العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة السجدة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 7 جمادى الأولى 1434هـ/18-03-2013م, 12:09 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير سورة السجدة [ من الآية (15) إلى الآية (22) ]

تفسير سورة السجدة
[ من الآية (15) إلى الآية (22) ]

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (15) تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (16) فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17) أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ (18) أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (19) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ (20) وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ (22)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11 جمادى الأولى 1434هـ/22-03-2013م, 12:57 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (15) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّما يؤمن بآياتنا الّذين إذا ذكّروا بها خرّوا سجّدًا وسبّحوا بحمد ربّهم وهم لا يستكبرون}.
يقول تعالى ذكره: ما يصدّق بحججنا وآيات كتابنا إلاّ القوم الّذين إذا ذكّروا بها ووعظوا {خرّوا} للّه {سجّدًا} لوجوههم، تذلّلاً له، واستكانةً لعظمته، وإقرارًا له بالعبوديّة {وسبّحوا بحمد ربّهم} يقول: وسبّحوا اللّه في سجودهم بحمده، فيبرّئونه ممّا يصفه أهل الكفر به، ويضيفون إليه من الصّاحبة والأولاد والشّركاء والأنداد {وهم لا يستكبرون} يقول: يفعلون ذلك، وهم لا يستكبرون عن السّجود له والتّسبيح، ولا يستنكفون عن التّذلّل له والاستكانة.
وقيل: إنّ هذه الآية نزلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، لأنّ قومًا من المنافقين كانوا يخرجون من المسجد إذا أقيمت الصّلاة، ذكر ذلك عن حجّاجٍ، عن ابن جريجٍ). [جامع البيان: 18/607-608]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في شعب الايمان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نزلت هذه الآية في شأن الصلوات الخمس {إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا} أي أتوها {وسبحوا} أي صلوا بأمر ربهم {وهم لا يستكبرون} عن اتيان الصلوات في الجماعات). [الدر المنثور: 11/686]

تفسير قوله تعالى: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا عوف، عن أبي المنهال سيار بن سلامة الرياحي، قال: حدثنا شهر بن حوشب، قال: حدثني ابن عباس، قال: إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم، وزيد في سعتها كذا وكذا، وجمع الخلائق بصعيد واحدٍ، جنهم وإنسهم، فإذا كان ذلك قيضت هذه السماء الدنيا عن أهلها، فينتشروا على وجه هذه الأرض، فلأهل السماء أكثر من جميع أهل الأرض جنهم وإنسهم بالضعف، فإذا رآهم أهل الأرض فزعوا إليهم، ويقولون: أفيكم ربنا؟ فيفزعون من قولهم، فيقولون لهم: سبحان ربنا، ليس فينا، وهو آتٍ، ثم تقاض السماء الثانية، فلأهل السماء الثانية وحدهم أكثر من أهل هذه السماء الدنيا، ومن جميع أهل الأرض بالضعف، فإذا نثروا على وجه الأرض، فزع إليهم أهل الأرض، فيقولون لهم: أفيكم ربنا؟ فيفزعون من قولهم فيقولون: سبحان ربنا، ليس فينا، وهو آت، ثم تقاض السموات سماءً سماءً، كلما قيضت سماءٌ كانت أكثر من أهل السموات التي تحتها، ومن جميع أهل الأرض جنهم وإنسهم، كلما نثروا على وجه الأرض فزع إليهم أهل الأرض، ويقولون لهم مثل ذلك، ويرجعون مثل ذلك، حتى تقاض السماء السابعة، فلأهلها وحدهم أكثر من أهل ست سماوات، ومن جميع أهل الأرض بالضعف، ويجيء الله فيهم تبارك وتعالى، والأمم جُثًى صفوفًا، فينادي منادٍ: ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم، ليقم الحامدون لله على كل حال، فيقومون فيسرحون إلى الجنة، ثم ينادي ثانية: ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم، ليقم الذين كانت: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفًا وطمعًا ومما رزقناهم ينفقون} [سورة السجدة: 16]، فيقومون فيسرحون إلى الجنة، ثم ينادي بالثالثة: ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم، ليقوم الذين كانوا: {لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يومًا تتقلب فيه القلوب والأبصار} [سورة النور: 37] فيقومون، فيسرحون إلى الجنة، قال: فإذا أخذ من هؤلاء الثلاثة خرج عنق من النار فأشرف على الخلائق، له عينان تبصران، ولسان فصيح، قال: فيقول: إني وكلت بثلاثة: إني وكلت بكل جبار عنيد، قال: فيلتقطهم من الصفوف لقط الطير حب السمسم، قال: فيحبس بهم في جهنم، قال: ثم يخرج ثانية فيقول: إني وكلت بمن آذى الله ورسوله، فيلتقطهم من الصفوف لقط الطير حب السمسم، فيحبس بهم في جهنم، قال: ثم يخرج ثالثة.
قال أبو المنهال: فأحسبه قال: تقول: إني وكلت بأصحاب التصاوير، فيلقطهم من الصفوف لقط الطير حب السمسم، قال: فيحبس بهم في جهنم، فإذا أخذ من هؤلاء وهؤلاء ثلاثة من هؤلاء، وثلاثة من هؤلاء، نشرت الصحف، ووضعت الموازين، ودعي الخلائق للحساب). [الزهد لابن المبارك: 2/ 732-733]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرنا حفص بن ميسرة، عن موسى بن يسار في قول الله: {تتجافي جنوبهم عن المضاجع}، قال: ما بين المغرب والعشاء). [الجامع في علوم القرآن: 1/46-47] (م)
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني من سمع الأوزاعي يقول في قول الله: {تتجافي جنوبهم عن المضاجع}، قال: كنا نسمع أنه القيام من جوف الليل؛
قال: وسمعت مالك بن أنس يقول ذلك أيضاً). [الجامع في علوم القرآن: 1/145-146]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن الثوري عن جويبر عن الضحاك في قوله تتجافى جنوبهم قال كانوا إذا استيقظوا ذكروا الله وكبروا). [تفسير عبد الرزاق: 2/109]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن معاذ بن جبل في قوله تتجافى جنوبهم عن المضاجع قال كنت مع النبي في سفر فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير فقلت يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار وقال لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ثم قال ألا أدلك على أبواب الخير الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة وصلاة الرجل في جوف الليل ثم قرأ تتجافى جنوبهم حتى يعملون ثم قال ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه فقلت بلى يا رسول الله قال رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد ثم قال ألا أخبرك بملاك ذلك كله قلت بلى يا رسول الله فأخذ بلسانه ثم قال كف عليك هذا فقلت يا رسول الله أو إنا لمؤاخذون بما نتكلم به فقال ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/109]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة عن الحسن في قوله تعالى تتجافى جنوبهم عن المضاجع قال الصلاة من الليل). [تفسير عبد الرزاق: 2/110]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (حدثنا أو حذيفة ثنا سفيان [الثوري] عن أبان بن أبي عيّاشٍ عن أنس ابن مالك في قوله: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} قال: ما بين المغرب والعشاء [الآية: 16]). [تفسير الثوري: 240]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا عبد الله بن أبي زيادٍ، قال: حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسيّ، عن سليمان بن بلالٍ، عن يحيى بن سعيدٍ، عن أنس بن مالكٍ: أنّ هذه الآية {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} نزلت في انتظار هذه الصّلاة الّتي تدعى العتمة.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ، لا نعرفه إلاّ من هذا الوجه). [سنن الترمذي: 5/199]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع}، وقوله تعالى: {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ}
- أخبرنا محمّد بن عبد الأعلى، حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن عاصمٍ، عن أبي وائلٍ، عن معاذ بن جبلٍ، قال: كنت مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فأصبحت قريبًا منه ونحن نسير، فقلت: يا نبيّ الله، أخبرني بعملٍ يدخلني الجنّة، ويبعدني عن النّار، قال: «لقد سألت عن عظيمٍ، وإنّه ليسيرٌ على من يسّره الله عليه، تقيم الصّلاة، وتؤتي الزّكاة، وتصوم رمضان، وتحجّ البيت»، ثمّ قال: «ألا أدلّك على أبواب الخير؟ الصّوم جنّةٌ، والصّدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النّار، وصلاة الرّجل من جوف اللّيل»، ثمّ تلا {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} [السجدة: 16] حتّى {يعملون} [السجدة: 17] ثمّ قال: «ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟»، قلت: بلى يا رسول الله، قال: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصّلاة، وذروة سنامه الجهاد»، ثمّ قال: «ألا أخبرك بملاك ذلك كلّه؟»، قلت: بلى يا رسول الله، فأخذ بلسانه فقال: «كفّ عليك هذا»، قلت: يا رسول الله، وإنّا لمؤاخذون بما نتكلّم به؟، قال: " ثكلتك أمّك يا معاذ، وهل يكبّ النّاس في النّار على وجوههم - أو قال: على مناخرهم - إلّا حصائد ألسنتهم؟ "). [السنن الكبرى للنسائي: 10/214]

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربّهم خوفًا وطمعًا وممّا رزقناهم ينفقون}.
يقول تعالى ذكره: تتنحّى جنوب هؤلاء الّذين يؤمنون بآيات اللّه، الّذين وصفت صفتهم، وترتفع عن مضاجعهم الّتي يضطجعون لمنامهم، ولا ينامون {يدعون ربّهم خوفًا وطمعًا} في عفوه عنهم، وتفضّله عليهم برحمته ومغفرته {وممّا رزقناهم ينفقون} في سبيل اللّه، ويؤدّون منه حقوق اللّه الّتي أوجبها عليهم فيه.
وتتجافى: تتفاعل من الجفاء؛ والجفاء: النّبو، كما قال الرّاجز:
وصاحبي ذات هبابٍ = دمشق وابن ملاطٍ متجافٍ أرفق
يعني: أنّ كرمها سجيّةٌ عن ابن ملاط. وإنّما وصفهم تعالى ذكره بتجافي جنوبهم عن المضاجع لتركهم الاضطجاع للنّوم شغلاً بالصّلاة.
واختلف أهل التّأويل في الصّلاة الّتي وصفهم جلّ ثناؤه، أنّ جنوبهم تتجافى لها عن المضطجع، فقال بعضهم: هي الصّلاة بين المغرب والعشاء، وقال: نزلت هذه الآية في قومٍ كانوا يصلّون في ذلك الوقت.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا يحيى بن سعيدٍ، عن ابن أبي عروبة، قال: قال قتادة، قال أنسٌ في قوله {كانوا قليلاً من اللّيل ما يهجعون} قال: كانوا يتنفّلون فيما بين المغرب والعشاء، وكذلك تتجافى جنوبهم.
- قال: حدّثنا ابن أبي عديٍّ، عن سعيدٍ، عن قتادة، عن أنسٍ، في قوله {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} قال: يصلّون ما بين هاتين الصّلاتين.
- حدّثني عليّ بن سعيدٍ الكنديّ قال: حدّثنا حفص بن غياثٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة، عن أنسٍ، {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} قال: ما بين المغرب والعشاء.
- حدّثني محمّد بن خلفٍ قال: حدّثنا زيد بن الحباب، قال: حدّثنا الحارث بن وجيهٍ الرّاسبيّ قال: حدّثنا مالك بن دينارٍ، عن أنس بن مالكٍ، أنّ هذه الآية نزلت في رجالٍ من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، كانوا يصلّون فيما بين المغرب والعشاء {تتجافى جنوبهم عن المضاجع}.
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا محمّد بن بشرٍ، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنسٍ: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} قال: كانوا يتطوّعون فيما بين المغرب والعشاء.
- قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن رجلٍ، عن أنسٍ، {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} قال: ما بين المغرب والعشاء.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن أنسٍ: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع}، قال: كانوا يتيقظون ما بين صلاة المغرب وصلاة العشاء.
وقال آخرون: عنى بها صلاة المغرب.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثني أبي، عن طلحة، عن عطاءٍ، {تتجافى جنوبهم عن المضاجع}، قال: عن العتمة.
- وذكر عن حجّاجٍ، عن ابن جريجٍ، قال: قال يحيى بن صيفيٍّ، عن أبي سلمة، قال: العتمة.
وقال آخرون: لانتظار صلاة العتمة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عبد اللّه بن أبي زيادٍ، قال: حدّثنا عبد العزيز بن عبد اللّه الأويسيّ، عن سليمان بن بلالٍ، عن يحيى بن سعيدٍ، عن أنس بن مالكٍ، أنّ هذه الآية: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} نزلت في انتظار الصّلاة الّتي تدعى العتمة.
وقال آخرون: عنى بها قيام اللّيل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن الحسن، {تتجافى جنوبهم عن المضاجع}، قال: قيام اللّيل.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {تتجافى جنوبهم عن المضاجع}، قال: هؤلاء المتهجّدون لصلاة اللّيل.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: قوله {تتجافى جنوبهم عن المضاجع}، يقومون يصلّون من اللّيل.
وقال آخرون: إنّما هذه صفة قومٍ لا تخلو ألسنتهم من ذكر اللّه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربّهم خوفًا وطمعًا}: وهم قومٌ لا يزالون يذكرون اللّه، إمّا في صلاةٍ، وإمّا قيامًا، وإمّا قعودًا، وإمّا إذا استيقظوا من منامهم، هم قومٌ لا يزالون يذكرون اللّه.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: قوله {تتجافى جنوبهم عن المضاجع}، إلى آخر الآية يقول: تتجافى لذكر اللّه، كلّما استيقظوا ذكروا اللّه، إمّا في الصّلاة، وإمّا في قيامٍ، وإمّا في قعودٍ، أو على جنوبهم، فهم لا يزالون يذكرون اللّه.
والصّواب من القول في ذلك أن يقال: إنّ اللّه وصف هؤلاء القوم بأنّ جنوبهم تنبو عن مضاجعهم، شغلاً منهم بدعاء ربّهم وعبادته خوفًا وطمعًا، وذلك نبوّ جنوبهم عن المضاجع ليلاً، لأنّ المعروف من وصف الواصف رجلاً بأنّ جنبه نبا عن مضجعه، إنّما هو وصفٌ منه له بأنّه جفا عن النّوم في وقت منام النّاس المعروف، وذلك اللّيل دون النّهار، وكذلك تصف العرب الرّجل إذا وصفته بذلك، يدلّ على ذلك قول عبد اللّه بن رواحة الأنصاريّ رضي اللّه عنه في صفة نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:
يبيت يجافي جنبه عن فراشه = إذا استثقلت بالمشركين المضاجع
فإذا كان ذلك كذلك، وكان اللّه تعالى ذكره لم يخصّص في وصفه هؤلاء القوم بالّذي وصفهم به من جفاء جنوبهم عن مضاجعهم من أحوال اللّيل وأوقاته حالاً ووقتًا دون حالٍ ووقتٍ، كان واجبًا أن يكون ذلك على كلّ آناء اللّيل وأوقاته.
وإذا كان كذلك كان من صلّى ما بين المغرب والعشاء، أو انتظر العشاء الآخرة، أو قام اللّيل أو بعضه، أو ذكر اللّه في ساعات اللّيل، أو صلّى العتمة ممّن دخل في ظاهر قوله: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} لأنّ جنبه قد جفا عن مضجعه في الحال الّتي قام فيها للصّلاة قائمًا صلّى أو ذكر اللّه، أو قاعدًا بعد أن لا يكون مضطجعًا، وهو على القيام أو القعود قادرٌ، غير أنّ الأمر وإن كان كذلك، فإنّ توجيه الكلام إلى أنّه معنيّ به قيام اللّيل أعجب إليّ، لأنّ ذلك أظهر معانيه، والأغلب على ظاهر الكلام، وبه جاء الخبر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
- وذلك ما حدّثنا به ابن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن الحكم، قال: سمعت عروة بن النّزّال يحدّث، عن معاذ بن جبلٍ، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال له: ألا أدلّك على أبواب الخير: الصّوم جنّةٌ، والصّدقة تكفّر الخطيئة، وقيام العبد في جوف اللّيل. وتلا هذه الآية: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربّهم خوفًا وطمعًا وممّا رزقناهم ينفقون}.
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا يحيى بن حمّادٍ قال: حدّثنا أبو عوانة، عن سليمان، عن حبيب بن أبي ثابتٍ والحكم، عن ميمون بن أبي شبيبٍ، عن معاذ بن جبلٍ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، بنحوه.
- حدّثني محمّد بن خلفٍ العسقلانيّ قال: حدّثنا آدم قال: حدّثنا شيبان، قال: حدّثنا منصور بن المعتمر، عن الحكم بن عتيبة، عن ميمون بن أبي شبيبٍ، عن معاذ بن جبلٍ قال: قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إن شئت أنبأتك بأبواب الخير: الصّوم جنّةٌ، والصّدقة تكفّر الخطيئة، وقيام الرّجل في جوف اللّيل ثمّ قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع}.
- حدّثنا أبو كريبٍ قال: حدّثنا زيد بن الحباب، عن حمّاد بن سلمة قال: حدّثنا عاصم بن أبي النّجود، عن شهر بن حوشبٍ، عن معاذ بن جبلٍ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، في قوله {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} قال: قيام العبد من اللّيل.
- حدّثنا أبو همّامٍ الوليد بن شجاعٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني زياد بن خيثمة، عن أبي يحيى، بائع القتّ، عن مجاهدٍ، قال: ذكر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قيام اللّيل، ففاضت عيناه حتّى تحادرت دموعه، فقال: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع}.
وأمّا قوله: {يدعون ربّهم خوفًا وطمعًا} الآية، فإنّ بنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {يدعون ربّهم خوفًا وطمعًا وممّا رزقناهم ينفقون} قال: خوفًا من عذاب اللّه، وطمعًا في رحمة اللّه، {وممّا رزقناهم ينفقون} في طاعة اللّه، وفي سبيله). [جامع البيان: 18/608-616]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن شهر بن حوشب عن معاذ بن جبل قال تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية تتجافى جنوبهم عن المضاجع فقال هو قيام العبد من الليل). [تفسير مجاهد: 510]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال كانوا يصلون من الليل). [تفسير مجاهد: 510]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثني أبو بكرٍ محمّد بن أحمد بن بالويه، ثنا محمّد بن أحمد بن نضرٍ الأزديّ، ثنا معاوية بن عمرٍو، ثنا أبو إسحاق الفزاريّ، عن الأعمش، وأخبرنا أبو زكريّا العنبريّ، واللّفظ له، ثنا محمّد بن عبد السّلام، ثنا إسحاق، أنبأ جريرٌ، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابتٍ، والحكم بن عتيبة، عن ميمون بن أبي شبيبٍ، عن معاذ بن جبلٍ رضي اللّه عنه، قال: بينما نحن مع رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم في غزوة تبوك وقد أصاب الحرّ فتفرّق القوم حتّى نظرت، فإذا رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم أقربهم منّي قال: فدنوت منه فقلت: يا رسول اللّه، أنبئني بعملٍ يدخلني الجنّة ويباعدني من النّار. قال: «لقد سألت عن عظيمٍ وإنّه ليسيرٌ على من يسّره اللّه عليه، تعبد اللّه ولا تشرك به شيئًا وتقيم الصّلاة المكتوبة، وتؤتي الزّكاة المفروضة، وتصوم رمضان» قال: «وإن شئت أنبأتك بأبواب الجنّة» قلت: أجل يا رسول اللّه. قال: «الصّوم جنّةٌ، والصّدقة تكفّر الخطيئة، وقيام الرّجل في جوف اللّيل يبتغي وجه اللّه» قال: ثمّ قرأ هذه الآية {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربّهم خوفًا وطمعًا وممّا رزقناهم ينفقون} [السجدة: 16] قال: «وإن شئت أنبأتك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه» قال: قلت: أجل يا رسول اللّه. قال: «أمّا رأس الأمر فالإسلام، وأمّا عموده فالصّلاة، وأمّا ذروة سنامه فالجهاد في سبيل اللّه، وإن شئت أنبأتك بملاك ذلك كلّه» فسكت فإذا راكبان يوضعان قبلنا، فخشيت أن يشغلاه عن حاجتي قال: فقلت: ما هو يا رسول اللّه؟ قال: «فأهوى بإصبعه إلى فيه» قال: فقلت: يا رسول اللّه، وإنّا لنؤاخذ بما نقول بألسنتنا؟ قال: «ثكلتك أمّك ابن جبلٍ هل يكبّ النّاس على مناخرهم في جهنّم إلّا حصائد ألسنتهم؟» هذا لفظ حديث جريرٍ ولم يذكر أبو إسحاق الفزاريّ في حديثه الحكم بن عتيبة «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/447]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا عبد الصّمد بن عليٍّ البزّار، ببغداد، ثنا أبو إسماعيل محمّد بن إسماعيل، ثنا سعيد بن أبي مريم، ثنا عبد اللّه بن سويد بن حيّان، حدّثني أبو صخرٍ، عن أبي حازمٍ، عن سهل بن سعدٍ رضي اللّه عنه، قال: بينا نحن عند رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم وهو يصف الجنّة حتّى انتهى، ثمّ قال: " فيها ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشرٍ، ثمّ قرأ {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} [السجدة: 16] إلى آخر الآية قال أبو صخرٍ: فذكرته للقرظيّ فقال: إنّهم أخفوا للّه عملًا وأخفى لهم ثوابًا فقدموا على اللّه فقرّت تلك الأعين «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/448]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت د) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: في قوله تعالى: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} [السجدة: 16] نزلت في انتظار الصلاة التي تدعى العتمة. هذه رواية الترمذي.
وفي رواية أبي داود قال: كانوا يتنفّلون ما بين المغرب والعشاء، ويصلّون وكان الحسن يقول: «قيام الليل »). [جامع الأصول: 2/303]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} [السجدة: 16]
- عن معاذ بن جبلٍ عن النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - قال: «{تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربّهم خوفًا وطمعًا} [السجدة: 16]. قال: " قيام العبد من اللّيل».
رواه أحمد، وشهرٌ لم يدرك معاذًا وفيه ضعفٌ وقد وثّق، وبقيّة رجاله ثقاتٌ.
- وعن بلالٍ قال: لمّا نزلت هذه الآية {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} [السجدة: 16] الآية كنّا نجلس في المجلس وناسٌ من أصحاب النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - يصلّون بعد المغرب إلى العشاء، فنزلت هذه الآية {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} [السجدة: 16].
رواه البزّار عن شيخه عبد اللّه بن شبيبٍ وهو ضعيفٌ.
- وعن ابن مسعودٍ قال: إنّه لمكتوبٌ في التّوراة للّذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشرٍ، وإنّه لفي القرآن {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ} [السجدة: 17].
رواه الطّبرانيّ عن شيخه عبد اللّه بن محمّد بن سعيد بن أبي مريم وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7/90]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (حدّثنا عبد اللّه بن شبيبٍ، ثنا الوليد بن عطاء بن الأغرّ، ثنا عبد الحميد بن سليمان، ثنا مصعبٌ، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: قال بلالٌ: لمّا نزلت هذه الآية: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} [السجدة: 16] الآية، كنّا نجلس في الج لس وناسٌ من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يصلّون بعد المغرب إلى العشاء، فنزلت هذه الآية: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} [السجدة: 16].
قال البزّار: لا نعلم له طريقًا عن بلالٍ غير هذا الطّريق). [كشف الأستار عن زوائد البزار: 3/65]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال أبو بكر بن أبي شيبة: ثنا زيد بن الحباب، عن حمّاد بن سلمة، عن عاصمٍ، عن شهر بن حوشبٍ، عن معاذ بن جبلٍ- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "الّذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع، قال: قيام العبد في اللّيل".
- رواه أبو يعلى الموصليّ: ثنا أبو همّامٍ الوليد بن شجاعٍ، حدّثني أبي، أنّ زياد بن خثيمٍ حدّثه، عن أبي يحيى- بيّاع القتّ- عن مجاهدٍ، عن معاذ بن جبلٍ قال: "ذكر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قيام الليل ففاضت عيناه حتّى تحادرت دموعه وقال: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع) "). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/253-254]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون.
أخرج الترمذي وصححه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن هذه الآية {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} نزلت في انتظار الصلاة التي تدعى العتمة). [الدر المنثور: 11/686]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه في قوله {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} قال: كانوا لا ينامون حتى يصلوا العشاء). [الدر المنثور: 11/686-687]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري في تاريخه، وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال نزلت {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} في صلاة العشاء). [الدر المنثور: 11/687]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه عن أنس رضي الله عنه قال: كنا نجتنب الفرش قبل صلاة العشاء). [الدر المنثور: 11/687]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج محمد بن نصر، وابن جرير عن أبي سلمة رضي الله عنه في قوله {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} في صلاة العتمة). [الدر المنثور: 11/687]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق في المصنف، وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم راقدا قبل العشاء ولا متحدثا بعدها فان هذه الآية نزلت في ذلك {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} ). [الدر المنثور: 11/687]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال: نزلت فينا معاشر الأنصار كنا نصلي المغرب فلا نرجع إلى رحالنا حتى نصلي العشاء مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم فنزلت فينا {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} ). [الدر المنثور: 11/687]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما ان النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} قال: هم الذي لا ينامون قبل العشاء فاثنى عليهم فلما ذكر ذلك جعل الرجل يعتزل فراشه مخافة أن تغلبه عينه فوقتها قبل أن ينام الصغير ويكسل الكبير). [الدر المنثور: 11/687-688]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} قال: أنزلت في صلاة العشاء الآخرة كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينامون حتى يصلوها). [الدر المنثور: 11/688]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه وأبو داود ومحمد بن نصر، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والبيهقي في "سننه" عن أنس رضي الله عنه في قوله {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} قال: كانوا ينتظرون ما بين المغرب والعشاء يصلون). [الدر المنثور: 11/688]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد الزهد، وابن عدي، وابن مردويه عن مالك بن دينار رضي الله عنه قال: سألت أنس بن مالك رضي الله عنه عن هذه الآية {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} قال: كان قوم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين الاولين يصلون المغرب ويصلون بعدها إلى عشاء الآخرة فنزلت هذه الآية فيهم). [الدر المنثور: 11/688]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البزار، وابن مردويه عن بلال رضي الله عنه قال: كنا نجلس في المجلس وناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون المغرب إلى العشاء فنزلت {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} ). [الدر المنثور: 11/688-689]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج محمد بن نصر والبيهقي في "سننه" عن ابن المنكدر وأبي حازم في قوله {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} قالا: هي ما بين المغرب والعشاء صلاة الاوابين). [الدر المنثور: 11/689]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج محمد بن نصر عن عبد الله بن عيسى رضي الله عنه قال: كان ناس من الانصار يصلون ما بين المغرب والعشاء فنزلت فيهم {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} ). [الدر المنثور: 11/689]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد، وابن جرير، وابن مردويه عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} قال قيام العبد من الليل). [الدر المنثور: 11/689]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والترمذي وصححه والنسائي، وابن ماجه، وابن نصر في كتاب الصلاة، وابن جرير، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كنت مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم في سفر فاصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير فقلت: يا نبي الله اخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار قال لقد سألت عن عظيم وانه اليسير على من يسره الله عليه، تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ثم قال: ألا أدلك على أبواب الخير الصوم جنة والصدقة تطفى ء الخطيئة وصلاة الرجل في جوف الليل ثم قرأ {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} حتى بلغ {يعملون} ثم قال: ألا أخبرك برأس الامر وعموده وذروة سنامه فقلت: بلى يا رسول الله قال: رأس الامر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد ثم قال ألا أخبرك بملاك ذلك كله فقلت: بلى يا نبي الله فاخذ بلسانه فقال: كف عنك هذا فقلت: يا رسول الله وانا لمؤاخذون بما نتكلم به فقال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم). [الدر المنثور: 11/689]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه قال: ذكر لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قيام الليل ففاضت عيناه حتى تحادرت دموعه فقال {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} ). [الدر المنثور: 11/689-690]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال يا رسول الله اخبرني بعمل أهل الجنة قال: قد سألت عن عظيم وانه ليسير على من يسره الله عليه، تعبد الله لا تشرك به شيئا وتؤدي الصلاة المكتوبة - ولا أدري ذكر الزكاة أم لا - وان شئت أنبأتك برأس هذا الامر وعموده وذروة سنامه رأسه الإسلام من أسلم سلم وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله والصيام جنة والصدقة تمحو الخطيئة وصلاة الرجل في جوف الليل ثم تلا هذه الآية {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} ). [الدر المنثور: 11/690]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه في قوله {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} قال: كانت لا تمر عليها ليلة إلا أخذوا منها بحظ). [الدر المنثور: 11/690]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبه ومحمد بن نصر، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في قوله {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} قال: يقومون فيصلون بالليل). [الدر المنثور: 11/690]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن نصر، وابن جرير عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} قال: قيام الليل). [الدر المنثور: 11/690-691]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد من طريق أبي عبد الله الجدلي عن عبادة بن الصامت عن كعب رضي الله عنه قال: اذا حشر الناس نادى مناد: هذا يوم الفصل أين الذين {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} أين الذين {يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم} آل عمران الآية 191 ثم يخرج عنق من النار فيقول: أمرت بثلاث، بمن جعل مع الله الها آخر، وبكل جبار عنيد، وبكل معتد لانا أعرف بالرجل من الوالد بولده والمولود بوالده ويؤمر بفقراء المسلمين إلى الجنة فيحسبون فيقولون: تحسبونا ما كان لنا أموال ولا كنا أمراء). [الدر المنثور: 11/691]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج محمد بن نصر، وابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه في قوله {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا} قال: هم قوم لا يزالوان يذكرون الله اما في الصلاة واما قياما واما قعودا واما اذا استيقظوا من منامهم، هم قوم لا يزالون يذكرون الله تعالى). [الدر المنثور: 11/691]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في شعب الايمان عن ربيعة الجرشي رضي الله عنه قال: يجمع الله الخلائق يوم القيامة في صعيد واحد فيكونون ما شاء الله أن يكونوا فينادي مناد، سيعلم أهل الجمع لمن العز اليوم والكرم ليقم الذين {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا} فيقومون وفيهم قلة ثم يلبث ما شاء الله أن يلبث ثم يعود فينادي سيعلم أهل الجمع لمن العز والكرم ليقم الذين {لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله} النور الآية 37 فيقومون وهم أكثر من الأولين ثم يلبث ما شاء الله أن يلبث ثم يعود وينادي: سيعلم أهل الجمع لمن العز اليوم والكرم ليقم الحمادون لله على كل حال فيقومون وهم أكثر من الاولين). [الدر المنثور: 11/692]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} يقول: تتجافى لذكر الله كلما استيقظوا ذكروا الله، اما في الصلاة واما في قيام أو قعود أو على جنوبهم فهم لا يزالون يذكرون الله). [الدر المنثور: 11/692]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون.
أخرج الحاكم وصححه، وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين} ). [الدر المنثور: 11/692]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو عبيد في فضائله وسعيد بن منصور، وابن أبي حاتم، وابن الانباري في المصاحف عن أبي هريرة رضي الله عنه {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين} ). [الدر المنثور: 11/692]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير ومحمد بن نصر، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان عرش الله على الماء فاتخذ جنة لنفسه ثم اتخذ دونها أخرى ثم أطبقهما لؤلؤة واحدة ثم قال: ومن دونهما جنتان لم يعلم الخلق ما فيهما وهي التي قال الله {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون} يأتيهم فيها كل يوم تحفة). [الدر المنثور: 11/692]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراين والحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: انه لمكتوب في التوراة (لقد أعد الله للذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع ما لم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر ولا يعلم ملك مقرب ولا نبي مرسل وانه لفي القرآن {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين} ). [الدر المنثور: 11/692-693]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد وهناد كلاهما في الزهد والبخاري ومسلم والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وابن الانباري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشرن قال أبو هريرة رضي الله عنه: اقرؤا ان شئتم {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين} ). [الدر المنثور: 11/693]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عامر بن عبد الواحد رضي الله عنه قال: بلغني ان الرجل من أهل الجنة يمكث في مكانه سبعين سنة ثم يلتفت فاذا هو بامرأة أحسن مما كان فيه فتقول له: قد آن لك أن يكون لنا منك نصيب، فيقول: من أنت فتقول: أنا مزيد فيمكث معها سبعين سنة ويلتفت فاذا هو بامرأة أحسن مما كان فيه فتقول: قد آن لك ان يكون لنا منك نصيب فيقول: من أنت فتقول: أنا الذي قال الله {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين} ). [الدر المنثور: 11/693-694]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه عن ابن عمر رضي الله عنه قال: ان الرجل من أهل الجنة ليجيء فيشرف عليه النساء فيقلن: يا فلان بن فلان ما أنت حين خرجت من عندنا بأولى بك منا فيقول: من أنتن فيقلن: نحن من اللاتي قال الله {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون} ). [الدر المنثور: 11/694]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: يدخلون عليهم على مقدار كل يوم من أيام الدنيا ثلاث مرات معهم التحف من الله من جنات عدن مما ليس في جناتهم، وذلك قوله {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين} ). [الدر المنثور: 11/694]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب قال: سأصف لكم منزل الرجل من أهل الجنة كان يطلب في الدنيا حلالا ويأكل حلالا حتى لقي الله على ذلك فانه يعطي يوم القيامة قصرا من لؤلؤة واحدة ليس فيها صدع ولا وصل فيها سبعون ألف غرفة وأسفل الغرف سبعون ألف بيت في كل بيت سقفه صفائح الذهب والفضة ليس بموصول ولولا ان الله سخر له النظر اليه لذهب بصره من نوره عرض الحائط اثنا عشر ميلا وطوله في السماء سبعون ميلا في كل بيت سبعون ألف باب يدخل عليه في كل بيت من كل باب سبعون ألف خادم لا يراهم من في هذا البيت ولا من في هذا البيت فاذا خرج في قصره صار في ملكه مثل عمر الدنيا يسير في ملكه عن يمينه وعن يساره ومن ورائه وأزواجه معه وليس معه ذكر غيره ومن بين يديه ملائكة قد سخروا له بينه وبين أزواجه ستر وبين يديه ستر ووصفاء ووصائف قد أفهموا ما يشتهي أزواجه ولا يموت هو ولا أزواجه ولا خدامه أبدا نعيمهم يزداد كل يوم من غير ان يبلى الاول وقرة عين لا تنقطع أبدا لا يدخل عليه فيه روعة أبدا). [الدر المنثور: 11/694-695]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال والذي نفسي بيده لو ان آخر أهل الجنة رجلا أضاف آدم فمن دونه ووضع لهم طعاما وشرابا حتى يخرجوا من عنده لا ينقصه ذلك مما أعطاه الله). [الدر المنثور: 11/696]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد ومسلم والطبراني، وابن جرير والحاكم وصححه، وابن مردويه ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة من طريق أبي صخر عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصف الجنة حتى انتهى ثم قال فيهما ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ثم قرأ {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} قال أبو صخر: فذكرته للقرظي فقال: انهم أخفوا عملا وأخفى الله لهم ثوابا فقدموا على الله فقرت تلك الاعين). [الدر المنثور: 11/696]

تفسير قوله تعالى: (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (حدثنا إسماعيل بن عياش، قال: أخبرنا ثعلبة بن مسلم، عن أيوب بن بشير العجلي، عن شفي بن ماتع، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من نعيم أهل الجنة أنهم يتزاورون على المطايا والنجب، وإنهم يؤتون في يوم الجمعة بخيلٍ مسرجةٍ ملجمة، لا تروث ولا تبول، فيركبونها حتى ينتهوا حيث شاء الله، فيأتيهم مثل السحابة، فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، فيقولون: أمطري علينا، فما تزال تمطر عليهم حتى ينتهي ذلك إلى فوق أمانيهم، ثم يبعث الله ريحًا غير مؤذية فتنسف كثبانًا من مسك على أيمانهم، وعلى شمائلهم، فيأخذ ذلك المسك في نواصي خيولهم، وفي معارفها، وفي رؤوسها، ولكل رجل منهم جمة على ما اشتهت نفسه، فيتعلق ذلك المسك في تلك الجمام، وفي الخيل، وفي ما سوى ذلك من الثياب، ثم يقبلون حتى ينتهون إلى ما شاء الله، فإذا المرأة تنادي بعض أولئك: يا عبد الله، أما لك فينا حاجة؟ فيقول: ما أنت؟ ومن أنت؟ فتقول: أنا زوجك، فيقول: ما كنت علمت مكانك، فتقول المرأة: أوما تعلم أن الله، قال: {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون} [سورة السجدة: 17] فيقول: بلى وربي، فلعله يشتغل عنها بعد ذلك الموقف مقدار أربعين خريفًا، لا يلتفت ولا يعود، ما يشغله عنها إلا ما هو فيه من النعمة والكرامة). [الزهد لابن المبارك: 2/ 555-556]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني ابن لهيعة عن موسى بن أيوب أنه سمع إياس بن عامر يقول: سمعت رجلا بإيلياء قديما وسألته عن هذه الآية: {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرة أعينٍ}، قال: قد استبطأت أن تسأل عن هذه الآية، فذلك الجهاد، فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لها من ثوابه). [الجامع في علوم القرآن: 2/144]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن معاذ بن جبل في قوله تتجافى جنوبهم عن المضاجع قال كنت مع النبي في سفر فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير فقلت يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار وقال لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ثم قال ألا أدلك على أبواب الخير الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة وصلاة الرجل في جوف الليل ثم قرأ تتجافى جنوبهم حتى يعملون ثم قال ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه فقلت بلى يا رسول الله قال رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد ثم قال ألا أخبرك بملاك ذلك كله قلت بلى يا رسول الله فأخذ بلسانه ثم قال كف عليك هذا فقلت يا رسول الله أو إنا لمؤاخذون بما نتكلم به فقال ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم). [تفسير عبد الرزاق: 2/109] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر قال تلا قتادة فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين قال: قال الله أعددت لعبادي ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة عن النبي مثله). [تفسير عبد الرزاق: 2/110]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا ابن عيينة عن عبد الملك بن سعيد بن أبجر ومطرف ابن طريف عن الشعبي قال سمعت المغيرة بن شعبة يحدث عن رسول الله أن موسى سأل الله قال رب أخبرني بأدنى أهل الجنة منزلة قال هو رجل يجيء بعدما يدخل أهل الجنة الجنة فيقال له ادخل الجنة فيقول رب وكيف وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم قال فيقال له أما ترضى أن يكون لك مثل ما كان لملك من ملوك الدنيا فيقول بلى أي رب فيقال له فإن ذلك لك ومثله فذكر مرارا فيقول رب رضيت فيقال إن لك هذا وعشرة أمثاله فيقول رضيت رب فيقال له إن لك ما اشتهت نفسك ولذت عينك فيقول رضيت رب فقال موسى رب فأخبرني عن أفضل أهل الجنة منزلة فقال عن أولئك سألت أو ذلك أردت وسوف أخبرك غرست كراماتهم بيدي وختمت عليها فلم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر فقال ومصداق ذلك في كتاب الله فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين). [تفسير عبد الرزاق: 2/200-201]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، قال: قال عبد الله: إنّه لمكتوبٌ في التّوراة: لقد أعدّ اللّه للّذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع ما لم تر عينٌ ولم تسمع أذنٌ ولم يخطر على قلب بشرٍ، وما لا يعلمه ملكٌ، ولا مرسلٌ، قال: ونحن نقرأها: {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ}). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 174]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب قوله: {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ} [السجدة: 17]
- حدّثنا عليّ بن عبد اللّه، حدّثنا سفيان، عن أبي الزّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قال: " قال اللّه تبارك وتعالى: أعددت لعبادي الصّالحين، ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشرٍ " قال أبو هريرة: " اقرءوا إن شئتم: {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ} [السجدة: 17] " وحدّثنا عليٌّ، قال: حدّثنا سفيان، حدّثنا أبو الزّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: «قال اللّه» مثله، قيل لسفيان: روايةً؟ قال: فأيّ شيءٍ.
- حدّثني إسحاق بن نصرٍ، حدّثنا أبو أسامة، عن الأعمش، حدّثنا أبو صالحٍ، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول اللّه تعالى: " أعددت لعبادي الصّالحين، ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشرٍ ذخرًا بله، ما أطلعتم عليه، ثمّ قرأ: {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ جزاءً بما كانوا يعملون} [السجدة: 17] قال أبو معاوية عن الأعمش، عن أبي صالحٍ قرأ أبو هريرة: قرّات أعينٍ). [صحيح البخاري: 6/115-116]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب قوله فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعين)
قرأ الجمهور أخفي بالتّحريك على البناء للمفعول وقرأ حمزة بالإسكان فعلًا مضارعًا مسندًا للمتكلّم ويؤيّده قراءة بن مسعودٍ نخفي بنون العظمة وقرأها محمّد بن كعبٍ أخفى بفتح أوّله وفتح الفاء على البناء للفاعل وهو اللّه ونحوها قراءة الأعمش أخفيت وذكر المصنّف في آخر الباب أنّ أبا هريرة قرأ قرّات أعينٍ بصيغة الجمع وبها قرأ بن مسعودٍ أيضًا وأبو الدّرداء قال أبو عبيدة ورأيتها في المصحف الّذي يقال له الإمام قرّة بالهاء على الوحدة وهي قراءة أهل الأمصار
- قوله يقول اللّه تعالى أعددت لعبادي ووقع في حديثٍ آخر أنّ سبب هذا الحديث أنّ موسى عليه السّلام سأل ربّه من أعظم أهل الجنّة منزلةً فقال غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها فلا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشرٍ أخرجه مسلمٌ والتّرمذيّ من طريق الشّعبيّ سمعت المغيرة بن شعبة على المنبر يرفعه إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أن موسى سأل ربّه فذكر الحديث بطوله وفيه هذا وفي آخره قال ومصداق ذلك في كتاب اللّه فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعين قوله ولا خطر على قلب بشرٍ زاد بن مسعودٍ في حديثه ولا يعلمه ملكٌ مقرّبٌ ولا نبي مرسل أخرجه بن أبي حاتمٍ وهو يدفع قول من قال إنّما قيل البشر لأنّه يخطر بقلوب الملائكة والأولى حمل النّفي فيه على عمومه فإنّه أعظم في النّفس قوله دخرًا بضمّ الدّال المهملة وسكون المعجمة منصوبٌ متعلّقٌ بأعددت أي جعلت ذلك لهم مدخورًا
- قوله من بله ما أطلعتم عليه قال الخطّابيّ كأنّه يقول دع ما أطلعتم عليه فإنّه سهلٌ في جنب ما ادّخر لهم قلت وهذا لائقٌ بشرح بله بغير تقدّم من عليها وأمّا إذا تقدّمت من عليها فقد قيل هي بمعنى كيف ويقال بمعنى أجل ويقال بمعنى غير أو سوى وقيل بمعنى فضل لكن قال الصّغانيّ اتّفقت نسخ الصّحيح على من بله والصّواب إسقاط كلمة من وتعقّب بأنّه لا يتعيّن إسقاطها إلّا إذا فسّرت بمعنى دع وأمّا إذا فسّرت بمعنى من أجل أو من غير أو سوى فلا وقد ثبت في عدّة مصنّفاتٍ خارج الصّحيح بإثبات من وأخرجه سعيد بن منصورٍ ومن طريقه بن مردويه من رواية أبي معاوية عن الأعمش كذلك وقال بن مالكٍ المعروف بله اسم فعلٍ بمعنى اترك ناصبًا لما يليها بمقتضى المفعوليّة واستعماله مصدرًا بمعنى التّرك مضافًا إلى ما يليه والفتحة في الأولى بنائيّةٌ وفي الثّانية إعرابيّةٌ وهو مصدرٌ مهمل الفعل ممنوع الصّرف وقال الأخفش بله هنا مصدرٌ كما تقول ضرب زيدٌ وندر دخول من عليها زائدةً ووقع في المغني لابن هشامٍ أنّ بله استعملت معربةً مجرورةً بمن وأنّها بمعنى غير ولم يذكر سواه وفيه نظر لأن بن التّين حكى رواية من بله بفتح الهاء مع وجود من فعلى هذا فهي مبنيّةٌ وما مصدريّةٌ وهي وصلتها في موضع رفعٍ على الابتداء والخبر هو الجارّ والمجرور المتقدّم ويكون المراد ببله كيف الّتي يقصد بها الاستبعاد والمعنى من أين اطّلاعكم على هذا القدر الّذي تقصر عقول البشر عن الإحاطة به ودخول من على بله إذا كانت بهذا المعنى جائزٌ كما أشار إليه الشّريف في شرح الحاجبيّة قلت وأصحّ التّوجيهات لخصوص سياق حديث الباب حيث وقع فيه ولا خطر على قلب بشرٍ دخرًا من بله ما أطلعتم أنّها بمعنى غير وذلك بيّنٌ لمن تأمّله واللّه أعلم قوله وقال أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالحٍ قرأ أبو هريرة قرّات أعينٍ وصله أبو عبيدة القاسم بن سلّامٍ في كتاب فضائل القرآن له عن أبي معاوية بهذا الإسناد مثله سواءٌ وأخرج مسلمٌ الحديث كلّه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن أبي معاوية به). [فتح الباري: 8/516-517]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
- ثنا إسحاق بن نصر ثنا أبو أسامة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي اللّه عنه عن النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم يقول الله تعالى أعددت لعبادي الصّالحين مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر دخرا بله ما أطلعتم عليه ثمّ قرأ {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرّة أعين جزاء بما كانوا يعملون}
وقال أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح قرأ أبو هريرة قرات أعين
أخبرنا إبراهيم بن محمّد الدّمشقي فيما قرأت عليه أخبركم أحمد بن أبي طالب عن محمّد بن مسعود وغيره أن طاهر بن محمّد بن طاهر أخبرهم أنا محمّد بن الحسين المقومي أنا الزبير بن أحمد بن عثمان أنا أبو الحسن علّي بن محمّد بن مهرويه ثنا أبو الحسن علّي بن عبد العزيز المكّيّ ثنا أبو عبيد القاسم بن سلام ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة أنه قرأها فلا تعلم نفس ما أخفي لها من قرات أعين
وأخبرناه عمر بن محمّد أنا علّي بن أبي بكر أنا علّي بن أحمد عن أحمد بن محمّد أن الحسن بن أحمد أخبرهم أنا أحمد بن عبد الله ثنا أبو عمرو بن حمدان ثنا الحسن بن سفيان ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو معاوية بالحديث
رواه مسلم وابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة على الموافقة). [تغليق التعليق: 4/281-282]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (باب: {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ} (السّجدة: 17)
وفي بعض النّسخ: باب قوله: {فلا تعلم نفس} قوله: (ما أخفي) ، قرأ حمزة ساكنة الياء أي: أنا أخفي، على أنه للمتكلم، وهو الله سبحانه، والباقون مفتوحة الياء على البناء للمفعول، وقرأ الأعمش: ما اخفيت لهم، على صيغة المتكلّم من الماضي، وقرأ ابن مسعود: تخفى، بنون المتكلّم للتعظيم، وقرأ محمّد بن كعب بفتح أوله وفتح الفاء على البناء للفاعل وهو الله، وقرأ أبو هريرة وابن مسعود وأبو الدرداء: قرأت أعين وقرة عين من أقرّ الله عينه أي: أعطاه حتّى يقر فلا يطمح إلى من هو فوقه.
- حدّثنا عليّ بن عبد الله حدثنا سفيان عن أبي الزّناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تبارك وتعالى: {أعددت لعبادي الصّالحين ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشرٍ} قال أبو هريرة اقرؤوا إن شئتم {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ} (السّجدة: 17) .
مطابقته للتّرجمة ظاهرة، وعلي بن عبد الله هو المعروف بابن المدينيّ، وسفيان هو ابن عيينة، وأبو الزّناد، بكسر الزّاي وتخفيف النّون: هو عبد الله بن ذكوان، والأعرج هو عبد الرّحمن بن هرمز، ومضى الحديث في صفة الجنّة.
قوله: (ولا خطر على قلب بشر) زاد ابن مسعود في حديثه: ولا يعلمه ملك مقرب ولا نبي مرسل.
وحدّثنا سفيان حدثنا أبو الزّناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال الله مثله قيل لسفيان روايةً قال فأيّ شيءٍ وقال أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالحٍ قرأ أبو هريرة قرّات.
قوله: (وحدثنا سفيان) ، موصول بما قبله، تقديره: حدثنا عليّ أخبرنا سفيان، وفي بعض النّسخ: قال عليّ: وحدثنا سفيان. قوله: (مثله) أي: مثل ما في الحديث. قوله: (قيل لسفيان رواية) . أي: تروي رواية عن النّبي صلى الله عليه وسلم أم تقول عن اجتهادك؟ قال: فأي شيء أي؟ فأي شيء كان لولا الرّواية؟ قوله: (قال أبو معاوية) محمّد بن حازم الضّرير عن سليمان الأعمش عن أبي صالح ذكوان السمان ... إلى آخره، وهذا التّعليق وصله أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب: (فضائل القرآن) له عن أبي معاوية بهذا الإسناد مثله سواء.
- حدّثني إسحاق بن نصرٍ حدثنا أبو أسامة عن الأعمش حدثنا أبو صالحٍ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى: {أعددت لعبادي الصّالحين ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشرٍ} . ذخراً بله ما أطلعتم عليه ثمّ قرأ: {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ جزاءً بما كانوا يعملون} .
هذا طريق آخر في حديث أبي هريرة عن إسحاق بن نصر، هو إسحاق بن إبراهيم بن نصر البخاريّ، والبخاريّ تارة ينسبه إلى أبيه، وتارة إلى جده، يروي عن أبي أسامة حمّاد بن أسامة عن سليمان الأعمش عن أبي صالح ذكوان إلى آخره، وهو من أفراده. قوله: قوله: (ذخرا) ، منصوب متعلق (بأعددت) أي: أعددت ذلك لهم مذخوراً. قوله: (بله) ، بفتح الباء الموحدة وسكون اللّام وفتح الهاء: معناه دع الّذي أطلعتم عليه، وقيل: معناه: سوى، أي: سوى ما أطلعتم عليه الّذي ذكره الله في القرآن، وقال الخطابيّ: كأنّه يريد به: دع ما أطلعتم عليه، وأنه سهل يسير في جنب ما ادخرته لهم، ويقال أيضا بمعنى: أجل، وحكى اللّيث أنه يقال بمعنى فضل كأنّه يقول: هذا الّذي غيبته عنكم فضل ما أطلعتم عليه منها، وقال الصغاني: اتّفق جميع نسخ الصّحيح على: من بله، والصّواب إسقاط كلمة: من منه واعترض عليه بأنّه لا يتعيّن إسقاط من إلاّ إذا فسرت بمعنى: دع، وأما إذا فسرت بمعنى: من أجل، أو: من غير، أو: سوى، فلا. وقال ابن مالك: المعروف من بله اسم فعل بمعنى: أترك، ناصب لما يليه بمعنى المفعولية، واستعماله مصدرا بمعنى التّرك مضافا إلى ما يليه، والفتحة في الأولى بنائية وفي الثّانية إعرابية، وهو مصدر مهمل الفعل ممنوع الصّرف، وقال الأخفش: بله، هنا مصدر كما يقول: ضرب زيد، وندر دخول: من عليه زائدة). [عمدة القاري: 19/113-114]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب قوله {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم} [السجدة: 17]
(باب قوله) تعالى: ({فلم تعلم نفسٌ ما أخفي لهم}) [السجدة: 17] زاد أبو ذر من قرّة أعين أي مما تقرّ به عيونهم وما في أخفي موصولة ونفس نكرة في سياق النفي فتعم جميع الأنفس أي لا يعلم الذي أخفاه الله لهم لا ملك مقرّب ولا نبي مرسل قال بعضهم: أخفوا أعمالهم فأخفى الله ثوابهم.
- حدّثنا عليّ بن عبد اللّه، حدّثنا سفيان عن أبي الزّناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- قال: «قال اللّه تبارك وتعالى: أعددت لعبادي الصّالحين ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشرٍ». قال أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ}. وحدّثنا سفيان، حدّثنا أبو الزّناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال اللّه مثله قيل لسفيان روايةً؟ قال: فأيّ شيءٍ؟ قال أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالحٍ قرأ أبو هريرة قرّات.
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم-) أنه (قال):
(قال الله تبارك وتعالى) ولأبي ذر عز وجل بدل تبارك وتعالى (أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت).
قال في شرح المشكاة: ما هنا إما موصولة أو موصوفة وعين وقعت في سياق النفي فأفاد الاستغراق والمعنى ما رأت العيون لهن ولا عين واحدة منهن والأسلوب من باب قوله تعالى: {ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع} [غافر: 18] يحتمل نفي الرؤية والعين معًا أو نفي الرؤية فحسب أي لا رؤية ولا عين أو لا رؤية وعلى الأوّل الغرض منه نفي العين وإنما ضمت إليه الرؤية ليؤذن بأن انتفاء الموصوف أمر محقق لا نزاع فيه وبلغ في تحققه إلى أن صار كالشاهد على نفي الصفة وعكسه ومثله قوله:
(ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) من باب قوله تعالى: {يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم} [غافر: 52] أي لا قلب ولا خطور أو لا خطور فعلى الأوّل ليس لهم قلب يخطر فجعل انتفاء الصفة دليلًا على انتفاء الذات أي إذا لم نحصل ثمرة القلب وهو الأخطار قد قلب كقوله تعالى: {إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع} [ق: 37] وخص البشر هنا دون القرينتين السابقتين لأنهم الذين ينتفعون بما أعدّ لهم ويهتمون لشأنه ببالهم بخلاف الملائكة.
(قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرّة أعين}) [السجدة: 17] والحديث كالتفصيل لهذه الآية لأنها نفت العلم وهو نفي طرق حصوله وقد ذكره المصنف في صفة الجنة من كتاب بدء الخلق.
(وحدّثنا سفيان) هو موصول كسابقه وللأصيلي وابن عساكر قال: علي يعني ابن المديني وحدّثنا سفيان ولأبي ذر حدّثنا علي قال: حدّثنا سفيان يعني ابن عيينة قال: (حدّثنا أبو الزناد) عبد الله (عن الأعرج) عبد الرحمن (عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- أنه (قال: قال الله مثله) أي مثل ما في الحديث السابق.
(قيل لسفيان) بن عيينة (رواية) أي تروي رواية عن النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- أم من اجتهادك (قال فأي شيء)؟ لولا الرواية كنت أقول؟
(قال) ولأبي ذر وابن عساكر وقال: (أبو معاوية) محمد بن خازن الضرير فيما وصله أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن له (عن الأعمش) سليمان (عن أبي صالح) ذكوان السمان أنه قال: (قرأ أبو هريرة قرأت) جمعًا بالألف والتاء لاختلاف أنواعها وهي قراءة الأعمش والقرة
مصدر وحقه أن لا يجمع لأن المصدر اسم جنس والأجناس أبعد شيء عن الجمعية لكن جعلت القرة هنا نوعًا فجاز جمعها كقوله هناك أحزان وحسن لفظ الجمع إضافة القرات إلى لفظ الأعين ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر زيادة أعين.
- حدّثني إسحاق بن نصرٍ، حدّثنا أبو أسامة عن الأعمش. حدّثنا أبو صالحٍ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم-: «يقول اللّه تعالى: أعددت لعبادي الصّالحين ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشرٍ، ذخرًا بله ما أطلعتم عليه». ثمّ قرأ: " {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ جزاءً بما كانوا يعملون} ".
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد ولأبي ذر حدّثنا (إسحاق بن نصر) هو إسحاق بن إبراهيم بن نصر البخاري قال: (حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة (عن الأعمش) سليمان أنه قال: (حدّثنا أبو صالح) ذكوان السمان (عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم-) أنه قال:
(يقول الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين) في الجنة (ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) وفي حديث المغيرة بن شعبة عند مسلم مرفوعًا: قال موسى عليه السلام: يا رب ما أدنى أهل الجنة منزلة الحديث إلى أن قال فأعلاهم منزلة. قال: الذين أردت غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها فلم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر (ذخرًا) بضم الذال وسكون الخاء المعجمتين كذا في الفرع. وقال: في الصحاح في فصل الذال المعجمة ذخرت الشيء أذخره ذخرًا وكذلك أذخرته وهو افتعلت، وقول الحافظ ابن حجر بضم المهملة وسكون المعجمة سهو أو سبق قلم، وقال الكرماني: وذخرًا منصوب متعلق بأعددت وقال في الفتح أي جعلت ذلك لهم مدخورًا (بله ما أطلعتم عليه) بضم الهمزة وكسر اللام ولأبي الوقت ما أطلعتهم بفتح الهمزة واللام وزيادة هاء بعد التاء وقوله بله بفتح الموحدة وسكون اللام وفتح الهاء وللأربعة من بله بزيادة من الجارة وجر بله بها كذا في الفرع المعتمد المقابل على أصل اليونيني المحرر بحضرة إمام العربية أبي عبد الله بن مالك وكذا رأيته في أصل اليونيني المذكور وحينئذٍ فينظر في قول الصغاني اتفق جميع نسخ الصحيح على من بله والصواب إسقاط كلمة من وقول ابن التين أن بله ضبط مع من بالفتح والكسر هو حكاية ما وجده فلا يمنع ما ذكرته من الفتح مع عدم الجار والكسر مع ثبوته فأما الفتح فقال الجوهري، وبله كلمة مبنية على الفتح مثل كيف ومعناها دع وأنشد قول كعب بن مالك يصف السيوف:
تذر الجماجم ضاحيا هاماتها = بله الأكف كأنها لم تخلق
قال في المغني: وقد روي بالأوجه الثلاثة: قال شارحه: ومعنى بله الأكف على رواية النصب دع الأكف فأمرها سهل وعلى رواية الجر كترك الأكف منفصلة، وعلى الرفع فكيف الأكف التي يوصل إليها بسهولة.
وأما وجه الفتح مع ثبوت من فقال الرضى: إذا كانت بله بمعنى كيف جاز أن تدخله من حكى أبو زيد أن فلانًا لا يطيق حمل الفهر فمن بله أن يأتي بالصخرة أي كيف ومن أين قال في المصابيح وعليه تتخرج هذه الرواية فتكون بمعنى كيف التي يقصد بها الاستبعاد وما مصدرية وهي مع صلتها في محل رفع على الابتداء والخبر من بله والضمير المجرور بعلى عائد على الذخر أي كيف ومن أين اطلاعكم على ما ادّخرته لعبادي الصالحين فإنه أمر عظيم قلما تتسع عقول البشر لإدراكه والإحاطة به. قال: وهذا أحسن ما يقال في هذا المحل: اهـ.
وأما الجر فوجه بأن بله بمعنى غير والكسرة التي على الهاء حينئذٍ إعرابية قال في الفتح وهو أي كون بله بمعنى غير أوضح التوجيهات لخصوص سياق حديث الباب حيث وقع فيه ولا خطر على قلب بشر ذخرًا من بله ما اطلعتم عليه وذلك بين لمن تأمله اهـ.
وقال أبو السعادات في نهايته بله اسم من أسماء الأفعال بمعنى دع واترك تقول بله زيدًا وقد توضع موضع المصدر وتضاف فتقول بله زيد أي نترك زيد وقوله: ما اطلعتم عليه يحتمل أن يكون منصوب المحل ومجرور على التقديرين، والمعنى دع ما اطلعتم عليه من نعيم الجنة وعرفتموه من لذاتها اهـ. زاد الخطابي فإنه سهل يسير في جنب ما ادّخرته لهم.
(ثم قرأ) عليه الصلاة والسلام: ({فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون}) جزاء مفعول له أي أخفي للجزاء فإن إخفاءه لعلوّ شأنه أو مصدر مؤكد لمعنى الجملة قبله أي جرّوا جزاء، وقول الزمخشري فحسم أطماع المتمنين يعني بقوله {جزاء بما كانوا يعملون} نزعة اعتزالية، ومراده بالمتمنين أهل السنة القائلين بأن المؤمن العاصي موعود بالجنة لا بد له منها وفاء بعهده تعالى لأنه وعده بها ووعده حق وجعل العمل كالسبب للوعد فعبر به في قوله: ({جزاء بما كانوا يعملون}) عنه لصدق الوعد في النفوس وتصويره بصورة المستحق بالعمل كالأجرة من مجاز التشبيه وعند أبي ذر تقديم حدّثني إسحاق بن نصر إلى آخر يعملون على قوله قال أبو معاوية عن الأعمش.
وهذا الحديث من أفراده). [إرشاد الساري: 7/290-292]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (قوله: (ذخراً) منصوب بأعددت، أي: أعددت ذلك لهم مذخوراً). [حاشية السندي على البخاري: 3/64]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (باب {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم}
قوله: (بله ما أطلعتم عليه): بضم الهمزة، وكسر اللام. وفي نسخة: أطلعتهم بفتحهما، وزيادة هاء بعد التاء، وبله: بفتح الموحدة والهاء، وسكون اللام. وفي نسخة: من بله بزيادة من، وكسر الهاء، فكسرتها على هذه كسرة إعراب، وفتحها في الأولى فتح بناء، وهي عليها اسم فعل بمعنى: دع ما أطلعتم عليه، فإنه سهل يسير في جنب ما ادخرته لهم، وعلى الثانية مصدر بمعنى الترك، أو بمعنى سوى، أي: ترك، أو سوى ما اطلعتم عليه، ومحل ما أطلعتم عليه على الأولى نصب، وعلى الثانية جر). [حاشية السندي على البخاري: 3/64]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا ابن أبي عمر، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي الزّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، يبلغ به النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: قال اللّه تعالى: أعددت لعبادي الصّالحين ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشرٍ، وتصديق ذلك في كتاب الله عزّ وجلّ {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ جزاءً بما كانوا يعملون}.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ). [سنن الترمذي: 5/199]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا ابن أبي عمر، قال: حدّثنا سفيان، عن مطرّف بن طريفٍ، وعبد الملك وهو ابن أبجر، سمعا الشّعبيّ، يقول: سمعت المغيرة بن شعبة، على المنبر يرفعه إلى رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: إنّ موسى سأل ربّه فقال: أي ربّ أيّ أهل الجنّة أدنى منزلةً؟ قال: رجلٌ يأتي بعدما يدخل أهل الجنّة الجنّة فيقال له: ادخل الجنّة، فيقول: كيف أدخل وقد نزلوا منازلهم وأخذوا أخذاتهم. قال: فيقال له أترضى أن يكون لك ما كان لملكٍ من ملوك الدّنيا؟ فيقول: نعم، أي ربّ قد رضيت، فيقال له: فإنّ لك هذا ومثله ومثله ومثله، فيقول: قد رضيت أي ربّ، فيقال له: فإنّ لك هذا وعشرة أمثاله، فيقول: رضيت أي ربّ، فيقال له: فإنّ لك مع هذا ما اشتهت نفسك ولذّت عينك.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
وروى بعضهم هذا الحديث عن الشّعبيّ، عن المغيرة ولم يرفعه , والمرفوع أصحّ). [سنن الترمذي: 5/200]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع}، وقوله تعالى: {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ}
- أخبرنا محمّد بن عبد الأعلى، حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن عاصمٍ، عن أبي وائلٍ، عن معاذ بن جبلٍ، قال: كنت مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فأصبحت قريبًا منه ونحن نسير، فقلت: يا نبيّ الله، أخبرني بعملٍ يدخلني الجنّة، ويبعدني عن النّار، قال: «لقد سألت عن عظيمٍ، وإنّه ليسيرٌ على من يسّره الله عليه، تقيم الصّلاة، وتؤتي الزّكاة، وتصوم رمضان، وتحجّ البيت»، ثمّ قال: «ألا أدلّك على أبواب الخير؟ الصّوم جنّةٌ، والصّدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النّار، وصلاة الرّجل من جوف اللّيل»، ثمّ تلا {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} [السجدة: 16] حتّى {يعملون} [السجدة: 17] ثمّ قال: «ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟»، قلت: بلى يا رسول الله، قال: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصّلاة، وذروة سنامه الجهاد»، ثمّ قال: «ألا أخبرك بملاك ذلك كلّه؟»، قلت: بلى يا رسول الله، فأخذ بلسانه فقال: «كفّ عليك هذا»، قلت: يا رسول الله، وإنّا لمؤاخذون بما نتكلّم به؟، قال: " ثكلتك أمّك يا معاذ، وهل يكبّ النّاس في النّار على وجوههم - أو قال: على مناخرهم - إلّا حصائد ألسنتهم؟ "). [السنن الكبرى للنسائي: 10/214] (م)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ جزاءً بما كانوا يعملون}.
يقول تعالى ذكره: فلا تعلم نفس ذي نفسٍ ما أخفى اللّه لهؤلاء الّذين وصف جلّ ثناؤه صفتهم في هاتين الآيتين، ممّا تقرّ به أعينهم في جنانه يوم القيامة {جزاءً بما كانوا يعملون} يقول: ثوابًا لهم على أعمالهم الّتي كانوا في الدّنيا يعملون.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عبيدٍ المحاربيّ، قال: حدّثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، قال: قال عبد اللّه: إنّ في التّوراة مكتوبًا: لقد أعدّ اللّه للّذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع ما لم تر عينٌ، ولم يخطر على قلب بشرٍ، ولم تسمع أذنٌ، وما لا يسمعه ملكٌ مقرّبٌ. قال: ونحن نقرؤها: {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ}.
- حدّثنا خلاّدٌ قال: أخبرنا النّضر بن شميلٍ قال: أخبرنا إسرائيل قال: أخبرنا أبو إسحاق، عن عبيدة بن ربيعة، عن ابن مسعودٍ قال: مكتوبٌ في التّوراة: على اللّه للّذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشرٍ، وفي القرآن {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ جزاءً بما كانوا يعملون}.
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا عبد الرّحمن قال: حدّثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد اللّه قال: خبّئ لهم ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشرٍ. قال سفيان: فيما علمت على غير وجه الشّكّ
- حدّثنا محمّد بن المثنّى قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ قال: حدّثنا شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت أبا عبيدة قال: قال عبد اللّه: قال - يعني اللّه -: أعددت لعبادي الصّالحين ما لم تر عينٌ، ولم تسمع أذنٌ، ولم يخطر على قلب ناظرٍ {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ جزاءً بما كانوا يعملون}.
- حدّثنا أبو كريبٍ قال: حدّثنا ابن صلتٍ، عن قيس بن الرّبيع، عن أبي إسحاق، عن عبيدة بن ربيعة الحارثيّ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: إنّ في التّوراة: للّذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع من الكرامة ما لم تر عينٌ، ولم يخطر على قلب بشرٍ، ولم تسمع أذنٌ، وإنّه لفي القرآن {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ}.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا الأشجعيّ، عن ابن أبجر، قال: سمعت الشّعبيّ، يقول: سمعت المغيرة بن شعبة، يقول على المنبر: إنّ موسى صلّى اللّه عليه وسلّم سأل عن أخسّ أهل الجنّة فيها حظًّا، فقيل له: رجلٌ أتي به وقد دخل أهل الجنّة الجنّة قال: فيقال له: ادخل، فيقول: أين وقد أخذ النّاس أخذاتهم؟ فيقال: اعدد أربعة ملوكٍ من ملوك الدّنيا، فيكون لك مثل الّذي كان لهم، ولك أخرى شهوة نفسك، فيقول: أشتهي كذا وكذا، وأشتهي كذا؛ وقال: لك أخرى، لك لذّة عينك، فيقول: ألذّ كذا وكذا، فيقال: لك عشرة أضعاف مثل ذلك، وسأله عن أعظم أهل الجنّة فيها حظًّا، فقال: ذاك شيءٌ ختمت عليه يوم خلقت السّماوات والأرض. قال الشّعبيّ: فإنّه في القرآن: {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ جزاءً بما كانوا يعملون}.
- حدّثني أحمد بن محمّدٍ الطّوسيّ، قال: حدّثنا الحميديّ، قال: حدّثنا ابن عيينة، وحدّثني به القرقسانيّ، عن ابن عيينة، عن مطرّف بن طريفٍ، وابن أبجر، سمعنا الشّعبيّ، يقول: سمعت المغيرة بن شعبة، على المنبر يرفعه إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّ موسى سأل ربّه: أي ربّ، أيّ أهل الجنّة أدنى منزلةً؟ قال: رجلٌ يجيء بعدما دخل أهل الجنّة الجنّة، فيقال له: ادخل، فيقول: كيف أدخل وقد نزلوا منازلهم؟ فيقال له: أترضى أن يكون لك مثل ما كان لملكٍ من ملوك الدّنيا؟ فيقول: بخٍ، أي ربّ قد رضيت فيقال له: إنّ لك هذا ومثله ومثله ومثله، فيقول: رضيت أي ربّ، رضيت، فيقال له: إنّ لك هذا وعشرة أمثاله معه، فيقول: رضيت أي ربّ، فيقال له: فإنّ لك مع هذا ما اشتهت نفسك، ولذّت عينك؛ قال: فقال موسى: أي ربّ، وأيّ أهل الجنّة أرفع منزلةً؟ قال: إيّاها أردت، وسأحدّثك عنهم؛ غرست لهم كرامتي بيدي، وختمت عليها، فلا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشرٍ، قال: ومصداق ذلك في كتاب اللّه {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ جزاءً بما كانوا يعملون}.
- حدّثنا محمّد بن منصورٍ الطّوسيّ، قال: حدّثنا إسحاق بن سليمان، قال: حدّثنا عمرو بن أبي قيسٍ، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {وكان عرشه على الماء}، وكان عرش اللّه على الماء، ثمّ اتّخذ لنفسه جنّةً، ثمّ اتّخذ دونها أخرى، ثمّ أطبقها بلؤلؤةٍ واحدةٍ؛ قال: {ومن دونهما جنّتان}؛ قال: وهي الّتي لا تعلم نفسٌ - أو قال: هما الّتي لا تعلم نفسٌ - ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ جزاءً بما كانوا يعملون، قال: وهي الّتي لا تعلم الخلائق ما فيها، أو ما فيهما، يأتيهم كلّ يومٍ منها أو منهما تحفةٌ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يعقوب، عن عنبسة، عن سالمٍ الأفطس، عن سعيد بن جبيرٍ، بنحوه.
- حدّثنا سهل بن موسى الرّازيّ، قال: حدّثنا الوليد بن مسلمٍ، عن صفوان بن عمرٍو، عن أبي اليمان الهوزنيّ، أو غيره قال: الجنّة مائة درجةٍ، أوّلها درجةٌ فضّةٌ، أرضها فضّةٌ، ومساكنها فضّةٌ، وآنيتها فضّةٌ، وترابها المسك. والثّانية ذهبٌ، وأرضها ذهبٌ، ومساكنها ذهبٌ، وآنيتها ذهبٌ، وترابها المسك. والثّالثة لؤلؤٌ، وأرضها لؤلؤٌ، ومساكنها لؤلؤٌ، وآنيتها لؤلؤٌ، وترابها المسك. وسبعٌ وتسعون بعد ذلك، ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشرٍ، وتلا هذه الآية {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ جزاءً بما كانوا يعملون}.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا المحاربيّ، وعبد الرّحيم، عن محمّد بن عمرٍو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: قال اللّه: أعددت لعبادي الصّالحين ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشرٍ. واقرءوا إن شئتم: {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ جزاءً بما كانوا يعملون}.
- حدّثنا أبو كريبٍ قال: حدّثنا أبو معاوية وابن نميرٍ، عن الأعمش، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: أعددت لعبادي الصّالحين، ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشرٍ. قال أبو هريرة: ومن بله ما أطلعكم عليه، اقرءوا إن شئتم: {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ جزاءً بما كانوا يعملون} قال أبو هريرة: نقرءوها: (قرّات أعينٍ).
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا معتمر بن سليمان، عن الحكم بن أبان، عن الغطريف، عن جابر بن زيدٍ، عن ابن عبّاسٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، عن الرّوح الأمين، قال: يؤتى بحسنات العبد وسيّئاته، فيقتصّ بعضها من بعضٍ، فإن بقيت حسنةٌ واحدةٌ، وسّع اللّه له في الجنّة، قال: فدخلت على يزداد، فحدّث بمثل هذا؛ قال: قلت: فأين ذهبت الحسنة؟ قال: {أولئك الّذين نتقبّل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيّئاتهم في أصحاب الجنّة وعد الصّدق الّذي كانوا يوعدون}، قلت: قوله {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ} قال: العبد يعمل سرًّا أسرّه إلى اللّه لم يعلم به النّاس، فأسرّ اللّه له يوم القيامة قرّة عينٍ.
- حدّثني العبّاس بن أبي طالبٍ، قال: حدّثنا معلّى بن أسدٍ، قال: حدّثنا سلاّم بن أبي مطيعٍ، عن قتادة، عن عقبة بن عبد الغافر، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، يروي عن ربّه قال: أعددت لعبادي الصّالحين ما لا عينٌ رأت، ولا نفسٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشرٍ.
- حدّثني أبو السّائب، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: حدّثني أبو صخرٍ، أنّ أبا حازمٍ، حدّثه قال: سمعت سهل بن سعدٍ، يقول: شهدت من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مجلسًا وصف فيه الجنّة حتّى انتهى، ثمّ قال في آخر حديثه: فيها ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشرٍ، ثمّ قرأ هذه الآية: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} إلى قوله: {جزاءً بما كانوا يعملون}.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي عديٍّ، عن عوفٍ، عن الحسن، قال: بلغني أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: قال ربّكم: أعددت لعبادي الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشرٍ.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يروي ذلك عن ربّه: قال ربّكم: أعددت لعبادي الصّالحين ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشرٍ.
- حدّثني ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا سهل بن يوسف، عن عمرٍو، عن الحسن، {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ} قال: أخفوا عملاً في الدّنيا، فأثابهم اللّه بأعمالهم.
- حدّثني القاسم بن بشرٍ، قال: حدّثنا سليمان بن حربٍ، قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن ثابتٍ، عن أبي رافعٍ، عن أبي هريرة، قال حمّادٌ: أحسبه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: من يدخل الجنّة ينعم ولا يبؤس، لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه، في الجنّة ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشرٍ.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ} فقرأ ذلك بعض المدنيّين والبصريّين، وبعض الكوفيّين: {أخفي} بضمّ الألف وفتح الياء بمعنى فعل. وقرأ بعض الكوفيّين: (أخفي لهم) بضمّ الألف وإرسال الياء، بمعنى أفعل، أخفي لهم أنا.
والصّواب من القول في ذلك عندنا أنّهما قراءتان مشهورتان، متقاربتا المعنى، لأنّ اللّه إذا أخفاه فهو مخفيّ، وإذا أخفي فليس له مخفٍ غيره.
و{ما} في قوله {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم} فإنّها إذا جعلت بمعنى: (الّذي)؛ كانت نصبًا بوقوع: {تعلم} عليها، كيف قرأ القارئ: {أخفي}، وإذا وجّهت إلى معنى: (أي)؛ كانت رفعًا إذا قرئ: {أخفي}، بنصب الياء وضمّ الألف، لأنّه لم يسمّ فاعله، وإذا قرئ: (أخفي)، بإرسال الياء كانت نصبًا بوقوع (أخفي) عليها). [جامع البيان: 18/606-624]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا الشّيخ أبو بكر بن إسحاق، أنبأ إسماعيل بن قتيبة، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، قال: قال عبد اللّه: " أنّه مكتوبٌ في التّوراة: لقد أعدّ اللّه للّذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع ما لم تر عينٌ ولم تسمع أذنٌ ولم يخطر على قلب بشرٍ، ولا يعلمه نبيٌّ مرسلٌ ولا ملكٌ مقرّبٌ " قال: نحن نقرؤها {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ جزاءً بما كانوا يعملون} [السجدة: 17] «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/448]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن أبي اليمان الهذلي قال: الجنة مائة درجة، أولها درجة فضة وأرضها فضة وآنيتها فضة وترابها المسك، والثانية ذهب ومساكنها ذهب وآنيتها ذهب وترابها المسك، والثالثة لؤلؤ وأرضها لؤلؤ ومساكنها لؤلؤ وآنيتها لؤلؤ وترابها المسك، وسبع وتسعون بعد ذلك ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وتلا هذه الآية {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين} ). [الدر المنثور: 11/696-697]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير والطبراني والحاكم، وابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان من طريق الحاكم بن أبان عن الغطريف، عن جابر بن زيد عن ابن عباس عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن الروح الامين قال يؤتي بحسنات العبد وسيئاته فيقتص بعضها من بعض فان بقيت حسنة واحدة أدخله الله الجنة قال: فدخلت على يزدان فحدث بمثل هذا فقلت: فان ذهبت الحسنة قال: {أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم} الاحقاف الآية 16 قلت: أفرأيت قوله {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين} قال: هو العبد يعمل سرا أسره إلى الله لم يعلم به الناس فاسر الله له يوم القيامة {قرة أعين} ). [الدر المنثور: 11/697-698]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان أدنى أهل الجنة حظا قوم يخرجهم الله من النار برحمته بعد ان يحترقوا يرتاح لهم الرب انهم كانوا لا يشركون بالله شيئا فينبذون بالعراء فينبتون كما ينبت البقل حتى اذا رجعت الارواح إلى أجسادها قالوا: ربنا كالذي أخرجتنا من النار ورجعت الأرواح إلى أجسادنا فاصرف وجوهنا عن النار فيصرف وجوههم عن النار ويضرب لهم شجرة ذات ظل وفيء فيقولون: ربنا كالذي أخرجتنا من النار فانقلنا إلى ظل هذه الشجرة فينقلهم اليها فيرون أبواب الجنة فيقولن: ربنا كالذي أخرجتنا من النار فانقلنا إلى أبواب الجنة فيفعل فاذا نظروا إلى ما فيها من الخيرات والبركات قال: وقرأ أبو هريرة رضي الله عنه {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين} قالوا: ربنا كالذي أخرجتنا من النار فادخلنا الجنة قال: فيدخلون الجنة ثم يقال لهم: تمنوا فيقولون: يا رب اعطنا حتى اذا قالوا: يا ربنا حسبنا قال: هذا لكم وعشرة أمثاله). [الدر المنثور: 11/698-699]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه ومسلم والترمذي، وابن جرير وأبو الشيخ في العظمة، وابن مردويه والبيهقي في الاسماء والصفات عن المغيرة ابن شعبة رضي الله عنه يرفعه إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم ان موسى عليه السلام سأل ربه فقال: رب أي أهل الجنة أدنى منزلة فقال: رجل يجيء بعدما دخل أهل الجنة الجنة فيقال له: ادخل، فيقول: كيف ادخل وقد نزلوا منازلهم وأخذوا أخذاتهم فيقال له: اترضى ان يكون لك مثل ما كان لملك من ملوك الدنيا فيقول: نعم، أي رب قد رضيت فيقال له: فان لك هذا وعشرة أمثاله معه فيقول: أي رب رضيت فيقال له: فان لك من هذا ما اشتهت نفسك ولذت عينك فقال موسى عليه السلام: أي رب فأي أهل الجنة ارفع منزله قال: اياها أردت وسأحدثك عنهم اني غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها فلا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشرن قال: ومصداق ذلك في كتاب الله تعالى {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين} ). [الدر المنثور: 11/699-700]

تفسير قوله تعالى: (أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أفمن كان مؤمنًا كمن كان فاسقًا لا يستوون (18) أمّا الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات فلهم جنّات المأوى نزلاً بما كانوا يعملون (19) وأمّا الّذين فسقوا فمأواهم النّار كلّما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النّار الّذي كنتم به تكذّبون}.
يقول تعالى ذكره: أفهذا الكافر المكذّب بوعد اللّه ووعيده، المخالف أمر اللّه ونهيه، كهذا المؤمن باللّه، المصدّق بوعده ووعيده، المطيع له في أمره ونهيه؟ كلاّ لا يستوون عند اللّه. يقول: لا يعتدل الكفّار باللّه والمؤمنون به عنده فيما هو فاعلٌ بهم يوم القيامة.
وقال: {لا يستوون} فجمع، وإنّما ذكر قبل ذلك اثنين: مؤمنًا، وفاسقًا، لأنّه لم يرد بالمؤمن مؤمنًا واحدًا، وبالفاسق فاسقًا واحدًا، وإنّما أريد به جميع الفسّاق، وجميع المؤمنين باللّه. فإذا كان الاثنان غير مصمودٌ لهما، ذهبت بهما العرب مذهب الجمع.
وذكر أنّ هذه الآية نزلت في عليّ بن أبي طالبٍ رضوان اللّه عليه، والوليد بن عقبة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة بن الفضل، قال: حدّثني ابن إسحاق، عن بعض أصحابه، عن عطاء بن يسارٍ، قال: نزلت بالمدينة في عليّ بن أبي طالبٍ، والوليد بن عقبة بن أبي معيطٍ، كان بين الوليد وبين عليٍّ كلامٌ، فقال الوليد بن عقبة: أنا أبسط منك لسانًا، وأحدّ منك سنانًا، وأردّ منك للكتيبة، فقال عليٌّ: اسكت، فإنّك فاسقٌ، فأنزل اللّه فيهما: {أفمن كان مؤمنًا كمن كان فاسقًا، لا يستوون} إلى قوله: {به تكذّبون}.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: قوله {أفمن كان مؤمنًا كمن كان فاسقًا لا يستوون} قال: لا واللّه ما استووا في الدّنيا، ولا عند الموت، ولا في الآخرة). [جامع البيان: 18/624-625]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون * أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون * وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون.
أخرج أبو الفرج الأصفهاني في كتاب الاغاني والواحدي، وابن عدي، وابن مردويه والخطيب، وابن عساكر من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال الوليد بن عقبة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: أنا أحد منك سنانا وأبسط منك لسانا واملاء للكتيبة منك فقال له علي رضي الله عنه: اسكت فانما أنت فاسق، فنزلت {أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون} يعني بالمؤمن: عليا، وبالفاسق: الوليد بن عقبة بن أبي معيط). [الدر المنثور: 11/700]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن إسحاق، وابن جرير عن عطاء بن يسار قال: نزلت بالمدينة في علي بن أبي طالب والوليد بن عقبة بن أبي معيط قال: كان بين الوليد وبين علي كلام فقال الوليد بن عقبة: أنا أبسط منك لسانا وأحد منك سنانا وأرد منك للكتيبة فقال علي رضي الله عنه: اسكت فانك فاسق، فانزل {أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه مثله). [الدر المنثور: 11/700-701]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى رضي الله عنه في قوله {أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون} قال: نزلت في علي بن أبي طالب رضي الله عنه والوليد بن عقبة). [الدر المنثور: 11/701]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه والخطيب، وابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا} قال: اما المؤمن، فعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وأما الفاسق، فعقبة بن أبي معيط وذلك لسباب كان بينهما فانزل الله ذلك). [الدر المنثور: 11/701]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون} قال: لا في الدنيا لا عند الموت ولا في الآخرة، وفي قوله {وأما الذين فسقوا} قال: هم الذين أشركوا وفي قوله {كنتم به تكذبون} قال: هم يكذبون كما ترون). [الدر المنثور: 11/701]

تفسير قوله تعالى: (أَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (19) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {أمّا الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات فلهم جنّات المأوى} يقول تعالى ذكره: أمّا الّذين صدقوا اللّه ورسوله، وعملوا بما أمرهم اللّه ورسوله، {فلهم جنّات المأوى} يعني: بساتين المساكن الّتي يسكنونها في الآخرة ويأوون إليها.
وقوله: {نزلاً بما كانوا يعملون} يقول: نزلاً بما أنزلهموها جزاءً منه لهم بما كانوا يعملون في الدّنيا بطاعته). [جامع البيان: 18/625-626]

تفسير قوله تعالى: (وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (20) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وأمّا الّذين فسقوا} يقول تعالى ذكره: وأمّا الّذين كفروا باللّه، وفارقوا طاعته {فمأواهم النّار} يقول: فمساكنهم الّتي يأوون إليها في الآخرة النّار {كلّما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النّار الّذي كنتم به} في الدّنيا {تكذّبون} أنّ اللّه أعدّها لأهل الشّرك به.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وأمّا الّذين فسقوا} أشركوا {وقيل لهم ذوقوا عذاب النّار الّذي كنتم به تكذّبون} والقوم مكذّبون كما ترون). [جامع البيان: 18/626]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون} قال: لا في الدنيا لا عند الموت ولا في الآخرة، وفي قوله {وأما الذين فسقوا} قال: هم الذين أشركوا وفي قوله {كنتم به تكذبون} قال: هم يكذبون كما ترون). [الدر المنثور: 11/701] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة قال بلغني أن أبي بن كعب كان يقول أربع آيات أنزلت في يوم بدر هذه إحداهن {يوم عقيم} يوم بدر واللزام القتل يوم بدر {البطشة الكبرى} يوم بدر {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون} يوم بدر). [تفسير عبد الرزاق: 2/41] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى ولنذيقنهم من العذاب الأدنى قال: قال أبي بن كعب هو يوم بدر). [تفسير عبد الرزاق: 2/110]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وقال الحسن العذاب الأدنى عقوبات الدنيا). [تفسير عبد الرزاق: 2/110]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن إسماعيل أن عكرمة أخبره أن رسول الله قال إن أهون أهل النار عذابا رجل يطأ جمرة يغلي منها دماغه فقال أبو بكر وما كان جرمه يا رسول الله قال كانت له ماشية يغشى بها الزرع ويؤذيه وحرمه الله وما حوله غلوة بسهم وربما قال رمية بحجر فاحذروا إلا يسحت الرجل ماله في الدنيا ويهلك نفسه في الآخرة فلا تسحتوا أموالكم في الدنيا وتهلكوا أنفسكم في الآخرة وكان يصل بهذا الحديث قال وإن أدنى أهل الجنة منزلة وأسفلهم درجة لرجل لا يدخل الجنة بعده أحد يفسح له في بصره مسيرة مائة عام في قصور من ذهب وخيام من لؤلؤ ليس فيها موضع شبر إلا معمورا ويغدى عليه ويراح كل يوم بسبعين ألف صفحة من ذهب ليس منها صفحة إلا وفيها لون ليس في الأخرى مثله شهوته في أخرها كشهوته في أولها لو نزل به جميع أهل الدنيا لوسع عليهم مما أعطي لا ينقص ذلك مما أوتي شيئا). [تفسير عبد الرزاق: 2/201]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن منصورٍ عن إبراهيم {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: المصائب في الأموال والأولاد [الآية: 21].
سفيان [الثوري] عن السّدّيّ عن أبي الضّحى عن مسروقٍ عن عبد اللّه قال: هو يوم بدرٍ). [تفسير الثوري: 240]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن إبراهيم {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: أشياء يصابون بها في الدّنيا). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 419]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا أبو أسامة، عن زائدة، عن منصورٍ، عن إبراهيم {لعلّهم يرجعون} قال: يتوبون). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 420-421]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلّهم يرجعون}
- أخبرنا عمرو بن عليٍّ، حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، وأبي عبيدة، عن عبد الله، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} [السجدة: 21] قال: «سنون أصابتهم»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/215]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلّهم يرجعون}.
اختلف أهل التّأويل في معنى العذاب الأدنى، الّذي وعد اللّه أن يذيقه هؤلاء الفسقة، فقال بعضهم: ذلك مصائب الدّنيا في الأنفس والأموال.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} يقول: مصائب الدّنيا وأسقامها وبلاؤها ممّا يبتلي اللّه بها العباد حتّى يتوبوا.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: قوله {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلّهم يرجعون} قال: العذاب الأدنى: بلاء الدّنيا، قيل: هي المصائب.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا يحيى بن سعيدٍ، عن شعبة، عن قتادة، عن عزرة، عن الحسن العرنيّ، عن ابن أبي ليلى، عن أبيّ بن كعبٍ، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} قال: المصيبات في الدّنيا. قال: والدّخان قد مضى، والبطشة، واللّزام.
قال أبو موسى: ترك يحيى بن سعيدٍ يحيى بن الجزّار، نقصان رجلٍ.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ قال: حدّثنا يحيى بن سعيدٍ، ومحمّد بن جعفرٍ، قالا: حدّثنا شعبة، عن قتادة، عن عزرة، عن الحسن العرنيّ، عن يحيى بن الجزّار، عن ابن أبي ليلى، عن أبيّ بن كعبٍ، أنّه قال في هذه الآية {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: مصيبات الدّنيا، واللّزام والبطشة، أو الدّخان. شكّ شعبة في البطشة أو الدّخان.
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ قال: حدّثنا شعبة، عن قتادة، عن عزرة، عن الحسن العرنيّ، عن يحيى بن الجزّار، عن ابن أبي ليلى، عن أبيّ بن كعبٍ، بنحوه، إلاّ أنّه قال: المصيبات واللّزام والبطشة.
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا زيد بن حبابٍ، عن شعبة، عن قتادة، عن عزرة، عن الحسن العرنيّ، عن يحيى بن الجزّار، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى، عن أبيّ بن كعبٍ قال: المصيبات يصابون بها في الدّنيا: البطشة، والدّخان، واللّزام.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن أبي جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع، عن أبي العالية، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} قال: المصائب في الدّنيا.
- قال: حدّثنا أبو خالدٍ الأحمر، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: المصائب في دنياهم وأموالهم.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، حدّثه عن الحسن: قوله {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} أي: مصيبات الدّنيا.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن إبراهيم، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} قال: أشياء يصابون بها في الدّنيا.
وقال آخرون: عنى بها الحدود.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن شبيبٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: الحدود.
وقال آخرون: عنى بها القتل بالسّيف، قال: وقتلوا يوم بدرٍ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن السّدّيّ، عن أبي الضّحى، عن مسروقٍ، عن عبد اللّه، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} قال: يوم بدرٍ.
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن السّدّيّ، عن أبي الضّحى، عن مسروقٍ، عن عبد اللّه مثله.
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا عبد الرّحمن قال: حدّثنا إسرائيل، عن السّدّيّ، عن مسروقٍ، عن عبد اللّه، مثله.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا عوفٌ، عمّن حدّثه عن الحسن بن عليٍّ، أنّه قال {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: القتل بالسّيف صبرًا.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عبد الأعلى، عن عوفٍ، عن عبد اللّه بن الحارث بن نوفلٍ، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: القتل بالسّيف، كلّ شيءٍ وعد اللّه هذه الأمّة من العذاب الأدنى إنّما هو السّيف.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: القتل والجوع لقريشٍ في الدّنيا.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: كان مجاهدٌ يحدّث عن أبيّ بن كعبٍ، أنّه كان يقول {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} يوم بدرٍ.
وقال آخرون: عنى بذلك سنين أصابتهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن منصورٍ، عن إبراهيم، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: سنونٌ أصابتهم.
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن منصورٍ، عن إبراهيم مثله.
وقال آخرون: عنى بذلك عذاب القبر.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمارة، قال: حدّثنا عبيد اللّه، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ: {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: الأدنى في القبور وعذاب الدّنيا.
وقال آخرون: ذلك عذاب الدّنيا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} قال: العذاب الأدنى: عذاب الدّنيا.
وأولى الأقوال في ذلك أن يقال: إنّ اللّه وعد هؤلاء الفسقة المكذّبين بوعيده في الدّنيا العذاب الأدنى، أن يذيقهموه دون العذاب الأكبر، والعذاب: هو ما كان في الدّنيا من بلاءٍ أصابهم، إمّا شدّةٌ من مجاعةٍ أو قتلٍ، أو مصائب يصابون بها، فكلّ ذلك من العذاب الأدنى، ولم يخصّص اللّه تعالى ذكره، إذ وعدهم ذلك أن يعذّبهم بنوعٍ من ذلك دون نوعٍ، وقد عذّبهم بكلّ ذلك في الدّنيا بالقتل والجوع والشّدائد والمصائب في الأموال، فأوفى لهم بما وعدهم.
وقوله: {دون العذاب الأكبر} يقول: قيل: العذاب الأكبر وذلك عذاب يوم القيامة.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن السّدّيّ، عن أبي الضّحى، عن مسروقٍ، عن عبد اللّه، {دون العذاب الأكبر} قال: يوم القيامة.
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا عبد الرّحمن قال: حدّثنا إسرائيل، عن السّدّيّ، عن مسروقٍ، عن عبد اللّه مثله.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {دون العذاب الأكبر} يوم القيامة في الآخرة.
- حدّثني محمّد بن عمارة قال: حدّثنا عبيد اللّه، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ: {دون العذاب الأكبر} يوم القيامة.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {دون العذاب الأكبر} يوم القيامة. حدّث به قتادة، عن الحسن.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله {دون العذاب الأكبر} قال: العذاب الأكبر: عذاب الآخرة.
وقوله {لعلّهم يرجعون} يقول: كي يرجعوا ويتوبوا بتعذيبهم العذاب الأدنى.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن السّدّيّ، عن أبي الضّحى، عن مسروقٍ، عن عبد اللّه، {لعلّهم يرجعون} قال: يتوبون.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن أبي جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع، عن أبي العالية: {لعلّهم يرجعون} قال: يتوبون.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {لعلّهم يرجعون} أي: يتوبون). [جامع البيان: 18/626-634]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد العذاب الأدنى ما أصابهم من القتل والجوع هذا لقريش والعذاب الأكبر يوم القيامة). [تفسير مجاهد: 510-511]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم نا إسرائيل عن أبي إسحق الهمذاني عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود في قوله العذاب الأدنى قال سنون أصابت قوما قبلكم). [تفسير مجاهد: 511]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو العبّاس محمّد بن أحمد المحبوبيّ، ثنا أحمد بن سيّارٍ، ثنا محمّد بن كثيرٍ، ثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي الضّحى، عن مسروقٍ، عن عبد اللّه رضي اللّه عنه، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} [السجدة: 21] قال: «يوم بدرٍ» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/449]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (م) أبيّ بن كعب - رضي الله عنه -: في قوله تعالى: {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} [السجدة: 21] قال: مصائب الدنيا، والرّوم، والبطشة أو الدّخان. شك شعبة في البطشة أو الدّخان. أخرجه مسلم). [جامع الأصول: 2/304]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} [السجدة: 21]
- عن عبد اللّه - يعني ابن مسعودٍ - في قوله: {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلّهم يرجعون} [السجدة: 21] قال: من يبقى منهم أو يتوب فيرجع.
رواه الطّبرانيّ عن شيخه عبد اللّه بن محمّد بن سعيد بن أبي مريم وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7/90]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون.
أخرج الفريابي، وابن منيع، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه، وابن مردويه والخطيب والبيهقي في الدلائل عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: يوم بدر {دون العذاب الأكبر} قال: يوم القيامة {لعلهم يرجعون} قال: لعل من بقي منهم يرجع). [الدر المنثور: 11/701-702]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه والنسائي، وابن المنذر والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: سنون أصابتهم {لعلهم يرجعون} قال: يتوبون). [الدر المنثور: 11/702]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج مسلم وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند وأبو عوانه في صحيحه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي بن كعب رضي الله عنه في قوله {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: مصائب الدنيا واللزوم والبطشة والدخان). [الدر المنثور: 11/702]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن أبي بن كعب: (ولنذيقنهم من العذاب الأدنى) قال: يوم بدر). [الدر المنثور: 11/703]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أبي ادريس الخولاني رضي الله عنه قال: سألت عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن قول الله {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} فقال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها فقال هي المصائب والاسقام والانصاب عذاب للمسرف في الدنيا دون عذاب الآخرة قلت: يا رسول الله فما هي لنا قال: زكاة وطهور). [الدر المنثور: 11/703]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: مصائب الدنيا وأسقامها وبلاياها يبتلي الله بها العباد كي يتوبوا). [الدر المنثور: 11/703]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه، وابن جرير عن إبراهيم رضي الله عنه {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: أشياء يصابون بها في الدنيا {لعلهم يرجعون} قال: يتوبون). [الدر المنثور: 11/703]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: الحدود {لعلهم يرجعون} قال: يتوبون). [الدر المنثور: 11/703-704]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن مجاهد {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: عذاب الدنيا وعذاب القبر). [الدر المنثور: 11/704]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن جرير عن مجاهد في قوله {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: القتل والجوع لقريش في الدنيا والعذاب الاكبر يوم القيامة في الآخرة). [الدر المنثور: 11/704]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج هناد عن أبي عبيدة في قوله {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: عذاب القبر). [الدر المنثور: 11/704]

تفسير قوله تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (22) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ومن أظلم ممّن ذكّر بآيات ربّه ثمّ أعرض عنها إنّا من المجرمين منتقمون}.
يقول تعالى ذكره: وأيّ النّاس أظلم لنفسه ممّن وعظه اللّه بحججه، وآي كتابه ورسله، ثمّ أعرض عن ذلك كلّه، فلم يتّعظ بمواعظه، ولكنّه استكبر عنها.
وقوله {إنّا من المجرمين منتقمون} يقول: إنّا من الّذين اكتسبوا الآثام، واجترحوا السّيّئات منتقمون.
وكان بعضهم يقول: عنى بالمجرمين في هذا الموضع أهل القدر.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا مروان بن معاوية، قال: أخبرنا وائل بن داود، عن مروان بن سفيحٍ، عن يزيد بن رفيعٍ، قال: إنّ قول اللّه في القرآن {إنّا من المجرمين منتقمون} هم أصحاب القدر، ثمّ قرأ {إنّ المجرمين في ضلالٍ وسعرٍ} إلى قوله: {خلقناه بقدرٍ}.
- حدّثنا الحسن بن عرفة قال: حدّثنا مروان قال: أخبرنا وائل بن داود، عن ابن سفيحٍ، عن يزيد بن رفيعٍ، بنحوه، إلاّ أنّه قال في حديثه: ثمّ قرأ وائل بن داود هؤلاء الآيات {إنّ المجرمين في ضلالٍ وسعرٍ} إلى آخر الآيات.
وقال آخرون في ذلك، بما:
- حدّثني به، عمران بن بكّارٍ الكلاعيّ قال: حدّثنا محمّد بن المبارك، قال: حدّثنا إسماعيل بن عيّاشٍ، قال: حدّثنا عبد العزيز بن عبيد اللّه، عن عبادة بن نسيٍّ، عن جنادة بن أبي أميّة، عن معاذ بن جبلٍ، قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: ثلاثٌ من فعلهنّ فقد أجرم: من اعتقد لواءً في غير حقٍّ، أو عقّ والديه، أو مشى مع ظالمٍ ينصره، فقد أجرم، يقول اللّه: {إنّا من المجرمين منتقمون} ). [جامع البيان: 18/634-635]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {إنّا من المجرمين منتقمون} [السجدة: 22]
- عن معاذ بن جبلٍ قال: سمعت رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - يقول: " «ثلاثٌ من فعلهنّ فقد أجرم: من اعتقد لواءً في غير حقٍّ، أو عقّ والديه، أو مشى مع ظالمٍ فقد أجرم، يقول اللّه: {إنّا من المجرمين منتقمون} [السجدة: 22]») ".
رواه الطّبرانيّ، وفيه عبد العزيز بن عبيد اللّه بن حمزة وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7/90]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون.
أخرج ابن منيع، وابن جرير، وابن أبي حاتم والطبراني، وابن مردويه بسند ضعيف عن معاذ بن جبل رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثلاث من فعلهن فقد أجرم، من عقد لواء في غير حق، أو عق والديه، أو مشى مع ظالم لينصره فقد أجرم يقول الله عز وجل {إنا من المجرمين منتقمون} ). [الدر المنثور: 11/704]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 20 جمادى الأولى 1434هـ/31-03-2013م, 02:29 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (15)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {إنّما يؤمن بآياتنا الّذين إذا ذكّروا بها خرّوا سجّدًا وسبّحوا بحمد ربّهم} [السجدة: 15] في سجودهم.
{وهم لا يستكبرون} [السجدة: 15]، يعني: لا يتكبّرون عن عبادة اللّه). [تفسير القرآن العظيم: 2/689]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّما يؤمن بآياتنا الّذين إذا ذكّروا بها خرّوا سجّداً...}
كان المنافقون إذا نودي بالصلاة أتوها, فإن خفوا عن أعين المسلمين تركوها، فأنزل الله. {إنّما يؤمن بآياتنا الّذين إذا ذكّروا بها} , إذا نودوا إلى الصّلاة أتوها , فركعوا , وسجدوا غير مستكبرين.).[معاني القرآن: 2/331]

تفسير قوله تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} [السجدة: 16]
المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ، قال: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} [السجدة: 16] لذكر اللّه تبارك وتعالى، يعني: الصّلاة.
- المعلّى، عن أبان بن أبي عيّاشٍ، عن أنس بن مالكٍ قال: كانوا يتناومون إذا أمسوا من قبل أن تفترض صلاة العشاء، فلمّا فرضت جعلوا لا ينامون حتّى يصلّوا، فشقّ ذلك عليهم فنزلت: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} [السجدة: 16] حتّى أتمّ الآية.
- الخليل بن مرّة، عن أبان بن أبي عيّاشٍ قال: جاءت امرأةٌ إلى أنس بن مالكٍ عابدةً، فقالت: إنّما لي من اللّيل هذه النّومة، ما بين المغرب إلى العشاء، وإنّي أوكل من أهلي من يوقظني عند الأذان بالعشاء، فقال أنسٌ: وكّلي من أهلك من لا يدعك تنامين حتّى تصلّيها فإنّ فيها أنزلت: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} [السجدة: 16] وكان القوم قبل أن تفترض عليهم ينامون،
فلمّا فرضت عليهم اجتنبوا مضاجعهم حتّى يصلّوها.
- الحسن، عن الحسن أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نهى عن النّوم قبل العشاء والحديث بعدها.
وسمعت سعيدًا يذكر عن قتادة، عن الحسن أنّه قال: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} [السجدة: 16] قال: هو قيام اللّيل.
- قال: وسمعت حمّاد بن سلمة يذكر عن عاصم بن بهدلة، عن شهر بن حوشبٍ، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أوصى معاذ بن جبلٍ بأشياء، فقال في آخر ذلك: والقيام من اللّيل ثمّ تلا هذه الآية: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} [السجدة: 16].
- وأخبرنا سعيدٌ، عن قتادة، عن أنس بن مالكٍ قال: كانوا يتيقّظون ما بين
[تفسير القرآن العظيم: 2/690]
المغرب والعشاء يصلّون ما بينهما.
قال: {يدعون ربّهم خوفًا وطمعًا} [السجدة: 16] خوفًا من عذابه.
تفسير السّدّيّ: {وطمعًا} [السجدة: 16] في رحمته، يعني: الجنّة.
{وممّا رزقناهم ينفقون} [السجدة: 16] الزّكاة المفروضة). [تفسير القرآن العظيم: 2/691]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع...}
يقال: هو النوم قبل العشاء., كانوا لا يضعون جنوبهم بين المغرب والعشاء حتى يصلّوها, ويقال: إنهم كانوا في ليلهم كلّه {تتجافى}: تقلق {جنوبهم عن المضاجع} عن النوم في الليل كلّه {خوفاً وطمعاً} ). [معاني القرآن: 2/331]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ)
: ({تتجافى جنوبهم عن المضاجع }: مجازه: ترتفع عنها وتنحى لأنهم يصلون بالليل، قال الزفيان من بني عوافة:

وصاحبي ذات هبابٍ دمشق= كأنها غبّ الكلال زورق
أذلّ برءاً الثافرين دوسق= شوارها قتودها والنمرق
وبرةٌ فيها زمامٌ معلق= كأن ثنيين شجاعٌ مطرق
وابن ملاطٍ متجافٍ أدفق

برءاً: متعوج على خلقه الطير زين، وثافر الزور مقدمه , ومؤخره، وبيت دوسق ليس بعظيم , لا صغيرٍ وسطٌ، متجافٍ: أي: منتحى عن كركرتها.). [مجاز القرآن: 2/132-133]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ({تتجافى جنوبهم}: ترتفع). [غريب القرآن وتفسيره: 300]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {تتجافى جنوبهم}: أي: ترتفع). [تفسير غريب القرآن: 346]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجل: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربّهم خوفا وطمعا وممّا رزقناهم ينفقون (16)}
معنى : {تتجافى}: ترتفع , وتفارق المضاجع، ومعنى : {خوفا وطمعا}: خوفا من عذاب اللّه , وطمعا في رحمة اللّه.
وانتصاب {خوفا وطمعا}لأنه مفعول له، كما تقول: فعلت ذلك حذار الشرّ , أي : لحذار الشرّ , وحقيقته أنه في موضع المصدر؛ لأن {يدعون ربّهم}في هذا الموضع يدل على أنهم يخافون عذابه , ويرجون رحمته، فهو في تأويل : يخافون خوفا , ويطمعون طمعا.
وقوله: {وممّا رزقناهم ينفقون}:أي : ينفقون في طاعة اللّه، وقد اختلف في تفسيرها، وأكثر ما جاء في التفسير : أنهم كانوا يصلون في الليل وقت صلاة العتمة المكتوبة , لا ينامون عنها، وقيل : التطوع بين الصلاتين: صلاة المغرب , والعشاء الآخرة.). [معاني القرآن: 4/206-207]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا}
روى قتادة , عن أنس قال : (يتيقظون بين العشاء , والعتمة , فيصلون).
وقال عطاء : (لا ينامون قبل العشاء حتى يصلوها).
وقال الحسن , ومجاهد : (يصلون في جوف الليل) , وكذلك قال مالك , والأوزاعي , وهذا القول أشبهها , لجهتين :-
إحداهما : أن أبا وائل روى , عن معاذ بن جبل قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم :(( ألا أدلك على أعمال الخير : الصوم جنة , والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار , وصلاة الرجل في جوف الليل , ثم تلا :{تتجافى جنوبهم عن المضاجع } , حتى :{يعملون}.)). والجهة الأخرى أنه جل وعزقال :{فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين}
حدثنا محمد بن أحمد يعرف بالجريجي , قال : حدثنا محمد بن عبد الرحمن السلمي , قال : حدثنا عمرو بن عبد الوهاب , قال : حدثنا أبو أسامة , عن الأعمش , عن أبي صالح , عن أبي هريرة , عن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ : {من قرات أعين }, فهذه بصلاة الليل أشبه ؛ لأنهم جوزوا على ما أخفوا بما خفي .
روى أبو سلمة , عن أبي هريرة , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(( قال ربكم : أعددت لعبادي الصالحين : ما لا عين رأت , ولا أذن سمعت , ولا خطر على قلب بشر , اقرءوا إن شئتم :{فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون}.)).). [معاني القرآن: 5/304-306]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {تتجافى جنوبهم عن المضاجع}: أي: تترافع عن المضاجع للصلاة.). [ياقوتة الصراط: 407]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {تَتَجَافَى}: ترتفع.).[العمدة في غريب القرآن: 241]

تفسير قوله تعالى:{فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ جزاءً بما كانوا يعملون} [السجدة: 17] على قدر أعمالهم.
حدّثني الخليل بن مرّة أنّ اللّه تبارك وتعالى يقول: ادخلوا الجنّة برحمتي واقتسموها بأعمالكم.
- وحدّثنا عثمان، عن نعيم بن عبد اللّه، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " إنّ اللّه تبارك وتعالى قال: " أعددت لعبادي الصّالحين ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشرٍ، اقرءوا إن شئتم، قال اللّه: {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ جزاءً بما كانوا يعملون} [السجدة: 17]
- وإنّ في الجنّة شجرةً يسير الرّاكب في ظلّها مائة عامٍ ما يقطعها، اقرءوا إن شئتم، قال اللّه: {وظلٍّ ممدودٍ} [الواقعة: 30] وزاد فيه خداشٌ، عن محمّد بن عمرٍو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النّبيّ عليه السّلام: ولقاب قوس أحدكم من الجنّة، وموضع سوطه في الجنّة خيرٌ من الدّنيا وما فيها، اقرءوا إن شئتم قال اللّه تبارك وتعالى: {فمن زحزح عن النّار وأدخل الجنّة فقد فاز وما الحياة الدّنيا إلا متاع الغرور} [سورة آل عمران: آية 185].
[تفسير القرآن العظيم: 2/691]
- أبان العطّار، عن أبي طلالٍ، عن أنس بن مالكٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ العبد ليعطى على باب الجنّة ما يكاد فؤاده يطير لولا أنّ اللّه تبارك وتعالى يبعث إليه ملكًا فيشدّ فؤاده»). [تفسير القرآن العظيم: 2/692]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {مّا أخفي...}
وكلّ ينصب بالياء؛ لأنه فعل ماض؛ كما تقول: أهلك الظالمون. وقرأها حمزة (مّا أخفي لهم مّن قرّة أعينٍ) بإرسال الياء. وفي قراءة عبد الله {مّا نخفي لهم مّن قرّة أعينٍ} فهذا اعتبار وقوّة لحمزة. وكلٌّ صواب, وإذا قلت : {أخفي لهم}, وجعلت (ما) في مذهب (أي) كانت (ما) رفعاً بما لم تسمّ فاعله.
ومن قرأ : {أخفي لهم} بإرسال الياء وجعل (ما) في مذهب (أيّ) كانت نصباً في {أخفي} , و{نخفي} , ومن جعلها بمنزلة الشيء أوقع عليها (تعلم) , فكانت نصباً في كلّ الوجوه. وقد قرئت : {قرّات أعين} : ذكرت عن أبي هريرة.). [معاني القرآن: 2/332]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرّة أعين جزاء بما كانوا يعملون (17)}
دليل على أنها الصلاة في جوف الليل؛ لأنه عمل يستسرّ الإنسان به , فجعل لفظ ما يجازى به (أخفي).
ويقرأ بإسكان الياء، ويكون المعنى : ما أخفي أنا لهم. إخبار عن اللّه.
وإذا قرئت: {أخفي لهم من قرّة أعين} بفتح الياء , فعلى تأويل الفعل الماضي، ويكون اسم ما لم يسم فاعله ما في أخفي من ذكر " ما ". وقرأ الناس كلهم :{من قرّة أعين} إلا أبا هريرة , فإنه قرأ : {من قرّات أعين} .
ورواه عن النبي صلى الله عليه وسلم :{جزاء بما كانوا يعملون}
" جزاء " أيضا منصوب مفعول له, وقرئت: {فلا تعلم نفس ما أخفى لهم}, أي: ما أخفى اللّه لهم.). [معاني القرآن: 4/207-208]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) قال :( { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين}
حدثنا محمد بن أحمد يعرف بالجريجي , قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن السلمي , قال: حدثنا عمرو بن عبد الوهاب, قال: حدثنا أبو أسامة , عن الأعمش , عن أبي صالح , عن أبي هريرة , عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ: {من قرات أعين} , فهذه بصلاة الليل , أشبه لأنهم جوزوا على ما أخفوا بما خفي.
روى أبو سلمة , عن أبي هريرة , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال ربكم : (( أعددت لعبادي الصالحين , ما لا عين رأت , ولا أذن سمعت , ولا خطر على قلب بشر , اقرءوا إن شئتم : {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون}. )). ). [معاني القرآن: 5/305-306] (م)

تفسير قوله تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {أفمن كان مؤمنًا كمن كان فاسقًا} [السجدة: 18]، يعني: كمن كان مشركًا.
{لا يستوون} [السجدة: 18] وهو على الاستفهام). [تفسير القرآن العظيم: 2/692]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لاّ يستوون}
ولم يقل: يستويان؛ لأنها عامّ، وإذا كان الاثنان غير مصمود لهما , ذهبا مذهب الجمع , تقول في الكلام: ما جعل الله المسلم كالكافر فلا تسوّينّ بينهم، وبينهما. وكلّ صواب.). [معاني القرآن: 2/332]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون (18)}
جاء في التفسير : أنها نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام, وعقبة بن أبي معيط.
فالمؤمن: عليّ رضي اللّه عنه، والفاسق : عقبة ابن أبي معيط، فشهد الله لعليّ بالإيمان , وإنه في الجنة بقوله: {أمّا الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات فلهم جنّات المأوى}.
وقال: {لا يستوون}, ولو كان قال: لا يتسويان , لكان جائزا.
ولكن {من}: لفظها لفظ الواحد، وهي تدل على الواحد وعلى الجماعة , فجاء {لا يستوون}, على معنى : لا يستوي المؤمنون, والكافرون, ويجوز أن يكون {لا يستوون}للاثنين، لأن معنى الاثنين جماعة.). [معاني القرآن: 4/208]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا}
روى أبو عمرو بن العلاء , عن مجاهد , عن ابن عباس قال: (نزلت في رجلين من قريش) , إلى تمام الآيات الثلاث .
وقال ابن أبي ليلى : نزلت في علي بن أبي طالب صلوات الله عليه , ورجل من قريش .
وقيل : نزلت في علي عليه السلام , والوليد بن عقبة بن أبي معيط , فشهد الله جل وعز لعلي بن أبي طالب بالإيمان , وأنه في الجنة.). [معاني القرآن: 5/306-307]

تفسير قوله تعالى: {أَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (19)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {أمّا الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات فلهم جنّات المأوى} [السجدة: 19] يعني أنّه يأوي إليها أهل الجنّة، وجنّة المأوى اسمٌ من أسماء الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 2/692]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (فقال جل وعز: {أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى}
وجاء على الجمع ؛ لأن الاثنين جماعة , ويكون لجميع المؤمنين , وإن كان سبب النزول مخصوصا لإبهام «من».). [معاني القرآن: 5/307]

تفسير قوله تعالى: (وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (20) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وأمّا الّذين فسقوا} [السجدة: 20]، يعني: أشركوا.
{فمأواهم النّار كلّما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها} [السجدة: 20] أنّهم إذا كانوا في أسفلها رفعتهم بلهبها، حتّى إذا كانوا في أعلاها رجوا أن يخرجوا منها، فضربوا بمقامع من حديدٍ، فهووا إلى أسفلها.
{وقيل لهم ذوقوا عذاب النّار الّذي كنتم به تكذّبون} [السجدة: 20]، يعني: العذاب الّذي كنتم تكذّبون به في الدّنيا). [تفسير القرآن العظيم: 2/692]

تفسير قوله تعالى: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} [السجدة: 21] سفيان، عن إسماعيل السّدّيّ، عن مسروقٍ، عن ابن مسعودٍ قال: هو يوم بدرٍ.
الحسن بن دينارٍ، عن الحسن، قال: العذاب الأدنى بالسّيف يوم بدرٍ.
المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ، قال: عذاب الدّنيا وعذاب القبر دون
[تفسير القرآن العظيم: 2/692]
العذاب الأكبر جهنّم، والأكبر الأشدّ.
وقال السّدّيّ: يعني بالعذاب الأدنى: العذاب الأقرب، وهو الجوع في الدّنيا.
{دون العذاب الأكبر} [السجدة: 21]، يعني: النّار في الآخرة، كقوله في والنّجم: {فكان قاب قوسين أو أدنى} [النجم: 9]، يعني: أقرب.
{لعلّهم} لعلّ من يبقى منهم.
{يرجعون} عن الشّرك إلى الإيمان، فعذّبهم بالسّيف يوم بدرٍ، ومن بعدهم على من شاء الإيمان). [تفسير القرآن العظيم: 2/693]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ولنذيقنّهم مّن العذاب الأدنى...}...
- حدثني شريك بن عبد الله , عن منصور , عن إبراهيم , أو عن مجاهد - شكّ الفراء - في قوله: {ولنذيقنّهم مّن العذاب الأدنى} , قال: (مصائب تصيبهم في الدنيا دون عذاب الله يوم القيامة)). [معاني القرآن: 2/332]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلّهم يرجعون (21)} الأدنى : ما يصيبهم في الدنيا، وقد اختلف في تفسيرها.
فقيل: ما يصيبهم من الجدب والخوف، ويكون دليل هذا القول قوله:{ولنبلونّكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثّمرات}
وقيل " العذاب الأدنى " ههنا : السّباء , والقتل، وجملته أن كل ما يعذّب به في الدنيا , فهو العذاب الأدنى، والعذاب الأكبر : عذاب الآخرة.). [معاني القرآن: 4/208]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون}
روى أبو الضحى , عن مسروق , عن عبد الله بن مسعود : {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى }, قال: يوم بدر.
{لعلهم يرجون}: لعل من بقي منهم يتوب.
وروى إسرائيل , عن أبي إسحاق , عن أبي الأحوص , وأبي عبيدة , عن عبد الله :{ولنذيقنهم من العذاب الأدنى}, قال: (سنون أصابت قوما قبلكم).
وروى عكرمة , عن ابن عباس :{ولنذيقنهم من العذاب الأدنى }, قال: (الحدود).
وقال علقمة , والحسن , وأبو العالية , والضحاك, قالوا : (المصيبات في الدنيا) .
وروى ابن أبي نجيح , عن مجاهد قال: (القتل , والجوع لقريش في الدنيا دون العذاب الأكبر يوم القيامة في الآخرة) .
وروى أبو يحيى , عن مجاهد قال : (العذاب الأدنى : عذاب القبر , وعذاب الدنيا).
وروى الأعمش, عن مجاهد قال: (المصيبات) , وهذه الأقوال ليست بمتناقضة , وهي ترجع إلى أن معنى : الأدنى: ما كان قبل يوم القيامة). [معاني القرآن: 5/309]

تفسير قوله تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (22) )
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله عزّ وجلّ: {ومن أظلم ممّن ذكّر بآيات ربّه ثمّ أعرض عنها} [السجدة: 22] لم يؤمن بها.
{إنّا من المجرمين منتقمون} [السجدة: 22] والمجرمين هاهنا المشركين). [تفسير القرآن العظيم: 2/693]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 01:58 AM
أم حذيفة أم حذيفة غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 1,054
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (15) }

تفسير قوله تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16) }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ): (ومما يدغم إذا كان الحرفان من مخرج واحد وإذا تقارب المخرجان قولهم يطوعون في يتطوعون ويذكرون في يتذكرون ويسمعون في يتسمعون والإدغام في هذا أقوى إذ كان يكون في الانفصال والبيان فيهما
عربيٌ حسن لأنهما متحركان كما حسن ذلك في يختصمون ويهتدون وتصديق الإدغام قوله تعالى: {يطيروا بموسى} و: {يذكرون}.
فإن وقع حرفٌ مع ما هو من مخرجه أو قريبٌ من مخرجه مبتدأ أدغم وألحقوا الألف الخفيفة لأنهم لا يستطيعون أن يبتدئوا بساكن وذلك قولهم في فعل من تطوع اطوع ومن تذكر إذ ذكر دعاهم إلى إدغامه أنهما في حرفٍ وقد كان يقع الإدغام فيهما في الانفصال.
ودعاهم إلى إلحاق الألف في اذكروا واطوعوا ما دعاهم إلى إسقاطها حين حركوا الخاء في خطف والقاف في قتلوا فالألف هنا يعني في اختطف لازمةٌ ما لم يعتل الحرف كما تدخل ثمة إذا اعتل الحرف.
وتصديق ذلك قوله عز وجل: {فادارأتم فيها} يريد فتدارأتم: {وازينت} إنما هي تزينت وتقول في المصدر ازيناً وادارأً ومن ذلك قوله عز وجل: {اطيرنا بك}.
وينبغي على هذا أن تقول في تترس اترس فإن بينت فحسن البيان كحسنه فيما قبله
فإن التقت التاءان في تتكلمون وتتترسون فأنت بالخيار إن شئت أثبتهما وإن شئت حذفت إحداهما وتصديق ذلك قوله عز وجل: {تتنزل عليهم الملائكة} و: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع}
وإن شئت حذفت التاء الثانية وتصديق ذلك قوله تبارك وتعالى: {تنزل الملائكة والروح فيها} وقوله: {ولقد كنتم تمنون الموت} وكانت الثانية أولى بالحذف لأنها هي التي تسكن وتدغم في قوله تعالى: {فادارأتم} و: {ازينت} وهي التي يفعل بها ذلك في يذكرون فكما اعتلت هنا كذلك تحذف هناك). [الكتاب: 4/474-476] (م)

تفسير قوله تعالى: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17) }

تفسير قوله تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18) }

تفسير قوله تعالى: {أَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (19) }

تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (20) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21) }

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (22) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 29 محرم 1440هـ/9-10-2018م, 12:33 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 29 محرم 1440هـ/9-10-2018م, 12:34 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري
...

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 29 محرم 1440هـ/9-10-2018م, 12:40 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (15) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أثنى عز وجل على القوم الذين يؤمنون بآياته، ووصفهم بالصفة الحسنة، بسجودهم عند التذكير وتسبيحهم وعدم استكبارهم، بخلاف ما يصنع الكفر من الإعراض عند التذكير، وقول الهجر، وإظهار التكبر، وهذه السجدة من عزائم السجدة في القرآن، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: السجود هنا بمعنى الركوع، وقد روي عن ابن جريج، ومجاهد أن هذه الآية نزلت بسبب قوم من المنافقين كانوا إذا أقيمت الصلاة خرجوا من المسجد، فكأن الركوع يقصد من هذا، ويلزم على هذا أن تكون الآية مدنية، وأيضا فمن مذهب ابن عباس رضي الله عنهما أن القارئ للسجدة يركع، واستدل بقوله: {وخر راكعا وأناب}). [المحرر الوجيز: 7/ 74-75]

تفسير قوله تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون * فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون * أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون * أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون * وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون}
جفا الرجل الموضع: إذا تركه، وتجافى الجنب عن مضجعه: إذا تركه، وجافى الرجل جنبه عن مضجعه، وفي الحديث: "يجافي بعضديه عن جنبيه" أي يبعدهما عن بدنه، فقوله تعالى: {تتجافى جنوبهم} أي تبتعد وتزول، ومنه قول عبد الله بن رواحة:
نبي تجافى جنبه عن فراشه ... إذا استثقلت بالمشركين المضاجع
ويروى: "يبيت يجافي"، قال الزجاج، والرماني: التجافي: التنحي إلى جهة فوق.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا قول حسن، وكذلك هو في الصفح عن المخطئ في سب ونحوه.
و"الجنوب": جمع جنب، و"المضاجع": موضع الاضطجاع للنوم. وقال أنس بن مالك: أراد بهذه الآية الصلاة بين المغرب والعشاء، وقال عطاء، وأبو سلمة: أراد صلاة العشاء الآخرة.
وقال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وكانت الجاهلية ينامون من أول الغروب، ومن أي وقت شاء الإنسان، فجاء انتظار وقت العشاء الآخرة غريبا شاقا، وقال أنس بن مالك أيضا: أراد انتظار العشاء الآخرة; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤخرها إلى نحو ثلث الليل، وفي ذلك أحاديث كثيرة. وقال الضحاك: "تجافي الجنب هو أن يصلي الرجل العشاء والصبح في جماعة". وهذا قول حسن، يساعده لفظ الآية، وقال الجمهور من المفسرين: أراد بهذا التجافي صلاة النوافل بالليل.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وعلى هذا التأويل أكثر الناس، وهو الذي فيه المدح، وفيه أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يذكر قيام الليل ثم يستشهد بالآية. ذكره الطبري عن معاذ بن جبل رضي الله عنه.
ورجح الزجاج هذا القول بأنهم جوزوا بإجفاء، فدل ذلك على أن العمل إجفاء أيضا هو قيام الليل.
وقوله: "يدعون" يحتمل أن يكون في موضع الحال من الموصوفين، أي وقت التجافي، ويحتمل أن يكون صفة مستأنفة، أي: تتجافى جنوبهم وهم أيضا في كل أحوالهم يدعون ليلهم ونهارهم، و"الخوف" من عذاب الله، و"الطمع" في ثواب الله. و"ينفقون" قيل: معناه: الزكاة المفروضة، وقيل: النوافل والصدقات غير المفروضة، وهذا القول أمدح). [المحرر الوجيز: 7/ 75-77]

تفسير قوله تعالى: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم ذكر تعالى وعدهم من النعيم بما لم تعلمه نفس ولا بشر ولا ملك.
وقرأ حمزة وحده: "أخفي" بسكون الياء، كأنه قال: "أخفي أنا"، وهي قراءة الأعمش، وروي عنه: "ما أخفيت لهم من قرات أعي"، وقرأ عبد الله: "ما نخفي لهم" بالنون مضمومة، وروى المفضل عن الأعمش: "ما يخفى لهم" بالياء المضمومة وفتح الفاء، وقرأ محمد بن كعب: "ما أخفى" بفتح الهمزة، أي: ما أخفى الله لهم، وقرأ جمهور الناس بفتح الياء على بناء الفعل للمفعول، و"ما" يحتمل أن تكون بمعنى الذي، فعلى القراءة الأولى فثم ضمير محذوف تقديره: أخفيه، وعلى قراءة الجمهور فالضمير الذي لم يسم فاعله يجري في العودة على "الذي"، ويحتمل أن تكون استفهاما، فعلى القراءة الأولى فهي في موضع نصب بـ"أخفي"، وعلى القراءة الثانية هي في موضع رفع بالابتداء.
و"قرة العين": ما تلذه وتشتهيه، وهي مأخوذة من القر، كما أن "سخنة العين" مأخوذة من السخانة، وأصل هذا - فيما يزعمون - أن دمع الفرح بارد، ودمع الحزن سخن.
وفي معنى هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله عز وجل: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، واقرؤوا إن شئتم: فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ". وقال ابن مسعود رضي الله عنه: "في التوراة مكتوب: على الله للذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر". وقرأ ابن مسعود، وأبو هريرة، وأبو الدرداء رضي الله عنهما: "قرات" على الجمع. وقوله: {جزاء بما كانوا يعملون}، أي: بتكسبهم). [المحرر الوجيز: 7/ 77-78]

تفسير قوله تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {أفمن كان مؤمنا} الآية. روي عن عطاء بن يسار أنها نزلت في علي بن أبي طالب رضي الله عنه: والوليد بن عقبة بن أبي معيط، وذلك أنهما تلاحنا، فقال له علي بن أبي طالب رضي الله عنه: اسكت فإنك فاسق، فنزلت الآية. وذكر الزجاج، والنحاس، وغيرهما أنها نزلت في علي وعقبة بن أبي معيط، وعلى هذا يلزم أن تكون الآية مكية، لأن عقبة لم يكن بالمدينة، وإنما قتل في طريق مكة منصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر، ويعترض القول الآخر بإطلاق اسم الفسق على الوليد، وذلك يحتمل أن يكون في صدر إسلام الوليد لشيء كان في نفسه، أو لما روي من نقله عن بني المصطلق ما لم يكن حتى نزلت فيه: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا}، ويحتمل أيضا أن تطلق الشريعة ذلك عليه لأنه كان على طرف مما يبغي، وهو الذي شرب الخمر في خلافة عثمان رضي الله عنه، وصلى الصبح بالناس أربعا، ثم التفت وقال: أتريدون أن أزيدكم؟ ونحو هذا مما يطول ذكره). [المحرر الوجيز: 7/ 78-79]

تفسير قوله تعالى: {أَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (19) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (20) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم قسم الله تعالى المؤمنين والفاسقين الذين فسقهم بالكفر; لأن التكذيب الذي في آخر الآية يقتضي ذلك، وقرأ طلحة: "جنة" بالإفراد، وقرأ أبو حيوة: "نزلا" بإسكان الزاي، والجمهور على ضمها، وسائر باقي الآية بين). [المحرر الوجيز: 7/ 79]

تفسير قوله تعالى: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون * ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون}
الضمير في قوله تعالى: "لنذيقنهم" بكفار قريش، أعلم الله تعالى أنه يصبهم بعذاب دون عذاب الآخرة لعلهم يتوبون ويتعظون، ولا خلاف أن العذاب الأكبر هو عذاب الآخرة، واختلف المتأولون في تعيين العذاب الأدنى، فقال إبراهيم النخعي، ومقاتل: هم السنون التي أجاعهم الله فيها، وقال ابن عباس، وأبي بن كعب: هو مصائب الدنيا من الأمراض ونحوها، وقاله ابن زيد، وقال ابن مسعود، والحسن بن علي: هو القتل بالسيف كبدر وغيرها.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
فيكون - على هذا التأويل "الراجع" غير "الذي يذوق"، بل الذي يبقى بعده، وتختلف رتبتا ضمير الذوق مع ضمير لعل. وقال أبي بن كعب رضي الله عنه أيضا: هي البطشة، واللزام والدخان، وقال ابن عباس رضي الله عنهما أيضا: عنى بذلك الحدود.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ويتجه - على هذا التأويل - أن تكون في فسقة المؤمنين. وقال مجاهد: عنى بذلك عذاب القبر). [المحرر الوجيز: 7/ 79]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (22) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) :(ثم قال تعالى -على جهة التعجب والتقرير-: {ومن أظلم}، أي: لا أحد أظلم ممن هذه صفته، وهي بخلاف ما تقدم في صفة المؤمنين من أنهم إذا ذكروا بآيات الله خروا سجدا، ثم توعد تبارك وتعالى المجرمين، وهم المتجاسرون على ركوب الكفر والمعاصي بالقوة، وظاهر الإجرام هنا أنه الكفر.
وحكى الطبري عن يزيد بن رفيع أنه قال: إن قول الله تعالى في القرآن: {إنا من المجرمين منتقمون} إنما هو في أهل القدر.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
يريد القائلين بأن أفعال العبد من قبله، قال: ثم قرأ يزيد بن رفيع: إن المجرمين في ضلال وسعر يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
في هذا المنزع من البعد ما لا خفاء به. وروى معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ثلاث من فعلهن فقد أجرم: من عقد لواء في غير حق، ومن عق والديه، أو مشى مع ظالم ينصره"). [المحرر الوجيز: 7/ 80]


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 29 محرم 1440هـ/9-10-2018م, 12:56 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 29 محرم 1440هـ/9-10-2018م, 01:01 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (15) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إنّما يؤمن بآياتنا الّذين إذا ذكّروا بها خرّوا سجّدًا وسبّحوا بحمد ربّهم وهم لا يستكبرون (15) تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربّهم خوفًا وطمعًا وممّا رزقناهم ينفقون (16) فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ جزاءً بما كانوا يعملون (17) }
يقول تعالى: {إنّما يؤمن بآياتنا} أي: إنّما يصدّق بها {الّذين إذا ذكّروا بها خرّوا سجّدًا} أي: استمعوا لها وأطاعوها قولًا وفعلًا {وسبّحوا بحمد ربّهم وهم لا يستكبرون} [أي] عن اتّباعها والانقياد لها، كما يفعله الجهلة من الكفرة الفجرة، [وقد] قال اللّه تعالى: {إنّ الّذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنّم داخرين} [غافرٍ:60]). [تفسير ابن كثير: 6/ 362-363]

تفسير قوله تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال [تعالى: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} يعني بذلك: قيام اللّيل، وترك النّوم والاضطجاع على الفرش الوطيئة. قال مجاهدٌ والحسن في قوله تعالى]: {تتجافى جنوبهم} يعني بذلك: قيام اللّيل.
وعن أنسٍ، وعكرمة، ومحمّد بن المنكدر، وأبي حازمٍ، وقتادة: هو الصّلاة بين العشاءين. وعن أنسٍ أيضًا: هو انتظار صلاة العتمة. رواه ابن جريرٍ بإسنادٍ جيّدٍ.
وقال الضّحّاك: هو صلاة العشاء في جماعةٍ، وصلاة الغداة في جماعةٍ.
{يدعون ربّهم خوفًا وطمعًا} أي: خوفًا من وبال عقابه، وطمعًا في جزيل ثوابه، {وممّا رزقناهم ينفقون}، فيجمعون بين فعل القربات اللّازمة والمتعدّية، ومقدّم هؤلاء وسيّدهم وفخرهم في الدّنيا والآخرة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، كما قال عبد اللّه بن رواحة، رضي اللّه عنه:
وفينا رسول اللّه يتلو كتابه = إذا انشقّ معروفٌ من الصّبح ساطع...
[أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا = به موقناتٌ أنّ ما قال واقع]...
يبيت يجافي جنبه عن فراشه = إذا استثقلت بالمشركين المضاجع...
وقال الإمام أحمد: حدّثنا روحٌ وعفّان قالا حدّثنا حمّاد بن سلمة، أخبرنا عطاء بن السّائب، عن مرّة الهمدانيّ، عن ابن مسعودٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "عجب ربّنا من رجلين: رجلٌ ثار من وطائه ولحافه، ومن بين أهله وحيّه إلى صلاته، [فيقول ربّنا: أيا ملائكتي، انظروا إلى عبدي، ثار من فراشه ووطائه، ومن بين حيّه وأهله إلى صلاته] رغبةً فيما عندي، وشفقةً ممّا عندي. ورجلٌ غزا في سبيل اللّه، عزّ وجلّ، فانهزموا، فعلم ما عليه من الفرار، وما له في الرّجوع، فرجع حتّى أهريق دمه، رغبةً فيما عندي وشفقةً ممّا عندي. فيقول اللّه، عزّ وجلّ للملائكة: انظروا إلى عبدي رجع رغبةً فيما عندي، ورهبةً ممّا عندي، حتّى أهريق دمه".
وهكذا رواه أبو داود في "الجهاد"، عن موسى بن إسماعيل، عن حمّاد بن سلمة، به بنحوه.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عبد الرّزّاق، أخبرنا معمر، عن عاصم بن أبي النّجود، عن أبي وائلٍ، عن معاذ بن جبلٍ قال: كنت مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في سفرٍ، فأصبحت يومًا قريبًا منه، ونحن نسير، فقلت: يا نبيّ اللّه، أخبرني بعملٍ يدخلني الجنّة ويباعدني من النّار. قال: "لقد سألت عن عظيمٍ، وإنّه ليسيرٌ على من يسّره اللّه عليه، تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصّلاة، وتؤتي الزّكاة، وتصوم رمضان، وتحجّ البيت". ثمّ قال: "ألا أدلّك على أبواب الخير؟ الصّوم جنّةٌ، والصّدقة تطفئ الخطيئة، وصلاة الرّجل في جوف اللّيل". ثمّ قرأ: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع}، حتّى بلغ {يعملون}. ثمّ قال: "ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ " فقلت: بلى، يا رسول اللّه. فقال: "رأس الأمر الإسلام، وعموده الصّلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل اللّه". ثمّ قال: "ألّا أخبرك بملاك ذلك كلّه؟ " فقلت: بلى، يا نبيّ اللّه. فأخذ بلسانه ثمّ قال: "كفّ عليك هذا". فقلت: يا رسول اللّه، وإنّا لمؤاخذون بما نتكلّم به. فقال: ثكلتك أمّك يا معاذ، وهل يكب النّاس في النّار على وجوههم -أو قال: على مناخرهم- إلّا حصائد ألسنتهم".
رواه التّرمذيّ والنّسائيّ وابن ماجه في سننهم، من طرقٍ عن معمرٍ، به. وقال التّرمذيّ: حسنٌ صحيحٌ. ورواه ابن جريرٍ من حديث شعبة، عن الحكم قال: سمعت عروة بن النّزّال يحدّث عن معاذ بن جبلٍ؛ أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال له: "ألا أدلّك على أبواب الخير: الصّوم جنّةٌ، والصّدقة تكفّر الخطيئة، وقيام العبد في جوف اللّيل"، وتلا هذه الآية: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربّهم خوفًا وطمعًا وممّا رزقناهم ينفقون}.
ورواه أيضًا من حديث الثّوريّ، عن منصور بن المعتمر، عن الحكم، عن ميمون بن أبي شبيبٍ، عن معاذٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بنحوه، ومن حديث الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابتٍ، والحكم عن ميمون بن أبي شبيبٍ، عن معاذٍ مرفوعًا بنحوه. ومن حديث حمّاد بن سلمة، عن عاصم بن أبي النّجود، عن شهرٍ، عن معاذ بن جبلٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، في قوله تعالى: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} قال: "قيام العبد من اللّيل".
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أحمد بن سنان الواسطيّ، حدّثنا يزيد بن هارون، حدّثنا فطر بن خليفة، عن حبيب بن أبي ثابتٍ، والحكم، وحكيم بن جبير، عن ميمون بن أبي شبيبٍ، عن معاذٍ بن جبلٍ قال: كنت مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في غزوة تبوك فقال: "إن شئت أنبأتك بأبواب الخير: الصّوم جنّةٌ، والصّدقة تطفئ الخطيئة، وقيام الرّجل في جوف اللّيل"، ثمّ تلا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربّهم خوفًا وطمعًا وممّا رزقناهم ينفقون}.
ثمّ قال: حدّثنا أبي، حدّثنا سويد بن سعيدٍ، حدّثنا عليّ بن مسهر، عن عبد الرّحمن بن إسحاق، عن شهر بن حوشب، عن أسماء بنت يزيد قالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إذا جمع اللّه الأوّلين والآخرين يوم القيامة، جاء منادٍ فنادى بصوتٍ يسمع الخلائق: سيعلم أهل الجمع اليوم من أولى بالكرم. ثمّ يرجع فينادي: ليقم الّذين كانت {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} الآية، فيقومون وهم قليلٌ".
وقال البزّار: حدّثنا عبد اللّه بن شبيب، حدّثنا الوليد بن عطاء بن الأغرّ، حدّثنا عبد الحميد بن سليمان، حدّثني مصعبٌ، عن زيد بن أسلم، عن أبيه قال: قال بلالٌ لمّا نزلت هذه الآية: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} [الآية]، كنّا نجلس في المجلس، وناسٌ من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يصلّون بعد المغرب إلى العشاء، فنزلت هذه الآية: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع}.
ثمّ قال: لا نعلم روى أسلم عن بلالٍ سواه، وليس له طريقٌ عن بلالٍ غير هذه الطّريق). [تفسير ابن كثير: 6/ 363-365]

تفسير قوله تعالى: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ جزاءً بما كانوا يعملون} أي: فلا يعلم أحدٌ عظمة ما أخفى اللّه لهم في الجنّات من النّعيم المقيم، واللّذّات الّتي لم يطّلع على مثلها أحدٌ، لمّا أخفوا أعمالهم أخفى اللّه لهم من الثّواب، جزاءً وفاقًا؛ فإنّ الجزاء من جنس العمل.
قال الحسن [البصريّ]: أخفى قومٌ عملهم فأخفى اللّه لهم ما لم تر عينٌ، ولم يخطر على قلب بشرٍ. رواه ابن أبي حاتمٍ.
قال البخاريّ: قوله: {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ} الآية: حدثنا علي بن عبد اللّه، حدّثنا سفيان، عن أبي الزّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "قال اللّه تعالى: أعددت لعبادي الصّالحين ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشرٍ". قال أبو هريرة: فاقرؤوا إن شئتم: {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ}.
قال: وحدّثنا سفيان، حدّثنا أبو الزّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال اللّه مثله. قيل لسفيان: روايةً؟ قال: فأيّ شيءٍ؟.
ورواه مسلمٌ والتّرمذيّ من حديث سفيان بن عيينة، به. وقال التّرمذيّ: حسنٌ صحيحٌ.
ثمّ قال البخاريّ: حدّثنا إسحاق بن نصرٍ، حدّثنا أبو أسامة، عن الأعمش، حدّثنا أبو صالحٍ، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "يقول اللّه تعالى: أعددت لعبادي الصّالحين ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشرٍ، ذخرًا من بله ما أطلعتم عليه"، ثمّ قرأ: {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ جزاءً بما كانوا يعملون}.
قال أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالحٍ، قرأ أبو هريرة: "قرّات أعينٍ". انفرد به البخاريّ من هذا الوجه.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عبد الرّزّاق، حدّثنا معمر، عن همّام بن منبّه قال: هذا ما حدّثنا أبو هريرة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إن الله تعالى قال: أعددت لعبادي الصّالحين ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشرٍ".
أخرجاه في الصّحيحين من رواية عبد الرّزّاق. ورواه التّرمذيّ في التّفسير، وابن جريرٍ، من حديث عبد الرّحيم بن سليمان، عن محمّد بن عمرٍو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بمثله. ثمّ قال التّرمذيّ: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
وقال حمّاد بن سلمة، عن ثابتٍ، عن أبي رافعٍ، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال حمّادٌ: أحسبه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "من يدخل الجنّة ينعم لا يبأس، لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه، في الجنّة ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر".
رواه مسلمٌ من حديث حمّاد بن سلمة، به.
وروى الإمام أحمد: حدّثنا هارون، حدّثنا ابن وهبٍ، حدّثني أبو صخرٍ، أنّ أبا حازمٍ حدّثه قال: سمعت سهل بن سعدٍ السّاعديّ، رضي اللّه عنه، يقول: شهدت من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مجلسا وصف فيه الجنّة، حتّى انتهى، ثمّ قال في آخر حديثه: "فيها ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشرٍ"، ثمّ قرأ هذه الآية: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع [يدعون ربّهم خوفًا وطمعًا]}، إلى قوله: {يعملون}.
وأخرجه مسلمٌ في صحيحه عن هارون بن معروفٍ، وهارون بن سعيدٍ، كلاهما عن ابن وهبٍ، به.
وقال ابن جريرٍ: حدّثني العبّاس بن أبي طالبٍ، حدّثنا معلّى بن أسدٍ، حدّثنا سلّام بن أبي مطيعٍ، عن قتادة، عن عقبة بن عبد الغافر، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، يروي عن ربّه، عزّ وجلّ، قال: "أعددت لعبادي الصّالحين ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشرٍ". لم يخرّجوه.
وقال مسلمٌ أيضًا في صحيحه: حدّثنا ابن أبي عمر وغيره، حدّثنا سفيان، حدّثنا مطرّف بن طريف وعبد الملك بن سعيدٍ، سمعا الشّعبيّ يخبر عن المغيرة بن شعبة قال: سمعته على المنبر -يرفعه إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم -قال: "سأل موسى، عليه السّلام ربّه عزّ وجلّ: ما أدنى أهل الجنّة منزلةً؟ قال: هو رجلٌ يجيء بعدما أدخل أهل الجنّة الجنّة، فيقال له: ادخل الجنّة. فيقول: أي ربّ، كيف وقد نزل النّاس منازلهم، وأخذوا أخذاتهم؟ فيقال له: أترضى أن يكون لك مثل ملك ملكٍ من ملوك الدّنيا؟ فيقول: رضيت ربّ. فيقول: لك ذلك، ومثله، ومثله، ومثله، ومثله، فقال في الخامسة: رضيت ربّ. فيقول: هذا لك وعشرة أمثاله ولك ما اشتهت نفسك ولذّت عينك. فيقول: رضيت ربّ. قال: ربّ، فأعلاهم منزلةً؟ قال: أولئك الّذين أردت، غرست كرامتهم بيدي، وختمت عليها، فلم تر عينٌ، ولم تسمع أذنٌ، ولم يخطر على قلب بشرٍ"، قال: ومصداقه من كتاب اللّه: {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ جزاءً بما كانوا يعملون}.
ورواه التّرمذيّ عن ابن أبي عمر، وقال: حسنٌ صحيحٌ، قال: ورواه بعضهم عن الشّعبيّ، عن المغيرة ولم يرفعه، والمرفوع أصح.
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا جعفر بن منيرٍ المدائنيّ، حدّثنا أبو بدرٍ شجاع بن الوليد، حدّثنا زياد بن خيثمة، عن محمّد بن جحادة، عن عامر بن عبد الواحد قال: بلغني أنّ الرّجل من أهل الجنّة يمكث في مكانه سبعين سنةً، ثمّ يلتفت فإذا هو بامرأةٍ أحسن ممّا كان فيه، فتقول له: قد أنى لك أن يكون لنا منك نصيبٌ؟ فيقول: من أنت؟ فتقول: أنا من المزيد. فيمكث معها سبعين سنةً، ثمّ يلتفت فإذا هو بامرأةٍ أحسن ممّا كان فيه، فتقول له: قد أنى لك أن يكون لنا منك نصيبٌ، فيقول: من أنت؟ فتقول: أنا الّتي قال اللّه: {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ}.
وقال ابن لهيعة: حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبير قال: تدخل عليهم الملائكة في مقدار كلّ يومٍ من أيّام الدّنيا ثلاث مرّاتٍ، معهم التّحف من اللّه من جنّات عدنٍ ما ليس في جنّاتهم، وذلك قوله: {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ}، ويخبرون أنّ اللّه عنهم راضٍ.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا سهل بن موسى الرّازيّ، حدّثنا الوليد بن مسلمٍ، عن صفوان بن عمرٍو، عن أبي اليمان الهوزنيّ -أو غيره -قال: الجنّة مائة درجةٍ، أوّلها درجة فضّةٍ وأرضها فضّةٌ، ومساكنها فضّةٌ، [وآنيتها فضّةٌ] وترابها المسك. والثّانية ذهبٌ، وأرضها ذهبٌ، ومساكنها ذهبٌ، وآنيتها ذهبٌ، وترابها المسك. والثّالثة لؤلؤٌ، وأرضها لؤلؤٌ، ومساكنها اللّؤلؤ، وآنيتها اللّؤلؤ، وترابها المسك. وسبعٌ وتسعون بعد ذلك، ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشرٍ. ثمّ تلا هذه الآية: {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ جزاءً بما كانوا يعملون}
وقال ابن جريرٍ: حدّثني يعقوب بن إبراهيم، حدّثنا معتمر بن سليمان، عن الحكم بن أبان، عن الغطريف، عن جابر بن زيدٍ، عن ابن عبّاسٍ عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، عن الرّوح الأمين قال: "يؤتى بحسنات العبد وسيّئاته، ينقص بعضها من بعضٍ، فإن بقيت حسنةٌ [واحدةٌ] وسّع اللّه له في الجنّة"، قال: فدخلت على "يزداد" فحدّث بمثل هذا الحديث، قال: فقلت: فأين ذهبت الحسنة؟ قال: {أولئك الّذين نتقبّل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيّئاتهم في أصحاب الجنّة وعد الصّدق الّذي كانوا يوعدون} [الأحقاف: 16]. قلت: قوله تعالى: {فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرّة أعينٍ}، قال: العبد يعمل سرًّا أسرّه إلى اللّه، لم يعلم به النّاس، فأسرّ اللّه له يوم القيامة قرّة أعين). [تفسير ابن كثير: 6/ 365-368]

تفسير قوله تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18) أَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (19) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (20) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أفمن كان مؤمنًا كمن كان فاسقًا لا يستوون (18) أمّا الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات فلهم جنّات المأوى نزلًا بما كانوا يعملون (19) وأمّا الّذين فسقوا فمأواهم النّار كلّما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النّار الّذي كنتم به تكذّبون (20) ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلّهم يرجعون (21) ومن أظلم ممّن ذكّر بآيات ربّه ثمّ أعرض عنها إنّا من المجرمين منتقمون (22)}
يخبر تعالى عن عدله [وكرمه] أنّه لا يساوي في حكمه يوم القيامة من كان مؤمنًا بآياته متبعًا لرسله، بمن كان فاسقًا، أي: خارجًا عن طاعة ربّه مكذّبًا لرسله إليه، كما قال تعالى: {أم حسب الّذين اجترحوا السّيّئات أن نجعلهم كالّذين آمنوا وعملوا الصّالحات سواءً محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون} [الجاثية: 21]، وقال تعالى: {أم نجعل الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتّقين كالفجّار} [ص: 28]، وقال تعالى: {لا يستوي أصحاب النّار وأصحاب الجنّة أصحاب الجنّة هم الفائزون} [الحشر: 20]؛ ولهذا قال تعالى هاهنا: {أفمن كان مؤمنًا كمن كان فاسقًا لا يستوون} أي: عند اللّه يوم القيامة.
وقد ذكر عطاء بن يسار والسّدّيّ وغيرهما: أنّها نزلت في عليّ بن أبي طالبٍ، وعقبة بن أبي معيط؛ ولهذا فصّل حكمهم فقال: {أمّا الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات} أي: صدّقت قلوبهم بآيات اللّه وعملوا بمقتضاها، وهي الصّالحات {فلهم جنّات المأوى} أي: الّتي فيها المساكن والدّور والغرف العالية {نزلًا} أي: ضيافةً وكرامةً {بما كانوا يعملون. وأمّا الّذين فسقوا} أي: خرجوا عن الطّاعة، {فمأواهم النّار كلّما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها} كقوله: {كلّما أرادوا أن يخرجوا منها من غمٍّ أعيدوا فيها} الآية [الحجّ: 22].
قال الفضيل بن عياضٍ: واللّه إنّ الأيدي لموثقةٌ، وإنّ الأرجل لمقيّدةٌ، وإنّ اللّهب ليرفعهم والملائكة تقمعهم.
{وقيل لهم ذوقوا عذاب النّار الّذي كنتم به تكذّبون} أي: يقال لهم ذلك تقريعًا وتوبيخًا). [تفسير ابن كثير: 6/ 369]

تفسير قوله تعالى: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلّهم يرجعون [لعلّهم يرجعون]} قال ابن عبّاسٍ: يعني بالعذاب الأدنى مصائب الدّنيا وأسقامها وآفاتها، وما يحلّ بأهلها ممّا يبتلي اللّه به عباده ليتوبوا إليه. وروي مثله عن أبيّ بن كعبٍ، وأبي العالية، والحسن، وإبراهيم النّخعي، والضّحّاك، وعلقمة، وعطيّة، ومجاهدٍ، وقتادة، وعبد الكريم الجزري، وخصيف.
وقال ابن عبّاسٍ -في روايةٍ عنه -: يعني به إقامة الحدود عليهم.
وقال البراء بن عازبٍ، ومجاهدٌ، وأبو عبيدة: يعني به عذاب القبر.
وقال النّسائيّ: أخبرنا عمرو بن عليٍّ، أخبرنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص وأبي عبيدة، عن عبد اللّه: {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: سنون أصابتهم.
وقال عبد اللّه بن الإمام أحمد: حدّثني عبد اللّه بن عمر القواريري، حدّثنا يحيى بن سعيدٍ، عن شعبة، عن قتادة، عن عزرة، عن الحسن العرني، عن يحيى بن الجزّار، عن ابن أبي ليلى عن أبيّ بن كعبٍ في هذه الآية: {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: المصيبات والدّخان قد مضيا، والبطشة واللّزام.
ورواه مسلمٌ من حديث شعبة، به موقوفًا نحوه. وعند البخاريّ عن ابن مسعودٍ، نحوه.
وقال عبد اللّه بن مسعودٍ أيضًا، في روايةٍ عنه: العذاب الأدنى: ما أصابهم من القتل والسّبي يوم بدرٍ. وكذا قال مالكٌ، عن زيد بن أسلم.
قال السّدّي وغيره: لم يبق بيتٌ بمكّة إلّا دخله الحزن على قتيلٍ لهم أو أسيرٍ، فأصيبوا أو غرموا، ومنهم من جمع له الأمران). [تفسير ابن كثير: 6/ 369-370]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (22) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ومن أظلم ممّن ذكّر بآيات ربّه ثمّ أعرض عنها} أي: لا أظلم ممّن ذكّره اللّه بآياته وبيّنها له ووضّحها، ثمّ بعد ذلك تركها وجحدها وأعرض عنها وتناساها، كأنّه لا يعرفها.
قال قتادة، رحمه اللّه: إيّاكم والإعراض عن ذكر اللّه، فإنّ من أعرض عن ذكره فقد اغترّ أكبر الغرّة، وأعوز أشدّ العوز، وعظّم من أعظم الذّنوب.
ولهذا قال تعالى متهدّدًا لمن فعل ذلك: {إنّا من المجرمين منتقمون} أي: سأنتقم ممّن فعل ذلك أشدّ الانتقام.
وقال ابن جريرٍ: حدّثني عمران بن بكّارٍ الكلاعي، حدّثنا محمّد بن المبارك، حدّثنا إسماعيل بن عيّاشٍ، حدّثنا عبد العزيز بن عبيد اللّه، عن عبادة بن نسيّ، عن جنادة بن أبي أميّة عن معاذ بن جبلٍ قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "ثلاثٌ من فعلهنّ فقد أجرم، من عقد لواءً في غير حقٍّ، أو عقّ والديه، أو مشى مع ظالمٍ ينصره، فقد أجرم، يقول اللّه تعالى: {إنّا من المجرمين منتقمون}
ورواه ابن أبي حاتمٍ، من حديث إسماعيل بن عيّاشٍ، به، وهذا حديثٌ غريبٌ جدًّا). [تفسير ابن كثير: 6/ 370-371]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:26 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة