العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الحج

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 09:16 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي تفسير سورة الحج [من الآية (67) إلى الآية (70) ]

{ لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ (67) وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (68) اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (69) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (70) }



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 09:17 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ (67) )

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى ولكل أمة جعلنا منسكا قال ذبحا وحجا
قال فلا ينازعنك في الأمر فلا يعالجنك). [تفسير عبد الرزاق: 2/41] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {لكلّ أمّةٍ جعلنا منسكًا} يقول: لكلّ جماعة قومٍ نبى خلا من قبلك، جعلنا مألفًا يألفونه، ومكانًا يعتادونه لعبادتي فيه، وقضاء فرائضي، وعملاً يلزمونه.
وأصل المنسك في كلام العرب الموضع المعتاد الّذي يعتاده الرّجل ويألفه لخيرٍ أو شرٍّ؛ يقال: إنّ لفلانٍ منسكًا يعتاده: يراد مكانًا يغشاه ويألفه لخيرٍ أو شرٍّ. وإنّما سمّيت مناسك الحجّ بذلك، لتردّد النّاس إلى الأماكن الّتي تعمل فيها أعمال الحجّ والعمرة.
وفيه لغتان: ( منسكٌ ): بكسر السّين وفتح الميم، وذلك من لغة أهل الحجاز، و: ( منسكٌ ): بفتح الميم والسّين جميعًا، وذلك من لغة أسدٍ وقد قرئ باللّغتين جميعًا.
وقد اختلف أهل التّأويل في المعنيّ بقوله: {لكلّ أمّةٍ جعلنا منسكًا} أيّ المناسك عني به؟ فقال بعضهم: عني به: عيدهم الّذي يعتادونه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، " قوله: {لكلّ أمّةٍ جعلنا منسكًا هم ناسكوه} يقول: عيدًا ".
وقال آخرون: عني به ذبحٌ يذبحونه، ودمٌ يهريقونه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، قال: حدّثنا ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {لكلّ أمّةٍ جعلنا منسكًا هم ناسكوه} قال: " إراقة الدّم بمكّة ".
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا عيسى وحدّثني الحارث قال: حدّثنا الحسن قال: حدّثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {هم ناسكوه} قال: " إهراق دماء الهدي ".
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {منسكًا} قال: " ذبحًا وحجًّا ".
والصّواب من القول في ذلك أن يقال: عني بذلك إراقة الدّم أيّام النّحر بمنًى؛ لأنّ المناسك الّتي كان المشركون جادلوا فيها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كانت إراقة الدّم في هذه الأيّام، على أنّهم قد كانوا جادلوه في إراقة الدّماء الّتي هي دماء ذبائح الأنعام، بما قد أخبر اللّه عنهم في سورة الأنعام. غير أنّ تلك لم تكن مناسك، فأمّا الّتي هي مناسك فإنّما هي هدايا أو ضحايا؛ ولذلك قلنا: عني بالمنسك في هذا الموضع الذّبح، الّذي هو بالصّفة الّتي وصفنا.
وقوله: {فلا ينازعنّك في الأمر} يقول تعالى ذكره: فلا ينازعنّك هؤلاء المشركون باللّه يا محمّد في ذبحك ومنسكك بقولهم: أتأكلون ما قتلتم، ولا تأكلون الميتة الّتي قتلها اللّه؟ فإنّك أولى بالحقّ منهم، لأنّك محقٌّ وهم مبطلون.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: " {فلا ينازعنّك في الأمر} قال: الذّبح ".
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: " {فلا ينازعنّك في الأمر} فلا تتحام لحمك ".
وقوله: {وادع إلى ربّك} يقول تعالى ذكره: وادع يا محمّد منازعيك من المشركين باللّه في نسكك وذبحك إلى اتّباع أمر ربّك في ذلك بأن لا يأكلوا إلاّ ما ذبحوه بعد اتّباعك، وبعد التّصديق بما جئتهم به من عند اللّه، وتجنّبوا الذّبح للآلهة والأوثان، وتبرّوا منها، إنّك لعلى طريقٍ مستقيمٍ غير زائلٍ عن محجّة الحقّ، والصّواب في نسكك الّذي جعله لك ولأمّتك ربّك، وهم الضّلاّل على قصد السّبيل، لمخالفتهم أمر اللّه في ذبائحهم ومطاعمهم وعبادتهم الآلهة). [جامع البيان: 16/625-628]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد منسكا هم ناسكوه قال يعني به الدماء دماء الهدي). [تفسير مجاهد: 428]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، ثنا أحمد بن يونس الضّبّيّ، ثنا أبو عامرٍ العقديّ، ثنا زهير بن محمّدٍ العنبريّ، عن عبد اللّه بن محمّد بن عقيل بن أبي طالبٍ، عن عليّ بن الحسين رضي اللّه عنهما، {لكلّ أمّةٍ جعلنا منسكًا هم ناسكوه} [الحج: 67] قال: ذبحٌ هم ذابحوه). [المستدرك: 2/425]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه فلا ينازعنك في الأمر وادع إلى ربك إنك لعلى هدى مستقيم * وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون * الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون.
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي المليح قال: الأمة ما بين الأربعين إلى المائة فصاعدا). [الدر المنثور: 10/521]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن علي بن الحسين {لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه} قال: ذبحا هم ذابحوه، حدثني أبو رافع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا ضحى: اشترى كبشين سمينين أملحين أقرنين فإذا خطب وصلى ذبح احدهما ثم يقول: اللهم هذا عن أمتي جميعا من شهد لك بالتوحيد ولي بالبلاغ ثم أتى بالآخر فذبحه وقال: اللهم هذا عن محمد وآل محمد ثم يطعمهما المساكين ويأكل هو وأهله منهما، فمكثنا سنتين قد كفانا الله الغرم والمؤنة ليس أحد من بني هاشم يضحي). [الدر المنثور: 10/521-522]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {هم ناسكوه} يعني هم ذابحوه {فلا ينازعنك في الأمر} يعني في أمر الذبائح). [الدر المنثور: 10/522]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه {لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه} قال ذبحا هم ذابحوه). [الدر المنثور: 10/522]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {منسكا هم ناسكوه} قال: إهراقه دم الهدي). [الدر المنثور: 10/522]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {لكل أمة جعلنا منسكا} قال: ذبحا وحجا). [الدر المنثور: 10/522]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه {فلا ينازعنك في الأمر} قول أهل الشرك، أما ما ذبح الله بيمينه فلا تأكلون وأما ما ذبحتم بأيديكم فهو حلال). [الدر المنثور: 10/522]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل رضي الله عنه {وادع إلى ربك} قال: إلى دين ربك {إنك لعلى هدى} قال: دين مستقيم {وإن جادلوك} يعني في الذبائح). [الدر المنثور: 10/523]

تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (68) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإن جادلوك فقل اللّه أعلم بما تعملون (68) اللّه يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: وإن جادلك يا محمّد هؤلاء المشركون باللّه في نسكك، فقل: اللّه أعلم بما تعملون ونعمل.
- كما حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {وإن جادلوك} قال: " قول أهل الشّرك: أمّا ما ذبح اللّه للميتة فلا تأكلون منه، وأما ما ذبحتم بأيديكم فهو حلالا. {فقل اللّه أعلم بما تعملون} لنا أعمالنا ولكم أعمالكم). [جامع البيان: 16/628]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل رضي الله عنه {وادع إلى ربك} قال: إلى دين ربك {إنك لعلى هدى} قال: دين مستقيم {وإن جادلوك} يعني في الذبائح). [الدر المنثور: 10/523] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن جريج {وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون} لنا أعمالنا ولكم أعمالكم). [الدر المنثور: 10/523]

تفسير قوله تعالى: (اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (69) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {اللّه يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون} يقول تعالى ذكره: واللّه يقضي بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه من أمر دينكم تختلفون، فتعلمون حينئذٍ أيّها المشركون المحقّ من المبطل). [جامع البيان: 16/629]

تفسير قوله تعالى: (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (70) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ألم تعلم أنّ اللّه يعلم ما في السّماء والأرض إنّ ذلك في كتابٍ إنّ ذلك على اللّه يسيرٌ}.
يقول تعالى ذكره: ألم تعلم يا محمّد أنّ اللّه يعلم كلّ ما في السّماوات السّبع والأرضين السّبع، لا يخفى عليه من ذلك شيءٌ، وهو حاكمٌ بين خلقه يوم القيامة، على علمٍ منه بجميع ما عملوه في الدّنيا، فمجاز المحسن منهم بإحسانه، والمسيء بإساءته. {إنّ ذلك في كتابٍ} يقول تعالى ذكره: إنّ علمه بذلك في كتابٍ، وهو أمّ الكتاب الّذي كتب فيه ربّنا جلّ ثناؤه قبل أن يخلق خلقه ما هو كائنٌ إلى يوم القيامة {إنّ ذلك على اللّه يسيرٌ}.
- كما: حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا مبشّر بن إسماعيل الحلبيّ، عن الأوزاعيّ، عن عبدة بن أبي لبابة، قال: " علم اللّه ما هو خالقٌ وما الخلق عاملون، ثمّ كتبه، ثمّ قال لنبيّه: {ألم تعلم أنّ اللّه يعلم ما في السّماء والأرض إنّ ذلك في كتابٍ إنّ ذلك على اللّه يسيرٌ} ".
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني مبشرٌ، عن أرطأة بن المنذر، قال: سمعت ضمرة بن حبيبٍ، يقول: " إنّ اللّه كان على عرشه على الماء، وخلق السّماوات والأرض بالحقّ، وخلق القلم فكتب به ما هو كائنٌ من خلقه، ثمّ إنّ ذلك الكتاب سبّح اللّه ومجّده ألف عامٍ، قبل أن يبدى شيئًا من الخلق ".
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن سيّارٍ، عن ابن عبّاسٍ، " أنّه سأل كعب الأحبار عن أمّ الكتاب، فقال: علم اللّه ما هو خالقٌ وما خلقه عاملون، فقال لعلمه: كن كتابًا ".
وكان ابن جريجٍ يقول في قوله: {إنّ ذلك في كتابٍ} ما؛
- حدّثنا به القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: " {إنّ ذلك في كتابٍ} قال: قوله: {اللّه يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون} ".
وإنّما اخترنا القول الّذي قلنا في ذلك، لأنّ قوله: {إنّ ذلك} إلى قوله: {ألم تعلم أنّ اللّه يعلم ما في السّماء والأرض} أقرب منه إلى قوله: {اللّه يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون} فكان إلحاق ذلك بما هو أقرب إليه أولى منه بما بعد.
وقوله: {إنّ ذلك على اللّه يسيرٌ} اختلف في ذلك، فقال بعضهم: معناه: إنّ الحكم بين المختلفين في الدّنيا يوم القيامة على اللّه يسيرٌ.
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {إنّ ذلك على اللّه يسيرٌ} قال: " حكمه يوم القيامة، ثمّ قال بين ذلك: {ألم تعلم أنّ اللّه يعلم ما في السّماء والأرض إنّ ذلك في كتابٍ} ".
وقال آخرون: بل معنى ذلك: إنّ كتاب القلم الّذي أمره اللّه أن يكتب في اللّوح المحفوظ ما هو كائنٌ على اللّه يسيرٌ، يعني: هيّنٌ.
وهذا القول الثّاني أولى بتأويل ذلك، وذلك أنّ قوله: {إنّ ذلك على اللّه يسيرٌ}. إلى قوله: {إنّ ذلك في كتابٍ} أقرب وهو له مجاورٌ من قوله: {اللّه يحكم بينكم يوم القيامة} متباعدٌ مع دخول قوله: {ألم تعلم أنّ اللّه يعلم ما في السّماء والأرض} بينهما؛ فإلحاقه بما هو أقرب أولى ما وجد للكلام، وهو كذلك مخرّجٌ في التّأويل صحيحٌ). [جامع البيان: 16/629-631]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير * ويعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطانا وما ليس لهم به علم وما للظالمين من نصير.
أخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خلق الله اللوح المحفوظ لمسيرة مائة عام وقال: للقلم - قبل أن يخلق الخلق وهو على العرش - اكتب قال: ما أكتب قال: علمي في خلقي إلى يوم تقوم الساعة فجرى القلم بما هو كائن في علم الله إلى يوم القيامة فذلك قوله للنبي - صلى الله عليه وسلم - {ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض} يعني ما في السموات السبع والأرضين السبع {إن ذلك} العلم {في كتاب} يعني في اللوح المحفوظ مكتوب قبل أن يخلق السموات والأرضين {إن ذلك على الله يسير} يعني هين). [الدر المنثور: 10/523]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: سيفتح الله على أمتي بابا من القدر في آخر الزمان لا يسده شيء ويكفيكم من ذلك أن تقولوا: {ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير}.
وأخرج اللالكائي في السنة من طريق آخر عن سليمان بن جعفر القرشي مرفوعا مثله مرسلا). [الدر المنثور: 10/523-524]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 09:19 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ (67)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {لكلّ أمّةٍ جعلنا منسكًا} [الحج: 67] حجًّا وذبحًا في تفسير قتادة.
قوله: {هم ناسكوه} [الحج: 67] قال مجاهدٌ: هراقة الدّماء.
قال يحيى: يعني النّسك.
قوله: {فلا ينازعنّك في الأمر} [الحج: 67] أي لا يحوّلنّك المشركون عن هذا
[تفسير القرآن العظيم: 1/387]
الدّين الّذي أنت عليه.
يقوله للنّبيّ.
{وادع إلى ربّك} [الحج: 67] أي إلى الإخلاص له.
- عثمان، عن نعيم بن عبد اللّه، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أمرت أن أقاتل النّاس حتّى يقولوا لا إله إلا اللّه فإذا قالوها عصموا بها دماءهم وأموالهم إلا بحقّها وحسابهم على اللّه».
قوله: {إنّك لعلى هدًى مستقيمٍ} [الحج: 67] يعني على دينٍ مستقيمٍ، الإسلام تستقيم به حتّى يهجم بك على الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 1/388]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {منسكاً...}

و{منسكاً} قد قرئ بهما جميعاً. والمنسك لأهل الحجاز والمنسك لبني أسد، والمنسك في كلام العرب: والموضع الذي تعتاده وتألفه ويقال: إن لفلان منسكا يعتاده في خير كان أو غيره. والمناسك بذلك سميت - والله أعلم - لترداد الناس عليها بالحجّ والعمرة). [معاني القرآن: 2/230]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {جعلنا منسكاً} أي عيدا). [تفسير غريب القرآن: 294]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {لكلّ أمّة جعلنا منسكا هم ناسكوه فلا ينازعنّك في الأمر وادع إلى ربّك إنّك لعلى هدى مستقيم}
ومنسكا، وقد تقدم الشرح في هذا.
وقوله: {فلا ينازعنّك في الأمر}
أي لا يجادلنّك فيه، ومعناه لا تنازعهم، والدليل عنى أن المعنى لا يجادلنّك ولا تجادلنّهم قوله: {وإن جادلوك فقل اللّه أعلم بما تعملون}.
هذا قبل القتال.
فإن قال قائل: فهم قد جادلوه فلم قيل {فلا ينازعنّك في الأمر} وهم قد نازعوه؟
فالمعنى أنه نهي له - صلى الله عليه وسلم - عن منازعتهم كما يقول: لا يخاصمنّك فلان في هذا أبدا، وهذا جائز في الفعل الذي لا يكون إلا من اثنين لأن المجادلة والمخاصمة لا تتم إلا باثنين، فإذا قلت لا يجادلنك فلان فهو بمنزلة لا تجادلنّه، ولا يجوز هذا في قوله: لا يضربنّك فلان، وأنت تريد لا تضربه.
ولكن لو قلت لا يضاربنّك فلان لكان كقولك لا تضاربنّ فلانا.
ويقرأ: {فلا ينزعنّك في الأمر}: معناه لا يغلبنّك في المنازعة فيه، يقال: نازعني فلان فنزعته وعازّني فعززته، أنزعه وأغلبه، المعنى فلا يغلبنّك في الأمر). [معاني القرآن: 3/437]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {فلا ينازعنك في الأمر}
أي فلا يجادلنك ودل على هذا وان جادلوك ويقال قد نازعوه فكيف قال فلا ينازعنك فالجواب أي المعنى فلا تنازعهم
ولا يجوز هذا إلا فيما لا يكون إلا من اثنين نحو المنازعة والمخاصمة وما أشبهها ولو قلت لا يضربنك تريد لا تضربهم لم يجز
ويقرأ فلا ينزعنك في الأمر قرأ به أبو مجلز أي فلا يغلبنك
وحكى أهل اللغة نازعني فنزعته). [معاني القرآن: 4/431-430]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {مَنسَكًا}: أي عيداً). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 162]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (68)}

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (69)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإن جادلوك فقل اللّه أعلم بما تعملون {68} اللّه يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون {69}} [الحج: 68-69] يقوله للمشركين يعني ما اختلف فيه المؤمنون والكافرون فيكون حكمه فيهم أن يدخل المؤمنين الجنّة ويدخل الكافرين النّار). [تفسير القرآن العظيم: 1/388]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (70)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ألم تعلم أنّ اللّه يعلم ما في السّماء والأرض} [الحج: 70] أي قد علمت أنّ اللّه يعلم ما في السّموات والأرض.
{إنّ ذلك في كتابٍ إنّ ذلك على اللّه يسيرٌ} [الحج: 70]
- نعيم بن يحيى، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عبّاسٍ قال: أوّل ما خلق اللّه القلم فقال: اكتب.
قال: ربّ ما أكتب؟ قال: ما هو كائنٌ.
قال: فجرى القلم بما هو كائنٌ إلى يوم القيامة.
فأعمال العباد تعرض كلّ يوم اثنين وخميسٍ فيجدونه على ما في الكتاب). [تفسير القرآن العظيم: 1/388]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 09:20 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي


التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ (67) }

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (68) }

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (69) }

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (70) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 19 ذو القعدة 1439هـ/31-07-2018م, 02:25 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 19 ذو القعدة 1439هـ/31-07-2018م, 02:25 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 19 ذو القعدة 1439هـ/31-07-2018م, 02:29 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ (67)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و"المنسك" المصدر، فهو بمعنى العبادة والشريعة، وهو أيضا موضع النسك، وقرأت فرقة بفتح السين وفرقة بكسرها، وقد تقدم القول فيه في هذه السورة. وقوله تعالى: "هم ناسكوه" يعطي أن "المنسك". المصدر، ولو كان الموضع لقال: هم ناسكون فيه، وروت فرقة أن هذه الآية نزلت بسبب جدال الكفار في أمر الذبائح، وقولهم للمؤمنين: تأكلون ما ذبحتم وهو من
[المحرر الوجيز: 6/270]
قتلكم، ولا تأكلون ما قتل الله من الميتة، فنزلت الآية بسبب هذه المنازعة. وقوله تعالى: {فلا ينازعنك في الأمر}. هذه البينة من الفعل والنهي تحتمل معنى التخويف وتحتمل معنى احتقار الفاعل وأنه أقل من أن يفاعل، وهذا هو المعنى في هذه الآية، وقال أبو إسحاق: المعنى: فلا تنازعهم فينازعوك.
قال القاضي أبو محمد -رحمه الله:
وهذا التقدير الذي قدر إنما يحسن مع معنى التخويف، وإنما يحسن أن يقدر هنا المعنى: فلا تبدأهم بمنازعتك، فالنهي إنما يراد به معنى من غير اللفظ، كما يراد في قولهم: "لا أرينك ههنا"، أي: لا تكن ههنا. وقرأت فرقة: "فلا ينزعنك"، وقوله تعالى: "في الأمر" معناه -على التأويل أن "المنسك" الشرعية-: لا ينازعنك في الدين والكتاب ونحوه، وعلى أن "المنسك" موضع الذبح على ما روت الفرقة المذكورة من أن الآية نزلت في الذبائح، فيكون "الأمر": الذبح. و"الهدى" في هذه الآية: الإرشاد). [المحرر الوجيز: 6/271]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (68)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وإن جادلوك} الآية موادعة محضة، نسختها آية السيف، وباقي الآية وعيد). [المحرر الوجيز: 6/271]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (69)}

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (70)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير ويعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطانا وما ليس لهم به علم وما للظالمين من نصير وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار وعدها الله الذين كفروا وبئس المصير}
لما أخبر الله -تعالى- في الآية قبلها أنه يحكم بين الناس يوم القيامة فيما اختلفوا فيه؛ أتبع ذلك الخبر بأن عنده علم كل شيء ليقع الحكم في معلوم، فخرجت العبارة على طريق التشبيه على علم الله -تعالى- وإحاطته، وأن ذلك كله في كتاب وهو اللوح المحفوظ.
وقوله تعالى: {إن ذلك على الله يسير} يحتمل أن تكون الإشارة إلى كون ذلك
[المحرر الوجيز: 6/271]
في كتاب وكونه معلوما، ويحتمل أن تكون الإشارة إلى الحكم في الاختلاف). [المحرر الوجيز: 6/272]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 13 محرم 1440هـ/23-09-2018م, 07:34 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 13 محرم 1440هـ/23-09-2018م, 07:36 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ (67)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({لكلّ أمّةٍ جعلنا منسكًا هم ناسكوه فلا ينازعنّك في الأمر وادع إلى ربّك إنّك لعلى هدًى مستقيمٍ (67) وإن جادلوك فقل اللّه أعلم بما تعملون (68) اللّه يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون (69)}.
يخبر تعالى أنّه جعل لكلّ قومٍ منسكًا.
قال ابن جريرٍ: يعني: لكلّ أمّة نبيٍّ منسكًا. قال: وأصل المنسك في كلام العرب: هو الموضع الّذي يعتاده الإنسان، ويتردّد إليه، إمّا لخيرٍ أو شرٍّ. قال: ولهذا سمّيت مناسك الحجّ بذلك، لترداد النّاس إليها وعكوفهم عليها.
فإن كان كما قال من أنّ المراد: {لكلّ أمّةٍ جعلنا منسكًا} فيكون المراد بقوله: {فلا ينازعنّك في الأمر} أي: هؤلاء المشركون. وإن كان المراد: "لكلّ أمّةٍ جعلنا منسكًا جعلًا قدريًّا -كما قال: {ولكلٍّ وجهةٌ هو مولّيها} [البقرة: 148] ولهذا قال هاهنا: {هم ناسكوه} أي: فاعلوه-فالضّمير هاهنا عائدٌ على هؤلاء الّذين لهم مناسك وطرائق، أي: هؤلاء إنّما يفعلون هذا عن قدر اللّه وإرادته، فلا تتأثّر بمنازعتهم لك، ولا يصرفك ذلك عمّا أنت عليه من الحقّ؛ ولهذا قال: {وادع إلى ربّك إنّك لعلى هدًى مستقيمٍ} أي: طريقٍ واضحٍ مستقيمٍ موصلٍ إلى المقصود.
وهذه كقوله: {ولا يصدّنّك عن آيات اللّه بعد إذ أنزلت إليك وادع إلى ربّك} [القصص: 87]).[تفسير ابن كثير: 5/ 451]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (68) اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (69)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وإن جادلوك فقل اللّه أعلم بما تعملون}، كقوله: {وإن كذّبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون ممّا أعمل وأنا بريءٌ ممّا تعملون} [يونس: 41].
وقوله: {اللّه أعلم بما تعملون} تهديدٌ شديدٌ، ووعيدٌ أكيدٌ، كقوله: {هو أعلم بما تفيضون فيه كفى به شهيدًا بيني وبينكم} [الأحقاف: 8]؛ ولهذا قال: {اللّه يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون}
وهذه كقوله: {فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتّبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل اللّه من كتابٍ وأمرت لأعدل بينكم اللّه ربّنا وربّكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجّة بيننا وبينكم اللّه يجمع بيننا وإليه المصير} [الشّورى: 15]). [تفسير ابن كثير: 5/ 452]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (70) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ألم تعلم أنّ اللّه يعلم ما في السّماء والأرض إنّ ذلك في كتابٍ إنّ ذلك على اللّه يسيرٌ (70)}.
يخبر تعالى عن كمال علمه بخلقه، وأنّه محيط بما في السموات وما في الأرض، فلا يعزب عنه مثقال ذرّةٍ في الأرض ولا في السّماء، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، وأنّه تعالى علم الكائنات كلّها قبل وجودها، وكتب ذلك في كتابه اللّوح المحفوظ، كما ثبت في صحيح مسلمٍ، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ اللّه قدّر مقادير الخلائق قبل خلق السّموات والأرض بخمسين ألف سنةٍ، وكان عرشه على الماء".
وفي السّنن، من حديث جماعةٍ من الصّحابة؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "أوّل ما خلق اللّه القلم، قال له: اكتب، قال: وما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائنٌ. فجرى القلم بما هو كائنٌ إلى يوم القيامة".
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو زرعة، حدّثنا ابن بكير، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، حدّثني سعيد بن جبير قال: قال ابن عبّاسٍ: خلق اللّه اللّوح المحفوظ مسيرة مائة عامٍ، وقال للقلم قبل أن يخلق الخلق -وهو على العرش تبارك وتعالى-: اكتب. قال القلم: وما أكتب؟ قال: علمي في خلقي إلى يوم تقوم السّاعة. فجرى القلم بما هو كائنٌ في علم اللّه إلى يوم القيامة. فذلك قوله تعالى للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {ألم تعلم أنّ اللّه يعلم ما في السّماء والأرض}
وهذا من تمام علمه تعالى أنّه علم الأشياء قبل كونها، وقدّرها وكتبها أيضًا، فما العباد عاملون قد علمه تعالى قبل ذلك، على الوجه الّذي يفعلونه، فيعلم قبل الخلق أنّ هذا يطيع باختياره، وهذا يعصي باختياره، وكتب ذلك عنده، وأحاط بكلّ شيءٍ علمًا، وهو سهلٌ عليه، يسيرٌ لديه؛ ولهذا قال تعالى: {إنّ ذلك في كتابٍ إنّ ذلك على اللّه يسيرٌ} ). [تفسير ابن كثير: 5/ 452]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:28 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة