العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الحج

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 08:09 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ذلك ومن يعظّم حرمات اللّه فهو خيرٌ له عند ربّه} [الحج: 30] تفسير مجاهدٍ الحرمات: مكّة، والحجّ، والعمرة، وما نهى اللّه عنه من معاصيه كلّها.
[تفسير القرآن العظيم: 1/369]
قوله: {وأحلّت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم} [الحج: 30] في سورة المائدة من: {الميتة والدّم ولحم الخنزير وما أهلّ لغير اللّه به والمنخنقة والموقوذة والمتردّية والنّطيحة وما أكل السّبع إلا ما ذكّيتم وما ذبح على النّصب} [المائدة: 3].
وقد فسّرنا ذلك كلّه في سورة المائدة.
قال: {غير محلّي الصّيد وأنتم حرمٌ} [المائدة: 1] وقد فسّرت ذلك في المائدة.
قوله: {فاجتنبوا الرّجس من الأوثان} [الحج: 30] اجتنبوا الأوثان فإنّها رجسٌ.
قوله: {واجتنبوا قول الزّور} [الحج: 30] يعني اجتنبوا الأوثان فإنّها رجسٌ، وقول الزّور: الكذب على اللّه يعني الشّرك.
حدّثني عاصم بن حكيمٍ أنّ مجاهدًا قال: الكذب). [تفسير القرآن العظيم: 1/370]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وأحلّت لكم الأنعام إلاّ ما يتلى عليكم...}

في سورة المائدة. من المنخنقة والموقوذة والمتردّية والنطيحة إلى آخر الآية). [معاني القرآن: 2/224]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {الزّور} الكذب). [مجاز القرآن: 2/50]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ذلك ومن يعظّم حرمات اللّه فهو خيرٌ لّه عند ربّه وأحلّت لكم الأنعام إلاّ ما يتلى عليكم فاجتنبوا الرّجس من الأوثان واجتنبوا قول الزّور}
وقال: {فاجتنبوا الرّجس من الأوثان} وكلها رجسٌ، والمعنى: فاجتنبوا الرجس الذي يكون منها أي: عبادتها). [معاني القرآن: 3/9]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ومن يعظّم حرمات اللّه} يعني رمي الجمار، والوقوف بجمع وأشباه ذلك. وهي شعائر اللّه.
{وأحلّت لكم الأنعام إلّا ما يتلى عليكم} يعني في سورة المائدة من الميتة والموقوذة والمتردّية والنّطيحة). [تفسير غريب القرآن: 292]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ذلك ومن يعظّم حرمات اللّه فهو خير له عند ربّه وأحلّت لكم الأنعام إلّا ما يتلى عليكم فاجتنبوا الرّجس من الأوثان واجتنبوا قول الزّور}
وحرمات اللّه الحجّ والعمرة وسائر المناسك، وكل ما فرض الله فهو من حرمات اللّه، والحرمة ما وجب القيام به وحرم تركه والتفريط فيه.
وموضع (ذلك) رفع، المعنى الأمر ذلك.
وقوله: {وأحلّت لكم الأنعام إلّا ما يتلى عليكم}.
" ما " في موضع نصب أي إلا ما يتلى عليكم من الميتة والدم والمنخنقة والموقوذة وسائر ما تلي تحريمه.
وقوله: {فاجتنبوا الرّجس من الأوثان}. " من " ههنا لتخليص جنس من أجناس.
المعنى فاجتنبوا الرجس الذي هو وثن.
وقوله: {واجتنبوا قول الزّور}.
الزور الكذب، وقيل إنه ههنا الشرك باللّه، وقيل أيضا شهادة الزور.
وهذا كله جائز.
والآية تدل - واللّه أعلم - على أنهم نهوا أن يحرموا ما حرم أصحاب الأوثان نحو قولهم: {ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا}، ونحو نحرهم البحيرة والسائبة، فأعلمهم اللّه أنّ الأنعام محللة إلّا ما حرّم اللّه منها، ونهاهم الله عن قول الزور أن يقولوا هذا حلال وهذا حرام ليفتروا على اللّه كذبا). [معاني القرآن: 3/425-424]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ذلك من يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه}
قال مجاهد الحج والعمرة
وقال عطاء المعاصي
قال أبو جعفر القولان يرجعان إلى شيء واحد إلا أن حرمات الله جل وعز ما فرضه وأمر به ونهى عنه فلا ينبغي أن يتجاوز كأنه الذي يحرم تركه). [معاني القرآن: 4/404]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وأحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم}
قيل الصيد للمحرم
وروى معمر عن قتادة قال الميتة وما لم يذكر اسم الله عليه
وقال غيره هو ما يتلى في سورة المائدة من قوله جل وعز: {حرمت عليكم الميتة الدم ولحم الخنزير} إلى قوله: {وما أكل السبع إلا ما ذكيتم}
قال أبو جعفر وقول قتادة جامع لهذا لأن هذه المحرمات أصناف الميتة). [معاني القرآن: 4/405-404]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {فاجتنبوا الرجس من الأوثان}
الرجس النتن ومن ههنا لبيان الجنس أي الذي هو وثن). [معاني القرآن: 4/405]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (ثم قال جل وعز: {واجتنبوا قول الزور}
قال عبد الله بن مسعود عدل الله عز وجل شهادة الزور بالشرك ثم تلا هذه الآية
وقال مجاهد الزور الكذب
وقيل الشرك، والمعاني متقاربة وكل كذب زور وأعظم ذلك الشرك
والذي يوجب حقيقة المعنى لا تحرموا ما كان أهل الأوثان يحرمونه من قولهم: {ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا} ومن تحريم السائبة وما أشبه ذلك من الزور كما قال تعالى: {افتراء على الله} ). [معاني القرآن: 4/406-405]

تفسير قوله تعالى: {حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (31)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {حنفاء للّه} [الحج: 31] مخلصين للّه.
وقال بعضهم: حجّاجًا، أي: للّه مخلصين.
{غير مشركين به} [الحج: 31] قوله: {ومن يشرك باللّه فكأنّما خرّ من السّماء} [الحج: 31] في البعد من اللّه.
{فتخطفه الطّير أو تهوي به الرّيح} [الحج: 31] يعني تذهب به الرّيح.
{في مكانٍ} [الحج: 31] يعني تذهب به الرّيح.
تفسير السّدّيّ.
{سحيقٍ} [الحج: 31] قال مجاهدٌ: بعيدٌ.
[تفسير القرآن العظيم: 1/370]
وقال الحسن: شبّه اللّه أعمال المشركين بالشّيء يخرّ من السّماء فتخطفه الطّير، فلا يصل إلى الأرض.
أو تهوي به الرّيح في مكانٍ سحيقٍ، يعني بعيدٍ فيذهب فلا يوجد له أصلٌ، ولا يرى له أثرٌ.
يعني أنّه ليس لأعمال المشركين عند اللّه قرارٌ لهم به عنده خيرٌ في الآخرة). [تفسير القرآن العظيم: 1/371]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فتخطفه الطّير...}

ممّا ردّ من يفعل على فعل. ولو نصبتها فقلت: فتخطفه الطير كان وجهاً. والعرب قد تجيب بكأنّما. وذلك أنها في مذهب يخيّل إليّ وأظنّ فكأنها مردودة على تأويل (أنّ) ألا ترى أنك تقول: يخيّل إليّ أن تذهب فأذهب معك. وإن شئت جعلت في (كأنّما) تأويل جحد؛ كأنك قلت: كأنك عربيّ فتكرم، والتأويل: لست بعربيّ فتكرم). [معاني القرآن: 2/225]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {سحيقٍ} والسحيق البعيد وهو من قولهم أبعده الله وأسحقه وسحقته الريح، ومنه نخلة سحوقٌ أي طويلة ويقال: بعد وسحقٌ وقال ابن قيس الرقيات:
كانت لنا جارةً فأزعجها=قاذورةٌ يسحق النّوى قدما
وقالوا: يسحق، والقاذورة: المتقذر الذي لا يخالط الناس لا تراه إلا معتزلاً من الناس، والنوى: من السفر). [مجاز القرآن: 2/50]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( (السحيق): البعيد). [غريب القرآن وتفسيره: 261]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ومن يشرك باللّه فكأنّما خرّ من السّماء} هذا مثل ضربه اللّه لمن أشرك به، في هلاكه وبعده من الهدى.
(السحيق) البعيد. ومنه يقال: بعدا وسحقا، وأسحقه اللّه). [تفسير غريب القرآن: 293]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {حنفاء للّه غير مشركين به ومن يشرك باللّه فكأنّما خرّ من السّماء فتخطفه الطّير أو تهوي به الرّيح في مكان سحيق}
{حنفاء للّه} منصوب على الحال، وتأويله مسلمين لا يميلون إلى دين غير الإسلام.
وقوله: {غير مشركين به ومن يشرك باللّه فكأنّما خرّ من السّماء فتخطفه الطّير}.
ويقرأ فتخطفه الطير وفتخطّفه. وقرأ الحسن فتخطّفه بكسر التاء والخاء والطاء.
فمن قرأ فتخطفه بالتخفيف فهو من خطف يخطف، والخطف الأخذ بسرعة، ومن قرأ فتخطّفه - بكسر الطاء والتشديد - فالأصل فتختطفه فأدغم التاء في الطاء وألقى حركة التاء على الخاء ففتحها، ومن قال بكسر الخاء والطاء، كسر الخاء لسكونها وسكون الطاء، ومن كسر التاء والخاء والطاء - وهي قراءة الحسن - فهو على أن الأصل تختطفه.
وهذا مثل ضربه الله للكافر في بعده عن الحق - فأعلم اللّه أن بعد من أشرك به من الحق كبعد من خرّ من السماء فذهبت به الطير أو هوت به الريح في مكان سحيق -
أي: بعيد ). [معاني القرآن: 3/425]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {حنفاء لله غير مشركين به} قال مجاهد أي متبعين ثم قال جل وعز: {ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير} أي: هو في البعد من الحق كذي
يقال خطفه يخطفه واختطفه يختطفه إذا أخذه بسرعة). [معاني القرآن: 4/407-406]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {أو تهوي به الريح في مكان سحيق} قال مجاهد أي بعيد). [معاني القرآن: 4/407]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (والسحيق): البعيد). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 160]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {السَّحِيقُ}: البعـيد). [العمدة في غريب القرآن: 213]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ذلك ومن يعظّم شعائر اللّه فإنّها من تقوى القلوب} [الحج: 32] يعني من إخلاص القلوب.
تفسير السّدّيّ.
وتفسير مجاهدٍ: استعظام البدن واستحسانها واستسمانها.
- قال: وحدّثني الفرات بن سلمان، عن عبد الكريم الجزريّ، عن طارق بن أحمد قال: كنت عند ابن عمر إذ جاءه رجلٌ فقال: يا أبا عبد الرّحمن أيّ الشّعائر أعظم؟ قال: أو في شكٍّ أنت منه؟ هذا أعظم الشّعائر، يعني البيت.
وتفسير الحسن: شعائر اللّه، دين اللّه كلّه). [تفسير القرآن العظيم: 1/371]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فإنّها من تقوى القلوب...}

يريد: فإن الفعلة؛ كما قال {إنّ ربّك من بعدها لغفورٌ رحيمٌ} ومن بعده جائز. ولو قيل: فإنه من تقوى القلوب كان جائزاً). [معاني القرآن: 2/225]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله: {ذلك ومن يعظّم شعائر اللّه فإنّها من تقوى القلوب}
شعائر اللّه المعالم التي ندب إليها وأمر بالقيام بها، واحدتها شعيرة.
فالصفا والمروة من شعائر اللّه، " الذي يعنى به هنا البدن). [معاني القرآن: 3/426]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ذلك ومن يعظم شعائر الله}
قال مجاهد عن ابن عباس هو تسمين البدن وتعظيمها وتحسينها
وقال غيره شعائر الله رمي الجمار وما أشبه ذلك من مناسك الحج
قال أبو جعفر وهذا لا يمتنع وهو مذهب مالك بن أنس أن المنفعة بعرفة إلى أن يطلع الفجر من يوم النحر وفي المشعر الحرام إلى أن تطلع الشمس وفي رمي الجمار إلى انقضاء أيام منى وهذه كلها شعائر والمنفعة فيها إلى وقت معلوم ثم محلها كلها إلى البيت العتيق فإذا طاف الحاج بعد هذه المشاعر بالبيت العتيق فقد حل، وواحد الشعائر شعيرة لأنها أشعرت أي جعلت فيها علامة تدل على أنها هدي
ثم قال تعالى: {فإنها من تقوى القلوب} أي فإن الفعلة). [معاني القرآن: 4/408-407]

تفسير قوله تعالى: {لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (33)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {لكم فيها منافع إلى أجلٍ مسمًّى} [الحج: 33]
- حدّثني يحيى، قال: حدّثني المعلّى، عن محمّد بن عبيد اللّه، عن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: الأجل المسمّى إلى أن تقلّد وتشعر.
هي البدن ينتفع بظهورها ويستعان بها.
{ثمّ محلّها} [الحج: 33] إذا قلّدت وأشعرت.
{إلى البيت العتيق} [الحج: 33] وقال السّدّيّ: {لكم فيها منافع إلى أجلٍ مسمًّى} [الحج: 33] يقول: إلى أن تقلّد فإذا قلّدت لم تركب لها ظهورٌ، ولم يشرب لها لبنٌ.
نا حمّادٌ، عن عبد اللّه بن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قال: هي البدن ينتفع بها حتّى تقلّد.
[تفسير القرآن العظيم: 1/371]
- نا هشامٌ وهمّامٌ، عن قتادة، عن أنس بن مالكٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم رأى رجلًا يسوق بدنةً فقال: " اركبها، قال: إنّها بدنةٌ، قال: اركبها، قال: إنّها بدنةٌ، قال: اركبها، قال: إنّها بدنةٌ، قال: اركبها ويلك أو ويحك ".
- نا خداشٌ، عن حميدٍ الطّويل، عن ثابتٍ البنانيّ، عن أنس بن مالكٍ: " أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم رأى رجلًا يسوق بدنةً قد جهده المشي....
اركبها.
قال: إنّها بدنةٌ.
قال: اركبها وإن كانت ".
نا المعلّى، عن حميدٍ الطّويل، عن أنس بن مالكٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم نحوه.
- نا نصر بن طريفٍ، عن عبد اللّه بن أبي نجيحٍ، عن عطاءٍ قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يحمل على بدنه الرّجل العقب.
- نا ابن لهيعة، عن أبي الزّبير قال: سئل جابر بن عبد اللّه عن ركوب البدنة فقال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «اركبها بالمعروف حتّى تجد ظهرًا».
حدّثني حمّادٌ، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: البدنة، إن احتاج سائقها فإنّه يركبها غير فادحٍ، ويشرب من فضل ريّ فصيلها.
- حدّثنا هشامٌ وهمّامٌ، عن قتادة، عن أبي حسّانٍ الأعرج، عن ابن عبّاسٍ قال: دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ببدنةٍ عند صلاة الظّهر، ثمّ دعا بنعلٍ فقلّدها، ثمّ أشعرها في جانب سنامها الأيمن، ثمّ سلت عنها الدّم، ثمّ صلّى صلاة الظّهر، ثمّ ركب راحلته حتّى إذا استوت به البيداء أهلّ.
[تفسير القرآن العظيم: 1/372]
- وحدّثنا عثمان، عن نافعٍ، عن ابن عمر أنّه كان إذا أشعر بدنته أشعرها من جانب السّنام الأيسر إلا القلوصين الصّعبين فإنّه كان يطعنهما بالحربة هذا من الأيمن وهذا من الأيسر يقرنهما، فيطعن بالحربة هذا هكذا وهذا هكذا ويستقبل بهما القبلة ويقول: بسم اللّه واللّه أكبر إذا أشعرهما.
- نا عثمان، عن عائشة ابنة سعد بن مالكٍ أنّ أباها كان يقلّد نعلًا.
- نا حمّادٌ، عن أيّوب، عن نافعٍ، عن عبد اللّه بن عمر قال: كلّ هديٍ لا يوقف به بعرفة فهو أضحيةٌ.
- نا حمّادٌ، عن الحجّاج بن أرطأة، عن عطاءٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وقف بالبدن بعرفة.
قوله: {ثمّ محلّها إلى البيت العتيق} [الحج: 33]
نا حمّادٌ، عن قيس بن سعدٍ، عن عطاءٍ قال: كلّ هديٍ دخل الحرم ثمّ عطف فقد بلغ محلّه إلا هدي المتعة فإنّه لا بدّ له من أن يهريق دمًا يوم النّحر.
نا الرّبيع بن صبيحٍ، عن عطاءٍ قال: كلّ هديٍ قدم مكّة فإنّه ينحره حيث شاء من مكّة إلا هدي المتعة فإن نحره كان عليه الهدي يوم النّحر، وإن قدم في عشر ذي الحجّة فليس له أن ينحره دون يوم النّحر إلا أن يخاف أن يعطب فينحره وقد أجزأ عنه، إلا هدي المتعة وهدي المحصر بالحجّ.
- نا عبد اللّه بن عمر، عن نافعٍ، عن ابن عمر قال: إذا أعطبت البدنة فإن شاء أبدلها وإن شاء لم يبدلها إلا نذرًا أو جزاء صيدٍ.
وعطبت بدنةٌ لابن عمر فأكل منها.
[تفسير القرآن العظيم: 1/373]
- نا حمّادٌ، عن حمّادٍ، عن إبراهيم، عن الأسود بن يزيد، عن عائشة قالت: إذا عطب الهدي فكلوه ولا تدعوه للكلاب والسّباع.
فإن كان واجبًا فاهدوا مكانه هديًا آخر، وإن كان تطوّعًا فإن شئتم فاهدوا، وإن شئتم فلا تهدوا.
- نا حمّادٌ، عن أبي التّيّاح، عن موسى بن سلمة، عن ابن عبّاسٍ، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بعث بالبدن مع رجلٍ وأمره فيها بأمرٍ.
فلمّا قفّى رجع فقال: يا رسول اللّه ما أصنع بما أزحف عليّ منها؟ قال: انحرها واصبغ نعالها في دمائها ثمّ اضرب به صفحتها اليمنى، ربّما قال حمّادٌ: اليمنى وربّما لم يقل، ولا تأكل منها أنت ولا أهل رفقتك وحل بينها وبين النّاس يأكلونها.
قال يحيى: وهذا في التّطوّع.
- وكذلك حدّثني ابن أبي ذئبٍ، عن يزيد بن أبي حبيبٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: في البدنة التّطوّع إذا أصيبت ينحرها، ويجعل أخفافها في دمها، ولا يأكل منها.
- حدّثني إبراهيم بن محمّدٍ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ أنّ عمر بن الخطّاب قال: إذا أكلت من التّطوّع فأبدل). [تفسير القرآن العظيم: 1/374]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {لكم فيها منافع إلى أجلٍ مّسمًّى...}

يعني البدن. يقول: لكم أن تنتفعوا بألبانها وركوبها إلى أن تسمّى أو تشعر فذلك الأجل المسمّي.
وقوله: {ثمّ محلّها إلى البيت العتيق} ما كان من هدىٍ للعمرة أو للنذر فإذا بلغ البيت نحر. وما كان للحجّ نحر بمنى. جعل ذلك بمنى لتطهر مكّة.
وقوله: {العتيق} أٌعتق من الجبابرة. ... حدثني حبّان عن الكلبيّ عن أبي صالح عن ابن عبّاس قال: العتيق: أعتق من الجبابرة. ويقال: من الغرق زمن نوح). [معاني القرآن: 2/225]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {لكم فيها منافع إلى أجل مسمّى ثمّ محلّها إلى البيت العتيق }
يعنى أن لكم في البدن - قبل أن تعلموها، وتسموها هديا إلى بيتي - منافع.
فإذا أشعرتموها - والإشعار أن يشق في السنام حتى يدمى ويعلق عليها نعلا ليعلم أنها بدنة، فأكثر النّاس لا يرى الانتفاع بها إذا جعلت بدنة، لا بلبنها ولا بوبرها ولا بظهرها، يقول لا يعطى لبنها ووبرها وظهرها أحدا لأنها بدنة فلا ينتفع بها غير أهل اللّه إلاّ عند الضرورة المخوف معها الموت.
وبعضهم يقول: إنّ له أن ينتفع بها فيركبها المعيي وينتفع بمنافعها إلى وقت محلها - مكان نحرها -.
والحجة في ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرّ برجل يسوق بدنة فأمره - صلى الله عليه وسلم - بركوبها، فقال: إنها بدنة فأمره الثانية وأمره الثالثة، وقال له في الثالثة: اركبها ويحك، فهذا - يجوز أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - رآه مضطرا في ركوبها من شدة الإعياء، وجائز على ظاهر الحديث أن يكون ركوبها جائزا.
ومن أجاز ركوبها والانتفاع بها يقول: ليس له أن يهزلها وينضيها لأنها بدنة). [معاني القرآن: 3/426]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {لكم فيها منافع إلى أجل مسمى}
قال أبو جعفر في هذا قولان غير قول مالك
أحدهما أن عروة قال في البدن المقلدة يركبها ويشرب من ألبانها
والثاني قال مجاهد هي البدن من قبل أن تقلد ينتفع بركوبها وأوبارها وألبانها وإذا صارت هديا لم يكن له أن يركبها إلا من ضرورة
قال أبو جعفر وقول مجاهد عند قوم أولى لأن الأجل المسمى عنده أن تجعل هديا وتقلد والأجل المسمى ليس موجودا في قول عروة
وقد احتج من قال بقول عروة بقول النبي صلى الله عليه وسلم اركبها ويلك
واحتج عليه بأنه لم يقل له وهل يحرم ركوب البدن
ولعل ذلك من ضرورة ويبين هذا حديث ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم اركبوا الهدي بالمعروف حتى تجدوا ظهرا). [معاني القرآن: 4/409-408]

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 30 جمادى الأولى 1434هـ/10-04-2013م, 08:11 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
افتراضي


التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]


تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) }
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (والزور: الباطل والكذب). [إصلاح المنطق: 124]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (ومن حرف من الأضداد، تكون لبعض الشيء، وتكون لكله، فكونها للتبعيض لا يحتاج فيه إلى شاهد، وكونها بمعنى (كل)، شاهده قول الله عز وجل: {ولهم فيها من كل الثمرات}، معناه كل الثمرات، وقوله عز وجل: {يغفر لكم من ذنوبكم}، معناه يغفر لكم ذنوبكم. وقوله عز وجل: {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما}، معناه: وعدهم الله كلهم مغفرة؛ لأنه قدم وصف قوم يجتمعون في استحقاق هذا الوعد. وقول الله عز وجل في غير هذا الموضع: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير}، معناه: ولتكونوا كلكم أمة تدعو إلى الخير، قال الشاعر:

أخو رغائب يعطاها ويسألها = يأبى الظلامة منه النوفل الزفر
أراد: يأبى الظلامة لأنه نوفل زفر. ومستحيل أن تكون
(مِنْ) هاهنا تبعيضا إذ دخلت على ما لا يتبعض، والعرب تقول: قطعت من الثوب قميصا، وهم لا ينوون أن القميص قطع من بعض الثوب دون بعض؛ إنما يدلون بـ(من) على التجنيس، كقوله عز وجل: {فاجتبوا الرجس من الأوثان} معناه: فاجتنبوا الأوثان التي هي رجس، واجتنبوا الرجس من جنس الأوثان؛ إذ كان يكون من هذا الجنس ومن غيره من الأجناس.
وقال الله عز وجل: {وننزل من القرآن ما هو شفاء}، فـ (مِنْ)، ليست هاهنا تبعيضا؛ لأنه لا يكون بعض القرآن شفاء وبعضه غير شفاء، فـ(مِنْ) تحتمل تأويلين: أحدهما التجنيس، أي ننزل الشفاء من جهة القرآن، والتأويل الآخر أن تكون (من) مزيدة للتوكيد، كقوله: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم}، وهو يريد يغضوا أبصارهم، وكقول ذي الرمة:
إذا ما امرؤ حاولن يقتتلنه = بلا إحنة بين النفوس ولا ذحل
تبسمن عن نور الأقاحي في الثرى = وفترن من أبصار مضروجة نجل
أراد: وفترن أبصار مضروجة.
وكان بعض أصحابنا يقول: من ليست مزيدة للتوكيد في قوله: {من كل الثمرات}، وفي قوله: {من أبصارهم} وفي قوله: {يغفر لكم من ذنوبكم}. وقال: أما قوله: {من كل الثمرات}، فإن (من) تبعيض، لأن العموم في جميع الثمرات لا يجتمع لهم في وقت واحد؛ إذ كان قد تقدم منها ما قد أكل، وزال وبقي منها ما يستقبل ولا ينفد أبدا، فوقع التبعيض لهذا المعنى.
قال: وقوله: {يغضوا من أبصارهم} معناه: يغضوا بعض أبصارهم. وقال: لم يحظر علينا كل النظر، إنما حظر علينا بعضه، فوجب التبعيض من أجل هذا التأويل.
قال: وقوله: {يغفر لكم من ذنوبكم} من هاهنا مجنسة، وتأويل الآية: يغفر لكم من إذنابكم، وعلى إذنابكم، أي يغفر لكم من أجل وقوع الذنوب منكم، كما يقول الرجل: اشتكيت من دواء شربته، أي من أجل الدواء.
وقال بعض المفسرين: من في قوله تعالى: {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة} مبعضة، لأنه ذكر أصحاب نبيه صلى الله عليه، وكان قد ذكر
قبلهم الذين كفروا فقال: {إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية}. وقال بعد: {منهم}؛ أي من هذين الفريقين، ومن هذين الجنسين). [كتاب الأضداد: 252-255] (م)

تفسير قوله تعالى: {حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (31) }
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (وقالوا: يَهْوِي: يصعد. ويهوي: ينزل). [الأضداد: 120] (م)
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (الأصمعي: هويت أهوي هويًا إذا سقطت إلى أسفل). [الغريب المصنف: 3/948] (م)

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32) }

تفسير قوله تعالى: {لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (33) }



رد مع اقتباس
  #3  
قديم 19 ذو القعدة 1439هـ/31-07-2018م, 08:39 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 19 ذو القعدة 1439هـ/31-07-2018م, 08:40 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 19 ذو القعدة 1439هـ/31-07-2018م, 08:45 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: "ذلك" يحتمل أن يكون في موضع رفع بتقدير: فرضكم ذلك، أو الواجب ذلك، ويحتمل أن يكون في موضع نصب بتقدير: امتثلوا ذلك ونحو هذا الإضمار، وأحسن الأشياء مضمرا أحسنها مظهرا، ونحو هذه الإشارة البليغة قول زهير:
هذا وليس كمن يعيا بخطته وسط الندي إذا ما ناطق نطقا
و "الحرمات" المقصودة هاهنا هي أفعال الحج المشار إليها في قوله سبحانه وتعالى: {ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم}، ويدخل في ذلك تعظيم المواضع، قاله ابن زيد وغيره، ووعد على تعظيمها بعد ذلك تحريضا وتحريصا، ثم لفظ الآية -بعد ذلك- يتناول كل حرمة لله تعالى في جميع الشرع. وقوله تعالى: "فهو خير" ظاهره أنها ليست للتفضيل، وإنما هي عدة بخير، ويحتمل أن يجعل "خير" للتفضيل على تجوز في هذا الموضع.
وقوله تعالى: {وأحلت لكم الأنعام} إشارة إلى ما كانت العرب تفعله من تحريم أشياء برأيها كالبحيرة والسائبة، فأذهب الله تعالى جميع ذلك وأحل لهم جميع الأنعام إلا ما يتلى عليهم في كتاب الله تبارك وتعالى في غير موضع، ثم أمرهم باجتناب الرجس من الأوثان، والكلام يحتمل معنيين: أحدهما أن تكون "من" لبيان الجنس فيقع
[المحرر الوجيز: 6/243]
نهيه عن رجس الأوثان فقط، وتبقى سائر الأرجاس نهيها في غير هذا الموضع، والمعنى الثاني أن تكون "من" لابتداء الغاية، فكأنه نهاهم عن الرجس عاما ثم عين لهم مبدأه الذي منه يلحقهم؛ إذ عبادة الوثن جامعة لكل فساد ورجس، ويظهر أن الإشارة إلى الذبائح التي كانت للأوثان، فيكون هذا مما يتلى عليهم، ومن قال: إن "من" للتبعيض قلب معنى الآية وأفسده، والمروي عن ابن عباس، وابن جريج أن الآية نهي عن عبادة الأوثان.
و "الزور" عام في الكذب والكفر، وذلك أن كل ما عدا الحق فهو كذب وباطل وزور، وقال ابن مسعود، وأيمن بن خريم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عدلت شهادة الزور بالشرك، وتلا هذه الآية، و"الزور" مشتق من الزور وهو الميل، ومنه في جانب فلان زور، ويظهر أن الإشارة في زور أقوالهم في تحريم وتحليل ما كانوا قد شرعوه في الأنعام). [المحرر الوجيز: 6/244]

تفسير قوله تعالى: {حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (31)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و "حنفاء" معناه: مستقيمين أو مائلين إلى الحق بحسب أن لفظة "الحنف" من الأضداد، تقع على الاستقامة وتقع على الميل. و"حنفاء" نصب على الحال. وقال قوم: "حنفاء" معناه: حجاجا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا تخصيص لا حجة معه.
[المحرر الوجيز: 6/244]
و "غير مشركين" يجوز أن يكون حالا أخرى، ويجوز أن تكون صفة لقوله: "حنفاء".
ثم ضرب الله تعالى مثلا للمشرك بالله سبحانه وتعالى أظهره في غاية السقوط ويحتمل الهول والانبتات من النجاة، بخلاف ما ضرب للمؤمن في قوله تعالى: {فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله}، ومثله قول علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلئن أخر من السماء إلى الأرض أهون علي من أن أكذب عليه، الحديث.
وقرأ نافع وحده: "فتخطفه الطير" بفتح الخاء وشد الطاء على حذف تاء التفعل، وقرأ الباقون: "فتخطفه الطير" بسكون الخاء وتخفيف الطاء، وقرأ الحسن -فيما روي عنه-: "فتخطفه" بكسر التاء والخاء وفتح الطاء مشددة، وقرأ الحسن أيضا وأبو رجاء بفتح التاء وكسر الخاء، والطاء وشدها، وقرأ الأعمش: "من السماء تخطفه" بغير فاء وعلى نحو قراءة الجماعة. وعطف المستقبل على الماضي لأنه بتقدير: فهو نخطفه الطير. وقرأ أبو جعفر: "الرياح".
و "السحيق": البعيد، ومنه قولهم: أسحقه الله، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: فأقول سحقا سحقا، ومنه "نخلة سحوق" للبعيدة في السماء). [المحرر الوجيز: 6/245]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ثم محلها إلى البيت العتيق ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إله واحد فله أسلموا وبشر المخبتين الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم والمقيمي الصلاة ومما رزقناهم ينفقون}
التقدير في هذا الموضع: الأمر ذلك. و"الشعائر" جمع شعيرة، وهي كل شيء لله تعالى فيه أمر أشعر به وأعلم، قالت فرقة: قصد بالشعائر في هذه الآية الهدي والأنعام المشعرة، ومعنى "تعظيمها" التسمين والاهتبال بأمرها والمغالاة بها، قاله ابن عباس، ومجاهد، وجماعة. وعود الضمير في "فإنها" على التعظمة والفعلة التي تضمنها الكلام، وقرئ "القلوب" بالرفع على أنها فاعلة بالمصدر الذي هو "تقوى"). [المحرر الوجيز: 6/246]

تفسير قوله تعالى: {لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (33)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم اختلف المتأولون في قوله تعالى: {لكم فيها منافع} الآية، فقال مجاهد وقتادة: أراد أن للناس في أنعامهم منافع من الصوف واللبن وغير ذلك ما لم يبعثها ربها هديا، فإذا بعثها فهو "الأجل المسمى"، وقال عطاء بن أبي رباح: أراد: لكم في الهدي المبعوث منافع من الركوب والاحتلاب لمن اضطر، و"الأجل المسمى": نحرها، وتكون "ثم" لترتيب الجمل، لأن "المحل" قبل "الأجل"، ومعنى الكلام عند هاتين الفرقتين: ثم محلها إلى موضع النحر، فذكر البيت لأنه أشرف الحرم وهو المقصود بالهدي وغيره، وقال ابن زيد، وابن عمر، والحسن: تلك الشعائر في هذه الآية مواضع الحج كلها ومعالمه بمنى وعرفة والمزدلفة والصفا والمروة والبيت وغير ذلك، وفي الآية التي تأتي أن البدن من الشعائر، و"المنافع": التجارة وطلب الرزق، ويحتمل أن يريد كسب الأجر والمغفرة، وبكل احتمال قالت فرقة، و"الأجل": الرجوع إلى مكة وطواف الإفاضة.
وقوله تعالى: "ثم محلها" مأخوذ من إحلال المحرم معناه، ثم أخر هذا كله إلى طواف الإفاضة بالبيت العتيق، فالبيت -على هذا التأويل- مراد بنفسه، قاله مالك في (الموطأ) ). [المحرر الوجيز: 6/246]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:46 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة