العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة طه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 11:47 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير سورة طه [ من الآية (1) إلى الآية (8) ]

{طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى (2) إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (3) تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا (4) الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5) لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى (6) وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (7) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (8) }



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 11:48 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (طه (1) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وقال الحسن في قول الله: {طه}، قال: يا محمد؛ وقوله: {ياسين}، قال: يا إنسان). [الجامع في علوم القرآن: 2/50]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة والحسن في قوله تعالى طه قالا يا رجل). [تفسير عبد الرزاق: 2/15]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن خصيفٍ عن مجاهدٍ قال: {طه} فواتح السور [الآية: 1]). [تفسير الثوري: 192]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (قال عكرمة، والضّحّاك: " بالنّبطيّة أي {طه} [طه: 1] : يا رجل، يقال كلّ ما لم ينطق بحرفٍ أو فيه تمتمةٌ أو فأفأةٌ فهي عقدةٌ "). [صحيح البخاري: 6/95]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قال عكرمة والضّحّاك بالنبطية أي طه يا رجل كذا لأبي ذرٍّ والنّسفيّ ولغيرهما قال بن جبيرٍ أي سعيدٍ فأمّا قول عكرمة في ذلك فوصله بن أبي حاتمٍ من رواية حصين بن عبد الرّحمن عن عكرمة في قوله طه أي طه يا رجل وأخرجه الحاكم من وجهٍ آخر عن عكرمة عن بن عبّاسٍ في قوله طه قال هو كقولك يا محمّد بالحبشيّة وأمّا قول الضّحّاك فوصله الطّبريّ من طريق قرّة بن خالدٍ عن الضّحّاك بن مزاحمٍ في قوله طه قال يا رجل بالنّبطيّة وأخرجه عبد بن حميدٍ من وجهٍ آخر قال قال رجلٌ من بني مازنٍ ما يخفى عليّ من القرآن شيءٌ فقال له الضّحّاك ما طه قال اسمٌ من أسماء اللّه تعالى قال إنّما هو بالنّبطيّة يا رجل وسيأتي الكلام على النّبط في سورة الرّحمن وأمّا قول سعيد بن جبيرٍ فرويناه في الجعديّات للبغويّ وفي مصنف بن أبي شيبة من طريق سالم الأفطس عنه مثل قول الضّحّاك وزاد الحارث في مسنده من هذا الوجه فيه بن عبّاسٍ وقال عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن الحسن وعن قتادة قالا في قوله طه قال يارجل وعند عبد بن حميدٍ عن الحسن وعطاءٍ مثله ومن طريق الرّبيع بن أنسٌ قال كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إذا صلّى قام على رجلٍ ورفع أخرى فأنزل اللّه تعالى طه أي طأ الأرض ولابن مردويه من حديث عليٍّ نحوه بزيادة أنّ ذلك لطول قيام اللّيل وقرأت بخطّ الصّدفيّ في هامش نسخته بلغنا أنّ موسى عليه السّلام حين كلّمه اللّه قام على أطراف أصابعه خوفًا فقال اللّه عزّ وجلّ طه أي اطمئنّ وقال الخليل بن أحمد من قرأ طه بفتحٍ ثمّ سكونٍ فمعناه يا رجل وقد قيل إنّها لغة عكٍّ ومن قرأ بلفظ الحرفين فمعناه اطمئن أوطأ الأرض قلت جاء عن بن الكلبيّ أنّه لو قيل لعكّيٍّ يا رجل لم يجب حتّى يقال له طه وقرأ بفتحٍ ثمّ سكونٍ الحسن وعكرمة وهي اختيار ورشٌ وقد وجّهوها أيضًا على أنّها فعل أمرٍ من الوطء إمّا بقلب الهمزة ألفًا أو بإبدالها هاءً فيوافق ما جاء عن الرّبيع بن أنسٍ فإنّه على قوله يكون قد أبدل الهمزة ألفًا ولم يحذفها في الأمر نظرًا إلى أصلها لكن في قراءة ورشٍ حذف المفعول البتّة وعلى ما نقل الرّبيع بن أنسٍ يكون المفعول هو الضّمير وهو للأرض وإن لم يتقدّم لها ذكرٌ لما دلّ عليه الفعل وعلى ما تقدّم يكون اسمًا وقد قيل إنّ طه من أسماء السّورة كما قيل في غيرها من الحروف المقطّعة). [فتح الباري: 8/432]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله
قال عكرمة والضّحّاك وابن جبير طه بالنبطية يا رجل
أما قول عكرمة فقال ابن أبي حاتم ثنا أحمد بن سنان ثنا عبد الرّحمن بن مهدي ثنا سفيان عن حصين عن عكرمة طه أي طه أي رجل
ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه عن وكيع عن سفيان مثله
قال الفريابيّ ثنا سفيان عن خصيف عن مجاهد وعكرمة في قوله طه قال مجاهد فواتح السّور وقال عكرمة طه أي رجل
ورواه الحاكم في المستدرك من طريق عمر بن أبي زائدة عن ابن عبّاس به
ووقع لنا من هذا الوجه وليس فيه ابن عبّاس أخبرناه محمّد بن أحمد بن علّي المهدويّ إذنا مشافهة عن عبد الله بن علّي الحميري أن محمّد بن مهلهل أخبره عن عبد الرّحمن بن موقا أنبأنا محمّد بن أحمد بن إبراهيم الرّازيّ أنا أبي أنا إسماعيل بن عمرو بن إسماعيل أنا الحسن بن رشيق ثنا محمّد بن أحمد ابن جعفر ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا وكيع عن عمر بن أبي زائدة عن عكرمة قال طه بالحبشية يا رجل
وأما قول الضّحّاك فأخبرناه محمّد بن أحمد بن علّي إذنا مشافهة بهذا الإسناد إلى وكيع عن سفيان عن الضّحّاك قال طه يا رجل بالنبطية
وقال ابن جرير ثنا محمّد بن بشار ثنا أبو عاصم ثنا قرّة بن خالد عن الضّحّاك قوله طه قال يا رجل بالنبطية
وأما قول سعيد بن جبير فقال البغويّ في الجعديات ثنا علّي ثنا شريك عن سالم هو الأفطس عن سعيد في قوله طه يا رجل وهو بالنبطية
أخبرنا بذلك غير واحد من مشائخنا إجازة مشافهة عن يونس بن أبي إسحاق عن علّي بن الحسين عن المبارك بن الحسن عن أبي محمّد الخطيب الصريفيني أنا أبو القاسم بن حبابة ثنا أبو القاسم البغويّ به موقوفا على سعيد بن جبير
وقد رويناه من طريق الأسود بن عامر شاذان عن شريك فذكر فيه ابن عبّاس أخبرناه أبو المعالي الأزهري أنا أحمد بن أبي أحمد الصّيرفي أنا أبو الفرج ابن أبي نصر أنا خليل بن بدر في كتابه أنا أبو علّي الحداد أنا أبو نعيم ثنا أبو بكر بن خلاد ثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا الأسود بن عامر شاذان ثنا شريك عن سالم عن سعيد عن ابن عبّاس في قوله طه أي يا رجل وهي بالنبطية قال شاذان وربما قال شريك طه يا رجل
وكذا رواه ابن أبي حاتم من حديث إسرائيل عن سالم عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس به
ورواه ابن أبي شيبة عن وكيع عن سفيان عن سالم ليس فيه ابن عبّاس). [تغليق التعليق: 4/251-253]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (قال ابن جبير: بالنبطية طاه يا رجل.
أي: قال سعيد بن جبير: معنى طه بالنبطية: يا رجل، والنبطية منسوبة إلى النبط، بفتح النّون والباء الموحدة وبالطاء المهملة: قوم ينزلون البطائح بين العراقين وكثيرًا يستعمل ويراد به الزراعون، والمذكور هو رواية: قوم، وفي رواية أبي ذر والنسفي: بسم الله الرّحمن الرّحيم، قال عكرمة والضّحّاك بالنبطية طه، أي: يا رجل، وتعليق عكرمة وصله ابن أبي حاتم من رواية حصين بن عبد الرّحمن عن عكرمة في قوله: طه، أي: يا طه يا رجل، وتعليق الضّحّاك وصله الطّبريّ من طريق قرّة بن خالد عن الضّحّاك بن مزاحم في قوله: طه، قال: يار رجل بالنبطية. انتهى. وتمثل قول ابن جبير، روى عن ابن عبّاس والحسن وعطاء وأبي مالك ومجاهد وقتادة ومحمّد بن كعب والسّديّ وعطبة وابن أبزى، وفي: (تفسير مقاتل) : طه يا رجل بالسّريانيّة، وقال الكلبيّ: عن ابن عبّاس، نزلت بلغة على يا رجل، وعند ابن مردويه بسند صحيح عن ابن عبّاس: يس بالحبشية يا إنسان، وطه بالنبطية يا رجل، وقيل: معنى طه يا إنسان، وقيل: هي حروف مقطعة لمعان، قال الواسطيّ: أراد بها: يا طاهر يا هادي، وعن أبي حاتم: طه استفتاح سورة، وقيل هو قسم أقسم الله به وهي من أسماء الله عز وجل، وقيل: هو من الوطي والهاء كناية عن الأرض أي: اعتمد على الأرض بقدمك ولا تتعصب نفسك بالاعتماد على قدم واحدة، وهو قوله تعالى: {ما نزلنا عليك القرآن لتشقى} (طه: 2) نزلت الآية فيما كان صلى الله عليه وسلم يتكلفه من السهر والتعب وقيام اللّيل، وقال اللّيث: بلغنا أن موسى عليه الصّلاة والسّلام، لما سمع كلام الرب تعالى استقرءه الخوف حتّى قام على أصابع قدميه خوفًا. فقال عز وجل: طه، أي: اطمئن، قال الأزهري: لو كان كذلك لقال: طأها، أي: طأ الأرض بقدمك، وهي مهموزة، وفي (المعاني) للفراء: هو حرف هجاء، وحدثني قيس قال: حدثني عاصم عن زر، قال: قرأ رجل على ابن مسعود رضي الله عنه: طأها، فقال له عبد الله: طه، فقال الرجل: يا أبا عبد الرّحمن أليس إنّما أمر أن يطأ قدمه؟ قال: فقال عبد الله: طه، هكذا أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزاد في (تفسير ابن مردويه) كذا نزل بها جبريل عليه الصّلاة والسّلام، بكسر الطّاء والهاء، قال: وكان بعض القرّاء يقطعها، وقرأ أبو عمرو بن العلاء: طاه، قال الزّجاج: يقرأ طه بفتح الطّاء والهاء، وطه بكسرهما، وطه بفتح الطّاء وسكون الهاء، وطه بفتح الطّاء وكسر الهاء). [عمدة القاري: 19/55-56]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (قال ابن جبير): سعيد مما وصله في الجعديات للبغوي ومصنف ابن أبي شيبة ولأبي ذر بدل ابن جبير عكرمة فيما وصله ابن أبي حاتم (والضحاك) بن مزاحم فيما وصله الطبري (بالنبطية طه) معناه (يا رجل) ولأبي ذر: أي طه يا رجل بسكون الهاء، والمراد النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم-. قال ابن الأنباري: ولغة قريش وافقت تلك اللغة في هذا لأن الله تعالى لم يخاطب نبيه -صلّى اللّه عليه وسلّم- بلسان قريش، وعن الخليل من قرأ طه موقوفًا فهو يا رجل ومن قرأ طه بحرفين من الهجاء فقيل معناه اطمئن وقيل طأ الأرض والهاء كناية عنها، وقال ابن عطية: الضمير في طه للأرض وخففت الهمزة فصارت ألفًا ساكنة وقرأ الحسن طه بسكون الهاء من غير ألف بعد الطاء على أن الأصل طأ بالهمز أمر من وطئ يطأ ثم أبدلت الهمزة هاء كإبدالهم لها في هرقت ونحوه أو على إبدال الهمزة ألفًا كأنه أخذه من وطئ يطأ بالبدل ثم حذف الألف حملًا للأمر على المجزوم وتناسيًا لأصل الهمز ثم ألحق هاء السكت وأجرى الوصل مجرى الوقف، وفي حديث أنس عند عبد بن حميد كان النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- إذا صلى قام على رجل ورفع الأخرى فأنزل الله طه أي طأ الأرض). [إرشاد الساري: 7/235-236]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {طه (1) ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى (2) إلاّ تذكرةً لمن يخشى}.
قال أبو جعفرٍ محمّد بن جريرٍ: اختلف أهل التّأويل في تأويل قوله: {طه} فقال بعضهم: معناه يا رجل
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا أبو تميلة، عن الحسين بن واقدٍ، عن يزيد النّحويّ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: طه: بالنّبطيّة: يا رجل.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {طه (1) ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} فإنّ قومه قالوا: لقد شقي هذا الرّجل بربّه، فأنزل اللّه تعالى ذكره {طه} يعني: يا رجل {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: أخبرني عبد اللّه بن مسلمٍ، أو يعلى بن مسلمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، أنّه قال: طه: يا رجل بالسّريانيّة.
- قال ابن جريجٍ: وأخبرني زمعة بن صالحٍ، عن سلمة بن وهرام، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، بذلك أيضًا. قال ابن جريجٍ، وقال مجاهدٌ، ذلك أيضًا.
- حدّثنا عمران بن موسى القزّاز، قال: حدّثنا عبد الوارث بن سعيدٍ، قال: حدّثنا عمارة، عن عكرمة، في قوله: {طه} قال: يا رجل، كلّمه بالنّبطيّة.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثنا عبيد اللّه، عن عكرمة، في قوله {طه} قال: بالنّبطيّة: يا إنسان.
- حدّثنا محمّد بن سنان القزاز، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن قرّة بن خالدٍ، عن الضّحّاك، في قوله {طه} قال: يا رجل بالنّبطيّة.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن حصينٍ، عن عكرمة في قوله {طه} قال: يا رجل.
- وحدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {طه} قال: يا رجل، وهي بالسّريانيّة.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، والحسن، في قوله: {طه} قالا: يا رجل.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، يعني ابن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك يقول في قوله {طه} قال: يا رجل.
وقال آخرون: هو اسمٌ من أسماء اللّه، وقسمٌ أقسم اللّه به.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {طه} قال: فإنّه قسمٌ أقسمه اللّه، وهو اسمٌ من أسماء اللّه.
وقال آخرون: هو حروف هجاءٍ.
وقال آخرون: هى حروفٌ مقطّعةٌ يدلّ كلّ حرفٍ منها على معنًى، واختلفوا في ذلك اختلافهم في الم، وقد ذكرنا ذلك في مواضعه، وبيّنا ذلك بشواهده.
والّذي هو أولى بالصّواب عندي من الأقوال فيه: قول من قال: معناه: يا رجل، لأنّها كلمةٌ معروفةٌ في عكٍّ فيما بلغني، وأنّ معناها فيهم: يا رجل، أنشدت لمتمّم بن نويرة:
هتفت بطه في القتال فلم يجب = فخفت عليه أن يكون موائلا
وقال آخر:
إنّ السّفاهة طه من خلائقكم = لا بارك اللّه في القوم الملاعين
فإذا كان ذلك معروفًا فيهم على ما ذكرنا، فالواجب أن يوجّه تأويله إلى المعروف فيهم من معناه، ولا سيّما إذا وافق ذلك تأويل أهل العلم من الصّحابة والتّابعين.
فتأويل الكلام إذن: يا رجل ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى، بإنزلناه عليك فنكلّفك ما لا طاقة لك به من العمل.
وذكر أنّه قيل له ذلك بسبب ما كان يلقى من النّصب والعناء والسّهر في قيام اللّيل). [جامع البيان: 16/5-8] (م)
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني محمّد بن إسحاق الصّفّار، ثنا أحمد بن نصرٍ، ثنا عمرو بن طلحة، أنبأ عمر بن أبي زائدة، قال: سمعت عكرمة، يذكر عن ابن عبّاسٍ، في قوله عزّ وجلّ: {طه} [سورة: طه، آية رقم: 1] قال: " هو كقولك: يا محمّد، بلسان الحبش «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/409]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (عن أبي هريرة قال: «قال رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -: " إنّ اللّه قرأ: {طه} [طه: 1] و {يس} [يس: 1] قبل أن يخلق آدم بألف عامٍ، فلمّا سمعت الملائكة القرآن قالوا: طوبى لأمّةٍ ينزل هذا عليها، وطوبى لأجوافٍ تحمل هذا، وطوبى لألسنٍ تكلّم بهذا» ".
رواه الطّبرانيّ في الأوسط، وفيه إبراهيم بن مهاجر بن مسمارٍ، وضعّفه البخاريّ بهذا الحديث، ووثّقه ابن معينٍ.
- وعن ابن عبّاسٍ في قوله تعالى: طه قال: يا رجل.
رواه الطّبرانيّ، وفيه محمّد بن النّيسابوريّ وهو متروكٌ). [مجمع الزوائد: 7/56]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (قال الحارث بن محمّد بن أبي أسامة: ثنا أبو عبد الرحمن الأسود، بن عامر شاذان، نا شريكٌ، عن سالمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ- رضي اللّه عنه- "في قوله عزّ وجلّ: (طه) أي: يا رجل، وهي بالنّبطيّة. قال شاذان: ربّما قال شريكٌ: طه يا رجل"). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/234]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال الحارث: حدثنا أسود بن عامرٍ شاذان، ثنا شريكٌ، عن سالمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما في قوله تعالى {طه} [طه: 1]، أي: طأ يا رجل وهي بالنّبطيّة). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 15/49]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 1 - 11
أخرج ابن المنذر، وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس: أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أول ما أنزل عليه الوحي كان يقوم على صدور قدميه إذا صلى فأنزل الله: {طه (1) ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} ). [الدر المنثور: 10/153]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه، وابن جرير عن ابن عباس قال: قالوا لقد شقي هذا الرجل بربه فأنزل الله: {طه (1) ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} ). [الدر المنثور: 10/153]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يربط نفسه بحبل كي لا ينام فأنزل الله عليه {طه (1) ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} ). [الدر المنثور: 10/153-154]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يربط نفسه ويضع إحدى رجليه على الأخرى فنزلت: {طه (1) ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} ). [الدر المنثور: 10/154]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن علي رضي الله عنه قال: لما نزل على النّبيّ صلى الله عليه وسلم (يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا) (سورة المزمل آية 1) قام الليل كله حتى تورمت قدماه فجعل يرفع رجلا ويضع رجلا فهبط عليه جبريل فقال: {طه} يعني: الأرض بقدميك يا محمد {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} وأنزل (فاقرؤوا ما تيسر من القرآن) ). [الدر المنثور: 10/154]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البزار بسند حسن، عن علي، قال: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يراوح بين قدميه يقوم على كل رجل حتى نزلت {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} ). [الدر المنثور: 10/154]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن الربيع بن أنس قال: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا صلى قام على رجل ورفع الأخرى فأنزل الله {طه} يعني طأ الأرض يا محمد {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} ). [الدر المنثور: 10/154]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {طه} قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ربما قرأ القرآن إذا صلى قام على رجل واحدة فأنزل الله {طه} برجليك {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} ). [الدر المنثور: 10/155]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال: لما أنزل الله القرآن على النّبيّ صلى الله عليه وسلم قام به وأصحابه فقال له كفار قريش: ما أنزل الله هذا القرآن على محمد إلا ليشقى به، فأنزل الله {طه (1) ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} ). [الدر المنثور: 10/155]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {طه} قال: يا رجل). [الدر المنثور: 10/155]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحارث بن أبي أسامة، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {طه} بالنبطية أي طا يا رجل). [الدر المنثور: 10/155]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {طه} بالنبطية أي طا يا رجل). [الدر المنثور: 10/155]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {طه} قال: هو كقولك يا رجل). [الدر المنثور: 10/155]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة قال: {طه} يا رجل بالنبطية). [الدر المنثور: 10/155]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس قال: {طه} بالنبطية يا رجل). [الدر المنثور: 10/155]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك قال: {طه} يا رجل بالنبطية). [الدر المنثور: 10/156]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: {طه} يا رجل بالسريانية). [الدر المنثور: 10/156]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {طه} قال: هو كقولك يا محمد بلسان الحبش). [الدر المنثور: 10/156]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله: {طه} قال: هو كقولك يا رجل: بلسان الحبشة). [الدر المنثور: 10/156]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله: {طه} قال: كلمة عربت). [الدر المنثور: 10/156]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عن مجاهد قال: {طه} فواتح السور). [الدر المنثور: 10/156]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عن محمد بن كعب {طه} قال: الطاء من ذي الطول). [الدر المنثور: 10/156]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أبي الطفيل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لي عشرة أسماء عند ربي قال أبو الطفيل: حفظت منها ثمانية: محمد وأحمد وأبو القاسم والفاتح والخاتم والماحي والعاقب والحاشر وزعم سيف أن أبا جعفر قال: الإسمان الباقيان {طه} ويس). [الدر المنثور: 10/156-157]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه والحاكم وصححه عن زر قال: قرأ رجل على ابن مسعود {طه} مفتوحة فأخذها عليه عبد الله {طه} مكسورة فقال له الرجل: إنها بمعنى ضع رجلك، فقال عبد الله: هكذا قرأها النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهكذا أنزلها جبريل). [الدر المنثور: 10/157]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن عائشة رضي الله عنها قال: أول سورة تعلمتها من القرآن {طه} وكنت إذا قرأت {طه (1) ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: لا شقيت يا عائش). [الدر المنثور: 10/157]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في الدلائل عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله: {طه (1) ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} وكان يقوم الليل على رجليه فهي بلغة لعك إن قلت لعكي يا رجل لم يلتفت وإذا قلت {طه} التفت إليك). [الدر المنثور: 10/157]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عروة بن خالد رضي الله عنه قال: سمعت الضحاك وقال رجل من بني مازن بن مالك: ما يخفى علي شيء من القرآن وكان قارئا للقرآن شاعرا فقال له الضحاك: أنت تقول ذلك أخبرني ما {طه} قال: هي من أسماء الله الحسنى، نحو: طسم وحم فقال الضحاك: إنما هي بالنبطية يا رجل). [الدر المنثور: 10/157-158]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن مسعود عن ابن عباس قال: {طه} قسم أقسمه الله وهو من أسماء الله). [الدر المنثور: 10/158]

تفسير قوله تعالى: (مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى (2) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {طه (1) ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى (2) إلاّ تذكرةً لمن يخشى}.
قال أبو جعفرٍ محمّد بن جريرٍ: اختلف أهل التّأويل في تأويل قوله: {طه} فقال بعضهم: معناه يا رجل
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا أبو تميلة، عن الحسين بن واقدٍ، عن يزيد النّحويّ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: طه: بالنّبطيّة: يا رجل.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {طه (1) ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} فإنّ قومه قالوا: لقد شقي هذا الرّجل بربّه، فأنزل اللّه تعالى ذكره {طه} يعني: يا رجل {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: أخبرني عبد اللّه بن مسلمٍ، أو يعلى بن مسلمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، أنّه قال: طه: يا رجل بالسّريانيّة.
- قال ابن جريجٍ: وأخبرني زمعة بن صالحٍ، عن سلمة بن وهرام، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، بذلك أيضًا. قال ابن جريجٍ، وقال مجاهدٌ، ذلك أيضًا.
- حدّثنا عمران بن موسى القزّاز، قال: حدّثنا عبد الوارث بن سعيدٍ، قال: حدّثنا عمارة، عن عكرمة، في قوله: {طه} قال: يا رجل، كلّمه بالنّبطيّة.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثنا عبيد اللّه، عن عكرمة، في قوله {طه} قال: بالنّبطيّة: يا إنسان.
- حدّثنا محمّد بن سنان القزاز، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن قرّة بن خالدٍ، عن الضّحّاك، في قوله {طه} قال: يا رجل بالنّبطيّة.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن حصينٍ، عن عكرمة في قوله {طه} قال: يا رجل.
- وحدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {طه} قال: يا رجل، وهي بالسّريانيّة.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، والحسن، في قوله: {طه} قالا: يا رجل.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، يعني ابن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك يقول في قوله {طه} قال: يا رجل.
وقال آخرون: هو اسمٌ من أسماء اللّه، وقسمٌ أقسم اللّه به.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {طه} قال: فإنّه قسمٌ أقسمه اللّه، وهو اسمٌ من أسماء اللّه.
وقال آخرون: هو حروف هجاءٍ.
وقال آخرون: هى حروفٌ مقطّعةٌ يدلّ كلّ حرفٍ منها على معنًى، واختلفوا في ذلك اختلافهم في الم، وقد ذكرنا ذلك في مواضعه، وبيّنا ذلك بشواهده.
والّذي هو أولى بالصّواب عندي من الأقوال فيه: قول من قال: معناه: يا رجل، لأنّها كلمةٌ معروفةٌ في عكٍّ فيما بلغني، وأنّ معناها فيهم: يا رجل، أنشدت لمتمّم بن نويرة:
هتفت بطه في القتال فلم يجب = فخفت عليه أن يكون موائلا
وقال آخر:
إنّ السّفاهة طه من خلائقكم = لا بارك اللّه في القوم الملاعين
فإذا كان ذلك معروفًا فيهم على ما ذكرنا، فالواجب أن يوجّه تأويله إلى المعروف فيهم من معناه، ولا سيّما إذا وافق ذلك تأويل أهل العلم من الصّحابة والتّابعين.
فتأويل الكلام إذن: يا رجل ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى، بإنزلناه عليك فنكلّفك ما لا طاقة لك به من العمل.
وذكر أنّه قيل له ذلك بسبب ما كان يلقى من النّصب والعناء والسّهر في قيام اللّيل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} قال: في الصلاة. قال: هي مثل قوله: {فاقرءوا ما تيسّر منه} فكانوا يعلّقون الحبال بصدورهم في الصّلاة.
- وحدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} قال: في الصّلاة كقوله: {فاقرءوا ما تيسّر منه} فكانوا يعلّقون الحبال بصدورهم في الصّلاة.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} لا واللّه ما جعله اللّه شقاء، ولكن جعله رحمةً ونورًا، ودليلاً إلى الجنّة). [جامع البيان: 16/5-9]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله {طه (1) ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} يعني في الصلاة وهو كقوله فاقرؤوا ما تيسر منه قال وكانوا يعلقون الحبال بصدوره في الصلاة). [تفسير مجاهد: 393]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} [طه: 2].
- عن عليٍّ قال: «كان النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - يراوح بين قدميه، يقوم على كلّ رجلٍ حتّى نزلت {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} [طه: 2]».
رواه البزّار، وفيه يزيد بن بلالٍ، قال البخاريّ: فيه نظرٌ، وكيسان أبو عمرٍو وثّقه ابن حبّان وضعّفه ابن معينٍ، وبقيّة رجاله رجال الصّحيح). [مجمع الزوائد: 7/56]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (حدّثنا محمّد بن إسحاق البغداديّ، ثنا عبيد اللّه بن موسى، ثنا كيسان أبو عمرٍو، عن يزيد بن بلالٍ، عن عليٍّ، قال: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يراوح بين قدميه، يقوم على كلّ رجلٍ حتّى نزلت: {ما أنزلنا عليك القرءان لتشقى} [طه: 2].
قال البزّار: أحاديث يزيد بن بلالٍ، لا نعلمها إلا من حديث كيسان). [كشف الأستار عن زوائد البزار: 3/58]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 1 - 11
أخرج ابن المنذر، وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس: أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أول ما أنزل عليه الوحي كان يقوم على صدور قدميه إذا صلى فأنزل الله: {طه (1) ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} ). [الدر المنثور: 10/153] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه، وابن جرير عن ابن عباس قال: قالوا لقد شقي هذا الرجل بربه فأنزل الله: {طه (1) ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} ). [الدر المنثور: 10/153] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يربط نفسه بحبل كي لا ينام فأنزل الله عليه {طه (1) ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} ). [الدر المنثور: 10/153-154] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يربط نفسه ويضع إحدى رجليه على الأخرى فنزلت: {طه (1) ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} ). [الدر المنثور: 10/154] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن علي رضي الله عنه قال: لما نزل على النّبيّ صلى الله عليه وسلم (يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا) (سورة المزمل آية 1) قام الليل كله حتى تورمت قدماه فجعل يرفع رجلا ويضع رجلا فهبط عليه جبريل فقال: {طه} يعني: الأرض بقدميك يا محمد {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} وأنزل (فاقرؤوا ما تيسر من القرآن) ). [الدر المنثور: 10/154] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البزار بسند حسن، عن علي، قال: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يراوح بين قدميه يقوم على كل رجل حتى نزلت {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} ). [الدر المنثور: 10/154] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن الربيع بن أنس قال: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا صلى قام على رجل ورفع الأخرى فأنزل الله {طه} يعني طأ الأرض يا محمد {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} ). [الدر المنثور: 10/154] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {طه} قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ربما قرأ القرآن إذا صلى قام على رجل واحدة فأنزل الله {طه} برجليك {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} ). [الدر المنثور: 10/155] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال: لما أنزل الله القرآن على النّبيّ صلى الله عليه وسلم قام به وأصحابه فقال له كفار قريش: ما أنزل الله هذا القرآن على محمد إلا ليشقى به، فأنزل الله {طه (1) ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} ). [الدر المنثور: 10/155] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن عساكر عن عائشة رضي الله عنها قال: أول سورة تعلمتها من القرآن {طه} وكنت إذا قرأت {طه (1) ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: لا شقيت يا عائش). [الدر المنثور: 10/157] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في الدلائل عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله: {طه (1) ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} وكان يقوم الليل على رجليه فهي بلغة لعك إن قلت لعكي يا رجل لم يلتفت وإذا قلت {طه} التفت إليك). [الدر المنثور: 10/157] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} يقول: في الصلاة هي مثل قوله: (فاقرؤوا ما تيسر منه) (المزمل آية 20) قال: وكانوا يعلقون الحبال بصدروهم في الصلاة). [الدر المنثور: 10/158]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة {طه} يا رجل {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} لا والله ما جعله الله شقيا ولكن جعله الله رحمة ونورا ودليلا إلى الجنة {إلا تذكرة لمن يخشى} قال: إن الله أنزل كتابه وبعث رسله رحمة رحم بها العباد ليذكر ذاكر وينتفع رجل بما سمع من كتاب الله وهو ذكر أنزله الله فيه حلاله وحرمه). [الدر المنثور: 10/158]

تفسير قوله تعالى: (إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (3) )

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {إلاّ تذكرةً لمن يخشى} يقول تعالى ذكره: ما أنزلنا عليك هذا القرآن إلاّ تذكرةً لمن يخشى عقاب اللّه، فيتّقيه بأداء فرائض ربّه واجتناب محارمه.
- كما: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {إلاّ تذكرةً لمن يخشى} وإنّ اللّه أنزل كتابه، وبعث رسله رحمةً رحم اللّه بها العباد، ليتذكّر ذاكرٌ، وينتفع رجلٌ بما سمع من كتاب اللّه، وهو ذكرٌ له أنزله اللّه فيه حلاله وحرامه، فقال: {تنزيلاً ممّن خلق الأرض والسّموات العلى}.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {إلاّ تذكرةً لمن يخشى} قال: أنزلناه عليك تذكرةً لمن يخشى.
فمعنى الكلام إذن: يا رجل ما أنزلنا عليك هذا القرآن لتشقى به، ما أنزلناه إلاّ تذكرةً لمن يخشى.
وقد اختلف أهل العربيّة في وجه نصب تذكرةً، فكان بعض نحويّي البصرة يقول: إلاّ تذكرةً بدلاً من قوله لتشقى، فجعله، ما أنزلنا عليك القرآن إلاّ تذكرةً.
وكان بعض نحويّي الكوفة يقول: نصبت على قوله: ما أنزلناه إلاّ تذكرةً.
وكان بعضهم ينكر قول القائل: نصبت بدلاً من قوله {لتشقى} ويقول: ذلك غير جائزٍ، لأنّ {لتشقى} في الجحد، و{إلاّ تذكرةً} في التّحقيق، ولكنّه تكريرٌ.
وكان بعضهم يقول: معنى الكلام: ما أنزلنا عليك القرآن إلاّ تذكرةً لمن يخشى، لا لتشقى). [جامع البيان: 16/9-10]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة {طه} يا رجل {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} لا والله ما جعله الله شقيا ولكن جعله الله رحمة ونورا ودليلا إلى الجنة {إلا تذكرة لمن يخشى} قال: إن الله أنزل كتابه وبعث رسله رحمة رحم بها العباد ليذكر ذاكر وينتفع رجل بما سمع من كتاب الله وهو ذكر أنزله الله فيه حلاله وحرمه). [الدر المنثور: 10/158] (م)

تفسير قوله تعالى: (تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا (4) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {تنزيلاً ممّن خلق الأرض والسّموات العلا (4) الرّحمن على العرش استوى}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: هذا القرآن تنزيلٌ من الرّبّ الّذي خلق الأرض والسّموات العلا. والعلى: جمع عليا.
واختلف أهل العربيّة في وجه نصب قوله: {تنزيلاً} فقال بعض نحويّي البصرة: نصب ذلك بمعنى: نزل اللّه ذلك تنزيلاً.
وقال بعض من أنكر ذلك من قيله هذا من كلامين، ولكن المعنى: هو تنزيلٌ، ثمّ أسقط هو واتّصل بالكلام الّذي قبله، فخرج منه، ولم يكن من لفظه.
والقولان جميعًا عندي غير خطأٍ). [جامع البيان: 16/10-11]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو زكريّا العنبريّ، ثنا محمّد بن عبد السّلام، ثنا إسحاق بن إبراهيم، أنبأ عبد الرّزّاق، أنبأ يحيى بن العلاء، عن عمّه شعيب بن خالدٍ قال: حدّثني سماك بن حربٍ، عن عبد اللّه بن عميرة، عن العبّاس بن عبد المطّلب رضي اللّه عنه، قال: كنّا جلوسًا مع رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم بالبطحاء فمرّت سحابةٌ فقال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «أتدرون ما هذا؟» فقلنا: اللّه ورسوله أعلم. فقال: «السّحاب» فقلنا: السّحاب. فقال: «والمزن» فقلنا: والمزن. فقال: «والعنان» ثمّ سكت ثمّ قال: «تدرون كم بين السّماء والأرض؟» فقلنا: اللّه ورسوله أعلم. فقال: «بينهما مسيرة خمسمائة سنةٍ، وبين كلّ سماءٍ إلى السّماء الّتي تليها مسيرة خمس مائة سنةٍ، وكثف كلّ سماءٍ مسيرة خمس مائة سنةٍ، وفوق السّماء السّابعة بحرٌ بين أعلاه وأسفله كما بين السّماء والأرض، ثمّ فوق ذلك ثمانية أوعالٍ بين ركبهم وأظلافهم كما بين السّماء والأرض واللّه فوق ذلك ليس يخفى عليه من أعمال بني آدم شيءٌ» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/410]

تفسير قوله تعالى: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {الرّحمن على العرش استوى} يقول تعالى ذكره: الرّحمن على عرشه ارتفع وعلا.
وقد بيّنّا معنى الاستواء بشواهده فيما مضى وذكرنا اختلاف المختلفين فيه فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع.
وللرّفع في الرّحمن وجهان: أحدهما بمعنى قوله: تنزيلاً، فيكون معنى الكلام: نزّله من خلق الأرض والسّماوات، نزّله الرّحمن الّذي على العرش استوى. والآخر بقوله: {على العرش استوى} لأنّ في قوله استوى، ذكرًا من الرّحمن). [جامع البيان: 16/11]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه بن دينارٍ الزّاهد، ثنا أبو نصرٍ أحمد بن محمّد بن نصرٍ، ثنا أبو غسّان مالك بن إسماعيل، ثنا شريكٌ، عن سماك بن حربٍ، عن عبد اللّه بن عميرة، عن العبّاس بن عبد المطّلب رضي اللّه عنه، في قول اللّه عزّ وجلّ: {ويحمل عرش ربّك فوقهم يومئذٍ ثمانيةٌ} [الحاقة: 17] أملاكٌ على صورة الأوعال بين أظلافهم وركبهم مسيرة ثلاثٍ وستّين سنةً أو خمسٍ وستّين سنةً «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط مسلمٍ ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/410]

تفسير قوله تعالى: (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى (6) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {له ما في السّموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثّرى}.
يقول تعالى ذكره: للّه ما في السّموات وما في الأرض وما بينهما، وما تحت الثّرى، ملكًا له، وهو مدبّر ذلك كلّه، ومصرّف جميعه.
ويعني بالثّرى: النّدى. يقال للتّراب الرّطب المبتلّ: ثرًى منقوصٌ، يقال منه: ثريت الأرض تثرى، ثرًى منقوصٌ، والثّرى: مصدرٌ.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وما تحت الثّرى} والثّرى: كلّ شيءٍ مبتلٌّ.
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {وما تحت الثّرى} ما حفر من التّراب مبتلًّا.
وإنّما عنى بذلك: وما تحت الأرضين السّبع. كالّذي؛
- حدّثني محمّد بن إبراهيم السّليميّ المعروف بابن صدران، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا محمّد بن رفاعة، عن محمّد بن كعبٍ، {وما تحت الثّرى} قال: الثّرى: سبع أرضين). [جامع البيان: 16/11-12]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب {وما تحت الثرى} ما تحت سبع أرضين). [الدر المنثور: 10/158]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال: {الثرى} كل شيء مبتل). [الدر المنثور: 10/159]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي: {وما تحت الثرى} قال: هي الصخرة التي تحت الأرض السابعة وهي صخرة خضراء وهو سجين الذي فيه كتاب الكفار، واخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال: الثرى ما حفر من التراب مبتلا). [الدر المنثور: 10/159]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو يعلى، عن جابر بن عبد الله: أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم سئل ما تحت هذه الأرض قال: الماء، قيل: فما تحت الماء قال: ظلمة، قيل: فما تحت الظلمة قال: الهواء، قيل: فما تحت الهواء قال: الثرى، قيل: فما تحت الثرى قال: انقطع علم المخلوقين عند علم الخالق). [الدر المنثور: 10/159]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه، عن جابر بن عبد الله قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك إذ عارضنا رجل مترجب - يعني طويلا فدنا من النّبيّ صلى الله عليه وسلم فأخذ بخطام راحلته فقال: أنت محمد قال: نعم، قال: إني أريد أن أسألك عن خصال لا يعلمها أحد من أهل الأرض إلا رجل أو رجلان فقال: سل عما شئت، قال: يا محمد ما تحت هذه - يعني الأرض - قال: خلق، قال: فما تحتهم قال: أرض، قال: فما تحتها قال: خلق قال: فما تحتهم قال: أرض حتى انتهى إلى السابعة، قال: فما تحت السابعة قال: صخرة، قال: فما تحت الصخرة قال: الحوت، قال: فما تحت الحوت قال: الماء، قال: فما تحت الماء قال: الظلمة، قال: فما تحت الظلمة قال: الهواء، قال: فما تحت الهواء قال: الثرى، قال: فما تحت الثرى ففاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبكاء فقال: انقطع علم المخلوقين عند علم الخالق أيها السائل ما المسؤول بأعلم من السائل، قال: صدقت أشهد أنك رسول الله يا محمد أما إنك لو ادعيت تحت الثرى شيئا لعلمت أنك ساحر كذاب أشهد أنك رسول الله ثم ولى الرجل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أيها الناس هل تدرون ما هذا قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: هذا جبريل). [الدر المنثور: 10/159-160]

تفسير قوله تعالى: (وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (7) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني حفص عن زيد بن أسلم في قول الله: {يعلم السر وأخفى}، قال: يعلم أسرار العباد وأخفى سره فلا يعلم). [الجامع في علوم القرآن: 1/37]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني أيضا عن الحسن في قول الله: {السر وأخفى}، قال: السر ما تتحدث به أنت وصاحبك، وأخفى ما تحدث به نفسك). [الجامع في علوم القرآن: 2/53]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله السر وأخفى من السر ما حدثت به نفسك وما لم تحدث به نفسك أيضا مما هو كائن). [تفسير عبد الرزاق: 2/15]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن أبي داود عن الضّحّاك في قوله: {يعلم السّرّ وأخفى} قال: السر ما حدثت به نفسك وأخفى: ما لم تحدثك به [الآية: 7]). [تفسير الثوري: 192]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإن تجهر بالقول فإنّه يعلم السّرّ وأخفى (7) اللّه لا إله إلاّ هو له الأسماء الحسنى}.
يقول تعالى ذكره: وإن تجهر يا محمّد بالقول، أو تخف به، فسواءٌ عند ربّك الّذي له ما في السّموات وما في الأرض {فإنّه يعلم السّرّ} يقول: فإنّه لا يخفى عليه ما استسررته في نفسك، فلم تبده بجوارحك ولم تتكلّم بلسانك، ولم تنطق به وأخفى.
ثمّ اختلف أهل التّأويل في المعنيّ بقوله {وأخفى} فقال بعضهم: معناه: وأخفى من السّرّ، قال: والّذي هو أخفى من السّرّ ما حدّث به المرء نفسه ولم يعمله.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عمرٍو، عن عطاءٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، {يعلم السّرّ وأخفى} قال: السّرّ: ما علمته أنت وأخفى: ما قذف اللّه في قلبك ممّا لم تعمله.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله {يعلم السّرّ وأخفى} يعني بأخفى: ما لم يعمله، وهو عامله، وأمّا السّرّ: فيعني ما أسرّ في نفسه.
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله {يعلم السّرّ وأخفى} قال: السّرّ: ما أسرّ ابن آدم في نفسه. وأخفى: قال: ما أخفى ابن آدم ممّا هو فاعله قبل أن يعمله، فاللّه يعلم ذلك، فعلمه فيما مضى من ذلك، وما بقي علمٌ واحدٌ، وجميع الخلائق عنده في ذلك كنفسٍ واحدةٍ، وهو قوله: {ما خلقكم ولا بعثكم إلاّ كنفسٍ واحدةٍ}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ، قال سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: السّرّ: ما أسرّ الإنسان في نفسه، وأخفى: ما لم يعلم الإنسان ممّا هو كائنٌ.
- حدّثني زكريّا بن يحيى بن أبي زائدة، ومحمّد بن عمرٍو، قالا: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {يعلم السّرّ وأخفى} قال: أخفى: الوسوسة زاد ابن عمرٍو والحارث في حديثيهما: والسّرّ: العمل الّذي يسرّون من النّاس.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ {وأخفى} قال: الوسوسة.
- حدّثنا هنّادٌ، قال: حدّثنا أبو الأحوص، عن سماكٍ، عن عكرمة، في قوله {يعلم السّرّ وأخفى} قال: أخفى حديث نفسك.
- حدّثنا ابن سنان القزاز، قال: حدّثنا الحسين بن الحسن الأشقر، قال: حدّثنا أبو كدينة، عن عطاءٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله {يعلم السّرّ وأخفى} قال: السّرّ: ما يكون في نفسك اليوم. وأخفى: ما يكون في غدٍ وبعد غدٍ، لا يعلمه إلاّ اللّه.
وقال آخرون: بل معناه: وأخفى من السّرّ ما لم تحدّث به نفسك
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الفضل بن الصّبّاح، قال: حدّثنا ابن فضيلٍ، عن عطاءٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، في قوله: {يعلم السّرّ وأخفى} قال: السّرّ: ما أسررت في نفسك، وأخفى من ذلك: ما لم تحدّث به نفسك.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وإن تجهر بالقول فإنّه يعلم السّرّ وأخفى} كنّا نحدّث أنّ السّرّ ما حدّثت به نفسك، وأنّ أخفى من السّرّ: ما هو كائنٌ ممّا لم تحدّث به نفسك.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا سليمان بن حربٍ، قال: حدّثنا أبو هلالٍ، قال: حدّثنا قتادة في قوله {يعلم السّرّ وأخفى} قال: يعلم ما أسررت في نفسك، وأخفى: ما لم يكن وهو كائنٌ.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله {يعلم السّرّ وأخفى} قال: أخفى من السّرّ: ما حدّثت به نفسك، وما لم تحدّث به نفسك أيضًا ممّا هو كائنٌ.
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال: حدّثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {يعلم السّرّ وأخفى} أما السّرّ: فما أسررت في نفسك. وأمّا أخفى من السّرّ: فما لم تعلمه وأنت عامله، يعلم اللّه ذلك كلّه.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: أنّه يعلم سرّ العباد، وأخفى سرّ نفسه، فلم يطلع عليه أحدًا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {يعلم السّرّ وأخفى} قال: يعلم أسرار العباد، وأخفى سرّه فلا يعلم.
وكأنّ الّذين وجّهوا ذلك إلى أنّ السّرّ هو ما حدّث به الإنسان غيره سرًّا، وأنّ أخفى: معناه: ما حدّث به نفسه، وجّهوا تأويل أخفى إلى الخفيّ. وقال بعضهم: قد توضع أفعل موضع الفاعل، واستشهدوا لقولهم ذلك بقول الشّاعر:
تمنّى رجالٌ أن أموت وإن أمت = فتلك سبيل لست فيها بأوحد
والصّواب من القول في ذلك، قول من قال: معناه: يعلم السّرّ وأخفى من السّرّ، لأنّ ذلك هو الظّاهر من الكلام، ولو كان معنى ذلك على ما تأوّله ابن زيدٍ، لكان الكلام: وأخفى اللّه سرّه، لأنّ أخفى: فعلٌ واقعٌ مٌتعدٍّ، إذ كان بمعنى فعل على ما تأوّله ابن زيدٍ، وفي انفراد أخفى من مفعوله، والّذي يعمل فيه لو كان بمعنى فعل الدّليل الواضح على أنّه بمعنى أفعل، وأنّ تأويل الكلام: فإنّه يعلم السّرّ وأخفى منه. فإذ كان ذلك تأويله، فالصّواب من القول في معنى أخفى من السّرّ أن يقال: هو ما علم اللّه ممّا خفى عن العباد، ولم يعلموه ممّا هو كائنٌ ولمّا يكن، لأنّ ما ظهر وكان فغير سرٍّ، وأنّ ما لم يكن وهو غير كائنٍ فلا شيء، وأنّ ما لم يكن وهو كائنٌ فهو أخفى من السّرّ، لأنّ ذلك لا يعلمه إلاّ اللّه، ثمّ من أعلمه ذلك من عباده). [جامع البيان: 16/12-17]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال السر الذي تستره من الناس وأخفى يعني الوسوسة). [تفسير مجاهد: 393]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير في قوله يعلم السر وأخفى قال السر ما أسررت في نفسك وأخفى يعني ما لم تحدث به نفسك). [تفسير مجاهد: 394]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا محمّد بن يعقوب الحافظ، ثنا حامد بن أبي حامدٍ المقرئ، ثنا عبد الرّحمن بن عبد اللّه الدّشتكيّ، ثنا عمرو بن أبي قيسٍ، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله تعالى: {يعلم السّرّ وأخفى} [طه: 7] قال: " {السّرّ} [طه: 7] ما علمته أنت {وأخفى} [طه: 7] ما قذفه اللّه في قلبك ممّا لم تعلمه «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/410]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {يعلم السر وأخفى} قال: السر ما أسره ابن آدم في نفسه {وأخفى} ما خفي ابن آدم مما هو فاعله قبل أن يعلمه فإنه يعلم ذلك كله فعلمه فيما مضى من ذلك وما بقي علم واحد وجميع الخلائق عنده في ذلك كنفس واحدة وهو كقوله: (ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة) (لقمان آية 28) ). [الدر المنثور: 10/160-161]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله: {يعلم السر وأخفى} قال: السر ما علمته أنت وأخفى ما قذف الله في قلبك مما لم تعلمه). [الدر المنثور: 10/161]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي بلفظ: يعلم ما تسر في نفسك ويعلم ما تعمل غدا). [الدر المنثور: 10/161]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن قتادة في قوله: {يعلم السر وأخفى} قال: أخفى من السر ما حدثت به نفسك وما لم تحدث به نفسك أيضا مما هو كائن). [الدر المنثور: 10/161]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {يعلم السر وأخفى} قال: الوسوسة والسر العمل الذي تسرون من الناس). [الدر المنثور: 10/161]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن الحسن قال: السر ما أسر الرجل إلى غيره وأخفى من ذلك ما أسر في نفسه). [الدر المنثور: 10/161]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن سعيد بن جبير في الآية، قال: السر ما تسر في نفسك وأخفى من السر ما لم يكن بعد وهو كائن). [الدر المنثور: 10/161-162]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن عكرمة في الآية، قال: السر ما حدث به الرجل أهله وأخفى ما تكلمت به في نفسك). [الدر المنثور: 10/162]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك في قوله: {يعلم السر وأخفى} قال: السر ما أسررت في نفسك {وأخفى} ما لم تحدث به نفسك). [الدر المنثور: 10/162]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن زيد بن أسلم في قوله: {يعلم السر وأخفى} قال: يعلم أسرار العباد {وأخفى} سره فلا نعلمه والله أعلم). [الدر المنثور: 10/162]

تفسير قوله تعالى: (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (8) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وأمّا قوله تعالى ذكره: {اللّه لا إله إلاّ هو} فإنّه يعني به: المعبود الّذي لا تصلح العبادة إلاّ له {الله}. يقول: فإيّاه فاعبدوا أيّها النّاس دون ما سواه من الآلهة والأوثان {له الأسماء الحسنى} يقول جلّ ثناؤه: لمعبودكم أيّها النّاس الأسماء الحسنى، فقال: الحسنى، فوحّد، وهو نعتٌ للأسماء، ولم يقل الأحاسن، لأنّ الأسماء تقع عليها هذه، فيقال: هذه أسماءٌ، وهذه في لفظةٌ واحدةٌ، ومنه قول الأعشى:
وسوف يعقبنيه إن ظفرت به = ربٌّ غفورٌ وبيضٌ ذات أطهار
فوحّد ذات، وهو نعتٌ للبيض لأنّه يقع عليها هذه، كما قال: {حدائق ذات بهجةٍ} ومنه قوله جلّ ثناؤه: {مآرب أخرى} فوحّد أخرى، وهي نعتٌ لمآرب، والمآرب: جمعٌ، واحدتها: مأربةٌ، ولم يقل أخر، لما وصفنا، ولو قيل: أخر، لكان صوابًا). [جامع البيان: 16/17-18]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 11:52 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي

{تفسير قوله تعالى: (طه (1)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {طه} [سورة طه: 1] حدّثنا الحسن بن دينارٍ، عن الحسن قال: {طه} [طه: 1] : يا رجل.
سعيدٌ، عن قتادة قال: {طه} [طه: 1] : يا رجل.
قرّة بن خالدٍ، عن الضّحّاك بن مزاحمٍ قال: {طه} [طه: 1] يا رجل.
قال: وهي بالنّبطيّة ثمّ قال الضّحّاك: ايطه ايطه). [تفسير القرآن العظيم: 1/251]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(قوله: {طه}

حرف هجاء. وقد جاء في التفسير طه: يا رجل، يا إنسان ... حدثني قيس بن الربيع، قال: حدثني عاصم عن زرّ بن حبيش، قال: قرأ رجل على ابن مسعود طه بالفتح، قال فقال له عبد الله طه بالكسر قال فقال له الرجل يا أبا عبد الرحمن أليس أنما أمر أن يطأ قدمه. قال: فقال له طه. هكذا أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلّم. وكان بعض القراء يقطّعها ط ه قرأها أبو عمرو بن العلاء طاهي هكذا). [معاني القرآن: 2/174]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {طه} ساكنٌ لأنه جرى مجرى فواتح سائر السور اللواتي مجازهن مجاز حروف التهجي ومجاز موضعه في المعنى كمجاز ابتداء فواتح سائر السور، قال أبو طفيلة الحرمازي، فزعم أن طه " يا رجل "، ولا ينبغي أن يكون إسماً لأنه ساكن لو كان إسماً لدخله الإعراب). [مجاز القرآن: 2/15]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {طه}
قال: {طه} منهم من يزعم أنها حرفان مثل {حمّ} ومنهم من يقول {طه} يعني: يا رجل في بعض لغات العرب). [معاني القرآن: 3/3]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله: {طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى}
يقرأ طه - بفتح الطاء والهاء، وتقرأ طه - بكسرهما - ويقرأ طه – بفتح الطاء وإسكان الهاء، وطه بفتح الطاء وكسر الهاء.
واختلف في تفسيرها فقال أهل اللغة هي من فواتح السّور نحو حم والم، ويروى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صلى رفع رجلا ووضع أخرى فأنزل اللّه عزّ وجلّ: (طاها) أي طأ الأرض بقدميك جميعا). [معاني القرآن: 3/349]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {طه}: معناه عند ابن عباس: يا رجل يريد النبي –صلى الله عليه وسلم- وقد قيل: أنه أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يطأ الأرض برجليه في صلاته ولا يتكلف الوقوف على رجل واحدة، ولذلك قال بعد ذلك: {مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} فتكون (الهاء) عبارة تعود إلى الأرض. ومن قرأ بغير ألف وإسكان الهاء جعل الهاء تعود إلى المكان أو الموضع، وأكثر أقوال العلماء أنها (من حروف التهجي) كـ {الر} و{حم} وشبه ذلك). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 151]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {طـهَ}: يا رجل). [العمدة في غريب القرآن: 199]

تفسير قوله تعالى: {مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى (2)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ما أنزلنا عليك القرءان لتشقى} [طه: 2] يقول: يا رجل {ما أنزلنا عليك القرءان لتشقى} [طه: 2].
أخبرني عاصم بن حكيمٍ أنّ مجاهدًا قال: لتشقى في الصّلاة كقوله: {فاقرءوا ما تيسّر منه} [المزمل: 20]، وكانوا يعلّقون الحبال بصدورهم في الصّلاة.
- وحدّثني خداشٌ، عن حميدٍ الطّويل، عن أنس بن مالكٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم رأى حبلًا ممدودًا بين ساريتين في المسجد فقال: " ما هذا الحبل، فقالوا: فلانةٌ ابنة فلانٍ تصلّي فإذا غلبت تعلّقت به، فقال: لتصلّ ما
[تفسير القرآن العظيم: 1/251]
عقلت فإذا غلبت فلتنم ".
- الحسن بن دينارٍ، عن الحسن قال: قال رسول اللّه: «ليصلّ أحدكم من اللّيل ما عقل صلاته، فإذا استعجم عليه القرآن فلينم».
وكان الحسن يقول: إنّ المشركين قالوا للنّبيّ إنّه شقيٌّ، فأنزل اللّه تبارك وتعالى هذه الآية). [تفسير القرآن العظيم: 1/252]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى * إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى} مجازه مجاز المقدم والمؤخر وفيه ضمير، وله موضع آخر من المختصر الذي فيه ضمير: ما أنزلنا عليك القرآن إلا تذكرة لمن يخشى لا لتشقى ؛ والموضع الآخر: ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى، وما أنزلناه إلا تذكرة لمن يخشى). [مجاز القرآن: 2/15]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى}
أي لتصلّي على إحدى رجليك فتشتد عليك، وقيل طه لغة بالعجمية معناها يا رجل، فأمّا من فتح الطاء والهاء فلأن ما قبل الألف مفتوح، ومن كسر الطاء والهاء، أمال إلى الكسر لأن الحرف مقصور، والمقصور تغلب عليه الإمالة إلى الكسر ومن قرأ طه بإسكان الهاء ففيها وجهان أحدهما أن يكون أصله " طا " بالهمزة فأبدلت منها الهاء كما قالوا في إياك هياك وكما قالوا في أرقت الماء هرقت وجائز أن يكون من " وطي " على ترك الهمزة.
فيكون " ط " يا رجل - ثم أثبت فيها الهاء للوقف فقيل طه). [معاني القرآن: 3/349-350]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (3)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {إلا تذكرةً لمن يخشى} [طه: 3] يقول: وإنّما أنزله اللّه تبارك وتعالى تذكرةً لمن يخشى اللّه، وأمّا الكافر فلم يقبل التّذكرة). [تفسير القرآن العظيم: 1/252]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {إلاّ تذكرةً...} نصبها على قوله: {وما أنزلناه إلا تذكرةً}). [معاني القرآن: 2/174]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى} مجازه مجاز المقدم والمؤخر وفيه ضمير، وله موضع آخر من المختصر الذي فيه ضمير: ما أنزلنا عليك القرآن إلا تذكرة لمن يخشى لا لتشقى ؛ والموضع الآخر: ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى، وما أنزلناه إلا تذكرة لمن يخشى). [مجاز القرآن: 2/15] (م)
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى}
وقال: {إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى} بدلا من قوله: {لِتَشْقَى} فجعله "ما أنزلنا القرآن عليك إلاّ تذكرةً"). [معاني القرآن: 3/3]

تفسير قوله تعالى: {تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا (4)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {تنزيلا} [طه: 4] أنزله اللّه تنزيلا.
قال: {ممّن خلق الأرض والسّموات العلى} [طه: 4] يعني نفسه). [تفسير القرآن العظيم: 1/252]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {تَنْزِيلًا...} ولو كانت (تنزيلٌ) (على الاستئناف) كان صواباً). [معاني القرآن: 2/174]

قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ({تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا}
وقال: {تَنْزِيلًا} أي: أنزل الله ذلك تنزيلا). [معاني القرآن: 3/3-4]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا}
المعنى أنزلناه تنزيلا، والعلى جمع العليا، يقال: سماء عليا وسموات على، مثل الكبرى والكبر). [معاني القرآن: 3/350]

تفسير قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ( {الرّحمن على العرش استوى} [طه: 5]
- حدّثني أبو أميّة، عن الحسن قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " بين هذه السّماء وبين الّتي فوقها مسيرة خمس مائة سنةٍ، وغلظها مسيرة خمس مائة سنةٍ، وبين السّماء الثّانية وبين السّماء الثّالثة مسيرة خمس مائة سنةٍ، وغلظها مسيرة خمس مائة سنةٍ، حتّى عدّ سبع سمواتٍ هكذا، قال: وبين السّماء السّابعة وبين العرش كما بين سماءين، وغلظ هذه الأرض
مسيرة خمس مائة سنةٍ وبينها وبين الأرض الّتي تحتها مسيرة خمس مائة سنةٍ، وغلظها مسيرة خمس مائة سنةٍ، حتّى عدّ سبع أرضين هكذا ".
- وحدّثني إبراهيم بن محمّدٍ، عن محمّد بن المنكدر قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " أذن لي أن أحدّث عن ملكٍ من حملة العرش، رجلاه في الأرض السّفلى، وعلى قرنه العرش، وبين شحمة أذنه إلى عاتقه خفقان الطّير
[تفسير القرآن العظيم: 1/252]
مسيرة سبع مائة سنةٍ يقول: سبحانك حيث كنت ".
قال يحيى: بلغني أنّ اسمه زروفيل). [تفسير القرآن العظيم: 1/253]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} أي علا، يقال: استويت فوق الدابة وعلى البعير وعلى الجبل وفوق البيت، أي علوت عليه وفوقه، ورفع الرحمن في مكانين: أحدهما على القطع من الأول المجرور والابتداء وعلى إعمال الفعل، مجازه: استوى الرحمن على العرش). [مجاز القرآن: 2/15]

قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}
وقال: {الرَّحْمَنُ} أي: هو الرّحمن. وقال بعضهم {الرَّحْمَنُ} أي: تنزيلا من الرحمن.
وقال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} يقول "علا" ومعنى "علا": قدر. ولم يزل قادرا ولكن أخبر بقدرته). [معاني القرآن: 3/4]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {على العرش استوى}: استوى استولى وقد يكون كقوله {بلغ أشده واستوى} تم فيكون المعنى: تم). [غريب القرآن وتفسيره: 243]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}. قال أبو عبيدة: علا. قال: وتقول استويت فوق الدابة، واستويت فوق البيت.
وقال غيره: استوي: استقر. واحتج بقول اللّه عز وجل: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ}، أي استقررت في الفلك.
وقوله: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىٰ} أي انتهي شبابه واستقر، فلم يكن في نباته مزيد). [تفسير غريب القرآن: 277]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}
الاختيار الرفع، ويجوز الخفض على البدل من " من " المعنى تنزيلا من خالق الأرض والسّماوات الرحمن، ثم أخبر بعد ذلك فقال: على العرش استوى، وقالوا معنى {اسْتَوَى} استولى - واللّه أعلم. والذي يدل عليه استوى في اللغة على ما فعله من معنى الاستواء). [معاني القرآن: 3/350]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {اسْتَوَى}: عمد). [العمدة في غريب القرآن: 199]

تفسير قوله تعالى: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى (6)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {له ما في السّموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثّرى} [طه: 6] الحسن بن دينارٍ، عن أبي رجاءٍ العطارديّ قال: الثّرى، الّذي تحت الماء، الّذي يستقرّ عليه الماء فهو يعلم ما تحت ذلك الثّرى الّذي مستقرّ الماء عليه.
سعيدٌ، عن قتادة قال: الثّرى كلّ شيءٍ مبتلٍّ). [تفسير القرآن العظيم: 1/253]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ)
: ( {له ما في السموات وما في الأرض}). [غريب القرآن وتفسيره: 243]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (قوله: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى}
الثرى في اللغة الندى، وما تحت الأرض ندى، وجاء في التفسير وما تحت الثرى ما تحت الأرض). [معاني القرآن: 3/350]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وَمَا تَحْتَ الثَّرَى} أي: التراب الندي). [ياقوتة الصراط: 345]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (7)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وإن تجهر بالقول فإنّه يعلم السّرّ وأخفى} [طه: 7] سعيدٌ، عن قتادة قال: السّرّ ما حدّثت به نفسك، وأخفى منه ما هو كائنٌ ممّا لم تحدّث به نفسك.
الحسن بن دينارٍ، عن قتادة قال: السّرّ ما أخفيت في نفسك، وأخفى منه ما علم اللّه تبارك وتعالى أنّك عاملٌ). [تفسير القرآن العظيم: 1/253]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {يَعْلَمُ السِّرَّ...} ما أسررته {وَأَخْفَى}: ما حدّثت به نفسك). [معاني القرآن: 2/174]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} يعني والخفى الذي حدثت به نفسك ولم تسره إلى أحد، وقد يوضع " افعل " في موضع الفاعل ونحوه، قال:
تمنّى رجالٌ أن أموت وإن أمت=فتلك سبيلٌ لست فيها بأوحد
وله موضع آخر من المختصر الذي فيه ضمير يعلم السر وأخفى من السر). [مجاز القرآن: 2/16]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {السر وأخفى} وأخفى: ما حدثت به نفسك). [غريب القرآن وتفسيره: 243]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {يَعْلَمُ السِّرَّ}: ما أسررته ولم تظهره
{وَأَخْفَى}: ما حدّثت به نفسك). [تفسير غريب القرآن: 277]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى}
فالسّر ما أكننته في نفسك، و " أخفى " ما يكون من الغيب الذي لا يعلمه إلا اللّه). [معاني القرآن: 3/350]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {يَعْلَمُ السِّرَّ}: ما أسررته لغيرك ولم تظهره.
{وَأَخْفَى}: ما حدثت به نفسك). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 151]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَأَخْفَى}: حديث النفس). [العمدة في غريب القرآن: 199]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (8)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {اللّه لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى} [طه: 8]
- الحسن بن دينارٍ، عن محمّد بن سيرين، عن أبي هريرة قال: إنّ للّه تسعةً وتسعين اسمًا، مائةً غير واحدٍ، من أحصاها دخل الجنّة.
خداشٌ، عن محمّد بن عمرٍو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النّبيّ مثل ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1/253]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}

يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((للّه تسعة وتسعون اسما من أحصاها دخل الجنة )).
وتأويل من أحصاها دخل الجنة، من وحّد اللّه وذكر هذه الأسماء الحسنى يريد بها توحيد اللّه وإعظامه دخل الجنة.
وقد جاء أنه من قال لا إله إلا اللّه دخل الجنة، فهذا لمن ذكر اسم الله موحّدا له به فكيف بمن ذكر أسماءه كلّها يريد بها توحيده والثناء عليه). [معاني القرآن: 3/350-351]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 11:59 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {طه (1) }
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (ومما يفسر من كتاب الله جل وعز تفسيرين متضادين قوله عز وجل: {طه}؛ قال بعض المفسرين: معناه: يا رجل بالسريانية، وقال غيره: معناه: يا رجل، بلغة عك، وزعم أن عكا يقولون للرجل: (طه)، وكذلك للرجال والنسوة، وأنشد:

إن السفاهة طه من خليقتكم = لا قدس الله أخلاق الملاعين
وقال الأخفش: (طه) علامة لانقطاع السورة من السورة التي قبلها.
وقال الفراء: طه بمنزلة (الم)، ابتدأ الله جل وعز بها مكتفيا بها من جميع حروف المعجم؛ ليدل العرب على أنه
أنزل القرآن على نبيه باللغة التي يعلمونها، والألفاظ التي يعقلونها، كي لا تكون لهم على الله حجة). [كتاب الأضداد: 404-405]

تفسير قوله تعالى: {مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى (2) }

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (3) }

تفسير قوله تعالى: {تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا (4) }

تفسير قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} قال أبو العباس: يقال فيه ضروب؛ يقال أ قبل، ويقال استوى عليه من الاستواء. والمعتزلة يقولون: استولى). [مجالس ثعلب: 269]

تفسير قوله تعالى: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى (6) }
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (والثرى على وجهين: الثرى من الندى مقصور يكتب بالياء، والثراء في كثرة المال واليسار ممدود يكتب بالألف). [المقصور والممدود: 18]
قال عبدُ الملكِ بنُ قُرَيبٍ الأصمعيُّ (ت: 216هـ) : (قال الأصمعي: حدثني الثقة عن رؤبة بن العجاج أنه قال: شهر ثرى وشهر ترى وشهر مرعى وشهر استوى. وذلك أن المطر إذا وقع الأول منه قيل الأرض تمكت ترابا رطبا فهو الثرى، ثم تنبت فترى النبات في شهر فهو قوله: ترى. ثم تكون في الشهر الثالث مرعى. ثم يستوي النبت في الرابع ويكتهل، وإذا يبس الثرى قيل: بلح يبلح بلوحا). [النبات والشجر: 39]

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (التقى الثريان.
..... والثرى هو التراب الندي). [الأمثال: 177]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (الأموي: البرى على مثال الثرى هو التراب). [الغريب المصنف: 1/390]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (

إلى عرق الثرى وشجت عروقي = وهذا الموت يسلبني شبابي
الثرى: التراب. يقال: ثر هذا المكان؛ أي ندي). [شرح ديوان امرئ القيس: 541-542]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (وقال الرستمي: قال يعقوب: ثراء المال كثرته ونماؤه ويقال ثرا بنو فلان بني فلان إذا كثروهم أي: صاروا أكثر منهم، والثرى: الندى مقصور وثري المكان يثرى ثرى: ثر هذا المكان أي نده). [شرح المفضليات: 774]
قال أبو عليًّ إسماعيلُ بنُ القاسمِ القَالِي (ت: 356هـ) : (ومثرية: متصلة، مأخوذ من الثرى، وهو التراب الندى، يقال: ثريت التراب إذا بللته، قال جرير:

فلا توبسوا بيني وبينكم الثرى = فإن الذي بيني وبينكم مثرى
ويقال: قد ثريت بك، أي كثرت بك، وثرى بنو فلان بنى فلان، أي صاروا أكثر منهم.
وأثرى الرجل يثري إثراءً إذا كثر ماله، وإنه لمثرٍ.
والثراء والثروة جميعًا: كثرة الأموال، وقد تكون الثروة كثرة العدد.
وينشد بيت ابن مقبل:
وثروةٍ من رجال لو رأيتهم = لقلت إحدى حراج الجر من أقر
فالثروة هاهنا كثرة العدد.
ويروى، وثورة من رجال، وهم الذين يثورون في الحرب). [الأمالي: 1/94]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (7) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (قال أبو العباس في المثل السائر: قيل لرجل: ما خفي? قال: ما لم يكن.
وفي تفسير هذه الآية: {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى}. قال: ما حدَّثت به نفسك. كما قال: {أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ}، تقديره في العربية: وأخفى منه). [الكامل: 2/876]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (8) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 17 ذو القعدة 1439هـ/29-07-2018م, 03:44 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 17 ذو القعدة 1439هـ/29-07-2018م, 03:50 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 17 ذو القعدة 1439هـ/29-07-2018م, 03:53 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {طه (1)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلا الرحمن على العرش استوى له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى}
اختلف الناس في قوله تعالى: {طه} بحسب اختلافهم في كل الحروف المتقدمة في أوائل السور، إلا قول من قال هناك: إن الحروف إشارة إلى حروف المعجم، كما تقول: "أ، ب، ج"، فإنه لا يترتب ها هنا؛ لأن ما بعد "طه" من الكلام لا يصح أن يكون خبرا عن "طه".
واختصت "طه" بأقوال لا تترتب في أوائل السور المذكورة، فمنها قول من قال: "طه" اسم من أسماء محمد صلى الله عليه وسلم، وقول من قال: "طه" معناه: "يا رجل" بالسريانية وقيل: بغيرها من لغات العجم، وحكي أنها لغة يمنية في عك، وأنشد الطبري في ذلك:
دعوت بطه في القتال فلم يجب فخفت عليه أن يكون موائلا
[المحرر الوجيز: 6/77]
ويروى: مزايلا. وقال الآخر:
إن السفاهة طه من خلائقكم ... لا بارك الله في القوم الملاعين
وقالت فرقة: سبب نزول الآية إنما هو ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحمله من مشقة الصلاة حتى كانت قدماه تتورم ويحتاج إلى الترويح، فقيل له: طا الأرض، أي: لا تتعب حتى تحتاج إلى الترويح، فالضمير في "طه" للأرض، وخففت الهمزة فصارت ألفا ساكنة.
وقرأت فرقة: "طه"، وأصله: طأ، فحذفت الهمزة وأدخلت هاء السكت، وقرأ ابن كثير، وابن عامر: "طه" بفتح الطاء والهاء، وروي ذلك عن قالون عن نافع، وروى يعقوب عنه كسرها، وروي عنه بين بالفتح والكسر، وأمالت فرقة، وفخمت فرقة، والتفخيم لغة الحجاز والنبي صلى الله عليه وسلم، وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: "طه" بكسر الطاء والهاء، وقرأ أبو عمرو: "طه" بفتح الطاء وكسر الهاء، وروي عن الضحاك وعمرو بن فائد أنهما قرآ: "طاوي"). [المحرر الوجيز: 6/78]

تفسير قوله تعالى: {مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى (2)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: "لتشقى" معناه التبلغ من نفسك في العبادة والقيام في الصلاة، وقالت فرقة: إنما سبب الآية أن قريشا نظرت إلى عيش رسول الله صلى الله عليه وسلم وشظفه وكثرة عياله، فقالت: إن محمدا مع ربه في شقاء، فنزلت الآية رادة عليهم، أي: إن الله تعالى لم ينزل القرآن ليجعل محمدا شقيا، بل ليجعله أسعد بني آدم في النعيم المقيم في أعلى المراتب، فالشقاء الذي رأيتم هو تنعم النفس، ولا شقاء مع ذلك.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
[المحرر الوجيز: 6/78]
فهذا التأويل أعم من الأول في لفظة الشقاء). [المحرر الوجيز: 6/79]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (3)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {إلا تذكرة لمن يخشى} يصح أن ينصب على البدل من موضع لتشقى، ويصح أن ينصب بفعل مضمر تقديره: لكن أنزلناه تذكرة. و"يخشى" يتضمن الإيمان والعمل الصالح؛ إذ الخشية باعثة على ذلك). [المحرر الوجيز: 6/79]

تفسير قوله تعالى: {تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا (4)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: {تنزيلا} نصب على المصدر، وقوله: {ممن خلق الأرض والسماوات العلا} صفة أقامها مقام الموصوف، وأفاد ذلك العبرة والتذكرة وتحقير الأوثان وبعث النفوس على النظر. و"العلى" جمع عليا، فعلى). [المحرر الوجيز: 6/79]

تفسير قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله: {الرحمن} رفع بالابتداء، ويصح أن يكون بدلا من الضمير المستقر في "خلق". وقوله: {استوى} قالت فرقة: هو بمعنى: استولى، وقال أبو المعالي وغيره من المتكلمين: هو بمعنى استواء القهر والغلبة، وقال سفيان الثوري: فعل فعلا في العرش سماه استواء، وقال الشعبي وجماعة غيره: هذا من متشابه القرآن، نؤمن به ولا نعرض لمعناه، وقال مالك بن أنس لرجل سأله عن هذا الاستواء، فقال له مالك: الاستواء معلوم، والكيفية مجهولة، والسؤال عن هذا بدعة، وأظنك رجل سوء، أخرجوه عني، فأدبر السائل وهو يقول: يا أبا عبد الله، لقد سألت عنها أهل الشام وأهل العراق فما وفق فيها أحد توفيقك.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وضعف أبو المعالي قول من قال: لا يتكلم في تفسيرها، فإن قال: إن كل مؤمن يجمع على أن لفظة الاستواء ليست على عرفها في معهود الكلام العزيز، فإذا فعل هذا فقد فسر ضرورة ولا فائدة في تأخره عن طلب الوجه والمخرج البين، بل في ذلك إلباس على الناس، وإيهام للعوام، وقد تقدم القول في مسألة الاستواء). [المحرر الوجيز: 6/79]

تفسير قوله تعالى: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى (6)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {له ما في السماوات وما في الأرض} تماد في الصفة المذكورة المنبهة على الخالق المنعم، وفي قوله: {وما تحت الثرى} قصص في أمر الحوت ونحوه اختصرته لعدم صحته، والآية مضمنة أن كل موجود محدث فهو لله بالملك والاختراع، ولا قديم سواه تعالى. و"الثرى" التراب الندي). [المحرر الوجيز: 6/79]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (7)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وإن تجهر بالقول} الآية، معناه: وإن كنتم أيها الناس إذا أردتم إعلام
[المحرر الوجيز: 6/79]
أحد بأمر، أو مخاطبة أوثانكم وغيرها، فأنتم تجهرون بالقول، فإن الله الذي هذه صفاته يعلم السر وأخفى، فالمخاطبة بـ "تجهر" لمحمد صلى الله عليه وسلم، وهي مراد بها جميع الناس إذ هي آية اعتبار.
واختلف الناس في ترتيب السر وما هو أخفى منه - فقالت فرقة: السر هو الكلام الخفي الخافت كقراءة السر في الصلاة، والأخفى ما هو في النفس متحصل. وقالت فرقة: السر هو ما في نفوس البشر وكل ما يمكن أن يكون فيها في المستأنف بحسب الممكنات من معلومات البشر، والأخفى ما هو من معلومات الله تعالى، ولا يمكن أن يعلمه البشر البتة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
فهذا كله معلوم لله عز وجل، وقد تؤول على بعض السلف أنه جعل "وأخفى" فعلا ماضيا، وهذا ضعيف). [المحرر الوجيز: 6/80]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (8)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (و{الأسماء الحسنى} يريد بها المسميات التي تضمنت المعاني التي هي في غاية الحسن، ووحد الصفة مع جمع الموصوف لما كانت المسميات لا تعقل، وهذا جار مجرى مآرب أخرى، ويا جبال أوبي وغيره، وذكر أهل العلم أن هذه الأسماء هي التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لله تسعة وتسعين اسما، مائة إلا واحدا، من أحصاها دخل الجنة). [المحرر الوجيز: 6/80]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 4 محرم 1440هـ/14-09-2018م, 06:44 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 4 محرم 1440هـ/14-09-2018م, 06:52 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {طه (1)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({طه (1) ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى (2) إلّا تذكرةً لمن يخشى (3) تنزيلًا ممّن خلق الأرض والسّماوات العلا (4) الرّحمن على العرش استوى (5) له ما في السّماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثّرى (6) وإن تجهر بالقول فإنّه يعلم السّرّ وأخفى (7) اللّه لا إله إلّا هو له الأسماء الحسنى (8)}
تقدّم الكلام على الحروف المقطّعة في أوّل سورة "البقرة" بما أغنى عن إعادته.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا الحسين بن محمّد بن شنبة الواسطيّ، حدّثنا أبو أحمد -يعني: الزّبيريّ -أنبأنا إسرائيل عن سالمٍ الأفطس، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: طه: يا رجل. وهكذا روي عن مجاهدٍ، وعكرمة، وسعيد بن جبير، و [عطاء] ومحمّد بن كعبٍ، وأبي مالكٍ، وعطيّة العوفيّ، والحسن، وقتادة، والضّحّاك، والسّدّيّ، وابن أبزى أنّهم قالوا: "طه" بمعنى: يا رجل.
وفي روايةٍ عن ابن عبّاسٍ، وسعيد بن جبيرٍ والثّوريّ أنّها كلمةٌ بالنّبطيّة معناها: يا رجل. وقال أبو صالحٍ هي معرّبة.
وأسند القاضي عياضٌ في كتابه "الشّفاء" من طريق عبد بن حميد في تفسيره: حدثنا هاشم بن [القاسم] عن ابن جعفرٍ، عن الرّبيع بن أنسٍ قال: كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إذا صلّى قام على رجلٍ ورفع الأخرى، فأنزل اللّه تعالى {طه}، يعني: طأ الأرض يا محمّد، {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى}. ثمّ قال: ولا خفاء بما في هذا من الإكرام وحسن المعاملة). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 271-272]

تفسير قوله تعالى: {مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى (2)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} قال جويبرٌ، عن الضّحّاك: لـمّا أنزل اللّه القرآن على رسوله، قام به هو وأصحابه، فقال المشركون من قريشٍ: ما أنزل هذا القرآن على محمّدٍ إلّا ليشقى! فأنزل اللّه تعالى: {طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرةً لمن يخشى}.
فليس الأمر كما زعمه المبطلون، بل من آتاه اللّه العلم فقد أراد به خيرًا كثيرًا، كما ثبت في الصّحيحين، عن معاوية قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "من يرد اللّه به خيرًا يفقّهه في الدّين"..
وما أحسن الحديث الّذي رواه الحافظ أبو القاسم الطّبرانيّ في ذلك حيث قال:
حدّثنا أحمد بن زهيرٍ، حدّثنا العلاء بن سالمٍ، حدّثنا إبراهيم الطّالقانيّ، حدّثنا ابن المبارك، عن سفيان، عن سماك بن حربٍ، عن ثعلبة بن الحكم قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: "يقول اللّه تعالى للعلماء يوم القيامة إذا قعد على كرسيّه لقضاء عباده: إنّي لم أجعل علمي وحكمتي فيكم إلّا وأنا أريد أن أغفر لكم على ما كان منكم، ولا أبالي".
إسناده جيّدٌ وثعلبة بن الحكم هذا [هو اللّيثيّ] ذكره أبو عمر في استيعابه، وقال: نزل البصرة، ثمّ تحوّل إلى الكوفة، وروى عنه سماك بن حربٍ.
وقال مجاهدٌ في قوله: {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى}: هي كقوله: {فاقرءوا ما تيسّر من} [المزّمّل: 20] وكانوا يعلّقون الحبال بصدورهم في الصّلاة.
وقال قتادة: {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى}: لا واللّه ما جعله شقاءً، ولكن جعله رحمةً ونورًا، ودليلًا إلى الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 272]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (3)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إلا تذكرةً لمن يخشى}: إنّ اللّه أنزل كتابه، وبعث رسله رحمةً، رحم بها العباد، ليتذكّر ذاكرٌ، وينتفع رجلٌ بما سمع من كتاب اللّه، وهو ذكرٌ أنزل اللّه فيه حلاله وحرامه). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 272]

تفسير قوله تعالى: {تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا (4)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {تنزيلا ممّن خلق الأرض والسّماوات العلا} أي: هذا القرآن الذي جاءك يا محمد [هو] تنزيلٌ من [ربّك] ربّ كلّ شيءٍ ومليكه، القادر على ما يشاء، الّذي خلق الأرض بانخفاضها وكثافتها، وخلق السموات العلى في ارتفاعها ولطافتها. وقد جاء في الحديث الّذي صحّحه التّرمذيّ وغيره أنّ سمك كلّ سماءٍ مسيرة خمسمائة عامٍ، وبعد ما بينها والّتي تليها [مسيرة] خمسمائة عامٍ.
وقد أورد ابن أبي حاتمٍ هاهنا حديث الأوعال من رواية العبّاس عمّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ورضي اللّه عنه). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 272-273]

تفسير قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله {الرّحمن على العرش استوى}: تقدّم الكلام على ذلك في سورة الأعراف، بما أغنى عن إعادته أيضًا، وأنّ المسلك الأسلم في ذلك طريقة السّلف، إمرار ما جاء في ذلك من الكتاب والسّنّة من غير تكييفٍ ولا تحريفٍ، ولا تشبيهٍ، ولا تعطيلٍ، ولا تمثيلٍ). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 273]

تفسير قوله تعالى: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى (6)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {له ما في السّماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثّرى} أي: الجميع ملكه وفي قبضته، وتحت تصريفه ومشيئته وإرادته وحكمه، وهو خالقٌ ذلك ومالكه وإلهه، لا إله سواه، ولا ربّ غيره.
وقوله: {وما تحت الثّرى} قال محمّد بن كعبٍ: أي ما تحت الأرض السّابعة.
وقال الأوزاعيّ: إنّ يحيى بن أبي كثيرٍ حدّثه أنّ كعبًا سئل فقيل له: ما تحت هذه الأرض؟ فقال: الماء. قيل: وما تحت الماء؟ قال: الأرض. قيل: وما تحت الأرض؟ قال: الماء. قيل: وما تحت الماء؟ قال: الأرض، قيل: وما تحت الأرض؟ قال: الماء. قيل: وما تحت الماء؟ قال: الأرض، قيل: وما تحت الأرض؟ قال الماء. قيل: وما تحت الماء؟ قال: الأرض، قيل: وما تحت الأرض؟ قال: صخرةٌ. قيل: وما تحت الصّخرة؟ قال: ملكٌ. قيل: وما تحت الملك؟ قال: حوتٌ معلّقٌ طرفاه بالعرش، قيل: وما تحت الحوت؟ قال: الهواء والظّلمة وانقطع العلم.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو عبيد الله بن أخي بن وهبٍ، حدّثنا عمّي، حدّثنا عبد اللّه بن عيّاش، حدّثنا عبد اللّه بن سليمان عن درّاج، عن عيسى بن هلالٍ الصّدفي، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ الأرضين بين كلّ أرضٍ والّتي تليها مسيرة خمسمائة عامٍ، والعليا منها على ظهر حوتٍ، قد التقى طرفاه في السّماء، والحوت على صخرةٍ، والصّخرة بيد الملك، والثّانية سجن الرّيح، والثّالثة فيها حجارة جهنّم، والرّابعة فيها كبريت جهنّم، والخامسة فيها حيّات جهنّم والسّادسة فيها عقارب جهنّم، والسّابعة فيها سقر، وفيها إبليس مصفّد بالحديد، يد أمامه ويد خلفه، فإذا أراد اللّه أن يطلقه لما يشاء أطلقه".
هذا حديثٌ غريبٌ جدًّا ورفعه فيه نظرٌ.
وقال الحافظ أبو يعلى في مسنده: حدّثنا أبو موسى الهرويّ، عن العبّاس بن الفضل [قال]: قلت: ابن الفضل الأنصاريّ؟ قال: نعم، [عن القاسم] بن عبد الرّحمن، عن محمّد بن عليٍّ، عن جابر بن عبد اللّه قال: كنت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في غزوة تبوك، فأقبلنا راجعين في حرٍّ شديدٍ، فنحن متفرّقون بين واحدٍ واثنين، منتشرين، قال: وكنت في أوّل العسكر: إذ عارضنا رجلٌ فسلّم ثمّ قال: أيّكم محمّدٌ؟ ومضى أصحابي ووقفت معه، فإذا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قد أقبل في وسط العسكر على جملٍ أحمر، مقنّع بثوبه على رأسه من الشّمس، فقلت: أيّها السّائل، هذا رسول اللّه قد أتاك. فقال: أيّهم هو؟ فقلت: صاحب البكر الأحمر. فدنا منه، فأخذ بخطام راحلته، فكفّ عليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: أنت محمّدٌ؟ قال: "نعم". قال: إنّي أريد أن أسألك عن خصالٍ، لا يعلمهنّ أحدٌ من أهل الأرض إلّا رجلٌ أو رجلان، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "سل عمّا شئت". فقال: يا محمّد، أينام النّبيّ؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "تنام عيناه ولا ينام قلبه". قال: صدقت. ثمّ قال: يا محمّد، من أين يشبه الولد أباه وأمّه؟ قال ماء الرّجل أبيض غليظٌ، وماء المرأة أصفر رقيقٌ، فأيّ الماءين غلب على الآخر نزع الولد". فقال صدقت. فقال: ما للرّجل من الولد وما للمرأة منه؟ فقال: "للرّجل العظام والعروق والعصب، وللمرأة اللّحم والدّم والشّعر قال: صدقت. ثمّ قال: يا محمّد، ما تحت هذه، يعني الأرض؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "خلقٌ". فقال: فما تحتهم؟ قال: "أرضٌ". قال: فما تحت الأرض؟ قال "الماء" قال: فما تحت الماء؟ قال: "ظلمةٌ". قال: فما تحت الظّلمة؟ قال: "الهواء". قال: فما تحت الهواء؟ قال: "الثّرى". قال: فما تحت الثّرى؟ ففاضت عينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بالبكاء، وقال: "انقطع علم المخلوقين عند علم الخالق، أيّها السّائل، ما المسئول عنها بأعلم من السّائل". قال: فقال: صدقت، أشهد أنّك رسول اللّه. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أيّها النّاس، هل تدرون من هذا؟ " قالوا: اللّه ورسوله أعلم. قال: "هذا جبريل صلّى اللّه عليه وسلّم .
هذا حديثٌ غريبٌ جدًّا، وسياقٌ عجيبٌ، تفرّد به القاسم بن عبد الرّحمن هذا، وقد قال فيه يحيى بن معينٍ: "ليس يساوي شيئًا" وضعّفه أبو حاتمٍ الرّازيّ، وقال ابن عديٍّ: لا يعرف.
قلت: وقد خلط في هذا الحديث، ودخل عليه شيءٌ في شيءٍ، وحديثٌ في حديثٍ. وقد يحتمل أنّه تعمّد ذلك، أو أدخل عليه فيه، فاللّه أعلم). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 273-275]

تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (7)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وإن تجهر بالقول فإنّه يعلم السّرّ وأخفى} أي: أنزل هذا القرآن الذي خلق [الأرض والسموات العلى، الّذي يعلم السّرّ وأخفى، كما قال تعالى: {قل أنزله الّذي يعلم السّرّ في] السّماوات والأرض إنّه كان غفورًا رحيمًا} [الفرقان: 6].
قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {يعلم السّرّ وأخفى} قال: السّرّ ما أسرّ ابن آدم في نفسه، {وأخفى}: ما أخفى على ابن آدم ممّا هو فاعله قبل أن يعلمه فاللّه يعلم ذلك كلّه، فعلمه فيما مضى من ذلك وما بقي علم واحدٌ، وجميع الخلائق في ذلك عنده كنفسٍ واحدةٍ، وهو قوله: {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفسٍ واحدةٍ} [لقمان: 28].
وقال الضّحّاك: {يعلم السّرّ وأخفى} قال: السّرّ: ما تحدّث به نفسك، وأخفى: ما لم تحدّث به نفسك بعد.
وقال سعيد بن جبيرٍ: أنت تعلم ما تسرّ اليوم، ولا تعلم ما تسرّ غدًا، واللّه يعلم ما تسرّ اليوم، وما تسرّ غدًا.
وقال مجاهدٌ: {وأخفى} يعني: الوسوسة.
وقال أيضًا هو وسعيد بن جبيرٍ: {وأخفى} أي: ما هو عامله ممّا لم يحدّث به نفسه). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 275]

تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (8)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {اللّه لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى} [أي: الّذي أنزل القرآن عليك هو اللّه الّذي لا إله إلّا هو ذو الأسماء الحسنى] والصفات العلى.
وقد تقدّم بيان الأحاديث الواردة في الأسماء الحسنى في أواخر سورة "الأعراف" وللّه الحمد والمنّة). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 275]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:49 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة