرتهن إيّاه). [معاني القرآن: 3/109-108]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين}
يقال صبا إلى اللهو صبوا
وروى الفراء صبأ إذا مال إليه). [معاني القرآن: 3/424]

تفسير قوله تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (34)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {فاستجاب له ربّه...}
ولم تكن منه مسألة إنما قال: {إلاّ تصرف عنّي كيدهنّ أصب إليهنّ} فجعله الله دعاء لأن فيه معنى الدعاء، فلذلك قال: {فاستجاب له ربّه} ومثله في الكلام أن تقول لعبدك:
إلاّ تطع تعاقب، فيقول: إذاً أطيعك كأنك قلت له: أطع فأجابك). [معاني القرآن: 2/44]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال تعالى: {فاستجاب له ربه}
فحمله على المعنى لأن في كلامه معنى الدعاء وإن لم يذكر دعاء). [معاني القرآن: 3/424]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآَيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (35)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ثمّ بدا لهم مّن بعد ما رأوا الآيات...}
آيات البراءة قدّ القميص من دبر {ليسجننّه حتّى حينٍ} فهذه اللام في اليمين وفي كل ما ضارع القول. وقد ذكرناه. ألا ترى قوله: {وظنّوا ما لهم من محيصٍ} {ولقد علموا لمن اشتراه} دخلت هذه اللام و(ما) مع الظنّ (والعلم) لأنهما في معنى القول واليمين). [معاني القرآن: 2/44]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ثمّ بدا لهم مّن بعد ما رأوا الآيات ليسجننّه حتّى حينٍ}
وقال: {ثمّ بدا لهم مّن بعد ما رأوا الآيات ليسجننّه حتّى حينٍ} فأدخل النون في هذا الموضع لأن هذا موضع تقع فيه "أي" فلما كان حرف الاستفهام يدخل فيه،
دخلته النون لأن النون تكون في الاستفهام تقول "بدا لهم أيّهم يأخذون" أي استبان لهم). [معاني القرآن: 2/52-51]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما قوله عز وجل {ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه} المعنى: ثم بدا لهم بدو، ورأى ليسجننه، ولا تكون بدا عاملة في "ليسجننه"؛ لأن "ليسجننه" فعل ولا بد لـ: "بدا" من اسم تعمل فيه؛ لأنه الفعل الذي ذكر فاعله.
ولو قلت: قد علموا ليسجننه، أو قد علمت لأضربنك حسن؛ لأن الفعل قد عمل في الفاعل، ولو قلت: وقد علم لأضربنك، وقد علم لزيد خير من عمرو، حسن؛ لأن فعل قد تكون بغير فاعل، "وقد علم" تكون بغير فاعل ولا مفعول؛ ألا ترى أنك قد تقول: قد علم هاهنا، وجهل، وضرب؛ ولا أضمر مفعولاً كزيد؛ ولكن كأنك قلت: قد كان ضرب وقتل). [معاني القرآن لقطرب: 759]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات}
قال مجاهد يعني قد القميص
وقال قتادة يعني قد القميص وحز الأيدي
ثم بين الذي بدا لهم فقال جل وعز: {ليسجننه حتى حين} ). [معاني القرآن: 3/425-424]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 15 جمادى الأولى 1434هـ/26-03-2013م, 03:43 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (30) }

قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (ومما جاء في القرآن من الموات قد حذفت فيه التاء قوله عز وجل: {فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى} وقوله: {من بعد ما جاءهم البينات}.
وهذا النحو كثير في القرآن وهو في [الواحدة إذا كانت من] الآدميين أقل منه في سائر الحيوان. ألا ترى أن لهم في الجميع حالا ليست لغيرهم لأنهم الأولون وأنهم قد فضلوا بما لم يفضل به غيرهم من العقل والعلم.
وأما الجميع من الحيوان الذي يكسر عليه الواحد فبمنزلة الجميع من غيره الذي يكسر عليه الواحد [في أنه مؤنث]. ألا ترى أنك تقول هو رجل وتقول هي الرجال فيجوز لك. وتقول هو جمل وهي الجمال وهو عير وهي الأعيار فجرت هذه كلها مجرى هي الجذوع. وما أشبه ذلك يجري هذا المجرى لأن الجميع يؤنث وإن كان كل واحد منه مذكرا من الحيوان. فلما كان كذلك صيروه بمنزلة الموات لأنه قد
خرج من الأول الأمكن حيث أردت الجميع. فلما كان ذلك احتملوا أن يجروه مجرى الجميع الموات قالوا جاء جواريك وجاء نساؤك وجاء بناتك. وقالوا فيما لم يكسر عليه الواحد لأنه في معنى الجمع كما قالوا في هذا كما قال الله تعالى جده: {ومنهم من يستمعون إليك} إذ كان في معنى الجميع وذلك قوله تعالى: {وقال نسوة في المدينة}.
واعلم أن من العرب من يقول ضربوني قومك وضرباني أخواك فشبهوا هذا بالتاء التي يظهرونها في قالت فلانة وكأنهم أرادوا أن يجعلوا للجمع علامة كما جعلوا للمؤنث وهي قليلة. قال الشاعر وهو الفرزدق:
ولكن ديافىٌّ أبوه وأمّه = بحوران يعصرن السّليط أقاربه
وأما قوله جل ثناؤه: {وأسروا النجوى الذين ظلموا} فإنما يجيء على البدل وكأنه قال انطلقوا فقيل له من فقال بنو فلان. فقوله جل وعز: {وأسروا النجوى الذين ظلموا} على هذا فيما زعم يونس). [الكتاب: 2/39-41] (م)
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ):
(يحدثن بعد اليأس من غير ريبة = أحاديث تشفي المدنفين وتشغف
...
قوله تشعف يقول تذهب هذه المرأة بالقلوب وتغلب على العقل وهو من قوله تعالى: {قد شغفها حبا} جميعا يقرأ بهما وهما في المعنى سواء بالعين والغين وهو ذهاب القلب وميله إلى من يحبه ويهواه). [نقائض جرير والفرزدق: 550]
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): (
وتزعم أن البين لا يشعف الفتى = بلى مثل بيني يوم لبنان يشعف
قوله يشعف يعني يغلب على القلب وهو من قوله تعالى: {قد شغفها حبا} و{قد شغفها حبا} بالعين والغين قد قرأ القراء بهما جميعا ومعناهما واحد وهو أن يغلب على القلب الحب ولا يعقل غيره). [نقائض جرير والفرزدق: 578]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (والمشغوف الذي قد بلغ الحب شغاف قلبه). [الغريب المصنف: 3/814]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (والتأنيث، والتذكير في الواحد على ضربين: أحدهما: حقيقة، والآخر: لفظ، فهما في ترك الصرف سواءٌ، لأن الصرف إنما هو للفظ، وليسا في الإخبار عنهما سواءً. فأما الحقيقي فما كان في الرجل والمرأة، وجميع الحيوان؛ لأنك لو سميت رجلاً طلحة لخبرت عنه كما يخبر إذا كان اسمه مذكراً. ولو سميت امرأة، أو غيرها من إناث الحيوان باسمٍ مذكر لخبرت عنها كما تخبر عنها واسمها مؤنث. وذلك نحو امرأةً سميتها جعفرا فتقول: جاءتني جعفر؛ كما تقول: جاءتني حمدة، ولا يجوز أن تقول: جاءني؛ لأن التأنيث حقيقة، كما لا يجوز أن تقول: جاءتني طلحة وأنت تعني رجلاً. والتأنيث الثاني، والتذكير نحو قولك: يوم، وليلة، وبلدة، ودار ومنزل، فليس في هذا أكثر من اللفظ. فلو قلت: قصر ليلتك، وعمر دارك لجاز؛ لأن الدار والمنزل شيءٌ واحد. ليس في الدار حقيقة تصرفها عن ذلك، وكذلك البلد والبلدة. قال الله عز وجل: {فمن جاءه موعظةٌ من ربه} وقال: {وأخذ الذين ظلموا الصيحة}. وقال في تأنيث الجمع: (وقالت نسوةٌ في المدينة)؛ لأن الإخبار ليس عن واحد). [المقتضب: 3/348-349]

قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ولو قلت: ضرب هند، وشتم جاريتك لم يصلح حتى تقول: ضربت هند، وشتمت جاريتك؛ لأن هنداً، والجارية مؤنثات على الحقيقة، فلا بد من علامة التأنيث.
ولو كان مؤنث الاسم، لا معنى لتأنيث، ولا تذكير تحته، كالدار والنار وما كان غير ذلك مما ليست له حقيقة التأنيث لجاز أن تذكر الفعل إن شئت فتقول: أطفئ نارك. وجئ نساؤك؛ لأن هذا إنما هو تأنيث الجمع؛ كما قال الله جل ثناؤه: {وقال نسوة في المدينة} وقال: {فمن جاءه موعظة من ربه}، {أخذ الذين ظلموا الصيحة} ). [المقتضب: 4/59]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وتترك ليس في الاستثناء موحدة من التثنية، والجمع، وفي المؤنث بغير علامة تأنيث تقول: ذهب القوم ليس أخاك، وليس أخويك، وليس إخوتك، ليس موحدة، وذهب النساء ليس جارية أو جاريتين، وقد يقال ذهب النساء ليست جارية أو جاريتين، فتدخل التاء مرة، وتحذفها مرة لأن مذهبها كمذهب الاسم المجهول مثله إنه ذاهبة جاريتك، وإنها ذاهبة جاريتك، فمن قال: إنه ذاهبة جاريتك، فهو الذي يقول: قام النساء، ليس جاريتك، ومن قال: إنها فهو الذي يقول: ليست جاريتك، ويجريه على هذا، ولا تثنية في ليس، ولا جمع لأن الضمير الذي فيها ليس بمعروف إنما هو مجهول، تقول: ذهبت الجواري ليست جاريتك، وليست جاريتيك، وليست جواريك تؤثر التأنيث إذا كان الجمع كثيرًا، فإذا قل آثرت تذكير ليس، فتقول ذهب النساء ليس ثلاثًا أو أربعًا ذكرت لقلته كقول الله عز وجل: {وقال نسوة في المدينة}، ولو كان العدد أكثر من عشر لقلت: ذهب النساء، ليست خمس عشرة لأنك إذا جاوزت العشر قلت: هذه نساء، وإن كان دون العشر، قلت هؤلاء نسوة، فتذكير، ليس لمعنى هؤلاء وتأنيثها لمعنى هذه، ويجوز في هذا ما جاز في هذا، وفي هذا ما جاز في هذا، والكلام هو الأول، وهو قول الفراء، فإذا كنت شئت، قلت: قام القوم ليس إياك، وإياي، وإياني بالنون وبالياء، وليسني، وليسي، ومن روى غير ذي عذر، فهو استثناء أيضًا). [شرح المفضليات: 10]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
ويئست مما قد شغفت به = منها ولا يسليك كاليأس
يقول: كنت أطمع فيها وأرجو رجعتها ثم يئست منها، والشغف: احتراق القلب ولوعته للحزن والحرقة والفرقة وعند الذكر يقال شغفت وشغفت، غيره: الشغف أن يقع في القلب شيء فلا يذهب أي لا تسلو مما في قلبك منها حتى تيأس منها، فإذا يئست منها ذهب ما في قلبك، ومنه: {قد شغفها حبًا} ). [شرح المفضليات: 264]
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (مطلب شرح مادة الشعف بالمهملة
قال أبو علي الشعف: حرقة يجدها الرجل مع لذّة في قلبه، ولذلك قال امرؤ القيس:
أيقتلني وقد شعفت فؤادها = كما شعف المهنوءة الرّجل الطالي
لأن المهنوءة تجد للهناء لذة مع حرقة.
والشّغف أن يبلغ الحب شغاف القلب، وهي جلدة دونه، والشّغاف أيضًا: داء يكون في أحد شقيّ البطن، ولذلك قال النابغة:
وقد حال همّ دون ذلك والج = ولوج الشّغاف تبتغيه الأصابع).
[الأمالي: 1/205]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآَتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ (31) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب تحرك أواخر الكلم الساكنة
إذا حذفت ألف الوصل لالتقاء الساكنين
وإنما حذفوا ألف الوصل هاهنا بعد الساكن لأن من كلامهم أن يحذف وهو بعد غير الساكن فلما كان ذلك من كلامهم حذفوها ههنا وجعلوا التحرك للساكنة الأولى حيث لم يكن ليلتقي ساكنان وجعلوا هذا سبيلها ليفرقوا بينها وبين الألف المقطوعة فجملة هذا الباب في التحرك أن يكون الساكن الأول مكسوراً وذلك قولك اضرب ابنك وأكرم الرجل واذهب اذهب و: {قل هو الله أحد الله} لأن التنوين ساكن وقع بعده حرف ساكن فصار بمنزلة باء اضرب ونحو ذلك.
ومن ذلك إن الله عافاني فعلت وعن الرجل وقط الرجل ولو استطعنا.
ونظير الكسر هاهنا قولهم حذار وبداد ونظار ألزموها الكسر في كلامهم فجعلوا سبيل هذا الكسر في كلامهم فاستقام هذا الضرب على هذا ما لم يكن اسماً نحو حذام لئلا يلتقي ساكنان ونحوه جير يا فتى وغاق غاق كسروا هذا إذ كان من كلامهم أن يكسروا إذا التقى الساكنان.
وقال الله تبارك وتعالى: {قل انظروا ماذا في السماوات والأرض}
فضموا الساكن حيث حركوه كما ضموا الألف في الابتداء وكرهوا الكسر ههنا كما كرهوه في الألف فخالفت سائر السواكن كما خالفت الألف سائر الألفات يعني ألفات الوصل.
وقد كسر قومٌ فقالوا: {قل انظروا} وأجروه على الباب الأول ولم يجعلوها كالألف ولكنهم جعلوها كآخر جير.
وأما الذين يضمون فإنهم يضمون في كل ساكن يكسر في غير الألف المضمومة فمن ذلك قوله عز وجل: {وقالت اخرج عليهن}: {وعذاب اركض برجلك} ومنه: {أو انقص منه قليلا} وهذا كله عربي قد قرئ به.
ومن قال قل انظروا كسر جميع هذا.
والفتح في حرفين أحدهما قوله عز وجل: {الم الله} لما كان من كلامهم أن يفتحوا لالتقاء الساكنين فتحوا هذا وفرقوا بينه وبين ما ليس بهجاءٍ.
ونظير ذلك قولهم من الله ومن الرسول ومن المؤمنين لما
كثرت في كلامهم ولم تكن فعلا وكان الفتح أخف عليهم فتحوا وشبهوها بأين وكيف.
وزعموا أن ناساً من العرب يقولون من الله فيكسرونه ويجرونه على القياس.
فأما: {الم} فلا يكسر لأنهم لم يجعلوه في ألف الوصل بمنزلة غيره ولكنهم جعلوه كبعض ما يتحرك لالتقاء الساكنين ونحو ذلك لم يلده واعلمن ذلك لأن للهجاء حالاً قد تبين). [الكتاب: 4/152-154] (م)
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (و«السِّكين» ذكر، وربما أُنث في الشعر. قال الشاعر:
فعيث في السنام غداة قر = بسكين موثقة النصاب).
[المذكور والمؤنث: 86]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب

ما جرى في بعض اللغات مجرى الفعل لوقوعه في معناه
وهو حرف جاء لمعنى، ويجري
في غير تلك اللغة مجرى الحروف غير العوامل
وذلك الحرف ما النافية.
تقول: ما زيد قائماً، وما هذا أخاك. كذلك يفعل أهل الحجاز. وذلك أنهم رأوها في معنى ليس، تقع مبتدأة، وتنفي ما يكون في الحال، وما لم يقع. فلما خلصت في معنى ليس ودلت على ما تدل عليه، ولم يكن بين نفييهما فصل البتة حتى صارت كل واحدة تغني عن الأخرى أجروها مجراها.
فمن ذلك قول الله عز وجل: {ما هذا بشراً} و{ما هن أمهاتهم} ). [المقتضب: 4/188]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وأما نقض الخبر فقولك: ما زيد إلا منطلق؛ لأنك نفيت عنه كل شيء إلا الانطلاق. فلم تصلح ما أن تكون عاملة في نقض النفي؛ كما لم تعمل في تقديم الخبر.
قال الله عز وجل: {وما أمرنا إلا واحدة كلمح} و{ما هذا إلا بشر مثلكم} وقال حيث كانت في موضعها {ما هذا بشراً} و{ما هن أمهاتهم}.
فهذا أصلها الذي شرحنا، وسنفرد باباً للمسائل؛ إذ كانت لا تصح إلا بعد الفراغ من الأصول). [المقتضب: 4/190] (م)
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله عز وجل: {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ} قال: أعظمنه، أي كبر في عيونهن). [مجالس ثعلب: 253]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال: إنما قالوا: ما عبد الله قائمًا. وهو قول أهل الحجاز وقد جاء القرآن {مَا هَذَا بَشَرًا}. وبنو تميمٍ يرفعون فيقولون: ما زيدٌ قائمٌ). [مجالس ثعلب: 596]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
كفاك الإله إذ عصاك معاشر = ضعاف قليل للعدو عتادها
قال الضبي: العتاد: العدة ومنه قوله عز وجل: {وأعتدت لهن متكئًا} ). [شرح المفضليات: 745-746]

تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آَمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ (32) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (فمما جاء فيه النون في كتاب الله عز وجل: {ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون} {ولا تقولن لشيءٍ إني فاعلٌ ذلك غداً} وقوله تعالى: {ولآمرنهم فليبنكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} و: {ليسجنن وليكونن من الصاغرين} وليكونن خفيفة
وأما الخفيفة فقوله تعالى: {لنسفعن بالناصية} ). [الكتاب: 3/509-510] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب النونين الثقيلة والخفيفة
ومعرفة مواقعها من الأفعال
اعلم أنهما لا تدخلان من الأفعال إلا على ما لم يجب، ولا يكون من ذلك إلا في الفعل الذي يؤكد ليقع. وذلك ما لم يكن خبراً فيما ضارع القسم. فأما القسم فإحداهما فيه واجبةٌ لا محالة. وأما ما ضارعه فأنت فيه مخير. وذلك قولك في القسم: والله لأقومن، وحق زيد لأمضين، فيلحق النون إما خفيفة وإما ثقيلةً، لا يكون القسم إلا كذاك. وقد شرحنا ذلك في باب القسم: لم كانت فيه واجبة? وأما الثقيلة فكقوله عز وجل: {ليسجنن وليكوننّ من الصاغرين}. وأما الخفيفة فعلى قراءة من قرأ: {وليكونن من الصاغرين}، وكقوله: {كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية}، وقال الشاعر:
وفي ذمتي لئن فعلت ليفعلا
فمن مواضعها: الأمر، والنهي؛ لأنهما غير واجبين. وذلك قولك - إذا لم تأت بهما -:اضرب، ولا تضرب، فإذا أتيت بها قلت: اضربن زيدا، ولا تضربن زيدا، وإن شئت ثقلت النون، وإن شئت خففتها. وهي - إذا خففت - مؤكدة، وإذا ثقلت فهي أشد توكيدا، وإن شئت لم تأت بها فقلت: اضرب، ولا تضرب. قال الله عز وجل: {ولا تقولن لشيءٍ إني فاعلٌ ذلك غدًا}، وقال: {ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون}، وقال: {فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون}. وقال الشاعر في الخفيفة:
فإياك والميتات لا تقربنـهـا = ولا تأخذن سهماً حديداً لتفصدا
وقال الآخر:
فأنزلن سكينةً علينا
والطلب يجري مجرى الأمر والنهي، وقد مضى القول في هذا. ومن مواضعهما: الاستفهام؛ لأنه غير واجب. وذلك قولك: هل تضربن زيداً، وهل يقومن زيد يا فتى. وتدخل الخفيفة كما دخلت الثقيلة؛ لأنهما في التوكيد على ما ذكرت لك ومن مواضعها: الجزاء إذا لحقت ما زائدةً في حرف الجزاء؛ لأنها تكون كاللام التي تلحق في القسم في قولك: لأفعلن، وذلك قولك: إما تأتيني آتك، ومتى ما تقعدن أقعد. فمن ذلك قول الله عز وجل: {فإما ترين من البشر أحداً}، وقال: {وإما تعرضن عنهم}. فإن كان الجزاء بغير ما قبح دخولها فيه، لأنه خبر يجب آخره بوجوب أوله. وإنما يجوز دخولها الجزاء بغير ما في الشعر للضرورة؛ كما يجوز ذلك في الخبر. فمن ذلك قوله:
من تثقفن منهم فليس بآئبٍ = أبداً، وقتل بني قتيبة شافي
فهذا يجوز؛ كما قال في الخبر:

ربما أوفيت في علـمٍ = ترفعن ثوبي شمالات
ومن أمثال العرب: بعينٍ ما أرينك وبألمٍ ما تختننه. فإنما أدخل النون من أجل ما الزائدة كاللام كما ذكرت لك). [المقتضب: 3/11-15]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وإن سألت نساءً عن رجل قلت بغير اللام: كيف ذاكن الرجل? وباللام: كيف ذلكن الرجل? كما قال الله عز وجل: {فذلكن الذي لمتنني فيه} ). [المقتضب: 3/276]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (33) }
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (" في الحديث المرفوع: " شكا يوسف عليه السلام إلى اللّه عزّ وجلّ طول الحبس فأوحى اللّه إليه: من حبسك يا يوسف، أنت حبست نفسك حيث قلت {ربّ السّجن أحبّ إليّ ممّا يدعونني إليه} ولو قلت: العافية أحبّ عليّ لعوفيت "). [عيون الأخبار: 1/79]

تفسير قوله تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (34) }

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآَيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (35) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وقالوا: لئن زرته ما يقبل منك وقال لئن فعلت ما فعل يريد معنى ما هو فاعلٌ وما يفعل كما كان لظلوا مثل ليظلن وكما جاءت: {سواءٌ عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون} على قوله: أم صمتم فكذلك جاز هذا على ما هو فاعلٌ قال عز وجل: {ولئن أتيت الذين أوتوا
الكتاب بكل آيةٍ ما تبعوا قبلتك} أي ما هم تابعين.
وقال سبحانه: {ولئن زالتا إن أمسكهما من أحدٍ من بعده} أي ما يمسكهما من أحدٍ.
وأما قوله عز وجل: {وإن كلاً لما ليوفينهم ربك أعمالهم} فإن إن حرف توكيد فلها لامٌ كلام اليمين لذلك أدخلوها كما أدخلوها في {إن كل نفسٍ لما عليها حافظ} ودخلت اللام التي في الفعل على اليمين كأنه قال إن زيداً لما والله ليفعلن.
وقد يستقيم في الكلام إن زيداً ليضرب وليذهب ولم يقع ضربٌ والأكثر على ألسنتهم كما خبرتك في اليمين فمن ثم ألزموا النون في اليمين لئلا يلتبس بما هو واقعٌ قال الله عز وجل: {إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه وإن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة} وقال لبيد:

ولقد علمت لتأتين منيّتي = إنّ المنايا لا تطيش سهامها
كأنه قال والله لتأتين كما قال قد علمت لعبد الله خيرٌ منك وقال أظن لتسبقنني وأظن ليقومن لأنه بمنزلة علمت وقال عز وجل: {ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه} لأنه موضع ابتداء ألا ترى أنك لو قلت بدا لهم أيهم أفضل لحسن كحسنه في علمت كأنك قلت ظهر لهم أهذا أفضل أم هذا). [الكتاب: 3/108-110] (م)
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (قال: وقال الأخفش: معنى قوله تعالى: {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآَيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ}. قال: لما كانت أي تقع ها هنا وقعت اللام هو المفعول المرفوع). [مجالس ثعلب: 591]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 15 جمادى الأولى 1434هـ/26-03-2013م, 03:43 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 15 جمادى الأولى 1434هـ/26-03-2013م, 03:44 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري


.....

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 12 ذو القعدة 1439هـ/24-07-2018م, 04:03 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (30)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وقال نسوة في المدينة امرأت العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا إنا لنراها في ضلال مبين فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكأ وآتت كل واحدة منهن سكينا وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم}
ذكر الفعل المسند إلى النسوة لتذكير اسم الجمع. و(النسوة) جمع قلة لا واحد له من لفظه، وجمع التكثير نساء، و"نسوة" فعلة، وهو أحد الأبنية الأربعة التي هي لأدنى العدد، وقد نظمها القائل ببيت شعر:
[المحرر الوجيز: 5/74]
بأفعل وأفعال وأفعلة ... وفعلة يعرف الأدنى من العدد
ويروى أن هؤلاء النسوة كن أربعا: امرأة خباز الملك، وامرأة ساقيه، وامرأة حاجبه، وامرأة بوابه.
و "العزيز": الملك، ومنه قول الشاعر:
درة غاص عليها تاجر ... جلبت عند عزيز يوم طل
و(الفتى): الغلام: وعرفه في المملوك، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يقل أحدكم: عبدي، وأمتي، وليقل: فتاي وفتاتي" ولكنه قد يقال في غير المملوك، ومنه: وإذ قال موسى لفتاه، وأصل الفتى في اللغة: الشاب، ولكنه لما كان جل الخدمة شبابا استعير لهم اسم الفتى. و"شغفها" معناه: بلغ حتى صار من قلبها موضع الشغاف، وهو على أكثر القول غلاف من أغشية القلب، وقيل: الشغاف: سويداء القلب، وقيل: الشغاف: داء يصل إلى القلب.
وقرأ أبو رجاء، والأعرج، وعلي بن أبي طالب، والحسن –بخلاف- ويحيى بن يعمر، وقتادة -بخلاف- وثابت، وعوف، ومجاهد، وغيرهم: "قد شعفها" بالعين غير منقوطة، ولذلك وجهان: أحدهما أنه علا بها كل مرتبة من الحب، وذهب بها كل مذهب، فهو مأخوذ -على هذا- من شعف الجبال وهي رؤوسها وأعاليها،
[المحرر الوجيز: 5/75]
ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن" والوجه الآخر أن يكون الشعف لذة بحرقة يوجد من الجراحات والجرب ونحوهما، ومنه قول امرئ القيس:
أيقتلني وقد شعفت فؤادها ... كما شعف المهنوءة الرجل الطالي
والمشعوف في اللغة: الذي أحرق الحب قلبه، ومنه قول الأعشى:
تعصي الوشاة وكان الحب آونة ... مما يزين للمشعوف ما صنعا
وروي عن ثابت البناني، وأبي رجاء أنهما قرآ: "قد شعفها" بكسر العين غير منقوطة. قال أبو حاتم: المعروف فتح العين، وهذا قد قرئ به. وقرأ ابن محيصن: "قد شغفها" أدغم الدال في الشين.
وروي أن مقالة هؤلاء النسوة إنما قصدن بها المكر بامرأة العزيز ليغضبنها حتى تعرض عليهن يوسف ليبين عذرها أو يحق لومها، وقد قال ابن زيد: الشغف في الحب والشغف في البغض، وقال الشعبي: الشغف والمشغوف بالغين منقوطة في الحب، والشعف: الجنون، والمشعوف: المجنون، وهذان القولان ضعيفان). [المحرر الوجيز: 5/76]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآَتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ (31)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {فلما سمعت بمكرهن} الآية. إنما سمي قولهن مكرا من حيث أظهرن إنكار منكر وقصدن إثارة غيظها عليهن، وقيل: مكرهن أنهن أفشين ذلك عنها وقد كانت أطلعتهن على ذلك واستكتمتهن، وهذا لا يكون مكرا إلا بأن يظهرن لها خلاف ذلك ويقصدن بالإفشاء أذاها.
ومعنى أرسلت إليهن أي ليحضرن، "وأعتدت" معناه: أعدت ويسرت، "ومتكأ": ما يتكأ عليه من فرش ووسائد، وعبر بذلك عن مجلس أعد لكرامة، ومعلوم أن هذا النوع من الكرامات لا يخلو من الطعام والشراب، فلذلك فسر مجاهد وعكرمة المتكأ بالطعام. قال ابن عباس: "متكأ" معناه: مجلسا، ذكره الزهراوي، وقال القتبي: يقال: اتكأنا عند فلان، أي أكلنا.
وقوله: {وآتت كل واحدة منهن سكينا} يقتضي أنه كان في جملة الطعام ما يقطع بالسكاكين، فقيل: كان لحما، وكانوا لا ينتهسون اللحم وإنما كانوا يأكلونه حزا بالسكاكين، وقيل: كان أترجا، وقيل: كان زماورد -وهو من نحو الأترج موجود في تلك البلاد- وقيل: هو مصنوع من سكر ولوز وأخلاط. وقرأ ابن عباس، ومجاهد، والجحدري، وابن عمر، وقتادة، والضحاك، والكلبي، وأبان بن تغلب: "متكا" بضم الميم وسكون التاء وتنوين الكاف، واختلف في معناه؛ فقيل: هو الأترج، وقيل: هو اسم يعم ما يقطع بالسكين من الفواكه كالأترج والتفاح وغيره، وأنشد الطبري:
نشرب الإثم بالصواع جهارا ... وترى المتك بيننا مستعارا
[المحرر الوجيز: 5/77]
وقرأ الجمهور: "متكئا" بشد التاء المفتوحة والهمز والقصر، وقرأ الزهري: "متكا" مشدد التاء من غير همز، وهي قراءة أبي جعفر بن القعقاع، وشيبة بن نصاح، وقرأ الحسن: "متكاء" بالمد على إشباع الحركة. والسكين: تذكر وتؤنث، قاله الكسائي والفراء، ولم يعرف الأصمعي إلا التذكير.
وقوله: "اخرج" أمر ليوسف، وأطاعها بحسب الملك، وقال مكي، والمهدي: قيل: إن في الآية تقديما وتأخيرا في القصص؛ وذلك أن قصة النسوة كانت قبل فضيحتها في القميص للسيد، وباشتهار الأمر للسيد انقطع ما بينها وبين يوسف.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا محتمل إلا أنه لا يلزم من ألفاظ الآية. بل يحتمل أن كانت قصة النساء بعد قصة القميص، وذلك أن العزيز كان قليل الغيرة، بل قومه أجمعون، ألا ترى أن الإنكار في وقت القميص إنما كان بأن قيل: إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم؟ وهذا يدل على قلة الغيرة، ثم سكن الأمر بأن قال: يوسف أعرض عن هذا وأنت "استغفري" وهي لم تبق حينئذ إلا على إنكارها وإظهار الصحة، فلذلك تغوفل عنها بعد ذلك؛ لأن دليل القميص لم يكن قاطعا، وإنما كان أمارة ما، هذا إن لم يكن المتكلم طفلا.
وقوله: "أكبرنه" معناه: أعظمنه واستهولن جماله، هذا قول الجمهور، وقال عبد الصمد بن علي الهاشمي عن أبيه عن جده: معناه: حضن، وأنشد بعض الناس حجة لهذا التأويل:
يأتي النساء على أطهارهن ولا ... يأتي النساء إذا أكبرن إكبارا
[المحرر الوجيز: 5/78]
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا قول ضعيف، ومعناه منكور، والبيت مصنوع مختلق، كذلك قال الطبري وغيره من المحققين، وليس عبد الصمد من رواة العلم، رحمه الله.
وقوله تعالى: {وقطعن أيديهن} أي: أكثرن فيها حز السكاكين، وقال عكرمة: الأيدي هنا: الأكمام، وقال مجاهد: هي الجوارح وقطعنها حتى ألقينها.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
فظاهر هذا أنه بانت الأيدي، وذلك ضعيف من معناه، وذلك أن قطع العظم لا يكون إلا بشدة، ومحال أن يسهو أحد عنها، والقطع على المفصل لا يتهيأ إلا بتلطف لا بد أن يقصد، والذي يشبه أنهن حملن على أيديهن الحمل الذي كن يحملنه قبل المتك فكان ذلك حزا، وهذا قول الجماعة، وضوعفت الطاء في "قطعن" لكثرتهن وكثرة الحز، فربما كان مرارا.
وقرأ أبو عمرو وحده: "حاشا لله"، وقرأ أبي وابن مسعود: "حاش الله"، وقرأ سائر السبعة: "حاش لله"، وفرقة: "حشى لله"، وهي لغة، وقرأ الحسن:
[المحرر الوجيز: 5/79]
"حاش لله" بسكون الشين، وهي ضعيفة، وقرأ الحسن أيضا: "حاش الإله" محذوفا من "حاشى". فأما "حاش" فهي حيث جرت حرف معناه الاستثناء، كذا قال سيبويه، وقد ينصب به، تقول: "حاش زيد وحاش زيدا"، قال المبرد: النصب أولى إذ قد صح أنها فعل بقولهم: "حاش لزيد"، والحرف لا يحذف منه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
يظهر من مجموع كلام سيبويه والمبرد أن الحرف يخفض به لا غير، وأن الفعل هو الذي ينصب به، فهذه اللفظة تستعمل فعلا وحرفا، وهي في بعض المواضع فعل وزنه فاعل، وذلك في قراءة من قرأ: "حاشى لله"، معناه مأخوذ من معنى الحرف وهو إزالة الشيء عن معنى مقرون به، وهذا الفعل مأخوذ من "الحشى"، أي: هذا في حشى وهذا في حشى، ومن ذلك قول الشاعر:
يقول الذي يمشي إلى الحرز أهله ... بأي الحشى صار الخليط المباين؟
ومنه الحاشية، كأنها مباينة لسائر ما هي له، ومن المواضع التي "حاشى" فيها فعل هذه الآية، يدل على ذلك دخولها على حرف الجر، والحروف لا يدخل بعضها على بعض، ويدل على ذلك حذف الياء منها في قراءة الباقين: "حاش" على نحو حذفهم من: "لا أبال" و"لا أدر" و"لو تر"، ولا يجوز الحذف من الحروف إلا إذا كان فيها تضعيف مثل: "لعل"، فيحذف وترجع "عل"، ويعترض في هذا الشرط بـ"منذ" و"مذ" فإنه حذف دون تضعيف، فتأمله.
[المحرر الوجيز: 5/80]
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ومن ذلك في حديث خالد يوم مؤتة: "فحاشى بالناس". فمعنى "حاش لله" هاهنا: حاش يوسف لطاعته لله، أو لمكانه من الله، أو لترفيع الله له أن يرمى بما رميته به أو يدعى إلى مثله؛ لأن تلك أفعال البشر وهو ليس منهم، إنما هو ملك، هكذا رتب أبو علي الفارسي معنى هذا الكلام على هاتين القراءتين اللتين في السبع، وأما قراءة أبي بن كعب، وابن مسعود فعلى أن "حاش" حرف استثناء، كما قال الشاعر:
حاشى أبي ثوبان إن به ... ضنا عن الملحاة والشتم
وتسكين الشين في إحدى قراءتي الحسن ضعيف؛ جمع بين ساكنين، وقراءته الثانية محذوفة الألف من "حاشى".
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والتشبيه بالملك هو من قبيل التشبيه بالمستعظمات، وإن كانت لا ترى. وقرأ أبو الحويرث الحنفي، والحسن: "ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم" بكسر اللام في "ملك"، وعلى هذه القراءة فالكلام فصيح، لما استعظمن حسن صورته قلن: ما يصلح أن يكون هذا عبدا بشرا، إنما يصلح أن يكون ملكا كريما. ونصب "بشرا"
[المحرر الوجيز: 5/81]
على لغة الحجاز، شبهت "ما" بـ(ليس)، وأما تميم فترفع، ولم يقرأ به.
وروي أن يوسف عليه السلام أعطي ثلث الحسن، وعن النبي صلى الله عليه وسلم أعطي نصف الحسن، ففي بعض الأسانيد هو وأمه، وفي بعضها هو وسارة جدة أبيه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا على جهة التمثيل، أي: لو كان الحسن مما يقسم لكان حسن يوسف يقع في نصفه، فالقصد أن يقع في نفس السامع عظم حسنه، على نحو التشبيه برؤوس الشياطين وأنياب الأغوال). [المحرر الوجيز: 5/82]

تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آَمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ (32)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {قالت فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونا من الصاغرين قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم}
قال الطبري: المعنى: فهذا الذي لمتنني فيه، أي: هذا الذي قطعتن أيديكن بسببه هو الذي جعلتنني ضالة في هواه، والضمير عائد على يوسف في "فيه"، ويجوز أن تكون الإشارة إلى حب يوسف والضمير عائد على الحب، فيكون ذلك إشارة إلى غائب على بابه.
ثم أقرت امرأة العزيز للنسوة بالمراودة، واستأمنت إليهن في ذلك؛ إذ قد علمت أنهن قد عذرنها. و"فاستعصم" معناه: طلب العصمة وتمسك بها وعصاني، ثم
[المحرر الوجيز: 5/82]
جعلت تتوعده -وهو يسمع- بقولها: {ولئن لم يفعل} إلى آخر الآية.
واللام في قوله: "ليسجنن" لام القسم، واللام الأولى هي المؤذنة بمجيء القسم، والنون هي الثقيلة والوقوف عليها بشدها، و"ليكونا" نونه هي النون الخفيفة، والوقف عليه بالألف، وهي مثل قوله تبارك وتعالى: "لنسفعا"، ومثلها قول الأعشى:
وصل على حين العشيات والضحى ... ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا
أراد: فاعبدن. وقرأت فرقة: "وليكونن" بالنون الشديدة، والصاغرون: الأذلاء الذين لحقهم الصغار). [المحرر الوجيز: 5/83]

تفسير قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (33)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {قال رب السجن أحب إلي}. روي أنه لما توعدته امرأة العزيز قال له النسوة: (أطع مولاتك، وافعل ما أمرتك به)، فلذلك قال: مما يدعونني إليه، قال نحوه الحسن. ووزن (يدعون) فى هذه الآية: يفعلن، بخلاف قولك: (الرجال يدعون).
وقرأ الجمهور: "السجن" بكسر السين، وهو الاسم. وقرأ الزهري، وابن هرمز، ويعقوب، وابن أبي إسحاق: "السجن" بفتح السين، وهي قراءة عثمان رضي الله عنه وطارق مولاه، وهو المصدر، وهو كقولك: الجدع والجدع.
وقوله: {وإلا تصرف عني ...} إلى آخر الآية، استسلام لله تبارك وتعالى، ورغبة إليه، وتوكل عليه، المعنى: وإن لم تنجني أنت هلكت، هذا مقتضى قرينة كلامه وحاله، والضمير في "إليه" عائد على الفاحشة المعنية بـ"ما" في قوله: "مما".
[المحرر الوجيز: 5/83]
و"أصب" مأخوذة من الصبوة، وهي أفعال الصبا، ومن ذلك قول الشاعر: -أنشده الطبري -:
إلى هند صبا قلبي ... وهند مثلها يصبي
ومن ذلك قول دريد بن الصمة:
صبا ما صبا حتى علا الشيب رأسه ... فلما علاه قال للباطل ابعد
والجاهلون: هم الذين لا يراعون حدود الله تعالى ونواهيه). [المحرر الوجيز: 5/84]

تفسير قوله تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (34)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {فاستجاب له ربه} الآية. قول يوسف عليه السلام: {رب السجن} إلى قوله: {من الجاهلين} كلام يتضمن التشكي إلى الله عز وجل من حاله معهن، والدعاء إليه في كشف بلواه، فلذلك قال -بعد مقالة يوسف -: فاستجاب له ربه، أي: أجابه إلى إرادته، وصرف عنه كيدهن في أن حال بينه وبين المعصية، وقوله: {السميع العليم} صفتان لائقتان بقوله: "فاستجاب"). [المحرر الوجيز: 5/84]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآَيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (35)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين (35) ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين}
لما أبى يوسف المعصية ويئست منه امرأة العزيز طالبته بأن قالت لزوجها: إن هذا الغلام العبراني قد فضحني في الناس، وهو يعتذر إليهم ويصف الأمر بحسب اختياره، وأنا محبوسة محجوبة، فإما أذنت لي فخرجت إلى الناس فاعتذرت
[المحرر الوجيز: 5/84]
وكذبته، وإما حبسته كما أنا محبوسة، فحينئذ بدا لهم سجنه. قال ابن عباس: فأمر به فحمل على حمار، وضرب بالطبل، ونودي عليه في أسواق مصر: إن يوسف العبراني أراد سيدته، فهذا جزاؤه أن يسجن، قال أبو صالح: ما ذكر ابن عباس هذا الحديث إلا بكى.
و"بدا" معناه: ظهر، والفاعل بـ"بدا" محذوف تقديره: بدو، أو رأي، وجمع الضمير في "لهم" والساجن الملك وحده من حيث كان في الأمر تشاور، و"ليسجننه" جملة دخلت عليها لام القسم، ولا يجوز أن يكون الفاعل بـ"بدا" "ليسجننه" لأن الفاعل لا يكون جملة بوجه، هذا صريح مذهب سيبويه، وقيل: الفاعل: "ليسجننه"، وهو خطأ، وإنما هو مفسر للفاعل.
و"الآيات" ذكر فيها أهل التفسير أنها قد القميص -قاله مجاهد وغيره- وخمش الوجه الذي كان مع قد القميص -قاله عكرمة - وحز النساء أيديهن، قاله السدي.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ومقصد الكلام إنما هو أنهم رأوا سجنه بعد بدو الآيات المبرئة له من التهمة، فهكذا يبين ظلمهم له، وخمش الوجه وحز النساء أيديهن ليس فيهما تبرية ليوسف، ولا تتصور تبرية إلا في خبر القميص، فإن كان المتكلم طفلا -على ما روي- فهي آية عظيمة، وإن كان رجلا فهي آية فيها استدلال ما، والعادة أنه لا يعبر بآية إلا فيما ظهوره في غاية الوضوح، وقد تقع (الآيات) أيضا على (المبينات) كانت في أي حد اتفق من الوضوح، ويحتمل أن يكون معنى قوله تعالى: {من بعد ما رأوا الآيات} أي: من بعد ما ظهر لهم من وجوه الأمر وقرائنه أن يوسف بريء، فلم يرد تعيين آية، بل قرائن جميع القصة.
و(الحين) في كلام العرب وفي هذه الآية: الوقت من الزمن غير محدود، يقع
[المحرر الوجيز: 5/85]
للقليل والكثير، وذلك بين موارده في القرآن، وقال عكرمة: الحين هنا يراد به سبعة أعوام وقيل: بل يراد بذلك سنة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا بحسب ما كشف الغيب في سجن يوسف - وسمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلا يقرأ "عتى حين" بالعين -وهي لغة هذيل- فقال له: من أقرأك؟ قال: ابن مسعود، فكتب عمر إلى ابن مسعود: "إن الله أنزل القرآن عربيا بلغة قريش، فبها أقرئ الناس، ولا تقرئهم بلغة هذيل ". وروي عن ابن عباس أنه قال: "عثر يوسف عليه السلام ثلاث عثرات: هم فسجن، وقال: اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه فطول سجنه، وقال: إنكم لسارقون، فروجع: إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل"). [المحرر الوجيز: 5/86]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 19 ذو القعدة 1439هـ/31-07-2018م, 07:09 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 19 ذو القعدة 1439هـ/31-07-2018م, 07:12 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (30)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وقال نسوةٌ في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبًّا إنّا لنراها في ضلالٍ مبينٍ (30) فلمّا سمعت بمكرهنّ أرسلت إليهنّ وأعتدت لهنّ متّكأً وآتت كلّ واحدةٍ منهنّ سكّينًا وقالت اخرج عليهنّ فلمّا رأينه أكبرنه وقطّعن أيديهنّ وقلن حاش للّه ما هذا بشرًا إن هذا إلا ملكٌ كريمٌ (31) قالت فذلكنّ الّذي لمتنّني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما آمره ليسجننّ وليكونًا من الصّاغرين (32) قال ربّ السّجن أحبّ إليّ ممّا يدعونني إليه وإلا تصرف عنّي كيدهنّ أصب إليهنّ وأكن من الجاهلين (33) فاستجاب له ربّه فصرف عنه كيدهنّ إنّه هو السّميع العليم (34)}
يخبر تعالى أنّ خبر يوسف وامرأة العزيز شاع في المدينة، وهي مصر، حتّى تحدّث النّاس به، {وقال نسوةٌ في المدينة} مثل نساء الأمراء [و] الكبراء، ينكرن على امرأة العزيز، وهو الوزير، ويعبن ذلك عليها: {امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه} أي: تحاول غلامها عن نفسه، وتدعوه إلى نفسها، {قد شغفها حبًّا} أي قد: وصل حبّه إلى شغاف قلبها. وهو غلافه.
قال الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ: الشّغف: الحبّ القاتل، والشّغف دون ذلك، والشّغاف: حجاب القلب.
{إنّا لنراها في ضلالٍ مبينٍ} أي: في صنيعها هذا من حبّها فتاها، ومراودتها إيّاه عن نفسه). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 384-385]

تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآَتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ (31)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فلمّا سمعت بمكرهنّ} قال بعضهم: بقولهنّ. وقال محمّد بن إسحاق: بل بلغهنّ حسن يوسف، فأحببن أن يرينه، فقلن ذلك ليتوصّلن إلى رؤيته ومشاهدته، فعند ذلك {أرسلت إليهنّ} أي: دعتهنّ إلى منزلها لتضيّفهنّ {وأعتدت لهنّ متّكأً}
قال ابن عبّاسٍ، وسعيد بن جبيرٍ، ومجاهدٌ، والحسن، والسّدّيّ، وغيرهم: هو المجلس المعدّ، فيه مفارش ومخادّ وطعامٌ، فيه ما يقطع بالسّكاكين من أترجٍّ ونحوه. ولهذا قال تعالى: {وآتت كلّ واحدةٍ منهنّ سكّينًا} وكان هذا مكيدةً منها، ومقابلةً لهنّ في احتيالهنّ على رؤيته، {وقالت اخرج عليهنّ} وذلك أنّها كانت قد خبّأته في مكانٍ آخر، {فلمّا} خرج و {رأينه أكبرنه} أي: أعظمن شأنه، وأجللن قدره؛ وجعلن يقطّعن أيديهنّ دهشا برؤيته، وهنّ يظننّ أنّهنّ يقطّعن الأترجّ بالسّكاكين، والمراد: أنّهنّ حزّزن أيديهنّ بها، قاله غير واحدٍ.
وعن مجاهدٍ، وقتادة: قطّعن أيديهنّ حتّى ألقينها، فاللّه أعلم.
وقد ذكر عن زيد بن أسلم أنها قالت لهن بعدما أكلن وطابت أنفسهنّ، ثمّ وضعت بين أيديهنّ أترجًّا وآتت كلّ واحدةٍ منهنّ سكّينًا: هل لكنّ في النّظر إلى يوسف؟ قلن: نعم. فبعثت إليه تأمره أن اخرج إليهنّ فلمّا رأينه جعلن يقطعن أيديهنّ، ثمّ أمرته أن يرجع فرجع ليرينه مقبلًا ومدبرًا، وهنّ يحزّزن في أيديهنّ، فلمّا أحسسن بالألم جعلن يولولن، فقالت: أنتنّ من نظرةٍ واحدةٍ فعلتنّ هكذا، فكيف ألام أنا؟ فقلن حاش للّه ما هذا بشرًا إن هذا إلّا ملكٌ كريمٌ، ثمّ قلن لها: وما نرى عليك من لومٍ بعد الّذي رأينا، لأنّهنّ لم يرين في البشر شبهه ولا قريبًا منه، فإنّه، صلوات اللّه عليه وسلّم كان قد أعطي شطر الحسن، كما ثبت ذلك في الحديث الصّحيح في حديث الإسراء: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مرّ بيوسف، عليه السّلام، في السّماء الثّالثة، قال: "فإذا هو قد أعطي شطر الحسن"
وقال حمّاد بن سلمة، عن ثابتٍ، عن أنسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أعطي يوسف وأمه شطر الحسن" وقال سفيان الثّوريّ، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: أعطي يوسف وأمّه ثلث الحسن.
وقال أبو إسحاق أيضًا، عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه قال: كان وجه يوسف مثل البرق، وكانت المرأة إذا أتته لحاجةٍ غطّى وجهه مخافة أن تفتتن به.
ورواه الحسن البصريّ مرسلًا عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "أعطي يوسف وأمّه ثلث حسن أهل الدّنيا، وأعطي النّاس الثّلثين -أو قال: أعطي يوسف وأمّه الثّلثين والنّاس الثّلث"
وقال سفيان، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ عن ربيعة الجرشي قال: قسم الحسن نصفين، فأعطي يوسف وأمّه سارّة نصف الحسن. والنّصف الآخر بين سائر الخلق.
وقال الإمام أبو القاسم السّهيليّ: معناه: أنّ يوسف كان على النّصف من حسن آدم، عليه السّلام، فإنّ اللّه خلق آدم بيده على أكمل صورةٍ وأحسنها، ولم يكن في ذرّيّته من يوازيه في جماله، وكان يوسف قد أعطي شطر حسنه.
فلهذا قال هؤلاء النّسوة عند رؤيته: {حاش للّه} قال مجاهدٌ وغير واحدٍ: معاذ اللّه، {ما هذا بشرًا} وقرأ بعضهم: "ما هذا بشرىً" أي: بمشترًى، {إن هذا إلا ملكٌ كريمٌ}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 385-386]

تفسير قوله تعالى: {قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آَمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ (32) قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (33)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قالت فذلكنّ الّذي لمتنّني فيه} تقول هذا معتذرةً إليهنّ بأنّ هذا حقيقٌ بأن يحبّ لجماله وكماله.
{ولقد راودته عن نفسه فاستعصم} أي: فامتنع. قال بعضهم: لمّا رأين جماله الظّاهر، أخبرتهنّ بصفاته الحسنة الّتي تخفى عنهنّ، وهي العفّة مع هذا الجمال، ثمّ قالت تتوعّد {ولئن لم يفعل ما آمره ليسجننّ وليكونن من الصّاغرين}.
فعند ذلك استعاذ يوسف، عليه السّلام، من شرّهنّ وكيدهنّ، وقال: {ربّ السّجن أحبّ إليّ ممّا يدعونني إليه} أي: من الفاحشة، {وإلا تصرف عنّي كيدهنّ أصب إليهنّ} أي: إن وكّلتني إلى نفسي، فليس لي من نفسي قدرةٌ، ولا أملك لها ضرًّا ولا نفعًا إلّا بحولك وقوّتك، أنت المستعان وعليك التّكلان، فلا تكلني إلى نفسي، {أصب إليهنّ وأكن من الجاهلين}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 386]

تفسير قوله تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (34)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فاستجاب له ربّه فصرف عنه كيدهنّ إنّه هو السّميع العليم} وذلك أنّ يوسف، عليه السّلام، عصمه اللّه عصمةً عظيمةً، وحماه فامتنع منها أشد الامتناع، واختار السجن على ذلك، وهذا في غاية مقامات الكمال: أنّه مع شبابه وجماله وكماله تدعوه سيّدته، وهي امرأة عزيز مصر، وهي مع هذا في غاية الجمال والمال، والرّياسة ويمتنع من ذلك، ويختار السّجن على ذلك، خوفًا من اللّه ورجاء ثوابه.
ولهذا ثبت في الصّحيحين أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلم قال: "سبعةٌ يظلّهم اللّه في ظلّه يوم لا ظلّ إلّا ظلّه: إمامٌ عادلٌ، وشابٌّ نشأ في عبادة اللّه ورجلٌ قلبه معلّقٌ بالمسجد إذا خرج منه حتّى يعود إليه، ورجلان تحابّا في اللّه اجتمعا عليه وافترقا عليه، ورجلٌ تصدّق بصدقةٍ فأخفاها حتّى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه، ورجلٌ ذكر اللّه خاليًا ففاضت عيناه، ورجلٌ دعته امرأةٌ ذات جمالٍ ومنصبٍ، فقال: إنّي أخاف اللّه").[تفسير القرآن العظيم: 4/ 386-387]

تفسير قوله تعالى: {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآَيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (35)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ثمّ بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننّه حتّى حينٍ (35)}
يقول تعالى: ثمّ ظهر لهم من المصلحة فيما رأوه أنّهم يسجنونه إلى حينٍ، أي: إلى مدّةٍ، وذلك بعدما عرفوا براءته، وظهرت الآيات -وهي الأدلّة -على صدقه في عفّته ونزاهته. فكأنّهم -واللّه أعلم -إنّما سجنوه لمّا شاع الحديث إيهامًا أنّ هذا راودها عن نفسها، وأنّهم سجنوه على ذلك. ولهذا لمّا طلبه الملك الكبير في آخر المدّة، امتنع من الخروج حتّى تتبيّن براءته ممّا نسب إليه من الخيانة، فلمّا تقرّر ذلك خرج وهو نقيّ العرض، صلوات اللّه عليه وسلامه.
وذكر السّدّي: أنّهم إنّما سجنوه لئلّا يشيع ما كان منها في حقّه، ويبرأ عرضه فيفضحها). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 387]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:03 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة