العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة النحل

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25 جمادى الأولى 1434هـ/5-04-2013م, 03:19 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير سورة النحل [ من الآية (75) إلى الآية (76) ]

{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (75) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (76)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 25 جمادى الأولى 1434هـ/5-04-2013م, 03:23 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (75) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى عبدا مملوكا لا يقدر على شيء قال هو الكافر لا يعمل بطاعة الله ولا ينفق خيرا قال ومن رزقنه منا رزقا حسنا قال هو المؤمن يطيع الله في نفسه وماله). [تفسير عبد الرزاق: 1/359]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ضرب اللّه مثلاً عبدًا مملوكًا لا يقدر على شيءٍ ومن رزقناه منّا رزقًا حسنًا فهو ينفق منه سرًّا وجهرًا، هل يستوون، الحمد للّه، بل أكثرهم لا يعلمون}.
يقول تعالى ذكره: وشبّه لكم شبهًا أيّها النّاس للكافر من عبيده، والمؤمن به منهم، فأمّا مثل الكافر: فإنّه لا يعمل بطاعة اللّه، ولا يأتي خيرًا، ولا ينفق في شيءٍ من سبيل اللّه ماله لغلبة خذلان اللّه عليه، كالعبد المملوك الّذي لا يقدر على شيءٍ فينفقه، وأمّا المؤمن باللّه فإنّه يعمل بطاعتة اللّه، وينفق في سبيله ماله، كالحرّ الّذي آتاه اللّه مالاً فهو ينفق منه سرًّا وجهرًا، يقول: بعلمٍ من النّاس وغير علمٍ {هل يستوون} يقول: هل يستوي العبد الّذي لا يملك شيئًا ولا يقدر عليه، وهذا الحرّ الّذي قد رزقه اللّه رزقًا حسنًا فهو ينفق كما وصف؟ فكذلك لا يستوي الكافر العامل بمعاصي اللّه المخالف أمره والمؤمن العامل بطاعته.
وبنحو ما قلنا في ذلك كان بعض أهل العلم يقول
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ضرب اللّه مثلاً عبدًا مملوكًا لا يقدر على شيءٍ} "
هذا مثلٌ ضربه اللّه للكافر، رزقه مالاً فلم يقدّم فيه خيرًا، ولم يعمل فيه بطاعة اللّه، قال اللّه تعالى ذكره: {ومن رزقناه منّا رزقًا حسنًا} فهذا المؤمن أعطاه اللّه مالاً، فعمل فيه بطاعة اللّه، وأخذ بالشّكر ومعرفة حقّ اللّه، فأثابه اللّه على ما رزقه الرّزق المقيم الدّائم لأهله في الجنّة، قال اللّه تعالى ذكره: {هل يستويان مثلاً}، واللّه ما يستويان: {الحمد للّه، بل أكثرهم لا يعلمون} "
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {عبدًا مملوكًا لا يقدر على شيءٍ} قال: " هو الكافر، لا يعمل بطاعة اللّه، ولا ينفق خيرًا {ومن رزقناه منّا رزقًا حسنًا} قال: " المؤمن يطيع اللّه في نفسه وماله "
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: " {ضرب اللّه مثلاً عبدًا مملوكًا لا يقدر على شيءٍ} يعني: الكافر أنّه لا يستطيع أن ينفق نفقةً في سبيل اللّه {ومن رزقناه منّا رزقًا حسنًا، فهو ينفق منه سرًّا وجهرًا} يعني المؤمن، وهذا المثل في النّفقة "
وقوله: {الحمد للّه} يقول: الحمد الكامل للّه خالصًا دون ما تدعون أيّها القوم من دونه من الأوثان فإيّاه فاحمدوا دونها.
وقوله: {بل أكثرهم لا يعلمون} يقول: ما الأمر كما تفعلون، ولا القول كما تقولون، ما للأوثان عندهم من يدٍ ولا معروفٍ فتحمد عليه، إنّما الحمد للّه، ولكنّ أكثر هؤلاء الكفرة الّذين يعبدونها لا يعلمون أنّ ذلك كذلك، فهم بجهلهم بما يأتون ويذرون يجعلونها للّه شركاء في العبادة والحمد
- وكان مجاهدٌ يقول: " ضرب اللّه هذا المثل، والمثل الآخر الذي بعده لنفسه، والآلهة الّتي تعبد من دونه "). [جامع البيان: 14/307-309]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء} يعني الكافر أنه لا يستطيع أن ينفق نفقة في سبيل الله {ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا} يعني المؤمن وهو المثل في النفقة). [الدر المنثور: 9/85]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: (وضرب الله مثلا عبدا مملوكا) قال: هذا مثل ضربه الله للكافر رزقه الله مالا فلم يقدم فيه خيرا ولم يعمل فيه بطاعة الله، {ومن رزقناه منا رزقا حسنا} قال: هو المؤمن أعطاه الله مالا رزقا حلالا فعمل فيه بطاعة الله وأخذه بشكر ومعرفة حق الله فأثابه الله على ما رزقه الرزق المقيم الدائم لأهله في الجنة، قال الله: {هل يستويان مثلا} قال: لا والله لا يستويان). [الدر المنثور: 9/85]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقا حسنا} و{رجلين أحدهما أبكم} {ومن يأمر بالعدل} قال: كل هذا مثل إله الحق وما يدعون من دونه الباطل). [الدر المنثور: 9/86]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس في قوله: {ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء} قال: يعني بذلك الآلهة التي لا تملك ضرا ولا نفعا ولا تقدر على شيء، ينفعها ومن رزقنا منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا قال علانية المؤمن الذي ينفق سرا وجهرا لله). [الدر المنثور: 9/86]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله: {ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء} قال الصنم). [الدر المنثور: 9/86]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس قال: إن الله ضرب الأمثال على حسب الأعمال فليس عمل صالح إلا له المثل الصالح وليس عمل سوء إلا له مثل سوء وقال: إن مثل العالم المتفهم كطريق بين شجر وجبل فهو مستقيم لا يعوجه شيء فذلك مثل العبد المؤمن الذي قرأ القرآن وعمل به). [الدر المنثور: 9/86]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وابن عساكر، عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية {ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء} في رجل من قريش وعبده في هشام بن عمر وهو الذي ينفق ماله سرا وجهرا وفي عبد أبي الجوزاء الذي كان ينهاه). [الدر المنثور: 9/87]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: ليس للعبد طلاق إلا بإذن سيده، وقرأ {عبدا مملوكا لا يقدر على شيء}). [الدر المنثور: 9/87]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في "سننه"، عن ابن عباس أنه سئل عن المملوك يتصدق بشيء قال: {ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء} لا يتصدق بشيء). [الدر المنثور: 9/87]

تفسير قوله تعالى: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (76) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى أبكم لا يقدر على شيء قال هو الوثن هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل فالله يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم). [تفسير عبد الرزاق: 1/359]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول اللّه عزّ وجلّ: {أينما يوجّهه لا يأت بخيرٍ} قال: هو الوثن يعبدونه). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 97]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وضرب اللّه مثلاً رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيءٍ وهو كلٌّ على مولاه، أينما يوجّهه لا يأت بخيرٍ، هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراطٍ مستقيمٍ}.
وهذا مثلٌ ضربه اللّه تعالى لنفسه والآلهة الّتي تعبد من دونه، فقال تعالى ذكره: {وضرب اللّه مثلاً رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيءٍ} يعني بذلك الصّنم أنّه لا يسمع شيئًا ولا ينطق، لأنّه إمّا خشبٌ منحوتٌ، وإمّا نحاسٌ مصنوعٌ، لا يقدر على نفعٍ لمن خدمه، ولا دفع ضرٍّ عنه {وهو كلٌّ على مولاه} يقول: وهو عيالٌ على ابن عمّه وحلفائه وأهل ولايته، فكذلك الصّنم كلٌّ على من يعبده، يحتاج أن يحمله ويضعه ويخدمه، كالأبكم من النّاس الّذي لا يقدر على شيءٍ، فهو كلٌّ على أوليائه من بني أعمامه وغيرهم {أينما يوجّهه لا يأت بخيرٍ} يقول: حيثما يوجّهه لا يأت بخيرٍ، لأنّه لا يفهم ما يقال له، ولا يقدر أن يعبّر عن نفسه ما يريد، فهو لا يفهم ولا يفهم عنه، فكذلك الصّنم لا يعقل ما يقال له فيأتمر لأمرٍ من أمره، ولا ينطق فيأمر وينهى.
يقول اللّه تعالى: {هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل} يعني: هل يستوي هذا الأبكم الكلّ على مولاه الّذي لا يأتي بخيرٍ حيث توجّه، ومن هو ناطقٌ متكلّمٌ يأمر بالحقّ ويدعو إليه، وهو اللّه الواحد القهّار، الّذي يدعو عباده إلى توحيده وطاعته؟ يقول: لا يستوي هو تعالى ذكره، والصّنم الّذي صفته ما وصف.
وقوله: {وهو على صراطٍ مستقيمٍ} يقول: وهو مع أمره بالعدل، على طريقٍ من الحقّ في دعائه إلى العدل وأمره به مستقيمٌ، لا يعوجّ عن الحقّ، ولا يزول عنه.
وقد اختلف أهل التّأويل في المضروب له هذا المثل، فقال بعضهم في ذلك بنحو الّذي قلنا فيه
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة: {لا يقدر على شيءٍ} قال: " هو الوثن {هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل} قال: " اللّه يأمر بالعدل {وهو على صراطٍ مستقيمٍ} ".
وكذلك كان مجاهدٌ يقول، إلاّ أنّه كان يقول: " المثل الأوّل أيضًا ضربه اللّه لنفسه وللوثن "
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه تعالى ذكره: {عبدًا مملوكًا لا يقدر على شيءٍ، ومن رزقناه منّا رزقًا حسنًا} {رجلين أحدهما أبكم}، {ومن يأمر بالعدل} قال: " كلّ هذا مثل إله الحقّ، وما يدعى من دونه من الباطل ".
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبو معاوية، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك: {وضرب اللّه مثلاً رجلين أحدهما أبكم} قال: " إنّما هذا مثلٌ ضربه اللّه ".
وقال آخرون: بل كلا المثلين للمؤمن والكافر، وذلك قولٌ يروى عن ابن عبّاسٍ، وقد ذكرنا الرّواية عنه في المثل الأوّل في موضعه
وأمّا في المثل الآخر
- فحدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: " {وضرب اللّه مثلاً رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيءٍ وهو كلٌّ على مولاه} إلى آخر الآية، يعني بالأبكم: الّذي هو كلٌّ على مولاه الكافر، وبقوله: {ومن يأمر بالعدل} المؤمن، وهذا المثل في الأعمال "
- حدّثنا الحسن بن الصّبّاح البزّار، قال: حدّثنا يحيى بن إسحاق السّيلحينيّ، قال: حدّثنا حمّادٌ، عن عبد اللّه بن عثمان بن خثيمٍ، بن إبراهيم، بن عكرمة، بن يعلى بن أميّة، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {ضرب اللّه مثلاً عبدًا مملوكًا} قال: " نزلت في رجلٍ من قريشٍ وعبده، وفي قوله: {مثلاً رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيءٍ} إلى قوله: {وهو على صراطٍ مستقيمٍ} قال: " هو عثمان بن عفّان " قال: " والأبكم الّذي أينما يوجّه لا يأت بخيرٍ، ذاك مولى عثمان بن عفّان، كان عثمان ينفق عليه ويكفله ويكفيه المئونة، وكان الآخر يكره الإسلام ويأباه وينهاه عن الصّدقة والمعروف، فنزلت فيهما ".
وإنّما اخترنا القول الّذي اخترناه في المثل الأوّل لأنّه تعالى ذكره مثّل مثل الكافر بالعبد الّذي وصف صفته، ومثّل مثل المؤمن بالّذي رزقه رزقًا حسنًا، فهو ينفق ممّا رزقه سرًّا وجهرًا، فلم يجز أن يكون ذلك للّه مثلاً، إذ كان اللّه إنّما مثّل الكافر حرمه التوفيق فخذله عن طاعته, بالعبد الّذي لا يقدر على شيءٍ بأنّه لم يرزقه رزقًا ينفق منه سرًّا، ومثّل المؤمن الّذي وفّقه اللّه لطاعته فهداه لرشده فهو يعمل بما يرضاه اللّه، كالحرّ الّذي بسط له في الرّزق فهو ينفق منه سرًّا وجهرًا، واللّه تعالى ذكره هو الرّازق غير المرزوق، فغير جائزٍ أن يمثّل إفضاله وجوده بإنفاق المرزوق الرّزق الحسن.
وأمّا المثل الثّاني، فإنّه تمثيلٌ منه تعالى ذكره من مثّله الأبكم الّذي لا يقدر على شيءٍ، والكفّار لا شكّ أنّ منهم من له الأموال الكثيرة، ومن يضرّ أحيانًا الضّرّ العظيم بفساده، فغير كائنٍ ما لا يقدر على شيءٍ، كما قال تعالى ذكره مثلاً، لمن يقدر على أشياء كثيرةٍ، فإذا كان ذلك كذلك، كان أولى المعاني به تمثيل ما لا يقدر على شيءٍ كما قال تعالى ذكره بمثله مما لا يقدر على شيءٍ، وذلك الوثن الّذي لا يقدر على شيءٍ، بالأبكم الكلّ على مولاه الّذي لا يقدر على شيءٍ كما قال ووصف). [جامع البيان: 14/309-313]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم} إلى آخر الآية، يعني بالأبكم الذي {وهو كل على مولاه} الكافر، وبقوله: {ومن يأمر بالعدل} المؤمن، وهذا المثل في الأعمال). [الدر المنثور: 9/87]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه وابن عساكر عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية {وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم} في رجلين أحدهما عثمان بن عفان ومولى له كافر وهو أسيد بن أبي العيص كان يكره الإسلام وكان عثمان ينفق عليه ويكفله ويكفيه المؤنة وكان الآخر ينهاه عن الصدقة والمعروف فنزلت فيهما). [الدر المنثور: 9/87-88]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد، وابن أبي شيبة والبخاري في تاريخه، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس في قوله: {ومن يأمر بالعدل} قال: عثمان بن عفان). [الدر المنثور: 9/88]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال: هذا مثل ضربه الله للآلهة أيضا، أما الأبكم فالصنم فإنه أبكم لا ينطق {وهو كل على مولاه} ينفقون عليه وعلى من يأتيه ولا ينفق عليهم ولا يرزقهم {هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل} وهو الله). [الدر المنثور: 9/88]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة في قوله: {أحدهما أبكم} قال: هو الوثن {هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل} قال: الله). [الدر المنثور: 9/88]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {كل} قال: الكل العيال، كانوا إذا ارتحلوا حملوه على بعير ذلول وجعلوا معه نفرا يمسكونه خشية أن يسقط فهو عناء وعذاب وعيال عليهم {هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم} يعني نفسه.
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود أنه قرأ خبر). [الدر المنثور: 9/88-89]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 25 جمادى الأولى 1434هـ/5-04-2013م, 03:27 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي


تفسير قوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (75)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ضرب اللّه مثلا} ، يعني وصف اللّه شبهًا.
وهو تفسير السّدّيّ.
{عبدًا مملوكًا لا يقدر على شيءٍ} يعني الوثن.
{ومن رزقناه منّا رزقًا حسنًا} يعني المؤمن.
{فهو ينفق منه سرًّا وجهرًا} قال: {هل يستوون} ، يعني: هل يستوي هذا الّذي يعبد الوثن الّذي لا يقدر على شيءٍ والّذي يعبد اللّه فيرزقه الرّزق الحسن، أي إنّهما لا يستويان.
ثمّ قال: {الحمد للّه بل أكثرهم لا يعلمون} وهم المشركون.
سعيدٌ عن قتادة، قال: هذا مثلٌ ضربه اللّه للكافر، رزقه اللّه مالا فلم يقدّم فيه خيرًا، ولم يعمل فيه بطاعته.
قال اللّه: {ومن رزقناه منّا رزقًا حسنًا فهو ينفق منه سرًّا وجهرًا} فهذا المؤمن أعطاه اللّه رزقًا حلالا طيّبًا، فعمل فيه بطاعته، وأخذه بشكرٍ.
قال اللّه: {هل يستوون} مثلا). [تفسير القرآن العظيم: 1/77]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ضرب اللّه مثلاً عبداً مّملوكاً...}
ضرب مثلا للصنم الذي يعبدون أنه لا يقدر على شيء، {وهو كلٌّ على مولاه} أي يحمله، فقال: هل يستوي هذا الصنم {ومن يأمر بالعدل}
فقال: لا تسوّوا بين الصنم وبين الله تبارك وتعالى). [معاني القرآن: 2/111]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وضرب اللّه مثلًا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيءٍ وهو كلٌّ على مولاه} أي ثقل على مولاه.
أي على وليه وقرابته. مثل ضربه لمن جعل شريكا له من خلقه). [تفسير غريب القرآن: 247]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا}.
هذا مثل ضربه الله لنفسه ولمن عبد دونه، فقال: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} فهذا مثل من جعل إلها دونه أو معه لأنه عاجز مدبّر، مملوك لا يقدر على نفع ولا ضرّ.
ثم قال: {وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ}.
فهذا مثله جل وعز لأنه الواسع الجواد القادر، الرّازق عباده جهرا من حيث يعلمون، وسرا من حيث لا يعلمون.
وقال بعض المفسرين: هو مثل للمؤمن، والكافر. فالعبد: هو الكافر، والمرزوق: هو المؤمن.
والتفسير الأول أعجب إليّ، لأن المثل توسّط كلامين هما لله تعالى أمّا (الأوّل) فقوله: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ}.
فهذا لله ومن عبد من دونه.
وأمّا الآخر فقوله بعد انقضاء المثل: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.
ولأنه ضرب لهذا المعنى مثلا آخر بعقب هذا الكلام فقال: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ} أي: أخرس {لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ}
أي: عيال وثقل على قرابته ووليّه {أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ}.
فهذا مثل آلهتهم، لأنها صمّ بكم عمي، ثقل على من عبدها، في خدمتها والتّعبّد لها، وهي لا تأتيه بخير.
ثم قال: {هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} فجعل هذا المثل لنفسه). [تأويل مشكل القرآن: 384-385]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (والضرب: التّبيين والوصف، قال الله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا} ، وقال: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ} ،
أي لا تصفوه بصفات غيره ولا تشبهوه). [تأويل مشكل القرآن: 497]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ضرب اللّه مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ومن رزقناه منّا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرّا وجهرا هل يستوون الحمد للّه بل أكثرهم لا يعلمون}
فأعلم اللّه - جلّ وعزّ - أن الاثنين المتساويين في الخلق إذا كان أحدهما مقتدرا على الإنفاق مالكا والآخر عاجزا لا يقدر على أن ينفق لا يستويان.
فكيف بين الحجارة التي لا تتحرك ولا تعقل وبين الله عزّ وجلّ الذي هو على كل شيء قدير، وهو رازق جميع خلقه، فبين لهم أمر ضلالتهم وبعدهم عن الطريق في عبادتهم الأوثان، ثم زاد في البيان فقال جلّ وعزّ:{وضرب اللّه مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كلّ على مولاه أينما يوجّهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم}. [معاني القرآن: 3/213]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {ضرب اللّه مثلاً عبداً مّملوكاً...}
ضرب مثلا للصنم الذي يعبدون أنه لا يقدر على شيء، {وهو كلٌّ على مولاه} أي يحمله، فقال: هل يستوي هذا الصنم {ومن يأمر بالعدل}
فقال: لا تسوّوا بين الصنم وبين الله تبارك وتعالى). [معاني القرآن: 2/111]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا}
هذه الآية مشكلة وفيها أقوال قال مجاهد والضحاك هذا المثل لله جل ذكره ومن عبد من دونه وقال قتادة هذا المثل للمؤمن والكافر
يذهب قتادة إلى أن العبد المملوك هو الكافر لأنه لا ينتفع في الآخرة بشيء من عبادته والى أن معنى ومن رزقناه منا رزقا حسنا المؤمن
وقال بعض أهل اللغة القول الأول أحسن لأنه وقع بين كلامين لا نعلم بين أهل التفسير اختلافا إلا من شذ منهم أنهما لله جل وعز وهما: {فلا تضربوا لله الأمثال}
وبعده: {وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه} يعني الوثن لأنه كل على من عنده وثقل والمولى الولي). [معاني القرآن: 4/92-91]

تفسير قوله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (76)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال: {وضرب اللّه مثلا}، يعني: وصف اللّه مثلا، يعني: شبهًا، تفسير السّدّيّ.
{رجلين أحدهما أبكم}، أي: لا يتكلّم، يعني الوثن.
{لا يقدر على شيءٍ وهو كلٌّ على مولاه} عمله بيده، وينفق عليه ويعبده، ويتولاه {وهو كلٌّ على مولاه} ، يعني: على وليّه الّذي يتولاه ويعبده.
{أينما يوجّهه} هذا العابد له، يعني: دعاءه إيّاه.
{لا يأت بخيرٍ هل يستوي} هذا الوثن.
{هو ومن يأمر بالعدل} وهو اللّه.
{وهو على صراطٍ مستقيمٍ} وهو اللّه.
قال يحيى: مثل قوله: {إنّ ربّي على صراطٍ مستقيمٍ}.
سعيدٌ عن قتادة في قوله: {وضرب اللّه مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيءٍ} وهو نحوٌ من صنيعهم بآلهتهم وأحجارهم الّتي يعبدون.
قال اللّه: {هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل} وهو اللّه تبارك وتعالى.
وفي تفسير الحسن: إنّه المؤمن الّذي ضرب اللّه مثلا في هذه الآية.
{وهو على صراطٍ مستقيمٍ} يعني المؤمن.
قال يحيى: سمعت غير واحدٍ يذكر أنّ هذا المثل نزل في عثمان بن عفّان). [تفسير القرآن العظيم: 1/78-77]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): ( {وهو كلٌّ على مولاه} أي يحمله، فقال: هل يستوي هذا الصنم {ومن يأمر بالعدل} فقال: لا تسوّوا بين الضم وبين الله تبارك وتعالى). [معاني القرآن: 2/111]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وهو كلٌّ على مولاة} أي عيال على ابن عمّه وكل وليّ له). [مجاز القرآن: 1/364]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وضرب اللّه مثلاً رّجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيءٍ وهو كلٌّ على مولاه أينما يوجّههّ لا يأت بخيرٍ هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراطٍ مّستقيمٍ}
وقال: {أينما يوجّههّ لا يأت بخيرٍ} لأنّ (أينّما) من حروف المجازاة). [معاني القرآن: 2/67]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {وهو كل على مولاه} والفعل منه: كللت أكل على القوم، وكل لساني كلة.
[عن محمد بن صالح].
وقالوا أيضًا: كل يكل كلولا وكلة، وهو كل.
وقالوا في الإعياء: كل الرجل يكل كلالاً؛ وكل البصر كلولاً، وهو كل؛ وكل السيف كلا وكلة.
وقال سابق:
وأبكيه في الزمن العثور لكلنا = ولكل أرملة ودهر رازح
[وروى محمد]:
وقال الآخر؛ وهو لبيد:
إذا ما تعرب الأنعام راحت = على الأيتام والكل العياض). [معاني القرآن لقطرب: 816]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراطٍ مستقيمٍ} مثل ضربه لنفسه). [تفسير غريب القرآن: 247]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وضرب اللّه مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كلّ على مولاه أينما يوجّهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم}
والأبكم المطبق الذي لا يسمع ولا يبصر ولا يعقل، ثم قال: {وهو كلّ على مولاه} أي على وليّه
{أينما يوجّهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم}.
أي هل يستوي القادر التام التمييز والعاجز الذي لا يحس ولا يأتي بخير، فكيف يسوون بين اللّه وبين الأحجار). [معاني القرآن: 3/214-213]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( {وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه} يعني الوثن لأنه كل على من عنده وثقل والمولى الولي). [معاني القرآن: 4/92] (م)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم} يعني نفسه جل وعز وكذا،
قال قتادة الله جل وعز يأمرنا بالعدل وهو على صراط مستقيم والمعنى على هذا في قوله جل وعز: {ضرب الله مثلا عبدا مملوكا} أنه يعني به ما عبد من دونه لأنه لا يملك ضرا ولا نفعا ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا وهذا لله جل وعز لأنه الجواد الرزاق للإنسان من حيث يعلم ومن حيث لا يعلم
وروى عن ابن عباس وهذا لفظه المروي عنه قال نزلت هذه الآية ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء في هشام بن عمرو وهو الذي ينفق منه سرا وجهرا ومولاه أبو الجواب الذي كان ينهاه وقيل نزلت في رجلين وضرب الله مثلا رجلين الأبكم منهما الكل على مولا أسيد بن أبي العاص والذي يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم هو عثمان بن عفان رحمة الله عليه كان عثمان يكفل مولاه فعثمان الذي ينفق بالعدل وهو على صراط مستقيم والآخر الأبكم وقال الحسن عبدا مملوكا هو الصنم
وأولى الأقوال في هذا قول ابن عباس رواه عنه حماد بن سلمة عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن إبراهيم عن عكرمة عن ابن عباس فبين ابن عباس رحمه الله أن هذه الآية نزلت في عبد بعينه لم يكن له مال ولا يقال في كل عبد لا يقدر على شيء فنزلت فيه وفي سيد كان له مال ينفق منه وأن الآية الأخرى نزلت في رجل بعينه لم يكن له مال وكان كلا على مولاه أي ابن عمه أو قريبه وضرب الله هذه الأمثال ليعلم أنه إله واحد وأنه لا ينبغي أن يشبه به غيره ولا يصح قول من قال إنه صنم لأن الصنم لا يقع عليه اسم عبد). [معاني القرآن: 4/94-92]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {أحدهما أبكم} قال: الأبكم: الذي لا يفهم ما تقول له، والأكمه الذي يولد أعمى). [ياقوتة الصراط: 297]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وهو كل على مولاه} قال: الكل: الثقل، ومولاه - هاهنا: مالكه وصاحبه، يعني: الصنم هاهنا، لأنه يحتاج أن يحمله في النقل). [ياقوتة الصراط: 297]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 25 جمادى الأولى 1434هـ/5-04-2013م, 03:38 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (75) }

تفسير قوله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (76) }
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (
وخرق تجاوزت مجهوله = بوجناء حرف تشكى الكلالا
...
...
الكلال: الإعياء). [شرح أشعار الهذليين: 2/585-586]

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 14 ذو القعدة 1439هـ/26-07-2018م, 12:19 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 14 ذو القعدة 1439هـ/26-07-2018م, 12:20 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 14 ذو القعدة 1439هـ/26-07-2018م, 12:22 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (75)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {ضرب الله مثلا} الآية. الذي هو مثال في هذه الآية هو عبد بهذه الصفة مملوك، لا يقدر على شيء من المال ولا من أمر نفسه، وإنما هو مسخر بإرادة سيده مدبر، ولا يلزم من الآية أن العبيد كلهم بهذه الصفة كما انتزع بعض من ينتحل الفقه، وقد قال في المثال الثاني: لا يقدر على شيء، فيلزم -على هذا الانتزاع- أن يكون البكم لا شيء لهم، وبإزاء العبد في المثال رجل موسع عليه في المال فهو يتصرف فيه بإرادته، ولا يلزم من نفس المثال أن يكون مؤمنا ينفق بحسب الطاعة، أما إنه أشرف أن يكون مثالا.
و"الرزق": ما صح الانتفاع به، وقال أبو منصور في عقيدته: "الرزق ما وقع الاغتذاء به"، وهذه الآية ترد على هذا التخصيص، وكذلك قوله تعالى: {ومما رزقناهم ينفقون}، و{أنفقوا مما رزقناكم}، وغير ذلك من قول النبي صلى الله عليه وسلم:
[المحرر الوجيز: 5/387]
"جعل رزقي في ظل رمحي"، وقوله: "أرزاق أمتي في سنابك خيلها وأسنة رماحها"، فالغنيمة كلها رزق. والصحيح أن ما صح الانتفاع به هو الرزق، وهو مراتب أعلاها ما تغذي به، وقد حصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوه الانتفاع في قوله: "يقول ابن آدم: مالي مالي، وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت؟". وفي معنى اللباس يدخل الركوب.
واختلف الناس في الذي له هذا المثل -فقال قتادة، وابن عباس: هو مثل الكافر والمؤمن، فكأن الكافر مملوك مصروف عن الطاعة، فهو لا يقدر على شيء لذلك، ويشبه العبد المذكور.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والتمثيل -على هذا التأويل- إنما وقع في جهة الكافر فقط، جعل له مثلا، ثم قرن بالمؤمن المرزوق، إلا أن يكون المرزوق ليس بمؤمن، وإنما هو مثال للمؤمن، فيقع التمثيل من جهتين، وقال مجاهد، والضحاك: هذا المثال، والمثال الآخر الذي بعده، إنما هو لله تعالى والأصنام، فتلك هي كالعبد المملوك الذي لا يقدر على شيء، والله تعالى تتصرف قدرته دون معقب، وكذلك فسر الزجاج على نحو قول مجاهد.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا التأويل أصوب; لأن الآية تكون من معنى ما قبلها وما بعدها في تبين أمر الله تبارك وتعالى والرد على الأصنام. وذكر الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال:
[المحرر الوجيز: 5/388]
نزلت هذه الآية في عثمان بن عفان رضي الله عنه وعبد كان له، وروي تعيين غير هذا ولا يصح إسناده. والمثال لا يحتاج إلى تعيين أحد، وقوله: {الحمد لله} شكر على بيان الأمر بهذا المثال، وعلى إذعان الخصم له، كما تقول لمن أذعن لك في حجة وسلم ما ينبني عليه قولك: الله أكبر، وعلى هذا يكون كذا وكذا، فلما قال هنا: هل يستوون فكأن الخصم قال له: لا، فقال: الحمد لله، ظهرت الحجة، وقوله: {بل أكثرهم لا يعلمون} يريد لا يعلمون أبدا ولا يداخلهم إيمان، ويتمكن على هذا قوله: "أكثرهم"; لأن الأقل من الكفار هو الذي آمن من أولئك، ولو أراد بقوله: {لا يعلمون} أي الآن لكان قوله: "أكثرهم" بمعنى الاستيعاب; لأنه لم يكن أحد منهم يعلم قوله). [المحرر الوجيز: 5/389]

تفسير قوله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (76)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم ولله غيب السماوات والأرض وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب إن الله على كل شيء قدير والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ما يمسكهن إلا الله إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون}
هذا مثل لله تعالى والأصنام، فهي كالأبكم لا نطق له ولا يقدر على شيء، وهو عيال على من والاه من قريب أو صديق، و"الكل": الثقل والمؤونة، وكل محمول فهو كل وسمي اليتيم كلا، ومنه قول الشاعر:
أكول لمال الكل قبل شبابه ... إذا كان عظم الكل غير شديد
كما أن الأصنام تحتاج إلى أن تنقل وتخدم ويتعذب بها، ثم لا يأتي من جهتها خير البتة، هذا قول قتادة، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: هو مثل للكافر. وقرأ ابن
[المحرر الوجيز: 5/389]
مسعود: "يوجه"، وقرأ علقمة: "يوجه"، وقرأ الجمهور: "يوجهه"، وهي خط المصحف، وقرأ يحيى بن وثاب: "توجه"، وقرأ ابن مسعود أيضا: "توجهه" على الخطاب، وضعف أبو حاتم قراءة علقمة لأنه لازم، و"الذي يأمر بالعدل" هو الله تعالى، وقال ابن عباس: هو المؤمن، و"الصراط": الطريق). [المحرر الوجيز: 5/390]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 25 ذو الحجة 1439هـ/5-09-2018م, 08:18 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 25 ذو الحجة 1439هـ/5-09-2018م, 08:20 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (75)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ضرب اللّه مثلا عبدًا مملوكًا لا يقدر على شيءٍ ومن رزقناه منّا رزقًا حسنًا فهو ينفق منه سرًّا وجهرًا هل يستوون الحمد للّه بل أكثرهم لا يعلمون (75)}
قال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: هذا مثلٌ ضربه اللّه للكافر والمؤمن: وكذا قال قتادة، واختاره ابن جريرٍ.
والعبد المملوك الّذي لا يقدر على شيءٍ مثل الكافر والمرزوق الرّزق الحسن، فهو ينفق منه سرًّا وجهرًا، هو المؤمن.
وقال ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: هو مثلٌ مضروبٌ للوثن وللحقّ تعالى، فهل يستوي هذا وهذا؟
ولـمّا كان الفرق ما بينهما بيّنًا واضحًا ظاهرًا لا يجهله إلّا كلّ غبيٍّ، قال [اللّه] تعالى: {الحمد للّه بل أكثرهم لا يعلمون} [ثمّ قال اللّه تعالى]). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 588]

تفسير قوله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (76)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وضرب اللّه مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيءٍ وهو كلٌّ على مولاه أينما يوجّهه لا يأت بخيرٍ هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراطٍ مستقيمٍ (76)}
قال مجاهدٌ: وهذا أيضًا المراد به الوثن والحقّ تعالى، يعني: أنّ الوثن أبكم لا يتكلم ولا ينطق بخيرٍ ولا بشيءٍ، ولا يقدر على شيءٍ بالكلّيّة، فلا مقال، ولا فعال، وهو مع هذا {كلٌّ} أي: عيالٌ وكلفةٌ على مولاه، {أينما يوجّهه} أي: يبعثه {لا يأت بخيرٍ} ولا ينجح مسعاه {هل يستوي} من هذه صفاته، {ومن يأمر بالعدل} أي: بالقسط، فقاله حقٌّ وفعاله مستقيمةٌ {وهو على صراطٍ مستقيمٍ} وبهذا قال السّدّيّ، وقتادة وعطاءٌ الخراسانيّ. واختار هذا القول ابن جريرٍ.
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ: هو مثلٌ للكافر والمؤمن أيضًا، كما تقدّم.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا الحسن بن الصّبّاح البزّار، حدّثنا يحيى بن إسحاق، السّيلحيني، حدّثنا حمّادٌ، حدّثنا عبد اللّه بن عثمان بن خثيم عن إبراهيم، عن عكرمة، عن يعلى بن أميّة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {ضرب اللّه مثلا عبدًا مملوكًا لا يقدر على شيءٍ} نزلت في رجلٍ من قريشٍ وعبده. وفي قوله: {[وضرب اللّه] مثلا رجلين أحدهما أبكم [لا يقدر على شيءٍ]} إلى قوله: {وهو على صراطٍ مستقيمٍ} قال: هو عثمان بن عفّان. قال: والأبكم الّذي أينما يوجّهه لا يأت بخيرٍ قال هو: مولًى لعثمان بن عفّان، كان عثمان ينفق عليه ويكفله ويكفيه المئونة، وكان الآخر يكره الإسلام ويأباه وينهاه عن الصّدقة والمعروف، فنزلت فيهما). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 588-589]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:03 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة