العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > التفسير اللغوي > التفاسير اللغوية المجموعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 5 ذو الحجة 1432هـ/1-11-2011م, 09:51 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي تفسير سورة النور

تفسير سورة النور

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 3 محرم 1433هـ/28-11-2011م, 05:10 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1) }

تفسير قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وتقول أمّا زيداً فجدعاً له وأمّا عمراً فسقياً له لأنّك لو أظهرت الذي انتصب عليه سقياً وجدعا لنصبت زيداً وعمراً فإضماره بمنزلة إظهاره كما تقول أمّا زيداً فضرباً.
وتقول أمّا زيدٌ فسلامٌ عليه وأمّا الكافر فلعنة الله عليه لأنّ هذا ارتفع بالابتداء.
وأمّا قوله عزّ وجلّ: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة}. وقوله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} فإن
هذا لم يبن على الفعل ولكنه جاء على مثل قوله تعالى: {مثل الجنّة اّلتي وعد المتّقون}.
ثمّ قال بعد: {فيها أنهار من ماء} فيها كذا وكذا. فإنما وضع المثل للحديث الذي بعده فذكر أخباراً وأحاديث فكأنه قال ومن القصص مثل الجنّة أو مما يقصّ عليكم مثل الجنّة فهو محمول على هذا الإضمار ونحوه. والله تعالى أعلم.
وكذلك: {الزانية والزاني} كأنه لمّا قال جلّ ثناؤه: {سورة أنزلناها وفرضناها}. قال في الفرائض الزّانية والزّاني أو الزانية والزاني في الفرائض. ثم قال فاجلدوا فجاء بالفعل بعد أن مضى فيهما الرفع، كما قال:
وقائلةٍ: خولان فانكح فتاتهم
فجاء بالفعل بعد أن عمل فيه المضمر. وكذلك: {والسارق والسارقة} كأنه قال وفيما فرض الله عليكم السارق والسارقة أو السّارق والسارقة فيما فرض عليكم. فإنّما دخلت هذه الأسماء بعد قصص وأحاديث. ويحمل على نحوٍ من هذا ومثل ذلك: {واللذان يأتيانها منكم فآذوهما}
وقد يجرى هذا في زيدٍ وعمرو على هذا الحدّ إذا كنت تخبر بأشياء أو توصى. ثم تقول زيدٌ أي زيدٌ فيمن أوصى به فأحسن إليه وأكرمه. وقد قرأ أناسٌ والسّارق والسّارقة والزانية والزاني وهو في العربيّة على ما ذكرت لك من القوّة. ولكن أبت العامّة إلاّ القراءة بالرفع. وإنّما كان الوجه في الأمر والنّهى النصب لأنّ حدّ الكلام تقديم الفعل وهو فيه أوجب إذ كان ذلك يكون في ألف الاستفهام لأنّهما لا يكونان إلا بفعل). [الكتاب: 1/142-144]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله:
كفعل الوالد الرّوف الرّحيم
يقال: "رؤوف" على "فعلٍ" مثل يقظ وحذر، رؤوف على وزن "ضروب". وقال الأنصاري:

نطيع نبيّنا ونطيع ربًا = هو الرّحمن كان بنا رؤوفا
وقد قرئ: {واللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ}، و(رؤوفٌ) أكثر، وإنما هو من الرّأفة، وهي أشدّ الرّحمة، ويقال: "رآفةٌ" وقرئ: (وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ)، على وزن الصّرامة والسّفاهة). [الكامل: 2/668] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قوله: "هريرةَ ودعها وإن لامَ لائمُ"
منصوب بفعل مضمر، تفسيره ودعها كأنه قال: ودع هريرة، فلما اختزل الفعل أظهر ما يدل عليه، وكان ذلك أجود من ألا يضمرَ، لأن الأمر لا يكون إلا بفعل، فأضمر الفعل إذ كان الأمر أحق به، وكذلك زيدًا اضربه وزيدًا فأكرمه وإن لم تضمر ورفعت جاز، وليس في حسن الأولِ، ترفعه على الابتداءِ وتصيرُ الأمر في موضع خبره. فأما قول الله جل وعزَّ: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} وكذلك: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} فليس على هذا، والرفعُ الوجه، لأن معناهُ الجزاءُ، كقوله: الزانيةُ أي التي تزني، فإما وجب القطع للسرق والجلد للزنا، فهذا مجازاة، ومن ثم جاز: الذي يأتيني فله درهمٌ، فدخلت الفاءُ لأنه استحق الدرهم بالإتيان، فإن لم ترد هذا المعنى قلت الذي يأتيني له درهمٌ، ولا يجوزُ: زيدٌ فله درهمٌ، أو هذا زيدٌ، فحسن جميلٌ، جازَ، على أن زيدًا خبرٌ. وليس بابتداءٍ، للإشارة دخلت الفاءُ، وفي القرآن: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ}، ودخلتِ الفاءُ لأن الثواب دخل للإنفاق. وقد قرأت القراءُ: (الزَّانِيَةَ وَالزَّانِيَ فَاجْلِدُوا) (وَالسَّارِقَ وَالسَّارِقَةَ فَاقْطَعُوا) بالنصبِ، على وجه الأمر، والوجه الرفعُ، والنصبُ حسنٌ في هاتين الآيتين، وما لم يكن فيه معنى جزاءِ فالنصبُ الوجهُ). [الكامل: 2/821-823] (م)

تفسير قوله تعالى: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً}. قال أبو العباس: كانت البغايا تؤاجر نفسها، فقال أصحاب الصفة، وكانوا ممن يتزوج بهن ويأكل مما يكسبن، فأنزل الله عز وجل: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} ). [مجالس ثعلب: 226]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) }
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وكقولهم فيمن رمى الناس بالسهام، أو البنادق، أو حذفهم، أو قذفهم بالحجارة: إنه يذكرهم ويغتابهم؛ لما جرى على ألسنة الناس من قولهم: رميت فلانا بالفاحشة، وقذفته وقذفت أباه.
وقال الله عز وجل: {والذين يرمون المحصنات}، {والذين يرمون أزواجهم}.
وقال لبيد:

فرميت القوم رشقا صائبا = ليس بالعصل ولا بالمقثعل
وانتضلنا وابن سلمى قاعد = كعتيق الطير يغضي ويجل
ويريد أنهم تخاصموا وتسابوا واحتجوا.
وكقولهم فيمن رأي أنه قطع أعضاءه: إنه يسافر ويتغرب من عشيرته وولده في البلاد؛ من قول الله في قوم سبأ: {ومزقناهم كل ممزق}. وقال أيضا: {وقطعناهم في الأرض أمما} ). [تعبير الرؤيا: 41-42]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5) }

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (هذا باب آخر من أبواب إن
تقول أشهد إنه لمنطلقٌ فأشهد بمنزلة قوله والله إنه لذاهب وإن غير عاملة فيها أشهد لأن هذه اللام لا تلحق أبداً إلا في الابتداء ألا ترى أنك تقول أشهد لعبد الله خيرٌ من زيد كأنك قلت والله لعبد الله خيرٌ من زيد فصارت إن مبتدأة حين ذكرت اللام هنا كما كان عبد الله مبتدأ حين أدخلت فيه اللام فإذا ذكرت اللام ههنا لم تكن إلا مكسورةً كما أن
عبد الله لا يجوز هنا إلا مبتدأ ولو جاز أن تقول أشهد أنك لذاهبٌ لقلت أشهد بلذاك فهذه اللام لا تكون إلا في الابتداء وتكون أشهد بمنزلة والله.
ونظير ذلك قول الله عز وجل: {والله يشهد إن المنافقين لكاذبون} وقال عز وجل: {فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين} لأن هذا توكيد كأنه قال يحلف بالله إنه لمن الصادقين). [الكتاب: 3/146-147] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وكقولهم فيمن رمى الناس بالسهام، أو البنادق، أو حذفهم، أو قذفهم بالحجارة: إنه يذكرهم ويغتابهم؛ لما جرى على ألسنة الناس من قولهم: رميت فلانا بالفاحشة، وقذفته وقذفت أباه.
وقال الله عز وجل: {والذين يرمون المحصنات} {والذين يرمون أزواجهم}.
وقال لبيد:

فرميت القوم رشقا صائبا = ليس بالعصل ولا بالمقثعل
وانتضلنا وابن سلمى قاعد = كعتيق الطير يغضي ويجل
ويريد أنهم تخاصموا وتسابوا واحتجوا.
وكقولهم فيمن رأي أنه قطع أعضاءه: إنه يسافر ويتغرب من عشيرته وولده في البلاد؛ من قول الله في قوم سبأ: {ومزقناهم كل ممزق}. وقال أيضا: {وقطعناهم في الأرض أمما} ). [تعبير الرؤيا: 41-42]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وأما قول الله عز وجل: {ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم} فإن أنفسهم بدل من شهداء لأن لهم الخبر.
ولو نصبت أنفسهم ورفعت شهداء لصلح، ولم يكن أجود الوجوه؛ لأن شهداء نكرة، ولكن لو نصبت الشهداء ورفعت أنفسهم كان جيداً. وقد بينت هذا في باب كان.
ومما يستوي فيه الأمران قول الله عز وجل: {فما كان جواب قومه إلا أن قالوا} فـ أن قالوا مرفوع إذا نصبت الجواب، وهو منصوب إذا رفعت الجواب؛ لأنهما معرفتان، والأحسن أن ترفع ما بعد إلا لأنه موجب والوجه الآخر حسن جميل.
فأما قوله جل ذكره: {ما كان حجتهم إلا أن قالوا} فالوجه نصب حجتهم لأنه ذكر الفعل.
والوجه الآخر أعني رفع حجتهم جيد، لأن الحجة هي القول في المعنى). [المقتضب: 4/406-407]

تفسير قوله تعالى: {وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) }

تفسير قوله تعالى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) }
قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت:215هـ): (وتقول: درأت عنه الحد وغيره أدرأه درءًا إذا أخرته عنه). [كتاب الهمز: 13] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
جديرون أن لا يحبسوا مجتديهم = للحمٍ وأن لا يدرؤا قدح رادف
الرادف الذي يجيء بعد ما قسم الجزور، ويدرؤن: يدفعون يقال درأته أدرؤه درءًا). [شرح المفضليات: 477]

تفسير قوله تعالى: {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (وأما قوله عز وجل: {وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين} وآخر قولهم أن لا إله إلا الله فعلى قوله أنه الحمد لله ولا إله إلا الله ولا تكون أن التي تنصب الفعل لأن تلك لا يبتدأ بعدها الأسماء ولا تكون أي لأن أي إنما تجيء بعد كلام مستغنٍ ولا تكون في موضع المبني على المبتدأ.
ومثل ذلك: {وناديناه أن يا إبراهيم (104) قد صدقت الرؤيا} كأنه قال جل وعز ناديناه أنك قد صدقت الرؤيا يا إبراهيم.
وقال الخليل تكون أيضاً على أي وإذا قلت أرسل إليه أن ما أنت وذا فهي على أي وإن أدخلت الباء على أنك وأنه فكأنه يقول أرسل إليه بأنك ما أنت وذا جاز.
ويدلك على ذلك أن العرب قد تكلم به في ذا الموضع مثقلاً.
ومن قال: {والخامسة أن غضب الله عليها} فكأنه قال أنه غضب الله عليها لا تخففها في الكلام أبداً وبعدها الأسماء إلا وأنت تريد
الثقيلة مضمراً فيها الاسم فلو لم يريدوا ذلك لنصبوا كما ينصبون في الشعر إذا اضطروا بكأن إذا خففوا يريدون معنى كأن ولم يريدوا الإضمار وذلك قوله:
كأن وريديه رشاء خلب). [الكتاب: 3/163-164] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (10) }


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 3 محرم 1433هـ/28-11-2011م, 05:11 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11) }
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (والكبر من التكبر وكبر الشيء معظمه قال الله جل ثناؤه: {والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم} وقال قيس ابن خطيم الأوسي:

(تنام عن كبر شأنها فرذا = قامت رويدا تكاد تنغرف)

أي: تثنى ويقال كبر سياسة الناس في المال ويقال الولاء للكبر وهو أكبر ولد الرجل). [إصلاح المنطق: 33]

تفسير قوله تعالى: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (12) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله:
دون النساء ولو باتت بأطهار
معناه أنه يجتنبها، في طهرها، وهو الوقت الذي يستقيم له غشيانها فيه، وأهل الحجاز يرون " الأقراء " الطهر، وأهل العراق يرونه الحيض، وأهل المدينة يجعلون عدد النساء الأطهار، ويحتجون بقول الأعشى:

وفي كل أنت جاشم غزوة = تشد لأقصاها عزيم عزائكا
مؤرثه مالاً، وفي الحي رفعة = لما ضاع فيها من قروء نسائكا
وقوله: " ولو باتت بأطهار "، فـ " لو " أصلها في الكلام أن تدل على وقوع الشيء لوقوع غيره، تقول: لو جئتني لأعطيك، ولو كان زيد هناك لضربته، ثم يتسع فتصير في معنى " إن " الواقعة للجزاء تقول: أنت لا تكرمني ولو أكرمتك، تريد " وإن " قال الله عز وجل: {وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين} [يوسف: 107]، فأما قوله عز وجل: {فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبًا ولو افتدى به} [آل عمران: 91] فإن تأويله عند أهل اللغة: لا يقبل أن يتبرأ به وهو مقيم على الكفر، ولا يقبل إن افتدى به، فـ " لو " في معنى " إن " وإنما منع " لو " أن تكون من حروف المجازاة فتجزم كما تجزم " إن " أن حروف المجازاة إنما تقع لما لم يقع، ويصير الماضي معها في معنى المستقبل تقول: إن جئتني أعطيتك، وإن قعدت عني زرتك، فهذا لم يقع.، وإن كان لفظ الماضي لما أحدثته فيه " إن " وكذلك متى أتيتني أتيتك.، و " لو " تقع في معنى الماضي، تقول: لو جئتني أمس لصادفتني، ولو ركبت إلي أمس لألفيتني، فلذلك خرجت من حروف الجزاء، فإذا أدخلت معها " لا " صار معناها أن الفعل يمتنع لوجود غيره، فهذا خلاف ذلك المعنى، ولا تقع إلا على الأسماء، ويقع الخبر محذوفًا لأنه لا يقع فيها الاسم إلا وخبره مدلول عليه، فاستغني عن ذكره، لذلك تقول: لولا عبد الله لضربتك، والمعنى في هذا المكان: من قرابتك، أو صداقتك، أو نحو ذلك، فهذا معناها في هذا الوضع، ولها موضع آخر تكون فيه على غير هذا المعنى، وهي " لولا " التي تقع في معنى " هلا " للتحضيض، ومن ذلك قوله: {لولا إذ سمعتوه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرًا} [النور: 12] أي هلا، وقال الله عز وجل: {لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم} [المائدة: 63] فهذه لا يليها إلا الفعل.، لأنها للأمر والتحضيض، مظهرًا أو مضمرًا، كما قال:
تعدون عقر النيب أفضل مجدكم = بني ضوطري لولا الكمي المقنعا
أي هلا تعدون الكمي المقنعا، " ولولا " الأولى لا يليها إلا الاسم على ما ذكرت لك.، ولا بد في جوابها من اللام أو معنى اللام، تقول: لولا زيدٌ فعلت، والمعنى لفعلت، وزعم سيبويه أن " زيدًا " من حديث " لولا " واللام والفعل حديثٌ معلقٌ بحديث " لولا "، وتأويله أنه للشرط الذي وجب من أجلها وامتنع لحال الاسم بعدها، و" لو " لا يليها إلا الفعل مضمرًا أو مظهرًا.، لأنها تشارك حروف الجزاء في ابتداء الفعل وجوابه، تقول: لو جئتني لأعطيتك، فهذا ظهور الفعل، وإضماره، قوله عز وجل: {قل لو أنتم تملكون خزآئن رحمة ربي} [الإسراء: 100] والمعنى والله أعلم: لو تملكون أنتم.، فهذا الذي رفع " أنتم " ولما أضمر ظهر بعده ما يفسره، ومثل ذلك: " لو ذات سوارٍ لطمتني " أراد لو لطمتني ذات سوارٍ، ومثله:
ولو غير أخوالي أرادوا نقيصتي = جعلت لهم فوق العرانين ميسمًا
وكذلك قول جرير:
لو غيركم علق الزبير بحبله = أدى الجوار إلى بني العوام
فنصب بفعل مضمر يفسره ما بعده، لأنها للفعل، وهو في التمثيل: لو علق الزبير غيركم، وكذلك كل شيء للفعل نحو: الاستفهام، والأمر، والنهي، وحروف الفعل نحو: " إذ وسوف " وهذا مشروح في الكتاب " المقتضب " على حقيقة الشرح). [الكامل: 1/360-364] (م)

تفسير قوله تعالى: {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (13) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ}.
قال: قال الكسائي: هذا استثناء يعرض. قال: ومعنى يعرض استثناء منقطع. ومن قال ظلم قال: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} وهو الذي منع القرى فرخص له أن يذكر مظلمته.
وقوله عز وجل: {مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ} قال: من تدخل في الجحد على النكرة في الابتداء، ولا تدخل في المعارف، وكأنه قال: أن نتخذ من دونك أولياء. دخولها وخروجها واحد. ومن قال أن نتخذ،
ثم أدخلها على المفعول الثاني فهو قبيح، وهو جائز، ما كان ينبغي لآبائنا ولأوليائنا أن يفعلوا هذا.
وقوله عز وجل: {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ} الآية. قال: هذا ستر ستره الله على الإسلام، أنه لا يقبل في الزنى إلا أربعة. ويقول بعضهم: لأن الحد يقام على اثنين: على الرجل والمرأة.
وفي قوله عز وجل: {وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ} يوم القيامة وهم قد كفروا في الدنيا، ما لهم ألا يقع بهم العذاب. وموضع أن رفع.
{وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ} يقولون: لا صلة. ويقول الفراء: ما ينبغي لنا. فجاء بها على المعنى، لأنه معنى ينبغي). [مجالس ثعلب: 101-102] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (14) }

تفسير قوله تعالى: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (وفي حديث آخر: قوله: «اللهم إنا نعوذ بك من الألس والألق، والكبر والسخيمة».
...
وأما الألق، فإني لا أحسبه أراد إلا الأولق، والأولق: الجنون قال الأعشى:
وتصبح من غب السرى وكأنما = ألم بها من طائف الجن أولق
يصف ناقته يقول: هي من سرعتها كأنها مجنونة، وإن كان أراد الكذب فهو الولق.
ويروى عن عائشة رحمها الله أنها كانت تقرأ: {إذ تَلِقُونَه بألسنتكم} يقال من هذا: قد ولقت ألق ولقا). [غريب الحديث: 5/549-550]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16) }

تفسير قوله تعالى: {يَعِظُكُمَ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (17) }

تفسير قوله تعالى: {وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18) }

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (20) }

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (21) }

قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (والقرا يكتب بالألف وهو الظهر
لأنه يثنى قروين ويقال قريين، ويقال فرس قرواء بينة القرا إذا طال ظهرها، وربما كتب بالياء لإشارة العرب إلى الياء بالكسر، وقد كتبوا (ما زكى منكم من أحد) بالياء وأصله الواو ونرى أن ذلك لكسرة الكاف). [المقصور والممدود: 54-55]
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وخسا وزكا مقصوران يكتبان بالألف لأن أصل زكا زكوت وأصل خسا الهمز فتكتبان بألف ولا يجريان لأنهما معرفة). [المقصور والممدود: 68]

تفسير قوله تعالى: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22) }
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
فأقسم بالله لا يأتلي = وأقسمت إن نلته لا يؤوب
لا يأتلي: لا يقصر من قولك ما ألوت في حاجتك أي ما قصرت. ويؤوب: يرجع إلى أهله. العرب تقول: لا دريت ولا ائتليت، أي لا قصرت في أن تدري، هذا قول الفراء، وقال الأصمعي: ائتليت افتعلت من ألوت أي: استطعت فاحتج بقول الشاعر:
فمن يبتغي مسعاة قومي فليرم = صعودًا إلى الجوزاء هل هو مؤتل
أي: هل هو مستطيع، وروى الأصمعي:
أقسم ينذر نذرًا دمي = وأقسمت إن جئته لا يؤوب).
[شرح المفضليات: 513]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23) }

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) }

تفسير قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25) }

تفسير قوله تعالى: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (26) }

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27) }

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28) }

تفسير قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (29) }

تفسير قوله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) }
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
سفى فوقهن الترب ضاف كأنه = على الفَرْج والحاذين قنو مذلل
...
الفرج: ما بين الفخذين). [شرح ديوان كعب بن زهير: 54] (م)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (مرّت أعرابيّةٌ بقوم من بني نمير، فأداموا النظر إليها، فقالت: يا بني نمير، واللّه ما أخذتم بواحدةٍ من اثنتين: لا بقول اللّه: {قل للمؤمنين يغضّوا من أبصارهم}. ولا بقول جرير:
فغضّ الطّرف إنك من نميرٍ = فلا كعبًا بلغت ولا كلابا
فاستحيا القوم من كلامها وأطرقوا). [عيون الأخبار: 10/85]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (ومن حرف من الأضداد، تكون لبعض الشيء، وتكون لكله، فكونها للتبعيض لا يحتاج فيه إلى شاهد، وكونها بمعنى (كل)، شاهده قول الله عز وجل: {ولهم فيها من كل الثمرات}، معناه كل الثمرات، وقوله عز وجل: {يغفر لكم من ذنوبكم}، معناه يغفر لكم ذنوبكم. وقوله عز وجل: {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما}، معناه: وعدهم الله كلهم مغفرة؛ لأنه قدم وصف قوم يجتمعون في استحقاق هذا الوعد. وقول الله عز وجل في غير هذا الموضع: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير}، معناه: ولتكونوا كلكم أمة تدعو إلى الخير، قال الشاعر:
أخو رغائب يعطاها ويسألها = يأبى الظلامة منه النوفل الزفر
أراد: يأبى الظلامة لأنه نوفل زفر. ومستحيل أن تكون
(مِنْ) هاهنا تبعيضا إذ دخلت على ما لا يتبعض، والعرب تقول: قطعت من الثوب قميصا، وهم لا ينوون أن القميص قطع من بعض الثوب دون بعض؛ إنما يدلون بـ(من) على التجنيس، كقوله عز وجل: {فاجتبوا الرجس من الأوثان} معناه: فاجتنبوا الأوثان التي هي رجس، واجتنبوا الرجس من جنس الأوثان؛ إذ كان يكون من هذا الجنس ومن غيره من الأجناس.
وقال الله عز وجل: {وننزل من القرآن ما هو شفاء}، فـ (مِنْ)، ليست هاهنا تبعيضا؛ لأنه لا يكون بعض القرآن شفاء وبعضه غير شفاء، فـ(مِنْ) تحتمل تأويلين: أحدهما التجنيس، أي ننزل الشفاء من جهة القرآن، والتأويل الآخر أن تكون (من) مزيدة للتوكيد، كقوله: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم}، وهو يريد يغضوا أبصارهم، وكقول ذي الرمة:

إذا ما امرؤ حاولن يقتتلنه = بلا إحنة بين النفوس ولا ذحل
تبسمن عن نور الأقاحي في الثرى = وفترن من أبصار مضروجة نجل
أراد: وفترن أبصار مضروجة.
وكان بعض أصحابنا يقول: من ليست مزيدة للتوكيد في قوله: {من كل الثمرات}، وفي قوله: {من أبصارهم} وفي قوله: {يغفر لكم من ذنوبكم}. وقال: أما قوله: {من كل الثمرات}، فإن (من) تبعيض، لأن العموم في جميع الثمرات لا يجتمع لهم في وقت واحد؛ إذ كان قد تقدم منها ما قد أكل، وزال وبقي منها ما يستقبل ولا ينفد أبدا، فوقع التبعيض لهذا المعنى.
قال: وقوله: {يغضوا من أبصارهم} معناه: يغضوا بعض أبصارهم. وقال: لم يحظر علينا كل النظر، إنما حظر علينا بعضه، فوجب التبعيض من أجل هذا التأويل.
قال: وقوله: {يغفر لكم من ذنوبكم} من هاهنا مجنسة، وتأويل الآية: يغفر لكم من إذنابكم، وعلى إذنابكم، أي يغفر لكم من أجل وقوع الذنوب منكم، كما يقول الرجل: اشتكيت من دواء شربته، أي من أجل الدواء.
وقال بعض المفسرين: من في قوله تعالى: {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة} مبعضة، لأنه ذكر أصحاب نبيه صلى الله عليه، وكان قد ذكر
قبلهم الذين كفروا فقال: {إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية}. وقال بعد: {منهم}؛ أي من هذين الفريقين، ومن هذين الجنسين). [كتاب الأضداد: 252-255] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (والإربة والأرب والإرب الحاجة ومنه قول عائشة: كان أملككم لإربه [في حديث النبي عليه السلام]. ويقال المأربة والمأربة وجمعها مآرب من قول الله عز وجل: {ولي فيها مآرب أخرى} ). [الغريب المصنف: 3/984]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم في المخنث الذي كان يدخل على أزواجه فقال لعبد الله بن أبي أمية أخي أم سلمة: إن فتح الله علينا الطائف غدا دللتك على ابنة غيلان فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لا يدخل هذا عليكن)).
قال: حدثناه ابن علية عن روح بن القاسم عن هشام بن عروة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما في حديث يروى عن الليث بن سعد بإسناد له أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ((ألا أراك تعقل هذا؟ لا يدخل ذا عليكن)).
...
....
وفيه من الفقه دخوله كان على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فإنه وإن كان مخنثا فهو رجل يجب عليهن الاستتار منه، وإنما وجهه عندنا أنه كان عند النبي صلى الله عليه وسلم من غير أولي الإربة من الرجال لقول الله عز وجل: {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن ...} إلى قوله: {أو التابعين غير أولي
الإربة من الرجال} فلهذا كان ترك النبي صلى الله عليه وسلم إياه أن يدخل على أزواجه.
فلما وصف الذي وصف من المرأة علم أنه ليس من أولئك فأمر بإخراجه.
ألا تراه يقول له: ((ألا أراك تعقل ما ههنا؟)) فعند ذلك نهى عن دخوله عليهن.
وكذلك يروى عن الشعبي أو سعيد بن جبير أنه قال في {غير أولي الإربة من الرجال} قال: هو المعتوه.
وهذا عندي أولى من قول مجاهد.
قال: حدثناه ابن علية عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {غير أولي الإربة من الرجال}، قال: الذي لا أرب له في النساء.
قال مجاهد: مثل فلان.
وحديث النبي صلى الله عليه وسلم خلاف هذا، ألا ترى أنه قد يكون لا أرب له في النساء وهو مع هذا يعقل أمرهن ويعرف مساويهن من محاسنهن.
والذي في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان عنده لا يعقل هذا، فلما رآه قد عقله أمر بإخراجه). [غريب الحديث: 2/96-102]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث عائشة: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل ويباشر وهو صائم، ولكنه كان أملككم لأربه.
حدثناه أبو معاوية عن الأعمش عن مسلم بن صبيح
عن مسروق عن عائشة.
قولها: لأربه، هكذا يروى في الحديث، وهو في الكلام المعروف لإربه، والإرب: الحاجة، أو لإربته، والإربة: الحاجة أيضا قال الله تبارك وتعالى: {غير أولي الأربة من الرجال} فإن كان هذا محفوظا، ففيه ثلاث لغات: الأرب والإربة والإرب.
وقد يكون الإرب -في غير هذا- العضو ويقال له: إرب، ويقال منه: قطعته إربا إربا.
والإرب أيضا: الخب والمكر، ومنه: الرجل يؤارب صاحبه، ومنه قول قيس بن الخطيم:
أربت بدفع الحرب حتى رأيتها = على الدفع لا تزداد غير تقارب
فقد يكون قوله: " أربت " من معنيين: يكون من الأريب وهو العاقل العالم بالأشياء، يقول: كنت حاذقا بدفعها حتى رأيتها على الدفع لا تزداد إلا قربا فقاتلت حينئذ.
ويكون " أربت " من الإرب وهو المكر والخديعة قال الأصمعي ذاك أو بعضه.
وفي هذا الحديث من الفقه قولها: ولكنه كان أملككم لأربه أنه لم يكره القبلة، إنما كره ما يخاف منها. وكذلك المباشرة). [غريب الحديث: 5/368-370]
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (وتقول ما أربك إلى هذا أي ما حاجتك إليه ولي في هذا الشيء أرب وإربة ومأربة أي حاجة قال الله جل ثناؤه: {ولي فيها مآرب أخرى} وقال: {غير أولي الإربة من الرجال} أي غير ذوي الحاجة من الرجال إلى النساء). [إصلاح المنطق: 295] (م)

قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
سفى فوقهن الترب ضاف كأنه = على الفَرْج والحاذين قنو مذلل
...
الفرج: ما بين الفخذين). [شرح ديوان كعب بن زهير: 54] (م)


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 3 محرم 1433هـ/28-11-2011م, 05:12 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32) }
قال أبو فَيدٍ مُؤَرِّجُ بنُ عمروٍ السَّدُوسِيُّ (ت: 195هـ) : (قالَ غيرُه: الأَيِّمُ: التي لا زَوجَ لها). [شرح لامية العرب: --]
قال أبو عبيدةَ مَعمرُ بنُ المثنَّى التيمي (ت:209هـ): (

ولا تتركوا أثآركم ونساؤكم = أيامى تنادي كلما طلع الفجر
قوله نساؤكم أيامى يعني بلا أزواج). [نقائض جرير والفرزدق: 925]
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (ويقال فلانة أيم إذا لم يكن لها زوج بكرا كانت أو ثيبا والجميع أيامى والأصل أيائم فقلبت ورجل أيم لا امرأة له وقد آمت المرأة من زوجها تئيم أيمة وأيما وقد تأيمت المرأة زمانا ويأيم الرجل زمانا إذا مكث زمانا لا يتزوج قال وسمعت العلاء بن أسلم يقول حدثني رجل قال سمعت رجلا من العرب يقول أي يكونن على الأيم نصيبي يقول ما يقع بيدي بعد ترك التزويج أي امرأة صالحة أو غير ذلك ولقد إمتها أئيمها ويقال الحرب مأيمة أي تقتل الرجال فتدع النساء بلا أزواج). [إصلاح المنطق: 341]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (حضر المأمون إملاكًا وهو أمير، فسأله بعض من حضر أن يخطب، فقال: المحمود اللّه والمصطفى رسول اللّه، وخير ما عمل به كتاب اللّه؛ قال اللّه تعالى: {وأنكحوا الأيامى منكم والصّالحين من عبادكم وإمائكم} ولم يكن في المناكحة آيةٌ منزلّة ولا سنةٌ متبّعةٌ إلا ما جعل اللّه في ذلك من تألف البعيد وبرّ القريب، وليسرع إليها الموّفق ويبادر إليها العاقل اللّبيب وفلانٌ من قد عرفتموه في نسب لم تجهلوه خطب إليكم فلانة فتاتكم وقد بذل لها من الصّداق كذا، فشفّعوا شافعنا وأنكحوا خاطبنا، وقولوا خيرًا تحمدوا عليه وتؤجروا؛ أقول قولي هذا، وأستغفر اللّه لي ولكم). [عيون الأخبار: 10/75]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( ومن الأضداد أيضا الأيم؛ يقال: امرأة أيم، إذا كانت بكرا لم تزوج، وامرأة أيم، إذا مات عنها زوجها، قال الله عز وجل: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم}، فالأيامى جمع الأيم: يقال: هن الحرائر، ويقال: هن القرابات، نحو البنت والأخت، وقول جميل:
أحب الأيامى إذ بثينة أيم
يدل على أن (الأيم) البكر التي ما زوجت، لقوله:
وأحببت لما أن غنيت الغوانيا
ويقال: قد آمت المرأة إذا مات عنها زوجها، ورجل أيمان وأيم، والمرأة أيمة، وأيمى، قال الشاعر:
فأبنا وقد آمت نساء كثيرة = ونسوان سعد ليس فيهن أيم
وقال جميل:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة بوادي القرى إني إذا لسعيد
وهل ألقين سعدى به وهي أيم = وما رث من حبل الوصال جديد
وقال الآخر:
فإن تنكحي أنكح وإن تتأيمي = يد الدهر ما لم تنكحي أتأيم
وحدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، قال: حدثنا نصر، قال: خبرنا الأصمعي، عن أبي الأشهب، قال: قال الأحنف: لا أناة عندي في ثلاث: الصلاة إذا حضرت حتى أقضيها، وحميم إذا مات حتى أواريه، وأيم إذا خطبها كفؤها حتى أنكحها.
ويقال في دعاء للعرب: ماله آم وعام، فمعنى (آم) ماتت امرأته، و(عام) اشتدت شهوته للبن لعدمه إياه. وإنما لم يدخلوا الهاء في (أيم)، وهو وصف للمرأة لأن النساء يوصفن
بهذا أكثر من الرجال، فكن أغلب عليه، فأجري مجرى حائض، وطالق، وطامث؛ وما أشبههن، مما لا يحتاج فيه إلى إدخال علامة تدل على التأنيث). [كتاب الأضداد: 331-333]

تفسير قوله تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (33) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن كسب الزمارة.
حدثنيه حجاج عن حماد بن سلمة عن هشام بن حسان وحبيب بن الشهيد عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم:
قال الحجاج: الزمارة: الزانية.
فمعناه مثل قوله إنه نهى عن مهر البغي، والتفسير في الحديث.
ولم أسمع هذا الحرف إلا فيه، ولا أدري من أي شيء أخذ.
وقال بعضهم: الرمازة، وهذا عندي خطأ في هذا الموضع.
إنما الرمازة في حديث آخر، وذلك أن معناها مأخوذ من الرمز، وهي التي تومئ بشفتيها أو بعينيها فأي كسب لها ههنا ينهى عنه، ولا وجه للحرف إلا ما قال الحجاج: زمارة، وهو عندنا أثبت ممن خالفه، إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كسب الزانية، وبه نزل القرآن في قوله: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا} فهذا العرض
هو الكسب، وهو مهر البغي وهو الذي جاء فيه النهي وهو كسب الأمة، كانوا يكرهون فتياتهم على البغاء ويأكلون كسبهن حتى أنزل الله تبارك وتعالى في ذلك النهى.
حدثني يحيى بن سعيد عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: كانت أمة لعبد الله بن أبي وكان يكرهها على الزنا فنزلت: {ولا تكرهوا فتياتكم على
البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم}.
المغفرة لهن لا للمولى، وحدثني إسحاق الأزرق عن عوف عن الحسن في هذه الآية قال: لهن والله، لهن والله، لهن والله). [غريب الحديث: 3/355-359]
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (
قال أبو علي: قال الأصمعي: البغيّ: الأمة، وجمعه بغايا، وفي الحديث: قامت على رءوسهم البغايا وقال الأعشى:
والبغايا يركضن أكسية الإضريج والشرعبى ذا الأذيال
وقال آخر:
فخر البغي بحدج ربتها = إذا ما الناس شلّوا
أي طردوا، والبغيّ أيضًا: الفاجرة، يقال: بغت تبغي إذا فجرت، والبغاء: الفجور في الإماء خاصةً قال الله عز وجل: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} [النور: 33] والبغيّة: الربيئة، قال الشاعر:
وكان وراء القوم منهم بغيّةٌ = فأوفى يفاعًا من بعيدٍ فبشّرا
وجمعها بغايا، وقال طفيل الغنويّ:
فألوت بغاياهم بنا وتباشرت = إلى عرض جيشٍ غير أن لم يكتّب).
[الأمالي: 2/275]

تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آَيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (34) }

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35) }
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت: 206هـ): (وقالوا: هذا كوكبٌ درّيٌّ، على فعليٍّ، غير مهموز، ودرّيٌّ، على فعليٍّ. يكون من قولهم: درأ الكوكب بضوئه درءاً ودرءاً، أي أضاء.
وقالوا: درأت له بساطاً [إذا] بسطته.
وقالوا: كوكبٌ درّيءٌّ، على فعّيل، بالهمز وفتحة الدال.
وقالوا أيضاً: درّيء يا هذا، بالضمّ للدال والهمز.
و(درّيٌّ)، بغير همز، منسوبٌ إلى الدّرّ، وهي قراءة العامّة. ودرّيٌّ، بغير همزٍ: الكوكب نفسه). [الأزمنة: 30]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (

ودوية لا يهتدى لفلاتها = بعرفان أعلام ولا ضوء كوكب
...
يقول: لا يهتدى فيها بضوء الكواكب لعمائها. ويقال: هو الضَّوْء والضُّوْء، وقد أضاء الشيء يُضِيء إضَاءَة.
وضَاء يضوء ضَوْءا وضُوْءا). [شرح ديوان امرئ القيس:372- 373] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قال الله عز وجل وله المثل الأعلى: {الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ}. وقال: {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ}. وقد اعترض معترض من الجهالة الملحدين، في هذه الآية. فقال: إنما يمثل الغائب بالحاضر، ورؤوس الشياطين لم نرها، فكيف يقع التمثيل بها! وهؤلاء في هذا القول كما قال الله جل وعز: {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ}. وهذه الآية قد جاء تفسيرها على ضربين: أحدهما، أن شجرًا يقال له الأستن، منكر الصورة يقال لثمره: رؤوس الشياطين، وهو الذي ذكره النابغة في قوله:
تحيد عن أستن سود أسافله
وزعم الأصمعي أن هذا الشجر يسمى الصوم.
والقول الآخر - وهو الذي يسبق إلى القلب - أن الله جل ذكره شنع صورة الشياطين في قلوب العباد. فكان ذلك أبلغ من المعاينة، ثم مثل هذه الشجرة مما تنفر منه كل نفس). [الكامل: 2/996-997]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( ومن الأضداد أيضا قول العرب: لم أضرب عبد الله ولم يضربني زيد؛ يحتمل معنيين متضادين: أحدهما أن يكون: ضربي عبد الله مجحودا وكذلك ضرب زيد إياي؛ يراد به ما كان ذا وما كان ذا. والوجه الآخر أن يكون الفعل الأول والثاني صحيحين مثبتين، والتقدير: لم أضرب عبد الله حتى ضربني زيد، فوقع ضربي بعبد الله لما وقع لي ضرب زيد؛ قال الشاعر حجة
لهذا المذهب:

فلا أسقى ولا يسقى شريبي = ويرويه إذا أوردت مائي
معناه: فلا أسقى حتى يسقى شريبي.
وشبيه به قول العرب: فلان لا مسافر ولا مقيم؛ يراد به لا يلزم أحد الأمرين دون الآخر، بل يسافر في وقت ويقيم في وقت. ومن هذا قول الله جل وعز: {يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية}، معناه: هي شرقية غربية، وليست بشرقية ولا غربية، ولا غربية لا شرقية، لكنها تجمع الأمرين جميعا، تلحقها الشمس في وقت الطلوع وفي وقت الغروب، وذلك أصفى لزيتها وأجود له. وقد قال بعض المفسرين: وصف الله عز وجل شجرة خضراء ناعمة، قد حفت بها الأشجار وأظلتها، فهي تمنع الشمس من أن تلحقها في وقت الطلوع، أو في وقت الغروب. فهذا التفسير يضاد التفسير الأول؛ لأن أصحابه يذهبون إلى أن الشمس لا تلحق هذه الشجرة في واحد من هذين الوقتين.
وقال آخرون: هي شجرة في أصل جبل، قد منع
الجبل الشمس من أن تلحقها في هذين الوقتين؛ فهي مستورة ممنوعة من الشمس بالجبل العالي عليها، وهذا التفسير يضارع التفسير الذي قبله). [كتاب الأضداد: 259-261]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( ومما يفسر من كتاب الله تبارك وتعالى تفسيرين متضادين قوله جل وعلا: {كمشكاة فيها مصباح المصباح}، قال بعض المفسرين: المشكاة الكوة، لسان الحبشة.
وقال أبو عبيدة: المشكاة: الكوة لا منفذ لها في كلام العرب، وأنشد:
تدير عينين لها كحلاوين = كمثل مصباحين في مشكاتين).
[كتاب الأضداد: 423-424]

تفسير قوله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ (36) }
قال أبو فَيدٍ مُؤَرِّجُ بنُ عمروٍ السَّدُوسِيُّ (ت: 195هـ) : (والآصالُ: العَشِيَّاتُ, واحدُها أَصيلٌ). [شرح لامية العرب: --] (م)
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (الآصال: من نصف النهار إلى العصر). [مجالس ثعلب: 398] (م)

تفسير قوله تعالى: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) }

تفسير قوله تعالى: {لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (38) }

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآَنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (39) }
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (والنقاع واحدها نقع، وهي الأرض الحرة الطيبة ليست فيها حزونة ولا ارتفاع ولا انهباط. والقاع مثله وجمعه قيعان [وقيعة]). [الغريب المصنف: 1/388]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((من كانت له إبل أو بقر أو غنم ولم يؤد زكاتها بطح لها يوم القيامة بقاع قرقر تطؤه بأخفافها وتنطحه بقرونها كلما نفدت أخراها عادت عليه أولاها)).
قال: حدثناه حجاج عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم:
قوله: ((بقاع قرقر)) قال الأصمعي: القاع المكان المستوي ليس فيه ارتفاع ولا انخفاض.
وهو القيعة أيضا. قال الله تبارك وتعالى: {كسراب بقيعة} ويقال: القيعة جمع قاع). [غريب الحديث: 2/55-57]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والرماد: باطل من الكلام والعلم، لا ينتفع به؛ وكذلك السراب والهباء: يقول الله عز وجل في الرماد: {كرماد اشتدت به الريح} وقال في السراب: {يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا}.

وقال في الهباء: {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا} ). [تعبير الرؤيا: 168-169] (م)
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {والَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ} منه يبرونه ثم أدغمت الواو في الياء، وإذا جعلها من السر فهي فعلية. {يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ} معناه يكثركم فيه أي في الخلق. وذرية وذرية جميعًا من ذرأ الله الخلق يذرؤهم ذرءًا وكان ينبغي أن يكون مهموزًا، ومن قال هي من الذر قال ذرية لا غير، ولا همز، وإنما ضمت قياسًا على نسبة أشباهها، مثل دهري منسوب إلى دهر، وما كان مثله). [مجالس ثعلب: 177-178]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
أعددت للأعداء موضونةً = فضفاضةً كالنهي بالقاع
قال عامر الضبي: الموضونة التي نسجت حلقتين حلقتين قال وأصل الموضونة وضع الشيء على الشيء.
وكل جماعةٍ مستديرة فهي حلقة ساكنة اللام وكذلك من الحديد، والحلقة بفتح اللام جمع حالق الشعر، وقد قيل بفتح اللام في الناس وهي قليلة. قال أحمد: الموضونة التي لصق بعض نسجها ببعض. والفضفاضة الواسعة من الدروع وكل واسع فضفاض يقال عيش فضفاض إذا كان واسعًا. والقاع: الموضع المطمئن الجيد الطين تكون فيه حصىً صغار ويكون للسراب فيه مضطرب وجمعه قيعان وقيعة، قال الله عز وجل: {كسرابٍ بقيعة}، وقال الفراء: القاع المنبسط من الأرض وجمعه قيعان وقيعة، وهو مثل جيرانٍ وجيرة قال: وفيه يكون السراب، وقال غيره: القاع: الأرض الواسعة ذات طينٍ حرٍ تمسك الماء). [شرح المفضليات: 567]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
بقرار قيعان سقاها وابل = واه فأثجم برهة لا يقلع
...
والقيعان جمع قاع وهو القطعة من الأرض الصلبة الطيبة الطين وتجمع القاع قيعة: قال الله جل وعز: {كسراب بقيعة} ). [شرح المفضليات: 859]

تفسير قوله تعالى: {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (40) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ومن هذه الحروف كاد، وهي للمقاربة، وهي فعل. تقول: كاد العروس يكون أميراً، وكاد النعام يطير. فأما قول الله عز وجل: {إذا أخرج يده لم يكد يراها} فمعناه - والله أعلم - لم يرها، ولم يكد، أي: لم يدن من رؤيتها. وكذلك: {من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم}. فلا تذكر خبرها إلا فعلاً، لأنها لمقاربة الفعل في ذاته). [المقتضب: 3/74-75]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله:
"وقد كربت أعناقها أن تقطعا"
يقول: سقيت هذا السجل وقد دنت أعناقها من أن تقطع عطشًا، وكرب في معنى المقاربة، يقال: كاد يفعل ذلك، وجعل يفعل ذلك، وكرب يفعل ذلك، أي دنا من ذلك. ويقال: جاء زيد والخيل كاربته، أي قد دنت منه وقربت. فأما أخذ يفعل، وجعل يفعل، فمعناهما أنه قد صار يفعل، ولا تقع بعد واحدة منهما: "أن" إلا أن يضطر شاعرٌ، قال الله عز وجل: {إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} أي لم يقرب من رؤيتها، وإيضاحه: لم يرها ولم يكد، وكذلك: {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ}، وكذلك: {كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ} بغير "أن". ومن أمثال العرب: كاد النعام يطير، وكاد العروس يكون أميرًا، وكاد المنتعل يكون راكبًا وقد اضطر الشاعر فأدخل "أن" بعد "كاد"، كما أدخلها هذا بعد "كرب" فقال:
"وقد كربت أعناقها أن تقطعها"
وقال رؤبة:
"قد كاد من طول البلى أن يمصحا"
فكاد بمنزلة كرب في الإعمال والمعنى، قال الشاعر:

أغثني غياثًا يا سليمان إنني = سبقت إليك الموت، والموت كاربي
خشية جورٍ من أميرٍ مسلطٍ = ورهطي، وما عاداك مثل الأقارب).
[الكامل: 1/252-253]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله عز وجل: {إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} قال: رآها بعد بطء. وقولك كدت أقوم، أي لم أقم؛ ولم أكد أن أقوم، أي قمت. وقال هنا: القول والاختيار أن يقال لم يرها ولم يكد. والفراء يقول: من دون ما هنا لا يراها). [مجالس ثعلب: 142]


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 3 محرم 1433هـ/28-11-2011م, 05:13 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (41) }

تفسير قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (42) }

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ (43) }
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (والسنا على وجهين: سنا البرق مقصور يكتب بالألف ويثنى بالواو، فيقال سنوان، وسناء المجد والشرف ممدود يكتب بالألف). [المقصور والممدود: 18]
قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت:215هـ): (ويقال: هو سنا البرق وهو ضوء البرق تراه من غير أن ترى البرق أو ترى مخرجه في موضعه. وإنما يكون السنا بالليل دون النهار وربما كان ذلك في غيم وربما كان ذلك بغير سحاب والسماء مصحية، وضوء البرق مثل سناه). [كتاب المطر: 12]
قال أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري (ت:215هـ): (والركام الذي قد تراكم بعضه على بعض مثل النضد). [كتاب المطر: 14]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (الأصمعي: اليعلول واحدها يعلول، ..... غيره: الودق المطر). [الغريب المصنف: 2/501]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (

يضيء سناه راتق متكشف = أغر كمصباح اليهود دلوج
...
(سناه) ضوء البرق). [شرح أشعار الهذليين: 1/129-130]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
غداة بنو سعد كأن عديهم = عثانين سيل في ذراه القوانس
...
وروى أبو عمرو: (في سناه) سنا السيل يعني السحاب، و(سناه) برقه). [شرح أشعار الهذليين: 2/643]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
ومنها وأصحابي بريعان موهنا = بلألؤ برق في سنا متألق
...
و(السنا) الضوء). [شرح أشعار الهذليين: 2/655]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
كأنهم تحت صيفي له نحم = مصرح طحرت أسناؤه القردا
...
و(الأسناء) جمع سنا، وهو الضوء). [شرح أشعار الهذليين: 2/675]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
لا زالت الريح تزجي كل ذي لجب = غيثا إذا ما ونته ديمة دفقا
...
وتزجي: تسوق). [شرح ديوان كعب بن زهير: 234] (م)
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى = بنا بطن خبت ذي قفاف عقنقل
ويروى: «بطن حقف ذي ركام».
...
و(ركام): بعضه فوق بعض. يقال: رمل ركام). [شرح ديوان امرئ القيس: 208-210]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (

يضيء سناه أو مصابيح راهب = أمال السليط بالذبال المفتل
...
سناه: ضوءه، يقال: سنا البرق يسنو: إذا أضاء، يريد: كأن مصابيح راهب في سناه). [شرح ديوان امرئ القيس: 278]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
ويهدأ تارات سناه وتارة = ينوء كتعتاب الكسير المهيض
...
سناه: ضوءه.
وقال أبو زيد: السنا: ضوء البرق تراه من غير أن ترى البرق، أو ترى مخرجه من موضعه، وإنما يكون السنا بالليل دون النهار، وربما كان ذلك في غيم، وربما كان بغير سحاب والسماء مصحية). [شرح ديوان امرئ القيس: 458-459]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقولها: سنا الصبح، السنا: من الضوء، مقصور كقول الله جل وعز: {يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار}. والسناء: من الشرف، ممدود). [التعازي والمراثي: 106]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله:
"وقد كربت أعناقها أن تقطعا"
يقول: سقيت هذا السجل وقد دنت أعناقها من أن تقطع عطشًا، وكرب في معنى المقاربة، يقال: كاد يفعل ذلك، وجعل يفعل ذلك، وكرب يفعل ذلك، أي دنا من ذلك. ويقال: جاء زيد والخيل كاربته، أي قد دنت منه وقربت. فأما أخذ يفعل، وجعل يفعل، فمعناهما أنه قد صار يفعل، ولا تقع بعد واحدة منهما: "أن" إلا أن يضطر شاعرٌ، قال الله عز وجل: {إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} أي لم يقرب من رؤيتها، وإيضاحه: لم يرها ولم يكد، وكذلك: {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ}، وكذلك: {كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ} بغير "أن". ومن أمثال العرب: كاد النعام يطير، وكاد العروس يكون أميرًا، وكاد المنتعل يكون راكبًا وقد اضطر الشاعر فأدخل "أن" بعد "كاد"، كما أدخلها هذا بعد "كرب" فقال:
"وقد كربت أعناقها أن تقطعها"
وقال رؤبة:
"قد كاد من طول البلى أن يمصحا"
فكاد بمنزلة كرب في الإعمال والمعنى، قال الشاعر:

أغثني غياثًا يا سليمان إنني = سبقت إليك الموت، والموت كاربي
خشية جورٍ من أميرٍ مسلطٍ = ورهطي، وما عاداك مثل الأقارب).
[الكامل: 1/252-253] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (السنا: ضوء النار، وهو مقصور، قال الله عز وجل: {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ} والسناء من الشرف، ممدود، قال حسان بن ثابت:
وإنك خير عثمان بن عمرٍو = وأسناها إذا ذكر السناء).
[الكامل: 1/286]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله: في أفانين ودقه يريد ضروبًا من ودقه. والودق: المطر. قال الله تبارك وتعالى: {فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ}.
وقال عامر بن جوين الطائي:
فلا مزنة ودقت ودقها = ولا أرض أبقل إبقالها).
[الكامل: 2/993-994]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله: سنا برق غاد والسنا: من الضياء مقصور. قال الله جل وعز: {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ}. والسناء: من المجد ممدود. وقال الشاعر:
وهم قوم كرام الحي طرًا = لهم خول إذا ذكر السناء).
[الكامل: 2/1043]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله:
فيه روائع من إنس ومن جان
الواحدة رائعة، يقال: راعني يروعني روعًا، أي أفزعني، قال الله تعالى ذكره: {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ}. ويكون الرائع الجميل، يقال: جمال رائع، يكون ذلك في الرجل والفرس وغيرهما، وأحسب الأصل فيهما واحدًا؛ أنه يفرط حتى يروع، كما قال الله جل ثناؤه: {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ}، للإفراط في ضيائه. والرائع؛ مهموز، وكذلك كل فعل من الثلاثة مما عينه واو أو ياء، إذا كانت معتلة ساكنة، تقول: قال يقول: وباع يبيع، وخاف يخاف، وهاب يهاب، يعتل اسم الفاعل فيهمز موضع العين، نحو قائل، وبائع، وخائف، وصائب، فإن صحت العين في الفعل، صحت في اسم الفاعل، نحو: عور الرجل فهو عاور، وصيد فهو صائد، والصيد: داء يأخذ في الرأس والعينين والشؤون. وإنما صحت في عور وحول وصيد لأنه منقول من أحوال وأعور. وقد أحكمنا تفسير هذا الكتاب المقتضب). [الكامل: 3/1089-1090] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قوله: وقد طار السنا في ربابه، السنا: الضوء، وهو مقصور، قال جل وعز: {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ} والسناء، من الحسب ممدود. والرباب: سحاب دون السحاب كالمتعلق بما فوق). [الكامل: 3/1441]
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (قال: وقال أبو العباس في قوله عز وجل: {يكاد سنا برقه} معناه يقارب. يقال سنا البرق يسنو، إذا أضاء. وهو مقصور؛ والسناء من المجد ممدود). [مجالس ثعلب: 141]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
أقول وقد طار السنا في ربابه = وجون يسح الماء حتى تريعا
السنا: ضوء البرق. والرباب: السحاب يرى دون السحاب، قال: فأنشدني للمازني:
كأن الرباب دوين السحاب = نعام تعلق بالأرجل
وقال عياض بن كثير:
كأن الرباب الجون في حجراته = بأرجائه القصوى نعام معلق
الجون ههنا سحاب أسود وقد يكون الجون الأبيض وهو من الأضداد ويسح يصب وتريع جاء وذهب. غيره: المزن: السحاب الأبيض ويروى: ومزن يسح. قال: والتريع التردد ويقال للسحاب هو يتريع إذا كثر فصار متحيرًا مترددًا. وسنا: يكتب بالألف وكذلك سنا النار وهو ضوءها والسنا نبت). [شرح المفضليات: 535]
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (والوادق: الذي يكون فيه الودق، وهو المطر العظيم القطر، ويكون الداني من الأرض، يقال: ودق يدق إذا دنا، والوديقة من هذا، وهي شدة الحر، لأن حرارة الشمس تدنو من الأرض). [الأمالي: 1/172]
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (السنا: الضوء). [الأمالي: 2/35]

تفسير قوله تعالى: {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ (44) }

تفسير قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (45) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وإنما قلنا: إن إن أصل الجزاء؛ لأنك تجازي بها في كل ضرب منه. تقول: إن تأتني آتك، وإن تركب حماراً أركبه، ثم تصرفها منه في كل شيء. وليس هكذا سائرها. وسنذكر ذلك أجمع.
تقول في من: من يأتني آته، فلا يكون ذلك إلا لما يعقل. فإن أردت بها غير ذلك لم يكن.
فإن قال قائل: فقد قال الله عز وجل: {والله خلق كل دابةٍ من ماءٍ فمنهم من يمشي على بطنه} فهذا لغير الآدميين، وكذلك {ومنهم من يمشي على أربع}.
قيل: إنما جاز هذا؛ لأنه قد خلط مع الآدميين غيرهم بقوله: {والله خلق كل دابةٍ من ماءٍ}، وإذا اختلط المذكوران جرى على أحدهما ما هو للآخر إذا كان في مثل معناه، لأن المتكلم يبين به ما في الآخر وإن كان لفظه مخالفاً. فمن ذلك قول الشاعر:
شراب ألبانٍ وتمرٍ وإقط). [المقتضب: 2/49-50]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (ويكون: "تبكي عليك نجوم الليل والقمر"، على أن تكون الواو في معنى مع، وإذا كانت كذلك فكان قبل الاسم الذي يليه أو بعده فعلٌ انتصب لأنه في المعنى مفعول وصل الفعل إليه فنصبه. ونظيرُ ذلك: استوى الماء والخشبة لأنك لم ترد استوى الماء واستوت الخشبة؛ ولو أردت ذلك يم يكن إلا الرفع، ولكن التقدير: ساوى الماءُ الخشبة، وكذلك "ما زلت أسير والنيلَ" يا فتى؛ لأنك لست تخبر عن النيل بسير، وإنما تريدُ أن سيرك بحذائه ومعه، فوصل الفعلُ. وهذا بابٌ يطولُ شرحه. فإن قلتَ: "عبد الله وزيدٌ أخواك" وأنت تريد بالواو معنى مع، لم يكن إلا الرفعُ، لن قبلها اسمًا مبتدأ، فهي على موضعِهِ.
وأجود التفسير عندنا في قوله الله جلَّ وعزَّ: {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ} أن تكون الواو في معنى مع، لأنك تقولُ: أجمعت رأيي وأمري، وجمعتُ القومَ، فهذا هو الوجهُ. وقومٌ ينصبونه على دخوله بالشركة مع اللام في معنى الأول، والمعنى الاستعدادُ بهما، فيجعلونه كقولِ القائلِ:
يا ليت زوجكِ قد غدا = متقلدًا سيفًا ورمحا
والرمح لا يتقلد، ولكن أدخل مع ما يتقلد، فتقديره: "متقلدًا سيفًا وحاملاً رمحًا"، ويكون تقدير الآية: فأجمعوا أمركم وأعدوا شركاءكم. والمعنى يؤول إلى أمر واحدٍ. ومن ذلك قوله:
شراب ألبانٍ وتمرٍ وأقطْ
فأما ما جاء من القرآن على هذا خاصة؛ فقوله جل وعز: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ} فأدخل من ههنا، لأن الناس مع هذه الأشياء، فجرت على لفظٍ واحدٍ، ولا تكون من إلا لمن يعقل إذا أفردتها). [الكامل: 2/835-837] (م)

تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا آَيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (46) }

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (47) }

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (48) }

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49) }

تفسير قوله تعالى: {أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمَ الظَّالِمُونَ (50) }

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51) }

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (52) }

تفسير قوله تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (53) }


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 3 محرم 1433هـ/28-11-2011م, 05:13 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (54) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب ما يختار فيه حذف الواو والياء من هذه الهاءات
اعلم أنه إذا كان قبل هاء المذكر ياءٌ ساكنة، أو واو ساكنة، أو ألف كان الذي يختار حذف الواو والياء بعدها.
وذلك؛ لأن قبلها حرف لين، وهي خفية، وبعدها حرف لين، فكرهوا اجتماع حرفين ساكنين كلاهما حرف لين ليس بينهما إلا حرف خفي، مخرجه مخرج الألف وهي إحدى هذه الثلاث.
وذلك قوله {فألقى موسى عصاه} و{عليه ما حمل} وفيه بصائر ورأيت قفاه يا فتى.
وإن أتممت فعربي حسن، وهو الأصل، وهو الاختيار، لما ذكرت لك. فإن كان قبل الهاء حرف ساكن ليس من هذه الحروف، فإن سيبويه والخليل يختاران الإتمام.
والحذف عندي أحسن. وذلك قوله {منه آياتٌ محكماتٌ}، ومن لدنه يا فتى، في إلا ....
وسيبويه، والخليل يختازان إتمام الواو، لما ذكرت لك، فالإتمام عندهما أجود، لأنها قد خرجت من حروف اللين تقول رأيت ... يا فتى). [المقتضب: 1/401]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (فإن قال قائل: فما بالكم إذا قلتكم: رأيتكم حذفتم الواو، ولم تثبتوا الحركة؟ قيل: لأن الضمة في الاستثقال مع هذا كالواو، وإنما بقيت الحركة في الواحد في قوله: {منه آياتٌ محكماتٌ} و{عليه ما حمل}، لأن ما قبل الهاء ساكن فلم يجوز إسكانها، فيلتقي ساكنان). [المقتضب: 1/403] (م)

تفسير قوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) }

تفسير قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (56) }

تفسير قوله تعالى: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ (57) }

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58) }
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (وغلام حالم، وجارية حالمة عند الإدراك، وقد حلم حلما، وكل محتلم من ذاك). [الفرق في اللغة: 95]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم:
[غريب الحديث: 1/340]
((ليست الهرة بنجس إنما هي من الطوافين عليكم أو الطوافات))
قال: وكان يصغي لها الإناء.
قال: حدثنيه سفيان بن عيينة، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن امرأة، عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: ((من الطوافين أو الطوافات عليكم)) إنما جعلها بمنزلة المماليك، ألا تسمع قول الله تبارك وتعالى: {يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم} إلى قوله: {ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم} وقال عز وجل في موضع آخر: {يطوف عليهم ولدان مخلدون}.
فهؤلاء الخدم.
فمعنى هذا الحديث أنه جعل الهرة كبعض الطوافين.
ومن هذا قول إبراهيم: إنما الهرة كبعض أهل البيت.
ومثله قول ابن عباس: إنما هي من متاع البيت.
وأما حديث ابن عمر أنه كان يكره سؤر الهرة فإنه إنما ذهب إلى أنه سبع له ناب.
وكذلك حديث أبي هريرة). [غريب الحديث: 1/341-342]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (59) }

تفسير قوله تعالى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (60) }
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (وامرأة قاعد إذا قعدت من المحيض وامرأة قاعدة من القعود وواحد قواعد البيت قاعدة وواحد القواعد من النساء قاعد). [إصلاح المنطق: 341]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب أن وإن الخفيفتين
اعلم أن أن تكون في الكلام على أربعة أوجه: فوجه: أن تكون هي والفعل الذي تنصبه مصدراً؛ نحو قولك: أريد أن تقوم يا فتى؛ أي: أريد قيامك، وأرجو أن تذهب يا فتى، أي: أرجو ذهابك. فمن ذلك قول الله: {وأن تصوموا خيرٌ لكم} أي والصيام خير لكم. ومثله: {وأن يستعففن خيرٌ لهن}.
ووجه آخر: أن تكون مخففة من الثقيلة. وذلك قوله عز وجل: {وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين}. لو نصبت بها وهي مخففة لجاز. فإذا رفعت ما بعدها فعلى حذف التثقيل والمضمر في النية، فكأنه قال: إنه الحمد لله رب العالمين. وقد مضى تفسير هذا في موضع عملها خفيفةً.
والوجه الثالث أن تكون في معنى أي التي تقع للعبارة والتفسير، وذلك قوله عز وجل: {وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم}. ومثله: بينت له الحديث أن قد كان كذا وكذا. تريد: أي امشوا، وأي قد كان كذا وكذا.
ووجه رابع: أن تكون زائدة مؤكدة؛ وذلك قولك: لما أن جاء زيد قمت، ووالله أن لو فعلت لأكرمتك.
وأما إن المكسورة فإن لها أربعة أوجه مخالفةً لهذه الوجوه.
فمن ذلك إن الجزاء؛ وذلك قولك: إن تأتني آتك، وهي أصل الجزاء؛ كما أن الألف أصل الاستفهام.
وتكون في معنى ما. تقول: إن زيد منطلق، أي: ما زيد منطلق.
وكان سيبويه لا يرى فيها إلا رفع الخبر؛ لأنها حرف نفي دخل على ابتداء وخبره؛ كما تدخل ألف الاستفهام فلا تغيره. وذلك كمذهب بني تميم في ما.
وغيره يجيز نصب الخبر على التشبيه بليس؛ كما فعل ذلك في ما. وهذا هو القول، لأنه لا فصل بينها وبين ما في المعنى، وذلك قوله عز وجل: {إن الكافرون إلا في غرورٍ} وقال: {إن يقولون إلا كذباً}. فهذان موضعان.
والموضع الثالث: أن تكون إن المكسورة المخففة من الثقيلة، فإذا رفعت ما بعدها لزمك أن تدخل اللام على الخبر، ولم يجز غير ذلك؛ لأن لفظها كلفظ التي في معنى ما، وإذا دخلت اللام علم أنها الموجبة لا النافية، وذلك قولك: إن زيداً لمنطلق. وعلى هذا قوله عز وجل: {إن كل نفسٍ لما عليها حافظ} {وإن كانوا ليقولون}.
وإن نصبت بها لم تحتج إلى اللام إلا أن تدخلها توكيداً؛ كما تقول: إن زيداً لمنطلق.
والموضع الرابع: أن تدخل زائدةً مع ما، فتردها إلى الابتداء، كما تدخل ما على إن الثقيلة، فتمنعها عملها، وتردها إلى الابتداء في قولك: إنما زيد أخوك، و{إنما يخشى الله من عباده العلماء} وذلك قولك: ما إن يقوم زيد، وما إن زيدٌ منطلق. لا يكون الخبر إلا مرفوعاً لما ذكرت لك. قال زهير:

ما إن يكاد يخليهم لوجهتـهـم = تخالج الأمر إن الأمر مشترك
وقال الآخر:
وما إن طبنا جبنٌ ولكن = منايانا ودولة آخرينـا
فإن قال قائل: فما بالها لما خففت من الثقيلة المكسورة اختير بعدها الرفع، ولم يصلح ذلك في المخففة من المفتوحة إلا أن ترفع على أن يضمر فيها? قيل: لأن المفتوحة وما بعدها مصدرٌ، فلا معنى لها للابتداء، والمكسورة، إنما دخلت على الابتداء وخبره، فلما نقصت عن وزن الفعل رجع الكلام إلى أصله.
ومن رأى النصب بها أو بالمفتوحة مع التخفيف قال: هما بمنزلة الفعل، فإذا خففتا كانتا بمنزلة فعل محذوف منه، فالفعل يعمل محذوفاً عمله تاماً. فذلك قولك: لم يك زيداً منطلقاً، فعمل عمله والنون فيه. والأقيس الرفع فيما بعدها، لأن إن إنما أشبهت الفعل باللفظ لا بالمعنى، فإذا نقص اللفظ ذهب الشبه. ولذلك الوجه الآخر وجهٌ من القياس كما ذكرت لك.
وكان الخليل يقرأ إن هذان لساحران، فيؤدي خط المصحف ومعنى إن الثقيلة في قراءة ابن مسعود إن ذان لساحران). [المقتضب: 2/358-361] (م)
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (واعلم أن الصلة موضحة للاسم؛ فلذلك كانت في هذه الأسماء المبهمة، وما شاكلها في المعنى؛ ألا ترى أنك لو قلت: جاءني الذي، أو مررت بالذي لم يدللك ذلك على شيءٍ حتى تقول: مررت بالذي قام، أو مررت بالذي من حاله كذا وكذا، أو بالذي أبوه منطلق. فإذا قلت: هذا وما أشبهه وضعت اليد عليه. فإذا قلت: أريد أن تقوم يا فتى، فتقوم من صلة أن حتى تم مصدراً، فصار المعنى: أريد قيامك، وكذلك يسرني أن تقوم يا فتى. تقوم من صلة أن حتى تم مصدرا، فصار المعنى: يسرني قيامك. قال الله عز وجل: {وأن يستعففن خيرٌ لهن}، و{وأن تصوموا خيرٌ لكم} فهذا على ما وصفت لك). [المقتضب: 3/197]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
جربن فما يهنأن إلا بغلقة = عطين وأبوال النساء القواعد
ويروى: فلا هكذا رواها أبو عكرمة بغلقة بكسر الغين وأنكر ذلك أحمد بن عبيد وغيره وثعلب أنكر أيضًا، وقالوا: الغين مفتوحة لا غير، قال أبو عكرمة: قوله جربن مثل يلزق بكم من عارها مثل الجرب لا يذهبه إلا الغلقة، والغلقة: دباغ يدبغ به أهل اليمن، يقال: أديم مغلوق إذا دبغ بالغلقة، ويهنأن: يطلين وذلك الفعل الهنأ، و(القواعد من النساء) اللاتي كبرن وارتفع حيضهن، ويئسن من الولادة، قال الأصمعي: أراد أن يهول عليهم بالجرب والغلقة ويفظع بأبوال العجائز، قال أبو عمرو: وغلقة شجرة لها لبن، والعطين: المعفنة كما يعطن الجلد وهو أن يدرج بصوفه حتى يتمعط، ويروى جربن فلا يهنأن، قال: وإنما قال جربن أي عليكم بها تبعة وهي لإعراضكم بلاء لا يداوى إلا بمنتن من الأمر، يقال غلقة عطين أي: منتنة وإنما يدبغ بها أهل الطائف الجلود، يقول جربت فلا تهنأ إلا بأبوال النساء يفظع). [شرح المفضليات: 136-137]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وقوله: بعد إقعادها أي: بعد أن طال مكثها مأخوذ من المرأة القاعد وهي التي قعدت عن الأزواج، قال الله عز ذكره: {والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحًا}، واحدتهن قاعد بغير هاء). [شرح المفضليات: 665]

تفسير قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آَبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (61) }
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
فأبنا لنا ريح الكلاء وذكره = وآبوا عليهم فلها وشماتها
...
ويروى: (شتاتها) أي شتاتها من الأعداء. و(شتاتها) تفرقها). [شرح أشعار الهذليين: 2/636] (م)
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (والصديق يكون واحدًا وجمعًا وهو ههنا جمع، ومنه قول الله عز ذكره: {أو صديقكم}، أي: أصدقاكم ومنه قول رؤبة أنشده أبو زيد، قال سمعته يقول ونحن نسأله ومرت عجوز فضاق الطريق عنها.

تنح للعجوز عن طريقها = إذا أقبلت جائية من سوقها = دعها فما النحوي من صديقها
أي: من أصدقائها). [شرح المفضليات: 413-414]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (62) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال في قوله تعالى: {وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} قال: إذا اجتمعوا على أمر من أمر الدين لم يتفرقوا إلا عن إذنه). [مجالس ثعلب: 57]

تفسير قوله تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (يقال: هذا قوام الأمر وملاكه لا غيرُ، وتقول: فلانٌ حسنُ القوامِ؛ مفتوحٌ، تريد بذلك الشطاط، لا يكون إلا ذاك، وقوام إذا كان اسمًا لم تنقلب واوه ياءً من أجل الكسرة، لأنها متحركة، إلا أن يكون جمعًا قد كانت الواو في واحده ساكنةً، فتنقلب في الجمع، لأن حركتها لعلةٍ، تقول: سوطٌ وسياطٌ وثوبُ وثيابٌ وحوضٌ وحياضٌ؛ فإن كانت الواو في الواحد متحركةً ثبتت في الجمع، نحو طويل وطوال، وكذلك فعالٌ إذا كان مصدرًا صح إذا صح فعله، واعتل إذا اعتل فعله، فما كان مصدرًا لـ«فاعلتَ» فهو فعالٌ صحيحٌ، تقول: قاولتهُ قوالاً، ولاوذته لواذًا، كقوله تعالى: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا}، أي ملاوذة، وإذا كان مصدر فَعَلْتُ اعتل لاعتلال الفعل فقلت: قمت قيامًا، ونمتُ نيامًا، ولذتُ لياذًا، وعذتُ عياذًا). [الكامل: 2/839-840]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
ظلت ضباع مجيراتٍ يلذن بهم = وألحموهن منهم أي إلحام
يلذن بهم أي: يدرن حولهم يقال لاذ به يلوذ لوذًا ولواذًا). [شرح المفضليات: 510]

تفسير قوله تعالى: {أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (64) }


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:10 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة