العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة النمل

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 3 جمادى الأولى 1434هـ/14-03-2013م, 09:23 AM
الصورة الرمزية أسماء الشامسي
أسماء الشامسي أسماء الشامسي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: مكة المكرمة
المشاركات: 559
افتراضي تفسير سورة النمل [ من الآية (15) إلى الآية (19) ]

{وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15)وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16) وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19 رجب 1434هـ/28-05-2013م, 09:46 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي جمهرة تفاسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15) )

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولقد آتينا داود وسليمان علمًا، وقالا الحمد للّه الّذي فضّلنا على كثيرٍ من عباده المؤمنين}.
يقول تعالى ذكره: {ولقد آتينا داود وسليمان علمًا} وذلك علم كلام الطّير والدّوابّ، وغير ذلك ممّا خصّهم اللّه بعلمه. {وقالا الحمد للّه الّذي فضّلنا على كثيرٍ من عباده المؤمنين} يقول جلّ ثناؤه: وقال داود وسليمان: الحمد للّه الّذي فضّلنا بما خصّنا به من العلم الّذي آتاناه دون سائر خلقه من بني آدم في زماننا هذا على كثيرٍ من عباده المؤمنين به في دهرنا هذا). [جامع البيان: 18/24]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ولقد آتينا داوود وسليمان علمًا وقالا الحمد للّه الّذي فضّلنا على كثيرٍ من عباده المؤمنين (15)
قوله تعالى: ولقد آتينا داود وسليمان
- حدّثنا أبي ثنا ابن نفيلٍ، ثنا عتّاب، عن خصيفٍ، عن زياد بن أبي مريم قوله: آتينا قال: أعطينا.
قوله تعالى: علمًا
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا صفوان بن صالحٍ، ثنا الوليد، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: داود وسليمان علمًا قال فهمًا.
- أخبرنا عبيد بن محمّد بن يحيى بن حمزة فيما كتب إليّ، ثنا أبو الجماهر، حدّثني سعيدٌ، عن قتادة قوله: ولقد آتينا داود وسليمان علمًا كان داود أعطي ثلاثًا، سخّرت له الجبال يسّرت معه، وألين له الحديد، وعلّم منطق الطّير، علّم موسى نبيّ اللّه عليه السّلام، منطق الطّير، وسخّرت له الجنّ وكان ذلك ممّا ورث عنه لم تسخّر له الجبال، ولم يلن له الحديد.
قوله تعالى: وقالا الحمد للّه الّذي فضّلنا على كثيرٍ الآية
- ذكر، عن إبراهيم بن هشام بن يحيى أخبرني، أبي، عن جدّي قال: كتب عمر بن عبد العزيز أنّ اللّه عزّ وجلّ، لم ينعم على عبدٍ نعمةً، فحمد اللّه عليها إلا كان حمده أفضل من نعمةٍ لو كنت لا تعرف ذلك إلا في كتاب الله المنزل، قال الله جلا وعلا: ولقد آتينا داود وسليمان علمًا وقالا الحمد للّه الّذي فضّلنا على كثيرٍ من عباده المؤمنين وأيّ نعمةٍ أفضل ممّا أوتى داود وسليمان). [تفسير القرآن العظيم: 9/2853-2854]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ولقد آتينا داود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين.
أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال: كان داود أعطي ثلاثا: سخرت له الجبال يسبحن معه والين له الحديد وعلم منطق الطير، وأعطي سليمان: منطق الطير وسخرت له الجن وكان ذلك مما ورث عنه، ولم تسخر له الجبال ولم يلن له الحديد). [الدر المنثور: 11/339]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب: إن الله لم ينعم على عبد نعمة فحمد الله عليها إلا كان حمده أفضل من نعمته، ان كنت لا تعرف، ذلك في كتاب الله المنزل قال الله عز وجل {ولقد آتينا داود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين} وأي نعمة أفضل مما أوتي داود وسليمان). [الدر المنثور: 11/339-340]

تفسير قوله تعالى: (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى منطق الطير قال النملة من الطير). [تفسير عبد الرزاق: 2/79]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وورث سليمان داود، وقال يا أيّها النّاس علّمنا منطق الطّير، وأوتينا من كلّ شيءٍ، إنّ هذا لهو الفضل المبين}.
يقول تعالى ذكره: {وورث سليمان} أباه داود العلم الّذي كان اللّه آتاه في حياته، والملك الّذي كان خصّه به على سائر قومه، فجعله له بعد أبيه داود دون سائر ولد أبيه. {وقال يا أيّها النّاس علّمنا منطق الطّير} يقول: وقال سليمان لقومه: {يا أيّها النّاس علّمنا منطق الطّير}، يعني فهمنا كلامها؛ وجعل ذلك من الطّير كمنطق الرّجل من بني آدم إذ فهمه عنها.
- وقد حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي معشرٍ، عن محمّد بن كعبٍ: {وقال يا أيّها النّاس علّمنا منطق الطّير} قال: بلغنا أنّ سليمان كان عسكره مائة فرسخٍ: خمسةٌ وعشرون منها للإنسٍ، وخمسةٌ وعشرون للجنّ، وخمسةٌ وعشرون للوحش، وخمسةٌ وعشرون للطّير، وكان له ألف بيتٍ من قوارير على الخشب؛ فيها ثلاث مائة صريحةٍ، وسبع مائة سريّةٍ، فأمر الرّيح العاصف فرفعته، وأمر الرّخاء فسيّرته؛ فأوحى اللّه إليه وهو يسير بين السّماء والأرض: إنّي قد زدت أنّه لا يتكلّم أحدٌ من الخلائق بشيءٍ إلاّ جاءت الرّيح فأخبرتك به.
وقوله: {وأوتينا من كلّ شيءٍ} يقول: وأعطينا ووهب لنا من كلّ شيءٍ من الخيرات. {إنّ هذا لهو الفضل المبين} يقول: إنّ هذا الّذي أوتينا من الخيرات لهو الفضل على جميع أهل دهرنا المبين، يقول: الّذي يبين لمن تأمّله وتدبّره أنّه فضلٌ أعطيناه على من سوانا من النّاس). [جامع البيان: 18/24-25]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وورث سليمان داوود وقال يا أيّها النّاس علّمنا منطق الطّير وأوتينا من كلّ شيءٍ إنّ هذا لهو الفضل المبين (16)
قوله تعالى: وورث سليمان داود
- حدّثنا أحمد بن يحيى بن مالكٍ السّوسيّ، ثنا عبد الوهّاب بن عطا، عن سعيدٍ، عن قتادة في قوله: وورث سليمان داود ورث نبوّته وملكه.
- أخبرنا موسى بن هارون الطّوسيّ فيما كتب إليّ، ثنا الحسين بن محمّدٍ المروزيّ، ثنا شيبان، عن قتادة قوله: وورث سليمان داود قال: ورّثه نبوّته وملكه، وعلمه.
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع بن أنسٍ في قوله: وورث سليمان داود قال: ورثه أن سخّر له الشّياطين والرّياح إلى ممّا ورث ممّا أعطي أبوه.
قوله تعالى: وقال يا أيّها النّاس
- حدّثنا أبي، ثنا عيسى بن محمّد أبو عمير بن النّحّاس، ثنا ضمرة، عن الأوزاعيّ قال: النّاس عندنا أهل العلم.
قوله تعالى: علّمنا منطق الطّير
- أخبرنا محمّد بن حمّادٍ الطّهرانيّ فيما كتب إليّ أنا عبد الرّزّاق ، أنبأ معمرٌ، عن قتادة في قوله: علّمنا منطق الطّير قال: النّملة من الطّير.
قوله تعالى: وأوتينا من كلّ شيءٍ إنّ هذا لهو الفضل المبين
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامرٌ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: وأوتينا من كلّ شيءٍ قال: أوتوا من كلّ شيءٍ كان في بلادهم.
- حدّثنا أبو عتبة الحمصيّ، ثنا محمّد بن يوسف الفريابيّ، عن سفيان الثّوريّ، عن علقمة وعطاءٍ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى، عن أبي الدّرداء قال: كان داود يقضي بين البهائم يومان وبين النّاس يومًا، فجاءت بقرةٌ فوضعت قرنها في حلقة الباب ثمّ تنغّمت كما تنغّم الوالدة على ولدها، وقالت: كنت شابّةً كانوا ينتجوني ويستعملوني ثمّ أن كبرت فأرادوا أن يذبحوني ثمّ قال: داود، أحسنوا إليها ولا تذبحوها ثمّ قرأ: علّمنا منطق الطّير وأوتينا من كلّ شيءٍ). [تفسير القرآن العظيم: 9/2854-2855]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين.
أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وورث سليمان داود} قال: ورثه نبوته وملكه وعلمه). [الدر المنثور: 11/340]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الأوزاعي قال: الناس عندنا: أهل العلم). [الدر المنثور: 11/340]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأمّا قوله تعالى: {علمنا منطق الطير}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن مسعود قال: كنت عند عمر بن الخطاب فدخل علينا كعب الحبر فقال: يا أمير المؤمنين إلا أخبرك بأغرب شيء قرأت في كتب الأنبياء: إن هامة جاءت إلى سليمان فقالت: السلام عليك يا نبي الله فقال: وعليك السلام يا هام أخبرني كيف لا تأكلين الزرع فقالت: يا نبي الله لأن آدم عصى ربه في سببه لذلك لا آكله قال: فكيف لا تشربين الماء قالت: يا نبي الله لأن أغرق بالماء قوم نوح من أجل ذلك تركت شربه قال: فكيف تركت العمران وأسكنت الخراب قالت: لأن الخراب ميراث الله وأنا أسكن في ميراث الله وقد ذكر الله ذلك في كتابه فقال {وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها} القصص الآية 58 إلى قوله {وكنا نحن الوارثين} ). [الدر المنثور: 11/340-341]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد في الزهد، وابن أبي حاتم عن أبي الصديق الناجي قال: خرج سليمان بن داود يستسقي بالناس فمر بنملة مستلقية على قفاها رافعة قوائمها إلى السماء وهي تقول: اللهم انا خلق من خلقك ليس بنا غنى عن رزقك فاما أن تسقينا واما ان تهلكنا فقال سليمان للناس: ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم). [الدر المنثور: 11/341]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي الدرداء قال: كان داود يقضي بين البهائم يوما وبين الناس يوما فجاءت بقرة فوضعت قرنها في حلقة الباب ثم تنغمت كما تنغم الوالدة على ولدها وقالت: كنت شابة كانوا ينتجوني ويستعملوني ثم اني كبرت فأرادوا أن يذبحوني فقال داود: أحسنوا إليها ولا تذبحوها ثم قرأ {علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء} ). [الدر المنثور: 11/341-342]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم في المستدرك عن جعفر بن محمد قال: أعطي سليمان ملك مشارق الأرض ومغاربها فملك سليمان سبعمائة سنة وستة أشهر، ملك أهل الدنيا كلهم من الجن والإنس والدواب والطير والسباع وأعطي كل شيء ومنطق كل شيء وفي زمانه صنعت الصنائع المعجبة، حتى إذا أراد الله أن يقبضه إليه أوحى إليه: إن استودع علم الله وحكمته أخاه، وولد داود كانوا أربعمائة وثمانين رجلا أنبياء بلا رسالة، قال الذهبي: هذا باطل). [الدر المنثور: 11/342]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم عن محمد بن كعب قال: بلغنا ان سليمان كان عسكره مائة فرسخ: خمسة وعشرون منها للأنس وخمسة وعشرون للجن وخمسة وعشرون للوحش وخمسة وعشرون للطير وكان له ألف بيت من قوارير على الخشب، فيها ثلثمائة صريحة وسبعمائة سرية وأمر الريح العاصف فرفعته فأمر الريح فسارت به، فأوحى الله إليه: اني زدتك في ملكك ان لا يتكلم أحد بشيء إلا جاءت الريح فأخبرتك). [الدر المنثور: 11/342]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد، وابن المنذر عن وهب بن منبه قال: مر سليمان بن داود وهو في ملكه قد حملته الريح على رجل حراث من بني إسرائيل فلما رآه قال - سبحان الله - لقد أوتي آل داود ملكا، فحملتها الريح فوضعتها في أذنه فقال: ائتوني بالرجل فأتي به فقال: ماذا قلت فأخبره فقال سليمان: اني خشيت عليك الفتنة، لثواب سبحان الله عند الله يوم القيامة أعظم مما أوتي آل داود فقال الحراث: أذهب الله همك كما أذهبت همي قال: وكان سليمان رجلا أبيض جسيما أشقر غزاء لا يسمع بملك إلا أتاه فقاتله فدوخه يأمر الشياطين فيجعلون له دارا من قوارير فيحمل ما يريد من آلة الحرب فيها ثم يأمر العاصف فتحمله من الأرض ثم يأمر الرخاء فتقدمه حيث شاء). [الدر المنثور: 11/342-343]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن يحيى بن كثير قال: قال سليمان بن داود لبني اسرائيل: ألا أريكم بعض ملكي اليوم قالوا: بلى يا نبيى الله قال: يا ريح ارفعينا، فرفعتهم الريح فجعلتهم بين السماء والأرض ثم قال: يا طير أظلينا، فاظلتهم الطير بأجنحتها لا يرون الشمس، قال: يا بني إسرائيل أي ملك ترون قالوا: نرى ملكا عظيما قال: قول لا اله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، خير من ملكي هذا ومن الدنيا وما فيها، يا بني إسرائيل من خشي الله في السر والعلانية وقصد في الغنى والفقر وعدل في الغضب والرضا وذكر الله على كل حال فقد أعطي مثل ما أعطيت). [الدر المنثور: 11/343-344]

تفسير قوله تعالى: (وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى فهم يوزعون قال يرد أولهم على آخرهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/79]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وقال الحسن يوزعون أن يتقدموه). [تفسير عبد الرزاق: 2/79]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، وأبي رزينٍ {فهم يوزعون} قالا: يحبس أوّلهم على آخرهم). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 287]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وحشر لسليمان جنوده من الجنّ والإنس والطّير فهم يوزعون}.

يقول تعالى ذكره: وجمع لسليمان جنوده من الجنّ والإنس والطّير في مسيرٍ لهم فهم يوزعون.
واختلف أهل التّأويل في معنى قوله {فهم يوزعون} فقال بعضهم: معنى ذلك: فهم يحبس أوّلهم على آخرهم حتّى يجتمعوا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ الخراسانيّ، عن ابن عبّاسٍ، قال: جعل على كلّ صنفٍ وزعةٌ، يردّ أولاها على أخراها؛ لئلاّ يتقدّموا في المسير، كما تصنع الملوك.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو سفيان، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {وحشر لسليمان جنوده من الجنّ والإنس والطّير فهم يوزعون} قال: يردّ أوّلهم على آخرهم.
وقال آخرون: معنى ذلك فهم يساقون.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وحشر لسليمان جنوده من الجنّ والإنس والطّير فهم يوزعون} قال: يوزعون: يساقون.
وقال آخرون: بل معناه: فهم يتقدّمون.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا أبو سفيان، عن معمرٍ، قال: قال الحسن: {يوزعون} يتقدّمون.
قال أبو جعفرٍ: وأولى هذه الأقوال بالصّواب قول من قال معناه: يردّ أوّلهم على آخرهم؛ وذلك أنّ الوازع في كلام العرب هو الكافّ، يقال منه: وزع فلانٌ فلانًا عن الظّلم: إذا كفّه عنه، كما قال الشّاعر:
ألم يزع الهوى إذ لم يؤات؟ = بلى وسلوت عن طلب الفتاة
وقول الآخر:
على حين عاتبت المشيب على الصّبا = وقلت ألمّا تصح والشّيب وازع
وإنّما قيل للّذين يدفعون النّاس عن الولاة والأمراء وزعةٌ: لكفّهم إيّاهم عنهم). [جامع البيان: 18/25-27]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وحشر لسليمان جنوده من الجنّ والإنس والطّير فهم يوزعون (17)
قوله تعالى: وحشر لسليمان جنوده من الجنّ والإنس والطّير
- حدّثنا أبي ثنا ابن أبي عمر، ثنا سفيان، عن أبي سنانٍ، عن سعيد بن جبيرٍ قال: كان يوضع لسليمان ثلاثمائة ألف كرسيٍّ، فيجلس مؤمنو الإنس ممّا يليه ومؤمنو الجنّ من ورائهم، ثمّ يأمر الطّير فتظلّه، ثمّ يأمر الرّيح فتحمله قال سفيان فيمرّون على السّنبلة فلا يحرّكونها.
- ذكر أبى ثنا القاسم بن الحارث المروزيّ، أنبأ عبدان، عن أبي حمزة، عن عطاء بن السّائب، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ: أنّ سليمان كان يضع سريره، ثمّ يضع الكرسيّ، عن يمينه وشماله فيأذن للإنس، ثمّ يأذن للجنّ فيكونون خلف الإنس، ثمّ يأذن للشّياطين فيكونون خلف الجنّ، ثمّ يرسل إلى الرّيح فتأتيه فتحملهم وتظلّه الطّير فوقه وهو على سريره وكراسيه يسير بهم غدوة الرّاكب، إلى أن يشتهي المنزل شهرًا، ثمّ تروح بهم مثل ذلك.
- حدّثنا محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن العبّاس مولى بني هاشمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن سلمة، ثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عن بعض أهل العلم، عن وهب بن منبه قال: ورث ليمان الملك وأحدث اللّه إليه النّبوّة، وسأله أن يهب له ملكًا لا ينبغي لأحدٍ من بعده ففعل- تبارك وتعالى: فسخّر له الإنس والجنّ والطّير والرّيح، فكان إذا خرج من بيته إلى مجلسه وكان فيما يزعمون أبيض وسيمًا، وضيئًا كثير الشّعر، يلبس البياض من الثّياب عكفت عليه الطّير، وقام عليه الإنس والجنّ حتّى يجلس على سريره، وكان امرأً غزّاءً قلّ ما يقعد، عن الغزو، ولا يسمع بملكٍ في ناحيةٍ من الأرض إلا أتاه حتّى يذلّه، كان فيما يزعمون إذا أراد الغزو، أمر بعسكره فضرب له من خشبٍ، ثمّ نصب على الخشب ثمّ حمل عليه النّاس والدّوابّ وآبة الحرب كلّها، حتّى إذا حمل معه ما يريد أمر العاصف من الرّيح فدخلت تحت ذلك الخشب فاحتملته حتى إذا أثقلت به أمرت الرخاء فقذفت به شهرًا في روحته، وشهرًا في غدوته إلى حيث أراد اللّه.
يقول اللّه عزّ وجلّ: فسخّرنا له الرّيح تجري بأمره رخاءً حيث أصاب أي حيث أراد قال ولسليمان الرّيح غدوّها شهر ورواحها شهر قال: فذكر أنّ منزلًا بناحية دجلة مكتوبٌ فيها كتابٌ كتب بعض صحابة سليمان- عليه السّلام إمّا من الجنّ وإمّا من الإنس، نحن نزلناه وما بنيناه ومبنيًّا وجدناه غدونا من إصطخرٍ، قفلناه ونحن رائحون منه إن شاء اللّه، فبائتون الشّام، وكان فيما بلغني لتمرّ بعسكره الرّيح الرّخاء تهوي به إلى ما أراد، وأنّها لتمرّ بالزّرعة فما تحرّكها فكذلك كان نبيّ اللّه- صلّى اللّه عليه وسلّم-.
قوله تعالى: فهم يوزعون
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو نعيمٍ، ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهدٍ فهم يوزعون قال: يحبس أوّلهم على آخرهم.
- حدّثنا أحمد بن يحيى بن مالكٍ السّوسيّ، ثنا عبد الوهّاب بن عطا، عن سعيدٍ، عن قتادة فهم يوزعون قال: لكلّ صنفٍ وزعةٌ يردّ أوّليهم على أخراهم.
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، أنبأ عبد الرّزّاق أنبأ معمرٌ، قال: وقال الحسن: يوزعون أي يتقدّموه.
- أخبرنا عبيد بن محمّد بن يحيى بن حمزة فيما كتب إليّ، ثنا أبو الجماهر، حدّثني سعيد بن بشرٍ، عن قتادة فهم يوزعون قال: لكلّ صنفٍ منهم وزعةٌ ساقةٌ تردّ أوّليهم على أخراهم.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا إبراهيم بن موسى أنبأ ابن أبي زائدة، عن ابن جريح، عن مجاهدٍ فهم يوزعون قال: جعل على كلّ صنفٍ وزعةٌ يردّون أوّليها على آخريها لئلا يتقدّموا في المسير كما تفعل الملوك اليوم). [تفسير القرآن العظيم: 9/2855-2857]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون.
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير، كان يوضع لسليمان عليه السلام ثلثمائة ألف كرسي فيجلس مؤمنوا الإنس مما يليه ومؤمنوا الجن من ورائهم ثم يأمر الطير فتظله ثم يأمر الريح فتحمله فيمرون على السنبلة فلا يحركونها). [الدر المنثور: 11/344]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فهم يوزعون} قال: يدفعون). [الدر المنثور: 11/344]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {فهم يوزعون} قال: جعل على كل صنف منهم وزعة ترد أولاها على أخراها لئلا يتقدموا في المسير كما تصنع الملوك). [الدر المنثور: 11/344]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطبراني والطستي في مسائله عن ابن عباس، ان نافع بن الازرق سأله عن قوله {فهم يوزعون} قال: يحبس أولهم على آخرهم حتى تنام الطير، قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم، أو ما سمعت قول الشاعر:
وزعت رعيلها باقب نهد * إذا ما القوم شدوا بعد خمس). [الدر المنثور: 11/344]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد وأبي رزين في قوله {فهم يوزعون} قال: يحبس أولهم على آخرهم). [الدر المنثور: 11/345]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة {فهم يوزعون} قال: يرد أولهم على آخرهم). [الدر المنثور: 11/345]

تفسير قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) )
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): ([الثوري] عن الأعمش عن رجلٍ يقال له الحكم عن نوفٍ الشّامّيّ في قوله: {قالت نملة يا أيها النمل} قال: كانت النّملة مثل الذيب من العظم [الآية: 18]). [تفسير الثوري: 232]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {حتّى إذا أتوا على واد النّمل قالت نملةٌ يا أيّها النّمل ادخلوا مساكنكم، لا يحطمنّكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون}.
يعني تعالى ذكره بقوله: {حتّى إذا أتوا على واد النّمل} حتّى إذا أتى سليمان وجنوده على وادي النّمل {قالت نملةٌ يا أيّها النّمل ادخلوا مساكنكم، لا يحطمنّكم سليمان وجنوده} يقول: لا يكسرنّكم ويقتلنّكم سليمان وجنوده {وهم لا يشعرون} يقول: وهم لا يعلمون أنّهم يحطمونكم.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، ويحيى، قالا حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن رجلٍ يقال له الحكم، عن عوفٍ، في قوله: {قالت نملةٌ يا أيّها النّمل} قال: كان نمل سليمان بن داود مثل الذّباب). [جامع البيان: 18/27-28]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (حتّى إذا أتوا على واد النّمل قالت نملةٌ يا أيّها النّمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنّكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون (18)
قوله تعالى: حتّى إذا أتوا على واد النّمل
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد النّرسيّ، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: حتّى إذا أتوا على واد النّمل قال: ذكر لنا أنّه وادٍ بأرض الشّام.
قوله تعالى: قالت نملةٌ إلى قوله: وهم لا يشعرون
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أحمد بن بشيرٍ، أنبأ شيخٌ من ثقيفٍ، عن الشّعبيّ قال: النّملة الّتي فقه سليمان كلامها كانت ذات جناحين.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أحمد بن بشيرٍ، عن أبى روقٍ، عن الشّعبيّ مثله.
- حدّثنا أبي، ثنا عيسى بن يونس، ثنا ضمرة، عن العلاء بن هارون، عن الشّعبيّ قال: النّملة من الطّير ولولا ذلك لم يعرف سليمان ما تقول ذلك.
- حدّثنا أبي، ثنا عمرو بن عونٍ، ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن الحكم ابن الوليد، عن نوفٍ الحميريّ قال: كان نمل سليمان مثل أمثال الذّياب.
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن بشّارٍ، ثنا يزيد بن هارون، أنبأ مسعرٌ، عن زيدٍ العمّيّ، عن أبي الصّدّيق النّاجيّ قال: خرج سليمان بن داود يستسقي فإذا هو بنملةٍ مستلقيةٍ على ظهرها رافعةٍ قوائمها إلى السّماء وهي تقول: اللّهمّ أنا خلقٌ من خلقك لا غنى بنا، عن سقياك، وإلّا تسقنا تهلكنا، فقال سليمان: ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم.
- حدّثنا أبي، ثنا ابن أبي عمر، قال سفيان، لو أنّ سليمان بن داود لم يقبله بالّذي ينبغي لساخت به الأرض خمسمائة قامةٍ حين قالت النّملة: يا أيّها النّمل ادخلوا مساكنكم قال: فتبسّم ضاحكًا من قولها: وقال ربّ أوزعني أن أشكر نعمتك الّتي أنعمت عليّ وعلى والدي). [تفسير القرآن العظيم: 9/2857-2858]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملة يا أيها النمل أدخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون * فتبسم ضاحكا من قولها وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين.
أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {حتى إذا أتوا على وادي النمل} قال: ذكر لنا أنه واد بأرض الشام). [الدر المنثور: 11/345]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي قال: النملة التي فقه سليمان كلامها كانت من الطير ذات جناحين ولولا ذلك لم يعرف سليمان ما تقول). [الدر المنثور: 11/345]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة قال: النمل من الطير). [الدر المنثور: 11/345]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري في تاريخه، وابن أبي شيبه، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن نوف قال: كان النمل في زمن سليمان بن داود أمثال الذباب، وفي لفظ مثل الذباب). [الدر المنثور: 11/345]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الحكم قال: كان النمل في زمان سليمان أمثال الذباب). [الدر المنثور: 11/345-346]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن وهب ابن منبه قال: أمر الله الريح قال لا يتكلم أحد من الخلائق بشيء في الأرض بينهم إلا حملته فوضعته في أذن سليمان فبذلك سمع كلام النملة). [الدر المنثور: 11/346]

تفسير قوله تعالى: (فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :({أوزعني} [النمل: 19] : «اجعلني»). [صحيح البخاري: 6/112]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله أوزعني اجعلني وصله الطّبريّ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ مثله وقال أبو عبيدة في قوله أوزعني أي سدّدني إليه وقال في موضعٍ آخر أي ألهمني وبالثّاني جزم الفرّاء). [فتح الباري: 8/505]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح حدثني معاوية بن صالح عن علّي ابن أبي طلحة عن ابن عبّاس قوله 73 النّمل {عسى أن يكون ردف لكم} قال اقترب لكم
وبه في قوله 88 النّمل {وترى الجبال تحسبها جامدة} يقول قائمة
وبه في قوله 19 النّمل {أوزعني} قال اجعلني). [تغليق التعليق: 4/276]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (أوزعني اجعلني
أشار به إلى قوله تعالى: {وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك الّتي أنعمت عليّ} (النّمل: 19)
الآية، فسر قوله: (أوزعني) . بقوله: (اجعلني) وكذا رواه الطّبريّ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاس، وفي (تفسير النّسفيّ) : أوزعني: إجعلني أزع شكر نعمتك الّتي أنعمت عليّ وعلى والدي، وآلفه وارتبطه لا ينقلب عني حتّى لا أزال شاكراً لك). [عمدة القاري: 19/103-104]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({أوزعني}) في قوله: {ربّ أوزعني} [النمل: 19] أي (اجعلني) أزع شكر نعمتك عندي). [إرشاد الساري: 7/281]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فتبسّم ضاحكًا من قولها وقال ربّ أوزعني أن أشكر نعمتك الّتي أنعمت عليّ وعلى والديّ، وأن أعمل صالحًا ترضاه، وأدخلني برحمتك في عبادك الصّالحين}.
يقول تعالى ذكره: فتبسّم سليمان ضاحكًا من قول النّملة الّتي قالت ما قالت، وقال: {ربّ أوزعني أن أشكر نعمتك الّتي أنعمت عليّ} يعني بقوله {أوزعني} ألهمني.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {قال ربّ أوزعني أن أشكر نعمتك} يقول: اجعلني.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قول اللّه: {ربّ أوزعني أن أشكر نعمتك الّتي أنعمت عليّ} قال: في كلام العرب، تقول: أوزع فلانٌ بفلانٍ، يقول: حرّض عليه. وقال ابن زيدٍ: {أوزعني} ألهمني وحرّضني على أن أشكر نعمتك الّتي أنعمت عليّ وعلى والديّ.
وقوله: {وأن أعمل صالحًا ترضاه} يقول: وأوزعني أن أعمل بطاعتك وما ترضاه، {وأدخلني برحمتك في عبادك الصّالحين} يقول: وأدخلني برحمتك مع عبادك الصّالحين، الّذين اخترتهم لرسالتك وانتخبتهم لوحيك، يقول: أدخلني من الجنّة مداخلهم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وأدخلني برحمتك في عبادك الصّالحين} قال: مع عبادك الصّالحين الأنبياء والمؤمنين). [جامع البيان: 18/28-29]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فتبسّم ضاحكًا من قولها وقال ربّ أوزعني أن أشكر نعمتك الّتي أنعمت عليّ وعلى والديّ وأن أعمل صالحًا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصّالحين (19)
قوله تعالى: فتبسّم ضاحكًا من قولها
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن الحكم بن عطيّة قال: سألت محمّد بن سيرين، عن التّبسّم في الصّلاة فقال ما أراه إلا ضحكًا، ثمّ قرأ فتبسّم ضاحكًا من قولها
قوله تعالى: وقال ربّ أوزعني أن أشكر إلى صالحا ترضاه
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: أوزعني فقال اجعلني.
الوجه الثّاني:
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس، ثنا يزيد، ثنا سعيدٌ، عن قتادة ربّ أوزعني أن أشكر ألهمني أن أشكر نعمتك، وروي عن السّدّيّ مثله.
الوجه الثّالث:
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، أنبأ أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم قوله: ربّ أوزعني أن أشكر قال: في كلام العرب، أوزع فلانًا بفلانٍ، يقول: حرّضه قال ابن زيدٍ: أوزعني ألهمني وحرّضني على أن أشكر نعمتك.
- حدّثنا أبي، ثنا ابن عمر قال: قال سفيان لو أنّ ابن آدم داود لم يقبله بالّذي ينبغي لساخت به الأرض خمسمائة قامةٍ حين قالت النّملة: يا أيّها النّمل ادخلوا مساكنكم قال: فتبسّم ضاحكًا من قولها وقال ربّ أوزعني أن أشكر نعمتك الّتي أنعمت عليّ الآية فقال له رجلٌ حرّاثٌ من الحرّاثين: لأنا بقدرتي أشكر لك منك، قال: فخرّ، عن فرسه ساجدًا، وقال لولا أن يكون، قال ابن عمر: ثمّ تكلّم سفيان بكلمةٍ لم أفهمها. لقلت: انزع منّي ما أعطيتني، قال: وكان يشغله ذكر اللّه، عن أن يتكلّم.
قوله تعالى: وأدخلني برحمتك في عبادك الصّالحين
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، أنبأ أصبغ قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيدٍ يقول: وأدخلني برحمتك في عبادك الصّالحين قال: مع الصّالحين مع الأنبياء والمؤمنين). [تفسير القرآن العظيم: 9/2858-2859]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه عن ابن سيرين أنه سئل عن التبسم في الصلاة فقرأ هذه الآية {فتبسم ضاحكا من قولها} وقال: لا أعلم التبسم إلا ضحكا). [الدر المنثور: 11/346]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {أوزعني} قال: ألهمني). [الدر المنثور: 11/346-347]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله {وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين} قال: مع الأنبياء والمؤمنين). [الدر المنثور: 11/344]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 24 رجب 1434هـ/2-06-2013م, 10:34 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى:{وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولقد آتينا داود وسليمان علمًا وقالا الحمد للّه الّذي فضّلنا على كثيرٍ من عباده المؤمنين} [النمل: 15] يعنيان: أهل زمانهم من المؤمنين). [تفسير القرآن العظيم: 2/536]

تفسير قوله تعالى:{وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16)}

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: عزّ وجلّ: {وورث سليمان داود} [النمل: 16] قال قتادة: نبوّته وملكه.
{وقال يا أيّها النّاس علّمنا منطق الطّير وأوتينا من كلّ شيءٍ} [النمل: 16]، يعني: كلّ شيءٍ أوتي منه.
{إنّ هذا لهو الفضل المبين} [النمل: 16] البيّن). [تفسير القرآن العظيم: 2/536]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وورث سليمان داوود...}

كان لداود - فيما ذكروا - تسعة عشر ولداً ذكراً، وإنما خصّ سليمان بالوراثة؛ لأنها وراثة الملك.
وقوله: {علّمنا منطق الطّير}: معنى كلام الطير، فجعله كمنطق الرجل إذ فهم، وقد قال الشاعر:
عجبت لها أنّي يكون غناؤها = رفيعاً ولم تفتح بمنطقها فما
فجعله الشاعر كالكلام ؛ لمّا ذهب به إلى أنها تبكي.). [معاني القرآن: 228-289]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وورث سليمان داوود وقال يا أيّها النّاس علّمنا منطق الطّير وأوتينا من كلّ شيءٍ إنّ هذا لهو الفضل المبين}
وقال: {علّمنا منطق الطّير} : لأنها لما كانت تكلمهم صار كالمنطق، وقال الشاعر:
صدّها منطق الدجاج عن القصد = فصبّحت والطير لم تكلّم ).
[معاني القرآن: 3/19]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ({منطق الطّير}، قال قتادة: النمل من الطير.). [تفسير غريب القرآن: 323]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ جل: {وورث سليمان داوود وقال يا أيّها النّاس علّمنا منطق الطّير وأوتينا من كلّ شيء إنّ هذا لهو الفضل المبين}
جاء في التفسير : أنه ورثه نبوته ، وملكه، وروي : أنه كان لداود تسعة عشر ولداً ، فورثه سليمان من بينهم النبوة والملك.
وقوله: {وقال يا أيّها النّاس علّمنا منطق الطّير}: وجاء في التفسير أنه البله منها.
وأحسبه - والله أعلم - ما ألهم اللّه الطير مما يسبّحه به، كما قال: {وسخّرنا مع داوود الجبال يسبّحن والطّير}
وقوله: {وأوتينا من كلّ شيء}
المعنى : أوتينا من كل شيء يجوز أن يؤتاه الأنبياء والنّاس ، وكذلك قوله: {وأوتيت من كلّ شيء}: أي: من كل شيء يؤتاه مثلها ، وعلى هذا جرى كلام النّاس، يقول القائل: قد قصد فلاناً كل أحد في حاجته.
المعنى : قصده كثير من الناس.). [معاني القرآن: 4/111]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {وورث سليمان داود}
سبيل الولد : أن يرث أباه ، فالفائدة في هذا أنه من وراثة العلم ، والقيام بأمر الناس ، ومن هذا :(( العلماء ورثة الأنبياء .)).
ويروى : أنه كان لداود عليه السلام تسعة عشر ولداً، فورثه سليمان في النبوة ، والملك دونهم ، وقال:{يا أيها الناس علمنا منطق الطير}
ثم قال جل وعز: {وأوتينا من كل شيء}
أي: من كل شيء يؤتاه الأنبياء والناس ، وهذا على التكثير ، كما يقال : ما بقيت أحداً حتى كلمته في أمرك). [معاني القرآن: 5/119-120]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وورث سليمان داود}، قال ابن عباس: ورثه الحبورة، والحبورة: العلم والحكمة.). [ياقوتة الصراط: 391]

تفسير قوله تعالى: {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {وحشر} [النمل: 17]، أي: وجمع.
{لسليمان جنوده من الجنّ والإنس والطّير فهم يوزعون} [النمل: 17] قال قتادة: على كلّ صنفٍ منهم وزعةٌ، يرد أولاهم على أخراهم.
وقال الحسن: {فهم يوزعون} [النمل: 17] فهم يدفعون لا يتقدّمه منهم أحدٌ.
وقال السّدّيّ: يوزعون، يعني: يساقون). [تفسير القرآن العظيم: 2/537]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وحشر لسليمان جنوده من الجنّ والإنس والطّير فهم يوزعون...}

كانت هذه الأصناف مع سليمان إذا ركب، {فهم يوزعون} يردّ أوّلهم على آخرهم حتّى يجتمعوا، وهي من وزعت الرجل، تقول: لأزعنّكم عن الظلم ، فهذا من ذلك) ).
[معاني القرآن: 2/289]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):({فهم يوزعون}:أي : يدفعون فيستحث آخرهم ، ويحبس أولهم، وفي آية أخرى: {أوزعني أن أشكر نعمتك }، مجازه: شددني إليه ، ومنه قولهم:
وزعني الحلم من السفاه ، أي : منعني، ومنه قوله:
على حين عاقبت المشيب على الصّبا= فقلت ألمّا تصح والشّيب وازع
ومنه الوزعة : الذين يدفعون الخصوم، والناس عن القضاة والأمراء.). [مجاز القرآن: 2/92-93]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {يوزعون}: يدفع أخراهم ويحبس أولاهم. يقال وزعته أزعه وزعا إذا دفعته عني). [غريب القرآن وتفسيره: 286]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {فهم يوزعون}: أي: يدفعون، وأصل «الوزع»: الكفّ والمنع، يقال: وزعت الرجل، إذا كففته، و«وازع الجيش» هو الذي يكفّهم عن التفرّق، ويردّ من شذّ منهم.). [تفسير غريب القرآن: 323]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله تعالى: {وحشر لسليمان جنوده من الجنّ والإنس والطّير فهم يوزعون}
في اللغة : يوزعون : يكفّون، وجاء في التفسير : يكف أولهم ، ويحبس أولهم على آخرهم.). [معاني القرآن: 4/112]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فهم يوزعون}
روى معمر ، عن قتادة قال: يرد أولهم على آخرهم.
قال أبو جعفر : أصل وزعته : كففته ، ومنه لا بد للناس من وزعة، ومنه لما يزع السلطان أكثر مما يزع القرآن .
روى عطاء الخراساني ، عن ابن عباس:{ فهم يوزعون}، قال : على كل صنف منهم وزعة ، يرد أولاها على أخراها ، لئلا يتقدموا في المسير كما يصنع الملوك .
فهذا قول بين ، ومنه وزع فلان فلانًا عن الظلم ؛ إذا كفه عنه، كما قال النابغة:
على حين عاتبت المشيب على الصبا = وقلت ألما يصح والشيب وازع ).
[معاني القرآن: 5/120-121]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : (وأما قوله تعالى : {فهم يوزعون}: أي: يحبسن أولهم، حتى يأتي آخرهم بسلطان مبين، أي: بحجة مبينة).
[ياقوتة الصراط: 392]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يُوزَعُونَ}: أي: يدعون ، وأصل الوزع: الكف والمنع ). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 179]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( {تُوزَعُونَ}: على آخرهم يجلس أولهم.). [العمدة في غريب القرآن: 229]

تفسير قوله تعالى:{حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({حتّى إذا أتوا على وادي النّمل} [النمل: 18] قال قتادة: وادٍ بالشّام.
{قالت نملةٌ يا أيّها النّمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنّكم سليمان وجنوده} [النمل: 18] قال اللّه: {وهم لا يشعرون} [النمل: 18]، أي: والنّمل لا يشعرن أنّ سليمان يفهم كلامهم). [تفسير القرآن العظيم: 2/537]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {قالت نملةٌ يأيّها النّمل ادخلوا مساكنكم }: هذا من الحيوان الذي خرج مخرج الآدميين، العرب قد تفعل ذلك ،

قال: شربت إذا ما الدّيك يدعو صباحه= إذا ما بنوا نعشٍ دنوا فتصوّبوا.). [مجاز القرآن: 2/93]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وهذا سليمان عليه السلام يفهم منطق الطّير وقول النّمل، والنمل من الحكل، والحكل ما لا يسمع له صوت.
قال رؤبة:
لو كنتُ قَدْ أوتيت عِلْمَ الحُكْلِ = عِلْمَ سُليمانَ كَلامَ النَّمْلِ
وقال العمانيّ يمدح رجلا:
ويفهمُ قولَ الحُكْلِ لَو أنَّ ذَرَّةً = تُسَاوِدُ أُخْرَى لَمْ يَفْتْهُ سَوادُهَا
والسّواد: السِّرار، جعل قولها سراراً، لأنَّها لا تُصَوِّت.
وهذا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، تخبره الذّراع المسمومة
ويخبره البعير أنّ أهله يجيعونه ويدئبونه.
في أشباه لهذا كثيرة). [تأويل مشكل القرآن: 114]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {حتّى إذا أتوا على واد النّمل قالت نملة يا أيّها النّمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنّكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون}
يروى : أن وادي النمل هذا كان بالشام، وأن نمل سليمان عليه السلام كان مثال الذّباب.
{قالت نملة يا أيّها النّمل ادخلوا مساكنكم}: جاء لفظ ادخلوا كلفظ ما يعقل، يقال للناس: ادخلوا ، وكذلك للملائكة والجنّ، وكذلك دخلوا، فإذا ذكرت النمل قلت: قد دخلن ودخلت، وكذلك سائر ما لا يعقل، إلا أنّ النمل ههنا أجري مجرى الآدميين حين نطق كما ينطق الآدميون.
{لا يحطمنّكم سليمان وجنوده}: و {لا تحطمنّكم}
ويقرأ :{لا يحطمنّكم سليمان}،لا تحطمنّكم سليمان، ولا يحطّمنّكم جائزة.). [معاني القرآن: 4/112]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {حتى إذا أتوا على واد النمل}
يروى: أنه واد كان بالشام نمله على قدر الذباب ، وقرأ سليمان التيمي :{يا أيها النمل ادخلوا مساكنكن لا يحطمنكن سليمان بجنوده} ). [معاني القرآن: 5/121]

تفسير قوله تعالى: {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي برَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({فتبسّم} [النمل: 19] سليمان.
{ضاحكًا من قولها وقال ربّ أوزعني} [النمل: 19] يقول: ألهمني.
{أن أشكر نعمتك الّتي أنعمت عليّ وعلى والديّ وأن أعمل صالحًا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصّالحين} [النمل: 19]، يعني: مع عبادك.
{الصّالحين} [النمل: 19]، يعني: المؤمنين، وهو تفسير السّدّيّ، وهم أهل الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 2/537]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وأمّا وقوله: {أوزعني...}: فمعناه: ألهمني).
[معاني القرآن: 2/289]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {أوزعني أن أشكر نعمتك}: ألهمني والشيب وازع أي مانع والوزعة الشرط). [غريب القرآن وتفسيره: 286]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( وقوله: {ربّ أوزعني} : أي: ألهمني، وأصل «الإيزاع»: الإغراء بالشيء، يقال: أوزعته بكذا، أي: أغريته به، وهو موزع بكذا، ومولع بكذا. ومنه قول أبي ذؤيب في الكلاب.
= أولي سوابقها قريبا توزع
أي :تفرى بالصيد.). [تفسير غريب القرآن: 323]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فتبسّم ضاحكا من قولها وقال ربّ أوزعني أن أشكر نعمتك الّتي أنعمت عليّ وعلى والديّ وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصّالحين}: لأن أكثر ضحك الأنبياء عليهم السلام : التبسم.
و{ضاحكاً}: منصوب، حال مؤكدة، لأن تبسّم بمعنى : ضحك.
وقال:{ربّ أوزعني أن أشكر نعمتك}: معنى {أوزعني}: ألهمني، وتأويله في اللغة : كفّني عن الأشياء إلّا عن شكر نعمتك، أي: كفني عما يباعد منك،{وأن أعمل صالحا ترضاه} ). [معاني القرآن: 4/112-113]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فتبسم ضاحكا من قولها}
ويقرأ : {فتبسم ضحكا من قولها}، ويقال : كذلك ضحك الأنبياء
وقوله جل وعز: {وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك}
قال أهل التفسير :{أوزعني }: أي: ألهمني ، وهو مأخوذ من الأول ، أي: كفني عن الأشياء إلا عن شكر نعمتك ، أي: كفني عما يباعد منك). [معاني القرآن: 5/122]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {أوزعني}:ألهمني). [ياقوتة الصراط: 392]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وأَوْزِعْنِي}: أي: ألهمني، وأصل الإيزاع: الإغراء بالشيء). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 179]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : ( {أَوْزِعْنِي}: ألهمني). [العمدة في غريب القرآن: 230]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 24 رجب 1434هـ/2-06-2013م, 10:37 AM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15) }

تفسير قوله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16) }

تفسير قوله تعالى: {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) }

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (الأصمعي: وزعته فأنا أزعه إذا كففته قال وقال الحسن: لا بد للناس من وزعة يعني قومًا يكفونهم وزعته فأنا أزوعه مثله ويقال قدمته ومنه قول ذي الرمة:
زع بالزمام وجوز الليل مركوم
أي ادفعه إلى قدامه. غيره: أوزعت بالشيء مثل ألهمته وأولعت به ومنه قول الله تبارك وتعالى: {رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي} ووزعت الشيء بين القوم قسمته). [الغريب المصنف: 3/994] (م)
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث أبي بكر رحمه الله وقد كان شكي إليه بعض عماله فقال: أأنا أقيد من وزعة الله؟
الوزعة: جماعة الوازع، والوازع: الذي يكف الناس ويمنعهم من الشر.
يقال منه: وزعته فأنا أزعه وزعا. ويروى في قول الله تبارك تعالى: {فهم يوزعون} يعني يحبس أولهم على آخرهم، وهو من الكف والمنع.
ويروى عن الحسن البصري أنه قال: لا بد للناس من وزعة، يعني من يكفهم ويمنعهم من الشر، كأنه يعني السلطان.
فكأن أبا بكر إنما أراد أني لا أقيد من الولاة الذين يزعون الناس عن محارم الله تعالى.
يعني: إذا كان ذلك الفعل منهم بوجه الحكم والعدل لا بوجه الجور). [غريب الحديث: 4/126-127]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (

فغدا يشرق متنه فبدا له = أولى سوابقها قريبا توزع
...
...
«تُوزَع» تكف وتحبس على ما تخلف منها ليجتمع بعضها إلى بعض. وقال أيضا: (توزع) أي تغري به، (أوزعه) أي أغره. و(قريبا) يريد قريبا من الثور. الباهلي: (توزع)، يحبس آخرهن على أولهن، لكي لا يخلو بواحد من الكلاب فيقتله، من قوله جل وعز: {فهم يوزعون} يحبس آخرهم على أولهم. وقال معمر: (توزع) تغري به، يقال: (أوزع به، وألذم به) أي أغري به وأولع به). [شرح أشعار الهذليين: 1/27-28] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وقال بعض أهل اللغة. أوزعت حرف من الأضداد؛ يقال: أوزعت الرجل، إذا أغريته بالشيء وأمرته به، وأوزعته، إذا نهيته وحبسته عنه، قال الله عز وجل: {فهم يوزعون}، أي يحبس أولهم على آخرهم.
قال أبو بكر: والصحيح عندنا أن يكون (أوزعت) بمعنى أمرت وأغريت، و(وزعت) بمعنى حبست، الدليل على هذا
قوله عز وجل: {رب أوزعني}، معناه ألهمني. وقال طرفة:
نزع الجاهل في مجلسنا = فترى المجلس فينا كالحرم
وقال الآخر:
أما النهار فلا أفتر ذكرها = والليل يوزعني بها أحلام
وقال النابغة الذبياني:
على حين عاتبت المشيب على الصبا = وقلت ألما تصح والشيب وازع
وقال الآخر:
كفي غير الأيام للمرء وازعا = إذا لم يقر ريا فيصحو طائعا
وقال الحسن لما ولي القضاء، وكثر الناس عليه: لا بد للناس من وزعة، أي من شرط يكفونهم عن القاضي. وقال الجعدي:
ومسروحة مثل الجراد وزعتها = وكلفتها ذئبا أزل مصدرا
معناه كففتها. والاختيار أن يكون الوزع الحبس. وقال أصحاب القول الآخر: معناه أغريتها بالشيء الذي كلفتها إياه). [كتاب الأضداد: 139-140]

تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وزعم الخليل رحمه الله أن: {السماء منفطر به} كقولك معضل للقطاة. وكقولك مرضع للتي بها الرضاع. وأما المنفطرة فيجئ على العمل كقولك منشقة وكقولك مرضعة للتي ترضع. وأما {كلٌ في فلكٍ يسيحون} و: {رأيتهم لي ساجدين} و: {يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم} فزعم أنه بمنزلة ما يعقل ويسمع لما ذكرهم بالسجود وصار النمل بتلك المنزلة حين حدثت عنه كما تحدث عن الأناسي). [الكتاب: 2/47] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب ما كان اسماً على فاعلٍ غير نعت معرفةً أو نكرةً
اعلم أن ما كان من ذلك لآدميين فغير ممتنع من الواو والنون. لو سميت رجلاً حاتماً أو عاصماً لقلت: حاتمون، وعاصمون. وإن شئت قلت: حواتم وعواصم؛ لأنه ليس بنعت فتريد أن تفصل بينه وبين مؤنثه، ولكنه اسم. فحكمه حكم الأسماء التي على أربعة أحرف.
وإن كان لغير الآدميين لم تلحقه الواو والنون. ولكنك تقول: قوادم في قادم الناقة، وتقول: سواعد في جمع ساعد. هكذا جميع هذا الباب.
فإن قال قائل: فقد قال الله عز وجل في غير الآدميين: {إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين}.
فالجواب عن ذلك: أنه لما أخبر عنها بالسجود وليس من أفعالها وإنما هو من أفعال الآدميين أجراها مجراهم؛ لأن الآدميين إنما جمعوا بالواو والنون، لأن أفعالهم على ذلك. فإذا ذكر غيرهم بذلك الفعل صار في قياسهم؛ألا ترى أنك تقول: القوم ينطلقون، ولا تقول: الجمال يسيرون.
وكذلك قوله عز وجل: {كلٌّ في فلكٍ يسبحون}. لما أخبر عنها أنها تفعل وإنما حقيقتها أن يفعل بها فتجري كانت كما ذكرت لك.
ومن ذلك قوله: {بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون}، إنما ذلك لدعواهم أنها فعالة، وأنها تعبد باستحقاق، وكذلك {لقد علمت ما هؤلاء ينطقون} ومثله: {قالت نملةٌ يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم} لما جعلها مخاطبة ومخاطبة. وكل ما جاء من هذا فهذا قياسه). [المقتضب: 2/223-224] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وقوله: * نفسي فداؤك من سار على ساق *، والخيال لا يمشي على ساق، ولكنه لما قال: يسري، وقال محتفيًا: فوصفه بما يوصف به ذو الساق، قال: * نفسي فداؤك من سار على ساق *، فجعله ممن له ساق، وكذلك قول الله تعالى في قصة يوسف عليه السلام: {يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبًا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين}، وإنما تدخل هذه النون والياء في جمع ذكران الإنس والجن، وما أشبههم، فيقال: الجن والإنس والملائكة ساجدون، فإذا عدوت هذا، صار المؤنث والمذكر إلى التأنيث، فيقال: الغنم، والبقر مذبحة، ومذبحات، وقد ذبحن، ولا يجوز مذبحون.
قال الفراء: وإنما ذلك لأنها وصفت بأفاعيل الآدميين، وقال: ألا ترى أن الركوع والسجود لا يكون إلا من الآدميين، فأخرجت على أفعال الآدميين لما وصفت بصفتهم، ومثله {وقالوا لجلودهم لما شهدتم علينا}، وكأنهم خاطبوا رجالًا إذا كلمتهم وكلموها، ومثله {يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم}، وكل ما ورد عليك موافقًا لفعل الآدميين، وليس من الآدميين، فأجره على هذا، ويجوز أن يكون جعل الخيال ذا ساق، يذهب إلى معناه، يريد: صاحب الخيال. أحمد). [شرح المفضليات: 4] (م)

تفسير قوله تعالى: {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19) }
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (وقالوا: أوزعته بالشيء: إذا أولعته به وأغريته. قال الله جل ثناؤه: {رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي}، أي: أولعني به. قال أبو محمد: أوزعني: يعني ألهمني. يقال: أوزعته: نهيته وكففته. وقال الله جل اسمه: {فهم يوزعون}، أي: يكفون). [الأضداد: 135]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (الأصمعي: وزعته فأنا أزعه إذا كففته قال وقال الحسن: لا بد للناس من وزعة يعني قومًا يكفونهم وزعته فأنا أزوعه مثله ويقال قدمته ومنه قول ذي الرمة:
زع بالزمام وجوز الليل مركوم
أي ادفعه إلى قدامه. غيره: أوزعت بالشيء مثل ألهمته وأولعت به ومنه قول الله تبارك وتعالى: {رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي} ووزعت الشيء بين القوم قسمته). [الغريب المصنف: 3/994]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه: إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.

قوله: "يزع" أي يكف، يقال: وزع يزع إذا كف، وكان أصله "يزع" مثل يعد فذهبت الواو لوقوعها بين ياء وكره واتبعت حروف المضارع الياء لئلا يختلف الباب، وهي الهمزة، والنون، والتاء، والياء نحو أعد ونعد، وتعد، ويعد، ولكن انفتحت في "يزع" من أجل العين لأن حروف الحلق إذا كن في موضع عين الفعل أو لامه فتحن في الفعل الذي ماضيه "فعل"، وإن وقعت الواو مما هي فيه فاء في "يفعل" المفتوحة العين في الأصل صح الفعل، نحو: وحل يوحل، ووجل يوجل، ويجوز في هذه المفتوحة ياحل وياجل وييحل وييجل، وكل هذا كراهية للواو بعد الياء، تقول: وزعته: كففته، وأوزعته: حملته على ركوب الشيء وهيأته له، وهو من الله عز وجل توفيق، ويقال: أوزعك الله شكره، أي وفقك له.
وقال الحسن مرة: ما حاجة هؤلاء السلاطين إلى الشرط فلما ولي القضاء كثر عليه الناس، فقال: لا بد للسلاطين من وزعة). [الكامل: 1/350]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {رَبِّ أَوْزِعْنِي}: أي ألهمني). [مجالس ثعلب: 175]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وقال بعض أهل اللغة. أوزعت حرف من الأضداد؛ يقال: أوزعت الرجل، إذا أغريته بالشيء وأمرته به، وأوزعته، إذا نهيته وحبسته عنه، قال الله عز وجل: {فهم يوزعون}، أي يحبس أولهم على آخرهم.
قال أبو بكر: والصحيح عندنا أن يكون (أوزعت) بمعنى أمرت وأغريت، و(وزعت) بمعنى حبست، الدليل على هذا
قوله عز وجل: {رب أوزعني}، معناه ألهمني. وقال طرفة:
نزع الجاهل في مجلسنا = فترى المجلس فينا كالحرم
وقال الآخر:
أما النهار فلا أفتر ذكرها = والليل يوزعني بها أحلام
وقال النابغة الذبياني:
على حين عاتبت المشيب على الصبا = وقلت ألما تصح والشيب وازع
وقال الآخر:
كفي غير الأيام للمرء وازعا = إذا لم يقر ريا فيصحو طائعا
وقال الحسن لما ولي القضاء، وكثر الناس عليه: لا بد للناس من وزعة، أي من شرط يكفونهم عن القاضي. وقال الجعدي:
ومسروحة مثل الجراد وزعتها = وكلفتها ذئبا أزل مصدرا
معناه كففتها. والاختيار أن يكون الوزع الحبس. وقال أصحاب القول الآخر: معناه أغريتها بالشيء الذي كلفتها إياه). [كتاب الأضداد: 139-140] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
وخافق الرأس مثل السيف قلت له = زع بالزمام وجوز الليل مركوم
وأوزعه الله تقواه أي ألهمه، ومنه قول الله عز وجل: {أوزعني أن أشكر نعمتك} ). [شرح المفضليات: 320]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وتوزع تحبس وتكف على ما تخلف منها لأنها إذا لقيت الثور فرادى لم تقو وقتلها واحد بعد واحد وإذا اجتمعت أعان بعضها بعضا: ويقال توزع تغرى: قال النابغة الذبياني:
فكان ضمران منه حيث يوزعه = طعن المعارك عند المجحر النجد
يوزعه يغريه: يقال هو يوزع بالشيء إذا كان مولعا به ومنه قول الله جل وعز: {أوزعني أن أشكر نعمتك} ). [شرح المفضليات: 872]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 22 ذو الحجة 1439هـ/2-09-2018م, 08:07 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 22 ذو الحجة 1439هـ/2-09-2018م, 08:11 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 22 ذو الحجة 1439هـ/2-09-2018م, 08:16 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ولقد آتينا داود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون}
هذا ابتداء قصص فيه غيوب وعبر، وليس بمثال لقريش، وداود عليه السلام من بني إسرائيل وكان ملكا). [المحرر الوجيز: 6/524]

تفسير قوله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وورث سليمان عليه السلام ملكه ومنزلته من النبوة، بمعنى: صار ذلك إليه بعد موت أبيه، ويسمى ميراثا تجوزا، وهذا نحو قولهم: "العلماء ورثة الأنبياء"، وحقيقة الميراث في المال، والأنبياء لا تورث أموالهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنا معشر الأنبياء لا نورث، يريد به أن ذلك من فعل الأنبياء عليهم السلام وسيرتهم، وإن كان فيهم من ورث ماله كزكريا عليه السلام على أشهر الأقوال فيه، وهذا كما تقول: "إنا معشر المسلمين إنما شغلنا العبادة"، فالمراد أن ذلك فعل الأكثر، ومنه ما حكى سيبويه: "أنا معشر العرب أقرى الناس للضيف".
وقوله تعالى: {علمنا منطق الطير} إخبار بنعمة الله تبارك وتعالى عندهما في أن فهمهما من أصوات الطير المعاني التي في نفوسها، فهذا نحو ما كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يسمع أصوات الحجارة بالسلام، وسليمان عليه السلام حكى عن البلبل أنه قال: "أكلت نصف تمرة فعلى الدنيا العفاء"، إلى كثير من هذا النوع، وقال قتادة والشعبي وغيرهما: إنما كان هذا الأمر في الطير خاصة، والنملة طائر إذ قد يوجد لها الأجنحة، قال الشعبي: وكذلك كانت هذه القائلة ذات جناحين، وقالت فرقة: بل كان في جميع الحيوان، وإنما ذكر الطير لأنه كان جندا من جنود سليمان عليه السلام يحجب عنه الشمس، ويحتاجه في البعث في الأمور، فخص لكثرة مداخلته، ولأن أمر سائر
[المحرر الوجيز: 6/524]
الحيوان نادر وغير متردد ترداد أمر الطير. والنمل حيوان فطن قوي شمام جدا، يدخر القرى، ويشق الحب بقطعتين لئلا ينبت، ويشق الكزبرة بأربع قطع لأنها تنبت إذا قسمت نصفين، ويأكل في عامه نصف ما جمع ويستبقي سائره مدة.
وقوله تعالى: {وأوتينا من كل شيء} معناه: يصلح لنا ونتمناه، وليست على العموم. ثم ردد شكر الله تبارك وتعالى). [المحرر الوجيز: 6/525]

تفسير قوله تعالى: {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم قص تعالى حال سليمان فقال: {وحشر لسليمان} أي: جمع، واختلف الناس في مقدار جند سليمان عليه السلام اختلافا شديدا لم أرد ذكره لعدم صحته، غير أن الصحيح أن ملكه كان عظيما، ملأ الأرض، وانقادت له المعمورة كلها، وكان كرسيه يحمله أجناده من الجن والإنس، وكانت الطير تظله من الشمس، ويبعثها في الأمور، فكان له في الكرسي الأعظم موضع يخصه. و"يوزعون" معناه: يرد أولهم إلى آخرهم ويكفون، قال قتادة: فكان لكل صنف وزعة في رتبهم ومواضعهم من الكرسي ومن الأرض إذا مشوا فيها، -فرب وقت كان يسير فيه في الأرض-، ومنه قول الحسن البصري حين ولي قضاء البصرة: "لا بد للحاكم من وزعة"، ومنه قول أبي قحافة حين وصفت له الجارية في يوم الفتح أنها ترى سوادا أمامه فارس قد تقدم من الصف، فقال لها: ذاك الوازع، ومنه قول الشاعر:
على حين عاتبت المشيب على الصبا وقلت ألما أصح والشيب وازع؟
أي: كاف). [المحرر الوجيز: 6/525]

تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون فتبسم ضاحكا من قولها وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين}
ظاهر هذه الآية أن سليمان عليه السلام وجنوده كانوا مشاة في الأرض، ولذلك يتفق حطم النمل [بنزولهم في وادي النمل]، ويحتمل أنهم كانوا في الكرسي المحمول بالريح، وأحست النمل بنزولهم في واد النمل [ووادي النمل قيل: بالشام، وقيل بأقصى اليمن، وهو معروف عند العرب مذكور في أشعارها].
وأمال أبو عمرو الواو من "وادي"، والجميع فخم، وبالإمالة قرأ ابن أبي إسحاق. وقرأ المعتمر بن سليمان عن أبيه: "النمل" بضم الميم كالشمس، و[قالت نملة] أيضا بالضم كسمرة، وروي عنه أيضا ضم النون والميم من "النمل". وقال نوف البكالي: كان ذلك النمل على قدر الذباب، وقالت فرقة: بل كانت صغارا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والذي يقال في هذا أن النمل كانت نسبتها من هذا الخلق نسبة هذا النمل منا، فيحتمل أن كان الخلق كله أكمل. وهذه النملة قالت هذا المعنى -الذي لا يصلح له إلا هذه العبارة- قولا فهمه عنها النمل، فسمعه سليمان عليه السلام على بعده، وجاءت المخاطبة كمن يعقل، لأنها أمرتهم بما يؤمر به من يعقل، وروي أنه كان على ثلاثة
[المحرر الوجيز: 6/526]
أميال فتبسم من قولها. والتبسم ضحك الأنبياء في غالب أمرهم، لا يليق بهم سواه.
وكان ضحكه سرورا، واختلف بم؟، فقالت فرقة: بنعمة الله تبارك وتعالى في إسماعه وتفهمه ونحو ذلك، وقالت فرقة: بنبأ النملة عليه وعلى جنوده في أن نفت عنهم تعمد القبيح من الفعل، فجعلت الحطم وهم لا يشعرون.
وقرأ شهر بن حوشب: "مسكنكم" بسكون السين على الإفراد، وفي مصحف أبي رضي الله عنه "مساكنكن". وقرأ جمهور القراء: "لا يحطمنكم" بشد النون وسكون الحاء، وقرأ أبو عمرو وفي رواية عبيدة: "لا يحطمنكم" بسكون النون، وهي قراءة ابن أبي إسحاق، وقرأ الحسن، وأبو رجاء: "لا يحطمنكم" بضم الياء وفتح الحاء وكسر الطاء وشدها وشد النون، وعنه أيضا "لا يحطمنكم" بفتح الياء وكسر الحاء والطاء وشدها، وقرأ الأعمش وطلحة: "لا يحطمكم" مخففة بغير نون، وفي مصحف أبي بن كعب "لا يحطمنكم" مخففة النون التي قبل الكاف). [المحرر الوجيز: 6/527]

تفسير قوله تعالى: {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والذي يقال في هذا أن النمل كانت نسبتها من هذا الخلق نسبة هذا النمل منا، فيحتمل أن كان الخلق كله أكمل. وهذه النملة قالت هذا المعنى -الذي لا يصلح له إلا هذه العبارة- قولا فهمه عنها النمل، فسمعه سليمان عليه السلام على بعده، وجاءت المخاطبة كمن يعقل، لأنها أمرتهم بما يؤمر به من يعقل، وروي أنه كان على ثلاثة
[المحرر الوجيز: 6/526]
أميال فتبسم من قولها. والتبسم ضحك الأنبياء في غالب أمرهم، لا يليق بهم سواه.
وكان ضحكه سرورا، واختلف بم؟، فقالت فرقة: بنعمة الله تبارك وتعالى في إسماعه وتفهمه ونحو ذلك، وقالت فرقة: بنبأ النملة عليه وعلى جنوده في أن نفت عنهم تعمد القبيح من الفعل، فجعلت الحطم وهم لا يشعرون). [المحرر الوجيز: 6/527] (م)
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و "ضاحكا" نصب على الحال، وقرأ محمد بن السميفع: "ضحكا"، وهو نصب على المصدر [بفعل محذوف يدل عليه"تبسم"، كأنه قال: "ضحك ضحكا"، وهذا مذهب صاحب الكتاب، أو يكون منصوبا بنفس "تبسم" لأنه في معنى (ضحك)].
ثم دعا سليمان -عليه السلام- ربه في أن يعينه الله تعالى ويفرغه لشكر نعمته، وهذا هو معنى إيزاع الشكر. وباقي الآية بين). [المحرر الوجيز: 6/527]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 18 محرم 1440هـ/28-09-2018م, 10:05 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 18 محرم 1440هـ/28-09-2018م, 10:07 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولقد آتينا داوود وسليمان علمًا وقالا الحمد للّه الّذي فضّلنا على كثيرٍ من عباده المؤمنين (15) وورث سليمان داوود وقال يا أيّها النّاس علّمنا منطق الطّير وأوتينا من كلّ شيءٍ إنّ هذا لهو الفضل المبين (16) وحشر لسليمان جنوده من الجنّ والإنس والطّير فهم يوزعون (17) حتّى إذا أتوا على واد النّمل قالت نملةٌ يا أيّها النّمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنّكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون (18) فتبسّم ضاحكًا من قولها وقال ربّ أوزعني أن أشكر نعمتك الّتي أنعمت عليّ وعلى والديّ وأن أعمل صالحًا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصّالحين (19) }
يخبر تعالى عمّا أنعم به على عبديه ونبيّيه داود وابنه سليمان، عليهما من اللّه السّلام، من النّعم الجزيلة، والمواهب الجليلة، والصّفات الجميلة، وما جمع لهما بين سعادة الدّنيا والآخرة، والملك والتّمكين التّامّ في الدّنيا، والنّبوّة والرّسالة في الدّين؛ ولهذا قال: {ولقد آتينا داود وسليمان علمًا وقالا الحمد للّه الّذي فضّلنا على كثيرٍ من عباده المؤمنين}.
قال ابن أبي حاتمٍ: ذكر عن إبراهيم بن يحيى بن تمّامٍ: أخبرني أبي، عن جدّي قال: كتب عمر بن عبد العزيز: إنّ اللّه لم ينعم على عبد نعمةً فحمد اللّه عليها، إلّا كان حمده أفضل من نعمته، لو كنت لا تعرف ذلك إلّا في كتاب اللّه المنزّل؛ قال اللّه تعالى: {ولقد آتينا داود وسليمان علمًا وقالا الحمد للّه الّذي فضّلنا على كثيرٍ من عباده المؤمنين}، وأيّ نعمةٍ أفضل مما أوتي داود وسليمان، عليهما السّلام؟).[تفسير ابن كثير: 6/ 181-182]

تفسير قوله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وورث سليمان داود} أي: في الملك والنّبوّة، وليس المراد وراثة المال؛ إذ لو كان كذلك لم يخصّ سليمان وحده من بين سائر أولاد داود، فإنّه قد كان لداود مائة امرأةٍ. ولكنّ المراد بذلك وراثة الملك والنّبوّة؛ فإنّ الأنبياء لا تورّث أموالهم، كما أخبر بذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم [في قوله]: نحن معشر الأنبياء لا نورّث، ما تركناه صدقةٌ .
وقوله: {يا أيّها النّاس علّمنا منطق الطّير وأوتينا من كلّ شيءٍ}، أي: أخبر سليمان بنعم اللّه عليه، فيما وهبه له من الملك التّامّ، والتّمكين العظيم، حتّى إنّه سخّر له الإنس والجنّ والطّير. وكان يعرف لغة الطّير والحيوان أيضًا، وهذا شيءٌ لم يعطه أحدٌ من البشر -فيما علمناه -ممّا أخبر اللّه به ورسوله. ومن زعم من الجهلة والرّعاع أنّ الحيوانات كانت تنطق كنطق بني آدم قبل سليمان بن داود -كما يتفوّه به كثيرٌ من النّاس -فهو قولٌ بلا علمٍ. ولو كان الأمر كذلك لم يكن لتخصيص سليمان بذلك فائدةٌ؛ إذ كلّهم يسمع كلام الطّيور والبهائم، ويعرف ما تقول، فليس الأمر كما زعموا ولا كما قالوا، بل لم تزل البهائم والطّيور وسائر المخلوقات من وقت خلقت إلى زماننا هذا على هذا الشّكل والمنوال. ولكنّ اللّه، سبحانه وتعالى، كان قد أفهم سليمان، عليه السّلام، ما يتخاطب به الطّيور في الهواء، وما تنطق به الحيوانات على اختلاف أصنافها؛ ولهذا قال: {علّمنا منطق الطّير وأوتينا من كلّ شيءٍ} أي: ممّا يحتاج إليه الملك، {إنّ هذا لهو الفضل المبين} أي: الظّاهر البيّن للّه علينا.
قال الإمام أحمد: حدّثنا قتيبة، حدّثنا يعقوب بن عبد الرّحمن، عن عمرو بن أبي عمرٍو، عن المطّلب، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "كان داود، عليه السّلام، فيه غيرةٌ شديدةٌ، فكان إذا خرج أغلقت الأبواب، فلم يدخل على أهله أحدٌ حتّى يرجع". قال: "فخرج ذات يومٍ وأغلقت الأبواب، فأقبلت امرأته تطّلع إلى الدّار، فإذا رجلٌ قائمٌ وسط الدّار، فقالت لمن في البيت: من أين دخل هذا الرّجل، والدّار مغلقةٌ؟ واللّه لنفتضحنّ بداود، فجاء داود، عليه السّلام، فإذا الرّجل قائمٌ وسط الدّار، فقال له داود: من أنت؟ قال: الّذي لا يهاب الملوك، ولا يمتنع من الحجّاب. فقال داود: أنت واللّه إذًا ملك الموت. مرحبًا بأمر اللّه، فتزمّل داود، عليه السّلام، مكانه حتّى قبضت نفسه، حتّى فرغ من شأنه وطلعت عليه الشّمس، فقال سليمان، عليه السّلام، للطّير: أظلّي على داود، فأظلّت عليه الطّير حتى أظلمت عليهما الأرض، فقال لها سليمان: اقبضي جناحًا جناحًا" قال أبو هريرة: يا رسول اللّه، كيف فعلت الطّير؟ فقبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يده، وغلبت عليه يومئذٍ المضرحية .
قال أبو الفرج بن الجوزيّ: المضرحيّة النّسور الحمر). [تفسير ابن كثير: 6/ 182-183]

تفسير قوله تعالى: {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله تعالى: {وحشر لسليمان جنوده من الجنّ والإنس والطّير فهم يوزعون} أي: وجمع لسليمان جنوده من الجنّ والإنس والطّير يعني: ركب فيهم في أبّهةٍ وعظمةٍ كبيرةٍ في الإنس، وكانوا هم الّذين يلونه، والجنّ وهم بعدهم [يكونون] في المنزلة، والطّير ومنزلتها فوق رأسه، فإن كان حرًّا أظلّته منه بأجنحتها.
وقوله: {فهم يوزعون} أي: يكفّ أوّلهم على آخرهم؛ لئلّا يتقدّم أحدٌ عن منزلته الّتي هي مرتبةٌ له.
قال مجاهدٌ: جعل على كلّ صنفٍ وزعةً، يردّون أولاها على أخراها، لئلّا يتقدّموا في المسير، كما يفعل الملوك اليوم). [تفسير ابن كثير: 6/ 183]

تفسير قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {حتّى إذا أتوا على وادي النّمل} أي: حتّى إذا مرّ سليمان، عليه السّلام، بمن معه من الجيوش والجنود على وادي النّمل، {قالت نملةٌ يا أيّها النّمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنّكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون}.
أورد ابن عساكر، من طريق إسحاق بن بشرٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة، عن الحسن: أنّ اسم هذه النّملة حرس، وأنّها من قبيلةٍ يقال لهم: بنو الشّيصان، وأنّها كانت عرجاء، وكانت بقدر الذّيب.
أي: خافت على النّمل أن تحطمها الخيول بحوافرها، فأمرتهم بالدّخول إلى مساكنها ففهم ذلك سليمان، عليه السّلام، منها). [تفسير ابن كثير: 6/ 183]

تفسير قوله تعالى: {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فتبسّم ضاحكًا من قولها وقال ربّ أوزعني أن أشكر نعمتك الّتي أنعمت عليّ وعلى والديّ وأن أعمل صالحًا ترضاه} أي: ألهمني أن أشكر نعمتك الّتي مننت بها عليّ، من تعليمي منطق الطّير والحيوان، وعلى والديّ بالإسلام لك، والإيمان بك، {وأن أعمل صالحًا ترضاه} أي: عملًا تحبّه وترضاه، {وأدخلني برحمتك في عبادك الصّالحين} أي: إذا توفّيتني فألحقني بالصّالحين من عبادك، والرّفيق الأعلى من أوليائك.
ومن قال من المفسّرين: إنّ هذا الوادي كان بأرض الشّام أو بغيره، وإنّ هذه النّملة كانت ذات جناحين كالذّباب، أو غير ذلك من الأقاويل، فلا حاصل لها.
وعن نوف البكاليّ أنّه قال: كان نمل سليمان أمثال الذّئاب. هكذا رأيته مضبوطًا بالياء المثنّاة من تحتٍ. وإنّما هو بالباء الموحّدة، وذلك تصحيفٌ، واللّه أعلم.
والغرض أنّ سليمان، عليه السّلام، فهم قولها، وتبسّم ضاحكًا من ذلك، وهذا أمرٌ عظيمٌ جدًّا.
وقد قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، حدّثنا يزيد بن هارون، أنبأنا مسعر، عن زيدٍ العمّي، عن أبي الصّديق النّاجيّ قال: خرج سليمان عليه السّلام، يستسقي، فإذا هو بنملةٍ مستلقيةٍ على ظهرها، رافعةً قوائمها إلى السّماء، وهي تقول: اللّهمّ، إنّا خلقٌ من خلقك، ولا غنى بنا عن سقياك، وإلّا تسقنا تهلكنا. فقال سليمان عليه السّلام: ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم.
وقد ثبت في الصّحيح -عند مسلمٍ -من طريق عبد الرّزّاق، عن معمر، عن همّامٍ، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم [قال] قرصت نبيًّا من الأنبياء نملةٌ، فأمر بقرية النّمل فأحرقت، فأوحى اللّه إليه، أفي أن قرصتك نملةٌ أهلكت أمّةً من الأمم تسبّح؟ فهلّا نملةً واحدةً! "). [تفسير ابن كثير: 6/ 183-184]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:55 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة