سورة الإسراء
[ من الآية (40) إلى الآية (44) ]
{أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا (40) وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآَنِ لِيَذَّكَّرُوا وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُورًا (41) قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آَلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا (42) سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا (43) تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44) }
قوله تعالى: {أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا (40)}
قوله تعالى: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآَنِ لِيَذَّكَّرُوا وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُورًا (41)}
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (11- وقوله تعالى: {ليذكروا} [41].
قرأ حمزة والكسائي في كل القرآن {ليذكروا} خفيفًا ذكر يذكر مثل دخل يدخل.
وقرأ الباقون {ليذكروا} مشددًا، وكذلك في جميع القرآن، أرادوا: ليتذكروا فأدغموا التاء في الذال فالتشديد من جلل ذلك). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/374]
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في تشديد الذال وتخفيفها من قوله جل وعز: ليذكروا [الإسراء/ 41].
فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر ليذكروا مشدّدا، وكذلك في الفرقان [50].
وقرأ حمزة والكسائي (ليذكروا) وكذلك في الفرقان بالتخفيف.
ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا أي: صرّفنا القول فيه كما قال: ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون [القصص/ 51] فهذا حجة من قال: ليذكروا، فالتّذكر هنا أشبه من الذكر، لأنه كأنه يراد به التدبّر، وليس التذكّر الذي بعد نسيان، ولكن كما قال: كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب [ص/ 29]، فإنّما المعنى: ليتدبروه بعقولهم، وليس المراد ليتذكروه بعد نسيانهم.
ووجه التخفيف أن التخفيف قد جاء في هذا المعنى، قال: خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه [البقرة/ 63] فهذا ليس على: لا تنسوا، ولكن تدبروه يقوي ذلك: خذوا ما آتيناكم بقوة [البقرة/ 93]
[الحجة للقراء السبعة: 5/104]
ففي هذا بعث على البصر فيه والتدبر له، والأوّل لهذا المعنى ألزم به وأخصّ.
فأمّا قوله: واذكروه كما هداكم [البقرة/ 198] فيراد به الذكر باللسان، لأن ضروب الذكر من التلبية وغيرها مندوب إليها، وكذلك قوله: فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا [البقرة/ 200] وكذلك ما في القرآن من قوله: ولقد صرفناه بينهم ليذكروا [الفرقان/ 50] أي: ليدبروا نعمة الله عليهم في سقياهم ويشكروه عليها، فأبى أكثر الناس إلا كفورا [الفرقان/ 50]. فقوله: فأبى أكثر الناس إلا كفورا قريب من قوله: وما يزيدهم إلا نفورا [الإسراء/ 41] أي: ما يزيدهم تصريفنا الآيات لهم وتكريرها إلا نفورا منهم عنها. فهذا على أنهم ازدادوا كفورا عند تفصيل الآي لهم، لا لأن تصريف الآي نفّرهم، ومثل هذا قوله: وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم [التوبة/ 125] وكقوله في الأصنام: رب إنهن أضللن كثيرا من الناس [إبراهيم/ 36] وإنما ضلّوا هم بعبادتها لا أنها هي فعلت بهم شيئا من ذلك، ويدلّ على أنّ التذكر قد لا يكون عن النسيان قوله:
تذكّر من أنّى ومن أين شربه... يؤامر نفسيه كذي الهجمة الأبل). [الحجة للقراء السبعة: 5/105]
قال أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي (ت: 392هـ): (ومن ذلك قراءة الحسن [صَرَفْنَا]، خفيف الراء.
قال أبو الفتح: [صَرَفْنَا] هنا بمعنى صرفنا مشددا على ما بيناه قبل: من كون فعل خفيفة في معنى فعل. ومنه قوله:
ونقرتها بيديك كل منقر
أي نقرتها). [المحتسب: 2/21]
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا وما يزيدهم إلّا نفورا}
قرأ حمزة والكسائيّ {ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا} بالتّخفيف
[حجة القراءات: 403]
وقرأ الباقون {ليذكروا} بالتّشديد أي ليدبروا ويتعظوا والأصل ليتذكورا فأدغموا التّاء في الذّال وحجتهم أن تذكر أبلغ في الوصف من ذكر لأن أكثر ما يقال ذكر يذكر إذا نسي شيئا ثمّ ذكره وإذا قيل تذكر فمعناه تفكر قال تبارك وتعالى {وليتذكر أولوا الألباب}
وحجّة التّخفيف أن الوجهين متقاربان يقال ذكرت ما صنعت وتذكرت ما صنعت وفي التّنزيل {كلا إنّه تذكرة فمن شاء ذكره وما يذكرون إلّا أن يشاء الله} فهذا بمعنى التفكر والاتعاظ). [حجة القراءات: 404]
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (14- قوله: {ليذكروا} خففه حمزة والكسائي، جعلاه من الذكر، وشدد الباقون، جعلوه من التذكر هو التدبر، كأنه بمعنى تذكر بعد تذكر، وهو أولى لأن التذكر فيما أنزل الله من كتابه، والتذكر أولى بنا من الذكر له بعد النسيان، وقوله: {ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون} «القصص 51» يدل على التشديد في {ليتذكروا}، وقد قال تعالى ذكره: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب} «ص 29» فالتشديد لـ «التدبر» والتخفيف لـ «الذكر» بعد النسيان). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/47]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (13- {ليَذْكُرُوا} [آية/ 41] بسكون الذال وضم الكاف مخففة:
قرأها حمزة والكسائي، وكذلك في الفرقان.
والوجه أنه قد يأتي الذكر والمراد به التذكر والتدبر، كما قال تعالى {خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ} أي تدبروه، وليس يُراد به ضد النسيان.
وقرأ الباقون {لِيَذَّكَّرُوا} بفتح الذال والكاف وتشديدهما.
والوجه أن الأصل ليتذكروا، فأُدغم التاء في الذال، والمعنى ليتدبروا، كما قال تعالى {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآَنِ لِيَذَّكَّرُوا} وقال {وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}، وأراد التدبر، لا ضد النسيان). [الموضح: 758]
قوله تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آَلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا (42)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لو كان معه آلهةٌ كما تقولون) (42) وقوله: (عمّا يقولون (43)، وقوله: (يسبّح (44)
قرأ ابن كثير (كما يقولون) و(عما يقولون) و(يسبّح) ثلاثهن بالياء.
وقرأ أبو عمرو والحضرمي (كما تقولون) بالتاء، و(عما يقولون) بالياء، و(يسبّح) بالتاء.
وقرأ حمزة والكسائي كلهن بالتاء.
وقرأ نافع وابن عامر وأبو بكر عن عاصم (كما تقولون) بالتاء، والباقي بالياء.
[معاني القراءات وعللها: 2/95]
وقرأ حفص عن عاصم (تسبح) بالتاء، والباقي بالياء.
قال أبو منصور: من قرأ بالتاء في (تقولون) فهو مخاطبة، ومن قرأهما بالياء فهي للغيبة، وكل ذلك جائز.
والعرب تخاطب ثم تخبر، وتخبر ثم تخاطب.
وأما قوله (تسبّح له السّماوات) فلتأنيث الجماعة.
ومن قرأ بالياء فلتقديم الفعل الجمع). [معاني القراءات وعللها: 2/96] (م)
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (12- وقوله تعالى: {عما يقولون} [43].
قرأ حمزة والكسائي {عما تقولون} {كما تقولون} [42] {تسبح} [44] ثلاثتهن بالتاء.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/274]
وقرأهن ابن كثير بالياء، والأمر بينهما؛ قريب؛ لأن العرب تقول: قلت لزيد: فعلت كذا، وقلت له: إنه فعل كذا، {قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون}.
أما أبو عمرو فإنه قرأ: {كما تقولون} بالتاء و{تسبح} بالتاء، والأخير بالياء، وشاهده قراءة أُبَيٍّ: {سبحت له السموات} فهو يؤدي إلى التأنيث.
ومن قرأ بالياء فقال: لأن «السموات» جمع قليل، والعرب تذكر فعل جمع المؤنث إذا كان قليلاً كقوله: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم} ولم يقل: انسلخت، و{قال نسوة} ولم يقل: قالت، فسألت محمد بن القاسم الأنباري لم صار ذلك كذلك؟ فقال: سألت ثعلبًا فقال: لأن جمع القليل قبل الكثير، والمذكر قبل المؤنث، فجعل الأول على الأول.
ومن قرأ بالياء فله حجة أخرى: قال: لما فصل بين الاسم فاصل وهو {له} جاز تذكيره.
وقرأ الباقون – نافع وغيره -: {كما تقولون} بالتاء {عما يقولون} بالياء، و{يسبح} بالياء أيضًا، وخالفهم حفص عن عاصم فقرأ: {كما يقولون} و{عما يقولون} بالياء فيهما جميعًا و{تسبح} بالتاء). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/375] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله: آلهة كما يقولون... عما يقولون... يسبح [الإسراء/ 42، 43، 44].
[الحجة للقراء السبعة: 5/105]
فقرأ ابن كثير: آلهة كما يقولون بالياء: عما يقولون (يسبح له)، ثلاثتهنّ بالياء.
وقرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر وابن عامر: (كما تقولون) بالتاء هذه وحدها، عما يقولون (يسبح) بالياء في هذين الموضعين.
وقرأ أبو عمرو: (آلهة كما تقولون) بالتاء عما يقولون بالياء، تسبح بالتاء.
وروى حفص عن عاصم آلهة كما يقولون بالياء، سبحانه وتعالى عما يقولون كلاهما بالياء، تسبح بالتاء، وقرأ حمزة والكسائي: (آلهة كما تقولون) تسبح كلّهن بالتاء.
من قرأ بالياء عما يقولون فالمعنى: عما يقول المشركون من إثبات آلهة من دونه فهو مثل قوله: (قل للذين كفروا سيغلبون) [آل عمران/ 12] لأنهم غيب.
فأما من قرأ: سبحانه وتعالى عما يقولون، فإنه يحتمل وجهين: أحدهما: أن يعطف على يقولون كما عطف قوله: (يحشرون إلى جهنّم) على (سيغلبون). والآخر: أن يكون نزّه نفسه سبحانه عن دعواهم، فقال: سبحانه وتعالى عما يقولون وقراءة نافع وعاصم وابن عامر: (كما تقولون) على ما تقدم. وقوله: عما يقولون على أنه نزّه نفسه عن قولهم، ويجوز أن تحمله على القول، كأنه: قل أنت: سبحانه وتعالى عما يقولون.
فأما قوله: كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا وذلك
[الحجة للقراء السبعة: 5/106]
أن المشركين كانوا يعبدون الملائكة، فقيل لهم: إن الذين عبدتموهم وجعلتموهم آلهة معه يبتغون أن يتخذوا إلى ذي العرش سبيلا بعبادتهم له وتقرّبهم إليه لها، ومثل ذلك قوله: إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا [الدهر/ 29] فهذا قول، وقال قوم من أهل التأويل: إنّ قوله: إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا اتخذت سبيلا إلى مضادّته وممانعته، وزعموا أن ذلك بمنزلة قوله: وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق، ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله [المؤمنون/ 91] وتعالى عما يقولون مما يدعونه ويفترونه من اتخاذ الولد، ومن أن يكون معه آلهة.
فأما قوله: تسبح له السموات السبع [الإسراء/ 44] فكل واحد من الياء والتاء حسن وقد تقدم ذكر ذلك في مواضع، وزعموا أن في حرف عبد الله: (سبحت له السموات) فهذا يقوّي التأنيث هنا). [الحجة للقراء السبعة: 5/107] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا * سبحانه وتعالى عمّا يقولون علوا كبيرا} 42 و43
قرأ نافع وابن عامر وأبو عمرو وأبو بكر (قل لو كان معه آلهة كما تقولون) بالتّاء {سبحانه وتعالى عمّا يقولون} بالياء الحرف الأول قرؤوه بالتّاء على مخاطبة النّبي صلى الله عليه وسلم لهم أي قل يا محمّد للّذين أشركوا لو كان معه آلهة كما تقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا ثمّ قال جلّ وعز مستأنفا بتنزيه نفسه لا على مخاطبتهم {سبحانه وتعالى عمّا يقولون علوا كبيرا} ويجوز أن تحمله على القول كأنّه يقول الله جلّ وعز لنبيه صلى الله عليه قل أنت يا محمّد سبحانه وتعالى عمّا يقولون
وقرأ ابن كثير وحفص جميعًا بالياء قوله {قل لو كان معه آلهة كما يقولون}
[حجة القراءات: 404]
خطاب النّبي صلى الله عليه للمؤمنين يخاطبهم بما يقول المشركون ثمّ عطف عليه بقوله {سبحانه وتعالى عمّا يقولون}
وقرأ حمزة والكسائيّ (كما تقولون) بالتّاء (عمّا تقولون) بالتّاء أيضا قيل للنّبي صلى الله عليه قل للّذين أشركوا لو كان معه آلهة كما تقولون ثمّ عطف عليه قوله (سبحانه وتعالى عمّا تقولون) على مخاطبة النّبي صلى الله عليه وسلم إيّاهم وحجّة التّاء قوله قبلها {أفأصفاكم ربكم بالبنين} ). [حجة القراءات: 405] (م)
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): (15- قوله: {كما يقولون}، {عما يقولون}، {يسبح له} قرأ ابن كثير وحفص {كما يقولون} بالياء، وقرأ الباقون بالتاء، وقرأ حمزة والكسائي {عما تقولون} بالتاء، وقرأ الباقون بالياء، وقرأ الحرميان وأبو بكر وابن عامر {يسبح} بالياء، وقرأ الباقون بالتاء.
وحجة من قرأ {كما يقولون} بالياء أنه رده على لفظ الغيبة، في قوله {ليذكروا}، وقوله: {وما يزيدهم} فالمعنى: كما يقوله الكافرون، ومثله في الحجة لمن قرأ {عما يقولون} بالياء.
16- وحجة من قرأ «كما تقولون» بالتاء أنه حمله على الخطاب على معنى، قل لهم يا محمد: لو كان معه آلهة كما تقولون، ثم قال: {سبحانه وتعالى عما تقولون} فجرى الكلام في الخطاب لهم على ذلك، ومن قرأه بالياء رجع إلى الغيبة لأنهم غُيَّب.
17- وحجة من قرأ «تسبح» بالتاء أنه حمله على تأنيث لفظ السماوات، وفي حرف عبد الله «سبَّحت له السماوات» ومن قرأ بالياء ذكر لأنه قد حال بينه وبين المؤنث بالظرف بـ «له» ولأنه تأنيث غير حقيقي، وقد تقدم ذكر {زبورا} «55» في النساء و«يبشر» في آل عمران). [الكشف عن وجوه القراءات السبع: 2/48]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (14- {آَلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ} [آية/ 42] {وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ} [آية/ 43] {يُسَبِّحُ} [آية/ 44] بالياء فيهن:
قرأها ابن كثير.
والوجه أن معنى {كَمَا يَقُولُونَ}: كما يقول المشركون من إثبات آلهة من دونه، وكذلك {تَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ}.
ويجوز أن يكون قوله {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ} على تنزيه الله تعالى نفسه عن دعواهم، فقال {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ}.
وأما {يُسَبّحُ} بالياء؛ فلأن فاعله غير حقيقي التأنيث؛ لأنه جمعٌ، ومع ذلك فالفعل مقدمٌ.
وقرأ حمزة والكسائي ثلاثهن بالتاء.
والوجه أن النبي صلى الله عليه وسلم أُمر بأن يُخاطب المشركين بذلك، فقيل له: قل يا محمد لهم لو كان معه آلهة كما تقولون، وكذلك {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا تَقُولُونَ} بالتاء.
وأما {تسبّح} بالتاء؛ فلأن الفاعل مؤنثٌ.
وقرأ نافعٌ وابن عامر وعاصم –ياش- الأولى بالتاء والأُخريين بالياء.
والوجه أن الأولى على خطاب النبي (صلى الله عليه وسلم) بأن يقول لهم ذلك كما تقدم.
[الموضح: 759]
وقوله {وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ} محمول على أنه سبحانه نزّه نفسه عن قولهم، و{يُسَبّحُ} بالياء، على ما ذكرنا.
وروى –ص- عن عاصم الثالثة بالتاء وهي {تسبّح}، والأوليين بالياء.
وقرأ أبو عمرو ويعقوب الثانية بالياء وهي قوله {عَمَّا يَقُولُونَ}، والأخريين بالتاء، وقد تقدم وجه هاتين القراءتين). [الموضح: 760] (م)
قوله تعالى: {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا (43)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لو كان معه آلهةٌ كما تقولون) (42) وقوله: (عمّا يقولون (43)، وقوله: (يسبّح (44)
قرأ ابن كثير (كما يقولون) و(عما يقولون) و(يسبّح) ثلاثهن بالياء.
وقرأ أبو عمرو والحضرمي (كما تقولون) بالتاء، و(عما يقولون) بالياء، و(يسبّح) بالتاء.
وقرأ حمزة والكسائي كلهن بالتاء.
وقرأ نافع وابن عامر وأبو بكر عن عاصم (كما تقولون) بالتاء، والباقي بالياء.
[معاني القراءات وعللها: 2/95]
وقرأ حفص عن عاصم (تسبح) بالتاء، والباقي بالياء.
قال أبو منصور: من قرأ بالتاء في (تقولون) فهو مخاطبة، ومن قرأهما بالياء فهي للغيبة، وكل ذلك جائز.
والعرب تخاطب ثم تخبر، وتخبر ثم تخاطب.
وأما قوله (تسبّح له السّماوات) فلتأنيث الجماعة.
ومن قرأ بالياء فلتقديم الفعل الجمع). [معاني القراءات وعللها: 2/96] (م)
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (12- وقوله تعالى: {عما يقولون} [43].
قرأ حمزة والكسائي {عما تقولون} {كما تقولون} [42] {تسبح} [44] ثلاثتهن بالتاء.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/274]
وقرأهن ابن كثير بالياء، والأمر بينهما؛ قريب؛ لأن العرب تقول: قلت لزيد: فعلت كذا، وقلت له: إنه فعل كذا، {قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون}.
أما أبو عمرو فإنه قرأ: {كما تقولون} بالتاء و{تسبح} بالتاء، والأخير بالياء، وشاهده قراءة أُبَيٍّ: {سبحت له السموات} فهو يؤدي إلى التأنيث.
ومن قرأ بالياء فقال: لأن «السموات» جمع قليل، والعرب تذكر فعل جمع المؤنث إذا كان قليلاً كقوله: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم} ولم يقل: انسلخت، و{قال نسوة} ولم يقل: قالت، فسألت محمد بن القاسم الأنباري لم صار ذلك كذلك؟ فقال: سألت ثعلبًا فقال: لأن جمع القليل قبل الكثير، والمذكر قبل المؤنث، فجعل الأول على الأول.
ومن قرأ بالياء فله حجة أخرى: قال: لما فصل بين الاسم فاصل وهو {له} جاز تذكيره.
وقرأ الباقون – نافع وغيره -: {كما تقولون} بالتاء {عما يقولون} بالياء، و{يسبح} بالياء أيضًا، وخالفهم حفص عن عاصم فقرأ: {كما يقولون} و{عما يقولون} بالياء فيهما جميعًا و{تسبح} بالتاء). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/375] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله: آلهة كما يقولون... عما يقولون... يسبح [الإسراء/ 42، 43، 44].
[الحجة للقراء السبعة: 5/105]
فقرأ ابن كثير: آلهة كما يقولون بالياء: عما يقولون (يسبح له)، ثلاثتهنّ بالياء.
وقرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر وابن عامر: (كما تقولون) بالتاء هذه وحدها، عما يقولون (يسبح) بالياء في هذين الموضعين.
وقرأ أبو عمرو: (آلهة كما تقولون) بالتاء عما يقولون بالياء، تسبح بالتاء.
وروى حفص عن عاصم آلهة كما يقولون بالياء، سبحانه وتعالى عما يقولون كلاهما بالياء، تسبح بالتاء، وقرأ حمزة والكسائي: (آلهة كما تقولون) تسبح كلّهن بالتاء.
من قرأ بالياء عما يقولون فالمعنى: عما يقول المشركون من إثبات آلهة من دونه فهو مثل قوله: (قل للذين كفروا سيغلبون) [آل عمران/ 12] لأنهم غيب.
فأما من قرأ: سبحانه وتعالى عما يقولون، فإنه يحتمل وجهين: أحدهما: أن يعطف على يقولون كما عطف قوله: (يحشرون إلى جهنّم) على (سيغلبون). والآخر: أن يكون نزّه نفسه سبحانه عن دعواهم، فقال: سبحانه وتعالى عما يقولون وقراءة نافع وعاصم وابن عامر: (كما تقولون) على ما تقدم. وقوله: عما يقولون على أنه نزّه نفسه عن قولهم، ويجوز أن تحمله على القول، كأنه: قل أنت: سبحانه وتعالى عما يقولون.
فأما قوله: كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا وذلك
[الحجة للقراء السبعة: 5/106]
أن المشركين كانوا يعبدون الملائكة، فقيل لهم: إن الذين عبدتموهم وجعلتموهم آلهة معه يبتغون أن يتخذوا إلى ذي العرش سبيلا بعبادتهم له وتقرّبهم إليه لها، ومثل ذلك قوله: إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا [الدهر/ 29] فهذا قول، وقال قوم من أهل التأويل: إنّ قوله: إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا اتخذت سبيلا إلى مضادّته وممانعته، وزعموا أن ذلك بمنزلة قوله: وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق، ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله [المؤمنون/ 91] وتعالى عما يقولون مما يدعونه ويفترونه من اتخاذ الولد، ومن أن يكون معه آلهة.
فأما قوله: تسبح له السموات السبع [الإسراء/ 44] فكل واحد من الياء والتاء حسن وقد تقدم ذكر ذلك في مواضع، وزعموا أن في حرف عبد الله: (سبحت له السموات) فهذا يقوّي التأنيث هنا). [الحجة للقراء السبعة: 5/107] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا * سبحانه وتعالى عمّا يقولون علوا كبيرا} 42 و43
قرأ نافع وابن عامر وأبو عمرو وأبو بكر (قل لو كان معه آلهة كما تقولون) بالتّاء {سبحانه وتعالى عمّا يقولون} بالياء الحرف الأول قرؤوه بالتّاء على مخاطبة النّبي صلى الله عليه وسلم لهم أي قل يا محمّد للّذين أشركوا لو كان معه آلهة كما تقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا ثمّ قال جلّ وعز مستأنفا بتنزيه نفسه لا على مخاطبتهم {سبحانه وتعالى عمّا يقولون علوا كبيرا} ويجوز أن تحمله على القول كأنّه يقول الله جلّ وعز لنبيه صلى الله عليه قل أنت يا محمّد سبحانه وتعالى عمّا يقولون
وقرأ ابن كثير وحفص جميعًا بالياء قوله {قل لو كان معه آلهة كما يقولون}
[حجة القراءات: 404]
خطاب النّبي صلى الله عليه للمؤمنين يخاطبهم بما يقول المشركون ثمّ عطف عليه بقوله {سبحانه وتعالى عمّا يقولون}
وقرأ حمزة والكسائيّ (كما تقولون) بالتّاء (عمّا تقولون) بالتّاء أيضا قيل للنّبي صلى الله عليه قل للّذين أشركوا لو كان معه آلهة كما تقولون ثمّ عطف عليه قوله (سبحانه وتعالى عمّا تقولون) على مخاطبة النّبي صلى الله عليه وسلم إيّاهم وحجّة التّاء قوله قبلها {أفأصفاكم ربكم بالبنين} ). [حجة القراءات: 405] (م)
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (14- {آَلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ} [آية/ 42] {وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ} [آية/ 43] {يُسَبِّحُ} [آية/ 44] بالياء فيهن:
قرأها ابن كثير.
والوجه أن معنى {كَمَا يَقُولُونَ}: كما يقول المشركون من إثبات آلهة من دونه، وكذلك {تَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ}.
ويجوز أن يكون قوله {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ} على تنزيه الله تعالى نفسه عن دعواهم، فقال {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ}.
وأما {يُسَبّحُ} بالياء؛ فلأن فاعله غير حقيقي التأنيث؛ لأنه جمعٌ، ومع ذلك فالفعل مقدمٌ.
وقرأ حمزة والكسائي ثلاثهن بالتاء.
والوجه أن النبي صلى الله عليه وسلم أُمر بأن يُخاطب المشركين بذلك، فقيل له: قل يا محمد لهم لو كان معه آلهة كما تقولون، وكذلك {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا تَقُولُونَ} بالتاء.
وأما {تسبّح} بالتاء؛ فلأن الفاعل مؤنثٌ.
وقرأ نافعٌ وابن عامر وعاصم –ياش- الأولى بالتاء والأُخريين بالياء.
والوجه أن الأولى على خطاب النبي (صلى الله عليه وسلم) بأن يقول لهم ذلك كما تقدم.
[الموضح: 759]
وقوله {وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ} محمول على أنه سبحانه نزّه نفسه عن قولهم، و{يُسَبّحُ} بالياء، على ما ذكرنا.
وروى –ص- عن عاصم الثالثة بالتاء وهي {تسبّح}، والأوليين بالياء.
وقرأ أبو عمرو ويعقوب الثانية بالياء وهي قوله {عَمَّا يَقُولُونَ}، والأخريين بالتاء، وقد تقدم وجه هاتين القراءتين). [الموضح: 760] (م)
قوله تعالى: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44)}
قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري (ت: 370هـ): (وقوله جلّ وعزّ: (لو كان معه آلهةٌ كما تقولون) (42) وقوله: (عمّا يقولون (43)، وقوله: (يسبّح (44)
قرأ ابن كثير (كما يقولون) و(عما يقولون) و(يسبّح) ثلاثهن بالياء.
وقرأ أبو عمرو والحضرمي (كما تقولون) بالتاء، و(عما يقولون) بالياء، و(يسبّح) بالتاء.
وقرأ حمزة والكسائي كلهن بالتاء.
وقرأ نافع وابن عامر وأبو بكر عن عاصم (كما تقولون) بالتاء، والباقي بالياء.
[معاني القراءات وعللها: 2/95]
وقرأ حفص عن عاصم (تسبح) بالتاء، والباقي بالياء.
قال أبو منصور: من قرأ بالتاء في (تقولون) فهو مخاطبة، ومن قرأهما بالياء فهي للغيبة، وكل ذلك جائز.
والعرب تخاطب ثم تخبر، وتخبر ثم تخاطب.
وأما قوله (تسبّح له السّماوات) فلتأنيث الجماعة.
ومن قرأ بالياء فلتقديم الفعل الجمع). [معاني القراءات وعللها: 2/96] (م)
قال أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه الهمَذاني (ت: 370هـ): (12- وقوله تعالى: {عما يقولون} [43].
قرأ حمزة والكسائي {عما تقولون} {كما تقولون} [42] {تسبح} [44] ثلاثتهن بالتاء.
[إعراب القراءات السبع وعللها: 1/274]
وقرأهن ابن كثير بالياء، والأمر بينهما؛ قريب؛ لأن العرب تقول: قلت لزيد: فعلت كذا، وقلت له: إنه فعل كذا، {قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون}.
أما أبو عمرو فإنه قرأ: {كما تقولون} بالتاء و{تسبح} بالتاء، والأخير بالياء، وشاهده قراءة أُبَيٍّ: {سبحت له السموات} فهو يؤدي إلى التأنيث.
ومن قرأ بالياء فقال: لأن «السموات» جمع قليل، والعرب تذكر فعل جمع المؤنث إذا كان قليلاً كقوله: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم} ولم يقل: انسلخت، و{قال نسوة} ولم يقل: قالت، فسألت محمد بن القاسم الأنباري لم صار ذلك كذلك؟ فقال: سألت ثعلبًا فقال: لأن جمع القليل قبل الكثير، والمذكر قبل المؤنث، فجعل الأول على الأول.
ومن قرأ بالياء فله حجة أخرى: قال: لما فصل بين الاسم فاصل وهو {له} جاز تذكيره.
وقرأ الباقون – نافع وغيره -: {كما تقولون} بالتاء {عما يقولون} بالياء، و{يسبح} بالياء أيضًا، وخالفهم حفص عن عاصم فقرأ: {كما يقولون} و{عما يقولون} بالياء فيهما جميعًا و{تسبح} بالتاء). [إعراب القراءات السبع وعللها: 1/375] (م)
قال أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسيّ (ت: 377هـ): (اختلفوا في الياء والتاء من قوله: آلهة كما يقولون... عما يقولون... يسبح [الإسراء/ 42، 43، 44].
[الحجة للقراء السبعة: 5/105]
فقرأ ابن كثير: آلهة كما يقولون بالياء: عما يقولون (يسبح له)، ثلاثتهنّ بالياء.
وقرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر وابن عامر: (كما تقولون) بالتاء هذه وحدها، عما يقولون (يسبح) بالياء في هذين الموضعين.
وقرأ أبو عمرو: (آلهة كما تقولون) بالتاء عما يقولون بالياء، تسبح بالتاء.
وروى حفص عن عاصم آلهة كما يقولون بالياء، سبحانه وتعالى عما يقولون كلاهما بالياء، تسبح بالتاء، وقرأ حمزة والكسائي: (آلهة كما تقولون) تسبح كلّهن بالتاء.
من قرأ بالياء عما يقولون فالمعنى: عما يقول المشركون من إثبات آلهة من دونه فهو مثل قوله: (قل للذين كفروا سيغلبون) [آل عمران/ 12] لأنهم غيب.
فأما من قرأ: سبحانه وتعالى عما يقولون، فإنه يحتمل وجهين: أحدهما: أن يعطف على يقولون كما عطف قوله: (يحشرون إلى جهنّم) على (سيغلبون). والآخر: أن يكون نزّه نفسه سبحانه عن دعواهم، فقال: سبحانه وتعالى عما يقولون وقراءة نافع وعاصم وابن عامر: (كما تقولون) على ما تقدم. وقوله: عما يقولون على أنه نزّه نفسه عن قولهم، ويجوز أن تحمله على القول، كأنه: قل أنت: سبحانه وتعالى عما يقولون.
فأما قوله: كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا وذلك
[الحجة للقراء السبعة: 5/106]
أن المشركين كانوا يعبدون الملائكة، فقيل لهم: إن الذين عبدتموهم وجعلتموهم آلهة معه يبتغون أن يتخذوا إلى ذي العرش سبيلا بعبادتهم له وتقرّبهم إليه لها، ومثل ذلك قوله: إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا [الدهر/ 29] فهذا قول، وقال قوم من أهل التأويل: إنّ قوله: إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا اتخذت سبيلا إلى مضادّته وممانعته، وزعموا أن ذلك بمنزلة قوله: وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق، ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله [المؤمنون/ 91] وتعالى عما يقولون مما يدعونه ويفترونه من اتخاذ الولد، ومن أن يكون معه آلهة.
فأما قوله: تسبح له السموات السبع [الإسراء/ 44] فكل واحد من الياء والتاء حسن وقد تقدم ذكر ذلك في مواضع، وزعموا أن في حرف عبد الله: (سبحت له السموات) فهذا يقوّي التأنيث هنا). [الحجة للقراء السبعة: 5/107] (م)
قال أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد ابن زنجلة (ت: 403هـ) : ({تسبح له السّماوات السّبع والأرض ومن فيهنّ}
قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائيّ وحفص {تسبح له السّماوات السّبع} بالتّاء وحجتهم قراءة أبي (سبحت له السّماوات) وأخرى أن السّماوات مؤنّثة
وقرأ الباقون بالياء وحجتهم أن فعل الجمع إذا تقدم يذكر ويؤنث فمن ذكر ذهب إلى جمع السّموات ومن أنث ذهب إلى جماعة السّماوات وأخرى أن ابن مسعود قال إذا اختلفتم في الياء والتّاء فاجعلوها ياء). [حجة القراءات: 405]
قال نصر بن علي بن أبي مريم (ت: بعد 565هـ) : (14- {آَلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ} [آية/ 42] {وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ} [آية/ 43] {يُسَبِّحُ} [آية/ 44] بالياء فيهن:
قرأها ابن كثير.
والوجه أن معنى {كَمَا يَقُولُونَ}: كما يقول المشركون من إثبات آلهة من دونه، وكذلك {تَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ}.
ويجوز أن يكون قوله {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ} على تنزيه الله تعالى نفسه عن دعواهم، فقال {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ}.
وأما {يُسَبّحُ} بالياء؛ فلأن فاعله غير حقيقي التأنيث؛ لأنه جمعٌ، ومع ذلك فالفعل مقدمٌ.
وقرأ حمزة والكسائي ثلاثهن بالتاء.
والوجه أن النبي صلى الله عليه وسلم أُمر بأن يُخاطب المشركين بذلك، فقيل له: قل يا محمد لهم لو كان معه آلهة كما تقولون، وكذلك {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا تَقُولُونَ} بالتاء.
وأما {تسبّح} بالتاء؛ فلأن الفاعل مؤنثٌ.
وقرأ نافعٌ وابن عامر وعاصم –ياش- الأولى بالتاء والأُخريين بالياء.
والوجه أن الأولى على خطاب النبي (صلى الله عليه وسلم) بأن يقول لهم ذلك كما تقدم.
[الموضح: 759]
وقوله {وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ} محمول على أنه سبحانه نزّه نفسه عن قولهم، و{يُسَبّحُ} بالياء، على ما ذكرنا.
وروى –ص- عن عاصم الثالثة بالتاء وهي {تسبّح}، والأوليين بالياء.
وقرأ أبو عمرو ويعقوب الثانية بالياء وهي قوله {عَمَّا يَقُولُونَ}، والأخريين بالتاء، وقد تقدم وجه هاتين القراءتين). [الموضح: 760] (م)
روابط مهمة:
- أقوال المفسرين