العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة الرعد

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27 ربيع الثاني 1434هـ/9-03-2013م, 04:48 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير سورة الرعد [ من الآية (5) إلى الآية (7) ]

{وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (5) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ (6) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 28 ربيع الثاني 1434هـ/10-03-2013م, 11:28 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (5) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإن تعجب فعجبٌ قولهم أئذا كنّا ترابًا أئنّا لفي خلقٍ جديدٍ، أولئك الّذين كفروا بربّهم، وأولئك الأغلال في أعناقهم، وأولئك أصحاب النّار، هم فيها خالدون} يقول تعالى ذكره: وإن تعجب يا محمّد من هؤلاء المشركين المتّخذين ما لا يضرّ ولا ينفع آلهةً يعبدونها من دوني، فعجبٌ قولهم {أئذا كنّا ترابًا} وبلينا فعدمنا {أئنّا لفي خلقٍ جديدٍ} أئنّا لمجدّدٌ إنشاؤنا وإعادتنا خلقًا جديدًا، كما كنّا قبل وفاتنا؟ تكذيبًا منهم بقدرة اللّه، وجحودًا للثّواب والعقاب والبعث بعد الممات، كما؛ - حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وإن تعجب فعجبٌ} إن عجبت يا محمّد فعجبٌ {قولهم أئذا كنّا ترابًا أئنّا لفي خلقٍ جديدٍ} عجب الرّحمن تبارك وتعالى من تكذيبهم بالبعث بعد الموت

- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {وإن تعجب فعجبٌ قولهم}، قال: إن تعجب من تكذيبهم، وهم قد رأوا من قدرة اللّه وأمره وما ضرب لهم من الأمثال، فأراهم من حياة الموتى في الأرض الميتة، إن تعجب من هذه فتعجّب من قولهم: {أئذا كنّا ترابًا أئنّا لفي خلقٍ جديدٍ} أو لا يرون أنّا خلقناهم من نطفةٍ، فالخلق من نطفةٍ أشدّ أم الخلق من ترابٍ وعظامٍ؟.
واختلف في وجه تكرير الاستفهام في قوله: {أئنّا لفي خلقٍ جديدٍ} بعد الاستفهام الأوّل في قوله: {أءذا كنّا ترابًا} أهل العربيّة، فقال بعض نحويّي البصرة: الأوّل ظرفٌ، والآخر هو الّذي وقع عليه الاستفهام، كما تقول: أيوم الجمعة زيدٌ منطلقٌ؟ قال: ومن أوقع استفهامًا آخر على قوله: أئذا متنا وكنّا ترابًا؟ جعله ظرفًا لشيءٍ مذكورٍ قبله كأنّهم قيل لهم: تبعثون، فقالوا: أءذا كنّا ترابًا؟ ثمّ جعل هذا استفهامًا آخر، قال: وهذا بعيدٌ، قال: وإن شئت لم تجعل في قولك: أئذا استفهامًا، وجعلت الاستفهام في اللّفظ على أئنّا، كأنّك قلت: أيوم الجمعة أعبد اللّه منطلقٌ؟ وأضمر نفيه، فهذا موضعٌ قد ابتدأت فيه أئذا، وليس بكثيرٍ في الكلام لو قلت اليوم: أإنّ عبد اللّه منطلقٌ، لم يحسن، وهو جائزٌ، وقد قالت العرب ما علمت أنّه لصالحٍ تريد: إنّه لصالح ما علمت.
وقال غيره: أئذا جزاءٌ وليست بوقتٍ، وما بعدها جوّابٌ لها إذا لم يكن في الثّاني استفهامٌ والمعنى له لأنّه هو المطلوب، وقال: ألا ترى أنّك تقول: إن تقم يقوم زيدٌ، ويقم من جزمٍ، فلأنّه وقع موقع جواب الجزاء، ومن رفع فلأنّ الاستفهام له، واستشهد بقول الشّاعر:
حلفت له إن تدلج اللّيل لا يزل = أمامك بيتٌ من بيوتي سائر
فجزم جواب اليمين، لأنّه وقع موقع جواب الجزاء، والوجه الرّفع قال: فهكذا هذه الآية قال: ومن أدخل الاستفهام ثانيةً، فلأنّه المعتمد عليه، وترك الجزء الأوّل
وقوله: {أولئك الّذين كفروا بربّهم} يقول تعالى ذكره: هؤلاء الّذين أنكروا البعث وجحدوا الثّواب والعقاب، وقالوا {أئذا كنّا ترابًا أئنّا لفي خلقٍ جديدٍ} هم الّذين جحدوا قدرة ربّهم وكذّبوا رسوله، وهم الّذين في أعناقهم الأغلال يوم القيامة في نار جهنّم، فأولئك أصحاب النّار، يقول: هم سكّان النّار يوم القيامة، {هم فيها خالدون} يقول: هم فيها ماكثون أبدًا، لا يموتون فيها، ولا يخرجون منها). [جامع البيان: 13/432-434]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وإن تعجب فعجبٌ قولهم أئذا كنّا ترابًا أئنّا لفي خلقٍ جديدٍ أولئك الّذين كفروا بربّهم وأولئك الأغلال في أعناقهم وأولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون (5)
قوله تعالى: وإن تعجب
- حدّثنا عليّ بن الحسن، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد بن بشيرٍ عن قتادة قوله: وإن تعجب يا محمّدٌ فعجبٌ قولهم. وكان الحسن يقول: إن تعجب يا محمّدٌ من تكذيبهم إيّاك فعجبٌ قولهم.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ بن الفرج قال سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول اللّه تعالى: وإن تعجب فعجبٌ قولهم قال: إن تعجب من تكذيبهم وهم رأوا من قدرة اللّه وأمره وما ضرب لهم من الأمثال، وأراهم من إحياء الموتى والأرض الميتة إن تعجب من هذا فتعجّب من قولهم.
قوله: فعجبٌ قولهم.
- حدّثنا عليّ بن الحسن، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد بن بشيرٍ عن قتادة قوله: فعجبٌ قولهم: عجب الرّحمن من تكذيبهم بالبعث.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ قال: سمعت عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم في قول اللّه: وإن تعجب فعجبٌ قولهم قال: إن تعجب من تكذيبهم فتعجّب من قولهم؟ إذا كنا ترابا أإنا لفي خلقٍ جديدٍ أولا يرون أنّ خلقهم من نطفةٍ فالخلق من نطفةٍ أشدّ من الخلق من التراب وأعظم
قوله: أإذا كنا ترابا أإنا لفي خلقٍ جديدٍ.
- حدّثنا عبد اللّه بن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامر بن الفرات عن أسباطٍ عن السّدّيّ: أإذا كنّا ترابًا: فكانت اللّحوم رفاتًا.
قوله: أولئك الّذين كفروا بربّهم وأولئك الأغلال في أعناقهم.
- حدّثني أبي، ثنا عمرو بن رافعٍ، ثنا نعيم بن ميسرة القاريّ عن عيينة بن حصن عن الحسين قال: إنّ الأنكال لم تجعل في أعناق أهل النّار لأنّهم أعجزوا الرّبّ، ولكنّها جعلت في أعناقهم لكي إذا طفا بهم اللّهب أرسبتهم في النّار.
قوله: وأولئك أصحاب النّار.
- حدّثنا موسى بن أبي موسى، ثنا هارون بن حاتمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن أبي حمّادٍ عن أسباطٍ عن السّدّيّ عن أبي مالكٍ قوله: أصحاب النّار: يعذّبون فيها.
قوله: هم فيها خالدون.
- حدّثنا محمّد بن يحيى، ثنا أبو غسّان بن سلمة بن الفضل قال: قال محمّد بن إسحاق: حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ عن سعيد بن جبيرٍ وعكرمة عن ابن عبّاسٍ قوله: هم فيها خالدون: أي خالدٌ أبدًا. وروي عن السّدّيّ نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 7/2221-2222]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله الأغلال واحدها غلٌّ ولا تكون إلّا في الأعناق هو قول أبي عبيدة أيضًا). [فتح الباري: 8/373]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 5.
أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن - رضي الله عنه - في قوله {وإن تعجب فعجب قولهم} قال: إن تعجب يا محمد من تكذيبهم إياك {فعجب قولهم}). [الدر المنثور: 8/370]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد - رضي الله عنه - في الآية قال: إن تعجب من تكذيبهم وهم رأوا من قدرة الله وأمره وما ضرب لهم من الأمثال وأراهم حياة الموتى والأرض الميتة فتعجب من قولهم {أئذا كنا ترابا أئنا لفي خلق جديد} أو لا يرون أنه خلقهم من نطفة أشد من الخلق من تراب وعظام). [الدر المنثور: 8/371]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {وإن تعجب فعجب قولهم} قال: عجب الرحمن من تكذيبهم بالبعث). [الدر المنثور: 8/371]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأمّا قوله تعالى: {وأولئك الأغلال في أعناقهم}.
أخرج ابن أبي شيبة، وابن أبي حاتم والخطيب عن الحسن - رضي الله عنه - قال: إن الأغلال لم تجعل في أعناق أهل النار لأنهم أعجزوا الرب ولكنها جعلت في أعناقهم لكي إذا طغا بهم اللهب أرسبتهم في النار). [الدر المنثور: 8/371]

تفسير قوله تعالى: (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ (6) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى ويستعجلونك
[تفسير عبد الرزاق: 1/331]
بالسيئة قبل الحسنة قال بالعقوبة قبل العافية). [تفسير عبد الرزاق: 1/332]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى وقد خلت من قبلهم المثلات قال العقوبات). [تفسير عبد الرزاق: 1/332]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال غيره: {المثلات} [الرعد: 6] : «واحدها مثلةٌ، وهي الأشباه والأمثال» ، وقال: {إلّا مثل أيّام الّذين خلوا} [يونس: 102] ). [صحيح البخاري: 6/78]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال غيره متجاورات متداينات وقال غيره المثلات واحدها مثلةٌ وهي الأمثال والأشباه وقال إلّا مثل أيّام الّذين خلوا هكذا وقع في رواية أبي ذرٍّ ولغيره وقال غيره سخّر ذلّل متجاوراتٍ متدانياتٍ المثلات وأحدها مثلة إلى آخره فجعل الكل لقائل واحدٍ). [فتح الباري: 8/371] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (وقال في قوله وقد خلت من قبلهم المثلات قال الأمثال والأشباه والنّظير وروى الطّبريّ من طريق بن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ في قوله المثلات قال الأمثال ومن طريق معمرٍ عن قتادة قال المثلات العقوبات ومن طريق زيد بن أسلم المثلات ما مثّل اللّه به من الأمم من العذاب وهو جمع مثلةٍ كقطع الأذن والأنف تنبيهٌ المثلات والمثلة كلاهما بفتح الميم وضمّ المثلّثة مثل سمرةٍ وسمراتٍ وسكّن يحيى بن وثّابٍ المثلّثة في قراءته وضمّ الميم وكذا طلحة بن مصرّفٍ لكن فتح أوّله وقرأ الأعمش بفتحهما وفي رواية أبي بكر بن عيّاشٍ بضمّهما وبهما قرأ عيسى بن عمر). [فتح الباري: 8/371]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (المثلات واحدها مثلةٌ وهي الأشباه والأمثال
أشار به إلى قوله تعالى: {وقد خلت من قبلهم المثلات} (الرّعد: 6) أي: وقد مضت من قبلهم من الأمم الّتي عصت ربها، وكذبت رسلها بالعقوبات، والمثلات واحدها مثلة، بفتح الميم وضم الثّاء مثل صدقة وصدقات، وفسّر المثلات بقوله: (وهي الأشباه والأمثال) وروي الطّبريّ من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: (المثلات) قال: الأمثال: ومن طريق معمر عن قتادة قال: المثلات العقوبات، ومن طريق زيد بن أسلم قال: المثلات ما مثل الله به من الأمم من العذاب، وسكن يحيى بن وثاب الثّاء في قراءته وضم الميم، وقرأ طلحة بن مصرف بفتح الميم وسكون الثّاء، وقرأ الأعمش بفتحهما وفي رواية عن أبي بكر ابن عيّاش ضمهما، وبه قرأ عيسى بن عمر). [عمدة القاري: 18/310]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({المثلات}) في قوله: {وقد خلت من قبلهم المثلات} [الرعد: 6] ولأبي ذر وقال غيره المثلات (واحدها مثلة) بفتح الميم وضم المثلثة كسمرة وسمرات (وهي الأشباه والأمثال) قال أبو عبيدة وعند الطبري من طريق معمر عن قتادة قال: المثلات العقوبات. وقال ابن عباس: العقوبات المستأصلات كمثلة قطع الأذن والأنف ونحوهما وسميت بذلك لما بين العقاب والمعاقب من المماثلة كقوله: {وجزاء سيئة سيئة مثلها} [الشورى: 40] (وقال) تعالى: ({إلا مثل أيام الذين خلوا}) [يونس: 102] ). [إرشاد الساري: 7/183]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قول تعالى: {ويستعجلونك بالسّيّئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات وإنّ ربّك لذو مغفرةٍ للنّاس على ظلمهم وإنّ ربّك لشديد العقاب}.
يقول تعالى ذكره: ويستعجلونك يا محمّد مشركو قومك بالبلاء والعقوبة قبل الرّخاء والعافية، فيقولون: {اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارةً من السّماء أو ائتنا بعذابٍ أليمٍ} وهم يعلمون ما حلّ بمن خلا قبلهم من الأمم الّتي عصت ربّها، وكذّبت رسلها من عقوبات اللّه وعظيم بلائه، فمن بين أمّةٍ مسخت قردةً وأخرى خنازير، ومن بين أمّةٍ أهلكت بالرّجفة، وأخرى بالخسف، وذلك هو المثلات الّتي قال اللّه جلّ ثناؤه {وقد خلت من قبلهم المثلات}.
والمثلات: العقوبات المنكلات، والواحدة منها: مثلةٌ بفتح الميم وضمّ الثّاء، ثمّ تجمع مثلاتٍ كما واحدة الصّدقات صدقةٌ، ثمّ تجمع صدقاتٍ، وذكر أنّ تميمًا من بين العرب تضمّ الميم والثّاء جميعًا من المثلات، فالواحدة على لغتهم منها مثلةٌ، ثمّ تجمع على مثلاتٍ، مثل غرفةٍ وغرفاتٍ، والفعل منه: مثلت به أمثل مثلاً، بفتح الميم وتسكين الثّاء، فإذا أردت أنّك أقصصته من غيره، قلت: أمثلته من صاحبه أمثله أمثالاً، وذلك إذا أقصصته منه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وقد خلت من قبلهم المثلات}: وقائع أمّةٍ في الأمم فيمن خلا قبلكم
وقوله: {ويستعجلونك بالسّيّئة قبل الحسنة} وهم مشركو العرب، استعجلوا بالشّرّ قبل الخير، وقالوا: {اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارةً من السّماء أو ائتنا بعذابٍ أليمٍ}.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {ويستعجلونك بالسّيّئة قبل الحسنة} قال: بالعقوبة قبل العافية {وقد خلت من قبلهم المثلات} قال: العقوبات
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ، قال: حدّثنا شبابة، قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {المثلات} قال: الأمثال.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ.
- وحدّثني المثنّى: قال: حدّثنا إسحاق قال: حدّثنا عبد اللّه، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {وقد خلت من قبلهم المثلات} قال: المثلات: الّذي مثّل اللّه في الأمم من العذاب الّذي عذّبهم تولّت المثلات من العذاب، قد خلت من قبلهم، وعرفوا ذلك، وانتهى إليهم ما مثّل اللّه بهم حين عصوه وعصوا رسله
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا سليمٌ، قال: سمعت الشّعبيّ، يقول في قوله: {وقد خلت من قبلهم المثلات} قال: القردة والخنازير هي المثلات.
وقوله: {وإنّ ربّك لذو مغفرةٍ للنّاس على ظلمهم} يقول تعالى ذكره: وإنّ ربّك يا محمّد لذو سترٍ على ذنوب من تاب من ذنوبه من النّاس، فتاركٌ فضيحته بها في موقف القيامة، وصافحٌ له عن عقابه عليها عاجلاً وآجلاً {على ظلمهم}، يقول: على فعلهم ما فعلوا من ذلك بغير إذنٍ لهم بفعله {وإنّ ربّك لشديد العقاب} لمن هلك مصرًّا على معاصيه في القيامة، إن لم يعجّل له ذلك في الدّنيا، أو يجمعهما له في الدّنيا والآخرة.
وهذا الكلام وإن كان ظاهره ظاهر خيرٍ، فإنّه وعيدٌ من اللّه وتهددٌ للمشركين من قوم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، إن هم لم ينيبوا ويتوبوا من كفرهم قبل حلول نقمة اللّه بهم
- حدّثني عليّ بن داود، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {وإنّ ربّك لذو مغفرةٍ للنّاس} يقول: ولكنّ ربّك). [جامع البيان: 13/434-437]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ويستعجلونك بالسّيّئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات وإنّ ربّك لذو مغفرةٍ للنّاس على ظلمهم وإنّ ربّك لشديد العقاب (6)
قوله تعالى: يستعجلونك بالسّيّئة قبل الحسنة
- حدّثنا عليّ بن الحسن، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد بن بشيرٍ عن قتادة قوله: ويستعجلونك قال: هؤلاء مشركوا العرب استعجلوا بالشّرّ قبل الخير.
فقالوا: اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارةً من السّماء أو ائتنا بعذاب أليم.
- أخبرنا أبو عبد اللّه الطّهرانيّ فيما كتب إليّ، ثنا عبد الرّزّاق، ثنا معمرٌ عن قتادة ويستعجلونك بالسّيّئة قبل الحسنة قال: بالعقوبة قبل العافية.
- حدّثنا عبد اللّه عن سليمان، ثنا الحسين بن عليٍّ، ثنا عامرٌ، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قوله: ويستعجلونك بالسّيّئة قبل الحسنة قال: حين سألوا العذاب.
قوله: وقد خلت من قبلهم.
- حدّثنا موسى بن أبي موسى، ثنا هارون بن حاتمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن أبي حمّادٍ عن أسباطٍ عن السّدّيّ عن أبي مالكٍ قوله: خلت يعني مضت.
قوله: المثلات.
[الوجه الأول]
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ، ثنا بشرٌ بن عمارة عن أبي روقٍ عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ في قوله: وقد خلت من قبلهم المثلات قال: ما أصاب القرون الماضية من العذاب.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا الحجّاج بن حمزة، ثنا شبانة، ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ وقد خلت من قبلهم المثلات قال: الأمثال.
وروي عن أبي صالحٍ نحو ذلك.
- أخبرنا أبو يزيد القراطيسيّ فيما كتب إليّ، ثنا أصبغ بن الفرج قال سمعت عبد الرّحمن بن زيدٍ في قول اللّه وقد خلت من قبلهم المثلات قال: المثلاث التي مثل الله لم من الأمم من العذاب الّذي عذّبهم نزلت بهم المثلات من العذاب قد خلت من قبلهم وعرفوا ذلك وانتهى ما مثّل اللّه بهم حين عصوه وعصوا رسله.
قوله: وإنّ ربّك لذو مغفرةٍ للنّاس على ظلمهم.
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن سفيان الخزّاز الكوفيّ، ثنا عماد بن زيدٍ عن عليّ بن زيدٍ قال: تلا مطرّف هذه الآية وإنّ ربّك لذو مغفرةٍ للنّاس على ظلمهم ثمّ قال مطرّف: لو يعلم النّاس قدر رحمة اللّه وعفو اللّه وتجاوز اللّه ومغفرة اللّه لقرّت أعينهم.
- حدّثنا أبي، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حمّادٌ عن عليّ بن زيدٍ عن سعيد بن المسيّب قال: لمّا نزلت هذه الآية وإنّ ربّك لذو مغفرةٍ للنّاس على ظلمهم وإنّ ربّك لشديد العقاب قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: لولا عقوبة اللّه وتجاوزه ما هنأ أحدٌ العيش ولولا وعيده وعقابه لا تكل كلّ أحدٍ.
قوله: وإنّ ربّك لشديد العقاب.
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن سفيان الخزّاز الكوفيّ، ثنا حمّاد بن زيدٍ عن عليّ بن زيدٍ بن جدعان قال: تلا مطرّف هذه الآية وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإنّ ربّك لشديد العقاب ولو يعلم النّاس قدر عقوبة اللّه ونقمة اللّه وبأس اللّه، ونكال اللّه ما رقى لهم دمعٌ ولا قرّت أعينهم بشيءٍ). [تفسير القرآن العظيم: 7/2223-2224]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وقد خلت من قبلهم المثلات). [تفسير مجاهد: 324]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 6
أخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة} قال: بالعقوبة قبل العافية {وقد خلت من قبلهم المثلات} قال: وقائع الله في الأمم فيمن خلا قبلهم). [الدر المنثور: 8/372]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال {المثلات} ما أصاب القرون الماضية من العذاب). [الدر المنثور: 8/372]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {وقد خلت من قبلهم المثلات} قال: الأمثال). [الدر المنثور: 8/372-373]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن الشعبي - رضي الله عنه - في قوله {وقد خلت من قبلهم المثلات} قال: القردة والخنازير هي المثلات). [الدر المنثور: 8/373]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - {وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لولا عفو الله وتجاوزه ما هنأ لأحد العيش ولولا وعيده، وعقابه لاتكل كل أحد). [الدر المنثور: 8/373]

تفسير قوله تعالى: (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى ولكل قوم هاد قال نبي يدعوهم إلى الله). [تفسير عبد الرزاق: 1/332]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن منصورٍ عن أبي الضّحى قال: {إنما أنت منذرٌ ولكلّ قومٍ هادٍ} قال: محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلم [الآية: 7].
سفيان [الثوري] عن السّدّيّ عن عكرمة مثله.
سفيان [الثوري] عن أبي رزينٍ عن الضّحّاك: {إنما أنت منذرٌ ولكلّ قومٍ هادٍ} قال: الله تبارك وتعالى.
سفيان [الثوري] عن ليثٍ عن مجاهدٍ: {إنما أنت منذر} يا محمّد {ولكلّ قومٍ هادٍ} قال: النبيين عليهم السلام.
سفيان [الثوري] عن إسماعيل عن أبي صالح في قوله: {إنّما أنت منذرٌ} يا محمد {ولكل قوم هاد} داعي إلى هدى أو ضلالة). [تفسير الثوري: 151]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :(قال ابن عبّاسٍ: {هادٍ} [الرعد: 7] : «داعٍ»). [صحيح البخاري: 6/79]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال ابن عبّاسٍ هادٍ داعٍ كذا في جميع النّسخ وهذه الكلمة إنّما وقعت في السّورة الّتي قبلها في قوله تعالى إنّما أنت منذرٌ ولكل قوم هاد واختلف أهل التّأويل في تفسيرها بعد اتّفاقهم على أنّ المراد بالمنذر محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم فروى الطّبريّ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ في قوله ولكل قوم هاد أي داعٍ ومن طريق قتادة مثله.
ومن طريق العوفيّ عن بن عبّاسٍ قال الهادي اللّه وهذا بمعنى الّذي قبله كأنّه لحظ قوله تعالى واللّه يدعو إلى دار السّلام ويهدي من يشاء ومن طريق أبي العالية قال الهادي القائد ومن طريق مجاهدٍ وقتادة أيضًا الهادي نبيٌّ وهذا أخصّ من الّذي قبله ويحمل القوم في الآية في هذه الأقوال على العموم ومن طريق عكرمة وأبي الضّحى ومجاهدٍ أيضًا قال الهادي محمّدٌ وهذا أخصّ من الجميع والمراد بالقوم على هذا الخصوص أي هذه الأمّة والمستغرب ما أخرجه الطّبريّ بإسنادٍ حسنٍ من طريق سعيد بن جبيرٍ عن بن عبّاسٍ قال لمّا نزلت هذه الآية وضع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يده على صدره وقال أنا المنذر وأومأ إلى عليٍّ وقال أنت الهادي بك يهتدي المهتدون بعدي فإن ثبت هذا فالمراد بالقوم أخصّ من الّذي قبله أي بني هاشمٍ مثلًا وأخرج بن أبي حاتمٍ وعبد اللّه بن أحمد في زيادات المسند وبن مردويه من طريق السّدّيّ عن عبد خيرٍ عن عليٍّ قال الهادي رجلٌ من بني هاشمٍ قال بعض رواته هو عليٌّ وكأنّه أخذه من الحديث الّذي قبله وفي إسناد كلٍّ منهما بعض الشّيعة ولو كان ذلك ثابتًا ما تخالفت رواته). [فتح الباري: 8/375-376]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله
قال ابن عبّاس {هاد} داع وقال مجاهد {صديد} قيح ودم
وقال ابن عيينة {اذكروا نعمة الله عليكم} أيادي الله عندكم وأيامه وقال مجاهد {من كل ما سألتموه} رغبتم إليه فيه {ويبغونها عوجا} تلتمسون لها عوجا
أما قول ابن عبّاس فقال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح ثنا معاوية عن علّي عن ابن عبّاس به). [تغليق التعليق: 4/231-232]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (قال ابن عبّاسٍ: هادٍ داعٍ
أشار به إلى قوله تعالى: {إنّما أنت منذر ولكل قوم هاد} ولكن هذا في سورة الرّعد. والظّاهر أن ذكر هذا هنا من بعض النساخ. وفسّر لفظ: هاد، بقوله: داع، وروى هذا التّعليق الحنظلي عن أبيه: حدثنا أبو صالح حدثنا معاوية عن عليّ عن ابن عبّاس). [عمدة القاري: 19/2]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) :( (قال ابن عباس) -رضي الله عنهما- في قوله تعالى في سورة الرعد: (ولكل قوم ({هاد}) [الرعد: 7] أي (داع) يدعوهم إلى الصواب ويهديهم إلى الحق والمراد نبي مخصوص بمعجزات من جنس ما هو الغالب عليهم، والظاهر أن وقوع ذلك هنا من ناسخ). [إرشاد الساري: 7/187]

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويقول الّذين كفروا لولا أنزل عليه آيةٌ من ربّه، إنّما أنت منذرٌ، ولكلّ قومٍ هادٍ}.
يقول تعالى ذكره: {ويقول الّذين كفروا} يا محمّد من قومك، {لولا أنزل عليه آيةٌ من ربّه} هلاّ أنزل على محمّدٍ آيةٌ من ربّه يعنون: علامةً وحجّةً له على نبوّته، وذلك قولهم: {لولا أنزل عليه كنزٌ، أو جاء معه ملكٌ} يقول اللّه له: يا محمّد {إنّما أنت منذرٌ} لهم، تنذرهم بأس اللّه أن يحلّ بهم على شركهم {ولكلّ قومٍ هادٍ}. يقول ولكلّ قومٍ إمامٌ يأتمّون به وهادٍ يتقدّمهم، فيهديهم إمّا إلى خيرٍ وإمّا إلى شرٍّ، وأصله من هادي الفرس، وهو عنقه الّذي يهدي سائر جسده.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل على اختلافٍ منهم في المعنيّ بالهادي في هذا الموضع، فقال بعضهم: هو رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {ويقول الّذين كفروا لولا أنزل عليه آيةٌ من ربّه} هذا قول مشركي العرب قال اللّه: {إنّما أنت منذرٌ ولكلّ قومٍ هادٍ} لكلّ قومٍ داعٍ ويدعوهم إلى اللّه
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن السّدّيّ، عن عكرمة، ومنصورٍ، عن أبي الضّحى: {إنّما أنت منذرٌ ولكلّ قومٍ هادٍ} قالا: محمّدٌ هو المنذر وهو الهاد.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن السّدّيّ، عن عكرمة، مثله.
- حدّثني الحارث، قال: حدّثنا عبد العزيز، قال: حدّثنا سفيان، عن أبيه، عن عكرمة، مثله.
وقال آخرون: عنى بالهادي في هذا الموضع: اللّه.
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ: {إنّما أنت منذرٌ ولكلّ قومٍ هادٍ} قال: محمّدٌ المنذر، واللّه الهادي
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا أبو عاصمٍ قال: حدّثنا سفيان، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ: {إنّما أنت منذرٌ ولكلّ قومٍ هادٍ} قال: محمّدٌ المنذر، واللّه الهادي
- حدّثنا أبو كريبٍ قال: حدّثنا الأشجعيّ، عن سفيان، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ: {إنّما أنت منذرٌ} قال: أنت يا محمّد منذرٌ، واللّه الهادي
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن عبد الملك، عن قيسٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {إنّما أنت منذرٌ ولكلّ قومٍ هادٍ} قال: المنذر: النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم {ولكلّ قومٍ هادٍ} قال: اللّه هادي كلّ قومٍ.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {إنّما أنت منذرٌ ولكلّ قومٍ هادٍ} يقول: أنت يا محمّد منذرٌ، وأنا هادي كلّ قومٍ
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول: {إنّما أنت منذرٌ ولكلّ قومٍ هادٍ} المنذر: محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم، والهادي: اللّه عزّ وجلّ.
وقال آخرون: الهادي في هذا الموضع معناه نبيٌّ
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، قال: المنذر محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم {ولكلّ قومٍ هادٍ} قال: نبيٌّ
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عنبسة، عن محمّد بن عبد الرّحمن، عن القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهدٍ في قوله: {إنّما أنت منذرٌ ولكلّ قومٍ هادٍ} قال: نبيٌّ.
- قال: حدّثنا جريرٌ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، وعن عبد الملك، عن قيسٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا الحسن بن محمّدٍ قال: حدّثنا أسباط بن محمّدٍ، عن عبد الملك، عن قيسٍ، عن مجاهدٍ في قوله: {إنّما أنت منذرٌ ولكلّ قومٍ هادٍ} قال: لكلّ قومٍ نبيّ، والمنذر: محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم
- قال: حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى قال: حدّثني عبد الملك، عن قيسٍ، عن مجاهدٍ في قول اللّه: {ولكلّ قومٍ هادٍ} قال: نبيٌّ
- قال: حدّثنا شبابة قال: حدّثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {ولكلّ قومٍ هادٍ} يعني: لكلّ قومٍ نبيٌّ
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {ولكلّ قومٍ هادٍ} قال: نبيٌّ
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {ولكلّ قومٍ هادٍ} قال: نبيٌّ يدعوهم إلى اللّه
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {ولكلّ قومٍ هادٍ} قال: لكلّ قومٍ نبيٌّ، الهادي: النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، والمنذر أيضًا: النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وقرأ: {وإن من أمّةٍ إلاّ خلا فيها نذيرٌ} وقال: {نذيرٌ من النّذر الأولى} قال: نبيٌّ من الأنبياء.
وقال آخرون: بل عنى به: ولكلّ قومٍ قائدٌ.
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا جابر بن نوحٍ، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن أبي صالحٍ: {إنّما أنت منذرٌ ولكلّ قومٍ هادٍ} قال: إنّما أنت يا محمّد منذرٌ، ولكلّ قومٍ قادةٌ
- قال: حدّثنا الأشجعيّ قال: حدّثني إسماعيل أو سفيان، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن أبي صالحٍ: {ولكلّ قومٍ هادٍ} قال: لكلّ قومٍ قادةٌ
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، عن أبي العالية: {إنّما أنت منذرٌ ولكلّ قومٍ هادٍ} قال: الهادي: القائد، والقائد: الإمام، والإمام: العمل
- حدّثني الحسن، قال: حدّثنا محمّدٌ وهو ابن يزيد، عن إسماعيل، عن يحيى بن رافعٍ، في قوله: {إنّما أنت منذرٌ ولكلّ قومٍ هادٍ} قال: قائدٌ.
وقال آخرون: هو عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا أحمد بن يحيى الصّوفيّ، قال: حدّثنا الحسن بن الحسين الأنصاريّ، قال: حدّثنا معاذ بن مسلمٍ بياع الهرويّ، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: لمّا نزلت {إنّما أنت منذرٌ ولكلّ قومٍ هادٍ} وضع صلّى اللّه عليه وسلّم يده على صدره، فقال: أنا المنذر {ولكلّ قومٍ هادٍ}، وأومأ بيده إلى منكب عليٍّ فقال: أنت الهادي يا عليٌّ، بك يهتدي المهتدون بعدي.
وقال آخرون: معناه: لكلّ قومٍ داعٍ
ذكر من قال ذلك
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ولكلّ قومٍ هادٍ} قال: داعٍ.
وقد بيّنت معنى الهداية، وأنّه الإمام المتّبع الّذي يقدم القوم فإذا كان ذلك كذلك، فجائزٌ أن يكون ذلك هو اللّه الّذي يهدي خلقه ويتبع خلقه هداه ويأتمّون بأمره ونهيه، وجائزٌ أن يكون نبيّ اللّه الّذي تأتمٌّ به أمّته، وجائزٌ أن يكون إمامًا من الأئمّة يؤتمّ به ويتّبع منهاجه وطريقته أصحابه، وجائزٌ أن يكون داعيًا من الدّعاة إلى خيرٍ أو شرٍّ.
وإذا كان ذلك كذلك فلا قول أولى في ذلك بالصّواب من أن يقال كما قال جلّ ثناؤه: إنّ محمّدًا هو المنذر من أرسل إليه بالإنذار، وإنّ لكلّ قومٍ هاديًا يهديهم فيتّبعونه ويأتمّون به). [جامع البيان: 13/437-443]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ويقول الّذين كفروا لولا أنزل عليه آيةٌ من ربّه إنّما أنت منذرٌ ولكلّ قومٍ هادٍ (7)
قوله: ويقول الّذين كفروا لولا أنزل عليه آيةٌ من ربّه
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو الجماهر، ثنا سعيد بن بشيرٍ عن قتادة: ويقول الّذين كفروا لولا أنزل عليه آيةٌ من ربّه قال: قول مشركي العرب.
قوله: إنّما أنت منذرٌ.
- حدّثنا محمّد بن عبد الرّحمن الهرويّ، ثنا أبو داود الحفريّ عن سفيان الثّوريّ عن السّدّيّ عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ إنّما أنت منذر ولكل قوم هادٍ قال: هو المنذر وهو الهاد يعني النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
وروي عن عليّ بن أبي طالبٍ وسعيد بن جبيرٍ ومجاهدٍ وأبي صالحٍ وعكرمة وأبي الضّحى والسّدّيّ والضّحّاك وأبي جعفرٍ محمّد بن عليٍّ وعبد الرّحمن بن زيدٍ أنّ المنذر النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
قوله: ولكلّ قومٍ هادٍ.
[الوجه الأول]
- حدثنا محمد بن أبو زيد الواسطيّ، ثنا إسحاق بن يوسف الأزرق عن سفيان عن عطاء بن السّائب عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: ولكلّ قومٍ هادٍ قال: الهاد اللّه عزّ وجلّ.
ورواه عطيّة عن ابن عبّاسٍ مثله، وروي عن الضّحّاك أيضًا مثله.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا محمّد بن عبد الرّحمن، ثنا أبو داود الحفريّ، عن سفيان الثّوريّ، عن السّدّيّ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ إنّما أنت منذرٌ ولكلّ قومٍ هادٍ قال: هو المنذر وهو الهاد.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا يعلى عن عبد الملك بن قيسٍ عن مجاهدٍ ولكلّ قومٍ هادٍ قال: نبيٌّ.
وروي عن أبي الضّحى وعكرمة نحو ذلك.
والوجه الثّالث:
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا المطّلب بن زيادٍ عن السّدّيّ عن (عبد خير) عن علي لكل قومٍ هادٍ قال: الهاد رجلٌ من بني هاشم.
قال ابن الجنيد: هو عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه.
وروي عن عبد اللّه بن عبّاسٍ في إحدى الرّوايات وعن أبي جعفرٍ محمّد بن عليٍّ نحو ذلك.
والوجه الرّابع:
- حدّثنا كثير بن شهابٍ، ثنا محمّد بن سعيد بن سابقٍ، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، ثنا إبراهيم بن أنسٍ عن أبي العالية في قوله: إنّما أنت منذرٌ ولكلّ قومٍ هادٍ قال: الهاد القائد، والقائد، الإمام، والإمام العمل.
- حدّثني أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية ابن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: لكل قوم هاد قال: داع.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو أسامة، عن إسماعيل، عن أبي صالحٍ: ولكلّ قومٍ هادٍ قال: قال هاديهم إلى خيرٍ وإلى شرٍّ.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا محمّد بن عبيدٍ، عن إسماعيل، عن يحي بن رافعٍ ولكلّ قومٍ هادٍ قال: قائدٌ). [تفسير القرآن العظيم: 7/2224-2225]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ولكل قوم هاد قال نبي). [تفسير مجاهد: 325]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {إنّما أنت منذرٌ} [الرعد: 7].
- عن عليٍّ - رضي اللّه عنه - «في قوله: {إنّما أنت منذرٌ ولكلّ قومٍ هادٍ} [الرعد: 7] قال رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -: " المنذر والهادي رجلٌ من بني هاشمٍ».
رواه عبد اللّه بن أحمد والطّبرانيّ في الصّغير والأوسط، ورجال المسند ثقاتٌ). [مجمع الزوائد: 7/41]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 7.
أخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله {ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه} قال: هذا قول مشركي العرب {إنما أنت منذر ولكل قوم هاد} لكل قوم داع يدعوهم إلى الله). [الدر المنثور: 8/373]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - {ولكل قوم هاد} قال: داع). [الدر المنثور: 8/374]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله {إنما أنت منذر ولكل قوم هاد} قال: المنذر محمد صلى الله عليه وسلم {ولكل قوم هاد} نبي يدعوهم إلى الله). [الدر المنثور: 8/374]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير - رضي الله عنه - في قوله {إنما أنت منذر ولكل قوم هاد} قال: محمد المنذر والهادي الله عز وجل). [الدر المنثور: 8/374]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله {إنما أنت منذر ولكل قوم هاد} قال: المنذر محمد صلى الله عليه وسلم والله عز وجل هادي كل قوم، وفي لفظ، رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المنذر وهو الهادي). [الدر المنثور: 8/375]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن عكرمة - رضي الله عنه - وأبي الضحى في قوله {إنما أنت منذر ولكل قوم هاد} قالا: محمد صلى الله عليه وسلم هو المنذر وهو الهادي). [الدر المنثور: 8/375]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن مردويه وأبو نعيم في المعرفة والديلمي، وابن عساكر، وابن النجار قال: لما نزلت {إنما أنت منذر ولكل قوم هاد} وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على صدره فقال أنا المنذر وأومأ بيده إلى منكب علي - رضي الله عنه - فقال: أنت الهادي يا علي بك يهتدي المهتدون من بعدي). [الدر المنثور: 8/375]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أبي برزة الأسلمي - رضي الله عنه -: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول {إنما أنت منذر} ووضع يده على صدر نفسه ثم وضعها على صدر علي ويقول: لكل قوم هاد). [الدر المنثور: 8/375]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في الآية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر أنا والهادي علي بن أبي طالب رضي الله عنه). [الدر المنثور: 8/376]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند، وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط والحاكم وصححه، وابن مردويه، وابن عساكر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله {إنما أنت منذر ولكل قوم هاد} قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر وأنا الهادي، وفي لفظ الهادي: رجل من بني هاشم، يعني نفسه). [الدر المنثور: 8/376]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 7 جمادى الأولى 1434هـ/18-03-2013م, 11:33 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي

{وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (5) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ (6) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7)}

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (5)}
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وإن تعجب فعجبٌ قولهم أإذا كنّا تراباً أإنّا لفي خلقٍ جديدٍ أولئك الّذين كفروا بربّهم وأولئك الأغلال في أعناقهم وأولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون}
وقال: {أإذا كنّا تراباً أإنّا لفي خلقٍ جديدٍ} وفي موضع آخر {أإذا كنّا تراباً وآباؤنا أإنّا لمخرجون} فالآخر هو الذي وقع عليه الاستفهام والأول حرف، كما تقول "أيوم الجمعة زيدٌ منطلقٌ". ومن أوقع استفهاما آخر جعل قوله: {أإذا متنا وكنّا تراباً} ظرفا لشيء مذكور قبله، ثم جعل هذا الذي استفهم عنه استفهاما آخر وهذا بعيد.
وإن شئت لم تجعل في قولك (أإذا) استفهاما وجعلت الاستفهام في اللفظ على "أإنّا"، كأنك قلت "يوم الجمعة أعبد الله منطلق" وأضمرت فيه. فهذا موضع قد ابتدأت فيه "إذا" وليس بكثير في الكلام ولو قلت "اليوم إنّ عبد الله منطلقٌ" لم يحسن وهو جائز. وقد قالت العرب "ما علمت إنّه لصالح" يريد: إنّه لصالحٌ ما علمت).[معاني القرآن: 2/55]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وإن تعجب فعجب قولهم أإذا كنّا ترابا أإنّا لفي خلق جديد أولئك الّذين كفروا بربّهم وأولئك الأغلال في أعناقهم وأولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون}هذا خطاب للنبي عليه السلام.
{أإذا كنّا ترابا أإنّا لفي خلق جديد} أي هذا موضع عجب، لأنهم أنكروا البعث، وقد بين لهم من عظم خلق السّماوات والأرض ما يدل على أنّ البعث أسهل في القدرة مما قد تبيّنوا.
فأمّا موضع {أإذا كنّا ترابا أإنّا لفي خلق جديد} فموضع إذا نصب فمن قرأ: {أإذا كنّا ترابا} على لفظ الاستفهام،
ثم قرأ {أإنّا لفي خلق جديد} فإذا منصوبة بمعنى نبعث ويجدّد خلقنا.
المعنى إذا كنا ترابا نبعث ودل على إرادتهم {أإنّا لفي خلق جديد}.
ومن قرأ إذا كنا ترابا إنا لفي خلق جديد أدخل ألف الاستفهام على جملة الكلام، وكانت إذا نصبا بـ (كنّا)، لكن الكلام يكون في معنى الشرط والجزاء،
ولا يجوز أن تعمل " جديد " في إذا، لأن ما بعد إذا لا يعمل فيما قبلها.
لا اختلاف بين النحويين أنّ ما بعد إن وإذا لا يعمل فيما قبلهما.
ثم أعلم اللّه - عزّ وجلّ - أن المستفهم بعد البيان والبرهان عن هذا على جهة الإنكار كافر، فقال:
{أولئك الّذين كفروا بربّهم وأولئك الأغلال في أعناقهم}.
جاء في التفسير أن الأغلال الأعمال في أعناقهم يوم القيامة، والدليل على ذلك في القرآن قوله: {إذ الأغلال في أعناقهم والسّلاسل يسحبون * في الحميم}.
وقيل أولئك الأغلال في أعناقهم، أي الأغلال التي هي الأعمال، وهي أيضا مؤدية إلى كون الأغلال في أعناقهم يوم القيامة، لأن قولك للرجل: هذا كل في عنقك للعمل السيئ
معناه أنه لازم لك وأنّك مجازى عليه بالعذاب يوم القيامة). [معاني القرآن: 3/139-138]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): ( ثم قال تعالى: {وإن تعجب فعجب قولهم}
أي إن تعجب من إنكارهم البعث بعد هذه الدلائل فإن ذلك ينبغي أن يتعجب منه). [معاني القرآن: 3/471]

تفسير قوله تعالى: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ (6)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ويستعجلونك بالسّيّئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات...}
يقول: يستعجلونك بالعذاب وهم آمنون له، وهم يرون العقوبات المثلات في غيرهم ممّن قد مضى هي المثلات وتميم تقول: المثلات، وكذلك قوله: {وآتوا النّساء صدقاتهنّ} حجازية. وتميم: صدقات، واحدها صدقة.
قال الفراء: وأهل الحجاز يقولون: أعطها صدقتها، وتميم تقول: أعطها صدقتها في لغة تميم). [معاني القرآن: 2/59]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({خلت من قبلهم المثلات} واحدتها مثلة ومجازها مجاز الأمثال). [مجاز القرآن: 1/323]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن وأبو عمرو {وقد خلت من قبلهم المثلات} بالفتح وبضم التاء؛ ولغة أخرى: المثلات برفع الميم والثاء، وسنخبر عن ذلك إن شاء الله). [معاني القرآن لقطرب: 761]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {المثلات} ومثله على فعلة، ولغة أخرى: مثلة بضم الميم وسكون الثاء؛ وقالوا: أمثلت الرجل من صاحبه إمثالاً، وأقصصته منه إقصاصًا بمعنى واحد، والاسم المثال، مثل القصاص). [معاني القرآن لقطرب: 764]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({المثلات}: الأمثال والأشباه، واحدها مثلة). [غريب القرآن وتفسيره: 190]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({ويستعجلونك بالسّيّئة} أي بالعقوبة.
وأصل المثلة: الشّبه والنظير وما يعتبر به. يريد من خلا من الأمم). [تفسير غريب القرآن: 225-224]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({ويستعجلونك بالسّيّئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات وإنّ ربّك لذو مغفرة للنّاس على ظلمهم وإنّ ربّك لشديد العقاب}
أي يطلبون العذاب بقولهم: {فأمطر علينا حجارة من السّماء}.
{وقد خلت من قبلهم المثلات} والمثلات - بضم الميم وفتحها، فمن قرأ المثلات، فهي جمع مثلة.
ومن قرأ المثلات فهي جمع مثلة.
ويجوز في المثلات ثلاثة أوجه:
يجوز " خلت المثلات " بإسكان الثاء، ويجوز فتح الثاء المثلات، ومن قرأ المثلات تضمّ الثاء والميم، وهي في الواحدة ساكنة مضمومة في الجمع فهذه الضمة عوض من حذف تاء التأنيث، ومن فتح فلأن الفتحة أخفّ الحركات،
روت الرواة:
ولما رأونا باديا ركباتنا= على موطن لا نخلط الجدّ بالهزل
ومن قرأ المثلات بإسكان الثاء فلأن كل ما كان مضموما أو مكسورا نحو رسل وعضد وفخذ فإسكانه جائز لنقل الضمة والكسرة.
والمعنى أنّهم يستعجلون بالعذاب وقد تقدم من العذاب ما هو مثلة وما فيه نكال لهم لو اتعظوا). [معاني القرآن: 3/140-139]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله تعالى: {ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة}
روى معمر عن قتادة قال بالعقوبة قبل العافية
قال غيره يعني قولهم: {اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء}
ثم قال تعالى: {وقد خلت من قبلهم المثلات}
قال مجاهد يعني المثال الأمثال
وقال قتادة يعني العقوبات
قال أبو جعفر وهذا القول أولى لأنه معروف في اللغة أن يقال للعقوبة الشديدة مثلة ومثلة وروى عن الأعمش أنه قرأ المثلات بضم الميم والثاء وهذا جمع مثله
وروي عنه أنه قرأ المثلات بضم الميم وإسكان الثاء
وهذا أيضا جمع مثلة
ويجوز المثلات تبدل من الضمة فتحة لثقلها
وقيل تأتي بالفتحة عوضا من الهاء
وروي عن الأعمش أيضا أنه قرأ المثلات بفتح الميم وإسكان الثاء فهذا جمع مثلة ثم حذف الضمة لثقلها
وقوله جل وعز: {وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم}
روى حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب قال لما نزلت {وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب}،
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لولا عفو الله ورحمته وتجاوزه لما هنا أحدا عيش ولولا عقابه ووعيده وعذابه لاتكل كل واحد)) ). [معاني القرآن: 3/473-471]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {المثلات} العقوبات). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 118]

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {إنّما أنت منذرٌ ولكلّ قومٍ هادٍ...}
قال بعضهم: نبيّ. وقال بعضهم: لكل قوم هادٍ يتّبعونه، إمّا بحق أو بباطل). [معاني القرآن: 2/59]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولكلّ قومٍ هادٍ} أي نبي يدعوهم). [تفسير غريب القرآن: 225]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (ومنها إرشاد بالدعاء، كقوله: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ}، أي نبيّ يدعوهم.
وقوله: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا}، أي يدعون،
{وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}، أي تدعو). [تأويل مشكل القرآن: 444-443]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ويقول الّذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربّه إنّما أنت منذر ولكلّ قوم هاد}
معناه هلّا أنزل عليه وإنّما طلبوا غير الآيات التي أتى بها النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو انشقاق القمر.
والقرآن الذي دعوا أن يأتوا بسورة من مثله - وما أشبه هذا النحو، فالتمسوا مثل آيات عيسى وموسى، فأعلم اللّه عزّ وجلّ - أنّ لكل قوم هاديا،
فقال جلّ وعزّ:{إنّما أنت منذر ولكلّ قوم هاد} أي نبي وداع إلى اللّه يدعوهم بما يعطى من الآيات لا بما يريدون ويتحكمون فيه). [معاني القرآن: 3/140]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله تعالى: {إنما أنت منذر ولكل قوم هاد}
قال مجاهد وقتادة وهذا معنى كلامهما {إنما أنت منذر} يعني النبي صلى الله عليه وسلم {ولكل قوم هاد} أي نبي يدعوهم
وروى سفيان عن أبي الضحى {إنما أنت منذر} قال النبي صلى الله عليه وسلم {ولكل قوم هاد} قال الله جل وعز
وروى علي بن الحكم عن الضحاك ولكل قوم هاد قال الله عز وجل
وقال أبو صالح المعنى لكل قوم داعي هدى أو داعي ضلالة
والذي يذهب إليه جماعة من أهل اللغة أن المعنى أنهم لما اقترحوا الآيات أعلم الله جل وعز أن لكل قوم نبيا يهديهم ويبين لهم وليس عليه أن يأتيهم من الآيات بما يقترحون
وروى سفيان عن عطاء عن سعيد بن جبير في قوله تعالى: {إنما أنت منذر} قال النبي صلى الله عليه وسلم ولكل قوم هاد قال الله جل ذكره
وروى سفيان عن السدي عن عكرمة في قوله جل وعز: {الله يعلم ما تحمل كل أنثى} قال سفيان يعني من ذكر أو أنثى). [معاني القرآن: 3/475-473]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {ولكل قوم هاد} أي نبي يدعوهم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 118]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 8 جمادى الأولى 1434هـ/19-03-2013م, 05:01 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,656
افتراضي

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (5) }

قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وإن خففت الهمزة من قولك: هو يجيئك، ويسوءك قلت: يجيك، ويسوك، تحرك الياء والواو بحركة الهمزة، لأنهما أصلا في الحروف. فهذا يدلك على ما يرد عليك من هذا الباب.
واعلم أنه من أبى قول ابن أبي إسحق في الجمع بين الهمزتين فإنه إذا أراد تحقيقهما أدخل بينهما ألفا زائدة، ليفصل بينهما، كالألف الداخلة بين نون جماعة النساء، والنون الثقيلة إذا قلت: اضربنان زيدا.
فتقول: {أئذا كنا ترابا} وتقول: {آأنت قلت للناس} ومثل ذلك قول ذي الرمة:
فيا ظبية الوعساء بين جلاجلٍ = وبين النّقا آأنت أم أم سالـم).
[المقتضب: 1/299-300]

تفسير قوله تعالى: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ (6) }

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 13 ذو القعدة 1439هـ/25-07-2018م, 09:30 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 13 ذو القعدة 1439هـ/25-07-2018م, 09:30 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 13 ذو القعدة 1439هـ/25-07-2018م, 09:33 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (5)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وإن تعجب فعجب قولهم أإذا كنا ترابا أإنا لفي خلق جديد أولئك الذين كفروا بربهم وأولئك الأغلال في أعناقهم وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه إنما أنت منذر ولكل قوم هاد}
آية توبيخ للكفرة، أي: وإن تعجب يا محمد من جهالتهم وإعراضهم عن الحق فهم أهل لذلك، وعجب وغريب، والمراد به قولهم: "أنعود بعد كوننا ترابا خلقا جديدا"؟ ويحتمل اللفظ منزعا آخر، أي: وإن كنت تزيد عجبا فهلم فإن من أعجب العجب قولهم.
واختلف القراء في قراءة قوله: {أإذا كنا ترابا} -فقرأ ابن كثير، وأبو عمرو: "أئذا كنا ترابا أإنا لفي خلق جديد" جميعا بالاستفهام، غير أن أبا عمرو مد الهمزة ثم يأتي بالياء ساكنة، وابن كثير يأتي بياء ساكنة بعد الهمزة من غير مد. وقرأ نافع: "أيذا كنا ترابا" مثل أبي عمرو واختلف عنه في المد، وقرأ: "إنا لفي خلق جديد" مكسورة على الخبر، ووافقه الكسائي في اكتفائه بالاستفهام الأول عن الثاني، غير أنه كان يهمز همزتين، وقرأ عاصم وحمزة: "أئذا كنا ترابا أإنا" بهمزتين فيهما، وقرأ ابن عامر: "إذا كنا ترابا" مكسورة الألف من غير استفهام "آئنا" بهمز ثم يمد ثم يهمز. فمن قرأ
[المحرر الوجيز: 5/176]
بالاستفهامين فذلك للتأكيد والتحفي والاهتبال بهذا التقدير، ومن استفهم في الأول فقط فإنما القصد بالاستفهام الموضع الثاني، و"إذا" ظرف له، و"إذا" في موضع نصب بفعل مضمر تقديره: أنبعث أو نحشر إذا؟ ومن استفهم في الثاني فقط فهو بين، والإشارة بـ "أولئك" إلى القوم القائلين: أإذا كنا ترابا، وتلك المقالة إنما هي تقرير مصمم على الجحد والإنكار للبعث فلذلك حكم عليهم بالكفر.
وقوله: {وأولئك الأغلال} يحتمل معنيين: أحدهما الحقيقة وأنه أخبر عن كون الأغلال في أعناقهم في الآخرة، فهي كقوله تعالى: {إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل}، ويحتمل أن يكون مجازا وأنه أخبر عن كونهم مغللين عن الإيمان، فهي إذا تجري مجرى الطبع والختم على القلوب، وهي كقوله تعالى: {إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان، فهم مقمحون}، وباقي الآية بين. وقال بعض الناس: الأغلال هنا عبارة عن الأعمال، أي: أعمالهم الفاسدة في أعناقهم كالأغلال.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وتحرير هذا هو في التأويل الثاني الذي ذكرناه). [المحرر الوجيز: 5/177]

تفسير قوله تعالى: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ (6)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة} الآية، هذه آية تبيين لخطئهم في أن يتمنوا المصائب ويطلبوا سقوط كسف من السماء أو حجارة تمطر عليهم ونحو هذا مع خلو ذلك في الأمم ونزوله بأناس كثير، ولو كان ذلك لم ينزل قط لكان لهم العذر.
و"المثلات" جمع مثلة كسمرة وسمرات وصدقة وصدقات، وقرأ الجمهور: "المثلات" بفتح الميم وضم الثاء، وقرأ مجاهد بفتح الميم والثاء، وذلك جمع مثلة
[المحرر الوجيز: 5/177]
في الآخرة بمعنى العدة بالعقوبة. وقرأ عيسى بن عمر: "المثلات" بضم الميم والثاء، ورويت عن أبي عمرو، وقرأ يحيى بن وثاب: "المثلات" بضم الميم وسكون الثاء، وهاتان جمع مثلة، وقرأ طلحة بن مصرف: "المثلات" بفتح الميم وسكون الثاء.
ثم رجى تعالى بقوله: {وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم}. قال الطبري: معناه: في الآخرة، وقال قوم: المعنى: إذا تابوا، و"شديد العقاب" إذا كفروا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والظاهر من معنى المغفرة هنا إنما هو: ستره في الدنيا وإمهاله للكفرة، ألا ترى التيسير في لفظ "مغفرة"، وأنها منكرة مقللة، وليس فيها مبالغة كما في قوله تعالى: {وإني لغفار لمن تاب وآمن}، ونمط الآية يعطي هذا، ألا ترى حكمه عليهم بالنار؟ ثم قال: "ويستعجلونك"، فلما ظهر سوء فعلهم وجب في نفس السامع تعذيبهم فأخبر بسيرته في الأمم وأنه يمهل مع ظلم الكفر؟ ولم يرد في الشرع أن الله تعالى يغفر ظلم العباد.
ثم خوف بقوله: {وإن ربك لشديد العقاب}، قال ابن المسيب: لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لولا عفو الله ومغفرته لما تمنى أحد عيشا، ولولا عقابه لاتكل كل أحد"، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: "ليس في القرآن أرجى من هذه
[المحرر الوجيز: 5/178]
الآية"، و"المثلات" هي العقوبات المنكلات التي تجعل الإنسان مثلا يتمثل به، ومنه التمثيل بالقتلى، ومنه المثلة بالعبيد). [المحرر الوجيز: 5/179]

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ويقول الذين كفروا} الآية. هذه آية غض من اقتراحاتهم المتشططة التي لم يجر الله به عادة إلا للأمة التي حتم بعذابها واستئصالها، والآية هنا- يراد بها الأشياء التي سمتها قريش كالملك والكنز وغير ذلك، ثم أخبره الله تعالى بأنه منذر، وهذا الخبر قصد هو بلفظه والناس أجمعون بمعناه.
واختلف المفسرون في قوله: {ولكل قوم هاد}، فقال عكرمة، وأبو الضحى: المراد بالهاد محمد عليه الصلاة والسلام. و"هاد" عطف على "منذر" كأنه قال: "إنما أنت منذر وهاد لكل قوم"، فيكون هذا المعنى يجري مع قوله عليه الصلاة والسلام: "بعثت إلى الأحمر والأسود"، "وهاد" -على هذا في هذه الآية- داع إلى طريق الهدى. وقال مجاهد، وابن زيد: المعنى: "إنما أنت منذر، ولكل أمة سلفت هاد، أي نبي يدعوهم، والمقصد: فليس أمرك يا محمد ببدع ولا منكر"، وهذا يشبه غرض الآية. وقالت فرقة: "الهادي -في هذه الآية- الله عز وجل"، روي ذلك عن ابن عباس، ومجاهد، وابن جبير. و"هاد" -على هذا- معناه: مخترع للرشاد، تطلق بهذا المعنى، ويعرف أن الله تعالى هو الهادي من غير هذا الموضع. وقالت فرقة: "الهادي علي بن أبي طالب "، وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم من طريق ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ هذه الآية وعلي حاضر فأومأ بيده إلى منكب علي وقال: ("أنت الهادي يا علي، بك يهتدي المهتدون من بعدي".
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والذي يشبهه -إن صح هذا- أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما جعل عليا مثالا من علماء الأمة
[المحرر الوجيز: 5/179]
وهداتها إلى الدين، كأنه قال: يا علي أنت وصنفك، فيدخل في هذا أبو بكر وعمر وعثمان وسائر علماء الصحابة عليهم رضوان الله أجمعين -ثم كذلك من كل عصر، فيكون المعنى -على هذا-: إنما أنت يا محمد منذر، ولكل قوم في القديم والحديث رعاة وهداة إلى الخير، والقول الأول أرجح ما تؤول في الآية). [المحرر الوجيز: 5/180]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 26 ذو القعدة 1439هـ/7-08-2018م, 10:13 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 26 ذو القعدة 1439هـ/7-08-2018م, 10:15 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (5)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإن تعجب فعجبٌ قولهم أئذا كنّا ترابًا أئنّا لفي خلقٍ جديدٍ أولئك الّذين كفروا بربّهم وأولئك الأغلال في أعناقهم وأولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون (5)}
يقول تعالى لرسوله محمّدٍ، صلوات اللّه وسلامه عليه: {وإن تعجب} من تكذيب هؤلاء المشركين بأمر المعاد مع ما يشاهدونه من آيات اللّه سبحانه ودلالاته في خلقه على أنّه القادر على ما يشاء، ومع ما يعترفون به من أنّه ابتدأ خلق الأشياء، فكوّنها بعد أن لم تكن شيئًا مذكورًا، ثمّ هم بعد هذا يكذّبون خبره في أنّه سيعيد العالمين خلقًا جديدًا، وقد اعترفوا وشاهدوا ما هو أعجب ممّا كذّبوا به، فالعجب من قولهم: {أئذا كنّا ترابًا أئنّا لفي خلقٍ جديدٍ} وقد علم كل عالم وعاقل أن خلق السموات والأرض أكبر من خلق النّاس، وأنّ من بدأ الخلق فالإعادة سهلةٌ عليه، كما قال تعالى: {أولم يروا أنّ اللّه الّذي خلق السّماوات والأرض ولم يعي بخلقهنّ بقادرٍ على أن يحيي الموتى بلى إنّه على كلّ شيءٍ قديرٌ}
ثمّ نعت المكذّبين بهذا فقال: {أولئك الّذين كفروا بربّهم وأولئك الأغلال في أعناقهم} أي: يسحبون بها في النّار، {وأولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون} أي: ماكثون فيها أبدًا، لا يحوّلون عنها ولا يزولون). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 432]

تفسير قوله تعالى: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ (6)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ويستعجلونك بالسّيّئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات وإنّ ربّك لذو مغفرةٍ للنّاس على ظلمهم وإنّ ربّك لشديد العقاب (6)}
يقول تعالى: {ويستعجلونك} أي: هؤلاء المكذّبون {بالسّيّئة قبل الحسنة} أي: بالعقوبة، كما أخبر عنهم في قوله: {وقالوا يا أيّها الّذي نزل عليه الذّكر إنّك لمجنونٌ * لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصّادقين * ما ننزل الملائكة إلا بالحقّ وما كانوا إذًا منظرين} [الحجر:6 -8] وقال تعالى: {ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجلٌ مسمًّى لجاءهم العذاب وليأتينّهم بغتةً وهم لا يشعرون * يستعجلونك بالعذاب وإنّ جهنّم لمحيطةٌ بالكافرين} [العنكبوت: 53، 54] وقال: {سأل سائلٌ بعذابٍ واقعٍ} [المعارج: 1] وقال: {يستعجل بها الّذين لا يؤمنون بها والّذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنّها الحقّ} [الشّورى: 18] {وقالوا ربّنا عجّل لنا قطّنا قبل يوم الحساب} [ص: 16] أي: حسابنا وعقابنا، كما قال مخبرًا عنهم: {وإذ قالوا اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارةً من السّماء أو ائتنا بعذابٍ أليمٍ} [الأنفال: 32] فكانوا يطلبون من الرّسول أن يأتيهم بعذاب اللّه، وذلك من شدّة تكذيبهم وكفرهم وعنادهم.
قال اللّه تعالى: {وقد خلت من قبلهم المثلات} أي: قد أوقعنا نقمتنا بالأمم الخالية وجعلناهم مثلةً وعبرةً وعظةً لمن اتّعظ بهم.
ثمّ أخبر تعالى أنّه لولا حلمه وعفوه [وغفره] لعالجهم بالعقوبة، كما قال تعالى: {ولو يؤاخذ اللّه النّاس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابّةٍ} [فاطرٍ: 45].
وقال تعالى في هذه الآية الكريمة: {وإنّ ربّك لذو مغفرةٍ للنّاس على ظلمهم} أي: إنّه ذو عفوٍ وصفحٍ وسترٍ للنّاس مع أنّهم يظلمون ويخطئون باللّيل والنّهار. ثمّ قرن هذا الحكم بأنّه شديد العقاب، ليعتدل الرّجاء والخوف، كما قال تعالى: {فإن كذّبوك فقل ربّكم ذو رحمةٍ واسعةٍ ولا يردّ بأسه عن القوم المجرمين} [الأنعام: 147] وقال: {إنّ ربّك لسريع العقاب وإنّه لغفورٌ رحيمٌ} [الأعراف: 167] وقال: {نبّئ عبادي أنّي أنا الغفور الرّحيم وأنّ عذابي هو العذاب الأليم} [الحجر:49، 50] إلى أمثال ذلك من الآيات الّتي تجمع الرّجاء والخوف.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا موسى بن إسماعيل، حدّثنا حمّادٌ، عن عليّ بن زيدٍ، عن سعيد بن المسيّب قال: لمّا نزلت هذه الآية: {وإنّ ربّك لذو مغفرةٍ للنّاس على ظلمهم وإنّ ربّك لشديد العقاب} قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لولا عفو اللّه وتجاوزه، ما هنّأ أحدًا العيش ولولا وعيده وعقابه، لاتّكل كلّ أحدٍ".
وروى الحافظ ابن عساكر في ترجمة الحسن بن عثمان أبي حسّان الزّياديّ: أنّه رأى ربّ العزّة في النّوم، ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم واقفٌ بين يديه يشفّع في رجلٍ من أمّته، فقال له: ألم يكفك أنّي أنزلت عليك في سورة الرّعد: {وإنّ ربّك لذو مغفرةٍ للنّاس على ظلمهم}؟ قال: ثمّ انتبهت. ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 433-434]

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ويقول الّذين كفروا لولا أنزل عليه آيةٌ من ربّه إنّما أنت منذرٌ ولكلّ قومٍ هادٍ (7)}
يقول تعالى إخبارًا عن المشركين أنّهم يقولون كفرًا وعنادًا: لولا يأتينا بآيةٍ من ربه كما أرسل الأولون، كما تعتنوا عليه أن يجعل لهم الصّفا ذهبا، وأن يزيل عنهم الجبال، ويجعل مكانها مروجًا وأنهارًا، قال اللّه تعالى: {وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذّب بها الأوّلون وآتينا ثمود النّاقة مبصرةً فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفًا} [الإسراء: 59].
قال اللّه تعالى: {إنّما أنت منذرٌ} أي: إنّما عليك أن تبلّغ رسالة اللّه الّتي أمرك بها، {ليس عليك هداهم ولكنّ اللّه يهدي من يشاء} [البقرة: 272].
وقوله: {ولكلّ قومٍ هادٍ} قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، أي: ولكلّ قومٍ داعٍ.
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ في تفسيرهما: يقول اللّه تعالى: أنت يا محمّد منذرٌ، وأنا هادي كلّ قومٍ، وكذا قال مجاهدٌ، وسعيد بن جبيرٍ، والضّحّاك.
وعن مجاهدٍ: {ولكلّ قومٍ هادٍ} أي: نبيٌّ. كما قال: {وإن من أمّةٍ إلا خلا فيها نذيرٌ} [فاطرٍ: 24] وبه قال قتادة، وعبد الرّحمن بن زيد.
وقال أبو صالحٍ، ويحيى بن رافعٍ: {ولكلّ قومٍ هادٍ} أي: قائدٍ.
وقال أبو العالية: الهادي: القائد، والقائد: الإمام، والإمام: العمل.
وعن عكرمة، وأبي الضّحى: {ولكلّ قومٍ هادٍ} قالا هو محمّدٍ [رسول اللّه] صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقال مالكٌ: {ولكلّ قومٍ هادٍ} من يدعوهم إلى اللّه، عزّ وجلّ.
وقال أبو جعفر بن جريرٍ: حدّثني أحمد بن يحيى الصّوفيّ، حدّثنا الحسن بن الحسين الأنصاريّ، حدّثنا معاذ بن مسلمٍ بيّاعٌ الهرويّ، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، رضي اللّه عنهما، قال: لمّا نزلت: {إنّما أنت منذرٌ ولكلّ قومٍ هادٍ} قال: وضع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يده على صدره، وقال: "أنا المنذر، ولكلّ قومٍ هادٍ". وأومأ بيده إلى منكب عليٍّ، فقال: "أنت الهادي يا عليّ، بك يهتدي المهتدون من بعدي".
وهذا الحديث فيه نكارة شديدة.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا عليّ بن الحسين، حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدّثنا المطّلب بن زيادٍ، عن السّدّيّ، عن عبد خيرٍ، عن عليٍّ: {ولكلّ قومٍ هادٍ} قال: الهادي: رجلٌ من بني هاشمٍ: قال الجنيد هو عليّ بن أبي طالبٍ، رضي اللّه عنه.
قال ابن أبي حاتمٍ: وروي عن ابن عبّاسٍ، في إحدى الرّوايات، وعن أبي جعفرٍ محمّد بن عليٍّ، نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 434-435]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:33 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة