العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الأعراف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16 ربيع الثاني 1434هـ/26-02-2013م, 10:42 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير سورة الأعراف [ من الآية (57) إلى الآية (58) ]

{وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (57) وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ (58)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21 ربيع الثاني 1434هـ/3-03-2013م, 11:27 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (57)}

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (قال ابن عبّاسٍ: ... (نشرًا) : «متفرّقةً» ). [صحيح البخاري: 6/ 58]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله: {نشرًا}؛ متفرّقةً تقدّم في بدء الخلق). [فتح الباري: 8/ 300]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (نشرا متفرّقةً
أشار به إلى قوله تعالى: {وهو الّذي يرسل الرّياح نشرا} وفسّر نشرا بقوله: متفرّقة وفن التّفسير: النشر جمع نشور وهي الرّيح الطّيبة الهبوب تهب من كل ناحية وجانب، وقيل: النشور بمعنى المنشور كالركوب بمعنى المركوب، وقال ابن الأنباري: النشر المنتشرة الواسعة الهبوب أرسلها الله منشورة بعد انطوائها). [عمدة القاري: 18/ 234]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وقوله: {الرياح} {نشرًا} بالنون المضمومة أي (متفرقة) قيل لا تقع قطرة من الغيث إلا بعد عمل أربع رياح: الصباح تهيج السحاب، والشمال تجمعه، والجنوب تدره، والدبور تفرّقه). [إرشاد الساري: 7/ 125]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وهو الّذي يرسل الرّياح بشرًا بين يدي رحمته حتّى إذا أقلّت سحابًا ثقالاً سقناه لبلدٍ ميّتٍ فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كلّ الثّمرات كذلك نخرج الموتى لعلّكم تذكّرون}.
يقول تعالى ذكره: إنّ ربّكم الّذي خلق السّموات والأرض والشّمس والقمر والنّجوم مسخّراتٍ بأمره هو الّذي يرسل الرّياح نشرًا بين يدي رحمته.
والنّشر بفتح النّون وسكون الشّين في كلام العرب من الرّياح الطّيّبة اللّيّنة الهبوب الّتي تنشئ السّحاب، وكذلك كلّ ريحٍ طيّبةٍ عندهم فهي نشرٌ، ومنه قول امرئ القيس:
كأنّ المدام وصوب الغمام ....... وريح الخزامى ونشر القطر
وبهذه القراءة قرأ ذلك عامّة قرّاء الكوفيّين خلا عاصم بن أبي النّجود، فإنّه كان يقرؤه: {بشرًا} على اختلافٍ عنه فيه، فروى ذلك بعضهم عنه: {بشرًا} بالباء وضمّها وسكون الشّين، وبعضهم بالباء وضمّها وضمّ الشّين، وكان يتأوّل في قراءته ذلك كذلك قوله: {ومن آياته أن يرسل الرّياح مبشّراتٍ}: تبشّر بالمطر، وأنّه جمع بشيرٍ بشرًا، كما يجمع النّذير نذرًا.
وأمّا قرّاء المدينة وعامّة المكّيّين والبصريّين، فإنّهم قرءوا ذلك: (وهو الّذي يرسل الرّياح نشرًا) بضمّ النّون والشّين، بمعنى جمع نشورٍ جمع نشرًا، كما يجمع الصّبور صبرًا، والشّكور شكرًا.
وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يقول: معناها إذا قرئت كذلك أنّها الرّيح الّتي تهبّ من كلّ ناحيةٍ وتجيء من كلّ وجهٍ.
وكان بعضهم يقول: إذا قرئت بضمّ النّون فينبغي أن تسكّن شينها، لأنّ ذلك لغةً بمعنى النّشر بالفتح، وقال: العرب تضمّ النّون من النّشر أحيانًا، وتفتح أحيانًا بمعنى واحدٍ. قال: فاختلاف القرّاء في ذلك على قدر اختلافها في لغتها فيه. وكان يقول: هو نظير الخسف والخسف بفتح الخاء وضمّها.
والصّواب من القول في ذلك أن يقال: إنّ قراءة من قرأ ذلك (نشرًا) و(نشرًا) بفتح النّون وسكون الشّين وبضمّ النّون والشّين، قراءتان مشهورتان في قراءة الأمصار، وأمّا قراءة الباء فلا أحبّ القراءة بها، وإن كان لها معنًى صحيحٌ ووجهٌ مفهومٌ في المعنى والإعراب كما ذكرنا من العلّة.
وأمّا قوله: {بين يدي رحمته}، فإنّه يقول: قدّام رحمته وأمامها، والعرب كذلك تقول لكلّ شيءٍ حدث قدّام شيءٍ وأمامه جاء بين يديه، لأنّ ذلك من كلامهم جرى في أخبارهم عن بني آدم، وكثر استعماله فيهم حتّى قالوا ذلك في غير ابن آدم وما لا يد له.
والرّحمة الّتي ذكرها جلّ ثناؤه في هذا الموضع المطر.
فمعنى الكلام إذن: واللّه الّذي يرسل الرّياح ليّنًا هبوبها، طيّبًا نسيمها، أمام غيثه الّذي يسوقه بها إلى خلقه، فينشئ بها سحابًا ثقالاً، حتّى إذا أقلّتها، والإقلال بها: حملها، كما يقال: استقلّ البعير بحمله وأقلّه: إذا حمله فقام به. ساقه اللّه لإحياء بلدٍ ميّتٍ قد تعفّت مزارعه ودرست مشاربه وأجدب أهله، فأنزل به المطر وأخرج به من كلّ الثّمرات.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: (وهو الّذي يرسل الرّياح نشرًا بين يدي رحمته) إلى قوله: {لعلّكم تذكّرون} قال: إنّ اللّه يرسل الرّيح فتأتي بالسّحاب من بين الخافقين طرف السّماء والأرض من حيث يلتقيان، فيخرجه من ثمّ، ثمّ ينشره فيبسطه في السّماء كيف يشاء، ثمّ يفتح أبواب السّماء، فيسيل الماء على السّحاب، ثمّ يمطر السّحاب بعد ذلك. وأمّا رحمته: فهو المطر.
وأمّا قوله: {كذلك نخرج الموتى لعلّكم تذكّرون}، فإنّه يقول تعالى ذكره: كما نحيي هذا البلد الميّت بما ننزل به من الماء الّذي ننزله من السّحاب، فنخرج به من الثّمرات بعد موته وجدوبته وقحوط أهله، كذلك نخرج الموتى من قبورهم أحياء بعد فنائهم ودروس آثارهم {لعلّكم تذكّرون}، يقول تعالى ذكره للمشركين به من عبدة الأصنام، المكذّبين بالبعث بعد الممات، المنكرين للثّواب والعقاب: ضربت لكم أيّها القوم هذا المثل الّذي ذكرت لكم من إحياء البلد الميّت بقطر المطر الّذي يأتي به السّحاب، الّذي تنشره الرّياح الّتي وصفت صفتها، لتعتبروا فتذكّروا وتعلموا أنّ من كان ذلك من قدرته فيسير في إحياء الموتى بعد فنائها وإعادتها خلقًا سويًّا بعد دروسها.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: {كذلك نخرج الموتى لعلّكم تذكّرون} وكذلك تخرجون، وكذلك النّشور، كما نخرج الزّرع بالماء.
وقال أبو هريرة: إنّ النّاس إذا ماتوا في النّفخة الأولى أمطر عليهم من ماءٍ تحت العرش يدعى ماء الحيوان أربعين سنةً، فينبتون كما ينبت الزّرع من الماء، حتّى إذا استكملت أجسامهم نفخ فيهم الرّوح، ثمّ يلقى عليهم نومةٌ، فينامون في قبورهم، فإذا نفخ في الصّور الثّانية، عاشوا وهم يجدون طعم النّوم في رءوسهم وأعينهم، كما يجد النّائم حين يستيقظ من نومه، فعند ذلك يقولون: {يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا}، فناداهم المنادي: {هذا ما وعد الرّحمن وصدق المرسلون}.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {كذلك نخرج الموتى}، قال: تمطر السّماء حتّى تتشقّق عنهم الأرض.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثني أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {كذلك نخرج الموتى} قال: إذا أراد اللّه أن يخرج الموتى أمطر السّماء حتّى تتشقّق عنهم الأرض، ثمّ يرسل الأرواح فتعود كلّ روحٍ إلى جسدها، فكذلك يحيي اللّه الموتى بالمطر كإحيائه الأرض). [جامع البيان: 10/ 251-256]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({وهو الّذي يرسل الرّياح بشرًا بين يدي رحمته حتّى إذا أقلّت سحابًا ثقالًا سقناه لبلدٍ ميّتٍ فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كلّ الثّمرات كذلك نخرج الموتى لعلّكم تذكّرون (57)}
قوله تعالى: {وهو الّذي يرسل الرّياح}
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ فيما كتب إليّ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قوله: وهو الّذي يرسل الرّياح بشرًا قال: إنّ اللّه يرسل الرّياح فتأتي بالسّحاب من بين الخافقين طرف السّماء والأرض من حيث يلتقيان، فيخرجه من ثمّ، ثمّ ينشره فيبسطه في السّماء كيف يشاء، ثمّ يفتح أبواب السّماء ليسيل الماء على السّحاب، ثمّ يمطر السّحاب بعد ذلك.
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، ثنا إسماعيل بن عبد الكريم، حدّثني إسحاق ابن محمّدٍ المسيّبيّ، عن نافع بن عبد الرّحمن بن أبي نعيمٍ، عن جماعةٍ من التّابعين، عن ابن كعبٍ رضي اللّه عنه قال: كلّ شيءٍ في القرآن من الرّياح فهي رحمةٌ، وكلّ شيءٍ في القرآن من الرّيح فهو عذابٌ.
قوله تعالى: {بشرًا بين يدي رحمته}
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجاب بن الحارث، أنبأ بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {وهو الّذي يرسل الرّياح بشرًا بين يدي رحمته}؛ قال: فيستبشر بها النّاس.
- ذكر عبيد اللّه بن إسماعيل، ثنا خلفٌ، ثنا الخفّاف، عن إسماعيل قال: كان عبد اللّه اليماميّ، يقرؤها بشرٌ من قبل مبشّراتٍ.
قوله تعالى: {بين يدي رحمته}
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ فيما كتب إليّ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: {بين يدي رحمته}؛ وأمّا رحمته فهو المطر.
قوله تعالى: {حتّى إذا أقلّت سحابًا ثقالاً سقناه ... الآية}.
- حدّثنا أبي، ثنا سليمان بن حربٍ، ثنا حمّاد بن يزيد، عن عبد الجليل، عن شهر بن حوشبٍ، أنّ أبا هريرة رضي اللّه عنه قال: ما نزل مطرٌ إلا بميزانٍ.
- حدّثنا أبي، ثنا محمود بن غيلان، ثنا عليّ بن الحسن بن شقيقٍ، ثنا الحسين بن واقدٍ، ثنا علياء بن أحمر، عن عكرمة قال: ينزل اللّه الماء من السّماء السّابعة فتقع القطرة منه على السّحابة مثل البعير.
قوله تعالى: {فأخرجنا به من كلّ الثّمرات}
- حدّثنا أبي، ثنا أبو الأشعث، ثنا معتمرٌ قال: سمعت أبي، عن سيّارٍ، عن خالد بن يزيد قال: كنّا عند عبد الملك بن مروان فذكروا الماء، فقال خالد بن يزيد: منه من السّماء، ومنه ممّا يسقيه الغيم من البحر فيعذبه الرّعد والبرق، وأمّا ما كان من البحر فلا يكون له نباتٌ، وأمّا النّبات فممّا كان من السّماء.
قوله تعالى: {كذلك نخرج الموتى لعلّكم تذكّرون}
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: {كذلك نخرج الموتى}؛ نمطر السّماء حتّى تشقّق عنهم الأرض.
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ كتابةً، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: {كذلك نخرج الموتى لعلّكم تذكّرون} وكذلك تخرجون، وكذلك النّشور كما يخرج الزّرع بالماء). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1501-1503]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: {كذلك نخرج الموتى}؛ يعني نمطر السماء حتى تشقق عنهم الأرض).[تفسير مجاهد: 238]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : ( أخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ: {وهو الذي يرسل الرياح} على الجماع (بشرا) خفيفة بالباء.
- وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في الآية قال: إن الله يرسل الريح فتأتي بالسحاب من بين الخافقين - طرف السماء والأرض من حيث يلتقيان - فيخرجه من ثم ثم ينشره فيبسطه في السماء كيف يشاء ثم يفتح أبواب السماء فيسيل الماء على السحاب ثم يمطر السحاب بعد ذلك.
- وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: {بشرا بين يدي رحمته}؛ قال: يستبشر بها الناس.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن اليماني أنه كان يقرأها: {بشرا}؛ من قبل مبشرات.
- وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {بين يدي رحمته}
قال: هو المطر، وفي قوله: {كذلك نخرج الموتى}، قال: وكذلك تخرجون كذلك النشور كما يخرج الزرع بالماء.
- وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {كذلك نخرج الموتى}، قال: إذا أراد الله أن يخرج الموتى تمطر الماء حتى تشقق الأرض ثم يرسل الأرواح فيهوي كل روح إلى جسده فكذلك يحيي الله الموتى بالمطر كإحيائه الأرض). [الدر المنثور: 6/ 430-432]

تفسير قوله تعالى: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ (58)}
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى: {والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا}، قال: هذا مثل ضربه الله تعالى في المؤمن والكافر). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 230]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (قال ابن عبّاسٍ: ... {نكدًا} : «قليلًا» ). [صحيح البخاري: 6/ 58]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله: نكدًا قليلًا قال أبو عبيدة في قوله تعالى: {والّذي خبث لا يخرج إلا نكدا}؛ أي قليلًا عسرًا في شدّةٍ قال الشّاعر: لا تنجز الوعد إن وعدت وإن أعطيت أعطيت تافها نكدا وروى بن أبي حاتمٍ من طريق السّدّيّ قال النّكد الشّيء القليل الّذي لا ينفع). [فتح الباري: 8/ 299]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (نكدا قليلاً
أشار به إلى قوله تعالى: {والّذي خبث لا يخرج إلاّ نكدا} وفسّر قوله: نكدا بقوله: قليلا وفسره أبو عبيدة بقوله: قليلا عسرا في شدّة، وروى ابن أبي حاتم من طريق السّديّ. قال: النكد الشّيء القليل الّذي لا ينفع). [عمدة القاري: 18/ 234]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (وقوله: {والذي خبث لا يخرج إلا} {نكدًا} أي (قليلًا) عديم النفع ونصبه على الحال وتقدير الكلام والبلد الذي خبث لا يخرج نباته إلا نكدًا فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه فصار مرفوعًا مستترًا وهذا مثل من يسمع الآيات وينتفع بها ومن لا يرفع رأسه ولم يتأثر بالمواعظ). [إرشاد الساري: 7/ 125]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {والبلد الطّيّب يخرج نباته بإذن ربّه والّذي خبث لا يخرج إلاّ نكدًا كذلك نصرّف الآيات لقومٍ يشكرون}.
يقول تعالى ذكره: والبلد الطّيّبة تربته العذبة مشاربه، يخرج نباته إذا أنزل اللّه الغيث وأرسل عليه الحيا بإذنه طيّبًا ثمره في حينه ووقته. {والّذي خبث} فردؤت تربته وملحت مشاربه، {لا يخرج} نباته {إلاّ نكدًا} يقول: إلاّ عسرًا في شدّةٍ.
كما قال الشّاعر:
لا تنجز الوعد إن وعدت وإن ....... أعطيت أعطيت تافهًا نكدا
يعني بالتّافه: القليل، وبالنّكد، العسر، يقال منه: نكد ينكد نكدًا ونكدًا، فهو نكدٌ ونكدٌ، والنّكد المصدر، ومن أمثالهم نكدًا وجحدًا ونكدًا وجحدًا، والجحد: الشّدّة والضّيق، ويقال إذا شفه وسئل قد نكدوه ينكدونه نكدًا، كما قال الشّاعر:
وأعط ما أعطيته طيّبًا ....... لا خير في المنكود والنّاكد
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأه بعض أهل المدينة: (إلاّ نكدًا) بفتح الكاف.
وقرأه بعض الكوفيّين بسكون الكاف: (نكدًا).
وخالفهما بعض سائر القرّاء في الأمصار، فقرءوه: {إلاّ نكدًا} بكسر الكاف.
وكأنّ من قرأه: (نكدًا) بنصب الكاف أراد المصدر، وكأنّ من قرأه بسكون الكاف أراد كسرها فسكّنها على لغة من قال: هذه فخذٌ وكتدٌ، وكان الّذي يجب عليه إذا أراد ذلك أن يكسر النّون من (نكدٍ) حتّى يكون قد أصاب القياس.
والصّواب من القراءة في ذلك عندنا قراءة من قرأه: {نكدًا} بفتح النّون وكسر الكاف لإجماع الحجّة من قرّاء الأمصار عليه.
وقوله: {كذلك نصرّف الآيات لقومٍ يشكرون} يقول: كذلك نبيّن آيةً بعد آيةٍ، وندلي بحجّةٍ بعد حجّةٍ، ونضرب مثلاً بعد مثلٍ، لقومٍ يشكرون اللّه على إنعامه عليهم بالهداية وتبصيره إيّاهم سبيل أهل الضّلالة، باتّباعهم ما أمرهم باتّباعه وتجنّبهم ما أمرهم بتجنّبه من سبل الضّلالة. وهذا مثلٌ ضربه اللّه للمؤمن والكافر، فالبلد الطّيّب الّذي يخرج نباته بإذن ربّه مثلٌ للمؤمن، والّذي خبث فلا يخرج نباته إلاّ نكدًا مثلٌ للكافر.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {والبلد الطّيّب يخرج نباته بإذن ربّه والّذي خبث لا يخرج إلاّ نكدًا} فهذا مثلٌ ضربه اللّه للمؤمن يقول: هو طيّبٌ وعمله طيّبٌ، كما البلد الطّيّب ثمره طيّبٌ. ثمّ ضرب مثل الكافر كالبلدة السّبخة المالحة الّتي لا تخرج منها البركة، فالكافر هو الخبيث وعمله خبيثٌ.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {والبلد الطّيّب} {والّذي خبث} قال: كلّ ذلك من أرض السّباخ وغيرها مثل آدم وذرّيّته، فيهم طيّبٌ وخبيثٌ.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، بنحوه.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {والبلد الطّيّب يخرج نباته بإذن ربّه والّذي خبث لا يخرج إلاّ نكدًا}، قال: هذا مثلٌ ضربه اللّه في الكافر والمؤمن.
- حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد يعني ابن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {والبلد الطّيّب يخرج نباته بإذن ربّه والّذي خبث} هي السّبخة، {لا يخرج} نباتها، {إلاّ نكدًا} والنّكد: الشّيء القليل الّذي لا ينفع، كذلك القلوب لمّا نزل القرآن، فالقلب المؤمن لمّا دخله القرآن آمن به، وثبّت الإيمان فيه، والقلب الكافر لمّا دخله القرآن لم يتعلّق منه بشيءٍ ينفعه، ولم يثبت فيه من الإيمان شيءٌ إلاّ ما لا ينفع، كما لم يخرج هذا البلد إلاّ ما لا ينفع من النّبات.
- حدّثني الحرث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا أبو سعدٍ، عن مجاهدٍ: {والبلد الطّيّب يخرج نباته بإذن ربّه والّذي خبث لا يخرج إلاّ نكدًا}، قال: الطّيّب ينفعه المطر فينبت، والّذي خبث السّباخ لا ينفعه المطر لا يخرج نباته إلاّ نكدًا، قال: هذا مثلٌ ضربه اللّه لآدم وذرّيّته كلّهم، إنّما خلقوا من نفسٍ واحدةٍ، فمنهم من آمن باللّه وكتابه فطاب، ومنهم من كفر باللّه وكتابه فخبث). [جامع البيان: 10/ 256-259]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({والبلد الطّيّب يخرج نباته بإذن ربّه والّذي خبث لا يخرج إلّا نكدًا كذلك نصرّف الآيات لقومٍ يشكرون (58)}
قوله تعالى: {والبلد الطّيّب يخرج نباته بإذن ربّه}
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ كاتب اللّيث، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أى طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: {والبلد الطّيّب يخرج نباته بإذن ربّه}، فهذا مثلٌ ضربه اللّه للمؤمنين يقول: هو طيّبٌ وعمله طيّبٌ كما أنّ البلد الطّيّب ثمرها طيّبٌ.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: {والبلد الطّيّب}، والّذي خبث كلّ ذلك من الأرض السّباخ وغيرها مثل آدم وذرّيّته كلّهم منهم الخبيث ومنهم الطّيّب.
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ فيما كتب إليّ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: {والبلد الطّيّب يخرج نباته بإذن ربّه} فذلك مثلٌ ضربه اللّه يقولون ينزل الماء فيخرج البلد الطّيّب نباته بإذن اللّه، فكذلك القلوب لمّا نزل القرآن فالقلب المؤمن آمن به وثبت الإيمان في قلبه، وقلب الكافر لمّا دخله الإيمان لم يتعلّق منه شيءٌ ينفعه ولم يثبت فيه من الإيمان شيءٌ إلا ما لا ينفع، كما لم يخرج هذا البلد إلا ما لم ينفع من النّبات.
قوله تعالى: {بإذن ربّه}
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن العلا، ثنا عثمان بن سعيدٍ، ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ بإذن اللّه يقول: بأمر الله.
قوله تعالى: {والّذي خبث لا يخرج إلا نكدًا}
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاس: قوله تعالى:{ والّذي خبث لا يخرج إلا نكدًا}؛ يقول: ضرب مثل للكافر كالبلد السّبخة المالحة الّتي لا يخرج منه البركة، والكافر هو الخبيث وعمله خبيثٌ.
قوله تعالى: {إلا نكدًا}
- أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ فيما كتب إليّ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {لا يخرج إلا نكدًا}، والنّكد مفضلٌ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ لا يخرج إلا نكدًا والنّكد الشّيء القليل الّذي لا ينفع.
قوله تعالى: {كذلك نصرّف الآيات لقومٍ يشكرون}
- قرئ على يونس بن عبد الأعلى أنبأ ابن وهبٍ، أخبرني حيوة بن شريحٍ، عن زهرة بن معبدٍ القرشيّ، أنّه سمع أبا عبد الرّحمن الحبليّ يقول: الصّلاة شكرٌ والصّيام شكرٌ، وكلّ خيرٍ تفعله للّه شكرٌ، وأفضل الشّكر الحمد). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 1503-1504]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد: البلد الطيب والذي خبث كل ذلك من الأرض السباخ وغيرها مثل بني آدم منهم الخبيث والطيب).[تفسير مجاهد: 239]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {والبلد الطيب} الآية، قال: هذا مثل ضربه الله للمؤمن يقول: هو طيب وعمله طيب كما أن البلد الطيب ثمرها طيب والذي خبث ضرب مثلا للكافر كالبلد السبخة المالحة التي لا يخرج منها البركة والكافر هو الخبيث وعمله خبيث.
- وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث} قال: كل ذلك في الأرض السباخ وغيرها مثل آدم وذريته فيهم طيب وخبيث.
- وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: {والبلد الطيب}، قال: هذا مثل المؤمن سمع كتاب الله فوعاه وأخذ به وعمل به وانتفع به كمثل هذه الأرض أصابها الغيث فأنبتت وأمرعت {والذي خبث}، قال: هذا مثل الكافر لم يعقل القرآن ولم يعمل به ولم يأخذ به ولم ينتفع فهو كمثل الأرض الخبيثة أصابها الغيث فلم تنبت شيئا ولم تمرع.
- وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في الآية قال: هذا مثل ضربه للقلوب يقول: ينزل الماء فيخرج البلد الطيب نباته بإذن الله {والذي خبث} هي السبخة لا يخرج نباتها إلا نكدا فكذلك القلوب لما نزل القرآن بقلب المؤمن آمن به وثبت الإيمان في قلبه وقلب الكافر لما دخله القرآن لم يتعلق منه بشيء ينفعه ولم يثبت فيه من الإيمان شيء إلا ما لا ينفعه كما لم يخرج هذا البلد إلا ما لم ينفع من النبات والنكد: الشيء القليل الذي لا ينفع.
- وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ (والبلد الطيب يخرج نباته) بنصب الياء ورفع الراء.
- وأخرج ابن جرير عن مجاهد: {والبلد الطيب} الآية، قال: الطيب ينفعه المطر فينبت {والذي خبث} السباخ لا ينفعه المطر {لا يخرج إلا نكدا} هذا مثل ضربه الله لآدم وذريته كلهم إنما خلقوا من نفس واحدة فمنهم من آمن بالله وكتابه فطاب ومنهم من كفر بالله وكتابه فخبث.
- وأخرج ابن جرير عن قتادة: {والبلد الطيب} الآية، قال: هذا مثل ضربه الله للكافر والمؤمن
- وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والنسائي عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكانت منها بقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم ومثل من لم ينفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به»). [الدر المنثور: 6/ 432-435]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 25 ربيع الثاني 1434هـ/7-03-2013م, 11:50 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي

{وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (57) وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ (58)}


تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (57)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وهو الّذي يرسل الرّياح نشراً...}
والنشر من الرياح: الطيبة اللينة التي تنشئ السحاب. فقرأ بذلك أصحاب عبد الله. وقرأ غيرهم (بشرا) ... حدثني قيس بن الربيع الأسديّ عن أبي إسحاق الهمداني عن أبي عبد الرحمن السلميّ عن عليّ أنه قرأ (بشرا) يريد بشيرة، و(بشرا) كقول الله تبارك وتعالى: (يرسل الرياح مبشّرات).
وقوله: {فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كلّ الثّمرات كذلك نخرج الموتى} جواب لأنزلنا فأخرجنا به. يقال: إن الناس يموتون وجميع الخلق في النفخة الأولى. وبينها وبين الآخرة أربعون سنة. ويبعث الله المطر فيمطر أربعين يوما كمنيّ الرجال، فينبتون في قبورهم؛ كما ينبتون في بطون أمّهاتهم. فذلك قوله: {كذلك نخرج الموتى} كما أخرجنا الثمار من الأرض الميتة). [معاني القرآن: 1/ 382-383]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {يرسل الرّياح نشراً}؛ أي متفرقة من كل مهب وجانب وناحية.
(أقلّت سحاباً) أي ساقت). [مجاز القرآن: 1/ 217]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وهو الّذي يرسل الرّياح بشراً بين يدي رحمته حتّى إذا أقلّت سحاباً ثقالاً سقناه لبلدٍ مّيّتٍ فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كلّ الثّمرات كذلك نخرج الموتى لعلّكم تذكّرون}
وقال: {وهو الّذي يرسل الرّياح بشراً بين يدي رحمته} لأنّها جماعة "النشور" وتقول: "ريحٌ نشور" و"رياحٌ نشر". وقال بعضهم "نشرا" من "نشرها" "نشراً".
وقال في أول هذه السورة {كتابٌ أنزل إليك}{لتنذر به}{فلا يكن في صدرك حرجٌ مّنه} هكذا تأويلها على التقديم والتأخير. وفي كتاب الله مثل ذلك كثير قال: {اذهب بّكتابي هذا فألقه إليهم ثمّ تولّ عنهم فانظر ماذا يرجعون} والمعنى - والله أعلم - {فانظر ماذا يرجعون} {ثمّ تولّ عنهم} وفي كتاب الله: {وما أرسلنا من قبلك إلاّ رجالاً نّوحي إليهم فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون [43] بالبيّنات والزّبر} والمعنى - والله أعلم - {وما أرسلنا من قبلك إلاّ رجالاً نّوحي إليهم} {بالبيّنات والزّبر} {فاسألوا أهل الذّكر} {إن كنتم لا تعلمون} وفي "حم المؤمن" {فلمّا جاءتهم رسلهم بالبيّنات فرحوا بما عندهم مّن العلم} والمعنى - والله أعلم - {فلمّا جاءتهم رسلهم بالبيّنات} {مّن العلم} {فرحوا بما عندهم}. وقال بعضهم {فرحوا بما} هو {عندهم من العلم} أي: كان عندهم العلم وهو جهل ومثل هذا في كلام العرب وفي الشعر كثير في التقديم والتأخير. يكتب الرجل: "أمّا بعد حفظك الله وعافاك فإنّي كتبت إليك" فقوله "فإنّي" محمول على "أمّا بعد" [و] إنما هو "أمّا بعد فإنّي" وبينهما كما ترى كلام. قال الشاعر:
خيرٌ من القوم العصاة أميرهم ....... يا قوم فاستحيوا النساء الجلّس

والمعنى: خيرٌ من القوم العصاة أميرهم النّساء الجلّس يا قوم فاستحيوا. قال الآخر:
الشّمس طالعةٌ ليست بكاسفةٍ ....... تبكي عليك نجوم اللّيل والقمرا
ومعناه: الشمس طالعةٌ لم تكسف نجوم الليل والقمرا لحزنها على "عمر". وذلك أن الشمس كلما طلعت كسفت القمر والنجوم فلم تترك لها ضوءا.
ومن معاني القرآن قول الله عزّ وجل: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم مّن النّساء إلاّ ما قد سلف} فليس المعنى: انكحوا ما قد سلف. وهذا لا يجوز في الكلام والمعنى - والله أعلم - "لا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء فإنّكم تعذّبون به إلاّ ما قد سلف فقد وضعه الله عنكم" وكذلك قوله: {حرّمت عليكم أمّهاتكم وبناتكم} ثم قال: {وأن تجمعوا بين الأختين إلاّ ما قد سلف} والمعنى - والله أعلم - أنّكم تؤخذون بذلك إلاّ ما قد سلف فقد وضعه الله عنكم.
وقوله: {ألم تر إلى الّذي حاجّ إبراهيم في ربّه} ثم قال: {أو كالّذي مرّ على قريةٍ} فـ"الكاف" تزاد في الكلام. والمعنى: ألم تر إلى الذي حاجّ إبراهيم في ربّه أو الذي مرّ على قريةٍ. ومثلها في القرآن {ليس كمثله شيءٌ} والمعنى: ليس مثله شيء. لأنه ليس لله مثل. وقال الشاعر:
* فصيّروا مثل كعصفٍ مأكول *
والمعنى: صيّروا مثل عصفٍ، والكاف زائدة. وقال الآخر:
* وصالباتٍ ككما يؤثفين *
إحدى الكافين زائدة.
وقوله: {بدّلناهم جلوداً غيرها} يعني غيرها في النضج، لأنّ الله عز وجل يجددها فيكون أشد للعذاب عليهم. وهي تلك الجلود بعينها التي عصت الله تعالى ولكن أذهب عنها النضج، كما يقول الرجل للرجل: "أنت اليوم غيرك أمس" وهو ذلك بعينه إلا أنه نقص منه شيء أو زاد فيه. وفي كتاب الله عز وجل: {ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه وإنّهم لكاذبون} فيسأل السائل فيقول كيف كانوا كاذبين ولم يعودوا بعد. [و] إنما يكونون كاذبين إذا عادوا. وقد قلتم إنه لا يقال له كافر قبل أن يكفر إذا علم أنه كافر. وهذا يجوز أن يكون أنّهم الكاذبون بعد اليوم كما يقول الرجل: "أنا قائمٌ" وهو قاعد يريد "إني سأقوم" أو يقول {إنّهم لكاذبون} يعني ما وافوا به القيامة من كذبهم وكفرهم لأن الذين دخلوا النار كانوا كاذبين كافرين.
وقوله: {وجوهٌ يومئذٍ نّاضرةٌ [22] إلى ربّها ناظرةٌ} يقول "تنظر في رزقها وما يأتيها من الله" كما يقول الرجل: "ما أنظر إلاّ إليك" ولو كان نظر البصر كما يقول بعض الناس كان في الآية التي بعدها بيان ذلك. ألا ترى أنه قال: {ووجوهٌ يومئذٍ باسرةٌ [24] تظنّ أن يفعل بها فاقرةٌ} ولم يقل: "ووجوهٌ لا تنظر ولا ترى" وقوله: {تظنّ أن يفعل بها فاقرةٌ} يدلّ "الظن" ههنا على أن النظر ثم الثقة بالله وحسن اليقين ولا يدل على ما قالوا. وكيف يكون ذلك والله يقول {لاّ تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار} وقوله: {وما تشاءون إلاّ أن يشاء اللّه} يعني ما تشاؤون من الخير شيئاً إلاّ أن يشاء الله أن تشاؤوه.
وقوله: {إذا أخرج يده لم يكد يراها} حمل على المعنى وذلك أنه لا يراها وذلك أنك إذا قلت: "كاد يفعل إنما. تعني قارب الفعل ولم يفعل فإذا قلت "لم يكد يفعل" كان المعنى أنه لم يقارب الفعل ولم يفعل على صحة الكلام وهكذا معنى هذه الآية. إلاّ أنّ اللّغة قد أجازت: "لم يكد يفعل" في معنى: فعل بعد شدة، وليس هذا صحة الكلام [لـ] أنه إذا قال: "كاد يفعل" فإنما يعني: قارب الفعل. وإذا قال: "لم يكد يفعل" يقول: "لم يقارب الفعل" إلا أنّ اللغة جاءت على ما فسرت لك وليس هو على صحة الكلمة). [معاني القرآن: 2/ 8-12]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن وأبو عمرو {نشرا} بضم الشين.
وقراءة أخرى {نشرا} وهي جائزة كثيرة، يسكن الضمة؛ وقد فسرنا ذلك.
قراءة زر بن حبيش بفتح النون وإسكان الشين {نشرا}؛ وقالوا في المصدر: نشره نشرًا ونشرًا؛ لغتان في المصدر). [معاني القرآن لقطرب: 565]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {نشرا}: منتشرة متفرقة من كل جانب وقرىء
{بشرا}: أي مبشرات). [غريب القرآن وتفسيره: 146-147]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {بشراً بين يدي رحمته} كأنه تبشر. ورحمته هاهنا: المطر، سماه رحمة: لأنه كان برحمته.
ومن قرأها نشرا بين يدي رحمته أراد جمع نشور، ونشر الشيء ما تفرق منه. يقال: اللهم اضمم إليّ نشرى. أي ما تفرق من أمري.
{حتّى إذا أقلّت سحاباً} أي حملت. ومنه يقال: ما أستقل به). [تفسير غريب القرآن: 169]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقد توضع (الرحمة) موضع (المطر) لأنه ينزل برحمته.
قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} يعني المطر). [تأويل مشكل القرآن: 146]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وهو الّذي يرسل الرّياح بشرا بين يدي رحمته حتّى إذا أقلّت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميّت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كلّ الثّمرات كذلك نخرج الموتى لعلّكم تذكّرون (57)}
{بشرا بين يدي رحمته}.
و (نشرا) أيضا بضم النون وفتحها - وقرأ عاصم بشرى بالياء.
فمن قرأ (نشرا) فالمعنى وهو الذي ينشر الرياح منشرة نشرا.
ومن قال نشرا فهو جمع نشور ونشر.
ومن قرأ بشرا فهو جمع بشيرة وبشر كما قال جلّ وعزّ: {وهو الّذي يرسل الرياح بشرا}.
وقوله: {بين يدي رحمته}.
أي بين يدي المطر الذي هو رحمة، (حتّى إذا أقلّت سحابا) أي حتى إذا أقلّت الريح سحابا، يقال: أقل فلان الشيء إذا هو حمله، وفلان لا يستقلّ بحمله.
فالمعنى حتى إذا حملت سحابا ثقالا، والسحاب جمع سحابة.
(ثقالا) أي ثقالا بالماء.
{سقناه لبلد ميّت}.
وميت جميعا.
{فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كلّ الثّمرات}.
جائز أن يكون: فأنزلنا بالسحاب الماء، فأخرجنا به من كل الثمرات.
الأحسن - واللّه أعلم - فأخرجنا بالماء من كل الثمرات، وجائز أن يكون أخرجنا بالبلد من كل الثمرات، لأن البلد ليس يخصّ به ههنا بلد سوى سائر البلدان.
وقوله عز وجلّ: {كذلك نخرج الموتى}.
أي مثل ذلك الإخراج الذي أشرنا إليه نخرج الموتى.
وقوله: {لعلّكم تذكّرون}.
لعل ترج، وإنما خوطب العباد على قدر علمهم، وما يرجوه بعضهم من بعض، واللّه يعلم أي تذكرون أم لا.
وقوله: {لعلّكم تذكّرون}.
أي لعلكم بما بينّاه لكم تستدلّون على توحيد اللّه وأنه يبعث الموتى). [معاني القرآن: 2/ 345-346]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله تعالى: {وهو الذي يرسل الرياح نشرا بين يدي رحمته}
نشر جمع نشور يقال ريح نشور إذا أتت من ههنا وههنا وقيل نشر مصدر.
ومن قرأ نشرا بضم النون وإسكان الشين فإلى هذا المعنى يذهب عند البصريين.
وأما الفراء فزعم أنها لغة بمعنى النشر كما يقال خسف وخسف.
ومن قرأ نشرا فإنه يذهب إلى أن المعنى تنشر نشرا.
ومن قرأ بشرا فهو جمع بشير عنده مخففة وقد تكون جمع بشرة وقد يكون مصدرا مثل العمر وتقرأ {بشرا} وبشرا مصدر بشره يبشره بمعنى بشره
ومعنى بين يدي رحمته بين يدي المطر الذي هو من رحمته تعالى.
ثم قال جل وعز: {حتى إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء}
حتى إذا أقلت سحابا ثقالا أي حتى إذا حملت الريح سحابا ثقالا بالماء سقناه يعني السحاب لبلد ميت فأنزلنا به الماء.
يجوز أن يكون المعنى فأنزلنا بالبلد الماء.
ويجوز أن يكون المعنى فأنزلنا بالسحاب الماء فأخرجنا به من كل الثمرات أي بالماء ويجوز أن يكون المعنى بالبلد.
وقوله تعالى: {كذلك نخرج الموتى}
قال مجاهد يبعث الله مطرا فيمطر فينبت الناس كما ينبت الزرع
ثم قال جل وعز: {لعلكم تذكرون}
أي لتكونوا على رجاء من الاتعاظ بما تذكرون وتخبرون به). [معاني القرآن: 3/ 44-46]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً} أي حملت). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 85]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {نشرا}: من كل جانب.
{بُشْرى}: البشارة). [العمدة في غريب القرآن: 135]

تفسير قوله تعالى: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ (58)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {والّذي خبث لا يخرج إلاّ نكداً...}
قراءة العامة؛ وقرأ بعض أهل المدينة: نكدا؛ يريد: لا يخرج إلا في نكدٍ. والنكد والنكد مثل الدنف والدنف. قال: وما أبعد أن يكون فيها نكد، ولم أسمعها، ولكني سمعت حذر وحذر وأشر وأشر وعجل وعجل). [معاني القرآن: 1/ 383]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {لا يخرج إلاّ نكداً (57)} أي قليلاً عسراً في شدة قال:
لا تنجز الوعد إن وعدت وإن ....... أعطيت أعطيت تافهاً نكدا
تافه: قليل). [مجاز القرآن: 1/ 217]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن وأبو عمرو والأعرج {إلا نكدا} وقد نكد ينكده.
أبو جعفر {نكدا} بفتح الكاف؛ كأنه أراد مصدر نكد نكدا.
وطلحة بن مصرف "لا يخرج إلا نكدا" بإسكان الكاف؛ كأنه أسكنها عن نكد؛ مثل: فخذ وفخذ، وكبد وكبد). [معاني القرآن لقطرب: 565]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {لا يخرج إلّا نكداً} أي إلّا قليلا. يقال: عطاء منكود: منزور). [تفسير غريب القرآن: 169]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : (ألا ترى أنك لو أردت أن تنقل قوله تعالى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الأنفال: 58]- لم تستطع أن تأتي بهذه الألفاظ مؤدية عن المعنى الذي أودعته حتى تبسط مجموعها، وتصل مقطوعها وتظهر مستورها، فتقول: إن كان بينك وبين قوم هدنة وعهد، فخفت منهم خيانة ونقضا، فأعلمهم أنك قد نقضت ما شرطت لهم، وآذنهم بالحرب لتكون أنت وهم في العلم بالنّقض على استواء). [تأويل مشكل القرآن: 21]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {والبلد الطّيّب يخرج نباته بإذن ربّه والّذي خبث لا يخرج إلّا نكدا كذلك نصرّف الآيات لقوم يشكرون (58)}
وقرأها أهل المدينة نكدا - بفتح الكاف - ويجوز فيه وجهان آخران: إلّا نكدا ونكدا - بضم النون وإسكان الكاف ولا يقرأ بالمضمومة، لأنه لم تثبت به رواية في القرآن). [معاني القرآن: 2/ 346]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا}
النكد في اللغة النزر القليل وهذا تمثيل.
قال مجاهد يعني إن في بني آدم الطيب والخبيث). [معاني القرآن: 3/ 46]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {إِلاَّ نَكِداً} إلا قليلا). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 85]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 1 جمادى الأولى 1434هـ/12-03-2013م, 12:00 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (57) }

تفسير قوله تعالى: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ (58) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وأمر نَكِدٌ ونَكْدٌ ونَكَدٌ، وقد قرئ بهن: {وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا} على الثلاثة الأوجه). [مجالس ثعلب: 100]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 1 رجب 1435هـ/30-04-2014م, 12:08 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 1 رجب 1435هـ/30-04-2014م, 12:08 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 1 رجب 1435هـ/30-04-2014م, 12:08 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 1 رجب 1435هـ/30-04-2014م, 12:08 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري


تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (57) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وهو الّذي يرسل الرّياح بشراً بين يدي رحمته حتّى إذا أقلّت سحاباً ثقالاً سقناه لبلدٍ ميّتٍ فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كلّ الثّمرات كذلك نخرج الموتى لعلّكم تذكّرون (57) والبلد الطّيّب يخرج نباته بإذن ربّه والّذي خبث لا يخرج إلاّ نكداً كذلك نصرّف الآيات لقومٍ يشكرون (58)}
هذه آية اعتبار واستدلال، وقرأ نافع وأبو عمرو «الرياح» بالجمع «نشرا» بضم النون والشين، قال أبو حاتم: وهي قراءة الحسن وأبي عبد الرحمن وأبي رجاء، واختلف عنهم الأعرج، وأبي جعفر ونافع وأبي عمرو وعيسى بن عمر وأبي يحيى وأبي نوفل الأعرابيين، وقرأ ابن كثير «الريح» واحدة «نشرا» بضمها أيضا، وقرأ ابن عامر «الرياح» جمعا «نشرا» بضم النون وسكون الشين، قال أبو حاتم: ورويت عن الحسن وأبي عبد الرحمن وأبي رجاء وقتادة وأبي عمرو، وقرأ حمزة والكسائي، «الريح» واحدة، «نشرا» بفتح النون وسكون الشين، قال أبو حاتم وهي قراءة ابن مسعود وابن عباس وزر بن حبيش وابن وثاب وإبراهيم وطلحة والأعمش ومسروق بن الأجدع، وقرأ ابن جني قراءة مسروق «نشرا» بفتح النون والشين، وقرأ عاصم «الرياح» جماعة «بشرا» بالباء المضمومة والشين الساكنة، وروي عنه «بشرا» بضم الباء والشين، وقرأ بها ابن عباس والسلمي وابن أبي عبلة. وقرأ محمد بن السميفع وأبو قطيب «بشرى» على وزن فعلى بضم الباء، ورويت عن أبي يحيى وأبي نوفل، وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي «بشرا» بفتح الباء وسكون الشين، قال الزهراوي: ورويت هذه عن عاصم.
ومن جمع الريح في هذه الآية فهو أسعد، وذلك أن الرياح حيث وقعت في القرآن فهي مقترنة بالرحمة كقوله: {ومن آياته أن يرسل الرّياح مبشّراتٍ} [الروم: 45]، وقوله: {وأرسلنا الرّياح لواقح} [الحجر: 22] وقوله: {اللّه الّذي يرسل الرّياح فتثير سحاباً} [الروم: 48] وأكثر ذكر الريح مفردة، إنما هو بقرينة عذاب، كقوله: {وفي عادٍ إذ أرسلنا عليهم الرّيح العقيم} [الذاريات: 41] وقوله: {وأمّا عادٌ فأهلكوا بريحٍ صرصرٍ عاتيةٍ} [الحاقة: 6] وقوله: {بل هو ما استعجلتم به ريحٌ فيها عذابٌ أليمٌ تدمّر كلّ شيءٍ بأمر ربّها}[الأحقاف: 24] نحا هذا المنحى يحيى بن يعمر وأبو عمرو بن العلاء وعاصم، وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا هبت الريح يقول: «اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: والمعنى في هذا كله بين، وذلك أن ريح السقيا والمطر أنها هي منتشرة لينة تجيء من هاهنا وتتفرق فيحسن من حيث هي منفصلة الأجزاء متغايرة المهب يسيرا أن يقال لها رياح، وتوصف بالكثرة ريح الصر والعذاب، عاصفة صرصر جسد واحد شديدة المر مهلكة بقوتها وبما تحمله أحيانا من الصر المحرق، فيحسن من حيث هي شديدة الاتصال أن تسمى ريحا مفردة، وكذلك أفردت الريح في قوله تعالى: {وجرين بهم بريحٍ طيّبةٍ} [يونس: 22] من حيث جري السفن إنما جرت بريح متصلة كأنها شيء واحد فأفردت لذلك ووصفت بالطيب إزالة الاشتراك بينها وبين الريح المكروهة، وكذلك ريح سليمان عليه السلام إنما كانت تجري بأمره أو تعصف في حقوله وهي متصلة، وبعد فمن قرأ في هذه الآية الريح بالإفراد فإنما يريد به اسم الجنس، وأيضا فتقييدها ب «نشر» يزيل الاشتراك.
والإرسال في الريح هو بمعنى والإجراء والإطلاق والإسالة ومنه الحديث فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة، والريح تجمع في القليل أرواح وفي الكثير رياح لأن العين من الريح واو انقلبت في الواحد ياء للكسر الذي قبلها، وكذلك في الجمع الكثير، وصحت في القليل لأنه لا شيء فيه يوجب الإعلال، وأما «نشرا» بضم النون والشين فيحتمل أن يكون جمع ناشر على النسب أي ذات نشر من الطي أو نشور من الحياة، ويحتمل «نشرا» أن يكون جمع نشور بفتح النون وضم الشين كرسول ورسل وصبور وصبر وشكور وشكر، ويحتمل «نشرا» أن يكون كالمفعول بمعنى منشور كركوب بمعنى مركوب، ويحتمل أن يكون من أبنية اسم الفاعل لأنها تنشر الحساب، وأما مثال الأول في قولنا ناشر ونشر فشاهد وشهد ونازل ونزل، كما قال الشاعر:
... ... ... ... ....... أو تنزلون فإنّا معشر نزل
وقاتل وقتل ومنه قول الأعشى: [البسيط]
... ... ... ... ....... إنا لمثلكم يا قومنا قتل
وأما من قرأ «نشرا» بضم النون وسكون الشين فإنما خفف الشين من قوله نشراً وأما من قرأ «نشرا» بفتح النون وسكون الشين فهو مصدر في موضع الحال من الريح، ويحتمل في المعنى أن يراد به من النشر الذي هو خلاف الطيّ كل بقاء الريح دون هبوب طيّ، ويحتمل أن يكون من أن النشر الذي هو الإحياء كما قال الأعشى: [السريع]
... ... ... ... ....... يا عجبا للميّت الناشر
وأما من قرأ «نشرا» بفتح النون والشين وهي قراءة شاذة فهو اسم وهو على النسب، قال أبو الفتح أي ذوات نشر، والنّشر أن تنتشر الغنم بالليل فترعى، فشبه السحاب، في انتشاره وعمومه بذلك، وأما «بشرا» بضم الباء والشين فجمع بشير كنذير ونذر، و «بشرا» بسكون الشين مخفف منه و «بشرا» بفتح الباء وسكون الشين مصدر و «بشرى» مصدر أيضا في موضع الحال. و «الرحمة» في هذه الآية المطر، وبين يدي أي أمام رحمته وقدامها وهي هنا استعارة وهي حقيقة فيما بين يدي الإنسان من الأجرام.
وأقلّت معناه: رفعت من الأرض واستقلت بها، ومنه القلة وكأن المقل يرد ما رفع قليلا إذا قدر عليه، وثقالًا معناه من الماء، والعرب تصف السحاب بالثقل والدلح، ومنه قول قيس بن الخطيم:
[المتقارب]
بأحسن منها ولا مزنة ....... دلوح تكشف أدجانها
والريح تسوق السحاب من ورائها فهو سوق حقيقة، والضمير في سقناه عائد على السحاب، واستند الفعل إلى ضمير اسم الله تعالى من حيث هو إنعام، وصفة البلد بالموت استعارة بسبب سعته وجدوبته وتصويح نباته، وقرأ أبو عمرو وعاصم والأعمش: «لبلد ميت» بسكون الياء وشدها الباقون، والضمير في قوله: {فأنزلنا به} يحتمل أن يعود على الحساب أي منه، ويحتمل أن يعود على البلد، ويحتمل أن يعود على الماء وهو أظهرها، وقال السدي في تفسير هذه الآية: إن الله تعالى يرسل الرياح فتأتي بالسحاب من بين الخافقين طرق السماء والأرض حيث يلتقيان فتخرجه من ثم ثم تنشره فتبسطه في السماء ثم تفتح أبواب السماء فيسيل الماء على السحاب ثم تمطر السحاب بعد ذلك.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا التفصيل لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقوله تبارك وتعالى كذلك نخرج الموتى يحتمل مقصدين أحدهما أن يراد كهذه القدرة العظيمة في إنزال الماء وإخراج الثمرات به من الأرض المجدبة هي القدرة على إحياء الموتى من الأجداث وهذه مثال لها، ويحتمل أن يراد أن هكذا يصنع بالأموات من نزول المطر عليهم حتى يحيوا به فيكون الكلام خبرا لا مثلا، وهذا التأويل إنما يستند إلى الحديث الذي ذكره الطبري عن أبي هريرة:«أن الناس إذا ماتوا في النفخة الأولى مطر عليهم مطر من ماء تحت العرش يقال له ماء الحيوان أربعين سنة فينبتون كما ينبت الزرع، فإذا كملت أجسادهم نفخ فيهم الروح، ثم تلقى عليهم نومة فينامون فإذا نفخ في الصور الثانية قاموا وهم يجدون طعم النوم، فيقولون يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا، فيناديهم المنادي هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون»). [المحرر الوجيز: 3/ 584-588]

تفسير قوله تعالى: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ (58) }

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {والبلد الطّيّب يخرج نباته ... آية} متممة للمعنى الأول في الآية قبلها معرفة بعادة الله تعالى في إنبات الأرضين، فمن أراد أن يجعلها مثالا لقلب المؤمن وقلب الكافر فذلك كله مرتب، لكن ألفاظ الآية لا تقتضي أن المثال قصد بذلك والتمثيل بذلك حكاه الطبري عن ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي، وقال النحاس: هو مثال للفهيم وللبليد، والطّيّب: هو الجيد التراب الكريم الأرض، وخص بإذن ربه مدحا وتشريفا، وهذا كما تقول لمن تغض منه، أنت كما شاء الله فهي عبارة تعطي مبالغة في مدح أو ذم ومن هذا قوله تعالى: {فله ما سلف وأمره إلى اللّه} [البقرة: 275] على بعض التأويلات، والخبيث هو السباخ ونحوها من رديء الأرض، وقرأ ابن أبي عبلة وأبو حيوة وعيسى بن عمر «يخرج نباته» بضم الياء وكسر الراء ونصب التاء، و «النكد» العسير القليل، ومنه قول الشاعر: [المنسرح]
لا تنجز الوعد إن وعدت وإن ....... أعطيت أعطيت تافها نكدا
ونكد الرجل إذا سأل إلحافا وأخجل ومنه قول الشاعر: [السريع]
وأعط ما أعطيته طيبا ....... لا خير في المنكود والناكد
وقرأ جمهور الناس وجميع السبعة «نكدا» بفتح النون وكسر الكاف، وقرأ طلحة بن مصرف «نكدا» بتخفيف الكاف وفتح النون، وقرأ أبو جعفر بن القعقاع «نَكَدًا» بفتح النون والكاف، وقال الزجّاج: وهي قراءة أهل المدينة كذلك نصرّف الآيات أي هكذا نبين الأمور، ويشكرون معناه يؤمنون ويثنون بآلاء الله). [المحرر الوجيز: 3/ 589-590]


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 1 رجب 1435هـ/30-04-2014م, 12:08 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....


رد مع اقتباس
  #10  
قديم 1 رجب 1435هـ/30-04-2014م, 12:08 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (57) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وهو الّذي يرسل الرّياح بشرًا بين يدي رحمته حتّى إذا أقلّت سحابًا ثقالا سقناه لبلدٍ ميّتٍ فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كلّ الثّمرات كذلك نخرج الموتى لعلّكم تذكّرون (57) والبلد الطّيّب يخرج نباته بإذن ربّه والّذي خبث لا يخرج إلا نكدًا كذلك نصرّف الآيات لقومٍ يشكرون (58)}
لمّا ذكر تعالى أنّه خالق السموات والأرض، وأنّه المتصرّف الحاكم المدبّر المسخّر، وأرشد إلى دعائه؛ لأنّه على ما يشاء قادرٌ -نبّه تعالى على أنّه الرّزّاق، وأنّه يعيد الموتى يوم القيامة فقال: " وهو الّذي يرسل الرّياح نشرًا " أي: ناشرةً بين يدي السّحاب الحامل للمطر، ومنهم من قرأ {بشرًا} كقوله: {ومن آياته أن يرسل الرّياح مبشّراتٍ}[الرّوم: 46]
وقوله: {بين يدي رحمته} أي: بين يدي المطر، كما قال: {وهو الّذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الوليّ الحميد}[الشّورى: 28] وقال: {فانظر إلى أثر رحمة اللّه كيف يحيي الأرض بعد موتها إنّ ذلك لمحيي الموتى وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ} [الرّوم: 50]
وقوله: {حتّى إذا أقلّت سحابًا ثقالا} أي: حملت الرّياح سحابًا ثقالًا أي: من كثرة ما فيها من الماء، تكون ثقيلةً قريبةً من الأرض مدلهمّةً، كما قال زيد بن عمرو بن نفيلٍ، رحمه اللّه.
وأسلمت وجهي لمن أسلمت ....... له المزن تحمل عذبا زلالا
وأسلمت وجهي لمن أسلمت ....... له الأرض تحمل صخرًا ثقالًا

وقوله: {سقناه لبلدٍ ميّتٍ} أي: إلى أرضٍ ميّتةٍ، مجدبةٍ لا نبات فيها، كما قال تعالى: {وآيةٌ لهم الأرض الميتة أحييناها [وأخرجنا منها حبًّا فمنه يأكلون]} [يس: 33]؛ ولهذا قال: {فأخرجنا به من كلّ الثّمرات كذلك نخرج الموتى} أي: كما أحيينا هذه الأرض بعد موتها، كذلك نحيي الأجساد بعد صيرورتها رميمًا يوم القيامة، ينزّل اللّه، سبحانه وتعالى، ماءً من السّماء، فتمطر الأرض أربعين يومًا، فتنبت منه الأجساد في قبورها كما ينبت الحبّ في الأرض. وهذا المعنى كثيرٌ في القرآن، يضرب اللّه مثلًا للقيامة بإحياء الأرض بعد موتها؛ ولهذا قال: {لعلّكم تذكّرون} ). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 430]

تفسير قوله تعالى: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ (58) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {والبلد الطّيّب يخرج نباته بإذن ربّه} أي: والأرض الطّيّبة يخرج نباتها سريعًا حسنًا، كما قال: {فتقبّلها ربّها بقبولٍ حسنٍ وأنبتها نباتًا حسنًا} [آل عمران:37]
{والّذي خبث لا يخرج إلا نكدًا} قال مجاهدٌ وغيره: كالسّباخ ونحوها.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ في الآية: هذا مثل ضربه الله للمؤمن والكافر.
وقال البخاريّ: حدّثنا محمّد بن العلاء، حدّثنا حمّاد بن أسامة عن بريد بن عبد اللّه، عن أبي بردة، عن أبي موسى، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «مثل ما بعثني اللّه به من الهدى والعلم، كمثل الغيث الكثير أصاب أرضًا، فكانت منها نقيّةٌ قبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير. وكانت منها أجادب أمسكت الماء، فنفع اللّه بها النّاس، فشربوا وسقوا وزرعوا. وأصاب منها طائفةً أخرى، إنّما هي قيعانٌ لا تمسك ماءً ولا تنبت فذلك مثل من فقه في دين اللّه ونفعه ما بعثني اللّه به، فعلم وعلّم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسًا. ولم يقبل هدى اللّه الّذي أرسلت به».
رواه مسلمٌ والنّسائيّ من طرقٍ، عن أبي أسامة حمّاد بن أسامة، به). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 430-431]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:52 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة